آخر 10 مشاركات
121 - خاتم الأنتقام - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة(حصريا)( مكتوبة/كاملة )** (الكاتـب : miya orasini - )           »          حنينٌ بقلبي (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          خادمة القصر 2 (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          راسين في الحلال .. كوميديا رومانسية *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : منال سالم - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          إلَى السماءِ تجلت نَظرَتِي وَرَنـت (الكاتـب : ميساء بيتي - )           »          دميمة لعنها الحب (3) للكاتبة منال سالم "زائرة" *كاملة مع الروابط* (الكاتـب : منال سالم - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          استسلمي لي(164)للكاتبة:Angela Bissell (ج1من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          Carole Mortimer (الكاتـب : Breathless - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree277Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-03-21, 12:19 AM   #1741

نورالهدى**

? العضوٌ??? » 476236
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 79
?  نُقآطِيْ » نورالهدى** is on a distinguished road
افتراضي


مرحبتين ....في حدا متحمس متلي للفصل اليوم .....

نورالهدى** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-21, 12:23 AM   #1742

شبووة

? العضوٌ??? » 443595
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 90
?  نُقآطِيْ » شبووة is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mummum مشاهدة المشاركة
بانتظار الفصل يا احلي ساندي
سوسو يا سوسة وين الفصل


شبووة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-21, 12:27 AM   #1743

Ritamouff

? العضوٌ??? » 440151
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 150
?  نُقآطِيْ » Ritamouff is on a distinguished road
افتراضي

بانتظار الفصل يا احلى ساندي 🥰🥰😘😘😘😍😍😍

Ritamouff غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-21, 12:27 AM   #1744

االمااسة

? العضوٌ??? » 482529
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 25
?  نُقآطِيْ » االمااسة is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورالهدى** مشاهدة المشاركة
مرحبتين ....في حدا متحمس متلي للفصل اليوم .....
قصدك للفصلين 💃🏻💃🏻💃🏻


االمااسة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-21, 12:28 AM   #1745

تالن يوسف

? العضوٌ??? » 431382
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » تالن يوسف is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور ❤️❤️

تالن يوسف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-21, 12:28 AM   #1746

نوارة البيت

? العضوٌ??? » 478893
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,845
?  نُقآطِيْ » نوارة البيت is on a distinguished road
افتراضي

متحمسة للفصلين 💃🏻💃🏻💃🏻

نوارة البيت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-21, 12:28 AM   #1747

االمااسة

? العضوٌ??? » 482529
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 25
?  نُقآطِيْ » االمااسة is on a distinguished road
افتراضي

مساء الحب بلييس ساندي لا تسهرينا وكلش مشتاقين لابداعك

االمااسة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-21, 12:43 AM   #1748

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي





البريق الثلاثون

حضرت صدفة في موعد جلستها مع الطبيبة روزان ، سرد الواقع جعلها أكثر انفتاحاً على نفسها كأنها صارت مكشوفة ، فلا خداع بدور الضحية مجددا .. ظُلِمت منه مرة ثم ظلمت نفسها مرة بعد مرة وتعدت على حقوق أخريات .. ها قد أظلمت أمواج البحار

تقابلها روزان بابتسامتها الجميلة وحجابها الأبيض تشير للكرسي بالقول

" أهلا قدر .. تفضلي "

جلست صدفة بتوتر يداها تنقبض على حقيبتها فتسألها

" كيف حالكِ اليوم ؟ "

وجهها باهتاً مفقود التفاصيل وتعابيرها غائبة وهى ترد

" لا اعرف "

زرقة عينيها تهرب من الأسئلة والإجابات والتفاصيل التي تؤذي الروح فتقول روزان بهدوء

" دعينا نبدأ بسؤال أبسط .. كم كوبا من القهوة شربتِ اليوم ؟ "

ردت صدفة بصوت منخفض

" اثنان .. وبالأمس أيضا "

نبرتها تحمل حرجاً بما فعلت وبما حكت قرأته روزان بسهولة ، تشعر بالخجل من طبيبتها ومن حكايتها .. معظم مَن يأتون إليها للمرة الثانية غالبا يشعرون بالندم مما قالوه بالمرة الأولى
لذلك تبدو نبرة روزان مشجعة لطيفة وهى تقول

" عظيم .. بعد سبعة أو ثمانية أكواب وصلتِ للمعدل الطبيعي .. لكن أفضل هذه الفترة أن تحاولي التوقف عنها تماماً .. أنتِ لا تشربينها مجرد مُنبه .. لكنكِ تستخدمين الكافيين كباعث للألم النفسي ومخدر للأعصاب كما قلت لكِ "

اومأت صدفة بدون النظر إليها فنهضت روزان تفتح الستار عن إطلالة الشرفة وتشعل ضوءا خافتا مريحا بها ثم التفتت تسأل

" بجلستنا السابقة حكيتِ لي كل شيء يؤلمكِ .. هل تشعرين بأي تغيير بمشاعركِ بعدما قلتِها علناً ؟ "

نظرت صدفة نحوها لترى البحر خلال الزجاج هائجا بهواء الليل البارد ، مظلما بعد المغيب يشبهها الآن .. واضحاً وقاتماً فتجيب

" ربما .. أصبحت أوضح .. كان كل شيء داخلي مختلطاً .. الغضب والنفور .. إحساسي اني أصبح اسوأ كان يسيطر عليّ .. ثم إحساسي انني المظلومة الضحية ثم ... "

توقفت والصمت يجيب .. ثمة صمت في سكوته بحار مشاعر .. وصمت ما هو إلا فراغ اصطدام
لن تنكر بعد اليوم انها ظلمت عدة نساء لا تعرفهن .. اتفقت على ظلمهن معه بدم بارد

وتخاف نظرة روزان إليها فتخفض بصرها بخزي لكنها تقول بصوت صاف كانسياب الماء

" تابعي قدر .. قلتِ انها أصبحت أوضح .. تخيلي نفسكِ داخل غرفة مشاعركِ .. اذهبي نحو كل شعور وقفي أمامه .. ثم المسيه .. ستشعرين به فوراً وتستطيعين التعبير عنه "

أغمضت صدفة عينيها وذلك الصوت ينساب داخلها بالفعل ، ترى بعين الروح بحراً مظلماً في غرفة واسعة .. ساكناً أمامها وهى جاثية على الرمال و.. مقيدة

حولها ضوء يلف في سلاسل من مشاعر .. كل المشاعر أوراق ضوئية عدا الحب .. كرات لهب ضخمة مخيفة
أنفاسها تضيق وهى تصف ما تشعره باستغراق تام

" لكنني لا استطيع التحرك .. في تلك الغرفة .. كأنني مقيدة بسلاسل حديدية إلي الأرض .. وباقي المشاعر حولي تسجنني "

لطالما كانت أفضل طرق البداية هى الطريقة الدرامية ! ، معظم البشر يميلون إلي الشعور انهم مختلفون متميزون ليسوا كغيرهم وأن الدنيا كانت ستنهار إن لم يولدوا !.. لذلك خلق عالم من الدراما يجعلهم يرون ما بداخلهم بصورة أوضح !

يخفت صوت روزان وهى تساعدها أن تتعمق بتلك الصورة

" جيد إلي الآن .. تذكري أن الغرفة ليس بها إلا مشاعركِ .. أي شعور يقيدكِ للأرض وأي مشاعر حولكِ تسجنكِ ؟ "

يرتعش جسدها وهى ترى البحر يظلم أكثر وتحل البرودة به فتتأمل تلك المشاعر وتعبر عنها

" الحب ... حب مؤذٍ يسحب تلك السلاسل بقوة ... كأنه يتعمد تعذيبي .. تقف خلفه الأنانية ... وأمامي ... الغيرة ... على ورقتها خط أسود عريض كأنها .. عمياء "

كرات اللهب تشدها للأرض وهى تنظر للأوراق الضوئية بخيالها وقلبها ينقبض بألم رهيب وتتابع

" على يميني غضب ونفور ... وعلى يساري تمرد .. لكن مشتت ضعيف .. وحولي .. حقد وكره وغل يمتصون أي نور مني لأصبح ... سوداء "

لا شعور واحد إيجابي ، هذه الفتاة غمست نفسها في تلك البئر السوداء وهى تعرف انها لن تحتمل
لكنها سمة البشر .. الفضول لتعذيب النفس والممنوع مرغوب !
لقد وصفت مشاعر كل امرأة بنفس وضعها تماماً ، بل هناك اسوأ ايضاً سمعته من النساء

اقتربت روزان تجلس أمامها لتقول بلطف

" افتحي عينيكِ الآن قدر "

استغرق الأمر ثوان حتى ولج بعقلها ثم فتحت عينيها ببطء وأخذت نفسا أنقذها من اختناق وهمي
أمطار خفيفة ببداية الشتاء صوتها كتشوش تلفاز قديم تراها عبر زجاج الشرفة وتغطي على تشوش مشاعرها فترتاح لها
تبسمت روزان وهى تطمئنها

" كل هذه المشاعر داخل الإنسان .. داخل الجميع .. الفرق فقط هو درجات حدتها والموقف الذي نحن فيه فيغلب شعور على آخر "

تنظر لها صدفة نظرة منهكة مستنزفة بأقصى درجة فتواصل روزان ذلك التعمق

" لا أريدكِ أن تعتقدي أن ذلك السواد سيطغى عليكِ .. لكن ساسألكِ سؤالا وأريدكِ أن تغلقي تلك الغرفة بذهنكِ .. اشعري فقط بالذكريات .. كيف كانت مشاعركِ تجاهه قبل زواجكِ منه ؟ "

تلك الذكريات تنقسم ما قبل خداعه وما بعده ، ذكريات ملكة .. وذكريات خاضعة لاجئة
واختارت ما بعده فتدمع عيناها الزرقاء بما كان وتقول

" خداع .. كذب .. قتلني .. لكنني غبية لدرجة اني لم استطع كرهه .. لو كنت كرهته لما لجأت إليه في أي مشكلة معي .. لكنت صددته بقوة أكبر .. قوة حقيقية وليست تلك الواهنة التي تضيع حين تراه "

عينا روزان ترصد تلك الدموع التي لا تظهر إلا بقمة الوجع فتسأل

" هذه مشاعركِ تجاهه .. هل تستطيعين وصف مشاعركِ تجاه نفسكِ ؟.. أكثر مشاعركِ عمقاً "

تسيل الدموع أخيرا لتخرج من ثوب الضحية لثوب آخر تصفه وتشعره

" ظالمة .. أخذت حق ثلاث نساء .. وتلك الأنانية داخلي تخبرني انه من حقي وحدي "

ومنغمسة في شعورها بالخطأ ، لكن بها نقاء الاعتراف رغم الألم
تبكي صدفة بشهقات تعالت بلا سيطرة فتسألها روزان

" حين يخطر ببالكِ انه خدعكِ .. ما أول أمر يأتي بذهنكِ ويضايقكِ قدر ؟ "

تجيب صدفة مباشرة من بين بكائها

" أبي "

تلح روزان بالسؤال

" لماذا ؟ "

أجابت بكسرة النفس وبكاؤها يتعالى

" لاني كسرته .. فانكسرت "

نهضت روزان لتجلس على مكتبها تدون ملاحظاتها وتترك صدفة تبكي وتطلق مشاعرها وتستعيد هدوءها
لدقائق ساد الصمت حتى مسحت صدفة دموعها ونظرت إلي روزان التي تراقبها بنظرة غير نظرات الناس .. تحمل تسامح الكون وحب الدنيا
لا أحكام .. لا شفقة .. لا سوء ظن ، تلك النظرة وحدها علاج

تترقب صدفة كلامها فتقول روزان

" أنتِ تشعرين أنكِ اتفقتِ معه على والدكِ وكل هذا يحدث لكِ بسبب عصيان والدكِ .. لذلك حياتكِ معه بعدما ظننتِ انها الخلاص انقلبت جحيما "

صدى ما فعلته يوم زفافها أكثر ما يؤثر بها فتتعمد تشويه نفسها أكثر
تضيف روزان وهى تغير دفة الموضوع دون أن تنتبه صدفة

" الأمر الأكبر من زواجه إذاً الذي يسبب لكِ كل هذا هو انكِ تشعرين بذنب عقوق أبيكِ .. والشعور بالذنب وأن توبتكِ لم تُقبَل يجعلكِ تعيشين بهاجس الرغبة في الألم حتى يغفر الله لكِ "

عقدت حاجبيها تنتبه لهذا لأول مرة بالفعل فتفكر في الاتجاه الذي تريده روزان ثم تقول

" اعلم أن الله غفور رحيم .. لكن المشكلة اني لم أعد ... نقية .. كالسابق .. اشعر بالغضب داخلي يتفجر كلما رأيت عماد "

حالة التعدد من أكثر الأمور التي تقتضي الحكمة في التعامل وإشهاد العقل ، لأن بكلمة واحدة قد ينتج خراب بيت أو بيوت
لذلك غالبا ما تلجأ لتوجيه الألم لموضوع آخر حتى يقل الأذى النفسي بأمر التعدد نفسه
تعود روزان للموضوع بعد فاصل التشتت وتسأل

" أنتِ لم تخبريني لماذا قبلتِ بهذا الوضع ؟.. قلتِ تزوجته فقط "

