آخر 10 مشاركات
أمير ليلى -ج1 من سلسلة حكايا القلوب- للمبدعة: سُلافه الشرقاوي *كاملة & بالروابط* (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          التقينـا فأشــرق الفـــؤاد *سلسلة إشراقة الفؤاد* مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          عندما يعشقون صغاراً (2) *مميزة و مكتملة *.. سلسلة مغتربون في الحب (الكاتـب : bambolina - )           »          أنا و زوجي و زوجته (1) سلسلة علاقات متشابكة *مكتملة * (الكاتـب : صابرين شعبان - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          فرسان على جمر الغضى *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          [تحميل]مأساتي حيث لا يوجد حل / للكاتبة /سماء صافيه/ فصحى(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          بلسم جراحي (28) للكاتبة الرائعة: salmanlina *مميزة & مكتملة* (الكاتـب : Just Faith - )           »          روايتي "حمل الزهور ألي كيف أردهُ؟ وصبايا مرسوم على شفتيه" * مكتملة ومميزة * (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          تــــــــوأم الـــروح *مكتملة* (الكاتـب : small baby - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-01-20, 12:14 AM   #1

روح الوسن ..

? العضوٌ??? » 455523
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 91
?  نُقآطِيْ » روح الوسن .. is on a distinguished road
New1 بعثرات زمن / رواية فصحى ..


بسم الله الرحمن الرحيم
.
.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
.

عضو جديد بينكم سادتي الكرام وأخت أنظمت لكم ، كنت مجرد متابعة لإبداعاتكم لكني قررت اليوم بأن أشارككم بعضا مما لدي من أفكار ، قد يكون ما سأضعه بين أيديكم لا يناسب فخامتكم فأنا لازلت مبتدئة في الكتابة ولا زلت أتعلم لكني أطلب منكم السماح إن كان هنالك تقصير مني وأتمنى دعمكم لي بمتابعتكم لروايتي وقراءتها وردودكم وتفاعلكم الذي لن استغربه منكم حتى لو لم اطلبه ليكون لي وسام شرف أعلقه على صدري دائما ..
.
.

بإذن الله سيكون التنزيل في كل أسبوع فصلين ..
.
.

" أمنيه صغيرة في عمق قلبي بأن التميز يكون من نصيب روايتي "



.
.

أختكم ومحبتكم : روح الوسن ..
.
.

" لا إله إلا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين "




روابط الفصول

المقدمة .... المشاركة التالية
من الفصول 1 - 5 .... بالأسفل

الفصول 6، 7، 8، 9، 10، 11، 12 نفس الصفحة
الفصل الثالث عشر
الفصول 14، 15، 16، 17، 18، 19، 20، 21، 22 إعادة تنزيل
الفصول 23، 24، 25، 26، 27، 28، 29، 30، 31، 32 نفس الصفحة
الفصول 33، 34، 35، 36، 37، 38 نفس الصفحة
الفصول 39، 40 ، 41، 42، 43، 44 نفس الصفحة
الفصل45





التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 07-07-20 الساعة 11:41 AM
روح الوسن .. غير متواجد حالياً  
قديم 02-01-20, 12:27 AM   #2

روح الوسن ..

? العضوٌ??? » 455523
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 91
?  نُقآطِيْ » روح الوسن .. is on a distinguished road
افتراضي

بَعْثَرَات زَمَــنْ


( المقدمة )

يحدث لك أن تعصف بك الحياة بصعابها وتبعثرك في حياتك , تتفكك كل قواك وتذهب أدراج الرياح ,

يحدث أن تبعثرك الظروف المحيطة بك لتلقي بك في الهاوية , يحدث لك أن تتبعثر قواك تتبعثر

مشاعرك تتبعثر كلماتك تتبعثر روحك تتبعثر أحلامك في زمن من الأزمان وفي وقت من الأوقات

أو في موقف من المواقف فتحتاج إلى من يلملمك يلملم بعثرتك يلملم شملك لتعود كما كنت

أو أفضل من ذلك بكثير لذلك سأبدأ بكتابة أول فصول حكايتي بإذن الله تعالى [بعثرات زمن] رواية

مختلفة بعض الشيء في فكرتها أحداث حدثت في زمن من الأزمان القديمة لمجموعة من

الأشخاص الذين جمعتهم ليست مواقف الحياة بل بعثرات الحياة فكيف اجتمعوا ؟! وكيف تبعثروا ؟!

وهل سيضمد كل منهم الآخر ؟! هل لبعثرتهم أن تتلملم ؟! سنعرف كل ذلك وأكثر بإذن الله ..
[/size]


روح الوسن .. غير متواجد حالياً  
قديم 02-01-20, 01:12 AM   #3

روح الوسن ..

? العضوٌ??? » 455523
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 91
?  نُقآطِيْ » روح الوسن .. is on a distinguished road
افتراضي

.. الفصل الأول ..

| البداية |

في تمام الساعة الثانية فجرا , في ليلة حالكة شديدة السواد لاختفاء اغلب ضوء القمر فيها , في إمبراطورية البراكين احد الإمبراطوريات الأربع مكان لتجمع أفضل واخطر اللصوص ، وبين تلك الجبال المهجورة والموحشة كان أفراد إحدى العصابات وامهرهم وأخطرهم أيضا تلك العصابة التي اشتهرت بلقب " جماعة قراصنة الموت " بلباسهم الأسود الموحد والذي كان عبارة عن قميص وبنطلون أسودان ومعطف طويل يصل إلى ما فوق الركبة بقليل بأحذية سوداء طويلة إلى نصف الساق , والاهم من ذلك وهو أكثر شيء عُرِفوا به هو عصابة العين التي يستخدمها جميع أفراد تلك العصابة لتغطيه إحدى أعينهم وذلك دليل على أنهم قراصنة وقناصين , ينفذون مهماتهم وهم بعين واحدة فقط ليبثون الرعب في قلوب كل من في تلك الإمبراطورية وتجعلهم يتساءلون ماذا لو أدوا مهماتهم وهم ينظرون ويستخدمون كلتا أعينهم؟؟ , والغريب في الموضوع هو عددهم الذي لم يزيد عن فردين فقط لسنين طويلة لم تقل عن العشر سنين إلا منذ أيام معدودة عندما انضم لهم فرد ثالث يبلغ من العمر الخامسة عشر فقط ليكون العضو الأصغر في تلك العصابة الخطيرة , أما الأغرب من ذلك فهي طبيعة عملهم ومهماتهم تلك التي لا تكون إلا عندما يسدل الليل ستارة , أما في وضح النهار فلا يكونون إلا جنود ضعفاء مغلوب على أمرهم يتدربون في المسكرات مثلهم مثل غيرهم ولا احد يعلم بهوياتهم الحقيقية إلا زعيمهم بالطبع والذي يدعي كونه احد الضباط العاديين الذين يقومون بتدريب الجنود في المعسكرات , أما في الليل فيتحول إلى زعيم قراصنة الموت.
شحب وجه ذاك الفتى الذي بالكاد بلغ الثامنة عشر من العمر بالكامل وهو يوجه حدقتيه العسلية التي لمعت في الظلام بلمعة خفيفة نحو بطن ذلك الرجل ذو الشعر الأسود والملامح الرجولية الوسيمة المستند على إحدى الصخور وقال بهدوء حمل في طياته الخوف والتوجس:
- هييه فارس أأنت بخير ما كل هذه الدماء..؟!!
مد يده نحو وسام ليقترب الآخر منه واضعا يده على كتفه ليبث في قلبه الطمأنينة وقال بمرح اعتادوا على سماعه منه رغم بلوغه الخامسة والعشرون من العمر:
- لا تقلق علي ي وسام إصابة خفيفة ليس إلا ..
رفع نظره إليه مجددا وقطب حاجبيه باستغراب ما إن استقرت نظراته الحادة التي لا تدل إلا على حدة ذكائه على عيني الجالس أمامه تلك العينان السوداء المتعبة التي تخفي ألما جليا فيها لكنها لم تخفى على عسليتي وسام والتي استطاع سريعا قراءة ما يخفيه فيهما وقال مستفهماً في بادرة نادرة منه وهو السؤال عن حال أيا كان:
- لكنك تنزف الكثير من الدماء.. ؟!!
مد فارس يده ببطء جاهد نفسه ليكتم أنينه المتوجع لتستقر على رأس وسام آخذا يبعثر خصلات شعرة البنية بخفه وقال بينما انطلقت ضحكاته في سكون الليل لتمزقه:
- ما ألطفك عندما تظهر هذه الملامح على وجهك ي وسام ..
ابعد وسام يد فارس بقوة ألمته وقال ببرود بينما احتدت عيناه لعلمه لما قصده من كلامه ذاك وهو يستقيم على طوله مبتعدا عنه :
- اصمت ودعنا نعود بسرعة نداوي جرحك ..
تجاهل فارس كلامه وقال بينما كان يلتفت في كل الجهات يتنقل بعينيه في الأرجاء :
- أين سيف لقد تأخر .. ؟!!
رمقه وسام بنظرات باردة وحادة لتجاهله له وقال بجمود :
- لا تقلق فذلك السيف سوف يشعل النيران في القرية ويأتي إلينا..
عاد بنظره إلى وسام وقال بنبره متسائلة :
- إذا يا وسام هل جمعت كل مجوهرات القرية ؟!!
ليرد عليه ببرود شديد وهو يهيم بنظره بعيدا عنه بشرود :
- نعم ..
لاحظ فارس تجهم ملامح وسام وهو يعلم تماما لما , فهذه المهمات التي توكل إليهم ليست إلا للسرقة وما شابهها من الأعمال الغير إنسانيه , إلا أنهم لا يتعرضون على أي شخص ولا يحق لهم ذلك إلا إن اكتشفهم احد أو رأى ملامحه فهنا يجب التخلص منه وسريعا , فحاول أن يخلق جوا لطيفا وقال بنبرته المرحة المعتادة يسأله ليبدأ حوار جديد بدلا من الصمت المميت الذي أحاط بهم :
- هل تعرض لك احد ما .. ؟!!
- نعم ..
ليفاجئه برده السريع والبارد أيضا الذي لا يعبر إلا عن انه لا يريد أن يتحدث ، اغتصب فارس ابتسامه ولم يستسلم بسهوله بل حاول من جديد بأمل كسير عندما قال :
- إذا لقد تخلصت منهم صحيح .. ؟!!
لكنه حطم آماله تلك وهو يستدير وقال ببروده المعتاد وبنبرته الهادئة :
- نعم ..
لتنطلق حينها ضحكات فارس والتي كادت أن تمزق الأفق وذلك السكون المميت واضعا يده على معدته وقال بضحكه بالكاد خرجت الحروف من بينها لتكسو معالم وجهه السخرية كما الألم :
- يا لا برودك يا وسام ألا تعرف غير كلمة نعم ..
لكن وسام وكالعادة لم يهتم لما قاله بل تجاهله وهو يتأمل البعيد بسكون مريب إلى أن سمع تنهيده العجز من فارس والذي يبدو انه أعلن انهزامه في كسر كتله الجليد هذه في حين التفت إليه وسام ينظر إليه بحدة يعلم جيدا بأن فارس يحاول دائما جعله يتحدث وذلك أكثر شيء يكرهه وهو أن يحوله ليصبح مثله ثرثارا كما ينعته دائما ولكن ما يحمله في قلبه اتجاهه اكبر بكثير من أن يغضبه ويزعجه فقال يشد على أسنانه محاولا أن يستجلب أي ذرة صبر لديه يشد قبضتيه التي كانتا سجينتي جيوب معطفه :
- وأنت هل قمت بعملك .. ؟!!
لكن فارس ذو الطباع المرحة فاجأه بقوله وهو يكبت ضحكته ويحاول تقليده في طريقه كلامه المختصرة الباردة والمتعجرفة :
- نعم ..
ليرمقه وسام بحدة بعينين التهبتا سعيرا من غضبه وقال ببرود اشد يعاكس ما بداخله :
- اخرس ..
ارتعش جسده من تلك النظرات القاتلة لا شعوريا وقال بضحكه صغيرة محاولا إخفاء ارتباكه منه :
- حسنا .. حسنا ..
وما هي إلا دقائق حتى وصل الفرد الثالث والأصغر في تلك العصابة إليهم لاهثا يتلقف أنفاسه بصعوبة من ركضه السريع ينحني بجسده قليلا واضعا يداه على ركبتيه في حين اندلعت النيران في جميع أنحاء القرية التي تقابلهم تماما لتأكل الشجر والأعشاب والأزهار والمنازل وكل من يقف في طريقها لتعلن تدميرها بالكامل ولتنهي الحياة فيها مانعه أي شخص من الاقتراب منها تاركين خلفهم منازلهم وممتلكاتهم وذكرياتهم فيها.
قال سيف بعد أن رفع رأسه ناظرا إليهم وهو يضحك بنصر ويحاول التقاط أنفاسه التي انقطعت من ركضه السريع :
- هيييه يا رفاق لقد فعلتها لقد أشعلت النيران وأخفيت كل أثارنا ..
ابتسم فارس ولم تخفى لمحه الحزن في عينيه فها هم يعلمون هذا الفتى الصغير أساليب المجرمين والتدمير والتخريب مجبرين على فعل ذلك وقال بكل حنية وفخر :
- أيه الشجاع تعال إلي لأحضنك فأنت بطلي الصغير ..
ابتسم سيف واحمرت وجنتيه خجلا وتقدم نحو فارس بخطوات سريعة وجلس بجانبه وقال بخجل وهو ينظر إلى الأرض :
- أنت تبالغ يا فارس فأنا مازلت أتعلم منكم ..
وفجأة صرخ بخوف واتسعت عيناه وقال بتلعثم شديد بالكاد خرجت معه الحروف عندما وقعت عيناه على بطن فارس وتحديدا على تلك الدماء النازفة :
- فاااارس ما كل هذه الدماء أأنت مصاب ؟؟ من الذي تجرأ على فعل ذلك سأقتله بيدي ..
فامتلأت أعين سيف السوداء بالدموع واخذ يشهق بقوة كطفل صغير ماتت والدته أمام عينيه أما فارس فضل يضحك بتعب ممسكا على معدته من تلك التعابير التي ارتسمت على وجه سيف وهو يقول بين ضحكاته وكأنه غير مصاب ولا ينزف أيضا :
- عزيزي سيف انه جرح بسيط لا تقلق ..
فالتفت سيف بسرعة نحو وسام الذي كان يقف خلفهم بهدوء وكأنه انفصل عنهم في عالم لا يوجد أحدا غيره فيه , متأملا بجمود النيران تلك التي تأكل تلك القرية شيئا فشيئا لتدمرها بالكامل لا يعلم متى سيتوقف تدميرهم لحياة الآخرين ولا يعلم متى يمكنه رفض تلك المهمات السخيفة والعيش كأي بشر بل هو يعلم متى يكون ذلك وذلك عندما يتخلص من دماء أبناء إمبراطورية البراكين , تلك الدماء الكريهة التي عُرفت بالخيانة والتدمير كما القوة والسلطة أيضا ، صرخ سيف بكامل صوته وهو يردد اسمه الذي يبدو بأنه لم ينته لنداءاته السابقة فاستدار بوجهه فقط ناحيتهم وكأن سيف لا يصرخ به وقال بنبره باكيه مترجيه :
- وسساااام إن فارس مصاب أسرع وضمد له جراحه ..
نظر وسام لفارس فوجده يبتسم ويرفع كتفيه بقله حيله بمعنى "عجزت عن إقناعه أني بخير" ثم عاد بنظره إلى سيف ببرود ورفع كتفيه بقله حيله وقال بابتسامه متهكمة ساخرة :
- انه يريد الموت ماذا عساي أن افعل ..
انتفض سيف من مكانه برعب احتل قلبه بالكامل ورفع حاجبيه بصدمه وبعدم الاستيعاب وتلعثم في كلامه وقال بتقطع خشي أن تنقطع معه أنفاسه ونبضات قلبه :
- أ..أأن..نت م..ما..ذا ... تق..ص..ص..د ..
فنهض فارس حينها وهو يمسك بطنه من شدة الضحك بينما يمسح دموعه بيده الأخرى وكأنه مجرد خدش وليس جرح امتد طوله من جانبه إلى منتصف معدته تقريبه وقال مبددا ذلك الجو المرتبك :
- سوف تقتلاني انتم الاثنان من الضحك بالتأكيد ..
فأكمل وهو يسير من بينهما قائلا بأمر :
- هيا , هيا لنعد بسرعة إلى المسكر فجراحي بدأت تؤلمني حقا ..
ابتسم سيف برضا ونهض بسرعة وهو يمسح دموعه وقال بفرح لم يجاهد لإخفائه :
- حاضر سيدي ..
أما وسام فتوجه نحو الحقيبة المملوءة بالمجوهرات الثمينة والنادرة وقال بنبرته الساخرة شديدة البرود في حين حمل الحقيبة على كتفه :
- أخيرا اقتنعت يا فارس بالبقاء على قيد الحياة ..
وسرعان ما تبعهم متوجها نحو فارس رافعا إحدى يديه ليلفها حول رقبته أما يده الأخرى فالتفت حول خصره قاصدا مساعدته على السير لملاحظته لخطوات فارس الغير مستقرة أما سيف فسار بجانبهما وقد كان ينظر إليهما بفرح شديد والسعادة تغمر قلبه راسما على محياه ابتسامه عريضة شاكرا في قرارة قلبه على عائلته الجديدة الصغيرة هذه التي منحوها إياه بغض النظر عن أعمالهم التي تجمعهم معا .

