آخر 10 مشاركات
الغرق فى القرآن (الكاتـب : الحكم لله - )           »          دَوَاعِي أَمْنِيَّة .. مُشَدَّدَة *مكتملة* ( كوميديا رومانسية ) (الكاتـب : منال سالم - )           »          الأقصر بلدنا ( متجدّد ) (الكاتـب : العبادي - )           »          12- حصاد الندم - ساره كرافن (الكاتـب : فرح - )           »          رسائل بريديه .. الى شخص ما ...! * مميزة * (الكاتـب : كاسر التيم - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          [تحميل]فصليه لظالم وحش بقلم / سقين الشمري "عراقيه" ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          إمرأة لرجل واحد (2) * مميزة و مكتملة * .. سلسلة عندما تعشق القلوب (الكاتـب : lossil - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree56Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-08-20, 10:46 PM   #31

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ebti مشاهدة المشاركة
ليلتك سعيدة.... هل تريدين حذف اول مشاركة ل الفصل السادس عشر؟.....

بانتظار ردك....
ياريت تمسحيه بعد اذنك


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-20, 03:15 AM   #32

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السابع عشر
إذا كان قلبي ينبض خلف ضلوعك فحنانيك
روحي لا تدب في جسدي إلا بين ذراعيك..
..............
بحبك !
سمعتها منه من قبل لكن تلك المرة تغلغلت إلى روحها كانسياب الماء عبر شقوق الأرض العطشى
لم ترد عليه بلسانها لكن عيناها اتسعت ورموشها استكانت ، تدفق إلى عينيه من بينها شلالات العسل الرائق أنفاسها تهدجت وارتجف جسدها فضمها إليه أكتر
ازدردت لعابها وأخفضت عينيها هامسة قرب عنقه
ـ جيت ليه ؟
أسند ذقنه على رأسها هامسًا
ـ عشان معنديش أغلى منك .
تصلب جسدها بين أحضانه في سيطرة فولاذية على ارتجافها
ترك لها الوقت حتى تستوعب ماقاله ومن ثم تنهد بعمق مردفًا
ـ طول الأسبوع كنت بسأل نفسي كرامتي ولا حبيبتي .
صمت لوهلة يسترجع إحساس الغربة بدونها وبعدها عاد يسرد
ـ وكل يوم كرامتي تمنعني عنك.
توقف يلتقط أنفاسه ويعطيها الفرصة لتنتبه وبعدها استكمل
ـ لكن في لحظة سألت نفسي كرامتي هتعملي إيه وأنا وحيد من غيرك .
لم يذكر زيارة نديم حتى لا تعتقد أنه السبب الوحيد الذي دفعه نحوها
نديم سبب مهم حتى يرمم ولو جزء بسيط من صداقتهما
لكن هي سببه الأول احتياجه لها واحتياجها له هو ماجعله يرمي وراء ظهره كل حاجز ممكن ويعود
ولن يقولها صريحة أنه قد أتى لأنها تحتاجه لأنه بذلك سيجرح كرامتها أكثر إن فعل
زفر بحرقة قبل أن يقول بحسم
ـ لكن اوعي تعمليها تاني عشان مش هقدر أرجعلك تاني لو حصل .
وقطع أي تردد
ـ لو اخترت تاني هعيش لوحدي .


أحرق عينيها وخز العبرات فسمحت لها أن تنساب وعلى صدره ذرفتها شعر بنشيجها ففرد يمناه على ظهرها وأخذ يربت برتابة ويتنفس ببطء
قبضت على مقدمة قميصه ورفعت عينيها المتورتين إلى عينيه التي تلقفتا أمواج يأسها
قائلة بتقطع
ـ مكنتش .. أقصد .. أني بقرف منك .
أغمضت عينيها وضغطت عليهما بشدة ثم فتحتهما وزفرت بتتابع
ـ أنا بس بكره ضعفي ناحيتك .
رفع إبهاميه يمسح الدموع عن وجنتيها ولا يفارق عينيها التي رفتا بتثاقل قبل أن تردف
ـ تعبت من كل حاجة يا حذيفة .
قبل جبينها قبلة عميقة قبل أن يعود ينظر إلى عينيها ويسألها بتوجس
ـ ليه سيبتي لي مكان جنبك
عضت شفتيها بندم وأسبلت أهدابها قائلة
ـ أول ما شفتك حسيت أني وجع قلبي اتسكن ..
قالتها والخزي تلقفها ، كانت تحتاجه وقد فقدت ضيها في غيابه ، روحها انفصلت عن جسدها وكأنها ودعت الحياة مع رحيل خطواته
وعودته كانت بمثابة حلم
حلم تعيشه في الواقع فتشبثت بتلابيبه ، انتابها الندم الطفيف لئلا تكون قد تسرعت
قرأ انفعالاتها غير منقوصة فحاول أن يخفف من وطأة ندمها حينما
رفع ذقنها بسبابته وإبهامه فأجبر عينيهما على التلاقي قائلًا بوقاحة
ـ أنا كمان عايز مُسكن ، هحضنك مرتين وأبوسك مرة .
شهقت بخجل وأنفاسها تعثرت أشاحت بوجهها ووبخته
ـ عايز تبوسني تاني ، أنت مش بتحرم ؟
اصطنع الصدمة وقال باتهام
ـ أنتِ مش هتبطلي أفكار منحرفة بقى ؟
عادت تنظر إليه بنظرة عاتبة
هز رأسه قائلًا ببرائة بعيدة كل البعد عنه
ـ أنا أقصد أبوس خدودك الحلوة .
وأتبع كلماته بقبلات متتالية لوجنتيها اللاتي احترقتا خجلًا فأبعدت رأسها عنه زاعقة
ـ هصرخ ياحذيفة وأفضحك .
التوت شفتيه باستخفاف قبل أن يسألها بتهكم
ـ هتقولي إيه بقى ؟ جوزي بيبوسني بالعافية ؟
زفرت بغضب ولكزته في صدره فتأوه لتلين هي وتحذره
ـ متستغلش إني محتجالك.
لان قلبه وعينيه فاضتا بالحنين إليها
ـ مش هستغل الوضع خلاص هحضنك مرة واحدة وأبوسك مرتين .

زمت شفتيها بغضب وتأففت مبتعدة عنه قليلًا فيما تقدم هو يمسد خصلاتها برقة
ـ لولو
همهمت تنظر إليه فتجعد حول عينيه بتأثر قائلًا بصوت مبحوح
ـ حظنا مش وحش ياليلى .
أسبلت أهدابها وغصة لعينة انتابت حلقها فتنهدت بيأس ليحتضن براحتيه وجنتيها
فنظرت إليه وهو أردف باختناق
ـ ظروفنا .
ازدرد لعابه بمرارة شعرت بها وآلمت قلبها

ـ هي في الحقيقة ظروفي أنا وأنتِ إللي دفعتي تمنها .
أحاطت براحتيها كفيه وسألته باهتمام
ـ هتحكي لي ؟
ضم رأسها لصدره متنهدًا بعمق
ـ مش دلوقت خلينا فيكِ .
وتصنع المرح
ـ بعد العملية إللي مش هتحسي بيها هجيب لك ورد .
زوت ما بين حاجبيها وزمت شفتيها رفضًا
فشدد ضمها إليه متغزلًا
ـ أنتِ عارفة أن حضنك زي الزرع
اتسعت عيناها بدهشة خجول
ـ إزاي ؟
غمز له بوقاحة ومن ثم عض شفتيه
ـ حنيِّن !
شهقت غاضبة من تماديه وسبت نفسها أنها هي من أعطته تلك الفرصة وعادت الأغصان في قلبها ترفرف مُعاندة غضبها
هي تحبه والحب في بعض الأحيان يكون كافيًا
حاولت التملص من تحكم ذراعيه بها فلم يترك لك الفرصة وراح يضحك بخفوت
ـ خلاص متزعليش .
ابتسمت بخفر فقرب شفتيه من خدها الأيسر دون أن يمسه لكن أنفاسه الحارة أرجفت أوصالها
تنحنحت بخفوت قبل أن تستجمع شجاعتها وتميل بجسدها قليلًا فتنام على جانبها الأيمن مواجهة له فيما قالت بتقرير
ـ أنا جيت لك مرة وأنتَ جيت لي مرة .
رفع حاجبيه بابتسامة عين وثغر فأردفت بمشاكسة طفيفة
ـ كدة إحنا خالصين !
أنهت جملتها تلف ذراعيها حول رقبته في عناق متملك ، راق له قربها فحاوط خصرها بذراعيه وتهدجت أنفاسه المختلطة بأنفاسها
ـ قلبي وروحي ليكِ لوحدك ..
نظرت في عينيه مبتسمة بما يشبه التقاط النجوم بين الكفين
ترسم بخيوط من ضي القمر أن عينيكَ سماواتي ونجومها تخصني ..
أغمضت عينيها بتراخي وأناملها تلامس أطراف خصلاته من الخلف فاقترب يدفن وجهه في عنقها ويتشمم عبقًا طالما حلم أن تتشبع به أنفاسه ..
................
أكان حلمًا ؟!
أجل قد كان
هي لم تعاصر معه واقعًا بتلك الروعة من قبل
نظرة عينيه ، دفء ذراعيه وأنفاسه
ملمس شفتيه فوق وجنتيها بل وقبلاته التي نثرها فوق وجهها كله وعند شفتيها أحرقتها زفرته الحارة قبل أن يرتفع ويقبل رأسها
هو دومًا يقبل رأسها ولن تعترف أنها تحب ذلك
غبية ؟
تعلم
إن كانت غبية لأنها تحبه ف طوبى للأغبياء الحب رائع
الحب حلم ..
هل الحواس تتأثر بالأحلام؟
ما بالها تشم عبقه ، تشعر بأنفاسه الدافئة ترتطم بسلاسة بجيدها
تشعر به يحاوطها بذراعيه وجبهته تستكين عند وجنتها
هي لن تستيقظ اليوم لئلا يتلاشى الحلم
استفاقت على طرقات خافتة على الباب
استيقظت وعيناها مغلقتان والحلم مازال موجودًا
هل إن فتحت عينيها سينتهي ؟
فتحت عينيها فشهقت هلعةً وغطت فمها بكفها تكتم شهقتها
كلا كان حقيقة
لقد عاد وحدث كل ما تدفق إليها من ذاكرتها الآن
لقد كان حبيبًا مُدلها في عشقها بالأمس وكان وقحًا كما اعتادت وأكثر
جائها وآنس وحشة قلبها كما تمنت ولم تصرح
عند شهقتها فتح إحدى عينيه ينتظر فورة جنونها المتوقعة وتخمينه لم يخب
همست له بعينين متسعتين ذعرًا
ـ أنتَ بتعمل إيه هنا ؟
تتلاعب ؟
ولمَ لا
هي تلميذة تتبع خُطى مُعلمها بمنتهى الجِد
وساحرٌ كبيرٌ يستطيع ببساطة قلب السحر على ساحرٍ صغيرٍ
شهق هو بصدمة جلية بعدما قبض على مقدمة قميصه القطني
ـ أنتِ جبتيني هنا إزاي وعملتي إيه وأنا نايم ..
لكزته في صدره بسبابتها قائلة بتقرير
ـ أنت إللي جيت لوحدك .
ضحك وغمزها
ـ ما أنتِ مركزة أهو .
اعتدلت تنظر إليه لثوان قبل أن تنحني وتعض كتفه فيتأوه بألم لتعود وتنظر إليه بتشفٍ بينما يمسد هو مكان الألم ويكز على أسنانه مغمغمًا
ـ يا متوحشة هتكليني .
أشاحت بوجهها قائلة بترفع
ـ اتفضل روح بيتكم ، استغنينا عن خدماتك.
ضيق عينيه باتهام
ـ أخدتي غرضك مني وعايزة ترميني
شهقت مجددًا بصدمة خجول
ـ أنا ؟ لا طبعًا محصلش.
اقترب نحوها لتميل بجذعها للخلف فهمس بوقاحة
ـ عندك حق ، أنا فعلًا مقصر معاكِ .
تضرجت وجنتاها بالحمرة القانية قبل أن تزدرد لعابها قائلة
ـ أنتَ قليل الأدب.
ارتمى على الفراش مستلقيًا مجددًا وقهقه بينما رأسه تستكين فوق الوسادة
نظر إلى السقف ولم يتخلَ عن الضحك المتسلي ، حك جبهته ونظر إليها بعينين متسعتين ومن ثم عاد ينظر إلى السقف
التقط أنفاسه بصعوبة وتنهد أمال وجهها ناحيتها قائلًا ببراءة مصطنعة
ـ أنتِ ظالماني يالولو.
قبل أن ترد عليه عاد الطارق يدق الباب ثانية
اتسعت عيناها بذعر وهمست له بارتجاف
ـ قوم بسرعة لاحد يدخل يلاقيك هنا .
ورفعت كفها إلى وجنتها في هلع
ـ يا خبر ماما هتعرف كل حاجة .
كان ينظر إليه مبتسمًا ببلاهة فأردفت مرتعدة الأوصال
ـ هنعمل إيه دلوقت ؟
أجابها بتهكم
ـ أقوم أستخبى ورا الستارة ؟
اشتمت رائحة التهكم في كلامه فراحت تلكمه في صدره برقة
ـ أنتَ جاي أوضتي ليه؟
ضحك بخفوت قبل أن يغمزها
ـ الهوا رماني ياقمري .
همت ترد عليه لكن نداء أمها أوقفها
ـ اصحي يا ليلى عشان ميعاد المستشفى .
كتمت شهقتها بكلا كفيها وعيناها دارتا في الغرفة كالمذنبة
اعتدل هو جالسًا ومن ثم قال بلباقة رافعًا صوته
ـ هصحيها ياطنط متتعبيش نفسك .
التفت إليها فوجد عينيها مسكونة بالخوف تعلقت عيناه بها ومد كفه يزيح كفيها عن فمها
حالها قد تبدل واحتل قسماتها الحزن
قالت بدون مقدمات
ـ أنا بخاف قوي ياحذيفة
راحت ترمش وتتنفس بصعوبة
ـ تعبت من كتر الألم والمسكنات .
اقترب منها وجذبها إلى أحضانه بلين فلم تمانع
لم يتحدث ولم تفعل
كان احتضانًا صامتًا طال أمده ذراعه تحيط خصرها وتضمها إلى صدره وكف يده الأخرى تحيط برأسها من الخلف يريح جبهتها فوق قلبه
أرجع رأسها إلى الخلف قليلًا ونظر في عينيها يغزل من عشقه وطنًا تسكنه
في تلك اللحظة مس قلبها أنه ها هنا بقربها يحاول محو الماضي لكن العجز يكبله
ازدرد لعابه وتنهد قبل أن يمرغ أنفه بأنفها قائلًا بتهدج
ـ أنا آسف ياحبيبتي قوي .
أغمضت عينيها ولم تجد ما ترد به فاستكمل هو بغصة
ـ كل الوجع ده بسببي .
ابتعد قليلًا ينظر في عينيها ، احتضن وجنتيها بكفيه وقال متمنيًا
ـ إن شاء الله هتكوني بخير
حزنها كحبها من عينيها يفيض ويملأ الكون
ولحظتها اختلطا وبالشجن تمرغت في تراب الوطن
رفعت ذراعيها وعانقته مجددًا ، شدد هو احتضانها وهمس في أذنها مشاكسًا
ـ بالراحة عليا أنا عارف إنك هتبعيني أول ما تطلعي من المستشفى .
...............
بعد عدة ساعات
كان معها في غرفتها بالمشفى وحدهما بعد أن تركهم الجميع ، وكانت هى جالسة فوق الفراش ، ناعمة هشة ، خائفة وحزينة
حاول التخفيف عنها حينما اقترب ملتقطًا كفها ومسد بيده الأخرى ظهره ، نظرت لعينيه بتبه فابتسم بعشق تضيع فيه
ابتسمت برقة متوترة ..
جلس مقابلًا لها ولم يتخلَ عن كفها رفعه إلى فمه وقبله بعمق مغمضًا عينيه ، تنهد ومن ثم فتح عينيه يحدثها
ـ هنتفق اتفاق .
أدرات عينيها في أرجاء الغرفة وبعد ذلك سألته بتوجس
ـ اتفاق إيه ؟
اقترب قليلًا منها وشدد قبضته على يدها ، رفع عينيه إليها قائلًا بصوت حانٍ
ـ أنتِ هتبطلي توتر وتدخلي العملية وعندك يقين أنك هتكوني بخير وإن الوجع ده هياخد وقته وبعد كدة ترتاحي .
اتسعت عيناها تنتظر منه الشق الخاص به فأطرق مستكملًا بصوت أجش
ـ وأنا هعمل كل إلى تطلبيه .
ارتجفت قبضتها في يده فرفع عينيه إليها مؤكدًا
ـ لو موافقة أننا نكمل مع بعض هتردي لي روحي .
زفر بقوة وأغمض عينيه قبل أن يحك جبهته ويردف بتعب
ـ ولو عايزة ننفصل .
صمت يزدرد لعابه بعسر ومن ثم عاد يقطف زهور الربيع قبل أوانها
ـ هطلقك .
تحشرجت أنفاسها وازداد وجيب دقاتها كانت تطالعه بوجدان مضطرب وعقل مشوش ،
رأته يفتح عينيه المعذبيتن وينظر إليها بتصميم
ـ بس تكوني واقفة على رجليكِ قدامي وقت ما تختاري ووقتها هنفذ من غير نقاش .
كان وجهها لا يشي بانفعال رغم احتدام الصراع بداخلها ، أشارت إليه أن يتقدم ففعل
أحاطت خصره بذراعيها وأسندت رأسها على صدره متنهدة
وفي أحضانه ذرفت دمعة وحيدة باختناق ، شعر بتحشرج أنفاسها فقبل رأسها ومسها بدفء نبرته
ـ أنا مش بقول كدة عشان أزعلك ، عايزك تتأكدي إني مش هفرض نفسي عليكِ وأتعبك تاني .
زفر وضغط على أجفانه قبل أن يكمل
ـ أنتِ صاحبة القرار في إللي جاي .
لم تكن في حالة تسمح لها بجدال فصممت وهو احترم صمتها وقد أعجبه استكانتها في أحضانه
بعد برهة من الوقت دق الباب فأبعدها قليلًا ونزل من فوق الفراش احتضن كفها وباليد الأخرى أعاد خصلاتها خلف أذنها وأسر عينيها بسؤاله المتوسل
ـ حبيبتي اتفقنا ؟
تعلقت عيناها به قليلًا تفكر فيما قال ، كلامه زرع في نفسها الأمل والإيمان بأنها تستطيع ، هو معها ولها حتى وإن تركته في آخر المطاف ، تنهدت ومن ثم أومأت ودمعة أخرى غافلتها وسالت
ـ اتفقنا يا حبيبي .
لأول مرة بعد الحادث تنطقها بلا تهكم ، نبرتها مسته
يريد غرسها بين أحضانه إلى الأبد ويمحو عنها كل وجع
نسائم من برد وسلام رفرفت فوق قلبه فتنهد بارتياح ،
قبل رأسها وكفيها وتقدم يلثم وجنتها فابتعدت عنه ببسمة خجول
ابتسم بمشاغبة
ـ غضبتي عليا .
رفعت رأسها تواجهه بعنفوان قليلًا ما يسيطر عليها
ـ أنا أصلًا غضبانة عليك ومش هترضى أبدًا .
ارتد بمسرحية للخلف شاهقًا
ـ مش بقولك خدتي غرضك .
كزت على أسنانها وهمت أن ترد عليه بما يستحق لكن طرق الباب الذي تعالى بحدة منعها
التفت هو نحو الباب ومن ثم عاد ينظر إليها بنظرة هادئة تخفف من وطأة غضبها منه فلانت نظرتها ،
أولاها ظهره واندفع نحو الباب ، فتحه فوجد السيدة ليلى ترمقهما بنظرة زاجرة
ـ الممرضة واقفة من بدري يا ليلى .
قالتها وأفسحت الطريق لتتقدم مساعدة الطبيب وتدلف إلى الغرفة
تضرجت وجنة ليلى بحمرة الغضب منه ومن نفسها لذلك الوضع الحرج
مر بعض الوقت قبل أن يأخذونها إلى غرفة الجراحة وقبل أن تذهب رأى الجميع بسمتها الطفيفة ، كانت متوترة بعض الشيء لكن الأمل يطغى على أي شعور آخر..
تبادل نديم وأبوه نظرات مطمئنة عندما رأوا حالها كيف تبدل ف عاد نديم بذاكرته إلى بضعة أيام قد مضت
حينما أمره أبوه بما لا يقبل جدال أن يصلح الوضع بين أخته وزوجها وشرط عليه ألا يقلل من شأنها الأمر الذي دفع نديم لأن يذهب إلى حذيفة ويطالبه ب دينه ..
وبالطبع حذيفة لم يتأخر كثيرًا بعد نصف الساعة كان يدق باب بيتهم ويستأذن من أبيها أن يقف بجانب زوجته ويعتذر عن أي سوء فهم أو أذى قد أصاب ليلى
والأب ترفع أمامه ورفض في البداية فكرر حذيفة اعتذراته ، آزرته السيدة ليلى الجاهلة بزيارة نديم من الأساس
وفي النهاية قد تم الأمر ليلى في حالة نفسية أفضل من ذي قبل وقد دلفت إلى غرفة الجراحة والجميع ينتظرها
أعاده من غياهب ذاكرته همهمة أمه والسيدة أنوار بالابتهالات
اندفع نديم نحوهما وانضمت إليهم عزة
ـ تعالو ياجماعة نروح الاستراحة بلاش نقف هنا
أومأوا جميعًا برؤسهم وانطلقوا معه
رمق حذيفة بنظرة عابرة وتركه خلفه ورحل يعلم أنه لن يتركها
...........
تمت الجراحة بنجاح ومرت بعدها ساعات طويلة لم يحدثها فيها ، تناوب الجميع على زيارتها لدقائق معدودة إلا هو كان ينظر إليها من بعيد ولا يمتلك الجرأة حتى يقترب ، قد عايش مدة الجراحة في قلق استنزف قواه
وأخيرًا استطاع استجماع بعضًا منها ،
دلف غرفتها بعدما اطمئن من أمل أنها بخير نوعًا ما وتحت تأثير مسكنًا قويًا ويستطيع الحدث إليها ، أغلق الباب خلفه ووقف ينظر إليها من بعيد ، شعرت بوجوده عندما تسلل إليها عطره ودلل قلبها طيفه
أمالت رأسها المستكينة فوق الوسادة ونظرت إليه بوهن ، كان مترددًا على غير عادته فابتسمت ، سألها متوجسًا
ـ أجي ؟
راقبت وقفته لعدة ثوانٍ قبل أن تسأله بدورها
ـ هتنسى كل حاجة ؟
زوى ما بين حاجبيه فاستطردت
ـ كل حاجة من ساعة ما جيت لي ونمت في حضنك ولما صحيت .
صمتت تزدرد لعابها وتردف بوهن
ـ ودلوقت .
كان يسمع صوتها الواهن بتأثر ، يدرك أنها تحتاجه وفي ذات الوقت لا تريد أن تتأذى كرامتها
تنهد وشملها بعينيه وقال بفيضان شجن
ـ هنسى كل حاجة يا حبيبتي .
أسبلت أهدابها وتنفست بتباطؤ
ـ تعالى .
قطع الخطوات نحوها بتؤدة ودون إنذار أمال بجسده عليها ليحتضنها برفق حتى لا يؤذيها ترددت في رفع ذراعيها فبتر ترددها عندما رفعهما بكفيه وأحاط بهما رقبته فطاوعته وعانقته متأوهة بألم ، الجراحة كانت صعبة وآلام جسدها مبرحة ، المسكن يخفف من وطأتها لكنها مازالت تتألم تنهد بعجز هامسًا قرب أذنها
ـ سلامتك ياليلى ، إن شاء الله تبقى بخير .
تحشرج صوتها فهمست بضعف
ـ تعبانة قوي ياحذيفة ، نسيني إني تعبانة مش عايزة أحس تاني .
اعتدل يبتعد قليلًا عن أحضانها
مسد خصلاتها بصمت لدقائق وعيناه المتألمتين لا تفارقان عينيها
ابتعد وجذب مقعدًا جلس عليه وفرد ذراعه على الفراش وأمال رأسه تستكين فوقه كان قريبًا بوجهه منها ينظر إليها بذلك التوله الذي يغويها لتعود إليه مثلما كانت في سيرتها الأولى عاشقة غير مبالية بشيء سواه
سألها بعبث مبتسم
ـ عايزاني أنسى ليه ، هتتحرشي بيا ؟
نظرت إلى عينيه بتعبير مبهم قبل أن تمد سبابتها بتعب وتحركها بخفة على كفه الممدودة أمامها قبل أن تقول بهمس خافت
ـ هتعلمني التلميس ؟
قهقه بشدة قبل أن يلتقط أنفاسه ويتنهد ، أشار إلى نفسه ومن ثم رفها للأعلى قائلًا بفخر
ـ أنا بطل العالم في التلميس لمسافات طويلة .
سألته على حين غرة
ـ عندنا بيت بجد؟
ابتسم لعينيها بعشق وجذبها بروية نحو الشط
ـ أيوة بيتنا دافي وجميل
عيناها التمعتا كطفلة سعيدة بحلوى العيد وتنظر للسماء الصافية فقدمها انزلقت مع حبات الرمل
ـ اوصفه .
اتسعت ابتسامته العاشقة فسرقها الموج
ـ هو دورين لكن هنعيش في الأرضي وأوضتنا لها واجهة إزاز بتطل على الجنينة .
كانت عيناها تضيقان وتغيب معه فغيبها إلى العمق
ـ هتشوفي الزرع وأنتِ نايمة في السرير .
تاهت بين أحلامها فلونت اللوحة بما تحب
ـ عايزة أشوف المطر والقمر مع الزرع .
مزج حلمها بحلم يتمنى تحقيقه
ـ هتنامي في حضني تاني ؟
زمت شفتيها قبل ن تتنهد وتزجره بعينيها الذابلتين
ـ إللي بتفكر فيهمش هيحصل .
حرك سبابته على طول ذراعها وعيناه تتبعت مسار إصبعه بتصميم
ـ هيحصل .
وعاد إلى عينيها مغازلًا ، مؤكدًا أن الطمع من شيم القراصنة ومن ثم قال بهمس مدغدغ
ـ في ليلة مطر ، قمرها مكتمل ..
أبعدت ذراعها عن مرمى سبابته وتحدته
ـ أنا إللي هختار إللي هيحصل .
ابتسم لها بإعجاب فأردفت بضياع ما قبل النوم
ـ متنساش إننا اتفقنا!
ضحك بخفوت ورفع كفه يمسد خصلاتها برقة مراقبًا الوسن يداعب جفونها فتستسلم له وتنام
همس دون أن تسمع هي
ـ مش هنسى أبدًا ، عمري ماهنسى

