آخر 10 مشاركات
515 - نهاية الشك - روزالي أش - قلوب عبير دار النحاس** (الكاتـب : Just Faith - )           »          [تحميل] المشاكسه والمستبد، بقلم / نورا نبيل"مصريه" ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          95 - عاد بلا قلب - ليليان بيك ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          رواية أحببت فارسة أكاريا (الكاتـب : الفارس الأحمر - )           »          رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          لن..أغفر لك! (48) للكاتبة heba45 ×كــــاملهـ× مميزة (الكاتـب : heba45 - )           »          تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          خادمة القصر 2 (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          عواطف متمردة (64) للكاتبة: لين غراهام (الجزء الأول من سلسلة عرائس متمردات)×كاملة× (الكاتـب : Dalyia - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree645Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-12-21, 02:21 PM   #1

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي أحــــــــــــلام (1).. سلسلة الأحــــــلام *مكتملة*







" أحــــــــــــلام "






المقدمة :
لكل منا حلم .. يتغير من مرحلة الى مرحلة .. ومن عمر الى عمر .. لتمر بنا سنوات العمر .. ويصبح لدينا رصيدا كبيرا من الأحلام .. ولكننا مهما تعددت أحلامنا نعيش فى النهاية واقعا واحدا.. فمنا من يوفقه الله لتحقيق حلمه فيحياه واقعا قد يسعد به أو يشقيه .. ومنا من لا يكتب له تحقيق حلمه .. فيعترض على قضاء الله .. ويصبح واقعه كابوسا .. ومنا من لا يتحقق له حلم ولكنه راض بما قسمه الله له.. فيحيا فى كنف الرضا سعيدا .. ولكى يرتاح قلبك .. كن على يقين أن ما قدره الله لك إنما هو الخير .. فما أودع لك الله فى قلبك حلما .. إلا ليجعل لك منه نصيب أو يعوضك عنه خيرا منه ..





الفصل الأول

-----------------------------------------------

اليوم هو احدى أيام الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر عام 1988 ..

استيقظ كريم هذا الصباح وهو يشعر بسعادة غامرة .. اليوم هو اليوم الأول في الدراسة ..!! لحظة واحدة من فضلكم .. حتى لا تفهموني خطأ .. لم تكن سعادته بسبب بدء الدراسة .. فهى آخر ما يشغله بعد ان حقق امنيته بالالتحاق بكلية الطب .. ولكن سعادته كانت انه سوف يراها اليوم عن قرب من جديد .. من هي ؟ .. هذا ما ستعرفونه بعد عدة سطور ..

فبعد أربعة أشهر من الانتظار طوال الإجازة الصيفية يقف بالساعات في شرفة منزله كى يراها من بعيد فى شباك منزلها الصغير فالمسافة بين منزليهما كبيرة .. فيتحقق منها بصعوبة .. وبعد العشق من طرف واحد استمر لعامين كاملين سوف يراها تمر من أمامه في أول أيام دراستها هذا العام .. كالعادة و مثل كل يوم فى العام السابق والذى قبله .. وبالرغم من أنه لم ينام سوى أربع ساعات فقط .. إلا انه استيقظ نشيطا متفائلا .. وكأن الدنيا كلها تضحك له من دون الناس .. وكأن العصافير تغرد له هو فقط من فوق أغصان شجر الشارع الذى يسكنه وتجاوره فيه محبوبته .. فالدنيا اليوم عنده ربيعا .. بالرغم من انها بداية الخريف و تساقط أوراق الشجر .. الا انه يشعر به ربيعا تتفتح فيه ازهار تلك الغصون .. أزهار تحركها نسمات حنينه الى رؤيتها ..

قضى ليلته السابقة يترقب مرور الدقائق والساعات كى يأتي الصباح .. فيذهب الى جامعته بعد أن يرها في الصباح تمر من أمام بيته للحظات وهى ذاهبة الى مدرستها ..

هى حلمه الأول .. بعد ان حلم بدخول كلية الطب .. هى جميلة الحى .. تصغره بثلاث اعوام .. الآن في الثانية الثانوى .. وهو في عامه الثانى بكلية الطب بعد ان اجتاز عام الاعداد بالجامعة .. معروف هو بتفوقه على أولاد وبنات الحى أجمع .. معروفة هى بجمالها وأنوثتها الذى لا يضاهيها فيها أي من فتيات الحى كبيرة كانت او صغيرة .. بل جميع بنات الأحياء من حولهم ..
يتمنى لو تفوقت مثله ودخلت بعد العامين الدراسيين لها بالثانوي بكلية الطب مثله .. فيصير يراها كل يوم بالجامعة .. ولكن كيف ..؟! وجميع أبناء الحى لم يتفوق أحد منهم سواه .. !!!! .. وفى نفس الوقت .. لم لا .. أليست هى الآن فى الصف الثانى الثانوى .. وأليس هو من ابناء الشارع الذى تسكنه .. يمكنه ان يتقرب منها هذا العام .. يمكنه ان يساعدها على التفوق والحصول على مجموع كبير يؤهلها ان تدخل كلية الطب معه .. ولكن كيف .. كيف له ان يتكلم معها فيقنعها بالفكرة .. وان استطاع .. فكيف يمكنه اقناع اسرتها .. وما هو مبرره للاقدام على تلك الخطوة .. ؟؟!!!!!!!!!!!

كريم شاب من أسرة ميسورة الحال .. أقرب الى الغنى .. ولكنه ليس بالغنى الفاحش .. وبالرغم من يسر حالهم الا انه يسكن مع اسرته بأحد أحياء الاسكندرية الأقرب الى الشعبى منه الى الوسط .. والده أبراهيم عبد السلام الشرقاوي .. ابراهيم رجل عصامي يعمل تاجرا بالجملة للأدوات المنزلية .. والشرقاوى ليس لقبا ضمن اسم ابراهيم .. لكنه وصف لكونه من محافظة الشرقية اطلقه عليه من حوله كى يميزوه عن اسماء أخرى مشابهة لإسمه .. جاء من بلدته الصغيرة .. لا يتجاوز عمره وقتها الثلاث سنوات بعد أن مات ابوه قبل ولادته وتزوجت أمه جميلة البلدة بعد وفاة زوجها بعام واحد .. لم يتحمله زوج أمه الثرى .. فذهب مع خاله الذى كان يعمل بمحل لبيع الأدوات المنزلية بالإسكندرية .. عاش وسط أولاده الثلاثة .. ولدين .. يكبرانه بعدة سنوات .. وبنت .. تصغره بعام واحد .. فى حين عاشت اخته التى تكبره مع امها وزوجها بعد ان رفضت أمه ان تفرط فى طفلتها ..
عاني ابراهيم من زوجة خاله التي كانت تكرهه لاعتقادها أنه يزاحم أولادها في رزقهم البسيط الذى كان عبارة عن خمسة جنيهات فى اليوم .. فاضطر خاله بعد أن وصل الى سن الخامسة أن يصحبه كل يوم معه الى المحل ليساعده في محل عمله .. فيجد بذلك سببا لزوجته قاسية القلب كى تسمح لهذا الصغير البائس ان يعيش فى وسط ابنائها بعد ان يأتى لها يوميا بجنيه واحد هو أجرة عمله اليومى مع خاله .. بعد ان رق قلب صاحب المحل لحال ابراهيم الطفل اليتيم .. وقد ألقى الله فى قلبه حب هذا الطفل لبرائته ويتمه .. كان يعتبره مثل ابنه الذى لم ينجبه .. فهو لم ينجب سوى بنتا واحدة .. ولكنه فى نفس الوقت لم يعفيه من العمل بالرغم من صغر سنه .. فكان يطلب منه بعض الأعمال التى كانت بنيته الضعيفة تقدر عليها .. وكان هذا فى تقدير خاله أرحم لهذا الطفل الصغير من العذاب الذى كان يعانيه على يد زوجته واضطهادها له على كل صغيرة أو كبيرة يفعلها الأطفال فى العادة فى هذا العمر الصغير ..

كان أبراهيم ذكيا جميلا ووسيما في نفس الوقت .. فقد ورث هذا الجمال والوسامة من والديه .. كان يقال له أنه يشبه أبوه الذى لم يراه كثيرا ..

بالطبع لم يحصل أبراهيم على أي قدر من التعليم .. بل لم يدخل المدرسة من الأساس .. فمنذ نعومة أظافره وهو يعمل لدى محل بيع الأدوات المنزلية الذى كبر فيه واحتل مكان خاله الذى توفى وهو في عمر السادسة عشر .. لتطرده زوجة خاله من البيت بعد وفاة زوجها بأيام قليلة .. فيضطر الى استئجار غرفة فوق سطح منزل صاحب المحل الذى يعمل به .. وتنقطع بذلك علاقته بأولاد خاله الى الأبد .. وهم الذين بثت أمهم سمها في أولادها منذ الصغر فنشأوا على نبذه وكراهيته ..
لم يكن لأبراهيم سوى أخت شقيقة تكبره بعامين .. ظلت مع والدتها الى أن تزوجت وهى في السادسة عشر من عمرها .. كانت علاقتها جيدة بأخيها.. وكانت تعطف عليه كثيرا .. وكان سره معها وسرها معه .. فقد انتقلت هي وأمه بعد وفاة زوجها الى الإسكندرية أيضا لتعيش مع ابنتها وزوج ابنتها أنيس الذى كان يعمل بالمقاولات .. ولكنه كان مقاولا صغيرا .. ليس لديه طموح .. انجبت منه قسمت أخت أبراهيم ولدين هما أنور و أشرف .. و أربع بنات.. هن هيام وهنا وهدى وهند..

تزوج إبراهيم في عمر الثانية و العشرين من زينب الابنة الوحيدة لصاحب المحل الأرمل .. والتى كانت تصغره فى ذلك الوقت بخمسة اعوام .. أحبته كثيرا .. بل كانت متيمة به وبوسامته .. فكانت تطارده قبل الزواج في البيت وفى محل ابيها .. حتى اقتنع ابيها الذى كان على علم بما تفعله ابنته من شدة هيامها بإبراهيم أنها من الممكن أن تسبب له فضيحة .. ففاتح أبراهيم فى الزواج من ابنته ..فتزوجها وعاش معها في بيت أبيها الذى توفاه الله بعد خمسة أعوام من زواجهما .. وورثت الأبنة محل أبيها وسلمت ادارته لزوجها وحبيب عمرها الذى انجبت منه خمسة صبية وهم .. حسن وعاصم وعبد السلام وعلى وكريم .. وبنتين .. هما .. أحـلام وإيمان ..

استطاع أبراهيم بذكائه ومهارته في التجارة أن يحول المحل من بيع التجزئة قليل الربح الى تجارة الجملة والتجزئة فى نفس الوقت .. فتجارة الجملة ذات ربح وفير وسريع .. فتوسعت تجارته وأصبح من أشهر وأغنى تجار الأدوات المنزلية في الإسكندرية .. حاول جاهدا أن يعوض نقص العلم بتعليم أبناؤه وصرف الأموال الطائلة عليهم في التعليم .. لكن حظه وحظهم لم يكن جيدا في هذا الأمر فيما عدا كريم وهو الولد الذى يكبر آخر البنات .. فهو كان متفوق في دراسته دون أن يلجأ الى الدروس الخاصة كما فعل باقى اخوته ..

كانت عائلة أبراهيم وعائلة أخته قسمت على وفاق ومحبة الى أن اكتشف أبراهيم بعد وفاة أمه أنها قد كتبت جميع ثروتها لأخته .. تلك الثروة التى ورثتها أمه من زوجها الذى لم ينجب منها وكتب لها جميع ما يملك أثناء مرضه وقبل وفاته بشهور قليلة ..

في البداية .. غضب من الأم ولكنه لم يقاطع اخته .. فهي لم يكن لها ذنب في نظره .. وظلت العلاقة بينه وبين اخته والعائلتين كما هي وان تعكر صفوها قليلا .. الى أن جاء يوم كان فيه حسن الابن الأكبر لإبراهيم يجلس مع أنور الأبن الأكبر لعمته .. وقد كانا صديقين حميمين ولكن في الفساد .. فبعد أن شرب أنور عدة كئوس من الخمر الذى تعودا منذ أصبحا فتية على تجرعه بين الحين والحين .. باح له بأن أبيه وأمه قد قاما بتزوير عقد بيع جميع أملاك جدتهما لأمه .. وأن البصمة التي على عقد البيع تمت وهى في نزاع الموت وسكراته .. حكى له أن والده أنيس كان يمر بضائقة مالية وأن ثروة جدته كانت لهم كطوق النجاة .. اقنع انيس زوجته قسمت بهذا الحل على وعد أن يعوض أخيها ابراهيم ويعيد له حقه بعد أن تمر الأزمة المالية .. وكانت حجته لها أن أبراهيم ميسور الحال وليس في حاجة لهذا المال ...

كان حسن لا يزال في قعدة الأنس تلك في وعيه ولم يكن السكر قد تمكن منه بعد .. فوعى جيدا ما قاله أنور .. فاستشاط غضبا وأخبر أبيه بما سمع من أنور .. فقامت الدنيا ولم تقعد .. وتحولت محبة العائلتين الى عداوة بين أبراهيم واخته وزوجها استمرت ما بقى من العمر .. وان كانت العلاقة لم تنقطع تماما .. فقد حافظ ابراهيم وقسمت على صلة الرحم ..

حسن هو الأخ الأكبر لكريم .. انجبه أبراهيم بعد تسعة أشهر من زواجه .. إلتحق بكلية الحقوق منذ ست أعوام بعد أن أخفق في الثانوية العامة سنتين واستطاع في الثالثة أن يتمكن من النجاح بمجموع خمسة وستون في المائة .. وكان هذا المجموع لا يمكنه سوى من إحدى الكليات المتوسطة المستوى في ذلك الوقت .. حيث كانت الطب والهندسة لا تزالا على قمة الكليات .. أما التجارة والحقوق والآداب فهي من الكليات المتوسطة .. لم يكن والده الذى لم ينل أي قسط من التعليم يحلم بأكثر مما وصل اليه حسن .. فظل طوال أعوام دراسته بالجامعة يحلم به محاميا كبيرا أو وكيلا للنيابة ثم قاضيا في يوم من الأيام ..

كان حسن مهووس بعشقه للفتيات والنساء على حد سواء .. لدرجة ان اصدقاءه كانوا دائما يمزحون معه ويقولون له ان مكان مخه هناك جسد امرأة .. ويطلقون عليه اسم السلطان أو الملك للعدد الهائل من الحريم الذى يتبعه .. وقد نمت لديه تلك الرغبة الشديدة للجنس الناعم عن طريق ابن عمته أنور .. فعندما كان يرى فتاة جديدة عليه أو حتى سيدة متزوجة أو غير متزوجة كان يشاغلها بكل الطرق .. وكان معظمهن يستجبن له في النهاية .. ليقضى معها بعض الوقت في لهو وعبث ثم يبحث عن غيرها .. الى أن شاهد حسن أسماء فى الجامعة للمرة الأولى .. حين رآها عن بعد ..

أسماء هي طالبة في السنة الأولى لها بنفس الجامعة .. تبدو جميلة .. تمشى بخطوات ثابتة فيهتز شعرها الناعم الكثيف فوق كتفيها فى حركة واحدة صعودا وهبوطا في انتظام .. لا يخطئها الا عندما تلتفت برقبتها الطويلة يمينا أو يسارا لأمر ما .. فيلتفت معها شعرها وكأنه مخلوق من عالم آخر يصاحبها أينما اتجهت ..

لفتت أسماء نظر حسن بمشيتها وحركتها النشيطة وهى تخطو الخطوة تلو الأخرى ومع خطوانها تهتز مفاتنها مما يثير فيه رغباته التى قلما يستطيع ان يتحكم فيها .. لم يتبين شكل وجهها وتفاصيله .. ولكن بالنسبة له فيكفيه أنها أنثى وحسب .. أنثى .. وهى تخرج من باب الجامعة قد أخذت عقله معها وأثارت غرائزه الحيوانية كطبيعته مع ذوات النون .. ليسرع الخطى ويذهب وراءها .. ولكن نظره يصل اليها مرة أخرى إلا وهى تركب سيارة سبور حمراء بجوار شاب وسيم يرتدى نظارة سوداء وذو شعر ناعم كثيف .. متجه بنظراته للأمام كأنه عسكري من بلاد الشرق الأقصى شديد الالتزام .. لا ينظر إليها حتى وهى تصعد الى السيارة بجواره .. لتنطلق السيارة بهما وتأخذ كل تفكير أبو على معها ..

أما أنور .. فهو الأبن الأكبر لقسمت أخت أبراهيم وزوجها سليمان .. أنجبته بعد سنوات من زواجها وقبل مولد حسن أبن أخيها بعامين .. كبرا منذ الطفولة قريبين وصديقين حميمين للعلاقة الوطيدة بين ابراهيم واخته و لقرب منزليهما .. فقد كان يفصلهم شارع واحد .. فكانا لا يفترقان سوى ساعات النوم وكثيرا ما كانا يبيتان سويا بمنزل أحدهما .. كانوا مثل الأخوة .. الا ان الأخوة أحيانا يكونوا متنافرين بسبب أو لآخر .. أما أنور و حسن فكانا متحابين لدرجة كبيرة .. ولكن انشغال والد كل منهم بالسعي لجمع المال ولقمة العيش .. وأيضا انشغال الأمهات بالعدد الكبير للأولاد ومتطلباتهم من طعام وغسيل وتنظيف قد ساهم لحد كبير أن ينشأ كل من أنور و حسن نشأة فاسدة بعد أن أصبحوا لقمة سائغة للفاسدين بالحى الذى يسكنون به ...
كانت البداية من أنور الذى لم يكمل تعليمه بعد حصوله على شهادة متوسطة أهلته لحرفة الكهرباء والتي من خلالها احترف تصليح الأجهزة الكهربائية .. فيسرت له صنعته التعرف على الكثير من الناس ودخول الكثير من البيوت و التعرف على ساكني الحى من رجال مدمني المخدرات .. ونساء وفتيات معظمهن يتطلعن الى المتعة المحرمة من شباب وسيم و في مقتبل العمر مثله .. لذا كان أنور هدفا سهلا بالنسبة لهم ، فالرجال والشباب استمالوه لتناول المخدرات والنساء استمالوه للمتعة المحرمة ...

عشق أنور منذ صغره تجربة كل ما هو جديد ومفسد من أصدقاء السوء في المدرسة والحى .. ليقنع بعد ذلك حسن بهذا الفساد .. و كم كان الأمر سهلا عليه .. فميول حسن كلها وفوران شبابه .. كانت صورة طبق الأصل من ميول أنور .. كما كان أنور منذ صغره يعشق مصاحبة والده في الجلوس على المقاهي وسط الكبار .. لينصت لكلامهم عن المخدرات وتباريهم في بطولاتهم مع النساء بغرف النوم .. ومنهم من كان لا يستحى أن يصف أدق تفاصيل اللقاءات الحميمية بينه وبين زوجته أو امرأة أخرى لا تحل له .. فيستمع أنور بشغف وعشق لتلك الحكايات وهو على مشارف المراهقة .. ثم يذهب الى صديقه وأبن خاله ليحكي له ما سمع .. وتلك كانت بداية الصديقين في الفساد والانحراف منذ المراهقة ..

ظل حسن وأنور أبن عمته صديقين حميمين الى أن حدثت زوبعة الميراث والخلاف بين العائلتين فانقطعا عن بعضهما لفترة بحكم النقاشات الحادة والخناقات التي حدثت من إبراهيم وزوجته زينب من جهة وبين قسمت وزوجها انيس من جهة أخرى .. ولكن سرعان ما التقى الشابان في أحد جلسات الأنس التي كثيرا ما جمعتهم في شرب الخمر والمخدرات من وراء ذويهم .. ليتدخل أصحاب السوء ويصلحوا بينهم .. عادا .. على اتفاق بينهم الا يعلم أي من ذويهم بعودة علاقتهم تلك .. ولكن مع الأيام عادت العلاقة بين العائلتين بعد ان سمع ابراهيم فى احدى خطب الجمعة عن صلة الرحم واهميتها .. وكيف ان قاطع الرحم لا يدخل الجنة .. فتوجه يومها الى اخته وأخبرها بما سمع .. وعادت المياه الى مجاريها .. ولكنها ظلت يشوبها شوائب كثيرة .. فلم تعد العلاقة صافية كما كانت ..

-----------------------------------------------------

غادر كريم البيت دون أن يتناول حتى افطاره هذا الصباح .. فقد كان حريصا على الا يفوت فرصة مشاهدة يسرا تمر من أمامه .. ويكفيه هذا لحين أن تنظر اليه .. وتعلم أنه يهتم بها .. أو تعطى له إشارة تجعله يتجرأ قليلا .. حينها ربما يستطيع أن يخبرها بمشاعر خبأها طويلا في أعماق قلبه لها .. مشاعر تكوى ضلوعه ليل نهار وكأنه فى كل مرة يراها كأنها المرة الأولى .. تخطف قلبه وقد اكتملت انوثتها واصبحت حلمه الوحيد ..

رأى كريم يسرا كثيرا من قبل ولكنه لم يكن ليلتفت لأى فتاة قبل ان يدخل الجامعة .. ولم يسمح للحب أن يطرق بابه في تلك المرحلة من حياته .. حتى ينهى الثانوية العامة بتفوق ويلتحق بكلية الطب التي أقسم على أن يدخلها بعد موقف حدث له من أحد قرنائه في الحى الذى يسكنه .. والذى كان يكبره بعامين وفشل في أن يلتحق بأي من كليات القمة كما يسمونها .. الطب أو الهندسة .. وتحدى كريم أن يفعل .. فأقسم له أمام الجميع أن يحصل على أعلى الدرجات ثم يلتحق بما يريد .. فقضى أعوام الثانوية العامة كأنه في شرنقة .. لا يختلط الا بالقليل من الأصدقاء .. أما فكرة ارتباطه بالفتيات فقد محاها تماما من مخيلته في تلك الفترة .. لذا وبعد أن حصل على التفوق الذى أراد .. قضى الصيف الذى سبق التحاقه بالطب كالفراشة التي قد خرجت للتو من الشرنقة .. تتجول بين كل الزهور التي تراها لأول مرة .. حتى وقعت عيناه على يسرا كأنه يراها للمرة الأولى .. فرمى كيوبيد سهم حبها قلبه ..

