شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   منتدى روايات رومانسية متنوعة مكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f494/)
-   -   هناك _ رواية قصيرة مكتوبة (https://www.rewity.com/forum/t465953.html)

MooNy87 29-12-19 03:10 AM

هناك _ رواية قصيرة مكتوبة
 
https://upload.rewity.com/uploads/157757807139392.gif


هنــاك

بقلم : د.نبيل فاروق


أحمد ؟ ! ..
جف حلقها وارتجفت قدماها وتسمرتا , وهى تنطق اسمه , وتحدق فى وجهه بدهشة بالغة , تناسب تلك المصادفة العجيبة , التى لم يكن من الممكن مجرد توقعها , فى حين شاركها هو دهشتها , وإن امتزجت دهشته هذه بفرحة واضحة , ترددت مع حروف كلماته , وهو يهتف اسمها بدوره :
- هدى ؟ ! .
ظلا واقفين لثوان , يحدق كل منهما فى وجه الآخر فى صمت , قبل ان تندفع يده إليها فى لهفة وسعادة وهو يضيف :
- لم اكن اتوقع رؤيتك هنا ابدا
تركت كفها تهفو إليه وتستكين فى راحته , وهى ترتجف ارتجافة خافتة , وتتطلع إلى عينيه فى شوق حقيقى , أعجزها عن النطق , فاستطرد هو :
- ماذا تفعلين فى لندن ؟
لم تسمع سؤاله او تفهمه , فقد احتل الشوق ملامحها كلها , وهزمت اللهفة كل مشاعرها , وجعلتها تهمس فى هيام :
- كيف حالك ؟
احتضن كفها فى حنان , على نحو ذكّرها بأيامهما السابقة , وعلت شفتيه ابتسامة هادئة سعيدة , وهو يجذبها فى رفق , لتسير إلى جواره , ويتطلع إلى وجهها فى حب , قائلا :
- من يصدق أن نلتقى هنا




https://upload.rewity.com/uploads/157757807135721.gif

MooNy87 29-12-19 03:15 AM


هز رأسه فى بساطة وأجاب :
- حمدا لله على أية حال
هلطت عيناها تبحثان عن كفيه فى لهفة , وانتبه هو إلى بحثها القلق , فابتسم مغمغما :
- لم أتزوج بعد
كادت تتنهد فى ارتياح , ولكنها كتمت تنهيدتها فى حياء , وسارت إلى جواره صامتة , لا تصدق نفسها ..
إنه حبيب حياتها ..
فارس عمرها كله ..
كان من المفروض أن يصبح خطيبها , وزوجها , لولا أن اعترضت أمها , واستنكر أبوها زواجها من شاب فقير مثله , لا يملك سوى رصيد اسرته المتواضعة , ومرتب ضئيل واهن , لا يكفى نفقات سيارتها الخاصة فى أسبوع واحد ..
وأمام ضغوط والديها , لم يكن أمامهما سوى الانفصال ..
فانفصلا ..
انفصلا , وقلباهما يبكيان بدموع من دم , وروحاهما تتمزق بخناجر من نار ..
وبعدها بشهر واحد رحل هو ..
لملم جراح قلبه , ولواذع نفسه , وثيابه القليلة , واستقل بكل ما ادخره لزواجهما مقعدا واحدا , فى الطائرة المسافرة إلى باريس ..
وبعدها انقطعت أخباره عنها ..
وانقطعت أخبارها عنه ..



https://upload.rewity.com/uploads/157757807135721.gif

MooNy87 29-12-19 03:22 AM


وقطع ذكرياتها , ليسألها فى خفوت :
- وماذا عنك ؟.. هل تزوجت ؟
كادت تبكى , واحتضنت كفه بكفها , وكأنها تعتذر له عما فعلت , وآلمها أن تلمح ذلك الحزن العميق , الذى أطلّ من عينيه , وهو يقول فى همس :
- كنت أتوقع هذا
استقر بهما المقام حول مائدة صغيرة تطل على ميدان ( بيكاديللى ) فسألته ذلك السؤال , الذى لم يفارق رأسها منذ سنوات :
- ماذا فعلت بعد أن سافرت إلى باريس ؟
أطرق برأسه قليلا , وكأنما يستعيد ذكريات السنوات الماضية قبل ان يجيب :
- لم يكن الامر سهلا , فقد بلغت باريس وأنا لا املك شروى نقير , وبذلت اقصى جهدى هناك , للحصول على عمل مناسب .. نمت على الارصفة , امتهنت بعض المهن الحقيرة , تعذبت .. تعبت .. وفى النهاية حصلت على عمل معقول , قضيت فيه عاما واحدا , ثم قررت مغادرة فرنسا كلها , إلى بلد أوروبى آخر , وجئت إلى هنا , وعملت فى مطعم صغير , وتطورت فى عملى , حتى صرت اليوم المدير المساعد له .
ابتسمت مغمغمة :
- أنت متفوق دائما
أجابها فى خفوت :
- بل مكافح .. هكذا نحن الفقراء .. لا نملك سوى ان نكافح , وأن نبذل كل طاقاتنا , لبلوغ ما نحلم به , وليس لدينا خيار فى هذا , فما الذى يمكنا بذله سوى هذا ؟
كان يكرر أحاديثه السابقة معها , أيام حبهما , فتطلعت إليه مبهورة , وكادت تلعن ثراءها , الذى فرّق بينها وبينه , فى حين تابع هو , فى شئ من المرارة :
- وهذا المنصل ليس كبيرا هنا , كما قد تتصورين , ولكنه على الاقل يؤمن لى دخلا معقولا , يجعلنى قادرا على استئجار شقة متواضعة , من حجرتين , وادخار بعض الجنيهات للزمن .