انتهى الفصل قراءة ممتعة❤

ٱلاء and egmannou like this.

samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-20, 05:04 AM   #33

عفريتة

? العضوٌ??? » 449188
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 10
?  نُقآطِيْ » عفريتة is on a distinguished road
افتراضي

راااااااااائعة وجميييييييلة جدااااا 😍🤗

عفريتة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-20, 01:31 PM   #34

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عفريتة مشاهدة المشاركة
راااااااااائعة وجميييييييلة جدااااا 😍🤗
تسلمي يارب القادم يعجبك🥰


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-20, 09:13 PM   #35

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثامن عشر
..............
وسُكارى في الغرام لا يبتغون هدى
متعانقين تحت قمرٍ نوره يفوق المدى
شاهدًا على أن دقات العاشقين لم تهدرسدى..
..............
نامت وطالت غفوتها وفي اليوم التالي التقاها ، كانت أفضل حالًا فتباعدت ..
مرت عدة أيام أخرى كانت قد تحسنت فيهن لكنها مازالت على تباعدها
لم ترد له بسمته حتى فغمزها ، أصابها الحنق وأشاحت بوجهها عنه ، نظرت نحو نافذة غرفتها الزجاجية تراقب ارتطام زخات المطر الطفيف فوق سطحه الشفاف..
ومن وقفته الصامتة قرب الباب كان يطالع سحرها هي ، سحرها ذاك يجملها في عينيه ويجبر دقاته أن تتمرد ، تقدم نحوها بخطوات متأنية والبسمة في عينيه متعلقة وقف بينها وبين الناقذة فقطع مراقبتها للمطر الطفيف ، الشتاء قد انتهى تقريبا ويجود بزخات الوداع
هم بالاقتراب فزجرته بحنق وسبابتها تحذره
ـ اوعى تقرب خطوة واحدة .
تجمد في مكانه وضحك بخفوت
ـ طب اصبري حتى لما ترجعي البيت .
أشاحت بوجهها للجهة الأخرى ولم تعيره اهتمامًا ، نادى اسمها برقة فعادت تنظر إليه وإلى باقة الزهور بين يديه التي تجاهلتها منذ دلوفه الغرفة ،
زمت شفتيها وكزت على أسنانها لئلا يُفتضح تأثرها به ، مد لها يده بالزهور
فسألته بنبرة ذات مغزى
ـ فيها شوك ؟
هز رأسه نفيًا مطمئنًا إياها أن زهور عشقه لم تعد تجرح..
أخذتها منه بحدة واحتضنتها تتشمم عبيرها ،
عاد هو إلى النافذة وفتحها بخفة ، فرد كفه تحت المطر فتجمعت بعض القطرات في راحة يده التي أدخلها و أغلق النافذة ومن ثم عاد إليها ، اقترب من فراشها فرفرت بأهدابها دون فهم،
جذب كفها فتركت باقة الزهور فوق الفراش بجانبها وطاوعت قبضته دون إرادة ، فرد كفها وأحطاها من الأسفل بكف بينما رفع الآخر لأعلى في مسافة مناسبة وسمح لقطرات الماء أن تتساقط منها ببطء إلى راحة كفها ،
رفرفت أهدابها وقلبها عانقه دون مجهود منه
الحب رائع حينما يهتم من تحب بما تحب ،
نفضت يدها من يده ونثرت قطرات المطر في وجهه وتطفلت على توبيخها ابتسامة
ـ قلت لك متقربش خالص .
ضحك بانطلاق وشاكسها بمكر
ـ هو أنا جيت جنبك ؟
أطرقت وزمت شفتيها بصمت ،
هم بمغازلتها لكنه سمع طرق الباب المفتوح فحادت عيناه نحوه مثلما فعلت هي ،
وجدا أمل بمعطفها الطبي تبتسم لهما بود وعزة النزقة تقف بجانبها ، ابتعد هونحو النافذة وأفسح لهما المجال لتطمئنا على ليلى ، دلفتا إلى الغرفة وتناوبتا على احتضان ليلى الجالسة فوق فراشها ،
أمالت عزة على أذن أمل قائلة
ـ أنا مش عارفة ليلى بتطيقه إزاي .
لكزتها أمل في خاصرتها دون رد ،
استمع إلى همهمة عزة فاستأذن للرحيل موجهًا كلامه إلى ليلى
ـ أنا همشي دلوقت وهاجي بالليل إن شاء الله .
أومأت له ليلى
فتركهن خلفه وذهب
سمع عزة تقول بترفع
ـ أنا مش عارفة إزاي كنت بدافع عنه .
هز رأسه يمينًا ويسارًا ضاحكًا قبل أن تتسارع
خطواته بالرحيل .
وفي الداخل تضاحكن الفتيات فيما ردت عليها ليلى بتوبيخ
ـ بس يا عزة هيسمعك .
لوت عزة شفتيها وبعدها قالت بتهكم
ـ خايفة على مشاعره ولا إيه ، وبعدين وشك مورد كدة ليه ؟
أصاب ليلى الحنق فتأففت
ـ هو مضايقك في إيه ؟
لوحت عزة بكفيها وسردت بجدية
ـ مضايقني عشان مضايقك .
ضحكت أمل التي التفتت نحو عزة وأشارت نحو ليلى وعيناها أكدت
ـ وأديكي شوفتي ياستي ، صاحبتك المتضايقة وشها مورد وجوزها جايب لها ورد .
قالت عزة من بين أسنانها
ـ جايب لها ورد ؟ هو كان داس على صوابعها بالغلط عشان يصالحها بورد ؟
ذكرتها ليلى بنصيحتها الغالية
ـ مش أنتِ إللي قلتي لي استمتعي ؟
عقدت أمل حاجبيها بلا فهم فوضحت لها ليلى
ـ قالت لي لو مش عارفة أقاوم الاغتصاب استمتع .
انفجرت أمل ضحكًا لتعقب عزة مغتاظة
ـ طب يارب تخفي يا ليلى ويغتصبك بجد .
وفي بادرة غريبة على رزانة أمل رفعت كفيها للسماء داعية بمشاغبة
ـ يارب !
هدرت فيهن ليلى التي انتابتها حمرة الخجل والغضب في آن واحد
ـ اطلعو برة أنتو الاتنين ..
................
في المساء عندما عاد لزيارتها كانت أكثر تباعدًا ، بات يتفهم ضعفها وجلدها لذاتها بعده ، شعر أنها تغلق على نفسها بلورتها وكأنها تهجره ، اطمأن على حالتها الصحية ورحل دون أن يضغط عليها ، أصبح يدرك أنها تحتاج لتلك العزلة من أجل تقييم مشاعرها ، بعدما تركها أخذ يجوب شوارع العاصمة بسيارته دون هدى ، أوقف السيارة في منطقة منعزلة لفح وجهه نسائم ليلية هادئة فضبط مقعد السيارة على وضع مريح واستلقى عليه براحة
التقط هاتفه وأرسل إليها قلبًا
وصلتها الرسالة وابتسمت قبل أن تتنهد وتعض شفتيها مثلما يفعل ، لقد باتت تقلد إيماءاته دون أن تشعر
رأى علامة زرقاء تدل على أنها قد رأت رسألته
وضع ذراعه خلف رأسه واستحضر في مخيلته هيئتها الناعمة ضغط عدة حروف وأرسلها ليبدأ بينهما سِجالٌ جديدٌ
ـ أحبُكِ .
ـ أعلم.
ـ هل تحبينني ؟
ـ أفعل !
ـ ولمَ الهجر ؟
ـ لأنك أحمق ..
اعتدل في جلسته غاضبًا وقطع الرسائل المكتوبة باتصال هاتفي فتحته متوجسة فهدرهو
ـ مفيش واحدة بتقول لجوزها كدة .
ردت بسرعة دون تفكير
ـ أنتَ مش جوزي ؟
زفر قبل أن يرد بزعقة جمدتها
ـ مش جوزك ! ، أومال أنا مين ياهانم .
أجابته بهمس خافت
ـ هتنسى ؟
لان صوته وأجابها بصوت دافئ بعدما إزدرد لعابه وأغمض عينيه
ـ هنسى .
تنهدت قبل أن تأسره برقة صوتها
وشجنه
ـ حبيبي .
تأوه عشقًا
ـ آه يا ليلى هتموتيني.
وبخته بغضب
ـ متقولش كدة أبدًا.
صمتت وصمت كلاهما تؤنسه أنفاس الآخرحتى قطع ذلك الصمت سائلًا باهتمام
ـ عاملة إيه دلوقت ؟ بتتألمي ؟
على الجانب الآخر أجابته بعدما أعادت خصلاتها خلف أذنها
ـ الحمد لله كويسة .
توترت قليلًا قبل أن تسأله على استحياء
ـ أنتَ فين ؟
تجاهل الإجابة وباغتها بصوت أجش
ـ وحشتيني وحاسس أنك طردتيني من جنتي .
ارتعش جسدها فاحتضنت نفسها ومن ثم زفرت في محاولة للسيطرة على مشاعرها
ـ أنا غلطانة أني رديت عليك ، مع السلامة عشان هنام.
كانت تهرب ولم يمانع لقد بات يعلم أنها تحتاح أن تشعر بأنها صاحبة قرارات في تلك العلاقة
ـ تصبحي على خير .
.................
عادت إلى منزلها والكل يحاوطها ، باركت لزوجة أخيها حملها بسعادة لم يندهش لها نديم
الذي رأها أكثر من مرة تسترق النظر نحو حذيفة الذي يغمزها خفية بين الحين والآخر، ود لو يدك عنقه مرة وأن يوصيه عليها أخرى
وبين الاثنتين ظل يراقب..
وكالعادة اطمأنوا عليها وتركوها مع حذيفة وحدها ، أغلق هو الباب وأسند ظهره عليه يراقبها أمامه في جلستها فوق فراشها ، كانت مُرهقة والنوم يداعب جفونها ، ابتسم بحنان يخصها به وانطلق نحوها ، جذب مقعدًا وجلس عليه بين الفراشين ، التقط كفها الذي حاولت أن تخلصه منه فقبض عليه أكثر ثم رفعه إلى فمه ، وقبله بعمق ومن ثم حرره
تأثرت وظلت متأثرة كأسيرة بلا أصفاد تعيش في كنف آسرها طواعية ..
ومجددًا طوقهما الصمت في لحظات هادئة بين حرب وسلام
أرض خضراء نباتها لين
لا هي جرداء ولا أشجارها شاهقة ..
قطع الصمت بصوت هادئ
ـ عايز أوريكي حاجة .
استفهمت بعينيها المتعبتين وإجابته كانت أن استقام واقترب منها فتراجعت للخلف قليلًا ليسألها بعبث
ـ مالك قلقانة مني كدة ليه ؟
وشاكسها عن قصد
ـ أنا نسيت كل حاجة .
أشاحت بوجهها عنه وراحت تقضم شفتها السفلى بغيظ
رفع كفه يمسد خصلاتها من الخلف فنفضت رأسها وابتعدت عن مرمى يده ،
أمال إليها دعم بيمناه أسفل ركبتيها وبيسراه ظهرها وفي لحظة كانت محمولة بين ذراعيه قاومت قليلًا حتى ألمتها قدمها فصرخت بألم ليضمها لصدره أكثر ، انكمشت على نفسها وشبكت ذراعيها فوق صدرها في رفض لضمته قبَّل هو رأسها ومن ثم قال بصوت مبحوح
ـ سلامتك يا لولو .
زمت شفتيها ومازال بين حاجبيها متجعدًا من الألم أولى الفراش ظهره وانطلق بها نحو الأريكة الموازية للحائط
أجلسها عليها برقة وأسند ظهرها ببعض الوسائد استغل قربها منه وتشممها أكثر من مرة فتجاهلت حتى لا يستغل انتباهها ويتعمد إرباكها أكثر ،
عندما اطمأن أنها مرتاحة مسد كتفيها برقة فرفعت عينيها إليه وسألته
ـ عايز توريني إيه ؟

ابتسم لعينيها قبل أن يقول بهدوء
ـ ثواني بس امسكي نفسك
أومأت بترقب وهو

أتبع كلامه بأن أدار الأريكة وأزاحها لتواجه باب الشرفة ، تركها في موضعها وتوجه نحو الشرفة أزاح الستار وفتح الباب على مصراعيه
التمعت عيناها بوهج خاطف من ضي الشمس الدافئ الذي يمد القمر بالنور فيبدد عنه العتمة ..
كانت أمامها جنتها حية تتنفس مجددًا ، شرفتها ازدانت بالجوري ونظم الزقزقة عاد يتناغم معه كذي قبل ؛ اشتعلت في قلبها ثورة ذات قطبين
قطب يرفرف بسعادة تضاهي معانقة المحبوب وقطب يتمرد بالرفض ويذكرها أن خربت جنتها السابقة حرقة منه .
بعدما فتح الباب عاد يركع أمامها مستندًا بقدمه اليسري وركبته اليمنى على الأرض بينما يجذب كفها ويفرده على موضع خافقه قائلًا بصوت مشحون
ـ أنا بحبك قوي يا ليلى وبحب كل حاجة بتحبيها .
رفعت كفها الآخر وفردته فوق خافقها هي وتنفست ببطء
كانت عاجزة عن الكلام فحرك كفه فوق قدمها المصابة بحنان وتوسلها
ـ لما تخفي وتقفي تاني على رجلك اختاريني أنا يا ليلى ومتبعديش عني .
أصابها من عينيه سهام العشق فطرحتها أرضًا
ـ لو وقفت على رجلي واختارت أكون معاك أو أبعد عنك في الحالتين هكون بحبك .
نهض قليلًا من جلسته وأسند جبهته إلى جبهتها
ـ مش هفرض نفسي عليكِ أبدًا وهاجي أشوفك بس .
تنفست بعمق ولم تبتعد فأردف
ـ في اللحظات اللي هشوفك فيها هتبقي مراتي .
أحاط براحة كفه وجنتها وأراح أنامله فوق خصلاتها
ـ لو اللحظات دي هتتعبك انسي أنتِ كمان .
هم بتقبيلها وعلى آخر لحظة تراجع بضعة إنشات وجبهته مازالت مستندة إلى جبهتها ، ترجّاها بهمس خافت
ـ عشان خاطري متعيطيش ، المرة دي بس .
أبعدت جبهتها عنه ملتمعة أعينها بغلالة من العبرات بللت رموشها ولم تسقط
كانت تنظر إليه بتشوش وأنفاسها متعثرة
ـ لا ياحذيفة أنا مش موافقة .
تركها تتحدث بحرية ولم يقاطعها فيما أردفت
ـ أنا ضعيفة وهضعف أكتر لو أنت عايز كدة .
وجابهته بأعين باكية وغصها امتلكت حلقها
ـ أنتَ عايزني أبقى ضعيفة ؟
نفى بهزة رأس
ـ لا عايزك تختاريني وأنتِ قوية
لوحت بكفيها في الهواء بارتجاف
ـ يبقى سيبني أبقى قوية وبعدين آخد قراري.
رُغمًا عنه تسلل الإعجاب بما تفوهت به حتى وإن كان يعني مزيدًا من الحواجز بينهما ،
استقام وحملها بغتة فشهقت تتعلق برقبته عفويًا فابتسم لها ، انطلق نحو فراشها ووضعها عليه برقة
وابتعد قليلًا ينظر إليها
ـ أنا ههتم بالزرع بتاعك لحد ما تخفي إن شاء الله وتهتمي بيه أنتِ .
أطرقت لدقيقتين قبل أن ترفع عينيها إليه وتحدثه بخفوت
ـ شكرًا عشان الزرع .
انحني قليلًا ينظر في عمق عينيها دون أن يمسها
ـ عفوًا مولاتي .
أخفت ابتسامتها وأشاحت بوجهها هروبًا فاعتدل هو وشد قامته متوجهًا نحو الباب ملوحًا لها
ـ سلام ياقمري مؤقتًا كل يوم بعد شغلي هاجي أشوفك
وقبل أن ترفض أن أوتقبل كان قد خرج وأغلق الباب خلفه بهدوء
.........................
مرت عدة أشهر والربيع نثر زهوره
فملأت الكون عبيرًا
قد حدث وتحسنت تدريجيًا
والكل يدعم ويؤازر وهو في الخلفية غائبًا حاضرًا
كل يوم يمر يراها بعينيه وقلبه
يغازلها وأحيانًا يتواقح
لم يحدث ونقد المعاهدة
ظل كما هو ولم يقترب إلا من لمسة يد وسلام متطلب بالكفين
وهي تقترب ، تبتعد ؛ وتحبه !
كانت ولازالت في كل حالاتها عاشقة .
...
والصيف وذكرى أول نظرة
كانت وقتها تستخدم عجازًا وتتحرك بتهمل
أقاموا حفلًاعائليًّا لذكرى ل عيد زواج نديم وزوجته الأول ،
دعته أمها فاستقبل دعوتها بحبور
وعلى عجل قطع أصحاب العيد الكعكة وانطلقا في رحلة عسل جديدة لمدة شهر كامل وكما علل أول مرة كرر نديم أن الشهر ثلاثين يومًا لا سبعة أيام ، هو سينغمس في العسل لثلاثين يومًا قبل موعد ولادة زوجته
والجميع يعلم أنه غارقًا فيه بالفعل ..
بعد رحيلهما تقدم حذيفة منها في جلستها على الأريكة في صالة المنزل الفسيحة ، كان قد انفض الجمع ولم يبقى غيرهما ، أخرج من جيبه علبه صغيرة وفتحها أخرج منها سلسالًا رقيقًا ينتهي بقلبين متلاصقين ومزخرفة حوافهما بأحجار ماسية صغيرة ..
جلس بجانبها فالتفتت بكليتها له وأمام عينيها فتح كفها ووضعه به ومن ثم فرد كفه عليه فسألته بعينيها فأجابها بتوله
ـ ده هدية أول ذكرى لينا !
غامت عيناها بحزن ؛ الذكرى رُغم غرابة تفاصيلها كانت تحبها وكرهتها بعد ما كان ،
لماذا يحييها ويُحيي الجروح مجددًا
مزج حزنها بغصة منه نادمة
ـ حبيتك من أول يوم ياليلى .
أغمضت عينيها وجعدت ما بين حاجبيها تزدرد لعابها بعسر فيما أردف
ـ عايز ألبسهالك دلوقت لكن مش ضامن نفسي لو قربت منك .
احترقت وجنتاها وابتعدت مغلقة كفها على السلسال قائلة بتلعثم
ـ أنا هلبسه ، شكرًا .
قبلت هديته دون أي رفض
تركته أو أكملت ما تبقى من عمرها معه فكل مافيه يحق لها
ويحق لها أيضًا أن تقبل هداياه
عظم ثمنها أو تضاءل لا يهم
يكفيها أنها منه ..
مرت أيام تلو أخرى والصيف طال
في إحدى لياليه شكرت ربها أنه ماعاد يبيت الليل معها لأنها تنام بملابس تشبه خاصة السباحة ولا تطيق غيرها
وفي ليلة أخرى ارتدت ملابسًا محتشمة لأنها لاتضمنه ، قد يأتي في أي لحظة دون موعد وليلتها لم يغمض لها جفن من طول الانتظار..
مرت أيامًا كثيرة قبل أن يأتي ذلك اليوم
اليوم الذي وقفت فيه على قدميها دون أن يدعمها شيء
أنهت آخر جلسات العلاج الفيزيائية وودعت المعالجة التي نشأت بينهما صداقة جديدة المعالجة تدعى أمنية وكانت تشاكسها في بعض الأحيان
ـ بتتحسني بسرعة ياليلى مستعجلة عشان تقفي لوحدك صح ؟
وقتها كانت ليلى تضحك دون تعليق
وبالفعل كانت كذلك ، لكنها لما تعد كما السابق
لازمها عرج بسيط قالت أمنية أنه ربما مع مرور الوقت سينمحي أو تعتاد هي عليه ..
للحق في باديء الأمر حزنت لكنها بعد دقائق تقبلت
هو ضريبة الرعونة
تحركت ببطء نحو باب غرفتها تفتحه
فتحته وتهدجت أنفاسها رأت النباتات منمقة بشكل آسر خطفها
مع الجوري ياسمين
وجلسة من مقعدين وطاولة صغيرة
كان قد طلب منها مرارًا أن تشاركه الجلسة فيها وكانت ترفض بشكل قاطع
واليوم ذهبت بنفسها ترى هديته لها كيف أصبحت ،
تقدمت نحو أحد المقاعد وجلست عليه ظلت ترمق الأزهار بحنين ،
هل سيصدقها بالطبع إن قالت أنها تريد أن تعيش وتموت بجواره؟
هي ليست غبية بالكامل لكنها تعشقه بشكل لا يوصف ،
شردت تسترجع تفاصيل لقاء قد حدث قبل شهور بالتحديد قبل جراحتها بيومين حينما زارتها السيدة أنوار تستفهم منها لماذا افترقا بعد كل ذلك الحب وبعد ما فعله من أجلها وقتها قطبت ليلى وسألتها
ـ عمل إيه عشاني ياطنط ؟!
عقدت أنوار حاجبيها بلا فهم قائلة
ـ بيتعالج !
لم تفهم ليلى شيئًا وتساءلت في نفسها مما قد يشكو هو ؟
لم تمهلها أنوار التي أردفت بحسرة
ـ ده أنا كنت فرحانة أنه ابتدى يتحسن وقالي إن الدكتور ساعده عشان يعرف يتعامل معاكِ .
ازدادت دهشة ليلى واستفهمت
ـ دكتور ! ويتعامل معايا ، هو محتاج دكتور عشان يتعامل معايا ؟
وقتها أدركت أنوار ماهية ماحدث وسبب تلك الفجوة بينها ، ليلى لاتعرف عن عقدته شيئًا ومازالت ناقمة عليه بسبب خذلانه المقيت لها
حاولت لفت نظرها دون تفاصيل يصعب على أم سردها فقالت بصوت مختنق
ـ حذيفة من وقت موت توأمه حمزة وهو اتغير وبقى واحد تاني .
اندهشت ليلى التي لم تكن تعلم أنه كان له توأم من الأساس ، كانت قد سمعت أن أخيه قد توفى قبل حضوره العائلة والسكن في حيهم لكن بدون أي تفاصيل مهمة ،
أردفت أنوار التي تنهدت بتثاقل
ـ بيحمل نفسه نتيجة موت أخوه ياليلى ، وبيخاف يشيل مسئولية حد بيحبه من وقتها عشان كدة بيبعد ..
شهقت ليلى فيما طلبت في هلع
ـ احكي لي ياطنط كل حاجة.
تقدمت منها أنوار وربتت على كتفها بحنان
ـ خليه هو يحكي لك ويفتح لك قلبه ، أنتو ملكوش غير بعض .
وقتها سالت دموع ليلى وتمنت أن يكون معها وتحتضنه بشدة
باتت تدرك سبب نظرة الألم الصامتة في عينيه التي حيرتها في طفولتها ولم تكن تعلم لها سببًا
وفي تلك الليلة التي تركتها فيها أنوار خلفها بكت وانتحبت وواسته في مخيلتها
ناجته أن يأتيها فتبدد خوفه ويبدد ألمها
مرت ليلة وآتاها بالفعل في التالية فلم ترده خائبًا
كانت تشعر باحتياجه لها فغمرته بعاطفتها ونامت ليلتها بين ذراعيه
انتهى الفصل قراءة ممتعة🥰

