آخر 10 مشاركات
436 - سراب - كارول مارينيللي ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          للحب, الشرف والخيانة (101) للكاتبة: Jennie Lucas *كاملة* (الكاتـب : سما مصر - )           »          سارية في البلاط الملكي * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : هديرر - )           »          صراع الحب (32) للكاتبة الرائعة: زاهرة *كاملهـ[مميزة]ــ* (الكاتـب : واثقة الخطى - )           »          الساحرة الغجرية (16) للكاتبة المميزة: لامارا *كاملة & مميزة* (الكاتـب : لامارا - )           »          نساء من هذا الزمان / للكاتبة سهر الليالي 84 ، مكتمله (الكاتـب : أناناسة - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          الستائر السوداء (الكاتـب : ررمد - )           »          بريق نقائك يأسرني *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : rontii - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree2430Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-04-20, 03:32 AM   #661

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي


"هذا أخر كلام عندك؟"

سألها يحيى فردت أم هاشم باندهاش "بالطبع يا عمي وهل هناك كلاما آخر ؟!.. هل ترضاها لي أن أتزوج من رجل في سن جدي!"

قال يحيى بهدوء "أنت دوما تقولين أنك راضية بنصيبك ..ماذا لو كان هذا ما قسمه الله لك ..أن تتزوجي من هذا العجوز؟"

شعرت بالضيق رغما عنها وغمغمت " لو كان هذا قدري فرفضي لن يغير من الأمر شيء .. (ونظرت لعمها تقول بصوت مرتعش بالبكاء) ما أملكه من أمري هو الرفض والباقي بيد الله"

هز رأسه وقال "ونعم بالله (ثم غمغم وهو يغادر مهموما) ليفعل الله ما يريد"

راقبت صباح بغيظ زوجها الذي يغادر غرفة أم هاشم ثم استدارت للأخيرة تقول" اسمعي يا أم هاشم .."

انقلب وجه الأخيرة وضربت كفها فوق الأخر على بطنها تمط شفتيها بامتعاض بينما أكملت صباح " المثل الشعبي يقول .. (البطران آخرته قطران ) فلا تبطري على النعمة .. هذه فرصة لم تكوني لتحلمي بها"

تمتمت أم هاشم وهي تنظر لأعلى" استغفر الله العظيم يا رب .. (وصاحت بعصبية ) أنا لا أريده يا خالتي وأفضل العنوسة على الزواج من رجل عجوز"

صاحت صباح باستنكار " هل جننت؟.. ألا تعرفين من هو؟!! .. إن الصناديلي من أثرى أثرياء البلدة وبعد موته سترثين مبلغا كبيرا ..وعمك أيضا سيطاله من الخير جانبا"

ضحكت أم هاشم ساخرة وردت " هذا هو بيت القصيد إذن"

تكلمت صباح ببساطة استفزت الأخرى " ما المشكلة؟.. ألا تريدين الخير لعمك الذي رباك !!!"

تنهدت أم هاشم وتحركت لتخلع عنها وشاحها الأسود وهي تقول "أنا لا أريد أن أرث أي شيء ..فاتركيني أرجوك فأنا مجهدة بعد يوم طويل"

هتفت صباح " وماذا عن طرد عمك من عمله؟"

تجمدت أم هاشم لثوان ثم استدارت إليها تسألها بعدم فهم "ماذا قلت؟"

ردت صباح مؤكدة " ما سمعتيه .. ألا ترين عمك مهموما منذ حضورهم .. بالتأكيد رفض عمك سيكون محرجا له وبالتأكيد سيأخذها ماهر على كرامتهم وقد يسحب منه الاشراف على أفدنة الصناديلي الزراعية وإن حدث ذلك سنجوع ونتشرد كلنا ..فقيراطي الأرض اللذان نملكهما لن نحصل منهما على ما يكفينا .. وسامية ستتزوج الشهر القادم وأربع فتيات لا يزلن في رقبة عمك .. أيرضيك أن يحدث لنا كل هذا بسببك!!"

عقدت أم هاشم حاجبيها وشعرت بالضيق الشديد بينما أكملت صباح وقد التمست تأثرها" فرصة رائعة وجاءتك ..عليك باستغلالها جيدا لتساعدي عمك في حمله الكبير"

جف حلق أم هاشم وشردت تفكر فيما سمعت لتقول الأخرى" فكري يا أم هاشم ..فكري جيدا في مصلحتك ومصلحة عمك"

ضيقت أم هاشم عينيها وقد استفزها إلحاح المرأة فسألتها باستهجان "ولماذا لا تزوجيه إحدى بناتك؟"

تلجلجت صباح ورمشت بعينيها عدة مرات متفاجئة بالسؤال ثم قالت بتأتأة " لو .. لو .. طلب احداهن للزواج لم أكن لأتردد بالطبع .. لكنه طلبك أنت يا أم هاشم (وأضافت هاربة برعب من نظرات أم هاشم التي تلمع بالغضب) عموما سأتركك تفكرين وتحتكمين لضميرك ..وسأطلب من يحيى أن يتريث في اخباره بردك النهائي"

واسرعت بإغلاق الباب خلفها بسرعة بينما سقط عن أم هاشم قشرتها الخارجية الصلبة وتحركت تجلس بجوار الخزانة أرضا تحضن ركبتيها بذراعيها متقوقعة على نفسها في ضيق وهم .. وتمنت لو تسعها خزانة الملابس كما كانت تفعل قديما .. كلما أرادت أن تنفرد بنفسها تجلس في الخزانة مختبئة من الجميع .. تحضن ركبتيها إلى صدرها ..

أسندت ذقنها فوق ركبتيها وغمغمت " ما العمل في هذه الورطة يا أم هاشم "

××××





صباح اليوم التالي :

انتهت المغامرة وحان وقت الرحيل.

هكذا فكر كامل وهو يقف أمام بيت الجد صالح على أمل لقائها بعد أن انتهى هو وتوأمه من وضع ما يخصهما في السيارة استعدادا للمغادرة..

لقد أخرا موعد مغادرتهما حتى شروق الشمس رغبة من شامل في أن يذهب مرة أخرى للعم عيد ..ورغبة منه لأن يودعها ..

ما أقساها من كلمة .. وما أقساه من شعور.

وما أصعب من أن يكون الابتعاد بقرار منه في المرتين.

لكن المغامرة قد انتهت وعليه الرحيل..

لقد قضى الليل بطوله يفكر ..

وما توصل إليه هو أن عليه أن يغادر..

ليس القرية فقط وإنما البلد كلها ..

هذا حله الوحيد حتى يتخلص من لعنته ..

من عينيها المطاردتين ..

من قلبه العنيد .

هذا حله الوحيد ليهرب من جحيم اعترافه بحبها.

هذا حله الوحيد للتنفيس عن غضبه من مفرح ومن ظنه السيء فيه وفي توأمه وكلامه الجارح الذي لولا معزته عندهما لكان رد الفعل مختلفا تماما.

هذا حله الوحيد تكفيرا عن ذنبه تجاه صاحبه رغم أنه بذل الكثير حتى يحجم اندفاعه نحوها .

هذا هو الحل ..

الذي يظنه الوحيد.



إن الاعتراف بالحب سهل ..

فإن لم ينطق به اللسان أو يقر به العقل صراحة..

فالقلب والجوارح يعبران عنه دون تعقيدات العقل والمنطق..

لكن المواجهة مع النفس صعبة ..

وهو يخشى أن يجرحها ..

يجرح بسمة ..

بسمته .

طوال الليل وهو يفكر .. أهو قادر على التخلص من قناعته برفض الزواج من امرأة سبقه إليها غيره؟

لم يكن أكيدا من إجابته.. ولهذا أدرك بأن بسمة لن تكون حمل اختبار ذلك منه .

أشفق عليها من أن يورطها في مشاعره المعقدة..

صحيح لا يعرف سبب انفصالها لكن حدسه يخبره بأنها مرت بتجربة مؤلمة ..ووضعها هنا في البلدة لن يتحمل أن تدخل في تجربة فاشلة أخرى ..



ليلة أمس ..

واجه نفسه ..وأعترف بأنه يحبها ..

بل يعشقها..

يحبها بجنون.

وهذا الجنون مع نفسيته المعقدة تجاه النساء يخشى عليها منه .. يخشى أن يجرحها ..ألا يقدر على التغلب على عقده ونواقصه ..

ليلة أمس ..

تمنى أن يكون مثل شامل ..

لأول مرة يرصد اختلافا جوهريا حقيقيا بينه وبين توأمه.. اختلاف ينبع من الإعماق ..

اختلاف قناعات ..

وبعض القناعات تهدم صاحبها وتجرح من يحبهم ..



ليلة أمس ..

أدرك أن خوفه على بسمة وعلى أذيتها خوفا كبيرا .. أكبر مما تصور ..

فحسم أمره ..

لا مزيد من الاقتراب ..

لا مزيد منها ..

عليه أن يبتعد .. أن يرحل .. أن يسافر .



ما حدث أمس مع طبيب المزرعة كان إنذارا له .. أدرك أن الأمور تخرج عن سيطرته.. وتلك الغيرة التي تملكت منه أفزعته .. أن يصل لمرحلة فقد السيطرة على ذاته كاد بها أن يؤذي بسمة وسمعتها.

فلا تزال تلك العبارة التي أخبره بها شامل ليلة أمس تؤلمه (أنت تضر ببسمة يا كامل .. ومن نحبهم لا نضرهم أبدا).

ولأول مرة يقر بأنه حين يأتي الحب يأتي الخوف .

افاق من شروده حينما لمح توكتوك آتيا من بعيد وتمنى أن تكون هي .. لا يعلم إن كانت ستأتي اليوم أم ستستريح بسبب قدمها لكنه كان في أشد الحاجة لرؤيتها ..

لإلقاء نظرة أخيرة ..

وداع أخير ..

عناق أخير..

عناق عن بعد لا يعرف اللمس !..



شعور بالتوتر والقلق ..

هذا ما يسيطر عليها منذ ليلة أمس ومنذ أن علمت من مليكة بخروج مفرح الغاضب وحتى ساعة متأخرة لم يكن قد عاد بعد ..ولا تعرف ماذا حدث..

والآن ازداد هذا القلق حين لمحته من بعيد .. يقف أمام البيت وكأنه ينتظرها .

لقد أصرت على الحضور منذ شروق الشمس رغم الوجع في قدمها ..



ليلة أمس ..

كانت الليلة الفاصلة في حياتها ..

ليلة اعترفت فيها أمام نفسها بأنها تهتم بكامل كثيرا ..

بأن هناك ما يجذبها إليه ..

بأنها تحمل إليه مشاعر خاصة .. لم تختبرها من قبل ..

لكنها لم تستكشف بعد عمق هذه المشاعر .. كل ما تيقنت منه أنها تشعر بالخوف ..

ومن خاف سلم ..

ومن سلم غنم ..

وهي تخاف الخسارة ..

ومن أكثر منها قد ذاق مُر الخسارة ..

وطعم الخذلان ..



وقف التوكتوك أمام المزرعة فنزلت منه بسمة والتوتر يضرب كموجات الكهرباء في جسدها .

تطلعت في كامل الواقف أمامها هادئا جادا يخفي مشاعر من نار في نفسه خلف واجهة غامضة ثلجية ذكرتها باليوم الذي قابلته فيه بخيمة الطباخين.

تحرك حمادة بالتوكتوك مغادرا ووقف الاثنان في الشارع الهادئ في مواجهة بعضهما.

بادرها بالقول بحشرجة "صباح الخير باشمهندسة باسمة"

وقفت أمامه متقبضة إلى جانبي جسدها ترفع إليه عينيها الزرقاوين الملبدتين بغيوم تنذران بهطول مطر وشيك وردت بحشرجة مماثلة "صباح النور"

بعد ثوان من اختلاس النظرات لحسنها البهي أنزل مقلتيه إلى قدمها يسألها باهتمام وقد لاحظ عرجها وهي تنزل من التوكتوك "ما أخبار قدمك ؟"

دون أن تحيد نظراتها عن التطلع في قسمات وجهه غمغمت بقلب مقبوض" أفضل الحمد لله"

ببطء شديد .. موجع أكثر مما توقع .. أخرج من جيب بنطاله مفتاح البيت ومد يده به إليها قائلا" شكرا على استضافتنا خلال الفترة الماضية .. وأرجو أن تذكروننا دوما حتى لو كنا ضيوفا مزعجين .."

انزلت نظراتها ببطء ومدت يدا مرتعشة لتأخذ المفتاح من كفه الممدود ..

كفه الذي شربت منه يوما شربة ماء .. وتطلعت في المفتاح بيدها لثوان ولم تعرف بأن كامل كان يقاوم لحظتها رغبة تلح عليه بشدة أن يميل ويطبع قبلة على رأسها مودعا..

عادت ترفع إليه نظراتها المتسائلة وسألت باندفاع " لماذا؟... أقصد .. أقصد هل حدث شيء؟.. أقصد ..."

لم تجد ما تقوله لتداري اندفاعها .. لكن كامل سحب نفسا عميقا ثم قال "انتهت رحلتنا وعلينا العودة .. (وأضاف ببطء موجع لقلبه ) أنا سأهاجر .. سأترك البلاد خلال أيام..( وسحب نفسا آخر وأضاف بابتسامة خافتة مرتبكة) ستتخلصين من فظاظتي ليس من القرية فقط ولكن من بلدكم كلها"



لماذا يتألم قلبها

أليس هذا ما تمنته ليلة أمس

أن يرحل بعيدا .. حتى لا تتعلق به أكثر .. لأنها ..خائفة .



بذلك الاستشعار القوي التفت كامل خلفه بحركة عفوية وقد أحس باقتراب توأمه ..وصدق حدسه .. فقد عاد شامل من زيارته لبيت العم عيد .. لأنه لم يصبر على انتظار كامل ليودع بسمة ثم يمرا في طريقهما على بيت عيد بل ذهب بنفسه.

عاد كامل ينظر لبسمة المخروسة التي لم تحد بنظراتها عنه وقال وقد بدأ يضعف ويتردد في قراره أمام عينيها اللتان دوما ما تحكمتا في نبضات قلبه "أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .. أتمنى لك كل الخير والسعادة.. وأتمنى ألا تحتاجين لحارس شخصي أبدا.."

اجبر ساقيه الطويلين على التحرك للخلف وقال بهمس سمعته جيدا" كوني باسمة دائما"

انفجرت دقات قلبها بعنف شديد بينما استجمع هو قواه وإرادته واستدار مبتعدا نحو سيارته فالتقت عيناه بتوأمه الذي كان يجلس في المقعد المجاور للسائق ..ولم يجد صعوبة في تخمين ما حدث مع العم عيد..



ركب كامل السيارة الضخمة أمام عيني بسمة المسمرتين بصمت .. وحانت منه نظرة أخيرة .. نظرة وداع نحوها .. قبل أن يضغط على البنزين ويتحرك بالسيارة يشعر بأن قلبه ينزع منه في كل متر تقطعه السيارة مبتعدة ..

وما أصعب من أن يُنتزع منك قلبك وأنت حي..

ولم يدر كامل بأنها كانت تشعر بنفس الألم في صدرها..

نفس الشعور بانتزاع القلب ..

وكأنها عملية جراحية لتبادل القلوب دون تخدير.

الألم القوي الموجع في صدرها .. جعلها تدرك لحظتها معنى تلك المشاعر التي احتارت في تصنيفها الفترة الماضية ..

وقفت بسمة تتطلع في السيارة التي ابتعدت كثيرا حتى انعطفت آخر الشارع واختفت .. ولم تدر بأنها تقبض على الفتاح فوق قلبها .



فاجأتها دمعة ساخنة سالت على وجنتها اسرعت بمسحها .. ثم نظرت في أثر الدموع في يدها بصدمة.

واعترفت بأنها...

تحبه .

بعد قليل كانت السيارة تمر من أمام بيت العم عيد وعيني شامل معلقتان بباب البيت المغلق الذي لا يعرف مصير ونس خلفه .. وتذكر زيارته لوالدها منذ قليل يكرر طلبه للزواج من ونس بينما الآخر يكرر رفضه .. فلم يجد بدا إلا بترك رقم هاتفه له في بطاقة العمل ورحل ..

تجاوزت السيارة بيت العم عيد واستمرت في طريقها على طريق الخروج من القرية ..

تحمل بداخلها شابين واجمين متألمين .. تركا قلبيهما أمانة عند فتاتين من بنات القرية ..

بعد أن انتهت الرحلة .

نهاية الفصل الثاني عشر

مع حبي

شموسة




Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 03:35 AM   #662

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثالث عشر

بعد يومين



إنه ذلك الخوف الذي يعمي بصائرنا عن الحقائق أو يضللنا عند البحث عن الاجابات ..أو يخيفنا من العواقب.

وكم من قلوب كسرت وانكسرت بسبب الخوف .



تحرك عيد ببطء منهكا بعد يومين دون نوم .. حتى استطاع جسده أن يستسلم للنوم منذ ساعتين فقط بعد أن صلى الفجر وجلس يتعبد قليلا يشكو همومه لخالقه يشكو خوفه ممن يهددونه بشأن البيت والذي لا يعلم علم اليقين مَن هم .

ويشكو له ما يحدث مع ابنته الوحيدة .. أغلى ما يملك في الدنيا.

يشكو له ضعفه وقلة حيلته.



إن تلك الهبلاء تصدق ما وعدها به ذلك الشاب الثري ..وعلى الرغم من أن هذا الأخير قد جاءه مرتين بعد تلك المرة التي جاء فيها مفرح ..مرة في صباح اليوم التالي والمرة الأخرى أمس ..أتى من العاصمة وعاد مباشرة بعد أن رفضه مرة ثالثة ..

لكنه لا يزال غير موافق .. فبعيدا عن تصديقه لحسن نوايا الشاب يجد أن الأمر غير منطقي ويثير في داخله الكثير من المخاوف ..

المشكلة الآن في ونس .. ماذا سيفعل معها؟..

إنها حبيسة غرفتها جبرا واختيارا في حالة من الانعزال والعزوف عن كل شيء.

ماذا ستفعل يا عيد ؟

بالتأكيد بضعة أيام وستعود لحياتها الطبيعية حين تجد أنه لا مفر من تقبل الواقع ..

