آخر 10 مشاركات
وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          💕💕 حكايا القلوب..بين الزحام والناس💕💕فعالية جديدة*قصص قصيرة*(الموسم الأول كامل) (الكاتـب : اسفة - )           »          أول شتاء من دونك -سلسلة قصص قصيرة- بأقلام نخبةكاتبات قلوب [حصرياً ]كاملة &الروابط* (الكاتـب : Märäĥ sämį - )           »          الدخيلة ... "مميزة & مكتملة" (الكاتـب : lossil - )           »          263 - بيني وبينك - لوسي غوردون (الكاتـب : PEPOO - )           »          انتقام النمر الأسود (13) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          أنفاس أحمد *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : سامراء النيل - )           »          52 - خداع المرايا - أجاثا كريستي (الكاتـب : فرح - )           »          ربما .. يوما ما * مميزة و مكتملة * (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          رواية البوليس السري - سيلينا دولارو (الكاتـب : ahmad2006771 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree276Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-08-20, 09:57 PM   #1101

هدى هدهد

? العضوٌ??? » 472768
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 109
?  نُقآطِيْ » هدى هدهد is on a distinguished road
افتراضي


مساء الخير

تسجيل حضور


هدى هدهد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-08-20, 10:50 PM   #1102

MerasNihal
 
الصورة الرمزية MerasNihal

? العضوٌ??? » 410863
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 252
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » MerasNihal is on a distinguished road
افتراضي

مساء الفل غاليتي💙
تسجييل حضوور💙


MerasNihal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-08-20, 11:38 PM   #1103

Solly m

? العضوٌ??? » 434739
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 460
?  نُقآطِيْ » Solly m is on a distinguished road
افتراضي

مساء العسل يا قمرات
تسجيل حضور 💞💞


Solly m غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-08-20, 11:39 PM   #1104

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,954
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيل حضوووور انشالله في فصل اليوم

Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-08-20, 11:39 PM   #1105

ميمو٧٧

? العضوٌ??? » 416015
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 700
?  نُقآطِيْ » ميمو٧٧ is on a distinguished road
افتراضي

نورهان حبيبتي في فصل اليوم ولا ما في ولا انا حايك بدري زيادة

ميمو٧٧ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-20, 12:12 AM   #1106

تالن يوسف

? العضوٌ??? » 431382
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » تالن يوسف is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور 💖💖💖💖

تالن يوسف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-20, 12:28 AM   #1107

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي




البريق الثاني والعشرون ... الجزء الثاني


طرقت إيزارا باب غرفة شهاب ثم سمعت صوته النزق فدخلت بحذر بزيها الوردي بالأزرق وربطة رأسها العالية بالأوشحة الإفريقية
وجدته نائما ببنطاله القصير ليفاجئها بسؤاله الغاضب

" ماذا تريدين إيزارا ؟ "

لم تتقدم أكثر بل أبعدت عينيها عن جسده وأشارت بورقتين بيدها قائلة باللغة الفصحى

" وجدت هذه التذاكر على مائدة الطعام بالأسفل سيد شهاب "

رمق شهاب التذكرتين بلا تعبير ثم استدار على جانبه يرد بقتامة

" ارمِها إيزارا .. لم يعد لها داعٍ "

وقفت قليلا لعله يغير رأيه ثم خرجت وأغلقت الباب .. منذ زواج رنوة وهو بهذه الحال كأنهم فقدوه بهذا البيت .. يسافر ويغيب ثم يعود لأيام قليلة كضيف ببيت لا يريده لكنه مضطراً إليه

وبالداخل أغمض شهاب عينيه ليهرب بالنوم فتمر أيامه هنا حتى موعد رحلته القادمة فيعود لنفسه التائهة

تلك التذاكر حجزها له ولرنوة قبل أن يعلموا المصيبة التي حلت عليهم بحملها ثم انتحارها وزواجها .. قصة قد يراها بأي سينما إلا بمنزله .. لكن عليه تخيل ما هو اسوأ منذ الآن
صوت رسالة أزعجه فمد ذراعه يأخذ هاتفه جوار السرير ويقرأها من إحدى صديقاته

( عرفت أنك لن تأتي شهاب .. لقد حجزنا الحفل منذ فترة فلا تفسده علينا .. معنا تذاكر إضافية إذا كنت تخلصت من تذكرتك .. تعال أرجوك )

نفخ شهاب بضجر وهو يرمي هاتفه جواره ثم ينقلب على ظهره وظل ناظراً للسقف طويلاً .. طويلاً !!



دخلت إيزارا غرفتها ممسكة بالتذاكر بيدها في قبضة مغلقة عن العيون .. وقفت أمام مرآتها الصغيرة ثم فتحت يدها لتفرد التذاكر المجعدة تنظر إليها بنهم !.. تذكرتان لحفل موسيقي لفرقة غربية عالمية قادمة إلي مصر في زيارة سريعة

رفعت عينيها السوداء الواسعة للمرآة وبلا سبب وجدت نفسها تحدق بالوشاح الذي تلفه برأسها .. الوشاح الذي يتكامل مع لون بشرتها تماما لتبدو للناظر .. صلعاء !.. بلا قصد منها .. ربما لأن المصريين مختلفون في ثقافتهم وازيائهم نبهها شهاب أنهم يرونها صلعاء

وضعت التذاكر لترفع ذراعيها وتبدأ فك الوشاح الملون .. ثم وشاحاً بنياً خفيفاً .. ثم الوشاح الأسمر .. لتنزع مشابك شعرها الأسود فينسدل لمنتصف ظهرها كثيفاً ..
تخللته بأصابعها بنظرة معجبة بجمالها الذهبي المخفي .. وابتسامة شاردة تظهر على شفتيها وهى ترمق التذكرة المجانية !!.