ٱلاء and egmannou like this.

samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-08-20, 02:53 AM   #36

عفريتة

? العضوٌ??? » 449188
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 10
?  نُقآطِيْ » عفريتة is on a distinguished road
افتراضي

❤️❤️حبيييييت تسلم ايدك ❤️

عفريتة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-08-20, 05:59 AM   #37

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عفريتة مشاهدة المشاركة
❤️❤️حبيييييت تسلم ايدك ❤️
تسلمي يارب شكرا❤


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-08-20, 12:10 AM   #38

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل التاسع عشر
...
تُرى هل كان قيس الأول يستحق الفراق والخبالَ
أم كان دأب الزمان دوّارًا
وقيس الذى ظفر بالعناق مُحتالًا !
...............
عادت من شرودها على صوت عصفوريغرد فوق أحد أغصان الياسمين في الشرفة ، تنهدت واستقامت تتحرك بخطواتها غير المتزنة إلى الغرفة ببطء ،
وصلت حيث هاتفها فوق الكومود بحثت عن رقمه وطلبته فأجابها بلهفة
ـ حبيبتي وحشتيني.
سمعها عبر الهاتف تشهق بعمق وتزفر بتباطؤ ومن ثم قالت بخفوت
ـ ممكن تيجي؟
أقلقته فليس من عادتها أن تطلب منه الذهاب إليها وخصوصًا أنهم مازالوا في منتصف النهار
طمأنته بهدوء
ـ أنا الحمد لله بخير ، عايزة بس أتكلم معاك .
وكأنه يربت على قلبها بحنوه
ـ حاضر مسافة الطريق وأكون معاكِ .
أغلقت الهاتف دون رد
واستندت على الفراش مطرقة رأسها وفكرت في أن من حقها أن يحكي لها كل شيء ، إن أراد أن تختاره فلابد أن يبوح بنفسه.
يقولون أن الجهل نعمة الجهل راحة
تعميم القاعدة هو الجهل بذاته
أحيانًا تكون المعرفة هي مفتاح الراحة..
أتى في وقت قياسي ، طرق باب غرفتها بخفوت فوجدها تفتح له الباب دون أن تستند على عكازها الذي كانت تعتمد عليه لفترة طويلة صدمته فارتد للخلف مشدوهًا لتبتسم هي وتشاكسه
ـ متخافش مش هعضك!
قالتها واستدارت تاركةً إياه خلفها ، تحركت لداخل الغرفة مجددًا فدلف خلفها بدوره وشلالات السعادة تغمره ،
سعادة كبيرة لأنها وقفت على قدميها من جديد مادامت حتى شابها غصة وألم استحكما قلبه لعرجها الطفيف الذي ظهر جليًا حينما أولته ظهرها وتحركت ..
لم يعِ أنه قد توقف يتفحصها إلا عندما التفتت إليه مبتسمه برقة
ـ وقفت ليه اتفضل ادخل.
أكمل خطواته نحوها بعدما أغلق الباب
وصلها وكانت في منتصف الغرقة فجذبت كفه وذهبت نحو الأريكة ، طاوعها بصمت حزين
الاعتذار في حالتهم لايكفي وينبغي للصمت أن ينحني لها احترامًا ..
عند الأريكة تركت يده وأشارت له أن يجلس فجلس وبجواره جلست بدورها
التفتت إليه وواجهته ،
كان ينظر إليها بتلك النظرة الخاصة
التي تشي بعشق كبير مغبر بالندم
يتفحصها وعيناه تحكي ألف قصة
قصة عن الحب الرائق الذي تستحقه وقصة عن عشقه لعينيها ونقاء قلبها وقصص أخرى لا تحتلها بطلة غيرها ..
تقدمت منه برقة قائلة بتصميم
ـ احكي لي عن حمزة .
اندهش لطلبها لكنه هم أن يجيبها ساخرًا
ـ حمزة خليفة عبد العزيز !
قطعت استرساله بهزة نافية ،
صمت لحظة يبتلع لعابه بتوجس
فغامت عيناه بعدما فهم من تقصد ، تجهم وجهه وتعثرت أنفاسه فيما تقدمت هي تقبض على كفه بمرارة
ـ سمعتك بتنادي عليه يا حذيفة يوم الحادثة .
رأت في عينيه جدران الثبات تتهدم ويسود الانهيار ،
سحب كفه من كفها وابتعد عن مرماها
ـ مفيش حاجة أحكيها .
وقفت هي الأخرى تنظر إليه
وتستجديه بعينيها أن يبوح ، أراحت كفها فوق موضع قلبه فاستشعرت ثورة دقاته بينما صوتها تلحف بالغصة
ـ افتح لي قلبك ياحذيفة.
ورفَّ جفنها بوهن
ـ لو مفتحتوش ليا أنا هتفتحه لمين ؟
لاح الرفض على وجهه واختنقت أنفاسه فهدر فيها
ـ عايزة العذر عشان تطلعيني بريء من ذنبك ؟
كانت أمامه مباشرة فاقتربت حد أنها مست جسده على استحياء وعانقت بكفيها كفيه فتجاوب معها لتترجاه
ـ خليني أشيل نص همومك وأشاركك حياتك .
آلمه قلبه للنظرة المحتوية في عينيها فنفض يديه منها
يصرخ بحدة من يقتله ضميره قيقسو على نفسه
ـ وهمومك أنتِ ، حزنك ووجع قلبك؟
تقدمت الخطوة التي ابتعدها ببطء واحتضته بقلبها وروحها حوله رفرفت
ـ من يوم الحادثة وأنتَ بتشاركني وموجوع معايا وأنا مكنتش فاهمة .
ازدردت لعابها بعسر وتنهدت بعذاب
ـ كنت بشوفها في عنيك ومش عارفة دي شفقة ولا إحساس بالذنب .
وهزت رأسها بينما تقبض كفيها بجانبها
ـ بس مشكتش في حبك لحظة ، كنت عارفة إنك بتحبني زي ما بحبك بس عايزة أفهم ليه تبيع حبنا كدة .
أطرقت بينما دموعها تنحدر على وجنتيها بضياع
ـ كنت بتبعد عني عشان خايف.
توقفت عن الكلام لحظات تلتقط أنفاسها ومن ثم عادت تترجاه بصوت متقطع
ـ عشان خاطري ياحبيبي احكي .
كان يقف أمامها منهك من طول الهروب ، هي مرساه ومأوى قلبه
يعز عليه رجائها بل وراوضته نفسه من قبل أن يبكي بين أحضانها ويشكوها خوفه الأزلي لكنه كان يعود ناقمًا على أنانيته ويلتحف بالصمت
تنهد
بيأس من ماتت نصف روحه
ـ هو كمان وقع زيك !
أدار
عينيه في الفراغ يستجدي التلاشي
ـ معرفتش أمسك إيده كويس .
وتحشرجت أنفاسه بما يشبه اندلاع حريق قبل ضياع الروح
ـ ومات!

شهقت وتقدمت منه تمسد كتفه بكف وتتخلل أنامل كفها الأخرى خصلاته ، كانت تفيض عليه بحنانها ومن بين غصات كثيرة وعبرات نطقت بحزن
ـ أنا آسفه يا حبيبي ، أنا السبب في زيادة وجعك ده .
نفض كفيها عنه بيديه وأولاها ظهره واحتد صوته
ـ بطلي غباء بقى .
تقدمت تحتضنه من الخلف وتحدثه بانتحاب
ـ عندك حق أنا غبية .
لم ينفضها تلك المرة وتهدلت أكتافه فيما أردفت هي
ـ أنا ضغطت عليك وحملتك فوق طاقتك .
ودارت حوله تواجهه بقلب مرتجف
فاستلم هو دفة الحديث قائلًا بخفوت
ـ أنتِ كنتِ بتدوري لي على عذر ولقتيه ودلوقت عايزة تشيلي نفسك الذنب كله .
زفر بقنوط وقبض على ذراعيها
ـ بس الحقيقة مش كدة ، خوفي مش مبرر .
حاوطت خصره بذراعيها وأسندت رأسها لصدره ترفع عينيها المتورمتين إليه
ـ مش مبرر بس ريحني .
قبَّل رأسها ومن ثم دعمها لتقف أمامه وتواجه عينيه
ـ أنا مش عايزة ده .
وهز رأسه يؤمن على ما يقول
ـ مش عايز تسامحي ، أنا عايزك تتعايشي معايا لكن متسبيش حقك .
رفعت رأسها للسقف تستجدى هواءًا يملأ صدرها
تنفست بهدوء و أمالت رأسها ثم نظرت في عمق عينيه
ـ مش هعرف أتعايش غير لما أسامح .
عضت شفتيها قهرًا
ـ خوفك وضعفي ضيعونا من بعض .
وفردت كفيها باستقامة أمامه
ـ من النهاردة أنتَ هتبطل خوف وأنا هبطل ضعف .
وضعت يدها على أصل علته وحقًا يتمنى التعافي وسعادة احتلت قلبه لأنها اليوم تعطيه الفرصة كاملة ليرمم انكسارها ويعود من جديد لنفسه القديمة ولها كما تستحق ،
لم يجد ما يرد به سوى أن جذب خصلاته يأسًا وضحك
فيما ألقت نفسها إلى صدره منهكة فلقد أتعب قدمها الوقوف
ـ شيلني عشان تعبت .
تلقفها بين أحضانه باشتياق أحاطها بذراعيه ورافعها عن الأرض فشهقت بخجل دفن هو أنفه بين خصلاتها المسترسلة فوق جيدها هامسًا بوله
ـ أشيلك وماله .
شعرت بملس شفتيه الدافئتين على جلد عنقها فاقشعر بدنها وتجمدت بشهقة رافضة
ـ إيه دة لاء
رفع عينيه إليها بلا استيعاب فيما كررت لاهثة
ـ لاء
رفع أحد حاجبيه وزم شفتيه منتظرًا فورة جنون جديدة
فأردفت بخجل
ـ قلت لك شيلني بس.
وهو لعجبها استسلم لرغبتها وابتسم بسعادة ، أنزلها أرضًا وقبَّل رأسها كعادته ، جذبها إلى أحضانه ثانية يشدد ذراعيه بقوة لا تؤلمها فابتسمت بخجل مغناج بينما همس هو لها بصوت مبحوح
ـ مولاتي تؤمر .
انحني يدعم ظهرها وأسفل ركبتيها بكفيه ويحملها قائلًا بشقاوة
ـ عايزة تروحي فين ؟
......................
قلب الأنثى لا يشيخ مع العمر بل يظل قلب الطفلة رابض خلف ضلوعها فتسعدها الهدايا وتغويها الحلوى ..
مرت عدة أسابيع عانقها خلالها كل يوم ، يغازلها ، يدللها بكلمات مشتاقة ولا يزيد
وهي عادت تتفتح من جديد ، بين نفسها في عشقه تتوله وتذوب وأمامه تتصنع نصف اللامبالاة بينما النصف الآخر مهما جاهدت يظل واضحًا وضوح شمس لا يقتلها مغيب
والليلة ليلة العيد ، بعد أقنعة وجه وحمام طويل واهتمام جيد بنفسها كالسابق صارت بشرتها ناعمة برائحة ذاكية كبشرة طفل صغير
ارتدت أحد قمصانها القطنية ذات الحمالات الرفيعة والطويلة حد الكاحل بلون أبيض و نقوش صغيرة ،
رن جرس الباب ففتحته أمها وهي بغرفتها كانت مستلقية على فراشه هو تراسل صديقاتها عبر الهاتف ، سمعت أمها تناديها فتركت الهاتف وخرجت تتهادى بخطواتها غير المتزنة ، قطعت الممر بهدوء وتجمدت حينما رأته يقف أمامها وحده على مايبدو قد نادتها أمها قبل أن تذهب نحو المطبخ ،
الوهج الخاطف في عينيه أشعرها أنه يرى أكثر من المعتاد، انتبهت لحالها وثوبها البيتي الكاشف لذراعيها وجيدها ومفاتنها بسخاء ،
فالتفتت ببطء للخلف وعيناها متسعة بينما أنفاسها ازدادت وتيرتها وخلال لحظها كان يحاوطها من الخلف فتصلب جسدها وأغمضت عينيها يأسًا فيما همس بسخونة قرب أذنيها وعطره يغمرها
ـ مش عايزة أي مساعدة ؟
أجابته بسخرية تغلف الخجل
ـ لا خليك لحد ما ماما تيجي تشوفنا كدة .
لحظتها تركها ضاحكًا بخفوت واستدار للخلف يحمل من فوق الطاولة بعض الحقائب بعدما ناوشها بتعبير ملتوي
ـ لو عايزة تغيري هدومك
اتفضلي بسرعة ولو أنك كدة حلوة .
كزت على أسنانها وعادت إلى غرفتها مغلقة الباب خلفها بهدوء تاركة إياه يقطع الرواق نحوها ، وقف على الباب عدة دقائق قبل أن تفتحه ويجدها قد ارتدت ملابسًا بيتية أكثر احتشامًا ، فتحت الباب على مصراعيه ومن ثم عادت عدة خطوات للخلف دلف هو واتسعت عيناه لوهلة حين رأى فراشها مرتب وفراشه مشعثة ملاءته ، تقدم يرمقها بجانب عينيه مبتسمًا بمكر وهي كانت غافلة تماما عما انتبه له ، وضع الحقائب فوق فراشها المرتب والتفت إلى الباب يغلقه ، عنها توجست منه رُغمًا عنها هي معتادة على قضاء ليلة العيد وحدها بين حوائط غرفتها ، تحدث صديقاتها ، ترسم وتشرد وتحيا الفراغ بمفردها ،
تقدم نحوها ووقف ينظر إليها بحب جارف ،
لوهلة شردت منه إلى الماضي حينما كان هو حلمها ولم تبتغِ غيره
واليوم هو معها بعد كل مكان ..
ابتسمت بشرود فأعادها بهمس خافت إلى الواقع بعدما انحني إليها قليلًا يمتلك منها الروح وحناياها
ـ ممكن أقضي العيد معاكِ.
والضعف انتهى عصره فرفعت رأسها متخطية رفرفة قلبها
ـ أستأذنت بابا ؟
أومأ برأسه مبتسمًا مؤكدًا لنفسه ولها أن العهد القديم قد انتهى
ـ طبعًا .
ابتسمت بدورها وكست الجدية وجهها
ـ خلاص كلمني بعد الصلاة وهكون جاهزة إن شاء الله .
جذب كفها وقبَّل أناملها فارتجفت من داخلها وأيضًا حافظت على ثباتها أمامه بينما عيناه لم تفارق عينيها في سيمفونية جديدة للآسر
ـ كل ليلة عيد بقضيها مع صحابي بس العيد ده إحنا متجوزين وعايز أقضيها معاكِ .
جذبت يدها منه بخفة وأولته ظهرها تنظر نحو الشرفة
ـ إحنا مش متجوزين .
تقدم نحوها خطوة وجذب خصلة بنية فشعر بنعومتها بين أنامله وهمس بصوت أجش
ـ مخطوبين .
التفتت دون استدارة جسد ترمق عينيه بابتسامة
ـ مقلتليش قبل كدة أنك عايز تخطبني.
قطع آخر إنشات بينهما فالتصق ظهرها بصدره وقبض على يديها بين كفيه برقة هامسًا قرب أذنها
ـ هتوافقي لو قلت لك إني عايز أخطبك ؟
هل يجوز إخفاء الرعد ؟
ما سار في أوصالها كان رعدًا استشعر بدايته وسيطرت على نهايته فتقدمت للأمام تاركة يديه ، التفتت إليه ترفع رأسها بكبرياء أعجبه
ـ ساعتها هفكر .
أحاط ذقنه بسبابته وإبهامه وعيناه استقرت على السقف في إشارة إلى التفكير
ـ طيب هقضي معاكِ النهاردة بصفتي إيه ؟
والتفت ينظر إلى الحقائب فوق الفراش وصار تفكيره أعمق
ـ وهديكي الهدايا دي إزاي ؟
ضيقت عينيها وزمت شفتيها لوهلة قبل أن تسأله برفعة حاجب
ـ الهدايا دي ليا أنا ؟
ضحك بخفوت قبل أن يمازح
ـ أنتِ أذكى واحدة في الأوضة دي .
شاركته الضحك بمرح جديد عليها
ـ محدش ساكن فيها غيري .
تعلقت عيناه بها
رباه يعشقها ، تأسره بسمتها ، تغرقه في الغرام عيناها ويبحر بين أمواج حبها
عندما رأت كيف يتطلع إليها توقفت عن الضحك وحدثته بجدية تخفي خجلها
ـ إحنا مش متجوزين ولا مخطوبين بس في بينا حب صح ؟
تنهد بعمق وشملها بنظرات من يقع في الحب لأول مرة
ـ صح .
ابتسمت له برقة قبل أن تردف بدورها
ـ خلاص هقبل هديتك .
ضيق عينيه قبل أن يسألها بتوجس
ـ وليلة العيد ؟
ابتسمت بدلال يعشق تفاصيله
ـ أنتَ فاضي وأنا فاضية .
اتسعت عيناه بحماس مبتسم
ـ نتفرج على فيلم ؟
أسبلت أهدابها وهمست برقة
ـ هعمل الفشار .
اقترب بخطواته لحقل ألغام بحذر سائلًا
ـ هحضنك مرتين .
عضت شفتيها وأجابته بخفر دون أن ترفع عينيها إليه
ـ حضن دلوقت والتاني قبل ما تمشي .
اقترب خطوة أخرى وقدماه وسط الألغام تغوص
ـ والبوسة ؟
أغمضت عينيها وضاقت أنفاسها
ـ مش عارفة !
اكتفى بذلك واقترب يضمها باحتضان الطامع في بساتين الوطن رفعت ذراعيها وعانقته ، لفت أحدها حول رقبته وفردت كف الأخرى فوق ظهره
تمنحه الحب كلحظة ميلاد
، تسقيه من ينابيع حبها
ولا تتوقف عن المنح
ارتد برأسه للخلف قليلًا ينظر إليها فبادلته نظرته العاشقة
سألها بهمس مبحوح
ـ كنت حبك الأول بجد ؟
تنهدت وأغمضت عينيها مؤكدة
ـ والأخير!
ابتسم برضا والتحف بالمكر
ـ وبينهم ؟
فتحت عينيها تسرد قصة بديهية حينما نظرت في عمق عينيه
ـ كنت موجود !
تخلت عن عناقه وابتعدت قليلًا فحررها تلتقط أنفاسها
أمهلها بضع دقائق ومن ثم حاوط خصرها بذراعه وقربها منها يسألها
ـ إزاي محبتيش حد تاني وأنا مسافر وعندك كل المشاعر دي وقلبك بالدفا ده .
ولأول مرة تفعلها وترفع كفها بارتجاف فتريحها فوق جانب لحيته الأيمن ، انفرجت شفتاها تتنفس بتعثر بينما هو انشده بها كلها حينما استرسلت
ـ وأنا صغيرة كنت معجبة بجارنا حذيفة وكنت بسرق الشوز بتاعه عشان يشوفني .
وزمت شفتيها بغضب كأنها توبخه فاتسعت عيناه باندهاش وضحك فيما أردفت
ـ وللأسف مكنش بيشوف .
تنهدت ترمى عن قلبها همومه
ـ وسافر وأنا في ثانوي وأنا نسيته .
دارت عيناها في الفراغ ومن ثم عادت تحاوطه
ـ بس حاولت أعيش مشاعر حب لأي حد بس كان في حاجز .
هزت رأسها بلا فهم
ـ ومكنتش عارفة ليه مش عارفة أحب .
أسبلت أهدابها وتركت وجهها تقبض كفها وتريح القبضة فوق قلبها
ـ بس فهمت إن قلبي كان مقفول بشفرة لما صاحب الشفرة رجع لي ..
هل حدث يومًا الاحتلال العكسي أما أنها تستحق عليه براءة اختراع

