آخر 10 مشاركات
✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          317 – صدى الذكريات - فانيسا جرانت - روايات أحلامي (الكاتـب : Just Faith - )           »          مذكرات مقاتلة شرسة -[فصحى ] الكاتبة //إيمان حسن-مكتملة* (الكاتـب : Just Faith - )           »          أنين الهوَى - الجزء 1 من سلسلة تايري -شرقية زائرة -للكاتبة:ملك على* مكتملة & الروابط* (الكاتـب : ملاك علي - )           »          ودارتـــــــــ الأيـــــــــــــام .... " مكتملة " (الكاتـب : أناناسة - )           »          عــــيــــنـــاك عــــذابــي ... مكتملة (الكاتـب : dew - )           »          عيون لا تعرف النوم (1) *مميزة & مكتمله * .. سلسلة مغتربون في الحب (الكاتـب : bambolina - )           »          لقاء الخريف / الكاتبة : طرماء و ثرثارة ، كاملة (الكاتـب : taman - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          ضلع قاصر *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : أنشودة الندى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree56Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-01-20, 01:17 AM   #1

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي جيران القمر * مكتملة *


مساء الخير🌸

مواعيد تنزيل فصول رواية جيران القمر الأحد والثلاثاء والخميس
في 11 مساء بتوقيت القاهرة



روابط الفصول

المقدمة والفصول الأول والثاني والثالث .... بالأسفل
الفصل الرابع .... بالأسفل

الفصول 5، 6، 7، 8 نفس الصفحة
الفصول 9، 10، 11، 12، 13، 14، 15، 16 نفس الصفحة
الفصول 17، 18، 19، 20 نفس الصفحة
الفصل21
الفصل 22 الأخير



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 14-08-20 الساعة 11:02 PM
samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-01-20, 02:07 AM   #2

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي

ليلتك سعيدة.... ارجو منك تنزيل المقدمة او الفصل الأول لان هذه المشاركة تعتبر دعاية ومكانها قسم شرفة الأعضاء ....

ebti غير متواجد حالياً  
التوقيع
إن كرماء الأصل كالغصن المثمر كلما حمل ثماراً تواضع وانحنى"
هكذا عرفتك عزيزتي um soso و هكذا تبقين في قلبي شكراً جزيلاً لك على الصورة الرمزية...

رد مع اقتباس
قديم 27-01-20, 12:14 PM   #3

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي المقدمة والفصل الأول

المقدمة
حيرة المرأة اعتيادية مملة و متكررة ؛
تحتار من أجل لون صبغة الشعر
وبين ثوبين
وأيضًا من أجل طعام الغذاء ..
أما عن حيرة الرجل فهي مُربكة مصيرية في معظم الأحيان ؛
لا يحتار أبدًا من أجل توافه الأمور
لذلك فهي من تلجأ للحلول الوسط ؛
كصبغ نصف خصلاتها بلون وتُكمل الآخر بلون غيره ، ارتداء سترة ثوب مع تنورة آخر متجاهلة الطهو ومستعينة بالطعام الجاهز !
لكن حسم حيرة الرجال يكون باترًا ..
وإذا لجأ للحلول الوسط أحيانًا يمل منها سريعًا لذلك غالبًا ما تكون خياراته مزلزلة للثوابت فهو إما أن يهدم ممالكًا أو يبنيها ..
..........
الفصل الأول
................
عشاق الطفو لا يستهويهم على الأرض هبوطًا ، يعتلون سحابًا ، يجاورون نجومًا ، ويسبحون في أكوانهم الخاصة..
وإن سقط أحدهم يومًا وسط عرس صديق دراسة قديم في مدينته الأم بعد سفر طويل دام لسبع سنواتٍ فإنه لن يترك تفصيلة إلا وسخر منها في داخله ..
عرس تقليدي تفاصيله مبتذلة بتكراراعتاد عليه الجميع ..
نظر حوله بتفكيرعميق ثم سأل نفسه باستنكار
لماذا يتزوج الحمقى !
للحق العروس رشيقة بمؤهلات مقبولة تفي بالغرض لكن أهو غر ؟!
فلينظر حوله إذًا ؛ هو يكاد أن يحدد عمر زواج كل سيدة في تلك القاعة من خلال قياس محيط خصرها أوتحديد مقدار التعاسة على وجهها ، ويبدو أن النساء تشارك الرجال في ذات الحمق لأن الفتيات تبالغن في التعرية من أجل الهدف الأسمى ..
تفحص بعضهن بنظرات ذكورية غذتها أفكاره الملتوية ، وكاد يقهقه فأم الدنيا لازالت بخير ..
في الخارج تبالغن في النحافة بشكل مغيظ وهنا تطلقن للكيلو الجرامات العنان .
راقب شره الطعام المجاني ، تبادُل الغمزات وأرقام الهواتف ومردود ارتفاع هرمونات الذكورة لدى المراهقين وبالطبع هناك ما يوازيه من غنج تفتعله المراهقات .
سخر في داخله من الرقص المبتذل أيضًا واغترف من التفاصيل حتى اكتفى ، قادته قدماه إلى الخارج هروبًا من الضجيج وتدخين لفافة تبغ .
وقف خارج القاعة يدخن بهدوء مراقبًا الطريق الخالي من المارة ، التقط هاتفه من جيب سترته وأجرى اتصالًا هاتفيًا بوالدته القلقة دومًا ..
يسمع العشر وصايا ، يومئ ولا ينفذ منها واحدة ، ويكرر جملة معتادة بآلية
ـ حاضرياماما .
داعب أنفه عطر أنثوي مثير و نفاذ الرائحة نظر إلى لفافة تبغه فوجدها عادية غير الملفوفة تلك التي تلعب بعقله في بعض الأحيان وبالطبع المكان والزمان غير مناسبين لتدخين ما دون التبغ العاديّ ، التفت خلفه فوجد نسمة صيف قوية ووقحة تداعب خصلات بنية حريرية ولامعة مشبعة بالكراميل فتتطاير للخلف تبيح لوشم الثلاث فراشات خلف الأذن حرية الطيران .. بحثت عيناه عن العيون فوجدها شرقية واسعة لم يتبين لونها تحديدًا وقتها لكنها كانت مظللة بظلال سوداء أظهرت أنها ملونة ..
لم يشغله اللون كثيرًا لأن تغييره أصبح معتادًا مع انتشار العدسات اللاصقة ، والشفاة منتفخة بإغراء زادته حمرتها القانية ، ذكورته غلبته فتتبع انحاءات الجسد بتمهل ، كانت عيناه ترتفع وتنخفض حسب تدرجات الامتلاءت المهلكة المواضع ، وساعده قماش الثوب الملتصق بالحنايا على تخيل المزيد.
سأل نفسه
هل زاد الطقس سخونة أم تلاعبت به الغريزة!
لم يكن مدركًا حقًا لما يحدث له في هاته اللحظة
وعلى الهاتف كانت أمه تناديه نافدة الصبر مما استدعى جل انتباهه
ـ روحت فين ياحذيفة !
أجاب بمراوغة وابتسامة ملتوية
ـ أنا هنا يا ماما مروحتش ، ليه بقى مقولتليش إن الانفلات الأمني انفلت كدة وأنا برة ؟
مش كنتِ تقوليلي كنت جيت لميت الدنيا !


