آخر 10 مشاركات
90 -حبيب الأمس - جين سامرز -عبير دار الكتاب العربي (الكاتـب : Just Faith - )           »          صمت الجياد (ج2 سلسلة عشق الجياد) للكاتبة الرائعة: مروة جمال *كاملة & روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          ستظل .. عذرائي الأخيرة / للكاتبة ياسمين عادل ، مصرية (الكاتـب : لامارا - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          قدرها ان يحبها شيطان (1) .. سلسلة زهرة الدم. (الكاتـب : Eveline - )           »          381 - الانتقام الاخير - كيت والكر (الكاتـب : أميرة الورد - )           »          402 - خذ الماضي وأرحل - مارغريت مايو (الكاتـب : عنووود - )           »          وَ بِكَ أَتَهَجَأْ .. أَبْجَدِيَتيِ * مميزة * (الكاتـب : حلمْ يُعآنقْ السمَآء - )           »          عروس للقبطان - كاى دايفز - ع.ق (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree277Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-07-20, 03:47 PM   #871

Nesrine Nina

مشرفة البشرة والشعر,حارس الكافية،ابنة بارة بأمها،شاعرةمتألقةوراوي القلوب ونجم أسماءأعضاءروايتي وحاملةنجمتين بكلاكيت ثاني مرةوأميرةرسالة من القلب وخباياجنون المطر، كنز سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية Nesrine Nina

? العضوٌ??? » 412579
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,920
?  نُقآطِيْ » Nesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond repute
افتراضي


يسعد مسائك بكل خير حبيبتي ساندي
أطيب فنجان قهوة لعيونك





Nesrine Nina غير متواجد حالياً  
التوقيع
كم تمنيت مرور الأيام ونسيت أنها عمري
رد مع اقتباس
قديم 06-07-20, 11:13 PM   #872

Om noor2
 
الصورة الرمزية Om noor2

? العضوٌ??? » 445147
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 267
?  نُقآطِيْ » Om noor2 is on a distinguished road
افتراضي

مفيش فصل النهاردة

Om noor2 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-07-20, 11:27 PM   #873

فاطمة توتى

? العضوٌ??? » 417864
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 85
?  نُقآطِيْ » فاطمة توتى is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور فى انتظار الفصل الجديد

فاطمة توتى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-07-20, 11:31 PM   #874

تالن يوسف

? العضوٌ??? » 431382
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » تالن يوسف is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور 🌹🌹🌹🌹🌹

تالن يوسف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-07-20, 11:43 PM   #875

راما الفارس

? العضوٌ??? » 386178
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,037
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » راما الفارس is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور ومتحمسة كتير للفصل

راما الفارس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-07-20, 12:39 AM   #876

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي



البريق التاسع عشر




هواء البحر يحمل رائحته المميزة والليلة أكثر وضوحاً تسكر الحواس للصمت .. وصمته هو كان أكثر جمالا بشرود عينيه البنية بفورة النار بأعماقها
تخفي دموع ابتسامتها الهائمة في ملامحه خشنة الوسامة وهى تتناول العشاء معه بهذا المطعم الفخم لتقول بنبرة بريئة

" ما زلت متضايقاً لمجئ شريف ! "

ضغط أكرم على السكين بيده وهو يلتفت إليها ونار عينيه تتعالى ليرد بلا اهتمام

" لا .. ما الذي سيضايقني ؟!.. في النهاية لقد تركتِه لأجلي "

قالها بغرور فشعرت أنه يريد التميز على شريف بشيء ما ، يريد التميز على الضابط الذي لديه مقومات لم يعد يملكها
تتفهم مشاعره لأبعد حد واعدة نفسها بتغيير كل هذا لتقول مبتسمة بنفس النبرة

" جيد أنك تعرف أني لم أدعوه مثلاً ! "

ثارت أعصاب أكرم غضباً هاتفاً

" بالطبع اعرف "

هزت رأسها توافقه أو تجاريه على قدر غيظه !.. تدرك أنه لم يكن غاضباً منها بل من فرق المستوى الحالي .. لكن لابد أن يخرج من تلك الدائرة الضيقة التي ينظر منها
غيرت الموضوع بلطف كي توقف غضبه الليلة

" فكرة أن نسكن بنفس البناية بالشقة الفارغة التي تعلوكم فكرة رائعة .. دائما ماما زهراء تتصرف بحكمة "

رد أكرم بتجهم ملامحه وكره نبرته

" ليست فكرة رائعة .. لكنها فكرة على قدر مستواي الآن .. لم أعد المهندس الذي خطط للسكن بأرقى المناطق وإدخال أولاده مدارس خاصة .. أنا مجرد ميكانيكي ونادل كأي شخص لا شهادة جامعية له "

صمتت دموع ناظرة له بعتاب وحنان يحتوي ألمه وحطام أفكاره لكنه باغتها بغضب أكبر وصوت مرتفع

" وهذا ما عندي الآن .. لا تعودي وتقولي كذبت عليكِ أو أجبرتكِ .. أنتِ تركتِ كل شيء واخترتِ لذا تحملي صامتة "

اتسعت عيناها السوداء ذات الظلال الرمادية تحاكي فضية فستانها لكنها حاكت غيوم وجهها المصدوم .. تمر بعينيها على طاولات المطعم حولهما فترى جميع العيون عليهما
أخفضت نظرتها تاركة الملعقة على طبقها ثم أبعدت الطبق لتقول بجمود

" اخفض صوتك .. حولنا ناس "

لا يعرف ما أصابه وتقبلها لكلامه وهدوءها يعميه أكثر ليدفع طبقه على الطاولة هاتفا باهتياج

" ملعونة الناس "

انتفضت دموع وعيناها على ملامحه التي لم تتعرف عليها .. للحظات لم تتصرف وصدمتها تشل عقلها .. إلا بحركة بسيطة نظرت لتنورة فستانها حيث بضع حبات من الأرز منثورة عليها

ارتجفت شفتاها تبتلع البكاء بقوة آلمت صدرها النابض ناظرة حولها للناس التي تحدق بهما وقد سكن المطعم تماما ليكونا هما مشهده الرئيسي ..

فما كان منها إلا أن تصرفت على قدر مقامها .. تناولت المنشفة الورقية نظفت بها الفستان برقي ملكة متوجة لا يهمها شيء .. ثم وضعتها على الطاولة وأخذت حقيبتها الصغيرة ووقفت لتغادر المطعم بكل هدوء واحترام وخطوات متزنة متجاهلة نظرات الشفقة في العيون خاصة الأنثوية .. أمام عينيه المذنبتين لم تنظر له مرة أخرى .. عيناه التي تابعتها تسير ببهاء الفضة اللامعة وفتنة الشعر الطويل المنسدل لنهاية ظهرها .. ثم احترقت بالغيرة من نظرات الرجال إليها وهى في قبضة من لا يقدر نعمته !.


وقفت تستند إلي أحد أعمدة محطة انتظار الحافلات على البحر ، أوقفت سيارة أجرة حين خرجت لكنها ما إن همت بالركوب حتى تذكرت أنها منذ قليل صارت زوجة وبعصمة رجل .. رجل عليها أن تكون في طاعته وتتحمل غضبه وقت شدته لكن .. إلا الإهانة أمام الناس

كرامتها التي تحفظها دوما تراق بأول ليلة لزواجهما .. بل بأولى ساعاتهما
انسابت دموعها المجروحة .. المالحة .. ناظرة للأمواج في حركتها المظلمة ، فستانها يتطاير كشعرها ونظرات المارة تلاحقها فتشعر بالبرد والوحدة .. ظهرها مكشوفاً للغدر .. وما شعرت بهذا يوماً وهى على ذمة عشق أكرم

ثوانٍ فقط ووجدت أكرم أمامها يمد يده يمسح خديها قائلا بهدوء

" منذ زمن طويل لم أر دموعكِ "

أخفضت عينيها لا تنظر إليه تسمع همسه

" أنا آسف "

اعتدلت تستدير بجفاء قولها

" أريد أن أعود للبيت "

أوقفها أكرم ممسكاً ذراعها بقوة وعده

" ساحاول أن أغير كل ذلك لأجلكِ .. ساحاول من جديد وافعل كل ما استطيع حتى تعودي فخورة بي كالماضي "

التفتت بحدة لا تحتمل المزيد من اليأس لتهتف بحرارة

" أنا فخورة بك بالفعل .. انسى الماضي .. ألم تعلمني شجاعة الحذف ؟!.. حذف ما فات وحذف الألم وحذف أي شخص يضايقنا .. حذف التفاصيل التي تلح علينا لتوقف حياتنا .. ماذا جرى لك ؟! "

هذه المرة هو مَن انتبه للناس ليقترب منها يرد بخفوت حاد يؤلم ويتألم

" لن تعلمي ما جرى لي حتى لو اخبرتكِ .. أنا في كابوس دموع .. أقاوم شعوري بالإهانة في عيون الناس .. أقاوم الضياع والدمار والحياة التي بلا قيمة ولا هدف .. استيقظ كل ليلة مفجوعاً أن أكون ما زلت على الأرض الباردة في تلك الزنزانة المظلمة "

غطت فمه بكفها تهمس بألم وغضب

" اصمت .. اصمت لا تتحدث هكذا .. تقتلني يا أكرم "

شعرت أنفاسه تحترق تحت كفها ليغمر وجهه فيه هامساً برجاء

" دموع أنا أحبكِ .. تحمليني قليلا "

تحيط وجهه بكفيها ترد ودموعها تغلبها رغم ابتسامتها الحزينة

" وأنا أحبك كثيراً .. كثيراً "

أطبق أكرم شفتيه ناظراً للأرض يتمالك نفسه لحظات ثم أمسك كفيها قائلا بنبرة جادة

" أنا خسرت كل شيء دموع .. الآن أخاف أن أخسركِ "

تهز دموع يديه المتشبثة بيديها تقولها عازمة

" لن يحدث .. أنا معك للنهاية يا أكرم .. لا توجد خسارة إلا خسارة نفسك .. وأنت خسرت كل شيء لأجل أن تظل أنت .. إذاً هو انتصارك لا هزيمتك "


جلسا أمام البحر على صخوره المتقاربة لا يراهما أحد من البشر .. بظلام الليل خيالان أو ظلان على الصخور .. يشعران رذاذ المياه كلما تمدد الموج ثم انحسر .. الهواء يتلاعب بفستانها وشعرها نحو أكرم فتلامس تنورتها ساقيه .. ويغطي شعرها كتفه ليلامسه بشروده الرجولي الجذاب

كفه بين يديها على رجليها تحفظ كل اصبع منها مبتسمة مرتاحة باعترافه واعتذاره بقولها

" الجو رائع اليوم "

لم يتجاوب أكرم مع ارتياحها ليقول بنبرة مهمومة

" دموع .. لن نقيم الزفاف إلا حين أجد عملاً أفضل "

شعور غريب يملأ صدرها وهى تراقب ملامحه المغتمة .. كأنه فراش داخلها يُفرَش لأعذاره ويحتوي حطامه ويذعن لغضبه

تشعر أنها ممتدة بلا نهاية له .. تشعر أنها زرعاً أخضر لإطعامه بعد جوع .. بحيرة خالصة ترويه بعد عطش .. نهاراً سرمداً على ظلام كيانه

ترفع يده لشفتيها تقبل ظاهرها برقة وهى ترد بعقلانية

" لا تفكر هكذا .. أنتم جميعكم واحد في ذلك المقهى .. هم اصدقاؤك ويعملون مثلك دون أن يُعتَقل أحد منهم .. هل هذا يعيبهم ؟!.. وأنا أيضا .. قررت أن تكون الموسيقى حياتي رغم شهادة الهندسة .. بعد عملي في عدة شركات اخترت العمل بالمعهد الموسيقي والفرقة .. هل هذا نقص فيّ كمهندسة ؟! "

جذبت كل مشاعره لينكشف أمامها كالعادة قائلا

" هذا اختياركِ دموع .. اختيار راقٍ له مكانته .. وهم يعملون في ملكهم .. لكن أنا مجرد عامل عندهم "

إبهامها يتحرك على يده بحسية لتقول بمكر

" مع إني لا أحب نبرتك الانهزامية .. لكن موافقة .. هل ستصبر أنت ؟! "

ابتسم أكرم ناظرا ليدها تداعب كفه ليرفع تلك الكف بطريقها تلمس جسدها بخفة تبدو غير مقصودة حتى وصلت لذقنها وأمسكه قائلا

" هناك أشياء ستساعدني على الصبر !! "

ضربت دموع يده أبعدتها بقولها

" آآآه .. أنت تحلم !.. طالما اخترت شيئا فتحمله لنهايته ! "

غامت عيناه بلحن شجي معزوف لسحرها ليقول بشجن

" هل تعرفين إني حلمت بكِ كثيراً ؟.. خاصة في مشفى السجن .. كنت أغيب عن الوعي وأصحو وأراكِ .. لأغيب مجددا واحلم بكِ "

بدا صوته كغناء بلابل قطعت نواحها حين طارت للحرية لتشدو مجددا .. كان جميلاً .. أجمل من أن تقاوم ذكر ألمها به تلك الفترة

" لن تدرك حالتي وقتها وأنت ترفض زيارتي .. قلت لماسة ووالدتك ألا تقولا شيئا .. لكن أنا أيضاً تعبت .. ظللت في السرير لأيام حرارتي مرتفعة ولا استطيع الحركة .. كلما نهضت كنت اشعر بالدوار وأقع "

عقد أكرم حاجبيه بقلق يحيط جانب وجهها خوفاً عليها .. لكن ابتسامتها ذكرته ألا يحزنها الليلة
رائحة معروفة تحبها تمر بأنفه فنظر خلفه ثم ابتسم قائلا بشقاوته القديمة