لقد أسرته واحتلته وبنت في قلبه قلاعًا تحتمي خلفها وهو مرحب بذلك بل وسلمها حصونه طواعية ،
عاد لطبيعته المرحة بدلًا من الغوص معها في الشجن
ـ وكنتِ عايزاني أحبك وأنتِ لسة سبع سنين ويبقى خبر بعنوان شاهد قبل الحذف ؟
ضحكت برقة وسألته بحذر
ـ ليه بقى .
غمزها بعبث ضاحك
ـ مستمعتيش عن تحرش المراهقين بالأطفال؟
تأففت من مسارات حديثه كلها مؤخرًا تنحني نحو نفس الواجهة الملتوية
ـ لازم تنهى كل كلام بينا بالطريقة دي
نفضت نفسها منه فتركها مرغمًا لتبتعد عنه
ـ وريني الهدايا بتاعتي بقى .
لم تفارق البسمة ثغره والتفت يلتقط الحقائت وقدّمها كلها لها فوجدت في الأولى ثوبًا بلون أمواج البحرخامته ناعمة برقي مزخرفة حوافة كلها بوردات من الجوبير الأحمر تشبه زهرات الجوري ومن الأعلى مغلق بتصميم ياباني ومفتوح من الخلف قليلًا كاشفًا للرقبة وحول دورانها كله تتراص الزهرات..
أعجبها حقًا وابتسمت تسأله
ـ إيه ده ؟
ابتسم لعينها مجيبًا
ـ دة فستان العيد هدية ماما ليكِ .
اتسعت ابتسامتها وحقًا قد مس قلبها ذلك ، هي منذ الرابعة عشر ولم يتذكر أحد إهدائها ثوبًا للعيد ،
طوال العام تبتاع الملابس وفي نظرهم قد كبرت على تلك الأشياء
لكن والدته قد أعادتها لذلك الإحساس الرائع الذي افتقدته
ـ هكلمها وأشكرها أنا فرحت بهديتها قوي .
وضعت الثوب فوق الفراش وفتحت الحقيبة الثانية وهو وضع كفيه في جيبي سرواله وراح يطالع جنته تتفتح زهورها أمام عينيه
والثانية كانت تحتوي ثوبًا بذوق مختلف
أخضر زاهي بنقاط كريمية صغيرة متناثرة عليه كله ، خامته تطابق الآخر في رقيها بنصف أكمام وله نفس الطول تحت ركبتيها بمسافة مناسبة لكن حوافه كلها مطعمة بخيط كريمي
وياقته مغلقة كلها وفوقها طبقة مستديرة مشقوقة من الأمام ويستقر بين شقيها زر وتحته اثنين
خصره ضيق وتحته اتساع مناسب يشبه ثياب الستينيات في رقيها ويتطابق مع كلاسيكية ليلى نفسها وجدها تفرده فوق جسدها بعفوية وتبتسم بحالمية رفعت عينيها إليه وأكدت
ـ دة هديتك أنتَ !
ابتسم لها وأومأ
ـ كل عيد هجيب لك فستان يليق عليكِ .
ابتسمت بخجل
ـ شكرًا ، أنت فرحتني النهاردة .
أنارت بجملتها ركنًا مظلمًا بداخله ، ذلك الركن المنوط بمنح السعادة فاحتفى قلبه بومضات من النور المتوهج كبدر التمام..
شاكسها ضاحكًا
ـ كملي .
سألته بعقدة حاجبين
ـ أكمل إيه ؟
أشاربعينه إلى الحقائب
ـ شوفي باقي الهدايا .
فتحتها كما طلب فوجدت حقيبة وحذاء بلون السكر
مساحيق تجميل ومن بين الحقائب وجدت إحداهن تحمل اسم متجر شهير تعرفه جيدًا جف حلقها وصعقت من محتواه ،
رفعت عينيها إليه بهلع فابتسم بعبث
كانت غلالة ونقطة في نهاية السطر .
كزت على أسنانها ووبخته بامتعاض
ـ أنتَ اتجننت ؟
تفحص احتراق وجنتيها وتوتر جسدها ، فطلب ما يحلم به كل ليلة منذ تركها وعاد إلى منزل عائلته
ـ تعالي معايا بيتنا .
استدرات توليه ظهرها وتقرر دون تفكير
ـ مش مستعدة !
تنهد بعمق وقال باستسلام
ـ خدي وقتك واستعدي براحتك أنا مستنيكِ .
مسدت جبهتها برقة قبل أن تستعيد انتظام أنفاسها وتتجاهل كل ماحدث
راحت تجمع الأغرض ، حملتها وتوجهت تضعها في خزانتها واستدارت له مبتسمة بتوتر
ـ تشرب إيه ، أنا هشرب جوافة بلبن تشرب معايا؟
ابتسم لها بسعادة
ـ ياريت ، وهاكل معاكِ مكسرات كمان . .
رفرفت بأهدابها ومازال قلبها يرتجف
ـ أوك اختار الفيلم واستناني في البلكونة .
انتهت الليلة بسلام وعن عناق الوداع فقد بخلت به والقبلة قطعًا لم يأتِ أوانها بعد..
وفي صباح العيد ارتدت هديته ، وقفت أمام مرآتها تتعجب كيف عرف مقاسها بتلك الدقة وتضرجت وجنتاها بالحمرة حينما تذكرت أن الغلالة تناسبها أيضًا ،
تجاهلت الأمر وقررت أن تعيش معه اليوم بيومه ولن تفكر فيما قد يعيدها للخلف ،
عقصت خصلاتها المصففة كزيل حصان منمق ولأول مرة منذ ما تركته على سطح صديقه عادت تتجمل بالمساحيق ، لكن تلك المرة ببساطة تتلخص في خطين أسودين فوق جفونها مرسومين بإتقان وطلاء شفاه بلون وردي لامع ..
خرجت من غرفتها فوجدته يجالس عائلتها ، نظر إليها مأخوذًا بهالة السحر التي تحاوطها والجميع منحها بسمات مشجعة حتى أبيها الذي استقام وقابلها في منتصف الطريق وتلقفها بين أحضانه ، منذ تعافيها وعرج قدمها يحرق قلبه بغصة مؤلمة
وعلى نفسه تعهد أن يبعد كل غضب منها أو مقت على الماضي حتى تسعد هي بالحاضر ،
هو ككل أب مؤمن أن صغيرته تستحق السعادة ويعلم كما الجميع أن سعادتها تلك تكمن مع زوجها ، دعم جسدها وساعدها لتخطو بضع خطوات وأجلسها بجانبه فيما حاوطها بذراعه فابتسمت هي بسعادة
والرسالة وصلت حذيفة كاملة
أن ماحدث قد حدث وأنهم يبتغون سعادتها فقط وأيضًا سيظل أبوها يدعمها مهما حدث ولن يسمح له أن يؤذيها ثانية
وهو من صميم قلبه من قبل قد تعهد أنها ستعيش في كنفه أميرة كما كانت في كنف والدها وأكثر ..
نديم الجالس أمامه منحه نظرة ممتعضة في ظاهرها ويعلم حذيفة أنه قد تقبل ارتباطه ب ليلى من أجلها هي فقط ،
ذهبت معه إلى بيت عائلته
كان تجمعًا عائليًا ضخمًا لم تشعر لوهلة أنها ليست منهم ، بل شعرت أن دمائها تنتمي إليه من فرط لطفهم معها ، تعرفت على فتيات العائلة وكانت قد تعرفت على ليلى السعيد التى زارتها من قبل في المشفى بل وكانت تراسلها هاتفيًا دون أن يعرف هو بذلك ، انتظرت منه أن يحكي عنها لكنه لم يفعل ، تقدم منها في جلستهما المنعزلتين فيها على أريكة وثيرة في أحد أركان صالة المنزل الفسيحة تطلع إليهما من وقفته على الباب متوجسًا من تلك الأريحية بين الفتاتين تجمدت البسمة على وجه زوجته بينما الأخرى ودعتها ببسمة رائقة وودعته هو بأسف مصطنع وذهبت إلى باقى العائلة في الحديقة بعدما زجرها هو بنظرة متوعدة ..
تقدم وجلس بجانبها صامتًا بترقب
فيما التفتت إليه بعتاب صريح
ـ أقولها تجيب لك البليلة إللي بتحبها ؟ زمانك ياحرام حاسس بالحنين .
رفع كفه إلى جبهته ضاحكًا بأسف حقيقي
ـ ليلى دي أختى والله .
أومأت متفهمة وأكملت بنزق
ـ دي حاجة أنا متأكدة منها ، بس دة ميمنعش أنك بتتغذى على الكذب .
هز رأسه نافيًا
ـ لا مش كذب .
زمت شفتيها بامتعاض مصطنع
فأدار عينيه في الفراغ قبل أن يعود إليها معترفًا مغمضًا عينيه كالمذنب
ـ أيوة في شوية كذب .
ضحكت هي بانطلاق قبل أن تنهض وتذهب إلى صديقتها الجديدة قائلة له بجدية
ـ فكر في طريقة عشان أسامحك المرة دي مش كل مرة هسامحك ببلاش .
تركته بفم مفتوح صدمة وأعين متسعة بانشداه
قابلها حمزة الذي وقفت أمامه و استندت على كتفه قبل أن تصل إلى الحديقة فمازحها
ـ خرجتي معاه قبلي وجرحتي مشاعري .
ابتسمت بسعادة وشعثت خصلاته فأبعد يدها بنزق ضاحك
ـ لا متتعامليش معايا كأني لسة في كي جي أنا 15 سنة .
ارتفع حاجباها وعيناها اتسعتا بجدية يشوبها بعض الضحك
ـ ده أنتَ كبير فعلًا بقى .
فرد كفه مفتوحًا ومحاذيًا لكتفه بثقة تامة
ـ حظك أن حذيفة شافك واتجوزك قبلي .
وكانت هي تنحسر ضحكاتها تدريجيًا وعيناها ترتفع إلى نقطة خلفه ، لاحظ حمزة تغير ملامحها فأكمل بنفس الثقة واللباقة
ـ بس دلوقت أنتِ مرات أخويا الكبير والوحيد ، وهحاول أسيب مسافة خمسة متر بيني وبينك .
تبادلت الضحك مع حذيفة الواقف خلف حمزة والذي وضع كفه فوق كتف أخيه يتصنع التهديد
ـ طبعًا عارف لو بقو أربعة متر هيحصل إيه .
التفتت يرمق حذيفة ببساطة
ـ أنا مبتهددش .
وقبل أن يتشاجر مع حذيفة ابتسم حمزة بسعادة
ـ عيونها رجعت تبتسم تاني .
قالها ولوح لهما ضاحكًا وهرب
بينما تقدم حذيفة منها خطوة وترك بينها واحدة
نظر إلى عينيها وإلى عينيه ردت نظرته
عدة ثوان مرات وترابط النظرات لم ينقطع إلا عندما تحركت شفتيه بلا صوت
ـ بحبك .
وهي تلقت الإعصار كاملًا فاهتز جسدها ليدعمها بقبضتيه هامسًا بعبث
ـ حاسبي .
ارتبكت وبللت شفتيها بطارف لسانها فتعلقت عيناه بشفتيها لتبتعد عن مرمى كفيه وتنظر حولها في توجس لتجد المكان خاليًا تمامًا ..
وفي نهاية اليوم منحته هدية العيد في هيئة قبلة ترتيبها الثالثة وإحساسها كأول واحدة بين عاشقين..
تفرق الجمع العائلى وبقى هو وهي وحمزة وأمه وأبيه فقط ..
طلب منها أن تذهب معه إلى الحديقة كي ترى أزهار والدته، طاوعته بعفوية ونهضت تذهب معه ،
دعم جسدها وأسندها إلى جذعه طول الطريق إلى الحديقة، ترك أباه يبتسم لأمه خفية فتكز هي على أسنانها هامسة
ـ دلوقت مبقاش ابن أمه .
سمعها عزيز وقهقه ضحكًا فشاكسها
ـ هو ابن أمه في كل الأحوال .
وفي ركن آخر حيث الحديقة لم يُرها حذيفة الأزهار كما زعم لكنه أسندها إلى الحائط وخلفه الشمس تستسلم لنومها في أحضان المغيب كم استسلمت هي للضياع بين نجوم عينيه تسبح في ليلها
تقدم نحوها أكثر ولم يفصله عنها شيء ، عانق بكفيه كفيها فتشابكت الأنامل وعلى الرفض لم تجرؤ ،
أسند ظهر كفيها للحائط واقترب أكثر ، مس بشفتيه شفتيها فاختض جسدها ليدعمها بجسده ، قتلها الخجل فأغمضت عينيها تمنحه حق القبلة
فاقتنصها واقتنص من شفتيها رحيق الورد وملمسه ..
شعر بقربها يبتلعه فلم يقاوم هي امرأة خلقت من أجل الحب ؛ من أجل أن يعيش معها الشغف بنكهة الوله فتصيب القلب بجنون دقاته
.......................
مرت الفصول وقد عاد الخريف مجددًا، ويبدو أنه ليس سيئًا كما يشاع عنه
والحب كالخريف ألوانه زاهية براقة لكن أوراقه في وقت ما حينما يصيبها الذبول تتساقط ، تتساقط ليتجدد الخضار وتساقطها ليس النهاية
فالنهايات هي بداية جديدة ..
كان في حيهم يقف أمام منزل أشرف الذي نزل الدرج في عجالة يحمل كِندة وحقيبتها متوسطة الحجم ، احتضنها أشرف بشدة ومن ثم أعطاها إلى حذيفة الذي تلقفها بلهفة وهي في البداية توجست وعندما أعطاها لوح الشيكولا قبَّلت وجنته وابتسمت له ليتهكم أبوها ضاحكًا
ـ اوعي تحبي حذيفة ياكوكي مش عارفين نعالج ليلى .
لكزه حذيفة في كتفه بقوة
ـ الحمد لله ليلى خفت وبقت بخير.
سخر منه أشرف
ـ لو كانت خفت كان زمانك مخلوع .
وأشرف يقصد بالطبع أنها مريضة ب حذيفة نفسه و العلة ليست في جسدها .
لوح له حذيفة الذي احتضن الطفلة بقوة وتناول حقيبتها من أبيها وذهب بها نحو بناية ليلى والصغيرة عندما وجدته يبتعد بها بكت فهدهدها حتى استكانت ،
كانت أمل قد وافقت على طلب إجازة من عملها والذهاب في نزهة إلى منطقة ساحلية برفقة زوجها الذي طلب أن يتركا كندة مع جدتها لكن حذيفة عندما علم بذلك عرض عليهما أن يهتم بالطفلة هو و ليلى ، تحمس أشرف الذي فهم نية حذيفة في التقرب من ليلى بإغوائها بالجو العائلي الذي تصنعه الصغيرة وأمل وافقت على مضض عندما أقنعها زوجها أنها بذلك تخدم صديقتها دون أن تشعر الأخرى .
وفي النهاية ها هو يحملها ويشدد حولها ذراعه بينما يرتقي الدرج ، لن يكذب ويقول أنه قد تخطى رُهابه كليًا وفي موقف كهذا ينتابه الخوف عنوة لكن يتحداه ويثابر..
عند الباب طرق جرسه بخفة ، عدة دقائق وفتحته ليلى التي تفاجأت به يحمل الصغيرة ، تفحصها بإعجاب واضح فكانت ترتدي ثوبًا خريفيا بلون الرماد بأكمام طويلة و يحتضن حناياها منتهيًا تحت ركبتيها مباشرة فيبرز مفاتها التي ازدادت بروزًا مع زيادة وزنها مؤخرًا ، ابتسم لها وطيف العشق يسكن عينيه والصغيرة التي تعرفها جيدًا القت نفسها بين أحضان ليلى وتشبث هو بها لتتفاجأ ليلى بنفسها بين أحضانه بينهما الصغيرة وكفه الدافئ يستقر فوق ظهرها يجذبها إليه مقبلًا جبهتها فأغمضت عينيها خجلًا
من الداخل سألتها والدتها
ـ مين كان بيخبط يا ليلى .
توترت وابتعدت عنه فحررها وحدَّث أمها من الخارج
ـ أنا ياطنط .
وجد السيدة ليلى تتقدم مُرحبة به ببشاشة وليلى تبتعد منزوية بعيدًا عن الباب
فدلف حينما أشارت له السيدة ليلى وأغلق الباب فور دخوله
وصل معهما إلى الصالة ، أنزل حقيبة الصغيرة أرضًا
ومن ثم قال موضحًا
ـ أشرف ومراته أخدوا أجازة يومين وأنا قلت لهم ميقلقوش خالص أنا وليلى هناخد بالنا منها .
كانت السيدة ليلى تتسع ابتسامتها تدريجيًا وهو يتحدث بينما لاح الرفض على وجه ليلى التي همت بالرفض لكن أمها حسمت الأمر عندما سخرت متعمدة
ـ هو أنتَ وليلى بتعرفوا تاخدو بالكم من نفسكم لما هتاخدوا بالكم من كِندة ؟
لحظتها تذمرت ليلى من سخرية والدتها وتقدمت نحوه تجذب الطفلة بحدة فتركها لها لتنطلق هي بها تتمسك بكفها والطفلة طاوعت خطواتها نحو غرفتها فيما تمتمت ليلى بنزق
ـ بنعرف ناخد بالنا من نفسنا كويس .
ولم تره خلفها كيف ابتسم منحنيًا بمسرحية تبجيلًا لحنكة والدتها التي كانت تكتم ابتسامتها
وحينما دلفت ليلى غرفتها حذرته أمها
ـ مفيش بيات هنا متعليش سقف طموحاتك.
كز على أسنانه قبل أن يرد
ـ بقى دي وقفتك جنبي ؟
أشاحت بوجهها تلتقط الجريدة وتعود للخلف فتجلس على مقعدها متجاهلة إياه تمامًا وهو اندفع نحو غرفة ليلى وطرق بابها بهدوء فتحته هي بابتسامة رائقة
دلف وأغلق الباب خلفه ومن ثم جذبها إليه فعانقته هي باشتياق مس قلبه ،
بعد قبلتهما في منزل عائلته باتت تستسلم لأحضانه المتطلبة وأحيانًا قبلاته
بداخلها تجاذب نحوه وتنافر يرفض ذلك التسليم الكامل
فترفض مرة وتقبل مرتين
فلا يضغط عليها إن رفضت ويستغل قربها إن قبلت
احتضن وجنتها بكفه و بإبهام الأخرى مس شفتها برقة فابتسمت بدلال عفويّ
قطع اللحظة نداء كندة التى تشبثت بطارف ثوبها
ـ لولو
ترك ليلى وحمل كندة يدغدغها فضحكت بانطلاق
ساوت ليلى خصلاتها التي استطالت ومسدت جبهتها قبل أن تبتعد عنه ،
قضيا وقتًا لطيفًا برفقتها وضحكا من قلبهما حينما كانت تجلس بينهما متعمدة حتى يهتما بها ..
ذهبت ليلى إلى المطبخ كي تحضر بعض الفواكه فتركته مع كندة
عادت تحمل صينية صغيرة عليها عدة أطباق فوجدته قد عبث في أثوابها التي كانت قد استلمتها من التنظيف قبل أن يأتي هو مباشرة ،
انشدهت عندما وجدته يقبض بين كفيه على ثوب بعينه لونه أزرق كانت ترتديه في أول لقاء لها معه ،
سألها بوقاحة بينما يكور الثوب فيتضاءل حجمه بين قبضته التي شملته
ـ كنتِ بتفكري في إيه وأنتِ جاية تقابليني بالفستان دة ؟
ازدردت لعابها وانحسر الهواء من حولها فيما تقدمت ووضعت الصينية فوق الطاولة الصغيرة أمام الأريكة
ـ مكنتش بفكر في حاجة .
تقدم هو منها ووقاحته قد تعدت المدى هامسًا بصوت مبحوح
ـ طيب كنتِ عارفة أنا كنت بفكر في إيه ؟
واجهته بكبرياء ورأس مرفوع
ـ أكيد كنت بتفكر إنه لايق عليا .
ضيق عينيه بمكر والمسافة بينهما تتضاءل
ـ كان عندي أفكار كتير وقتها لكن الفستان مكنش من ضمنها .
لكمته في صدر برقة ولم تتخلَ عن كبريائها
ـ المهم أفكاري أنا كانت إيه ، بس لو الزمن رجع مكنتش هقابلك أصلًا .
أنهت جملتها بمرارة سكنت حلقه مثلها فتنهد ومسد خصلاتها بحنان يملأ قلبها
ـ عارف ياحبيبتي .
حل عليهم المساء وانتهج فيه العبث
كانت ليلى جالسة على فراشها تعبث بهاتفها متنائية عنه قليلًا والصغيرة تلعب بألعابها بجانبه
تصنّع أنه يحدثها فرفع صوته قليلًا وعيناه مسلطة على ليلى
ـ متروحيش الشوارع الضلمة لوحدك ياكوكي.
وقتها رفعت ليلى عينيها إليه بحدة فأردف وعيناه مستقرة عليها
ـ كلها متحرشين !
وليلى الجديدة تضاهيه تحديًا فحدثت الطفلة المتلاهية عنهما هي الأخرى وعيناها لا تفارقه
ـ بتكوني فاكرة المتحرش هرب ياكوكي وأنتِ واقفة معاه وحاسة بالأمان .
وقتها ضحك من صميم قلبه وحك رأسه بندم
ـ ياريت نغير الموضوع ده .
هزت رأسها نصرًا وعادت تعبث بهاتفها مجددًا وإن حدثها لا ترفع عينيها إليه
مرت نصف الساعة فعاد يسير في درب العبث مجددًا
حدّث الطفلة ثانية وعينه على ليلى
ـ لما لولو تبقى حامل يا كوكي متجيش عندنا عشان مناخيرك شبه مناخير مامتك وأنا عايز مناخير بنتنا تبقى كبيرة زي لولو .
انحسر الهواء عن رئتي ليلى التي اتسعت عيناها صدمة وصرخت فيها بغضب
ـ أنا مناخيري كبيرة ؟
ضيق عينيه بتسلية
ـ يعني معندكيش مانع للإلي قلته ومشكلتك في مناخيرك الكبيرة بس؟
أشاحت بوجهها للجهة الأخرى متأففة
ـ أكيد محبيتش المقارنة بين مناخيري ومناخير أمل .
ابتسم هو ابتسامة غريبة جديدة عليه ، لا هي عابثة ولا بريئة
هي ابتسامة من يطالب بحق
ـ ومعندكيش مانع يبقى عندنا بيبي !
تجمد جسدها ونسيت أن رئتيها تحتاجان الشهيق فظلت متصلبة بينما أكمل هو يكتب عنوان قصة جديدة حينما قال بصوت أجش بعدما جاء وجلس متربعًا مثلها تمامًا ومواجهًا لها على ذات الفراش
ـ الأبيض يليق بكِ .
لحظتها وقع الهاتف من يدها على قدمها دون أن تشعر وتدريجيا بدأ عقلها يستوعت ما قاله وحينما استوعبت من بين احتراق وجنتيها وهدر دقات قلبها سخرت
ـ هتلبسني كفن ؟!
وقتها تقدم منها حد ختلاط الأنفاس الدافئة قائلًا ما يشبه نثر بتلات الجوري فوق سطح الماء الرائق
ـ هلبسك فستان أبيض.
أنهت سطوته عليه حينما دفعته بكفها بحدة
هدر قلبها مجددًا
تلونت دنياها بالوردي
امتلأ الكون سعادة
وعقلها هادم لذات ، ذكرها أنه خذله في الماضي حتى وإن كانت له ظروف وهي تقدرها لكنها رُغما عنها تخيلته يخذلها مجددًا فخافت
شعر هو بما يعتريها وقرأه غير منقوصًا في عينيها فقال بخشونة جادة
ـ متخافيش ياليلى .
وهي استجابت له ، أومأت برأسها في محاولة لتسكين خوفها ذاك ، قطعت هي المسافة بينهما وألقت بنفسها فوق صدره فتلقفها ، غمرها بأحضانه وبكفه مسد خصلاتها الطويلة هامسًا بخشونة قرب أذنها
ـ مش هضغط عليكِ يا حبيبتي متخافيش .
أومأت برضا هامسة
ـ مش هخاف .
...................
بعد ساعتين هادئتين كانت تتحرك بأريحية في غرفتها ولم تعِ أنه كان يتفحصها من جلسته على الأريكة خلفها ، والصغيرة تتعلق برقبته ، تنثر قبلاتًا ناعمة فوق لحيته وهو يضحك من قلبه وليلى تدور في الأرجاء بحثًا عن لعبة كِندة ، تقف تلتقط أنفاسها ومن ثم تعاود البحث ، خامة ثوبها الفضي ملتصقة بجذعها وانحناءات جسدها زينت في عينه الخطيئة ، انحنت تبحث وعيناه مع تدرجات الجسد انحدرت ومن ثم اتسعتا بانشداه ، لاحظت صمته فالتفتت ببطء حذر للخلف ، وجدته قد وضع كندة بجانبه وانحنى يستند بمرفقيه فوق ركبتيه وعلى وجهه معزوفة من عبث مبتسم بمجون وعضة شفاة ، شعرت بسخونة وجنتيها وتخيلت أنه يجردها من ثوبها في مخيلته ، الكارثة تكمن في أنه بات يبوح بوقاحة فيرسم في مخيلتها خيالاته كلها دون مواربة ، همست بفحيح غاضب
ـ أنت قليل الأدب !
وقتها قهقه بقوة مرتدًا للخلف وكفه استقرت فوق قلبه ولعينها أرسل جيوش الغزو قائلًا بسخرية
ـ صباح الخير !
نهضت تجذب وسادة وتقذفها في وجهه تلقفها ضاحكًا ليسمعها ترد بغضب مشتعل
ـ صباح النور .
وفي اليوم التالي ترك لها كندة طوال النهار وأتى لهما في المساء فوجدها تعلم الصغيرة كيف تمسك فرشاة الرسم وتلطخ الأوراق البيضاء بألوان زاهية شاركهما المرح وهي ابتسمت له بامتنان فقد قضت عدة ساعات ممتعة مع كِندة ومجيئه قد تمم سعادتها..