*****

بعد منتصف الليل وعندما سطع ضوء القمر منيرا السماء الواسعة وفي سكون مخيف في حجرة كبيرة وكما يبدو بأنها تحت الأرض بجدرانها الحجرية وسقفها القريب امتدت رفوف خشبية في كل جزء من تلك الغرفة التي تملؤها الكتب والظروف والملفات توسط الحجرة مكتب مصنوع بحرفية , مزيج بين أنواع الخشب مغطى بالقطع الجلدية السوداء الفخمة المطرزة لتعطيه منظرا مبهرا ومخيف ، انتشرت الأوراق على سطح ذلك المكتب وفي طرفه توجد كومه من الكتب المتراصة فوق بعضها البعض تنتظر من يقرأها ، أضواء الشموع الخافتة وصوت تقليب الأوراق من صفحات الكتاب هو ما يثبت وجود شخص ما هناك ، يقف شامخا بهيئته الرجولية الضخمة أمام إحدى الرفوف يحمل بين يديه كتابا يقلب صفحاته وكم بدا منسجما بما يقرأه كيف لا وقد طبع على مغلفه بالخط الكبير وباللون الذهبي عنوان (السيطرة) وهو أكثر شيء يعشقه بجنون في هذه الحياة ، طرقات متتالية صغيرة على الباب الحديدي جعله يخرج من شروده وانسجامه هامسا بشتيمة لاذعة على قطع حبل أفكاره وانغماسه الشديد بما يقرأ ، أطلق صوتا يدل على انه سمع الطرق وعرف من صاحبه فقال بنبرته الرجولية الخشنة :
- ادخل ..
دوى صوت صرير الباب المزعج في الأرجاء ليحكي لحنا مرعبا ومنبأ بخطر محدق وهلاك أكيد بسبب المتواجدين داخل الحجرة الحجرية ، انفتح حينها الباب وظهر رجل في أواخر العشرين من العمر يرتدي زي الضباط الأسود والذي نقش عليه شعار بركان باللون الأحمر ليثبت بأنه احد أبناء إمبراطورية البراكين الذين عرفوا بشرهم وجشعهم وهوس حبهم للسيطرة والتملك ، ضرب له التحية العسكرية وقال بنبرة حازمة :
- سيدي تمت المهمة ..
ارتفعت زاوية فمه بابتسامه تهكميه يعلن انتصاره كما قوته للجميع يشعر بنشوة انتصاره واقترابه من تحقيق حلمه الذي لطالما سعى جاهدا له ، قال له بعمق مخيف :
- والمعلومات التي طلبتها منك ..
اخرج ورقة ملفوفة من جيب معطفه نزع الشريط بقوة فاردا إياها أمام وجهه وقال :
- جاهزة سيدي ..
همهم إيجابا ليكمل الأخر قائلا :
- تم السيطرة على خمس قرى بالقرب من إمبراطوريتك سيدي وتم جمع جميع أموالهم وكنوزهم والذين أعلنوا ولائهم لك فقدم كبار القبائل أبنائهم الشباب ليخدموك ..
ضحكه صغيرة هي كل ما استطاع إخراجه وكأنه يعلم مسبقا بكل هذه المعلومات أم ربما لثقته الزائدة والتي وصلت للغرور بالتأكيد بأنه هو المسيطر القوي الذي لا يخشى شيئا فقال بنبرته الخشنة بعد صمت دام للحظات :
- جيد ، ذلك الطلال ليس سيئا ..
ثم أكمل قائلا بتهكم شديد يقلب صفحات كتابه ونظره عليه :
- وماذا عن أفراد جماعته السخيفة تلك .. ؟!!
تنحنح قليلا وبدا انه متوتر كيف لا والذي أمامه لا يفوت صغيرة ولا كبيرة من اشتهر بحدة ذكائه وعبقريته فقال بنبرة متزنة قدر الإمكان ولم يستطع منع الخوف الذي ظهر في قسمات وجهه من الظهور :
- هم من سيطر على تلك القرى جميعها و....
بتر جملته يبتلع ريقه مع باقي كلماته عندما التف وجه سيدة ولأول مرة منذ وصوله لتلتقي أعينهم مباشرة لا يفصلهم أي شيء ليعم صمت مخيف لا يسمع إلا صوت اضطراب أنفاس مهند ، قال جاسم متسائلا بحنق :
- ماذا تعني ..؟!!
سحب كميه هواء ليدخلها إلى صدره في محاولة التخفيف من توتره الشديد وقال بهدوء مصطنع :
- فارس العقل المدبر لجماعتهم والذي استطاع التخطيط لكل تلك الخطط الناجحة ..
وغض على شفتيه بقوة بعد أن رأى نظرة الغضب تنبعث من عيني سيدة السوداء كحجرين متقدين وعلم حينها أنها نهايته فهو يمقت أن يكون احد اذكي منه أو أقوى , يرى نفسه كل شيء بينما الآخرون ولا أي شيء , بلع ريقه وأكمل مستشهدا على نفسه بعد أن طال الصمت بينهم ثانيتا :
- كما انه ضم عضو جديد إلى جماعتهم ليكونوا ثلاثة بحجه أن المهام التي توكل إليهم تحتاج إلى عدد اكبر ..
قال جاسم بحدة :
- ومن يكون ..؟!!
رفع أنامله بتوتر ليفتح احد أزرار قميصه فهو حقا يشعر بالاختناق وكأن الهواء قد نفذ من حوله وقال بصوت ضعيف :
- ل..لا معلومات ك..افيه عندي له سيدي ك..ل ما في الأمر أن فارس هو من أصر على وجوده بينهم ..
ضحك حينها ضحكه هادئة برنه خبيثة وقال من بين أسنانه يضيق عينيه ينظر في الفراغ وكأنه ينظر إلى شخص ما ويكلمه :
- كاذب ، بل هناك شيء يخفيه عنا فهو لا يحتاج إلى أي احد بوجود ذلك الذئب المتوحش بجانبه ..
استدار يعطيه ظهره يعيد الكتاب حيث كان سار بهدوء يمرر أنامله على الكتب بالتتابع يبحث بنظره عن احدهم إلى أن استقرت أنامله كما نظره عليه , أخرجه بهدوء يحمله بين يديه متوجها نحو المكتب الواسع , جلس بكل ثقة على الكرسي الخشبي المغطى بالجلد الأسود كثير النقوش وقال وهو يشبك أصابعه في قبضه واضعا إياها أسفل ذقنه :
- قل ما عندك ..
رفع أنامله واخذ يفرك جبينه مبددا توتره فهو حقا أصبح يشعر بالخوف الشديد من سيدة والذي لم يلبث طويلا حتى قال بنبرته المخيفة :
- مهند ، ارفع رأسك ، وانظر إلي ..
رفع رأسه ببطء يعلم أن نهايته قد حانت واقرب مما كان يتصور فهو لا يزال مبتدئ ولا يعلم الكثير عن سيدة كما انه لم يعتد على هذه الأعمال فهو لم يكن إلى شخص عادي يعمل في التجارة قبل أن يخسر كل أمواله وينتقل إلى الجيش لينضم إليهم ويترقى بسرعة إلى رتبة ضابط ، قال بنبرة متوترة :
ح..حاضر س..سيدي ..
قال بنبرته الجادة وعيناه مثبتتان بعيني مهند يبث فيه من قوته من خلال تلك النظرات :
- إنا اعتمد عليك يا مهند في كثير من الأمور لذلك أريدك قوي وشجاع لا تهاب احد صحيح انك تعتبر جديد على هذا العمل لكنك اثبت لي انك مختلف عن الجميع فلا تخن ثقتي بك ..
شع النور في قسمات وجهه واعتلت شفتيه ابتسامه واسعة سعيدة وكأن الحياة عادت إليه بعد أن كاد يفقدها مما قال , أقال بأنه يثق به!! وبأنه مختلف عن الجميع!! أي سعادة هذه وكل هذا المديح يخرج من بين شفتي إمبراطور إمبراطورية البراكين نفسه ، قال بحزم سعيد :
- أمرك سيدي ..
قال بعد ابتسامه صغيرة تهكميه مغرورة :
- إذا أكمل ..
قال مندفعا :
- التاجر مروان وزوجته من إمبراطورية الصخور أعلنوا مدى براعتهم في التجارة وجمع الأموال للجميع وفي وقت سريع ..
أماء برأسه مبتسما بخبث وقال متمتما لنفسه :
- جيد , جيد قد نحتاجهم فيما بعد لكن الآن يجب أن ننتظر والى وقت طويل كما يبدو ..
أطلق جاسم بعد صمت ااهه وكأنه تذكر شيئا للتو حين لمعت عينيه ببريق من السعادة يحدق في الفراغ وقال بسؤال مفاجئ مباغت لمهند :
- وماذا بشأن الكتاب ..
انزل لفافة الورق بعد أن لفها كما كانت وادخلها في جيبه وقال وهو ينظر إليه بثبات :
- سألنا كل حكيم وحكيمة في الإمبراطورية وكلهم اجمعوا على انه لا توجد إلا نسخة واحدة وهي ف....
صمت بخوف ظهر على تقاسيم وجهه وكاد يشهق من الخوف عندما نهض جاسم من على كرسيه بقوة مصدرا صوتا دلاله على سحبه للخلف وقال بحماس ظهر جليا في نبرته :
- تكلم يا مهند أين ! أين هو ..!!
تنقل بنظراته في جميع الأرجاء بخوف وتوتر يتجنب النظر إليه لكن عندما علم بأنه لا مفر له تنهد بقله حيلة وابتلع ريقه وقال بصوت منخفض :
- في مكتبة القصر الخاصة بالإمبراطور عامر سيدي ..