' مجموعة رافع '


فجأة علا صوت فؤاد العنيف بنبرة ساخرة

" هل سآكلها ؟! "

تجهم وجه أكرم بغضب وهو يلتفت نحوه ليضيف فؤاد بنبرة غريبة

" أختك ما شاء الله ... رجل ! "

رفعت ألماسة عينيها إليه بنظرة ما رآها منها يوماً .. طاعنة .. لتصحو النيران فائرة تحرق قلبه الذي صرخ صرخة واحدة .. تردد صداها حتى أعمق سراديب الظلام بروحه

صمت أكرم ناظراً إليه بشر فأمسكت ألماسة يده تضغط عليها ليمرر الأمر فنظر لها لحظة ثم عاد إلي فؤاد مؤكدا بنبرة ذات مغزى

" بالطبع .. وأكثر رجولة من الرجال "

ضاقت عينا فؤاد بصمت قاتل وهو يتلقى مقصده بسهولة قبل أن يغادر أكرم ليؤكد له قوله أكثر ويتركها معه

لا يعلم كيف ظل صامتاً ؟!.. ما فعلها أبداً متذكراً حين غرس سيجارته تحت عين ذلك الذي أهانه بكلمة في حوارهم عن اسما .. هل انكسر لدرجة الصمت ؟!

عيناه ثابتة كملامحه على الطاولة وهى تنظر إليه بضيق من شيء ما ! ، حرائقه منطفئة كأنما غلبها الحزن وهطل عليها ليتركه في عتمةٍ ما لها صباح
هو الذي تشي به نيرانه على مقاعدها الدائمة فيه ، تركته شاغر الجلسات والاضواء الحارقة

ولأول مرة تراه إنساناً !.. يثور ويغضب ويتجبر .. لكنه يحزن ويكتم ويرتدي الصمت معطفاً باذخ الرجولة

أبعدت عينيها عنه لتقرب الحقيبة إليها تفتحها وتأخذ منها مالاً أخذت تعده فلفتت انتباهه ليقول

" هذا المال ليس للإنفاق الشخصي .. يجب أن يدخل الحساب الجاري للمجموعة "

ردت ألماسة بهدوء

" البنك مغلق وماكينة صرف المال بعيدة عن البيت .. سآخذ من هنا ثم اعيده غداً من حسابي "

أراحه صوتها الصافي من التحديات للحظة ، يراقبها وهى تعد أوراق المال الجديدة وكي لا تنزلق منها تمسكها بيد واليد الأخرى تعدها بوضعها على الطاولة ورقة خلف ورقة

زفر فؤاد لينهض يخيم عليها يسحب النقود من يدها يجمعهم مع الأوراق الأخرى فاحتد وجهها ناظرة إليه بتفاجؤ ، أمسك الأوراق بين اصبعيه وبدأ العد بإبهام اليد الأخرى مشيرا أمامها بيديه موضحا

" هكذا تُعَد النقود "

لم تستطع إخباره أنها حاولت أكثر من مرة لكن أصابعها لا تتوافق لتعد النقود هكذا !.. هذا سرها بينها وبين نفسها ، أشبه بالذكي الذي لا يستطيع عقد رباط حذائه !!

فقط وقفت تمد يدها ليعيدها إليها بالقول البارد

" اعلم "

لامس فؤاد يدها بالنقود لتظل بيديهما معاً وهو ينظر لوجهها القريب فيخفت صوته العميق قليلا

" هذه التفاصيل تفرق كثيرا أمام أي مورد أو عميل "

ارتبكت لحظة حين واجهت عينيه !.. للمرة الثانية مثلما حدث بعدما وقع على ذراعها !.. وللحظة واحدة .. شعرت بومضة كالبرق داخلها ، تباغتها وتمضي كأنها تهمس لها سراً لا تسمعه

سحبت النقود من يده لتخفض وجهها ساخرة بنفس البرود

" شكرا لاهتمامك ! "

ظل مكانه ينظر إليها طويلا .. تثير فيه شيئا لا يعلمه لكن .. تلك الحالة الضوئية التي تباغته بها تشبه ...

( تشعر إنها تلمسك .. تريدها جوارك .. تحب رؤيتها .. تخاف عليها أكثر من نفسك .. تتنفسها .. تتنفسها )

حالة تنير قلبه بعد أن حوله لمطفأة لسجائر من صنع يديه هو .. بعد أن اعتاد ألماً حد التعايش مع نواح بلابل الكون

لم يتحرك من أمامها لدرجة أنها رفعت وجهها فجأة لتهتف بصرامة

" ماذا ؟! "

أجفل فؤاد من تحديقه بها ليكابر بخشونة

" ماذا ؟! "

مطت شفتيها بلا فهم لتجلس مكانها مجددا تضع النقود على أوراقها شاعرة بـ ... لا تعرف حقاً !.. هناك شيء بهذا المكان ، أو ربما .. به هو !
تظاهرت بمراجعة شيء ما لتسأل

" أين حجر القلادة ؟ "

تحرك فؤاد بالمكتب خلف كرسيها وهو يرد

" معي "

هزت رأسها تقول بسخرية

" أتوقع أن أظل منتظرة حتى يتكرم مزاجك وترغب في إعطائي إياه ! "

لم ترَ تلك الابتسامة العجيبة الواسعة التي غيرت ملامحه تماماً برده

" شيء مثل هذا ! "

رآها ترفع عينيها للسقف يأساً منه فتحولت ابتسامته لضحكة صامتة وأضاف

" أحضري لي القلادة لأضع لكِ الحجر بها "

تعاند وهى تقول باصرار

" اعطني إياه وأنا ساتصرف "

أصدر صوتاً معترضاً ليرد بعناد أكبر

" هناك محلات متخصصة للتعامل مع الأحجار الكريمة الأصلية "

شعرته طفلا عنيداً لمجرد أن يظل مسيطراً .. وعنيفاً لدرجة الجنون الذي يسيطر عليه .. وتشك أن يسيطر عليه شيء غير الجنون !.. وربما ..!

