آخر 10 مشاركات
467 - أريد قلبك ـ ريبيكا وينترز ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          حــــصاد مــــاضي...روايتي الثانية *متميزة&مكتملة* (الكاتـب : nobian - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )           »          474 - الحب المر - ريبيكا ونترز ( عدد جديد ) (الكاتـب : marmoria5555 - )           »          موسم الورد* متميزه * مكتملة (الكاتـب : Asma- - )           »          نون عربية (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          [تحميل] مهلاً يا قدر ،للكاتبة/ أقدار (جميع الصيغ) (الكاتـب : Topaz. - )           »          كوابيس قلـب وإرهاب حـب *مميزة و ومكتملة* (الكاتـب : دنيازادة - )           »          [تحميل] كنا فمتى نعود ؟للكاتبة/ الكريستال " مميزة " (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          201 - لقاء في الظلام - باتريشيا ويلسون - ع.ق (مكتبة مدبولي) (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree500Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-07-20, 12:43 PM   #981

olfak

? العضوٌ??? » 161105
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 746
?  نُقآطِيْ » olfak is on a distinguished road
افتراضي


في الانتظار منذ الاحد الفارط لابداعك و حكاية ابطالنا

olfak غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-20, 06:11 PM   #982

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته
تسجيل حضور
بانتظار الفصل


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-20, 06:19 PM   #983

Heba ahmed11

? العضوٌ??? » 459749
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 78
?  نُقآطِيْ » Heba ahmed11 is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور .. حماااااااااااااااااس

Heba ahmed11 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-20, 07:34 PM   #984

إسراء أبو شرف

? العضوٌ??? » 462865
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 34
?  نُقآطِيْ » إسراء أبو شرف is on a distinguished road
افتراضي

بانتظار الفصل .. وحشوني الأبطال

إسراء أبو شرف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-20, 08:09 PM   #985

آلاء منير

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آلاء منير

? العضوٌ??? » 458020
?  التسِجيلٌ » Nov 2019
? مشَارَ?اتْي » 827
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » آلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
الكلمات تبني جسوراً في مناطق لم تستكشف بعد !..
افتراضي

مساء الفل .. جاري تنزيل الفصل السابع والعشرون .. دقائق فقط


آلاء منير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-20, 08:11 PM   #986

آلاء منير

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آلاء منير

? العضوٌ??? » 458020
?  التسِجيلٌ » Nov 2019
? مشَارَ?اتْي » 827
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » آلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
الكلمات تبني جسوراً في مناطق لم تستكشف بعد !..
افتراضي

الفصل السابع والعشرون
..........................................

" لا يوجد في الدنيا حياة كاملة .. أنت تختار أحيانا لتكسب شيئا فتخسر آخر .. ملتزما للنهاية بما اخترت "

" ماسة توقفي "
هتفت بها سمية وهي تصعد السلم وراء ماسة التي تشهق بالبكاء العنيف دون اكتراث أو حبس لدموعها الغزيرة التي تدفقت بعنف الأمطار

فما أن غادر آدم حتى حل الصمت لدقائق وانتظرت هي ويوسف رد فعل من ماسة بتوجس .. حتى رأتها تنتفض فجأة تقول بصوت مخنوق " لن يعود مجددا .. لقد تركني مرة أخرى .. وللأبد هذه المرة "
ثم شهقت بالبكاء تحت نظراتهما المتألمة من انهيارها السريع وركضت تصعد لغرفتها ..
وها هي تركض ورائها حتى تلحق بها .. ولكن ماسة دخلت الغرفة وأغلقت على نفسها بالمفتاح ..

طرقت سمية على الباب بقوه تهتف " ماسة افتحي الباب حالا .. لا تدعيني أغضب "
أتاها صوت ماسة تقول من بين شهقاتها صارخة " دعوني وشأني .. لا أريد أحدا .. اتركووووونيييي "
حاولت الطرق مجددا لكن صوت يوسف أتى حازما يقول وهو بجوارها بعد أن لحق بهما " اتركيها سمية .. دعيها تهدأ أولا وتخرج ما بداخلها "

ترددت سمية تقول " ولكن .. " فقاطعها يقول " اتركيها الآن .. فهي لن تفتح على أي حال "

خرجت نهى من غرفتها بعينين منتفختين من البكاء تحملان قلقها تقول بتوتر " ماذا حدث .. لماذا ماسة تصرخ "
نظرا لها سمية ويوسف فقالت الأولى بصدمة وهي تلاحظ انتفاخ وجهها " ماذا بكِ أنت .. يا إلهي لمَ تبكين ! "

أسبلت نهى أهدابها تقاوم رغبة جديدة بالبكاء ثم قالت تلوح بلا معنى " لا شئ .. متعبة فقط .. سأدخل لارتاح " ودخلت غرفتها تغلق على نفسها هي الأخرى

نظرت سمية ليوسف الذي ينظر في إثر ابنته بصمت فقالت " ماذا بها "
زفر يوسف يدلك جبهته متعبا ثم قال وهو يسحبها معه للأسفل " تعالي معي الآن .. سنتعامل معهما لاحقا .. تحتاجين للاسترخاء قليلا يا سمية "


..................................


( عفوا الرقم الذي طلبته مغلق حاليا يمكنك الاتصال به في وقت لاحق )


" اللعنة لا يزال هاتفه مغلقا " تمتمت بها ماسة من بين أسنانها بغضب من كل شئ .. بينما لم يتوقف بكائها ولا شهقاتها الناعمة من الخروج منها دونا عنها ..

ألقت بالهاتف على الطاولة وجلست على السرير ترتجف بغضب .. بتعب .. بإحباط .. بحزن .. بألم ..
كلها مشاعر مُزجت بداخلها ولا تقوى هي عن التعبير عنهم سوى بالبكاء بعجز وقلة حيلة ..

لقد اتصلت به وهاتفه مغلق وظلت تكرر محاولاتها طوال اليوم ولكن دون جدوى .. ودون أن يخفت بكائها حتى للحظة ..

همست بصوت متهدج " لماذا الآن .. لماذا بعد أن دب الأمل في قلبي يُلقي ببذوره وحين أتى موعد جني ثماره .. لم أجني سوى المرارة وألم الفراق .. مجددا .. مجددا يا آدم .. بشعور أشد وأمر وأصعب من سابقه حتى .. فلماذا الآن "
شهقت شهقة أعلى تردف مرتجفة بكاءا " يا ربي .. كيف سأعود لتوازني من جديد بعد أن التقيته .. بعد أن عاد لي .. لماذا عاد .. وكيف أنا سأعود "

لقد انتعش قلبها أملا ما أن رأته يعود إليها .. على الرغم من أنها كانت تحاول أن تواري أملها دائما حتى لا تركض خلف وهم .. لكن أملها انتصر .. تفجرت كل ينابيعه ما أن قال لها .. نتزوج !

تعلم أن الأمر معقد جدا .. تعلم أنها ستمر بالعديد من الأشياء الصعبة إن حدث وتزوجته بالفعل وعاشت على أسلوب حياته
ولكن .. هل سيكون أصعب من فراقه
حتى لو ستبقى زوجته لأيام قليلة فقط ويذهب بعدها لأيام طويلة بعيدا عنها ..
ستتحمل هذا لأجل أن تكون معه ولو للحظات .. يكفيها أن تكون مربوطة به .. فيعود لها يوما وستظل تنتظره .. أليس هذا أفضل من اللاشئ .. أفضل من أن يبتعد دائما وأبدا ..

لماذا عقدت أمها الأمر له هكذا .. كيف من الممكن أن يفعلها .. كيف سيترك عمله ! .. كيف !! هذا ظلم كبير له وهي تدرك هذا .. حتى أنها - رغم خيبة أمل قلبها - لن تلومه إذا ما اختار عمله

شهقت من جديد تبكي بعنف عند هذه الخاطرة .. تتخيل اللحظة التي ستأتي دون شك التي سيختار فيها عمله ..
كيف ستتحمل تلك اللحظة المؤلمة !

دفنت وجهها في كفيها ترتجف من مجرد التخيل .. اللعنة على حظ قلبها العثر !
اللعنة على أمل قلبها المغدور


يتبع ..


آلاء منير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-20, 08:13 PM   #987

آلاء منير

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آلاء منير

? العضوٌ??? » 458020
?  التسِجيلٌ » Nov 2019
? مشَارَ?اتْي » 827
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » آلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
الكلمات تبني جسوراً في مناطق لم تستكشف بعد !..
افتراضي

اليوم التالي ..

" ادخل "

قالتها نهى لمن يطرق على بابها فدخل أبيها محتلا بوجوده غرفتها لتبستم له وسط ملامحها الذابلة بإشراق متناقض ..

اقترب منها يوسف يحتضن جسدها الصغير إليه فتنهدت وكأنها تشعر بالراحة هنا فقط .. وظلت هكذا لا تتكلم وهو يتلمس شعرها دون أن يتفوه بشيء .. منتظرا !

وسرعان ما آتاه ما توقعه .. نشيجها الناعم الذي حاولت منعه دون قدرتها .. لطالما كانت نهى مختلفة بإحساسها المرهف .. تتأثر كثيرا .. ناعمة كنسمة ربيعية .. وتكمن بداخلها قوة الكبرياء كإعصار لا يقف بوجهه أحد ..