نهاية الفصل , قراءة ممتعة لكم أحبتي ..
بقلم محبتكم : روح الوسن ..



روح الوسن .. غير متواجد حالياً  
قديم 02-01-20, 01:26 PM   #4

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي

اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...

للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html



واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا73, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء


قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

قديم 03-01-20, 07:20 AM   #5

تماضر عبدالله

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية تماضر عبدالله

? العضوٌ??? » 438979
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 536
?  نُقآطِيْ » تماضر عبدالله has a reputation beyond reputeتماضر عبدالله has a reputation beyond reputeتماضر عبدالله has a reputation beyond reputeتماضر عبدالله has a reputation beyond reputeتماضر عبدالله has a reputation beyond reputeتماضر عبدالله has a reputation beyond reputeتماضر عبدالله has a reputation beyond reputeتماضر عبدالله has a reputation beyond reputeتماضر عبدالله has a reputation beyond reputeتماضر عبدالله has a reputation beyond reputeتماضر عبدالله has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

أهلا بك بيننا عزيزتي روح الوسن...
.أنرتي المنتدى....
بداية موفقة عزيزي...
.أتمنى نلقي التفاعل اللي يرضيك...


تحياتي


تماضر عبدالله غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 03-01-20, 01:52 PM   #6

روح الوسن ..

? العضوٌ??? » 455523
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 91
?  نُقآطِيْ » روح الوسن .. is on a distinguished road
افتراضي

أشكركم من أعماق قلبي على ترحيبكم الرائع وردودكم اللطيفة وبإذن الله أكون عند حسن ظنكم ..


روح الوسن .. غير متواجد حالياً  
قديم 06-01-20, 08:59 PM   #7

روح الوسن ..

? العضوٌ??? » 455523
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 91
?  نُقآطِيْ » روح الوسن .. is on a distinguished road
افتراضي