لا تعلم لمَ سألت فجأة

" كيف هى رنوة ؟ "

ساد الصمت تماما كأنه خرج من المكتب ، وهو بالفعل خرج من حالته الضوئية بها ليعود لظلام حياته
استدارت ألماسة بالكرسي لترى وجهه ، وشهدت اغتراب ملامحه وصقيعها الغير آدمي

كان من حجر !.. حجراً تجزم أنه ملموساً إن لامسته ، باللون الأسود الذي يرتديه يخفي رجلاً من وجع .. ورجاءً يطلب رحمة الشعور به

مرت نظراتها عليه بغرابة لتقول بحذر

" نتيجة امتحاناتها ظهرت .. ونجحت بتقدير جيد جداً "

نطق فؤاد بعد لحظات صمت قاسية

" لم تعد منا .. ومحرماً عليها دخول البيت طالما أنا على وجه الدنيا "

وقفت تجادله باعتراض

" لا تكن قاسياً .. إنها فتاة صغيرة اخطأت وعوقبت وتم إصلاح الخطأ .. فلا تجلدها به عمرها كله بعد أن استقامت الأمور "

تحرك فكه بميل شفتيه بقسوة سائلا بتهكم

" عوقبت بأي شيء ؟! "

ردت باقتناع وقوة حق لمسته مجددا

" عوقبت بكل شيء .. بدءا من الندم والخوف ثم ضربك الغير إنساني لها ثم فقدها لجنينها "

تعنفت قسماته الجامدة ليلوح بسبابته هادرا بغضب واحتراق

" ضربي لها !.. أنا لم أمد يدي عليها .. ليتني قتلتها كما حاول رمزي .. فأنتِ لن تشعري أبداً بأب تفقد ابنته شرفها لتفقده شرفه "

رمزي هو مَن أوصل رنوة لتلك الحالة لا هو !.. لم تتوقع هذا ولو بفكرة !
انتبهت لكلامه فكررت

" أب ! "

ضاقت ملامحه بين وحشيته وحنانه لرنوة ليقول بانفعال مرير متحشرج بالخسارة

" ألا تدركين عمر رنوة ؟!.. أنا مَن رباها .. والآن ترين أن أمورها استقامت وعليّ مسامحتها ! "

مرر كفه بشعره الكثيف ليخفي معاناته التي ادركتها قائلا بوعيد مخيف

" لو رأيتها مجددا ساقتلها .. لقد اقسمت بمَن خلق الخلق .. إن دخلت البيت دون إذني ستموت مكانها بسلاحي "

اقشعر جسدها بصوته ليحل عليها سكون لم ينتابها يوماً ، لم تشعر بهذه الشفقة على أحد ، لم تشعر بمعاناة كهذه من أحد ، ولم ترغب يوماً في تحرير أحد !
ولاح سكونها بعينيها لتتجمل برقة قولها

" فلتأذن إذاً "

عاد الضوء .. بمشاعر غريبة تتصارع داخله ومنها .. الضعف .. شيء اجتاحه محاولا اختراقه بقوى هائلة و...

( هل شعرت يوماً بشيء يُرمَى بروحك يغسلها ؟ )

وكل مشاعره مرت مرور السحاب ببطء على وجهه .. بين ضيق وضعف واحتياج ورجاء ، حتى رست على شاطئه العنيف ليتجه لنافذته هاتفا بغلظة

" لا تتدخلي فيما لا يعنيكِ "

استندت بظهرها على حافة طاولة الاجتماعات مدركة كم أن الموضوع حساس وشائك وهى تخوضه معه بلا دخل لها بالفعل .. وهى تعلم أنه لا يتكلم عن هذا مع سواها لأنها الوحيدة التي تعرف كل شيء .. لذلك قالت بترفع

" معك حق .. آسفة "

شعر فؤاد بهدوء مباغت يغزو روحه راغباً ألا ترحل الآن .. لدرجة أنه يفكر في أي كلمات قد يوقفها بها قليلا
لكنها وفرت عليه وهى تقول بنبرة ثابتة تتناقض مع قولها

" كنت اريد شيئا لكني .. مترددة .. وخائفة "

لم يرد لثوانٍ ثم استدار ينظر إليها بعينيه الداكنة الحادة وعمقها المهلك ظلاماً ليقول بصوت غريب

" أنتِ خائفة !! "

سخرت ملامحها الفاتنة لتسأل بامتعاض

" ولمَ لا أخاف ؟!.. ألست من البشر ؟! "

للحظات شعرت أن كل شيء توقف حولها .. والتقطت منه رسالة ما لكن .. عصية الفهم !
وضع يديه بجيبي بنطاله الأسود ليرد بتلك النبرة العميقة

" لأني أراكِ ... رجلاً "

اتسعت عيناها قليلا وهو يقصدها بالفعل لكن .. ليس ساخراً .. كان يصفها !.. يصف علياءها وشموخها !.. والرسالةٌ بين حروفه لم تفهمها !

وهو يستند على تلك الرسالة .. يريد نداً له !.. وأكثر من مجرد أنثى لكن ..

( أنك في هذا الكون .. وهى كل شيء آخر فيه .. بحره وأمواجه .. سماؤه وأمطاره .. شمسه وترابه .. أرضه ... هى أرضه .. ومهما غبت .. منها وإليها تعود )

بصوت الحب بشراه .. وبصوت العقل منتهاه ..
ألا يتواكل لسحرها ، ألا يرتوي من وجودها لأنها المستحيلة ، ألا يأمل أن يلمس تلك الأرض العامرة لأنه الدمار ذاته

قطعت أفكاره حين ردت بلا مبالاة عمداً واصراراً

" جيد .. فأنا أرى نفسي هكذا !.. لكن ألا يخاف الرجال أيضاً ؟! "

شعر بنصل حروفها ينغرس بحافة قلبه .. هى الوحيدة بعالمه مَن نازلته بسيف بين شفتيها لا يُغمَد عن ثأره .. كلمة بكلمة ..
ونقطة دماء تسقط من تلك الحافة لتلتهب ككرة نار تستقر بجوفه تحرق فيه ما تحرق

تابع ملامح وجهها مفصلا كل خط به متسائلا

" ما الذي تريدينه ويخيفكِ هكذا ؟! "

نظرت أمامها وبدت شاردة عنه تماما وهى تقول بحلم قديم

" اريد الذهاب إلي بلدتنا .. اريد رؤية الوادي بعد تلك السنوات "

انقبضت يداه داخل جيبيه وهو ينال تأكيدا لكل شعور جديد غريب نحوها .. هى الأرض .. غاب عنها .. ومنها وإليها سيعود ..
وشعور أغرب يملأه ويرغبه للجنون .. أن نفسه بها !.. سيعود لنفسه بها
سألها ساخرا

" ما الذي يخيفكِ في هذا ؟!.. ألم تكوني أنتِ نفس الشخص الذي وقف يطالبني هنا بحقكم في الأرض ؟! "

نظرت إليه ثم سارت حتى المكتب تلمس حافته بتفكيرها لترد بنبرة حائرة يسمعها منها لأول مرة

" أن نمتلك أرضنا هناك شيء .. والذهاب إلي هناك بأنفسنا شيء آخر ... كيف سنقابل العائلة ؟.. وهل علينا إخبارهم ؟.. وماذا نخبرهم ؟.. الحقيقة كاملة أم ناقصة ؟! "

اشتدت أعصابه بالذكرى ليقول محذرا بصوته العدائي بطبعه

" مؤكد لن تكون الحقيقة .. أنا لن اشوه سمعتنا لأنقذ سمعتكم ! "

هتفت ألماسة بحميتها المندفعة وهى تنظر إليه بقوة

" وأنا لن أظل محرومة من أصلي لتحمي أنت سيرة أبيك الـ ... المحترمة ! "

عقد حاجبيه بتصلب ممتنعا عن الرد .. لأول مرة يدرك أنه يتقبل كل كلامها حقاً مهما قالت .. دافعت هاجمت انتصرت خسرت .. لا يرفض منها شيئا على الإطلاق !.. وهذا مؤشر خطر !!