قَبل يوسف فروة رأسها ثم جلس على السرير وهي جواره تحاول مسح دموعها بتهرب .. فأمسك بذقنها ينظر لعينيها الحمراوتين فينتابه الغضب الذي برع في إخفائه حاليا قائلا بهدوء حاني " من أبكاكِ يا حبيبة أبيكِ "
هزت رأسها نفيا ترد " لا أحد أبي .. انا فقط مضغوطة لأنه عام تخرجي "
ارتفع حاجباه يقول بدهشة مصطنعة " مضغوطة منذ الآن .. لا زلنا لم ندخل في الفصل الدراسي الثاني حتى "

هزت رأسها بلا معنى رافضة أن تتكلم في شيء .. فتنهد يوسف يمسح بقايا دموعها مكررا بصبر " أخبريني نهى .. فلا يرضيكِ أن يبقى قلبي قلقا عليكِ "
أجابته بسرعة " لا أقلق الله لك قلبا يا أبي "
ابتسم لها بحنان ثم قال من جديد برفق " بوركتِ يا حبيبتي .. لكني ما زلت أنتظر "
نظرت له بحيرة .. تُدرك جيدا أن ليس كل شيء يحدث بينها وبين كريم يجب أن تحكيه طالبة تدخل عائلتها .. هناك مشاكل يُفضل أن تحلها بنفسها دون اقلاق أهلها أو تدخل منهم .. لكنها الآن في حيرة .. هل تخبره أم لا !

كان يوسف ينظر لها يقرأها بوضوح من مدى شفافيتها .. وكيف لا وهو وزوجته من ربياها على ما تفكر فيه حاليا ..

هو لم يكن بالفعل ليتدخل في أمورها الخاصة مع كريم لو لم يرى دموعها .. ما زالا على البر جدا كي يرى دموع ابنته من خطيبها .. لهذا هناك نقاط يجب أن يضعها على الحروف ليضمن راحة ابنته .. رغم ادراكه لحساسية نهى ورقتها في دموعها لأي سبب .. لكنه يحتاج للتأكد ..

رفع يوسف يده السمراء يقرص وجنتها بلطف قائلا بمشاكسة حملت بين طياتها سؤال مؤكد كتقرير " هل هناك خصام بين الخطيبين "

عضت نهى شفتيها برد دون كلام وصله فقال وهو يومأ بتفهم " حسنا نهى .. أخبريني حبيبتي بإختصار وأعدك لو كان الأمر بسيطا لا يستجلب تدخلي .. فلن أتدخل .. قد أعطيكِ أنا وسمية نصيحة لكن دون تدخل مباشر "

فنظرت له نهى قبل أن تخبره باستسلام ..


.....................................



طرقات على باب غرفتها جعلتها تزفر وهي تُلقي بهاتفها بعد أن حاولت الاتصال به مجددا ولا يزال مغلقا
منذ الأمس وهو مغلق .. تُرى هل هذا معناه أنه اختار بالفعل .. ألن يودعها على الأقل !!

طرقات أخرى على الباب جعلتها تزم شفتيها بغضب .. اليوم لا جامعه لديها وهي لم تنم سوى ساعة واحدة بعد صلاة الفجر لتستيقظ تحاول الاتصال مرارا .. ولا تريد التحدث مع أحد .. هل هذا كثير

طرقات جديدة أعلى فهبت بنفاذ صبر ترتدي خفها البيتي وتوجهت تفتحه بالمفتاح بعد أن كانت تغلقه منذ البارحة ولم تفتحه للآن ..

قابلت وجه أمها المبتسم بعتب فأطرقت بحرج بسبب صراخها بالأمس بهذا الشكل عليها ..

تأففت تستدير لتجلس على سريرها فتقدمت أمها تغلق الباب ورائها بهدوء وجلست بجوارها تتطلع فيها بصمت
ثم قالت بهدوء كتقرير " أكاد أجزم أنك لم تنامي .. وأيضا لم تتوقفي عن البكاء "

شعرت ماسة بغصة تخنقها في حلقها بينما تحاول تجنب المزيد من البكاء حابسة دموعها ..
تنهدت سمية تربت على شعرها بحنان جعل ماسة ترغب في البكاء أكثر ثم قالت لها " أعتقد أنه علينا التكلم بشأن ما حدث .. بهدوء "

هزت ماسة رأسها بلا وهي تقول بتحشرج " في أي شيء أمي .. لقد رحل .. وأنتِ .. أنتِ أكثر من شجعني وأكثر من قربني منه منذ عودته .. فلمَ فعلتِ هذا يا أمي لمَ "
زفرت سمية وهي تقول لها " ماسة .. هل تعتقدين أو تشكين ولو للحظة بأني سأتعمد إيلامك يا صغيرتي "

هبطت دمعة ماسية من عين ماسة وهي تهز رأسها بلا .. بينما أكملت سمية بحنان " لا أريدك أن تُهزمي يا ماسة .. لن أسمح لكِ للعودة للوراء .. لن تعودي لأيام التخبط تلك من جديد في فراقه .. لن أسمح لكِ "

شهقت ماسة وهي تقول بتهدج " إذا هو الفراق وأنتِ تعلمين ذلك "

ابتسمت لها سمية وهي تمسح دمعتها بحنو ثم قالت " إن أَحبك .. اختارك "
هتفت ماسة بحرقة مدافعة " آدم يحبني جدا أمي لست بحاجة لأن أتأكد .. لقد تأكدت منذ زمن .. لكن لا أحد يتخلى عن عمله بهذه البساطة وخاصة إن كان يحبه .. هذا شيء مستحيل "
ابتسمت سمية بشرود وهي تقول لها " بلى .. سيفعل .. اسأليني أنا عن هذا "
عقدت ماسة حاجبيها تقول بتشتت " ماذا ! "

نظرت لها سمية تقول بهدوء " سأحكي لك لاحقا .. لكن بهدوء .. أريدك أكثر صفاءا وقوة .. منتظرة الخطوة التي سيتخذها .. لكن مهما كان ما اختاره ستتقبلينه "
اختنقت ماسة بأنفاسها تقول بتحشرج " هل .. سأتقبل خسارته .. مجددا يا أمي .. مجددا "
قالتها وارتمت بأحضان أمها التي تلقتها بلهفة تربت عليها بحنان .. تدعو الله أن يختار آدم ابنتها رغم كل شيء .


..........................


يكفي ..

ما عاد ليحتمل جفائها أكثر .. منذ أن خرجت من سيارته بهذا الشكل قبل أيام قليلة ولم يعد يراها .. حتى عند ذهابه للجامعة لها لا يجدها وكأنها تتهرب من رؤيته ببراعة لا يعلم من أين أتت بها وهي التي لطالما تميزت بالشفافية وعدم المراوغة ..

وهاتفها مغلق .. وإن صدف وقابله الرنين .. لا تمضي إلا لحظات قليلة حتى يغلق في وجهه ..
الرسائل تراها دون رد ..
حتى محاولاته ليراها في شرفته باءت بالفشل وهي التي اختفت كمن اعتزلت حتى النوم في غرفتها ..
منتهى قلة الأدب !!

لذا سيذهب لبيتها اليوم ليضع حلا لهذا ..
تلك العنيدة الغاضبة التي ستصيبه بالضغط العالي ..
مشتاق لها بشدة وغاضب منها جدا ..
يدرك مدى غبائه .. مدى تهوره .. وأنه لا يحق له ما فعله ..

لكنها حتى لا تعطيه فرصة اعتذار .. أي حياة هذه !


خرج كريم من غرفته ينزل درجات السلم بملامح عابسة تلازمه منذ أيام تثير حنق من حوله ..
هتفت أمه به ما أن رأته " إلى أين ! .. لقد عدت لتوك من العمل .. ألن تتغدى "
رد عليها بتعجل " لاحقا أمي لاحقا "

عبست أمه تقول ممتعضة " هذا الولد لا يعجبني منذ أيام .. أيعقل أن خطيبته قد لونت حياته بالأسود بهذه السرعة "

أتاها صوت زوجها يجلس على طاولة الطعام بأريحية مجيبا بتفكه " الأسود ملك الألوان .. سلمت يداها بنت يوسف "
فمطت زوجته شفتيها بعدم رضا دون تعليق ..

في الخارج كان كريم واقفا أمام الباب بانتظار متوتر .. فتح له يوسف البوابة قبل أن يبتسم له بغرابة قائلا بتعجب مبالغ به بشكل مثير للريبة " كريم .. أين أنت .. لم أرك منذ أيام "
" موجود عماه " قالها بتوتر مستشعرا غرابته فدعاه يوسف للداخل بينما الأول يسأل " هل نهى موجودة "

أومأ له وهما يدخلان غرفة المعيشة فيجلس يوسف مرتاحا يضع ساقا على الآخر بعفوية " أجل .. إنها في غرفتها "
رفع كريم نظراته تلقائيا ناحية السلم ثم قال " هل يمكنني أن أراها من فضلك "
سأله يوسف " لماذا "

ارتفع حاجبا كريم بدهشة قبل أن يقول ببعض الغباء " لماذا ماذا .. كنت فقط أريد التحدث معها "
أنزل يوسف ساقه مجددا يقترب منه ببطء فمال له كريم عفويا والأول يقول له بخفوت هادئ " بشأن ماذا .. هل تريد إكمال صراخك على درتي الصغيرة .. لو كان كذلك فأجلها قليلا يا بني .. هي تدرس الآن "

رفع كريم وجهه يرمش بعينيه قبل أن يزفر قائلا ببعض الاقتضاب " هل أخبرتك بخصامنا "
قبل أن يرد يوسف تدخلت سمية التي كانت تضع القهوة أمامهما قائلة بحقيقة تحمل المراوغة حتى لا يعرف أن نهى حكت لأبيها ليتدخل " لقد أخبرتني أنا .. بعد أن لاحظت مدى حزنها وسكونها الغير معتاد .. فكان علي محاصرتها لأعلم ماذا حل بصغيرتي .. وبعد أن أتعبتني حكت لي "

نظر لهما كريم للحظة قبل أن يقول ليوسف " أنا أعلم جيدا بأني .. "
قاطعه يوسف بهدوء بينما سمية تعود للمطبخ " بأنك مخطئ ؟ .. بأنك بالغت في غيرتك عليها .. بأنك صرخت على ابنتي دون وجه حق بينما تأتي الآن مطالبا برؤيتها ببساطة "