.. الفصل الثاني ..
.
.
| قراصنة الموت |
.
.
اشتد الظلام وتلبدت السماء بالغيوم منذرة بحدوث عاصفة قريبة ، كان يمشي ثلاثتهم بين تلك الأشجار الملتوية بحذر شديد إلى أن تباطأت سرعه فارس ، فبدأ جبينه يتصبب عرقا وارتجفت أطرافه وأصبح بالكاد يتنفس ، ظهرت على ملامحه آثار الألم الشديد اثر ذلك الجرح الذي افقده الكثير من الدماء
وكان كل دقيقة يوجه سيف نظره إلى فارس الذي اخذ يتألم بصمت إلى أن قال بنبرة حزينة ومرتبكة يحاول فيها أن يُهدئ من روعه ويخفف ألم فارس :
- لقد وصلنا يا فارس اصبر قليلا وسوف نطلب النجدة من الضابط طلال ..
نظر فارس إلى سيف الذي يسير بجانبه ورمقه بنظرة حنونة وأماء إيجابا برأسه مطمئنا إياه ، ثم رفع رأسه إلى السماء قبل أن يتنهد بصمت ، فالذي لا يعلمه سيف بأن الضابط طلال لا يسمح لأي طبيب بأن يداويهم في حال جرحوا أو أصيبوا في إحدى مهماتهم السرية خشيه أن يكتشفوا أمره بأنه يستغل ابرع جنوده لمهمات شخصيه تضر بالجميع وسيحال بالتأكيد إلى التحقيق ومن ثم ستنفذ عليه العقوبة المستحقة له والتي لن تكون بسيطة بالتأكيد ، لذلك سيتركهم إلى الموت فهذا مصيرهم بل وسيحاسبون على أخطائهم في مهماتهم بالموت فكأنه يقول لهم " إن تأذيتم ستتحملون نتائج طيشكم لوحدكم " وهذا هو حال فارس ووسام منذ سنوات كلما تأذى احدهم اخذ الآخر يحاول أن يضمد جراحه لكي لا يكون مصيره الموت ويعيش الآخر وحيدا ومنبوذا من الجميع .
احتدت نظرات وسام ونظر إلى سيف يرمقه بحده ، كم يتمنى بأن يخبره بالحقيقة التي لا زال يجهلها والحقائق المخفية عنه ، نقل بنظره إلى فارس والذي كان يحدق به فحرك رأسه بخفه وكأنه يمنعه من التحدث أو يأمره بعدم فعل ما يجزم بأنه يفكر فيه فسرعان ما أشاح بوجهه في الجانب الآخر يكتم غيضه كما غضبه الذي استشعره فارس فشد بأنامله على يد وسام التي كانت تمسك خصره وكأنه يخبره بأن يتحلى بمزيد من الصبر، ولأنه الوحيد الذي يعلم ما قد مر به وسام ، يعلم جيدا أن وسام عانى الكثير في حياته ولا يريد أن تتكرر مأساته في سيف أيضا ، وبالرغم من صغر سن وسام فهو مدرك لقوانين المعسكر وتلك التحركات السرية وعقوبات من يخالفها وهو أيضا كذلك يلم ذلك جيدا ..
ظهرت تلك البوابة الحجرية الكبيرة بل الضخمة التي كانت تلتف حولها أغصان الشجر بشكل مخيف ، خطوا خطوات متتالية نحوها وما إن دخلوا المعسكر حتى اخذ سيف يلتفت يمينا ويسارا محاولا إيجاد الضابط طلال في الأرجاء حيث كان ينتظرهم دائما عندما يعطيهم المهام السرية كتلك ، فقال بأسى ظهر في نبرته كما ملامحه :
- يبدو أن الضابط طلال ليس موجود يالا الأسف إذا سوف نذهب بك يا فارس إلى اقرب عيادة ..
عم صمت للحظات قبل أن يكسره وسام بقوله ببرود شديد بعد أن بدا عليه القليل من التردد وهو ينظر إلى كل شيء حولهم :
- أنا اعرف سيدة ماهرة في ذلك ..
نظر سيف إلى وسام وفتح عينيه بوسعها من شدة الفرح وقال بسعادة :
- أين ، أين يا وسام بسرعة اخبرنا ..
ابتسم فارس نصف ابتسامه وقال :
- اششششش هدوووء هيا يا وسام بسرعة دلنا على الطريق ..
فما لبثوا إلا وقد خرجوا من المعسكر بهدوء شديد كي لا يلاحظهم أي احد في تلك الظلمة الحالكة ، ولأن العربات والأحصنة غير مسموح لهم بأخذها لمهامهم كان يجب عليهم السير كل تلك المسافة سيرا على الأقدام فقط وكأنهم يعاقبونهم بذلك أيضا ، فكان وسام يمسك بفارس من الجهة اليسرى في حين سيف امسكه من الجهة اليمين مساندين له ليسير معهم على الطريق ، فجأة توقف وسام عن السير فقال فارس متألماً محاولا التماسك أكثر بصوت بالكاد خرج من بين شفتيه :
- ماذا بك يا وسام لماذا توقفت فجأة أوصلنا أم ماذا فأنا لا أكاد أرى شيئاً ..
وجه وسام نظراته الأشبه بكونها نظرات ميتة والتي أثارت الرعب إلى سيف وقال بضيق بينما ارتكزت عينيه في عيني سيف مباشرة مما جعل سيف يعود خطوتين إلى الخلف من الرعب الذي دب في قلبه من تلك النظرات الميتة وقال وسام بضيق :
- سيف ..
شهق سيف واخذ يحاول أن يتمالك نفسه على الوقوف فقد كان متأكدا بأن أقدامه ستخونه في أي لحظة ، سحب كمية كبيرة من الهواء إلى صدره ليرد أخيرا بقوله بحذر شديد وخوف غلب عليه:
- م..ماذا ... يا و..وسام ..
أخذت عينا وسام الحادة تتفحصه بدقة صعودا من أخمص قدميه إلى أعلى رأسه وقال :
- أين غطاء عينك ..؟!!
شحب وجه سيف كأن الدماء قد سحبت منه واتسعت عيناه وعظ على شفتيه بقوة وبدأت أطرافه بالارتجاف فهو لم ينتبه إلا الآن بأنه قد أضاعه في تلك القرية وبالتأكيد أنه وقع منه وهو يركض في الظلام الدامس ولم ينتبه لها ..
ابتسم وسام ساخرا عندما طال صمته وقال :
- لا بد من انك نسيتها ..
جثا فارس على ركبتيه وقال وهو يحاول التقاط أنفاسه التي فقدها بصعوبة بالغة ليهدئ من الوضع فهو يعلم أن سيف لن يسلم من وسام الذي يكره أي خطأ في أثناء تنفيذ المهمة كيف وهو يترك أقوى دليل على وجودهم هناك ألا وهو عصابة العين التي هم وحدهم أفراد جماعة قراصنة الموت من يرتديها:
- لا.. بد.. من.. أن.. الآن ..قد.. التهمتها.. النيران.. لا.. تقلقوا ..
ابعد وسام نظره عنهم وتمتم لنفسه قائلا بغضب وكأنه يذكرهم بفظاعة الأمر :
- سوف يُقضا علينا لو عرفوا بأن قراصنة الموت هم من أشعلوا النيران في تلك القرية فلا يوجد غيرنا يضع تلك الأغطية السوداء على أعينهم ..
هوى فارس نحو الأرض ليرتطم جسده بقوة وخر مغشياً عليه فهو لم يعد يحتمل الألم ولم يعد يتمالك نفسه بسبب الدماء الكثيرة التي فقدها، صرخ سيف بقوة وهو يمسك بذراع فارس ويحاول رفعه من على الأرض بوهن وقال بخوف غلب على نبرته :
- وساااااام أسسسررع ودعنا ننقض فارس أولا ثم نفكر ب .. ب ..
وسرعان ما اختفى صوته وهمس بحزن يلوم نفسه على غفلته تلك وهو يتجنب النظر إلى وسام :
- أنا حقا آسف ..
فألقى وسام تلك الحقيبة التي كان يحملها على ظهره وقال ببرود ونظره على سيف وكأن شيء لم يحدث :
- سيف احمل الحقائب ..
نهض بسرعة متوجها نحو الحقيبة وقال بتلعثم :
- ح..حاضر ..
جلس وسام على الأرض واستند على ركبته ثم رفع فارس ببطء كي لا يزيد من ألمه وحمله على ظهره بصعوبة لفارق العمر بينهم وقال بنبرته الباردة اللامبالية :
- سيف اتبعني ..
انطلقا بسرعة جاهد وسام فيها باستماتة أن يصلا في الوقت المناسب وتحركا بخفه شديدة بين تلك الأشجار قاطعين تلك الظلمات وتلك الطرقات بخطوات تكاد تجاري الريح في سرعتها وخفتها فكل ما كان وسام يفكر فيه هو أن لا يفقد شخصا آخر يعده من عائلة فيكفيه من فقد الأحبه ما فقده ، بعد مدة من الوقت توقفوا أمام منزل كبير بدا عليه الرقي في حين اسند وسام فارس على عتبه الباب بخفه وقال وهو يتحسس نبض فارس بأنامله وعيناه الباهتتين مرتكزة على ما يفعل :
- بعد أن تطرق على الباب اطلب منهم السيدة هند ..
وفقط هذا ما قاله فنظر سيف إلى وسام مندهشا من نظراته ونبرة صوته التي تغيرت فجأة فأصبحت عينيه اقل حدة على عكس العادة وقال بارتباك ظهر في نبرة صوته :
- ح..حاضر يا و..وسام ..
اخذ وسام يسترسل في كلامه في بادرة أخرى جديدة لم يعهدوها منه وهو يقول ببروده المعتاد :
- وإذا سألتك عن سبب جرحه فقل لها انه تمت مهاجمتكم من قبل اللصوص وإياك أن تكشف هويتك لها ..
أماء رأسه إيجابا وقال ولا زالت نظرات الدهشة ترتسم على وجهه فهو تقريبا أو مرة يسمع وسام يطيل في حديثه على غير العادة :
- ح..حسن ….
قاطعة قائلا بأمر وهو ينظر إلى ملامح فارس المتعبة بعد أن تأكد من انه لازال على قيد الحياة ولم ينظر جهة سيف أبدا والذي كان يقف بجانبهما :
- خبئ الحقيبة ..
رمق سيف وسام بنظرات ملأها الشك والريبة وشعر بأن وسام يفكر في أمر ما وبالتأكيد لن يكون أمرا عاديا من ملامحه وطريقته في الكلام فتجمع الدمع في عينيه وقال بنبرة خائفة متسائلة لكي يتأكد من شكوكه أهي صحيحة أم لا :
- ألن تبقى معنا ..؟!!
فوثب وسام واقفا ينفض الغبار عن ثيابه وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامه تحدِ لا يتقنها أحد سواه وكأنه واثق من قدرته في تحقيق ما يريد وقال :
- لا .. يجب أن أعود لتك القرية ففيها شيء يخصنا ..
اتسعت عينا سيف فهاهي شكوكه في محلها ولم يصدق ما قد قاله وسام أحقا بأنه سيعود إلى تلك القرية التي وبكل تأكيد أكلتها النيران ولم يبقى منها شيء لأجل غطاء عين ليس ألا ؟؟ تمتم في نفسه بخوف :
- كيف !! كيف تعود لتلك القرية التي أكلتها النيران ..!!
أما وسام فانطلق بسرعة خاطفة ولم يهتم بكل تلك الكلمات المترجية بأن يبقى ولا يخاطر بنفسه بعد أن استدار موجها نظره إلى سيف وقال بابتسامه صغيرة قد ارتسمت على محياه أول مر :
- أنا أعتمد عليك يا بطل ..
وما هي إلا ثوان حتى اختفى وسام في تلك الظلمة وسط تلك الأشجار الضخمة ، فبقي سيف يحدق بدهشة إلى حيث كان يقف وسام وكيف ابتلعته تلك الظلمة المخيفة إلى أن تدارك الوضع السيئ الذي هو فيه فأسرع نحو مجموعه أشجار وقام بتغطيه الحقيبة ببعض أوراق الشجر والأغصان كي تتوارى عن الأنظار ماسحا دموع الخوف من على وجنتيه متمتما لنفسه بأنه قادر على الاعتماد على نفسه كما يثق به رفاقه بأنه يستطيع فعلها ، عاد حيث فارس ونزع غطاء العين الخاص بفارس كي لا يتعرف عليهم أحد ، ثم توقف أمام الباب واستجمع قواه وأخذ أكبر كمية من الهواء لكي يهدئ من روعه وأخذ يطرق الباب بأدب حاول جاهدا تصنعه ليسمع بعد عدة طرقات صوتا أنثويا من خلف الباب يقول بقليل من التردد والخوف :
- من الطارق ..؟!!
قال سيف بنبرة مترجية وفرحة في نفس الوقت :
- أرجوكم أريد المساعدة ..