" أنا جعلتكِ تخرجين قبل أن تكملي طعامكِ .. انتظري "

يقبل خدها ثم ينهض بحيوية شبابه فتراقبه بحنان .. كأنه زر يضغطه ليعود لها .. ويضغطه ليغيب عنها
لحظات وعاد إليها بكيس محترم يفتحه أمامها فتهتف ضاحكة بذهول

" ما هذا يا مجنون ؟! "

يفرد أكرم شطائر ( الكبد والسجق ) التي اشتراها من العربة المارة على البحر يرد عليها

" أنا المجنون !!.. جعلتِنا نقضي ليلة عقد قراننا تحت الدرج !.. فلنكملها ليلة شعبية ! "

تضحك دموع من قلبها متذكرة أيام الجامعة والثورة وعربات الطعام الشعبية فتمسك إحدى الشطائر لتقول بتلذذ

" بصراحة .. أنا جائعة جداً ورائحتها حلوة جداً ! "

تقضم بضمير بلا اهتمام بزينة عقد قرانها التي فسدت بالدموع والطعام وقوة الهواء .. جمالها الطبيعي كان أكثر إشراقة للدنيا
تنهي الأولى باستمتاع لتدخل في الثانية بسرعة فيمازحها أكرم ممررا عيناه على جسدها ذو المنحنيات المتمكنة

" بالعافية على قلبك يا وحش "

تتذمر دموع بأنف مرفوع

" أصبحت بيئة جداً يا أكرم ! "

حشر أكرم شطيرة بفمها يؤكد ممازحاً

" رد سجون يا حبيبتي ! "


بطريقهما على البحر عائدين حيث ركن أكرم سيارة ' علي ' التي أخذتها ألماسة أيضاً يوم كشف الحقيقة .. زينها ' علي ' بواجب الإخوة لعقد قران أكرم

خطواته توقفت فجأة جعلت دموع تتوقف باستغراب لتراه يحدق في أحد ما بملامح غير مفهومة لها أبدا
ما لاحظته وهو يمسك يدها أن يده ارتجفت وتراخت لتنتبه لنظرة عينيه المهتزة .. خوف !.. بل أكثر !!

اقترب ذلك الشخص الضخم ليقف أمامه مبتسما يسأل بنبرة رخيمة هادئة لدرجة غير مريحة

" كيف حالك يا أكرم ؟! "

يد أكرم تثلجت في يدها شاعرة أنه يحركها خلفه قليلا بحركة حماية لكن .. حماية مذعورة !

تحرك رأس أكرم قليلا كإجابة على سؤاله لكن ابتسامة الرجل اتسعت ببرود غير طبيعي ليميل برأسه متسائلا بصوته المحذر بغرابة

" لم اسمع صوتك .. هل نسيتني ؟! "

أخفض أكرم نظراته يرد بنبرة ثقيلة كأن على صدره أطنان حجر

" لا يا توفيق باشا .. أنت لا تُنسَى "

عاد رأس الرجل يتراجع بابتسامته يومئ برأسه برضا ثم ينظر إليها ويمد يده بالقول المتكبر

" أهلا يا آنسة .. العقيد توفيق عشماوي "

يد أكرم اعتصرت يدها الأخرى وهو ينظر ليد توفيق الممدودة في الهواء ودموع تطالعهما بحدس سيء .. لكنها اضطرت أن تمد يدها تصافح توفيق بأصابعها فقط ثم تسحب يدها سريعاً .. لترى وجه أكرم شحب وانسحبت الدماء منه كالمرض الخبيث

وكان مرضاً خبيثا فعليا وتوفيق ينطق بتحدٍ

" اجعلنا نراك قريبا يا أكرم ! "

غادر توفيق بتمهل مقيت فأمسكت يدها الأخرى بذراعه تشعره بسند يحتاجه منها كما اخبرها قلبها لتسأل بقلق

" مَن هذا يا أكرم ؟! "

ظل أكرم صامتا بنظرات تائهة كأن الكلمات تنكتم داخله رغم شفتيه المفترقتين .. أنفاسه تضيق شاعراً بتعب حقيقي أوجع قلبها عليها لتسنده أكثر حتى قال بصوت مبحوح

" هيا لنذهب للبيت دموع "




يتبع ...


نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 07-07-20, 12:40 AM   #877

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي




دخل فؤاد مكتب التوظيف المسمى بمكتب الخدمات البترولية !.. ناظراً حوله بجمود واحتقار للمكان الضيق .. وضيق شعور الذنب تجاه الجميع يخنقه أكثر
رفعت السكرتيرة القصيرة رأسها نافخة تستقبل طالب عمل جديد ثم .. أصابها الخرس !

فغرت فمها واتسعت عيناها ورفعت رأسها أكثر حتى ترى نهاية الطول المسافر عنها في حلته السوداء .. تحدق مذهولة بالفخامة تسير على قدمين !

خلع فؤاد النظارة السوداء عن عينيه فخلع قلبها معها وهو يتوقف أمام الحاجز الخشبي قائلا بصوته الآمر القاسي بطبيعته

" أين مكتب ألماسة رافع ؟ "

تبلدت ملامح القصيرة أكثر وهى تنظر للعينين الناريتين برهبة ثم أشارت خلفه لغرفة من الغرفتين الموجودتين بالشقة المسماة مكتب
استدار فؤاد ملقياً نظرة على الغرفة الأخرى قبل أن يتجه حيث أشارت القصيرة

جلست السكرتيرة مكانها بابتسامة بلهاء وعيناها على ضخامته وعرضه ثم مدت يدها تبحث عن الهاتف الموجود أمامها بالفعل ورفعت السماعة وضعتها بالمقلوب على أذنها لتطلب رقم غرفة مديرها ، وحين جاء صوته بعيداً قليلا في السماعة المقلوبة قالت هائمة

" خالو هاني .. هناك رجل مثل الباب دخل لألماسة .. ألم تخبرني أن أبلغك أخبارها في فترة التدريب ؟! "

يسأل هاني بسماجة حادة

" مَن هذا يا هنادي ؟! "

تجيبه هنادي القصيرة وهى تدور في دنيا الخيال

" لا اعرف يا خالو "

أغلق هاني الهاتف بوجهها فاتسعت ابتسامتها وهى في أحلام يقظتها تسبح !.



طرق فؤاد الباب بسبابته وانتظر سماع صوتها الصارم فارتفع حاجبيه ضاغطاً على ملف أبيض بيده الأخرى
فتح الباب ليجد عينيها الهجومية بانتظار الطارق .. لكن ما أدراها مَن الطارق اليوم !
ونفس إحساس أول مرة .. خطفة نَفَس وارتجاج نبضة

افترقت شفتاها متفاجئة وهجوم عينيها يخفت قليلا بقولها المستغرب

" أنت ! "

أغلق فؤاد الباب خلفه ثم تقدم بهيبة فطرية وأناقة واثقة ليتوقف أمام مكتبها يفتح كفه يرد ساخراً

" تخيلي ! "

أشارت ألماسة للكرسي الوحيد أمام المكتب قائلة ببعض الحرج

" تفضل "

وتزايد الحرج وهو يجلس واضعا ساقاً فوق الأخرى ثم يجول بعينيه في المكتب البسيط .. قبل أن يعيد عينيه إليها بنظرة حادة غريبة لا تحمل أي امتهان ولا سخرية كما ظنت !..
لكنها لم تدرك كيف يراها لامعة وسط الجدران الباهتة ؟!

يتذكر نفس رفعة شعرها بأول لقاء .. معطف أحمر وحذاء عالي الساقين .. اليوم لون أسود يغلف حياتها .. لم تكن تليق بالمكان أبداً
كانت ابنة الرافعين بكبريائها كما هى حتى لو بأكثر الأماكن المهجورة .. بريقها داخلها يسطع .. وبجمالها ينطق

مطت ألماسة شفتيها بضيق مجيئه إلي هذا المكان الذي تعمل فيه رغما عنها حتى تجد عملا .. لا تهتم لكن تحب أن تكون دائما بموضع قوة في كل شيء .. وهذا المكان أضعف الضعف !
تشابكت أصابعها حتى لا تتوتر لتسأل بثبات

" هل حدث شيء جعلك تأتي إلي هنا ؟ "

أطبق شفتيه لحظات بصمت مظلم ثم نظر أمامه مجيبا بنبرة أكثر ظلاما

" جئت بنفسي أرى عملي الأسود "

فهمت إشارته لإساءة سمعتها فتصلب جسدها وتجمدت ملامحها متذكرة عملها مع ماهر .. حتى قطع أفكارها وهو يخرج بطاقة ملونة من جيب سترته يضعها أمامها فرفعتها ألماسة بدهشة قولها

" زفاف رنوة !.. الليلة ! "

رد فؤاد بنبرة متباعدة مكتومة العنف

" كان يجب أن أدعوكِ منذ أيام لتستعدي لكن الأوراق انتهت اليوم "

تعيد قراءة البطاقة متذكرة اسم راشد لتظل صامتة قليلا ثم سألت بهدوء حذر

" لماذا تريدني أن أحضر زفافها ؟! "

نظر إليها بوجه قست ملامحه فجأة وبدت لحيته تؤازر إجرامه ورأسه يرتفع قليلا بنفس حركتها !

نفس الفطرة المهيبة كأنها تنظر لرفعة ذقنها بالمرآة !!

وبين كبرياء رجولته كانت صرخة ألم يخفيها بعينيه المتحجرة قائلا بهيبة وترفع

" كنتِ شاهدة على ما فعلت .. أردتكِ أن تري زفافها بعينيكِ أيضاً "

طلت بعينيها أطياف التعاطف وهى تشعر اختناق الكلمات وصعوبتها عليه رغم قوته .. ربما هى الوحيدة التي تدرك عظم ألمه الآن .. لقد وقع على صدرها هى

خسر ابنه .. خسر أخته .. وتعرف أنه خسر نفسه منذ زمن .. منذ ضغط على الزناد بمراهقته

وتكفي تلك الدعوة التي أتى بها إليها .. أي نار تشب في أخ يبحث عمَن شهد فضيحة أخته ليدعوه ليشهد سترها ؟

نظر فؤاد أمامه فابتسمت قليلا لأول مرة في حضوره لتؤكد

" ساحضر "

التفت إليها يلتقي عينيها الجادة الداعمة لكنه لم يتصور أن يرى تلك الابتسامة .. ونفس الطيف يراود نفسه كما وجدها جواره يوم المشفى

طيف نور .. لكأن الشمس أشرقت بنورٍ وهاج يسطع بروحه ، فلا قسوة توقفه ، ولا دماء تخضبه
طيف نقي لا يلوثه شيء ولا يقدر عليه رادع

قبض يده التي لا تراها مخفضاً عينيه ودقات عنيفة تؤلم صدره فوضع الملف الأبيض بيده الأخرى أمامها ثم رفع عينيه يرى رد فعلها

ملف يحمل اسم مجموعة رافع بالخط الكوفي الفاطمي المميز بجماليته .. لا تعلم لمَ تعلقت عيناها برسم الخط شاعرة أنها رأته قبلاً ؟!
فتحت الغلاف الشفاف لتتلمس أصابعها الحروف السوداء الكبيرة على الورقة البيضاء فأجابها فؤاد عن تساؤلها الصامت بصوته الصلب

" زاهد هو مَن رسم اسم المجموعة بهذا الشكل أول مرة عند افتتاحها .. ومنذ ذلك اليوم لم يتغير خط الاسم في كل الأوراق واللافتات "

نعم .. رأته قبلا بأوراق والدها وهى صغيرة .. والدها كان يوقع بهذا الخط .. يوقع لها شهاداتها في مراحلها الدراسية الأولى وهى طفلة .. كانت بعمر سبع سنوات فقط لذلك لم تنتبه

ظلت مطرقة برأسها حتى لا يرى ضعف الحنين بعينيها ثم سألت بتماسك بارد

" ما هذا الملف ؟! "

طال صمته عيناه ثابتة على رأسها ثم قال

" افتحيه .. أظنكِ تجيدين القراءة ! "

لم تهتم بوجوده والذكريات الطفولية تغلب أفكارها فتفتح الملف لتنظر للورقة الأولى .. اعتدلت بجلستها وهى تقلب للورقة الثانية .. الثالثة والرابعة .. تدقق النظر بالخامسة .. عيناها تلتهم كل المكتوب بلا تصديق ..

ثم رفعت نظرها لوجهه الرجولي الجاد عاقدة حاجبيها بتساؤل !.. لم يجبه وهو يتركها تفكر كما تشاء ..

لكنه كان يسدد من ديونه ويتخلص من أحمال كتفيه الآثمة .. لقد أدرك عن نفسه شيئاً هاماً بعد كل ما رآه .. هو أقرب للموت من الحياة ..
وألماسة لعنة !.. بعيداً عن كل ما اقترفه هى الوحيدة التي يشعر بلعنتها تقبض عروقه .. لقد تراخت أوردته الآن فقط

أمسكت ألماسة بالملف بين يديها وثار تراب عينيها إعصارا هائلا صارخاً بالانتصار .. انتصار أصحاب الأملاك .. حاملي الحقوق .. فظهر شبح ابتسامة على زاوية شفتيه مضيقاً عينيه قابضاً على تلك الثورة .. نفس نظرة انتصاره !

نفس الفطرة المهيبة كأنه ينظر لنصر عينيه بالمرآة !!