هز كريم رأسه قائلا مدافعا " عماه .. حدوث بعض الخلافات بيني وبينها شيء وارد .. يحدث في كل العلاقات "

صمت يوسف قليلا ثم قال له " أعلم ذلك .. لكن هناك بعض الأمور تحتاج لوقفة وتفكر .. فترة الخطبة تمت لمحاولة دراسة الطرفين لبعضهما .. ليرا كل منهما الآخر إن كان يناسبه .. وإن كنت تحل أمورك بالصراخ فاعلم يا كريم بأنك لا تناسب ابنتي .. فهي لم تتربى على الصراخ أبدا "

ارتد وجه كريم يهتف بقوة دون وعي " لا أناسبها ! .. ما معنى هذا .. عماه هل تلمح لإنفصال .. هذا لن .. "
قاطعه يوسف بصرامة " اخفض صوتك يا ولد وأنت تكلمني .. هل نحن في الشارع "

صمت كريم لاهثا بإنفعال قبل أن يقول مجددا بهدوء يحاول التمسك به " حسنا .. أعتذر .. لكن أرجوك عماه لا تلمح حتى للإنفصال "
هز يوسف رأسه ممتعضا متكلما " أي انفصال تكلمت عنه .. أنا أحاول المناقشة هنا .. ولكن يبدو أن أمور المناقشة هذه أنت تفتقر إليها "

أسبل كريم أهدابه قائلا بحرج " عماه .. أنت مثل أبي .. لن أخفي عنك .. عندما يتعلق الأمر بنهى فأنا .. لا أتحمل "

نظر له يوسف قائلا ببرود " هل من المفترض أن يكون هذا عُذرا "
ابتسم كريم ابتسامة صغيرة محرجة يرد " لا .. ليس عذرا .. إنما فقط مجرد شعور "

تنهد يوسف بصبر قائلا " اسمعني يا ولدي .. لأني أعلم أصلك وربيتك منذ صغرك .. فأعلم جيدا ماذا تكون أنت .. لطالما كنت حمائيا مندفعا كالثور منذ صغرك بكل ما يتعلق بك .. محبا متملكا غيورا .. أذكر أني لم أكن أرتاح وأطمئن على ماسة في الرحلات المدرسية إلا لأنك معها تحميها كأختك وأكثر .. "
صمت يوسف ينظر له مردفا بهدوء " لكن هذه الأمور لن تُحل هكذا .. الزواج ارتباط يختلف عن أي ارتباط آخر .. فهو رغم متانة رباطه إلا إنه حساس جدا .. خاصة لو كان الطرف الثاني كابنتي .. لطالما ربيتها على الهدوء والمناقشة .. من الجيد أن تكون حمائيا غيورا فيما يتعلق بها .. لكن برفق .. الرجل يترفق بقارورته .. يحميها يوجهها .. يصبر عليها ويقومها .. لا أن يصرخ عليها في كل موقف فيتسبب بشرخ قد يؤدي لكسر العلاقة بينهما للأبد "

تنهد كريم بصمت يومأ ممتصا كلماته بتفهم تام ويوسف أردف " أعلم بأنك تحب ابنتي .. وأعلم بأنها في أمان معك بعد موتي .. "
قاطعه كريم فورا " أطال الله في عمرك عماه "
ربت يوسف على ساقه شاكرا وهو يكمل " لكنه سيأتي اليوم الذي ستكون فيه ابنتي دوني .. هذا لا مفر منه .. لهذا تحديدا نختار لهن الأفضل .. نحرص على بناء مستقبل سليم مستقر لهن .. مع رجل عاقل .. يكون أبا لزوجته .. قبل أن يكون عاشقا لها .. هل تفهمني بني .. والأب لا يقسو .. أنا لم أقسو يوما على ابنتي .. لم أنهيها يوما عن شيء دون أن أناقشها لتؤمن بداخلها بصحة ما أرشدها إليه .. فتفعله بغيابي قبل وجودي إيمانا بفكرتها التي زرعتها فيها بصبر حتى لو أخطئت مرة وأخرى سيأتي الوقت لتمتنع عن الخطأ .. وأنا واثق من ابنتي بأنها ستتفهم وتفعل .. فهي ليست عنيدة فيما يتعلق بالخطأ "

أومأ كريم مجددا يقول بحرج الذنب " أعلم .. أعلم .. أنا حقا آسف "
ابتسم يوسف له يربت على ساقه مجددا قبل أن يقترب منه يقول " بما إنك تعلم فعليك بالتدرب على التحكم في أعصابك أكثر والمناقشة .. لا تكسر بخاطرها .. لأنه .. "
صمت يوسف مستجلبا نظرات كريم المستفهمة ليردف ببرود يحمل تحذير مباشر " لأنه لو أغضبت ابنتي دون وجه حق مجددا يا كريم .. فأنا لا أغفر لمن يتسبب بسكب دموعها .. هل تفهمني .. إلا ابنتي "

ابتسم كريم مسترضيا ليقول بعدها بنوع من الشرود " حقك عماه .. فمن لديه نهى يؤلمه دموعها الرقيقة "
تنحنح يوسف قائلا بامتعاض " حسنا .. لا تقل هذا أمامي .. علمنا "
أطرق كريم ببعض الحرج قبل أن يرفع وجهه يقول بلهفة " إذا عماه .. ألن أقابلها .. نحتاج للتحدث وتصفية ما بيننا "

وضع يوسف ساقا فوق الآخر من جديد يرد عليه ببرود " إنها لا تريد .. جد طريقك بنفسك .. هل تعتقدني مرسالا "
عقد كريم حاجبيه مستنكرا قبل أم يلمح الغرفة الخاصة بنهى تُفتح فسرقت نظراته ودقات قلبه وهو يتابعها تنزل السلم بهدوء ترتدي فستانا بيتيا لطيفا كما هي .. مبتسمة لأبيها ترسل له قبلة في الهواء تمنى الجالس بجواره لو يكون حارس مرمى فيتلقف هو قبلتها تلك ..

انتبهت نهى لكريم فتوقفت للحظة مرتبكة لكنها سرعان ما شمخت بأنفها وأكملت الدرجات المتبقية متوجهة للمطبخ حيث تقف أمها .. وبمنتهى الهدوء والتروي .. كانت تُحضر طبقا وتفتح الثلاجة ثم تبدأ بإنتقاء حبات من الفاكهة اللذيذة تضعها في الطبق ..

ثم أغلقت الثلاجة وهي تتحرك من جديد .. خارجة من المطبخ عائدة للسلم ..

اتسعت عينا كريم مستنكرا تجاهلها ..
فنهض ينادي عليها لتتوقف للحظة من جديد ثم أكملت السلم بهدوء ولا مبالاة .. تأخذ حبة فاكهة تأكلها ببرود وتلذذ أغاظه ..
ودخلت غرفتها وأغلقتها .. كأميرة تحتمي بقلعتها لا يجرؤ فارس حتى الآن باقتحامها ..
بينما سمية بالأسفل كانت تصب القهوة لنفسها مبتسمة بفخر !
ويوسف يهز رأسه مبتسما .. قبل أن يشرد مشغول البال على الأخرى .




يتبع ..


آلاء منير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-20, 08:14 PM   #988

آلاء منير

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آلاء منير

? العضوٌ??? » 458020
?  التسِجيلٌ » Nov 2019
? مشَارَ?اتْي » 827
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » آلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
الكلمات تبني جسوراً في مناطق لم تستكشف بعد !..
افتراضي

ممددة على السرير ناظرة للسقف بشرود حزين .. ملامحها نُحتت من الألم .. شفتاها مائلتان كأنها على وشك البكاء رغم أنها حرفيا قد شبعت من البكاء حد الإرهاق وجفاف الدموع ..
تسبح في حالتها الخاصة التي تقاومها بكل قوة بين حين وآخر .. رغم انهيارها كل يوم .. لكنها لن تستسلم ..

لكن ورغم كل شيء هي متألمة ..
لقد اختفى كما لو أن وجوده كان مجرد حلم ..
اختفى وكأنه قد قرر الهجر ببساطة .. تاركا إياها حتى دون سلام ..

أعلن هزيمته أخيرا دون أن تجرؤ على لومه .. على الأقل في وجهه ..
فبينها وبين نفسها بعد مرور أيام .. لم تستطع مقاومة شعور العتاب ..
عتاب لا تستسيغه وهي التي تدرك أهمية حياته لديه .. تدرك ما مر به .. تدرك أنه رغم كل شيء لم يفكر يوما بترك عمله ..
لكنها عاشقة يائسة في النهاية ..
كانت يائسة لدرجة مؤلمة من الأمل !!

فتجد نفسها تهمس " هل اخترت .. هل اخترت العمل .. هل ذهبت دون حتى وداع .. وكأنك قد تعبت من العلاقة التي استنفزت كلينا هذه "

أغمضت ماسة عينيها بإرهاق تتكوم حول نفسها باحثة عن النوم .. فغدا ورائها جامعة ..
ستسبح في حياتها بقوة مقاومة تيار الضعف الذي يريد أن يتغلغلها .. يجرفها معه ..

هي لن تعود للوراء .. هي فقط ستتألم كما لم تفعل يوما ..


............................