.......
كانت ليلى قد انسلت من ضجيج الحفل الذي أصابها بألم في رأسها إلى هدوء الشارع ؛ فانعشها تراقص النسيم
وجدت نفسها في الخارج بصحبة أحدهم .. والذي انتبه
لوجودها بعد لحظات من وقوفها الصامت خلفه
خافت أن تكون قد أزعجته
أو تطفلت على

مكالمته الهاتفية ، ومع تحديقه فيها وهمسه غير المسموع زاد ارتباكها ، فأخذتها قدماها بعيدًا عنه ..
هبطت درجات السلم القليلة وعينا المراقب تتبعت سيرخطواتها المغناج ذات التتابع المتناسق وكأنها تتناغم على المعزوفة الشرقية المنبعثة من الداخل ..
ابتعدت حتى غابت عن مرمى بصره ، قادته قدماه خلفها ، وربما هو الفضول أو البحث الأهوج وراء المجهول هما ما يدفعانه دومًا لتصرفات رعناء يندم عليها فيما بعد ..
لم يجد لها أثرًا في الشارع الخالي ، مط شفتيه بلا مبالاة وعزم على العودة وبالفعل ، استدار كي يعود أدراجه حيث قاعة العرس ، لكن صرخة أنثوية مكتومة زادت من قلقه فأسرع الخطوات بحثًا عن مصدرها وفي منعطف جانبي وجدها متكومة تبكي بحرقة ، جعد ما بين حاجبيه غير مدركٍ لما يحدث ولكن صوت دراجة بخارية تبتعد بسرعة فائقة فسرت له جزءً مما قد حدث ، وصل إليها متمهلًا وهبط جاثيًا على إحدى ركبتيه
، رغمًا عنه تسللت إليه بعض الشفقة نحوها ، حاول تجاهل إغراء هيئتها مركزًا على مايفعل لكن ربتته الخفيفة على كتفها الأيسر تسببت في انتفاضٍ قوي مفزوعٍ منها كرد فعلٍ غريزي ، لاحظ تصاعد وتيرة التوتر فرفع كفيه الاثنان يلوح بهما في الهواء مهادنًا إياها..
ـ متخافيش يا آنسة أنا إللي كنت بتكلم في الموبايل على باب القاعة .
زاد بكاؤها وتلعثمت تسرد شكواها بصوت غاضب مرتفع
ـ الحيوان سرق شنطتي وشد فستاني .
تفحص مجددًا الذي تسميه ثوبًا فلم يجد أي شيء يدل على ذلك ، لكنه تجاوز عبثية اللحظة حتى تمر تلك الليلة على خير
ـ طيب تعالي أوصلك الفرح تاني عشان الشارع مش أمان .
وكلمة الأمان عندما تسمعها الأنثى من فم أحد الذكورتشعر بها تلقائيًا حتى لو كان هذا الأحدهم وغد كبير ، وجد ارتياحًا يغزوها فاستغل الفرصة واستقام يمد يده كي يساعدها على النهوض نظرت إلى يده الممدودة من موقعها ومن ثم إلى عينيه في نظرة متسائلة بتشتت غير منطوق مفاده
هل عليّ أن أفعل ؟
قرأ تساؤلها فأومأ يؤكد لها ثقةً ، وهي وثقت وأعطته يدها وعند تلامس الأيدي لم يملها إلا بضع ثوان وتركها ، ساعدها فيهن لتنهض ثم تركها مترنحة وابتعد متعمدًا عدم النظر في عينيها في حين ارتبكت هي وابتعدت أيضًا ، زفر لهيبًا محترقًا وخلع سترته يلبسها إياها في صمت قاتل وأشار إليها لتسبقه إلى الحفل عله يجد تتمةً لتلك الليلة الطويلة ..
.................................
وصلا إلى باب القاعة فوجد صديقه أشرف واقفًا بجوار والدة العريس يبحثون بأعينهم في الأنحاء بقلق جليّ

انتفضت السيدة وتسارعت خطواتها إلى الفتاة هاتفة
ـ ليلى !
إيه إللي حصلك؟!
كانت متوجسةً وتلقفت الفتاة بين أحضانها
في وجوم وكأنها استشفت من هيئة الصامتة في أحضانها ما حدث أو ماهو أسوأ.
كان صديقه قد وصل إليهم أيضًا وبعد نظرات ثاقبة متفحصة للوضع سأل
ـ ليلى حصل لها إيه ياحذيفة ؟
سأل هو بغباء


ـ ليلى مين !
والرد تلقائي
ـ أخت نديم
والغباء خيم أكثر
ـ نديم مين !
والإجابة بديهية





ـ نديم العريس في إيه ياحذيفة مالك ؟
وحذيفة قد غرق في ذكرى متطفلة أتت في غير وقتها وانفلت لسانه مندفعًا ببلاهة
ـ دي ليلى إللي كانت بتسرق الكوتشات عشان نروح من المسجد حافيين ؟
وفي ثرثرة استرسالية دخيلة على
الموقف أردف متسائلًا وهو يتفحصها مجددًا
ـ طيب هي إيه إلي حصل لها ؟
تركزت عليه جميع العيون منتظرة منه تكملة ولكن لكزة خفيفه من صديقه أيقظته وأنقذته فتنحنح