عادت تنظر إليه لتسأله بلا فهم

" لمَ فعلت ذلك ؟! "

ذلك الشبح الطفيف رقق ملامحه العنيفة ليبحث عن إجابة ترضي فضولها وغروره فقال بتعالٍ

" لا أحد أفضل مني أنا .. أنا فؤاد رافع .. وحين أعطي .. أعطي هكذا كما رأيتِ .. بمزاجي .. اعتبريه ثمن بقائكِ جواري أنا ورنوة ! "

هزت ألماسة رأسها بلا احتمال قائلة بنزق

" مغرور !.. رحمتك يا ربي .. يعترف بحقنا على الأوراق ويأبى قولها بلسانه ! "

ضرب فؤاد على المكتب ضربة خفيفة وذلك الشبح يتسع ليقف بفخامة معدلا حزام بنطاله ثم يميل عليها بالقول الخافت

" أكثر منكِ قليلا !.. الغرور بدماء جميع الرافعين .. لا تتعجبي !! "

امتعضت ملامحها وهو يستدير نصف استدارة ثم عاد ينظر إليها يذكرها

" لكن لا تنسي .. ما زلنا ند بند ! "

لم تفهم حقاً لمَ فعل ذلك لكن يبدو أن عقابه كان كافياً ليصحح ما فات .. ما فهمته فقط هو نفسها .. لقد كانت بداية احترام !.. وإغلاق صفحة ماضٍ لا ذنب لأحد فيه
رفعت ذقنها بحركتها وحركته لتجابه بقوة

" لن انسى أبداً "

تحرك فؤاد ليغادر لكن باب الغرفة فُتِحَ ليدخل هاني مبتسماً ببلادته يطالعهما بنظراته الوقحة وحاجبيه المرفوعين قائلا باستفزاز

" عفواً .. طال وجودك هنا والآنسة ما زالت في تدريب .. أنا مدير المكتب .. بمَ أخدمك ؟!.. أم أن هذه مقابلة شخصية ؟!.. عفواً أيضاً لأنها لو كانت كذلك فهذا مكان عمل لا يصح فيه .. مقابلات ! "

أنهى كلامه ناظراً إليها بخبث فبادلته النظر برأس مرفوع كالعادة .. لكن لسبب ما شعرت أنها في حماية أكثر قوة هذه المرة !!

أعاد هاني بصره لفؤاد الذي يفوقه طولا وتلاشت ابتسامته .. تراجع قليلا مرتجفاً بداخله وجاهد حتى لا يظهر ذلك الذعر الذي صفعه دون أن يدرك مصدره

لم تكن ألماسة ترى وجه فؤاد وهو يوليها ظهره .. لكن وجه هاني كان مقابلا لها تماماً .. شفتاه انغلقتا وحدهما كأنه ينظر إلي شيطان !.. وبلا كلمة واحدة !!

لم يستطع النظر إليها مجددا ليخفض بصره قائلا بنبرة يحفظ بها ماء وجهه

" كما قلت لحضرتك .. إذا أردت أي شيء تفضل بمكتبي لأن الآنسة في تدريب "

حاول الابتسام مرتجفاً ثم خرج من الغرفة مغلقاً الباب فابتسمت ألماسة باستمتاع حقيقي منتظرة أن تنظر للوجه المرعب الصامت ..
لكن فؤاد لم يحد ببصره عن الباب ثم سأل بنبرة غريبة

" هل هذا هاني السماك ؟ "

اختفت ابتسامتها وهى تجيبه إيجاباً فاستدار فجأة يهدر صوته بغضب

" تباً لكِ .. من بين كل الناس لم تعملي إلا مع هذا القذر الـ ..... "

وقفت متفاجئة مصدومة من بشاعة ألفاظه لكنه لم ينتبه إلا لما يقوله متابعاً بغلظة

" اذهبي وخذي أوراقكِ حالاً واخرجي من هنا "

مشاعرها تحتدم بين الغضب واليأس لتشع نظراتها بذاك الوهج السياف قائلة بصرامة

" احترم ألفاظك وأنت تتكلم معي .. ليس لك كلمة عليّ لتأمرني هكذا "

هتف فؤاد بغضب مجنون وجسده كله يشع شرراً متضخماً

" ألفاظ !.. الألفاظ ستسمعينها من ذلك الحيوان حين تقررين ترك العمل قبل أن يأخذ ما يريد .. خذي أوراقكِ وتعالي معي حالاً "

صدح صوتها بصمود جارح وبلا خوف

" معك أنت !.. يمكنني أن أعطي الأمان لأي شخص إلا أنت "

ساد صمت عاصف كريح تصفر بقسوة أمام عينيه المحتدة باحتراقها .. وعينيها الحرة بثقتها
لم يبد عليه أيا مما اشتعل به صدره ليقول بنبرة مخيفة

" أنا حذرتكِ "

حركة استخفاف بوجهها أشعلت دماءه أكثر قبل أن يغادر مختنقاً مكبوتاً بالعنف الذي يتفجر داخله .. وعلى الباب الخارجي للمكتب توقف فجأة ناظراً لحاجز الاستقبال .. لقد رحلت القصيرة والوحيدة التي رآها تعمل هنا !.


خرج فؤاد من البناية القديمة ليتوقف عند سيارته ناظراً للشرفة الصغيرة المشققة للمكتب ، عمله الأسود بالفعل
ركب السيارة العالية الفولاذية وظل فيها لدقائق قبل أن يقرر التحرك شاتماً بلفظ بذئ آخر .. لكن هاتفه اوقفه بالرنين فينظر للمتصل ثم يجيب باستغراب

" نعم سارة .. أنتِ وأحمد بخير ؟! "

جاءه صوت سارة متعباً لكنه متماسكاً بوجه الدنيا

" نحن بخير فؤاد شكراً لسؤالك .. وشكرا لكل ما تفعله معنا ومصاريف أحمد التي لا تنساها .. اتصلت بك لأخبرك أنه لم يعد هناك داعٍ للحرس لي أو لأحمد .. انتظرت لأتأكد أن رمزي لن يقترب منا بالفعل مثلما قال منذ الطلاق "

عيناه تشرد حزناً متذكراً كريم صغيره وكل ما كان يخطط له معه ثم يسأل بصوت ميت

" طلاق ؟!.. هل طلقكِ رمزي ؟! "

ابتسمت سارة ساخرة لتجيب

" لم يهتم بإخباركم أيضاً !.. طلقني منذ شهر يا فؤاد "

حرك رأسه للجانبين باشتعال يضغط أسنانه يسب رمزي بسره ثم يقول

" ارتحتِ منه يا سارة .. هكذا أفضل .. اسمعي .. تابعي حياتكِ ولا تهتمي له وكل مصاريف كريم .. اقصد أحمد .. كما هى .. والحرس أيضاً .. ساجعل رجلاً واحداً لكِ وآخر لأحمد فقط .. سيكونان خلفكما من بعيد ولن تشعرا بأي ضيق .. فقط لكي أكون مطمئناً عليكما "

تردد سارة شكراً صادقاً ثم تغلق الخط ليظل مكانه الألم يذبحه بذكرى كريم .. ثم لمح السكرتيرة القصيرة تغادر !



نظرت ألماسة خارج مكتبها فلم تجد هنادي وسط هدوء المكان ، اليوم لم يأتهم شباب يطلبون عملا لأن إعلاناتهم توقفت لبعض الوقت بلا سبب
كلام فؤاد يضرب برأسها يجعلها نارية لأن تثبت لنفسها أنها بقدر كل ما تواجه .. لكن من أين له معرفة هاني وتلك التلميحات عنه ؟!

جمعت أي متعلقات لها بحقيبتها لتمسك الملف الذي يحمل حقوقهم التي سعت وراءها كثيرا ، استمدت منه قوة لتدحض التوجس الذي زرعه فؤاد داخلها ثم اتجهت للغرفة الأخرى حيث مكتب هاني
يدها متحفزة على رذاذ الدفاع عن النفس بحقيبتها وهى تدخل المكتب المفتوح فتجد هاني جالساً خلف مكتبه

ينقر عليه بملامح متجهمة فقست يدها على الرذاذ وهى تقول بجدية

" من فضلك أستاذ هاني أريد أوراقي لإني ساترك العمل "

لم يرفع عينيه لها ونقره يتوقف ثم يعود برتابة متسائلا بطريقة مريبة

" هكذا دون إعلامي قبلها ؟!.. بلا سبب ! "

اشتد وجهها أكثر وهى ترد بصوت واضح مرتب الأفكار

" حين قدمت للعمل قلت أن لي الحق أن اتركه في فترة التدريب .. ثم إن العمل هنا بلا عقد ولا تأمينات ولا أي حقوق للموظف .. ومكتبك مكتب توظيف تحت مسمى خدمات بترولية .. أظن الأسباب كافية .. اعطني أوراقي الآن من فضلك "

ظل هاني على وضعه ثم رفع عينيه المريبة فقط ليقول

" أنا قذر ..... !! "

لم تشعر بأي حرج وهو يخبرها أنه سمع كلام فؤاد عنه لكن شعورها بالنفور وهى تسمع نفس الألفاظ مجددا كان أقوى فترد باحتقار

" حاسب مَن قال هذا لكن أنا لا علاقة لي ! "

نهض هاني بتمهل يهز رأسه بغضب مكتوم وعلى ملامحه الداعرة سواد النوايا ساخرا

" لا علاقة لكِ بي إنما برجال مثل مَن جاءكِ لعملكِ ! "

وجدته يلتف حول المكتب فتحفز جسدها قابضة على الرذاذ داخل الحقيبة استعدادا للحظة المناسبة لتهتف بتحذير صارم

" احترم نفسك .. قلت لك اعطني أوراقي حالاً "

لم يقترب منها بل اتجه لباب الغرفة وأغلقه بالمفتاح ويده تتحرك على مهل كأنه يتعمد إخافتها لكن أعصابها كلها ثارت ليعلو صوتها مشتعلا

" افتح الباب .. ماذا تفعل ؟ "

اتسعت عيناها بصدمة واشمئزاز وهى تراه يستدير يفتح زر بنطاله ليدخل المفتاح يخفيه ثم يتمم كلمات فؤاد بنظراته الشرهة

" قال لكِ الألفاظ ستسمعينها من الحيوان ! "

شعرت بالغثيان وهبوط وشيك فنظرت حولها تتماسك مفكرة بسرعة بديهتها ثم بدأت قدماها تتراجع للخلف وهو يتقدم منها إلي أن خطت خطوة واحدة بالشرفة ووقفت .. يدها تركت الرذاذ وهو يقترب منها حتى خرج الشرفة فتراجعت خطوة أخرى ليحاصرها أكثر مشيراً برأسه للداخل آمراً بنبرة مخيفة

" ادخلي بهدوء أفضل من الصراخ والسمعة السيئة "

لكنها لم تكن ستصرخ ولم يخطر الأمر ببالها .. فقط أخذت نفساً عميقاً وهى تدور حوله بحذر لتعود للداخل مجدداً متظاهرة بالطاعة .. وفي لحظة ما شدت الباب الزجاجي ودعمته بجسدها حتى أغلقته بإحكام

لم تنظر إليه وهى تسرع لاهثة بالتحفز تأخذ أوراقها التي تعرف مكانها ثم اتجهت للباب تحرك مقبضه بعنف بلا جدوى
يراقبها هاني مبتسماً بتفكه ليقول بصوت فاحش يصلها عبر الزجاج متعمداً اختيار اسوأ ما قد تسمعه بحياتها

" افتحي الباب .. أريد أن أرى ............و..... "

ارتجف جسدها وموج الغثيان يعلو وهى ممسكة بالمقبض تدعو الله أن يلهمها حلاً وهو يتابع كلماته البذيئة

" أعدكِ لن اؤذيكِ حين ......................... "

تلفتت حولها باحثة عن أي شيء قد تكسر به الباب وحين لم تجد انفلتت أعصابها لتضربه بغضب بقوة يديها .. ولا جدوى

في كل الأحوال لن تستطيع أخذ المفتاح منه .. ولذلك لم تستطع استخدام الرذاذ وإثارة جنون غضبه .. يستفزها هاني أكثر بقوله الأكثر فسقاً وهو ينقر على الزجاج بنغمة بطيئة ضاحكا

" اسمعي الكلام وافتحي الباب .. يمكنني كسر الزجاج بسهولة لكن أنتِ لن تستطيعي كسر الباب .. أنا انتظر فقط لأن محاولاتكِ تثيرني .. أريد أن .......... "

شعرت أنها ستنهار بأي لحظة .. جسدها يقاوم كم الغضب فيها بتشنج يؤلمها حتى العظام .. لا تريد النظر له لأنها ستتقيأ فعلياً ولا تحتمل كلمة أخرى ولا تصدق مقدار الفجور بهذا الحقير
ضحك هاني مجددا فانبثق الاسم برأسها لتخرج هاتفها وتطلب رقمه ثم خفت صوتها حتى لا يسمع ويكسر الباب

" فؤاد .. هل ما زلت قريباً من المكتب ؟ "

لا يعرف كيف تحرك اصبعه ليفتح الخط بتلك السرعة على غير عادته لكن خروج القصيرة أقلقه .. وسؤالها أقلقه أكثر متسائلا بجفاء

" ما بكِ ؟ "

وضعت ألماسة كفها على فمها لتهمس بكبت

" الحقير أغلق باب مكتبه بالمفتاح ولا استطيع الخروج .. أنا أغلقت عليه باب الشرفة لكن سيكسره بأي لحظة "

نظرة واحدة من خلف زجاج سيارته للشرفة فلمح جسد هاني بالفعل مستنداً على باب زجاجي .. ونزل من السيارة مسرعاً للبناية ليدخل المكتب صحوة من جحيم

نظرت ألماسة للهاتف حيث الخط المفتوح بلا رد وشعرت بالخذلان .. لا بأس ليس غريباً عليه !.. ستكسب وقتاً حتى يأتي أكرم

عيناها تدمع بعجز تكرهه .. لم تكن خائفة بل مختنقة من انغلاق المكان عليها وفجأة سمعت صوته الجهوري خارج الغرفة

" ابتعدي عن الباب "

امتثلت للأمر مباشرة وهى تستوعب وجوده فدفع فؤاد قدمه بالباب بكل عنف جسده لينفتح مضروباً بالحائط ويقف بإطاره يملأه تماما

ألقى عليها نظرة يتأكد أنها بخير ثم اتجه للشرفة حيث تراجع هاني مصدوماً .. صدره يرتفع وينخفض ببطء لكن باستفحالٍ متجبر

فتح فؤاد الباب الزجاجي وتقدم بقدم واحدة ليمد يده بطول ذراعه يجلب هاني من ياقته وقبل أن يستطيع الهمس كان رأس فؤاد يرجع ليندفع بجبهة هاني يعميه .. تمايل هاني جاحظ العينين فعاجله فؤاد بضربة رأس ثانية أدارت الدنيا حوله تماماً

تنظر إليه ألماسة وقد استعادت قوتها من قوته .. مسيطراً معتاداً ووجهه قاسياً لا يفهم إلا لغة النار
التفت رأسه إليها يسأل بتشدد

" لمسكِ ؟ "

هزت رأسها نفياً تحدق في هاني بغل وكره كل ما سمعته .. نظرة لاحظها فؤاد فأعاد عينيه النارية إليه وقد قارب على فقدان وعيه فضرب على خده قائلا بجبروت

" استفق .. أريدك واعياً "

تحرك به يسحبه للداخل وهو يتأوه بدوار عنيف حتى ألقاه أرضاً أمام قدمي ألماسة بالقول المتصلب

" افعلي ما تريدين "

أجفلت قليلا ناظرة إليه وللحظة ارتعد جسدها بملامحه .. مبهمة لا تعرف رحمة .. ثم نظرت بازدراء للملقى عند حذائها وبكل مقتها بصقت عليه لتدفعه بحذائها بما تملك من قوة

بعدها لم تعرف ماذا حدث وقد ظنته اكتفى لكنه رفع هاني ليكيل له ضرباً عنيفاً ولكمات قاضية .. جسده يشع لهيباً .. لهيب أحرق المكان كأن النيران شبت بجبل .. جبل !