" بم تفكرين "
قالها وهو ينظر لها نائمة بجواره ناظرة للسقف بنظرات مهمومة .. فتنهدت وهي تستدير نائمة على جانبها تواجهه قائلة مباشرة بقلق " لقد ذهب ولم يعد .. هل يكون قد اختار بالفعل ! "
رد عليها بهدوء " لقد قلنا بأننا سنواجه الأمر مهما كان خياره .. و لن نلومه على شئ "
زمت شفتيها قليلا قبل أن تقول ببعض الندم والتردد " هل يمكن أن أكون قد تسرعت و .. "
قاطعها بنبرة قوية رغم خفوتها " لو لم تفعلي لفعلت أنا .. في النهاية هذه مصلحة ابنتنا "
زفرت وهي تستند على كتفه هامسة ببؤس " لا أعلم يا يوسف .. أشعر بالقلق .. رغم أني لا أترك ماسة أبدا في أيام الانتظار هذه .. ولكن .. لا أعلم .. أخشى أن تعود للوراء "
رفع وجهها له ناظرا بسوداوتيه لبنيتيها قائلا بتأكيد " لن تعود أبدا .. لن نسمح بذلك "

أومأت وهي تحتضنه أكثر فربت عليها بحنان قبل أن يقول بغموض " كما أن الأمر لم ينتهي بعد .. فهو لم يقرر "
رفعت نظرات متسائلة له ليكمل " إنه لا زال في البلاد "
جلست هاتفة بلهفة " حقا .. كيف عرفت "
أجابها بهدوء " عرفت يا سمية .. هو لا زال في البلاد يقيم في أحد الفنادق "

رفع يده يسند بها رأسه بينما يده الأخرى امتدت تلاعب خصلات زوجته بشرود مفكر فضيقت سمية عيناها قائلة " أعلم هذه النظرة .. بماذا تفكر يوسف .. شاركني "

ابتسم وهو ينظر لها يسحبها لتستند على كتفه من جديد يرد " سأشاركك "


............................


اليوم التالي صباحا ..

في وسط غرفة تسبح في الظلام .. مغلقا الستائر على كل منفذ للهواء والنور ..
كان هو ممددا على السرير ناظرا أمامه بلا معنى يدخن سيجارا فقد عدده !

منذ أيام وهو في دوامة من الأفكار بين غضب وإحباط وتشتت .. وشعور بالظلم ..
لكنه لا يعلم إن كان الظالم أم المظلوم ..
و بين إدراك لصحة التنازل .. و إدراك من مدى صعوبته .. تاه في المنتصف !

بين إختيار هوية آدم القبطان .. الذي لم يرى نفسه يوما إلا قبطانا ..
و إختيار هوية آدم الغارق .. الذي وجده مرساه أخيرا ساقطا في عشق لم يجربه يوما ..

شعر بالرعب .. فبقدر الظلم كان مرتعبا ..
فماذا لو فضل شيئا على آخر فعاد ليندم يوما !

انتفض آدم من ركدته يطفئ السيجار بنزق وغضب .. لقد عاد له غضبه بشكل أصعب ..
لكنه يصبه على نفسه الآن ..
فها هو يعود مرارا لنفس النقطة .. بتخبط
ماذا لو !


إنه يشعر بحاجته لمن يرشده .. هو القبطان الذي طالما أرشد السفن .. أخرجها من ظلمات البحر لنور البر بأمان وسلاسة ..
ها هو يشعر بضياعه عن خريطته من جديد .. بعد أن كان اهتدى يوما بمنارته الشرقية ..
لكن هذه المرة لا يستطيع الاستعانة بالشرقية للأسف ..

نهض آدم مقتربا من النافذة يبعد الستائر فيغمض عينيه ليستوعب نور النهار الصافي يواجهه صافعا نظراته بقسوة مؤلمة لوهلة ..

أسند جبهته على الزجاج ناظرا ببؤس للشوارع المزدحمة بالأسفل شاعرا بالقنوط ..
تبا لكل شئ .. ألا نهاية لعذاب سنواته أبدا ..


رنين هاتف الغرفة جعله يجفل للحظة ثم زفر حانقا وهو يبتعد عن النافذة التي كان يتطلع فيها بشرود ..
فاقترب منه يرفع السماعة بملل ليتحدث معه موظف الاستقبال يخبره أن هناك ضيفا ينتظره في الأسفل يريده في أمر هام ..
عقد آدم حاجبيه بتوجس وهو يفكر عن هوية الضيف .. ثم رد مقتضبا أنه سينزل .. شاعرا بالتورط .. لمَ أجاب على الهاتف أصلا ..

تحرك بعدها ينزع ملابسه وهو يدخل الحمام ليتحمم متسائلا من جديد عن هذا الضيف ! ..
هل من الممكن أن يكون أحد أقربائه مثلا ..

تأفف وهو تحت رذاذ الماء .. ليس وقته الآن أبدا لا يريد التحدث مع أحد أو مقابلة أحد ..


خرج من الحمام بجفف نفسه ويرتدي ملابسه بشرود وهو يعقد حاجبيه متذكرا بأن لا أحد يعلم إلى أين سافر أصلا سوى مليك .. فكيف سيكون أحد أقاربه !! ..

خرج آدم من الغرفة نازلا لأسفل
اقترب من موظف الاستعلام يسأله عن الضيف وهو يحاول بحزم نفض أفكاره الشائكة الآن .. ليشير له لمكانه .. التفت مدققا في هويته ليرتفع حاجباه وتتسع عينيه وهو يدركه ..

اقترب آدم بخطوات حذرة واقفا أمامه مستجلبا اهتمامه وهو يتنحنح قائلا " سيد يوسف "
خرج يوسف من شروده لآدم لينهض يسلم عليه بينما آدم يجلس شاعرا بالتوجس وكثرة الأفكار المتناطحة في رأسه ..

ماذا أتى به ؟
هل انتهت مهلته ؟
هل أعطوه مهلة ؟
هل رفضوه تماما ؟
هل اعتقدوه اختار بصمته حتى الآن عمله ؟

أخرجه يوسف من أفكاره وهو يسأله أسئلة اعتيادية كاسرا بها الصمت المتوتر قبل أن يقول مباشرة دون مراوغة " تريد أن تعرف لمَ أتيت أليس كذلك ؟ "
أومأ آدم قائلا بهدوء " بالطبع أهلا بك .. ولكن بصراحة نعم "
ارتشف يوسف رشفة من قهوته قبل أن يقول ببساطة " بصراحة مضت أيام .. وأنت لم تُجِب .. لذا أنا قررت أن أعرف وأنهي الأمر بنفسي .. فأنا لا أريد أن تبقى ابنتي مُعلقة ونحن معها .. فهل بإبتعادك قررت اختيار عملك ؟ "

رد آدم دون تفكير " لا لم أقرر بعد .. وهذا الأمر ليس بتلك السهولة لأقرر بأيام .. هذا قرار يُكلفني مستقبلي .. خاصة أن القرار بدى تعجيزا لي .. لرفضي "

لم تتغير تعابير يوسف من هدوئها وهو يصمت قليلا يومأ له قبل أن يقول وكأنه يدردش معه " هل تعلم يا آدم .. إنجاب الفتيات هو أروع الهدايا على الإطلاق .. ورغم هذا .. تمنيت بداخلي لو رُزقت بولد "
نظر له آدم متعجبا فحوى الحديث فأردف يوسف موضحا " ليس لأجل أن يحمل اسمي وهذه الأمور التي أراها تافهة .. فأنا بنتاي عندي يكفياني عمرا فوق عمري .. "
صمت للحظة ينظر لآدم بنظراته وقال بعدها " ولكن رغم كل شئ لا أنكر أمنيتي بوجود ولد يكون لهما سندا من بعد الله "

ابتسم يوسف قليلا وآدم يستمع بإنصات يريد الوصول لمغزى كلامه والآخر أكمل " في مجتمعنا .. نحن ننجب الفتيات .. فنحمل همهن دائما .. ليس عيبا فيهن .. وإنما خوفا وحملا لهمهن معهن .. وصفهن الرسول بالقوارير .. لذا أريد دائما لابنتيَ الحماية والاستقرار والأمان .. حتى لا تتأذى إحدى قواريري الرقيقة "

صمت يرتشف من قهوته من جديد ثم تكلم قائلا " في مجتمعنا أيضا مهما ساعدنا الفتاة على الاستقلال والتعلم والارتقاء بمستواها .. مهما ارتفعت بمكانتها في المجتمع فتصبح مصدر زهو واعتزاز .. لا تجد قلب الأب مرتاحا إلا بوجودها بجوار سند لها .. بيتا يحميها .. يدا تربت عليها وتدافع عنها .. هذا هو قلب الأب .. لذا تمنيت الولد "

عقد آدم حاجبيه يفهم قليلا ما يقوله دون تعقيب مجددا فأكمل يوسف " لكن بعد بعض المشاكل حدثت لزوجتي اكتفيت بالبنتين .. مدركا أن الله خير حامي لهما في الحياة .. مؤمنا بأني يوما ما سأحرص أن أزوجهما لرجال يكونوا لهما كل شئ بعد مماتي .. فالزوج دائما يختلف عن أي أحد في مكانته .. هو الوحيد الذي يبقى لزوجته مهما مرت السنون "

ابتسم يوسف وهو يقول أخيرا " و أنا عندما سمعت عنك .. عما فعلته مع ابنتي .. أدركت جيدا أي قلب شجاع تحمل وأي رجولة بك .. بالإضافة للحب في قلبيكما .. فكيف تتهمنا الآن .. برغبتنا بتعجيزك لرفضك .. لماذا قد أرفضك.. بينما أنا أصلا لدي السلطة الكافية للرفض مباشرة لو لم أقتنع بك ولم أرى فيك ذلك الرجل المنشود والسند القوي .. مدركا تماما بأن ابنتي لم تكن لتعصيني يوما حتى لأجلك "

عقد آدم حاجبيه يزم شفتيه بغير رضا لكلماته الأخيرة .. لكنه سرعان ما أسبل أهدابه يقول بهدوء " أولا أطال الله في عمرك لفتياتك سيد يوسف .. ثانيا "
رفع نظراته له يقول بعنف مكبوت " ماذا تتوقع مني أن أفكر بينما أنتما تخيراني بين خيرين متناقضين .. بين حياة وأخرى ! .. كيف يفقد الإنسان عمله لأجل أن يتزوج ممن يحبها ! "

زفر يوسف قبل أن يجيبه بهدوء " لطالما اعتقدت أنك لا تتمتع بأي أنانية .. شخص يفكر بسعادة الذي يحبه ويضمن سلامته حتى لو على حساب مصلحتك أنت .. لكن الآن في هذه اللحظة .. أدرك إلى أي حد جعلك يأسك أنانيا كفاية لتطالبني بابنتي فتأخذها مني ببساطة لتعيش في غربة وحدها .. تربي الأطفال .. تعمل .. تكافح في حياة زوجية تعيشها وحيدة فاقدة معنى كلمة ( زوجية ) فتصبح حياة ( فردية ) .. لا أعرف لمَ قد أوافق على إلقاء ابنتي فيها بينما هي تستحق الأفضل وهي لا ينقصها شيئا "

كان آدم يلهث وهو يواجه بالفعل الحقيقة .. يدركها تماما وقد فكر فيها مرارا في الأيام الأخيرة .. لكن ماذا يفعل !