ـ أقصد يعني خرجت ليه من الفرح لوحدها ؟
وقناع البراءة دومًا حاضرًا
ـ بس متقلقوش أنا كنت موجود وجيبتها ، الحمد لله هي بخير .
رمقته الأعين بعضها أمومية بحنان وأخرى أنثوية بافتتان
والثالثة ماكرة لم ينطلي عليها ادعاء البراءة
...........................................
بعد ساعتين كانت جالسة في صالة منزلها متعلقة برموشها أخر قطرة من سيل الدموع ، قد شعرت بالقهر والخزي إثر ماحدث ، ذلك السارق لم يجد الوقت الكافي لانتهاكها ولكن مجرد تعرضها للأمر كان قاتلًا بالنسبة إليها .
كانت صديقتها أمل وزوجها أشرف الشاهد على رجوعها مع صديقه وصديق أخيها القديم يشاركانها الجلسة حول الطاولة المستديرة في صالة المنزل ، مدت أمل يديها والتقطت كوب الليمون البارد وأعطتها إياه مربتة على فخذها بخفة
ـ اشربي دة يا ليلى الحمد لله إن حذيفة لحقك في الوقت المناسب .
فهمست ليلى براحة
ـ الحمد لله
حاول أشرف موارة ابتسامته المتسلية فهو خير من يعرف جيدًا حذيفة الذي ألبسوه رداء الشهامة ..
أخذت ليلى الكوب ، ارتشفت رشفة واحدة وأعادته مكانه بعدما استحكمت من حلقها تلك الغصة المريرة ..
احترم المجاورون لها حالتها وآثروا الصمت حتى قطعه دخول والدها الملتاع وخلفه والدتها
ـ عاملة إيه ياحبيبتي دلوقت
نهضت مسرعة وألقت بجسدها في أحضانه فتلقفها بلهفة موجوعة ،
أجهشت في البكاء
ـ شوفت إللي حصل لي يابابا ؟
أخفى امتعاضه منها ومن ثوبها ومن الموقف برمته قائلًا
ـ الحمد لله إن ربنا نجّاكي بس دي آخر مرة هتلبسي فيها كدة
ردت ساخطة
ـ أنتَ كمان يا بابا هتقول فستاني السبب ؟!
زفر حانقًا
ـ مش السبب الرئيسي بس هو من ضمن الأسباب وبعدين خروجك من القاعة لوحدك كان غلط .
كانت ممتعضة من الحديث وما يؤول إليه فغيرت دفته
ـ طمني نديم أخد باله ؟
وهنا تدخلت أمها الصامتة خلف أبيها والتي كانت واجمة طوال الساعتين الماضيتين
ـ معرفش حاجة متخافيش أنا قلت له إنك صدعتي شوية وأشرف وأمل وصلوكي هنا .
تنفست ليلى الصعداء وهمت بتركهم متوجهة إلى غرفتها
ـ طيب الحمد لله .. بعد إذنكم هروح أرتاح شوية.
قالتها ملوحة لهم بينما غادر أشرف وزوجته بعد أن طلب منه السيد مختار والد ليلى عزيمة حذيفة بعد يومين ليشكره بنفسه

........
دلفت ليلى إلى غرفتها وأغلقت الباب خلفها متنهدةً، أغمضت عينيها باطمئنان فقد أصبحت و أخيرًا آمنة بين جدران غرفتها ، شعورها بالأمان استدعى تردد همسته الخشنة قرب أذنها حينما طلب منها أن تذهب معه وعيناه التي بثتها ما جعلها تثق..
اجتذبت من الهواء شهيقًا عميقًا كان مشبعًا بعبق رجولي..
ارتبكت للحظة ؛
وسألت نفسها كيف نسيت أنها مازالت ترتدي سترته ..
خلعتها تقضم شفتيها في خجل وابتسامة ناعمة ناوشت ثغرها ،
هذه أول مرة ترتدي ثياب رجل
كادت تضحك من نفسها لخواطرها المتطرفة .
وضعتها بعناية على فراشها الوثير وذهبت إلى حمامها تخلع عنها ثيابها مستسلمة لحمام بارد ينفض عنها غبار ذلك اليوم وتناقض أحداثه .
.............................
القاعدة الأولي في ثوابت السيد حذيفة عبد العزيز
إذا كنت وغدًا بحق ؛ ببساطة تصرف كوغـد ..




دعوة عشاء غرضها شكر وتمجيد في شهامة ليست موجودةً من الأساس ولكن لا بأس بعض الإطراء لا يضر
حضر في موعده تمامًا ،
الدراسة والعمل طويلًا في الخارج مفيدان أحيانًا..
بعد رنين الجرس المعتاد فتحته هي بابتسامة عفوية ورفرفة أهداب خجول
ألاعيب حواء تنطلي على كل آدم إلا خبير
يعلم الخفايا
هي نفسها لقد عرفها رغم أن مساحيق التجميل كانت في الحفل تخفي حجم أنفها الطبيعي ، يالها من خدع ! والحمرة تبًا لها قد أخفت رقة شفتيها باصطناع
وخصلاتها المسدولة أخفت الوشم اللعين الذي يتوق للطيران .
اختلافات واضحة ولكنه عرف أنها هي !
وكما المرة الأولي أطالت عيناه تجوالها
ملابس المنزل فضفاضة لا تفضح مفاتن أغرته من قبل ، طالت حماقته فهمست هي برقة تلاعبت على أوتار
رجولته بضراوة