وسرعان ما فُتح الباب على مصراعيه وإذا بها سيدة ذات ملامح جميلة في منتصف العشرينات من العمر ترتدي فستانا أزرق طويل وقد انسدل شعرها الحريري الأشقر على ظهرها ، تنظر بخوف وتوجس لذلك الفتى ذو الخامسة عشر من العمر الذي قد انهمرت دموعه على وجنتيه والجروح قد انتشرت في جسمه كاملا تقريبا ليقول لها باكيا :
- أأنتِ السيدة هند ..؟!!
قطبت حاجبيها باستغراب شديد وقالت بقليل من الخوف :
- نعم يا بني وما أدراك .. ؟!!
شتت نظراته في جميع الأرجاء يدور بأعينه مرتبكا وتيبست شفتاه وذهبت مقدرته على الكلام فهو بطبيعته انطوائي ولا يعرف كيف يتناول أطراف الحديث مع احدهم ، ظل يفكر بشرود ولا يعلم حقا ما العمل الآن وكم تمنى من أن وسام بقي بجانبه ولم يتركه وحيدا في هذا الموقف ، وكل تفكيره كان منحصرا في ماذا لو رفضت مساعدته وأغلقت الباب في وجهه فهو حتى طريق العودة لا يعرفه بل كان اعتماده كله على فارس ووسام .
قاطعت السيدة الشقراء كل تلك الأفكار والهواجس المرعبة ورحمت حاله بقولها بنبرة خوف ظهرت على كلماتها :
- ماذا بك يا بني أهناك أمر أردته مني ..؟!!
فاتسعت عينيه ونظر إليها بخوف وارتباك وقال بخجل :
- لقد ..لقد.. اخبرني أحد المارة.. من..من.. هنا بأنك تجيدين إسعاف ال..أقصد أنك.. ربما.. تعرفين كيف.. تسعفين أحدا ما .. لا لا أقصد ..تساعدين.. نعم قال أنكِ ستساعدينني ..
عادت خطوتين إلى الخلف بحركة دفاعية وغير أرادية وقالت بتردد وقلق :
- وماذا عساي أن أساعدك به ..؟!!
امتلأت عينا سيف بالدموع وانهمرت على خديه مجددا ونظر بحزن إلى فارس الذي كان مستندا على عتبه الباب يراه هو من جهته لأنه خارج المنزل بينما هي لم تكن تستطيع رؤيته وقال :
- إنه مجروح ولقد اغشي عليه ، لقد نزف الكثير من الدماء ..
تقدمت نحوه بخطواتها المتزنة ليظهر لها ذلك الجسد المستند على الجدار ودماءه قد تسربت وبشكل ملحوظ على معطفه الثقيل فهذا دليل قاطع على انه فقد الكثير من دماءه ، شهقت بقوة وقالت بخوف شديد وبنبرة عالية معاتبة :
- لماذا لم تخبرني هيا هيا بسرعة احمله إلى الداخل بسرعة..
حمله سيف بصعوبة كبيرة وذلك لفارق العمر بينهم والجسم حيث كان فارس قوي البنية طويل القامة وقد برزت عضلاته دلالة على قوته وصلابته وادخله إلى ذلك المنزل الذي غلب عليه الطابع الفخم كما الرقي والذي لم يشد انتباهه ولا أي شيء لا تلك الدرجات المرصوصة والمتقاربة والأرضية الرخامية اللامعة ولا اللوحات الكبيرة والثريا التي تتدلى من أعلى السقف بلونها الذهبي لينعكس على الجدران البيضاء ذات النقوش الذهبية في منظر جميل لا يعبر إلا عن طبقة هذه العائلة الراقية ، لم يكن يرى أمامه إلا تلك المرأة وهي تدخل إلى إحدى الغرف الكبيرة ذات الجدران البيضاء المزينة بنقوش ذهبية التي لم تختلف كثيرا عن ذلك البهو الواسع والغرفة الكبيرة التي مروا خلالها ، ألقاه على إحدى تلك الأرائك المنتشرة فيها ببطء وخرج صوت فارس المتألم بشكل أنات متقطعة ومتوجعة فأغلقت السيدة الباب خلفهم بعد أن اطمأنت بأنهم دخلوا وتوجهت مسرعة إلى إحدى تلك الغرف في المنزل وما هي إلا ثوان حتى أحضرت صندوق خشبي به أدوات كثيرة من الممكن أن تساعدها في إسعاف هذا المصاب ولم تفكر في عواقب الأمر وأنه قد يكون مجرما أو لصا أو من قطاع الطرق كل ما فكرت فيه هو أنه يجب عليها أداء عملها على أكمل وجه ولا تتركه للموت ويقتلها الندم فيما بعد والذي لا نفع منه حينها ..
قال سيف وهو يحك جبينه خجلا :
- أشكرك حقا أيتها السيدة وأنا آسف لأنني أتيت في وقت متأخر ..
قالت هند بينما كانت ترفع أكمام فستانها الأزرق البحري وتخرج بعض الأدوات من الصندوق منشغلة تماما بما تفعل :
- لا تقلق يا بني لا تقلق ..
أخذت أولا المقص وقصت به قميصه الذي غرق بالدماء بعد أن انتزعت معطفه بالرفق فشهقت بقوة مما أدى إلى سقوط المقص من يدها واضعه يدها على فمها وقالت بخوف ظهر على ملامحها الشاحبة :
- يا الهي يبدو أن هناك من طعنه بسكين في بطنه وليس أي جرح بل هذا نصل سكين حاد اخترق جلده..
صرخ سيف وقال :
- أرجوكِ سيدتي أهو بخير أرجوكِ اخبريني ..؟!!
قالت وهي تخرج من الصندوق الكثير من الضمادات والأدوية بنبره لم تخفي فيها ارتباكها وخوفها :
- لا تقلق سوف نسعفه .. والآن يجب عليك أن تجلس بعيدا لكي أتمكن من تعقيم وخياطة جرحه فيبدو انه عميق ..
نظر إليها بأسى ثم رفع نظره إلى فارس الذي بالكاد يتنفس وقال بحزن :
- ح..حاضر سيدتي ..
بعد مرور ساعتين تنهدت السيدة هند وارتمت بجسمها على تلك الأريكة المقابلة للأريكة التي كان عليها فارس وبجانب سيف وقالت بتعب وهي تمسح حبات العرق التي ظهرت على جبينها بمنديلها القماشي المطرز من الحواف على شكل ورود صغيرة متراصة :
- أووووه أخيرا لقد انتهيت ..
نهض سيف بسرعة حيث امتزجت دمعاته مع ضحكاته قائلا بسعادة كبيرة :
- إذا سيدتي أهو بخير الآن ؟! متى سيستيقظ ؟! أرجوك اخبريني ..
ابتسمت السيدة هند بإرهاق وقالت وهي تضع المنديل على الطاولة :
- لقد أعطيته بعض المهدئات اعتقد انه سيستيقظ بعد ثلاث ساعات على الأقل ويجب أن لا يتحرك لمدة لا تقل عن ثلاث أيام لكي يلتئم الجرح مع أنني وضعت له على جراحه بعض الأعشاب النادرة التي تساعد على التئام الجروح بسرعة أكبر..
لكن ذلك لم يطمئن سيف أبدا بل جعلته تلك الكلمات شاردا وشاحب الوجه وهو يتذكر الموعد الذي يجب عليهم العودة قبله إلى المعسكر وهو قبل طلوع الشمس لكي يقومون بدورهم الآخر ألا وهو جنود عاديين يقومون بالتدريبات الصباحية مع بقية الجنود ، تدارك حينها بأنه في مأزق وعليه إيجاد حلول سريعة لها كما انه لا يعلم أين وسام وهل سينجو من تلك النيران أم لا ؟! وهل سيعود إلى المسكر قبلهم أم يأتي إلى هنا ؟! تزاحمت كل تلك الأسئلة والأفكار في رأسه ولا يعلم حقا ما العمل فهو لا يستطيع حمل فارس والخروج به والتوجه إلى المعسكر كما أنه لا يستطيع ركوب عربة أو امتطاء حصان وذلك حسب أوامر الضابط طلال طبعا ، حرك رأسه بخفة متمنيا في قرارة نفسه بأن يأتي وسام وينقذ الموقف ويخرجهم من هذه الورطة التي أصبح متأكدا من أنهم سيعاقبون على تأخرهم كل هذا الوقت .
نهضت السيدة هند متوجهة نحو حمام الغرفة الخاص بها ، غسلت يديها وتوجهت نحو طاولة خشبية كبيرة مزينه بمفرش أبيض من الحرير دائما ما تضع عليه كل ما تحتاجه لتعد الشاي وتقدمه للضيوف من بسكوت وبعض الحلوى وما هي إلا دقائق حتى جلست على الأريكة الشاغرة والمقابلة لفارس الممدد كالميت وسيف الذي كان يهيم بنظره في الفراغ بشرود وكم بدا مشوش التفكير ممسكا بيده بين أنامله المرتجفة ولم يخفى عليها بريق الدموع التي تجمعت في مقلتيه السوداء ، وضعت كوب الشاي مع بعض قطع البسكويت على تلك الطاولة التي تقع في منتصف تلك الغرفة الكبيرة الواسعة وقالت بابتسامة لطيفة زادها جمالا على جمالها :
- تفضل يا بني اشرب شاي الأعشاب هذا فهو منعش جدا يبدو أنك متعب جدا ..
وعندما لم يبدر منه أي رد تنهدت بيأس ونظرت إليه بحزن شديد فكما يبدو بأن حالته صعبة ويبدو لها أيضا بأن الشخص المريض يعني له الكثير ، كيف لا وهو من استقبله بكل رحابه وسعة صدر !! كيف لا وهو من سانده وبقي يرعاه في حين نبذه الكل !! بقي بجانبه حين رحل عنه الجميع علمه فنون القتال وظل يسانده إلى أن أصبح على ما هو عليه الآن ، لكن ذلك كله لم تكن تعلم هي به لكان عذرته فقالت بنبره مطمئنه تحاول تهدئته وبث الأمان في قلبه فكم يؤسفها حاله :
- يا بني لا تقلق أرجوك فهو بخير فقط يحتاج لبعض الراحة الآن ..
مسح سيف دموعه بذراعه بقوة حين أحس بتلك اليد الدافئة على رأسه تمسح خصلات شعره برقة وقالت وهي ترمقه بنظراتها الحنونة :
- يا عزيزي الم تسمعني !! أنا أقول لك انه سيكون بخير لا تقلق هيا كف عن البكاء واحتسِ الشاي ..
رفع بصره نحوها ليجدها مبتسمة الثغر ليبتسم هو الآخر وكأنها نقلت ابتسامتها له بمجرد تلك اللمسة الخفيفة منها وقال بخجل بعد أن احمرت وجنتيه خجلا :
- لا أعرف كيف أشكرك يا سيدتي ..
ضحكت بخفة ضحكه رقيقة وقالت :
- لا داعي للشكر يا بني ..
ثم أردفت قائلة متسائلة وهي تنقل نظرها منه للمستلقي بجانبه :
- لكن يا بني اخبرني من الذي الحق الأذى بكم .. ؟!!
ارتبك سيف وأخذت عيناه تجوبان المكان قلقا لكن سرعان ما تذكر قول وسام له فقال بقليل من الارتباك جاهد نفسه كثيرا بأن لا يظهر لها :
- ل..لقد .. لقد هُجمنا م..من..قبل اللصوص ..
فشهقت بصدمة ووضعت يديها على فمها وقالت بخوف سرعان ما تحول إلى غضب وحدة :
- يا إلهي سحقا لهم سحقا أناس لا يملكون قلوب ولا أي إحساس فهم يهاجمون ويؤذون ويقتلون الأبرياء لأجل مصالحهم ورغباتهم الشخصية ولا يهتمون لمشاعر الغير أنا حقا لا أعرف كيف يعيشون هؤلاء المجرمين بيننا أتمنى بأن يختفوا من على وجه الأرض ويتركونا نعيش بسلام ..
توقفت عن الكلام وكأنها تذكرت بأنها فقدت السيطرة على أعصابها وقالت مالا يجب قوله وهي تتلقف أنفاسها الغاضبة بقوة بعد أن تنهدت بعمق خرج من أعماق صدرها في حين حدق سيف بها مندهشا ومصدوما من نظرتها لهم ومن كبت كل ذلك الغضب والحقد في صدرها والاهم من ذلك هي الصور التي ظهرت أمام ناظريه عند كل كلمة قالتها فلم يرى سوى الذي كان يفعله هو مع فارس ووسام في جماعة قراصنة الموت ، فأغمض عينيه وطأطأ رأسه بقلة حيله والكثير من الخجل من نفسه دون أن ينطق بأي كلمة ، وأي الكلام قد يقوله في موقفه المخزي هذا وهو أحدهم ؟! فهاهي اتضحت أمامه الصورة وعلم حينها أي بشاعة تلك التي كانوا يفعلونها بالأبرياء ..