.........................
ظلا على حالة القرب المقنن لعدة شهور قليلة والشتاء قد حلت رياحه فأصابت الكون برودة وهو مازال منتظرًا ،
كان جالسًا في مكتبه يعمل بنصف تركيز فقد بدأ صباحه بمحايلة ليلى أن تدفء أحضانه في منزلهما لكنها تدللت كعادتها مؤخرًا ، والمساعدة الجديدة التي أتت تعمل معه منذ أسبوعين لا ترحمه البتة ، وكان يبدو أنها على علم مسبق بسمعته مع الفتيات فتنورتها تزداد ضيقًا كل صباح وتستخدم حمرة شفاه داكنة بل والأدهى أنها صباحًا تعمدت فتح زر من قميصها زيادة عما تفتحه كل يوم ، يتجاهل كل ذلك كما يتجاهل نظرة الإغواء في عينيها الوقحة ،
يقسم أنه يحاول التجاهل كما أنه إن فاض به الكيل سيذهب إلى ليلى ويحملها عنوة إلى منزلهما..
دلف عمه محمد إلى المكتب دون استئذان فتوجس حذيفة الذي نظر إلى الملف الذى ألقاه عمه أمامه بحدة وانحنى يشير بسبابته إلى أحد بنود المكتوبة ونقر فوقه عدة مرات قبل أن يوبخه بعملية
ـ غلط حضرتك يابشمهندس حذيفة بيخسرني أنا ملايين ، لو مش مركز روح لها ، الشغل شغل والستات في البيت.
نظر حذيفة إلى البند واتسعت عيناه أسفًا وبدلًا من أن يعتذر تواقح
ـ في مدير عايز موظفينه يركزو بيجيب لهم مُعدات حرب؟
أنهى جملته يشير بعينيه للخارج حيث مكتب المساعدة
فيما التفت محمد بعينيه سائلًا حذيفة بمكر
ـ حلوة ؟
انتاب حذيفة حزن مصطنع بينما رفع أصابع يمناه كلها يشير بها إلى السقف ومن ثم أشار إلى الأرض
ـ أرض جو .
قهقه محمد وقبل أن يعلق سمع صوت رسالة قد وصلت حذيفة الذي استأذن منه ليراها فأومأ له
لحظة واتسعت ابتسامته و نهض قائلًا بجدية
ـ هاخد النهاردة أجازة مرات نديم راحت المستشفي ميعاد ولادتها
سخر عمه بلذوعة
ـ رايح تجيب المُغات ولا إيه ؟
قهقه حذيفة وهو يلتقط متعلقاته ويلوح له باحترام
ـ زمان عمة البيبي متوترة .
اندفع نحو الباب وقبل أن يتخطاه التفتت إلى محمد المتسلي وقال بأسف مصطنع
ـ لو سمحت خلصني من السكرتيرة إللي برة دي ، خدها مكتب حضرتك لو عايز؛ أنا مش ناوي أخونها دلوقت .
...................
أجواء غريبة عليه عايشها في مشفى كبير ، أخبار عن ولادة متعسرة وتوتر اكتنف الجميع ، وبعد عدة ساعات قد وضعت زوجة نديم طفلتها فأسعدت قلوب من حولها ، كان هو يقف في الممر يشعر بالضيق فلم يجد الوقت ليختلي ب ليلى التي كانت متوترة بالفعل كما توقع
أرسل إليها رسالة مفادها أن تترك جلسة النساء وتخرج إليه من الغرفة ، بعد عدة دقائق خرجت تبتسم له بسعادة فبادلها البسمة وتقدم يحتضن كفها
فلم تمانع ، تحرك مغادرًا الرواق فتحركت معه ولم تترك يده ، وفي السيارة جلست بجانبه تحكي بسعادة ولمعة أعين حالمة عن جمال الطفلة ونعومتها ومن بين كلامها التقط أن نديم قد أسماها لي لي
فاستنكر مبتسمًا
ـ لي لي !
وانفجر ضحكًا
ـ معرفتكوش أنا كدة .
سألته ولم تغيب عنها بسمتها
ـ تقصد إيه ؟
هز رأسه وفرد كفيه في الهواء
ـ دي ليلى بس متنكرة .
رفعت أحد حاجبيها وسألته
ـ فيها إيه لو نديم بيحبني وعايز يسميها على اسمي ؟
غازل عينيها ونزل بعينها إلى شفتيها
ـ وأنا كمان بحبك ولو مقلتيش موافقة هتيجي معايا غصب عنك .
ارتدت تستند إلى مقعد السيارة بحدة مصدومة فزم شفتيه قبل أن يميل نحوها مؤكدًا بجدية
ـ أنا مش بهدد وبس .
وهز رأسه يزيد التأكيد
ـ أنا هاخدك بيتنا غصب عنك بجد.
أسندت رأسها على ظهر مقعد السيارة في جلستها
ازدردت لعابها عدة مرات
توترت
خافت
لان قلبه وفاض العشق من عينيه فاطمأنت واستكانت
أمال برأسه إليها ولم يتخلَ عن جلسته في مقعد السائق
احتل قلبها بصوته المبحوح
ـ مش عارف أعيش من غيرك .
أغمضت عينيها يأسًا وبصوت متحشرج أجابته
ـ موافقة !
انتهى الفصل قراءة ممتعة🥰

ٱلاء likes this.

samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 12:55 AM   #39

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل العشرون
.................
والحب طفلٌ متى تحكُم عليه يقل ظلمتني
ومتى حكّمته ظلم
إن لم تطعه بكى وإن أطعت بغى فلا يريحك محكومًا ولا حكما..
تميم البرغوثي
...........

لن يكون هو إن ضيع الفرصة ، بعد موافقتها مباشرة أوصلها منزل أبيها ، ودّعها باحتضان وقبلة فوق الجبين ورحل ..
كان اليوم قد انتهى وهو يقود سيارته نحو منزل عائلته بعدما سأل أمه هاتفيًا عن مكان أبيه وأخبرته أنه قد عاد إلى المنزل للتو ، وصل سريعًا وفي مرأب المنزل صف سيارته وترجل منها ، دلف إلى المطبخ وعبر من خلال بابه المفتوح على الحديقة
، اشتم رائحة طهو أمه الذاكية بحث عنها فوجدها تتحرك برُقيها المعتاد تشرف على عمل الخادمة تعود فتضع بعض التوابل هنا وتتذوق الحساء هناك ، شعرت بوجوده فرفعت رأسها ووجدته يستند بجسده لجانب الباب وينظر إليها بهدوء مبتسم ، اندفعت إليه تحتضنه وبحنانها تغدق بادلها عناقها وعادت هي تقف أمامه وتسأله بمكر
ـ شوفت لي لي ؟
هز رأسه نفيًا
ـ للأسف لأ وصلت ليلى البيت وجيت .
سألته باهتمام
ـ ليلى كويسة ؟.
أومأ لها ولم تفارق البسمة عينيه
ـ بخير الحمد لله ، بابا فين ؟
أشارت برأسها إلى الداخل
ـ جعان ومستني العشا ادخل له .
لوح لها ودلف إلى الداخل حيث يجلس أبوه على أريكة وثيرة في منتصف غرفة المعيشة يشاهد مبارة كرة قدم ومندمج مع اللاعبين بينما حمزة كان يجلس بجانبه يشجع الفريق المنافس ويبدو على هيئته التذمر مما يراه ، تقدم نحوهما حياهما وجلس بجانب والده الذي لاحظ تردده وترك له الحرية الكاملة في البوح بنفسه ، بعد عدة دقائق نادت عليهم أنوار من أجل الطعام فنهض الجميع وانطلقوا نحو المائدة
سبقه أبوه وحمزة وكان هو خلفهم تتباطأ خطواته
وصل وجلس على المقعد الأيسر بجانب مقعد رأس الطاولة الذي يجلس عليه والده وأمامه أمه وبجانبها حمزة ، شرعوا في تناول الطعام بهدوء ، مرت عدة دقائق لا يُسمع فيها إلا صوت اصطدام الملاعق أو الشوك بالصحون
قطع الصمت صوت حذيفة الذي لم يرفع عينه عن طبقه
ـ أنا عايز أتجوز!
توقفت الملاعق والشوك عن صخبها فيما شهقت أمه بهلع
ـ هتتجوز على ليلى !
رفع الجميع أعينهم إليها في صدمة مما تفوهت به فيما لكز حمزة ذراعها بخفة
ـ يقصد يعمل لها فرح يا ماما .
انتقلت الأعين من التركيز على أنوار إلى حمزة الذي ابتسم بخيلاء
ـ أصلي كنت بكلمها من شوية وقالت لي .
كز حذيفة على أسنانه مغتاظًا فيما تمتم بحنق
ـ معندهاش أي أسرار.
ضحك أبوه وأمه بخفوت ومن ثم سأله عبد العزيز بجدية
ـ إيه المطلوب ؟
نظر حذيفة إلى أبيه
ـ المطلوب أروح أخطبها من باباها.
سأله عبد العزيز ولم تفارق النظرة الجادة عينيه
ـ أنتَ مستعد؟ .
لاح في عيني حذيفة طيف من تيه وخفت في لحظة فاتسعت عينا عبد العزيز الذي كرر سؤاله بحزم ونبرة صوت راسخة
ـ مستعد ؟ !!
أومأ حذيفة الذي استعاد إصراره
ـ أكيد مستعد.
.......
ما الضير في الاعتراف بالخطأ
حتى وإن سرنا نصف الدرب
ما الضير إن عدنا إلى نقطة البداية
وصححنا المسارات ..
وهو قد عاد إلى نقطة بداية صحيحة
قد عاد إلى الصالون ..
تفاجأت أنه قد اتفق مع أبيها أن يتقدم إلى خطبتها حينما أيقظتها أمها بعدما وافقت بيوم واحد وشاكستها ضاحكة
ـ جوزك جاي يخطبك بالليل .
وقتها اتسعت عيناها مصعوقة بما سمعته أذناها
هاتفته فرد عليها ببشاشة
ـ صباح الخير .
تأففت هاتفةً بنزق عبر الهاتف
ـ أنتَ مجنون ياحذيفة خطوبة إيه وإحنا بقالنا سنة متجوزين .
تهكم ضاحكًا بخفوت
ـ بلاش خطوبة ، جهزي هدومك هعدي عليكِ أخدك بالليل .
صرخت فيه بغضب
ـ ده على أساس إيه إن شاء الله .
اعتدل من جلسته المتراخية على مقعده الوثير وأسند مرفقه على مكتبه
ـ ما أنا ببني أساس أهو وأنتِ معترضة .
تنهدت بعمق قبل أن ترد عليه
ـ حاسة إن الموضوع غريب شوية.
سمعت زفرته عبر الهاتف قبل أن يقول
ـ هو غريب بس مقدمناش غيره .
وها هو يجلس وعائلته مع عائلتها بالخارج وهي أبت أن تقابلهم واحتمت بجدران غرفتها لكن الفضول قتلها لتعرف ما يحدث بالخارج ،
وبالخارج كان يجلس وأمامه نديم يرمقه ببرود والسيد مختار يرحب بالحاضرين
لم يكونوا كثيرين بل والده وأعمامه وحمزة وأمه التي ذهبت مع السيدة ليلى تاركة الرجال في جلستهم ،
والجميع كان يجلس في هدوء حتى قطعه نديم متهكمًا وعيناه على حذيفة
ـ منور ياعريس .
استشعر الجميع غيرته وموقفه العدائي نحو حذيفة الذي رد عليها بوقاحة
ـ عقبال لي لي .
تدخل حمزة بمزاح في محاولة لتخفيف التوتر
ـ لي لي إللي عندها يوم ونص ؟
التفت إليه حذيفة بابتسامة مؤكدة
ـ أيوة ياحمزة ، لما هي تكبر إن شاء الله ابقى اتجوزها .
ضحك الجميع فيما عاد حذيفة ينظر إلى نديم بمكر
فوجده يقبض كفه وعيناه تشيان بأنه على شفا أن ينهض ويلكم فكه .
لكنه التفت إلى الموجودين
ـ كلنا عارفين طلبه بس أنا مش ضامنه .
عم الصمت أرجاء المجلس منتظرين استرسال نديم الذي أردف بتساؤل
ـ نضمن منين إنه ميتجوزش عليها ؟
تصلب فك حذيفة المتسع العينين بصمت ، الكل بات يعلم بأمر زيجاته السابقة حتى السيد مختار نفسه قد علم من حذيفة في إحدى الليالي التي كان يبيتها في بيته والرجل حدثه بعقلانية وقتها مؤكدًا أنه لا يحاسب الناس على ماضيهم لأن ذلك ليس من حقه ..
تدخل عبد العزيز بحكمة
ـ ربنا سبحانه وتعالى هو الضامن .
قالها والتفت إلى حذيفة متخذًا صف أهل العروس
ـ وبنتنا مش حمل أزمة تانية بعد إللى حصل لها .
أطرق حذيفة أمامهم كمذنب فيما قال باحترام
ـ أنا تحت أمركم في أي شيء .
رد عليه نديم بصلف
ـ حقوقها !
تدخل السيد مختار برصانة وصوت هادئ
ـ أنا هأمنه على بنتي إللي هي أغلى حاجة عندي ، أكيد مش هيفرق معايا أي حقوق لو اطمنت أنها بخير .
انتاب حذيفة ألم حاد في رأسه وهو يرفع عينيه وينظر إلى هدوء ملامح والدها الأمر الذي دفعه للرد بحمائية
ـ أكيد هحافظ على مراتي وإلا مكنتش جيت دلوقت لحضرتك ..
شاركهم محمد رأيه الجاد موجهًا حديثه إلى السيد مختار ونديم
ـ ومع ذلك هي لها حقوق عنده وحقكم تضمنوها .
أضاف حذيفة إلى كلام عمه
ـ الأمور المادية هي آخر حاجة هعترض عليها أصلًا .
الكل يعلم أن نديم لا تهمه أمورًا مادية لكنه يعرقل السبل أمام حذيفة فحسب..
سأل حذيفة السيد مختار بتبجيل
ـ حضرتك قلت إيه ؟
فحسم الرجل الحديث ببشاشة
ـ على بركة الله .
تهللت أسارير الجميع فيما منحه نديم نظرة متعالية قبل أن يشيح بوجهه بعيدًا..
قبل رحيل الضيوف ألحّت السيدة ليلى على ابنتها أن تحييهم لدقائق فقط وهي أذعنت على مضض وخرجت إليهم تتهادى بثوب أسود اللون كلاسيكي ومحتشم
عادت إلى غرفتها وتركت حذيفة وحده مع أبيها ونديم بعد انصراف عائلته ، طلب هو من أبيها بلباقة متجاهلًا نديم الحانق
ـ بعد إذن حضرتك ياعمي هروح ل ليلى أديها الورد .
أومأ السيد مختار موافقًا فيما كز نديم على أسنانه دون أن ينطق بحرف
......