يتذكرها جيدا .. حين كانت تأتى لزيارة خالتها التى تسكن بنفس البيت الذى يسكن به.. يتذكر عدد وتفاصيل المرات التى كان فيها يلعب معها وهى طفلة صغيرة .. كان يداعبها كأنه يكبرها بعدة اعوام .. على الرغم من ان فارق العمر بينهما لا يتعدى الثلاث سنوات .. يتذكر ثم يضحك ويسخر من براءة الطفولة ..

يسرا .. هي أبنة عامر .. سائق تاكسي .. لها أخت واحدة .. نجوى ..وثلاثة من الأخوة الذكور .. جمال وطارق و وليد .. هي الأبنة الصغرى التي تكبر أخيها الأصغر وليد بعدة أعوام .. تزوج أبيها بعد وفاة أمها وهى تلد أخيها .. فلم يجد أباها بدا من أن يتزوج من اكرام .. السيدة المطلقة التى لم يسبق لها الانجاب من زوجها الأول بعد زواج دام سبعة أعوام .. أيقن انها لا تنجب فاختارها لتكون زوجة له .. لا تضغط عليه وعلى امكانياته المادية الضعيفة بالمزيد من الأبناء ..

تزوجت نجوى الأبنة الكبرى لعامر .. و التي تكبر يسرا بستة أعوام .. من زميل دراساتها محمد .. كان يكبرها بثلاثة أعوام .. سافرت معه الى السعودية بعد أن تخرجت من كلية التجارة .. عمل هو محاسبا .. وكانت هي تعمل في مجال العلاقات العامة بنفس الشركة التي يعمل بها محمد ..
اعتقد عامر والد يسرا أن مشاكله جميعها قد انتهت بزواج ابنته الكبرى نجوى من محاسب يعمل بدول الخليج .. كما انها هي أيضا تعمل ولها دخل شهري كبير من عملها .. كان يعتقد أن ابنته سوف تغدق عليه وعلى اخوتها بالمال أو على الأقل سوف تساعد والدها في ارسال ما يعينه على تربية اخوتها .. ولكنها لم تفعل .. كانت فقط ترسل الملابس الفاخرة الى يسرا لغرض فى نفسها .. فهى تعلم مدى جمال اختها .. فكانت تستميلها حتى توافق قريبا على ان تزوجها من صاحب الشركة التى تعمل بها .. لذا كانت يسرا تظهر فى الحى بأرقى وأغلى الملابس .. وظل والدها يعانى ضيق الحال بسبب الدخل البسيط الذى يدره عليه عمله على التاكسي الذى كانت تزيد مصاريف إصلاحه وصيانته يوما بعد يوم وأصبح عبئا عليه أكثر منه كمورد للرزق ..

كان أخيها الأكبر جمال الذى يلى نجوى في الترتيب .. ذو السبع والعشرون عاما قد أهمل دراسته ولم يكمل تعليمه .. حصل فقط على الشهادة الإعدادية ولم يستطع تخطى المرحلة الثانوية التى حاول معها ثلاث سنوات .. ولم ينجح .. هو ايضا يعمل سائقا على تاكسي لأحد أصحاب والده .. ولكنه كان شابا طائشا .. يدمن المخدرات .. ويمثل العضو الثالث لأعضاء شلة حسن وأنور .. لذا كان عبئا على والده بالمشاكل التي يفتعلها بين الحين والحين مع أصحاب سيارات الأجرة التي كان يعمل عليها .. فيقضى وقته في التنقل من سيارة لأخرى بمساعدة أبيه وتوسله لأصحابه بان يعطوه سياراتهم للعمل عليها .. مع وعود منه ان ابنه سوف يحسن التصرف ويكف عن المشاكل في ايراد التاكسي وعمل الحوادث بسياراتهم .. ولكنه أبدا لم يبيض وجهه مع أصحاب السيارات في يوم من الأيام ....

أما أخيها طارق الذى يكبرها مباشرة .. ذو الثلاثة والعشرون عاما كان طيب هادئ الطباع .. حلو الكلام مع الجميع ولكنه كان خجولا لحد كبير .. فكان يرفض العمل مع الآخرين .. لذا كان يعمل مع ابيه فيساعده على نفس سيارة التاكسي .. ليعمل عليها ليلا .. في حين يعمل عليها والده نهارا ..

عانت أسرة يسرا كثيرا بسبب ضيق الحال .. ولكن كان عامر رب الأسرة يحاول بكل السبل المشروعة أن يوفر لأبنائه حياة طيبة وأن يوفر لهم العلم .. ولكنهم في النهاية قد خذلوه .. فالولدين لم يتمكنوا من عبور المرحلة الثانوية والبنت الكبرى هي الوحيدة التي حصلت على شهادة جامعية .. ولكن جحودها بأسرتها جعلت والدها يعتبرها كأنها لم تكن منهم في يوم من الأيام .. و أصبحت يسرا في السنة الثانية بالثانوى العام ووليد الأصغر في الرابع الابتدائى .. يبذل معهم ابيهم وأخوها طارق مجهودا جبارا حتى يستطيعوا أن يكملوا تعليمهم المطلوب ..

وقف كريم أمام مدخل بيته .. يرتدى بنطلون جينس كحلى وقميص بلون السماء الصافية ويمسك بيده بعض المراجع وعلى كتفه وضع البالطو الأبيض كأنه يعلن لها عن نفسه .. ها هو أنا .. كريم .. الوحيد في الحى الذى استطاع أن يلتحق بكلية الطب .. وساصبح قريبا طبيبا يشار له بالبنان .. كانت ملابسه مهندمة بشكل ملفت للنظر وحذاؤه الأسود شديد اللمعان يعبران عن شخصية منظمة منمقة .. تهتم بأدق التفاصيل .. أما هو فكان متوسط الطول ولكنه شديد الوسامة .. بجسده الممشوق وكأنه بطلا من ابطال لعبة الجمباز .. اسمر البشرة التي تميل قليلا الى البياض .. له عيون سوداء جذابة يعلوها حاجبين كثيفان متصلان .. ذو أنف فارسية رفيعة فوق شارب بنى اللون يميل الى الحمرة كلون شعره الكثيف شديد النعومة الذى لم تملك حظه الكثير من الفتيات .. كان قريب الشبه من والده وأخويه حسن و عاصم اللذان يكبرانه .. أما أخويه على وعبد السلام فكانا يشبهان جدهما والد أمهما .. وقد تقاسمت البنتان احلام وايمان الشبه فأحلام الأبنة الكبرى قد أخذت الكثير من أبيها وجدتها من ابيها .. و ايمان آخر الأبناء أخذت الكثير من ابيها والقليل من أمها ..

مرت يسرا وبجوارها وليد اخوها الأصغر والذى كان لا يفارقها في الكثير من الأحيان .. كان الشارع شبه خاليا من المارة .. ولأول مرة منذ بداية الصيف تنظر الى كريم .. وتطيل النظر اليه ثم تبتسم وتدير وجهها الى الأمام .. لم يصدق كريم نفسه .. لم يصدق الجائزة التي أنعمت بها عليه .. كان أجمل صباح مر به منذ عامين .. يسرا تبتسم لى ...

فكر أن يتبعها ويشعرها كم هو مهتم بها .. ولكنه تراجع بصعوبة واتخذ قرارا أن ينتظر إشارة أخرى تشجعه على اتخاذ هذه الخطوة .. مرت دقائق وقد غابت عن نظره .. كان ما يزال واقفا غير مستوعب ما بدر منها له .. مر صديقه سعيد المقرب الي قلبه فوجده يقف شاردا .. أشار اليه من على الرصيف المقابل .. ولكن يبدو أن كريم كان في عالم خر .. لم يلحظه أو ينتبه الى وجوده حتى سمع هتاف سعيد يصله من العالم الآخر فنظر اليه كأنه يستيقظ من حلم جميل أو خارجا من بئر عميق أو حديقة عناء تشبع بعطر زهورها ونسيم هواءها .. فأشار الى سعيد بيده ثم توجه اليه ليسيرا سويا الى الجامعة ..

سعيد في السنة الثالثة بكلية التجارة التي تبعد ثلاث محطات عن كلية الطب .. ركبا الترام سويا .. كان سعيد يتكلم ويحكى عن أمور كثيرة لم ينتبه كريم الى أي منها .. كان لا يزال في عالم يسرا الجميل ..

بعد عدة محطات نزل سعيد الى كلية التجارة وقد تواعد مع كريم على اللقاء بعد انتهاء الجامعة ليلتقيا سويا كما تعودا للتمشية لمدة ساعة على كورنيش البحر السكندرى يتحدثان في أمور تخص كلاهما ..

أكمل كريم حتى وصل الى جامعته .. فنزل من الترام ليقابل مجموعة من الزملاء يدخلون سويا الى حرم الجامعة .. اقترب منهم و ألقى عليهم السلام ثم نظر الى نفس المكان الذى تعود أن ينظر اليه كلما دخل الى الجامعة ليراها واقفة كما تقف كل يوم كأنها تمثال قد نصب في هذا المكان ينظر اليه نفس النظرة .. وكالعادة لم تشغل تفكيره سوى لحظات التقاء عيونهما ليستمر فيما هو ماض إليه وينساها كما ينساها كل مرة ..

انتهت المحاضرة النظرية الأولى .. وكان بينها وبين السكشن العملى التالى لها حوالى ساعتين .. وقد تعود كريم أن يقضى وقت الفراغ بين المحاضرات والسكاشن في القراءة التي كان مولعا بها .. كان يذهب الى حديقة هادئة قريبة من الجامعة .. فى العادة يذهب اليها بعض طلاب وطالبات الطب الناشدين للمذاكرة أو القراءة في هدوء أو حتى لقاء حبيب بحبيبته ..

قررت ديما هي الأخرى ان تذهب الى تلك الحديقة والتي اكتشفتها مؤخرا .. رغبت ان تمارس هوايتها هى الأخرى فى القراءة فى هدوء فى وقت الفراغ بين المحاضرات ..
ديما هي الفتاة اللبنانية التي أتت من بيروت بصحبة والدتها وعاشت منذ سنوات بالقاهرة ثم انتقلت مع والدتها الى الإسكندرية للدراسة بكلية الطب جامعة الإسكندرية بعد وفاة والدها مصرى الجنسية ..

تعرف والدها شاكر على امها صوفيا فى عام 1968 .. أى بعد النكسة بعام عندما أحبطته الظروف فى مصر آنذاك وقد فقد اخيه الأكبر الذى استشهد خلال حرب النكسة بين مصر والعدو الصهيونى .. و كان شاكر يعتبره بمثابة والده وقدوته فى الحياة .. فهو الذى رباه بعد وفاة والده وقد ضحى بتعليمة فى سبيل رعايته هو ووالدته .. فقرر أن يسافر الى بيروت للعيش بها بعد احباط دام شهور بسبب النكسة التى أصابت مصر والعرب من جراء هزيمة اسرائيل لمصر والعرب فى يونيو 1967 ..

تعرف شاكر على صوفيا فى ربوع جبال بيروت .. و نشأت بينهما قصة حب جميلة بين جبال بيروت وبحرها الذى تحتضنه تلك الجبال .. حيث كانت تعيش صوفيا فى احد بيوت الجبل مع والديها واخوها جمال .. وسرعان ما قرر شاكر أن يتقدم الى خطبتها .. فتزوجا وانجبا ديما بعد عام من الزواج ليمكثا فى بيروت لمدة عامين حتى ضاق بهما الحال هناك فانتقلا الى غانا بغرب افريقيا للعيش مع جمال الذى كان يعمل بالتجارة هناك واستطاع أن يعمل من تجارته ثروة كبيرة فى سنوات قليلة .. شاركه شاكر فى اعمال التجارة وأصبح لدية هو الآخر ثروة كبيرة .. لكنه لم يلبث أن شعر بالحنين الى مصر بعد عشر سنوات يعمل فى التجارة بغانا .. فسافر فى زيارة هو واسرته الى القاهرة ليقيما مع اسرته شهرا أو ما يزيد على الشهر بقليل .. وفى القاهرة مرض شاكر مرضا شديدا توفى على اثره .. ليوصى صوفيا وهو على فراش الموت بالاقامة بمصر مع امه لتربى ديما كمصرية وان تحسن تربيتها بقدر ما تستطيع ..

كانت ديما متعلقة بوالدها تعلقا غير عادى .. فهو لم يتركها أو يغيب عن عينيها يوما واحدا منذ ولادتها .. كان يصطحبها معه فى كل مكان يذهب اليه .. يدللها ايما تدليل .. يغدق عليها بالهدايا ويلعب معها بكل لعبها كأنه طفل فى مثل عمرها .. ولم تنم ديما يوما واحدا الا على حكايات ابيها التى كان يرتجلها فيذهب بها الى عوالم جميلة واحيانا مثيرة تشبع فيها ديما مخيلتها وتنام لتحلم بتلك العوالم الجميلة التى يقصها عليها .. فتحيا مع ابيها حتى فى احلامها .. لذا كبرت ديما وهى مولعة بالقراءة من شدة حبها لحكايات والدها ..

مات شاكر .. فعاشت ديما صدمة فقدانه سنينا طويلة .. لا تصدق انها لن تراه مرة أخرى .. فارتبطت بوالدتها وجدتها ام شاكر التى توفيت قبل ان تبلغ ديما السابعة عشرة ..

كان خالها جمال آنذاك هو من يرعى تجارة اخته صوفيا وابنتها ديما .. فأخذ ينمى لهما ثروتهما عبر تلك السنوات .. حتى سار لديهم ثروة كبيرة .. ولكن هذا الثراء لم يغير نمط واسلوب معيشة ديما وامها .. وظلت صوفيا تحفظ عهده لوصية شاكر .. يقيمان بالقاهرة حتى توفيت والدته .. فشعرت صوفيا وابنتها بالوحشة فى الاقامة بالقاهرة فى هذا الحى الشعبى الذى كانت تقطنه عائلة شاكر .. وكانا من قبل قد زارا الاسكندرية عدة مرات اثناء عطلة الصيف واحبوها و تعلق قلب صوفيا بالاسكندرية تعلقا كبيرا .. لانها كمدينة كانت هى الأقرب الى طبيعة وطقس بيروت التى نشأت فيها .. والتى تعشقها وتداوم على زيارتها لتقيم هى وديما مع جدها وجدتها لمدة شهر فى اجازة الصيف واسبوعين فى اجازة نصف العام الدراسية فى الشتاء .. فصوفيا كانت حريصة على ان ترتبط ديما بعائلتها .. كما كانت مرتبطة بعائلة ابيها .. كانت تؤمن ان التوازن فى كل شيء فى حياة ديما من شأنه أن يجعلها شخصية سوية متزنة وسعيدة ..

اشترت صوفيا شقة فى احدى الاحياء الراقية بالاسكندرية القريبة من البحر .. يطلق عليه الحى اللاتينى .. فقررت هى وديما ان ينتقلا الى الاسكندرية فى آخر عام دراسى لديما بالمرحلة الثانوية .. غادرا القاهرة بعد ان تبرعوا بثلث مال جدة ديما التى ورثته من شاكر وورثت اخت الجدة هى وابناءها باقى ميراث الجدة ..

تبدو ديما الى من لا يعرفها فتاة عادية .. ليست بالجميلة ولا بالدميمة .. ولكنها كبقية اللبنانيات لها جاذبيتها الخاصة.. فهي تعرف كيف تجمل نفسها وكيف تجعل من يراها يشعر انها جميلة .. اذا ارادت ذلك .. ولانها كانت تتمتع بقدر من الانطواء بسبب طبيعتها والظروف التى نشأت فيها .. لم يكن الكثير يتقرب اليها أو يرغب فى مصاحبتها .. فهى مختلفة عمن حولها .. عاشت وحيدة ليس لها اصدقاء سوى القليل من دفعتها بالجامعة .. ولكنها لم تشكو يوما من وحدتها ولم تكن تمثل لها مشكلة .. ففى الحقيقة كان لها اصدقاء كثر ولكن ليس من البشر .. فكل كتاب او رواية كان تعيش معه كان بمثابة صديق لها بما يحتويه من شخصيات واحداثها .. ابطاله وشخصياته ترتبط بهم من لحظة ان تبدأ القراءة وحتى تنتهى من قراءته .. لتلتقط كتاب او رواية جديدة فترتبط باصدقاء جدد ولكنها لا تنسى اصدقاءها القدامى بالروايات والكتب الأخرى .. تشعر دائما انها تعيش حياة جميلة .. فسواها ممن لا يعرف متعة القراءة بالتأكيد محروم من الحياة الجميلة التى تحياها ..
أحبت ديما كريم منذ اللحظة الأولى التى وقع عليه نظرها .. شعرت بسهم حبه يصيب قلبها .. لا تدرى كيف أو لماذا ..

دخل كريم الى الحديقة .. القى نظرة على المتواجدين بها فلم يجد احدا يعرفه فاستراح قلبه .. فهو كان فى حاجة الى ان يختلى بنفسه يفكر فى يسرا .. وربما يجد بعض الوقت ليقرأ قليلا فى احد الروايات التى بدأها منذ ايام قليلة .. فالوقت كان كافيا حيث أن السكشن العملى باقى عليه حوالى ساعتين ..

لم يلاحظ كريم وجود ديما .. وحتى ان لاحظ فلم يكن ليهتم لوجودها .. أما هى فقد كانت مشغولة بالقراءة ولم تنتبه الى دخوله الى الحديقة ..

مرت دقائق كان خلالها كريم غارقا فى احلام يقظته مع يسرا .. وكانت ديما قد لاحظت وجوده فغرقت هى الأخرى فى التفكير فيه وهى تنظر تجاهه بين اللحظة والأخرى ..

لم تشعر ديما من قبل بمشاعر الحب التى شعرت بها تجاه كريم .. لاتعلم سببا لذلك .. فهى لم تتحدث معه ولو مرة واحدة .. بالرغم من انهما فى نفس الدفعة بالجامعة .. ولم تستمع من اى من المقربين عنه .. وكلما حاولت بينها وبين نفسها ان تتخلى عن فكرة التفكير فيه .. وجدت نفسها تفشل .. فتترك لنفسها العنان لتفكر فيه معظم اوقاتها .. ويأبى هو ان يترك مخيلتها ويرحل ..

لاحظ كريم بعد قليل ان هناك من يراقبه ويطيل النظر اليه .. فنظر تجاه ديما التى سرعان ما خجلت من نظرته اليها وان كانت قصيرة فنظرت فى الكتاب بين يديها .. ثم عاودت الكرة بعد قليل ليعاود هو النظر اليها مرة اخرى .. وتكررالأمر بينهما .. و قد اعجبت كريم بتلك اللعبة .. فتحرك من مكانه ليقترب من ديما التى كاد قلبها ان يخرج من بين ضلوعها لمجرد اقترابه منها .. فأخذت نبضات قلبها تتسارع ويتصبب العرق من بين يديها وعلى جبهتها .. لا تعلم ماذا تفعل أو كيف تتصرف .. ولكنه لم يعطها الفرصة فهو بالفعل قد وصل الى مقعدها ووقف امامها لا يفصله عنها سوا مترا واحدا .. ابتسم لها وهو يقول : صباح الخير ..
ردت ديما باضطراب شديد والكلمات تخرج منها متقطعة وكأنها قد نسيت كيف هو الكلام : صباح النور ..
كريم : أنا كريم زميلك فى الدفعة ..
ديما ومازالت مضطربة تكاد أن تفقد وعيها من شدة السعادة وفرط الانفعال : أهلا ..
كريم : بصراحة أنا حابب اتعرف عليكى .. ياترى ده يضايقك ؟
ديما: لا ابدا .. أنا اسمى ديما ..
كريم مجاملا : اسمك حلو اوى .. وجديد كمان .. أنا مسمعتش بيه قبل كده ..

لم ترد ديما وأومئت له بابتسامة شكر وإمتنان لمجاملته ..

لم يجد كريم كلمات اخرى يقولها .. فشعر بالضيق من نفسه .. لماذا ورط نفسه هذه الورطة ؟ .. لماذا اقترب منها وتكلم معها ..؟ .. لقد أخطأ .. نعم .. فهو يعلم ان تلك الفتاة فى الغالب تكن له مشاعر خاصة فذلك واضح له وللجميع من خلال نظراتها اليه .. والآن وقد اقترب منها وتكلم معها فربما تفسر كلامه معها على انه معجب بها .. فتترك لمشاعرها العنان تجاهه .. فيكون بذلك قد آذاها .. و لكنه قد دخل بحماقته حلقتها دون ان يدرى .. فنظر الى الكتاب الذى بيدها وقال : حاسس انك بتحبى القراية زيي .. يا ترى ده صحيح ولا .......؟

شعرت ديما بان كريم قد جاءها فى ملعبها وان الحديث عن القراءة هو الشيء الوحيد الذى تجيد الكلام فيه وينطلق فيه لسانها دون خجل او اضطراب فقالت : ده حقيقى .. أنا بعشق القراية من زمان .. ثم سألته وهى تنظر للكتاب الذى بيده .. ياترى انت بتحب تقرا اى نوع من الكتب ..
كريم : أنا بعشق الروايات الطويلة .. الروايات الاجتماعية .. سواء كانت مصرية أو عالمية .. وانتى ..؟
ديما : أنا دودة قراية .. يعنى بصراحة بحب اقرأ اى كتاب يقع تحت ايدى .. بس المفضل عندى هو الروايات الطويلة .. وخصوصا الواقعى منها .. يعنى اللى بيتكلم عن الاحداث والظروف اللى بنعيشها وبيعيشها اللى حوالينا كل يوم ..
كريم : هايل .. ده تقريبا نوع الكتب اللى بيشدنى .. بحب اوى الكتب اللى بتعالج مشاكل الأجيال بواقعية .. يعنى عندك مثلا الكتاب اللى بقراه اليومين دول من النوع ده ..
قاطعته ديما وهى تبتسم وتقول بتلقائية لفتت نظر كريم اليها : لا من فضلك كريم .. هلأ قول لى الأول شو اسم الكتاب ..
تعجب كريم من لهجتها .. فديما دائما ما تختلط لهجتها المصرية باللكنة اللبنانية أو السورية فتجعل من يتحدث اليها يشعر بتميز خاص لحديثها وطريقة كلامها ..
ضحك متعجبا : لا .. لا .. لو سمحتى عيدى اللى قولتيه ده تانى ..
ضحكت ديما هى الأخرى وهى تقول : عن جد ؟..
كريم مازحا : الله .. ده فيها "عن جد" كمان .. استنى .. هو انتى مش مصرية ولا ايه؟
ديما وهى تبتسم وتبدو رقة الانثى فى ابتسامتها : وده حيفرق معاك ؟ تعمدت ان تقول جملتها تلك باللهجة المصرية ..