اطلق أنفاسه نافخا ليخرج يده يضغط على عينيه ثم اقترب من المكتب حتى وقف جوارها بخطوة واحدة قائلا

" اتركي لي هذا الموضوع وأنا سأرى "

لم تصدق أذنيها !.. لم تصدق راية التهذيب المفاجئة التي رفرفت ببراءته !!

صمتت للحظات ثم رفعت وجهها إليه تقول

" فؤاد لو سمحت .. لا تذكر أي شيء يمس أمي ولو من بعيد "

لم يصدق أذنيه !.. لم يصدق أنها تطلب وتثق وتنطق اسمه !!

الزهراء .. تلك المرأة التي كان يقال عنها أنها من قلب مدن الجمال ، ربما لأنها من الحضر وجاءت وسط بيئة بدوية لنساء الصحراء .. كم كان يحب رؤيتها .. كانت سيدة بحق .. كأميرة حلت بأرضهم لتكون أسطورة أنثوية وأمنية بعيدة لكل رجل يفهم بالجمال

اومأ برأسه متفهماً وهو يشرد بعينيها مجددا فتحركت لتغادر وهى تتلقى تلك الرسالة بغير ارتياح !
وقبل أن تفتح الباب وتخرج التفتت إليه قائلة بهدوء كأن الواجب يملي عليها أن تصلح ما تستطيعه

" بالمناسبة .. حاول أن تعيد نظرك في بعض المواضيع حتى لا تندم في المستقبل .. أنت لا تعيش وحدك بهذا الكون لترغب أن يسير وفق قراراتك .. هناك غيرك يختلفون عنك "

رنوة مجددا .. ليته يستطيع الغفران .. لكنها تطلب المستحيل
استند بيده على سطح المكتب لتتحرك حيث كانت يدها على حافة مكتبه .. وعلى حافة قلبه ..
وكيانه كله يدخل مرحلة لم يجرب موتها قبلاً .. ( أنك في هذا الكون .. وهى كل شيء آخر فيه ).






منذ نصف ساعة يتحرك بغرفة مكتبه ، منذ عاد للمنزل ولم يجدها .. بل لم يجدهما معاً .. ابنته وزوجته
على الأقل يعرف أين ابنته التي ازداد خروجها هذه الأيام هرباً من البيت ، إما بالنادي إما بدوراتها التدريبية التي شجعها عليها منذ صغرها سواء لتعلم اللغات أو مهارات أخرى حتى صارت تقى فتاة مصقولة بالكنوز .. صحيح أنها مجنونة بغضبها !.. لكنها عامةً عاقلة لدرجة ثقته العمياء بها ..

لكنه لا يعرف أين رنوة التي عاد من عمله بالمشفى منذ ثلاث ساعات ولم يجدها .. هاتفها مغلقاً وجعلته يتأخر عن موعد عيادته الخاصة المسائية ساعة كاملة

أخذ هاتفه من المكتب يتصل بها فأجابته نفس الرسالة المسجلة المستفزة بنبرتها بالغة اللطف بأن اتصل بوقتٍ لاحق !
نفخ راشد بعصبية ليتصل بسكرتير العيادة وحين فُتِح الخط بسؤال السكرتير عنه رد

" أنا لن استطيع الحضور .. اغلق العيادة قبل حضور أي حالات مرضية "

قال الرجل بتردد

" لكن يا دكتور راشد هناك سبع حالات بانتظارك بالفعل "

نظر للساعة في معصمه نظرة طويلة كأنه شرد مع عقرب الثواني ليقول

" حسنا لا تغلقها .. أنا قادم .. اعتذر لهم عن تأخري حتى أصل "

وضع هاتفه بجيبه ليذهب إلي شرفة المكتب فيفتحها مستنشقا الهواء بعمق ، عيناه الرمادية تعصف بالقلق والخوف .. والغضب .. والصوت الخبيث ينخر بعقله

( لكن بعد عدة أشهر حين تكتشف رنوة أنها تخجل من السير جوارك أمام الناس .. وتخجل من ذكرك أمام اصدقائها .. ولا تستطيع عيش سنها معك .. ستدرك عقابي لها جيدا .. وستدرك أنت أيضا كم هو قاسٍ على رجل أن تشعره زوجته بالنقص والخجل منه )

كاد يقتلع جذور شعره الأسود بخصلاته الفضية ثم يضرب بكفه على إطار الشرفة
لم يمر الكثير على زواجهما ولم يستطع أخذ إجازة ليسافر معها لارتباطه بعمليات جراحية محددة قبل أن يحدد فؤاد موعد الزفاف بعد انتحار رنوة .. يريد أن يخرج معها لأن الشك سيقتله بتلك الكلمات .. هل ستخجل منه ؟!.. هل ستشعر بالنقص وتشعره به ؟!.. أين هى الآن ؟!

مرت دقائق أتلفت أعصابه حتى قرر أن يذهب لعيادته ويتصرف معها ليلاً .. وما إن استدار حتى لمح سيارة تتوقف أمام المنزل وبدت فيها رنوة بجوار فتاة ما !.