اقتربت قليلا تهتف بضيق

" كفى .. لقد فقد وعيه "

لم يتوقف وصوت أنفاسه عالياً كالهدير فاقتربت أكثر تتمسك بذراعه ليعلو صوتها

" فؤااااد .. كفى "

نظر إليها بحدة مغرق الوجه بعرق غزير .. يرى بوجهها شرفه المهدور .. يدافع فيها عن رنوة .. وعنها .. ويقتل فيها نفسه العاصية .. وآثامه الماضية

ترك هاني يسقط على الأرض وسحبها من معصمها خلفه فتجاري خطواته الناهبة حتى توقف أمام الباب الخارجي ينطق بخفوت شديد لاهث

" أوراقكِ "

ردت ألماسة بهدوء واستغراب

" أخذتها "

يده لا تترك معصمها على ثيابها كأنه أبى بعد ما كان أن يلمس ولو يدها .. حتى باب البناية وما إن خرجت للشارع توقفت قدماها لتمسك بذراعه بنفس التشبث الذي فعلته قبلا والدنيا تدور من حولها

التفت فؤاد إليها ضاغطا على معصمها يدعم وقوفها هاتفا

" لا .. لا تقعي هنا .. هل نسيتِ دواءكِ كالعادة ؟! "

لم ترد وهى تقاوم حرفياً غيبوبة السكري التي تداهمها كل فترة طويلة وبعد ضغوط شديدة .. قوية لا تقع إلا في انهيارات ريختر الكبرى .. ووجود الجبال الثابتة !

ترددت ذراع فؤاد في إسنادها ثم نفخ بلا اكتراث ليحيط خصرها متذمراً همساً

" لا اعرف هل أنا الموصوف ليذكركِ بهذا الدواء أم الموصوف لتقعي في حضني ؟!.. اخشى فقط أن تقعي في حضن غيري ! "

تسير معه بإدراكٍ ضئيل تسأل

" ماذا تقول ؟!! "

هدأ فؤاد من ثورة الغضب التي اجتاحته بالأعلى ليرد متجهاً لسيارته

" هيا اقتربنا "

ساعدها لركوب السيارة شاعراً بثقلها المتزايد فالتف يأخذ مقعده متسائلا

" هل أنتِ واعية لتأخذي الدواء ؟ "

حركت ألماسة رأسها بتثاقل وهى تفتح حقيبتها ببطء فأخذ الحقيبة يبحث فيها بنفاذ صبر حتى وجد شريط الدواء والماء .. لكنه ما إن رفع بصره لها وجد رأسها مستريحاً على المقعد ووجهها يشحب

عقد حاجبيه بشدة متوترا ليفتح درج السيارة أمامها يخرج عطره يضع منه على يده ويقربه لأنفها بقوله الخافت الخشن

" اهدئي .. انسي ما حدث "

فتحت ألماسة عينيها تستنشق الرائحة تمد يدها قائلة بتعب

" أنا واعية .. اعطني الدواء "

أخذت دواءها تحت نيران عينيه وعاد رأسها يستريح على ظهر المقعد بصمت .. لقد كانت إشارته لينطلق مدينة له بالأمان الذي أحلته منه منذ دقائق .. وكانت تسدد الدَين دون أن تخبره وجهتها تاركة الأمر له .. ورائحة عطره لا تغيب عن الدنيا.

بعد وقت لم يدركه توقف بالسيارة بأول الحي .. بحياته لم يقود بذاك البطء يوماً .. هو صاحب ممارسات الحب العنيفة مع الطرق .. ومعارك القتال مع السيارات الزلزالية
سباقات الموت على الطرق السريعة هوايته الصاخبة التي لا فكاك منها إلا بأخر نَفَس

يرنو بعينيه نحوها بين كل دقيقة وأخرى وهى لم تتحدث بكلمة بين استيقاظ وغفلة ..
حتى قال برهبة ذنب قديم أخفاها عميقاً ليخرج صوته فاتراً

" لن استطيع دخول الحي وأنتِ بسيارتي "

رفعت ألماسة رأسها منتبهة .. سيبدو الأمر كأن كلامه كان صحيحاً وهو برأها كذباً بعدما عادا معاً !.. أو أحد سيناريوهات الألسنة المعتادة !!

لذلك فتحت بابها بصمت فتسمع سؤاله بخشونة

" هل تستطيعين السير ؟ "

نزلت من السيارة دون أن ترد ووقفت لحظات بأنفاس منتظمة .. وأمام عينيه التي ضاقت بعجب كان رأسها يرتفع وهى تسير مبتعدة بثبات .. ظهرها يشتد وكتفاها تعتدلان بلا انحناء مرض أو هزيمة موقف أو ضعف أنثى ..
لقد كانت أنثى من صلب القبائل .. عودها أخضر قائم لا ينكسر !.



يتبع ...


نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 07-07-20, 12:41 AM   #878

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي






تسلطت الأضواء الكاشفة لكل القاعة على طاولة عقد القران بمنتصفها ، يُتلَى عليها إيجاب وقبول بنظرات العيون الكارهة

يضع فؤاد يده بيد راشد بتلك الابتسامة التي وعده بها .. ابتسامة تقتل بساديتها وقسوتها .. تذكره بوساوس عقله حتى كادت أن تملك نفسه بسوادها

القاعة الكبرى تزينت لعائلتين كبيرتين وقد نفذ فؤاد كلمته ليكون زفافاً ضخماً .. من شهرٍ مضى وعد به ليبدأ تنفيذه ويدعو آل الرافعين جميعهم لتبدو الأمور عادية .. مما أجبر راشد أن يدعو عائلته أيضاً ليكون نسباً مشرفاً

تجلس رنوة جوار فؤاد شاعرة برأسها يضج بطنين لا يتوقف بأذنيها ، منذ بداية اليوم تفاجأت بفستان زفافها وترتيبات فؤاد للعروس
تنظر حولها في الوجوه المتعجبة ولا تجد أحداً يساندها إلا نظرات راشد الداعمة

تم عقد القران ليقف الجميع بتهنئة استغراب لا فرحة ، فاستدار فؤاد ينظر إليها لحظات يذكرها بصمت قاتل بكل كلمة قالها بالأمس .. ثم انسحب بنفس الصمت مؤكداً لها أنها ماتت بالنسبة إليه
كتمت رنوة دموعها بخزي وجسدها كله يرتجف لتضمها عديلة بذلك النفاق المتأصل فيها ، ثم حضن أمها الذي لا تذكره يوماً لكنها فعلت فقط كي تسمم بدنها هامسة بأذنها

" دمرتِ حياتكِ يا ابنة بطني .. مكتوب عليّ أن أرى أولادي جميعهم في الحرام "

انكمشت رنوة بخنجر آخر ودمعة تغافلها لتسقط خفية فوقف راشد أمامها يغطيها عن العيون يمسح تلك الدمعة هامساً بحنان

" مبارك رنوة "

تمر عيناه على فستانها الأبيض المغلق متسعاً كآشعة الضوء مزيناً بالماسات اللامعة فتلمع أنوثتها معه ليقول مبتسماً ظافراً

" حرم راشد الصيفي ... تبدين مذهلة "

ابتسمت رنوة بارتجاف رافعة عينيها لوجهه .. ونست كل ما كان .. تلك العزلة والوحدة التي عاشتها شهراً كاملاً وتركت بنفسها أثراً غائراً
اختفت الآثار لتتذكر فقط حلم حياتها أن تكون معه .. بل كان هو المذهل .. لحيته جعلها أخف لتتضح جاذبية ملامحه .. وتلك الشعيرات الفضية التي تختلط بسواد شعره وتصيبها بالجنون
عادت تتفتح وردةً بلا كسرة عنق وهى تمر بعينيها على حلته السوداء الفخمة تهمس عشقاً

" وأنت أيضاً "

اتسعت ابتسامته مقبلا جبهتها وأضواء التصوير ترصدهما بكل حركة ليسير معها حتى جلسة العروسين فيساعدها لتجلس معدلا حولها فستانها ثم يجاورها وهى تقول بخفوت

" لم أتصور أن يكون الزفاف كبيرا لهذه الدرجة وكل هؤلاء المدعوين فيه ! "

تذكر راشد وعد فؤاد الذي تجسد حرفياً فيرد بإيجاز

" المهم أن يعجبكِ "

أبعدت عينيها عن عيون الجميع لتحدق في الفراغ بالقول المتردد

" نعم ... لكن اشعر .. بالخوف أو ربما هى رهبة الأمر "

أمسك يدها بقوة قائلا بتحدٍ لكل مَن ينظر إليهما

" لا تخافي أنا معكِ .. سيمر سريعاً "

تقدمت صديقاتها يصافحنها بتوتر واستغراب خاصة وأن تقى صديقتهن المشتركة فتقرأ رنوة مدى سوء ما فعلت لتقول بعد لحظات

" لقد دعوت بعض صديقاتي حتى لا أكون وحيدة .. كما توقعت ... رمزي وشهاب ليسا هنا .. وتقى أيضاً "

نظر راشد أرضا مفكرا في ابنته الوحيدة لكن بالمقارنة مع كم السعادة الذي يضج بقلبه كان حزنه يختفي مؤكداً لنفسه أن تقى ستتفهمه يوماً
لذلك رد على رنوة بثقة

" عرفت أن رمزي في مؤتمر طبي سافر منذ أسابيع ولم يعد بعد ... وأظن أن شهاب اتخذ موقفاً وحده .. أما تقى ستفهم يوماً فلا تشغلي بالكِ "

ابتلعت رنوة غصة دموعها تحاول أن تتقوى به فتضغط على كفه وبصرها يحيد نحو العجوز التي أصر فؤاد على حضورها قائلة باختناق

" ساشتاق لجدتي بركة "

أدار رأسه ناظراٌ لها بصمت لحظات يتأمل ملامحها فتولد على شفتيه ابتسامة ارتياح أخيراً .. وجهها رغم طفوليته لكنه أنثوياً رقيقاً .. شعرها مرفوعاً مزين بالورود ينسدل منه التول الشفاف حتى نهاية ظهرها .. فرفع يدها إلي فمه يقبلها أمام عينيها الحزينتين ثم قال بأمل

" سيعود كل شيء كما كان وأفضل عندما يهدأ الجميع رنوة .. لا تفكري إلا إننا حققنا ما أردناه رغم كل شيء "

انتهى المسؤولون عن القاعة من نقل طاولة عقد القران ليعلو صوت شبابي مطالباً بالتصفيق للعروسين وتقدمهما للمنصة بمنتصف القاعة فوقف راشد ليجذب رنوة من يدها معه قائلا

" تعالي "

يعلو صوت الأغنية الأولى هادئا رومانسياً ورنوة تسير معه حتى منصة الرقص ليضع كفيه على خصرها يراقصها فتهمس بذهول

" هل ... سترقص معي ؟!.. حقاً ؟! "

ضحك راشد مستمتعاً بتعابيرها المندهشة ليقترب أكثر هامساً بنظرة حادة ماكرة

" هل كبرت على أن أرقص معكِ ؟! "

ابتسمت رنوة بخجل تهز رأسها نفياً متعلقة بتلك النظرة التي ترجف جسدها ثم رفعت ذراعيها حول عنقه ببطء مثير وهى ترد

" تعرف إني لم اقصد هذا ... لكنك مهيب ووقور لدرجة إني لا أتخيلك إلا ثابتاً بتلك الرزانة التي أعشقها فيك "

أخفض رأسه قليلا ليقارب طولها فيلامس جبهتها بجبهته قائلا

" تضحكين عليّ بكلامكِ كالعادة ! "

أصابعها تتحرك على مؤخرة عنقه متجاهلة نظرات الناس والهمهمات وحركات الشفاه المغيظة لتسأل بجدية