هكذا حدث نفسه وهو يقترب من غرفتها .. لكنه تسمر في مكانه وجف حلقه حينما فتح الباب ووجد الغرفة خالية..

اسرع نحو الحمام فوجده خاليا فخرج مهرولا إلى الشارع ينظر هنا وهناك تسبقه ظنونه وتجلده مخاوفه ..

أين ذهبت تلك المجنونة ؟.

إلى أين أخذها اندفاعها وتهورها؟

أ من الممكن أن تكون قد فعلت شيئا في نفسها؟!!.

استرها يا رب استرها .

قالها وهو يلهث مهرولا في الشارع يخشى أن يسأل أحد حتى لا يثير القيل والقال لكنه بعد مسافة قليلة أمسك بصدره ولم يستطع المواصلة فتطلع حوله يبحث عن توكتوك حتى توقف أمامه أحدهم فركب وهو لايزال ممسكا بصدره يعاني من ضيق تنفس شديد.. لكنه أخذ يتطلع حوله يبحث على الجانبين ناهرا صاحب التوكتوك من الاسراع .. ولم يستسلم لإلحاح الأخير لمعرفة عمن يبحث حتى وصل لمشروع بسمة فترجل بسرعة ودخل يقتحم المكان باحثا في وجوه البنات من وقفته عند البوابة فضربت نصرة على صدرها تسأله "ماذا تفعل هنا يا عم عيد؟ وأين ونس؟.. ألا تزال مريضة ؟"

غمغم بسرعة واقتضاب" لا شيء .. لا شيء يا نصرة فيما بعد نتحدث"

هم بالرحيل لكنه توقف حينما شاهد أم هاشم تقبل هي وبسمة نحوه لتقول الأولى باندهاش" ماذا هناك يا عم عيد؟"

بصوت خافت غمغم من بين أسنانه" هل رأت إحداكما ونس؟"

اتسعت عينيهما ليقول بخفوت "استيقظت ولم أجدها"

تحركت أم هاشم بحمائية تقول وهي تهم بالخروج للبحث "ما معنى لم تجدها سأبحث معك"

قال عيد بخفوت وهو يتهرب من عيني نصرة المدققتين من بعيد" لا لا ابق هنا لا اريد أن أثير الشائعات ..أرجوكما لا تتحدثا عن اختفائها ولا لأي مخلوق حتى نصرة حتى لا تغلبها عاطفتها وننفضح (ونظر للبيت المجاور قائلا )هل أحد من سكانه موجود؟"



ردت بسمة وقد فهمت أنه يسأل عن شامل "لا لقد تركا المنزل وأصبح خاليا"

هز رأسه يشعر بالراحة لهذا الخبر فسألته بسمة بتعجب "لكن أين من الممكن أن تكون؟"

غمغم عيد وهو يبتعد" سأعرف وأخبركما لكن أرجوكما لا تتحدثا بشيء"

راقبته أم هاشم يمد بخطواته فصاحت "سأتصل بك على الهاتف لأطمئن "

ثم تبادلت مع بسمة النظرات القلقة وهما "تعودان للغرفة الداخلية وأم هاشم تغمغم "استرها يا رب .."

حانت التفاتة من بسمة ترفع نظراتها لأعلى حيث البناية الواقعة خلف ذلك السور القصير ثم بلعت غصة في حلقها وتحركت وهي تعرج لتدخل الغرفة الداخلية .. فتبعتها أم هاشم تسألها بقلق "بسمة هل أنت بخير؟ .. كنت أتمنى أن تستريحي في البيت كاليومين الماضيين"



غمغمت بسمة بصوت بذلت مجهودا فيه حتى يبدو طبيعيا" أنا بخير لا تقلقي لكني تعبت من جلستي في البيت"

تطلعت فيها أم هاشم متعاطفة وتكاد تجزم أن ما يحدث معها بسبب رحيل ذلك الذي يدعى كامل فربتت على كتفها تهمس بلهجة متألمة" ستعتادين على الوجع .. فبعض الاوجاع المزمنة نصاحبها بالتعود حتى تتحول الحياة معنا لرحلة معاناة مستمرة"

غمغمت بسمة هاربة" عم تتكلمين؟.. أنا بخير وقدمي في طريقها للشفاء"

ابتسمت أم هاشم وقالت " حسنا دعينا نعود لسيرة ونس ..أين تعتقدين أن تكون؟"

××××

"شامل لا يكذب"

هكذا حدثت نفسها وهي تجلس على أحد الصخور العالية في مدخل القرية تنتظره .

إنها هنا منذ شروق الشمس وقد مر على موعده بضع ساعات ولم يحضر .. وللأسف لا تذكر رقم هاتفه .. تحاول أن تعتصر عقلها لتتذكر الرقم لكن لا تتذكره كله ..

لكن السؤال لو تذكرت الرقم هل عليها أن تتصل به بعد أن أخلف وعده معها حين قال بأنه سيأتي ولم يأت؟.

أيكون كلام والدها صحيحا؟

أيمكن أن يكون شامل قد خاف بالفعل من الفضيحة التي افتعلها والدها عند مفرح وفضل عدم الحضور؟

أتراه كاذبا فيما أخبرها به يوما ؟

اخبرته من قبل أنها لا تريد منه أي شيء ولم تكن لتطالبه بالالتزام بأية وعود فهي تعلم منذ البداية بأنهما لن يجتمعا أبدا وهو وعدها أن يأتي .. أن يكون قريبا منها .

تطلعت في الشمس البعيدة وفي السماء بألوانها الزاهية ..

لماذا لم تعد للألوان وقعا بداخلها كالسابق؟!..

لماذا لم يعد لها نفس البهجة في نفسها؟! ..

لماذا لم تعد تخرجها من حزنها كما تفعل دوما؟!

إنها حزينة .. حزينة بشدة وقلبها يؤلمها .

وضعت يدها على صدرها تضم في قبضتها الميدالية التي صنعتها له.

إن الوجع في قلبها كبير ..والتفكير في الفراق حارق بشدة وذلك الأمل اللعين الذي خرجت متسلحة به اليوم من بيتها لتثبت لنفسها قبل الجميع أن شامل لن يتركها .. سيأتي للقرية حتى لو لم يستطع التحدث معها مجددا حتى لو لم يستطع محادثتها على الواتساب مرة أخرى لكنه سيأتي ..

ذلك الأمل بدأ أن يتسرب من بين يديها ولم يبق منه شيئا لتخدر به أوجاعها .

بعض العيون الفضولية أخذت في التطلع فيها جيئة وذهابا في جلستها لكنها لم تعر لها اهتماما .. فعيناها كانتا معلقتان على مدخل القرية وكل بضع دقائق تفتح كفها لتتفحص الميدالية .

حين يشتد الوجع يهزم اليأس الأمل فنبدأ في التنازل عن الأمنيات واحدة تلو الأخرى ..فبعد أن تمنته أن يأتي ليبقى فقط في المحيط لتشعر فقط بوجوده قللت من سقف أمانيها وتمنت ولو يأتي فقط ليودعها .. ليخبرها بأنها لم تكن حالة خاصة يشفق عليها .. يأتي ليخبرها بأنها شخص مهم عنده.. يأتي ليقول ..

وداعا .

لكن الوقت يمر ببطء وصعوبة والدموع تلح عليها وهي تقاوم ..

بعد قليل نزل عيد من التوكتوك ينقد السائق بيد مرتعشة وعيناه مثبتتان عليها من بعيد ..تجلس على صخرة يديها في حجرها وتنظر نحو مدخل القرية .

لم يعرف ماذا يفعل .

هل يأخذها إلى حضنه ليواسيها ويواسي قلبه الممزق عليها؟

أم يضربها علقة ساخنة لا يترك في عظامها عظمة سليمة لخروجها دون إذنه وجلوسها بهذه الجلسة التي ستفضحهما لا محالة؟ .

أم يسجد لله شكرا أنه وجدها سليمة فقد كاد أن يصاب بنوبة قلبية وهو يبحث عنها هنا وهناك في مهمة صعبة لحرصه الشديد على ألا يثير انتباه أحد حتى لا تخرج الشائعات حولها ..

لكنه أخيرا اضطر أن يسأل الصبية المنتشرين في الشوارع إن كانوا قد رأوها فأخبره أحدهم أنه قد رآها عند مدخل القرية.

لمحت ونس على الأرض ذلك الظل الذي اقترب منها يحجب عنها ضوء الشمس قبل أن ترفع رأسها لتتفاجأ بوالدها أمامها يطل عليها بوجه غاضب مخيف الملامح فسقط قلبها بين قدميها..

كانت تعلم بأنه سيثور .. وبأنها ستُعاقب .. لكنها تهورت وخرجت اليوم لتقابل شامل بأي ثمن ..

لم تقل شيء .. فقط وقفت ببطء وصمت وباغتها ذلك الشعور بالخذلان واليأس في عودة شامل كما باغتها والدها منذ ثوان .

سبها عيد من بين اسنانه وأمسك بذراعها يعتصره في يده يلجم انفعالاته المتناقضة وهو يجرها مهرولا نحو البيت الذي لم يكن بعيدا ..

كان غاضبا.. وكانت مستسلمة.

كان ينفث دخانا اسودا ..وكانت تذرف دموعا صامتة.

كان قلبه يؤلمه .. وكان قلبها يموت .

××××

"صباح الخير"

قالتها تسونامي بميوعة وهي تدخل من باب المطعم الزجاجي ترتدي ملابس رياضية فاضحة .. فرفع ديمتري حاجبيه مندهشا وهو يتطلع بإعجاب لمفاتنها ثم نظر لكامل الواقف من بعيد قبل أن يعود لها وقد تحركت نحو أحد الطاولات في المطعم الخالي تماما في هذا الوقت من الصباح.



اقترب منها ديمتري قائلا بعربية مكسرة "صباح الخير .. أسف ولكن مواعيد العمل في المطعم لم تحن بعد"

ناظرته تقول بعينين لامعتين " يا الهي أنت أجنبي! .. (واكملت بإعجاب ) لقد خمنت ذلك من ملامحك (واضافت وهي تدور بنظراتها في المكان ) أنا تسونامي ..أين أصحاب المطعم؟"

لمحت كامل الواقف بعيدا يديه في جيبي بنطاله فأشارت بكفها تلوح له وكأنهما أصدقاء ثم اسرعت تقترب منه تقول بميوعة وهي تأكله بعينيها "لقد عدت"

طالعها كامل ببرود وعنجهية صامتا ..لتكمل تسونامي" لقد كنت مسافرة ..بالتأكيد لاحظتما غيابي (وأكملت بفخر) كنت في جولة فنية في عدة مدن أوروبية (ونظرت حولها تقول ) أين توأمك اللطيف؟"

كان في مزاج عكر لكنه غمغم ببرود مضطرا للرد في غياب توأمه الذي يتولى التحدث بالنيابة عنه في مثل هذه المواقف "إنه غير موجود .. (ورفع انظاره لرئيس النُدل يقول) خذ طلبات الضيفة يا ديميتري .."

قالها ثم تركها إلى حيث الباب الموصل بين المطعم والفيلا فغمغمت تسونامي وهي تتطلع فيه مبتعدا" ما أوسمه هذا المغرور وما أوسم توأمه اللطيف !"

أجفلت عندما استدارت ووجدت ديمتري يقف خلفها مباشرة والذي باغتها بالإشارة بكفه بأدب لتتقدمه نحو إحدى الطاولات ...فعدلت من تسريحة شعرها ببعض الخيلاء وتحركت أمامه بخطوات مائعة نحو الطاولة .



بعد دقائق في الدور العلوي للفيلا اقترب كامل من سرير تؤامه المستلقي يوليه ظهره فاستدار حول السرير يقول " هل ستحبس نفسك في الغرفة أكثر من ذلك؟"

تصنع شامل النوم فلم يكن قادرا على القيام بأي حركة أو التفاعل بأي شيء .. كان يشعر بأن جسده ثقيلا وروحه أثقل .. فاقترب كامل وقال ممازحا "هل أخبرتك أن الجيران متفجري الأنوثة قد عادوا من السفر؟!"

لم يبد شامل أي رد فعل فمال عليه كامل يهمس له بشيء وقح المعنى لكن الأخير أمسك بالوسادة ووضعها فوق رأسه.. فمط كامل شفتيه وقال بغيظ" إياك أن تعتقد بأني اهتم بشأنك.. أنا فقط مجبور للعناية بك لأني بكل أسف مربوط بك إن مرضت غالبا أنا سأمرض لهذا أنا خائف على نفسي وليس عليك"

حين لم يرد زفر كامل بيأس وتحرك يستلقى بجواره على السرير متعمدا مزاحمته والتضييق عليه لكن الأخر لم يتحرك فتمدد كامل على ظهره ينظر لسقف الغرفة مهموما.



إنه يموت ببطء ..

هكذا يشعر منذ أن غادر القرية قبل يومين .. الفراق هذه المرة أصعب من المرة السابقة بمراحل.. ولولا أن هذا البيت يحتاج لشخص متماسك لكان هو من يرقد محل شامل لكن بعد تلك المواجهة الحادة بين شامل ووالديه بمجرد عودتهما من البلدة قبل يومين والبيت في حالة سيئة.



قبل يومين

صاح شامل بعصبية" لا اعرف يا أبي لمَ تعارض رغبتي"

قال غنيم غاضبا "أنت تعرف يا شامل ولهذا جبنت عن مواجهتنا بها أول الامر "

صاح شامل بعصبية "أنا لست جبانا يا أبي واعتقد أنك تعرف ابنك جيدا ..كل ما في الامر أني كنت أمهد لكما لأني اعرف بأنه وضع غير تقليدي"

صرخت سوسو باندفاع " أنت بنفسك قلتها (غير تقليدي) حالة خاصة لماذا عليك أن تقبل بها؟!"

رد شامل عليها " لأني أحبها يا أمي.. هل اكتبها على يافطة كبيرة وأعلقها ليدركها الجميع؟!!"

حركت سوسو سبابتها نافية وهي تقول "أنت لا تحبها أنت فقط متعاطف معها أنا اعرفك جيدا"

رد شامل مقاطعا " وأنا اعرف نفسي أكثر يا أماه ولست مراهقا حتى لا أصنف مشاعري جيدا ..أنا رجل عمري أربعة وثلاثون عاما ..من في مثل عمري التحق أطفاله بالمدرسة"

تكلم غنيم متعجبا "وما دمت تفهم ذلك وبعد كل هذا العمر تأتينا بهذه البنت!"

استدار شامل إليه يرد " اسمها ونس يا أبي و الحقيقة أنا مندهش من ردة فعلك أنت بالذات فقد كنت اتوقع أن تكون أكثر لينا من أمي"

صاح غنيم بغضب "لأن ما تقوله غريبا"

سأله شامل متعجبا "أين الغرابة يا أبي؟!!. لم احسبك أبدا تتعامل مع الناس بفوقية"

قال غنيم في وقفته في غرفة الجلوس مشيرا بعصاه "الأمر ليس فوقية أو شخصنة ضد الفتاة بسبب حالتها الصحية يا غبي الموضوع أكبر من هذا .. لا يوجد تكافؤ بينكما لا في الطبقة الاجتماعية ولا في طبيعة الحياة ومن بلد غير البلد كل واحدة من هذه تضع عقبة في نجاح علاقتكما أنا لست ضد الفتاة نفسها"

غمغم شامل بحزن وهو يضع يديه في جيبي بنطاله "تقول نفس الكلام الذي قاله والدها"

عقب غنيم بلهجة أخف حدة "الحقيقة يبدو حكيما رغم بساطته كما وصفته لي"

تبادل شامل النظرات الحزينة مع كامل الواقف على باب الغرفة يتابع في صمت ووجوم ثم عاد يقول لوالده "يا أبي أنا متفهم لكل ما تقوله ووضعته في الاعتبار وأنا اتعامل معها ..لكن بعد ذلك غيرت رأيي وتخليت عن مخاوفي .. صدقني لو رأيت ونس ستدرك مثلي بأنها حالة خاصة خلقت لتكون في مكان أخر غير قرية صغيرة"

صاحت سوسو بانتصار "أرأيت... أنت فقط مشفق عليها"

رد شامل بهدوء " مكان أخر معي يا أمي هذا ما قصدته"

امتقع وجه سوسو ثم جلست على المقعد خلفها ودفنت وجهها تجهش بالبكاء فقال شامل بعصبية وقد آلمه قلبه "لماذا تبكين يا أمي ؟.. ألا يحق لي أن اختار من أريدها زوجة"

اشاح غنيم بعصاه وقال بقرف وهو يتحرك ليغادر الغرفة "ما دمت تريدها اذهب وتزوجها ..ألست رجلا وقادرا على تحمل مسئولية بيت افعل ما تريد"

رفعت سوسو وجهها الباكي تصيح "ماذا تقول يا غنيم؟؟!!"

استدار إليها الأخير من عند الباب قائلا "اتركيه يفعل ما يريد يا سوسو فليتحمل هو مسئولية ما يفعل"

قالها وأبعد بقرف كامل الذي كان يسد باب الخروج في الوقت الذي صاح شامل مستنكرا "بدون موافقتكما؟؟!!...أبي!!!.. أبي!!"

عاد كامل من شروده والضيق في صدره يتعاظم .. فشامل يهمه بشدة موافقة أبويهما ولن يستطيع المضي قدما بدون رضاهما هذا بالإضافة لأنه قد ذهب للمرة الثالثة لوالد ونس يوم أمس وعاد كما ذهب ليجد أن والدهما مريض.. فعاد ليتقوقع على نفسه في غرفته كما يفعل منذ أن رجع من القرية قبل يومين .

اعتدل يهز توأمه بخشونة وقال مناكفا" يا بني كفاك أنانية وأنزل أنت لتباشر الامور ودعني أرقد قليلا واتقوقع على نفسي .. صدقني أنا في حالة نفسية سيئة أكثر مما تتصور "

لم يتحرك شامل ولم يبد أي رد فعل رغم أنه يشعر بما يعتلج في صدر أخيه فكلاهما يحمل من الحزن الضِعف مرة لنفسه ومرة لتوأمه .. فأخذ كامل يدفعه بجسده بغلاظة وصبيانية ليوقعه من فوق السرير بإصرار جعل الثاني ينتفض فجأة بعصبية ويلكزه في بطنه بكوعه بقوة مزمجرا بغضب.