بالأسفل بسيارة رفيقتها كانت رنوة لا تزال تضحك بسعادة ووجهها مشرقاً برقته وحيويته ، تطالعها صديقتها باستغراب تخفيه خلف تساؤلها

" هل ستحتفلين مع دكتور راشد أيضاً ؟! "

ردت رنوة بعفوية

" بالطبع .. راشد سيرغب أن يحتفل معي "

كررت الفتاة بنبرة مصطنعة

" آه بالطبع ! "

لاحظت رنوة حركات ملامحها الغير مقصودة .. ساخرة وغير مصدقة ومتعجبة ، فتلاشت بسمتها لتسأل

" ما بكِ .. لماذا تقولينها هكذا ؟! "

هزت كتفها لتتظاهر بالجهل بنظرة متسائلة فتقول رنوة بصراحة

" ما بكم جميعا اليوم ؟!.. منذ خرجنا تتهامسون وتنظرون إليّ والجميع يسألني عن زواجي وعن علاقتي بتقى وإن كنت سعيدة أم لا !!.. اطمأنوا .. أنا سعيدة وبأفضل حال "

رسمت صديقتها الجدية على وجهها لترد باستنكار

" مؤكد فهمتِ بشكل خاطئ رنوة .. لمَ نتهامس عليكِ ؟!.. صحيح أن الأمر غريب لأنكِ تزوجتِ والد صديقتكِ بل ويكبركِ سناً بالكثير لكن كل شخص حر في حياته واختياراته "

كانت تظن أنها تواجهها وتدافع عن بيتها وزوجها لكن كلام صديقتها المبطن أخرس لسانها تماماً لإنه للأسف .. الحقيقة
شعرت بالحرج والرغبة في البكاء فانكمشت على نفسها لتفتح بابها قائلة

" نعم .. ربما فهمت بشكل خاطئ .. في النهاية كما قلتِ .. كل شخص حر في حياته واختياراته .. شكرا أنكِ أوصلتِني "

نزلت أمام باب البيت لتفتحها لتسمع صوت سيارة صديقتها راحلة .. وعندها توقفت على الباب بالداخل تستعيد نفسها
لم تشعر بالحرج من راشد بل من قول الفتاة أنه والد تقى ويكبرها مشددة على حروف بالكثير !..
لن يفهمها أحد .. مسحت عينيها الدامعة بضعفها والصوت الخبيث يؤدي دوره

( ستعرفين أي خطأ ارتكبتِ حين تشعرين بعمركِ الذي يضيع بلمح البصر .. وتخجلين منه أمام الناس التي ستنظر لكِ بشفقة وانتقاص .. ستعيشين في جحيم من صنع يديكِ .. تقبلي عقابكِ راضية )

ارتجف جسدها خوفاً عكر فرحتها فمرت من البهو إلي غرفتها وهى تدعو أن تكون تقى بالخارج كعادتها ، منذ دخلت البيت ولم تخاطبها تقى بكلمة ، تراها أحيانا ولا ترد على صباحها أو مساءها ، لا بأس .. خسرت صديقة لكن كسبت الأعظم

انتبهت لضوء مكتب راشد لترى راشد داخله بالفعل فأشرق وجهها بابتسامة نسيت كل شيء لتركض نحوه حتى وصلت إليه وتعلقت بعنقه بفرحة قولها

" راشد راشد راشد .. أنا نجحت .. لن أعيد أي مادة كما ظننت .. نجحت بكل المواد وبتقدير جيد جداً أيضاً "

التفت ذراعاه حول خصرها بلا حياة قائلا بجمود

" مبارك رنوة "

شعرت بذراعيه تبعدها لا تضمها فابتعدت تنظر لوجهه وتلاشت ابتسامتها حين سأل بنظرة صارمة

" أين كنتِ ؟ "

سألها .. ورنت نفس الكلمات برأسها !.. الشك .. والرجل لا يأمن لأنثى فرطت بشرفها !!

اهتزت عيناها غير معتادة على تلك النبرة منه فأجابت بصوت منخفض

" بعد خروجنا من الجامعة أصروا أن يحتفلوا فذهبنا إلي مقهى و.. كانوا يعزفون هناك .. فجلست استمع إلي الموسيقى .. تعرف كم أحب الموسيقى الحية "

ظل ينظر إليها بغضب فاختنقت باتهامه الذي وصلها واضحاً ثم سأل

" ذهبتِ مع مَن ؟ "

ابتعدت خطوة لتجيب بتردد

" مع أصحابي .. كلنا "

قالتها .. وبدأت الاسئلة تدور برأسه !.. هل خجلت منه ؟!.. ماذا قالوا عنه ؟!.. هل تجنبت الحديث عن زواجها ؟!.. بل هل تذكرت أنها متزوجة وهى تحادث أصحابها الشباب ؟!

هز رأسه محركاً شفتيه جانباً ثم ابتسم قائلا بنبرة مريبة

" أصحابكِ كلهم !.. شباب وبنات !!.. وبدون إخباري وهاتفكِ مغلقا !!! "

فتحت رنوة حقيبتها مسرعة تخرج الهاتف وهى تقول

" لا .. هاتفي ليس مغلقاً "

لكنها تفاجأت بالشاشة السوداء التي لا تنير فنظرت إليه لتهمس بتراجع

" لم انتبه أن شحنه انتهى "

تفحصتها عيناه بغير رضا من بنطالها الجينز الضيق لقميصها الأصفر القصير لشعرها الحر لتثبت على وجهها الخالي من الزينة ببراءته الجميلة قائلا بهدوء قاسٍ أخافها

" لم تنتبهي لأنه لم يخطر ببالكِ أن لك زوجاً عاد البيت ولم يجدكِ .. ولم تفكري بمجرد اتصال لإخباره بأي شيء عنكِ أو تقديره واستئذانه قبل الخروج مع بنات ورجال الله اعلم بهم .. وتأتينني ليلا في سيارة رفيقتكِ التي لا اعرفها ... عامةً أنا تأخرت على العيادة بسببكِ .. حسابي معكِ بوقتٍ لاحق "

عدل سترته بأناقة ليتجاوزها خارجاً وهو ينظر لساعته حتى لا يرى دموعها التي سالت بحزن .. يعلم أنها تتصرف بحسن نية تقارب السذاجة لكنها لم تدرك بعد أنها صارت زوجة ومسؤولة
على باب المكتب سمع صوتها الخافت الرقيق

" تقى أيضاً نجحت بتقدير امتياز ... وأنا آسفة "

توقف لحظات فرحاً بابنته ثم أكمل طريقه حتى سمعت صوت الباب فجلست على مقعد جوارها تبكي بانكسار فرحتها .. وكانت تعلم .. لم تقصد هى .. ولم يخطئ هو .. لكنها تخاف فقط أن يكون ذلك هو العقاب الذي قصده فؤاد !.