كريم وهو متفاجأ من براعتها فى تغيير اللهجات وبسهولة تامة : لا ابدا .. بس علشان ابقى عامل حسابى وانا بتكلم معاكى .. واعرف انا بتكلم مع مين ..
ديما : ده من حقك .. أنا ياسيدى .. مصرية الأب .. لبنانية الأم .. هلأ وضحت لك الأمور ها الحين؟
كريم وهو يقلدها : هلأ وضحت آنسة ديما ..

ضحك كلاهما .. ومضت الدقائق .. بل الساعتين وهما يتحدثان عن أمور شتى .. عن حياة الجامعة التى جمعتهما فى السنة الأولى لهما بالجامعة .. وكيف هى مختلفة تماما عن دراسة وحياة المدرسة .. وعن القراءة .. ثم انتبه كريم الى ان وقت السكشن العملى قد حان فقال لها : ياه .. الوقت سرقنا .. ده ميعاد السكشن .. ياترى حتحضريه ولا حتزوغى ..؟
ديما : أكيد راح احضره .. ولكنها فى الحقيقة تمنت لو انه قد طلب منها ان يظلا هكذا يتكلمون حتى وان راحت عليهما السنة الدراسية برمتها ..
كريم : طيب ياترى حنروح سوا ولا تحبى ان كل واحد يروح لوحده .. ؟
ديما : زى ما تحب .. أنا ماعندى مانع اننا نروح سوا لو حابب هيك ..
ابتسم لها كريم : طبعا حابب هيك ..
---------------------------------------------------






رابط الكتاب الالكتروني

https://www.mediafire.com/file/oxefi...ook+1.pdf/file



روابط الفصول

الفصل 1 .. اعلاه
الفصول 2, 3, 4 .. اسفل الصفحة

الفصول 5, 6, 7, 8, 9, 10, 11, 12 نفس الصفحة
الفصول 13, 14, 15, 16, 17, 18, 19, 21 نفس الصفحة
الفصل 21
الفصل 22
الفصل 23, 24 نفس الصفحة
الفصول 25, 26, 27 نفس الصفحة
الفصل 28
الفصل 29, 30
الفصل 31, 32, 33 نفس الصفحة
الفصول 34, 35, 36 نفس الصفحة
الفصل 37, 38 نفس الصفحة
الفصول 39, 40, 41 نفس الصفحة
الفصول 42, 43, 44 نفس الصفحة
الفصل 45
الفصل 46 الأخير


رابط التحميل
https://www.mediafire.com/file/qndwj...%2585.pdf/file




التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 13-10-23 الساعة 12:07 AM
Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-12-21, 07:47 PM   #2

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-01-22, 02:15 PM   #3

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

كل التوفيق ان شاء الله ..

Maryam Tamim غير متواجد حالياً  
التوقيع
استغفر الله العظيم واتوب اليه
رد مع اقتباس
قديم 03-01-22, 09:06 PM   #4

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي "أحـــــــــــــلم" - الفصل الثانى

" أحــــــــــلام “

الفصل الثانى


انتهى اليوم الدراسى وعاد كريم وديما كل الى بيته .. وقد نسى تماما لقائه بها .. عاد الى التفكير فى يسرا معشوقه خياله .. أما ديما فقد عادت لبيتها تحمل كم هائل من المشاعر والأمنيات المفعمة بالأمل والسعادة من لقاءها الأول والغير متوقع .. واغير مخطط له مع كريم ..

مرت الأيام على هذا الحال .. فى الصباح ينتظر كريم يسرا على قارعة الطريق يبادلها وتبادله النظرات .. ليعيش باقى اليوم على احلام يقظته معها .. يحلم بلقاءها والقرب منها والحديث معها .. ولا مانع ان يحلم بقبلة يضعها على خديها .. وإذا ما غلبته شهوته .. يضعاه على شفاهها .. لينام على متعة قبلته المتأججأة بالرغبة فيها .. ثم يذهب الى الجامعة يحضر محاضراته ويلتقى بزملائه ومنهم ديما التى اصبح لهما لقاءا شبه يومى بالحديقة يتبادلان فيه الحديث فى كل شيء .. أصبح بعدها يحب الكلام معها بعد ان اعتبرها أحد أصدقائه المقربين ..

وجد نفسه بعد ذلك لا تتحمل هذا الحرمان من يسرا .. فقرر أن يتحدث إليها .. كانت خطوة جريئة منه قرر .. ان يخطوها حتى يضع حدا لما هو فيه .. فى ذلك اليوم تجرأ الى ان يذهب خلفها فربما لاحت له فرصة ما فى الكلام معها .. دقائق معدودة ووصلت الى مدرسة اخيها الصغير فتركته بعد ان اطمئنت عليه انه قد دخل الى المدرسة واتجهت بعد ذلك الى مدرستها .. وما زال كريم يسير خلفها بعدة خطوات .. ثم اسرع الخطى فى اتجاهها وقلبه معها تتسارع دقاته بشدة من الخوف ان تصده او يراهم احد يعرفهما من الحى .. وصل الى جوارها ثم قال بصوت خافض مهزوز كإهتزاز قلبه داخل صدره : صباح الخير ..

نظرت يسرا الى جوارها وقد جحظت عيناها من المفاجأة فلم تستطع ان تنطق بشيء ..
كريم : طيب على الاقل ردى الصباح ..
يسرا وهى تتلفت حولها فى نفس الخوف والتردد الذى انتاب كريم : صباح النور ..
كريم بتلعثم : ممكن اتكلم معاكى دقيقتين ..
لم ترد يسرا التى كانت ما تزال تلتفت حولها وهى تسير مسرعة الخطى .. فاردف كريم : من فضلك يا آنسة يسرا .. هما دقيقتين مش اكتر ..
يسرا : من فضلك انت .. لو حد شافنا بنتكلم حتبقى مصيبة .. انت متعرفش اخواتى ..
كريم : لا .. عارفهم كويس .. وعلى فكرة أنا مش بخونهم وانا بتكلم معاكى دلوقتى .. أنا بصراحة معجب بيكى وغرضى شريف ..
وقفت يسرا وهى تنظر اليه تتفحصه عن قرب ثم قالت له : طيب لو سمحت قول بسرعة اللى عايز تقوله ..
كريم : على فكرة انا قلته خلاص ..
يسرا : طيب .. خلاص عرفت .. ممكن بقى تبعد وتسيبنى اروح المدرسة قبل ما حد يشوفنا وتبقى مصيبة ..
كريم : بس أنا معرفتش رأيك فى اللى قولتهولك ..
يسرا : مش وقته .. بعدين .. بعدين .. لو سمحت امشى بقى ..
تحركت من امامه ولم تعطه فرصة لقبول أو رفض ما قال .. كانت رغبتها فى ان يذهب بعيدا عنها خوفا من ان يراها احد وهى تتحدث معه هى المسيطرة على تفكيرها فى تلك اللحظات .. ولكنه لم يرتدع فجرى وراءها بضعة خطوات ووقف امامها ومد اليها يده بورقة صغيرة اعطاها لها فى صمت وهو ينظر الى عينيها برجاء ..

تناولت يسرا الورقة من يده بسرعة بيد مرتعشة واسرعت الخطى بعد ان تخطت مكانه .. كانت ترتعش من الانفعال والخوف وأشياء أخرى لم تعلم فى حينها ماهى .. فهى كانت سعيدة بإقدام كريم ومخاطبته اياها .. بل واعترافه بحبه لها .. وفى نفس الوقت كانت فى شدة الاضطراب والخوف من ان يكون احدا ممن يعرفونهم قد شاهدهم وهو يتكلم معها .. دلفت الى المدرسة وهى غير مستوعبة ما حدث .. نعم انه هو .. كريم .. بالفعل هو .. الذى يتحدث الحى كله عنه تفوقه وأنه الوحيد بالحى كله الذى استطاع ان يتأهل لكلية لطالما حلم بها جميع ابناء الحى .. كانت سعيدة لأنه اختارها هى دون الجميع .. أنه اعترف لها بإعجابه بها .. يكفيها كلمة غرضه الشريف .. يكفيها .. لأنها لم تجرب الحب من قبل .. نعم سمعت كثيرا كلمات الأعجاب والالكثير .. فجمالها وانوثتها الطاغية تؤهلها لذلك .. ولكنها المرة الأولى التى تسمح فيها لأحد ان يقترب منها الى هذا الحد .. يخبرها عن مشاعره .. ورغبته فيها .. لتعود كلمة غرضى شريف لتغفر له أى جرأة قد تجرأ عليها بها ..

دخلت بعد دقائق قليلة الى مدرستها وهى مطبقة على الورقة التى تناولتها من كريم بشدة وكأنها تخاف ان يراها احدا وفى نفس الوقت كانت حريصة على تلك الورقة تخاف ان تفلتها قبل ان تعلم على ما تحتوى .. لذا كان اول شيء تفعله هو الذهاب الى حمام المدرسة بعيدا عن كل الأعين ثم فتحت كفها المطبق على الورقة وفتحت الورقة لتجد رقما .. دققت فى الرقم فعلمت انه رقم تليفون منزلى .. انه رقم تليفون كريم .. نعم هو بالتأكيد .. كريم يريدها ان تطلبه تليفونيا .. هكذا حدثتها نفسها .. سرحت قليلا تفكر فى الأمر .. هل سوف تقبل على هذه الخطوة .. انها ليست بهذه الجرأة .. ولكنها فى نفس الوقت تريد ان تتكلم معه .. ان تقترب منه .. هى منذ شهور تعلم رغبته فى التقرب منها والحديث معها .. هل هو معجب بها حقا .. أم يريد فقط ان يلوذ بجميلة الحى .. يريد ان يشاور عليه الجميع بأنه الوحيد الذى نال رضاها وقلبها .. كيف لها ان تعلم حقيقة امره بالنسبة لها .. ليس هناك سبيل سوى ان تعطيه الفرصة ليثبت لها حسن نواياه .. ولكن كيف ومتى وهى محاطة باهلها وكذلك هو .. كيف له ان يواجه اخيها الأكبر اذا علم بأمر علاقتها المحتملة مع كريم .. وهى ايضا .. ماذا ستفعل اذا علم .. هى موقنه بأنها لا تستطيع تلك المواجهة مع اخيها مدمن المخدرات الذى لن يتوانى فى ان يشبعها ضربا .. ثم يقيم الدنيا ولا يقعدها على كريم الذى تجرأ وخاطب أخته وحاول ان تكون بينه وبينها علاقة .. لكن ربما يستطيع كريم ان يحتمى من بطش اخيها باخوته وعزوته .. لكن هى من يحميها منه .. ؟!!!
ظلت يسرا تفكر فى الأمر حتى انتبهت الى خبطات على باب الحمام .. فهناك زميلة تريد ان تستخدم الحمام وما عليها الآن سوى ان تخرج لتبدأ يومها الدراسى .. وتترك أمر كريم ورقم تليفونه مؤقتا حتى تستطيع ان تفكر فيه بالبيت ..

فى نفس الوقت على الجانب الآخر .. دخل كريم الى الجامعة وعينيه معلقة بمكان ديما الذى تعود ان تنتظره فيه كل يوم .. ولكنه لم يجدها هناك .. بحث قليلا بعينيه عنها بدون اهتمام ولكنه لم يجدها فتوجه الى قاعة المحاضرات ..

انتهت المحاضرة التى حضرها كريم مشوش الفكر ولم يفهم منها شيئا .. فقد كان قلبه وعقله فى مكان آخر .. كانا هناك بالقرب من مدرسة يسرا .. وهو يتحدث اليها للمرة الأولى فى حياته .. أو منذ أصبح هو شابا وأصبحت هى فتاة .. يفكر فى اللحظة التى اعطاها فيها رقم تليفونه المنزلى .. ظل يفكر طوال المحاضرة فى تلك الخطوة الكبيرة التى خطاها نحوها بدون تفكير .. يتساءل .. هل ما اقدم عليه صواب ام خطأ ..؟ .. هل قبلت منه هذا التصرف أم لا .. اعجبها إقدامه وجرأته ورضيت عنهما ام هى الآن تستشيط غضبا لاقدامه وتهوره الغير مقبول .. هل فرحت بالورقة وكلامه معها .. ام مزقت تلك الورقة دون ان تعلم ما بها .. وأخرجت هذا الهراء الذى قاله لها من اذنيها ..؟ ..
كان متبقى له محاضرة أخرى فى هذا اليوم ولكن بعد ساعتين .. آثر أن يقضى الساعتين فى الحديقة كعادته .. فتذكر ديما وهو يهم بالخروج الى الحديقة .. فربما يقابلها هناك وتستطيع بحديثهم سويا ان تخرجه من حالة القلق التى تجثم فوق صدره .. ذهب الى الحديقة يبحث بعينيه عن ديما .. لكنه لم يجدها فى المكان التى اعتادت ان تجلس فيه ولا أى مكان آخر .. كان يشعر بان القلق يكاد يفتك به .. ولكنه لم يتيقن من السبب الحقيقى لتوتره وقلقه .. هل هو بسبب فعلته الصباحية مع يسرا .. أم بسبب انه يفتقد ديما وجلسته التى اعتادها معها .. حاول ان يلهى نفسه فى القراءة .. ولكنه لم يكن يستوعب شيئا مما يقرأ .. كان يعيد قراءة الجملة مرات ومرات حتى يتسوعب محتواها .. حتى شعر أن القراءة فى تلك الحالة ليست سوى عبئا عليه .. لذا .. اغلق الرواية التى بين كفيه وفرك وجهه بيديه وهو يتمنى لو ان احداث اليوم لم تكن .. غادر الى منزله ولم يحضر المحاضرة الثانية .. فقد ادرك انه لن يستوعب منها شيئا .. مثلها مثل مثيلتها الأولى ..

عاد كريم الى البيت مشيا بالرغم من ان المسافة بين منزله والجامعة ليست بالقصيرة .. ولكنه آثر المشى لعل معه يستطيع ان يتمكن التعب منه وينام أو حتى يلتهى به قليلا .. فاليوم كان يوما صعبا عليه .. ومجهدا لأعصابه وجسده بالقدر الكافى ..

دخل الى حجرته التى يشاركه فيها أخويه الصبية الأكبر منه مباشرة .. على وعبد السلام .. فعلى يكبره بعام ونصف وعبد السلام يكبر على بمثلهما وهو الأقرب الى قلب كريم من باقى اخوته الصبية .. تماما مثل اخته الكبرى أحلام التى تصغر اخيه حسن بعامين ونصف .. هى الأخرى قريبة الى قلب كريم بصورة كبيرة .. فهو يعتبرها بمثابة امه وليست اخته الكبيرة .. فهى من قامت بتربيته وبتدليله وهى من جعلته يحب التعليم الذى حرمت هى منه بعد أن كادت ان تخطى المرحلة الابتدائية .. فصارحت امها بأنها لا تريد اكمال تعليمها .. وانها ترغب فى البقاء بالبيت لتساعد فى امور البيت .. فى ذلك الوقت حاولت الأم كثيرا بكل الطرق أن تثنى احلام عن رغبتها تلك .. ولكن احلام اصرت على ما تريد .. فرضخت امها وابيها الى رغبتها تلك .. خصوصا ان فى تفرغها للبيت فرصة لأمها ان ترتاح ولو قليلا من مجهود خدمة اسرة بأكملها بهذا العدد ..

لم يكن لدى احلام سببا جوهريا لترك التعليم .. لقد كانت طفلة عادية الذكاء كالكثيرين من حولها .. ولكنها سئمت معاملة احدى معلميها لها .. فقد كانت تلك المعلمة تفتقد الى ابسط قواعد الانسانية مع الطالبات الجميلات التى يتميزن بشعورهن الجميلة .. او يتمتعن بقدر من الجمال .. وكانت احلام تمتلك وجها جميلا و أيضا شعرا جميلا بحق .. ينسدل على جبينها وخلف ظهرها كأنه كتلة من الحرير الذى تناسقت خيوطها ببراعة الخالق كانه خلق من نور اسود .. شديد السواد واللمعان .. وتتمتع ببشرة بيضاء جذابة ورثتها من ابيها .. وعينين حورائيين غاية فى الحسن مكحلتين بطبيعتهما .. وفم صغير غليظ الشفتين الحمراويين بطبعهما زاد جمالهما تلك الحمرة المتأججة من خديها من ابسط أمور الخجل أو الانفعال .. كانت آنذاك فتاة صغيرة السن .. نعم .. ولكنها تتمتع بجمال هادئ .. نادر الوجود ..
قد تعدت تلك المعلمة السادسة والثلاثون .. ولم تنعم قط فى حياتها بادنى لمسات الجمال فى الخلق والخلقة .. ولم يتقدم لها يوما رجلا ما ولو على سبيل اللهو معها .. لذا كانت لا تحب أى فتاة أو طفلة تتمتع بقدر من الجمال .. تشعر ان الجميلات هن من يستحوذن على فرصتها فى الرجال .. فكلما ترتكب أحلام خطاءا ولو بسيطا .. كان عقابها من تلك المعلمة شديد .. وابسطه شد شعرها وتوبيخها وتذنيبها طوال اليوم .. حتى أصبحت أحلام تكره المدرسة والتعليم بسببها ..
دخل كريم الى الحجرة الخالية من البشر واستلقى على سريره بملابسه .. مجهدا متعبا من طول المشى وكثرة التفكير ..

لاحظت احلام دخول كريم الى الحجرة ولم يلقى عليها التحية وهى جالسة فى صالة البيت .. وهذا ليس من عادته .. فانتظرت قليلا لعله يخرج بعد قليل بعد أن يغير ملابسه ثم يأتى اليها ويجلس معها يخبرها عن احداث يومه .. خصوصا انه كان قد قص عليها مشاعره تجاه يسرا .. وجلساته مع ديما .. فهى كانت له مستشار الحب .. وجميع اسراره معها ..
عندما طال غيابه داخل الحجرة .. طرقت احلام الباب .. ثم دلفت الى الحجرة بعد عدة طرقات لم يرد بعدها كريم عليها ..
أحلام : مالك يا كوكى يا حبيبى .. مش عادتك تدخل على اوضتك كده من غير سلام ولا كلام ..
كريم : وهو مازال مستلقيا على ظهره ينظر الى السقف مهموم : معلهش يا لومى .. بس تعبان شوية وجيت من الكلية لحد هنا ماشى ..
احلام بدهشة : يا خبر .. ليه يا بنى .. معكش فلوس تذكرة الترام ..؟
كريم : لا أبدا .. بس كنت قرفان وزهقان .. فقلت اخدها مشى يمكن اتهد وارجع انام من التعب ..
أحلام بابتسامة : بعد الشر عليك يا حبيبى من الهدة والتعب .. قوللى يا سيدى ايه اللى مخليك قرفان .. اوعى البنت يسرا تكون عملتها معاك وقلت باصلها وزعقتلك لما كلمتها .. الا قوللى صحيح .. هو انت كلمتها النهاردة زى ما قلتلى ولا خفت ..
كريم بزهق : ولا خفت ولا حاجة .. ايوة كلمتها وعطيتها نمرة التليفون كمان ..
احلام : يا ابن الجريئة .. وجالك قلب تعمل كده .. .
كريم : ايوة عملت كده .. هو صحيح كنت مرعوب وبترعش ان حد يشوفنى .. بس جمدت قلبى وعملتها والحمد لله مرت بسلام .. بس من ساعتها وأنا فى قلق وتفكير لدرجة انى مفهمتش أى حاجة من محاضرة النهاردة .. وكمان فوت المحاضرة التانية ..
أحلام وهى تبتسم مازحة : لا يا حبيبى .. مش عايزين المواضيع دى تعطلك عن مذاكرتك ومحاضراتك .. سكتت للحظة ثم تكلمت بجدية : خللى بالك يا كريم .. انا بسمع ان الدراسة بتاعتكم مش سهلة ومحتاجة تركيز .. يعنى مفيش مانع انك تحب .. بس بشرط ان ده ميأثرش على مستقبلك ..
كريم : خلاص والنبى يا لومى .. الحكاية مش ناقصة .. وأنا مش مستحمل دلوقتى .. أنا كلى قلق وخوف من انها تكون اضايقت من تهورى ده .. وكمان الزفتة ديما مجتش النهاردة .. على الأقل كانت خففت على الأمور ..
أحلام : طيب وهى ديما مالها وايه ذنبها تشتمها بالشكل ده وتقول عليها زفتة .. ده جزاء انها بتحبك وانت ولا سائل فيها .. والله أنا حاسة ان البنت دى هى اللى تستاهلك مش بنت سواق التاكسى دى واخواتها الصيع .. أنا مش عارفة .. انت ازاى دكتور وحتناسب عيلة باشكل ده .. يابنى دول مش من مستواك ..
كريم : ليه بقى ان شاء الله .. يعنى انتى شايفة مستوانا ايه يعنى .. وبعدين ماله سواق التاكسى .. ما هو فى النهاية راجل شريف .. وبعدين سيبك من افلام الخمسينات بتاعتك دى .. أنا ياستى يسرا عجبانى ومش حتجوز غيرها .. وبعدين مين قالك انها مش حتجيب مجموع السنة الجاية وتدخل الطب معايا .. وساعتها حتبقى من مستوايا ودكتورة زيي ..
احلام بسخرية : ابقى تعالى قابلنى .. دى كبيرها كلية الآداب .. زى اختها اللى دخلت تجارة ..
كريم : اسم الله عليكى يا خريجة الهندسة .. قالها كريم ثم شعر بمدى قسوة ماتفوه به على احلام وقد لاحظ الدموع التى تكونت بسرعة عجيبة بمقلتيها فقال بسرعة ورجفة : أنا أسف يا أحلام .. صدقينى مقصدتش اللى قولته ..
ابتسمت احلام وهى تمسح دمعتين انسابتا على خديها وهى تقول بحزن واسى : آسف على ايه يا كوكى .. انت مقلتش غير الحقيقة .. يالللا بقى اسيبك تريح شوية لغاية ما اخلص الغدا واصحيك تتغدى ..