ـ أهلاً يا بشمهندس حذيفة بابا مستني حضرتك جوا تساءل عن أبيها وعقله يشرد في ثوبها الفاضح الذي ارتدته في الزفاف، بنظرة ثعلب تفحصها وبنبرة بريئة سألها
ـ هو فين ؟!
شوشها فلم تعد تفهم عمن يسأل، رفرفت أهدابها فيما تساءلت
ـ هو مين ؟
كاد يضحك منها حقًا ويصدق سذاجتها فرد بتأكيد
ـ باباكِ !
عضت شفتيها بخجل وأجابته
ـ هو مستني حضرتك جوا بس كنت عايزة أشكرك عشان أنقذتني من المتحرش يوم فرح نديم هو تقريبًا حس إن حد جاي وهرب بسرعة..
غامت عيناه متشبعة بطيف الذكرى والتوى جانب ثغره بابتسامة تاهت هي فيها قسرًا ، بينما نطق متحسرًا
ـ الحقير ... لو مكانش عملها كنت عملتها أنا !
تشوشت مجددًا فعاجلها بالرد
ـ أقصد لو مكنش هرب الوغد دة كنت خليته يهرب أنا ..
....................................
رحب به السيد مختار الذي قابله بابتسامة أبوية بشوشة ، صافحه وأشار له ليتبعه إلى الداخل حيث صالة استقبال الضيوف ذات الألوان المخملية الدافئة المنزل كان حميمًا بعبق أسري هادئ ، دلف خلفه وجلس على أريكة وثيرة وجلس السيد مختار بجوار، سأله عن أحوال عائلته التي يعرفها جيدًا وهو بطبيعته الاجتماعية ونشأته في كنف عائلة أعطته المساحة المطلوبة ليعبر عن نفسه بأريحية ، أدار حوارًا ناجحًا حول دراسته في الخارج حين سأله والد صديقه عنها
ـ خلصت دراستك زي ما كنت مخطط ؟
أومأ بإيجاب واسترسل يحكي عن درجة الدكتوارة التي حصل عليها بعد عناء طويل قطعت حديثهم السيدة ليلى حين دلفت
ـ حمد لله على سلامتك يادكتور حذيفة .
نهض يحييها بأدب
ـ الله يسلم حضرتك ياطنط .
مازحته السيدة
ـ إزاي بقيت دكتور مهندس وأنت كنت شقي زمان وطول الوقت بتلعب.
قهقه بمزاجية رائقة وأجابها
ـ لما كبرت بقيت أدي كل حاجة حقها .
ضحكت هي وزوجها فأردف هو
ـ آسف معرفتش حضرتك في فرح نديم ، حضرتك بصراحة بقيتي أجمل من زمان بكتير.
ضيقت عيناها سائلة إياه
ـ يعني أنا كنت وحشة زمان ؟
نفي بصدق مجيبًا
ـ لا طبعًا حضرتك كنتِ جميلة وبقيتِ أجمل .
ألجمتها الصدمة من جرأته فصمتت ، هي ظنته سيتلعثم ولكن لسانه انطلق أكثر

ضحك زوجها بشدة فيبدو أن ذلك الفتى الذي عرفوه مراهقًا عندما سكنت عائلته حيهم قد أضحى رجلًا يجيد التلاعب بكلماته فتدخل ممازحًا زوجته
ـ بتتعاكسي أهو يا مدام ليلى وعمالة تقوليلي أنك عجزتي.
نهرته بعينها
ـ دة زي نديم ابني وبيهزر معايا مش بيعاكسني بجد .
ابتسم حذيفة لتلك الألفة التي استشعرها بينهما
استمر الحديث بينهم حتى دلفت الفاتنة
هل يجوز وصفها بالفاتنة في حضرة أبويها ؟ !
المشهد كان مسليًا جدًا بالنسبة له ، حين تدلف فتاة بتلك الجاذبية تحمل أكواب القهوة والحمرة تكسو وجنتيها ذكره بما يعنيه ذلك خلف شاشات السينما كصورة نمطيعة لخطبة على وشك الحدوث ، فليحمد الله أن الواقع مغايراً لذلك .
صمت الجميع حتى جلست واستأنفوا حديثهم مرة أخرى
عيناه لا تغفل تفاصيل وقد لاحظ فضولها نحوه واستراقها النظر إليه على استحياء
وهي كانت غارفة في سيل من توتر وخجل اعتراها حينما استنشقت الهواء مُعبقًا بعطره فاقتحمها ذلك الإحساس الممتع حينما كانت تحتمي بسترته
وفي خضم توترها نسيت ارجاع السترة إليه كما تعمد هو تجاهل ذكرها .
................
الذاكرة
هي ذلك الصندوق الأسود عميق السراديب إذا دفنت في أعماقه إحدى الذكريات قسرًا تربصت كشرارة تحت الرماد إن واتتها الفرصة اشتعلت لتضحى نيرانها متوهجة كالشمس لا تغيب ..
غادر حذيفة بيت جيرانه بعد زيارته اللطيفة لهم ، جيرانه قدعاملوه بودٍ حقيقي أسعده كثيرًا ، هم أناس ظرفاء ولديهم ابنة فاتنة كذلك.
وأثناء عبوره الشارع كان غافلًا عن المنتظر له في مدخل بنايته يحمل طفلته الرقيقة كِندة والذي سأله ممازحًا
ـ إتأخرت ليه ياعريس ، شربت القهوة ولا لسة
ضحك حذيفة بقوة وأجابه بعدما قبل وجنة الصغيرة وبعثر خصلاتها القصيرة فيما زمت هي شفتيها غضبًا
ـ أيوة شربتها ناقص بس آكل الكيك .
قهقه أشرف ولكزه في صدره حتى تأوه متالمًا
ـ مشوفتش في شهامتك ، بس عندي سؤال محيرني ..
أنتَ كنت رايح الشارع الضلمة تعمل إيه وشوفت إلى حصل ل ليلى ؟
أجابه بملامج جادة خالية من أي هزل
ـ عندي قدرة ما ورائية بتخليني أعرف إللي بيحصل في الشوارع الضلمة فعرفت إن في حرامي هيسرقها وروحت أنقذتها
رفع أشرف حاجبيه في تركيز متسائلًا
ـ حرامي !! هو حرامي ولا متحرش ؟
لم تفارقه الجدية التي اعتلت ملامحه منذ قليل
ـ عيب يا أشرف أسيب حد غريب يتحرش بيها وأنا موجود ..
أصابت أشرف عدوى الجدية هو الآخر فيما قال
ـ الحمدلله القدر جمعكم ، خد خطوة بقى .
رمقه حذيفة باستخفاف وحاول تجاوزه ليصعد إلى شقته فأوقفته ذراع صديقه الصلبة
ـ يعني مش هتتجوزها وتكمل شهامتك للآخر ؟
عقد حذيفة حاجبيه في تفكير لثانية ثم أجابه بثقة مشيرًا إلى الصغيرة
ـ لا هتجوز كِندة لما تكبر .
قالها مبتسمًا ابتسامة رائقة للطفلة التي بادلته إياها فتذمر أبوها قائلًا
ـ ويكون حماك عارف كل ماضيك ناصع البياض .
رفع حذيفة كفيه متصنعًا البراءة كعادته
ـ ما أنا هتوب عشانها .
ـ تمام ابتدي التوبة من دلوقت وخدنا المول نشرب قهوة و أشتري شوية حاجات للبيت .
قطب حذيفة سائلًا
ـ طيب فين مراتك لوقت.
أجابه بابتسامة واسعة سمجة
ـ عندها نوبتجية .
اومأ حذيفة متفهمًا
ـ ثواني أجيب عربيتي ولا نروح بعربيتك بس أنا إللي هسوق.
ضيق أشرف عينيه للحظات واجتاح عقله الإدراك حينما لاحظ نظرات حذيفة المهتزة نحو الصغيرة كندة
فبادر حاسمًا الأمر
ـ أوك هات عربيتك وهجيب شنطة كندة بسرعة و أجي
...............
وفي أحد مقاهي المركز التجاري جلسا يحستيان القهوة والصغيرة تلعب في المنطقة المجاورة لألعاب الأطفال ، لم تنفك عينا حذيفة عن متابعتها بقلق ، جسده ظل متحفزًا كلما وقعت اهتز ، لم يكن منتبهًا لحديث صديقه مطلقًا قدر انتباهه لها وفي إحدى مرات سقوطها صرخت وكان من الواضح أن أحد أقدامها قد تأذت فانتفض حذيفة راكضًا إليها والهلع يكسو ملامحه ، حملها وعاد بها إلي أبيها بأعين محمرة وأنفاس متقطعة بينما أشرف لم ينطق بكلمة وأخذ ابنته منه يتفحصها ويتأكد من سلامتها ، باغته حذيفة برمي سلسلة مفاتيحه على الطاولة بحدة وصرخ فيه بصوت متهدج
ـ لو مش قد المسئولية متشيلوهاش ، خدها وروح البيت .
قالها ورحل في عجالة بنيران غضب وألم وأعين لو نظراتها تنطق لصرخت بالأنين
والآخر رمقه بشفقة مدركًا سبب تبدل مزاجية صديقه للنقيض ، حيث أنه مازال سجينًا تلك الذكرى القديمة التي جاهدت عائلته من أجل طمسها على مدار سنين
.........................................