https://upload.rewity.com/uploads/157757807135721.gif

MooNy87 29-12-19 03:35 AM



ثم ابتسم مستطردا :
- أتتصورين أنهم يعانون هنا أيضا , أزمة مساكن ؟
أومأت براسها إيجابا وهمست :
- أعلم هذا
صمت لحظات , وهو يتطلع إليها , واصابعه تداعب كفها , قبل أن يسألها :
- وأنت , أسعيدة فى زواجك ؟.. ألديك ابناء ؟
مضت لحظة صمت اخرى , قبل أن تجيبه :
- إننى مطلقة
هتف فى دهشة :
- مطلقة ؟!
أومأت برأسها إيجابا , وخفضت عينيها وهى تروى :
- كنت اتوقع هذا , منذ الايام الاولى لزواجى , فعلى الرغم من ان زوجى ينتسب إلى أسرة عريقة , إلا أنه كان فظا وقحا , لا يقيم لى أو لبيته وزنا , ولا يحترم اسرتى واقاربى , ولقد انبهر والدى بثرائه , ووافق على زواجى منه بسرعة , ثم دفع ثمن ذلك غاليا فيما بعد .. كانت إهانات زوجة لأسرتى لا تنتهى , وصفاقته معهم تدهش الأقارب والغرباء , وكنا نحتمل جميعا سخافاته هذه فى صبر , حتى اعتدى علىّ يوما بضرب مبرح , فأصر أبى على طلاقى منه .. وهذا ما كان .
انحدرت من عينيها دمعة ساخنة , بعد ان انتهت من روايتها المقتضبة , فامتدت أصابعه تسمحها عن وجهها فى حنان , وهو يقول :
- مسكينة أنت يا هدى
قالت فى اسف وهى تتطلع إليه :
- لم يكن ينبغى أن نفترق أبدا
هز كتفيه , قائلا فى استسلام :
- وماذا كان يمكننا ان نفعل ؟



https://upload.rewity.com/uploads/157757807135721.gif

MooNy87 29-12-19 03:37 AM



هتفت به :
- نقاوم
- نقاوم ماذا ؟
- نقاوم كل من يحاول تحطيم حبنا
- كنا سنقاوم مجتمعا كاملا , يرفض ارتباط فقير مثلى بثرية مثلك .
- حبنا سيمنحنا القدرة على المقاومة
- هذا لو صمد لها
- ومن أدراك أنه لم يكن ليصمد ؟
- الفقر .. الفقر الذى أعرفه , والذى تجهلينه .
نطق عبارته الأخيرة فى مرارة كاملة , جرحت قلبها , قبل أن يضيف :
- لقد عشت عمرى كله فى هذا الفقر , ولم اكن أحتمله , فكيف بك , وأنت التى لم تعيشى يوما واحدا منه ؟.. أراهن أنك هنا فى لندن للتسوّق فحسب .. أليس كذلك ؟
أومأت برأسها إيجابا فى خجل , وكأنها تشعر بالعار لموقفها هذا , فأضاف :
- أرأيت ؟ .. إننى أقيم هنا , ولكننى قد لا أجد نا يكفى , للسفر إلى دولة اخرى , والتسوق منها .
اختضنت أصابعه بأصابعها فى حب وحنان , جعلاه يتطلع إلى وجهها , مغمغما :
- كم يؤسفنى أننى لم نتزوج يا هدى .
خيّل إليها فى هذه اللحظة ان حياتها كلها قد تعلقت به ..
بحبها له ..
بعشقها لحنانه ورقته وكبريائه ..



https://upload.rewity.com/uploads/157757807135721.gif

MooNy87 29-12-19 03:39 AM




وفى حزم قالت :
- ولمَ لا نفعل ؟
تطلع إليها فى دهشة , وهو يقول :
- ماذا تعنين ؟
أجابته فى حماس :
- لمَ لا نتزوج الآن ؟
ردد فى دهشة :
- الآن .. ولكن .. ولكننى ما زلت فقيرا , بالنسبة إليك .
قاطعته فى لهفة :
- لقد خضت تجربة زواج فاشلة , مع شاب أمقته , فلمَ لا أخوض تجربة أخرى , أشعر أنها ستكون ناجحة , مع من منحته قلبى منذ صباى , وما زلت أمنحه إياه حتى الآن ؟
قال فى تردد :
- إنه حلم حياتى يا هدى , ولكن ماذا لو ..
أمسكت كفه براحتيها فى رجاء , وهى تتطلع إلى عينيه , قائلة فى ضراعة :
- هل ستضيع فرصتنا الأخيرة , بهذا القلق ؟.. ألم تفهم بعد لماذا جمعنا القدر مرة ثانية , بهذه المصادفة العجيبة ؟
لم يجب سؤالها ..
فقد تطلع إلى عينيها الجميلتين , وقرأ فيهما كل حبها وشوقها ولهفتها ..
وفى صمت نهضا معها , وكلاهما يتشبث بكف الآخر ..
وفى المساء أرسلت هدى برقية مختصرة إلى القاهرة ..
لقد التقيت بـ أحمد , وتزوجنا .. هناك .

تمت


https://upload.rewity.com/uploads/157757807135721.gif

serenade 08-07-20 08:27 PM

قصة رقيقة اوى وراقية

MooNy87 23-12-20 12:54 PM

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...8991367610.gif

MooNy87 27-10-21 06:15 AM

https://scontent.fcai21-3.fna.fbcdn....bd&oe=619F5529


الساعة الآن 05:37 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.