ما زالت صدفة تفكر بوالدها وتجيب

" كان هو الحل لكثير مما تعرضت له .. وبعد أن ابتعدت ورفضت .. عدت وقبلت "

سألتها وهى تصنع فاصلا آخر

" تقصدين الحل المادي ؟ "

لقد كان الحب يقيدها في غرفة المشاعر ، إن كانت وجهت عقلها لأمر والدها فتبقى تحويل مسار تلك المشاعر نحو الحب للحفاظ على ذلك البيت
أجابت صدفة بعفوية كأنها تدفع عن نفسها تهمة المادية

" ليس المادي فقط .. عماد هو أماني وسندي في الدنيا "

بهدوء يُبنَى ذلك الفاصل وتسأل

" كيف ؟ "

مشاعرها كلها تتحول بلا وعي لذكريات الملكة فتقول

" حين ارتعشت كف أبي بالضعف والمرض وجدت نفسي أريد عماد .. حين أقع في أي مشكلة لا افكر إلا به .. لا يمكنني إبعاد هذا الشعور أن لي ظهراً بالدنيا يسندني .. شعور يريح من أي هموم لكن ... "

في وضعٍ قائم وواقع ليس عليها إلا أن تساعدها وتأخذ بيدها دون دمار زائد فتتساءل

" حسنا قدر .. صفي لي ذلك الرجل الذي اتخذكِ زوجة رابعة أو ثانية بمعنى أدق ويجعلكِ تشعرين بكل هذا "

ترد بما رددته كثيرا حتى حفظته وكرهته

" كاذب .. مخادع .. قاتل .. ويحبني "

سألت روزان وهى تنتقل لنقطة أخرى بين الحديث فجأة

" هل تنفرين منه لهذه الأسباب ؟ "

صمتت قليلا وهى تخفض بصرها والسؤال يباغتها بين المشاعر ثم تصرح بما خجلت قوله بينها وبين نفسها

" لا اعرف .. كان الأمر أهون عليّ وأنا في بلدته .. لكن هنا .. وعلى مسافة قريبة من .. زوجاته .. أنا الأخيرة .. واشعر اني .. كالعشيقة "

توقعت أن تسمع شيئا كهذا ، معظم النساء بنفس وضعها ينتابهن شعور العشيقة .. بعضهن يستسلمن له بلذة أنانية ، والأخريات يستغرقن فيه لدرجة تصديقه وتحريم زواجهن فعلياً دون وعي
تضع اخر أحجار الفاصل الجديد بصوتها العاقل الحنون

" قدر .. أريدكِ ألا تنسي أن وضعكِ بما اخبرتِني هو وضع استثنائي .. أنتِ الزوجة الثانية بمسمى الرابعة .. لكن الآن .. فلنتخيل انكِ زوجته الوحيدة .. صفي لي عماد كما ترينه .. انسي أي شيء خاص بمسألة التعدد ويجعلكِ غاضبة منه .. انسي ذلك النفور "

كسهولة رجوع الأمواج بين مد وجزر إلي البحار .. القلب به عالق بين أنفاسه والنبضات
مجرد التفكير انها الوحيدة جعلها تصفو من كل شيء .. لم تتبق إلا العاشقة فيها تقول

" عماد .. أكثر مَن قابلتهم رجولة في حياتي .. أكثر وسامة وجاذبية .. خطف عيني من النظرة الأولى .. له نظرة تجعلكِ محور الدنيا .. وله مقام غريب .. تشعرين دائما انه الأعلى .. سيداً على كل الناس .. وحبه يجعلكِ ملكة فوق الناس .. أنا أميرة الأمواج عروس البحر "

شردت ملامحها بجمال حزين وأنفاسها تهدأ وقلبها يدق بألم لتسأل روزان

" الآن ساسألكِ مجددا .. لماذا وافقتِ على الزواج منه وتقبل هذا الوضع ؟.. اخبريني السبب الأكبر وليس مبررات السند والأمان "

نظرت إليها وللحظة جاء بعقلها سبب فتحيد عنه للأسباب الأخرى

" وعدني انه سيكون لي وحدي ... وأنا .. خفت من الانتظار .. خفت أن تحدث مصائب و... "

تضغط روزان بحزم لتثبت ذلك الفاصل

" قدر .. أريد سبباً واحداً .. الأكثر سيطرة عليكِ .. ما جعلكِ تتحملين العذاب لأجل أن تكوني معه .. لا تذكري لي سنداً ومصائب مجددا "

بلحظة أخرى شعرت بسلاسل اللهب تجذبها بعنف فتعترف بخفوت وإحساس بالذنب

" أحـبـه .. أحبه أكثر من نفسي .. وقررت الانتظار وأنا معه حتى أكون الوحيدة "

وصلت روزان لما تريده فتنهض مبتسمة تتجه إليها وهى تقول

" انتهينا اليوم .. واجبكِ حتى الجلسة القادمة أن تفكري في اخر حديثنا لا أوله .. أنتِ فهمتِ مشاعركِ ووصفتِها .. تستطيعين السيطرة عليها .. تستطيعين إخماد الغضب والحقد والغل وتقليل الغيرة .. ومحو النفور تماما "

جلست أمامها تمسك بيدها تشد عليها دعماً لمساعدتها على تلك الحياة تتابع

" أقوى الناس هى مَن تسيطر على مشاعرها قدر .. ولو في اسوأ الظروف .. وتذكري .. أنتِ ما زلتِ نقية .. كلنا نخطئ ونظلم بلا قصد ونتوب .. والدكِ راضٍ عنكِ .. وزوجكِ رغم كل شيء يحبكِ ويسعى لارضائكِ .. وأنا هنا لاسمعكِ واساعدكِ .. وكل هذا إنجاز لكِ كامرأة يحبها أهلها وزوجها "

تتداخل بها الكلمات لترى الأمر من منظور آخر يجعلها لا ترغب بالألم بعد فترة طويلة من عذاب الروح
ترى مشاعرها بوضوح ، ترى ألمها وحبها ، وترى ما يحدث داخلها من تناقضات
ربتت روزان على يدها وهى تقول بابتسامة

" أراكِ الجلسة القادمة "

ربما ستريها بها التعدد نفسه بصورة مختلفة ، اليوم فقط جلسة مشاعر .. بين مشاعر كل امرأة مجروحة وقفت .. وضغطت إعادة توجيه.










انسحبت صدفة من اجتماع الموظفين في شركة التأمين ما إن علا صوت مديرها اسماعيل كعادته ، لم تعد تحتمل الصوت العالي .. نسبة الكافيين تقل من جسدها تدريجا لكن رأسها يضج بصخب لأقل كلمة .. معظم الوقت تشعر بانفعال وغضب لكنها تسيطر عليه كما اخبرتها روزان

علاجها يأتي بنتيجته يوما بعد يوم ، أحيانا تنفعل وتنفر .. وأحيانا تشتاق ولا تتكلم ، وهو أيضا لم يعد يقترب .. في مقامه العالي يحفظ كبرياءه ، وما يحدث إلا فجوة ابتعاد تكبر كل يوم

هاتفها يرن فترى اسمه على الشاشة ثم تفتح الخط دون رد حتى أتاها صوته باردا

" صدفة ردي عليّ "

ببرود مماثل تنطق

" اسمعك "

تسمع نفسا خشنا ضائقا قبل أن يقول

" أنا ساتأخر اليوم بالشركة .. هناك شاحنات ستصل ليلا ولابد أن استلمها بنفسي .. قد أظل لمنتصف الليل .. لا اعرف تماما "

قبل أن ترد يعلو صوت اسماعيل من داخل غرفة الاجتماعات

( ما الذي تفعلونه ؟.. لعب أطفال .. الأطفال يؤدون واجباتهم أفضل منكم )

تنفخ صدفة بنزق بينما يسأل عماد

" مَن هذا الذي يصرخ ؟ "

أجابته وهى تسمع اسمها يتردد بالاجتماع

" لا يهم .. سأذهب عند أبي طالما ستتأخر "

سمعت صوت عماد ليتداخل معه صوت اسماعيل وهو يسأل عنها ثم دخل غرفة الموظفين صائحا

" يا سيدة صدفة .. انتبهي لي واتركي هواتف الغرام .. خسرنا نصف عملائكِ لأن الأستاذة تزوجت وتوقفت عن الذهاب للعملاء بنفسها "

التفتت صدفة تنظر لمنظره الهجومي فنست الخط مفتوحا وانفعل صوتها بلا أدنى احتمال

" أستاذ اسماعيل من فضلك أنا لا اقبل هذه الطريقة في الكلام .. الشركة هنا بها عمال لتحصيل المال من العملاء وليس من واجبي فعل هذا .. ليس ذنبي أنهم لا يكفون والشركة تبخل أن توظف آخرين وتدفع رواتب .. وإن كنت ذهبت بنفسي من قبل كي لا انتظر الروتين فاليوم لست مجبرة على هذا .. مَن يدفع يدفع ومَن لا يدفع فالباب يمرر جملا "

يرد اسماعيل ساخرا بغضب لا يصدق نبرتها القوية اليوم

" وما الذي يجبركِ أن تظلي هنا طالما تحدثينني هكذا ؟!.. تفضلي الباب يمرر جملا "

همت صدفة بالرد ووجهها مضرجا بعصبية مريعة فأبعدتها غفران لتقف أمامها وتتكلم هى

" اهدأ أستاذ اسماعيل .. صدفة لا تقصد .. الجميع يعرفها "

نظر حوله إلي الموظفين الذين تجمعوا بعدما أخذ كل منهم نصيبه من غضبه فابتعد متذمرا

" كل واحدة تتزوج تأتي وعلى قدميها نقش الحناء لا تريد التحرك .. تريد الخدم والحشم حولها "

كزت صدفة على أسنانها تقبض يدها بقوة وتتذكر صوت روزان لعلها تسيطر على غضبها من الآخرين أيضا وتسمع موظفا آخر

" اهدأوا من فضلكم .. هيا لنكمل اجتماعنا ونرى حلا بدلا من هذا الشجار "

أجلستها غفران تربت على كتفها وتهمس بهدوء

" هيا صدفة .. حصل خير .. ساعة غضب وانتهت "

مرت نصف ساعة أخرى .. نصف ساعة بالضبط تحملت فيها نظرات اسماعيل وغضب كلماته لتدني مستوى العمل هذا الشهر بنهاية العام
ثم فُتِحَ باب غرفة الاجتماعات لتتفاجأ صدفة وهى ترى عماد يشملها كلها بنظرة قبل أن يتجه إلي اسماعيل الذي جلس معه مرة واحدة حين جاء مع ليلة لأمر التأمين فقبض على ياقته يوقفه قائلا بغضب لا تره إلا فيما يخصها فقط

" هل تعرف هذه التي صرخت بها ؟.. تستطيع شراءك وشراء كل هذه الشركة يا ... يا ... .. كلمة واحدة منها ويأتيك أمر مباشر بأنك مطرود في الشارع مع أمثالك يا ... "

نهضت صدفة مصدومة بينما يحاول الموظفون التدخل وعماد يدفع اسماعيل على كرسيه المتحرك فيجري به مصطدما بالجدار فيوقعه أرضا متأوها

رمقه عماد باحتقار قبل أن يأخذ صدفة من يدها ليغادرا
في رحلة صامتة لا تعرف ماذا تقول ووجهه لا ينذر خيرا ، يبدو أن اسماعيل لم ينتبه إليه من كثرة مَن يراهم

سرعة السيارة تزداد وملامحه تجن وهى ما زالت صامتة حتى دخل المجمع السكني وتوقف أمام البرج فنزلت تتجه للمصعد وتشعر خطواته تحرق الأرض وأنفاسه كالدخان مكبوتا حتى دخلت الشقة فانفجر كل غضبه

" غدا تذهبين إلي الفرع الرئيسي وتسحبين أوراقكِ .. قدماكِ لا تخطو بتلك الشركة مجددا "

ألقت صدفة حقيبتها وقد وصلت أقصاها اليوم تسب نفسها لنسيان الخط مفتوحا ثم تهتف

" أنا استطعت الدفاع عن نفسي جيدا وبأدب .. لم اطلب ما فعلته .. وأذكرك انه كان شرطي أن أظل بعملي "

صرخ عماد بصوت لم تسمعه منه يوما

" ملعون كل شروطكِ .. ليس عندي نساء تعمل عند أغراب "

انتفضت صدفة مكانها متسعة العينين ويركب العناد رأسها صائحة

" وأنا لن أترك العمل .. سانتقل إلي فرع آخر لكن لن أتركه .. لن يسري كلامك عليّ "

شياطين الغضب برأسه تعميه ليجتاح صوته جدران البيت

" قدماكِ لو خطت بتلك الشركة مرة أخرى ساكسرها لكِ .. أتفهمين ؟ "

غادر يصفق باب الشقة خلفه محدثا شرخ طولي بمنتصف مرآته فسقطت صدفة مكانها ترى نفسها عبر المرآة .. منكسرة إلي نصفين.