مرت الساعات وهى جالسة بالبهو ترتدي منامتها الحريرية ، تفكر فيما فعلت وتنتبه لحياتها الجديدة انتباهاً مختلفاً .. لقد تصرفت بحريتها المعتادة لدرجة أنها نسيت مجرد اتصالاً به بالفعل
مؤكد غضب من تصرفها وعدم تقديرها له فقط .. لا يعقل أن ترمي كل كلامه بدائرة الشك التي توسوس لها كالxxxxب السامة

وقفت رنوة متخذة قرار بإرضائه عما فعلت وليكن خطأها الأخير بحقه ، اتجهت للمطبخ الكبير لتجد طعام العشاء معداً للتسخين كما تتركه المرأة التي تأتي للعمل صباحاً فقامت بتسخينه بدقائق معدودة ثم حضرت صينية بكل ما تحتاجه وخرجت للبهو ..

وجدت تقى تدخل وتغلق باب البيت فثبتت رنوة مكانها وهى تنظر إليها بضعف وعجز .. تواجه نظرات تقى القوية الصارمة كأبيها ، حاولت أن تبتسم قليلا وهى تقول

" العشاء جاهز تقى .. لقد قمت بتسخينه .. ومبارك نجاحكِ "

رأت طيف ابتسامة مستهينة على شفتيّ تقى وهى تتحرك بملابسها الرياضية معلقة حقيبتها الأنيقة على ظهرها وتتلاعب بمفاتيحها لتصعد لغرفتها كأنها ما رأت أحداً ، تعلم أن تقى تحب الجلوس بالنادي بعد تدريبها المعتاد حتى يحل الليل ثم تعود بسيارتها الصغيرة

أطرقت رنوة ناظرة للطعام بين يديها بحسرة تملأ القلب وحزن يرسم الوجه ، ثم تابعت طريقها لغرفتها ورتبت الأطباق على طاولة جانبية وأعدت شمعتين طويلتين لليلة حالمة لا تعلم ستدركها أم لا

أخذت حماماً سريعاً لتخرج ترتدي أجمل ثيابها ثم جلست أمام منضدة الزينة تجفف شعرها .. تسدله على ظهرها العاري ناعماً .. تطيل رموشها .. تلك الأهداب التي تجمل عينيها الضيقة فتوسعها باللون الأبيض ثم تتكحل باللون الأسود .. تزين وجنتيها ببعض الوردي .. تضع أحمر الشفاه .. أحمر داكن ما وضعته يوماً .. ثم لمسات العطر الذي يحبه

بعدما انتهت قيمت نفسها بنظرة أخيرة للمرآة خاصة بهذا الثوب وبدت .. امرأة !.. هذه هى .. لم تفهم منذ تزوجت أنها صارت امرأة لا مجرد طالبة جامعية ، حتى جسدها اختلف واستدار بجمال الأنوثة .. وظلت تنتظر الساعة



بعد دقائق طويلة كانت تسحب روحها سمعت صوت باب البيت فنهضت مسرعة لتشعل الشمعتين وتغلق الضوء مكتفية بضوء خافت جوار السرير ليبدو الجو شاعرياً لا يقاوم

صوت خطواته على الدرج فحبست أنفاسها لكنها علمت أنه تجاوز الغرفة ليمر على تقى أولاً .. وطال وجوده هناك .. فظلت تتحرك بتوتر وتنظر للمرآة كلما مرت بها لينتابها شعور بالمبالغة مع هذا الثوب .. حيلة مكشوفة تماما !

وحين استنزفها الارتباك اتجهت للخزانة لتختار ثوباً آخر بالفعل لكن قبل أن تفتحها انفتح الباب خلفها وانغلق .. فتسمرت مكانها !

توقف راشد ينظر للشمعتين والطعام والضوء الخافت باستغراب ثم إليها وهى توليه ظهرها عند خزانة الملابس .. شعرها مفروداً على بشرتها البيضاء .. على ثوبٍ أحمر بلا ظهر ..

وحين طال صمته .. تشجعت رنوة لتستدير ببطء وعيناها على وجهه .. وأول تعبير أخذته منه أنه لم يتعرف عليها للحظة !.. لحظة واحدة سرى بجسدها تيار لامرأة ينظر إليها رجل بذهول جمالها واشتهاء بحت مشتعل بعينيه

لم تستطع النظر إليه أكثر فأخفضت بصرها لتقول بنبرة خافتة مرتجفة شوقا

" أنا معترفة إني اخطأت لكن لم اقصد .. وأعدك لن تتكرر أبداً .. لكن لأجل خاطري لا تغضب مني .. لن احتمل غضبك "

ظل راشد ينظر إليها بذلك الذهول الأول .. يمر بعينيه على فتحة الثوب بعنقها لأسفل لا نهاية لها !.. ثم فتحة يمنى بساقها لأعلى لا نهاية لها !.. ليتلاقى الفتحتان بماسة قلبية على جانب خصرها !.. ووجهها لم يكن وجهها !.. مرسومة !

أبعد عينيه ليتحرك تجاهها فمرت برودة عنيفة بجسدها صعقتها رغم إشعاع الحرارة بوجهها ، لكنه لم يمسها بل فتح خزانته ليأخذ ملابسه بهدوئه الوقور ثم اتجه للمرآة

تقدمت رنوة من طاولة الطعام ثم قالت ببعض الاحباط

" هل ما زلت غاضباً ؟ "

استدارت تراه ينزع ساعته يضعها على منضدة الزينة ، تليها مفاتيحه ، يليها هاتفه ، ثم قلمه الغالي الذي لا يغادر دونه

جلست بملامح منطفئة تنتظر منه أي شيء حتى خلع سترته وعلقها على ظهر الكرسي وهى لا تلاحظ مراقبته لها بالمرآة .. ثم أخذ ملابسه ودخل الحمام

عادت الساعة تمر بهدوء .. دقائق وهو تحت المياه .. وهى أمام النار .. تراقب ذوبان الشموع البطئ كأنها بتجربة علمية !