تألم كامل بشدة لكنه انقض عليه فاشتبكا في عراك فوق السرير تطور لأن يقعا على الأرض فارتطم كتف شامل في وحدة الادراج بجوار السرير في الوقت الذي تركه كامل واستقام واقفا يقول مغيظا ليستفزه "هيا اريني قوتك للعراك يا ****"

بغضب انتفض شامل وافقا وقال من بين أسنانه" تريد عراكا سأجعلك تندم على ذلك"

زمجر كامل وقال متحفزا "تعال يا حبيبي لأريك قيمة نفسك"

كدبين ضخمين تعاركا بتلك الطريقة التي ينفّسان بها عن طاقتهما السلبية .. لتتعالى أصوات التحطيم والتكسير حولهما والزمجرة والصيحات المنتصرة والمتألمة وكأن الغرفة قد أصابها زلزال.. حتى انقلبا على ظهريهما على الأرض بعد قليل و هدآ تماما إلا من صوت انفاسهما العالي.

غمغم كامل لاهثا وهو يحدق في سقف الغرفة" أنا أعيش أصعب أيام حياتي يا شامل من جهة اتعذب بفراقها بشدة و أريد أن أرحل بسرعة هاربا ..ومن جهة اشفق على والدك الراقد وعلى وأمك المكتئبة منذ أن علمت بأمر ونس .. ومن جهة ثالثة قلق عليك وعلى حالتك .."

لم يقل شامل شيئا بل اعتدل واستقام واقفا ثم تحرك ليعود للسرير في صمت كئيب..

إن الألم في قلبه شديد وقلقه على ونس أشد رغم اطمئنانه أن والدها لن يؤذيها فلو كان ينوي ذلك لفعل لحظة اكتشافه للأمر .. لكنه لا يزال يشعر بالألم .. وبالفراغ في قلبه وكأنه قد فقد جزءا منه باختفائها من حياته .. وكأن حياته قد فقدت ألوانها..

لماذا لا يصدقون بأنها باتت قطعة منه بل هي في الأصل كذلك وكان يبحث عنها طوال عمره .

لماذا يصدرون احكاما مسبقة على فشل علاقتهما ؟!..



استقام كامل واقفا بعد قليل ثم أخرج من احد الادراج جهازا صغيرا واقترب من أخيه يقول بلهجة متشفية "حان وقت الانتقام"

جلس بجواره على السرير ولف ذراعه حول ذراع توأمه ليثبته فصدرت زمجرة معترضة من شامل لكن كامل قال وهو يشك اصبعه بإبرة تخص الجهاز" انتظر يا متخلف واثبت"

بعد بعض المقاومة استطاع كامل قياس نسبة السكر في دم توأمه ثم زفر بقلق وهو يطلق سراحه مغمغما "هذا ما كنت أخشاه "

×××××


يتبع







Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 03:37 AM   #663

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

دفعها بخشونة إلى داخل غرفتها قبل أن يصرخ قائلا بقنوط "ماذا تريدين؟ .. هل تريدين فضحي! .. هل تريدين موتي! (وأمسك بصدر جلبابه وكأنه سيشقه إلى نصفين ) هل تريدين موتي يا ونس؟ .. أم ترغبين في أن يتحدث عنا أهل البلدة ..(واقترب يضربها على ذراعها عدة ضربات متتالية مقاوما رغبة مجنونة لقتلها ) لو علم أحد .. لو رآك أحد في هذه الحالة سيقولون سلبها شرفها وغادر .. ستفضحيننا يا بنت عيد"
ناظرته بعينين لم تتوقفا عن البكاء الصامت منذ ثلاثة ايام ناظرته بنظرة حزن .. نظرة وجع .. نظرة لوم .. نظرة غضب .. ليصرخ عيد بعصبية "أعلم بأن رأسك يابس وبأنك لا تهتمين لكلام الناس لكن أنا (وضرب على صدره بقوة ) أنا أبوك يا ونس ألا تشفقين عليّ من الفضيحة؟! .. ألا تشفقين عليّ من أن تصبح سيرتي على كل لسان؟ .. أيرضيك بعد هذا العمر أن يلوك الناس في سيرتي وسيرتك يا بنت عيد؟.. أهكذا تفعلين بوالدك !!"
ما يقوله والدها كان موجعا لها .. اشعرها بالغضب من نفسها لعدم قدرتها على تحجيم تلك المشاعر بداخلها وذلك الاندفاع الذي يدفعها دفعا لضرب كل شيء بعرض الحائط ..
عاد عيد يقول بعينين صغيرتين تلمعان بالغضب والتصميم "كما قلت لك هذا الأمر منتهي يا ونس منتهي .. هذا الشاب لا يصلح لك .. ( رآها تمسك برأسها فأضاف) كنتِ بالنسبة له حالة خاصة وانتهى الأمر ولن يأتي مجددا "
وضعت ونس يدها على أذنها ترفض سماع المزيد من الكلمات الجارحة فصرخ فيها بقوة" هل سمعت يا ونس لن يأتي مجددا (وتحرك مغادرا يقول وهو يمسك بالباب ) وهذه الغرفة لن تغادري منها.. هل تفهمين؟ .. لن تغادري يا ونس ..وقسما بالله لو غادرتها لأقتلك وأدفنك فيها "
قالها وأغلق الباب خلفه بعنف فرمت ونس نفسها على السرير تبكي بحرقة بينما اسرع عيد بالعودة بمفتاح غرفتها وأغلق عليها من الخارج ثم غمغم مبتعدا " أعد نفسك لكفارة يمين يا عيد "
××××
دخل كامل إلى غرفة والديه فوجد والده راقدا في سريره بينما والدته تجلس على أحد المقاعد الوثيرة بجوار النافذة تسند خدها بيدها بوجوم فقال بهدوء" لماذا لا نعطيه فرصة يا أبي ليفعل ما يريد "
صاحت سوسو بعصبية" وهل سنتركه ليتعس نفسه"
قال كامل "يا أمي هو ليس صغيرا وأراه بالفعل متعلقا بها"
تطلع غنيم في كامل مدققا فدوما ما يستغل تلك الرابطة التي تربط توأميه ببعضهما ليعرف من أحدهما ما لا يستطيع التأكد منه بشأن الأخر بينما أكمل كامل" أنا مندهش مثلكما من تعلقه بها لكني أفهمه جيدا وأشعر به"
سأله غنيم " وبم تشعر؟"
رد كامل بثقة "كما قلت هو بالفعل يحبها ومتعلق بها ويراها تكمله ومتأكد من أنه سيبذل كل جهده ليثبت لكما أنه كان على حق وأنها تستحق أن يتمسك بها "
ناظره غنيم بحيرة بينما صاحت سوسو بإصرار "قلت لك هو متعاطف معها لا أكثر .. أنا اعرفه قلبه رقيق"
"وهل تعاطفه معها يحزنه لدرجة أن يرفع مستوى السكر في دمه !"
قالها كامل وهو يرفع الجهاز الصغير في يده فطالعه غنيم بقلق بينما قالت سوسو بهلع "ارتفع سكره! .. ارتفع سكره ! ..الطف بنا يا رب ( وأمسكت بمقدمة رأسها ) أنا تعبت ..تعبت.."
تحرك كامل نحوها وهو يعيد الجهاز إلى جيبه ثم جلس على عقبيه أمامها يمسك بيدها ويقول بلهجة لينة " لمَ هذه الحالة يا سوسو ؟..ألا تريدين سعادته؟ .. دعيه يفعل ما يريد صدقيني هو حريص جدا ألا يحزنكما لكنك في المقابل لا تتسببي في تعاسته يكفيه بأن والد البنت يرفض "
سأله غنيم بعبوس "ولماذا يرفض والد البنت؟"
أدار كامل وجهه له يجيب" لنفس الاسباب التي ذكرتها يا أبي كما قال لك شامل منذ يومين.. بالإضافة لأنها وحيدته ويبدو أنه خائف من القبول .. يفترض سوء النية في شامل"
صاحت سوسو بحمائية "سوء النية!! .. (ثم اكملت بلهجة باكية ) ألا يعرف أن ابني حبيبي قلبه رقيق لدرجة أنه يرغب في الزواج منها شفقة على حالها "
رفع كامل اصبعيه إلى زاويتي عينيه الداخليتين بإنهاك ثم استقام واقفا وقال لوالديه "اعتقد بأن سعادة ابنكما أهم من أي مخاوف.. وأرى أنكما قد نبهتماه وأخبرتماه بعوائق كثيرة قد تحدث إن ارتبط بها ..وإن كنت أشك في ذلك ..فأنا رغم كل شيء أشعر شعورا غريبا بأنهما متطابقان وبأن نسبة نجاح علاقتهما كبيرة .. بالإضافة لأن الفشل في علاقة زواج ليس آخر الكون .. فمادام متمسكا بها بهذا الشكل فلنخفف عنه الضغط ونعطيه مباركتنا ونتركه يخوض التجربة (ونظر لوالده يقول ) أنا متخوف جدا من ارتفاع السكر لديه واخشى أن ينتقل للدرجة الأعلى ويصاب بالمرض نفسه "
تنهد غنيم وطالع ابنه بحيرة بينما تحرك كامل مغادرا وهو يقول "سأذهب لأباشر العمل في المطعم فابنك طبعا يتحجج بحالته وكأنه هو وحده من يعاني"
طالع غنيم ظهر كامل وهو يغادر الغرفة ثم قال غنيم "كامل أيضا يبدو غير طبيعي يا سوسو "
غمغمت بنفس الصوت الباكي" بالطبع قلق على توأمه"
ناظر غنيم باب الغرفة الفارغ وغمغم بحيرة "اعتقد أن هناك شيئا أخر .. اللهم الطف بنا يا رب "
×××××
بعد الظهر
على الطريق أوقف ماهر الصناديلي سيارته وترجل منها يقترب من يحيى الذي كان يعطي أوامره للأنفار الذين يعملون في أحد الحقول التابعة لأولاد الصناديلي وقال "السلام عليكم يا حاج يحيى"
ارتبك يحيى حين رآه ورد بلهجة مقتضبة "وعليكم السلام ورحمة الله يا أستاذ ماهر "
نظر ماهر لما يجري من عمل ثم قال" لم ترد عليّ يا حاج"
بتردد وبشعور عظيم بالضيق قال يحيى" إنها لا تزال تفكر يا استاذ ماهر "
رفع الأخير حاجبا وقال باستنكار " وهل الامر يحتاج لكل هذه المدة ؟!!"
رد يحيى بدبلوماسية " لم يمر سوى يومين وتعرف أن فارق العمر بينهما حوالي اربعين سنة وبالتالي القرار ليس سهلا"
قال ماهر بغيظ " لكني متعجل يا حاج تعرف أن عندي الكثير من الأمور لأعدها قبل سفري "
تصنع يحيى الهدوء ورد "لنسأل الله الفرج يا استاذ ماهر"
سأله بلهجة ماكرة وهو يتطلع على مرمى بصره "لمن قطعة الأرض الصغيرة الملاصقة لحدود أرض الصناديلي هذه يا حاج ؟"
رفع إليه يحيى عينين مغتاظتين لكنه أجاب بهدوء وتماسك "إنها أرضي وأرض اجدادي يا أستاذ ماهر"
قال ماهر باستهبال" آه تذكرت .. من الجيد أن أرضك متاخمة لأرضنا لتستطيع مباشرة الارضين في نفس الوقت فأفضل شيء أن تربطك علاقة قوية مع جارك تعرف ما نسمعه هذه الأيام عما يحدث بين الجيران في الأراضي الزراعية ... فابسط شيء أن يغرق أحدهما أرض الأخر ..تعلم هذه الأمور بالتأكيد "
لم يرد يحيى بل وقف متقبضا يتمنى أن يلكم هذا الوقح في وجهه لكن ذلك الحِمل الكبير المعلق بعنقه المتمثل في بناته الخمسة جعله يتحكم في أعصابه بقوة حتى لا يتهور.. وفضّل أن يعطي لنفسه المزيد من الوقت ليفكر في طريقة لإبلاغه برفض أم هاشم بينما أكمل ماهر بلهجة خبيثة متنهدا "الحمد لله أنه ليس بيننا مثل هذه الأمور وأنك تباشر أرض الصناديلي المجاورة لأرضك ..فتخيل لو أنك لا سمح الله لم تعد تباشر أرض الصناديلي لأي سبب من الأسباب (وناظره في عينيه يكمل ) وأنت رجل ناضج وتعرف أن علاقات العمل وارد جدا أن يحدث فيها أي خلاف في أي لحظة ماذا من الممكن أن يحدث ساعتها "
بلع يحيى ريقه الجاف وقال بثبات "نسأل الله سبحانه وتعالى ألا يحدث أي خلاف بيننا إن شاء الله فنحن تربطنا علاقات قوية على مدى خمس وعشرون سنة يا أستاذ ماهر "
غمغم ماهر يستعد للمغادرة "هذا ما كنت أقوله وأراك دوما ناضجا ومتفهما يا حاج يحيى (وربت على كتفه عدة مرات ثم وضع النظارة الشمسية على عينيه وأضاف ) ونتمنى أن تقوى علاقتنا بالمصاهرة قريبا إن شاء الله (وتحرك نحو سيارته قائلا ) سأنتظر منك رد في أسرع وقت"
وقف يحيى يحدق في سيارة ماهر الصناديلي المبتعدة مهموما ولم يعرف كيف يحلها ..فلم يجد إلا أن يرفع انظاره للسماء متمتما "اللهم أنت تعلم بحالي فيسرها يا الله "
ناداه أحد الرجال" حاج يحيى"
استدار إليه يحيى ليقول الرجل وهو يشير على شاب أسمر يقف بجواره" إنه يسأل عنك "
عقد يحيى حاجبيه بينما اقترب الشاب بابتسامة بيضاء واسعة تزين سمرة بشرته الداكنة وقال" حاج يحيى؟"
سلم عليه يحيى مرحبا ليقول الشاب "الحاج يحيى جاد الله تيمور ؟"
ناظره يحيى يهز رأسه فقال الشاب" أنا محسن المنيلاوي ..من عائلة المنيلاوي عائلة جدتك ذهبية التي تزوجها الشيخ تيمور رحمه الله وأخذها من بلدتنا "
اتسعت عيني يحيى وتهللت اساريره وهو يقول" ما شاء الله! .. يا أهلا برائحة الأحباب .. أنت ابن مَن مِن المنايلة؟"
رد محسن يرفع نظره لأعلى يحاول الإيضاح "سأحاول الشرح ..الحاجة ذهبية هي أخت جد والدي عبد المحسن المنيلاوي الذي تسميت أنا على أسمه "
ابتسم يحيى مرحبا وقال" وكيف عرفت بمكان قريتنا ؟"
رد محسن بابتسامة " الحقيقة نحن نعلم في بلدتنا في الجنوب بأن لنا أصهارا في وجه بحري وفي هذه القرية بالذات .. فالناس رغم مرور السنوات ورغم أني لم أعاصر الشيخ تيمور ولا جدتي ذهبية لكن سيرة الشيخ تيمور الأزهري الذي زار بلدتنا الصغيرة ومكث فيها عدة سنوات وتزوج منها ذهبية المنيلاوي لا تزال تتناقلها الأجيال حتى أن المسجد الذي كان يخطب فيه كل جمعة قد سمي فيما بعد حين تم تجديده بمسجد الشيخ تيمور.. وصرنا نحن المنايلة نعتز بمصاهرتنا للشيخ تيمور ونحفظ سيرته ونعلم بأن جدتنا الكبرى دفنت هنا في قريتكم وأن أولادها وأحفادها هنا "
ضحك يحيى وقال مازحا" بل قل وأحفاد أولادها ..سبحان الله الناس لا تنسى السيرة الطيبة أبدا ( واضاف وهو يمسك بيده ) تعال إلى البيت لنُضيّفك يا محسن يا ولدي (وتطلع فيه قائلا ) أنت أسمر مثل جدتي .. لا زلت أحتفظ لها بصورة قديمة جدا ومهترئة بين أوراقي"
ابتسم محسن وقال مغيظا" أنا عندي أكثر من صورة قديمة لها .. ( ودقق في وجه يحيى) ظننتك ستكون أسمرا أنت أيضا يا حاج لكن بك لمحة فقط من السمار"
قهقه يحيى ورد "هذا من سمرة الشمس ..لكن الحقيقة أنا كنت من عرق تيمور وهكذا بناتي أما أخي زكريا رحمه الله فكان أكثر سمرة مني وله ابنة ولدت سمراء كجدتي بالضبط سبحان الله "
ابتسم محسن ابتسامة مليحة وقال مازحا "هذا جيد حتى لا أشعر بأني غريبا هنا وسط هذا البياض المشع من حولي"
قهقه يحيى وقال "والله لقد جئت لتسر قلبي وقد كنت بحاجة ماسة لذلك (وشده قائلا بترحيب ) هيا لأريك بيت الشيخ تيمور "
قال محسن بجدية" لن أستطيع هذه المرة فلدي عمل"
عقد يحيى حاجبيه وسأله" أي عمل؟ .. كنت أنوي أن أسألك ما الذي أتى بك إلى هنا ونحن في الطريق"
أشار محسن على شاحنة تقف على بعد وأجاب" والداي رحمهما الله كانا مستقران في العاصمة منذ سنوات ولم نكن نذهب لقريتنا في الجنوب إلا في المناسبات .. ولقد جئت لهذه المحافظة منذ عدة شهور لأعمل مندوبا لدى إحدى شركات المنتجات الغذائية .. أوزع المنتجات على المحلات في المحافظة كلها.. لهذا ستجدني هنا في نفس هذا اليوم من كل أسبوع"
قال يحيى بإصرار "تعال إذن لنضيّفك (ونظر خلفه لسائق الشاحنة وقال )ونضيّف زميلك أيضا "
رد محسن "هذه المرة أنا متعجل جئت فقط أسأل عنك .. ولكني سآتيك مرة أخرى يا .. (وضحك يقول ) بم أدعوك؟ يا خال؟.. أم يا حاج يحيى ؟"
ابتسم يحيى فقال محسن مربتا على يد يحيى التي تمسك بيده الأخرى "دائما عامر يا خالي .. أعدك أن آتي مرة أخرى "
قال يحيى وهو يترك يده "اعطني رقم هاتفك"
اسرع محسن بإملائه الرقم وسجل رقمه هو الأخر ثم قال "أراك في وقت آخر .. استودعكم الله "
قال يحيى وهو يشاهده يبتعد" حين تأتي في المرة القادمة اسأل عن مسجد الشيخ تيمور ألف من سيدلك عليه"
أومأ محسن برأسه وتحرك بسرعة ليركب بجوار السائق فشاهده يحيى والشاحنة تبتعد وضرب كفا بكف متعجبا وهو يقول "سبحانك يا رب!"
××××




