في ذلك المخزن الصغير مستطيل الشكل جدًا ذي المساحة الضيقة وقف ثلاثة أشخاص قريبون جدًا من بعضهم بسبب صغر مساحة المكان .
وقفت فتاة ذات شعر أسود في الجدار القصي في ذلك المخزن وهي تلتصق بجداره ، كانت فتاة في السابعة عشر من عمرها و ماتزال في الصف الأول الثانوي في هذه المدرسة التي من مرافقها هذا المخزن ، لقد تعثرت سنة دراسية كاملة ، هذه الفتاة اسمها ( لبنى ) .
وقفت فتاة ثانية ذات شعر بندقي غامق تربطه في شكل ذيل حصان يلتصق ظهرها بالجدار المجاور تحتضن دفترها الذي ظل في يدها بينما تفر من هذه الغارة ، كانت فتاة في السادسة عشر من عمرها وهي في الصف الأول الثانوي وذات ميول علمية كاملة . هذه الفتاة اسمها ( حور )
ووقف رجل معتدل القامة جدًا عمره ( 36 ) سنة ، هو أستاذ لهاتين الفتاتين ، واسمه الأستاذ ( باسل )
كان الأستاذ ( باسل ) يتكأ بظهره على الجدار المقابل للجدار الذي تقف ( حور ) مسندة ظهرها إليه .
كانت ( لبنى ) الفتاة ذات الشعر الأسود تلتقط أذناها صوت قذائف الهون المتلاحقة المتطايرة فوق المكان بينما كان قلبها بكامله متوجه نحو الأستاذ ( باسل ) ، بينما عقلها غائب تمامًا عن المشاركة في الحدث .
بينما كانت ( حور ) الفتاة ذات الشعر البندقي القاتم ظلت أذناها تلتقط صوت قذائف الهون المتطايرة فوق المكان ، بينما يتوجه عقلها نحو جدتها التي تركتها وحيدة في البيت .أما قلبها فقد كان غائبًا تمامًا عن المشاركة في الحدث .
وكان الأستاذ ( باسل ) تلتقط أذناه صوت قذائف الهاون المتطايرة في المكان ، وينشط عقله بتلك الذكريات الكثيرة المعبأ بها عقله تمامًا ، أما قلبه فهو الآن يمسك به في قبضة يده ويوجهه كما يريد .
في ذلك المخزن الصغير مستطيل الشكل جدًا ذي المساحة الضيقة وقف ثلاثة أشخاص تتطاير قذائف الهاون فوق رؤوسهم وهم ينتظرون انتهاء تلك الغارة بسلام بينما قلوبهم ذات توجهات شتى .
( لبنى ) ذات الشعر الأسود قلبها متوجه بالكامل نحو الأستاذ ( باسل ) ، هي تحبه وهو لا يحبها ، هي تظن ذلك في نفسها لكنها لا تزال صغيرة ولن تستطيع إخبارك عن حقيقة معنى الحب .
( حور ) ذات الشعر البندقي القاتم لا تحب أحدًا ، أو انها تخشى أن تحب أحدًا ، لذلك هي تركت قلبها وعقلها عند جدتها الوحيدة الباقية لها من كيان اسمه عائلة .
الأستاذ ( باسل ) يحب واحدة من هاتين البنتين .
ظلت أصوات قذائف الهاون تهدر فوق رؤوس الثلاثة ، كل واحد منهم ينظر لوجه الآخر .
النظرات تلتقي عند نقطة واحدة ، القلوب عند بعضهم غائبة ، والقلوب في صدورهم ذات توجهات شتى .
في ذلك المخزن الصغير مستطيل الشكل جدًا ذي المساحة الضيقة وقف ثلاثة أشخاص تلتقط آذانهم أصوات قذائف الهاون التي مازالت تتطاير فوق رؤوسهم ، بينما قلوبهم ذات توجهات شتى .
وقف الأستاذ ( باسل ) يسترجع ذكرياته القديمة ، فيذكر عندما أمرته أمه وقت المداهمة أن ينسل تحت السرير ذي العواميد النحاسية المفرغة .
في ذلك المخزن الصغير مستطيل الشكل جدًا ذي المساحة الضيقة يستعيد عقل الأستاذ ( باسل ) صوت طلقات الرصاص التي سلبته معنى الحياة وجعلته يحمل لقب ( يتيم ) كما سلبته معنى ( ثمار الحياة )
في ذلك المخزن الصغير مستطيل الشكل جدًا ذي المساحة الضيقة كان الأستاذ ( باسل ) يقر بداخل قلبه ويعترف ، يعترف بحبه لتلميذته ( حور )
أجل هو يحبها
( حور ) التي اختارها قلبه دون كل النساء .
لم حور ؟ هو لا يعرف ، لكن كل الذي يعرفه أن قلبه فعلها وأحبها .
في ذلك المخزن الصغير مستطيل الشكل جدًا ذي المساحة الضيقة يقر الأستاذ ( باسل ) بينما قذائف الهاون تتطاير فوق المكان ، يقر للمرة التي لم يعد يذكر تسلسل تعدادها بين الأرقام ، يقر لنفسه بحبه لتلميذته ( حور ) وتنقل عيناه في هذا الصمت القاتل ما يقره قلبه لها .
أحبك ، ولا أعرف لماذا اختارك قلبي من دون كل الطالبات اللواتي توالين علي ؟ بل من دون كل النساء ؟ لكن ، ماذا يمكن لقلبي أن يقدم لك ؟ ألست تريدين من وراء هذا الحب بيتًا وأسرة ؟ أنا أستطيع أن أعطيك البيت ، لكنني اعجز تمامًا أن أعطيك الأسرة ، فأنا ياحبيبتي رجل فقد القدرة على منحك ذلك يوم فقد والديه .
ما فائدة هذا الحب يا أميرتي وهو بذرة ستزرع ومن يزرعها يعلم أنها لن تطرح ثمارًا أبدًا ؟
في ذلك المخزن الصغير مستطيل الشكل جدًا ذي المساحة الضيقة ما زالت قذائف الهاون تمر فوق رؤوس ثلاثة أشخاص تتحد نظرات عيونهم في نقطة واحدة ، بينما تتفرق قلوبهم في اتجاهات شتى ، وهم ينتظرون بصبر قاتل انتهاء غارة ، وقد نقشت على عيونهم كلمات صفحة واحدة من صفحات كتاب رقد بسلام داخل قلوبهم ذوات الاتجاهات الشتى .