بعد وقت لا بأس به سمعت طرقًا على باب غرفتها ، نهضت من جلستها على الفراش وفتحته بهدوء فوجدته أمامها ، تراجعت للخلف دون حديث وعيناها تعلقت به بادلها صمتها وتقدم نحوها الخطوات التي تراجعتها ، أغلق الباب فور دلوفه ومازال يقطع الخطوات التي تتراجعها ، وضع باقة الزهور على مقعد جانبي بلا اكتراث ، وواصل تقدمه نحوها وصلت إلى حافة الفراش وسقطت عليه بظهرها فشهقت بخفوت ، مال فوقها ودون حرف التقط شفتيها يقبلها بشوق لم تستطع رفضه فتأوهت بضعف ، صعق كهربي انتقل منه إليها وهو شعث خصلاتها بعثر دقات قلبها
دغدغ مشاعرها
وتركها مرتجفة
ورحل ..
بعدما ذهب ظلت تنظر للسقف بأنفاس متقطعة فلم تشعر بنفسها إلا وهي تشهق وتتجمع العبرات في مقلتيها
لم تكن تدرك ماحولها أوماهية شعورها في هاته اللحظة ، دقائق مرت عليها خانقة حتى نهضت لتجد زرين من ثوبها مفتوحين وثوبها الشتوي منحسر حتى ركبتيها فواصلت بكاءها دون سبب واضح لها سوى تلك الوخزة الحارقة التي أصابت قلبها .
......................
مرت عدة أيام وكانت من لقائه تتهرب ، خافت أن يكرر اقترابه الجريء منها كما حدث يوم زيارته مع عائلته فقد كانت تلك أول مرة يتجرأ لتلك الدرجة ولم تقوَ هي على صده ، وهو قد شعر بتهربها ذاك فتركها كما عوّدها ، فقد انتهج استراتيجة اجتياح مشاعرها وقت القبول وإعطاءها مساحتها الخاصة وقت الرفض ...
وفي مساء إحدى الليالي حيث كانت تتجاهل كل مايؤرقها وتعيش التجربة كعروس تعشق زوجها المستقبلي ، تتصفح بحيرة موقع التواصل الاجتماعي باحثة عن بعض التصاميم العصرية لأثواب الزفاف ،
دق جرس المنزل فتركت هاتفها على الطاولة ونهضت من فوق الأريكة الموضوعة في منتصف الصالة..
تقدمت نحو الباب تتعثر بخفها المنزلي وبيجامتها الشتوية الزرقاء لتكتمل هيئتها الفوضوية بربطة شعر قماشية بلون زهري تلتف حول رأسها من أعلى وتنتهي بعقدة على أحد الجوانب
كان الطارق يحمل عدة طرود باسمها استلمتها بدهشة وأغلقت الباب خلفه
تقدمت نحو الأريكة ، وضعت ما تحمله ووقفت تتأمل الطرود الأرجوانية المغلقة بشرائط من الستان الوردي ، جاءت أمها من خلفها تنظر إلى الطرود بذات الدهشة
ودهشتها لم تدم طويلًا حيث تقدمت تفتحها وليلى خلفها تراقب ماتفعله أمها
أول طرد وأكبرهم كان يحتوى على ثوب زفاف بلون أبيض يحمل توقيع مصمم عالمي شهير،
تحشرجت أنفاسها عندما تذكرت جملته الأثيرة
ـ الأبيض يليق بكِ .
تقدمت ترى الثوب وتمسكه بيدها فارتجفت أناملها فوق قماشه ، الثوب مصمم خصيصًا من أجل إحدى الأميرات
تقدمت أمها تحتضنها بمحبة خالصة وصوتها تهدج
ـ الفستان دة معمول عشانك .
رفعت عينيها بضياع إلى أمها التي ربتت على كتفها
بحنان جم
ـ مبروك يا ليلى أخيرًا جه اليوم إللي هشوفك فيه عروسة.
قالتها مبتسمة بسعادة
فيما فتحت باقي الطرود فوجدت أحدهم يحتوي على حذاء دون كعب مكمل للثوب له خيوط تلتف حول الساق فوق القدم بقليل ومقدمته مرصعة بورود بيضاء خلابة
وفي طرد آخر طرحة بسيطة تضفي إلى الثوب جمالًا وفي الآخير تاجًا يرفع الأميرة إلى درجة ملكة ..
ربتت أمها على كتفها قائلة
ـ روحي قيسي فستانك وشوفيه عليكِ .
أومأت ليلى وحملت الأغراض وهاتفها ، دلفت بهم إلى غرفتها وأغلقت خلفها الباب ، خلعت ثيابها وارتدت ثوب عرسها ووقف أمام المرأة بعدما وضعت التاج الرقيق وطرحة العرس بعشوائية فوق رأسها ، راحت تتفحص الثوب الملائكي بافتتان ، كان ثوبًا يخطف العينين ببياضه ورقة تصميمه ، مُحتشمًا ذا أكمام ويغطي جيدها منتهيًا عند بداية الرقبة ، قماشه من التُل المطرز بخيوط بارزة كأغصان شجرة وارفة تغطيه كله ، يحتضن حناياها برقي ، يتسع بعد الخصر ويزداد اتساع طبقاته حتى كاحلها ..
التقطت هاتفها وبحثت عن رقمه ، بعد رنة واحدة فتح الخط والتزم الصمت ، وكانت هي تنظر إلى نفسها في المرآة وكان يصله تعثر أنفاسها عبر الهاتف فيعلن قلبه بداية ثورته
، سألته بتهدج
ـ ليه أبيض ، الأوف وايت كان هيليق على بشرتي أكتر .
تنهد بعمق قبل أن يدغدغ أنوثتها
ـ الأوف وايت هيليق على بشرتك ، لكن الأبيض هيليق على روحك ..
تحررت عبراتها فأغرقت وجنتيها وأغلقت الهاتف دون إجابة .
ظلت ترمق الثوب المناسب لقياسها تمامًا بانشداه ، رفعت أناملها تحركها على خيوطه الشبيهة بالأغصان بارتجاف ، لقد نجح في دك حصونها واجتياح كيانها تمامًا كما لم يفعل من قبل ..
قبيل موعد الزفاف بيوم واحد استيقظت باكرة كعادتها ، كانت صديقاتها وبنات عائلتها قد اتفقن مع والدتها على إقامة ليلة حناء لها في المساء سوف تمتد لصبيحة الزفاف فوافقتهن ليلى متحمسة ..
كل شيء قد تم ترتيبه بعناية قاعة الزفاف جاهزة وتم تحضير بيتهما لاستقبالهما في الغد ..
وهي نهضت من فوق فراشها أخذت حمامًا صباحيًا دافئًا وارتدت ثوبًا منزليًا شتويًا أكمامه طويلة ويصل لتحت ركبتيها بلون القهوة الداكنة له غطاء للرأس ملتصقًا به ،
ذهبت إلى المطبخ ، أعدت كوبًا من الشاي بالحليب وبعض معجنات أمها في طبق وانطلقت بهم نحو شرفة غرفتها
لم تكن الساعة قد تعدت السادسة بعد والشمس الشتوية تجود بأشعتها الخجول ، وضعت الصينية فوق الطاولة واعتدلت تنظر إلى الحي حولها فتجمدت حينما وقعت عيناها على شرفة معينة تخص البناية الثالثة من جهة اليسار وقد كانت مُحتلة بزائر الأحلام ، لم يكن موجودًا عندما فتحت باب الشرفة ولا تعلم كيف شعر بها وخرج يستند إلى الحائط بكتفه ينظر نحوها بلا تعبير وفي عينيه آثار النعاس ، حينما رأته استندت بكتفها للحائط مثله ورفعت كفها بتردد تحييه وشبح ابتسامة يزور شفتيها..
سألت نفسها كيف فعلها وعاد يرتقي درجات السلم الذي شهد الحادث لكنها أشفقت عليه من الليلة التي قضاها هناك وحيدًا ، تعلم معاناته كلها وأن الأمر ليس بتلك السهولة..
اعتدل يشير إليها ضامًا سبابتيه جنبًا إلى جنب ومن ثم أشار بإبهامه إلى الشقة خلفه ، لوهلة انكمش خافقها وجلًا لكنها سرعان ما استعادت رباطة جأشها وأشارت إلى بنصرها الأيمن أتبعتها بأخرى إلى قلبها في دلالة على أنها تخص أحدهم وتحبه..
تصنع الغضب وأشار إلى نفسه ثم إلى الغرفة خلفها فعضت شفتيها وقبضت على مقدمة ثوبها الثقيل وأطرقت لثانيتن وبعد ذلك رفعت رأسها بعنفوان أشارت بسبابتها إليه ثم مررتها على رقبتها في دلالة على حتمية الذبح ..
ضحك بلا صوت وضم سبابتيه مجددًا ومن ثم
أشار إلى الشارع ، رفعت عينيها للسماء ، فكرت لوهلة ثم أومأت بسعادة ..
بعد نصف الساعة كانت قد ارتدت سروالًا من الجينز الداكن وسترة صوفية بنية بنفس لون وخامة القبعة فوق رأسها والتى ينسدل من تحتها خصلات الشعر بنعومة ، حملت حقيبتها وودعت أمها الجالسة على الصوفة تحتسي قهوتها وتطالع الجرائد في يدها ، ما إن فتحت الباب حتى تلقفها بين ذراعيه فشهقت بذعر متسعة العينين تزم شفتيها للحظات ثم استكانت ، مدّ يده وأغلق الباب
وظل ينظر إلى عينيها بابتسامة خاصه لدقيقة كاملة قبل أن يفلتها ، اعتدلت ترفرف بأهدابها متهدجةً الأنفاس ، ازدردت لعابها وأشارت إلى الباب هامسةً دون صوت وعيناها تحذره
ـ ماما صاحية .
ابتسم لعينيها دون حديث وخلع كوفية كان يرتديها ، لفها حول رقبتها فانتابها الخجل وأغمضت عينيها تتشممها دون وعي فاقترب ومال يهمس لأذنها بشغف
ـ أنا كلي معاكِ أهو .
كزت على أسنانها ولكزته في صدره فتأوه بخفوت
قبل أن يحتضن كفها فيرسل إلى أوصالها الدفء ، هم بنزول السلم ضاحكًا
ـ يلا هتضيعي كل اليوم هنا .
أطاعت خطواته ونزلت معه الدرج ببطء ، وكان هو يسندها إلى جذعه لئلا تزل قدماها غير المتزنتين وصلا إلى الباب الخارجي للبناية فانقبضت يدها داخل قبضته بارتجاف حينما وجدت الحارس الذي شهد الحادث يجلس على مقعد أمام بناية حذيفة
، شدد حذيفة قبضته عليها فيما أشار إلى الحارس بالتحية التي ردها الآخر ببشاشة مهنئًا واقترب منهما مبتسمًا
ـ مبروك يابشمهندس .
والتفت إليها بسعادة
ـ مبروك يا آنسة ليلى ربنا يسعدكم يا بنتي .
أطرقت هامسة بخفوت مستحي وشفتين مرتجفتين
ـ الله يبارك فيك ، شكرًا .
ترك حذيفة كفها وأحاط خصرها من الخلف بذراعه ، قربها من جذعه بحمائية فشعر بتصلب جسدها
ألقى تحية وداع إلى الرجل ودعم جسدها لتسيرمعه نحو سيارته
وفي السيارة احترم صمتها الذي طال خلال الطريق نحو المزرعة التي اعترفت فيها بحبها له أول مرة
كانت شاردة بأعينها جامدة غير منتبهة للوجهة التي أخذها إليها إلا حينما توقفت السيارة .
انتبهت فأجفلت تنظر إليه بتساؤل فابتسم
وترجل من السيارة دون حديث ودار حول مقدمتها متوجهًا إليها يفتح بابها ويستند إليه مطالعًا ليلى بحنان يأسر قلبها وروحها
ـ هتنجوزبكرة !
رفعت حاجبًا مستخفًا
ـ وده معناه إيه ؟
غمزها بعبث مشاكس
ـ احتمال نخلف قبل راس السنة .
تضرجت وجنتاها بالحمرة ، جف حلقها وغرقت في خجلها لكنها بعد لحظات استوعبت واتسعت عيناها قبل أن ترد كيده
ـ رأس السنة بعد شهر واحد بس !
عض شفته وانتظر ولم تُخيب ظنه حين هتفت بسخرية
ـ هتجوز دراكولا ولا إيه .
ظل على ذات النظرة المتسلية
سبت نفسها ألف مرة لغباء ماتفوهت به وألفين لأنها قبلت مرافقته من الأصل .
بينما هو انطلقت ضحكاته المستمتعة ولم يتوقف إلا حينما لكزته بغل في خاصرته ولم تفارق مقعدها داخل السيارة
هادنها بصوت هادئ ،
ـ كنت أقصد راس السنة بتاعة السنة الجاية .
عقدت ذراعيها أمام صدرها وأشاحت بوجهها إلى الجهة الأخرى بصمت
انحنى يمسد كتفيها برقة
ـ خلاص متزعليش هصالحك .
غيرت هي مجرى الحديث حينما عادت تنظر إليه وتسأله بجدية واهتمام
ـ كنت بايت هناك ليه ياحذيفة ؟
اعتدل وشرد في الأفق البعيد
ـ بحاول أتخطى اللي حصل وأتغلب على الفوبيا .
فكت عقدة ذراعيها وطالعته بحنانها المعتاد دون أن يراها هو
ترجلت من السيارة ووقفت أمامه تلف ذراعيها حول ذراعه وتريح رأسها قرب كتفه
ـ المرة الجاية هاجي معاك .
نظر في عمق عينيها وعيناه بالذنب تفيضان ، فطمئنته بهدوء
ـ ذنبنا مشترك زي ما حياتنا بقت مشتركة .
زم شفتيه حتى لا يفتح جروح الماضي لكنها أصرت بل وعادت للخلف كثيرًا حينما قالت بإصرار
ـ هتحكي لي تاني عن حمزة .
تردد قليلًا ثم حسم ذلك التردد بهزة رأس موافقة .
جذبها نحوه وأغلق باب السيارة ، قبض على كتفيها بكفيه وأدار جسدها يوجهه نحو البوابة الضخمة للمزعة فأدارت رأسها إليه بابتسامة عاشقة
ـ هتردلي الاعتراف بالحب في نفس المكان ؟
رد لها ابتسامتها بما يليق هامسًا بعشق يبتلعها
ـ هخطفك ومش هرجعك بيت باباكِ تاني .
تهربت منه والتفتت تنظر أمامها نحو البوابة قبل أن يدفعها برفق لتسير للأمام
دلفت واكتنفها الحنين حينما داعب أنفها عبق تراب الأرض المخلوط بالمياه للتو ، قطعا الممر ووصلا إلى المشتل فوجدت جلسة العاشقين مُعَدّة مسبقًا لهما
بإفطار وحول الأطباق بتلات من الجوري غير الزهور التي تحيط بالطاولة من كل جهة التفتت كلها تحدثة كطفلة في صبيحة العيد مبهورة بعطايا القدر
ـ معنديش قلب تاني عشان أحبك أكتر .
احتضن وجنتيها هامسًا لها وعيناه تلتمعان ببريق عشق خالص
ـ هتموتيني بقلب واحد .
لكزته في كتفه هاتفة بحنق
ـ أنا هموتك بجد لو قلت كدة تاني .
قالتها واندفعت بتعثر تجلس على أحد المقاعد ، تقدم نحوها جلس وشاركها الإفطار وزاد عليه الغزل
بعد الإفطار نهض وراح يتفحص الزهور المختلفة .. تمدد على العشب وفتح ذراعه لها فنهضت وتقدمت منه بخجلها المعتاد وتمددت بجانبه فأحاط خصرها بذراعه وقربها منها فاستجابت له على استحياء
كان المشتل حولهما كالجنة تبعث في النفس راحة فحكي لها عنه وعن توأمه واسترسل فقاطعته باندهاش
ـ كان عايز يدرس هندسة كهربا وكان عايز لعربيته لون أبيض !
وصمته كان جل الإجابة فقالت بلا وعي وهي تعتدل من نومتها بجواره وتجلس في مواجهته
ـ أنتَ كنت بتحقق أحلامه هو ياحذيفة .
أيضًا لم يرد فاستطردت متسائلة
ـ وأحلامك أنتَ كانت إيه ؟
نظر إليها من نومته المسترخية فوق العشب
ـ مكنش عندي أحلام .
فأكملت عنه بتأكيد
ـ وبعد الحادثة عشت له حياته زي ما هو كان عايز !
انتابها منه الحنق فمطت شفتيها بشبه غضب
ـ باستثناء الهروب وتوابعه .
زفر بقنوط قبل أن ينهض ويجلس مقابلًا لها وقال بهدوء
ـ هروبي وتوابعه كانوا ماضي ، وكنت حابب الدراسة جدا وكمان لون العربية عاجبني .
اقتربت منه تلتصق به وتسأله باهتمام حنون
ـ المهم دلوقت أنتَ مرتاح ؟
ابتسم لها بصدق
ـ مرتاح عشان أنتِ معايا .
أسبلت أهدابها مبتسمة برقة .
فرفع كفه يداعب أطراف خصلاتها بأناملة
ـ حلو الكراميل دة .. لا وجديد !
رفرفت أهدابها بغنج وابتعدت عن مرمى يده هاتفة
ـ سيب شعري لو سمحت .
تركها وشرد في الأفق حينما لاحظ تساقط طفيف للمطر من حولهما ، عاد ينظر إليها يُمتع عينيه بجمال لوحة ثمينة تحتلها عروسه كأميرة وحولها زهور وزروع خضراء تنافس رقتها ، ابتسم لها بحنان فابتسمت
تيقن وقتها أن أول لحظة على الأرض عاشها البشر كانت لحظة حب صادقة في خلفيتها زخات المطر .
همس لها بخفوت
ـ اسمه عشق .
عقدت حاجبيها بتساؤل فأجابها بتأكيد
ـ إللي بينا اسمه عشق يا ليلى .
أعادها إلى الماضي ، إلى تلك اللحظة التي سألته عن تسمية لما يجمعهما ورفض يسميه بحجة أنه رائع والاسم سيضيع معناه ، سالت عبرة وحيدة على وجنتها اليسرى فمسحها بإبهامه ، رفعت عينيها إليه
ـ أنا عارفة ظروفك بس غصب عني بسأل نفسي دلوقت كان هيحصل إيه لو كنت قلتها لي وقتها .
وهزت رأسها بإحساس مختلف
ـ عارف ؟ .. مش مهم ، المهم إنك دلوقت هنا .
أحاط خصرها بذراعيه وضمها إلى صدره بسكون ، وهي تقبلت صمته فقد أدركت منذ زمن أنه حينما يعجز عن التفسير أو الرد يلتزم الصمت ..




.................
في المساء كان منزل عائلة ليلى يعج بالفتيات ، بنات خالاتها قد أتين خصيصًا من أجل الزفاف ، للسيدة ليلى أربع أخوات كلٌ تعيش في مدينة مختلفة بعادات وتقاليد مغايرة للأخريات ، لكنهن جميعًا تجتمعن على حب الخالة ووحيدتها ،
بعد احتضان حار وقبلات جلسن في صالة المنزل الأنيقة بأريحية
ربتت إسراء على ركبة ليلى وهي أكثرهن قربًا منها
ـ أمينة كان نفسها تحضر بس تعبانة ومقدرتش تيجي .
ابتسمت لها ليلى بتفهم
ـ هستنى زيارتها معاكِ في بيتي إن شاء الله .
نهضن جميعًا بعدما طلبت منهن السيدة ليلى الاستعداد لطقوس الحناء بينما ذهبت هي مع الخادمة لإكمال تحضير المشويات والأطعمة الشهية الأخرى التي تعاونتا فيها طوال اليوم .