رفع يوسف نظرات حازمة له يقول له " الحياة ليست بتلك السهولة لتعتقد أنك ستأخذ كل شئ منها على هواك .. يضحي الجميع لأجلك بينما أنت تأخذ مباشرة .. تحت مسمى الحب وهذا ما بيدك .. لو كانت ظروفك مختلفة .. كان الوضع قد اختلف .. لكن بين جنسيتك وعملك .. الاثنان كثيران على ابنتي .. العلاقة الزوجية تُقام على أساس متين من كلا الفردين .. تضحيات ثنائية .. تنازلات من الزوجين .. بحثا عن الاستقرار حتى النهاية وحياة سليمة صحية لا تستنزف أحدا لمصلحة الآخر ! "

أغمض آدم عينيه للحظة متكلما باقرار مهزوم " أعلم هذا "
" جيد " قالها يوسف باقتضاب

ففتح آدم عينيه وكأن نجدته في يوسف هذا .. فقال له " لو كنت مكاني .. صدقني كنت ستتفهمني أكثر "
ابتسم يوسف ابتسامة حملت من السخرية و الحنين ما جعل آدم يتعجب في المزيج .. بينما تأتيه كلمات يوسف الهادئة التي زادت من حيرته " ومن قال بأني لم أكن يوما مكانك !! "

عقد آدم حاجبيه يسأل بحيرة " ماذا ! .. هل كنت قبطانا "
ابتسم يوسف بهدوء يرد عليه " بل ضابط حربية "



يتبع ..


آلاء منير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-20, 08:16 PM   #989

آلاء منير

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آلاء منير

? العضوٌ??? » 458020
?  التسِجيلٌ » Nov 2019
? مشَارَ?اتْي » 827
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » آلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
الكلمات تبني جسوراً في مناطق لم تستكشف بعد !..
افتراضي

تنهدت سمية وهي تستند على ظهر السرير تتمدد في المنتصف بين ابنتيها بداخل غرفة ماسة .. فقد أتت نهى أيضا وهي تجد أمها في غرفة أختها ودعاها الانثتان للجلوس معهما وقبلت تنفض عنها الحزن بعض الشئ فتمددن الثلاثة بجوار بعضهن لتتحدث سمية بينما بنتاها تستمعان بهدوء وبعض الحالمية .. وسمية شاردة بابتسامة حنين ..

قبل ثلاثون عاما ..

تقف في الشارع تتأفف وهي تنظر لساعتها بنفاذ صبر وهي تتمتم من بين أسنانها " اللعنة .. إنها العاشرة ليلا .. أين هذا السائق الغليظ "
لماذا صممت أن تذهب لعيد ميلاد صديقتها .. ها هي تقف في الشارع أمام المطعم الذي لا زال الاحتفال فيه قائما وأصبحت العاشرة وقد تأخرت كثيرا ..
الآن سيقلق عليها أبوها بالطبع .. كله بسبب ذلك السائق العجوز الذي يصمم على أن يقود بمنتهى البطئ وكأن الشارع سيأكله ..

تنهدت وهي تتهادى في مشيتها قليلا حتى يأتي السائق وظلت تدندن بإحدى الأغاني بهمس رقيق بصوت ناعم " وقابلتك انت لقيتك بتغير كل حياااتي .. معرفش ازاي حبيتك معرفش ازاي يا حياتي "

" يا أرض احفظي ما عليكِ .. ما هذا الغزال بفستانه الجميل الذي يتهادى في هذا الليل وحيدا "

التفتت لمصدر الصوت الذي بدد شرودها بطريقة سمجة .. لتجد شابا يقف مستندا على الحائط يدخن هو وصديقه بينما يتطلعان فيها بوقاحة .. فانتبهت أنها ابتعدت عن المطعم بعض الشئ .. لتقرر العودة من جديد لتقف أمامه على الأقل في الداخل يوجد صديقتها وأهلها الذين تحرجت أن تظل معهم جالسة وقد ذهب جميع الأصدقاء فقررت الوقوف خارجا وانتظار السائق البطئ جدا .. تبا له على هذا التأخير في هذا الليل ..

ما أن استدارت بصمت لتعود حتى وقف أمامها ذلك الشاب الذي يتغزل فيها مبتسما بسماجة رغم وسامة ملامحه وقال " إلى أين .. تعالي أنا سأوصلك لأي مكان بسيارتي "
نظرت له بتلبد للحظات صامتة ثم ابتعدت بخطواتها تحاول المغادرة دون رد لكنه اعترض طريقها فحاولت المراوغة من الناحية الأخرى ليعترض طريقها مجددا ..
حسنا لقد أشعل فيها طبعها الناري بإستفزازه البارد .. رفعت نظرات تشتعل غاضبة وهتفت " أنت يا قليل الحياء وعديم التربية .. ابتعد عن وجهي بوجهك البارد هذا قبل أن أدفنه في مياه الصرف الصحي "
اتسعت عينا الشاب متفاجئا من لسانها السليط الذي ألقى بقذائفه فورا على الرغم من أنها فتاة وحدها لكنه سرعان ما تمالك نفسه وقال ببرود وقح " وكيف ستفعلينها يا صاحبة اللسانين اللذين سأقصهما لكِ الآن "

شهقت بعنف بينما عيناها اتسعتا بغضب كفيل بإحراقه واقفا هو صديقه الذي يراقب مبتسما كم يراقب عرض مسرحي يمتعه .. وصرخت دون اهتمام أنها بالفعل فتاة وحدها مع شابين مجهولين " تقص لمن لسانه .. لساني هذا سألفه الآن حول عنقك أيها السمج قليل الأدب واخنقك به .. ابتعد عن وجهي الآن قبل أن أصفعك "

زم الشاب شفتيه بغيظ من لسانها وقد استفزته فعلا ليهتف بحدة وغضب " ولماذا تسيرين وحدك في الشوارع وتأتين لهنا بفستانك هذا .. هل ستمثلين عليّ دور الشرف والأخلاق "
شهقت بعنف أكبر وهي تسمعه يشتمها صراحة ثم ودون تفكير في الأمر استجابت لاشتعال أعصابها بناريتها فرفعت يدها تحط بها على وجنته بعنف وسرعة لم يتداركها أو ربما لو يتوقعها حتى و تصرخ " اخرس أيها الحقيييير "

اتسعت عينا الشابين بصدمة من صفعها له ومرت لحظات وهما متسمران بذهول قبل أن يشتعل الغضب في عينيّ الشاب المصفوع على وجهه فهجم يمسك بمرفقها ويرفع يده في نية واضحة لرد الصفعة بأقوى منها .. فأغمضت عينيها برعب وقد أدركت تسرعها الغبي أخيرا !

ولكن لحظة واحدة ميزت من خلالها صوت خطوات مسرعة قبل أن تجد نفسها تُسحَب بقوة هائلة للوراء من مرفقها الآخر حتى اختل توازنها وكادت أن تسقط بالفعل وهي تسمع تأوها عاليا حينها ..
رفعت وجهها تنظر لتجد أن شابا لم تستطع تبين ملامحه في هذا الليل خرج من مكان ما يشتبك مع الشاب الذي صفعته ويضربه .. وينقذها !

اتسعت عيناها حماسا هذه المرة ! ..
متشفية في هذا الغليظ الذي كان يريد صفعها فصرخت مشجعة " أجل .. اضربه اضربه "

انتبهت أن الشاب الآخر يقترب ليساعد صديقه في اشتباكه فشهقت وهي تخبر نفسها بأن اثنين قد يكونا كثيرين على الشاب الذي أنقذها من الصفعة ..

ودون تفكير من جديد بحثت في الأرض عن شئ لتضربه فوجدت بعض الحجارة والحصى مرمية على الأرض بإهمال لتركض إليها تحملها بيدها ثم اقتربت من الشباب الثلاثة المتشابكين بالأيدي .. فلمعت عيناها بانبهار لحظي وهي تلاحظ أن الشاب المنقذ المجهول يمتلك قوة جسمانية ومهارة قتالية بخبرة ملحوظة فلا يقدر عليه الشابين !!

لكنها نفضت اللحظة تقرر المساعدة رغم ذلك .. وأمسكت بالحجارة تلقي على الاثنين المشتبكين مع منقذها بغل .. ونشان عالٍ !


تأوه الشخص الذي صفعته من حجارة صُوبت بمهارة نحو أنفه الذي انفجرت فيه الدماء .. فعاجله منقذها الشجاع بضربة في ركبته ليسقط أرضا بينما بحركة أفعوانية كان الثاني مقلوبا على ظهره بجواره مستغلا انشغالهما في تفادي الحجارة !

ثم ودون مقدمات ركض لها بسرعة وقد توقفت عن إلقاء الحجارة ومد يده لها لتمسك بيده فورا بغير تفكير ويركضان معا مبتعدين عن الشابين اللذين لا يزالان يتأوهان ويسبان !!