" قل لي الصراحة .. أنت لست مرتاحاً بهذا الزفاف ونظرات المدعوين أليس كذلك ؟ "

رد راشد بلا مبالاة وهو يقبل جبينها بعمق

" الصراحة أني اشعر بالغرابة قليلاً .. لكن في كل الأحوال أنا كنت سأقيم لكِ زفافاً مثل هذا حين كنا سنتزوج بعد تخرجكِ .. لم أكن لأحرمكِ من فرحة كهذه "

قلبها يدق بقوة وهى تتذكر أحلامها عن زفافها فلا يهمها كثيراً ما نقص .. حضور إخوتها وفرحة أمها .. ليلة حناء مع كل صديقاتها .. فستاناً هى تختاره لا فؤاد .. لا بأس
ضمت نفسها إلي حضنه أكثر وهى تقولها بصدق

" فرحتي إني تزوجتك يا راشد "





جلست عديلة في إحدى الزوايا تتميز غيظاً من فشل مخططها لزواج رنوة .. لم تحصل على شيء في حياتها وها قد خسرت الأرض التي وعدها بها نديم
صوت امرأتين تتهامسان خلفها جعلها تنتبه وإحداهما تقول للأخرى

" لا اعلم ماذا يجري أمامي ؟!.. هل انقلب الكون ؟!.. إنها بعمر ابنته ! "

ردت الأخرى ساخرة

" عمره لا يظهر عليه يا حبيبتي ألا ترين ؟!.. صحة ومال لماذا لا يتزوج بنت بنوت صغيرة !! "

التفتت عديلة برأسها للخلف تبتسم ابتسامة صفراء واسعة لتدخل بالحوار قائلة

" يقولون أن العريس وأخيها بينهما مصالح مشتركة لذلك هو زواج مصلحة ! "




وقف فؤاد في مكان مكشوف للجميع بأناقته يحدق في أي عيون شاخصة إليه .. من الحضر للوادي وأهل القبائل كانت دعوة عامة .. نظرته سيفاً يشق ألسنة الناس فلا يجرؤ أحد على التكلم إلا همساً لا تأثير له

نسبه وأصله وأصالته بمثابة ختم العزة والترفع فيتلاشى أمامهم أي شيء آخر قد يمس أخته ..
أخته التي نظر إليها بحنين يكتسح روحه المعذبة رغم هدر الغضب بعروقه وهى في حضن راشد .. عذاب الشعور بالذنب أنه سبب فيما حدث لها .. كل ما ارتكبه في كفة ميزان رُدّ في أخته بالكفة الأخرى ، وإن كانت نفسه تشكر الرحمة التي نالتها رنوة حين أوقعها مصيرها في رجل تمسك بها رغم الخطيئة ، رجل آخر كان سيهرب مخلفاً العار لهم مدى الحياة

اقترب عماد منه لا يفهم ما يراه يربت على كتفه متسائلا باستغراب

" ألا تريد إخباري أي شيء ؟! "

صمت فؤاد طويلا ثم أجابه

" لا تشغل بالك .. كله تحت السيطرة "

تنتبه عيناه إلي باب القاعة حيث دخلت ألماسة بكل هيبة الرافعين .. وجمال الأنوثة .. للحظات لم يصدق عينيه أنها أتت بعد ما حدث .. تحدت الحزن والألم كعادتها ، لتكون بهذا الإبهار لفخامة اللون الأسود

تتعلق نظراته بتفاصيل خطواتها والأطواق الماسية التي تلف خصر فستانها الأسود .. كتلة من الجاذبية أشعلت بأنفاسه الانبهار ..
لكن هذه المرة ليست جاذبية رجولته لمجرد أنثى .. بل جاذبية رجولته للاحتلال !

راقب فؤاد ثقة دخولها وهى تبارك لرنوة وراشد وقد بدت رنوة مصدومة من حضورها .. وليس أكبر من صدمة تحية وألماسة تتوقف أمامها بكبرياء بمباركة باردة دون أن تمد يدها ، أنظار الرافعين تحيطها وهم لا يعرفون أنها من دمهم .. إلي أن وجدت جدتها بركة وأسرعت إليها لتنحني تقبل كفها ثم جلست جوارها تحاورها وبركة تتجاوب معها بتعب

انقبض قلبه فجأة وما قاله لبركة ليقنعها الحضور رغم مرضها يمر بعقله

( ستحضرين الزفاف يا بركة .. لابد أن تري رنوة لأخر مرة )





مرت الدقائق سريعة والزفاف يبدو زفافاً ، رنوة تتمايل بفرحتها الناقصة مع صديقاتها ، تهدر القاعة بارتفاع الأغاني وكل ما حولهم يدق بالضجيج والصيحات المرحة وصديقاتها اللاتي دعتهن بنفسها يتجمعن حولها مع أقاربها يراقصنها في دوامة توهان .. يجاري راشد تمايلها مبتسماً متمسكاً بيديها بوقاره الفطري ونظرة انتصار يتحدى بها الجميع ..

وهو .. يلاقي عينيها الترابية كل دقيقة .. لا يفهم ما الرابط الذي يجمعها ببركة رغم أنها لم ترها منذ كانت صغيرة .. لم تتوقفا عن الكلام منذ جاءت

بعيدة .. لم تحاول الاقتراب منه ولو بمباركة .. حتى نهضت بسلامها على بركة ثم اتجهت بطريقها لباب القاعة مغادرة لكنها أجفلت قليلا وهو يتوقف أمامها يلاقي عينيها عن قرب

بعينيه اجتياح العواصف الثلجية وسيطرة صقيع الأرواح .. وداخله نار وحريق لا ينطفئ يشب عنفه عليهما

مرت نظراته عليها من ملوكية فستانها حتى شعرها المجموع لأعلى بوردة ماسية اتخذت من بريقها هى

عيناه ترمقان شفتيها الحمراء بزينة وجهها الخفيفة ثم السلسال الفضي الرفيع حول عنقها ليعود لعينيها قائلا بخفوت

" لم تباركي لي بعد "

ارتفع ذقنها قليلا بفطرتها ثم ألقت نظرة على رنوة وراشد لتعيد بصرها إليه بالقول الجاد

" لن افعل .. لإني واثقة أنك احترقت الليلة بكل كلمة مباركة سمعتها .. لكن أنا اعلم الحقيقة "

لمست اندلاعات الحمم المنصهرة فيه منذ زمن ، الليلة فارت بغليان لم يشعره أحد داخله .. لمسته كما لمسته كل مرة بكلمة عابرة وهى لا تقصد .. لكنه طبعها وطبيعة كلامها
استدار فؤاد ينظر لرنوة التي ترمقه بخجل طوال الزفاف ثم سأل ساخراً

" هل تصدقين أننا في مكان واحد وبهذا الهدوء ؟! "

لم ترد للحظات طويلة وهى تستدير مثله لكن تركيزها كله كان بعطره !.. عطر رافق حواسها طوال اليوم وحتى دخلت القاعة ليجاورها الآن بوضوح !
نظر فؤاد إليها جواره طولها الفارع يجعلها تقارب كتفه ، وبلا شعور طلت بعينيه نظرة قلق متسائلا

" هل أنتِ بخير ؟ "

آلمها قلبها بشدة يصارعها ليظهر ضعفها لكنها كعادتها تدفن الحزن والألم عميقاً فيها لتقول بشجاعة

" أنت السبب في كل ما حدث ووجودي في ذلك المكان .. لكن لا بأس .. عامةً شكراً أنك كنت رجلاً معي لأول مرة "

أدار فؤاد وجهه عنها بغضب سيطر عليه بصعوبة شاعراً بالإهانة .. والأسوأ إنها على حق
ينظر أمامه إلي أخته في حضن مَن يعتبره اختطفها فيتضخم الغضب بصدره طوفاناً ملتهباً يتحمله بأقسى العذاب قائلاً بجمود

" قلت لكِ من قبل أنكِ ... شرفي "

رق وجه ألماسة قليلاً شاعرة بالذنب والغضب من جفائها لتقول برفق

" لقد كفرت اليوم عما فعله راسل بالماضي "

انقبضت يد فؤاد وتيبست ملامحه وبدت عيناه بئرين من جحيم يطفو من صدره المستعر ليرد بتحشرج

" لا .. ذلك ذنب لا يُكفَر .. لن يحمله أحد إلا مَن ارتكبه .. ربما فقط رددت لكِ بعض حقكِ مما فعلته بكِ "

شعرت ألماسة أن أحداً يحدق فيها يكاد ينفذ سمه لأعماقها فأدارت عينيها بالقاعة إلي أن التقت بعيني تحية العدائية .. وظهر بتراب عينيها طيف ناري وهى تتحفز بكبريائها وترفعها بينما تابع فؤاد باختناق وفكه يتوتر بتصلب

" حين كنت أضربه كنت انتقم من نفسي فيه ... لأني فعلت بكِ مثله من قبل "

لا يعرف كيف تمكن من الابتسام الباهت المرير بعد ما قال ليضيف بنبرة خافتة .. صادقة

" يبدو أن جمالكِ نقمة عليكِ .. تشبهين الزهراء كثيراً "

تفاجأت ألماسة لتبعد نظرها عن أمه وتنظر إليه فيبادلها النظر بلا تراجع .. اعترافاً غريباً منه في توقيت أغرب

أظلمت ملامحه حتى صارت عيناه أكثر عمقاً .. وألماً لا نهاية له .. يحدق في وجه امرأة أذاها بقسوة .. ودافع عنها بشراسة

تتسارع منه النبضات منثورة كحبات العرق على جيدها .. تلمع وهجاً تكمل هالة وجهها

تخفض ألماسة عينيها أمام قوة عينيه وللحظة خانتها نفسها بالشفقة الرحيمة وهى ترد بدبلوماسية

" الجمال نعمة من الله في كل زمان ومكان .. لكن بعض البشر نفوسهم سوداء لدرجة تحويل أي نعمة إلي نقمة "

أطلق نفساً عميقاً ناظراً أمامه بحاجبين مرفوعين ليضحك فجأة بخفوت قائلا بعجب

" لا اصدق أنكِ هنا بعد ما حدث وبكل هذه القوة والأناقة !.. ابنة الرافعين حقاً .. من صلب زاهد رافع ودمائه الحرة "

تجزم أنها سمعت الحسرة بصوته بنبرة لم تسمعها منه منذ عرفته ، كان ينظر لأخته وبشكل ما كانت تفهم خواطره
ترى حولها نظرات المدعوين إلي وقفتهما .. نظرات حسد وحقد !.. لا يعرف أحد أنها من دمائه
عادت تنظر لجانب وجهه ولحيته الكثيفة وقد لانت قسماته قليلا بضحكته .. وحزنه .. الحزن يجعل وسامته كحالة معتمة تطفئ الأضواء

وكانت تدخل ذلك الظلام بقدميها وهى تؤازره

" لقد فعلت الصواب "

تحرك رأسه قليلا بتشنج وشفتاه تشتدان كالوتر فتوضح بنبرة داعمة

" أختك اختارت طريقاً وأصرت عليه حتى لو صعباً وخاطئاً .. كان يجب تدارك الأمر من البداية لكن الآن وبعد كل ما حدث .. فعلت الصواب بزواج رنوة منه .. لم يكن ينفع أن تصلح الأمر بشكل آخر أو تخفيه بشكل زائف "

مسح فؤاد على لحيته ليقول بنبرة مأساوية ساخرة

" دارت الأيام لتكوني أنتِ تحديداً شاهدة على كل ما حدث "

ووقوعه على صدرها .. لم يجد ذراعاً ممدودة إلا ذراعها .. تلقت سقوطه كما فعلها .. كما تتلقاه اليوم وهى تريحه أن فعل الصواب

تتذكر ألماسة يوم المشفى وتأوهه المتألم بحضنها فتتزايد شفقتها قائلة بتباعد قبل أن تتحرك مبتعدة

" وجودي وقتها قدر .. كما كان وجودك اليوم قدر .. ولا أحد يعرف ماذا يخفي القدر بعد ؟ "

راقب ابتعادها متابعاً ذيل فستانها المتهادي خلفها على الأرض المصقولة كأنها تصلبت لقدميها هى

غادرت القاعة لا تحمل كرهاً له ولا ضغينة .. لا تحمل سوى ذلك العطر .. وكلمات رجل نال عقابه حتى اكتفى .. رجل يشي به عطره قبل أن يتحرك ، وينسكب خلفه إذا مر مرور الكرام

وهو .. كان في مرحلة عجيبة بشعور يتسلل إليه لأول مرة لا يفهمه .. مرحلة تجعله يميل مكانه رغم وقوفه على أرض صلبة !.. مرحلة تدعى .. الفكر !.