لحظات ودق جرس المنزل ففتحته الخادمة لتطل عزة وتدلف ومن خلفها أمل تحمل كندة وبعدهما دلفت أمنية طبيبة العلاج الطبيعي التي عرّفتها ليلى على عزة وأمل وصاروا يتقابلون جميعًا في العطلات .
تولت ليلى مهمة تعريف الجميع حين أشارت بابتسامة بشوشة إليهن تباعًا
مروة أبو مسلم
إسراء كمال
أميرة زيدان
دينا الشعراوي
بنات خالاتي
وأشارت إلى الضيوف الجدد
عزة الراعي
أمل راضي
أمنية شوقي
صحباتي
تبادل الجميع التحية ليتعمق تعارفهم أكثر.
دلفن مع ليلى إلى غرفتها وهنا عمت الفوضى ، وتناثرت الملابس فوق الفراش وعلى الأرض بالإضافة إلى أدوات الزينة في كل مكان ، وأخيرًا قد تمت المهمة بنجاح ؛
قد اكتملت إطالالة الفتيات بملابسهن الكاشفة وزينتهن الصارخة ، لا أحد يسأل كثيرًا ففي المناسبات المماثلة وفي غياب الرجال تكون حفلات الحناء الخاصة بالفتيات
مكونة من خلط سحرية ؛
ملابس فاضحة ، الكثير من الطعام ورقص إلى قيام أحد الموتى مستغيثًا علهم يخفضون صخب المعزوفات الشعبية ، وكل شيء كان مُعدًا مسبقًا لراحتهن حتى جهاز التدفئة المركزي حتى تنطلقن دون الاهتمام ببرود الطقس في الخارج.
ونجم الحفل كان ثوب العروس ، الذي لم يكن يختلف كثيرًا عن غلالة والذي كان هدية من أمها مثل باقي الفتيات
فأمها قد أهدت كل واحدة من بنات العائلة ثوبين
لحفل الحناء واحدًا وللعرس آخر ..
واختارت ل ليلى ثوبًا قصيرًا من الدانتيل الأحمر يغطي فخذيها بالكاد وذو حمالات رفيعة بالإضافة إلى التصاقه بجسدها ، كانت هي الوحيدة التي لم تزين وجهها بعد بل ووقفت مذهولة بهيئتها أمام المرآة ، تضاحكن الفتيات عليها بينما اقتربت منها أميرة ذات الفستان الزهرى وأجلستها على المقعد أمام طاولة الزينة وليلى استسلمت لأنامل ابنة خالتها التي صففت لها خصلاتها ورسمت كحل أسود للعينين وأتمت الإطلالة بحمرة قانية للشفتين ..
ابتسمت أميرة برضا بينما
اتسعت عينا ليلى بانشداه عندما وقفت آتاهم صوت دينا التي تقدمت ترفل بثوبها الأرجواني قائلة بشقاوة
ـ دي عروسة ولا رقاصة ؟.
ضحكن جميعًا فيما ردت عليها أميرة
ـ رقاصة بس قمر ، شبهي أو أنا أحلى مش هتفرق .
احتضنت ليلى ذراع أميرة ضاحكة
ـ لا أنا أحلى طبعًا .
تصنعت أميرة الغضب ونفضت ذراعها بترفع
ـ اهمدي بدل ما أبوظلك أوت فيت الرقاصة ده .
تقدمت نحوهن إسراء تعدل ثوبها الفضي وتقول بمشاغبة
ـ طالما بقت شبه الرقاصة يبقى نعلمها الرقص وترقص لجوزها.
وصلهن صوت عزة متهكمًا من أحد أركان الغرفة
ـ علموها ، بس أكيد مش هتبقى أول واحدة ترقص له .
اهتز جسد ليلى فدعمتها أميرة متمسكة بذراعها بيدها الحنونة
عم الصمت الخانق والأعين كلها تركزت على عزة بسخط
وبختها دينا بغضب
ـ بتحدفي دبش .
سألتها مروة باستنكار
ـ قصدك إيه ياعزة .
تدخلت ليلى قائلة بصوت مذبوح وعيناها متركزتان على عزة
ـ حذيفة اتجوز قبلي مرتين .
الجميع يعلم حكاية ليلى معه ، من وقوعها في منزله وزواجها به ويشفقون عليها ، لكن قصة زواجه السابق كانت معلومة جديدة عليهن وتلك كانت صدمة بالتأكيد
لكن مروة ردت عليها بعقلانية
ـ طب وإيه يعني دي حاجة متعيبوش .
عقبت إسراء بحمائية مُحدثة ليلى
ـ المهم أنه دلوقت جوزك أنتِ وبيحبك وبتحبيه .
تقدمت عزة منها بندم جلي
ـ متزعليش مني ياليلى مكنتش أعرف إن كلامي هيجرحك كدة حقك عليا .
ابتسمت ليلى تغالب انهمار العبرات المتعلقة بأهدابها فمازحتها عزة
ـ هو صحيح قتم وسمج .
نهرتها أمل بصوت مرتفع
ـ عيب ياعزة كدة اسكتي بقى .
فيما لكزتها ليلى في كتفها بجدية
ـ متقوليش على جوزي كدة .
ضحكت عزة وهادنتها
ـ والله أنتِ خسارة في الراجل ده يا ليلى .
ابتسمت ليلى برقة لم تخلُ من الحالمية
ـ بيتهيئلك .
ابتسمت عزة بسعادة مهنئة ليلى من قلبها
ـ ربنا يسعدك ياليلى أنا متأكدة أنه بيحبك وهيسعدك.
...
بعد نصف ساعة كانت صالة المنزل تعج بهن جميعًا بعدما انضمت إليهن أروى زوجة نديم والصغيرة لي لي ، الجميع يعرف أروى ويحبها لأنها لطيفة وسهلة المعشر ، وسط ارتفاع صوت معزوفات الرقص الشرقي والزحام حولها لم تنتبه ليلى لهاتفها الذي رن عشرات المرات باسم حذيفة وهي غافلة عنه ، جذبتها والدتها من بين الفتيات وقالت لها قرب أذنها بصوت مرتفع كي تسمع
ـ جوزك على الباب .
تصلبت متسعة العينين .
فبررت أمها
ـ كلمني لما لقاكي مبترديش وقالي إنه تحت فقلت له يطلع .
أنهت جملتها تنبه الفتيات لحضوره .
تعالت الشهقات وليلى وقفت بينهن مصدومة فخلعت أميرة الشال الذي ترتديه رقية ابنة مروة ووضعته على كتفي ليلى التي نظرت إليها بامتنان لتبتسم أميرة وتربت على كتفها مشجعة ،
وفي لمح البصر تفرقن جميعًا تختبئن بعدما تم إغلاق صوت المعزوفة المرتفع وعم الصمت ، ارتدت مروة مئزر الصلاة فوق ثوبها النبيذي وتوجهت هي نحو الباب فتحته بهدوء
فوجدته يقف باحترم مُطرق الرأس ، رفع رأسه فوقعت عيناه على وجه صبوح متناثر على صفحته شامات مميزة ، عيناها تجمعان الحزم باللين معًا ، ابتسم لها فابتسمت بدورها
ـ اتفضل يابشهندس نورتنا .
اتسعت ابتسامته قائلًا بصوت عميق
ـ آسف إني جيت في وقت مش مناسب بس كنت عايز أشوف ليلى .
أومأت له بتفهم وأفسحت له الطريق بلباقة
ـ اتفضل البيت بيتك .
دلف بهدوء فوجد ليلى تقف بجانب والدتها بهيئة لم يتخيلها يومًا في أحلامه بل تخيلها بالفعل لكنها في الواقع أشد جموحًا مما قد تخيل من قبل، ولاحظت هي وهج خاص في عينيه فأطرقت تزدرد لعابها ، أبعد نظراته عنها ونظر نحو والدتها المبتسمة تقبض بكفها على كف طفلة جميلة لعينيها لون مُحير قد عرف فيما بعد أنها تُدعى رقية ووالدتها هي مروة التي فتحت له الباب..
تقدم نحو السيدة ليلى وحياها بابتسامة
ـ بيقولوا حماتي بتحبني .
اتسعت ابتسامة السيدة ليلى ومازحته
ـ لو بنتي هتكون مرتاحة معاك هحبك أكتر .
نقل نظره إلى ليلى ، تغزل في عينيها بصمت وقال بصوت أجش
ـ ليلى في قلبي .
تعالت الشهقات فالتفت من في الصالة نحو غرفة ليلى التي يختبئ خلف بابها الفتيات فلم يروا أحدًا ، فعاد هو ينظر نحو ليلى التي انكمشت على نفسها بخجل .
مازحتها مروة ضاحكة من خلفه
ـ يابختك ياست ليلى ، عقبال باقي بنات العيلة .
أمنت على كلامها خالتها مبتسمة
أشارت له السيدة ليلى ليتقدم ويجلس في الصالون مع ليلى حتى تذهب وتنادي الفتيات يتعرفن عليه ، أومأ مبتسمًا وتقدم يقبض على كف ليلى التي ارتجفت فسحبها خلفه نحو الصالون ، ما إن دلف حتى ضمها إليه وقبل وجنتيها قائلًا بهمس مبحوح
ـ في حد يغريني كدة !
حاولت التملص منه وهو على احتضانها كان يشدد ويبتسم فتوسله
ـ أرجوك ياحذيفة ابعد البنات هيدخلوا دلوقت ، عاد يقبل وجنتيها بعمق ومن ثم تركها مُكرهًا
جلس على كرسي منفرد وعلى جانبيه أريكتين جلست ليلى المتوترةعلى إحداهن ، بعد دقائق بعض الفتيات تقدمن وجلسن معهم
كانت ليلى في المنتصف بين عزة الذي أهدته ابتسامة سمجة وإسراء التي نظرت إليه بعدائية لم يفهم سببها..
وعلى الأريكة المقابلة جلست أميرة بعد أن دخلت تتهادى برقة ووهج عينين يشبه وهج عيني ليلى الحنون ، وأخيرًا دينا التي كانت تنظر إليه مشدوهة بفم مفتوح وكأنه أحد نجوم السينما ..
ابتسم لهن بلباقة بعدما عرفته ليلى عليهن
مالت إسراء للخلف تلكزعزة التي انتبهت إليها فيما قالت لها إسراء
ـ قتم وسمج فعلًا أنتِ مبتكدبيش .
سمعتها ليلى فتنحنحت بحرج .
عادت إسراء تجلس باعتدال بينما ابتسم هو لها بتسلية فقد سمعها أيضًا وعلم أنها قد شكلت حزبًا مناهضًا له بالاشتراك مع عزة التي نظرت إليه بتحدي .
غمزها خفية فتأففت .
دلفت السيدة ليلى وخلفها مروة تحمل مشروبًا دافئًا من أعواد القرفة المغلية مع التفاح .
وضعته أمامه على الطاولة فشكرها بتقدير
ـ شكرًا يا مدام مروة .
ابتسمت له وجلست بجانب أميرة ، فتقدمت منها الطفلة التي كانت تمسك بيد السيدة ليلى عندما دلف وجلست بجانبها فسألها مبتسمًا
ـ بنتك ؟
أومأت له مؤيدة
ـ رقية .
نظر إلى رقية قائلًا بعذوبة
ـ أنا آسف يا رقية لو أعرف إنك هنا كنت جبت لك هدية جميلة زيك .
خجلت الفتاة وأخفت رأسها في أحضان أمها التي شكرته بامتنان
..
أخذهم الحديث والتقط من كلامهم تسمية إسراء ب سوسكا
نظر إلى إسراء ومازحها
ـ صاحبي كان عنده قطة اسمها سوسكا .
رفعت حاجبيها وسألته ب شر
ـ وخربشته ؟
قلد إيماءاتها بسخرية
ـ لا قص لها ضوافرها !
تعالت الضحكات المتسلية فيما
وجه حديثة إلى دينا التي بدى له أنها أصغرهن سنًا فلم ترد ، نبهتها السيدة ليلى
ـ عمو حذيفة بيسألك بتدرسي إيه يادينا .
التفتت إلى خالتها بنظرة استنكار
ـ أنا كبيرة على فكرة .
وعادت تنظر إلى حذيفة بابتسامة حالمة
ـ بدرس صيدلة ياحذيفة .
قهقه حذيفة ومازحها
ـ لما تكبري .
اتسعت عيناها بتحذير
فاستدرك يهادنها
ـ قصدي لما تتخرجي تعالي اشتغلي معايا .
تدخلت أميرة برقتها التي لاحظها
ـ بس أنتَ مهندس وهي صيدلانية .
غمزها فتضرجت وجنتاها بالحمرة وكزت على أسنانها فيما سمعته يقول بثقة
ـ ما هي هتعمل كرير شيفت .
تحمست دينا قائلة بعفوية
ـ أنا موافقة على فكرة .
تنحنحت ليلى ونظرت إليه بتهديد فابتسم وأطرق يفرك عينيه ويكتم ضحكاته
طلبت منهن مروة أن ينهضن من أجل الطعام فانصرف الجميع وتركن ليلى معه وحدها
وبالخارج تمازحت الفتيات فقالت أميرة
ـ لازم نعرف هيبوسها ولا لاء .
مطت إسراء شفتيها
ـ وهنعرف إزاي بقى ؟.
عقب دينا بلا مبالاة وهي تعبث بهاتفها
ـ من الروج !
تعالت ضحكاتهن التي قاطعها مروة تناديهن لتناول الطعام
بعد ساعة كاملة قضاها مع ليلى شيعته إلى الباب ورحل بينما عادت هي إلى الصالة الفسيحة وجلست على الأريكة مع الفتيات
وكانت حمرة الشفاة كما هي ولم تُمس فقالت إسراء
ـ الروج زي ماهو أهو.
سألتها ليلى بتوجس
ـ تقصدي إيه ؟
أجابتها أميرة الجالسة باسترخاء
ـ قلنا لو باسك الروج هيبوظ .
سعلت ليلى وقد تفسر لها سبب ماحدث قبل قليل في غرفة الصالون
حينما انصرفت الفتيات وظلت وحدها معه قد قبّل كل جزءٍ عارٍ من جسدها بعدما أزاح عنها شال رقية ،
ذراعيها كتفيها جيدها رقبتها وكل سنتيمتر في وجهها إلا شفتيها ، كلما تمادى زاد ارتجاف جسدها فرأف بحالها واحتضنها دون جرأة وأخذ يحكي لها عن كل شيء حتى هدأت ، وقبل أن يرحل طلب منها أن تعلمه الرسم فهدأت تمامًا وراحت تحكي له عن عشقها اللامحدود للألوان ..
..........................
كان قد اختار يومًا للعرس فيه البدر يكتمل مساءًا
وتبعًا لحالة الطقس الجو بارد وهناك احتمال لهبوط أمطار
وكما أقر لها من قبل أن القرب بينهما سيحدث أثناء هبوط المطر في حضرة اكتمال القمر ..
الوضع خارجيًا كان مثاليًا والنهار قد انتصف ، كل شيء يسير كما أراد تمامًا
لكن خلل ما قد حدث ، مجرد معلومة مُهمشة مفادها أن بطل الحكاية جالسًا على حافة فراشه وقدميه تستريحان على الأرض الباردة
خلفه حلة عُرسه ملقاة بإهمال على الفراش
لا يرتدي سوى سروالًا داخليًا ، مرفقيه يرتكزان على ركبتيه وكفيه تحيطان رأسه المُحنية بقنوط ..
كان يشعر بأن أصفادًا تكبله
وأسئلة تتردد في عقله بلا توقف
هل سيتزوج اليوم فعلًا ؟
هل هو مستعد لذلك ؟
هل سيستطيع حمل تلك الأمانة دون فشل ؟
اللعنة على الخوف المستمر من الفشل ..
هواجسه اقتاتت على ثقته في علاجه فتزعزع ثباته
والسؤال الأهم
هل سيتخلى عنها يوم عرسهما بعد كل تلك الحرب التي خاضها وصار قاب قوسين أو أدنى من الفوز بها !
هاتفه بجانبه يرن للمرة التي فاقت الحد باسمها وهو
كان مُكبلًا بالعجز قلبه خلف ضلوعه يرتجف رهبة ،
كره تلك الدوامة التي توشك على ابتلاعه من جديد
حارب نفسه وحاربها وكان في اعتباره أنها تحت عناية آخرين معه
أهلها وأطباء يخففون من وطأة العبء ،
لكن من اليوم ستكون مسئوليتها على عاتقه وحده ..
زفر بعمق ساخطًا ؛
بئس التيه ولحظات الضعف
بئس الخطأ بعد العفو
بل بئس مارد الخذلان الأعظم
بئس الخوف..
التقط هاتفه الذي توقف عن الرنين ، طلب رقمها وحدّثها بكلمات متقطعة ، طمأنها بصوت مذبذب ، كذب وقال أنه لم يسمع الهاتف وأنه بخير ، أغلق الهاتف في عجالة قبل أن توقع به وتعلم ما يدور في خلده ، بحث عن رقم بعينه بعد رنين بطيء تم فتح الخط ولم يمهله حذيفة ليلقي التحية وقال مباشرة بتوسل
ـ ممكن أقابل حضرتك دلوقت في كافيه (....)..بعد نص ساعة ، هوقريب من حضرتك .
وافقه الآخر باقتضاب فأغلق الخط ونهض مندفعًا نحو الخزانة أمامه ،
فتحها وارتدي ملابسًا عصريةً ، التقط مفاتيحه وانطلق نحو باب الخروج
وصل إلى المقهى المنشود فوجد طبيبه النفسي يجلس باسترخاء يحتسي قهوته ، أشار له عبر الواجهة الزجاجية للمقهى فدلف حذيفة وتوجه نحوه مباشرة سحب كرسيًا وجلس قبالته ،
والطبيب من خلف عويناته الشفافة التقط توتر حذيفة الملحوظ ..
أمهله يلتقط أنفاسه ، لكن حذيفة ألقى ما في جعبته دون انتظار
ـ فرحي النهاردة وأنا خايف .
أومأ الطبيب متفهمًا فأكمل حذيفة
ـ خايف أفشل وأخذلها تاني .
ارتشف الطبيب من قهوته بهدوء قبل أن يكمل عنه
ـ وفكرت أنك لو سيبتها دلوقت الخساير هتكون أقل ..
صمت حذيفة يزدرد لعابًا وهميًا في حلقه الجاف ، فبتر الطبيب كل تصور من الممكن أن يجول بخاطره
ـ أنتَ دلوقت زي الطالب إللي ذاكر كويس طول السنة ويوم الامتحان كسل يروح ..
استند حذيفة بكفيه على الطاولة أمامه متعثرة أنفاسه فيما أردف الطبيب بقوة
ـ أنتَ متخيل أنك كدة هتحميها ؟
طب ما أنتَ حاولت تحميها قبل كدة والنتيجة أنك آذيتها.
تلك الجملة قليلة الحروف كانت صعبة الوقع على أذني حذيفة الذي استعادت ذاكرته بشاعة الأمر من قبل ،
نظر في عمق عيني حذيفة وأكد
ـ المرة دي هي هتموت فعلًا .
انقبض قلب حذيفة وتهدجت أنفاسه عجزًا فتحدث الطبيب بتشجيع
ـ أنتَ لازم تبطل خوف ، لازم تتحدى نفسك ، زوجتك تستحق أنك تبطل تخاف .
سأله حذيفة بضياع
ـ افرض حصل لها حاجة ومعرفتش أحميها .
أجابه الطبيب بنفس الثبات
ـ هيكون قدر وملكش إيد فيه .
رفع حذيفة كفيه يفرك عينيه يأسًا فانحنى الطبيب يستند بمرفقيه على الطاولة
ـ أنتَ قطعت شوط كبير في علاجك ، ودلوقت آن أوان التعايش الفعلي بدون مخاوفك ، المهم تختار يا إما تنتكس وتهرب وتأذيها ياإما تبتدي حياتك الجديدة وترمي خوفك ورا ضهرك ..
رفرفت أهداب حذيفة فيما قال بلا ترتيب
ـ أنا خايف من نفسي .
أكد له الطبيب
ـ دة وارد ، المهم هتتعامل إزاي مع خوفك دة .
واتشحت نظرته بمزيد من الجدية فيما سأله
ـ أنت عايز تتعامل إزاي ؟
تنهد بعمق
ـ مبعرفش أعيش من غيرها .
عاد الطبيب يرتكن إلى ظهر مقعده قائلًا بنبرة هادئة
ـ متعيشش من غيرها !
ابتسم حذيفة لأول مرة وكأن الجملة كانت تميمة حظ أسعدته فكرر براحة
ـ مش هعيش من غيرها .
سأل طبيبه بمرح طفيف
ـ أنا غبي ؟ بضيع أحسن حاجة في حياتي عشان الخوف .
ضحك الطبيب ومن ثم راح يسرد بجدية
ـ الخوف مش حاجة سهلة ، الفوبيا بتضيع من الناس أحلى حاجات في حياتهم لو استسلموا .
واتسعت ابتسامته مؤكدًا
ـ لكن أنت حاولت وحاربت الرُهاب والنتيجة مش سيئة بالعكس قبل الاتنكاسة الفعلية أنت فكرت في طبيبك النفسي قبل ما تاخد خطوة الهروب .
سأله حذيفة بترقب
ـ حضرتك تقصد إيه ؟
أجابه الرجل بمهنية
ـ طلبت تقابلني عشان كنت عايز تسيطر على خوفك ، أنت عارف توابع الهروب وإدراكك ده منعك تنفذ مباشرة .
تنهد حذيفة ومسد جبهته مبتسمًا
ـ شكرًا لحضرتك يادكتور ، الكلام ريحني وفرق معايا .
قالها ونهض يتنوي الرحيل العاجل مردفًا بسعادة جلية
ـ بعد إذن حضرتك همشي فرحي بعد ساعات
هز الطبيب رأسه مبتسمًا براحة
ـ لاشكرعلى واجب يابشمهندس ، مبروك مقدمًا ..
نهض حذيفة وصافحه ومن ثم انطلق للخارج مهرولًا نحوسيارته
التي صفها أمام المقهى مباشرة
...............
قبل ذلك بوقت قصير كانت ليلى قد أغلقت الهاتف بعدما أجابها ، استشعرت بحدسها أن هناك شيئًا خاطئًا ..
غصة استحكمت قلبها ، طوال النهار تشعر بخوف يزحف عبر أوصالها تدريجيًا
والآن قد فاض ذلك الخوف حد أنه ملأ قلبها
سألت نفسها سؤلًا واحدًا
ـ ماذا لو كرر خذلانه ؟
هوة من سواد ابتلعتها وجعلتها فاقدة الثقة في تلك الخطوة التي وافقته عليها ، كانت تختنق تدريجيًا وتضيع في دوامة مبهمة دون أن تدري..
ارتجف جسدها ودموعها رُغما عنها سالت
ظلت على حالتها تلك لبعض الوقت حد أنها لم تشعر بطرقات الباب المتكررة ولا بدلوف إسراء التي قلقت عليها وفتحت الباب بتوجس ..
هال إسراء هيئة ليلى الجالسة على فراشها ترتدي مئزرًا شتويًا أبيض اللون وخصلاتها معقوصة بترتيب ، والمثير للدهشة هي عينا ليلى الشاخصتين في الفراغ تسيل منهما العبرات دون وعيها.
تقدمت إسراء نحوها تحتضنها وتسألها بهلع
ـ مالك ياليلى ، إيه إللي حصل ؟
انتبهت ليلى ورفعت عينيها تقول بتيه من تحارب طواحين الهواء لتحمي قلبها من تكرار آلامه
ـ مش هتجوزه يا إسراء ..
انقبض قلب إسراء التي مسدت كتف ليلى بحنانها الذي أغدقت عليها به منذ مجيئها
ـ استهدي بالله كدة ، أنتِ أكيد متوترة شوية .
نفت ليلى بهزة رأس وقالت بصوت متحشرج
ـ أنا خايفة .
رفرفت أهداب إسراء التي استشعرت عظم الأمر حقًا فراحت تهدهدها وليلى تتعالى وتيرة نشيجها ، تركتها مُكرهة وذهبت إلى خالتها تستعين بها كي تهدئها ، أتت الفتيات كلهن خلف السيدة ليلى فارتعبن جميعًا لمرأى ليلى المنتحبة .
سبقتهن أميرة نحوها ، انحنت وسألتها بشفقة
ـ خير ياليلى في إيه ، كنتِ كويسة من شوية.
لم تجب ليلى وظلت كما هي فتدخلت إسراء
ـ دخلت لقيتها كدة ومش فاهمة مالها .
تقدمت السيدة ليلى فأفسح لها الفتيات مكان لتجلس عليه قرب ليلى فيما قالت هي بعقلانية
ـ طبيعي تكوني خايفة ومتوترة ، لكن مش طبيعي تكوني هتموتي من العياط كدة .
أيضًا لم ترد عليها
فسألتها دينا ببراءة
ـ ليه كدة يا ليلى ، هتبوظي وشك .
التفت إليها الجميع مندهشين فأوضحت
ـ دي عروسة وأكيد بشرتها هتتأثروهيبان عليها .
التفتت إسراء نحو لسيدة ليلى
ـ قالت لي مش هتتجوزه .
شهقن جميعًا فيما سألتها أمها بذعر بينما تلف ذراعيها حولها
ـ مالك يا حبيبتي إيه إللي حصلك ؟
رفعت ليلى إليها عينين باكيتين قائلة بأنفاس ضائعة
ـ خايفة ياماما .
شددت أمها احتضانها وربتت على خصلاتها برقة وقلبها تألم لأجل وحيدتها
ـ خايفة ليه يا ليلى كلنا معاكِ وجوزك بيحبك .
قاطعتها مروة التي كانت تراقب الموقف من بدايته في وقفتها المستندة إلى إطار الباب
ـ طالما مش عايزة تتكلم وقالت مش هتتجوزه خلاص كلموه يجي هو يتفاهم معاها بنفسه .
التفتن جميعًا إليها ومن ثم أيدت السيدة ليلى رأي مروة وخرجت من الغرفة تحدث حذيفة وتدعوه ليأتي ،
لم تتغير حالة ليلى الصامتة وبنات خالتها يحاوطنها في محاولة للتخفيف عنها ..
...........
عندما حدثته السيدة ليلى عبر الهاتف كان داخل سيارته يقودها نحو منزل عائلته منتويًا الاستعداد للزفاف ، أبلغته بحالة ليلى المزرية فشعر بجدران قلبه تتهدم وقد تأكد أنه زرع بذرة الخوف في قلبها دون أن يشعر،
دار بسيارته في الطريق المعاكس وسلك طريق بيتها
وعلى الباب قابلته أمها المذعورة وبجانبها بنات أخواتها فسألها بهدوء
ـ هي في أوضتها ؟
أومأت له السيدة ليلى بالإيجاب فاندفع نحو الغرفة ونظرات الفتيات تشيعنه بأمل
طرق الباب فلم ترد له جوابًا ففتحه ببطء
وأدخل رأسه يبحث عنها فوجدها متكورة على نفسها فوق فراشها تدفن رأسها بين ذراعيها ومرتدية مئزرًا شتويًا ،
دلف مغلقًا الباب خلفه وتقدم نحوها بخفة ، حمحم قبل أن ينادي اسمها فترفع عينيها ويصدمه تورمهما واحمرار وجهها فأسرع إليها وأنزلها من فوق الفراش لتقف على الأرض أمامه ودون حروف يضمها ضمة طويلة يغزل من حبه خيوط أمان يحاوطها بها فهدأت ،
سألها بتقرير
ـ خوفتك قوي؟
رفعت عينيها الذابلتين إليه وأومأت بحزن ،
مسد وجنتها بإبهامه لحظات قبل أن يسرقها إلى عالمه بهمس خافت
ـ أنا كمان كنت خايف .
رفرفت بأهدابها بتيه فأردف بما أربكها
ـ يلا نهرب .
ابتسمت من بين دموعها فابتسم بدوره
ـ هو ده بجد إللي هيكون شاهد قبل الحذف.
ضحكت وسألته
ـ طيب لما هنهرب مع بعض ، هنكون هربانين من مين ؟
هز رأسه ببديهية
ـ من المعازيم .
لم تفارق أحضانه ورفعت عينيها للسقف تدعي التفكير
ـ وهنروح فين .
غمزها ببشاشة
ـ أي مكان فيه بحر وهخليكِ تلبسي بكيني .
شهقت بخجل وسألته بدهشة
ـ معقول هتخليني أنزل البحر بالبكيني ؟
استنكر برفعة شفاة وحاجب
ـ مين قال كدة ؟
أجابته بتأكيد
ـ أنتَ!
استنكر ضاحكًا
ـ أكيد كنت أقصد بيسين إندور .
وزاد الغمزات واحدة
ـ البانيو.
وعضة شفته بوقاحة
ـ أوضة نومي .
وقبل أن ترد عليه بتوبيخ أو تصرخ فيه جمدها بطلب لا ينقصه الرجاء
ـ آنسة ليلى مختار المصري ..ممكن النهارده تلبسي لي الأبيض ؟
مس من قلبها العمق فضاعت أنفاسها ، تملصت منه فحررها لتبتعد خطوتين
وسألته بتهدج
ـ ألبسه لمين ؟ حذيفة حبيبي الندل ولا حذيفة أخو حمزة ؟
هز رأسه يمينًا ويسارًا فيما اقترب من الخطوتين واحدة
ـ ده كان ضايع وده كان غبي ..البسيه لحذيفة إللي عايز ياخدك في حضنه وينام ويصحى يلاقيكِ لسة في حضنه ..
وقلبها مفتون به منذ البداية لن يفوت هكذا نبرة صادقة ولاتتمرد دقاته ،
اقترب هو الخطوة الباقية وأعاد ضمها
ـ وافقي ومش هضغط عليكِ في أي حاجة ، زي ما قلت لك قبل كدة أنت صاحبة القرار.
تنهدت بعمق وعيناها لأسر عينيه تستجيب ومن ثم ابتسمت بعذوبة
ـ موافقة خلاص ..
ابتسم براحة وقبَّل رأسها بتقديس
وبالطبع لن يفوت فرصته
ـ ما تقلعي البتاع ده .
ارتجف جسدها بين أحضانه ولكزته في صدره بسبابتها
ـ أنت مش مؤدب .
قهقه قبل أن يقول ببراءة مصطنعة
ـ بطلي أفكار منحرفة ، كنت هساعدك وتلبسي الفستان ..
وأكمل فوق مخطوطة العبث سطرًا آخر
ـ هدخل جينس كأول عريس يلبس مراته الفستان .
تضرجت وجنتاها بالحمرة زادها هو احتراقًا
ـ يلا اقلعي .
قبضت على مقدمة مئزرها بقوة وزجرته بعينيها ثم طردته بجدية
ـ إطلع برة قبل ما أرجع في كلامي .
.........................................
حل المساء والليل أسدل ستاره ، وقد حضر المدعوون
إلى إلى العرس ، أعجبهم مدخل القاعة التي تنتمي فندق كبير حيث تزدان جوانبه بباقات الزهور البيضاء والحوائط الخارجية للقاعة مكسوة بزهرات الجوري الحمراء ، كانوا مأخوذين بتصميم كل ماتحويه القاعة من الداخل والمستوحى من الحدائق بالإضافة إلى باقات تضم كل منها ثلاث زهرات جوري كهدية لكل امرأة بالحفل ..
لم يكن العروسان قد حضرا بعد والموسيقى الهادئة تصدح في أرجاء المكان وعلى الطاولات ذات الشراشف البيضاء تراصت بجانب الزهور المنمقة كؤوس من عصيرالرمان كمشروب ترحيبي
كانت الفتيات تجلسن على طاولة كبيرة تضم السيدة ليلى والسيدة أنوار ، جاء حمزة إلى أمه يسألها إن كانت بخير أو تحتاج أي شيء فدعته السيدة ليلى ليجلس وعرفته على بنات أخواتها فرحبن به ببشاشة
مالت دينا الجالسة بجانب خالتها قائلة
ـ أنا مش هروح ياطنط من غير عريس اتصرفي .
ضحكت خالتها بمرح ووبختها
ـ أصغر واحد هتتجوز الأول؟ ، مش لما تبطلي تلعبي بابجي زي العيال !
سمعها حمزة فتدخل يسأل دينا مبتسمًا
ـ بتلعبي بابجي ؟
أومأت له ضاحكة فنهض من مقعده وسحب مقعدًا بجانبها وجلس عليه
ـ أنا كمان بحب ألعبها .
مالت تهمس في أذن خالتها
ـ لا أنا عايزة عريس زي ليلى ده عايز يلعب بابجي.
كان صوتها مرتفعًا فتعالت الضحكات ليمازحها حمزة
ـ أنتِ بتجرحي مشاعري كدة .
ابتسمت له دينا بحرج
ـ خلاص نلعب بابجي لحد ما ألاقي عريس .
وكانت تلك بداية صداقة جديدة ..

.......
بعد ربع الساعة قد ظهر حذيفة وحيدًا وجذبه أصدقائه مهنئين ، كان جمعًا من أقاربه الشباب وشركاء العمل وغيرهم
تهكم قصي السيوفي موجهًا كلامه إلى يونس
ـ ابن عمك الحمدلله أعلن توبته وهيتجوز .
مطّ يونس شفتيه ممازحًا
ـ ألف ألف مبروك أعمله إيه؟
قهقه قصي
ـ اعمله حفلة ، هاتله حشيش !
تصنع يونس الملل ونظرإلى أعلى
ـ مبقاش بيجيب معاه .
وقصي دومًا يباغت
ـ هاتله حريم ..
ضحك يونس بانطلاق
ـ متقلقش إحنا واثقين فيه .
تصنع قصي الصدمة وسأله بسخرية
ـ واسم العجمي ؟
جاءهم صوت محمد العجمي من الخلف مكملًا معزوفة التنمر ومشيرًا إلى حذيفة
ـ طول عمره مشرفنا .
تدخل حذيفة الذي كان يقف عاقدًا ذراعيه أمام صدره ببرود منذ البداية
ـ نفسي أشارككم اللحظة بس خايف الجوازة تبوظ .
تعالت وتيرة المزاح التي يعلم الجميع أنه لا يتعدى كونه مزاحًا ..
....
بعد برهة تعالت موسيقى خاصة فالتقت حذيفة نحو باب القاعة الداخلي الذي فُتح على مصراعيه ، وأخذته خطواته إليه
كانت ليلى تتأبط ذراع والدها وعلى جانبها الآخر كان نديم يدعم ذراعها ،
وقف أمامها ولم يكن يرى غيرها ، ربت أبوها على كتفها بحنان وتركها له ونديم قبل أن يبتعد لكمه في قفصه الصدري بقوة آلمته فمسد هو مكانها ضاحكًا
كان على بعد خطوته منها تسحره بتعوذيتها الخاصة رُغم أنها كانت مُطرقة الرأس ولم تنظر إليه ، رفع كفين مرتجفين وقرب كتفيها تردد ، ثوبها وطرحتها الشفافة التي يغطي جزئها الأمامي وجهها أعطوها هالة ملائكية أشعرته أنه قد حصل على أكثر مما يستحق ..
حسم تردده ورفع طرحتها يعيدها إلى خلف شعرها المصفف بكلاسيكية ، قبض على كتفيها برقة وأسرها بهمس حار
ـ عايز شوف عنيكِ .
رفعت عينيها إليه تضيعه في بحر العسل خاصتها والعسل الرائق كان مشوبًا بغلالة دموع حرقت قلبه لوهلة قبل أن يتنفس بعمق ويغمرها في احتضان عنيف
ومن خلفه كان المدعوين ينظرون إليهما بفضول ، فمال أبوه الذي كز على أسنانه غيظًا يهمس لأمه بغضب
ـ ميبقاش ابنك لو مفضحناش .
ابتسمت أمه بسعادة ولم تعقب
وعند حذيفة انتبه على صوت عزة المتذمر
ـ فاكر نفسه في صالة بيتهم .
حرر ليلى التي أربكها وتركها غير متوازنة فدعمتها صديقتها ليقف هوبجانبها وتتأبط ذراعه ويبدأ العرس .