نهاية الفصل , قراءة ممتعة لكم أحبتي ..
بقلم محبتكم : روح الوسن ..




روح الوسن .. غير متواجد حالياً  
قديم 09-01-20, 01:03 PM   #8

روح الوسن ..

? العضوٌ??? » 455523
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 91
?  نُقآطِيْ » روح الوسن .. is on a distinguished road
افتراضي

.. الفصل الثالث ..

| قراصنة الموت -٢|

عم الصمت أرجاء تلك الغرفة الكبيرة المليئة بالتحف الجميلة والأرائك المطرزة والألواح الكبيرة فكان سيف يبتلع ريقه بصعوبة من شدة الخوف والأسى على حاله وعلى حال فارس ، يشعر بكثير من التوتر بوجود شخص لم يكف عن إطلاق الشتائم المتنوعة ويكره المخربين وجماعات اللصوص كل هذا الكره لا وتجلس أمامه أيضا ولا تزال تتحدث بالسوء عن اللصوص والمجرمين وعمليات التخريب هذه التي تحدث في قريتهم في الآونة الأخيرة ، ولم يكن أحدا سوى تلك السيدة ذات الشعر الأشقر والعينان الزرقاوان ذات المهارات العالية في التمريض التي تمقت كل اللصوص والمجرمين والمخربين ، كيف لا تكرههم وهم من تسببوا بإلحاق الأذى بالجميع دون أي استثناء حتى زوجها لم يسلم منهم ، كان سيف مشتت التفكير يرفع بصره بتوتر تارة إلى تلك السيدة التي لا تزال غاضبة مما قاله عندما اخبرها بأن سبب جرح صديقه هو اللصوص وتارة يخفض نظره إلى ذلك المستلقي بتعب شديد جانبه ينظر إليه نظرات كأنها تقول "أرجوك اخبرني أننا لا نفعل شيء سيء" مع علمه بأنهم يقومون بالتخريب وأكبر دليل ما فعلوه في تلك القرية فلقد احرقوها بالكامل بعد أن اسروا جميع سكانها وكان هذا ليس ضمن اتفاق المهمة وشروطها بل أمر من فارس بأن لا يقتلوا أي بريء ومظلوم ، ولم يكتفوا بذلك بل وسرقوا كل أموالهم ومجوهراتهم ، لكن كان ذلك لينجوا من العقاب أو بالأحرى هذه كانت مهمتهم ويجب أن ينفذوها ، فلم يكن يفكر بشيء سوى تنفيذ المهمة على أكمل وجه ..
وبعد مرور نصف ساعة من التوتر والقلق والغضب الذي سيطر على جو تلك الغرفة المضطرب فتح فارس عيناه ليستقبله السقف الأبيض كثير النقوش والزخارف وتلك الشموع الكثيرة فيه لينهض بسرعة ويعتدل في جلسته لأنه علم حينها بأن هنالك خطب ما وهو ليس في المكان الذي يفترض به أن يكون فيه لكنه سرعان ما تأوه من الألم فوضع يده على بطنه وهو يتلفت برأسه يمينا وشمالا ينظر بنظرة شاملة إلى كل ما حوله يحاول جمع المعلومات عن مكان تواجده فهمس بذعر لم يخفى في نبرته المتوجسة بعد أن تيقن بأنه في مكان لا يعلم ما هو بالضبط :
- يا إلهي أين أنا.. ؟!!
ابتسم سيف الذي للتو انتبه لاستيقاظه بعد أن سمع همسه وصرخ بفرح :
- فااارس أنت بخيييير كم أنا ممتن .. اخبرني كيف جرحك أيؤلمك كثيرا أم لا .. ؟!!
قطب فارس حاجبيه بعد أن نظر إلى سيف وقال :
- سيف يجب أن نخرج بسرعة من هنا ..
لم تكن الرؤية واضحة بالنسبة لفارس فلا يزال اثر الأعشاب المخدرة يسري في دمه بما أن السيدة هند أسقته بعضا من شراب الأعشاب المخدرة لكي تخيط له الجرح بأقل ألم ممكن ، اتكأ فارس على حافة الأريكة وحاول أن يشد جسمه ليقف فأقترب منه سيف مذعورا ليساعده وقال بقلق :
- لكنك يا فارس مصاب ويجب أن ترتاح ..
شد قبضته ولم يعلق ونهض من على الأريكة بصعوبة وقال متسائلا بقلق وهو يتلقف أنفاسه :
- كم بقي على طلوع الفجر ..؟!!
نظر سيف إلى الأسفل وقال بحزن اكتسى معالم وجهه :
- نصف ساعة ..
شحب وجه فارس بالكامل وصرخ بصوت عال :
- ماااااذاااااا!!!!! ..
اقترب سيف منه أكثر وهمس له بنبرة خائفة :
- اهدأ .. اهدأ يا فارس لا تقلق أهم شيء الآن هو صحتك ..
تنقل بنظره في جميع الأرجاء كالتائه يعلم جيدا عقوبة تأخرهم وما سيؤول إليه حالهم حين يعلم الضابط طلال بفعلتهم إلى أن رأى باب الغرفة الكبير فتوجه نحوه يجر خطاه بصعوبة وهو يقول آمرا :
- بسرعة يا سيف بسرعة لنذهب ..
لحقه سيف بهدوء شديد ، في حين بقيت تلك العينان الزرقاء تحدق بصدمة امتزجت بالدهشة ، تتنقل بنظرها في تفاصيل ذلك المريض بدهشة اعتلت ملامح وجهها ، ذلك المريض الذي ظنت قبل قليل بأنه سيفارق الحياة كيف له بأن يقوم ؟! لا ويستطيع الحركة أيضا !! فهاهو يقف على قدميه متخطيا جميع الآلام وبقوة ، فتمتمت لنفسها بخوف قائلة وهي تهز رأسها بخفه نفيا غير مصدقة ما يحدث أمامها :
- مستحيل لا مستحيل لا يمكن أن يستيقظ الآن لقد أعطيته أعشاب منومة قوية لا يمكن لأي شخص أن يقاومها إلا.. إلا إذا كان .....
التفت سيف إليها بارتباك وكأنه للتو تذكر وجودها معهم في نفس الغرفة وقال مقاطعا تمتمتها الخائفة لنفسها بقوله بقلق وقليل من الخجل :
- لا اعلم كيف أشكرك أيتها السيدة وأنا آسف حقا لأني لا املك أي نقود لأجازيك به لكنني سأعوضك في الأيام القادمة ..
قطب فارس حاجبيه مستغربا من قول سيف ، فمن الذي يقصده بكلامه ؟! لا يعقل بأنه يكلمه أو يكلم نفسه فالتفت إلى سيف الذي كان ينظر في جهة من جهات تلك الغرفة الكبيرة وسرعان ما نقل نظره في نفس الاتجاه ليرى الشخص الذي كان سيف يتحدث إليه ليجدها تلك السيدة التي كانت تحدق بهم بخوف ظهر على ملامحها الجميلة فقال فارس محرجا بعد أن استوعب عقله وقام بوضع النقاط على الحروف :
- اوووه أنا آسف حقا يا سيدة اعتقد انك أنتِ من داويتي جراحي أنا آسف حقا على وقاحتي فأنا لم أشكرك حتى ..
فنفت ذلك سريعا بخوف بهز رأسها يمينا وشمالا دون أن تنطق بكلمة واحدة ، فكيف للكلمات أن تخرج من حلقها بعد أن رأت هؤلاء الغرباء !! وكيف لهذه الجثة التي كانت قبل قليل ملقاة على الأريكة بالوقوف والحركة مجددا في غضون نصف ساعة لا اقل ولا أكثر!! .
قال فارس مستعجلا بعد انتظاره الطويل لها بأن تتحدث :
- إذا اعذرينا يا سيدتي فيجب أن نخرج سريعا شكرا والى اللقاء ..
ابتسم سيف لها وقال بلطف :
- لن أنسى صنيعك لنا ما حييت ..
لف سيف ذراعه حول خصر فارس بينما وضع فارس ذراعه حول رقبة سيف وانطلقا الاثنان خارج ذلك المنزل الكبير وما أن أغلقوا الباب خلفهم بهدوء حتى قال فارس لسيف هامسا ومتسائلا :
- هييه سيف أين وسام وأين الحقيبة هااه اخبرني ؟!!
بدت ملامح القلق والارتباك على وجه سيف بالظهور مجددا فماذا عساه أن يقول وكيف يشرح ويبرر وهو السبب الأساسي في اختفاء وسام وإن أصابه مكروه فلن يسامح نفسه ما بقي يتنفس على هذه الأرض ، قال بحزن بعد أن أشاح وجهه بعيدا عن فارس تجنبا لرؤية رد فعله :
- أما وسام يا فارس فلقد عاد إلى تلك القرية ..
اتسعت عيناه وصرخ بقوة وقال مستنكرا :
- مااااذاااا !!! ما الذي يضنه ذلك المجنووون انه فاعل سوف يموت ..
ثم ابعد سيف ذراعه من على خصر فارس وتوجه مسرعا خلف تلك الأشجار الكثيرة التي خبأ خلفها الحقيبة واخذ يبحث هنا وهناك ثم تبعه فارس بصعوبة وسط ذلك الظلام الحالك وقال متسائلا :
- عن ماذا تبحث يا سيف أخبأت الحقيبة هنا .. ؟!!
فلم يتلقى أي رد ولم يجب سيف بل جثا على ركبتيه محدقا بالأرض بشرود فهاهي المصائب تتعاقب عليهم الواحدة تلو الأخرى وهو السبب الأساسي لكل تلك المصائب ، شحب وجهه بالكامل وأخذت أطرافه بالارتجاف وقال بخوف شديد بالكاد خرجت الحروف من حنجرته :
- ل..لقد.. ا..اختفت .. ال..الح..حقيبة.. !!
ضرب فارس جبينه بيده وعلم أي مصيبة أخرى وقعوا فيها وقال بتنهيده أسى :
- يااااااااا إلهي نحن في وررررطة حقيقية ..
خبأ سيف وجهه بين يديه المرتجفتان على قائلا بصوت باكي خائف :
- ا..أنا آسف ، آسف يا فارس أرجوك سامحني أرجوك ..
تنهد فارس وهو يرمق سيف بحزن أي إجرام هذا في حقه أن جعلوه أحد أفراد العصابات وأحد اللصوص ومن يراه الآن في حالته هذه وهو يبكي يقسم بأنه لا يزال طفلا يبحث عن حنان أمه في الأرجاء ، تقدم نحوه وجلس أمامه واضعا يده على رأسه يبعثر له خصلات شعره بعشوائية وهو يقول بابتسامة دافئة :
- عزيزي سيف لا تقلق دعها تذهب وتختفي ولو أردت أن تنحرق فدعها تنحرق أيضا ما رأيك .. ؟!!
نظر سيف إلى فارس من بين دموعه الذي كان بدوره مبتسما ينظر إلى عينيه مباشرة فقال له بصوت مبحوح :
- فارس أنا.. أنا ..
فارتمى في حضنه يضمه بقوة يبكي وهو يردد كل كلمات الأسف والحزن الشديد التي يعرفها بين شهقاته بينما ابتسم فارس بحنية وقال وهو يمسح شعره الأسود اللامع بيده :
- هيا ، هيا لا تبكي يا بطلي الصغير ..
ابتعد عنه وقد اعتلت وجنتاه حمرة طفيفة وقال :
- ح..حاضر س..سيدي ..
ضيق فارس عينيه وهو يهيم بنظره في البعيد بينما أصابعه تتخلل شعره الأسود الكثيف ، تنهد بقلة حيله ثم قال :
- أما الآن فيجب أن نتأكد من أن ذلك المجنون لا يزال على قيد الحياة ..
- إن ذلك المجنون يقف خلفك منذ دقائق أيها الغبي ويشاهد عرضكم العاطفي السخيف ..
أتى الصوت من خلفهم مباشرة ذات نبرة حادة وساخرة ، تلك النبرة التي تستفز كل من سمعها وتخيفه لحدتها والتي لا يتقنها غيره ، انتفض فارس دون شعور وقال مذعورا :
- ااااه .. أخفتني يا وسام ..
نظر وسام إلى عينيه تحديدا بحده وقال :
- بما أنك مصاب أيها المعتوه فلقد أحضرت لكم عربة لعلنا نصل بسرعة إلى المعسكر قبل طلوع الفجر ..
أخذ فارس يحك جبينه ويشتت نظره في جميع الأشياء حوله عداه وقال عندما غلبته ضحكة مرعوبة يحاول أن يخفي خوفه حينها :
- اوووه أشكرك حقا يا وسام .. أنت حقا فتى ذكي كيف فاتتني هذه ..
لم يُبالي وسام بكلام فارس بل تجاهله كالعادة ونظر إلى سيف الذي كان يختبئ خلف فارس جاثيا على ركبتيه نظره التصق بالأرض ولم يرفعه نحوه فقال له بحدة علم أن هناك خطب ما فلن يخفى عليه أي شي وهو بطبيعته يستطيع تفسير وتحليل جميع الحركات وحتى النظرات :
- سيف ماذا بك .. ؟!!
فقال فارس متصنعا الابتسامة ومحاولا تغير الموضوع لكي يتجنب غضب وسام إن علم أن الحقيبة فقدوها وهم استغرقوا قرابة اليوم الكامل لكي يجمعونها ولن يسلم سيف بالتأكيد من عقاب وسام له هذا إن لان قلبه ولم يقتله إن علم بأنه السبب في فقدانها :
- اوووه صحيح لم يتبقى سوى عشرون دقيقة على طلوع الفجر هيا ، هيا يا صغاري نذهب إلى معسكرنا الجميل ..
وختم كلامه بضحكة لم تكن إلا ضحكة كاذبة لتغطية الأمر ليس إلا ، اقترب وسام ودفع فارس بيده فمال في جلسته متأوها من الألم بينما لم يبالي وسام به في حين اقترب أكثر من سيف ونظراته النارية الحادة لم تفارق عينيه وقال بفكين متصلبين :
- اخبرني ما بك .. ؟!!
فاعتدل فارس في جلسته وعلم الآن أن المصائب لا تزال تترامى عليهم فتنهد ورفع كتفيه باستسلام لما سيجري بين وسام وسيف فوسام لا يمكن لأي شخص بأن يوقفه فالكل يهابه ، فتى ببرود ملامحه وحدة عينيه وابتسامته القاتلة كفيلة بأن تسقط عشرات الرجال ناهيك عن قوته القتالية وبراعته في استخدام السيوف وخفه حركاته التي تساير الريح بكل تناغم ، بدأت أطراف سيف بالارتجاف وجبينه بالتعرق ليقول بتلعثم نتيجة خوفه الشديد مما قد يلقى من عقوبة وسام له على إخلافه لأوامره :
- ا..أنا.. آسف.. ي.. يا.. وسام.. ل.. لقد.. اخت.. فت.. الحقيبة..
اتسعت عينا وسام غضبا وشحب وجهه ثم اخرج سيفيه ببطء ونظر كلا من فارس وسيف إليه بخوف قد اعتلى ملامحهم ليقطع ذلك الخوف ويقول سيف باستسلام :
- أنا استحق العقاب ..
لكن فارس نهض بسرعة ومد ذراعه أمام وسام لكي يحمي سيف الذي كان جاثيا على ركبتيه والدموع قد أغرقت وجنتيه ثم صرخ بوسام موبخا له قائلا :
- هييييه وسام أرجوك كف عن هذا .. هيا يا رجل ..
نظر وسام إلى فارس بنظراته الحادة المخيفة وقال ببرود :
- أنت أيها الغبي المصاب ادخل إلى العربة بدون أي كلمة أما أنت يا سيف فيجب أن تحرص على أن تبقيه معك وتعودان إلى المعسكر في أسرع وقت ممكن ..
اتسعت أعين كلا من سيف وفارس وقالا بدهشة
- مااذااا .. !!!
فهذا آخر شيء قد يتوقعونه منه كرد فعل على المصيبة التي حلت بهم ، قال وسام بينما استدار في الاتجاه المعاكس لهم :
- أسرعوا بالذهاب إلى المعسكر فلم يتبقى سوى بضع دقائق على طلوع الفجر..
صرخ فارس به لكي يسمعه وقال باستغراب :
- وماذا عنك .. ؟!!
توقف واستدار نحوهم وقال ببرود وكأن شيء لم يحدث :
- لقد رأيت أربعه شبان يمتطون أحصنه متوجهين إلى وسط المدينة لابد من أنهم هم من سرقوها ..
- قال فارس معاتبا يحاول عدله عن جنونه :
- وسام كف عن هذه السخافات قلت بأنهم متوجهين إلى وسط المدينة لن تجدهم أبدا فأنت كمن يبحث عن إبرة في كومه قش ..
قال سيف متسائلا عندما وجد صوته أخيرا :
- لماذا شككت بأمرهم يا وسام..؟!!
قال وسام ببرود :
- لقد كان معهم مجموعة بضائع وحقائب لابد من أنهم هم ..
قال فارس بينما كان يحرك رأسه يمينا ويسارا نافيا ومعارضا فكرة وسام بالذهاب خلفهم :
- إذا لا بد من أنهم قد وصلوا الآن إلى وسط المدينة لن تجدهم فقط انسَ أمرهم يا رجل ..
ابتسم وسام ابتسامته المستهزئة وقال بكل ثقة :
- ليس بعد ..
ثم رما شيئا ما على سيف وقال :
- غطاء العين الخاصة بك ..
صعق سيف وكذلك فارس مما قاله وقالوا بصدمة معا :
- كيف .. كيف فعلتها أدخلت وسط تلك النيران..؟؟!!!
ابتسم نصف ابتسامة ولم يجب بل قال آمرا :
- بسرعة اذهبوا ..
ثم استدار راكضا رافعا يده مودعا إياهم وما هي إلى ثوان أو حتى أجزاء من الثوان حتى اختفى وسام في تلك الظلمة الحالكة في ذلك الليل المظلم شديد السواد بين كل تلك الأشجار الضخام متخطيا لجميع الصعوبات والعوائق دون مبالاة ، انزل فارس كتفيه باستسلام وقال بضجر :
- هيا يا سيف فلا يمكننا أن نجادل ذلك الذئب الماهر في خططه وأفكاره فلنسرع بالتوجه إلى المعسكر ..
قال سيف بينما كان ينظر بحزن إلى ذلك الطريق الذي سرعان ما اختفى فيه وسام :
- ح..حاضر سيدي ..