يتبع








Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 03:39 AM   #664

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

قبيل الغروب
ركن مفرح سيارته أمام إحدى البنايات الفاخرة في العاصمة وقال بصوت واجم متحدثا في الهاتف" أنا بخير يا مليكة لا تقلقي"
قالت مليكة بلهجة متأثرة "لكنك لم تعد يا مفرح منذ ذلك اليوم الذي خرجت فيه غاضبا"
غمغم وهو يدلك جبينه بأنامله "كنت بحاجة لأن أنفرد بنفسي كما قلت لك أكثر من مرة "
سألته بقلق "ألا تريد التحدث ؟"
همس بلهجة متألمة "لا أريد أرجوك"
سألته بإلحاح "ألن تخبرني ماذا فعلت مع التوأمين؟"
رد بهدوء "كما تتوقعين"
سألته لتحثه على الحديث ليخرج ما يحبسه في صدره "انفعلت غاضبا ؟"
علا صوته وصاح بانفعال "لا أريد الحديث في هذا الموضوع يا مليكة"
تنهدت وقالت باستسلام " حسنا كما تريد"
تكلم بلهجة اخف حدة نادما على انفعاله "لهذا لا أريد أن اختلط بأحد يا مليكة لأني بالفعل فاقد للسيطرة على نفسي ولا أريد أن اضايق أحد بحالتي .. يكفيني ما خسرته حتى الآن "
قالت بهدوء "حسنا.. كما تريد المهم أنك بخير"
سألها بهدوء من أمام المقود "هل أنتم بخير؟.. تحدثت مع العمدة هذا الصباح واطمأننت عليه "
ردت " الحمد لله"
لمح شامل يترجل من سيارته فقال بسرعة "سأذهب الآن سلام "
ترجل هو الأخر من سيارته وتجاهل وقوف شامل وفتح الباب الخلفي يخرج كومة من الكتب قبل أن يغلق الباب ضاغطا على المفتاح ليغلقه وتحرك ليدخل البناية حيث تقع شقته فناداه شامل بلهجة غاضبة" أنت يا بني آدم أظنك تراني فلا تتصنع العمى !"
مط مفرح شفتيه واستدار إليه يناظره بامتعاض فقال شامل "هل هدأت حالتك لنتحدث فيما يزعجك ؟"
قاوم مفرح شعورا بالامتنان والسعادة داخله لمبادرة شامل رغم اعترافه بأن ردة فعله عليهما منذ يومين كان مبالغا فيها ورد بفم مزموم" لا لم تهدأ بعد"
مط شامل شفتيه وقال "لاحظ أني من بادر بالصلح رغم أننا لم نخطئ في حقك "
اندفع مفرح صائحا باستنكار" لم تخطئا ! (ثم تلفت حوله في الشارع وأخفض نبرته يقول بلهجة أهدأ متحكما في أعصابه ) شامل ..أنا ممتن لمبادرتك وأعترف بأني قد بالغت والسبب في ذلك قد استطيع أن اخبركما به في يوم من الأيام.. المهم أني حاليا لازلت أشعر بنفسي غير طبيعي فهلا أعطيتني وقتا لأتوازن نفسيا"
هز شامل رأسه وقال متفهما " حسنا خذ كل الوقت الذي تريده ولكن اعلم بأن أولاد غنيم لا يخونوا الصداقة أبدا .. وبأننا كنا نضع نصب أعيننا دوما علاقتنا بك في القرية رغم أننا قد نكون قد تجاوزنا قليلا أو على الأقل اتحدث عن نفسي ولكن لم يكن ذلك مقصودا واعلم بأننا رجال ونقدر قيمة الصاحب ونقدرك أنت بالذات يا مفرح "
هز مفرح رأسه ودارى تأثره وهو يقول "امنحني المزيد من الوقت يا شامل وسنتحدث فيما بعد"
تحرك شامل يفتح باب سيارته وهو يقول "خذ الوقت الذي تريده ... يا صاحبي "
قالها وركب سيارته .. فاستدار مفرح يبلع غصة مرة كالعلقم في حلقه وتحرك نحو المصعد وسيل جديد من ذكريات غير مرغوب فيها بدأ يتدفق في رأسه والتي يقاومها بكل قوته منذ ثلاثة أيام ليبقى صامدا متحكما في ذاته .
××××
تعثرت خطواتها وهي تدخل في زيارة متأخرة يومين و لم تدر لمَ كانت تؤجلها لبيت الجد صالح .
منذ ذلك الوداع وهي تؤجل تلك الزيارة .. ربما لما أصابها من حزن بعد الفراق ..وربما لتمسكها بالوهم بأنه سيعود في موعده الاسبوعي ..
واليوم كان الموعد ولم يأت.
ها هي الشمس قد قاربت على الرحيل ولم يأت.
تحركت بسمة تتطلع حولها.. كل شيء كما هو ..المقاعد ..الجدران ..الارائك ..صور الحائط ..والسجاجيد .. كل شيء كما هو حتى قبل أن يسكن فيه .. لكنها تشعر وكأن البيت مختلف ..
كيف يمكن للأشياء أن تتغير بتغير ورود الأشخاص عليها !.
كيف يمكن للمواقف أن تختلف باختلاف الاشخاص الذين نقابلهم فيها !
كيف يمكن أن تتغير رائحة البيت على حسب ساكنيه!
مع هذه الأفكار ومع تلك المشاعر التي تحاصرها ..تخنقها .. بل وتؤلمها تعجبت بسمة من حالها وهي تتحرك في أرجاء البيت ثم تحركت إلى السلم لتصعد للدور العلوي وهي تتساءل ..
متى حدث هذا؟ .. متى احتلها هذا الاحتلال؟ ولماذا ترك في نفسها أثرا عميقا موجعا كما فعل ؟
كانت تعتقد بأنها لن تقع في الحب أبدا ..
ليس حب المودة التي تخلقه المواقف ويؤيده العقل ولكن ذلك الحب الذي يأتينا كالقدر ..
ومع الاقدار لا نختار.
لقد كانت تشعر بالراحة لأن تجربتها السابقة لم تكن من هذا النوع من الحب ..فكان القرار أقل صعوبة مما لو كانت المشاعر متورطة فيه ..لكن هذه المرة جاءها ذلك الحب القدري ..حب دون أسباب منطقية تحسب بالورقة والقلم .. مشاعر كشفرة مخفية يزرعها القدر في الروح.. فإن تقابلت يوما بمن يملك الجزء الثاني منها حدث التعلق الروحي..
هكذا دون مقدمات ..دون تفسيرات منطقية واجتهادات ..دون حتى الالتفات للفروقات الفكرية والاجتماعية والثقافية ..
شفرة تحل أحجية شفرة ..
روح تتعلق بروح ..
ويبقى نجاح أو فشل العلاقة نفسه في يد القدر أو حسبما يقرر الطرفان .
عند تلك الغرفة في الدور العلوي التي تطل على ساحة المشروع توقفت ثم تساءلت وهي تدفع باب الغرفة الغارقة في الصمت القاتل ..
ما هذا الوجع ؟.. وهل كان ينقصها أوجاع؟!!
كان صوت صرير الباب يخترق ذلك الصمت الموحش وضربات قلبها العالية تعلو أكثر وأكثر حتى باتت تنبض في رأسها..
لماذا تشعر بأن هذه كانت غرفته فليس لأنها قد رأته ذات مرة يطل من نافذتها يعني أنها تخصه .
تطلعت حولها .. واقتربت تفتح تلك النافذة المطلة على ساحة المشروع فتفاجأت بأنها قريبة جدا وكاشفة لغالبية ما يحدث في ساحته وقد تاه عن ذاكرتها ذلك ..
مررت يدها على حافة النافذة الخشبية وكأنها تتحسس أثره في المكان.
ماذا حدث لك يا بسمة ؟..
منذ متى وأنت بهذا الرومانسية ؟
أأنت مراهقة؟ ..
أيمكن لمن مرت بمثل تجربتك أن تفكر بهذه المراهقة؟.. أن تتصرف كالفتيات الصغار؟..
كيف بعد ما تخطيتيه من آلام؟ ..وبعد ذلك التغير الذي حدث لك مؤخرا !.
راودها سؤال وجودي :
أيولد الحب ويزداد مع العشرة والوقت؟
أم يأتينا كالقدر بكل قوته دفعة واحدة ؟
عادت لتغلق النافذة وكأنها تغلق عليها أفكارها واستدارت تجول بأنظارها في الغرفة .. وكأنها تبحث عن شيء..
عن أثر ..
عن ذكرى ..
لماذا ترتجف ؟
لمحت كتابا فوق المنضدة بجوار السرير فأسرعت إليه بفضول .. ولهفة ..
أمسكت به وقرأت عنوانه.
( أجمل قصائد الحب )
رفعت حاجبا مستعجباً وغمغمت" أيقرأ هذا الفظ المستفز الشعر !".
عند هذه الخاطرة ..خاطرة فظاظته واستفزازه ..استدارت خلفها بتلقائية وكأنها تخشى أن يسمع صوت أفكارها فتجده خلفها كالمرة السابقة .. وكم تمنت أن يحدث ذلك .. لكنها بلعت غصة مرة في حلقها حين لم تجد من يطل عليها بطوله وعرضه ليخبرها بعنجهية بأنها تحترف اقتحام الأماكن ..
عادت إلى الكتاب لتتصفحه ففهمت بأنه يضم مختارات من الشعر لأكثر من شاعر ..وفي أول صفحة كان هناك ما كُتِب باليد بخط أنيق :
إلى أولئك الذين نهجرهم اختيارا ..
فيحتلون قلوبنا إجبارا .
سلام من أعماق الروح والقلب.
سلام ليس بعده سلام.
تألم قلبها.. رغم أنها لا تعلم لمن كتبت هذه الخاطرة.. لكنه تألم بشدة ..
ولفت انتباهها صفحة معينة قد طوي طرفها بشكل بدى متعمدا ففتحتها لتجدها قصيدة لنذار قباني بعنوان (عُقدة المطر ) فجلست على السرير وأخذت تقرأها .. ورغم أنها لم تكن أبدا تهتم بالشعر إلا أن دموعها انهمرت مع كل شطر وبيت قرأته ..
مع كلمة ومعنى ..
مع كل حرف ..
أخاف أن تمطر الدنيا.. و لستِ معي.
فمنذ رحتِ.. و عندي عقدة المطر.
في نفس اللحظة كان كامل يقف بوجه واجم وصدر متخم بالأوجاع في صالة المطعم وكلمات القصيدة تنساب بنعومة وخفوت مغناة بصوت كاظم الساهر تلف بشاعرية في أركان المكان لترفه عن رواد المطعم المزدحم بالزبائن كأفكاره.
كان الشتاء يغطيني بمعطفه.
فلا أفكر في برد و لا ضجر.
و كانت الريح تعوي خلف نافذتي
فتهمسين: تمسك ها هنا شَعري
و الآن أجلس .. و الأمطار تجلدني
على ذراعي.
على وجهي.
على ظهري.
فمن يدافع عني.. يا مسافرة
مثل اليمامة.. بين العين و البصر.
تطلعت بسمة ودققت من وسط دموعها في تلك الابيات بالذات التي اعيد كتابتها في ركن الصفحة مرة أخرى بالقلم الحبر وكأن صاحبها يريد توثيقها ..يريد تأكيدها .. وكأنه يتمنى أن يقولها أو يرسلها كرسالة لأحدهم ..
وكيف أمحوك من أوراق ذاكرتي
و أنت في القلب مثل النقش في الحجر.
على الرغم منملامحه الصلبة والتي قد يخطئها كل من يتطلع فيه أو ربما يخشاه في وقفته المتصلبة الجامدة كان في صدر كامل قلب يعاني وهو لا يرى إلا عينيها .. إلا وجهها .. إلا ضحكتها التي خرجت في لحظة خالية من الأحزان .. وتمنى لو كان قد أجل الوداع ولو أسبوع أخر لكان الآن في بيت الجد صالح يبحث عن حجة لمشاكستها أو الحديث معها أو الغوص في بحر عينيها..
إن الوضع صعب رغم أنه لم يمر إلا يومين .. لكن الفراق صعب وعدم وجود أمل للقاء قريب يجعله أكثر صعوبة .. وإن كان يخشى عليها من نفسه فعقله يصور له خوفا أكبر عليها .. وخاصة وهو يفكر في أنها قد تُجبر يوما من الأيام على زيجة لا تريدها أو أن تتزوج من ذلك الطبيب البيطري..
تنهد ينظر لسقف المكان .. أيغار من زواجها السابق ؟.. ماذا لو وصلته معلومة يوما بأنها قد تزوجت من شخص ثان فلا يعتقد بأن علاقته بمفرح قد انقطعت للأبد .. صحيح هو لا يزال غاضبا منه .. لكنه يعلم بأن الأمر يحتاج لبعض الوقت حتى يهدآ ويتصالحا .. وهذا يعني أنه قد يعرف اخبارها ولو صدفة.. ولا يتصور أنه قادر على تحمل خبر زواجها من رجل أخر هذا الشيء سيصعب عليه ..
زفر زفرة حارة وتمتم مع الاغنية في سره.
أنا أحبك يا من تسكنين دمي
إن كنتِ في الصين.. أو إن كنتِ في القمر
ففيك شيء من المجهول أدخله
و فيك شيء من التاريخ و القدر
في بيت الجد صالح مسحت بسمة دموعها تنفض عنها مشاعر الضعف التي لا تريدها أن تتملك منها وحدثت نفسها " كوني قوية يا بسمة .. تخطيت مرحلة أصعب من هذه بكثير .. لن تربطي حياتك بأحد "
استقامت واقفة تشحذ من همتها وتشجع نفسها .. ستكون قوية .. متماسكة وستحتفظ بتلك الذكريات ..
تحركت تترك المكان بسرعة لكنها تفاجأت بأن الكتاب لا يزال في يدها .. ترددت قليلا تنظر فيه ثم قررت وهي تغلق باب الغرفة بأنها ستحتفظ به كذكرى .
ذكرى رجل مر من هنا يوما .. فوشم اسمه على قلبها ثم رحل.
××××
بعد ثلاثة أيام
كان جالسا في صالة شقته الصغيرة في العاصمة أمام إحدى الطاولات المتكومة عليها بعض الكتب يكتب بتركيز على اللابتوب الخاص به ..
إنه يحاول منذ أسبوع انجاز أوراق بحثية تخص رسالة الدكتوراه التي يعدها كوسيلة لشغل نفسه وأفكاره عما يدور بهم من منغصات .
لا ينكر بأنه قد تحسن كثيرا عن اسبوع مضى خاصة أن زيارة شامل له منذ أيام أكدت له أنهما متمسكان بصداقته ..لكنه لا يزال يعتزل الجميع منذ تلك الليلة ولم يذهب حتى للبلدة مكتفيا بطمأنة أهله وخاصة والده يوميا على الهاتف رغم صعوبة تقبل الأخير لهذا الوضع .
رشف من كوب الشاي ثم أجفل من دقات مفاجئة على الباب مصاحبة لرن الجرس بشكل متواصل ..فعبس واستقام بسرعة متوعدا لمن بالباب.
حين فتح تفاجأ بمليكة والولدين فبادره إياد يقول بلهجة استعراضية "لقد حضرنا ما رأيك في هذه المفاجأة؟"
رغم الدهشة اتسعت ابتسامة مفرح .. ابتسامة لم تزره منذ عدة أيام ولا يقدر على رسمها على وجهه سواهم ومال يقبل رأس إياد ثم أدهم الذي دخل يقول" السلام عليكم"
رد مفرح السلام ثم رفع أنظاره لمليكة التي تدقق فيه بقلق وسحبها دون كلام إلى حضنه ..ولم يعرفا من منهما كان يضم الأخر إليه أكثر.
أخذت مليكة تتحسس ظهره المتشنج وتربت عليه ..لقد اشتاقت إليه وقلقت عليه بشدة ..اسبوع لا تطال منه سوى صوته عبر الهاتف ..ورغم أنهما لم يتحدثا عن الماضي أبدا لكنها أدركت بأن جراحه لم تمت بعد .
ابتعد عنها يتجول بنظراته الملهوفة في وجهها ولوهلة نسيا الولدين الواقفين غير أن اللحن الرومانسي الذي عزفه إياد بفمه ساخرا منهما جعلهما ينتبهان فتحركت مليكة تدخل بينما أخذ منها مفرح حقيبة صغيرة كانت تحملها قائلا " ما هذه المفاجأة من أوصلكم؟"
ردت مليكة "أخي بشر أوصلنا لديه مشوارا في العاصمة وسيبيت عند أكرم ( وتطلعت حولها تتفقد أحوال الشقة) فسألها مفرح لماذا لم تخبريني بأنك ستأتين؟"
مطت شفتيها وردت مناكفة "تفتيش مفاجئ"
اتسعت عيني مفرح لثوان قبل أن يقهقه ضاحكا ..فلملمت ابتسامتها وقالت بلهجة خطرة" ألا تصدقني ؟"
هدأت ضحكته وقال بحاجب مرفوع "وهل تعتقدين بأنك ستكونين أذكى مني ..بالتأكيد اتخذ احتياطاتي حتى لا ينكشف أمري "
حدجته بتلك النظرة المتعالية المتعمدة من طرف عينيها والتي تذكره بمشاكساتهما وهما صغار وقالت وهي تتفقد المكان" لن يعصى شيء على مليكة صوالحة إن شاء الله"
تأملها وهي تتحرك في المكان فتضفي بحضورها دفئا لكل شيء حولها .. وشعر بالسعادة وهو يراها قد بدأت في الفترة الأخيرة في العودة لمليكة القديمة .. يراها تحاول السيطرة على جراحها وهشاشتها وذلك يمنحه بعض الأمل بعد أن كان اليأس قد تمكن منه "
قالت مليكة باستنكار "ما هذا يا مفرح النوافذ مغلقة ورائحة الشقة مكتومة تحتاج للتهوية وتبدو كما لم تنظف منذ مدة !"
نظر مفرح حوله ورد" لا أشم أي رائحة وأرى أن الشقة مرتبة"
نظرت مليكة للمنضدة التي عليها الكتب ولمقعد تتكوم عليه ملابسه فقال مفرح بغيظ" دعي كل شيء يا مليكة الآن"
خرج أدهم وإياد من الداخل بعد أن غسلا وجهيهما فقال الأول " أنا جائع"
سأل مفرح" ما رأيكم أن نخرج لنتنزه قليلا ونتناول الغداء بالخارج (ثم استدار لمليكة يسألها )أم أنك متعبة من المشوار ؟"
تقافز إياد يقول "نخرج ..نخرج "
فردت مليكة رغم شعورها بالإرهاق "نخرج"
نظر مفرح لأدهم يستطلع رأيه فرد الأخير بابتسامة "نخرج "
قال مفرح "إذن سأبدل ملابسي بسرعة "
قبل أن يتحرك اقتربت مليكة تداري وجومها وقالت بهمس " مفرح أنا اضطررت للكذب على الحاجة نحمدو واخبرتها بأنك من طلبت مني القدوم إليك لأنها كانت معترضة على سفري أنا والأولاد "
عقد مفرح حاجبيه وسألها "لماذا كانت معترضة؟.. ألم تعرف بأن بشر سيوصلك ؟"
حاولت مليكة ألا تحرق دمها بتذكر استفزاز نحمده لها والتي حاولت أن تمنعهم من الخروج فقالت باقتضاب" لا أعرف "
غمغم مفرح وهو يتحرك نحو الداخل" لا بأس سأقول بأني من طلبت منك ذلك .. وسأتكلم معها في أمر منعك من الخروج العجيب هذا ..سأبدل ملابسي بسرعة"
ناظر أدهم مليكة بنظرة متفحصة وطحن ضروسه مغتاظا وهو يتساءل في سره ..لماذا تداري عليه الأمر ؟.. ولماذا تسكت على ما تفعله فيها جدته؟.. ولماذا لا يفعل والده شيئا ليمنع ما تفعله أمه ؟!
لماذا؟!!
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 03:42 AM   #665