خرج أخيراً مرتدياً طاقمه البيتي يجفف شعره واتجه مباشرة لهاتفه ملقيا المنشفة على الكرسي
زفرت رنوة بقنوط لتحاول

" هيا لتأكل "

لم يستجب بأي حركة فشعرت بألم يقبض صدرها لتقول بانكسار

" لاحظ إنني بلا أم ولا أب ولا إخوة .. إن ظللت غاضباً مني ساشعر باليتم أكثر من يتمي الحقيقي ... إن أردت تركي فأنا بلا أهل بدونك ... وإن خرجت من بيتك سأكون في الشارع ... أنا ليس لي سواك في الدنيا "

شعرت به ينظر إليها وهى ناظرة أرضا مجروحة يوم نجاحها ، سمعت أنفاسه لا تعرف غاضبة أم متأثرة .. لكنه انحنى قليلا يمد يده بجيب سترته ليخرج منها علبة بيضاء صغيرة واتجه إليها
توقف أمامها فسالت دمعة حملت معها خطاً أسود للكحل على وجنتها جعلها أكثر إغواءً ..
فتح راشد العلبة ووضعها أمامها ليرفع منها سلسالا ذهبياً لقلب رقيق الشكل .. ثم وضعه حول عنقها وهى مطرقة برأسها ليحيط رقبتها بكفيه يوقفها قائلا باتزان

" مبارك نجاحكِ رنوة "

ابتسمت بحزن وهى تنظر لصدرها الذي تزين بالذهب ، فمسح ذلك الخط الدامع ليرفع وجهها إليه يقول بنبرته العاقلة

" أنتِ لكِ أهل وبيت رنوة وستعودين إليهم يوماً ما حين تهدأ الأمور .. لذلك ليس كلما حدث بيننا شيء تقولين ما قلتِه الآن وتحزنين لهذه الدرجة .. وما أكثر ما يحدث بين الأزواج "

ظلت عيناها على وجهه الجذاب الجاد .. على رمادية عينيه التي صارت ضبابا كثيفا تغشاه مشاعر خفية بإرادته .. ثم اومأت برأسها ويداها تتشبث بمكانها المعتاد على جانبي خصره ثم تتحرك صاعدة على ظهره تعانقه بقوة ، فعلم أنها تحتاجه بشكل مختلف عن طفولتها

حين تكون سعيدة طفولية تحتضن رقبته كعناق نجاحها اليوم .. وحين تحتاجه ككل شيء لها .. كامرأة تملك رجلها وتهبه نفسها .. تحتضن جسده .. كعناقها هذه اللحظة
وكم من رجلٍ يجيد ترجمة عناقات الحرائر !

وكم آلمه كلامها وحزنها بقدر ألمه أنها نسته اليوم في خضم فرحتها مع أصحابها .. ألمه الذي يمس رجولته فيقف حائلا أمام اشتهائه لها اليوم رغم جمالها
ذراعاه التفتا تحت شعرها بلا حواجز ليقبل رأسها متابعاً

" حسناً رنوة .. فلننس ما حدث اليوم لأجل نجاحكِ "

بين قلبه الذي يدق على جسدها الذي يشعره من القماش الرقيق .. وعقله الذي يرسم خطوطا مزعجة لرجل بمقامه .. رجل يأبى أن يسألها تفاصيل ماذا فعلت وعما تحدثت مع أصحابها
ابتعد راشد دون النظر لوجهها ليجلس أمام الطاولة قائلا

" هيا لنأكل "

شعرت بالفراغ والبرود يحيط بها يلمس جسدها المكشوف مع الهواء ، لن ينتهى غضبه كما تخيلت
هل نسيت أن رجل كراشد لن تؤثر به هذه الحيل الأنثوية لثوبٍ مغر وزينة داكنة ؟!..
لكن حتى عدم تأثره هذا جعلها تشعر بحبه أكثر .. راشد رجل يحب أولا .. يُقدِر أولا .. يُطمئِن أولا .. ثم يشتهي أخيراً

جلست لتبدأ طعامها بخيبة أمل ، لا تأكل حقاً وهو يأكل بملامح غير مقروءة .. صامتة تماماً لكن يبدو عليه تفكير عميق !
بعد دقائق قال بابتسامة صغيرة

" تبدين جميلة .. ومختلفة "

وشتان حين قالها يوم الزفاف

( حرم راشد الصيفي .. تبدين مذهلة )

وضعت رنوة الملعقة لتفرك يديها معاً بارتباك ثم قالت فجأة

" أنا أريد الذهاب إلي طبيب "

جذبت انتباهه بجدية فقلقت عيناه متسائلا

" لماذا ؟.. ممَ تشكين ؟ "

أرجعت خصلة وهمية خلف أذنها وملامحها تتشوش بضيق وكآبة فتجيب بصوت متقطع بخزي وهى تنظر للأرض

" لا اشكو من شيء ... أريد الذهاب إلي طبيب نساء ... لأتعالج واستطيع .... "

صمتت بقلب يغور لأسفل متلقيا صفعات حارقة جعلتها تموت مكانها بندم .. لقد أتلفت نفسها بنفسها ولا عزاء للأغبياء .. لكأن هذا هو العقاب الحقيقي

دارت الدنيا من حولها بطول صمته فرفعت عينيها الضائعة لترى نظرته الغاضبة أكثر وأكثر .. غضب رجل قتلت ولده

بكل عذابها وإحساسها باليأس تهمس بصدق

" أريد أن أنجب منك راشد "

أطلق نفساً ملتهباً متحكماً في أعصابه ليقول بجفاء

" سأحدد لكِ موعدا عند أحد الاطباء ونذهب معاً "

وقف متجها إلي الحمام غسل يديه ثم عاد وبلا كلمة زائدة نام على جانبه من السرير واطفأ الضوء الخافت ليتركها مع ضوء الشمعتين
انهمرت دموع رنوة بصمت مُعذَب وهى تنفخ نار الشمعة الأولى بانهيار .. تبعتها بالشمعة الثانية لتظل في ظلام تام.








ظل جالساً على كرسي عالي القوائم أمام رخام المشروبات يشرب مزيجاً من فواكه لا يميز فيها إلا الألوان .. رغم صخب الجو حوله وغناء الفرقة يشعل الحماس ويضج بالقلب ويرجف الأعصاب لكنه كان صامتاً ? لون باهت وسط ألوان زاهية

قاتم الملامح منطفئ القلب هامد الترحال الذي يعشقه .. منذ رحيل رنوة وانكسر به شيء .. ربما انكسر نموذج العائلة الذي عاش بإطاره .. كل فرد كان بحاله نعم لكن وسط إطار يدعي التماسك !