مفتاح فردوس العشق هو سهم نظرة ،
يزرع من التوق بين نبض القلب بذرة
تُروى من غيث الشوق قطرة
فتحيا من تحت تراب الحب نبتة
تزدهربها في أرض الوله مروج وجنة ...
...............................
تلمست يمناها زهورها الجورية بتحنان وهي ترويها بقطرات الماء ، نادتها الكناريا فلبت وأمام قفصها وقفت تمتع عينيها بآيات الجمال ، تلك شرفتها الواسعة أو بالأحرى جنتها الحافلة بالزهور والعصافير .
تحتسي فيها كل صباح قهوتها بين الترانيم والعبير ، كانت ساعتها تدق السادسة اليوم مبكرة عن موعدها ساعة كاملة ، دلفت إلى غرفتها وأغلقت باب الشرفة تبقى لها نصف ساعة وتنفذ ما عزمت والذي كلما تذكرته ارتج خافقها منه وجلًا
استغرقت منهم عشر دقائق في ترتيب الهندام ، كانت بالفعل مُرتدية ثياب العمل
تنورة مزرقشة واسعة تصل للكاحل تناغم فيها الأصفر الصاخب مع الوردي الراقي ، بلوزتها كانت قطنية بيضاء بنصف أكمام وقلب وردي زين الصدر وما تحته ، مشطت خصلاتها البنية الغنية بالكراميل سريعًا فانسدل بنعومة ، خُدع مساحيق التجميل الصباحية أظهرت فتنتها بعد لمسات بسيطة من أناملها السحرية حمرة شفتيها الوردية تناغمت مع أساورها الملونة العريضة وعقدها بذات اللون
واكتمل كل ذلك بحقيبة وحذاء أبيضين !
أليس هكذا ما ترتديه المشرقات الواثقات !
حدثت نفسها بذلك قبل الولوج لصالة منزلها
أغلقت باب غرفتها بهدوء لتفتحه مرة أخرى وزفرة عزم تغادر شفتيها
، ومن ثم عادت مُجددًا تلتقط سترة رجالية تشبثت بها متجنبة ارتجاف قبضتها وخرجت ثانية
رأت أمها تجلس في بهو المنزل تحتسي قهوتها هي الأخرى وتعبث في عدة أوراق تخص عملها كمديرة لإحدى المدراس حيث تعمل ابنتها أيضا
ـ صباح الخير ياماما
أكملت الأم رشفتها وردت ببشاشة
ـ صباح النور ياحبيبتي ... لبستِ هدومك بدري ليه كدة .. استني ربع ساعة ألبس خدي مفتاح العربية وهاتيها قدام العمارة وهنزل بسرعة .
توترت لا تعرف من أين تبدأ فهمست
ـ ياماما ...
قالتها لم تجد ما تكمل به فصمتت مما جعل والدتها تضيق عينيها باهتمام ، تلك الفتاة لا تبدو مرتاحة اليوم .
نهضت وتقدمت إليها خطوتين وسألتها
ـ مالك يا ليلى عايزة تقولي إيه ؟
عضت ليلى شفتيها خجلة مما جعل الأم تتوجس أكثر
ليلى صاحبة أطول لسان في المنزل تخجل من
أمها !
قطع دوامات الحيرة صوت ليلى المتردد
ـ كنت حابة أنزل لوحدي قبل حضرتك
سألتها بتوقع
ـ ليه.. هتقابلي عزة ؟
نفت ليلى بهزة رأس
ـ كنت عايزة أرجع جاكيت حذيفة صاحب نديم ليه النهاردة، البواب بتاع بيته قال لي إنه بينزل في الميعاد دة
عقدت الأم ما بين حاجبيها وعلى صفحة وجهها أظلمت التعابير فيما استفهمت
ـ قصدك أنك وقفتي مع البواب تسأليه على مواعيد صاحب أخوكِ عشان تنزلي في ميعاده وتقابليه الصبح !!
نفت ليلى بضمير متألم
ـ مكنش قصدي كدة بالظبط .. هو لما جه وبابا شكره نسيت أديله الجاكيت وقلت مفيش فرصة نقابله هنا تاني عشان كدة سألت البواب
عقدت أمها ذراعيها أمام صدرها في غضب
ـ ومقولتيش ليه أنزل معاكِ بدري ؟
همست ليلى معتذرة
ـ أنا آسفة ..بس اتصرفت بحسن نية .
زفرت والدتها بيأس
ـ حسن نيتك مش دايمًا بتكون في محلها يا بنتي.
نطقت آخر كلمة برجاء أن تفهم صاحبة التصرفات الهوجاء
اقتربت ليلى من أمها تتلمس عضدها في ندم
ـ خلاص هعمل إلي حضرتك تطلبيه .
ربتت على كتف ابنتها بحنان ورقة فيما نظرت في لب عينيها
ـ أنا واثقة فيكِ وعايزاكِ تفهمي إن مش كل الناس عفوية زيك بس حذيفة إحنا عارفينه ودخل بيتنا وعشان أنا عارفة بنتي كويس هسمح لك تنزلي وتديله جاكيته وخدي تاكسي عشان هرتاح شوية قبل نزولي للمدرسة
أشرقت ملامح ليلى الناعمة وابتسمت لأمها برقة مُقبلة وجنتها
ـ تمام ياماما سلام عشان متأخرش .
قالتها واندفعت إلى الخارج تسوقها الحماسة والفضول إليه
حينما أغلقت ليلى الباب توجه المراقب لكل ما حدث من وقفته في الردهة إلى زوجته
جلس ملتقطًا كوب قهوتها يرتشفها باردة
كانت عينا زوجته ساهمة في أثر ابنتها فسألها بخشونة
ـ لما أنت قلقانة سبتيها تروح تديله الجاكيت ليه ؟
أعطته كامل تركيزها وهتفت مغتاظة
ـ و لما حضرتك سمعت كل حاجة سيبتها تنزل ليه برده ؟
أجاب ساخرًا
ـ عشان واثق زيك .
تاهت نظراتها
ـ بس أنا خايفة !
دعم رسغها
ـ سبيها تجرب
أجابته بحدة
ـ من إمتى بقيت لارج كدة
تراقصت حاجباه وقهقه مردفًا
ـ طول عمري لارج يا مدام ليلى !
تأففت من بروده
ـ أنا عارفة بنتنا زي ما أنتَ عارفها بس خايفة عليها .. ليلى عفوية رغم نضوجها بس أحيانا بتحكم بفلتر وهى شايفة الصورة جميلة .. وفضولها عاميها بالإضافة إن ابن أنوار مش سهل !!
شفت نظرات عنيه لما كان هنا وهو ماشي ..
وهزت رأسها يمنيًا ويسارًا كأنها تفكر بصوت مرتفع
ـ هو كويس ولو جاد أنا أول واحدة هدفعها دفع ناحيته بس أنا مش ضامنة ولا عارفة هو شايفها إزاي
زم الأب شفتيه وأجاب بغيرة واضحة
ـ هيشوفها إزاي .. بنتي ملكة في بيتها هنا وزي القمر ويارب ما يشوفهاش خالص ولا أي راجل يشوفها عشان تفضل في حضني .
ضيقت عينيها بخبث
ـ أنت راجل متناقض في إيه مش عايز حد يشوفها وفي إيه سيبتها تنزل للغول إلي ساكن في شارعنا .
زفر بقنوط يحك جبهته بتعب
ـ عشان دي سنة الحياة يا ليلى .. بتمنى تلاقي إلي يصونها ويقدرها وتكون سعيدة و حبي ليها بيدفعني أسيبها تجرب رغم خوفي
ربتت على وجنته الخشنة برقة وعيناها متخمتان بعاطفة صادقة تخص بهاعائلتها فحسب
ـ ربنا يطمنا عليها ويحفظها هي وأخوها .
أمن على قولها مغمضًا عينيه متوسلًا استجابة ..
.................................................. .........................