تحت شمس ظُهر يوم يخطون فيه على الرمال الذهبية يشاهدون قمة الإنجاز البشري في العالم أجمع .. هنا على أرض المحروسة يتجلى سحر الإرادة مع لغز الأسرار .. أسرار لا حصر لها ما زالت تحير العالم

في رحلة الجامعة التي تقوم بها فجر مع الطلاب عملياً ككل عام جاءت إلي الجيزة ووقفت أمام عظمة التاريخ تبدأ حديثها

" أهرامات مصر .. اللغز الذي يحير العالم "

أمامهم الأهرامات الثلاثة خوفو وخفرع ومنكاورع وتمثال أبو الهول الذي يجلس كحارس أسرار هضبة الجيزة وهى تبدأ الشرح

" إلي اليوم لم نجد تفسيراً نهائياً عن بناء الأهرامات .. كل التجارب مجرد نظريات غير شاملة .. لدرجة انه في الكتب الأجنبية التي تدرس الموضوع يضعون كلمة ( ربما ) قبل أي نظرية لأن لا شيء مؤكد "

يخطو زايد معهم على الرمال يتوه وسط الطلاب وقد أصر على الحضور معها بأول رحلة عملية لهذا العام الدراسي كما حضر بالعام الماضي رحلة الأقصر

كل ما أراده النظر إليها وسماع صوتها وهى تشرح

" قبل أن نبدأ عن الهرم نفسه يجب أن نعلم دليلاً هاماً قاطعاً .. بمنطقة قريبة من الأهرامات تسمى حائط الغراب تم اكتشاف مقابر العمال الذين بنوا الأهرامات .. ووجدوا ألقابهم بالهيروغليفية .. ووجدوا المنطقة التي سكنوا بها اثناء البناء .. ومكان الطعام والمخبز وذبح اللحوم وتجفيف الأسماك .. ومن خلال برديات بخط العمال أنفسهم اكتشفنا أن بناء الأهرامات كان المشروع القومي لكل المصريين .. وبذلك تم تأكيد أن العمال كان لهم حرية التحرك والتغذية وبناء مقابرهم وكتابة يومياتهم .. وهذا الاكتشاف يبطل ادعائين .. الاول أن الأهرامات بنيت بالسخرة والعبيد .. والثاني جميعنا نعلمه !.. إدعاء أن المصريين ليسوا بناة الأهرامات وان .... !!!! "

صمتت مبتسمة بنبرة ذات مغزى فضحك الطلاب ساخرين لتشير للهرم الأكبر قائلة

" كيف بناها المصريون القدماء رغم عدم وجود أي وسائل مساعدة للبناء بهذا الارتفاع وبدائية الأدوات وقتها ؟!.. أولا بدأت المقابر بشكل حفرة تحت الأرض ثم غرفة حجرية فوقها مصطبة .. ثم أصبحت عدة مصاطب مثل هرم زوسر المدرج .. ثم اتخذت شكل الهرم الكامل بحجم وارتفاع مضاعف وأحجار عملاقة .. والغريب انه بين هرم زوسر والأهرامات الثلاثة سبعين عاما تقريبا .. ولم يحدث فيهم تقدم في تقنيات البناء لتخرج هذا البناء المذهل "

تقترب فجر معهم من الهرم ليشاهدوا أحجاره عن قرب وترفع رأسها تراه وتُذهَل ككل مرة تشرحه فتقول

" لو تحدثنا عن الهرم الأكبر سنجد مراجع كاملة عنه وحده بسبب كم البراعة الهندسية لبنائه .. عدد أحجاره اثنان ونصف مليون حجرا تقريبا .. ويصل وزن الحجر الواحد إلي ثلاثة أطنان وبعضها يزن من عشر إلي ستة عشر طناً !.. أضلاعه الأربعة متساوية ونسبة الخطأ فيها اثنان من مائة في المائة !!.. متجهة نحو الاتجاهات الأربعة شمالا وجنوبا وشرقا وغربا .. ومحوره الشمالي الجنوبي يتوازى مع محور الكرة الأرضية بدقة لم يصل إليها محددي خط جرينتش في القرن التاسع عشر والذي انحرف بنسبة خطأ ثلاثة أضعاف الهرم الأكبر !!!.. كيف حددوا محور الكرة الأرضية أو بالأساس عرفوا أن الأرض كروية لها محاور ؟!! "

تبدأ الاسئلة تخطف الأذهان بينما تشير فجر لأرض هضبة الجيزة تحت الهرم وتكمل

" داخله حجرة دفن جدرانها بالكامل من جرانيت أسوان وسقفها من خمس كتل حجرية تزن الواحدة سبعين طناً !.. في بداية البناء كان يجب أن تكون الأرض مستوية .. فتمت مساواتها عن طريق تركيب طبقة من الأحجار الجيرية ثم وضع رصيف حجري مستوٍ .. ثم بدأ البناء على مدار عشرين عاما تقريبا .. السؤال الذي حير جميع العلماء هو كيف تم رفع الأحجار بتلك الأوزان المهولة ؟!.. النظرية الشائعة هى وجود منحدر مائل أو لولبي من الأرض للهرم ويسحب عليه العمال الأحجار باستخدام الأحبال "

انتبه إليها الجميع مفكرين بما فيهم زايد فتبتسم وتقول بتركيز

" ما يجعل هذه النظرية مجرد افتراض هو أن بناء منحدر بطول مائة وستة وأربعين متراً تقريبا بارتفاع الهرم لنقل الأحجار هى عملية معقدة في حد ذاتها .. يجب أن يتم بنائه من صخر يحتمل تلك الأوزان .. بزاوية ميل محددة وممكن سير العمال عليها .. ويكون سطحه مستو وأملس وبه مادة لتسهيل عملية السحب .. وللتجربة قام العالمان الفرنسيان بيير تاليه وفرانك بورجوس بسحب حجر يزن ثلاثة أطنان على منحدر نازل .. وبعد مجهود ثلاثة وثلاثين عاملا في السحب بالأحبال لم يتحرك الحجر إلا مسافة قصيرة .. فكيف تم سحب أحجار تصل إلي سبعين طناً على منحدر صاعد وليس نازل أي ستكون الجاذبية الأرضية عائقا إضافياً ؟!!.. كما أن النظرية تقول أن المصريين استخدموا الطين كمادة تحت الحجر لتسهيل السحب .. في حين أنه عندما وضعوا الطين في التجربة توقف الحجر عن الحركة ! "

تحب فجر ذلك الجزء حين يعبس الجميع تفكيرا في المعضلة فترمي لهم أخرى

" الصعوبة الأخرى تتمثل في ممر غرفة الدفن تحت الأرض .. الممر منحوت في صخر هضبة الجيزة نفسها .. ضيقا يستوعب شخصاً واحداً لحفره .. لا يصله ضوء الشمس ولم يكن هناك إلا النار كمصدر ضوئي ومؤكد ستسبب الاختناق في ذلك الضيق .. بالإضافة للاختناق الطبيعي تحت الأرض !.. فكيف يستطيع شخص واحد في وضع الانحناء أن يحفر ممراً بالصخر بأدوات بدائية وبدقة استواء مذهلة فلا تذكر نسبة انحراف ؟!!.. ثم ينحت غرفة الدفن السفلية كلها !!! "

بدأت الهمهمات الجانبية للاقتراحات البشرية المعتادة فتنظر فجر إلي الهرم الأكبر كأنه يتحدث إليها ولمَن مثلها .. عشاق التاريخ .. عشاق الآثار
وعشاق عظمة مصر ولا يعرفون عنها بعد
تود لو تسأله .. متى ستبوح بأسرارك يا هرم ؟!

لسرٍ آخر تذهب وتخبرهم

" الصعوبة التالية هى فتحات بداخل الهرم تسمى الفتحات النجمية وهى تشير لأربع مجموعات من النجوم بالسماء بدقة بالغة .. ولكي تحدث هذه الدقة يجب فتح نفس الفتحة بنفس المقاس في آلاف الأحجار ووضعها بمكانها الصحيح بالداخل وعلى زاوية ارتفاع محددة في عملية شديدة الصعوبة ومبهمة لنا حتى الآن !!.. وتمت بالفعل لتشير الفتحات لأربع مجموعات نجمية !.. كيف ضُبطت دقة التوجيه للنجوم بذلك الشكل ؟! "

بدأت عقولهم تعطل عن التفسير فأشارت فجر نحو قمة الهرم لأحجار تكسوه بلون مختلف قليلا وتقول

" الصعوبة التالية هى الكساء الحجري .. بعد بناء الهرم كان يُغطى بأحجار بيضاء ليبدو مستويا لامعا تحت الشمس .. ذلك الكساء دمر معظمه بعوامل التعرية والكوارث الطبيعية والسرقات .. لكن الغريب أن أحجار الكساء كانت مستوية من كل الجوانب حتى تضم على بعضها دون نتوء .. ليصبح الفراغ بين كل حجر وحجر أقل من واحد ملليمترا !!.. فكيف تم قطع أحجار تصل إلي عشرة أطنان بشكل مستقيم مستوٍ لهذه الدرجة دون ماكينات ؟!! "

تقترب من منطقة بأسفل الهرم تشير إلي أحجارها المصقولة المتراصة جوار بعضها بدقة دون فراغات فيتحرك الشباب والفتيات ليلمسوا الحجر الضخم يتأكدوا من المعلومة بذهول
ينظر زايد إليها بتساؤل كأنها تعلم وتبخل بالإجابة فتضحك بلا صوت ثم تقول

" أحجار الهرم قطعت من محاجر مختلفة .. دائما ما توقف العلماء عند السؤال .. كيف تم نقل أحجار بأوزان مهولة من المحاجر إلي موقع البناء ؟!!.. هل استخدموا السفن التي كانت لا تزال أولية إلي حد كبير ؟!.. ولو استخدموها كان لابد من اقتراب النيل من موقع الهرم لتنزيلها .. ولم نجد تفسيرا إلا بفك شفرات بردية لرئيس العمال تقول انهم حولوا مياه النيل إلي الهرم عبر قنوات حفروها خصيصا وقت البناء ثم ردمت .. لكن ما زال السؤال .. هل تحملت السفن تلك الأوزان ؟!! "

جلس زايد على أحد الأحجار يتأمل وجهها المحاط بحجاب بلون الشمس وهى تتكلم بسعادة عجيبة ، حبها للأمر يمنحها طاقة تشع من جسدها كأنها تتآلف مع المكان .. يبدو أن الهرم يعلم انها فرعونية تنتمي إليه !
تتابع فجر المحاضرة بتواصل بصري مع كل طالب

" في القرن العشرين حاولت بعثة من اليابان بناء هرم صغير بالنظريات الموجودة من قطع يدوي للأحجار وسحبها .. وجدوا أن القطع اليدوي لحجر يزن طناً واحداً مرهق وغير دقيق ولا مستوٍ .. ومكلف للوقت والمال .. فتم تقليل ارتفاع الهرم إلي نصفه توفيرا للوقت !.. واستخدام أدوات كهربائية لقطع الأحجار !!.. وعند سحب الأحجار على المنحدر لم تتحرك .. فأقاموا قضبانا حديدية وعربات حديدية عليها لنقل الأحجار .. ولرفع الأحجار استخدموا أوناش كهربائية ثم طائرة هليكوبتر لضبطها في مكانها بالهرم !!!.. هذا كله في هرم من عشر أمتار عبارة عن أحجار فوق بعضها دون ممرات أو غرف أو فتحات أو تحديد دقيق لأي اتجاهات !!!.. ونحن نتكلم عن اليابان ! "

تصل للجزء المنهجي الذي قد يبدو حلا رغم غموضه

" بعد فشل كل التجارب ظهر بناء لقلعة صخرية في ولاية فلوريدا .. بناها مهندس يدعى إدوارد ليدسكالنين بمفرده وبدون استخدام أوناش كهربائية أو معدات ضخمة رغم أن الأحجار بها تصل إلي ثلاثين طناً .. وسر البناء يحير العالم إلي اليوم .. وقد ورد في كتاب له نص يقول ( إن فهمنا الجديد لظاهرة المغناطيسية سيتيح لنا مستقبلاً إلغاء الجاذبية وجعل الحجارة الضخمة تطفو في الهواء ) !!.. وعندما سئل قبل موته عن القلعة أجاب أنه فهم قوانين الوزن وقوة الرفع وقال ( لقد اكتشفت أسرار الأهرامات واكتشفت كيف أن المصريين بأدواتهم البدائية قاموا برفع ووضع الحجارة التي تزن العديد من الأطنان ) !! "

لغز يحل لغزا ولا نهاية للأسرار .. باقتناع تقولها فجر وبرضا تام عن المعلومات التي بين أيدينا وإن كانت لا تفسر شيئا

" هذا اللغز الذي يحير العالم يضع أمامنا نظرية جديدة وهى أن المصريين القدماء توصلوا لعلوم أكثر تقدماً تمكنوا بها من التعامل مع وزن الأحجار العملاقة .. وعلمياً لدينا الآن أجهزة تولد مجالا كهرومغناطيسيا يحمل الأوزان .. إذاً فقد يكونوا عرفوا أكثر مما نتخيل وليس في البناء فقط .. بل في الهندسة والفلك .. فإن إتقان ودقة الأهرامات بكل تفاصيلها يحير العالم وليس البناء فقط "