يركضان ويركضان سريعا وهو ممسك بيدها بقوة .. كي لا تسقط .. حتى إنهما لم ينتبها للأمر .. !
إلى أن توقفا أخيرا يلهثان وهما يخرجان للشارع الرئيسي حيث السيارات والبشر في كل مكان .. وقد ابتعدا كفاية عن الشابين

رفعت يدها لصدرها تهدئ من لهاثها .. ثم رفعت نظراتها للشاب الأسمر تلحظ وسامته أخيرا للحظات وهو يبادلها النظرات ثم فجأة .. انفجرا ضاحكين !!

هدأ الضحك واللهاث فلاحظا بعدها أنهما لا زالا ممسكين بأيدي بعضهما فأحمرت هي تبعد يدها بحرج بينما هرش الشاب عنقه ثم تنحنح يمد يده بسلام قائلا بإبتسامة رزينة تليق بمحياه " يوسف "
احمرت أكثر لكنها رفعت يدها تصافحه قائلة بابتسامة أنثوية خجولة " سمية "

أومأ دون كلام وهي تسحب يدها منه ثم قال ببساطة دون قصد " لماذا تسيرين وحدك في شارع جانبي فارغ من المارة تقريبا .. ماذا قد يقول عنك الناس "

وهكذا فجأة .. اختفت النظرات الناعمة واحمرار الحرج لترفع له عينين مشتعلتين بالسخط وملامح استنكار وخدين محمرين غضبا تهتف " عفوا عفوا ! .. وماذا قد يقول الناس .. وما لي أنا بالناس .. وما خصك أنت وما صفتك .. هل أنت أبي "

اتسعت عينا يوسف مصدوما لوهلة من هجومها الثائر عليه لكنه متماسكا قال ببرود " بصفتي الرجل الذي أنقذك من صفعة كانت ستنزل على وجهك قبل دقائق لتديره بزاوية مائة وثمانين ! "

شهقت سمية تهتف بعصبية وهي تشعر بأن به شئ يستفزها " هل ستذلني أم ماذا .. ومن طلب منك مساعدتك .. أنا قادرة على إنقاذ نفسي "
غضب حينها يوسف وهو يقترب منها قائلا " حقا .. لم لأرى هذا وأنت كنتِ كالأرنب المذعور أمام الشاب "
صرخت حينها تضرب الأرض بقدمها بينما بعض المارة ينظران نحوهما بفضول " الأرنب المذعور هذا هو من أنقذك أيضا وقد كانا سيبرحانك ضربا فيحولانك لعجين بيتزا "
زم يوسف شفتيه يكاد يصفعها هو بنفسه لكنه قال بغرور شاب واثق " من يضربني يا هذه .. أنا ضابط حربية محترم .. احفظي لسانك "

نظرت له بجمود ثم قالت متكتفة " حصل لنا الرعب والله "
أغمض يوسف عينيه مغتاظا .. فلم يكن يوما من الذين يتباهون بشارته لكن هذا الكائن الأنثوي مستفز لأبعد حد ففتح عينيه يقول من بين أسنانه " أنتِ سليطة اللسان وناكرة للمعروف .. وأنا بالفعل مخطئ أني قمت بانقاذك "
ثم استدار تاركا إياها وهو يسب ويلعن هذه الفتاة سليطة اللسان بفستانها الجميل بسخافة هذا ..

بينما سمية تنظر له غاضبة تشعر بأنها تريد ضربه دون سبب محدد فهتفت بغل ورائه " وأنت غليظ .. تبا لك "

ثم استدارت مبتعدة غير مهتمة بنظرات الناس الذين اعتقدوا أنهما حبيبان متخاصمان !!

التفت يوسف ينظر لخطواتها النارية التي تحفر الأرض رافعا حاجبه متمتما بإستنكار يردد " تبا لك !! "

بعد دقائق ..

كان جالسا في سيارته يسند رأسه للوراء .. بعيدا كفاية عن أنظارها يراقبها ..
لا يعلم لماذا أصر أن يراقبها حتى يطمئن أنها على الأقل غادرت بسلام ولن يتعرض لها أحد .. هل هي من أهله ليطمئن عليها سليطة اللسان هذه !!

عقد حاجبيه وهو يجدها تنظر لساعتها بينما تهز ساقيها بعصبية ثم تحركت بخطوات حانقة تشير لإحدى سيارات الأجرة وصعدتها لتنطلق بها ..
هل كانت تنتظر أحدهم وتأخر !! ..
نظر لساعته ليجدها العاشرة والنصف فزم شفتيه وهو يتمتم " تبا .. لمَ أنا هنا .. وحد ربك يا يوسف وعُد لبيتك .. ما هذه المراهقة المتأخرة "

قالها وهو يبدأ بالتحرك بالسيارة .. لكنه - تبا للغباء - لم يجد نفسه إلا وهو ينطلق ورائها بسيارته حتى يطمئن عليها ولم يبرر ذلك لنفسه سوى أنها شهامة منه !!

وبالفعل لم يرتح إلا وهو يجدها تترجل وتدخل لأحد البيوت في إحدى الأحياء الراقية يستقبلها رجلا ما بدى أبيها .. وحينها ابتسم وهو يخبر نفسه دون إنكار بأنه عرف عنوانها ويعتقد بأنه سيراها كثيرا !


انفجرت ماسة في الضحك وهي تسمع هذه القصة من أمها للمرة التي لا تعرف عددها من كثرة ما سمعتها دون ملل .. وقد نجحت أمها في مسح ملامح الحزن والألم عنها بينما هتفت نهى ضاحكة نافضة حزنها هي الأخرى " يا إلهي أمي .. لا أتوقف عن الضحك وأنا أتخيل هذا المنظر .. إن لقائك الأول بأبي راااااائع "

وأردفت ماسة تؤكد كلام نهى بمزاح " أجل .. أنه غاية في الرومانسية "

ضحكت سمية تلوح بيدها بينما خداها يحمران " أي رومانسية هذه .. لقد كانت كارثية " ثم تنهدت لتكمل لهما الذكريات مستمرة في نفض حزنهما واضحاكهما معا فقالت لهما " بعد يومين كنت ذاهبة للجامعة حيث كنت في الصف الثالث .. وما أن خرجت للشارع حتى وجدته واقفا يبحث عن اللاشئ .. كان يتصنع الصدفة وقد أدركت هذا فورا .. وأثار تعجبي ذلك الشعور المدغدغ أني رأيته خاصة أني طوال الليل كنت أذكره حانقة في حين مبتسمة أحيانا .. عندما رأيته تجاهلت الأمر في بادئه حتى تكرر يوما بعد الآخر ثم عاد للاختفاء لأيام طويلة جعلتني دونا عني أشعر بالفقد .. بالاشتياق له .. رغم أنه لم يتجرأ يوما ليقترب مني .. فقط يظهر من حولي في كل مكان .. كنت بالفعل أعجبت به كثيرا ولم أنكر الأمر بيني وبين نفسي .. كنت سعيدة بوجود المنقذ الحامي كملاك حارس لي أينما وليت وجهي "

صمت سمية للحظة وسرعان ما اتسعت ابتسامتها تحمل بعض الحرج وهي تكمل " حتى عاد للظهور فجأة بعد غياب أسابيع .. حينها اندفعت بجنون أمام نظراته المذهولة أسأله أين كان مختفيا "

انفجرن الثلاثه ضحكا حتى سمية نفسها ووجهها يحمر من أفعالها المجنونة في صباها وهي تتذكر رد فعل يوسف المذهول للحظات قبل أن يبتسم لها ابتسامة رزينة تحمل حنانا فطريا رغم سنه العشريني قائلا بهدوء " أنا أيضا اشتقت إليك "

هبت نهى تهتف من بين ضحكاتها " أنتِ رائعة أمي .. يا إلهي أنتِ مثل أعلى للجنون والاندفاع "
ضربتها سمية على كتفها بحنق رغم ضحكها ثم هزت كتفيها تقول مبررة " لقد أخبرتكما سابقا .. أنا أحببته .. ولست شخصية معقدة لأنكر الأمر أو أنتظر حتى يتحدث أباكما .. لنقطع العرق ونسيل دمه "

تنهدت نهى بحالمية بينما ماسة مبتسمه بهدوء تستمع بإنصات و سمية تكمل ملوحة بكفها " تعلمان التفاصيل .. لقد تقاربنا بالفعل وبعد فترة أخبرني بحبه ورغبته بالزواج مني .. وعندما أخبرت أبي بكل التفاصيل .. رفض !! "

قالتها وهي تغرق في ذكرى أخرى مع والدها وتترحم عليه بحنين ..

" إنه ضابط بالجيش ! .. يا ابنتي إنه كثير الغياب .. و .. تعلمين بأني سأعاود للاستقرار بمدينة ( **** ) .. كيف سأتركك وأذهب "
قالها أبيها بهدوء محاولا مناقشتها عله يقنعها .. لكنها وبعناد مراهقة لم تصل لسن العشرين بعد قالت له بإصرار " أنا أحبه يا أبي وأراه مناسبا .. ثم وهل الضابط لا يتزوج أم ماذا ! "
زفر أبيها يهز رأسه مدركا عناد ابنته الوحيدة ليرد بتروي يحمل حزما " سمية .. هل تعين معنى أن تتزوجي في العاصمة بينما أنا بمحافظة أخرى .. وزوجك تأتي عليه فترات طويلة بعيدا عنكِ .. لا أم لكِ لتراعاكِ حتى .. لا لا .. انا غير موافق .. رغم أنه شاب لا غبار عليه .. لكن ظروفه لا تناسبك "

هبت سمية واقفة تهتف بحنق " أبي ما الذي تقوله .. هذه مبررات غير مقنعة أبدا "
تنهد أبيها .. كثرة دلاله لها جعلها دائمة التشبث بأفكارها ولا تتعظ إلا بعد المرور بتجربة تفشل فيها لتخرج بقناعة جديدة .. ولكن الزواج ليس تجربة عادية تمر بها أولا لتقتنع بصحة وجهة نظره .. هذه حياة .. حياة ستتعذب فيها .. حياة لا يريد لها الخروج منها يوما خاسرة تعيسة .. مطلقة !!