في مدخل وادي الحلم لا تخلع نعول التعقل فربما كانت صمام أمانًا تجنبك الانزلاق في أرضه الرطبة ..
هبطت ليلى درج البناية في دقائق معدودة تلهث من فرط التوتر والترقب ، وقفت قبالة باب الخروج فوق آخر الدرجات تحاول ترتيب جملة واحدة تشكره بها وتفر من محيطه فورًا ، لقد قابلته مرتين ولكنها كلما أعادت في رأسها تفاصيلهما شعرت لا إراديًا بأمان يتسرب إليها خلسة فيغمرها لتتسربل إليها السكينة
كلا هي ليست حمقاء لتتعلق بشخص من مجرد لقاءات قليلة ولكن فضولها وراحتها الداخيلة تدفعانها دفعًا تجاهه وأيضًا ليست مطمئنة تمامًا له ، فيه ما يربكها ويرميها وحيدة بين أروقة التيه ..
استجمعت همتها ، وشدت ظهرها باستقامة ومن ثم خرجت من الباب باعتدال وروية حيها هادئ غير مزدحم بالسيارات المارة ، فقط سيارات السكان مصفوفة بترتيب لاتحيد عنه
الشارع واسع والاشجار على جوانبه وارفة تظلل نصفه وتحمل أفواجًا من العصافير التي لا تنفك عن لحنها الصباحي
لفحات من نسمات صيفية صباحية ناعمة تهدهد وجنتيها وتنثر خصلاتها الناعمة فتغطي عينيها تارة وتعود مستقرة فوق كتفيها أخرى
وصلت وجهتها في الجهة المقابلة لبنايتها وعلى بعد بنايتين يسارًا وقفت أمام بنايته هو .
مباني ذلك الحي راقية بطراز أصيل ولا تفتقر للحداثة أيضًا
كان قبالتها مباشرة يقف الحارس المُتسلي النظرات ولما لا فهي بكل جرأة سألته عن الشاب الأعزب الساكن وحيدًا في الاعلى !
هو للحق صديق أخيها وابن أصداقاء قدامى للعائلة ولكن ما تفعله لايصح ، استشعرت الحرج من نظراته وسألته بهدوء خافت
ـ هو البشمهندس نزل ولا لسة أنا جيت في الميعاد زي ما قلت لي
أنهت حديثها معتصرة السترة بين يديها من فرط الضيق و الخجل
حسنًا هي في موقف لاتحسد عليه
أجاب الرجل مشيرًا إلى سيارة بيضاء ضخمة تمر من خلفها بهدوء
ـ أهو يا آنسة ليلى جاب عربيته من الركنة في أول الشارع وحظك كويس لحقتيه .
قالها مشيرًا بيمناه خلفها
ولما أحست بالسيارة تتوقف خلفها استدارت لا تعلم سر تلك الرهبة في تلك اللحظة
متوجسة مما لا تعلم ، أخيرًا شعرت كم هي هوجاء متهورة
لمَ أقدمت على تلك الخطوة ؟
كان من السهل إيصال سترته بأي طريقة كانت !
لا بأس فلتنهي الأمر وتوبخ نفسها كثيرًا فيما بعد ..
لا ينكر هو أنه تفاجأ بها تقف مع حارس منزله ،خلع نظارته ووضعها جانبًا
ترجل من السيارة مغلقًا بابها وتوجه نحوها بخطوات هادئة كلا ليست خطواته ما أربكتها بل هي نظراته ما فعلت !
نظراته الجريئة لا ترحم ، ليست جائعة مقززة ولكنها متفحصة مدققة أو هكذا تراها ..