نهاية الفصل , قراءة ممتعة لكم أحبتي ..
بقلم محبتكم : روح الوسن ..



روح الوسن .. غير متواجد حالياً  
قديم 11-01-20, 05:02 AM   #9

روح الوسن ..

? العضوٌ??? » 455523
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 91
?  نُقآطِيْ » روح الوسن .. is on a distinguished road
افتراضي

.. الفصل الرابع ..
.
.
| الرغبة في الانتقام |
.
.
في وسط تلك الظلمة انطلقت تلك العربة التي كانت تحمل داخلها فارس الذي لا يزال يئن بصمت من ألم جرحه وسيف الذي لم يكف عن القلق والتفكير بوسام والاعتناء بفارس ، انطلقت عربتهم بسرعة جنونية متوجهة إلى المعسكر في صمت مميت ، بعد مرور عدة دقائق قال سيف بتوتر كاسرا ذلك الصمت الذي سيطر عليهم:
- فارس لقد وصلنا إلى المعسكر ..
أما فارس فكان متكئا على ذراعه شارد الذهن ينظر في الفراغ بعينين تنطق ألما مما جعل سيف يزداد قلقا إذ أنه ليس معتاد على رؤية فارس بتلك الحالة ففارس هو سر طاقته وسر قوته وسر ابتسامته فبرؤيته على تلك الحالة يزيد من توتره وقلقه ، فقال له بعينين ظهر فيها الخوف والقلق بعد أن وضع يده على كتفه يحركه بخفة :
- هيييه فارس أتسمعني .. ؟!!
أفاق فارس من شروده واخذ يعتدل في جلسته فقال بينما لا يزال واضحا على ملامحه الشحوب :
- ااه نعم ، نعم أسمعك يا سيف ..
نزل فارس من العربة بمساعدة سيف له الذي أحاط خصره بيده وانزله بهدوء ، أردف فارس قائلا :
- إذا بقي خمس دقائق فقط على طلوع الفجر صحيح .. ؟!!
اخفض سيف رأسه وقال بصوت منخفض حزين :
- ن..نعم ...
توقف كلاهما أمام تلك البوابة الحجرية الضخمة التي تدل على وصولهم إلى المعسكر لفترة من الزمن وكأنهم توقفوا يودعون الحياة كما العالم يقنعون أنفسهم بصعوبة بالدخول إلى المكان الذي لطالما تمنوا أن يتحرروا منه ويقنعوا أنفسهم بأن هذا مصيرهم الذي وكما يبدو لا أمل من تركه ، كان فارس يتأمل تلك البوابة الحجرية بصمت وجمود أما سيف فبدأت نبضات قلبه بالتزايد حين رأى تلك الملامح ترتسم على وجه فارس تلك الملامح الباردة الهادئة الغير مطمئنة التي تدل على انه الهدوء ما قبل العاصفة فتساءل سيف وقال بارتباك :
- أننتظر وسام أم ماذا .. ؟!!
تنهد فارس بقلة حيلة فهذا أكثر شيء يؤلم قلبه وهو غياب وسام عنهم وأكثر شيء يخاف منه هو أن يعاقب لوحده كما كان يفعل سابقا وبرغبة منه كي لا يعاقب هو ، ابعد ذراع سيف وادخل يديه في جيوب معطفه واخذ يمشي بخطوات كسولة وقال بابتسامه واثقة زينت شفتيه :
- يجب علينا أن نثق به .. هيا لندخل ..
شد سيف قبضته ونظر إلى فارس بحزن وقلة حيلة هو يعلم تماما أن فارس يتألم من جرحه الذي لم يشفى ولم يلتئم بعد كما أنه يعلم بأنه قلق على وسام فهما قريبان من بعضهما البعض جدا ، يعلم تماما أن قلق فارس كان بسببه .. بسبب مهاراته التي لا تزال ضعيفة في المهمات التي يتلقونها ، كان يشعر بالضعف والعجز كل تلك الأخطاء في المهمة كانت بسببه رغم أن فارس لم يكف عن مدحه ودعمه والوقوف بجانبه رغم كل تقصيره ووسام الذي يبدو انطوائي وهادئ مخيف ومرعب بنظراته الحادة القاتلة وابتسامته الباردة المخيفة إلا انه هو من كان يقوم بتصليح أخطائه كلها الواحدة تلو الأخرى انه يعلم تماما من يكون وسام ، وسام البطل الشجاع الذي يهابه الكل رغم صغر سنه إذ أنه يستطيع أن يسقط عشرة محاربين في دقيقة واحدة ، إذا لماذا لا يقتله ويتخلص من العقبة التي أمامه ؟! نعم كان يتمنى الموت حينها ولا يسبب مزيدا من المشكلات لمن استقبلوه كعائلة له ، سار خلف فارس بهدوء شديد وهمس قائلا بحزن :
- ح..حاضر ..
وما أن دخلوا من تلك البوابة الكبيرة حتى استقبلتهم تلك العينان الجاحظتان التي كانت تدور بلهف حبا للمال والكنوز ، وتلك الابتسامة الجشعة التي تلهث خلف حب الاستيلاء والسيطرة ذلك الرجل ضخم البنية قوي العضلات الذي يقف دائما أمامهم ، الرجل الخبيث الذي يظهر طيبته للناس وولائه للإمبراطور وانصياعه للأوامر والقوانين في الصباح أما في الليل فيظهر وجهه الحقيقي الوجه المخالف تماما لما يظهره في الصباح ، تقدم فارس بهدوء ووقف أمامه مباشرة وألقى التحية العسكرية بكل احترام بينما كان يجاهد نفسه على الابتسام وهو يقول :
- مرحبا بك سيدي الضابط ..
رمقه بنظره استصغار من أخمص قدميه إلى أعلى نقطة من رأسه وقال باستحقار شديد :
- هييه يا قراصنة الموت لقد تأخرتم كثيرا أتمنى أنكم أنجزتم المهمة على أكمل وجه ..
قال فارس:
- ااه يمكنك أن تقول هذا يا حظره الضابط طلال ..
قال وأعينه تدور حولهم متفحصة لهم :
- إذا ذلك الذئب لا أراه بينكم .. فليستعد لعقابي إذا ..
قاطعه فارس وقال وهو يلوح بيديه أمام وجهه بابتسامه صغيرة :
- لا لا لا يا سيدي بقي ثلاث دقائق على طلوع الفجر لا بد من أنه أراد أن يستنشق الهواء العليل قليلا بعيدا عن هذا المكان المخنوق ..
احمر وجه الضابط طلال غضبا عندما فهم ما يقصده من كلامه ويلمح إليه واتسعت عينيه وأخذ يصرخ به قائلا :
- اخرررس يا فااارس .. وأنت أيه الأبله الذي في الخلف لماذا لم تلقي علي التحية حتى الآن ..
تقدم سيف الذي كان سعيدا بأنه لم يلحظ وجوده بالرغم من أنه لم يكن يخافه في السابق إلا أنه والآن فقط شعر بشيء ما وبالتأكيد ليس أمرا جيدا ناحية هذا الرجل ولابد أنه تأثير كلمات تلك السيدة التي انغرست في ذهنه ، تقدم وأرجله لا تكاد تحمله من شدة الخوف وقال بتلعثم :
- أ..أنا.. آسسسف .. يا ..سيي..يديي ....
وضع فارس يده على كتفه وأخذ يربت عليه بخفة يحثه على المواصلة ونظره مرتكز على عينيه ينظر إليه بثقة نظرة بثت الأمل والثقة في نفس سيف ، وعلم حينها وبعد أن اشتدت أصابعه على كتفه بأنه ليس وحيدا ويجب عليه ألا يخاف مادام معهم ، فزينت شفتي فارس بابتسامه دافئة بعد أن استشف فهم سيف من لمسته تلك ومن نظراته فما كانت ردة فعل سيف إلا أن ابتسم لا إراديا ونظر للضابط طلال وألقى التحية وقال بصوت مرتفع :
- مرحبا بك سيدي ..
ضحك بسخرية ورمقهم باستصغار كعادته وقال :
- أنتم حقا حمقا ..
ابتسم الضابط طلال ابتسامه خبيثة ماكرة أخيرا .. أخيرا سيعاقب وسام ذلك الفتى المغرور الذي لطالما حلم بتعذيبه وضربه بيديه ذلك الفتى الذي قتل أقرب أصدقائه له وأقواهم في دقائق قليه وأمام عينيه ولم يترك أي اثر يدل على أنه هو من قتله ، الذي لم يصدقه أحد عندما اخبرهم بأن من فعلها كان وسام نفسه الذي كان يضحك بسخرية بعد أن قتل صديقه ببساطة وهو الذي اخبره حينها أن هذا مجرد تهديد له ولكي يُعرّفه من يكون وسام فقط بعد أن حاول إلحاق الأذى بفارس ، الفتى الذي يبلغ من العمر الثامنة عشر لكنه أقوى من عشر ضباط ، وبالرغم أفعاله السوداء الكل يكن له الاحترام ولا يستطيعون إلحاق الأذى به ، فبدأ الضابط طلال يعد تنازليا ويقول بصراخ فرح :
- ١٠ ، ٩ ، ٨ ، ٧ ، ٦ ، ٥ ، ٤ ، ٣ ، ٢ ، ١ ، ..
أما فارس وسيف فكانوا ينظرون بتوتر وحزن اعتلى ملامحهم ، ماذا بعد ذلك هل حقا سيعاقب وسام أم سيعطيه مزيدا من المهام الدموية مجددا لكي يتخلص منه بطريقة غير مباشرة !! إنهم لا يظنون بالضابط طلال سوى كل شر فهو وحش لا يهمه قتل الأبرياء وسرقة أموالهم والتعدي على ممتلكاتهم وتجاوز حدوده ، صرخ الضابط طلال وقال بعد أن أحس بنشوة الانتصار وهو يضحك ضحكة مجنونة عالية وحادة :
- صفررر استعد لعقابي يا وساااام ..
وما أن أكمل جملته حتى شحب وجهه بالكامل وكأن الدم قد سحب من جسمه بالكامل ، فتح عيناه على وسعها وبدأ جبينه يتصبب عرقا ، أطرافه تجبست ، تنفسه بدا أكثر صعوبة ، دقات قلبه تتزايد مما جعل فارس وسيف مذهولان بالكامل ، ما الذي جرى له فجأة !! فلم تكن الرؤية واضحة جدا لشدة ظلمة الليل ، كان الضابط طلال يبتلع ريقه بصعوبة عندما أحس بشيء حاد يلامس عنقه ليهمس ذلك الشخص الذي كان يقف خلفه مباشرة ويلف يده حول رقبته ويمسك سيفه بيده يمرره بخفه على عنقه ليهمس في أذنه ببرود بنبرته المخيفة الساخرة تلك التي تميزه هو فقط نبره هادئة يدب الخوف قلب كل من سمعها :
- يجب أن تنام جيدا أيها الضابط فيبدو انك تعاني من قلة التركيز وكم يسعدني بأن أساعدك في نومك .. أعدك بأنك ستنام نومه ستنسيك كل همومك..
صرخ فارس وسيف في نفس الوقت وقالا بفرح شديد واستغراب ظهر على نبرة أصواتهم بعد أن سمعاه يتمتم بشيء ما :
- وساااااااام ..
استدار الضابط طلال بسرعة ونظر خلفه بعينين زائغتين والخوف قد دب قلبه وسرى مجرى دمائه وقال بتلعثم يتلقف أنفاسه :
- أيها ... الذئب المتوحش.. من.. أين.. أتيت .. ؟!!
تجاهله وسام كعادته واكتفى برمي تلك الحقيبة البالية كما يسميها على مقربة من قدمي الضابط طلال ، لكم كان يريد أن يقطع رأسه حينها ويتخلص منه ومن أفعاله الشريرة السوداء التي يفعلها في الخفاء ويتخلص من تلك المهام السرية البشعة التي يجبرهم على فعلها فقال وسام بنفاذ صبر :
- لقد أنجزنا مهمتنا والآن لا نريد أن نرى وجهك حتى الظهيرة ..
اتسعت عينا الضابط واحمر وجهه غضبا ليصرخ به قائلا بغضب شديد :
- تبا لك أيها الذئب المتوحش تبا.. لقد نجوت مني هذه المرة ..
ثم ابتسم ابتسامه شريرة ساخرة وقال لوسام الذي كان ينظر إليه بحده وأنفاسه تتعالى من كبته لغضبه وهو يتفحصه بعينيه بغيه أن يستهزئ به ويثير أعصابه ليس أكثر :
- مالي أراك تلهث كالكلاب الليلة هاااه ..؟!!
ازدادت نظرات وسام حدة وأصبح صدره يعلو ويهبط يحاول التقاط أنفاسه بصعوبة من شدة غيظه وتعبه فقد امتلأت رئتاه من دخان تلك القرية المحترقة كما أنه ظل يركض ويجاري بسرعته سرعة تلك الخيول التي كان يمتطيها مجموعة من القطاع الطرق السارقين الذين سرقوا حقيبة المجوهرات واختفوا بين حشود الناس في وسط المدينة ناهيك عن ضيق الوقت الذي كان يجب عليه أن ينجز كل تلك الأمور فيها ، إيجادهم ومقاتلتهم واسترجاع الحقائب وحملها على ثقلها والركض بها كل تلك المسافة في تلك الظلمة ، إنه لأمر يستحق كل ذلك العناء في نظره لأنه فعلها لأجل من كان يراهم عائلته الوحيدة ، عائلته الصغيرة المكونة من فارس الأخ الأكبر وسيف الأخ الأصغر ، أدار وسام ظهره للضابط طلال ومشى بخطوات كسولة متعبة وتوجه نحو صديقيه وقال ببرود :
- الهث كالكلاب ؟! لأنني فقط كنت أحاول التواصل والتحدث مع احدهم بالفعل بطريقتهم الخاصة طبعا عله يفهم فقط ويخلصنا من شره..
اتسعت عيني الضابط طلال غضبا وقد احمر وجهه حنقا ، ماذا أكان يقصده بكلامه ؟! أكان يقصد بأنه هو الكلب الذي يحاول التحدث معه ؟! هو لا يزال يسخر منه مرة تلو الأخرى ويهدده بالقتل في كل ثانية أما آن الأوان للتخلص منه وإسكاته للأبد فبذلك سيستعيد كبريائه وسيوفي بوعده الذي وعده لصديقه الذي لقي حتفه على يد وسام بالرغم من صغر سنه ، اخرج الضابط سيفه الحاد بسرعة من غمده ووجهه نحو وسام وقال صارخا به وقد تصبب جبنه عرقا من شده غضبه :
- استعد لموتك أيه الوغد الماكر ..
شهق سيف وبدأت أطرافه بالارتجاف ، ما كل هذا !! ما الذي يجري الآن لابد من أن حرب على وشك البدء الآن ، تشبث سيف بذراع فارس الذي أخذ يتأمل محادثة وسام والضابط طلال بهدوء دون أن يبدي أي ردة فعل نحوهم ، استدار وسام وابتسم ساخرا ابتسامه لم تدل إلا على كره الشديد له يرمقه بحدة وكأنه ينتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر وهاهي الفرصة أتته على طبق من ذهب ، نظر إليه بنظرته الحادة القاتلة واخرج سيفيه واحكم قبضته عليهما بعد أن سوا من وقفته تلك فارجا قدميه في وضعيه هجوم يمسك سيفيه اللذان تقاطعا أمام وجهه في نقطة فتمتم لنفسه قائلا بابتسامه ساخرة :
- وأخيرا أتت اللحظة التي احلم بها منذ سنوات ..
لكن فارس قرر أخيرا أن يتحرك من مكانه ويغير دور المتفرج لدور المنقذ لما رأى الجدية في عيني وسام ، فوقف بينهم بكسل يديه سجينة جيوب معطفه ونظر إلى الضابط طلال وقال له بابتسامة مغصوبة محاولا التقليل من هذا الكم الهائل من الكره والحقد والرغبة في القتل الذي سيطر على المكان :
- إذا يا سيدي لقد جذبت الضُباط بصراخك هذا فأنا اسمع وقع إقدامهم متوجهين إلينا قم بتغير ملامحك القاتلة هذه وادخل سيفك في غمده بسرعة كي لا يكتشفوا خيانتك ويقطعوا لك رأسك الفارغ هذا ..
توقف عن الكلام متنهدا وابعد خصلات شعره الأسود عن جبينه بعشوائية ورمقه بنظرة لم يعرف الضابط طلال معناها وأكمل قائلا:
- كما إننا أنجزنا مهمتنا وانتهى عملنا لليوم.. نراك غدا ..
فستدار وقال بكسل :
- إلى اللقاء ..
امسك بذراعي سيف ووسام يجرهم بالقوة ليسيروا معه مانعا محاولات وسام العديدة بإفلات ذراعه من قبضته والذي لم يتوقف عن التمتمة ببعض الشتائم يوجهها لفارس الذي تجاهله بكل برود ليتوجهوا إلى داخل المعسكر قاصدين غرفهم الخاصة بهم تاركين الضابط طلال يعظ شفتيه قهرا وغيضا وهو يقول صارخا بهم :
- سحقا لكم يا قراصنة الموت سحقا لك يا وسام .. سحقا لك يا فارس يا بغيض لماذا قطعت أجمل اللحظات في حياتي كدت أن اقضي على ذلك الوغد سحقا لكم كلكم سحقا ..
وسرعان ما تبدد ذلك الغضب والغيض وكأن شيئا لم يحدث وهو ينتبه لتلك الحقيبة الملقاة أرضا والتي سطع منها بعض الضوء بسبب انعكاس ضوء القمر على ما بداخلها من مجوهرات ثمينة، جلس على ركبتيه وأخذ يخرجهم بيديه ينظر إليها بابتسامه واسعة كاد لعابه أن يسيل معها .







نهاية الفصل , قراءة ممتعة لكم أحبتي ..
بقلم محبتكم : روح الوسن ..


روح الوسن .. غير متواجد حالياً  
قديم 13-01-20, 02:50 PM   #10

روح الوسن ..

? العضوٌ??? » 455523
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 91
?  نُقآطِيْ » روح الوسن .. is on a distinguished road
افتراضي

.. الفصل الخامس ..

.

.

| حب الأصدقاء |

.

.