فتح راشد باب منزله مبتسماً ورنوة خلفه تضحك على إحدى نكات الزفاف التي اخبرها بها .. خطوة واحدة تقدمتها واصطدم كلاهما بنظرة تقى وهى جالسة بالبهو
تضع ساقاً فوق الأخرى وتبتسم ساخرة ليرتفع صوتها بنبرة استعراضية

" أهلاً أهلاً بالعروس ! .. سيدة البيت وسيدتي .. مرحباً صديقتي العزيزة !! "

أطرقت رنوة ناظرة أرضا بينما دقق راشد بعيني ابنته وتأكد أنها كانت تبكي ، فوضع مفاتيحه جانباً بوجوم مغلقاً الباب ليتقدم منها قليلا لكنها وقفت فجأة بتحفز سيطرت عليه لتظل بسخريتها قائلة

" حضرت لكما غرفة النوم وفرشت الأرض وروداً يا عروس ! "

وقف راشد مكانه عيناه الأبوية تشعرها بالذنب لكنها ترد عليه بنظرات اتهام جارحة لتقترب منه رنوة تتخفى خلفه من نظرات تقى القاتلة لها ..
انفعلت تقى أكثر وهى تنظر لفستان زفافها واقترابها من أبيها لتستدير بغضب صاعدة الدرج لغرفتها لترمي كلمتها بصوت مرتفع وقح

" عطرت لكما السرير يا دكتور .. جدد شبابك !! "

برقت عينا راشد غضباً ليتحرك نحوها لكن رنوة أمسكت ذراعه توقفه هامسة بارتجاف

" هيا لندخل غرفتنا .. أرجوك اتركها "

نظر لوجهها الخائف وهدأت ملامحه ليومئ برأسه ثم يمسك بيدها متجهاً لغرفة نومهما التي اختارها كما اخبرها قبلاً .. مزهرة زاهية الألوان .. تحركت معه رنوة في المنزل الكبير الذي تحفظه من زيارتها لتقى

وصلت معه عند الغرفة وتذكرت تلك المرة التي دخلتها فيها لتراها .. دخلت لتلامس وسادته وعطوره وكتبه المجاورة لسريره ونظارته .. دموعها تنساب عذابا وهى تجرب الحب المستحيل .. وحينها دخل راشد فتفاجأ بوجودها بغرفة نومه لتمسح دموعها سريعاً وتخبره أنها تبحث عن تقى !.. لكن نظراته اخبرتها أنها مكشوفة لرجل مثله .. نظرات ألم مماثل وهو ينظر لدموعها الباقية بذات المستحيل

تخطو رنوة بشرود نحو الباب الذي أصبحت غرفته ملكها فقطع راشد أفكارها وهو يوقفها هامساً بنبرة خاصة

" انتظري .. هناك شيء لن أحرمكِ منه الليلة "

قبل أن تسأل كان يلف خصرها بذراعه ليحملها بسهولة وزنها فتشهق رنوة ضاحكة وهو يدخل بها الغرفة وهى تتشبث بعنقه .. لكنه توقف مصدوماً لينزلها ببطء

أدارت رنوة عينيها بالغرفة وغطت الصدمة وجهها مثله .. كانت الغرفة مفروشة بالورود ومعطرة بالفعل .. لكن لا شيء بها مكانه !!.. مقلوبة رأساً على عقب بفوضى هائلة .. السرير شبه مفكك والخزانات مفتوحة وكل ما فيها منثوراً وملابس راشد كلها أرضاً ، وكل ما أحضره لرنوة من عطور وزينة مكسوراً حتى المرآة

ظل الصمت المذهول سائداً مقيتاً حتى استوعبا ما فعلته تقى فقالت رنوة باستكانة

" لا بأس .. أنا سأرتب كل شيء "

عقد راشد حاجبيه بألم وهول ما يراه من فوضى أشعره بهول الحزن بقلب ابنته فأخذ نفساً عميقاً ليلتمس لها عذراً ثم قال ببساطة قاتمة

" لا حبيبتي .. ستأتي واحدة غداً تفعل "

تحرك بملامح واجمة ليغلق باب الغرفة ثم خلع سترته السوداء وأعاد ترتيب ألواح السرير الخشبية ليرتب فوقها الفراش والوسائد بأنفاس مختنقة

راقبته رنوة بإشفاق صامتة وهى تعي صعوبة الأمر عليه خاصة بما قالته تقى قبل أن تغادر ، تظن أنه تزوجها لرغبته بفتاة صغيرة وهذا مؤكد يؤلمه بشدة لأنها لا تتفهم حبه بهذا العمر

أنهى راشد ما يفعل ليزيح ثيابه بلا اكتراث جانبا بقدمه مستاءا ثم عاد إليها قائلا

" تحملي تقى قليلا لأجلي رنوة "

أمسكت كفيه بين يديها الدافئة بملامح راضية لتقول مبتسمة

" ما الذي تقوله ؟!.. إنها صديقتي وأحبها جداً .. اعرفها قبل أن اعرفك ! "

عدل كفيه ليمسك هو بيديها مقترباً بقوله

" وتحبين أبيها ! "

عيناه على ابتسامتها الجميلة وهى تخجل بحسنٍ بهي ثم تؤكد بنبرة خافتة .. ساحرة ومنسحرة

" أكثر من نفسي "

مرر راشد كفيه على الدانتيل الرقيق لكتفيها حتى ظهرها باعثاً فيها ارتجافات صاعقة تنبض بقلبها فيرد قلبه

صوت أنفاسها يعلو وهو يقترب أكثر تنثر شفتيه أنفاسه على حرارة وجهها .. عينيها .. جبينها .. يفك بيديه ورود شعرها ليتطاير التول أرضاً .. وتنسدل خصلات الحرير
يلامسها على كفه فتعود البسمة لشفتيه تتناسى الدنيا .. وبلمسة غرام لشفتيها .. تسللت منه مبتعدة بساقيها المرتجفة تراقب حركة صدرها العنيفة

تبتسم رنوة وهى تأخذ أنفاساً عميقة كي لا تنهار بفيض سعادتها .. تتجه لخزانتها حيث تم نقل ملابسها والملابس الجديدة التي اخبرها راشد بشرائها لها

للحظة تعجبت وهى تنتبه أن خزانتها الوحيدة المغلقة وسط كل المفتوح .. وبحدس ما اختفت ابتسامتها قبل أن تفتح لـ .. تقع ملابسها كلها مكومة عند قدميها عبارة عن قطع قماش مقصوصة !

شهقت رنوة ناظرة بعينين متسعتين أمام فستانها المنتفش لتتراجع خطوة ثم ترتمي أرضاً مصدومة وهى تلمس ملابسها الجميلة المقصوصة بحسرة .. كأن تقى أبت أن تقهرها مرة واحدة حين دخلت الغرفة بل أغلقت الخزانة لتقهرها مرتين

عبس راشد بغضب شديد وهو يرى المنظر المفجع أمامه ليهتف منفعلا وهو يتجه للباب

" هذا كثير "

التفتت رنوة وهى تبكي بحرقة لتقول بقهر ورجاء

" لا لا .. اتركها .. لن احتمل صوتاً عالياً ولا كلمة إهانة الليلة .. اتركها راشد أتوسل إليك .. إذا كنت تحبني اتركها "

توجع قلبه بتوسلها ضارباً على الباب بقبضته بضيق وضغط عصبي رهيب شاعراً أنه بين نارين .. لكن نار رنوة كانت أكثر حرقة وهى جالسة بفستان زفافها أرضاً تبكي على فرحتها الميتة .. ضعيفة متحسرة تلمس القماش وكلما لمست قطعة ثياب كانت تحبها ازداد نحيبها

اقترب راشد يرفعها بقوة عن الأرض يمسح وجهها واعداً

" ساحضر لكِ أجمل منهم رنوة .. لا تبكي .. لا أريد أن ينتصر أحد عليكِ حتى لو ابنتي "

ظلت تكتم شهقاتها وهو يضمها لصدره يهدئها ناظراً للثياب بغضب ثم ابتعدت بعد دقائق بوجهها الأحمر وشفتيها المرتعشة حزناً

جلست على حافة السرير بإرهاق وعيناها على ثيابها فجلس راشد جوارها مهموماً لينتبه لنظارته المكسورة جوار قدم السرير !

‏مضت عدة دقائق صامتة حتى هدأت مشاعرهما تماماً فالتقط راشد النظارة يتفحصها بأسى ثم يلقيها على الثياب ويرمق رنوة بنظرة جانبية متسائلا بحسرته هو الآخر

" هل فسدت الليلة ؟! "

مرت لحظة وهى تستوعب سؤاله !.. ثم نظرت إليه وضحكت بحزن .. ضحكة من قلبها الحزين على ملامحها الوردية الباكية كانت أجمل ضحكة رآها منها

جعلته يبتسم ساخراً على الليلة العظيمة .. بركات فؤاد وتقى !!

اقتربت رنوة منه حتى غطى فستانها ساقيه لتلمس كتفه قائلة برقة

" اشتقت إليك .. لا تتصور كيف مر عليّ الشهر دون رؤيتك "

نظر راشد لعينيها البريئة لحظات يفصل فيها مشاعره الغاضبة عن العاشقة .. ثم مد يده لكتفها ليدفعها برفق لتنام ثم مال إليها مستنداً على مرفقه يتذكر ذلك الشهر فيسأل

" هل تشعرين بأي ألم الآن ؟ "

داعبت تلك الشعيرات الفضية بشعره بأناملها فيرتاح وجهها رغم الإجهاد العابر لترد بصوت منخفض

" هل يمكنك أن تنسى أنك طبيبي الليلة ؟!.. أريدك حبيبي فقط "

أنارت ابتسامة صغيرة عينيه الرمادية ، أدخل كفه تحت رأسها ليسحب شعرها يفرده بأصابعه على الفراش شارداً في نعومته يفكر ثم قال

" أنا أيضاً أريد منكِ شيئا "

تهمهم رنوة وهى تفك ربطة عنقه ثم الزر العلوي لقميصه الأبيض فيتابع بجدية

" أريدكِ الليلة أن تنسي كل ما فات .. تعودي لذلك اليوم وأنتِ تذاكرين بالعيادة وأنا اتمنى أن تكوني ببيتي "

انتبهت أن عقله ما زال فيما حدث من تقى وغيرها طوال الفترة الماضية .. عيناه على خصلات شعرها التي يمشطها بتركيز بعيد .. فتلمست يدها وجهه تحركه لينظر إليها وهى ترد بنعومة

" هآنا الليلة ببيتك "

ابتسم متلقياً بريد دعوتها على عنوان القلب العتيق .. الليلة ما من غرفات مهجورة به .. يخفض رأسه يقبل عنقها اللين فتتحرر أنفاسها كمعزوفة بأصابعه التي تمر عليها برفق ساحر .. حتى نادته همساً

" راشد "

رفع رأسه يقبل شفتيها بخفة متسائلا بعينيه فتسأل رنوة بنظرة منكسرة موجوعة

" هل تشعر أنك .. تريدني حقاً أم ... ما حدث قتل رغبتك بي ؟ "

اعتدل على مرفقه مرتفعاً أكثر ليسأل بشك

" ما هذا السؤال ؟!.. لمَ فكرتِ هكذا ؟! "

أغلقت جفنيها شفتاها تترددان حتى أجابت

" خفت أن يكون ما حدث أنهى لهفتك لي "

شكوكه تتزايد وهو يحفظ طريقة تفكير رنوة فيسأل مجددا

" مَن الذي أدخل بعقلكِ هذه الأفكار ؟! "

صمتها يكذب قبل إجابتها المهتزة

" لا أحد ... كنت وحدي شهراً طويلاً ولم افعل إلا التفكير في كل شيء "

إن فكرت بذلك الشهر كانت ستسأله مباشرة ولن تنتظر الليلة .. هذه الفكرة خرجت اليوم أو غالباً ليلة أمس !
أحاط خدها بكفه يستدرجها سائلا

" ماذا قال لكِ فؤاد اليوم ؟ "

نظرت إليه تزدرد ريقها كأنه كشفها ثم ترد بتأثر

" لم يتكلم معي .. نظراته كانت كافية "

ما زالت تراوغ فتلمس شفتاه جبينها بقبلة أقرب إليها من أنفاسها يحاول بخفوت

" هل تحدث إليكِ طوال الشهر ولم تخبريني ؟ "

تهز رأسها نفيا مرتبكة فيضغط على كتفها بيده متسائلا بحزم

" رنوة !.. ماذا قال ؟ "

نفخت بضيق وهو ينظر لها بتدقيق يقرأها بوضوح لتقول بإحباط

" لا أريد أن أقول "

تأكد أخيراً لكنه لم يستغرب ، لم يستبعد أن يسمم أفكارها كما سمم أفكاره ، برغم عمره وخبرته تأثر بها حتى اللحظة فكيف برنوة الصغيرة ؟!

عاد يتلاعب بشعرها يطمئن قلقها بابتسامته قائلا بهدوء

" لا مشكلة .. لكن أريد منكِ شيئا آخر .. لا تثقي إلا فيما افعله معكِ وفيما أقوله .. أي أفكار يحاول أي شخص زرعها في رأسكِ ليفسد حياتنا لا تصدقيها .. أتفهمين ؟ "

اومأت رنوة وقلبها يصدقه الوعد الصامت برغبتها فيرشدها ناصحا باهتمام بحياة قادمة

" أنا أقول هذا ليس لأجل كلام فؤاد فقط .. بل تقى ابنتي أيضاً .. وربما أي أقارب أو أصدقاء .. وضعنا سيكون غريباً عليهم وعلى المجتمع .. أنا بعد كل هذا العمر تعلمت كيف أتحكم في نفسي ومشاعري ولا اتأثر بكلام الناس .. لكن أنتِ صغيرة رنوة .. لا أريدكِ أن تتأثري بكلامهم أو يؤثر على حياتنا "

حركت رأسها مجددا بأمل تهمس بطاعة جميلة

" حاضر "

يدها امتدت تتحرك على جانب وجهه ورقبته تثير مشاعره التي تساءلت عنها

" هل تتحكم في مشاعرك حقاً ؟! "

ضحك راشد وذلك البريق بعينيها يذهله .. تلك الرغبة فيها له .. ورغبة أكبر أن ترى رغبته هو فيها لتتأكد بلا هواجس الوحدة .. لا تعرف معاناة خوفه أن تنفر منه بعد ما حدث

امتدت كفه تحت ظهرها لتشعر بسحاب الفستان ينفتح ببطء يجيبها بطريق شفتيه على خدها

" مع كل الناس إلا أنتِ يا مذهلة .. أنتِ بداخل القلب "

شع وجه رنوة بهيام ابتسامتها المسحورة .. تلك الكلمة البسيطة أجمل ما سمعته بحياتها

بداخل القلب .. حروف عريقة قديمة لا تقال إلا مقصودة .. مكانة خاصة ما نالتها يوماً

تلتف ذراعاها حول عنقه تسأل

" حقاً ؟! "

بقبلة رقيقة على شفتيها يؤكد

" حقاً "

شفتاها تتحرك بين شفتيه بهمس حروف هاوية

" حقاً ؟! "

وتساقطت حروف جوابه بسحر لمسات طافية

" جداً "




يتبع ....