نهض أبوها يجلس بجوارها يربت عليها برفق قائلا بلطف " يا بنيتي .. هو شاب مناسب .. من عائلة وأصل .. ولكن .. كل إنسان و له ظروفه التي قد تلائمنا أو لا تلائمنا .. الحب وحده لا يكفي ولا حتى أخلاقه تكفيني للاطمئنان .. أنا أعلم جيدا ما هو أنتِ .. أنتِ أصغر بكثير من أن تحتملي غياب زوجك .. والاعتناء بحياتك بمفردك .. بعائلة وأطفال .. وحيدة وأنا في محافظة أخرى وأنا لن أستطيع عدم الانتقال .. فكري جيدا يا ابنتي .. اعلمي بأنها حياة الزواج مليئة بالصعوبات .. بحلوها ومرها .. وأنا .. " صمت يلوح بيديه بقلة حيلة مردفا " وأنا مهما حاولت دائما الاهتمام بكِ وربيتك .. لكني لن أستطيع مساعدتك عند حاجتك لي .. عند مراحل حياتك والانجاب وغياب زوجك .. كلها أشياء ستحتاجين من يكون معكِ فيها .. وأنا لن أقدر .. رحم الله أمك كانت ستساعدك بالكثير .. كيف أتركك وحدك في حياة كهذه في ظل غياب مستمر لزوجك "

بعيون متأثرة ترحمت على أمها لكنها نفضت ضعفها ترفع له نظرات جامحة مصممة مغيبة بحبها قائلة " مع ذلك يا أبي .. أنا أستطيع تجاوز كل هذا مع شخص كيوسف .. الحياة لن تكون بمثل تلك الصعوبة وأنا لست صغيرة لهذه الدرجة .. أنا أقارب العشرين من عمري "

تنهد أبيها بهم عاجز عن رد طلبها بينما هي تتمسك به تنشد حنانه قائلة " أبي .. متى أخبره بأن يأتي إليك لمقابلتك .. صدقني ما أن تراه ستوافق فورا "



خرجت سمية من شرودها قائلة بهدوء شارد " وبالطبع وافق أبي .. فهو كان يدللني لدرجة عدم وضعه أساسيات تعوق حبي ليوسف .. حتى لا يُحزنني "




يتبع ..


آلاء منير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-20, 08:20 PM   #990

آلاء منير

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آلاء منير

? العضوٌ??? » 458020
?  التسِجيلٌ » Nov 2019
? مشَارَ?اتْي » 827
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » آلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond reputeآلاء منير has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
الكلمات تبني جسوراً في مناطق لم تستكشف بعد !..
افتراضي

في نفس الوقت ..

تلاعب يوسف بحافة فنجان جديد من القهوة بينما يقول " عندما كنت ضابطا كنت أتغيب كثيرا .. تصل لأسابيع طويلة وزوجتي بسبب ظروف ما انتقل أبيها رحمه الله لمدينة ساحلية وقتها .. يأتي بزيارات خفيفة وهي تذهب له كلما سافرت أنا لوحدتي العسكرية .. كل هذا كنا مستقرين راضيين "
كان آدم يستمع له بهدوء وتركيز .. رغم تحفظ يوسف على تفاصيل حياته وعلاقته بزوجته لكن يكفي أنه يحاول أن يقدم له نصيحة .. بتجربة مر بها يوما ..

بينما كان آدم ينصت لكلام يوسف بإهتمام كانت ماسة ونهى كذلك تنصتان لسمية أمهما التي كانت شاردة وهي تسرد " كنت أعتدت على الأمر .. انتظر أوقات اجازته بفروغ صبر .. كنت عروس صغيرة شابة تشتاق للرجل الذي تحبه وتعد الأيام حتى يعود لها .. وكنت مستمرة بدراستي .. في آخر سنة جامعية .. حتى علمت حينها بحملي بك يا ماسة .. كدت أبكي من فرط سعادتي بحمل جزء من زوجي الغائب بداخلي .. وكأنه أعطاني جزءا منه يعوضني غيابه .. ورغم كل سعادتي .. شعرت ببؤس تلك اللحظات التي اكتشفت فيها حملي وهو لم يكن بجواري لأشاركه فرحتي .. لأرى رد فعله .. لمعة عينيه وهو الذي أخبرني مرارا برغبته بطفل "

تنهدت سمية بحزن رغما عنها وهي تتذكر بينما نهى صامتة تستمع دون تعقيب كانت ماسة تنظر لأمها بتركيز .. لم تخبرها أمها عن هذا سابقا .. كانت تعلم بسعادتهما المطلقة في كل الأوقات .. لم تخبرها أي تفاصيل حزينة عن علاقتها بأبيها .. كانت المرة الأولى التي تقص عليها هي ونهى هذا الجانب ..

أما سمية شردت في تلك اللحظات قديما وعلى شفتيها بسمة حنين ممزوج .. بحزن !

قبل تسع وعشرين سنة تقريبا ..

تتحرك هنا وهناك في المطبخ مرتديه إحدى الفساتين البيتية الناعمة القصيرة وهي تعد كعكة تبرع في صنعها .. تريد أن تحتفل الليلة بحملها معه .. بعد أن عاد اجازة بالأمس وأخذها من بيت أبيها مسافرين لبيته بإصرار منه .. لم تخبره .. كانت تريد مفاجأته بالفعل واختارت أن تصنع كعكة لذيذة ويكون احتفالا رومانسيا بعض الشئ يعوضها عن غيابه ..

ضحكت بعبث وهي تعرف أن الاحتفال الرومانسي هذا سيكون في غرفة النوم للصباح .. فزوجها يجيد الحب أكثر هناك !!
بعد وقت كانت جهزت كل شئ وغيرت ملابسها لقميص نوم أشبه بفستان رقيق ناعم ..

دخلت لغرفة النوم لتجده غارقا بين الوسائد نائما بعمق وبدى وجهه مسترخيا .. آآآآآآه كم يتعب في عمله .. وكم تشتاقه ..
غامت عيناها بحزن للحظة قبل أن تنفضه سريعا كما عاهدت نفسها منذ أن قررت الزواج منه رغم كل شئ ونصائح أبيها .. اقتربت منحنية بجذعها تتلمسه برقه لوجهه .. شعره .. صدره وتناديه بخفوت بحبيبي ..

بينما هو يصدر صوت اعتراض رافضا الاستيقاظ من نعيم نومه فلمع المكر في عينيها ويداها تمتدان له بجرأة أكبر اكتسبتها وتعلمتها منه بعد سنة كاملة زواج ..

ليتأوه فاتحا عينيه ناظرا لها بعبوس .. عبوس اشتد وهو يلاحظ عبث نظراتها ..

" سمية .. توقفي عن هذا " اعترض بخشونة بسبب نعاسه وبسبب بوادر اثارة سحبته من برودة نومه .. فضحكت بدلال وهي تتخصر قائلة " استيقظ يوسف .. هل تأتي لي لتنام فقط "
ارتسمت ابتسامة خبيثة على وجهه وهو يقول " أنام فقط ؟ .. ومن منذ الأمس ظل معك ي.. "
" شششششش " قالتها شاهقة تعترض كلماته بخجل فإنفجر ضاحكا نافضا نعاسه ..

زمت شفتيها بغيظ منه ثم عادت لدلالها تمد يدها تقول " تعالى معي .. هناك مفاجأة لك بالخارج "
نظر لها بتساؤل ومد يده لتسحبه .. لكن - يالخداعه - وجدت نفسها بين ذراعيه على السرير وقد سحبها هو
" يوسف " اعترضت تناديه بحنق فضحك وهو يقتل محاولاتها للنهوض فتنهدت مستسلمة مكررة بصبر " هناك مفاجأة "

كان يدفن وجهه في عنقها يتشممها مهمهما بتساؤل لتقول بإستسلام مدركة أنه لن ينهض بها " أنا حامل "
تجمد للحظة عند عنقها ثم رفع لها وجها مندهشا يسألها " ماذا "
ابتسمت تتلمس وجهه وهي جالسة على ساقيه ثم كررت بدلال " أنا حاااااامل "

مد يده لبطنها وكأنه يتأكد ثم سرعان ما ارتسمت ابتسامة واسعة دافئة على شفتيه .. تشع حنانا تذوب به .. ثم اقترب يحتضنها بقوة تأوهت لها ضاحكة وهو يتمتم بالحمد لله ثم أبعدها ينظر لوجهها قائلا بلهفة " مبارك لنا حليلتي .. هل ستكون فتاة أم ولد .. أنا أريدها فتاة تشبهك .. ناعمة وجميلة وسليطة لسان "

ضحكت وهي تغرق في عناقه قائلة بتحذير " احذر مما تتمنى .. اثنتان سلطيتي اللسان كثيرتان عليك "

همهم بكلمات ما بأنه يريدها رغم ذلك .. ثم سرعان ما انتفضت هي متذكرة ..

" الاحتفال .. لقد أعددت كعكة بنفسي " قالتها وهي تحاول النهوض ليفشل محاولتها من جديد وهو يرجع بها على الفراش الناعم يعلوها فشهقت وهي ترى استعار رغبته بها اللحظة وتمنعت متذمرة تريد الاحتفال ليضحك بخشونة قائلا من بين شفتيها بعناد " لاحقا .. لاحقا حبيبتي .. دعيني أحتفل بكِ على طريقتي .. لن تطير كعكتك الصغيرة " فاستسلمت له راغبة مشتاقة له حد الألم ..

في اليوم التالي .. كانت تغلق المكالمة بعد أن أكدت أخيرا موعد الطبيبة .. فهي حتى الآن لم تذهب لطبيبة لتطمئن على حملها في انتظار يوسف لتكون أول مرة معه ..