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

" إذن غيرت رأيك بشأن السفر"
قالها رامز الخازن في وقفته أمام كامل في المطعم فرد الأخير بهدوء نافيا "لا لم أغير رأيي وإنما أجلته .. أبي راقد منذ أن علم بأني قد حجزت تذكرة السفر"
مط رامز شفتيه وشرد بحيره فسأله كامل "وأنت هل قررت السفر ؟ .. الحقيقة كنت متحمسا للسفر حينما علمت بأنك أنت أيضا قد حصلت على تأشيرة لأمريكا"
نظر إليه رامز نظرة حائرة وأجاب "أنا أيضا يبدو أني سأؤجل السفر ..فوالدي كوالدك يعارض سفري وبانة تقيم مناحة وتلعب على وتر مشاعري الأخوية بشكل مغيظ"
ابتسم كامل ابتسامة ضعيفة وغمغم" إذن ستؤجل أنت الأخر "
قال رامز وهو يتحرك ليطفئ السيجارة في إحدى طفايات السجائر على أحد الطاولات "الحقيقة لا أعلم.. لماذا لا نكون أحرارا لنفعل ما نريد بدون ابتزاز عاطفي"
ناداه كامل ببعض التردد" رامز"
تطلع فيه الأخير متسائلا فسأله كامل بحرج "هل ..وضّحت لأحمد سماحة موقفي من موضوع أختك الذي اعترفت لك به وأبلغته اعتذاري كما طلبت منك منذ فترة ؟"
هز رامز رأسه وغمغم "أبلغته لكنه لم يعقب .. حدجني فقط بنظرته الممتعضة"
لوي كامل شفتيه ممتعضا هو الأخر وغمغم بتكبر "فعلت ما عليّ فعله ..هو حر بعد ذلك (وسأل رامز الذي شرد من جديد كعادته ) هل هذا معناه أنك ستستمر في العمل مع آل سماحة ؟"
رفع رامز إليه أنظاره وقال بتشتت" سيبقى الوضع كما هو عليه حتى أرى نهاية ذلك الابتزاز العاطفي من الأخت بانة وذلك التعنت من الدكتور عبد الله الخازن"
سأله كامل "ألا يزال يبحث عن أخيك فراس؟"
لاحت نظرة مـتألمة في عيني رامز وهز رأسه يقول متنهدا" لا يزال يبحث ..ولا يريد الاستسلام ..وصحته لا تحتمل كل هذا المجهود والضغط النفسي ..وكلما حاولت معه ليتوقف يقول أخبروني بمكان قبره وسأتوقف"
تألم قلب كامل وهاجمته ذكريات لا يريد أن يتذكرها عن الحرب بينما غمغم رامز وهو يتحرك مغادرا" أنا سأذهب "
قال كامل مستنكرا" لماذا لا تبقى معنا قليلا على الغداء "
قال رامز مبتعدا "لا سأذهب ..( ثم استدار نصف استدارة يسأله )أين شامل؟"
أجابه كامل مراوغا "لم يستيقظ من النوم بعد"
قال رامز بشك "أشعر بأنكما لستما بخير"
غمغم كامل بلهجة حزينة "لا تشغل بالك كله سيمر إن شاء الله "
هز رامز رأسه وتحرك مبتعدا وهو يقول "سأخبرك إن قررت شيء بشأن السفر ..وأنت أيضا إن قررت أبلغني .. سلام"
قالها وخرج من الباب الزجاجي فزفر كامل بحيرة شديدة لا يعرف إلام ستنتهي تلك الأيام الصعبة على الجميع .
×××××
على باب إحدى المحلات وقف يتشاكس مع ولديه ثم قال يكمل حديثه الذي بدأه قبل قليل" لهذا وبما أننا قد اصبحنا رجالا صغار فعلينا أن نكون أكثر حذرا في التعامل مع الفتيات لأن كل فعل سيصدر منا سيكون محسوبا علينا "
قال إياد باندفاع "أنا لا ألمسهن أثناء المزاح كما تشدد علينا أمي "
قال مفرح يومئ برأسه "هذا جيد لأنك محترم ومن عائلة محترمة وتحافظ على بنات الناس كأخواتك.. والله يرى كل أفعالك"
أضاف إياد وهو يضع يده على فمه ليداري ضحكة محرجة "لكن أنا وأدهم نشعر أحيانا برغبة في لمس البنات "
جحظت عينا أدهم وناظر أخاه موبخا وهو يزم شفتيه حتى لا يضحك بينما أفلتت ضحكة صغيرة من مفرح قبل أن يحاول السيطرة على نفسه ويتصنع الجدية قائلا "هذا لأنكما قد بدأتما في مرحلة المراهقة وسيلفت انتباهكما دائما الفتيات .. هذه المشاعر تكون متأرجحة ومذبذبة حتى تستقر حينما تكبران وتتخطيان هذه المرحلة"
سأله أدهم بوجنتين متوردتين" وهل حينما أكبر ستتوقف هذه الرغبة التي تحدث عنها إياد على فتاة واحدة فقط هي من تزوجتها؟"
سعلة فاجأت مفرح مع سؤال ابنه ثم تنحنح يفكر بسرعة كيف يرد عليه بما يتناسب مع عمره وأخبر نفسه بتلقائية بأنه سيحكي متفكهاً عن هذه المناقشة لصاحبيه.
على سيرة الـتوأمين أصابته غصة معترفا بأنه يفتقدهما وقبل أن يجيب على ابنه بإجابة دبلوماسية لمح بعينه صاحب المحل وهو يتحدث مع مليكة بالداخل ولم تعجبه تلك النظرة في عينيه لها فتحرك يدخل المحل مقتربا منها بينما صاحب المحل يقول بإعجاب" كلامك مضبوط يا هانم "
قال مفرح وقد انقلبت ملامحه تماما خلال الثانيتين اللتين عبر فيهما من الباب للداخل "ماذا هناك؟"
التفتت إليه مليكة بينما قال صاحب المحل لمفرح" الهانم كانت تجادل مندوب المحل (واشار لشاب يقف بجواره) في مكونات أحد أنواع العطور وكلامها كان صحيحا ويبدو أن المندوب قد اختلطت عليه المعلومات لكن الحقيقة الهانم ما شاء الله لديها معلومات كثيرة عن أنواع العطور ومكوناتها "
لم يعقب مفرح بل لمس كتف مليكة مشيرا بمقلتيه بما يعني هيا فورا .. فعبست الأخيرة وتعجبت لكنها أسرعت تقول للشاب البائع "سأكتفي بما اخترت اخبرني بالحساب من فضلك "
بعد دقائق سألت مليكة مفرح وهما يسيران في أحد المراكز التجارية الكبرى في العاصمة "ما الذي حدث؟.. لماذا استعجلتني يا مفرح كان هناك أشياء لم اشتريها بعد "
قال ببرود" اشتريها من محل أخر"
سألته بغيظ" لماذا؟ ..هذا المحل كان به كل ما أريد من عطور وصابون وكريمات"
مط شفتيه وأجاب دون أن ينظر إليها" لم تعجبني نظرة صاحب المحل لك "
تطلعت فيه باتساع عينيها لثوان ثم قالت "الرجل كان مؤدبا معي "
حدجها بنظرة جانبية قبل أن يعود لينظر أمامه على ولديه اللذين يسيران أمامهما ورد ببرود" أنت لست رجل لتفهمي في تلك الامور "
انفجرت دقات قلبيهما معا بلحن متناغم فتوردت وجنتي مليكة وأشاحت وجهها تقول" لا أصدق أنك تغار من بائع يبيع لي بضاعته"
دبت الحرارة في جسده ورد وهو ينظر إليها بطرف عينيه "أغار عليك من كل شيء حتى الثوب الذي ترتدينه ..هل لديك اعتراض !"
استمرت ضربات قلبها في عزف المزيد من النبضات لكنها غمغمت بلهجة ساخرة "حمدا لله أننا لا نسكن في المدينة وأني لا أحب أن أخرج كثيرا"
رد ببرود دون أن ينظر إليها " حتى لو كنا نسكن المدينة كنت سأحبسك .. بسيطة المسألة "
أدارت إليه وجهها تقول بغيظ "وتقولها هكذا ببساطة!!"
وقف أمامها ورد وهو يرفع كتفيه مستمرا في استفزازها "من حكم فيما يخصه فما ظلم "
قالت بوجنتين مشتعلتين " لا تحاول التبرير يا مفرح فما فعلته عطلني عما أريد شرائه"
قال متهكما وهو يشير للأكياس في يده" ماذا كنت ستشترين أكثر من ذلك ؟!.. صابون عطري برائحة حقول الوديان؟ .. أم كريم برائحة السهول الفيضية لجزر كوكب الزهرة؟!"
ضيقت عينيها تناظره بغيظ لثوان قبل أن تلمح محلا أخر خلفه فقالت وهي تنظر بداخله " البائعة فتاة .. هلا تركتني لأشتري دون مقاطعة "
واسرعت تدخل المحل فتأمل مشيتها الرشيقة وتلك العباءة العصرية الأنيقة التي ترتديها ..
دوما مليكة مميزة بين النساء في نظره حتى طريقة ارتدائها لملابسها ليست كأي امرأة أخرى .. من القلائل اللاتي جمعن بين اللبس التقليدي والأناقة والعصرية والالتزام الديني .. فكانت مميزة دوما في نظره..
تنهد وزفر نفسا متألما من صدره فرغم فرحته بقدومها هي والأولاد وقد كان بحاجة إليهم إلا أنه كان يتحاشى التواجد في محيطها هي بالذات في حالته هذه التي لم تتوازن بعد..
نادى على ولديه المتقدمان وقال مشيرا لهما "انتظرا هناك محل آخر لم تدخله أمكما "
صرخ الاثنان باعتراض فقال مفرح مواسيا وهو يبحث عن أي مقهى قريب حولهم" أنا أيضا لا أشعر بقدميّ لكنه حُكم القوي (وناظر ولديه وقال بلهجة بائسة ) لنسأل الله أن يرأف بحالنا ويكون هذا آخر محل.. كثفا الدعاء "
××××
نزل شامل من غرفته واجما ثم تحرك نحو جناح والديه في الطابق الأرضي ليطرق على الباب حتى يطمئن على والده ثم فتح الباب حين سمح له بالدخول يقول "كيف حالك يا حاج اليوم ؟"
غمغم غنيم بهدوء في جلسته نصف المستلقية على السرير وهو يتأمل ملامح ابنه العابسة ووجهه الشاحب" أنا بخير الحمد لله"
هتفت سوسو وهي تقترب من ابنها وتسحبه من يده ليدخل "تعال يا شامل أريد أن اتحدث معك"
قال شامل بضيق "فلنؤجلها يا أمي لأني لست في حالة نفسية تسمح لي بالتحدث في موضوع ونس "
قالت أمه بإلحاح" تعال سأعرض عليك فكرة ستعجبك بشأنها "
عقد شامل حاجبيه ودخل فعادت والدته لمقعدها تجلس بأناقتها المعهودة ثم تبادلت النظرات مع زوجها الهادئ الذي يتفحص ولده حائرا وقالت" اسمع يا شامل أنا أصدق أن هذه البنت مميزة ..لهذا سأقترح عليك فكرة ممتازة ..إحدى صاحباتي تعمل في السفارة الايطالية وقد اخبرتني عن معهد خاص اقامته ايطاليا هنا في البلد يعطي مِنَحا مجانية للراغبين في دراسة الفنون ويختارون المميزين منهم وهناك أولوية لذوي الاحتياجات الخاصة .. والمتميزين منهم قد يحصلوا على منحٍ للسفر لإيطاليا .. وأنا تقديرا مني ومساعدة لك في احتواء واحتضان هذه البنت المميزة سأوصي عليها صاحبتي لتُقبَل فيه ..بل انني اقترح عليك أن نوهم والدها الذي أخبرتنا عنه بأنه حساس تجاه كرامته بأن المعهد سيوفر لها مكانا مجانيا للسكن هنا في العاصمة وبإمكانه أن يأتي ليسكن معها طوال فترة الدراسة وبالطبع سنتحمل نحن تكلفة السكن دون أن يعرف.. كما أنني أنا ووالدك على استعداد لعرضها أيضا على أشهر الأطباء وللمساهمة في تغيير حياتها للأفضل ..وتستطيع أنت أيضا أن تشارك من مالك الخاص معنا فبالتأكيد العلم قد تقدم الآن بشأن حالتها ومالم تستطع أن تجده في بلدتها الصغيرة ستجده هنا في العاصمة .. واترك اقناع والدها على غنيم سيقنعه بالموافقة على التحاق ابنته بالمعهد ..ما رأيك ؟"
دعك شامل جبينه بأنامله وقال ساخرا "وهذا العرض السخي بالطبع مقابل أن أترك فكرة الزواج منها باعتبار أني الشاب الابله الذي لا يستطيع التفرقة بين مشاعره المتعاطفة مع انسانة أو مشاعره تجاه انثى يريدها كزوجة له وأما لأطفاله"
هتفت سوسو " ها أنت قد قلت ..أما لأطفاله ..هل هذه ستكون أماً كفئا لأطفالك؟!"
صاح شامل بغضب "أين المشكلة يا أمي؟ ماذا ينقصها؟! ..وهل من في مثل ظروفها لا يتزوجن ولا ينجبن .. بصراحة يا سوسو أنا مصدوم من نظرتك هذه "
شعرت سوسو بالحرج الشديد والحيرة بينما أكمل شامل بتأنيب مؤدب" صدقيني مصدوم بشدة لأني أعرف مواقفك الإنسانية جيدا وسمو فكرك فلم اتوقع كل هذا الرفض بسبب حالتها"
هتفت سوسو تدافع عن نفسها موضحة "الامر ليس له علاقة بحالتها فقط يا شامل صدقني ..لكن كل ظروفها مختلفة عنك "
رد شامل بإصرار " وأنا أؤكد لك بأن ونس ذكية ومختلفة وستتعود على اختلاف الحياة بسرعة"
زفرت سوسو بضيق ونظرت لزوجها فنظر إليه شامل بدوره يقول بلهجة حزينة صادقة " أنا آسف يا أبي .. صدقا أنا في غاية الأسف أن سببت لكما كل هذا الحزن لدرجة أن ترقد في الفراش (ونظر لامه) آسف يا أمي ( وعاد ينظر لوالده ) خاطركما وكلمتكما فوق رأسي لكني اشعر بمسئولية كبيرة تجاه ونس وسأظل ألح على والدها لعله يثق بي ويوافق .. لم أكن يوما أتخيل بأني قد أفعلها بدونكما لكن الأمر لا يتعلق بي أنا فقط شامل الذي أحب ونس وسيتحمل ألم الفراق .. يتعلق بها هي أيضا وأنا متأكد أنها تعاني هذه اللحظة ولا أعرف كيف سيكون مصيرها .. آسف أني خيبت أملكما فيّ وتعلمان كم أنا دوما حريص على ألا أفعل لكن هذه المرة الأمر خارج عن إرادتي .. واتمنى أن تسامحاني يوما وتعطياني مباركتكما والتي هي جدا تهمني .. ..وعاقبني يا أبي بما تراه لكن بالله عليكما لا تغضبا عليّ .. أنا أسف جدا "
قالها وتحرك خارجا يغلق الباب خلفه بهدوء فنظرت سوسو لزوجها بحزن تسأله" ماذا سنفعل يا غنيم لم أره متمسكا بشيء بهذا الشكل المستميت "
أطرق الأخير برأسه يقول " ماذا سأقول يا سهيلة.. لله الأمر من قبل ومن بعد "
×××××
في المساء
انه يقترب من ذلك المنحدر ويفقد القدرة على ذاته شيئا فشيئا .
كان قد وعد نفسه بأن يحاول ألا ينام في نفس الغرفة الليلة .. لكنه بمجرد أن نام ولديه في الغرفة الصغيرة دخل ليبدل ملابسه فوجد الغرفة معبأة برائحة العطور التي ابتاعتها.
فهي ملكة العطور بلا منازع .. تختار عطور مميزة ولديها معلومات كثيرة عنها..
رآها بمنامة قطنية أنيقة تبزر تفاصيل جسدها الذي لا يشبع منه أبدا فسألها بحشرجة" ماذا تفعلين؟"
ردت بهدوء "أرتب لك الخزانة ..هناك ملابس استعملتها ووضعتها مرة أخرى يا مفرح ..أحاول التفريق بين النظيف والمستعمل "
هذا الهدوء يعرفه .. وتعرفه هي أيضا .
ذلك الهدوء الذي تكون هي عليه بمجرد أن تجمعهما غرفة واحدة.
هدوء ميت يعم المكان حين يخبو صخب الأولاد من حولهما .
هدوء على ايقاع النبضات المرتبكة المضطربة بمشاعر جياشة.
مشاعر حب جارف لا يشبع من قِبله.
ومشاعر اضطراب وتباعد ومقاومة للاستسلام من قِبلها.
كان يعلم بأنه يقترب من ذلك المنحدر وبأن مقاومته قد ضعفت .. بل شُلّت.
وكانت تعلم بأنه يحتاج إليها ولوصالها وقد استعدت لذلك .. فتلك الامور يحبها وتسعده وهي أتت لتسعده ..
شعرت مليكة بدفء جسده حين اقترب وأحاط بها من الخلف يهمس في أذنها بحرارة" أتركي الملابس والخزانة فليست مهمة "
أطاعت بهدوء واستسلمت.
استسلمت لذراعين قويين وحضور رجولي طاغ.
استسلمت لفيضان من مشاعر حارقة.
ولقبلات ملتهبة من شفتين كجمرتين من نار على جسدها.
استسلمت لعنفوان ذكوري في حالة شديدة من الاحتياج .
استسلمت لكن روحها كالعادة لم تستسلم .
وحين يكون الصراع بين الروح والجسد مؤلم
وحين تكون المعركة مع الذات موجعة .
فالموت هو الحل .
الموت المؤقت .
موت لم يتحمله مفرح .. هذه المرة ..لم يكن لديه الطاقة النفسية الكافية للتحمل .. هذه المرة كانت غير كل المرات .. لم يكن يرغب في وصال جسدي فقط .. لم يكن يرغب في افراغ شهوة ..
كان يحتاج لوصال كامل مع محبوبته .. يحتاج لطمأنة حانية .. كان بحاجة للغة جسد بليغة تخبره بما يرغب في معرفته ..
كان بحاجة إليها بكليتها.
لكنه لم يلق إلا جثة هامدة !
بعد دقائق معدودات ابتعد مفرح.. واطلق سراحها قبل أن يطلق العنان لمشاعره .
هذه المرة لم يكمل حتى خط النهاية متغاضيا عن وعورة الطريق.
هذه المرة لم يكن الوصول إلى خط النهاية مُلح بقدر ما كانت الحاجة للاستمتاع بتفاصيل الرحلة أكثر الحاحا .
تركهاجثة عارية مغمضة العينين على السرير وابتعد عنها بصمت يناظرها بغضب واحباط شديدين وبأنفاس ثائرة ضلت طريقها للهدوء ثم تحرك يعدل مالم يكن قد خلعه بعد من ملابسه ...
ألهذه الدرجة هو لا شيء بالنسبة لها؟ .. اقترابه منها حمل ثقيل على روحها! ..
ألهذه الدرجة تكرهه وتكره اقترابه ولمساته.. وهو المدله في حبها لدرجة أن يذل نفسه كل مرة معها بهذا الشكل المهين !.
أخيرا فتحت مليكة عينيها ولمحته يخرج من الغرفة مندفعا فأجفلت ولم تفهم شيء .. ثم اسرعت بارتداء ملابسها لتلحق به بقلق .. حافية القدمين تربط المئزر حول جسدها وشعرها البني الناعم مسدلا على ظهرها ..
بحثت عنه فوجدته يجلس على الأريكة في الصالة بجذع عار مرفقيه على فخذيه مطرق الرأس ومظلم القسمات.
بقلق صادق سألته "مفرح ..ماذا حدث (حين لم يرد نادته) مفرح"
"ابتعدي "
قالها بصوت خافت غاضب أصابها بالارتباك والحيرة فاقتربت أكثر تضع يدها على كتفه تقول" مفرح اخبرني ماذا حدث"
بخشونة أبعد يدها عنه قائلا بصوت أعلى رغم كل محاولاته للسيطرة على انفجار غاضب وشيك "قلت لا أريد أن أراك أمامي الآن وإلا ستندمين "
كانت المرة الاولى التي يعاملها بتلك الطريقة لكنها لم تغضب منه بل شعرت بالجزع لأن الأمر يبدو بسببها .. فتحركت لتقف أمامه ثم جلست بين ساقيه تقول بخفوت قلق ومقلتاها تتوسلان إجابة من تفاصيل وجهه المريعة "اخبرني يا مفرح ماذا فعلت"
تلك اللهجة البريئة المتمسكنة التي أثارت شفقة قلبه تجاهها استفزته وزادت من غضبه أضعافا.. فهدر بكرامة مجروحة في وجهها المرفوع إليه" أنتِ بالفعل لا تفعلين شيئا يا مليكة .. هذه هي مشكلتك أنك لا تفعلين شيئا.. ولا أعرف إلى متى عليّ التحمل .. إلى متى سأتجاوز عن جرح كبريائي وكرامتي .. إلى متى سأتجاوز عن شعوري بالإحباط والخذلان في كل مرة نلتقي فيها .. لا تريدينني؟.. حسنا وأنا لن أريدك .. من هذه اللحظة لن أفرض نفسي عليك"
كانت تنتفض من الارتباك وعدم الفهم أو ربما الانكار وهي تحاول استيعاب ما يقوله ..وقلبها يرتجف مرتعبا من تلك الشياطين التي تحتل واحتيها الخضراوين في وجهه .. فأمسكت بساقيه بقوة ..وكأنها تحتمي به منه .. وغمغمت بصوت مرتعش استمر في إثارة شفقته عليها واستفزازه" ماذا فعلت يا مفرح أخبرني أرجوك "
صاح أمام مقلتيها اللتان تترقرق فيهما الدموع " أأنتِ غبية يا مليكة ؟!(اتسعت عيناها بصدمة فأكمل وقد انفلت عقد تحكمه فيما يقول ) كم عمرك لتسألي هذا السؤال؟.. لم اعهدك جاهلة أبدا .. حتى أبسط النساء في الحقول منهن من تفهم .. تفهم بفطرتها أنها ليست مجرد أداة لإفراغ شهوة زوجها .. لديها مشاعر وحاجة ورغبة"
غمغمت بارتباك وتقطع وقد امتلأت عينيها بالدموع "أنا.. أنا ..أنا والله أراعي هذا الجانب.. ولم …لم أرفض لك أي مرة طلبت فيها (ونظرت في الأرض تحاول إيجاد كلمات للدفاع عن نفسها ) أنا أحرص على أن أشتري وارتدي ما تحبه و .. و لم يكن هناك مرة رفضت فيها .. لأني أعرف بأن هذا الموضوع تحبه وأنا .."
صاح فيها بجنون " ليتك ترفضين .. ليتك ترفضين يا مليكة .. لكان أرحم وأقل ألما "
كانت ترتجف بين ساقيه بشدة وهي تقول "مفرح أنا لا أفهم ما الذي حدث أنا…"
كلما ازدادت ضعفا وارتجافا كلما جن جنونه فصاح غاضبا "ما الذي لا تفهمينه يا مثقفة يا متعلمة ..أنا أتحدث عن تجاوبك معي ..عن مشاعرك الجسدية تجاهي ..أنا أشعر بأني متزوج الوسادة .. متزوج من جثة باردة .. ( وبكل غضب انفجر مؤكدا ) أنت باردة يا مليكة .. هل فهمت الآن .. هل استوعبت .. أنت لوح من ثلج .. وأنا لن أهين نفسي معك مرة أخرى حتى لو سأموت .."
تساقطت الدموع الصامتة من عينين متسعتين ذاهلتين مرفوعتين إليه في الوقت الذي خرج الولدان من الغرفة التي ينامان فيها واقتربا بحذر ليقول أدهم بتوتر" أبي .. هل هناك مشكلة؟ "
لم يتحرك مفرح من جلسته ولم يدر حتى وجهه المتجهم الحاد النظرات عن وجه مليكة الجالسة على ركبتيها بين ساقيه ..
لم يتحرك مفرح لثوان طويلة .. لكن غريزة الامومة لدى مليكة تفوقت على مشاعر الأنثى المجروحة التي تلقت صدمة كبيرة للتو وتحركت تشيح بوجهها الناحية الأخرى لتمسح دموعها بعيدا عن الولدين قبل أن تتمالك نفسها بقوة وتستقيم واقفة تربط الحزام حول خصرها وتتمم على ستر المئزر لجسدها وهي تغمغم بصوت مبحوح فشلت من جليه جيدا "لا شيء ..لا شيء يبدو أن أباكما منزعج من شيء بالعمل هيا إلى السرير"
ناظرها الولدان بقلق ولاحظا عينيها الدامعتين لكنهما لم يملكا إلا الطاعة فعادا للغرفة بينما دخلت مليكة إلى الغرفة الأخرى والأرض تميد بها حتى وصلت بصعوبة للسرير.
جلست لوقت طويل مصدومة تستعيد ماقاله مفرح للتو.. واعترفت أمام نفسها بأنها لا تحب تلك اللحظات الحميمة بينهما ..لكنها كانت تظن بأن هذا الشعور يخصها وحدها ..كانت تعتقد بأنها تمنحه كل ما يريده كرجل .. لم ترفض يوما طلبه .. إنها تحرص بشدة على أن تسعده بما تصورت أنه يسعده كرجل .. ترتدي ما يحبه تتزين وتتعطر كما يريد .. بل إنها كانت تبالغ أحيانا في ذلك وكأنها تغطي على شعور ما بداخلها . . كل هذا من أجله ..من أجل مفرح ..
لم تكن تعلم بأنه يعاني .. ظنت أن كرهها للحظات الحميمة بينهما أمر يخصها وحدها مادامت لا تقصر معه .. مادامت تلبي كل مرة يطلبها فيه ..
نظرت للأرض بنظرات ذاهلة .. أبعد كل هذه السنين .. تكتشف بأنها لا تسعده!!!..
إنها مصدومة.
مذهولة .
وكأنها في كابوس.
هذا بالتأكيد كابوس وستستيقظ منه.
بعد قليل فتح مفرح باب الغرفة فوجدها تجلس على حافة السرير يديها معقودتان في حجرها وقد رفعت إليه عينين مذهولتين .. لكنه رغم كل الألم الذي يعتصر قلبه ورغم الندم الشديد عما تفوه به منذ قليل .. قرر ألا يتحدث .. قرر أن ينعزل كما كان منعزلا الأيام الماضية.
تلك المواجهة كان يخشاها ويتحاشاها .. لهذا هرب .. لهذا ابتعد ..
ليتها لم تحضر ..
وليته لم يقل ما قال ..
يعرف بأنه جرحها .. وما أصعب ذلك عليه حتى لو كان هو نفسه مجروحا.
همست بمسكنة خافتة معذِبة له" مفرح "
تماسك ولم يرد وإنما تحرك يلف حول السرير بملامح قاسية مظلمة و استلقى على الجانب الأخر في صمت وعقد ذراعيه يوليها ظهره .. فراقبته من فوق كتفها لفترة ثم تحركت تستلقي هي الأخرى وتوليه ظهرها .. وتقوقعت على نفسها في وضع الجنين تفكر في كل ما قاله والدموع الصامتة تنهمر لتغرق وسادتها وقلبها .. وقلبه .
×××××




يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 03:44 AM   #666

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

اليوم التالي ( الجمعة )

حان وقت الاستسلام فقد تعبت من المقاومة.

تعبت من خوض المعارك التي قدر لها بأن تخوضها منذ أن ولدت .

حان وقت إلقاء السيف والاستسلام.

فلتترك الضوء ليخبو ولتترك شمس عمرها تغيب فلم يعد للحياة معنى ولا هدف .

لماذا تعيش من الأساس؟ .. ولماذا كانت تتمسك بالحياة؟ ..فحتى والدها الذي لا تملك غيره عزيزا في حياتها كادت أن تتسبب له بفضيحة .. ولو تركها ستفعل ما تريد ..ستتسبب له بالفضيحة لا محالة .. تعرف نفسها مندفعة .. وتعرف بأن قلبها يحترق .. وبأنها لن تهدأ إلا بعد أن تصل لشامل .. فقط لتسأله .. هل كان يكذب عليها حينما قال بأنها مميزة؟ .. أكان يشفق عليها حين قال ذلك؟.. أم أنه كما تثق فيه صادقا معها في كل شيء .

دخل عيد الغرفة واقترب يضع الصينية بجوار السرير وقال بلهجة لينة وهو يهزها "ونس .. ونس شويت لك دجاجة على الفحم .. اقسم بالله لن تأكلي مثلها في أفخر المطاعم .. طهوتها رغم أن الوقت لا يزال مبكرا على موعد الغداء لأني أعلم بأنك تحبين الدجاج المشوي"

ارتعشت مقلتيها تحت جفنيها المواربين في نومتها على السرير ورائحة الطعام وصلت لأنفها رغم أنها لم تسمع ما قاله جيدا ..

لكنها لا تريد .. لم يعد لديها شهية لأي شيء .. لا طعام ولا رسم ولا ألوان ولا أي شيء ..

لم يعد للألوان ذلك السحر لإخفاء عيوب العالم الرمادي .. ولم يعد للحياة أية معنى .. فلتموت لتخفف ذلك الحمل الثقيل عن والدها .. لتخفف عنه ما يلقاه طوال عمره في عيون الناس بسبب اعاقتها .. فلتخفف عنه ذلك الشعور بالخيبة كلما تطلع فيها وهي ليست مثل باقي البنات وغير قادرة على التصرف حتى مثلهن.. غير قادرة على أن تكون شخصا أخر غير ونس .

قال عيد بعصبية وهو يرفع جذعها ويضع السماعة في أذنيها "هيا يا ونس .. كلي وأعدك أن أتركك تخرجين كما تشائين .. هيا لا تُصلّبي رأسك يا بنت عيد"

كان جسدها مرتخيا وكأنه ليس فاقدا للقوى فقط ولكن فاقد للروح أيضا وعيناها كانتا شاردتان لا تنظران إليه فتركها بخشونة لتعود لاستلقائها على السرير مرتطمة بالوسادة دون أي مقاومة ووقف يصرخ بجنون "ماذا تريدين ها؟.. ماذا تريدين يا ونس .. إن لم تتح لك الفرصة لتفضحيني تضربين عن الطعام!!! ..أم أنك تعاقبيني لأني أخاف عليك!"

حين لم يجد منها استجابة صاح فيها "أنت لا تعلمين حجم الخطر الذي نحن فيه ولا تعلمين بأنه حتى لو كان هذا الشاب صادقا معك فإنه سرعان ما سيفيق لنفسه بعد أن تهدأ رغبته فيكيا غبية.. لا تعرفين بأن حياتكما معا ليست بهذه السهولة .. ولا تعرفين بأن أهله لن يوافقوا"

لم يبدعليها أي رد فعل .. كانت الكلمات تخرج من فمه فتستقبلها بألم كمن تُرجم بالحجارة .

كل كلمة تضرب في موضع ما من جسدها فتؤلمها ..

لكن ليقل ما يريد .. ليخبرها بأنها معاقة ..وأنها تخذله دوما كونها ليست كباقي الفتيات .. وأنها هبلاء ..وأنها لم تكن مصدرا أبدا لسعادته ..وأنها حملا ثقيلا .. كل هذا ستصدقه إلا أن يقول بأن شامل كان يتسلى بها أو يشفق عليها .

عاد عيد يمسكها من كتفيها ليرفعها ويهزها قائلا "إن لم تأكلي سأطعمك بالقوة هل تفهمين؟ .. ( حركت إليه مقلتين فارغتين تناظره بنظرة ميتة فقال مستمرا في هزها ) لقد ذهب ولم يعد .. تحملي هذه الحقيقة وقفي على قدميك كما كنت تقفين أمام الجميع وكأنك لا تشعرين بأن شيئا ينقصك"

لم يبدو عليها أية بوادر استجابة فتركها لتعود للوسادة وجلس أرضا بجوار سريرها يضرب على رأسه بقلة حيلة لا يعرف ماذا يفعل .. ولمن يلجأ .

إنه مرتعب .. يخاف عليها من ذلك الشاب ويخاف أيضا ممن يهددونه بشأن البيت .. خاصة بعد ما حدث معه صباح اليوم .



قبل بضع ساعات

وقف أمام بيته ينظر لذلك الرجل الذي لم يره من قبل في القرية ولكنه يبدو من هيئته ولكنته أنه من نفس المحافظة بينما قال الأخير" هذا انذار أخير لك يا حاج أنا جئتك لأحذرك لأنهم سيأخذون منك البيت لا محالة "

بعينين صغيرتين تتأججان بالغضب وسط تجاعيد وجهه هتف عيد بعصبية "من أنت؟.. وأين الرجل الأخر الذي كان يأتيني من قبل وعمن تتحدث بالضبط؟.. وماذا تريدون مني ؟"

قال الرجل بهدوء خطر "أنا جئت لأحذرك وانصحك لوجه الله ..البيت يريدونه لأنه الوحيد في مدخل القرية ويريدونه لمشروع ما "

هتف عيد بحدة "أي مشروع ..ومن هم؟"

قال الرجل بلهجة غير مريحة" هذا لا يخصك بع لهم البيت ولا تسأل .. اطلب مبلغا مضاعفا إن أردت"

صاح فيه عيد منفعلا " أنا لا أريد أية مبالغ ..(واشار للبيت خلفه ) هذه أرض أجدادي .. هذا النصف قيراط ورثته أبا عن جد .. أتريدني أن أفرط في أرض أجدادي؟.. أتريد للناس أن تأكل وجهي !"