التعديل الأخير تم بواسطة نورهان عبدالحميد ; 07-07-20 الساعة 01:05 AM
نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 07-07-20, 12:42 AM   #879

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي




فتح راشد عينيه على ضوء النهار الواصل إليه من الشرفة المفتوحة تماماً يتطاير ستارها الخفيف ، أخذ نفساً عميقاً وهو يتحسس بذراعه الجانب الآخر من السرير ثم أدار رأسه يرى رنوة جالسة أرضاً أمام كومة ثيابها الممزقة منشغلة فيها

أنزل ساقيه عن السرير ناظراً للساعة المشيرة للثامنة صباحاً فانتبهت إليه لتلتفت بالقول المبتسم

" صباح الخير حبيبي "

نزل راشد أرضاً يجلس خلفها يحتضن جسدها لصدره فيبلل شعرها الرطب كنزته السوداء الخفيفة مقبلاً عنقها قائلا

" اليوم اسمها صباحية مباركة حبيبتي .. الوقت مبكراً جداً على استيقاظكِ "

تضحك رنوة بخجل وجهها المتورد ولحيته الشائكة تقشعر جسدها وهى تمسك بالمقص تقص إحدى كنزاتها فينظر راشد لما ترتديه .. بنطال جينز مقصوص ليصبح قصيراً للغاية عليه كنزة صفراء نصفها السفلي مقصوص كالشرائط من عمل ابنته

تضايقت ملامحه رغم حلاوة منظرها وهى تفرز الثياب إلي قسمين ليقول

" ماذا تفعلين ؟.. قلت لكِ سنشتري غيرها "

ردت رنوة بتسامح منهمكة فيما تفعل

" نعم لكن أرى ما يمكن إصلاحه في هذه الثياب "

هاتفها جوارها يرن برسالة فتأخذه لتقرأها ثم ترد عليها فأخذ راشد الهاتف متسائلا

" مَن بعث لكِ الرسالة ؟ "

ترد رنوة بنبرة عادية

" أحد زملائي يخبرني عن موعد ظهور نتيجة الامتحانات .. اشعر إني سأعيد بعض المواد في موعد الإعادة الصيفي "

فتح البرنامج الذي بعثت عليه الرسالة فوجدها إلي شخص يدعى ' محمد ابراهيم ' .. للحظات تصلب جسده بتملك وعادت أشواك الوسواس توخزه وهو يرى محتوى رسائلها كلها وهى منشغلة بالثياب .. رسائل عادية عن الدراسة أو مجرد اطمئنان عابر ..

ثم مد ذراعه حولها بالهاتف ليخفض يدها الممسكة بالمقص وأمام عينيها متعمداً أن تراه مسح كافة المحادثات مع زملائها الشباب سائلاً بهدوء

" هل يضايقكِ لو قلت لكِ أن تمسحي كل زملائكِ الشباب من على مواقع التواصل التي تدخلينها ؟ "

تركت رنوة المقص وكلمات فؤاد الحية تقفز إلي عقلها تتراقص حول عنكبوت صغير .. الشك .. ينسج أول خيوطه حول اصبعها ببطء

وجهها يتحرك قليلا محاولة رؤية ملامحه تسأل بقلق

" لماذا ؟! "

تنهد راشد مشددا ذراعيه حولها بقوة ليقول بأذنها بمنطقية

" مؤكد تعرفين أن هذا الطبيعي رنوة .. ليس منذ الآن بل منذ أحببتِني وأصبح لكِ رجل سمحتِ أن يكون له كلمة عليكِ .. أنتِ الآن امرأة متزوجة فلا ينفع كلمة زميلي أو صديقي .. أليس كذلك ؟! "

كان صوته العاقل الجاد الذي يكشف عن خبرة سنين ورفعة مقام عن أي شيء

سكنت رنوة بجلستها أمامه بعكس نظراتها المشتتة والخوف يدب بقلبها فتومئ برأسها ترد بخفوت مرتجف

" معك حق .. أنا مخطئة إني لم أمسحهم من قبل "

ابتسم راشد وقبلاته تلف على رقبتها حين لاحظ ثباتها فتتسلل كفه تحت شرائط كنزتها قائلا بتفهم

" لا .. لستِ مخطئة .. لكن حياتنا معاً ستعلمكِ مني أشياءً كما تهبين أنتِ كل الحياة لي "

هزت رأسها بملامح قاتمة مبعدة ذراعيه حول خصرها لتقف تأخذ كومة الثياب التي ستصلحها تضعها على السرير ثم تتوجه للشرفة فوجدت يده تمتد لذراعها يوقفها هاتفاً بعصبية

" أين ستذهبين ؟.. هل ستخرجين للشرفة هكذا ؟! "

أخفضت رنوة رأسها ترى ثيابها المُفتَحة من كل ناحية ثم نظرت إليه بعينين دامعتين تقول بضعف وهى تشير خلفها بتيه

" لا .. كنت سأغلقها "

شعر راشد بالذنب ومشاعره تتصارع ليتحكم فيها بين غيرة حمقاء وعقل واعٍ فيقترب منها يشدد على كتفيها بيديه متسائلا بابتسامة ماكرة

" هل تذكرين دكتورة تهاني ؟! "

تتوه أكثر وهى لا تفهم كيف تغير الموضوع هكذا فتعقد حاجبيها متذكرة بالقول

" تلك التي حدثتك في العيادة من قبل وأنا أذاكر عندك ! "

يومئ راشد رافعاً حاجبيه وعيناه الرمادية تلامس ملامحها مقترباً أكثر بتساؤل

" يومها قلتِ أنكِ تغارين من أي امرأة تمر جواري وأن حبكِ لا يقبل نقاشاً في هذا .. أتذكرين ؟ "

ابتسمت رنوة قليلا لتلك الأيام لتهز رأسها إيجاباً فيسألها راشد بصوته المتمهل الهادئ

" وأنا .. ألا يحق لي أن أغار ؟! "

رفعت عينيها لوجهه تطالع وسامته المميزة المهيبة وعشق عينيه فيدق قلبها بقوة تلاشي كل الخوف والصدمة وهى تجيبه بخفوت

" يحق لك "

يلامس راشد ذقنها يمر بإبهامه على شفتيها وضحكته تنير وجهه بعينيها وهو يراضيها ممازحاً بقوله يومها

" بما أن عينيكِ تدمع .. إذا أردت تقبيلكِ الآن هل تعتبر قبلتي أبوية أم قبلة زوج لزوجته ؟! "

رفعت رنوة ذراعيها تحيط عنقه تسأل بشقاوة وارتياح القلب كما سألت وقتها

" حسب مكانها !.. على جبيني أم على شفتيّ ؟! "

لم يرد إلا فعلاً وهو يضم شفتيها الوردية بشغف لا يقيده كالماضي ، إنما يهذبه بحكم عقله الذي تعايش به عمراً .. حنان فياض جعلها تطمئن بعد قلق .. يتلقى قطرات العسل الصبوح غذاءً للروح

ابتعد قليلا لاهثاً كفه تتجرأ كبداية الأمس فلمست رنوة خده لتقول برقة ذائبة في اشتعالها

" هل تعرف أنك صدقت يومها حين قلت لي في أي زمان وأي مكان .. ستظل تقبلني بحنان الأب ودعم الصديق ولهفة الحبيب "

‏ازدرد راشد ريقه لتهب الرغبة في دمائه الساخنة ليخفض رأسه إليها لا يعكر صفو دقائقهما كلمات حاول الثعبان زرعها بهما معاً .. يتحدى وساوس الخوف وهى تتنبأ له بتعاستها لكنه يلمس سعادتها وهى تستجيب له بلهفة أكبر

‏بحنانه .. أب يقتل الخوف بقلب صغيرته
‏بدعمه .. سند يقف بظهرها يواجه مكانها قسوة القريب
بلهفته .. عاشق يعيش عمراً من جديد يغنم منه كل ما تجود به الحياة ‏

‏وسط فوضى الغرفة فوضى أكثر عبثاً وهو يميل بها على السرير مزيحاً كومة الملابس أرضاً مجدداً .. وشرائط كنزتها تتقطع أكثر بيديه حتى اختفت تماماً.





موسيقى صاخبة مجنونة جعلته يستيقظ بضيق بعد غفوته القصيرة ، معتدلا على السرير بجذعه العاري فيغطي رنوة النائمة باستكانة جواره ثم ينهض مرتدياً ملابسه ليخرج من الغرفة

وقف راشد ينظر نحو غرفة تقى حيث الجلبة المغيظة ثم تمالك غضبه قدر إمكانه ليذهب إليها
طرق الباب كعادته ثم فتحه بحدة ليجدها تجري على جهازها الرياضي ، اتجه إلي جهاز الموسيقى يغلقه فالتفتت ترى ملامحه الغاضبة لتقول ساخرة

" عذراً أني أيقظتك يا دكتور .. أتمنى أن تكون العروس ما زالت نائمة ... ومرتاحة ! "

بإشارة وقحة كعادتها مؤخراً تنزل عن الجهاز وتجفف عرقها لتضيف ببرود

" أتمنى أن تكون هديتي أعجبتكما وأحببتما تنظيم الغرفة !! "

عبس راشد يطالعها بغرابة لا يصدق أن هذه ابنته ، أن تلك الأفكار السوداء بداخل نفسيتها التي جاهد كي يربيها سوية
قهر بقلبه يفسد أي فرحة مهما كبرت ليتساءل بلا استيعاب

" هل هذه أنتِ تقى ؟!.. هل هذه أنتِ حقاً ؟!.. ابنتي الرقيقة الناضجة التي كانت صديقتي وتفهمني قبل كلامي !.. كيف جعلتِ شيطانكِ يتغلب عليكِ هكذا ؟! "

أغمضت تقى عينيها على دموع خائنة مصدومة من نفسها مثله أن فعلت كل جنون الأمس .. لكن صدمتها فيه أكبر فتلقي المنشفة لتسأله مدعية عدم التأثر

" وكيف استجبت له أنت وأنت ترتبط بواحدة لا تليق بك ولا بعمرك ولا بمركزك ؟!.. أنا بنفسي طلبت منك الزواج كثيراً .. توقعت أنك ستتزوج طبيبة لها اسمها أو أستاذة تشرف زوجها .. فكيف فعلت ذلك وطاوعت مجرد نزوة ؟! "

انفعل راشد هاتفاً بتحذير

" رنوة ليست نزوة وعليكِ تفهم هذا وتقبل الأمر الواقع "

أفكاره العملية تثور تدرك ماذا يريد وكيف يريده مستعداً لمواجهة كل شيء في سبيله كعادته وإلا ما كان وصل لهذه المكانة بتوفيق خالقه ثم اصراره
التفتت بوجهها الحزين حاملاً نظرة سقوط قتلته .. هل سقط في نظرها حقاً ؟!.. هل هذا ما استعد لمواجهته أم أنه لم يتصور تلك الدرجة ؟!
تقدم منها خطوات متأنية مستعيدا هدوءه ليقول بنبرة مؤثرة

" تقى .. أنتِ أغلى عندي من الدنيا كلها .. وأدرك مشاعركِ وصدمتكِ .. لكنني اعلم أيضاً أنكِ مميزة وتفكيركِ مختلفاً عن السائد .. لماذا لا تنظرين للأمر من ناحية أخرى ؟.. لطالما تباهيتِ بي وباسمي .. لماذا لا تفكرين أن راشد الصيفي الذي أبهركِ كطبيب وأب لا يستحق إلا فتاة مثل رنوة ؟.. فتاة ذات أصل وعائلة ونسب يتمناه كل شخص "

ضحكت تقى ضحكة قصيرة مريرة ثم تأوهت بعذاب لتستدير وتواجهه بحدة

" هذه النظرة التي تبرر بها أنت موقفك .. لكن الحقيقة أن الناس تنظر لتلك العائلة أنها باعت ابنتها لرجل بعمر أبيها .. يقولون أنه زواج مصلحة .. الحقيقة أن معارفنا لم يتوقفوا عن الاتصال بي لمواساتي بتلك الطريقة المبطنة العفنة .. لكنني افهمهم جيداً .. يريدون أن يلقوها في وجهي أن أبيكِ كبر وأصابه الـخـ..... "

لم تكملها أمام عينيه المجروحتين وملامحه التي تجمدت رمادية كعينيه .. سالت دموعها لترتمي جالسة على سريرها تبكي ما واجهته وحدها .. حقائق وإشاعات انتشرت بسرعة البرق ولا أحد يعرف مصدرها ! ..
نظر راشد للبعيد مدركاً ما حدث لها وجعلها تفعل ما فعلت ثم تنهد بصمت وهو يتجه ليجلس جوارها يحيط كتفيها لتبكي بحضنه ..
ليخرج صوته بعد لحظات باهتاً فارغاً

" الناس .. لديهم قوالب جامدة لكل شيء .. كل شيء في الدنيا له قالب واحد وصورة واحدة !.. رجل صفع امرأة إذاً هو مخطئ .. امرأة صفعت رجلاً إذاً هو أيضاً مخطئ !.. وأنا ... تزوجت فتاة تصغرني بالكثير إذاً أهلها باعوها !.. وأنا أصابني الخرف !! "

أسبل راشد جفنيه بألم مبتسماً بلا حياة ليتابع بصوت ميت

" هل تذكرين يوماً رشحت لكِ فيه رواية أدبية هامة عن ثورات البلاد .. كان بطلها ثورياً محارباً خسر كل شيء لأجل بلده .. وبعد عمر طويل أحب ابنة أستاذه .. الفتاة التي كانت تجلس على رجليه وهى طفلة .. ليراها بعدما كبرت فيهيم بها عشقاً لثلاثة أجزاء من الرواية .. حتى مات وهو يعشقها "

رفعت تقى رأسها تنظر إليه متذكرة ثلاثة أجزاء من أجمل ما قرأت في الأدب ليواصل راشد ناظراً إليها بذلك الجرح

" هل تعرفين الفرق بيني وبين ذلك الرجل ؟.. كلانا كافح على طريقته لكن الفرق .. أني أعلنت حبي لرنوة .. بينما هو ظل يحب الفتاة سراً رغم علمها لكنها كانت سره الأكبر عن الناس .. لأن الناس حين تعرف أي أمر لابد أن تعيد تكوينه بشكل يرضي فضولهم ونميمتهم "

افترقت شفتا تقى بلا كلمات وهى تتذكر البطل الذي يحكي عنه .. تمنته فارسأ لأحلامها ذات يوم رغم عمره الكبير لكنها أرادت حبه .. فرجل مثله يقضي على أي رؤية لأي رجل بعده .. رجل مثله يتضاءل الرجال خلفه ..