خرجت له بحماس لتخبره بالموعد .. لكن ما أن خرجت حتى بهتت ابتسامتها وهي تجده ينظر لها .. بأسف !

وسرعان ما شرح لها أنهم يحتاجونه في وحدته والعديد من الأعذار التي نسفت فرحتها في مهدها


قالت له بتعثر وحزن " لكن .. أنت لم تكمل يومين معي "

تنهد بضيق وعجز وهو يبرر " إنه عملي سمية .. ماذا أفعل .. لقد تم استدعائي وقطع اجازتي أنا وأكثر من ضابط معي بالوحدة بسبب أمر طارئ "

قالها وتحرك للغرفة لتدخل وتجده يجهز نفسه وحقيبته لعمله !!

وبعد أن انتهى وجدته يتحرك للباب ويعتذر ويوصيها بالاهتمام بنفسها في فترة غيابه مخبرا إياها أن أبيها كان في طريقه إليها ليأخذها معه ..

ثم تحرك مغادرا .. هكذا ببساطة

عندها ولأول مرة منذ زواجهما .. كانت تشهق باكية .. وحيدة .. يدها على بطنها .. وموعد طبيبتها بعد ساعتين .. فتلغيه تماما شاعرة بالقهر وهي تنفجر مرارا بالبكاء !!


تنهدت نهى لتخرج أمها من شرودها وهي تهمس ببؤس " يا إلهي .. أبي قد كان غير مراعي أبدا !! "
ابتسمت لها سمية قائلة بتبرير ناضج " عمله يتطلب ذلك .. أنا أدرك جيدا أنه لم يكن ليتركني أبدا لولا هذا "

نفضت سمية حزنها وهي تنظر لابنتها الأخرى المتمسكة بصمتها .. غارقة في شرودها وتخيلها .. أنها حامل وآدم غير موجود وليس هذا فحسب .. بل هي موقفها أصعب من موقف أمها .. فإن كان أمها لديها أبيها في محافظة أخرى .. فهي في قارة بعيدة تماما !!


سألت نهى " هل لهذا طلبتِ منه أن يترك عمله في الجيش "
ردت سمية بهدوء " لا حبيبتي .. لم يؤثر الأمر فيّ لهذه الدرجة .. كنت أعلم منذ البداية بعمله وصممت على زواجنا .. فبالطبع لن آتي الآن لمجرد أنه لم يأتي معي للطبيب فأطلب منه أن يترك عمله "
قالت ماسة حينها " أجل أمي .. لقد قلتِ لنا إنها بسبب اصابته برصاصة في كتفه "

ارتجفت سمية هلعا من مجرد الذكرى التي نفضتها بينما تشرد و تتذكر فترة حملها الصعبة التي قضتها في بيتها .. بعد أن رفضت طبيبتها سفرها لأنه سيرهق حملها .. وأبوها إن أتى لها يوما يغيب عشرة دون إرادته وبتصميم منها وعناد غبي فضلت البقاء ببيتها ..

متعللة أن عائلة زوجها - أمه وأخوه - بالفعل يسكنون في نفس الxxxx يأتيان إليها وتذهب إليهما قدر المستطاع !

وقضت فترة حملها بصعوبة .. بألم .. بغثيان لا ينقطع .. في أيام غيابه كانت فترة تعبها تشتد .. وهرموناتها تتقلب فتبكي فتغضب فتنهار .. فتشتاق إليه .. ولأمها
تشتاق لأمها وتحتاجها كثيرا شاعرة باليتم .. بغياب الجميع عنها .. تتذكر كلام أبيها .. ورغم ذلك مقتنعة لو عاد الزمن لاختارت يوسف !

قالت سمية بنفس شرودها " مضت فترة حملي وكانت صعبة جدا .. وأغلب الأيام بالطبع لم يكن يوسف معي .. وكانت هرموناتي تجعلني أشعر بحزن أكبر في بعده عني .. وكلما سمعت عن أي حملة أو هجوم مسلح أو أي شئ يخص المدينة التي كان بها يوسف على نقطة ما على الحدود .. كنت أكاد أموت رعبا .. كنت أضعف من أن أتحمل هذا الأمر " صمتت سمية متنهدة تكمل بعدها " حتى وقت علمي بأن الجنين فتاة كما كان يتمنى هو .. لم يكن موجودا "

صمتت بعدها سمية فنظرتا لها الفتاتان بصمت لتكمل بخفوت تشعر بحزن يكاد ينحر قلبها " حتى أتى موعد ولادتي .. مفاجئة .. بينما أبي نفسه كان خارج البلاد .. وأخو يوسف وأمه معي .. وأصرخ بجنون أن يحضروا لي زوجي "

" أحضروا لي يوووووووووسف .. آآآآآآآآآه "
صرختها من بين رعبها تخشى الموت وحيدة .. لا أم لا أب ولا زوج !
إنه الموت يزورها الآن .. تشعر بألم لم تمر به يوما .. يذهب ويعود وكأنه يتقصد عذابها .. ابنتها ستأتي .. ولن يكون أبوها هنا .. ابنتها ستأتي ويوسف ليس هنا

" أين يووووووسف .. أرجوك يا خالتي أين يوسف "
صرختها تقولها لأم يوسف الواقفة متماسكة قدر المستطاع قبل أن تنفجر في البكاء وهي تخرج من الغرفة .. بينما يعدون سمية لموعد الولادة الوشيك .. وسمية ذاهلة .. منقبضة القلب ..
وخاطرة تنحرها تمر بقلبها .. يوسف ليس بخير .. قرأتها في عيني أمه .. قرأتها في وجه أخيه وتوتر ملامحه الشاحبة خوفا !!
هذا ليس خوفا عليها من الولادة بل .. رعبا على يوسف !!

لتصرخ فجأة وألم القلب يتحالف مع ألم المخاض " يوووووووووووووووووسف "



شهقت نهى تحتضن أمها برعب تلقائي ..

أما سمية ارتعشت شفتاها وهي تكمل " تمت ولادتي وهو غير موجود .. و ما أن استعدت أنفاسي حتى .. حتى علمت .. بما أصابه .. لقد أُصيب يوسف برصاصة ما قريبة من قلبه .. في تشابك مع مجموعة مسلحة .. لأدرك أنه بينما أنا أصارع الموت في الولادة .. كان هو يصارع الموت من رصاصة "


دمعت عيون ماسة ونهى وهما يتخيلان الأمر .. لم تعلما أبدا أنه أصيب وقت الولادة أيضا .. وماسة ترتجف .. تتخيل كل ما تحاول أمها رسمه لها عبر مرآة تجربتها هي ..
فبينما ماسة في بيتها .. آدم في السفينة يمر بظلمات المحيط وأمواجه التي تدرك إلى أي حد تكون مرعبة وهي التي مرت بها معه يوما ..

ورغم الإيمان بالله وقضائه وقدره .. لكن خوف البشر على ذويهم لا يتراجع أبدا ..
تنهدت سمية تنفض ألم قلبها تنهر نفسها .. فزوجها حي يرزق وينير سماء حياتها بوجوده ويدفئها بأنفاسه وأكملت " قضيت بعد ولادتي فترة مرهقة .. وقد قضاها معي أبي في بيتي لكن هذا لم يخفف من رعبي خاصة بعجزي للسفر والاطمئنان على يوسف بأمر من الطبيبة نظرا لضعفي أثناء حملي بالإضافة لماسة .. حتى مضت أيام طويلة إلى أن أتى هو "


نظرت لنفسها في المرآة بلهفة .. رغم شحوب وجهها المستمر لكن لهفتها وفرحتها بوصوله سالما زادت من جمالها أمام عينيها .. التفتت بعدها لطفلتها تأخذها بين ذراعيها تشمها بحب قبل أن تخرج وهي تسمع صوت الباب وترحيب أبيها الحار وصوت أخو زوجها ..

خرجت سمية بخطوات متسارعة لهفة من الغرفة تكاد تقفز إليه .. وما أن التقت عيناهما يلاحظ كل منهما الآخر بشحوبه .. فكلاهما شاحب .. كلاهما مرهق .. كلاهما متلهف .. بينما هي زاد جمالها لعينيه وهي تحمل بين يديها قطعة منه تتململ مصدرة أصوات طفولية من فمها .. فيذوب قلبه شوقا لرؤياها ..

تحرك يوسف بحرص إليها ناظرا لزوجته التي أرسلت له عتاب يفيض ألمها قبل أن تشهق بالبكاء وهو يأخذها في أحضانه بعنف آلم جرح كتفه الذي الحمد لله كان بسيطا .. وأخذت تبكي تشكوه بكلمات ليست مفهومة لأذنية بينما قلبها أستوعبها جيدا ..

حتى ارتفع صوت آخر حادا ببكائه رغم نعومته .. فتركها يوسف ينظر أخيرا للصغيرة التي تصرخ باكية تطالب بالاهتمام .. قبل أن يمسكها برفق وشعور الأبوة ينتفض بصدره بعنف تضخم له قلبه فارتجف ..
يفغر فاهه وهو ينظر لتلك القطعة الصغيرة الوردية التي سكتت عن البكاء شيئا فشيئا تسقط من عينها دمعة صغيرة .. وكأنها تشكوه غيابه عنها وعدم استقباله لها حتى الآن .. دمعة ماسية لامست قلبه فتلقفها بخفة بشفتيه هامسا " دموعك ماسية يا غالية أبيك .. أنتِ ماستي .. حمدا لله على سلامتك يا ماستي "
ابتسمت سمية بارتعاش وهي تبكي بنعومة ومن ورائهم أعين دامعة بتأثر .. بينما هو يردف بسعادة أنسته العالم كله " أسميتُك ماسة .. ماسة يوسف النصار .. ماستي "



يتبع ..


آلاء منير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:48 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.