امسك كريم بيدها وهى تهم بالوقوف بعد ان كانت جالسة على طرف سريره وهو يقول برجاء : مش حسيبك تطلعى الا لما احس انك سامحتينى ..
أحلام : يابنى محصلش حاجة علشان اسامحك ..
كريم : بجد يا لومى .. يعنى مش زعلانة منى ؟
أحلام : بطل هبل بقى و سيبنى اقوم احسن الرز حيشيط وساعتها مش حتنفعنى من التهزيق اللى حخده من الكل وخصوصا امى ..
كريم وهو يترك يدها مبتسما : ماشى ياستى .. علشان خاطر الرز .. بس لينا قاعدة بالليل نحكى فيها .. وخلى بالك من التليفون لو رن .. حاولى انتى اللى تردى عليه .. يمكن تطلع يسرا .. تكون قلت عقلها وحتتصل ..
أحلام بتريقة : بالسرعة دى ..!! لا بقى .. دى تبقى واقعة ومصدقت ..
كريم : جرى ايه يا بنتى .. هو أخوكى شوية ..
أحلام : ماشى يا عم المغرور ..

ضحك الاثنان ثم خرجت احلام من الحجرة وهى متألمة من داخلها .. فقد ضغط كريم على الجرح بشدة .. جرح لازمها منذ سنوات طويلة .. جرح لا يبرح تفكيرها ليل نهار .. جرح كانت هى السبب فيه .. فهى التى طلبت .. بل ألحت على امها كى لا تكمل تعليمها .. فاصبحت الوحيدة من دون اخوتها التى اكتفت بالتعليم الى ما قبل المرحلة الابتدائية .. هى تستطيع ان تقرأ وتكتب .. ولكن يدها قد اصبحت لا تتقن الكتابة كما يجب .. فقد عجزت بسبب عدم الممارسة .. أما القراءة فقد حافظت عليها لانها كانت مولعة بقراءة أى شيء وكل شيء .. فهى مثقفة جدا .. ولكن بدون شهادات علمية .. و بالرغم من ثقافتها التى تفوق ثقافة الكثير من الحاصلين على الشهادات العلمية كانت تشعر بفارق كبير بينها وبين المتعلمين او الحاصلين على شهادات وأولهم أحمد .. جارها طالب السنة الثالثة بكية الحقوق .. الذى أحبته من طرف واحد ولكنها لا تستطيع ان تحلم بان يبادلها نفس الحب بسبب انها غير متعلمة .. وبالرغم من نظراته اليها كلما خرجت الى شرفة البيت أو طلت من نافذة غرفتها .. تلك النظرات التى تنم على مشاعر يكنها لها الا انها تمنع نفسها من أمل لن يتحقق فى يوم من الأيام .. فأين ذلك المتعلم الذى يقبل اليوم بواحدة غير متعلمة .. مهما كانت جميلة .. ومهما كانت مثقفة .. وحتى ان كانت على قدر كبير من الجمال كجمالها ورقتها ..؟؟!!

تعلم احلام ان أحمد يكن لها مشاعر خاصة .. وربما ازدادت مشاعره تلك اذا علم انها مثقفة وعلى وعى كبير بالحياة من كثرة ما قرأت .. ولكن كيف له ان يعلم وهى لم تتحدث معه ولو مرة واحدة .. تعلم انه لا يجرؤ على ان يتحدث معها .. فهو يعلم مدى شراسة اشقاءها .. وخاصة حسن الذى اشتهر بالحى بمدى قوته وبطشه بمن يتجرأ على اى من افراد عائلته .. فبالتأكيد هو لا يحب ان يضع نفسه فى أى موقف معه .. ويخشاه .. وهو أيضا ليس له أشقاء بنات قد تتوسط احداهن وتكون رسول الغرام بينه وبين احلام .. هو وحيد امه بعد وفاة ابيه منذ أعوام .. يعيش على معاش ابيه حتى يتخرج من جامعته ويستطيع ان يعتمد على عائد وظيفته ..

جلست احلام بعد ان انتهت من اعداد الطعام للجميع فى ركنها المفضل من البيت تقرأ فى احدى الروايات .. مرت دقائق قبل أن تدخل عليها امها .. فلما رأتها تقرأ قالت لها بلهجة تهكم وتقريع .. وكأنها لا يعجبها ما تفعل أحلام : بتعملى ايه يا أحلام ..
أحلام : بقرا يا ماما ..
زينب : أيوة ما أنا شيفاكى بتقرى .. اقصد خلصت اللى وراكى ..
أحلام وهى لا تزال تضع عينيها المحمرتين فى الرواية حتى لا تلاحظ أمها بكائها : الأكل خلص من شوية ..
زينب : ياختى بتكلمينى كده ليه وانتى حاطة وشك فى الكتاب .. والاجابة على أد السؤال كأنك مش طايقة تتكلمى معايا .. هو فيه ايه يا بنت .. حتفضلى لامتى جلياطة ومعندكيش ذوق مع أمك .. سيبى المدعوق اللى فى ايدك ده وكلمينى زى ما بكلمك ..

كانت كلمات زينب تصيب أذن ووجدان أحلام وكأنها رصاصات تدمى مشاعرها الجريحة منذ قليل بسبب ما تفوه به كريم .. فعادت تبكى من جديد وتدفن عينيها فى الرواية أكثر وأكثر عل امها ترحمها من هذا الهجوم الغير مبرر وفى غير وقته .. لم تستطع الرد على امها التى بادرتها بقسوتها المعهودة لتنهرها وهى تطيح بيدها بالرواية من يد أحلام : أما انتى بنت قليلة الأدب .. انتى ازاى يا بنت سيبانى أهاتى كده ومترديش علي و ..... ثم توقفت عن صياحها عندما شاهدت ابنتها وهى تنتحب ودموعها تنهمر بشدة .. فسكتت قليلا ثم قالت لها بنبرة بين اللين والقسوة : مالك يا بنت .. بتعيطى كده ليه .. فيه ايه انطقى ..
أحلام وهى تحاول ان تتحكم فى نحيبها : مفيش .. مفيش حاجة ..
زينب وقد علت نبرتها قليلا : أمال بتعيطى بالشكل ده ليه .. ؟
أحلام وقد تحكمت كثيرا فى بكائها : ما قلت لك مفيش حاجة .. حاسة انى مخنوقة شوية .. هو يعنى مينفعش حد يتخنق فى البيت ده ..
زينب بتهكم : وايه اللى خانقك ان شاء الله ..؟ مش لاقية تاكلى ولا مش لاقية تلبسى يا حبيبتى ..!!
أحلام : وهى العيشة أكل ولبس بس ..
زينب بتهكم : أمال العيشة ايه يا فليسوفة زمانك ..؟
أحلام : خلاص يا أمى .. بلاش نفتح فى المواضيع اللى بتخليكى متضايقة منى .. أنا أهو بطلت عياط .. فيه حاجة عايزاها منى ..
زينب : اسمعى يا بنت انتى .. أنا لازم أعرف اللى جواكى .. وايه اللى بيخليكى كل شوية تقعدى تعيطى كأن ميت لك حبيب .. مش كل مرة تعيطى وتقلبيها علينا نكد ولما أسألك تقوليلى خلاص أنا بطلت عياط .. لو عليكى عفريت يا حبيبتى نعمل لك زار .. يمكن يطلع من جتتك وتطيبى ..
أحلام وقد وصلت الى ذروتها من الحزن والألم من كلام أمها : الله يخليكى يا أمى أنا مش مستحملة .. بالله عليكى ما تزوديها علي ..
زينب وقد لان قلبها قليلا : لا حول ولا قوة الا بالله .. ثم اقتربت من أحلام وأخذت برأسها ووضعتها على صدرها وهى تقول بحنية : مالك يا أحلام .. فيكى ايه يا بنتى .. فضفضيللى يا حبيبتى .. ده أنا امك ..
أحلام وقد عادت دموعها تنساب على خديها وهى تقول : خدينى فى حضنك يا أمى .. أنا محتاجة له أوى ..
زينب : تعالى يا حبيبتى .. تعالى خشى فى حضن أمك واحكى لى ايه اللى مضايقك يا حبيبتى ..

أحلام بتنهيدة وهى تغوص برأسها فى صدر أمها :كتير .. كتير يا أمى .. نفسى أغمض عنيه وافتحها الاقينى خلصت من الهم اللى قاعد على صدرى ليل نهار .. نفسى أرجع بنت صغيرة واتحمل أبلة المدرسة اللى كانت السبب فى انى اسيب التعليم وابقى الوحيدة وسط اخواتى والجيران اللى مكملش تعليمه .. نفسى لو كنتى ضربتينى واجبرتينى على انى استمر فى التعليم .. ومسمعتيش كلامى لما قولت لك انى عايزة اقعد من المدرسة وأخدم فى البيت .. وآدى النتيجة .. مفيش حد بيعبرنى ولا بيطلب ايدى وأنا داخلة على الخمسة وعشرين سنة ..

سكتت أحلام قليلا لتتكلم أمها : ياه يا أحلام .. ده انتى معبية أو يا بنتى .. ليه يا حبيبتى بتفكرى كده .. ده انتى ألف من يتمناكى .. ده انتى يا احلام جمالك موصفش .. ده انتى يا عبيطة احلى من الممثلات اللى بييجو فى التليفزيون حتى من غير ما تحطى الأحمر والأصفر اللى بيلطخوا بيه وشوشهم .. و حتى أحلى من الممثلات الأجانب اللى أخواتك وحتى أبوكى بيتهبلوا عليهم ..
سكتت زينب لبرهة ثم عادت تتكلم بنبرة ملؤها الحسرة : بس انتى عندك حق .. مكنش لازم اسمع كلامك واقعدك من المدرسة .. سامحينى يا بنتى .. كان المفروض فعلا انى اجبرك على التعليم .. واروح للمدرسة اللى ربنا لا يسامحها اللى كانت منكدة عليكى عيشتك واوقفها عند حدها .. ربنا يقعدهولها فى عيالها .. البعيدة منها لله ..
أحلام بانزعاج : لا والنبى يا أمى متدعيش على حد .. كل واحد منه لله .. وربنا يسامحنا ويسامحها ..
زينب : يا حبيبتى يا بنتى .. والنبى يا أحلام ما فيه حد فى طيبة قلبك .. وعلشان كده ربنا حيعوضك بعريس ما كنتيش تحلمى بيه .. وبكرة تقولى امى قالت .. ياللا يا حبيبتى .. ارمى حمولك على الله .. وقومى اغسلى وشك .. وحضرى لنا الغدا .. أخواتك وأبوكى زمانهم على وصول ..
أحلام وهى تترك حضن أمها وتمسك بكفها تقبله تقول : حاضر يا أمى .. بس أمانة عليكى .. متبقيش ترمى الكتب اللى بقراها بالشكل ده .. أنا بحب القراية أوى وهى سلوتى الوحيدة فى
الدنيا دى .. أنا مع القراية بعيش فى دنيا تانية .. دنيا جميلة أوى .. بتسلينى وبتنسينى همومى ..
زينب بنظرة حنان : عارفة .. عارفة يا بنتى .. انتى ورثتى الهواية دى عنى .. أنا كمان كنت بحب القراية أوى وياما قريت كتب وروايات .. وعارفة وحاسة معنى اللى انتى فيه .. بس أول ما اتجوزت وخلفت .. مبقاش عندى وقت للقراية ولا لأى هواية تانية .. ثم ضحكت وهى تنكز ذراع ابنتها .. تقول : وبينى وبينك الروايات اللى كنت بقراها هى اللى وقعتنى فى حب ابوكى من كتر ما كان نفسى أحب وأنا صغيرة .. ياه يا أحلام .. فكرتينى بالذى مضى ..
احلام بحماس : وايه الهوايات التانية اللى كنتى بتحبيها ..؟
زينب : كنت بحب التفصيل والخياطة وشغل الأبرة .. ياه يا أحلام ده أنا ياما عملت لكم حاجات حلوة وانتم صغيرين انتى و حسن أخوكى .. بس لما خلفت عاصم بقيتوا تلاتة ومبقاش عندى وقت لأى حاجة ..

عادت احلام تلتقط يد أمها من جديد وتطبع عليه قبلة حب وامتنان ثم قامت ودلفت الى المطبخ لتجهيز الغداء فى اللحظة التى فتح فيها إبراهيم الباب ودخل الى منزله عائدا من عمله ..
إبراهيم : السلام عليكم يا زينب .. مالك حطة اديكى على خدك كده يا وليه .. ؟
زينب بتنهيدة : لا .. مفيش يا خويا .. بس لسة يا دوب مخلصة شغل البيت قلت اقعد على الكنبة أريح شوية ..
إبراهيم : الله .. أمال فين الولاد . مش شايف حد فيهم ..
زينب : مفيش غير كريم فى اوضته وأحلام بتحضر الغدا .. والباقى لسه مجوش من بره ..
إبراهيم : حسن أفندى اللى راجع امبارح الساعة واحدة بالليل .. لسه هو كمان بره ..
زينب : زمانه جاى يا أبو حسن .. والنبى مدقش على تصرفاته .. حسن يا خويا كبر ومبقاش صغير علشان نقف له على الكبيرة والصغيرة .. ادعى له انت بس ربنا يوفقه ويخلص كليته السنة دى .. علشان نرتاح من هم دراسته .. ويارب تشوفه وكيل نيابة ولا قاضى زى ما بتتمنى ..
إبراهيم : نفسى .. نفسى يا زينب الواد ده يبل ريقى ويخلص .. مش لازم يكون وكيل نيابة أو قاضى .. المهم انه يخلص وان شا الله ييجى يشتغل معايا فى المحل ..
زينب باستنكار : يا خبر يا أبو حسن .. بقى احنا كنا بنعلمه كل التعليم ده علشان فى النهاية يقف يبيع فى محل ..؟!!
إبراهيم : وماله يا وليه شغل المحلات .. طب ده أبوه اللى اسمه أبوه بيقف فى المحل طول اليوم لا بيكل ولا بيمل .. هو يعنى علشان اتعلم حيستكبر علينا ولا ايه .. وبعدين يا وليه اللى عندنا ده مسمهوش محل .. ده مجموعة محلات .. أكبر محلات ادوات منزلية فى البلد كلها من اولها لآخرها .. يعنى محتاج عدد اد عيالك دول مرتين علشان يديروه ..
زينب : بسم الله والله وأكبر .. فيه ايه يا راجل ميحسدش المال الا صحابه .. أنا يا خويا مقصدش .. بس يعنى شغله بالحقوق حيكون أحسن له ولينا ..
إبراهيم : أنا مش حطول معاكى فى الكلام .. اللى بيتكلم معاكى مبيخلصش ولا بيعرف يغلبك .. قومى شوفى احلام بنتك اتأخرت ليه فى تحضير الغدا .. أنا ميت من الجوع ..
زينب : حاضر يا خويا .. أنا حقوم اساعدها والغدا حالا حيكون جاهز .. بس بعد ما تتغدى كده وتشرب شايك عايزاك فى موضوع كده ..
إبراهيم : وهو يهم الى الدخول الى حجرته لتغيير ملابسه : يادى مواضيعك اللى مبتخلصش يا زينب ..

مرت حوالى نصف ساعة قبل أن ينهى إبراهيم غدائه ودخل الى حجرته من جديد وزينب خلفه بكوب الشاى .. جلس ابراهيم على احدى المقعدين بحجرة نومه أمام السرير وجلست زينب امامه على المقعد الآخر بعد ان وضعت كوب الشاى على الطاولة الصغيرة أمام المقعدين ..
إبراهيم : خير يا زينب .. ايه الموضوع اللى عايزانى فيه .. بس والنبى تختصرى علشان أنا عايز اريح جتتى شوية قبل ما ارجع المحل تانى ..
زينب .. حاضر ياخويا .. مش حطول عليك .. شوف بقى يا أبو احلام ..
قاطعها إبراهيم مبتسما بسخرية : الله ما أنا كنت من شوية أبو حسن .. انتى حتشكلى عليا يا وليه ولا ايه ..
ضحكت زينب ضحكة خفيفة : الله يجازيك يا أبو الولاد .. ما هو يا راجل لما يكون الكلام عن حسن تبقى أبو حسن .. ولما يكون الكلام عن احلام تبقى أبو أحلام ..
أبراهيم: ماشى يا أم احلام .. خير مالها أحلام ..
زينب بتردد : خير يا خويا .. بس البنت مش عجبانى .. على طول قاعدة مسهمة وحزينة .. والنهاردة يا حبة عينى بعد ما نكشتها حبتين .. انفجرت فى العياط وطلعت اللى جواها ..

كان إبراهيم يستمع الى زينب مطرق الرأس حزين على ابنته .. فهو يعلم ما بها من غير أن يخبره أحد .. يعلم أسباب حزنها .. يعلم ما تمر به .. ولكته اراد فقط ان يتأكد مما يظن ابنته تمر به .. فقال بتنهيدة حارقة : لا حول ولا قوة الا بالله .. طيب انتى ليه يا زينب بتضايقيها بالشكل ده .. وبعدين ايه اللى فيها ..
زينب : يقطعنى يا خويا لو كنت ضايقتها .. أنا يا دوب نكشتها نكشة صغيرة .. يا دوب بلومها على تمقيق عينها فى القراية ليل نهار .. وفجأة لقيتها انفجرت فى العياط وقعدت تلومنى على انى سمعت كلامها لما كانت صغيرة وقعدتها من المدرسة ومكملتش تعليمها .. بينى وبينك كده .. حسيت من كلامها انها خايفة تبور ومحدش يتقدم لها .. قال ايه علشان يعنى كونها مش متعلمة .. بذمتك يا إبراهيم البنت دى مش عبيطة .. هو اللى فى جمالها يعنس ولا يبور ..؟ بس برضه يا خويا ارجع واقولك ليه محدش بيتقدملها ..؟
إبراهيم : والله يا زينب البنت عندها حق .. وبينى وبينك انا كمان بلوم نفسى على موضوع تعليمها ده .. احنا فعلا غلطنا من الأول اننا سمعنا كلامها وقعدناها من المرسة .. وكمان بينى وبينك البنت كبرت ومحدش لغاية دلوقتى اتقدم لها .. وأنا ماسك قلبى بإديا أحسن البنت ميتقدملهاش حد وتعنس ..
قفزت زينب من مكانها وكانها قد لدغها عقرب أو ثعبان وهى تقول : فال الله ولا فالك يا ابراهيم .. ايه تعنس دى يا راجل .. شر بره وبعيد ..
أبراهيم: هو أنا برضه حفول على بنتى يا وليه يا مخبوله .. أنا بقولك على اللى شاغل بالى ومخوفنى ..

زينب وهى تمسك ذقنها بالسبابة والابهام : تكونش يا خويا البنت معمول لها عمل .. !!
إبراهيم : عمل ايه يا ولية يا خرفانة .. انتى بتصدقى فى الكلام الفارغ ده .. قال عمل قال ..
زينب : بص الراجل .. قال خرفانة قال .. يا راجل السحر والأعمال السفلية مذكورة فى القرآن ..
إبراهيم ناهرا إياها : بس يا زينب متزنيش على دماغى فى المواضيع دى وتدخلينا فى طريق منعرفش نرجع منه .. وفى الآخر نلاقى نفسنا بنأذى بنتنا اكتر ماهى مأذية .. قال عمل قال ..

ضربت زينب بكفها على فخذ زوجها وهى تقول : طاب اسمع بقى المفيد يا إبراهيم .. احنا مش لازم نستنى أكتر من كده .. أنا كمان مرعوبة انها متتجوزش .. البنت بقى عندها اربعة وعشرين سنة وداخلة على الخمسة وعشرين .. وكل اللى حواليها ومن سنها اتجوزوا من سنين وعيالهم قربوا يبقوا طولهم ..

قاطعها إبراهيم بتعجب عاقدا حاجبيه : أيوة يعنى عايزانا نعمل ايه .. موضوع التعليم وخلاص معدش ينفع .. ما هو مش معقول بعد ما شاب نوديه الكتاب .. وموضوع الجواز ده قسمة ونصيب .. يعنى مفيش فى ادينا حاجة نعملها ..
زينب بلوم : هو ده اللى ربنا قدرك عليه .. طيب وفين المثل اللى بيقول أخطب لبنتك ولا تخطبش لابنك ..؟؟
إبراهيم بغضب : انتى اتجننتى يا وليه .. انتى عايزانى ادلل على بنتى ..
زينب باستنكار لرده : يا خويا الناس كلها بتعمل كده .. وبعدين انت مش حتعمل حاجة .. سيب لى انت الموضوع ده وأنا حتصرف .. بس أنا بفاتحك علشان انت كمان عليك دور فى الموضوع ده .. والحكاية مش حتمشى من غيرك ..
أبراهيم: مش فاهمك .. انتى عايزة تقولى ايه .. اتكلمى من غير ألغاز ..
زينب : ايه رأيك فى الواد أنور .. ؟
أبراهيم عاقدا حاجبيه بتعجب : أنور مين ..؟
زينب : أنور ابن اختك قسمت .. وهو فيه غيره يا راجل ..
أبراهيم بعصبيه : انتى اتجننتى يا زينب .. أنا ادى بنتى للواد الصايع ده .. وابن قسمت اللى استحلت هى وجوزها الناقص ميراثى من أمى .. ده من رابع المستحيلات .. انتى عايزة تكسرى رقبتى للناس دى .. انتى فعلا اتجننتى يا زينب ..

كانت زينب تنظر له بهدوء وبرود عجيبين وكأنها واثقة كل الثقة من اقناعه بما تريد .. قالت : لا يا أبراهيم أنا متجننتش ولا حاجة .. اهدى انت بس واسمعنى .. بلاش عصبيتك اللى دايما بتاخد بيها الأمور .. احنا اللى حنتوجع من قاعدتها جنبنا زى البيت الوقف كده .. وهى حتتوجع اكتر مننا .. وبعدين اسعى يا عبد وانا اسعى معاك ..