لكنها لم تتخيل أن يكون والدها العظيم بعينيها مغرماً بهذا الشكل المضني للجميع

مسحت وجهها لتقف بحاجبين منحنيين بين حب يغمر قلبها لأبيها ورغبة إسعاده وبين عدم تقبل الأمر لتقول أخيراً بجمود

" أنا آسفة لما فعلته بالأمس .. لكن لن أتقبل الأمر بهذه البساطة لإني أنا مَن أرى نظرات الناس ... لك عندي ألا أضايقكما مجدداً واعتبراني غير موجودة بعد اليوم "

أصدر راشد صوتاً معترضاً متألماً وهى ترتدي سترتها على ملابسها الرياضية قائلة

" أنا سأذهب للنادي "

خرجت بهدوء وثبات ورثته عنه فظل جالساً مكانه بوجوم لوقت طويل

صوت اذان الظهر جعله يتحرك فاتجه لخزانتها ينتقي منها شيئاً مناسباً للخروج مع رنوة ثم غادر غرفتها لغرفته

وجد رنوة جالسة على حافة السرير مائلة للأمام فغطى شعرها ملامحها عنه .. مرتدية إحدى كنزاته الصيفية لتكون طويلة وواسعة على جسدها لكنها جعلتها أشهى أنوثة

وضع الفستان الذي اختاره جوارها فتحرك رأسها نحوه .. فستان طويل من الجينز منتصف الأكمام وخصره من قماش سماوي ذو كسرات مشدودة
تبسمت قليلاً وهى تتذكر أنها أخبرت تقى يوماً أن هذا الفستان جميل عليها .. لتمر الأيام وترتديه هى

تكلم راشد بنبرة غير مفهومة لكنها مريبة بهدوئها

" هيا رنوة لنخرج .. سنفطر بالخارج ثم نشتري الثياب ... هناك مَن ستحضر أيضاً لتنظيف المنزل من كل هذا "

رفعت رنوة رأسها لوجهه فتنبض أوردته بالنظر لعينيها الصاخبة بحبٍ ناضج .. ثم وقفت تضع يديها على جانبي خصره باعتيادية سلسة لتسأل بهدوء جاد

" تكلمت مع تقى ؟ "

أدرك أنها استيقظت على صوت الموسيقى ، وما بعث بعض السكينة بروحه ذاك التفهم على وجهها .. الصغيرة العاشقة

ابتسم متنهداً ليحيطها بذراعيه إلي صدره برفق جميل .. لكنها لم تترفق به ويداها تتشبث بملابسه على خصره ثم تتحرك بقوة صاعدة على ظهره حتى كتفيه .. جسدها يتطابق على جسده بامتلاك وهى تهمس بتجويف عنقه

" أحبك "

شعور يذهل كل كيانه قاضياً على أي مشاعر تناقضه .. ومتى كان للحب عمر ؟!

الحب صاعقة ضوء تصيب مَن تشاء بلا رحمة ، فتنتفض الروح الكامنة بسكونها لترتعد مع كل همسة حياة

وكان يحيا الآن فيها ولها .. يضمها بقوة أكبر يشعرها بالأمان الذي تحتاجه .. يتفهم خوفها كما تتفهم ألم أبوته
لم يعد لها سواه فإن تراجع إرضاءً لابنته أماتها بالحياة

تتنفس رنوة عطره بعنقه متلذذة به بتأوه مهلك لرجولته فيبعد وجهها ليقبل جبينها قائلا بحزم زائف

" هيا حتى لا نتأخر .. لم اعرف بعد نظامكِ في التسوق .. فالنساء لديهم طقوس تُخرِج الشخص عن شعوره !! "

ادعت رنوة المفاجأة لترد بدهشة

" أنا !!.. لا والله أنا مريحة جداً في التسوق واختياراتي سريعة "

يضحك راشد بلا مقاومة لمفرقعات السعادة التي تتفجر بخبث داخله ثم يقول بحنان

" لكِ كل الوقت واختاري كل ما تشائين .. الآن خذي حمامكِ وتوضأي لنصلي الظهر معاً ... أنا ساستعمل الحمام الآخر "

تمسكت رنوة بذراعه تكرر بنظرة أسرته

" نصلي معاً "

اومأ راشد حافظاً تلك النظرة الفخورة بقلبه ليرد بصدق وثقة

" نعم معاً .. تعرفين أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد وحده بسبع وعشرين درجة .. سنصلي كل الصلوات معاً .. لكن أريد منكِ شيئا "

أعجبها قوله تعرفين بدلا من إلقاء المعلومة لها مفترضاً جهلها .. هذا دوما ما يميزه .. يسألها قبل أن يعلمها .. دائماً ما يخبرها قبل أي معلومة ( مؤكد تعرفين ) .. لكنها لا تعرف

تساءلت عيناها المنبهرة ويدها تضغط على ذراعه فيتابع بصوت رائق مطمئِن

" نحن اتفقنا أن ننسى كل ما فات .. لكن أريدكِ أن تستغفري الله عنه .. من قلبكِ وروحكِ .. الرضا الكامل والسعادة الحقيقية لن يكونا بوجودنا معاً فقط .. بل بتوفيق الله لنا أولاً أن نتحدى أي ظرف أو عائق في وجهنا .. وبإذن الله سيغفر لنا أي ذنب ماضٍ لأن رحمة الله سبقت عقابه "

استمعت له بتركيز وتفكير وهى تعود لذلك الشهر المنعزل الذي قضته بشقة فؤاد .. اختارت أن تتغلب على يأسها وماضي والدها حين أصبحت بعصمة راشد
لكن الآن فقط أدركت شيئا مختلفاً فتعبر بشرود ووجع بعيد يصحو ليشفى

" هذا ما كان ينقصني حقا .. لطالما فكرت لمَ لا يريحني ندمي ؟!.. معرفتي بالذنوب العظيمة التي فعلتها كانت تقتلني .. خاصة حين قالت لي ابنة عمي بالمشفى هل أنتِ جاهلة لدرجة ألا تعرفي أن الانتحار كفر !..... بل اعرف .. اعرف أنها ذنوب كبيرة لكن لم اعرف طريقاً لأسير فيه دون أن تعترضني تلك الذنوب ... ربما لأني طوال الوقت كنت وحدي .. لا أحد ينصحني ويأخذ بيدي .. لذلك تفكيري لم يرشدني لذلك وحدي "

لامس راشد وجنتها بحنانه فاتحاً لها مجالاً للبوح بكل ما بأعماقها ..
لينعقد حاجباها ببوحٍ آخر وهى تقول بألم جعد ملامحها بوضوح

" تعرف أني لم أر أبي .. لكني لم أر أمي أيضاً .. لا أتذكر أن أمي جلست معي تنصحني يوماً .. لا اعرف رائحة حضنها .. حقاً لا اعرف .. لا اعرف إلا ثلاثة ذكور تربيت وسطهم .. أحدهم لا يهتم إلا بنفسه .. والثاني منشغل بسفره ومغامراته رغم حنانه وطيبته .. والثالث كان كل شيء لي .. لكنه قاسياً لا يرحم مع غيري .. أحبه كثيراً .. لكن أخاف منه أكثر .. سمعت الناس ببلدتنا حين كنا نذهب تقول إياكم أن تأمنوا له .. إنه ثعبان "

ارتجف جسدها بخوف وشهقات بكائها ترتفع فجأة بنظراتها الذاهلة كأنها لا تصدق أن أخرجت ما بداخلها هكذا

جذبها راشد لصدره مربتاً على شعرها وهى تنفجر بكاءاً فترتفع حمايته لها لدرجة شعرها ابنته حقاً .. هذه اليتيمة التي رأت به ملاذاً لكل ما دُفِنَ داخلها ولم تعلم هى نفسها أنه موجود من الأساس ..

إحساس جعله يشعر بذلك الرضا الكامل أن القدر جعلها بطريقه هو .. أي رجل قد يستوعب هذا الحزن والألم غيره ؟!
لقد كان أهم معاني الحب حاضراً بجناحيه الأبيضين .. الاحتواء.



يتبع ...




التعديل الأخير تم بواسطة نورهان عبدالحميد ; 07-07-20 الساعة 01:12 AM
نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 07-07-20, 12:43 AM   #880

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي




ُأنهت صدفة إطعام جدتها في سريرها لتعطيها دواءها ثم أبعدت صينية الطعام لتسألها بابتسامة

" هل تريدين شيئا آخر جدتي ؟ "

هزت نجية رأسها نفيا بحركة بسيطة فنهضت صدفة تطوي بعض الملابس وتدخلهم الخزانة قائلة

" سأرتب بعض الأشياء ثم اعود إليكِ .. إذا احتجتِ أي شيء حركي الجرس فوراً ولا تنتظري ككل مرة "

اومأت نجية محاولة الابتسام فتتحرك زاويتا شفتيها حركة طفيفة .. استدارت صدفة تنظر إليها بحنان ، وجهها منيرا وعيناها صافية .. منذ العملية الجراحية لإزالة الورم من المخ وفقدت النطق .. والحركة .. لا تستطيع إلا حركة ضعيفة برأسها أو يديها
اقتربت منها مجددا تسأل بأمل

" هل تشعرين أنكِ أفضل اليوم ؟ "

أسبلت نجية جفنيها لترفع أصابعها ثم تهمد على السرير فانفجع قلب صدفة بالحزن لتهتف وهى تعاود الجلوس جوارها

" جدتي أكرمكِ الله .. لا تشيرين لي بيأس هكذا .. أنا ليس لي سواكِ .. لقد مررنا بالأصعب والحمد لله على ما وصلنا إليه .. لقد نجحت الجراحة وهذه الأعراض ستتحسن مع الأدوية "

هزت نجية رأسها إيجابا لتريحها وهى تشعر بالختام القريب .. كانت تتمنى فقط لو اطمأنت عليها ببيت زوجها ، لكنها ستتركها لمدبر الأمر هو الرحيم بعباده

سالت دمعاتها مغمضة عينيها فتمسحها صدفة تنام على صدرها تحتضنها .. وعيناها السماوية تموج بالندى اللامع تحمل أملاً متجدداً على لسانها

" ستكونين أفضل .. وحتى لو ظللتِ هكذا أنا راضية .. المهم أنفاسكِ في الدنيا .. لا حرمني الله منكِ "

طرقات مفزعة على باب الشقة جعلتهما ينتفضان معاً وصوت خطوات المهدي المسرعة بالخارج يفتح باب الشقة ليصطدم برجال الشرطة وأحدهم يسأل بصرامة

" أين المهدي أحمد العمري ؟ "

تجمد المهدي بالخوف ليرفع كفاً مرتعشة لصدره مجيباً بحشرجة

" أنا ... ماذا هناك ؟ "

خرجت صدفة من الغرفة تعدل وشاحها على رأسها بينما يشير الضابط لرجاله فانتشروا بسرعة الفوضى يفحصون كل شبر بالشقة بلا استئذان ولا إحساس بأهل البيت
نظر المهدي حوله مصدوماً ليهمس بوجل

" لماذا ؟!.. لماذا ؟ "

تقدمت صدفة ثائرة ناظرة للفوضى التي تحدث تسأل غضباً

" أين أمر النيابة فيما تفعلونه ؟ "

نظر لها الضابط باستهزاء ثم أخرج ورقة من جيبه يفردها أمام وجهها بشماتة كأنه يعرفهم !.. لكنه لا يملك إلا سلطة دنيوية يتجبر على البشر بها !!.. إلا ما رحم ربي

لمحت صدفة دخولهم غرفة جدتها فأسرعت راكضة تحاوطها وهى تصرخ بعينيها الطوفانية في أحدهم حاول إبعادها بالقوة

" ابتعد عنها .. ألا ترى إنها لا تتحرك ؟ "

قبل أن يتكلم خرج رجل آخر من غرفة المهدي يحمل كيساً أسود ناوله للضابط الذي فتحه يتفحص محتوياته ثم علا صوته يجمع رجاله

‏نظر للمهدي يهز رأسه بتشفٍ متسائلا بسخرية

‏" كل هذه المخدرات التي تحفظها بشقتك للتعاطي أم للاتجار يا .. حاج مهدي ؟! "

‏انقطع الكلام على لسان المهدي وملامحه تتوه بلا فهم والضابط يأمر رجاله

‏" أحضروه "

‏وجد الرجال يسحبونه للخارج يجرونه جراً على الدرج حتى سمع صرخة صدفة

‏" أبـــــي "




انتهى



التعديل الأخير تم بواسطة نورهان عبدالحميد ; 07-07-20 الساعة 01:13 AM
نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:54 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.