بعد قليل في الكوشة كانت ليلى متذمرة وإسراء تتمسك بكفها وهو بدى عليه الحنق ، نظر إلى إسراء ببرود
ـ مفيش رقص قلت لك يا إسراء .
منحته نظرة ساخطة وحدثت ليلى
ـ مش همشي غير لما تيجي معايا .
التفتت ليلى إلى حذيفة بحدة
ـ هرقص مع صحابي وقرايبي .
زم شفتيه بحزم قبل أن يقول لإسراء بسماجة
ـ مش هترقص !
تدخلت ليلى تقرر بنزق
ـ خلاص يا إسراء روحي وأنا هاجي وراكِ.
انصرفت إسراء التي ابتسمت له ببرود
وعاد ينظر إلى ليلى بتوبيخ
ـ الهانم مالها ؟
مطت شفتيها قبل أن تزفر وترد بحدة
ـ ماهو أنتَ مش هبتدي تسيطر من وإحنا في الكوشة ، ممكن أنادي لنديم وأشتكي له منك وهو ما هيصدق ..
كز على أسنانه قبل أن تهدأ نبرة صوته
ـ أهون عليكِ ؟
رفرفت أهدابها وأشاحت بوجهها عنه
ـ أيوة تهون ..
.......
قطع لحظة حذيفة وليلى صوت أجش ولغة عربية بلكنة غربية يبدو أن صاحبها بارعًا في الثبات
ـ أنتِ ليلى إللي جننت قيس ؟
الالتفات كان فرضًا والدهشة بعده واجبة
نهض حذيفة المصدوم ولغة جسده تفضح تأهبه لنزال والأخر لم يهتز له جفن وأكمل
ـ بس الجنة مش مكان الشيطان !
قهقه حذيفة ساخرًا
ـ عشان كدة أنت لسة مطول في جهنم .
شدّ الضيف قامته المديدة فظهر طول جسده المائل قليلًا إلى النحافة وتحدث بخيلاء ملك
ـ لو هبقى الملك لوحدي أنا موافق .
ناوش مصعب صديقه بعينيه التي انتقلت إلى الجالسة تغرق في الجهل ولا تفهم شيئًا
ـ مش هتعرفنا ؟
زفر حذيفة بعدم رضا ولأنه يعرف أن هذا هو العهد الذي لا خيانة فيه ..التي تخص صديقي بالفعل هي خط أحمر ..
تقدم منها خطوة واحدة
ـ ليلى .. ده مصعب .
وصمت لا ينتوي تكملة إعمالا بمبدأ أن ماحدث في روما لابد أن يبقى هناك ..
لكن المتنمر أكمل عنه وهو يقلب بصره بينهما
ـ مصعب صاحبه .
أومأت هي بلا مبالاة فلكزه حذيفة في خاصرته مُحدثًا ليلى
ـ هتكلم معاه شوية .
لم تعيرهما اهتمامًا فانسحبا إلى منطقة منعزلة نسبيًا عن الضجيج ، توقف حذيفة بحدة ونهره مغتاظًا
ـ إيه إللي جابك ؟
ضحك مصعب بحلاوة مشاكسًا إياه بطريقة لم يستطع فيها إخفاء لكنته الغربية
ـ جيت عشانك ياحبيبي !
عض الغاضب شفتيه غيظًا
ـ وشُفتني ، يلا روّح بيتكم بقى ؟
رفع المتطفل حاجبيه في نية لاستجلاب غضب صديقه
ـ أنا جيت لك مخصوص ، معقول بعد السفر ده هتطردني ؟!
..وبعدين في حد بيعتزل من غير ماتش اعتزال؟
قاطعه حذيفة بسخافة
ـ أيوة في ، أنا أهو سيبت لك الملعب كله وجيت .
هز مصعب رأسه يمينًا و يساراً بعدم رضا
ـ لا يا حذيفة ماتش واحد بس وهسيبك في حالك .
زفر حذيفة قبل أن ترتخي قسمات وجهه ويبتسم بثعلبية أشعلت الحماس في الآخر ومن ثم دارت عيناه في المكان قبل أن تستقر فوق نقطة معينة تمثل له شوكة الورد فمال برأسه نحو صديقه ملفتًا نظر الآخر إليها
ـ بص هناك كدة .
ومصعب لم ينتظر ثانية إلا وكانت عيناه مثبتتة عليها في تفحص فج
كانت أمامه نصف أنثى أو حتى لا ترتقي كما يراها هو ، جسد ذو معالم أنثوية فقيرة نوعًا ما تتحرك بحدة وتتحدث بلا مبالاة والنظرة في عينيها جافة لا تحتوي على أية حنان
قطع تفحصه همس حذيفة الماكر
ـ إيه !
لم يرفع مصعب عينيه عنها وقال
ـ خبيثة قوي ، شوف نظرة عنيها عاملة إزاي !
رد له الصديق بضاعته
ـ جناحاتك طرفت عيني .
ابتسم مصعب بظفر متسائلًا
ـ هتلعب ضدي ؟
نفى حذيفة بجدية
ـ قلت لك اعتزلت ، هتفرج بس .
ضحك مصعب يومئ برأسه مؤكدًا
ـ موافق .. الجايزة إيه ؟
زم حذيفة شفتيه في تفكير دام ثلاث ثوان قبل أن يرد
ـ أيفون ...قلت إيه ؟
اعترض الضيف يلوي شفتيه بعدم رضا
ـ الأيفون عليك وعليا أنا هاند فري هي في نظري متستحقش أكتر من كدة !
تركه مصعب خلفه وذهب نحو عزة وانشغل حذيفة قليلًا مع قصي الذي أشار له
بعد برهة دلف مصعب إلى القاعة خائب الأمل فوجد حذيفة الذي كان يعلم مسبقًا أن صديقه لن ينال من عزة سوى توبيخًا واستهانة نظر إليه متشفيًا فلوح مصعب بكفيه في الهواء بإشارة أنا أستسلم ..
ضحك حذيفة ظفر وأشار إلى أذنيه في إشارة أنه يريد سماعة الهاتف ...
.........................
في ركن آخر من القاعة نهضت أميرة من فوق مقعدها بجانب الفتيات وفي يدها الهاتف تعبث به ، قد اتصلت بها صديقتها وسلكت طريقها للخروج من القاعة باحثة عن بقعة هادئة كي تسمعها جيدًا ، في طريقها ارتطمت بطفلة صغيرة لاتزيد عن أربع سنوات ، فتأوهت الطفلة لتنحني أميرة وتحملها ، هدهدتها قليلًا قبل أن تسألها بخفوت مبتسم بعدما قبلتها
ـ اسمك إيه ؟
ردت عليها براءة
ـ أميرة .
اتسعت ابتسامة أميرة
ـ وأنا كمان اسمي أميرة .
سألتها الطفلة بعنين متسعتين
ـ أنتِ كمان أميرة آدم زي ؟
عقدت أميرة حاجبيها حيرةً فيما تفاجأت بوجود أحدهم يتقدم نحوها باندفاع
طلته آسرة وحضوره يلغي من حوله ، رأس حليق عينان بلون البندق طويل القامة بغير ضخامة
ولنظرة عينيه المتفحصة قلبها ارتجف فصمدت
التقط منها الصغرة بحدة موبخًا إياها
ـ قلت لك مليون مرة متسبنيش وتهربي يا أميرة !.
وأشار إلى الفتاة أمامه متسائلًا
ـ ومين دي ؟.
أجابته هي بصوتها المميز
ـ أنا أميرة .
في رنة صوتها شيء ما أوقف ثورته ، هدأ تمامًا وراح ينظر إليها كيف توترت وأغرقها الخجل
قال بصوت رخيم بعدما استعاد هدوءه
ـ أنا آدم .
عقبت الطفلة ببراءة
ـ بابا !
طاف بعيني أميرة صدمة خاطفة ومن ثم استكانت مطرقة برأسها تزم شفتيها
وهو بغير إرادة برر ولم يكن يعي لذلك سببًا
ـ لا أنا خالها ، باباها مسافر .
رفعت عينيها بخفر ، فابتسم ابتسامة واسعة استجلبت لوجنتي أميرة الدماء ساخنة
سألته بفضول
ـ فين مامتها ؟
اتشحت عيناه بوجع
ـ تعبانة ، ادعي لها .
لاح الأسف على وجه أميرة وقالت بتأثر
ـ ربنا يشفيها ..
شكرها برزانة فيما قال للطفلة
ـ يلا نروح عشان تنامي
تأففت الصغيرة تزم شفتيها
ـ عايزة أبوس العروسة
ضحكت أميرة بخفوت فسألها
ـ تعرفي العروسة عشان تتوسطي لأميرة و تبوسها ؟
أومأت أميرة
ـ أيوة هي بنت خالتي .
ابتسم مجددًا قائلا للطفلة
ـ إحنا اتأخرنا على تيتة ، بوسي أميرة هي كمان هتبقى عروسة ..
صمت لحظة ومن ثم قال بصوت عميق
ـ جميلة .
ارتدت أميرة للخلف خطوتين وقد عزمت على الهروب
ـ أنا همشي
وبالفعل استدارت راحلة فسمعته يناديها
ـ أميرة !
لم تستدير لكنها التفتت برأسها فرفع كفه ولوح لها مبتهجًا ، فهربت تلك المرة بالفعل .
...............
في زاوية أخرى كان حذيفة يقف مع أصدقاءه تاركًا ليلى مع إسراء التي عادت مجددًا وأصرت على الحديث مع ليلى بمفردهما ، نهض مغتاظًا وتركهما خلفه تتهامسان ، كان يرد على مزاح يونس وسمع الصياح جهة الفتيات يزداد فالتفت كما فعل كل من حوله فاتسعت عيناه صدمة وتعالي صوت معزوفة شهيرة ..
مالي حاسة بارتباك وبحالة مش عادية
عقلي اتجنن معايا مش عارفة إيه إللي فيا
قوم فض الاشتباك أو خبي عنيك شوية دة أنا واقعة فيك بجد ..

كانت ليلى وإسراء تحتلان منصة الرقص وتؤديان رقصة شعبية بطريقة متناغمة
تلوحان بذراعيهما ، تتقدمان للأمام بكتفيهما ومن ثم ترتدان للخلف ...
هو أنت جيت منين حبيتك بالتلاتة
سهرانة بتاع يومين عايزاك وباستماتة
مبسوطة حبتين لا حبيتين تلاتة لاء دة الموضوع يخض ..
من غير أي اتفاق عقلي في ثانية أنت أخدته
تاه مني وأما فاق مش ثابت زي عادته..
ملهوف كله اشتياق بيروح لك وبإرادته ومن الفرحة مش بيرد ...

كانتا تدوران حول نفسيهما ضاحكتين وتعيدان الحركات من جديد
وهو قد نسي العرس والناس وعالمه كله وأسرته ليلى بحالمية رقصتها رُغم الصخب
كانت تغني الكلمات بسعادة

نفسي أطير
فرحانة جدا ودايبة وبغير
حاسة بسعادة ودة إحساس خطير
مجنونة بيك نفسي أفضل قصادك وأقولك بحبك كتير ..
وهو بسحر ليلى انشده ، أخرجه من شروده فيها صوت أحد المتنمرين يسأله
ـ مين القمر إللي بترقص مع مراتك دي !
كز على أسنانه وتركه خلفه وتقدم نحو ليلى وإسراء
رُغما عنه كان في درب ليلى يتوه ، وصلها وكانت تدور حول نفسها ، رأها الجميع تدور وهو رأها تطير ، تحلق نحو سمائه وحده ..
بدون مقدمات كان أمامها يعتقل خصرها ويرفعها عن الأرض فشهقت وأخفت رأسها في صدره فغمز ل إسراء التي منحته نظرات ساخطة قبل أن تبتعد ويبتعد كل من حولهما ويبقى هو وليلى فقط
صدحت معزوفة شرقية كلاسيكية ..
الليل ياليلى يعاتبني .. ويقول لي سلم على ليلى .
الحب لا تحلو نسائمه ..إلا إذا غنى الهوى ليلى.
أوقفها على الأرض ولم تترك ذراعه خصرها ، قربها منه وفرد كفه اليمنى أمامها وعيناه تغزوان عينها فاستجابت وفردت كفها مقابل كفه تطابق أناملها مع أنامله وترسل نبضات قلبها إلى قلبه فابتسم هو لها بتلك النظرة التي تطيح بكل ثبات لديها ..
تمايل معها فتمايلت بنعومة في أحضانها وكل من في القاعة راح يراقب الرقصة مأخوذين بذلك التناغم بين العروسين ..
لأجلك يطلع القمر ..خجولًا كله خفر
وكم يحلو له السفر .. مدى عينيكِ ياليلى ..
أدارها فدارت برقة وعند مواجهته ابتسم براحة عاشق وجد آخيرًا مرساه ، أرسل إليها نظرات تفجر الينابيع وتغمر الأرض بعذب المياه فازدهرت له في قلبها من جديد جنات وأزهار ..
أطرقت خجلًا وأغمضت عينيها تستند بجبهتها إلى صدره
فرفع هو عينيه نحو نقطة محددة حيث يقف نديم مستندًا إلى الحائط يكز على أسنانه وبجانبه أشرف يكتم ضحكاته
كان حذيفة ينظرفي عيني صديقة بمكر فرفع حاجبه وابتسم بخبث مرسلًا له رسالة ضمنية مفادها
إن كان لك خيول امتطي أعلاهم ..
وقبل أن يندفع نديم نحوه كان أشرف الذي قرأ ما يجول بخاطره قد قيد ذراعه ولم يستطع السيطرة على ضحكاته المتقطعة
ـ لو اتجبس أختك هتقلبها متاحة .
..................
قبل انتهاء حفل الزفاف بقليل نهضت مروة مع ابنتها رقية التي طلبت أن تذهب إلى الحمام ، لم تسر خطوتين إلا وقد وجدت وجه مألوف أمامها يبتسم ل رقية ويقدم لها علبة هدايا صغيرة ، استحت رقية أن تأخذها فانحنى هو مبتسمًا
ـ دي هدية عمو حذيفة إللي قالك عنها
سألته مروة بتوجس
ـ مين حضرتك ؟
رفع عينيه إليها
لوهلة شعرت أنها تعرفه جيدًا رُغم أن عمره يعادل ضعف عمرها
رفرفت بأهدابها فأربكها هوبسؤاله
ـ أنا شوفتك فين قبل كدة ؟
تهكمت مبتسمة
ـ طريقتك قديمة قي !
صدحت ضحكاته المتسلية
ـ يمكن عشان قديم .
لانت عيناها الآسرتان
ـ الشباب في القلب .
اتشحت ضحكاته بالعبث
ـ قلبي حديد .
هزت رأسها يمينا ويسارًا ولم تفارقها ابتسامتها
ـ معرفتش اسمك .
اشتعل الرماد في عينيه وأجابها بثقة
ـ محمد العجمي .
.......
انتهى الحفل وانتهت معه لحظات استثنائية سعيدة لن ينساها الجميع ..
.................................................. .
وصلا حذيفة وليلى منزلهما بسلام ، فتح بابه ودلفا فكانت دقات قلبها تعلن عليها حرب مُعتادة في حضرته ، انتوت الهروب منه والجري إلى أحد الغرف وتغلقها على نفسها دونه ، قرأ ذلك في عينيها فأغلق الباب بسرعة واعتقل خصرها يلفه بذراعه اليسرى ويرفعها عن الأرض مقربًا إياها من صدره وهمس قرب أذنها بأنفاس ساخنة أذابت أوصالها
ـ على فين الدنيا كلها بتاعتي !.
ارتجفت وانكمشت على نفسها فرق قلبه لحالها وأنزلها مكانها ولم يعتقها ،
قربها منه فلم تمانع ، اقترب كليًا فلم تبتعد ، احتوى جسدها في عناق عنيف فتأوهت ،
عاد يقف أمامها ينظر في عمق عينيها وهمس بعشق جم
ـ بحبك ياليلى قوي .
رفعت يسراها وفردتها فوق موضع خافقه وأعادت له همسه
ـ وأنا بحبك أكتر .
رده كان إعادة للعناق ، التقط شفتيها الورديتين في قبلة ناعمة هادئة ما لبثت حتى تعالت وتيرة الشغف بها
كان يقبلها ويتركها ويعاود تقبيلها ويسراه على ظهرها تتجول بينما يمناه تحتضن وجنتها
تركها بعد عدة دقائق تترنح ،
وجدت ثوب عرسها قد ارتخى بعدما كان مشدودًا على جسدها فقالت بذهول
ـ أنتَ فكيت سوستة فستاني من غير ما آخد بالي !!
قربها منه ومسد وجنتها بإبهامه هامسًا بتهدج
ـ مكنتيش مركزة .
احترقت وجنتاها فابتعد قليلًا وقال بجدية
ـ ادخلي أوضتنا دي .
وأشار نحو غرفة في نهاية رواق فسيح
ـ بعد نص ساعة لو فتحتي الباب هاجي ولو مفتحتيش هروح أنا الأوضة التانية إللي جنبها ومش هضايقك .
ظلت تنظر إليه بلا استيعاب ،
هل بعثر مشاعرها منذ قليل ليتركها تختار ؟
استدارت توليه ظهرها وانطلقت نحوالغرفة دون تعقيب بينما شيعها هو بنظرات مشتاقة
ظل بالخارج يمهلها الفرصة لتقرر
بعد نصف ساعة إلا دقيقتين كان يقطع الرواق أمام غرفتها جيئةً وذهابًا ، خصلاته مشعثة من فرط جذبه لها وقد تخلص من سترة حلته الأنيقة ظل فقط بقميص أبيض مفتوح نصف أزراره وسروال الحلة الأسود ، بعد مرور الدقيقتين فُتح الباب ببطء ،
راقبه هو لثانيتين قبل أن يفتحه بالكامل ويدلف
وكانت هي واقفة أمامة مُطرقة الرأس محترقة بالخجل ومرتدية غلالة كريمية حريرية طويلة حد الكاحل ،
رفعت رأسها فهاله تدفق العبرات من عينيها
همست بضياع
ـ إحنا بنحب بعض صح ؟
شعر بغضب من نفسه لحالتها المزرية تلك فتقدم يحتضن وجنتيها بكفيه
ـ محبتش قبلك ولا هحب بعدك .
مسح دموعها بإبهاميه وتوسلها
ـ بطلي دموع بقى .
تنفست ببطء متقطع
ـ غصب عني .
ضمها لصدره وهدهدها ..
بعد وقت لاباس به كانت تبكي
تتشبث به
تنتحب
تعترف بالحب فيقبلها وتبادله ، يحتضنها تغويه فيعاود اقترابه ، يتشمم عبقها فتحتضنه بيأس
يمسد وجنتيها ويقبل عينيها الباكية فتتمسك به
يهمس لها بمعلقات العشق فتذوب ،
تجبره قربًا فيقترب رغبة بها ، شجنها يغريه فيقترب بلا رادع
يقسم لها أنها الأولى على عرش قلبه فتومأ وتتناثر عبراتها
وهو عاشق حد الوله شغوف حد الاحتراق ، وكلها مغوية فيندفع
وهي شعرت بشغفه يبتلعها دون قدرة منها على مجاراته
فاكتست السماء بغيوم سوداء وأخفت ضي القمر
والمطراكتفى بزخات النهار وفي الليل قد بخل..
في لحظة انفصلت عنه تشعر أن ما يجمعها في هاته اللحظة مجرد رغبة وهي من أجل العشق تسير معه دربه ،
آلم قلبها أنها مقارنة بمعرفته هو لا تعرف شيئًا ، فتصلب جسدها قبل تمام اكتماله بها ..
انتبه لها فنظر إلى عينيها ورأي الرفض فيهما رُغم الضوء الخافت حولهما
وأتمت رفضها بجملة ربما لو فكرت في معناها ما نطقتها قط
ـ أنت بتطبق معايا إللي اتعلمته في جوازاتك ؟
وكفيه اللأتي كانتا تقبضان على كتفيها تركتاها واستند بهما على الفراش مستفهمًا باستنكار
ـ أنتِ واعية لإلي بتقوليه ؟
وهي في غيها انجرفت بقلب مشحون بالقهر
ـ أنا حسيت .
شهقت باختناق بعثر ثباته إن كان متبقيًا منه شيء
ـ إني مش أول واحدة ..
هدر فيها بتحذير
ـ ليلى !
ارتجف جسدها فابتعد عنها تمامًا ، أولاها ظهره جالسًا على حافة الفراش وأسند قدميه على الأرض
شعربها تحاسبه وتعاقبه عما قد حدث قبلها فرد بقسوة
ـ ما أنتِ مش أول واحدة فعلًا .
كلامه حقيقي لكن نبرة القسوة أحرقت قلبها
رفعت كفها تمسد موضع خافقها عسى أن تخفت آلامه التي تدفقت من جديد ، كل العثرات التي مرا بها تجسدت أمام عينيها بصورة أكثر قبحًا من ذي قبل ، لملمت شرشفها حول جسدها في خزي وهو استقام وتوجه نحو الخزانة ، ارتدي ملابسه في عجالة ساخطًا والتقط تبغه من فوق الكومود وسلسلة مفاتيحه وتركها خلفه مجددًا ورحل ..
وهي شعرت بغياهب الظلمات تبتلعها ، فنهضت عن الفراش تتوجه نحو الحمام وقلبها يئن وجعًا شهقت بعنف فسمع هو شهقتها قبل أن يخطو عبر باب المنزل الذي فتحه للتو ، تصلب جسده للحظات ، وتلك الشهقة منها عرّت الحقيقة أمام عينيه ، لقد هم بفعل ما كان يخاف منه دون نقصان ، كان سيتركها خلفه في منزلهما ويُعيد الخذلان من جديد فارتد للخلف بعدما أغلق الباب بعنف ولكم الحائط ، عاد إليها مهرولًا فوجدها مُنكبة تستند بكفيها على الأرض الخشبية ، انخلع لبُ العاشق فيه فاندفع نحوها ، وحقًا لم يكن يريد رؤية العذاب في عينيها ثانية فدار حولها واحتضنها من الخلف وساد الصمت ..
انتهي الفصل قراءة ممتعة😍

ٱلاء likes this.

samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 07:55 AM   #40

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

يا صباح الفل الجيران هنا
وذيفو ولولا
منورة يا سمور يا حياتي
موفقة دائما يا حبيبتي
واحلى جيران
واحلى قمر ❤🙈


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:43 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.