أبراهيم وقد هدأ غضبه قليلا : يعنى انتى ملقتيش غير أنور ابن قسمت .. ملقتيش غير الناس اللى طمعانة فينا !! يا وليه انتى حتبلى بنتك ببلوة ما يعلم بيها الا ربنا .. ده واد صايع خمورجى ومدمن مخدرات .. ومورهوش غير المهيصة واللف ورا النسوان .. ازاى عايزانى ادى بنتنا الحلوة دى اللى زى الألماظ لواحد زى ده .. أنا عندى تقعد كده من غير جواز ولا انى اديهاله .. وكمان عايزانا احنا اللى نفاتحهم ونقولهم تعالوا خدوا بنتنا لابنكم .. انسى يا زينب وشيلى الموضوع ده من دماغك .. ومش عايزك تقتحيه تانى أبدا ..

تعلم زينب زوجها جيدا .. وهى اليوم قد فتحت بابا لن تغلقه حتى يتم مرادها .. فقالت له : طيب يا خويا .. استهدى انت بالله كده.. ناملك شوية .. وربنا يفرجها من عنده .. حصحيك كمان ساعة ونص تكون خد راحتك .. ثم تركته وخرجت من الحجرة و لا يزال عقلها يعمل ويخطط لتنفيذ ما تريد ..
-------------------------------------------------------


Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-22, 03:38 AM   #5

مصطفى محمد حمدان

? العضوٌ??? » 489399
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 265
?  نُقآطِيْ » مصطفى محمد حمدان is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية مزفقه


مصطفى محمد حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-01-22, 01:07 AM   #6

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل جميل تسلم ايدك ..

بدأت تتضح ملامح الشخصيات.. كريم تائه بين ديما ويسرا مابين راحة والفة يكنها للاولى وحب يكنه للثانية لكن اعتقد ان ما يشده ليسرا هو انجذاب شاب غر لاول فتاة جميلة تشاغل عيناه ...

تعاطفت مع احلام كثيرا مع الاسف هي تدفع الان ثمن غلطة ليست غلطتها بالاساس .. صحيح هي رغبت بترك التعليم ولكن والدها و والدتها كانا مسؤولان عنها وكان الاولى بهما تقدير الامور والنظر نظرة مستقبلية وهما يطاوعان طفلة في تخريب مستقبلها ..


Maryam Tamim غير متواجد حالياً  
التوقيع
استغفر الله العظيم واتوب اليه
رد مع اقتباس
قديم 06-01-22, 04:20 AM   #7

سبنا 33
alkap ~
 
الصورة الرمزية سبنا 33

? العضوٌ??? » 72737
?  التسِجيلٌ » Jan 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,719
?  نُقآطِيْ » سبنا 33 has a reputation beyond reputeسبنا 33 has a reputation beyond reputeسبنا 33 has a reputation beyond reputeسبنا 33 has a reputation beyond reputeسبنا 33 has a reputation beyond reputeسبنا 33 has a reputation beyond reputeسبنا 33 has a reputation beyond reputeسبنا 33 has a reputation beyond reputeسبنا 33 has a reputation beyond reputeسبنا 33 has a reputation beyond reputeسبنا 33 has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ..بداية موفقة عزيزتي حوارك سلس وطرحك لقضايا فانتظار المزيد من الإبداع

سبنا 33 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-01-22, 04:08 PM   #8

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي " أحــــــلام" - الفصل الثالث

" أحــــــــــلام “

الفصل الثالث


فى المساء وكعادتهم كل مساء تقابل أنور وحسن .. لقاء سهرتهم المعتادة عند جمعة صاحب المقهى الذى يتوسط الشارع الذى يقع فيه بيت حسن .. جمعة هذا يتخذ من مقهاه ستارا لنشاطه الاساسى .. الا وهو بيع المخدرات لشباب الحى .. بل وتوفير المكان المناسب حيث يقضى زبائنه المميزين لديه سهراتهم وسط الدخان الأزرق والبيرة أو حتى الخمور ..
دخل الأثنين الى المتوى (بسكون التاء وفتح حرف الواو والياء اللينة) أو المكنة (بضم الميم) كما يطلق عليه رواده .. وهى حجرة سرية واسعة فى الجزء الخلفى من القهوة .. كانوا هم أول الزبائن .. فاتخذوا اماكنهم المعتادة بعد ان ألقوا التحية على سرنجة .. أحد الرجال الذين يخدمون رواد المكان .. هكذا يطلقون عليه اسم سرنجة .. أما اسمه الحقيقى فهو موسى .. الذى يعمل فى الصباح تمرجيا باحدى المستشفيات العامة .. وقد اطلق عليه جمعة صاحب المكان اسم سرنجة لانه كان يقوم باعطاء الحقن للزبائن فى الصيدلية التى كان يعمل بها قبل ان يلتقطه جمعة ويقنعه بالعمل معه فى المتوى .. فهناك بعض الزبائن الذين يفضلون أخذ الحقن المخدرة عن شرب المخدرات والدخان الأزرق ..
أنور : ازيك يا سرنجة .. ايه .. المكنة فاضيه كده ليه النهاردة ..؟
سرنجة وهو يعطيه ظهره بدون اهتمام .. فأنور و حسن ليسا من زبائنه ولا يخرج منهم بشيء أو بقشيش .. لذا هو لا يعطيهم الاهتمام المفروض : شوية والزباين توصل .. الليل لسه فى اوله ..
حسن يوجه سؤاله لسرنجة : أما فين المعلم جمعه .. بقالنا كام يوم مبنشوفهوش ..
سرنجة : والله ما اعرف عنه حاجة .. اهو الولاد بيقولوا انه عنده شغل فى سيوة .. ولا مش عارف ناحية السلوم .. اللى هى قريبة من ليبيا ..
نظرا انور وحسن الى بعضهما البعض .. ثم مال انور على حسن يهمس له : الظاهر ان المعلم جمعة حيبتدى يشتغل على كبير ..
حسن : مش فاهم .. تقصد ايه بعلى كبير دى
أنور : دى أول مرة يسافر فيها جمعة سفريات زى دى .. والحتت دى فى العادى بيسلموا ويستلموا فيها المخدرات من التجار الكبار .. هو قبل كده كان بياخد من التاجر اللى هنا .. بس طالما رجله وصلته للاماكن دى .. يبقى قدر يوصل للتجار الكبار ويتعامل معاهم من غير وسيط ..
حسن : يا عم احنا مالنا .. مع الكبار ولا الصغيرين .. احنا ملناش عنده غير الساعتين تلاتة اللى بنقضيهم هنا نعدل مزاجنا وكل واحد يروح لحاله ..
أنور : ياض متبقاش قفل .. معنى انه يتعامل مع الكبار معناها ان العين حتبقى من هنا ورايح عليه .. وممكن المكان ده يتعرف .. وساعتها يا حلو ممكن رجلينا احنا كمان تيجى فى الخية ..
حسن : يانهار ازرق .. ده احنا يدوب زباين .. يعنى بنتعاطى وبس ..
أنور : يا سلام عليك يا أبو المفهومية .. بالذمة انت ازاى طالب فى كلية الحقوق .. وفى آخر سنة كمان .. وهو المتعاطى يا فهيم ما بيتعاقبش ..؟!!
حسن : اه والله عندك حق .. ازاى فاتت على دى ..
أنور : مش بقولك قفل .. شكلك كده حتطلع من الكلية دى زى ما دخلت ..
حسن : مين قال كده .. أنا دخلت الكلية عذراء .. ودلوقتى حخرج منها متجوز اربعين .. مش اربعة ..
ضحك الإثنان بقهقهة عالية .. فى حين نظر اليهم سرنجة بسخرية : هو ايه الحكاية .. انتم جايين تتسطلوا .. ولا جايين مسطولين جاهزين ..
رد أنور وهو ما زال يقهقه ويسعل : لا وانت الصادق يا سرنجة .. أحنا مبنفوقش من السطل أبدا .. اتهيألى اننا لو فوقنا مش حنعرف بعض .. ثم ضحك ثلاثتهم مرة أخرى بنفس الطريقة .. ولكن لم يدرى حسن لماذا استوقفته جملة انور الأخيرة .. لماذا جذبت انتباهه لهذا الحد .. ثم بعدها تذكر تلك الفتاة التى إلتقى بها صباح اليوم فى الجامعة .. الفتاة ذات القوام الممشوق التى ركبت السيارة الحمراء بجوار ذلك الشاب الوسيم ..

سرح حسن فى تلك الفتاة .. سأل نفسه .. هل هى سهلة كهؤلاء اللاتى استطاع ان يستميلهن اليه بكل سهولة .. ويعبث معهن كيف يشاء .. أم هى صعبة المنال .. وعليه ان يبذل مجهودا كبيرا حتى يوقع بها .. وهل سيستطيع ؟؟

دخل بعد قليل الى المتوى جمال الأخ الأكبر ليسرا .. فألقى عليهم التحية .. ثم أخذ مكانه على الطاولة الأرضية التى يجلسون عليها .. فبادر أنور : ايه يا جيمى .. اخبارك ايه .. الحالة تمام ولا مأشفرة كالعادة ..؟
جمال مهموما : كالعادة ..
أنور بقرف وامتعاض : وبعدين معاك .. مهو مش معقول حتقضيها كده ضيف علينا كل اليوم.. ما احنا برضه لينا حدود .. ما تسيبك يا عم من شغلة التاكسى دى وتيجى تساعدنى فى الورشة .. أهو برضه تتعلم لك صنعة تأكلك عيش ..
شعر جمال بضيق شديد من كلام أنور له .. كان ينظر لهما حسن وقد تعاطف مع جمال فتدخل لائما أنور : فيه أيه يا عم أنور .. ما تسيب الراجل فى حاله ..
أنور : يا عم حسن أنا قصدى مصلحته مش أكتر ..
جمال : بقولك ايه يا أنور .. أنا عارف مصلحتى كويس .. وان كانت القعدة الحلوة دى يا عم اللى الواحد بييجى يفرج عن نفسه شوية معاكم مزعلاك .. فبلاش منها .. ثم قام ليترك المكان .. فأمسك حسن بيده وهو يقول : جرى ايه يا عم جمال .. ايه لازمة الكلام ده بس .. تعالى بس واستهدى بالله .. انور ميقصدش .. هى بس طلبت معاه نصايح .. اقعد .. يا راجل وصلى على النبى ..
انور مطيبا خاطر جمال : فيه ايه ياجيمى .. مالك خدت الكلام على صدرك كده .. ايه بس اللى مزعلك بالشكل ده ..؟
جمال بعد تنهيدة حارقة : مفيش يا عم انور ..
حسن : لا يا جمال .. شكلك النهاردة شايط .. ايه اللى مضايقك يا خويا ..
جمال : أبويا يا حسن .. هو فيه غيره .. أبويا مش عاجبه حالى .. .. كل شوية قارفنى فى عيشتى .. كل شوية .. يهزئنى ويشتمنى .. على طول منكد على عيشتى .. محسسنى ليل نهار انى فاشل ..
أنور : مهو علشان كده بقولك سيبك من شغلانة أبوك ديه .. أبوك عايزك زيه .. ومخه مش حيجيب ابعد من اكصدام التاكسى اللى بيسوقه ليل نهار .. انت لو غيرت شغلانتك .. صدقنى حيبطل يعايرك بأى حاجة .. لانه ساعتها مش حيلاقى المدخل اللى بيدخلك منه بشغلانة التاكسى اللى هو بيفهم فيها ..
جمال : قولك كده يا أنور ..؟
أنور بثقة : صدقنى يا جيمى.. مفيش غير كده .. ولو أخدت بنصيحتى .. بكرة تقول الله يكرمك يا أنور على نصيحتك لي ..

حضر الى المكنة بقية اصدقاء شلة الدخان الأزرق .. وبدأ حفل مرور الشيشة المخدرة والطرق الأخرى فى تناول المخدرات التى تنبعث منها الأدخنة الزرقاء .. وعلى الجانب الآخر كان يتواجد زبائن الحقن والسرنجات فى اركان المكان .. ومكثوا على حالهم يتناولون ويتناوبون تناول المخدرات مع طرح النكات والقفشات التى تثير الضحك .. حتى بات الجميع يضحك على كل شيء وأى شيء حتى على انفسهم ..

شعر حسن باختناق شديد من كثرة الشرب وكمية الدخان الكبيرة التى حاوطت المكان فقال لأنور بصعوبة : بقولك ايه يا ابن عمتى .. أنا حاسس بدوخة كده وصدرى طابق علي .. حطلع بره شوية أنا حاسس انى اتخنقت من الدخان ..
كان جمال يجلس بين حسن وأنور فقال له : خدنى معاك .. أنا كمان حاسس انى مش قادر آخد نفسى من كتر الدخان ..

خرج الاثنان للتمشية قليلا فى الهواء الطلق .. خرجا يستبدلان هواء رئتيهما الفاسد بهواء نقى من هواء الخريف الذى ينعش الأنوف والصدور .. مشيا قليلا حتى وصلا الى شاطئ البحر والذى كان يبعد حوالى كيلو متر من مكان هذا المكان الموبوء ..

وقف كلاهما يتأمل صفحة البحر الساكن الا من نسمات باردة تهب من البحر محملة برائحة اليود البحرى وتحرك صفحة البحر بأمواج بسيطة تتهادى حتى تصل الى الشاطئ فى حراسة ضوء القمر الخافت الذى يضفى على المكان حالة فريدة من الشجن ..
حسن : متزعلش يا جيمى من كلام انور معاك .. صدقنى هو ميقصدش اللى قاله ..
جمال : أنا نسيت الموضوع ده يا صاحبى..
حسن : بس أنا شايف انك مش المفروض تنساه .. المفروض تفكر فيه وتعمل الصالح .. بصراحة أنا شايف ان كلامه صح بخصوص شغلانة سواق التاكسى دى .. يعنى هات لى كده سواق تاكسى اتقدم فى حياته وبقى فى يوم من الأيام صاحب قرش كده ومتريش .. مفيش .. كله الجاى على اد اللى رايج .. وساعات كتير بيبقى الجاى اقل من اللى رايح .. اقصد يعنى لما التاكسى بيحتاج مصاربف صيانة او تصليح .. وساعات بتبقى مصيبة لما تعمل حادثة كبيرة .. ودى بيبقى فيها خراب بيوت .. وانت ادرى منى بالمواضيع دى ..
جمال مستسلما : عندك حق والله يا حسن ..
حسن : انما قوللى يا جيمى .. انت ليه سبت الدراسة .. مع انى اسمع انك كنت شاطر فى المدرسة .. ؟
جمال وهو مطرقا رأسه الى الأرض : المصاريف .. حيكون ايه غيرها يعنى .. حسيت ان الحمل كبير على ابويا فقلت اشتغل معاه علشان اساعده ..
حسن باستهزاء : وبتساعده ..؟!!
جمال : للأسف لا .. بقيت حمل عليه .. فى الاول كنت بساعده .. وماشى تمام .. بس بصراحة بعد ما اتعرفت على شلة الأنس دى .. كل حاجة اتغيرت في .. بقيت بنام متأخر واقوم متأخر .. وبالى على طول مشغول بالهباب اللى بنشربه ده واللى قرب يلحس مخنا .. تعرف يا حسن .. نفسى ابطله واستقيم زى زمان .. بس الظاهر انى بحلم .. وكل يوم بتشدله اكتر ..
حسن بحسرة : ومين سمعك .. أنا كمان نفسى ابطل .. بس مش قادر .. وحاسس انى حخيب أمل امى وأبويا في .. السنة دى آخر سنة لي فى كلية الحقوق .. ومش عارف حشتغل ازاى فى مهنة الحقوق وأنا بالشكل ده .. تفتكر حييجى علينا يوم ونبطل ونبقى بنى آدمين ..!!
جمال : يا ريت .. مع انى حاسس انه صعب ..
حسن : مفيش حاجة بعيدة عن ربنا .. قول يارب ..
جمال : يارب ..

ساد الصمت قليلا بينهما كل منهم يفكر فى نفس الأمر وهو البعد عن المخدرات والاستقامة فى طريق قويم ربما يجدوا فيه الخلاص من تلك العادة التى يكرهون استمرارهم فيها .. ثم تكلم حسن من جديد : وأخبار البيت عندكم ايه ..؟
أنا عارف ان اخوك طارق شغال هو كمان على تاكسى .. واختك مع جوزها فى السعودية .. هو انت عندك اخوات تانيين غيرهم ؟
جمال : طارق أخويا شخصية عكسى تمام .. طيب وفى حاله .. ويمكن هو الوحيد اللى بيقدر يدخل قرش فى البيت يساعد بيه أبويا .. واختى نجوى مع نفسها هى وجوزها .. صحيح ابويا كان متعشم فيها انها تشيل معاه الحمل شوية .. خصوصا بعد ما اتخرجت وسافرت تشتغل فى دولة عربية .. بس هو دايما يقول المثل "لو ماجانا منه .. كفانا شره" ..
حسن : حلو المثل ده يا جيمى .. تصدق انى اول مرة اسمعه .. طيب وهى ليه متبعتلكش وتسافر تشتغل معاها فى السعودية ..؟
جمال : ما قلت لك هى مع نفسها .. مرة طلبت منها .. بس ساعتها سودت الدنيا فى وشى .. وقالت لى قصيدة فى الفقر والبهدلة اللى هما شايفينها هناك .. مع انى متأكد ان امورهم تمام ومبسوطين آخر انبساط .. بس هى نجوى كده .. هى وجوزها مبيهمهمش غير نفسهم وبس ..
حسن : طيب وباقى اخواتك ؟ اسمهم ايه وعندهم كام سنة ..؟
جمال بتلقائية : يسرا فى تانية ثانوى .. ووليد فى رابعة ابتدائى ..
حسن بتعجب : ياه رابعة ابتدائى .. ده صغير أوى .. ربنا يعين ابوك على تربيتهم .. بس تصدق أنا شوفت اخواتك كلهم ما عدا يسرا ووليد ..
جمال : ليه يا عم .. دول كل يوم بيعدوا من ادام بيتكم وهما رايحين المدرسة .. بس تلاقيك انت مبتخدش بالك منهم .. أصل مدرسة وليد قريبة من مدرسة يسرا .. وهى المسئولة عن توصيله لمدرسته كل يوم ..

تذكر حسن تلك الفتاة الصغيرة التى فى كل مرة يلتقى بها صدفة وهى تجر اخيها الصغير الى جوارها والتى تأخذ عقله من جمالها .. ولكنه يراها صغيرة بلبس المدرسة الثانوى .. بالرغم من ان مفاتنها كأنثى تعكس فى خياله شيء آخر .. فقال : على فكرة أنا ساعات بشوف بنت لابسه لبس ثانوى ومعاها ولد صغير الصبح ايام المدارس وفعلا بيمروا من ادام البيت عندنا .. تقريبا هما اخواتك ..

نظر له جمال متعجبا ولم يرد عليه .. لا يعلم لماذا اهتم حسن فجأة بعائلته بهذا الشكل .. ولكن لم يلاحظ حسن تعجب جمال .. فقد كان يتكلم معه ونظره معلق بالنظر الى البحر .. ولم ينتبه الى ان جمال لم يعلق على جملته الأخيرة .. عاد الصمت بينهما من جديد حتى تكلم حسن من جديد : بقولك ايه يا جيمى .. ما تييجى نرجع ناخد الواد انور من المتوى ونروح .. أنا تمام كده النهاردة .. هوا البحر سطلنى اكتر ما اتسطلت فى المكنة وحاسس انى عايز أنام .. وبعدين اى تأخير اكتر من كده .. ابويا حيفتح لى سين وجيم ومش حخلص ..
جمال : لا .. سيبنى انا اروح علشان هى برضه مش طالبة بهدلة من أبويا .. سلام يا صاحبى ..
حسن : سلام يا جيمى ..
-------------------------------------------------

دخل جمال الى بيته وهو يتوقع خناقة مع والده .. فبجانب ضيق ابيه من تصرفاته .. الا ان اكرام زوجة ابيه لا تدخر جهدا فى ان تشعل نيران ابيه ليس تجاهه فقط .. بل تجاه جميع اخوته .. خصوصا يسرا التى لا يمر يوما بينها وبين اكرام الا وتشتعل بينهما خناقة أو اقله نقاش حاد ..

كانت يسرا وقبلها نجوى لا يطيقون اكرام أبدا.. وقد شعروا بغيرة شديدة عندما تزوجها ابيهم بعد وفاة امهم .. لذا كانوا وما يزالون على خلاف معها .. وربما كان اسلوبهم هذا هو الذى جعل لاكرام دائما حق المبادرة فى ان تكيد لهم عند ابيهم جميعا .. خصوصا للفتاتين .. اما جمال و طارق فقد كانا لا يهتمون لشغل وكيد النساء هذا .. وبالنسبة لوليد فقد امتلك قلب اكرام .. فقد تزوجت من ابيه وهو لا يزال طفلا صغيرا .. فاتخذت منه ابنا لها .. ونشأ وهو لا يعلم له ام غيرها .. وان كانت يسرا مؤخرا صارحته بحقيقة وضعه بالنسبة لاكرام كنوع من الانتقام منها .. فهى تريد ان تسلب منها اى صفة لها فى بيت ابيها وتتنمنى لو استطاعت ان تخرجها من هذا البيت .. حتى وان كانت تعلم ان اكرام ليس لها مأوى ان خرجت من هذا البيت .. لكنها لم تنجح فى تحقيق امنيتها تلك بكل الوسائل .. فمن ناحية استطاعت اكرام ان تسيطر على مشاعر وليد الصغير تجاهها كأم له بالرغم من الحقيقة التى علمها من يسرا وهى ان اكرام ليست امه الحقيقية .. ومن ناحية أخرى كان اباهم عامر يتمتع بضعف تجاه اكرام التى استطاعت تسيطر على رغباته كرجل لا يقوى عن العيش بدون امرأة فى تلك الفترة الحساسة من حياته .. فضلا عن حاجة الجميع لسيدة تدير أمور البيت وتخدم الجميع .. ومن أفضل من اكرام لهذه المهمة .. خصوصا وانها لن تزيد أعباء عامر بطفل جديد ..