عن أعجوبة كان الكلام وختمته وهى تثير أذهانهم بالمزيد

" هل أدهشكم أكثر ؟!.. هل تعلمون أن النسبة بين وزن أحجار الهرم وكتلتها هي نفس النسبة بين كتلة الأرض ووزنها ؟!.. وانه يقع بالكرة الأرضية عند خط طول ثلاثين وخط عرض ثلاثين أيضا بانحراف دقيقة وربع والتي اكتشفوا انها نفس نسبة انحراف الضوء عند دخوله للغلاف الجوي ؟!.. وأن اتجاه باب الهرم الأرضي في نفس اتجاه النجم القطبي ؟!.. وأن بداخل الهرم الأكبر نظام تهوية يجعل درجة الحرارة في غرفة الدفن اثنين وعشرين درجة في كل أوقات العام ؟!.. وأن الأهرامات الثلاثة في مواقعها يقع خوفو وخفرع على استقامة واحدة بينما يحيد منكاورع الأصغر قليلا والتي اكتشفوا انها نفس مواقع نجوم تدعى نجوم حزام أوريون بالسماء ؟!.. وأن الأهرامات الثلاثة مع أربعة أهرامات أخرى سنتحدث عنها فيما بعد تكافئ سبعة نجوم بالسماء بنفس المواقع ؟!.. وأن الهرم الأحمر بمنطقة دهشور يكافئ نجما يسمى الدبران بالسماء والذي يصفه العلماء انه نجم أحمر لنجد أن الهرم الأحمر هو الوحيد الذي بني بأحجار جيرية مائلة للون الاحمر ؟!! "

رفع الطلاب رؤوسهم حرفياً نحو القمة الهرمية الذهبية وساد صمت عارم الدهشة فتلامس فجر الحجر قائلة

" هل هذه كلها مصادفات ؟!.. وهل هذا الهرم مجرد مقبرة ؟!.. وإن كان مقبرة فلماذا لم يعثروا داخله على المومياء ؟!.. غرفة الدفن بها تابوت وزنه عدة أطنان وليس له غطاء !.. ولماذا تُرِك الهرم بدون نقوش هيروغليفية على جدرانه كالعادة ؟!.. هل يصدق القول أن غرضه كان توليد الطاقة للعالم ؟!.. لقد افترض علماء وجود طاقة داخله بالفعل !.. لا يمكننا القطع بصحة نظرية أو أخرى .. كلها افتراضات يضعها علماء .. ولا يمكن أن نستمع إلي جهل مَن يقول أن المصريين استعانوا بالفضائيين والجن والعمالقة !!!.. العلم وحده سيرشدنا يوماً بعد يوم .. لقد حيروا العالم .. وفعل بعدهم إدوارد ليدسكالنين .. إذاً الأمر في العلم .. وأنا شخصياٌ اصدق أن القدماء توصلوا لعلوم تفوق علومنا الحالية وهكذا رأى معظم العلماء "

تختم فجر المحاضرة وهى تعدل نظارتها الطبية بالقول

" وعلى مدار هذا الفصل من المنهج سندرس بقية النظريات التي تم افتراضها ويمكنكم البحث والقراءة عنها .. لقد درسنا اليوم نظرية السحب فقط ونقاط محددة عن عجائب الهرم الأكبر .. الآن انتهت المحاضرة وبإمكانكم فعل ما تريدون حتى موعد العودة .. تفضلوا "

تفرق الطلاب يتناقشون ويلتقطون الصور بعيدا عن الأستاذة وهى ما زالت بمكانها يدها على أحد الأحجار كأنها تتوحد معه وتأخذ منه طاقة تخصها وحدها





اقترب زايد يتنفس بعمق معدلا قبعته السوداء الامريكية ليقول بدهشة

" أنا كزايد مذهول ! "

تساءلت فجر ضاحكة

" حقاً ؟! "

يشعر انه صغير للغاية أمام تلك الصروح العجائبية يرفع نظره للعلو الشاهق يرد

" إنه هرم يا فجر .. نراه ونقول بناءً رائعا مذهلا أو حتى عظيما .. لكن مَن لا يعلم كل ذلك لا يقصد ما يقوله .. الأمر كـ .. كشيء لا وصف له .. لا اعرف له كلمة مناسبة !! "

لن يفهم أحد إحساسها إلا عاشق لهذا العلم ، أيام الثورة بكت أبيها .. وبكت بلدها حين سمعت أن اللصوص اقتربوا من الآثار ، ولم تهدأ إلا باطمئنانها لإنقاذها
لا يفهمون معنى هذا الإرث ظنا انه مجرد أحجار ، لكن ماذا إن كانت أسرار المستقبل بين ثنايا أسرار الماضي ؟!

‏تسير ببطء وهى تمسح بيدها على القالب الحجري وتقول

" ربما لذلك إحساسي بهذا البلد يختلف عنك زايد .. هل تعرف ذلك الغموض الذي تشعره حين تحيا جوار ألغاز ؟!.. تلك الإثارة .. ربما ساعدني تخصصي في علم المصريات أن اشعر بتلك الإثارة دائما بعكس معظم الشعب في الأعمال اليومية العادية "

يراقب تلك اليد يريدها أن تلمسه بنفس الحب .. ذلك التعبير على وجهها وهى تتنسم التاريخ
عيناها تعكس هذا السحر الفرعوني حولها نهرين من كافور

يسير في مدار حول حركتها يستمد من إشعاعاتها حياة قائلا

" أنتِ أنثى فريدة واستثنائية فجر .. تملكين تلك الإثارة وتطل من عينيكِ الفرعونية .. تملكين القوة كحاكمة لها كلمتها .. وتملكين تلك الكلمة وأنتِ تلقين الأشعار على المسرح فتهتز القلوب بصوتكِ يا مصرية "

وشراع في مركب بأحد النهرين يتماوج حين تتعانق النظرات
وأوراق بردي في انتظار نقوش ما زالت ضبابية
أيا فرعونية .. متى همس اخناتون تحت جلد نڤرتيتي بالهوى ؟!

التفتت فجر عن نظرة عينيه الراجفة تراقب الطلاب ينتشرون بعيدين ثم تغير الموضوع

" ألم يحاول هؤلاء الأشخاص الوصول إليك مجددا ؟ "

أجاب زايد وهو يسير جوارها

" انسي هذا الموضوع فجر "

أخذت نفسا طويلا تضغط على جبهتها وبقدر حبها بقدر غيظها وهى تقول

" اللهم أطالكِ يا روح !!.. قلت لك مائة مرة توقف عن هذه اللا مبالاة .. كيف أنساه وأنت ما زلت في خطر ؟ "

خطواته على مهل تشعل صبرها وهو يضحك ويرد

" لم أعد في خطر .. تواصلت مع أحد منهم واتفقت معه على حل ليتركوني "

أقلقها كلامه أكثر فتسأل عابسة

" وما هو الحل ؟ "

بنظرة تحفظها منه جيدا لا تبالي بشيء ولا يهتم بالدنيا مرحبا بموت وفوضى قائلا

" Stop asking, fagr "

امتعضت ملامحها باقصائه لها وتلك اللا مبالاة فتقول بصوت حاد خافت

" لن أتوقف عن السؤال .. اخبرني أو ساذهب "

نزع زايد قبعته يمر بكفه على شعره ناظرا إليها نفس النظرة ثم قال ببساطة

" Money talks "

حدسها ينبهها لشيء ما تغفل عنه قائلة

" ماذا تعني ؟!.. هل ستعطيهم مالاً مقابل المخدرات التي تخلصت منها ؟! "

اومأ زايد وهو ينظر لعينيها القلقة فتعاود السؤال

" وهل تملك ثمنها ؟! "

استدار بخفة يفرد ذراعيه يجيبها ثم يستدير مجددا ليسير يركل الرمال مثيرا فوضاه

" نعم فجر .. قلت لكِ توقفي عن السؤال ولا تقلقي "

تهز رأسها كأم لا ترى من ابنها إلا عبثه ، تبتعد عن عاصفته الرملية الصغيرة ولا تقارن بعواصفه العشقية داخلها .. هذا الضخم الجذاب زوبعة حياتها الهادئة
حتى خطواته حية شقية تحفظها وتعشقها ترد بقلة حيلة

" أنت أيضاً من ضمن الغموض الذي أعيش فيه ! "

ابتسم وهو يسبقها بخطوات ليقولها صريحة بنبرة عابثة

" جيد .. ربما يأتي يوم تحبينني فيه كما تحبين البلد ! "

ألم يأتِ وانتهى الأمر ؟!
توقفت فجر تنظر لظهره حتى استدار بتلك الابتسامة التي أربكتها فتقول برصانة

" كنت تخبرني منذ أيام انك تفكر في مشروع ما .. ما هو ؟ "

اقترب متوقفا أمامها بنظراته العابثة يرد

" ما زال مجرد فكرة .. حين أقرر ستكونين أول مَن يعلم "

هل اشتدت حرارة الشمس ؟!.. أم مال الهرم قليلا ؟!
ارتجف جسدها باستجابة عفوية لتقول بخفوت

" لأن ليس لديك أحد غيري أليس كذلك ؟ "

نظر زايد للأهرامات مقررا انها اللحظة المناسبة لها هى ثم قالها أخيرا

" نعم .. ولاني أحبكِ يا فرعونية "

سكنت الدنيا وهى تتبعثر بين حروف كلمة طال انتظارها وهو يهمسها

" I love you, fagr "

لن تنساها يوماً .. وسيبقى المكان شاهدا وثيرا
والسماء شاهدة معه ضياء قلب في تأشيرة للميلاد الجديد ، لن تغادر اللهفة بعدما بدأ الطريق
وبدأ معها رحلة جديدة لعمره قائلا

" كنت انتظر لحظة تاريخية لاخبركِ ولم أجد خيراً من الأهرامات لتشهد عليّ ! "

ولديه فن انتقاء الأوقات وليس الهدايا فقط !
هكذا حبكِ يا فرعونية .. لانه صار يعلم جيدا تلك القيمة
ويعلم انه ليحصل عليكِ عليه السفر عبر الأزمان والأكوان ليلمس قنينة عطر من ربيع العظماء

ابتسمت فجر بدقات القلب الطاغية وهى تراه يخرج من جيبه علبة مخملية صغيرة يفتحها فيبرق أمام عينيها خاتم كزهرة اللوتس .. سيدة أزهار الفراعنة .. ثم ينخفض على إحدى ركبتيه قائلا

" أحبكِ فجر .. وأريد أن اكمل حياتي كلها معكِ "

بعد سفر من هنا إلي هناك وهناك وهناك
ما تعادلها أنثى تلك المصرية .. تلك الجلنار
شرقا وغربا واتجاهين أيضا وستبقى هى اخر زهر الرمان
وافقت الفرعونية .. مَن تتنفس الشمس بعينيها وتعلو مسلات المعابد منقوشة الجدران
قبلت حلقة الحب حول اصبعها أسيرة .. وأسر العشق أسر الأحرار













الثاني عشر من ربيع الأول .. المولد النبوي الشريف

تقف روينة بعباءتها ووشاحها الأسود بعد المغيب أمام بيتها البسيط في الحي الشعبي الذي سكنته ، تنظر بعينين دامعتين إلي مائدة الطعام التي مُدَت بطول الشارع لإطعام الصائمين في هذا اليوم المبارك

الأنوار معلقة على واجهات المتاجر وتسمع صوت الابتهالات والأغاني الدينية تحلق بأحياء مصر ، يتجلى فيها صوت النقشبندي داعياً



مَولاي إني ببابك قد بَسطتُ يَدي
مَن لي ألوذُ به إلاكَ يا سَندي ؟
أقُومُ بالليل والأسّحارُ سَاجيةٌ
ادعُو وهَمسُ دعائي بالدموعِ نَدي
بنُورِ وجهك إني عائذٌ وجِلُ
ومَن يعذ بك لن يَشقى إلي الأبدِ



اخوتها الصغار يساعدون في نقل الطعام وجلب البسطاء للمائدة وتنطلق الدعوات من القلوب قبل الحناجر للرجال والنساء على مائدة الطعام

" رزقكِ الله يا ابنتي "
" طعمتِ من طعام الجنة بإذن الله "
" جعل الله أيامكِ كلها أعياد يا روينة "

تسيل دموعها ونظراتها على وجوههم المشققة بالتعب والكفاح للقمة العيش وابتسامة لا تغادر شفتيها وهى لا تتوقف عن حمد الله
وصل عماد بسيارته عند مدخل الحي وترجل منها سائرا يرى عرس البركة والنور الذي أقامته روينة وحدها

زينت الليل بهجة وتصاعدت روائح الخير حوله وهو ينظر للوجوه الداعية لها ، رائحة البركة تعم المكان ككل الأماكن التي ما زالت تحتفظ بخيرها فيها

تمتلئ روحه بالسكينة وهو يصل إليها مناديا

" روينة "

تلتفت إليه يشع وجهها بالخير والسعادة لمرآه فيقترب أكثر قائلا

" آسف اني تأخرت عليكِ .. كنت انهي أمراً ما "

آثار الدموع على وجهها كدمعة من كل قلب محتاج تمسحها وترد بصوتها المستكين

" لم تتأخر يا عماد .. المهم عملك "

وضع كفه على ظهرها ضاغطا يدعمها اليوم متسائلا

" سعيدة ؟ "

نظرت للناس وهم يأكلون ويتوافد المزيد على المائدة فلا تتوقف الدموع وهى تقول

" الحمد لله .. رأيت هذا المنظر بعينيّ "