تنهد الرجل وقال هازئا "لم يعد أحد يفكر بهذه الطريقة القديمة يا حاج عيد …كل من يملك شبرا الآن يبيعه لمن يدفع أكثر ويستفيد ..لماذا لا تريد أن تستفيد أنت أيضا!"

صرخ عيد فيه " أنا لا أريد أن أستفيد ..أريد أن تتركوني في حالي"

رد الرجل بثقة "لن يتركوك ..لقد حذرتك منهم (ونظر للبيت) ما علمته أنهم قد فقدوا صبرهم معك وسيؤذونك في أعز من تملك يا حاج .. وساعتها لن تلوم إلا نفسك"

تطلع فيه عيد لثوان بعينين ثائرتين من الغضب ثم استدار يبحث حوله قبل أن يتحرك ليدخل البيت ..فعقد الرجل حاجبيه ولم يفهم ثم اشرأب لينظر في باب البيت المفتوح يبحث عن عيد الذي عاد إليه مرة أخرى متجهم الوجه وأمسك بتلابيبه يرفع في وجهه سكين المطبخ صائحا "إما أن تقول لي من هم وإلا سأذبحك الآن بهذه السكين"

قال الرجل مفزوعا" أنا لا أعرف من هم صدقني .. ولكني عرفت المعلومة حينما كلفني أحدهم عن طريق الهاتف بإخبارك إياها"

هتف عيد "هل تحسبني أبله ؟..انطق"

قال الرجل يدفع عيد بقوة فرجع للخلف "قلت لك لا اعرفهم وجئتك لأحذرك لا أكثر وأنت حر"

وعدل من ملابسه وتحرك مبتعدا بسرعة بينما وقف عيد والسكين بيده لا يعرف ماذا يفعل ومن هم بالضبط ..

أيقدم بلاغا في قسم الشرطة ! أم يشتكي للعمدة ؟.. المشكلة أنه لا يعرف يشتكي من .. خاصة وأن هذه التهديدات تأتيه بشكل غير منتظم فاستدار ينظر للبيت وفكر كيف سيترك هذه الهبلاء العنيدة المضربة عن الطعام ويذهب إلى أي مكان؟.. حتى لصلاة الجمعة لن يستطيع الذهاب وتركها ..

عاد عيد من شروده يدير وجهه لابنته فوق السرير وضرب على مرتبته قائلا من بين أسنانه" يا بنت الكلب لو علم أحد بحالتك هذه سيلوكون في سمعتك .. سيقولون قد غرر بها وافقدها أعز ما تملك .. لن يصدقوا أبدا أن حالتك هذه فقط لأنه قد رحل"

دمعة ساخنة انسابت من عينيها وسقطت على الوسادة ثم على قلبه كماء النار لتحرقه بينما رددت ونس في سرها" أجل رحل .. رحل جني المصباح .. رحل ولن ترى ابتسامته الحنونة مرة أخرى .. لن تتحدث معه .. لن تأخذ برأيه في رسوماتها .. رحل قبل أن يخبرها عن كل مالا تعلم عنه بعد .. رحل حتى دون أن يودع ونس"

تجمعت الدموع في عيني عيد وهو يتطلع في حالتها وقال بصوت مبحوح مخنوق بالبكاء "أتعلمين .. سأخبرك سرا لم أكن أرغب في أن اخبرك به حتى لا تصدمي .. إن شامل هذا وأخاه مفلسان (لاحظ تحرك واهن من مقلتيها نحوه فأكمل ) صدقيني مفلسان وهذا ربما يكون السبب الحقيقي في أنه لم يستطع أن يعود للقرية .. لقد اخبرني ابن العمدة بأن البنك قد حجز على كل أموالهما ..فقد كانت عليهما ديونا كبيرة .. حتى السيارة الفخمة البراقة التي كنت ترينها معهما لم تعد ملكهما أي أن المسكين مفلس الآن ..وبالطبع مشغول في البحث عن عمل لهذا كان لابد أن يبتعد عنك من أجل مصلحتك فاعذريه وانسيه يا ونس "

اجهشت فجأة بالبكاء وقد مالت لتصديق ما قاله والدها وغمغمت في سرها "ربما هذا هو السبب في أنه لم يأت كما وعدني .. بالتأكيد هو حزين الآن ..ليتني بجواره لأخبره ألا يحزن .. ليتني كنت استطيع الوصول إليه لأواسيه"

بكائها مزق قلبه لأشلاء وجن جنونه في نفس الوقت فهتف بغيظ وهو يمسح دمعة فاجأته "لماذا تبكين الآن ؟.(وضرب على السرير بعصبية ) لماذا تبكين ..لماذا تبكين يا ونس ؟"

ازداد نحيبها غير قادرة على التحكم في نفسها فعاد عيد ينظر أمامه بيأس في جلسته على الأرض وأخذ يضرب رأسه المنكسة بيديه مغمغما وقد اطلق العنان لدموعه " لماذا تبكين .. ولماذا لا تأكلين ..أترغبين في الموت؟.. كرهتِ الحياة معي؟ ..تريدين أن تتركيني يا بنت الكلب؟ ..هنت عليك .. هنت عليك ..اللهم أني لا اسألك رد القضاء ولكني اسألك اللطف فيه.. اللهم أني لا اسألك رد القضاء ولكني اسألك اللطف فيه "

××××


يتبع







Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 03:46 AM   #667

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

انتهى الإمام من خطبة الجمعة وأمر بإقامة الصلاة فاستقام يحيى الذي يجلس في الصفوف الأولى في مسجد جده الصغير واقفا بين المصلين لكنه لمح الناس يحيون أحدا دخل من باب المسجد للتو ليتفاجأ بالحاج عبد الحميد وابنه ماهر .

اندهش من وجودهما في مسجد صغير كهذا يبعد عن بيت الصناديلي الكثير وبلع ريقه بريبة حينما لمح الشيخ مبروك مأذون القرية يدخل خلفهما .

أقيمت الصلاة فاصطف الجميع خلف الإمام ولم يستطع يحيى الواقف على الناحية الأخرى حتى من تحيتهم فبدأ يصلي بقلب مقبوض .

بعد انتهاء الصلاة سلم المصلين على بعضهم البعض وبدأوا في مغادرة المسجد بينما اقترب يحيى وهو يبلع ريقه الجاف من الحاج عبد الحميد وابنه قائلا بنظرات متسائلة " ما هذه الزيارة العزيزة يا حاج عبد الحميد؟"

قبل أن يجيب قال ماهر بصوت عال متعمدا" قلنا ما دمنا سنصير أصهارا لماذا لا نصلي الجمعة هنا في المسجد.. وأحضرت الشيخ مبروك معي لنعقد القران في هذا المسجد تبركا بشيخنا الشيخ تيمور رحمه الله"

اتسعت عيني يحيى بينما سمع بعض الحاضرين واقتربوا ليغمغم عبد الحميد معلقا "رحم الله الشيخ تيمور كان شيخا جليلا.. لا زلت أذكره حين كنت صغيرا فأنا كانت تربطني صداقة بوالدك جاد الله يا يحيى "

اتسعت ابتسامة ماهر المحرجة وضغط على ساعد والده يغمغم من بين أسنانه" فيما بعد يا حاج فيما بعد نتحدث في هذه الذكريات "

اقترب جابر عاقدا حاجبيه بفضول ليشاهد ما يحدث ولم يفهم بالضبط من سيتزوج من .. فمد يده للحاج عبد الحميد يرحب به ثم الشيخ مبروك بينما اقترب يحيى من ماهر يقول هامسا" ما الذي تفعله يا استاذ ماهر!!.. أنا لم اخبرك بموافقتنا لتحضر المأذون وتنشر الخبر أمام الجميع!!"

قال ماهر بلهجة ذات مغزى "وهل كان هناك غير الموافقة يا حاج يحيى .. أنت بالتأكيد تُقدّر مصاهرة أولاد الصناديلي الذي تعمل لديهم منذ سنين"

بارتباك قال يحيى "لكنك بهذا الشكل وضعتنا في موقف حرج لكلينا فأم هاشم لا توافق "

لاح الخطر في عيني ماهر وقال بلهجة مستنكرة "إن ما تقوله خطير يا حاج يحيى .. وسيتسبب في الحرج لكلينا كما قلت ووقتها والدي سيحزن من احراجه على الملأ ولا نعلم ما الذي قد يفعله الحاج حين يغضب"

بانفعال هامس قال يحيى "أنت من تسرعت يا استاذ ماهر ..أنت من وضعتنا في هذا الموقف المحرج"

قال ماهر بهدوء قاتل " أهذا جزائي أني مصر على مصاهرتكم!!.. لقد كنت أقول صباح اليوم للحاج لو عقدنا قرانك اليوم على أم هاشم سنهدي الحاج يحيى قيراطين كهدية زواج"

قال يحيى بإصرار وهو يتلفت حوله يتطلع في وجوه الناس في المسجد" اقول لك أم هاشم ابلغتني برفضها "

قال ماهر بعصبية وصوت خافت " اذهب إليها الآن واشرح لها الموقف وأنا أكيد بأنها ستعيد النظر فبالتأكيد ستفرح مثل أي عروس حين تعلم بأن المأذون بالمسجد وسيحقق لها أمنية عزيزة لديها .. ولا تقلق ..الشيخ مبروك سيكمل باقي اجراءات تسجيل العقد فيما بعد لأني أخبرته بأني متعجل لظروف سفري "

أطرق يحيى برأسه لا يعرف كيف يتصرف في هذه المصيبة التي توشك أن تكون فضيحة فقال ماهر يشجعه على التحرك" اخبر أم هاشم بأن شبكتها ستكون من أغلى الشبكات التي احضرت لعروس في البلدة "

بعينين متسعتين تحرك جابر يترك الشيخ مبروك الذي أخبره بهوية العروسين واقترب من يحيى الذي كان في طريقه لخارج المسجد يسأله" هل ما سمعته صحيحا يا أبا سامية؟.. وهل وافقت أم هاشم على هذا !"

نظرة فارغة تلقاها جابر من يحيى قبل أن يرد الأخير وهو يخرج من المسجد" كان قد تقدم لها منذ بضع أيام وسأسألها رأيها الآن "

رفع جابر حاجبا مندهشا وتأمله وهو يخرج من المسجد ثم استدار يتأمل الرجل العجوز باستياء شديد وبعدها تطلع في ماهر الذي اقترب من جابر يقول بابتسامة واسعة استفزت الأخير دون سبب واضح "كيف حالك يا معلم جابر؟"

مد جابر يده لماهر مرغما ليسلم عليه ويرد بعبارات مقتضبة ثم وقف يحرك سبحته وينظر للحاج عبد الحميد مرة أخرى وشعور بالأسف وغصة يملآن قلبه متسائلا ..لماذا تقبل أم هاشم بهذا الوضع بعد كل هذا الانتظار؟! .

في بيت يحيى المجاور للمسجد ضربت صباح على صدرها تقول مولولة "سننفضح .. سننفضح وسنتشرد أنا وأنت والبنات يا يحيى"

رغم شعوره بالضيق الشديد وبالخوف على مصير عائلته قال يحيى بثبات لأم هاشم متجاهلا ولولة زوجته "أنا شرحت لك الوضع كله ويعلم الله أني تلكأت في الرد عليه بالرفض فقط لأجد طريقة أو حُجة تخفف من وقع رفضنا ولكن ماهر لم يمهلني الوقت"

قالت أم هاشم بارتباك وهي تفكر بسرعة في هذه المصيبة التي حلت فوق رأسها" أنا أيضا كنت أفكر في الأمر يا عمي وكنت احاول اقناع نفسي به حتى لا تتأذى لكن .. لكن (ناظرت عمها بنظرات متألمة وغمغمت ) لا أعرف ماذا أقول ولماذا عليّ أن أوضع في موقف كهذا معك .. لكني لن أقدر على الموافقة (وأمسكت بيده تقول باستعطاف) سامحني يا عمي .. لن استطيع أن ابيع نفسي .. إن حياتي وحيدة أفضل بكثير … وأنا مستعدة لأن أعمل ليل نهار لأعوضك عن تركك لعملك إن حدث ..وأن اساعدك في تجهيز البنات (وخنقتها غصة تقول ) لكني لا أريد .. وخاصة بعد ما فعله ماهر هذا فأنا لست بهيمة ليضعنا أمام الأمر الواقع يريد شرائها وهو واثق من موافقتنا "

هز يحيى رأسه وقال " لله الأمر من قبل ومن بعد "

وتحرك يغادر المنزل فظلت عينا أم هاشم معلقتان بظهره حتى اختفى ووقفت متقبضة بقوة تشعر بالخوف وتشعر بالغضب وبأنها أمام أمر أكبر منها .. أمر سيؤذي عمها بينما صرخت صباح مولولة وهي تضرب بكف فوق الأخر على رأسها "ضِعنا وانفضحنا يا بنات ..ضعنا وانفضحنا "

استدارت أم هاشم تناظرها وتناظر بناتها الخمس الواقفات بوجوم بينما تحركت سامية نحو أمها تربت عليها وتقول لأم هاشم بغيظ "أنت أنانية ولا تحبين إلا نفسك"

اتسعت عيني أم هاشم وازداد غضبها وعصبيتها وهي تتطلع في وجوه باقي البنات اللاتي بدأن في النحيب قبل أن تقول صباح باكية" تشردنا في الشارع بسببك .. حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله "

فاندفعت أم هاشم متألمة غاضبة خائفة على عمها وخرجت من البيت تهرول يمينا نحو المسجد.

في نفس الوقت كان جابر لا يزال يقف مصدوما متألما وهو يفكر مذهولا من أن تضطر أم هاشم للقبول بزيجة كهذه .. هل بلغ بها اليأس إلى هذه الدرجة ؟

وهل بلغ بشباب البلدة من السطحية والغباء ألا يقدّروا فتاة كالألماس مثلها !.

عند هذه الخاطرة تعرق جسده كله مرة واحدة وكأنه قد سُكب عليه دلوا من الماء المثلج وهو يستنكر من نفسه أن يلوم شباب البلدة وهو نفسه لم يفكر فيها حينما أراد الزواج !!

اتسعت عيناه وهو يحدق أرضا في سجاد المسجد بشرود يحرك سبحته بين يديه ببطء وكأنه قد اكتشف للتو اكتشافا خطيرا .. اكتشافا جعل الندم يضربه في مقتل ..

هذه هي المرة الثانية التي يكتشف فيها بأنه كان غبيا .. الأولى عندما اكتشف خطأ اختياره لكاميليا والثانية الآن وهو ينتبه لأنه كان الأولى به ستر بنت شيخه حتى لا تضطر لأن تلجأ لزيجة كهذه ..

أم أن أموال الصناديلي أبهرتها لهذا وافقت؟.. هز رأسه رافضا الخاطرة بثقة .. فليست أم هاشم من تنظر للمال أبدا.

رفع أنظاره عند دخول الحاج يحيى الذي اقترب منه بعض المهنئين الذين بقوا ليشاهدوا عقد القران .. لكن جابر لم يكن يشعر بالراحة وهو يتطلع في ملامح يحيى الشاحبة ولا في نظرات ماهر الغريبة المترقبة .. ليتفاجأ الجميع بأم هاشم التي اندفعت تخلع حذائها خارج المسجد وتدخل كالإعصار من خلف عمها .

تحرك أحد الشباب الملتحين يفرد ذراعه أمامها ويقول معترضا "ماذا تظنين أنك فاعلة!! .. لا دخول للنساء المسجد ؟!!

كانت أم هاشم متحفزة للانقضاض على أي أحد فاستدارت إليه تناظره من رأسه حتى أخمص قدميه ثم صاحت" وما بهن النساء إن شاء الله !.. هل أنا نجسة؟!"

حدج يحيى الشاب باستنكار بينما تحرك جابر بحمائية ينهر الشاب قائلا" ماذا تفعل يا رضا وما الذي يمنعها من دخول بيتا من بيوت الله !"

تحرك الشاب مبتعدا بغيظ بينما شعرت أم هاشم باستياء شديد من وجود جابر .. لم تكن تريده أن يراها في موقف كهذا وعفاريتها كلها حاضرة .. في الوقت الذي قال عمها بتوبيخ خافت "ماذا تفعلين يا أم هاشم !"

قالت بصوت عال وهي تندفع مخترقة جابر على يسارها وعمها على يمينها وتقترب من جلسة المأذون الذي يجلس أرضا بجواره الحاج عبد الحميد والباقين" جئت لأخبر الشيخ بنفسي برأيي ..ألست العروس .. أم تنوون ألا تسألوني عن رأيي ؟"

امتقع وجه ماهر ومرر نظراته بينها وبين يحيى الواقف بعيدا بينما قال الشيخ مبروك عاقدا حاجبيه" بالطبع كنا سنرسل عمك ليسألك يا بنيتي"

قالت بشجاعة " الحقيقة يا سيدنا الشيخ أنا مجبرة على هذه الزيجة ولكن ليس من عمي"

صاح ماهر ليغطي موقفه قبل أن تتفوه أم هاشم بما قد يحرجه أمام الموجودين "ما هذا الاسلوب وما هذه الطريقة يا حاج يحيى.. أهذا منظر وسلوك عروس من بيت طيب!"