اكرام سيدة تزوجها عامر وهى فى منتصف الاربعينيات بعد عمر عاشته مع زوجها الأول فى إحدى قرى محافظات مصر .. ليس لها فى الدنيا سوى اخ واحد يصغرها بعدة أعوام مازال يعيش فى تلك القرية مع زوجته وبنتان .. وعندما فقدت الأمل فى انجاب طفل طلبت من زوجها ان يتزوج لينجب وبالفعل خطبت له وزوجته من ارملة عمرها اربعة وثلاثون عاما ولكنها سبق لها الانجاب من قبل ولكنها فقدت زوجها وطفلها فى حادث سير بعد عام من ولادته .. قضت اكرام خمس أعوام مع زوجها وضرتها التى كالت لها الكثير من المكائد واثارت العديد من المشاكل مع زوجها حتى شعرت انها ليس لها مكان فى بيت زوجها فأصرت على الطلاق منه .. وعاشت مع اخيها وزوجته التى لم تطيق وجودها فى بيتها هى الأخرى .. لكنها اضطرت الى تحمل معيشتها مع اخيها وزوجته الى ان كتب الله لها الزواج من عامر بالصدفة عندما قابل عامر اخوها فى كافيتريا على الطريق الزراعى وتعرفا الى بعضهما البعض .. يومها شكا عامر لأخو اكرام ظروفه ومعاناته مع اولاده الخمسة بعد وفاة زوجته .. أخبره انه يبحث عن زوجة .. فانتهز اخوها الفرصة وحكى له عن ظروفه وظروف اخته اكرام .. ثم عرض عليه الزواج منها .. وبالفعل تم الزواج منها بعد مرات معدودة تعرف فيها عامر على اكرام ..

اكرام ليست سيئة .. ولكنها عانت كثيرا من قسوة من حولها .. فأجبرتها الظروف فى النهاية على ان تعرف كيف تدافع عن حقها فى الحياة .. أجبرتها على ان تكون فعل .. لا رد فعل .. فتعلمت ما يفعله الكثير من الناس حتى لا تخسر اكثر مما خسرت فى الحياة ..

كان عامر يجلس فى صالة البيت الضيق عندما فتح جمال باب الشقة ودلف بخفة الى الصالة ليفاجأ بوالده يجلس فى احد المقاعد فى انتظاره بعد ان نام جميع من فى البيت ..
عامر محاولا السيطرة على انفعالاته التى ذكاها الشيطان ونفسه طوال فترة غياب جمال عن البيت : كنت فين لغاية دلوقتى ..
جمال بتوتر : كنت قاعد مع صحابى على القهوة ..
عامر : أنهى قهوة .. أنا مريت على القهوة من اربع ساعات مشفتكش قاعد عليها ..
جمال : لا .. ما احنا كنا قاعدين على قهوة تانية ..
عامر : وعملت ايه فى العربية اللى اتخبطت منك أول امبارح ..؟ رحت تشوف السمكرى خلصها ولا لسه ..؟
جمال : لا ..

عامر وقد بدأ يفقد السيطرة على اعصابه : ليه .. .. ليه مروحتش .. انت عارف اننا لازم نصلحها بسرعة علشان نرجعها لصاحبها اللى مش حيخليك تركبها مرة تانية .. وحتقعد فى البيت زيك زى النسوان من غير شغل .. علشان محدش خلاص حيرضى يديك عربيته تشتغل عليها بعد اللى بتعملوا فى عربياتهم ..
جمال بنرفزة : أنا كمان مش عايز ولا حابب اشتغل الشغلانة دى ..
عامر بصوت عال : وحتشتغل ايه يا باشمهندس ..
جمال وهو يزفر الهواء ناظرا الى السقف : أهو اللى ربنا ياذن بيه ..
عامر بهياج شديد جعل كل من فى البيت يستيقظ ويأتى من سريره الى صالة البيت مهرولا : ربنا .. هو انت تعرف ربنا .. انت لو تعرفه مكنتش تعمل فينا اللى انت بتعمله .. انت شايفنى بموت ادامك علشان اجيب لقمة العيش للبيت وانت ولا على بالك .. مقضيها كل يوم على الأهاوى والغرز .. ومش فالح فى أى حاجة .. انت لو عندك دم كنت شيلت معايا ومع أخوك الأصغر منك .. بس أقول ايه .. بنى آدم جبلة معندكش دم ولا رحمة ..
جمال ببرود : هى قومتك عليا زى كل مرة ..

لم يشعر عامر الا وهو يقفز من مكانه ويصفع جمال صفعة قوية على خده .. ليترنح جمال الى الخلف عدة خطوات .. ثم قام بجره الى خارج البيت وهو يصرخ : امشى اطلع برة يا كلب يا ابن الكلب .. اللى زيك ما يستاهلش يقعد ما بينا انت اللقمة خسارة فيك .. امشى اطلع برة .
حاول طارق الأخ الأصغر ان يتدخل ويمنع والده من إلقاء اخيه فى الشارع فى هذا الوقت ولكن ابيه لم يعطه الفرصة ونهره بشدة وهو يقول : ابعد انت كمان والا والله العظيم اخليك تحصله .. أنا خلاص قرفت من العيشة ومن نفسى .. فتراجع طارق الذى اراد لابيه ان يهدأ قليلا .. وايضا خوفا من بطش ابيه فى عصبيته تلك ..

خرج الاستاذ كامل الجار الملاصق لشقة عامر على صوته العالى وهو يدفع جمال نحو السلم .. فالجيران قد اعتادوا على تصرفه هذا من وقت لآخر بسبب سلوك جمال .. فتوجه الى عامر يهدأ من انفعالاته فى حين جرى ابنه سعيد نحو جمال يمنعه من ان يخرج من باب البيت .. وحين اقسم عامر ان جمال لن يبيت اليوم بمنزله اضطر كامل وسعيد لاصطحاب جمال للمبيت معهم ..
دخل جمال الى بيت كامل على مضض فقد سأم من تصرفات والده الذى يضطره الى ان يبيت عند كامل مرة وفى الشارع مرات ..

جلس جمال مطرقا رأسه خجلا من موقفه امام كامل وابنه وباقى الجيران .. وغيظا من ابيه وظروفه التى لا ترحم .. مرت عدة دقائق فى صمت قبل ان يسأله كامل بعد ان حاول ان يطيب من خاطره : اتعشيت يا جمال ؟
جمال : ايوة ..
كامل : يا بنى قوللى لو متعشتش .. اوعى تبات جعان ..
جمال : صدقنى اتعشيت يا استاذ كامل ..
كامل : طيب .. أنا حسيبك مع سعيد وادخل انام علشان عندى شغل بدرى .. ولو حسيتم انكم جعانين .. الاكل فى التلاجة يا سعيد طلعوا واتعشوا .. تصبحوا على خير ..

دخل كامل الى حجرته فى حين ظل جمال وسعيد فى صالة البيت .. يحاول سعيد الذى يصغر جمال بعدة سنوات ان يهدأ من غضبه ..
--------------------------------------------------------


فى صباح اليوم التالى صارت الحياة كما تصير كل يوم فى الحى .. فكريم لم تغفو له عين منذ الأمس بعد ان غلبه النعاس لدقائق معدودة قام بعدها على صوت تليفون المنزل يجرى من سريره اليه خارج الحجرة حتى أن أمه التى كانت تجلس مع احلام فى صالة البيت بجوار التليفون قد تعجبت من فعله .. فى حين أن احلام قد التقطت سماعة التليفون تتكلم مع جارتها التى طلبت امها للحديث معها فى أمر ما .. فابتسمت أحلام له وهى تقول : أيوة موجودة يا ست عنايات .. ثانية واحدة حتكلمك .. ثم أعطت السماعة لأمها وقربت اليها التليفون ..
شعر كريم باحباط شديد ثم عاد الى حجرته مرة أخرى يجر وراءه أذيال الخيبة والاحباط ..
وقف فى المكان الذى ينتظر فيه يسرا كل يوم .. لعله يستطيع ان يعرف موقفها مما فعله بالأمس .. هو لا يعرف أن اليوم مر عليها كما مرعليه بالأمس .. لم يغمض لها جفن الا قرب الفجر .. كانت تفكر طوال اليوم وتتردد فى ان ترفع سماعة التليفون وتطلب رقمه .. وفى كل مرة كانت تقترب من التليفون كان أحدا يدخل عليها فلم تستطع ان تفعل .. ولكن أكرام بعين الأنثى قد لاحظت التغيير الطارئ عليها .. وكيف كانت تحوم حول التليفون كل عدة دقائق ..

ظهرت يسرا من بعيد وهى تخرج مع أخيها من باب منزلهم .. فتسارعت دقات قلب كريم كالعادة .. ولكنها ما أن مرت من أمامه حتى ألقت عليه نظرة خاطفة ثم نظرت أمامها .. لذا لم يستشف كريم أى شيء منها .. فتحرك بعد دقائق قليلة خلفها حتى لا يلفت انتباه أحد اليه ..
فى نفس مكان ووقت الأمس اقترب كريم من يسرا وهو ينظر أمامه كأنه لا يعرفها ثم تشجع وسألها : ليه مكلمتنيش امبارح .. استنيتك طول اليوم ..
يسرا وهى تلتفت حولها يمنة ويسرى : مجتش فرصة ..
تشجع أكثر وقال : حستناكى بعد الدراسة فى الشارع اللى ورا المدرسة ..
يسرا والخوف باديا فى صوتها : لا .. مش حينفع ..
كريم : هما عشر دقايق مش أكتر .. عايز أقولك حاجة مهمة ..
يسرا : قلت لك مش حينفع .. حد يشوفنا ..
كريم باصرار : حستناكى .. ثم تركها وانتقل الى الرصيف الآخر ..

دقائق قليلة ودخلت يسرا الى مدرستها لتحتمى بها وكأنها شعرت أن جميع من فى الشارع بالخارج يجرى وراءها ويطاردها ..

أما كريم فأخذ طريقه الى الجامعة وكان لديه نفس الشعور ولكن لفترة وجيزة .. كان يشعر بالمطاردة ممن حوله .. .. وبمجرد أن دخل الى حرم الجامعة تركز نظره على المكان المعتاد لديما .. ولكنه لم يجدها .. لا يعلم لماذا شعر بضيق لغيابها .. شعر أنه يفتقدها ويفتقد حديثهما الشيق .. كان يأمل أن يجدها فى مكان ما بالجامعة أو يلتقيا كالعادة بين المحاضرات فى الحديقة ..

انتهت المحاضرة الأولى والتي كان يعقبها أخرى .. ولكن بين الثانية والثالثة كان هناك حوالى ساعة .. ذهب فيها كريم الى الحديقة .. بحث عن ديما ولكنها لم تأتى أيضا كالأمس .. جلس كريم يفكر فى سبب غياب ديما .. حتى أنه نسى تماما يسرا لأكثر من نصف ساعة .. وهو الذى لم تكد تمر عليه دقيقة الا ويتذكرها فيها ..

انتهى اليوم الجامعى لكريم .. وكان لا يزال باقى حوالى ساعتين على لقاؤه مع يسرا .. ففكر فى أن يتحرى عن سبب غياب ديما عن الجامعة لمدة يومين .. انتظر بجوار باب الجامعة .. وكانت هناك فتاة بالدفعة يراها أحيانا تقف مع ديما تتحدث معها لدقائق قليلة .. انتظرها كريم وعندما أتت أوقفها بأدب ليسألها : من فضلك يا ميرفت ..
ميرفت : أيوة يا كريم .. فيه حاجة ..؟
كريم : لا أبدا .. أنا بس كنت حابب أسألك عن ديما زميلتنا فى الدفعة .. أصلى بقالى يومين مش بشوفها بتحضر معانا ..
لاحظ كريم انها تنظر اليه بتعجب فأردف بتلعثم : فى الحقيقة أنا كنت سالف منها كشكول محاضرات وكنت عايز أرجعه لها ..
ميرفت : ديما تعبانة شوية .. علشان كده مش بتيجى ..
كريم : لا .. سلامتها .. ألف سلامة ..
ميرفت : عموما هى ساكنة قريب منى .. لو تحب تدينى الكشكول .. أنا ممكن أوصلهولها ..
كريم : لا .. مفيش داعى اتعبك .. أصل أنا حابب اديهولها بنفسى علشان كمان أشكرها ..
كانت ميرفت من احدى معجبات كريم فانتهزتها فرصة للتقرب منه وقالت : لو تحب تيجى تزورها معايا .. أنا ححود عليها قبل ما أروح ..
بالرغم من ان كريم قد تعجب من عرض ميرفت .. الا انه كاد أن يوافق لولا انه تذكر ميعاد يسرا .. فقال : والله كان بودى .. بس للأسف مش حينفع .. أصل عندى ميعاد مهم بعد شوية ..
ميرفت بخيبة أمل : براحتك .. عموما حبلغها انك سألت عنها ..
كريم : شكرا جزيلا ..
ميرفت : أوكى .. باى ..

أنتظر كريم باقى الوقت فى الحديقة يحاول أن يقرأ .. ولكنه لم يتمكن من القراءة .. فنصف الوقت كان يفكر فى يسرا .. والنصف الآخر كان يفكر فى ديما ..

اقترب موعده مع يسرا .. فسارع الى المكان المتفق عليه وكان باقى على خروجها من المدرسة عدة دقائق ..

ظلت يسرا خلال اليوم الدراسى لا يشغلها سوى كريم وطلبه فى ان يلتقيا .. حتى انها لم تستوعب كلمة واحدة من شرح مدرسيها فى جميع المواد .. كانت فى عالم آخر .. تريد أن تذهب للقائه .. ولكنها كانت خائفة .. مترددة .. دق جرس نهاية اليوم الدراسى ومعه ازدات دقات قلبها وتسارعت .. كانت فى العادة تخرج مع زميلتين من زميلاتها يسرن معها نفس طريق العودة لمنزلها .. ولكنها تحججت لهم اليوم بانها سوف تنتظر قليلا لأن أخيها وعدها أن يأتى ليأخذها لزيارة عائلية فى الطريق المضاد .. وذلك حتى تقطع عليهم فكرة أن يركبوا معها سيارتهم .. أو بالأحرى تاكسى ابيها .. بالطبع كانت تكذب عليهم حتى تستطيع ان تذهب لمقابلة كريم ..

مضت دقائق قليلة حتى اطمئنت يسرا ان البنات قد ذهبن فسارعت واتجهت الى الشارع خلف المدرسة .. كان كريم لا يزال منتظرا اياها .. وما أن لمحها تدخل الشارع حتى سارع اليها بخطى اسرع من دقات قلبه .. وقد كره الانتظار أكثر مما انتظر .. التقت اعينهما .. لا يصدق كريم أنه فى النهاية حصل على فرصة للقائها والحديث معها .. كان كريم يشبع مقلتيه من جمال وجهها الذى كأنه يراه لأول مرة .. نعم هى بالفعل المرة الأولى التى يقترب منها الى هذه المسافة .. حتى بالأمس لم يستطيع ان يقترب هكذا .. كان متوترا لدرجة أنه شعر أنه لم يراها ..

ظلت يسرا تنتظر ان يتكلم .. لكنه لم يفعل .. لذا اضطرت فى النهاية ان تتكلم هى بخجل : أيوة .. مش حتقول كنت عايز ايه .. ؟
كريم : أكيد .. أكيد حقول .. بس ممكن نقعد فى حته علشان أنا مش قادر اتلم على اعصابى ..
التفتت يسرا حولها .. خافت من جملته ان يكون هناك أحدا يعرفهما .. فقالت : مش فاهمة ..
كريم : أصلى مش مصدق اننا اخيرا اتقابلنا وحقولك على كل اللى جوايا ..
ازدادت حمرة الخجل فى وجهها وهى تقول : طيب قول بقى علشان أنا خايفة ان حد يشوفنا ..
كريم وعيونه تتوسل : يعنى مينفعش اننا نقعد فى مكان نتكلم شوية ..؟
يسرا : أكيد مينفعش .. ولو مش حتقول دلوقتى اللى انت عايزه أنا حمشى ..
كريم : لا .. تمشى ده ايه .. دا انا مصدقت .. سكت قليلا يحاول أن يعترف لها بحبه ولكن بكلمات تعبر عما يجيش به صدره .. فقال : بصى يا يسرا .. أنا بصراحة بحبك .. بحبك أوى ..
يسرا وقد اشتعل وجهها احمرارا وتسارعت دقات قلبها تتراقص داخل صدرها بعشوائية لم تعهدها من قبل .. حتى انها كانت تقريبا تسمع تلك الدقات .. بل وخافت ان يكون هو الآخر يسمعها فيعلم بأنها هى أيضا تبادله نفس الشعور .. ولكنها تماسكت وحاولت أن تخفى عنه ما تشعر به .. فقالت : انت تعرف اسمى منين وازاى ..؟
كريم : مش مهم منين وازاى .. المهم انى عرفته وحبيته زى ما حبيت صحبته ..
يسرا وهى تبتسم : ياسلام .. يعنى أفهم من كده انك بتحب كل اللى اسمهم يسرا ..
كريم وهو يطيل النظر بعمق فى عينيها : هى يسرا واحدة بس .. أى واحدة تانية اسمها يسرا .. أكيد ده مش اسمها .. لازم يكون لها اسم تانى ..
يسرا : انت بتبص لى كده ليه ..؟ بلاش تبص فى عينى كده ..
كريم : اعذرينى .. أنا بقالى شهور وأنا نفسى ابقى بالقرب ده منك علشان افضل باصص فى عنيكى ..
يسرا بخبث : بس أنا معرفش عنك حاجة .. ده أنا حتى معرفش أسمك .. هو انت اسمك ايه ..؟
كريم : معقول .. متعرفنيش ..
يسرا : اعرف انك ساكن فى نفس شارعنا .. واعرف بيتك فين .. بس معرفش اسمك .. ولا انت فى كلية ايه ..
كريم بتعجب وانكار لما تقول : يعنى مش عارفة البالطو الأبيض اللى على كتفى ده يبقى لأنهى كلية ..
يسرا : لا معرفش ..

تعجب كريم من ردها .. فأبسط المعلومات الثقافية بين الشباب أن تكون على دراية أن طلبة الطب هم من يرتدون البالطو الأبيض .. ويعلنون عن انفسهم بأن يضع معظمهم هذا البالطوعلى كتفه ذهابا وايابا من والى الجامعة .. ولكنه لم يقف عند هذه النقطة كثيرا : فقال : أنا يا ستى اسمى كريم .. كريم ابراهيم الشرقاوى .. وطالب فى سنة تانية طب ..
يسرا وقد شعرت بسعادة بالغة أن يغرم بها طالب بكلية الطب .. بل هو الوحيد فى الحى .. فقالت : بجد ..!! .. انت بقى كريم اللى الشارع ملوش سيرة غيرعنه .. الوحيد اللى قدر يجيب مجموع الطب فى الشارع ..
كريم وهو يرفع انفه بغرور .. مازحا : لا وانتى الصادقة .. فى المنطقة كلها ..
يسرا : طيب يا عم بالراحة علينا .. مش اوى كده ..
كريم : طبعا بالراحة .. وعليكى انتى باللذات .. بالراحة اوى ..
ضحكت يسرا من طريقته وكلامه .. فزادتها ضحكتها جمالا فوق جمالها .. فقال كريم : أيووووه .. على الجمال ياناس ..
يسرا بعفوية وهى تحاول أن تدارى ضحكتها : بس بقى يا كريم .. انت كده بتكسفنى ..
كريم وقد شعر بسعادة عندما نطقت باسمه للمرة الأولى بهذا الدلال .. وكانها تعرفه منذ زمن : الله .. حلو اوي .. والنبى كررى اللى قولتيه ده من تانى ..
يسرا وقد عادت تضحك بخجل من جديد : بس بقى .. انت بتكسفنى ..
كريم بزعل : لا .. لا . انتى نسيتى أهم كلمة ..

انتبهت يسرا انها قد نطقت اسمه بعفوية ودلال ولم تدرى .. فخجلت أكثر .. فهى المرة الأولى التى تتكلم معه فيها .. وأول مرة تتعرف عليه .. فكيف لها ان تتباسط معه هكذا .. فردت عليه : لآ .. أنا قولتها مرة وخلاص .. وبعدين انا اتأخرت ..
كريم : لا .. ماهو أنا مش حسيبك الا بعد ما تقولى الكلمة دى تانى .. ان شالله تقوليها لوحدها .. والحاجة التانية .. تقوليلى حشوفك تانى امتى ..
يسرا : لا .. ده انت طماع أوى .. هى مرة وخلاص يا دكتور كريم ..
كريم : كده انتى نفذتى أول حاجة علشان اسيبك تمشى .. ياللا بقى خلينا فى الحاجة التانية ..
يسرا بجد : لا .. صدقنى يا كريم مش حينفع .. صعب .. أنا اخواتى لو أخدوا خبر باننا اتقابلنا او حتى اتكلمنا الموضوع مش حيعدى بالساهل .. وحتأذى جامد .. وانت كمان ممكن يأذوك .. انت متعرفش أخواتى .. وبالأخص .. جمال أخويا ..
كريم وقد عاد ينظر اليها بحب فى عينيها : أفهم من كده انك خايفة علي ..
يسرا مازحة : لا طبعا .. خايفة على اخواتى يأذوك .. وتتسبب فى حبسهم ..
كريم : كده .. وانا اللى افتكرت انك خايفة علي .. عموما ياستى .. أنا علشان خاطرك لو قطعونى حتت .. مش حشتكيهم .. شوفتى أنا بقى بحبك اد ايه ..
يسرا وهى تنظر اليه نظرة فيها كل ما يريد أن يسمعه منها : بعد الشر عليك ..
كريم : يبقى حشوفك تانى .. بكرة ..
يسرا : طيب خليها الاسبوع الجاى .. زى النهاردة ..
كريم : كتير أوى الاسبوع الجاى ..
يسرا : معلش .. يدوب اسبوع .. اكون عرفت اتلم على اعصابى ..
كريم : سلامة اعصابك يا قلبى ..
نظرت له يسرا وقد اذابها كلامه وطريقته .. وكل شيء فيه .. ثم قالت : أنا لازم امشى ..
كريم : طيب حاولى تكلمينى .. على الأقل تصبيرة كده لغاية ما نتقابل .. ولو ممكن تدينى رقم تليفونك ..