تأمل عماد وجهها الرغد يشعر انه قصر في حقها كثيرا رغم كل شيء ، هذه المرأة البسيطة كأحلامها ، لم تحلم إلا بيوم تقيمه لله تطعم فيه الصائمين .. فأي جمال تملكه روحها ؟

الفخر بها يملأ قلبه وعقله لا يتشاغل اليوم إلا بها يسأل

" لماذا لم تخبريني انكِ تريدين هذا ؟ "

بجسدها رجفة تحقيق الحلم وتحلو الدنيا برضا الله تبتسم للناس وهى تجيبه

" لا .. أردته بمالي وبما أوفره .. المال خرج من ذمتك لاحتياجاتي الخاصة فصار ملكي .. وأنا وفرته لهذه الليلة .. منذ انتقلنا من بلدتنا إلي هنا وأنا اتمنى أن افعل هذا .. سنوات احلم بشيء ولو بسيط للناس "

يده على ظهرها يشعرها ويريد ضمها لصدره وعيناه تؤسر لتلك التعابير المذهلة على وجهها .. تخطف كل القلوب والناس تدعو لها

" أكرمكِ الله يا ابنتي "
" جعله الله في ميزان حسناتكِ "
" أطعمكِ الله بالخلف الصالح "

تضحك وتبكي وتشعر كل فرد منهم وتتمنى لو بيدها تقديم المزيد فتحمد الله ويعلو صوتها وهى تقترب منهم بالقول

" الحمد لله .. اللهم صل وسلم وبارك عليك يا رسول الله .. صلوا على النبي "

تعلو الأصوات نفسا واحدا وقلوبا بالإيمان عامرة

" عليك أفضل الصلاة والسلام يا رسول الله "

أخفت روينة وجهها الباكي بوشاحها وهى تستدير تواجه جدران منزلها القديم تسأل الله الثواب ولسانها يردد والقلب وجِلاً

" الحمد لله الحمد لله "

يحيط عماد كتفيها يشدد على جسدها المرتجف وهى تبكي تخرج كل ما بروحها لترتاح بنور الله ثم يهمس

" هل نذهب ؟ "

هزت رأسها نفيا تقول بصوت بالكاد سمعه

" لا .. لن أذهب حتى يأكل الجميع ويشبع اخر فرد على المائدة "

قبل رأسها ثم ابتعد خطوات يحضر لها كرسياً أجلسها عليه تشرف على كل شيء بنفسها وتهدأ بذلك الحنان الذي يطل بعينيها
ووقف جوارها يرى بساطة الناس ومرح الأطفال وخير النفوس عامراً وصوت النقشبندي يعلو



مهما لقيتُ من الدنيا وعارِضها
فأنتَ لي شغلٌ عمّا يَرى جسدي
تَحلو مرارةُ عيشٍ في رضاك
وما أطيقُ سخطاً على عيشٍ من الرغدِ
مَن لي سواكَ ومَن سواكَ يرى قلبي ويسمعه ؟
كل الخلائقِ ظلٌ في يدِ الصمدِ
ادعوكَ يا ربِ فاغفر ذلّتي كَرماً
واجعل شفيعَ دعائي حُسن مُعتَقدي
وانظُر لحالي في خوفٍ وفي طمعٍ
هل يرحمُ العبدَ بعد الله من أحدِ ؟
مَولاي إني ببابك قد بَسطتُ يَدي
مَن لي ألوذُ به إلاكَ يا سَندي ؟







انقضت الليلة خيراً وأجمل مما توقعت ، تريح روينة رأسها على ظهر مقعد السيارة وروحها تحلق بالسماء بمشاعرها الليلة
هذه الدنيا لا تستحق صراعا ولا شرا ولا كنزا للأموال ، هذه الدنيا ما هى إلا لعبٌ ولهو
وريشة تلف على كل الخلائق ولن يأخذ ابن آدم إلا المكتوب له فيها .. ما تساوي شيئا إلا كلمة طيبة وعمل صالح وابتسامة قلب سليم

يا إلهي .. كم تتمنى أن يبدأ اليوم من جديد وتعيشه مرة أخرى ولا تعيش غيره ؟
ما عاشت مثل تلك الفرحة من قبل إلا حين أسعدت الناس فأسعد الله قلبها

نظر عماد إليها وهو يقود بهدوء يشعر بقلبه يطفو معها بما رآه اليوم ثم يسأل

" اخبريني عن أحلامكِ روينة .. بماذا حلمتِ أيضاً غير إطعام الصائمين ؟ "

بابتسامة مرتاحة هائمة تراقب الطريق وترد

" كل أحلامي تحققت حين تزوجتك عماد .. لم يعد هناك شيء أريده "

تقبضت يده على المقود ولسانه يُلجَم بذاك الشعور المؤلم بتقصيره نحوها ثم يقول بعد لحظات

" ومع ذلك مؤكد لكِ أمنية لم تتحقق بعد "

أمنية بين مشاعر كل امرأة راضية .. لكنها أيضا مجروحة !
أجابته بشرود

" أمنية قديمة ويستحيل أن تتحقق "

تشتعل بكيانه شرارة تحفزه نحوها بكل شكل قائلا

" اخبريني وساحققها لكِ "

تصنع مشاعرها الراضية حاجزا بينها وبين الألم فلا يطرق قلبها الليلة مهما فكرت وهى تقول

" لن ينفع "

التفت عماد إليها .. وفهم وحده
عيناها على الطريق وتلك الأمنية مرسومة بملامحها لكنها لا تحزنها .. راضية قانعة بالمقسوم
أن يكون لها وحدها .. أمنية مستحيلة فعليا .. وليته فعل
توقف على جانب الطريق فنظرت إليه وهو يخرج من جيبه علبة فتحها أمام عينيها مبتسما

ابتسمت روينة وهى ترى سواراً ذهبيا من أزهار متراكبة مشغولة بثقل كما تحب الذهب
أول فكرة جاءت برأسها انها أخرجت مالها لله فعوضها الله بنفس الليلة
تنظر إلي عماد وتسأل

" ما المناسبة ؟ "

لأن صدفة جاءها ذهباً من عائلته وروينة مثلها بالعدل ، ولأنه أراد تعويضها عما أنفقت الليلة
يحيط معصمها بالسوار ثم يقبل يدها مكتفيا بالقول

" بدون مناسبة .. يكفي وجودكِ "

رفعت يدها تحدق بلمعانه وهو ينظر إليها تلك الخمرية الشرقية .. بسحر الذهب حين يبرق على خمر بشرتها .. لوحة من جوف الشرق ونبع الأصيل

لثوان نظرت إلي عينيه السوداء بجمالهما الرجولي الجاذب ثم غابت ابتسامتها وهى تسأل

" هل أنت غاضب لاني قلت ذلك اليوم .. تخونني ؟ "

ترى عينيه تتساءل وهو يتذكر فتوضح له

" أنا أدرك انك تزوجتني على وصال وليلة لكن ظننت اني .. الأخيرة .. لذلك إحساسي بزوجتك الجديدة هو وحده يشبه ... الخيانة .. لكن مع ليلة ووصال لا "

ظل عماد صامتاً يتأمل وجهها وإحساسها بالذنب !.. فتشعره بذنب أكبر وأعظم بحقها
تخاف كلمة قالتها منذ فترة أن تجرحه ! ، وهو جرحها بما لا تتحمله امرأة .. إلا هى
هى التي تتحمله مهما فعل ، تتقبله باخطائه وعيوبه قبل حسناته

مد يده يغطي جانب وجهها قائلا بتحشرج

" لست غاضباً .. حقكِ روينة .. قولي ما تريدين وما تشعرين دون تفكير ... أنا الذي لم اعد اعرف ... هل ما فعلته الصواب أم الخطأ ؟! "

كل ما يعيشه مع صدفة يجرح قلبه كأنها تأخذ بحق روينة !.. وما تجرحه صدفة تطيبه روينة دواء روح لا ينفد لأجله
بيديها تتشبث بمعصمه بكل قوتها وروحها تسانده ببساطة أفكارها وتصالح مشاعرها

" ما حصل قد حصل .. طالما تعدل بيننا أمام الله فلا يهمك البشر "

يده الأخرى تأخذ يدها ينحني برأسه عليها يقبل باطنها ويتنفس فيها قائلا

" ستظلين حريتي دائما روينة "

طالت الثواني وهى تمرر يدها على شعره تتركه كما يحلو له من وقت .. وقتها كله ملكـه
لا تعرف التفاصيل لكن بإحساسها تعلم انه يتحرر معها من كل شيء
ولا تبخل بشيء .. أصابعها العشرة المضاءة ستظل مضاءة .. فليخطو كما يريد أينما يريد وقتما يريد
وهى هنا .. لن تماثلها أنثى وتعلم .. مهما كانت خطاه ستظل بصمتها ثابتة

رفع رأسه أخيرا يقابل حنان ابتسامتها ثم يدير السيارة منطلقا
لدقائق مرت ظل صامتا يفكر ثم سأل

" هل تتذكرين العطر الذي كنتِ تصنعينه لي ؟ "

التفتت إليه ترد باستغراب

" بالطبع .. احفظ مكوناته بالجرام "

هز رأسه ورائحة العطر بأنفاسه حرفيا يقول

" كان مذهلا من يديكِ "

اتسعت ابتسامتها تشمل ملامحها بسعادة ثم قالت

" مذهلا لأنه لا يليق برجلٍ سواك "

سأل عماد مبتسماً بلذة الرضا التي تمنحها له بكل كلمة

" هل أحببتِ عملكِ في العطور عند خالكِ إذاً ؟ "

توقفت السيارة بمرآب البناية ونزلت منها وهى تجيب

" أحببت العمل نفسه .. تركيب العطور واختراع رائحة جديدة تماما لمجموعة عطور مُركَبة معاً .. الأمر اشبه بلعبة مسلية مع الطبيعة "

نزل عماد مغلقاً السيارة مستمعا إليها وفجأة توقف عند بابه يقول بدهشة

" هذا أجمل تشبيه سمعته في حياتي عن العطور روينة .. لماذا لم تخبريني من قبل بحبكِ لهذا العمل ؟! "

تتجه إليه وهو يطلب المصعد ويحيط خصرها قائلة

" أنا أحببت العطور نفسها .. لكن كما تعلم المحل معظم زبائنه من الرجال وكنت اتعرض لمضايقات .. غير خالي نفسه ومضايقته لي .. سامحه الله "

دخلا المصعد فصمت عماد في أفكاره فتسأله

" ما الذي ذكرك به اليوم ؟ "

يجيب بنبرة عادية مداعبا أنفها باصبعه بعبث

" كنت اشتري عطراً جديداً ولم يفهم البائع ذوقي .. يبدو انكِ وحدكِ مَن فهمتِه ! "

تتأرجح على شفتيها تلك الضحكة الخلابة وهى تقول بمكرها

" بالطبع !.. كيف أوقعتك إذاً إن لم افهم ذوقك ومزاجك ؟! "

سحر اللوحة الشرقية يكتمل بتلك الشفاه الطائعة للغرام .. ينال وينال وما زال يتوق

جمال الهوى ليس بمجرد قبلة أنثى .. جماله حين يحب الرجل ذات القبلة .. حين يعشق ذات الشفتين .. حين يحاورهما بلغتهما مهما طال

حين يرسم من القبلة على الليل أقمارا .. تتلاقى أنصاف الاهلة فيها لتنثر من الالتحام رذاذ النجوم في عيني حبيبته
جمال الهوى يبدأ من نظرة عينين .. وينتهي بنجوم العينين

في عينيه قرأت ما ينتوي وهو يهمس

" ربما ! "

وصل المصعد ليفتح بابه وتستسلم ليده التي تشدها بلا صبر
بجمال خاص اليوم ومشاعر من بحر آخر
على الحرير نعومةً ولمعان أرق من الذهب
يقولون أن الحرير عازل جيد للحرارة والكهرباء !!.. مؤكد لم يُقاس على مقاييس الغرام !!!.