خلفه اصدقاؤه يعيشون كل لحظة من الحفل فيرقصون ويتضاحكون ويحاولون جذبه بلا فائدة
تقدمت منه تلك الفتاة التي أرسلت له الرسالة ليأتي فضربته بكتفها بكتفه لتقول مبتسمة

" سعيدة أنك أتيت .. رغم أنك لم تفعل شيئا لكن وجودك هاماً جداً لنا .. ولي "

نظر شهاب إليها بنظرة عادية وابتسامة بلا شعور ترقق ملامحه الوسيمة الشابة .. لتجده نظر خلفها فجأة وثبتت عيناه بمكانٍ ما مصدوماً .. ثم نهض بذهول !

اخترق الحاضرين ليصل إليها على الجانب الآخر من قاعة الحفل الراقصة منادياً بذهوله

" إيزارا ! "

رفعت عينيها السوداء لتتسعا وهى تغطي فمها شاهقة تهتف بتفاجؤ

" سيد شهاب ! "

نظرت حولها ثم إلي صديقتها الوحيدة بمصر والتي أهدتها التذكرة الثانية ثم عادت إلي وجهه تسأل بارتباك

" ألم تقل أنك لن تأتي ؟! "

لم يسمعها حقاً مع الموسيقى العالية بل كان يحدق بها بلا تصديق .. من شعرها اللامع الكثيف .. كثيف بوضوح .. وعينيها المظللة بالذهبي كوجنتيها .. ليكسو شفتيها الممتلئة لون برونزي لا يلائم سوى سمرتها .. ثم فستان ذهبي طويل على قوامها الصريح بالأنوثة

ظلت شفتاه مفترقتين طويلا ثم سأل

" هل جئتِ بالتذكرة التي قلت لكِ ارمِها ؟! "

نظرت أرضاً لتقول قبل أن تستدير

" أنا آسفة للغاية .. ساغادر فوراً "

أمسك شهاب يدها فوقفت مكانها بقوله

" انتظري "

لم تنظر إليه شاعرة بالقلق والتوتر الشديد الذي هدم أي قوة فيها .. وطال صمته على غير عادته .. لتجده يرفع يدها ليديرها حول نفسها متسائلا بدهشة

" هل هذه أنتِ حقاً إيزارا ؟! "

دارت حول نفسها باستغراب وصدمة رد فعله .. ثم عادت إلي عينيه التي لمعت كأن الحياة تعود إليها والمغامرة تدب بها ..
بينما كان مسحورا بعروس سمراء لم يرَ مثيلاً لجمالها الذهبي الغريب .. جذاباً لدرجة مذهلة له

كان يصدق دلاله لها فيقوله بتذوق

" تبدين كـ ... نهــر الخمــر "

خرج نفس مرتاح من شفتيها وهى تدرك أنه لم يغضب .. وفجأة انقلب كونها الصغير بظاهرة خيالية !.. حين علت الموسيقى الغربية بشكل آخر .. صاخب لكن مؤثر كدعوة لنسيان كل شيء وأول شيء .. أن تنسى نفسك ..

في ضوء أحمر تغير على القاعة وجدت يديه على خصرها تجذبها إليه بلا مقاومة .. وكانت بين الراقصين

لطولها الرشيق كان أطول منها بالقليل ناظراً إليها دون أن يتحرك بها .. ثابتين فقط عيونهما تتقارب ? بلدين بعيدين لا مجرد شخصين على أرض واحدة

رفع شهاب كفيه يحيط وجهها بلا فهم لما يحدث له وتلك الرغبة التي اشتعلت به يسألها مغرقاً يده بشعرها

" كيف تخفين جمالكِ هذا إيزارا ... وشعركِ ؟! "

ارتجفت إيزارا كأنثى تسمع ما تسمع لأول مرة بحياتها .. ونبض قلبها نبضاً استوائياً حاراً بدمائها ..

تأمل وجهها القريب من القلوب حتى وصل لشفتيها ولمسها بإبهامه قائلا بموسيقى أخرى

" قولي شيئا .. أريد أن اسمع الحروف العربية وهى تتكسر بين شفتيكِ "

راغباً بطعم الذهب ولمس السمرة ..

افترقت تلك الشفاه لحظة .. واقترب وجهه أكثر من لحظة !...





انتهى

duaa.jabar and noor elhuda like this.

نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 01-09-20, 12:31 AM   #1108

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 133 ( الأعضاء 54 والزوار 79)
‏sandynor*, ‏dina naguib, ‏nmnooomh, ‏Amanykassab, ‏ebti+, ‏ayaammar, ‏فاطمة توتى, ‏Dall, ‏شغف الحياة, ‏نور المعز, ‏Noor Alzahraa, ‏نعيما, ‏همس البدر, ‏نور الحيااة, ‏الزهره الحمراء, ‏As.S, ‏ماري ماري, ‏Solo~, ‏Dina66, ‏ايمان عباس سعدة, ‏طوطه, ‏Tankosha, ‏ام الارات, ‏Suzi arar, ‏rokaya, ‏hafodha, ‏Ektimal yasine, ‏hadeer22, ‏آلاء1, ‏نوره صانع, ‏تالن يوسف, ‏Somaya wadie, ‏neno 90, ‏عاشقة الحرف, ‏سوووما العسولة, ‏loubna08, ‏جنا محمد علي, ‏حنين غول, ‏من هم, ‏قمر صفاء, ‏Solly m, ‏bas bas, ‏يلمار علي, ‏ميمو٧٧, ‏تغريد عبد الرحمن, ‏نوف كرسبي, ‏sleeplessgirl, ‏awttare, ‏temoony, ‏Mltn53, ‏الرسول قدوتى, ‏Rasha kazem, ‏Areej abdo, ‏MerasNihal+


نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 01-09-20, 01:06 AM   #1109

تالن يوسف

? العضوٌ??? » 431382
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » تالن يوسف is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك يا ساندي 💖💖💖

تالن يوسف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-20, 01:39 AM   #1110

soso#123

? العضوٌ??? » 456290
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 389
?  نُقآطِيْ » soso#123 is on a distinguished road
افتراضي

ثريا قداح
لم قسوت على رنوة ياراشد
اعتذرت نبهها وعودها على طباعك مازالت صغيرة والأهم أنها تحبك


soso#123 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:21 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.