خافت يسرا من ان تعطيه رقم تليفون منزلها فيتسبب عدم رده في مشكلةعندما يرد عليه غيرها فقالت له : لا .. بلاش .. خلينى أنا اتصل بيك احسن ..
كريم : طيب على راحتك .. عموما ياريت لما تتصلى تقولى " نادى اليخت" .. علشان اعرف لو حد تانى رد .. وعلى فكرة .. اختى احلام عارفة انك ممكن تتصلى ..
يسرا بتعجب : كريم .. هو انت الولد الصغير اللى كان بيلعب معايا لما كنت باجى عند خالتى فى البيت اللى انت ساكن فيه ..؟
كريم مبتسما : هو بعينه يا ستى ..
يسرا بسعادة الاطفال : معقول .. واحلام تبقى اختك ..؟
كريم : أيوة .. والله هى ..
يسرا : ياه ده أنا كنت ببقى فرحانة أوى لما كنت بتلاعبنى .. ولما كنت بكون عند خالتى واقابل احلام عندها .. وكانت هى كمان تقعد تدلعنى وتلاعبنى .. ياه .. ده أنا عشت كتير زعلانة ان الأيام دى انتهت من ساعة ما خالتى سافرت مع جوزها وبطلت آجى عندها ..
كريم : أنا كمان يا يسرا لسة بفتكر الأيام دى وببقى نفسى تعود تانى .. اد ايه كانت ايام جميلة وبريئة ..
يسرا : بجد سلم لى على احلام كتير .. وبجد نفسى اشوفها واحضنها ..
كريم : هى كمان بتسلم عليكى ..
يسرا : يا خبر .. بس حتقول علي ايه لما تعرف انى بقابلك ..
كريم : حتقول اننا بنحب بعض .. ولا انتى لكى رأى تانى ..؟!!
يسرا بخجل : كريم .. أنا اتأخرت أوى ولازم أمشى حالا ..
كريم : ماشى .. على شرط .. انك المرة الجاية تقوليلى رأيك .. بنحب بعض ولا فيه رأى تانى ..؟
يسرا بابتسامة سعيدة : باى باى يا كريم ..
كريم : ميعادنا الاسبوع الجاى .. اوعى تنسى .. وحستنى تليفوناتك .. ثم قال بصوت لم تسمعه .. مع السلامة يا قلب كريم .. ياروح كريم .. ويارب تبقى .. يا عمر كريم ..
ذهبت يسرا .. وهو ينظر اليها فى هيام وسعادة حتى غابت عن عينيه ..
----------------------------------------------------


Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-01-22, 06:48 PM   #9

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل جميل تسلم ايدك

Maryam Tamim غير متواجد حالياً  
التوقيع
استغفر الله العظيم واتوب اليه
رد مع اقتباس
قديم 10-01-22, 05:03 PM   #10

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي " أحـــــــلام " - الفصل الرابع

" أحــــــــــلام “

الفصل الرابع


عاد كريم الى بيته يطير بجناحى احلامه .. لا يصدق ما حدث بينه وبين يسرا .. لا يصدق انه تكلم معها .. اقترب منها الى هذه الدرجة .. اعترف لها بحبه وفهم منها انها هى ايضا تبادله نفس شعوره .. ليس لديها مانع ان يلتقيا مرة أخرى .. بل وأيضا وافقت أن تتكلم معه عبر التليفون ..

دخل والسعادة تكاد تنطق على وجهه .. كان عكس الأمس تماما .. وشتان بين شعوره وضيقه بالأمس .. وسعادته وانشراح صدره اليوم .. يرى كل شيء جميلا ومبهجا .. وكالعادة .. كان يبحث عن احلام .. يريد أن يتكلم معها .. يقص عليها ما حدث .. يريد أن يصارح الجميع بسعادته ..
بحث عن أحلام فى البيت كله ولكنه لم يجدها .. دخل حجرته فوجد اخيه عبد السلام جالسا فوق سريره واضعا وجهه بين كفيه .. فقال له : مالك يا عبده .. قاعد كده ليه .. شايل طاجن ستك على دماغك .. ؟
رد عبد السلام بصوت حزين بعد أن فرك وجهه بكفيه : مفيش ..
كريم : مفيش ايه يا بنى .. انت مش شايف شكلك .. ثم اقترب منه ورأى آثار الدموع التى حاول عبد السلام ان يمحيها من على وجهه .. فأردف قائلا وهو يضع يده على كتف أخيه بحنان : الله .. انت كنت بتعيط .. فيه ايه يا بنى .. قلقتنى ..
رد عبد السلام بنرفزة وهو يزيح يده بعنف : قلت لك مفيش حاجة .. وسيبنى فى حالى ..
كريم : كده برضه يا عبد السلام .. ده جزاتى انى قلقان عليك ..
لم يرد عليه عبد السلام وترك له الغرفة وخرج من البيت هائما على وجهه .. يفكر فى مشكلته التى طالما عانى ولا يزال يعانى منها لسنوات .. تلك المشكلة التى حولت حياته الى جحيم يعانى منها وحده ولا يشعر بما يعانيه فى هذا الوجود احدا سوى الله تعالى ..

أنجب ابراهيم ابنه عبد السلام بعد انجابه لولدين وبنتا .. فلم يلقى الاهتمام والدلال الذى تنعم به من سبقه من اخوته .. خصوصا بعد ان لمس هذا الاهتمام وهو طفل صغير لمن جاء بعده .. نشأ يشعر بانه منبوذ من والديه .. بل ومن اخوته الكبار .. فأثر عليه ذلك الشعور تأثيرا سلبيا .. فنشأ انطوائيا .. وأصبح إنطوائه النابع النابع من شعوره بالوحدة جعله لا يستطيع ان يقيم علاقات صداقة مع اقرانه فى الحى أو فى المدرسة .. فترك الدراسة بعد ان حاول جاهدا اجتياز الثانوية العامة ثلاث مرات ولكنه لم يحصل عليها بالرغم من انه كان ذكيا ومتفوق فى دراسته .. ولكن كان يصيبه حالة من الشك فى الاجابة على أى سؤال من اسئلة المواد التى درسها .. فكان يظل طوال فترة الامتحان لا يستطيع ان يمسك بالقلم أو ان يجيب على أى سؤال .. وفى النهاية يقوم بتسليم ورقة الاجابة خالية من اجابة ولو سؤال واحد .. حتى فى علاقاته العاطفية نحو الجنس الآخر .. ظل عبد السلام لا يشعر بميل عاطفى نحو أى انثى .. فما كان منه مع الوقت ومرور السنين أن يقنع نفسه بأنه يحب ابنة جيرانه .. صفاء .. وربما يكون حبا جارف .. ولكنه من طرف واحد .. وبالرغم من أن صفاء كانت متواضعة الجمال إلا انه كان يراها بصوتها الهادئ الناعم هى الفتاة المثالية التى تستحق حبه الذى وهبه لها كى يقنع نفسه انه طبيعى نحو الجنس الآخر .. ولكنه لم يكن يشعر نحو الفتيات والنساء بأى ميل عاطفى أو غريزى مثل غيره من الشباب .. و كانت الطامة الكبرى له اليوم حين اكتشف انها من اوضع الفتيات ..

كان عبد السلام يجلس مع أخيه على مساء اليوم الفائت يتحدثان فى مواضيع شتى الى ان تطرقا للحديث عن الفتيات والنساء .. وفى نوبة شجاعة غير مسبوقة من عبد السلام اعترف لعلى بحبه لصفاء والذى بدأ منذ ان كان فى الثانية الثانوى .. أى منذ حوالى اربع سنوات مضت .. فتعجب على وقال له بسخرية : معقول .. أربع سنين فى صفاء .. يابنى دى متستاهلش اربع دقائق من عمرك ..

غلى الدم فى عروق عبد السلام فى لحظة وهو يستمع الى سخرية اخيه منه وافترائه على محبوبته فقال له : انت بتقول ايه .. ازاى تفترى على بنت شريفة مؤدبة بالشكل ده .. انت ما بتخفش من ربنا .. ده اسمه قذف محصنات ..
على بسخرية أكبر : محصنات مين ياعم عبد السلام .. والنبى متخنهاش أوى كده .. قال محصنات قال .. ثم أخذ يقهقه .. ولما شعر بنيران الغضب تنبعث من عينى اخيه .. وانه على وشك ان يفتك به .. قال بجدية .. طيب لو اثبت لك انها لا من المحصنات ولا حتى تشبههم فى شيء ..!!
عبد السلام بكل ثقة : اثبت لى وساعتها حديلك اللى انت عايزه ..
على بفرحة وثقة من فوزه : حتدينى ساعتك الجديدة ..
عبد السلام .. وقد بدأ الشك يساوره : موافق ..
على بابتسامة الواثق : ماشى .. معادنا الساعة تلاتة وهى راجعة من الشغل ..

وقف كلاهما متجاورين بنافذة بيتهم وقد قاربت الساعة على الثالثة عصرا .. دقائق ووصلت صفاء من عملها .. كانت تمشى مشيتها العسكرية لا تلتفت لأحد .. وكان ذلك مصدر فخر عبد السلام بها .. ولكنها فى لحظة رفعت رأسها وألقت نظرة الى النافذة التى يطل منها على وعبد السلام .. فأشار لها على برأسه أشارة ذات مغزى .. فابتسمت ابتسامة مخفية وقع معها قلب عبد السلام الى الأرض .. لا يصدق ما حدث أمامه وعلى مرأى عيونه وبدون أدنى خجل منها وهى تراه واقفا بجوار على الذى اعطاها الاشارة المتفق عليها بينهما سابقا لتصعد الى سطح البيت مباشرة ..
نظر على الى أخيه نظرة المنتصر .. فقال له عبد السلام فى محاولة أمل يائسة : عادى .. انت ليه متأكد انها حتنفذ اللى فى دماغك .. خلينا نشوف اللى حيحصل ..
على بخيبة أمل فى أخيه : طيب يا فالح .. حصلنى على السطح زمانها وصلت ومستنيانى .. مش معقول حنسيب صفاء مشاع تستنى أكتر من كده ..

لم يكد عبد السلام يسمع من أخيه الأسم الذى اطلقه عليها .. صفاء مشاع .. حتى شعر بالغثيان .. فهل من المعقول انه يقصد انها مشاع لكثير من شباب العمارة أو الحى بأكمله .. دق قلبه بسرعة فى صدره وهو يصعد خلف أخيه فى اضطراب وقلق شديدين .. يتمنى من كل قلبه أن لا تكون قد صعدت فوق السطح .. وأن تكون قد دخلت شقتها ..

كان السطح كبيرا وواسعا ويحتوى على محيطه مجموعة من الغرف المغلقة والبعض منها مهجورا .. فتلك الغرف قد صممت لتخص سكان البيت .. لكل ساكن غرفة يطلقون عليها غرفة الغسيل ..
حيث كانت الخادمات أو ربات المنازل يقومون بغسيل ملابسهم أو سجاد البيت فى تلك الغرف ..
اقترب على وعبد السلام من باب السطح فقال له عبد السلام : حستناك هنا .. ولو لقيتها شاورلى ..
رد على وهو يبتسم بثقة : مفيش داعى تستنى .. تعالى معايا .. هى جوه فى اوضة الغسيل بتاعتنا ..
عبد السلام وقد شحب وجهه بشدة من ثقة اخيه فى نفسه : انت متأكد ..
على : زى ما انا متأكد انك واقف أدامى دلوقتى ..

اقترب الأخوان من غرفة الغسيل الخاصة بهما .. كان الباب نصف مفتوح .. نظر عبد السلام .. فإذا صفاء واقفة فى منتصف الحجرة وقد اعطت ظهرها الى الباب .. فناداها على : مساء الفل يا صفصف ..

إلتفتت صفاء وهى تبتسم ثم احجمت عن الابتسام بخوف انتابها فجأة عندما رأت عبد السلام يقف بجوار أخيه .. فبادر على بابتسامة : ميهمكيش .. عبد السلام عارف اللى بينا .. ثم أقترب منها وطبع قبلة على خدها .. فلم تمانع ولم تعترض وقبل أن يتمادى على فى عبثه معها اقترب منهما عبد السلام وقام بصفعها صفعة قوية وانطلق خارجا من الغرفة ونزل بسرعة الى غرفته يجهش فى البكاء .. لم يكن بكاؤه على حبه المغدور من فتاة أحبها سنوات فى صمت ثم اكتشف انها لا تستحق هذا الحب .. ولكن كان بكاؤه حسرة على نفسه وعلى شخصيته الضائعة والتى لا تتمتع بأدنى قدر من فهم الحياة وفهم من حوله أو حتى فهم نفسه .. وزاد الحسرة حسرته فى عدم فهم الدنيا خوفه من مصيره المحتوم اذا ظل فاشلا فى دراسته كما هو فاشل فى الاحساس العاطفى الفطرى نحو الفتيات والنساء .. لقد فقد الأمل فى ان يستطيع ان يتكيف مع المجتمع من حوله .. ليس له أى خبرة فى الحياة .. أو حتى أصدقاء يتعلم منهم كيف يسير فى هذه الحياة ويفهمها ويعرف كيف يتعايش مع ممن حوله بمشكلته الأزلية منذ طفولته .. هو على يقين انه لم يحب صفاء أو غيرها .. وانه اوهم نفسه بحبها فقط حتى يشعر انه طبيعى مثل اخوته والشباب من حوله .. ولكنه يعلم انه مختلف عنهم .. يعلم انه لا يميل عاطفيا الى الجنس الآخر .. يعلم ان لديه مشكلة لا يريد ان يعترف لنفسه بها .. ولا يريد لأحد ان يعلمها أبدا .. فهو بالرغم من صغر سنه آنذاك .. إلا انه يتذكر ذلك اليوم جيدا .. يتذكر تحرش ابن الجيران به وهو طفل صغير لم يتجاوز الخمس سنوات .. كانت امه فى ذلك الوقت مشغولة باخوته الثلاثة وبالبيت .. فكانت تتركه كثيرا لدى الجيران حتى تنهى عمل البيت .. كان ابن الجيران هذا يكبره بأكثر من عشر سنوات .. فتحرش به عدة مرات كانت كفيلة ان تجعله يميل الى نفس جنسه .. ولكن حدث وان حاول ابن الجيران هذا فى يوم من الأيام ان يفعل مع حسن أخو عبد السلام ما كان يفعله مع أخيه .. فرفض حسن الذى كان قد كبر وكانت مشاعره قد بدأت تتجه الى الفتيات .. وأبلغ يومها امه بما حدث .. وقامت وقتها الدنيا ولم تقعد على ابن الجيران هذا .. فمنعت زينب ابنها الصغير عبد السلام عن الجيران .. ولكن بعد فوت الأوان .. فقد أحبه عبد السلام بشدة لما كان يشعره بسعادة لم يكن يفهم معناها .. فهو كان يلاعبه ويلاطفه .. فوجد عنده عبد السلام الطفل ما لم يجده عند والديه واسرته .. لذا كان هذا الشخص أحب الناس اليه .. دون ان يدرك انه مجرم يستحق أشد العقاب لما يفعله به ..
لم يشعر أحد بما حدث لعبد السلام .. وظل سره وشعوره فى قلبه .. يعانى وحيدا من مصابه .. وميله الغير طبيعى لأبناء جنسه .. فظل طوال تلك السنين يعانى ويتعذب فى صمت بعد ان ادرك انه يختلف عن اقرانه من الاولاد .. ولكن كان من حسن حظه ان هؤلاء الجيران قد انتقلوا الى حى آخر بعد افتضاح أمر ابنهم على يد حسن .. ولولا ذلك ربما كان يلتقي به دون أن يعلم أحد بعد ان أحب ما كان يفعله معه وتزداد مشكلته مع الأيام.. ولكنه جاهد وظل يجاهد نفسه ومنعها بكل الطرق والوسائل ان ينجرف الى ممارسة تلك الرزيلة التى يعلم جيدا مدى مقت الله لمن يفعلها و يعلم عقابها فى الدنيا والآخرة ..

كان عبد السلام يجهش فى البكاء عندما دخل عليه كريم يبحث عن أحلام .. ولاحظ ما بأخيه .. ثم حاول ان يفهم منه ما يبكيه .. فلم يرد عليه ونهره وخرج من الغرفة .. بل من البيت كله ..

ذهب عبد السلام فى اتجاه شاطئ البحر .. والبحر بالنسبة له هو صديقه الوحيد الذى كلما حزن أو فرح يذهب اليه .. ويجلس أمامه بالساعات يحدثه .. ويحدث أمواجه المتلاحقة .. الواحدة وراء الأخرى .. يخبرها ويخبر مياه البحر بمكنون ذاته .. حتى يشعر بالراحة التى يفتقدها كثيرا فى وجوده بين البشر .. فيباشر حياته بنفس راضية لحظيا .. بعد ان يأخذ من البحر وأمواجه جرعة من السلام النفسى مع حاله .. ولكنه فى النهاية لم يكن يرضى عن نفسه ولو جلس أمام البحر عاما كاملا .. كان يمقت شخصيته الضعيفة المشوهة التى لا تعلم الحياة على حقيقتها ولا يستطيع ان يتكيف معها بحالته تلك .. بعد ان فشل فى دراسته .. وفشل فى ميوله الطبيعية تجاه الجنس الآخر .. كانت صدمته فى نفسه أكبر بكثير من صدمته فى صفاء الذى لم يتخيل للحظة واحدة أن تكون هناك فتاة رخيصة ومبتذلة الى هذه الدرجة .. حتى الغوانى التى يسمع عنهن ويشاهد افلامهم ومسلسلاتهم فى التليفزيون أو السينما لا يمكن أن يصلوا الى هذه الدرجة من الرخص والسهولة .. كان يتساءل فى جنون .. كيف سمحت لنفسها ان تكون هكذا .. فبمجرد اشارة من أخيه الأصغر صعدت الى سطح البيت كأنها منومة مغناطيسيا .. ولم يعتريها أى خجل عندما اقترب منها وحاوط وسطها بذراعيه وقبلها تلك القبلة المخجلة أمام عينيه .. وقد اسبلت عينيها وكأنهما زوجين فى حجرة النوم .. تنتظر منه المزيد .. وليس فى حجرة الغسيل المملوءة بالكراكيب ومخلفات بيتهم .. كيف تفعل هذا أمام عينيه دون خجل .. كيف ترضى لنفسها هذا الهوان والضعف أمام شهوتها القذرة .. ان ما تفعله قد فسر له سر التسمية التى اطلقها علي عليها .. فهى لا بد أن تكون مشاع للجميع .. هى لمن يطلب .. والا ما سمحت لنفسها أن يعبث معها علي على مرأى من غيره ..

شعر عبد السلام انه يريد أن يذهب اليها ويأخذ حقه منها .. حق السنوات الأربع التى ظل فيها يحبها فى صمت دون حتى ان يلمح لها عن حبه ولو بنظرة واحدة .. فجميع نظراته اليها كان يسرقها خلسة .. ولم يجعلها يوما تشعر باهتمامه بها .. هو بالفعل لم يحبها قط .. بل كانت تمر عليه الأيام والليالى لا يفكر بها و لم يحلم بها حتى حلما واحدا كما يسمع اقرنائه يتحدثون عن احلامهم بالفتيات وما يحدث لهم فيها .. هو لم يحلم الا حلما واحد مع شخص واح .. أصبح الآن يمقته بعد ان ادرك ما فعله به وبمستقبله كذكر .. واصبح مع الأيام يكره ويهاب هذا الحلم ..
ظل لدقائق يفكر كيف له أن يأخذ حقه من صفاء وهو لا يستطيع ولا يرغب بحالته تلك وطبيعته التى تعفى البنات .. وأى ذنب اقترفته هى فى حقه يلومها عليه .. فهل يشاور لها فى المرة القادمة حتى يختلى بها كما يفعل غيره ويحاول أن يعبث عبثهم معها .. انها فرصة كى يجرب نفسه مع جنسها .. لكن كيف وقد صفعها صفعة قوية على خدها الذى احترق بقبلة أخيه .. ثم انه بعد ما رأى منها يشمئز أن يقترب منها .. فى النهاية اقتنع بأن يتركها لحالها .. فهى رخيصة للدرجة التى لا تستحق أن يفكر فيها ولو لحظة بعد الآن ..

عاد عبد السلام الى البيت بعد صراع عنيف بينه وبين نفسه .. صراع خرج منه البحر وامواجه من حساباته .. فلم يتحدث اليهما كما كان يفعل من قبل .. ولأول مرة كان يتحدث مع نفسه .. لأول مرة قرر أن يتغير .. أن يتعلم الحياة على أصولها .. أن يغير ما بنفسه تجاه كل شيء حوله .. قرر أن يرحل من البيت .. وأن يبدأ بداية جديدة .. بعيدا عن أهله .. قرر أن يتشجع ويتكلم مع ابيه الذى كان يهابه كثيرا ويخاف أن يتكلم معه .. أراد ان يأذن له بالسفر .. ولكنه كان فى حيرة من أمره .. فألف سؤال كان يدور فى ذهنه عن السفر .. كيف .. وأين .. ومتى ؟؟

دخل عبد السلام الى غرفته .. فوجد عليا ينام على سريره .. وعلى الجانب الآخر كان كريم مستلقيا على سريره هو الآخر .. وما أن دلف الى الغرفة حتى بادره علي بتهكم وسخرية : ايه يا عم عبده .. سبتنا وطلعت تجرى بعد ما ضربت البنت ليه كده زى العيل الصغير .. ؟
نظر اليه عبد السلام نظرة احتقار وغيظ وهو يقول : اسمع يا زفت انت .. مش عايزك تفتح الموضوع ده معايا تانى ..
علي بسخرية وتهكم : ماشى يا عم الطاهر .. واضح انك ملكش فى الطيب نصيب .. طيب ده أنا كنت ناوى اسيبهالك وانزل تشوف نفسك معاها .. بدل ما انت خام بالشكل ده ..
عبد السلام وهو يجلس على سريره ويتناول المخدة الصغير ويلقيها فى وجهه بشدة : قلت لك متفتحش الموضوع ده تانى ..
على : طيب .. مش حفتحه .. بس فين الساعة يا حلو ..
عبد السلام : ساعة ايه يا بتاع انت .. انت صدقت انى ممكن اديلك ساعتى .. وعلشان ايه ان شاء الله ..
على : شوفت .. أهو انت اللى مصمم افتح الموضوع تانى .. ولو مجبتش الساعة حفضحك ادام باقى اخواتك وفى الحتة كلها انك كنت دايب فى هوى صفاء مشاع .. وحخليك المضحكة بتاعة الكل ..