وقف يحيى ينظر لأم هاشم بذهول لا يفهم علام تنوي بالضبط وقد شل العالم من حوله واستعد لفضيحة مدوية بينما هدر جابر بحمائية في وجه ماهر " حسِّن من الفاظك واعلم كيف تتكلم وعمن تتكلم"

اشاحت أم هاشم بيدها وصاحت في ماهر "وما دمت لست من بيت طيب لماذا أنت ووالدك موجودان هنا اليوم؟"

وقف الجميع يشاهدون ما يحدث بذهول وعلى رأسهم الشيخ مبروك بينما تحرك جابر يقول بلهجة حازمة " كفى يا أم هاشم أنا تقريبا فهمت ما يحدث تفضلي أنت ودعي لي الأمر"

قال الشيخ مبروك يمرر أنظاره بالجميع "أريد أن أفهم ماذا يحدث وكيف أنك مجبرة يا أم هاشم؟"

قال جابر يفرد ذراعه أمام أم هاشم يحاول السيطرة على الأمر درءا للفضيحة خاصة مع العيون المتسعة على آخرها حولهم "سنعرف من الحاج يحيى كل شيء يا شيخ مبروك ..اذهبي للبيت يا أم هاشم وأنا سأحل الأمر (ونظر لماهر الواقف خلفه يحدج أم هاشم بنظرات خطرة وقال بلهجة أخطر ) ولا تخشي شيئا فلن يستطيع أحد بعون الله على اجبارك على شيء "

هتف ماهر باستنكار ليصلح موقفه المحرج " ما هذه المهزلة يا حاج يحيى؟! .. جئناك في طلب مصاهرة فإن كنت ترفض لماذا لم تخبرنا ولماذا تحرجنا بين الناس هكذا"

اندفعت أم هاشم تصيح "لأنه خائف على عمله عندك .. عمي في رقبته خمس بنات فخشي أن تطرده إن أبلغك برفضي لطلبكم"

تطلعت الأنظار المتسعة في ماهر فقال مرتبكا يتصنع الاستنكار" أنا !! .. أنا من الممكن أن أفعل شيئا كهذا واهدده!! .. إن كنت ترفضين كان عليه أن يبلغني وأنا سأتصرف لا أن يوحي لي بالموافقة ويتسبب في احراجنا بهذا الشكل"

تكلم عبد الحميد فجأة يقول بصوت واهن "لماذا تصرخ يا ماهر ماذا يحدث ؟"

نظرت أم هاشم لعمها الذي آثر الصمت بوجه ممتقع لا يرغب في احراج ماهر على الملأ ثم اندفعت تقول" الحقيقة لست وحدي التي ترفض هذا الزواج العريس أيضا يرفض أليس كذلك يا جدي العريس ؟"

رفع عبد الحميد أنظاره لأم هاشم من جلسته على أرض المسجد وقال بلهجة متذمرة " قلت لا تقولي عريسا أيتها السمراء"

اقتربت منه تقول " قلت لك يا جدي من قبل لست أنا من يقول ذلك بل ابنك الذي يقول بأنك تريد أن تتزوجني لكني أعلم بأنك لا تحب السمراوات "

عبس عبد الحميد وزم شفتيه قائلا " أجل لا أحب السمراوات "

أمسكت أم هاشم بذقنها بأصبعيها مالت نحوه تريه وجهها وهي تقول" وأنا شديدة السمرة كما ترى ( عقد عبد الحميد حاجبيه بعبوس فأكملت بصوت مخيف خافت لكنه مسموع للجميع ) وفي الليل اتحول لعفريتة لكن لا تخبر أحد بهذا السر "

ارتجف الحاج عبد الحميد مرتعبا يقول "بسم الله الرحمن الرحيم"

صدرت ضحكات من معظم المتابعين بينما حافظ جابر على جدية ملامحه حتى لا يضحك وهو يتطلع فيها بغيظ في الوقت الذي نظر عبد الحميد لابنه الذي يرشق أم هاشم بنظرات نارية وقال "يا ماهر قلت لك لا أريد هذه السمراء لا أريد أن أتزوج من عفريتة "

امتقع وجه ماهر وناظر أم هاشم شذرا فبادلته النظر بحاجب مرفوع سعيدة بأنها ذكرت عمل عمها أمام الجمع فلن يجرؤ على تنفيذ ذلك حفظا لماء وجهه أمام أهل البلدة بينما اقترب يحيى يجلس بجوار الحاج عبد الحميد يحاول تهدئة الوضع .

انتبهت أم هاشم أخيرا لجابر الواقف بجوارها يتطلع فيها صامتا يمسك بسبحته بكلتا يديه ويحركها بعصبية فالتفتت تنظر إليه وقد جف حلقها ثم كسرت عينيها اللتين كانتا تنظران منذ ثوان في عين ماهر بتحدٍ وأشاحت بهما بعيدا عن جابر الذي يقف أمامها بكليته وهيبته وحضوره الطاغي من تلك المسافة الذي أدرك عقلها للتو بأنها قريبة جدا ..قريبة لدرجة أن أنفها التقطت رائحته العطرة فانفجرت ضربات قلبها بعنف بينما قال جابر بهدوء خطر ولهجة موبخة "هل انتهيت من كل ما تريدين قوله أم أن هناك ما يزال عالقا بلسانك لم تقوليه بعد؟!"

حركت رأسها بلا وهمست دون أن تنظر إليه خوفا من أن تلتهمه عيناها " انتهيت "

فرد كفه المعلق به السبحة مشيرا لها نحو باب المسجد قائلا بنفس الهدوء الجاد الحازم "إلى البيت من فضلك وأنا سأحل الموضوع"

رفعت إليه أنظارها تقول بصوت مخنوق "لا أريده أن يطرد عمي يا أبا ميس "

اغمض جابر عينيه يقول ويده لا تزال ممدودة تشير إلى الباب " فهمت كل شيء منذ أول دقيقة يا أم هاشم فاذهبي قلت فقد انتهى دورك "

هزت رأسها بطاعة وهي تعدل من وشاحها الأسود وتحركت مغادرة بسرعة تخط بقدمها تخرج من المسجد وهي تشعر بالاطمئنان من أنه سيتدخل بنفسه .

بينما قال يحيى بدبلوماسية للجالسين وعلى رأسهم الشيخ مبروك يحاول أن ينقذ ما يمكن إنقاذه " يبدو أن الاستاذ ماهر قد فهم مني بالخطأ أن أم هاشم وافقت "

جز ماهر على اسنانه وهو يشعر بالحرج الشديد أمام الناس وناظر يحيى بنظرات متوعدة بينما اقترب جابر وجلس بجوار يحيى يقول بلهجة مهادنة يفرضها الموقف رغم شعوره برغبة قوية في ضرب ماهر الصناديلي الذي فهم بأنه يضغط لإتمام الزيجة " من الواضح فعلا أن هناك سوء فهم قد حدث يا أبا سامية .. ومن الجيد أيضا أن الحاج عبد الحميد قد أبدى عدم موافقته هو الأخر (وضغط على حروفه ) أي أن الرفض من الطرفين "

غمغم عبد الحميد مؤيدا "أجل أنا لا أريدها سمراء "

نظر جابر للحاج عبد الحميد ثم عاد ينظر لماهر قائلا بصوت عال وكأنه يتعمد اسماع كل الحاضرين ليشهدوا على ما يقال "والحقيقة أنا متأكد من أن بنت الشيخ زكريا فهمت الأمر خطأ هي الأخرى.. فلا أتوقع بأن الاستاذ ماهر من الممكن يخلط أمور العمل بالأمور الشخصية ..إنه رجل ناضج ويعمل في دولة أجنبية ويفهم في هذه الأمور جيدا ..فلا اعتقد بأنه قد يطرد أبا سامية من العمل معه لهذا السبب "

تطلع ماهر في العيون المترقبة حوله ثم عاد ينظر لجابر بنظرة مغتاظة ورد من بين أسنانه " أنا لم أقل هذا أبدا ولم أهدد الحاج يحيى بشيء .. ( ونظر ليحيى يسأله ببراءة ) هل هددتك يا حاج يحيى؟"

رد يحيى بدبلوماسية مضطرا "لا لم يحدث"

ابتسم جابر ابتسامة بلاستيكية مجاملة وعيناه لا تزالا في حرب صامتة مع ماهر ثم قال" كنت أكيدا من هذا والحاج عبد الحميد لن يستطيع الاستغناء أبدا عن الحاج يحيى أليس كذلك يا حاج عبد الحميد؟"

رد الحاج عبد الحميد بسرعة" طبعا كيف اتخلى عن يحيى وهو الذي يدير لنا أمور أرضنا ومحاصيلنا منذ سنوات طويلة (وأكمل منفعلا) من الحمار الذي قال هذا الكلام !"

غمغم جابر بلهجة منتصرة مسبلا أهدابه "أعتقد أنه لا يوجد حمير وسطنا الحمد لله"

استقام الشيخ مبروك قائلا وهو يلملم دفاتره "إذا سأستأذن أنا مادام ليس هناك عقد قران"

في وقفتها خارج المسجد تتسمع اسرعت أم هاشم بالابتعاد براحة بعد أن وقفت قليلا حتى اطمأنت لما ستؤول إليه الأمور .. وحتى تستجمع قواها الخائرة واعصابها المنهارة التي تحولت من قمة العصبية إلى الارتجاف الشديد .. فكما يقولون رُب ضارة نافعة .. فما حدث اليوم رغم كونه قد جن جنونها واخرج عفاريتها إلا أنه أتاح لها فرصة أن ترى الغالي عن قرب وأن تملأ طرف عينها بصورته واسمها المنطوق من فمه يدغدغ مشاعرها .. فشكرت تلك الفرصة التي أتاحت لها بضع دقائق في حضرته.

بعد قليل وقف جابر مع يحيى وبعض الرجال يراقبون ماهر الذي أجلس والده في السيارة الواقفة بعيدا ثم وقف يتحدث في الهاتف مع أخويه ليقول ذلك الذي يسكن في العاصمة بانفعال" لماذا احرجتنا بهذا الشكل واحرجت نفسك يا ماهر ؟!!!"

قال ماهر بخفوت وهو يولي ظهره للسيارة "لم يكن أمامي سوى ذلك فالوقت قد حان لسفري وظننت بأن الرجل سيتحرج من الحاضرين ولن يسبب فضيحة علنية لكني لم أكن أعلم بأن ابنة أخيه بهذه الجرأة وستفتعل تلك الفضيحة بنت الـ **** وتحرجني أمام الناس حتى لا أطرد عمها (وحانت منه نظرة سريعة على والده الجالس في السيارة ثم قال بنفس الخفوت الغاضب ) لكني لن اسكت وسأطرده"

قال أخوه الأخر" كفى حماقة يا ماهر الأمر انتهى وتلك الفتاة الجريئة لعبتها بذكاء حينما تعمدت ذكر عمل عمها والجميع أصبح شاهدا عليك بأنك لن تضره"

قال ماهر بعناد وهو يلمح بطرف عينيه الرجال المتجمعين عند المسجد حول يحيى وجابر" لكني لي طرقي الخاصة واستطيع اختلاق الحجج والمبررات لطرده "

قاطعه أخوه "أجننت يا ماهر حسبتك فقط تهدده .. كيف ستطرده وهو العالم بشئون اراضينا منذ سنوات طويلة وكيف ستأمن لشخص جديد ستختاره خلال أيام وتسافر بعدها وتتركه مع الرجل العجوز.. أنت تعرف جيدا أن يحيى شخص أمين ومأمون الجانب وأي مغامرة لاختيار شخص أخر بعيدا عن كونها ستعيبنا أمام أهل البلدة بعد أن وعدته أمامهم فهي مخاطرة غير محسوبة العواقب"

جز ماهر على أسنانه بغيظ وهو يشدد قبضته على الهاتف بينما قال والده بتململ "هيا يا ماهر لماذا نحن متوقفان؟ "

استدار يقول لوالده" حاضر يا حاج حاضر جاءتني مكالمة دولية "

قال اخوه الساكن في العاصمة "هذا رأيي أنا أيضا يا ماهر دع يحيى وأنس أمره فلن نأمن لأحد غيره على إدارة شئون أراضينا "

قال ماهر بانفعال "وماذا سنفعل الآن.. الوقت ليس في صالحي "

رد أخو "سأرشح لك واحدة تذكرتها حماتي ليلة أمس ..إنها مطلقة في الاربعين من عمرها تقريبا ولا تنجب ومن بيت فقير وحماتي واثقة أن أهلها سيوافقون وقالت بأنها ستتوسط لنا عندهم إن أردنا "

لاح الاهتمام على وجه ماهر وهو يعود للسيارة بعد أن حدج الواقفين بقرف فتقابلت عيناه مع جابر الذي ناظره بنظرة خطرة .. ليسرع ماهر بسحب عينيه ويجلس في السيارة قائلا" اخبرني عنها بسرعة ومِن بيت مَن؟"

سأله عبد الحميد" هل يتحدث عن عروس؟"

هز ماهر له رأسه وهو يستمع لما يقوله أخوه الساكن بالعاصمة .. ليقول الحاج عبد الحميد بإصرار "اسأله إن كانت بيضاء أم لا .. لا مزيد من السمراوات يا ماهر (وغمغم لنفسه برعب ) خاصة تلك التي تتحول لعفريت ليلا"



في نفس الوقت وقف جابر أمام المسجد يستمع لحديث بعض الجيران وأهالي البلدة يقولون للحاج يحيى متعجبين مما فعله ماهر الصناديلي" ما هذه الجرأة والوقاحة ..كان يهددك بإعطاء ابنة أخيك لعجوز طاعن في السن وإلا يطردك من العمل عنده!"

قال يحيى بهدوء "يا جماعة انتهى الأمر ومن الواضح أنه قد حدث سوء فهم "

قال أخر بإصرار" الأمر واضح يا حاج يحيى لست بحاجة لتبريره "



ليقول ثالث بثناء" لكن أم هاشم دخلت كالسبع لتحرجه على الملأ .. كانت تعرف بأنك رجل مسالم وستكتفي بإبلاغه بالرفض وستتلقى منه العقاب"

غمغم رابع بإعجاب "هكذا النساء وإلا فلا .. رفضت أن تكون ممرضة لعجوز حتى لو كانت سترث من بعده الكثير مع أن الكثيرات سينصحنها بالقبول من أجل أمواله .. ولم تكتف بذلك بل أصرت على حفظ حق عمها حتى لا يضر بسببها ولم تخش من الحق لومة لائم .. والله لولا ذكائها لما خرج يجر أذيال الخيبة بهذا الشكل"



أطرق جابر برأسه .. وتحرك مغموما يغادرهم وهو يغمغم في سره "صدقت ..ومع هذا لم تجد من يقدرها وأولهم أنا الغبي الذي ترك ابنة شيخه للكلاب الذين يبخسون بقيمتها .. ويمارسون عليها نواقصهم "



لاح له بيته من بعيد .. ذلك البيت الذي بناه بشقاء عمره حتى يعمره لكنه لم يحسن اختيار ملكته .. راودته نفسه للحظة بفكرة طلب الزواج من أم هاشم لرد اعتبارها أمام الأخرين الذين لا يقدّرون قيمتها لاختلاف لون بشرتها.. لكنه عاد ونهر نفسه قائلا "وهل زواجك منها كزوجة أخرى مع زوجتك الأولى اكراما لها يا جابر !! .. والله لا تستحق منك بنت الشيخ زكريا هذا أبدا (ونظر لبيته الذي تقربه الخطوات منه .. وتبعده عن بيت شيخه وأضاف ) أنت اسأت الاختيار فلا تهرب من عقابك يا جابر .. ستظل معاقبا طوال عمرك بسوء اختيارك "



عند بوابة بيته وقف يترحم على شيخه مغمغما "رحمك الله يا شيخي وطيّب ثراك .. سامحني .. سامح تلميذك جابر الذي لم يستر ابنتك وتركها للذي لا يسوى .. لكن الأوان قد فات يا شيخي وكريمتك لا تستحق مني أن أدخلها على زوجة أخرى .. كما أني استحق هذا العقاب .. استحق بأن تتوقف حياتي فأعيش عازبا وعلى ذمتي زوجة لسوء اختياري .. وسأدعو لابنتك في كل صلاة أن يرزقها بمن يراها ويقدرها كما تستحق "

فُتِحَت البوابة وخرجت ميس تقول لوالدها متخصرة "تأخرت يا أبي ..ألم تعدني بأننا سنتنزه اليوم"



أفاق جابر من شروده وابتسم لها قائلا "طبعا سنخرج هيا بنا "

ظهرت كاميليا من خلفها فتجمدت ابتسامة جابر وطالعها باستفهام لتقول بابتسامة باردة "قررت أن أخرج معكما "

قالت ميس بفرح "أجل أمي وافقت أن تأتي معنا يا أبي"

رغم شعوره بالضيق تطلع جابر في زوجته ليتأكد من أن ما ترتديه لائقا ثم هز رأسه بعبوس وهو يتحرك ناحية السيارة تسبقه ابنته بحماس بينما اتسعت ابتسامة كاميليا سعيدة جدا ولديها رغبة شديدة للاحتفال بعد أن تأكدت لها الاخبار التي انتشرت في البلد بأن الشابين الثريين الغريبين قد غادرا البلدة بلا رجعة

نهاية الفصل الثالث عشر

مع حبي

شموسة


Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 03:54 AM   #668

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي



السلام عليكم

تم إعادة نشر الفصول من السادس حتى الثاني عشر نظرا لفقدانهم من على سيرفر المنتدى

وتم نشر الفصل الثالث عشر


الحمد لله كانت مهمة شاقة جدا نظرا لضيق وقتي ولكبر حجم فصولي لكن ربنا كريم..

وربنا يعوض بقى علي في الريفيوهات والتعلييقات الي راحت .

ان شاء الله الاشراف راح يحطوا الروابط في أول مشاركة



آراكم يوم الجمعة في موعدنا إن شاء الله تعالى


مع حبي شموسة



Dr. Aya likes this.

Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 05:21 AM   #669

butterfly.z

? العضوٌ??? » 259141
?  التسِجيلٌ » Aug 2012
? مشَارَ?اتْي » 619
?  نُقآطِيْ » butterfly.z is on a distinguished road
افتراضي

يعطيكي العافية فصل ممتع مليكه ووضعها محزن وونس كمان
ننتظر فصل الجمعه على نار


butterfly.z غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 06:08 AM   #670

yasser20
alkap ~
 
الصورة الرمزية yasser20

? العضوٌ??? » 192610
?  التسِجيلٌ » Aug 2011
? مشَارَ?اتْي » 1,405
?  نُقآطِيْ » yasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم شكراً لكِ على إعادة تنزيل الفصول وروايتك جداً جميلة وكتاباتك راقيه وجزاك الله خير على تعبك .

yasser20 متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:49 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.