منزل ' زاهد رافع '

على لافتة البوابة الخارجية لمع اسم ' زاهد رافع ' بإرادة الجميع ، أصروا أن يرفعوا اسم الحبيب الغائب والأب الراحل
تم الانتهاء أخيرا من كل شيء في منزلهم الجديد ، فخما من ألق ، وحديقة جمالها من جمال أصحابها

الزهراء .. امرأة مدن الجمال
بريق الألماس في جوف الليالي الساهرة
الدموع العذبة في ثورة الميادين المشتعلة

ونافورة تصب المياه على تدرجات رخامية من نحت الأزهار

تقف دموع أمام باب الطابق الثالث ترشد العمال وهم يدخلون بالأثاث

" ضع هذا هنا .. انتبه كي لا تجرح الخشب .. وهذا بالمطبخ هناك "

الطابق الأول والثاني لأهل البيت ، والطابق الثالث منفصل بمدخل خاص لأكرم ودموع
يطالع أكرم النافورة شاردا مع حركتها وهو يقف بشرفة بيته ولا يستوعب كل ما صار فجأة
بعد السجن وعمل الورش والمقهى جاء فرج الله واسعاً كرماً لا حد له .. سبحان مَن يؤجل الأمور لميعاد معلوم لحكمته وحده جل جلاله

سمع صوت دموع وهى تناديه فدخل للبهو لتسأله

" هل قررت مكان الصالون .. بهذه الجهة أم بالزاوية هنا ؟ "

نظر أكرم للمكانين بحيرة ثم ابتسم بتوجس قائلا

" دموع .. قرري أنتِ حبيبتي "

انتظرت حتى خرج العامل ليجلب البقية ثم هتفت بحنق

" أكرم !.. أنا اخترت أماكن كل شيء واحترت في هذا فقط فتركته لك "

نظر حوله يفكر مرة أخرى كي لا يضايقها ثم قال ما خطر على باله مشيرا لأحدهما

" حسنا .. ما رأيكِ لو وضعناه هنا وكل فترة نبدل مكانه كتغيير ؟! "

ظلت دموع صامتة وهى تنظر له بتجهم فيمرر يده بشعرها الطويل متسائلا

" ما بكِ ؟ "

أبعدت رأسها واتجهت نحو غرفة النوم وقبل أن تدخل استدارت هاتفة بحدة

" ما بك أنت ؟!.. اقتراب موعد الزفاف يوترك رغم أنك مَن طلبت تحديده "

أحيانا ينسى انها تفهمه بطريقة لم يصل إليها أحد ، أربعة عشر عاماً منهم ثمانية في غياهب المسافات
دخل خلفها ينظر إليها وهى تعدل مكان منضدة الزينة ثم رد بنبرة دفاعية

" ليس صحيحا دموع .. أنتِ زوجتي في كل الأحوال وحفل عقد القران الذي حضره الجميع كان كافيا لو لم نرد زفافا .. لكن وقتها لم يكن عملي مناسبا فانتظرنا "

نظرت إليه في المرآة نظرة فهمها وفهمته فخفت صوته الحاد بشبه اعتذار وشبه اعتراف

" دموع .. تأكدي أن أي شيء افعله أو اشعر به له مبرر .. فالتمسي لي عذراً "

أخفضت رأسها لينسدل شعرها مخفياً ملامحها وهو يقترب يحتضن ظهرها لصدره بألم فتقول

" أنا التمس لك الأعذار منذ سنوات يا أكرم "

بين خصلات شعرها عبير اللاڤندر دواء يسحب طاقة أفكاره وصور العذاب
اقتراب الموعد بالفعل يوتره ، لا يعرف كيف ستتقبل دموع ما ستراه ؟!
سحب يدها يخرج معها قائلا

" تعالي "

متجها نحو غرفة تطل على الحديقة ثم قال

" كنا نقول اننا سنعد هذه الغرفة للضيوف لإطلالتها على الحديقة .. لكن أنا فكرت أن تكون غرفة للموسيقى .. ساحضر لكِ كل أنواع الكمان .. ونضع فيها أدوات موسيقية مختلفة .. ربما ندعو الفرقة لنتدرب هنا أحيانا بدلا من المعهد .. ويتعلم فيها أولادنا يوماً ما "

عن أحلامٍ تجاهد للعودة ، تحاول التشبث لتخرج من قبر الظلم الذي ماتت فيه
الأحلام هى الشيء الوحيد الذي مهما مات بإمكانه الحياة مجددا بإرادة صاحبه
وهو اختار أن يبقى .. وهى اختارت معه البقاء
وكلنا اخترنا الحياة .. لن يرهبنا سوط ولا نار ولا تيار يزحف بسمومه للدمار
نحن الباقون باسم الأمة .. باسم الشعب .. وباسم البلد

من عينيه إلي عينيها تسري الأحلام نورا يربطهما بالمستقبل أكثر
صوت الزهراء يعلو يشرح القلوب

" بسم الله تبارك الله "

تتلفت في المكان مذهولة بجماله كما فعلت بالأسفل وتغيم عيناها بالحنين إلي زاهد فيحيط أكرم كتفيها متسائلا

" هل أعجبكِ البيت أمي ؟ "

الغيوم تحل دموعاً لا تملكها على خديها وهى تجيب

" أجمل من كل ما جاء بخيالي أكرم "

ضمها لصدره مقبلا يدها وهى تغمض عينيها على دموع الفرح ودموع الحزن ، بعد غربة السنوات وشقاء الأيام عاد أكرم .. وعاد الحق
تمسح دموع على ظهرها تخفف عنها بالقول

" أجمل لانكِ فيه يا ماما زهراء "

صدر صوت ألماسة بتفكه وهى تدخل الغرفة

" توقفي عن سحب أمنا بصفكِ دموع ! "

ردت بتفاخر وهى تميل برأسها على كتف الزهراء الضاحكة

" انها أمي منذ أربعة عشر عاماً أيضاً ! "

وضعت ألماسة يدها على قلبها وتستاء ملامحها وهى تسخر بالجملة الشهيرة

" آه .. قلبي الصغير لا يحتمل ! "

أمسك أكرم يد دموع يقبلها يغيظ أخته قائلا

" توقفي أنتِ عن إزعاجها ماسة ! "

تخصرت شامخة بذقنها لتقول بصوتها المترفع الآمر

" وأكرم أيضاً بصفكِ !.. لم يعد لدي أحد .. اخر المطاف !!.. عامةً انتهى العمال من نقل الأثاث .. علينا ترتيبه فقط .. هيا حبيبتي لتساعديني "

تذكرت دموع الأثاث فسحبتها إلي البهو بخطوات سريعة تسأل عن معضلتها الكبرى

" ماسة .. جيد انكِ هنا .. هل نضع الصالون هنا أم هنا ؟! "

نظرت ألماسة هى الأخرى للمكانين المناسبين ثم التفتت لأكرم تسأله بعينيها ، فلوح بذراعه ليأخذ الزهراء ويخرجا للشرفة لتقول

" ما رأيكِ أنتِ ؟!.. هل نضعه هنا أم هنا ؟! "

نفخت دموع وهى تجلس على كرسي الصالون وهو أمام الباب .. ربما سيكون هذا مكانه حتى يغادر مَن يأتيها سريعا !!.









يرتب يحيى أدواته الدراسية في حقيبته وهو يثرثر عن يومه الدراسي كالعادة

" وسألتنا أيضاً ماذا نريد أن نصبح حين نكبر ؟ "

سألته وصال وهى تساعده

" وماذا قلت لها يا يحيى ؟ "

جمع أقلامه الملونة يغلق عليها بحرص وبكل براءة يجيب

" قلت لها أريد أن أكون صحابياً "

انتبه عماد وهو يقف أمام النافذة بالبهو ليستدير ينظر إليهما على الأريكة ووصال تسأل بلا تصديق

" حقا ؟!.. هل قلت هذا ؟ "

هبطت يداه بيأس لا أحد يفهمه قائلا

" نعم قلت هذا .. أنتِ تحكين لي قصة صحابي كل يوم قبل النوم .. لماذا تندهشين مثلها أمي ؟! "

أحاطت وجهه الأبيض الصغير تقول بابتسامة

" لأن إجابتك من شدة جمالها تذهل أي شخص "

ابتسم يحيى بالتشجيع الذي يساوي عنده كنزا وعماد يقترب منه متسائلا

" ولماذا تريد أن تكون صحابياً ؟ "

رد بحماس وثقة تفوق سنه وهو ينقل بصره بينهما

" لأن الصحابة أبطال أقوياء بأنفسهم وليس بقوة خارقة كما تصنع الأفلام الخيالية لنا .. وبنفس الوقت يحبون الله ويحبون دينهم ويفعلون الصواب .. لو كنا فعلنا مثلهم لكنا جميعنا أبطالا اليوم .. لكن حياتنا اليوم مختلفة كثيرا عنهم "

ملخص حياة أكثر صدقا من فم طفل !
جلس عماد جواره يتلاعب بشعره الأسود الناعم ويسأله

" وبماذا ردت عليك المعلمة ؟ "

هز كتفه وهو يقلد طريقتها الغير مبالية باستياء

" قالت لي قل شيئا منطقيا .. طبيبا أو مهندسا أو محاميا "

عبس عماد متسائلا

" هل قالت لك هذا ؟! "

يومئ يحيى حزينا بعدم التقدير الذي شعره كطفل فيحيطه عماد لصدره قائلا بجدية وانحياز تام لولده

" سانقله من تلك المدرسة "

اتسعت عينا وصال مشيرة ليحيى خفية ثم تقول بتعقل

" لا يمكننا أن ندخله مدرسة أجنبية ثم نلوم المعلمة على طريقتها ! "

صمت عماد يضم يحيى بحنان ثم قال

" صحيح .. كل شيء يحتاج طفرة لينصلح .. بما فيه أنا ! "

سحبت منه يحيى تقبله قائلة

" هيا يحيى لتنام .. تأخر الوقت "

عانقه يقبله على وجنته وهو يعرف حسب المواعيد انه لن يراه غدا فيقول

" تصبح على خير أبي "

فعل عماد المثل قائلا

" سالحق بك لأنام جوارك "

ظلت عينا عماد عليه حتى دخل غرفته وشعور بالضيق لا يسيطر عليه يقيد ما يفعل ويبطئه ، لا يستطيع تخيل حياته بعد كل تلك السنوات دون يحيى ووصال و .. روينة
نهض متجهاً لأدراج جانبية يأخذ منها ملفا قائلا

" خذي وصال "

اقتربت منه تتناول الملف تقرأ أوراقه ثم تنظر له بلا فهم صامتة فقال

" هذه وديعة باسم يحيى وأنتِ الوصية عليه .. لا تُصرَف إلا وعمره اثنين وعشرين عاما بعد إنهاء جامعته مباشرة "

شحب وجهها بخوف ووجع لم تتوقع مقداره تسأل

" ما الذي فعلته عماد ؟!.. ما كل هذا المبلغ ؟! "

آلمته تعابير وجهها حد الرجوع عن كل قراراته القادمة ، كأن العمر يُهدَم ويخلف حطاماً ونهاية الحطام غايته الوحيدة
أحيانا يكون السير على حطام حياتك هو سبيلك الأخير للنجاة
يمسك كتفيها يبتسم بألم قائلا

" هذا عدل الله يا وصال .. هذا المال حقكما ولن يكون لغيركما ولن امسه أبدا "

منعت الدموع التي توخز عينيها تقوي قلبها للمحتوم وتهمس

" لمَ فعلت ذلك ؟ "

تأمل عينيها الزمردية طويلا .. هذه المرأة كبرت تحت جناحه وأشرقت حين مد لها الشمس بعد ظلم وظلام .. هذه المرأة ستظل في رعايته حتى مماته ولو لم تكن على ذمته
تجاهد ابتسامته للبقاء وهو يقول بصعوبة

" لا أحد يعلم بالمستقبل وصال "

تطرق برأسها كوداع يسحب الحياة منها ترد

" لقد ظلمتك كثيرا يا عماد "

اقترب حتى قبل جبهتها قائلا بصدق

" بالعكس .. لا تعرفين كم خدمتِني بقراركِ "

تشعر بكفه تمسح على شعرها فتطيب الجراح ويهدأ الألم ثم أبعدها بالقول

" المهم .. كنتِ تكتبين مسلسلا أو فيلما منذ فترة .. هل أنهيتِه ؟ "

أجابته باستغراب وهى تتمالك مشاعرها

" نعم .. كانت دراما اجتماعية عائلية "

ربت على كتفها يدعمها ويطمئنها وقال

" ارسلي لي نسخة منه "

هزت رأسها دون قدرة على السؤال فيضيف

" افعلي ما اقوله لكِ دون اسئلة .. تصبحين على خير "

رن هاتفه أنهى أي كلام فأجاب بلهجته وهو يتجه لغرفة يحيى

" كيف الحال يا أبي ؟ "

تراه وصال وتعلم أن النهاية اقتربت ، خائفة نعم .. تشتاق الحياة معه منذ شعرت تلك النهاية بعد عودة صدفة ، احترامها له لا يعادله شيء في الحياة

ولن تنكر حبها لكن ألف سبب يمنع ، هى السبب الأناني الذي أوصله لتلك الحال ، لو كانت زوجة لكانت الوحيدة .. لما ظهرت روينة ولا صدفة .. لذلك الرحيل أمر حتمي ، لن تظلمه بعد اليوم.
دخل عماد غرفة يحيى وهو يحدث والده الذي صمت فجأة

" هل تسمعني يا أبي ؟ "

رد الشيخ رشاد بدهشة

" سمعتك يا ولدي لكنني أتعجب ما تقوله بعد كل تلك السنوات "

جلس عماد جوار يحيى قائلا بعزم

" لا تتعجب يا شيخ .. بعد عرس إباء وغرام مباشرة سنقيم خيمة الزِيِن السنوية للسياح .. أنا جهزت كل ما نريد وفؤاد سيجهز رجال الرافعين ليكونوا في ظهرنا عند الحاجة .. تبقى فقط أن تبلغ رجالنا وساحضر لك بعد أيام لننسق مع الجيش والشرطة لتأمين السياح خلال الاسبوع "

صمت يستوعب بفرحة قلبه جذور الأرض وهى تعود راسخة فيحمد الله بسره ثم يقول

" على بركة الله يا ولدي .. بإذن الله محروسة هذه المرة "

تشع عينا عماد بتصميم كعناد الصحارى بكلماته

" وسيحضر الجميع .. وعلينا وعلى اعدائنا .. فلنرَ كيف سيرهبوننا هذه المرة ؟!.. أو ماذا سيأخذون منا ؟! "

بذكرى الدم توقف .. ولذكرى الدم يعود
على أرضٍ شهد كل جزء منها دم الابرياء .. أرض لن ينتهي أهلها .. ولن يموت التراب.