بين تلك الجدران المتصدعة القديمة ، في تلك الغرفة ذات الإضاءة الخافتة ، كانت النافذة مفتوحة ليتسلل جزء من ضوء القمر داخلها كأنه مصدر الأمل الوحيد للثلاث شبان الذين كانوا أمام النافذة جالسين بصمت ليقطع ذلك الصمت قول فارس لهم الذي توجه نحو ذلك الكرسي الخشبي ذو اللحاف القماشي المترهل الذي توسط تلك الغرفة ليرمي بجسده المرهق عليه وهو يتثاءب بينما كان يرفع يديه ليطرد الكسل :
- إذا يا صغاري أحسنتم في عملكم الليلة وشكرا على جهودكم ..
اقترب سيف منه بخطوات مرتجفة خائفة ليهوي على الأرض مستندا على ركبتيه جالسا وقال بنبرة قلقة واعين تترقرق من الدمع :
- فارس أأنت بخير!! كيف هي جراحك أتؤلمك .. ؟!!
نظر إليه بحنية ومد يده ليضعها على رأسه وبدأ يبعثر خصلات شعره بأنامله وهو يقول بابتسامة مشاكسة ونبرة مطمئنة مرحة :
- لا تقلق يا عزيزي فأنا فارس البطل الشجاع الذي لا يهاب شيئا ..
ابتسم سيف وأخذ يمسح دموعه التي شقت طريقها على خديه دون علمه بذراعه بحركة طفولية سريعة وقال بنبرة امتزج فيها الفرح والحزن :
- هذا رائع ..
نظر فارس إلى سيف وأخذ يربت على كتفه وهو يقول له بجدية غلبت نبرته :
- إذا يا سيف فلتذهب كي تنام وتأخذ قسطا من الراحة فأنا لدي الكثير من المهارات القتالية والدفاعية التي أريد تعليمك إياها كما أنك بذلت جهدا اليوم تشكر عليه أيها البطل الصغير ..
ابتسم سيف ابتسامه عريضة بعينين تتلهفان للتدريب على يد فارس الذي يراه دائما قدوته ومعلمه الأول وأخوه الأكبر واليد الحانية التي تربت على ظهره عند حزنه وفرحه ، السند الوحيد له نفسيا ومعنويا في كل وقت وقال بفرح شديد :
- أمرك سيدي ..
نهض بسرعة وألقى التحية عليه وتمنى له ليلة هانئة هادئة وعندما أراد التوجه نحو الباب التفت إلى تلك النافذة التي كان وسام جالسا على حافتها يستند على يده وينظر للسماء بشرود وكأنه في عالم آخر فقال سيف بنبرة حزينة متأسفة ومعتذرة :
- أنا آسف حقا يا وسام على كل ما تسببت به أدين لك باعتذار كما أنني أدين لك بالشكر ..
لم يسمع سيف أي رد من وسام مما جعله يظن بأن وسام غاضبا عليه فبدأت أطرافه بالارتجاف ، ماذا عساه أن يفعل !! صحيح بأنه هو من تسبب لوسام بكل تلك المشاكل لكنه حقا آسف فهو لا يزال مبتدئ في المهام وفي الفنون القتالية إذ أنه لا يزال يتعلم منهم ويكتسب الخبرة ، فوجه نظره نحو فارس بحزن شديد وكأنه يقول له "أرجوك ماذا افعل كيف أصلح ما فعلته دون قصد مني" ليبتسم فارس وهو يرمقه بنظرة مطمئنة ويشير ناحية الباب قائلا بهمس:
- لا تقلق لا تقلق اذهب فهذا هو وقت تأملات وسام في الكون والطبيعة ..
كبت سيف ضحكته واضعا يده على فمه واحمر وجهه واخذ يلوح لفارس مودعا إياه ، خرج بخطوات سريعة هادئة وأغلق الباب خلفه بكل هدوء وما إن أغلقه حتى قال وسام بنبرته الباردة المخيفة :
- وقت تأملاتي هااه أنا أسمعك يا فارس ..
انتفض فارس من مكانه وهو يهمس لنفسه ويقول :
- يااااوييليي ..
رمقه بنظره باردة بعينين باهتتين فقدت بريقها ثم استدار وعاد مستندا بحافة النافذة يحدق في السماء متمتما بحنق :
- ليتك تركتني اقتل ذلك الل.....
قاطعه فارس بنبرة حادة ولم تخلو من الجدية وقال :
- ليس الآن يا وسام ليس الآن تمالك أعصابك ..
تنهد وسام بضجر ولم يرق له ما قال أبدا فقال وقد عاد إلى برودة ولم يلتفت إليه يهيم بنظره في البعيد :
- إذا ألن تخرج من غرفتي ..؟!!
استلقى فارس على السرير بتعب شديد ينظر إلى السقف بكل شرود وسرعان ما دخل في أفكاره وكم بدا عليه الاستياء ليقطع ذلك الشرود وكل تلك الأفكار تلك النبرة ذات النغمة الموسيقية المميزة التي كانت تهمس في أذنه :
- هييييه كم مرة أناديك ولا ترد عليّ إلا تسمعني أم أصبحت أصم ..
نظر فارس إلى وسام الذي كان يهمس في أذنه ورمش عدة مرات مستغربا وقال بخوف بعد أن استوعب الموقف :
- وسام كيف أتيت بهذه السرعة إلى هنا ألم تكون تجلس على حافة النافذة ..؟!!
ضيق وسام عينيه بغضب وقد احتدت أكثر وأكثر وقال بفراغ صبر:
- لا تغير الموضوع اخبرني بما يشغل تفكيرك ثم اخرج من غرفتي ..
ابتسم فارس له ومد يده نحوه ووضعها على رأسه وقال له :
- اخبرني يا وسام كيف عرفت تلك السيدة التي داوت جراحي ؟! يبدو بأنها ماهرة جدا ومنذ متى وأنت تعرفها ؟! ومن هي بالضبط .. ؟!!
ابعد يده عن رأسه بغضب استغربه فارس ورمقه بنظرة حادة وقال بابتسامه ساخرة :
- أهذا ما يشغل تفكيرك ؟! إذا لن أخبرك ..
قطب فارس حاجبيه بعدم رضا وصرخ باستياء قائلا :
- هيييه وسام هذا ليس عدلا أرجوووك اخبرني ..
تجاهله وسام ونهض ببطء من على الأرض وجلس على طرف الكرسي الذي كان فارس مستلقيا عليه مكتفا ذراعيه وقال ببرود شديد :
- ليس من شأنك ..
حاول فارس جاهدا بأن يجلس ونجح أخيرا في فعل ذلك ليبتسم بمكر وهو يقول ساخرا يرمقه بنظراته الماكرة :
- يبدو أن جراحي لم تشفى بعد لذلك اعتقد بأنني سأذهب عند تلك السيدة الجميلة ..
لم يجبه وسام وتجاهله مره أخرى وهو ينظر لتلك النافذة مجددا حتى قال فارس متسائلا وساخرا من وسام الذي تجاهله يرمقه بخبث :
- وسام ألا تعتقد بأنها امرأة كبيرة .. أقصد بأنها لا تناسب عمرك ..
نظر وسام إليه بعينين قد اتسعتا بشدة يرمقه بنظرات نارية تطاير الشرر منها ، كيف لهذا الغبي أن يفكر بهذه الطريقة العوجاء ؟! أهو بسبب جرحه الذي افقده كثيرا من الدماء ؟! بالتأكيد وقد يكون تسرب جزء من عقله مع دمائه أيضا ، قال بغضب شديد بفكين متصلبين :
- أيها الغبي المعتوه ما الذي تتفوه به إنها سيدة متزوجة وأنا احترمها اشد الاحترام كما أنني بعمر أحد أبنائها ..
أخذ فارس يقهقه بأعلى صوته وهو يقول بضحكة جاهد نفسه على أن يوقفها :
- اعلم ، اعلم لكنني أردت أن استفزك قليلا فأنا أحب أن أرى ملامحك وتعابيرك اللطيفة هذه ..
أشاح وسام بوجهه بعيدا عنه وأخذ يتمتم ببعض الشتائم التي كانت من نصيب فارس ، قال فارس مداعبا له :
- إذا سوف أزورها غدا لتكشف على جرحي وقد أتعرف على عائلتها أكثر وأكثر ..
نظر وسام إليه بحدة وقال بابتسامة متهكمة ماكرة ومحذرة :
- إذا يا فارس اكتب وصيتك قبل أن تذهب إليهم أو ودع قدميك قبل أن تنوي الزيارة لمنزلهم لأنني سأكسرها وأهشمها وسأقطعها لك ..
صرخ فارس بذهول وهو يمسك ساقيه بيديه وينظر إليه نظرات إعجاب وقال بضحكه :
- اووووه أكل هذا لأجل ألا اقترب منهم يا الهي أنا لا أصدق ..
رفع وسام حاجبه وابتسم نصف ابتسامه إنه يعلم تماما بأن فارس يريد من كل هذه الثرثرة السخيفة تغير وتعديل مزاجه فقط لذلك يختلق كل تلك السخافات الساخرة فهذا هو فارس القلب الطيب الذي دائما يغرقهم بالحنان ، قال وسام بهمس لم يكن مسموعا في ضنه :
- أشكرك يا فارس ..
توقف فارس عن الضحك وقال بلهفه :
- ماذا قلت يا وسام لقد رأيتك تبتسم توا ماذا قلت .. ؟!!
عادت ملامحه الباردة تلك وقال بسخرية :
- لا أحب أن أعيد ما قلته مرتين وأنت تعلم ذلك ..
ضرب جبينه بقوة وتنهد بقلة حيلة وقال :
- خسسسسااارة ..
رمقه وسام وقال بجدية :
- متى تريد أن تخرج من غرفتي يا سيد ..
وضع فارس إصبعه على ذقنه وأخذ يدعي أنه يفكر يدور بأعينه ثم قال ضاحكا بينما استلقى مجددا على السرير:
- أمممم سأنام الليلة هنا ..
- لن اسمح لك هيا اغرب عن وجهي وإلا ...
أتاه الرد قويا وسريعا ولا يحتمل المزاح أبدا فرفع فارس حاجبه بعدم تصديق ونظر إليه وقال باستصغار :
- وإلا ماذا ؟؟ أكمل هيا وارني ..
قطب وسام حاجبيه منزعجا ونظر إليه بغضب ليبتسم بعدها بمكر وهو يتنقل بنظره على جسده إلى أن استقر نظره على بطنه وقال ببرود يشبه الجليد :
- وإلا فتحت لك بطنك مجددا طبعا..
صرخ فارس برعب ونهض من على السرير بسرعة ، نعم إنه كان يصدق كل كلمة يقولها وسام خصوصا اليوم ومع المزاج المشتعل هذا فهو لن يتراجع أبدا عن فعل أي شيء إذا لا بد من أنه سيفعلها حقا ، تنهد باستياء بعد أن استقر واقفا وأخذ يتمتم لنفسه ببعض الكلمات الغير مسموعة وتوجه نحو الباب بكل آسى ليبتسم وسام ويقول ببرود :
- نلت منك ..
تنهد فارس بقلة حيلة وهو يفتح الباب ببطء إنه حقا لا يريد أن يذهب إلى غرفته كم كان يريد أن يقضي اليوم كاملا مع وسام لكن للأسف وسام صعب المزاج وحاد الطباع مهما حاول فيه فلن يجدي نفعا معه ليقول بحزن واستياء :
- نعم ، نعم نلت مني أشكرك على تذكيري ..
ضحك وسام بقوة ولأول مرة في حياته مما جعل فارس يلتفت بسرعة ناظرا إليه باستغراب .. وسام يضحك ؟! حقا وبصوت عال ؟! أهذا حلم أم حقيقة ؟! وسام الذي لا يعرف كيف يبتسم يضحك الآن وأمام عينيه ؟! حرك رأسه بخفه غير مصدقا ما رأى فقال :
- لا بد من إنني فقدت صوابي فأنا لم اعد أعي شيئا ..
توجه وسام نحوه ليقف أمامه ، سحبه من ذراعه بقوة يدخله إلى الغرفة مجددا مغلقا الباب وقال بسخرية :
- كم أحب أن أرى تعابير وجهك الحزينة والبائسة يا فارس ..
غضن جبينه بعدم استيعاب ما الذي حدث أوسام كان يداعبه ؟! أم يلعب معه لعبة الكلمات وهو ردها له كما كان دائما يسخر على تعابير وجهه ؟! أم أنه يريد أن يبقى عنده لهذا اليوم حقا ؟! اخذ يرمش مرارا وتكرارا بعدم استيعاب وذهول كما الصدمة في حين ضربه وسام على جبينه بيده مما جعله يتأوه ألما فقال يرمقه بنظراته المستفزة :
- هييييه فارس هل أصابك الصمم مجددا .. ؟!!
هز رأسه يمينا ويسارا بحركة سريعة نافيا قوله ثم أكمل وسام وقال ببروده المعتاد :
- ماذا ؟! سخرت مني قبل قليل وسخرت منك أنا أيضا ..
قطب فارس حاجبيه بغضب وقال :
- أقلت بأنك سخرت مني ..
قال بكل برود :
- نعم ..
ابتسم فارس بمكر ورفع يديه وقال :
- إذا استعد لعقابي ..
فركض وسام مبتعدا عنه أما هو فأخذ يطارده بصعوبة يقاوم ألم جرحه الذي لم يشفى بعد في جميع أرجاء الغرفة الصغيرة تلك وضحكاتهم لا تكاد تتوقف حتى قال وسام بنبرته الباردة بعد أن توقف عن الركض وهو يحاول التقاط أنفاسه واضعا يديه على ركبتيه بتعب :
- أتظن بأنني سأترك غبيا مصابا مثلك ينام لوحده ..
توقف فارس وهو يضحك ليرتمي على السرير مجددا بتعب وإنهاك قائلا بفرح شديد بعد أن أغمض عينيه مبتسما :
- اقسم لك أنني أحبك يا قطعة الثلج الباردة .. يا كتلة المغرور فأنا لا اضحك بقوة إلا معك ..








نهاية الفصل , قراءة ممتعة لكم أحبتي ..
بقلم محبتكم : روح الوسن ..


روح الوسن .. غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:21 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.