كان كريم ينظر الى اخويه بتعجب من الحديث الدائر بينهما .. ولم يصدق هو الآخر ما سمعه للتو من علي بخصوص حب عبد السلام لصفاء .. فهو .. وان كان لم يقربها أو يحاول ان يقربها فى يوم من الأيام .. ولم يفكر فيها مطلقا .. إلا انه كان يعرف عنها ما كان معظم شباب الحى يعرفه عنها .. فتدخل فى الحوار : ايه اللى بسمعه ده .. معقول انت يا عبد السلام بتحب صفاء .. ؟!!
رد عبد السلام : بقولك ايه انت كمان .. أنا مش ناقصك .. ثم توجه بكلامه الى علي وهو يفتح درج طاولة صغيرة بجوار سريره ويلتقط منه الساعة .. ثم ألقاها فى وجه علي وهو يقول : اتفضل آدى الساعة اللى حتموت عليها .. بس اياك اسمع انك جبت سيرتى بخصوص الرخيصة دى .. جتك القرف انت وهى ..
ضحك علي وهو يلتقط الساعة وينظر اليها بعيون المنتصر وهو يقول : ما شى يا عم .. جاتنا القرف أنا وهى وتلات ارباع شباب المنطقة .. مش باقولك .. مشاع ..

جاء المساء .. ووصل ابراهيم الى البيت مجهدا من العمل .. كان عبد السلام فى انتظاره فى صالة البيت يشاهد التليفزيون هو وامه و عاصم وعلي وايمان .. فى حين كان حسن خارج البيت كعادته . وكان كريم واحلام فى خلوتهما المعتادة فى حجرة كريم الذى تعود من زمن بعيد ان يذاكر دروسه واحلام بجواره .. فتارة يستذكر دروسه وهى تقرأ روايات مختلفة .. وتارة يتحدثان عن احلامه وحبه وهواياته .. وأخرى تحكى هى عن آمالها واحلامها فى فارس احلامها وعن الاسرة التى ستكونها معه ..
دخل ابراهيم الى حجرته وغير ملابسه ثم دلف الى الحمام وخرج منه بعد قليل .. كانت زينب خلال هذا الوقت قد نادت على احلام كى تجهز العشاء للجميع ..

جلس الجميع على طاولة الطعام فى صمت .. فابراهيم له وقاره بينهم .. ولا يستطيع أى منهم أن ينطق على الطعام فى وجوده .. الا اذا سأل هو أحدهم عن شيء فيجيبه بكل أدب ..

لاحظ ابراهيم ان عبد السلام لا يمد يده الى الطعام ويأكل كبقية أخوته .. فسأله بهدوء : مش بتاكل ليه يا عبد السلام .. ؟
رد عبد السلام على والده بحذر : حاسس انى مليش نفس للأكل ..
ابراهيم : مالك .. تعبان ولا حاجة ..؟
عبد السلام : لا يا بابا .. أنا كويس .. مش تعبان ولا حاجة ..
ابراهيم : أمال ليه مش بتاكل ..؟
عبد السلام : حاضر حاكل ..
ابراهيم : يابنى انا مش بسألك علشان تقوللى حاضر حاكل .. أنا عايز أعرف مالك .. فيك ايه ..
عبد السلام محاولا استجماع شجاعته امام والده الذى يهابه كثيرا وأمام الجميع : ممكن اتكلم مع حضرتك بعد الأكل لوحدنا ..؟
ابراهيم : وماله يا سيدى .. نتكلم لوحدنا .. ثم أكمل الجميع عشاؤه ووالدهم يسأل كل واحد منهما سؤالا بسيطا او يداعبه مداعبة لطيفة .. خصوصا البنتين .. وزينب تعلق كعادتها بأمثلة تضحك الجميع وتغضب البعض .. وبالطبع تغضب من ينطبق عليه المثل ..

دلف كل الى حجرته وتركوا ابيهم وامهم وعبد السلام لا يزالوا جالسين على الطاولة .. فبادر ابراهيم يقول لزينب : قومى يا زينب اعملى لى كوباية شاى ..

نادت زينب على أحلام : يا أحلام .. يا بنت يا أحلام .. فنهرها ابراهيم : هو أنا كل ما اطلب منك تقومى تعملى حاجة تنادى على احلام .. انتى مش حتبطلى الخصلة المهببة بتاعتك دى ..
خرجت احلام من حجرتها على الشجار الذى بدأ للتو بين والديها .. فقالت : أيوة يا ماما .. عايزانى فى حاجة ..؟
وقبل أن تنطق زينب .. قاطعهم ابراهيم : لا يا بنتى .. ادخلى انتى اوضتك .. وقومى انتى يا زينب وسبينى مع عبد السلام ..
زينب بنرفزة : انتعايز تسربنى .. عايزنى أقوم بأى طريقة وخلاص .. وأشمعنى انت تقعد مع الولد وأنا لا .. هو مش ابنى زى ما هو ابنك .. ولازم اعرف ماله .. وعايزك فى ايه ..
رد ابراهيم بسخرية وقرف : أولا .. اللى بتقولى عليه ولد ده عمره اتنين وعشرين سنة .. يعنى راجل زيي زيه .. يعنى طالما متكلمش معاكى وهو قاعد معاكى طول اليوم .. يبقى الكلام اللى حيقولوا معايا مش عايزك تعرفيه .. يعنى من الآخر كده كلام رجالة .. وميصحش تحشرى مناخيرك فيه زى ما انتى حشراها فى كل كبيرة وصغيرة فى البيت .. وبعدين ما تحلى عن البنت شوية .. البنت خلاص معادتش صغيرة علشان كل حاجة تطلبيها منها .. دى لو عبدة عندك مش حتعملى فيها كده .. وبعدين فى الآخر تعملى لى قلبك عليها .. ثم أكمل وهو يقلد طريقتها فى الكلام بسخرية : البنت حزينة .. البنت زعلانة ..
ردت زينب : الله .. الله .. هو فيه ايه يا راجل .. ده انت جاى من بره معبى بقى ..
ابراهيم بزهق وامتعاض : بقولك ايه يا زينب .. لا معبى ولا غيره .. قومى الله يسهلك ويهديكى اعملى لى الشاى .. وخلينى اتكلم مع عبد السلام شوية .. ولو مش عايزة تعملى الشاى يا ريت تخشى اوضتك لغاية ما اجيلك ..
زينب بلوم : ماشى يا ابراهيم .. أنا حعمل بأصلى واعملك الشاى .. بس برضه حعرف الواد كان عايزك فى ايه .. واعمل حسابك مش حسيبك تنام الا لما اعرف ..

دخلت زينب المطبخ وهى تغلى غيظا من زوجها .. وبدأت فى عمل الشاى .. ولكنها تركت اذنيها مع ابراهيم وابنها .. تحاول أن تسمع أى كلام مما سيقوله عبد السلام لأبيه ..
نظر ابراهيم الى عبد السلام الذى كان مطرق الرأس الى كفيه القابعتين فى حجره فى خجل كالفتيات .. ثم تكلم : خير يا عبد السلام . كنت عايز تتكلم معايا فى ايه يابنى .. ؟

كاد عبد السلام أو تمنى ان تكون له الجرأة كى يحكى لأبيه ما فيه من ضياع .. ولكنه لم يستطيع مخافة ان يفتضح امره للجميع .. خصوصا ان علمت أمه بحقيقة ما يعانيه .. فهى فى اول مشكلة معه سوف تفضح سره بمنتهى السهولة وتعايره به على الملأ .. وهو على يقين انها ستظل وراء ابيه حتى تعلم الكلام الذى دار بينهما .. لذا تلعثم وهو يقول : بصراحة يا بابا كنت عايز اسافر ..
تعجب ابراهيم من طلب ابنه فقال : تسافر !! .. تسافر فين .. رحلة يعنى ..؟
عبد السلام بتلعثم اكبر : لا .. اقصد اسافر لبلد تانية ..
ابراهيم وقد استشف ان عبد السلام قد يأس من حاله هنا ويريد أن يهرب من نفسه قبل أى شيء : ايوة يعنى فين بالظبط .. ؟ هو اللى بيسافر ده مش بيبقى محدد هو عايز يسافر فين ..
عبد السلام : أى بلد .. اسافر أى بلد وخلاص .. أنا مش قادر اعيش هنا ..
ابراهيم بصبر وهدوء : أيوه يابنى انت كده مش عايز تسافر .. انت عايز تهرب وخلاص ..

سكت عبد السلام وقد ايقن أن والده قد فهم ما به أكثر من نفسه .. فهم ابراهيم الذى اوجعه قلبه على ابنه الذى فشل وما زال يفشل فى اجتياز المرحلة الثانوية .. فى حين أن أخويه الأصغر منه كلاهما قد عبراها من أول عام وهو ما زال يتعثر فيها .. فهم انه يعانى من مشاكل نفسية بسبب فشله وانطوائه فقال له : اسمع يا عبد السلام .. أنا يابنى حاسس بيك .. وحاسس باللى بتعانيه .. بس السفر يا حبيبى مش هو حل لمشاكلك .. بالعكس .. السفر حيزود مشاكلك وحيتعبك أكتر ما انت تعبان .. السفر والغربة خصوصا للى زيك حتة من جهنم بيعيش فيها اللى مضطر ليها .. وانت يابنى مش مضطر .. انت أمورك هنا أحسن من ناس كتير .. سكت ابراهيم للحظات ليعطى ابنه فرصة ان يتكلم ولكن الأخير لم ينطق ببنت شفه .. وظل على حاله .. بل وزادها بدمعتين سقطتا من عينيه .. ولاحظهما ابيه .. فقال له : ياه يا عبد السلام .. للدرجة دى يابنى ..!!
أخيرا تكلم عبد السلام وهو يجهش فى البكاء فاقترب منه والده وضمه الى صدره : أنا تعبان أوى يا بابا .. تعبان ومش عارف أعمل ايه ..
ابراهيم الذى امسك دموعه بصعوبة : لاحول ولا قوة الا بالله .. اهدى .. اهدى يا عبد السلام .. واحكيلى يابنى ايه اللى مضايقك .. ايه اللى تاعبك بالشكل ده ..

عبد السلام وهو يضم اليه والده بشدة كأنه يريد ان يختبأ بداخله و هو يبكى بحرقة : كل حاجة .. كل حاجة حوليه .. حاسس انى انسان فاشل .. مش عارف آخد أى خطوة صح فى حياتى .. حاسس انى انسان وحيد .. مليش صحاب .. ولا حد بيحبنى أو بيحاول يقرب منى .. أخواتى اللى اصغر منى سبقونى فى المدرسة ودخلوا كليات .. وأنا مش عارف اخلص من الثانوية العامة .. اكتشفت انى عايش فى دنيا لوحدى .. لا انا فاهمها ولا هى مساعدانى انى افهمها .. مش عارف عن اللى حوليه اى شيئ ولا ازاى هما بيفكروا أو بيتصرفوا .. أنا هنا فاشل فى كل حاجة يا بابا .. علشان كده عايز اسافر ابتدى من جديد فى بلد تانيه .. يمكن فيها الاقى نفسى واحقق اللى مقدرتش احققه هنا .. الله يخليك يا بابا .. ساعدنى انى اسافر من هنا .. أسافر لأى بلد .. يمكن الاقى نفسى فيها ..

سكت ابراهيم وهو فى حيرة وشعور بالعجز فى مساعدة ابنه .. لم يتكلم حتى يهدأ فلذة كبده من الانهيار الذى انتابه .. ثم بعد دقائق قليلة دخلت زينب عليهم بكوب الشاى .. وقد سمعت بعض الكلمات التى كان فيها يعلو صوت عبد السلام وفهمت مراده ولكنها لم تعلق .. فلقد كانت هى ايضا حزينة على حال ابنها .. وضعت الصينية التى فى يدها وبها كوب الشاى وآخر من الماء امامهما ودلفت حزينة الى حجرتها ..

بعد لحظات امسك ابراهيم بكوب الماء وناوله الى ابنه وهو يقول : خد يا عبد السلام ..اشرب واهدى واسمعنى كويس ..

تناول عبد السلام كوب الماء من والده وارتشف منه بعض الماء .. فبادر ابراهيم يقول : مفيش اسهل من انى ألبى لك طلبك واسفرك للبلد اللى تشاور عليها .. بس مش ده الحل لمشكلتك .. السفر والغربة يابنى مش زى ما انت فاهمهم خالص .. ومشكلتك لا هى انك مش قادر تاخد الثانوية ولا انك ملكش صحاب .. ولو المشكلة هى التعليم .. كان زمانى أنا أبو المشاكل كلها .. وانت عارف يا حبيبى انى عمرى لا دخلت مدارس ولا اعرف ايه اللى جواها .. لازم تعرف وتآمن ان كل شيء فى الدنيا دى رزق من عند ربنا .. ومش كل اللى بنتمناه أو بنحلم بيه لازم يكون واقعنا .. وان مش كل احلامنا هى الخير لينا .. ربنا سبحانه وتعالى مبيبعتش للبنى آدم وبيختار له الا كل الخير .. حتى لو ظهر لك انه شر .. ولو انت ملكش رزق فى التعليم ومتحققش حلمك فيه .. ممكن يكون لك رزق فى حاجات تانية تتعلم فيها اكتر وأهم من اللى حتتعلمه فى الكتب .. صحيح التعليم مهم .. بس هو مش كل حاجة فى الدنيا .. وأنت يابنى لو عايز رأيي سيبك من حكاية الثانوية العامة دى السنة دى .. ولو حابب السنة الجاية كمان .. وتعالى معايا سنة واحدة فى المحل .. وبعد السنة دى قرر اللى انت عايز تقرره فى حياتك .. وزى ما حتختار بعد السنة دى انا حنفذ لك طلبك ولو كلفنى مليون جنيه ..

نظر عبد السلام الى ابيه يحاول ان يقرأ فى عينيه ما يجهله من كلامه .. ولكنه لم يستطع ان يستشف منهما سوى ان والده يحبه ويبغى مصلحته .. فتكلم ابيه مرة أخرى يسأله : ها .. قلت ايه يا عبده .. موافق تيجى معايا تشتغل فى المحل لمدة سنة ..؟
هز عبد السلام رأسه موافقا على طلب ابيه .. فاحتضنه ابوه مرة أخرى بحنان وهو يقول له : طيب ياللا .. قوم خدلك دش دافى كده واتوضا واستغفر ربك واسأله انه يوفقك فى قرارك ده .. وادعيه انه يكون فيه الخير لك ولنا ..

ترك ابراهيم ولده ليقوم الى حجرته .. فبادر عبد السلام ليمسك بكف والده ويطبع عليها أول قبلة امتنان له .. فقال له ابوه : ربنا يرضى عنك يا حبيبى .. متنساش تتوضا وتصلى ركعتين لله ..

-----------------------------------------------------

خرج جمال فى الصباح مبكرا من بيت جاره الاستاذ كامل الذى قد غادر الى عمله كمحاسب فى احدى شركات القطاع الخاص .. فى حين كان سعيد لا يزال نائما بعد السهرة التى قضاها مع جمال يتحدثون فى امور شتى تخصهما كشابين فى الحى لم يقتربا كثيرا بحكم تربية وميول كل منهم ..

توجه الى ورشة أنور مباشرة بعد ان اتخذ قراره أن يعمل معه فى الورشة ويتعلم صنعته فى اصلاح المواتير الكهربائية .. ولكنه وجد الورشة لازالت مغلقة .. فالمعروف ان أصحاب الورش لا يبدأون عملهم قبل العاشرة .. واحيانا الحادية عشر ظهرا .. لذا توجه الى الطريق المؤدى الى شاطئ البحر والذى لا يبتعد كثيرا عن المنطقة التى يعيش بها .. قابل فى طريقه يسرا ووليد وهما متجهين الى المدرسة .. فوقف وتكلم معهما .. واطمئنت يسرا عليه .. وأخبرها بأنه سوف يعمل من اليوم بورشة أنور .. وطلب منها ان تخبر والده بذلك لعله يرضى عنه ويسمح له بأن يعود للبيت .. وصل الى شاطئ البحر بعد حوالى عشرة دقائق .. فجلس على الشاطئ يفكر فى نفسه وفى مستقبله .. تذكر حديثه الطويل مع سعيد بالأمس .. كان يغبطه كثيرا على حياته .. وتمنى ان يكون مكانه .. فمن حديثهما المطول بالأمس عرف سعيد جيدا .. وعلم عنه هو وابيه الكثير الذى جعله يتمنى مثل هذه الحياة الهادئة النقية التى يتمتع بها سعيد وابيه .. فسعيد هو الأبن الوحيد للاستاذ كامل .. توفيت والدته وهو فى سن الثانية عشر اثر مرض عضال .. ورفض ابوه ان يتزوج بعدها من شدة حبه واخلاصه لها .. كما انه خاف من أن يأتى بزوجة أب لولده .. ربما يقاسى منها ما تفعله فى الغالب زوجات الآباء .. فآثر أن يحرم نفسه من حاجته كرجل للنساء ومن متع الحياة .. وأن يقوم هو على تربية سعيد ورعايته .. حتى الأصدقاء .. لم يكن لسعيد سوى صديق واحد بالحى .. وهو كريم .. المعروف عنه دماثة خلقه وتفوقه فى الدراسة بعكس معظم سكان الحى .. ومنهم اخوة وأقارب كريم نفسه .. كان ينظر الى منزل سعيد واسرته البسيطة على انها جنة لا ينقصها سوى الزوجة التى تزيدها سعادة واستقرار .. فتذكر حياة اسرته قبل وفاة امه .. تلك المرأة التى كانت تملأ البيت بهجة وبركة بالرغم من ضيق الحال الذى كانوا فيه .. ولكنها كانت تدبر شئون البيت بمهارة فائقة وتوفر لهم كل سبل الراحة .. تلك المرأة التى من شدة جمالها كان يعشق ان ينظر اليها ثم يرتمى فى حضنها فتظل تداعب شعره بحنان ورقة افتقدها كثيرا بعد وفاتها .. سالت دموع جمال بعد ان تذكر والدته .. فقد اشتاق اليها كثيرا .. فشتان الفرق بينها وبين اكرام زوجة ابيه .. شتان الفرق بين الأم وزوجة الأب .. خاصة عندما تكون مثل اكرام ..

مضت حوالى ثلاث ساعات قبل ان يسأل جمال أحد المارين عن الوقت فأخبره انها العاشرة واربعون دقيقة .. فتحرك عائدا الى ورشة أنور لعله يجده هناك .. وصل الى الورشة فوجد أنور جالسا على بابها يحتسى قهوة الصباح ويدخن سيجارة .. فاقترب منه يقول : صباح الخير يا اسطى أنور ..
رد أنور : صباح الخير يا جيمى .. بقولك ايه بلاش حكاية اسطى دى .. الكل هنا بينادينى باشمهندس ..
رد جمال عليه بسخرية : باشمهندس .. !! ماشى يا هندسة .. أنا جيت أهو علشان اشتغل زى ما انت عايز ....
أنور : آه وماله .. الشغل كتير والحمد لله .. بس اللى اوله شرط آخره نور ..
جمال : يعنى ايه .. مش فاهم ..
أنور : يعنى معرفتنا ببعض كصحاب وقاعدة الانس اللى بنقعدها سوا بالليل حاجة .. وشغلك معايا حاجة تانية خالص ..
جمال : اكيد طبعا .. من الناحية دى متقلقش .. انت هنا الباشمهندس واحنا الصنيعية .. وبالليل احنا ولاد حتة واحدة وصحاب ..
أنور : تمام .. الله ينور عليك .. بس فيه حاجة كمان ..
جمال بضيق : خير .. حاجة ايه تانى ..
أنور : انت لسة بتتعلم .. يعنى اليومية بتاعتك فى الأول حتكون بسيطة .. وحتكون انت اللى بتخدم على الاسطوات اللى بتشتغل .. ولما تثبت كفاءة يوميتك حتزيد .. وحتبقى زيك زيهم ..
جمال : بالنسبة لليومية .. ده من حقك .. أنا فعلا لسه بتعلم ومش معقول من أولها حتساوى بالأسطوات اللى سبقونى فى الشغلانة .. أكيد الخبرة بتفرق .. لكن حكاية أخدم عليهم دى مش فاهمها ..
أنور : شوف يا جيمى .. اللى حيعلمك الشغلانة دى ويشربهالك هما الاسطوات اللى جوه دول .. يعنى لو ما طاطتلهمش من اولها وصغرتلهم مفيش حد فيهم حيعلمك حاجة .. لكن لو حسستهم بقيمتهم وسمعت كلامهم مش حيبخلوا عليك بحاجة .. وحيعلموك بسرعة ..
جمال : أيوة يعنى ايه حدود المطاطية دى يا هندسة .. ومتقوليش انى اروح اجيب لهم شاى وقهوة .. واجيبلهم الفطار وكل واحد فيهم يمشورنى زى ما هو عايز ..
أنور : لا يا سيدى .. من الناحية دى متقلقش .. أنا هنا ممشيها بنظام .. أمال ايه .. مش بقولك هندسة .. كل واحد بيخدم نفسه فى اموره الشخصية .. لكن ميضرش لو طلبوا منك تناولهم حاجة من حاجات الشغل .. لازم تاخد الأمور اللى زى دى بنفس راضية علشان يحبوك ويعلموك .. وبعدين إطمن .. هما عارفين انك واحد من صحابى .. يعنى مش حيرزلوا عليك أوى ..
جمال : تمام يا هندسة .. فيه أى حاجة أو تعليمات تانية ..
أنور : حلوة أوى حكاية هندسة دى .. يالا خش على الشغل مع الاسطوات ..
جمال : أيوة .. بس أنا لسه مفطرتش .. ادينى حاجة من اليومية النهاردة علشان أجيب فطار ..
أنور مازحا : هو انت طول عمرك مأشفر كده .. ثم ناوله خمسة جنيهات وهو يقول : اتفصل آدى خمسة جنيه .. بس متتعودش على كده ..

ذهب جمال الى مطعم الفول بجوار الورشة واشترى سندوتشات له وللاسطوات بالورشة حتى يكسب ودهم .. وبدأ أول يوم عمل له بالورشة .. وفى نهاية اليوم اعطاه أنور خمسة عشرة جنيها .. بعد خصم خمسة جنيهات الصباح .. وكان هذا المبلغ هو أول مكسب له من عمله بورشة الكهرباء عند الباشمهندس أنور ..
------------------------------------------------


Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:56 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.