يستمع فؤاد إلي شهاب على الهاتف بمكتبه مسترخياً على كرسيه ثم قال ساخراً

" عاد رمزي !.. أراهنك انه سيسافر مجددا ! "

تحدث شهاب باستياء

" يفعل ما يريده .. لقد قلت له أن يطمئن على ابنه وقال سيفعل حينما يجد وقتاً ! "

عينا فؤاد على صورة ابنه كريم الذي ما أسعفه وقت أن يقضي معه المزيد .. يتمنى أمنية مستحيلة أن يعود الزمن لرؤيته فقط
فُتِح باب المكتب ودخلت ألماسة فخطفت عينيه من ظلال الحزن ليرد

" اتركه شهاب .. سيندم فيما بعد "

مستمعاً إلي صوت شهاب يراقب تقدمها كأول ما رآها لكنه اليوم يعرفها .. من حذائها عالي الساقين على بنطالها الأسود ومعطف أحمر يليق لونه بها كأنها ملكة هذا اللون
ما إن أنهى كلامه مع أخيه سألت بتلك النبرة الجافة

" ماذا تريد ؟! "

يعرف ذلك الكبرياء والعلو فيها .. وما وراء هذا الصوت البارد من خوف يتلقاه صابرا
ينظر إلي وجهها وخصلات شعرها المرفوعة وتلك الغرة الطويلة التي حفظ ملمسها قائلا

" رؤيتكِ "

جوهرها نار تحترق به وسطحها ناعم بارد مصقول المشاعر ترد بإباء

" حين تريد رؤيتي مرة أخرى تعال إلي مكتبي .. لا ترسل لي أمراً مع السكرتيرة كأنني موظفة عندك "

يبتسم تلك الابتسامة التي تخصها فتلين خشونة ملامحه بجاذبية مهلكة يسأل

" لماذا جئتِ إذاً إن لم تعجبكِ الطريقة ؟! "

جاءت لتراه هكذا .. جالساً مهيباً طاغياً حضوره على دنياها .. ناداها عطره الذي سكنها واندمج بخلاياها
وتلك النار تأكل فيها بنظرة عينيه الداكنة ورغم كل شيء بثباتها ترد

" ظننتك تريدني بشيء هام .. لكنها كالعادة ألعابك ! "

لو فقط يطلق العنان لألعابه هذه المرة ، لا تعرف كم يبذل مجهودا ليتوقف عن اللعب الدنئ الذي ما عرف غيره طوال العمر
لو تعرف كيف تغير العمر لأجلها ما أضاعت لحظة أخرى
وتلك النظرة الحادة التي يطالعها بها تحتلها وتلمس فيها ما تلمس بكل تملك يسأل

" متى ستعترفين للعالم انكِ ملك فؤاد رافع ؟ "

انغلقت ملامحها بذكرى مزاحها مع ماهر يوماً عن الامتلاك فقالت بجدية

" تضايقني تلك الكلمة ... أنا لن يمتلكني أحد حتى إن أحببته "

تتسع ابتسامة فؤاد باعتراف ضمني منها لم تنتبه له ثم قال بتلك النظرة

" أنا سافعل "

استدارت ألماسة متجهة للباب فسمعت صوت كرسيه وهو ينهض ، فتحت الباب قليلا فهبطت كفه عليه تغلقه كما فعلها قبلا قائلا بثقة وهو يرفع قبضة يده اليمنى أمام عينيها

" قلت لكِ من قبل أن الغرور بدماء كل الرافعين لكن هذا ليس غروراً .. هذه الحقيقة .. لأنكِ ستكونين كهذا الخاتم باصبعي "

ثارت عيناها الترابية متسعة بقوة وتمرد ورفض مجهول ليتصلب صوتها

" ابتعد "

كفه على الباب وجسده الضخم يجاورها يحدق في ملامحها المشعة بالترفع وقلبه يدق الضلوع فتدق الكلمات قلبها

" لا يقدر قيمة الألماس إلا مَن يمتلكه ألماس "

لانت قبضته وأصابعه تمتد نحو وجهها فتصمت أنفاسها عن الحياة تنتظر حياة أخرى بين يده
وتوقفت تلك اليد قبل أن تمسها منقبضة مجددا باحتراق الانتظار وهو يتابع

" مَن يشاهده من الخارج يرى بريقه وثمنه الغالي ثم يذهب .. لكن مَن يملك ثمنه الغالي فقط هو القادر على امتلاكه وتقدير قيمته .. لانه دفع "

عيناها ترنو للخاتم الفضي الأزرق وينخفض صوتها مع تهافت الروح

" تتكلم بلغة السوق !.. ماذا ستدفع لتمتلكني إذاً ؟! "

رد فؤاد بصدق

" عمري "



ويا له من ثمنٍ عند الكرام يا كرام
ما من عملةٍ في سوق ألماس القلوب يُقبَل بها سواه .. العمر بين لحظة لقاء ولحظة افتراق
العين للبصر لا تختار ما تبصر بل تبصر ما حولها
الأذن للسمع لا تختار ما تسمع بل تسمع ما حولها
القلب للفؤاد ووحده يأخذ عملات العمر الصادق قبل أن يهب النفس
فهل عرفتم معنى الفؤاد حقاً ؟.. هو ليس القلب بل هو روح القلب .. مهجة النفس
فحين أصبح - فؤاد - أم موسى فارغا ربط الله على - قلبها -
ربط الله على القلب الذي يأوي الفؤاد
فسبحان مَن يجمع القلوب بقدرته جل جلاله


لم ينتظر فؤاد أي كلمة منها وهو يقول بنظراته المندفعة

" لقد دفعته بالفعل .. عمري كله تغير منذ دخلتِ حياتي .. الماضي كله كنت أبحث عنكم .. والمستقبل كله صار ملككِ .. كل شيء يدور حولكِ أنتِ ألماسة "

تدور معه وهو يقدم لها العمر هدية عمر وما زال يتلقى خوفها

" لقد أحببتني بسرعة فؤاد .. والجميع يعرف أن ما يأتي سريعا يذهب سريعا "

يجيبها بيقينه من نفسه

" لقد مررنا بكل شيء لكنكِ لم تنتبهي لانكِ لا ترين إلا السلاح بيدي .. لقد أحببتكِ قبل أن اعرف الحب نفسه "

بين مرحلة بشعور يتسلل إليه لأول مرة لم يكن يفهمه .. مرحلة تجعله يميل مكانه رغم وقوفه على أرض صلبة .. مرحلة تدعى .. الفكر
ومرحلة أخرى لشعوره بها بدمه .. جزءا منه
ثم كيانه كله بمرحلة لم يجرب موتها قبلاً .. - أنك في هذا الكون .. وهى كل شيء آخر فيه -
والتصديق الأخير .. كيان الجبل يدخل صخب العشق .. مرحلة تدعى .. اعتراف
وشهدت ترانيم العذاب من لغة الفؤاد .. فأي دليل أبلغ مما كان ؟!

حين تشعر هى انها تميل لا تعترف ، بل تتوه بالكلام وتحاور عقله وقلبه وهى تنظر لخاتمه

" غريب انك لا تنزع هذا الخاتم رغم انه لا يحكمك شيء "

صمت بتلك النظرة الداكنة المريبة ثم قال

" هذا الخاتم لا يحكمني .. أنا مَن احكم به "

هل يعلم كم صارت تفاصيله محفوظة لها .. كم تعرف تعابير وجهه وتقرأ نظراته بانسيابية ؟!
هل يعلم انها تعشق هذا التملك بعينيه .. قوة الجبل في شموخ صخره مهما أخاف البشر ؟!
هل يعلم ؟!.. هل تعترف ؟!

تفكر في اسئلة القلب فتناشد العقل سؤالا بعيدا

" ما قيمته ؟ "

أشار فؤاد بكفه تجاه الأريكة الجلدية قائلا بخشونة

" هل يمكنكِ الجلوس معي قليلا بدلا من هذا الكلام على الباب ؟!.. تعبت من محاصرتكِ ! "

جلب ضحكة خافتة لشفتيها استدارت لتخفيها متجهة للأريكة وجلست واضعة ساقا فوق الأخرى بكل أنوثة تطيح بعقله
مسح على لحيته نافخاً يسير نحوها ويجيب

" الخاتم من حجر الزفير الأزرق .. نفس حجر القلادة .. حجر مميز بين الأحجار الكريمة ويـ .. "

قطعت كلامه متسائلة

" لا .. لا اقصد قيمته كحجر كريم .. اقصد قيمته عند الرافعين "

جلس فؤاد جوارها ينظر للخاتم ويرد

" مجرد رمز لعائلة ما زالت تحتفظ بموروثاتها منذ زمن .. خاتم الزفير الأزرق لأولاد رافع ويرثه أحفاده ليكون كل منهم كبير أسرته بعد أبيه .. أما خاتم جدي رافع نفسه فهو من اللازورد الأسود .. ويكون بيد كبير عائلة رافع كلها .. الذي يقضي في الجلسات العرفية "

تراقب ألماسة نظرته للخاتم منعكسا في عينيه بالسلطة .. الحجر الأزرق الداكن المنقوش برسم الرافعين .. اسم رافع محاطاً بالسيف كالعروق البيضاء البارزة
يزيده فخامة وملكية من عراقة الأصل فتتأمل ملامحه بابتسامة رقيقة ثم تقول

" والخاتم الأسود بيد مَن الآن ؟! "

أجاب فؤاد بترتيبهم

" الشيخ صالح .. وبعده عبد الجليل ثم خليل ثم قاسم "

سألت ألماسة مندهشة

" كفى !.. ألن يأتي الدور على الأحفاد أبدا ؟! "

يروق له الحديث معها رغم إغلاقه لسيرة الوادي مع أي شخص غيرها مجيبا

" بموت اخر ولد من ابناء جدي رافع .. أي بموت الأعمام .. يأتي الدور على أكبر الأحفاد ثم مَن يليه وهكذا .. حتى يموت جيل ليرث مَن بعده "

فضولها يزداد نحو ذلك العالم الغريب مجددا كما كانت بصغرها وهى ترى أرض الوادي كأرض السحر
صحراء لا تعرف العين اخرها .. وجبال بعروق الذهب على أرض مصر بالوادي .. واحات بها من الخير ما هو بكر إلي اليوم لم تمسه يد

تشتاق للعودة قائلة

" نظام عجيب !.. لكنه يضمن الترتيب وعدم النزاع .. وأن مَن يحكم العائلة كلها يكون كبير السن به خبرة مَن سبقوه جميعهم "

اومأ فؤاد ليقول وهو يمد يده نحو غرة شعرها

" لم تعرفي شيئا بعد .. هناك الكثير من العادات والأعراف ما زالت مُتبعة ولا نسمع عنها هنا لانها بصميم العائلة أو القبيلة لا تخرج خارجها "

تضرب يده بظاهر يدها تبعدها قائلة

" أكرم أيضاً لا ينزع خاتمه لكن ليس لنفس الأسباب .. بل لانه يذكره بأبي رحمه الله "

أطرقت برأسها وهى تتذكر أباها .. ما زالت تتصور ملامحه في أكرم .. وفؤاد
زاهد كان ضخم الجسد خشن الملامح له لحية بيضاء ناعمة تداعبها بطفولتها .. الفرق انه كان حنونا رقيقا .. سخي بعاطفته يحب ويظهر .. هل هو فرق حقاً ؟!

تقول أمها أنها ورثت صفاته كلها .. قوية كأبيها .. وها هى تحب القاتل .. كأبيها !

لأول مرة تدرك هذا فتشرد ملامحها بصدمة لا ينتبه إليها فؤاد وهو يقول

" يجب أن يظل بيده قبل سفركم للوادي حتى لا يشعر أنه أقل من باقي الأحفاد وانه كبير عائلته "

نظرت ألماسة إلي وجهه لترى ما أدركته .. فؤاد هو نسخة أبيها بالحاضر
نُبِذَ مثله .. لُقِبَ بالأسوأ مثله .. وظُلِمَ مثله

هل دار بها عقلها ليصنع لها في النهاية ما ظلت تبحث عنه عمرها كله ؟!
هذه الصورة الغائبة وهى طفلة لتدركها الآن !

ينظر لها بتساؤل فتخفي ما تشعر بالقول

" هل تظن أن هذا سيكون شعورنا هناك ؟.. أننا أقل منهم "

اعتدل فؤاد يواجهها ثم يرد بصوته الجاد

" قلت لكِ انني تحدثت مع الشيخ صالح وهو سيجمع العائلة ليخبرهم .. ستعودون مرفوعي الرأس إلي بيت زاهد "

ظلت صامتة ملامحها غريبة حائرة تقبض القلب عشقا فيطمئنها أكثر

" ألماس .. لن اسمح لشيء أن يؤذيكِ ولو بكلمة .. قلت لكِ أنتِ وبعدكِ الطوفان .. فلا تقلقي "

وبوجهه هذا تكتمل الصورة ليتلاشى الفرق وتتطابق النسخة .. الوجه الذي قال عن نزار قباني يوماً

هل يمكنها أن تسأله جملة واحدة بصوته العميق كالبحار ؟!

هل يمكنها أن تكون من ( أحبكِ أحبكِ والبقية تأتي ) ؟!

وهل يمكنها أن تكون حين قال نزار ..

( عيناكِ عصفورتان دمشقيتان
تطيران بين الجدارِ وبين الجدار
وقلبي يسافر مثل الحمامةِ فوق مياه يديكِ
ويأخذُ قيلولةً تحت ظلِ السوار
وإني أحبكِ
لكن أخافُ التورط فيكِ
أخافُ التوحد فيكِ
أخافُ التقمص فيكِ )

وهى تخاف يوماً أن ينسدل الستار .. بكل مشاعرها تقولها بلا وعي

" لا اقلق من شيء وأنت معي "

كيف تقلق وهذه المرة لم ينفذ ما قاله نزار ؟!

هذه المرة أراد فيها التورط والتوحد والتعلق وكل شيء قد يعلن فيها الاحتلال

وهو كان .. بالاعتراف في منتصف القصيدة الآخر

( دعيني أؤسس دولةَ عشقٍ
تكونين أنتِ المليكة فيها
وأصبح فيها أنا أعظم العاشقين
دعيني أقود انقلاباً
يوطد سلطةَ عينيكِ بين الشعوب
دعيني أغير بالحبِ وجه الحضارة
أنتِ الحضارة
أنتِ التراث الذي يتشكل في باطنِ الأرض
منذ ألوف السنين )

كم صدقت يا نزار ؟!

أجل هى الحضارة .. هى التراث منذ ألوف السنين !!

عقد فؤاد حاجبيه وافترقت شفتاه ليقول شيئا فبادرته بالسؤال قبل أن يطالبها باعتراف حر

" قلت أن الدور على الأحفاد بعد الأعمام .. مَن أكبر الأحفاد إذاً ؟ "

ظل ناظرا إليها بصمت تقرأها بعينيه ثم تهمس

" أنت ؟! "

يحرك فؤاد الخاتم باصبعه ولا يبدو عليه أقل اهتمام إلا بما قالت وهو يرد

" رمزي .. لكن رمزي رفض لذلك أصبح لي "

جعلتها الصورة أقرب وأقرب ، شعور يعلو شعورا يملأ كيانها له بانتشاء مذهل كأن كل مَن نبذه يوما سيمتثل لقانون العائلة الذي سينصفه
كم تريد إنصافه بأي شيء .. محو لقب الثعبان الذي تمقته لأجله

تنزل ساقها مرتجفة الأنفاس مقتربة قليلا لترددها

" أنت ستكون كبير الرافعين يوماً "

( خرافية الحسن ) يدها على الأريكة جواره تغطيها كفه السمراء وهو ينظر لعينيها يرى نفسه الحرة قائلا

" وستكونين معي "

ستكون على نفس الأبجدية تغزل الحروف .. يحفظ فتحفظ .. يقول فتقول

كما قالها القباني بالختام .. والبقية تأتي

( لماذا أحبكِ ؟!.. لا تسأليني
فليس لدي الخيار .. وليس لديكِ الخيار )

التفت يدها تحت كفه وظلت متطابقة معها .. لا يمسكها .. فقط يشعرها .. خطوط تتطابق كنسخة واحدة .. وأصابع تصبح واحدة
وكيان يتعلق بالآخر فيتوحد فيه.









تنظف صدفة الشقة الواسعة لتشغل نفسها بأي شيء بعد مكالمة أبيها ورجائها أن يأتي لشقتها مع جدتها ورفضه ، ورغم رفضه دخول بيت لعماد يؤكد لها انه راضٍ عنها

تفكر في كلمات روزان ولا تغيب مشاعرها ويختفي النفور بالفعل لكنه هو الذي نفر !
بعدما أمرها أن تترك عملها وغادر لم يعد كما السابق .. أو بالأصح .. منذ قالت له تنفر منه

يأتي فينام بالغرفة الأخرى وهو يشاهد التلفاز وأحيانا ينام جوارها يوليها ظهره ولم تتجرأ أن تأخذ خطوة تجاهه
ولم تنفذ ما قالته لعملها ، ذهبت وسحبت أوراقها وهى تنظر للجميع بتعالٍ مقصود
تعبت من العملاء والزبائن والمكالمات والشرح والإقناع ، تعبت من كل شيء

لقد شعرت يوم أخذ حقها من اسماعيل أن كرامتها على مدار سنوات ردت بلحظات أمام الجميع ، شعور مذهل أن يكون بظهركِ سند
تتذكر كلامها إلي روزان وهى تمسح الطاولة بشرود .. مهما جرحها عماد بفعل واحد فقط يعرف كيف يداويها .. لم يغضب لأجلها أحد من قبل ، وغضبه تلك النار التي أحرقتها بعدما فاض به من كل ما تفعله

تلتفت نحو مرآة باب الشقة التي استبدلها بعد شرخ القديمة .. تحفة زجاجية بحوافٍ حادة تصطدم بها ذراعها فتقع منكسرة بصوت مزعج

أجفلت صدفة لتتحرك خطوة شاهقة لكنها تأوهت وجعاً وقطعة زجاج تجرح قدمها بعمق وهى تحاول التمسك بالطاولة لتتوازن فتنفلت يداها لتقع ترتطم بالأرض بعنف على الزجاج وقطعة أكبر كسكين تخترق ساقها اليسرى حتى العظام

صرخت بألم جرح كل جسدها كسوط نار واحد ثم علا بكاؤها صراخاً شق حنجرتها بالوجع
تحاول الاعتدال لتنزع السكين الزجاجي الغائر لكن يدها لا تطاوعها والدم ينزف بغزارة

تسحق أسنانها بتأوه وتزحف حتى طاولة بمنتصف البهو تأخذ هاتفها وتتصل به .. يمر الرنين ولا إجابة
تتصل مجددا وهى تبكي بحرقة حتى فُتح الخط وسمعت صوته جافا

" نعم "

تنظر لخطوط الدماء بالبهو تتصبب من الجرح بلا توقف وهى تقول

" عماد .. الحقني "

هتف عماد بوجل

" صدفة ما بكِ ؟ "

يسيل العرق على وجهها الأحمر والوجع يكاد يفقدها الوعي ترد

" وقعت على الزجاج وفُتِحَت ساقي "

تركت الهاتف يقع من يدها على البساط وهى تسمع منه هتافا ملهوفا لم تميزه ، لتقع رأسها جواره تبكي كل ألم تعيشه
لم يكن جوارها لانه كان ببيته الآخر .. كان يلهث لهاثا تعرفه .. كان بحضن أخرى وهى تنزف هنا

ليت كل النزيف دماً
ها هى حصلت على ألم الجسد أخيراً ليهون عليها ألم الروح .. فهل سيهون ؟!.








انتهى

كان من المفترض تنزيل الفصل ٣١ بعده زي ما قلت بالاسبوع الماضي لكن الاسبوع كان ضغط رهيب ولم استطع الا إكمال هذا الفصل فقط
اعتذر جدا لانتظاركم
دعواتكم بالتيسير



#دردشة كل كام فصل
لكل مَن سأل عن ظهور ( غفران ) و ( روزان ) وان كان في جزء تالت

غفران وروزان هما من شخصيات رواية جديدة انتهت احداثها ٢٠٢٠ في عقلي واخترت الاسم ايضا
ربما ستنزل بعد الالماسة بسنة او اتنين .. وربما بعدها مباشرة او لا تنزل ابدا او ينزل عمل اخر تماما .. الله اعلم

وستكون منفصلة مثل الألماسة
وكما قلت بالصفحة الاولى ان ( ألماسة الفؤاد ) بدأت كفكرة في ١٤/٢/٢٠١٧ بمشهد عيد الحب لاحد الجروبات وظهر ( فؤاد رافع & ألماسة رافع ) والمشهد ايضا كان بعنوان ( ماسة الفؤاد ) واصبح الاسم في الرواية ( ألماسة الفؤاد ) والمقصود بها ( مصر ) باوساطها المختلفة ( صعيد – ريف – بدو – حضر – نوبة )

فكانت الاصول كما ذكرتها بين السطور
فؤاد وعماد واكرم من بدو الصحارى .. دموع ووصال من الصعيد .. روينة وصدفة من الريف .. فجر وزايد من الحضر .. والشخصيات النوبية ( لم تظهر بعد )

وبسبب وفاة إحدى الشخصيات الحقيقية في الرواية عام ٢٠١٧ صعب عليا اني اكتب ( الالماسة ) وبدأت ( عشقك عاصمة ضباب ) ٢٠١٨ لكنهم لم يفارقوني فظهر ( فؤاد رافع وعماد رشاد وصدفة وذكر بيوته الثلاثة ) في ضباب كأنهم اجبروني على اظهارهم
لذلك الان لم اقاوم قوة غفران وروزان

ولذلك اكرر أن ( الألماسة ) ليست جزء تاني من ( ضباب ) .. والقادمة لن تكون جزء تالت
لكن كما قلت في الصفحة الاولى لهذا العمل أيضا
هو مجتمع ابنيه تربطه خيوط ضوئية في هذا الكون الواسع

يعني توقعوا ظهور ( أكمل الفايد ) في أي عمل قادم ، لانه مؤكد لو احتجت دعاية لاي شيء هلجأ لشركته ( وَجْد للدعاية والاعلان ) ودي تلاكيك عشان وحشني هههههههههه

اعتذر اني طولت عليكم .. لكن كان رداً على اسئلة غفران وروزان والجزء التالت وتوضيح انه ليس تاني او تالت

دمتم بكل السعادة والسلام
كل عام وانتم بخير















noor elhuda likes this.

نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 02-03-21, 12:50 AM   #1749

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 188 ( الأعضاء 66 والزوار 122)
‏sandynor*, ‏ديانا الحوت, ‏فله بنت احمد, ‏Julya, ‏ام عدي ريان, ‏princess of romance, ‏عماد فايز, ‏Areej abdo, ‏hadeer22, ‏Eman Mohamed1977, ‏إسراء عبد, ‏Just give me a reason, ‏Amal_388, ‏هنا بسام, ‏روعتي, ‏nes2013, ‏حكايا الروح, ‏رندا رضا, ‏Sanaa m t, ‏rokaya, ‏Safo85, ‏االمااسة, ‏تالن يوسف, ‏Ritamouff, ‏dorra24, ‏Quranlover2009, ‏ام زنوبيا, ‏Asmaa321, ‏شبووة, ‏غنى محمد, ‏Dall, ‏نورالهدى**, ‏Ghada$1459, ‏حنان الرزقي, ‏دمعة شاردة, ‏اسما ايما, ‏Meem*, ‏سوزان سول, ‏فديت الشامة, ‏سويتي شام, ‏Mummum, ‏~~عنود ـ الصيد~~, ‏غاليةياية, ‏ام جواد, ‏rowdym, ‏سلام عيسى, ‏جيرامين, ‏فاطمة خولة, ‏ام معتوق, ‏ليان ملاك, ‏nanash, ‏ميادة عبدالعزيز, ‏ام سليم المراعبه, ‏سماره2, ‏Dina66, ‏Alaa_lole, ‏محمود أحممد, ‏جنون امراه, ‏طابعة الحسن, ‏نسيم الحياه, ‏rasha moner, ‏jadayal, ‏_ukji, ‏خمسية, ‏نور ناجح حوا, ‏سلام.حريري


نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 02-03-21, 12:57 AM   #1750

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 258 ( الأعضاء 80 والزوار 178)
‏sandynor*, ‏Amal_388, ‏Racha785, ‏ayaema, ‏همس الرحمة, ‏الثقلين, ‏هدى هدهد, ‏مي عبدالحميد, ‏ريماسامى, ‏eman90, ‏طابعة الحسن, ‏االمااسة, ‏jadayal, ‏نورالهدى**, ‏الزهره الحمراء, ‏جنون امراه, ‏sa.n, ‏nevoo, ‏من هم, ‏وفاء عبدالله, ‏nod24, ‏لولو1995, ‏باااااااارعه, ‏Dall, ‏نور المعز, ‏تالا الاموره, ‏رقيةرقية16, ‏rokaya, ‏سارة أمين, ‏Seham elhenawy, ‏Moon roro, ‏ام حسن ر, ‏نور ناجح حوا, ‏Dina66, ‏Asmaa321, ‏ام جواد, ‏شجن المشاعر, ‏samam1, ‏ارقى المنى, ‏الفهد القرمزي, ‏Noor Alzahraa, ‏Mummum, ‏Elhouda, ‏do3a, ‏Iraqi1989, ‏rowdym, ‏Um-ali, ‏قدوتى عائشة 2, ‏Amanykassab, ‏لي لي خالد, ‏Manar saif, ‏محمود أحممد, ‏سر النسيم, ‏ام عدي ريان, ‏dorra24, ‏Julya, ‏رندا رضا, ‏عماد فايز, ‏حبيبيه, ‏جيرامين, ‏فله بنت احمد, ‏حنين غول, ‏الجووهره, ‏princess of romance, ‏Areej abdo, ‏hadeer22, ‏Eman Mohamed1977, ‏إسراء عبد, ‏Just give me a reason, ‏هنا بسام, ‏روعتي, ‏حكايا الروح, ‏Sanaa m t, ‏Safo85, ‏تالن يوسف, ‏Ritamouff



التعديل الأخير تم بواسطة نورهان عبدالحميد ; 02-03-21 الساعة 01:40 AM
نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:00 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.