طلتها رغم غرابتها كانت منعشة مُبالغ فيها بعض الشئ ولكن برونزية بشرتها في وهج شمس الصباح يشفع
نظراتها التائهة كانت تحتاج مرسى فهيأ هولها شاطئًا من استقرارعينيه في عينيها
ـ صباح الخير يا آنسة ليلى
كانت قد نسيت أنها لابد أن ترمي سلامًا فبادر هو بمد يده
أعطته أطراف أصابعها في شبه ملامسة وأسبدلت أهدابها وبعد ذلك أعادت يديها إلى جانبها ثانية
همست برقة تحالفت مع الصيف لتنشر لهيبًا
ـ صباح النور يا بشمهندس حذيفة
وقبل أن يمد جسرًا للتواصل باغتته برفع سترته في وجهه
ـ أممم حضرتك نسيت الجاكيت معايا ... آسفة إني أخرته كل دة .
ابتسم بتهذيب وأومأ ببساطة
ـ ولا يهمك أكيد محدش عندكم استعملها طبعا .
رفرفرت أهدابها بلا فهم فيما أضافت
ـ أيوة طبعًا محدش عندنا بيلبس مقاسك
بدت كغبية وأعجبه ذلك فاتسعت ابتسامته
أشار لسيارته
تعالي أوصلك في طريقي أنت رايحة فين بدري قوي كدة
ارتدت للخلف خطوة فجائية متوترة وتشبثت بحقيبتها في لمحة دفاعية لم تخطأ تأويلها عيناه
ـ لا شكرًا جدًا لحضرتك أنا هاخد تاكسي والمدرسة قريبة .
قطب لا يفهم عن أي مدرسة تتحدث فترجمت شفتاه التساؤل
ـ مدرسة إيه ؟
أجابت برقة
ـ مدرسة ...... أنا مُدرسة هناك
هز رأسه في إدراك
ـ طيب دي قريبة فعلًا وفي طريقي متقلقيش القعدة معايا آمنة جدًا.
أنهى جملته مقهقهًا ، وكان ماكرًا لاينكر فابتسم الحارس المراقب لهما منذ بداية الأمر
وهي لم يرن في أذنيها سوى كلمة واحدة
الأمان !
أمانها في تلك اللحظة جعلتها تفعل ما كانت تنفر منه قبل دقيقة
أجل مجاورته في السيارة !
ضيق حذيفة عينيه محاولًا استشفاف ماهية ما غيرها في لحظة هكذا
أجل تساؤلاته لوقت آخر مستغلًا الفرصة في تصرف سريع يمنعها التراجع
فتح باب سيارته لها فجلست وشكرته بهمس خافت
جاورها جالسًا في مقعد السائق وتولى القيادة
انتشر عبيرها في السيارة فاستنشق الهواء المعطر بها هانئًا
استرق نظرات خفية إليها متفحصًا كل مافيها عندما جلست انحسر القلب على بلوزتها القطنية مبرزًا مفاتن أنثوية أيقظت حواسه
كان صوت زفيرها مسموعًا جعله يدرك كم هي متأثرة بوجوده أيضًا
عِلته خياله الجامح وإدمانه للتفاصيل وخاصة إن كانت تفاصيلًا أنثوية مفرطة الفتنة هكذا !
حاول سحبها للحديث بأي طريقة فهداه تفكيره إلى الأسوأ
ـ في شعراية واقعة على كتفك الشمال .
لعن نفسه لغباءه اللامحدود
عقدت هي حاجبيها في اندهاش وقالت
ـ نعم !
تنحنح في ضيق من نفسه ؛ تسرعه وضعه في خانة دفاع لا يستسيغها فحاول تلطيف الأمر مفسرًا
ـ الشميز لونه أبيض والشعراية باينة جدا .
وارت خجلها من تسليط عيناه عليها وأومأت دون رد ،
أدار دفة الحديث بنبرة حيادية
ـ بتشتغلي مُدرسة إيه بقى ؟
أجابته بخفوت
ـ Art مدرسة
شملها بنظرة تقييمية جامحة أربكتها
ـ وكل مُدرسات ال
Art
بيلبسو ستايل شم النسيم كدة !
اتسعت عيناها صدمةً وردت بحدة
ـ تقصد إن لبسي أوفر ؟!
لانت عيناه تُسطران أولى قصائد الغزل وابتسم قائلًا
ـ أقصد إنك جميلة ومبهجة
انفرجت شفتاها في تأثر مفضوح وصدرها يعلو ويهبط في ثورة ستلعن نفسها عليها فيما بعد ،
توقفت السيارة أمام مقر عملها وأسبل أهدابه بثقة
ـ وصلنا يا ميس ليلى .
كانت مترنحة فوق حافة بئر عمقه لا نهائي أخرجها همسه من حالة الضياع تلك
بآلية فتحت باب السيارة وبديناميكية هبطت
وكانت مُخطئة جل الخطأ حين رفعت عينيها بعفوية إليه
ففي تلك اللحظة أطلق سهم نظرة زرعت في خافقها بذرة وكان لا يعلم أن أرضها خصبة معطاءة بجودها لا تبخل ..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-01-20, 03:09 PM   #4

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

تسلمي يارب
نزلته النهاردة كنت تايهة شوية أول مرة بنشر في المنتدى


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-01-20, 05:58 PM   #5

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي

اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...

للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html


واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا73, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء


قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

رد مع اقتباس
قديم 27-01-20, 09:19 PM   #6

ع عبد الجبار

? العضوٌ??? » 460460
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 260
?  نُقآطِيْ » ع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... روايه رائعة جدا و بداية موفقه جدا الف مبروك.... دمتي بخير بانتظارك لا تطيلي الغياب دمت بود 🌼

ع عبد الجبار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-20, 01:34 AM   #7

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الثاني

أما عن قلب أنثى لم يزرها طيف الحب قبلًا فهو كقلعة دروعها واهية لن تصمد حصونها طويلًا أمام سهم عابر من رامٍ ذو مهارة
فيصيب عمق القلب بتلك الوخزة المسكرة ، يزدان عالمها ببريق من قوس قزح ، غير مدركة أنها بذلك تكون قد سكنت فقاعة هواء تعلو بها رويدًا رويدًا نحو السماء، وكلما ارتفعت زادت احتمالية تلاشيها وإن تلاشت كانت هي بكل ما فيها وحيدة عزلاء بلا أسلحة ضد جاذبية الأرض الصلبة وإن لم يمد لها صاحب السهم يده سقطت ..
.................................................. .
إذا أردتِ الاستمرار منتشيةً بإكسير النظرة الأولى لا تُفصحي عن مكنوناتك العاطفية إلى أنثى كانت في حياتها السابقة ذكرًا..
راقبت ليلى رحيل جارها الجذاب بأعين سارحة وعقل شارد فيما حدث ، قد يبدو أمرًا طبيعيًا ولكن ذلك الإحساس الذي غمرها كان فريدًا منح قلبها موجة من السعادة
استدارت للخلف حيث بوابة مدرستها العريقة ، كل ما طالته عيناها كان مضافًا إليه رونقًا زاده بهاءً ، النقوش الفرعونية على الحائط الخارجي التى ما جذبت نظرها قبلًا تفحصتها متعجبة كيف لم تلحظ جمالها الآخاذ !
دلفت إلى الداخل ملوحة للحارس ببسمة رائقة جعلت الرجل يرفع حاجبيه دهشةً ، تلك الفتاة لم تعيره اهتمامًا من قبل ..
أخذتها خطواتها إلى الرواق الرئيسي للمدرسة على يمينها كان المبنى الإداري وفي الجهة الأخرى كانت الملاعب الشاسعة وعلى الجوانب كانت الزهور محتلة جزءً لام بأس به ، كانت مبكرة كثيرًا ذلك اليوم وقد وصل عدد قليل جدًا من الطلبة وزملائها
التقطت هاتفها من حقيبتها البيضاء لتحادث صديقتها المقربة عزة علها تصل مبكرة وبالفعل لم يمضِ عشر دقائق إلا وقد وصلت إليها ، من نظرة واحدة إلى حالة ليلى غير الاعتيادية استشعرت عزة غرابتها
ليلى فتاة مرحة ولكنها اليوم تبدو محاطة بهالة صافية كمن حصلت على هدية استثنائية أو من وقع من السماء في كفها نجمة !
أمالت عزة رأسها قليلًا مضيقة عينيها تزم شفتيها فى تفكير عميق لم يطل كثيرًا حينما نهضت ليلى تحييها بمودة
وعزة لا ترواغ هي تطرق المعدن ساخنًا
ـ ليلى عينيكِ بتلمع ليه ؟
لن تنكر عِظم صدمتها بما قالته عزة هل مشاعرها وليدة اللحظة مفضوخة لهذه الدرجة ؟!
كان توترها بالغًا ذروته فيما عجزت عن الرد ، ماذا تقول ولم يحدث شيئًا مطلقًا ولكنها أغمضت عينيها يأسًا من الهروب من قبضة صديقتها ، وكل ما أحست به ليلى واحتارت فيه لم يخفَ على عين المراقبة التي باغتت بيقين
ـ الحكاية فيها شاب !
التقطت ليلى أنفاسها وزفرتها بغضب
ـ مش معقول ياعزة الحصار دة .
قالتها واستدارت للخلف هاربةً
وعزة لم تتركها تغير مسار الحوار هكذا بل جذبتها من ذراعها ببعض العنف مدققة في عينيها بشراسة
ـ أنتِ فاكرة الموضوع هيعدي كدة ؟ ، انطقي واحكي لي إيه إللي حصل وجاية بدري ليه من غير ميس ليلى ؟ وإيه إلي أنا شايفاه في عينيكِ دة !
تنهدت ليلى بيأس ؛ من الواضح أنه لامفر اليوم لن يمر حتى تعرف عزة كل شيء
وبالفعل استجابت وحكت لها كل ما حدث
والأخرى سمعت وتغيرت تعابير وجهها من غضب إلى حنق وحتى ازدراء ولم تستطع السيطرة أكثر فهتفت
ـ أيوة يعني إيه الحدث الفظيع إللي شقلب حالك كدة ؟ الراجل وصلك وقالك أنتِ جميلة ومبهجة كنوع من المجاملة أو التغطية على سخافته بتاعة شم النسيم ولما نزلتي بصلك في عيونك .
بغض النظر على إنه شخص سخيف وسمج وقتم بس محسيتش أنه عمل حاجة مفيدة تغير حالك كدة .
عقدت ليلى حاجبيها وتهدل كتفاها في قنوط هاتفة بضياع أمل
ـ يعني كل دة ملوش معنى !
زاد غضب عزة وارتفع صوتها الحانق
ـ فين كل دة إللي حصل طبيعي جدًا بس أنتِ إللي أوفر .
عقدت ليلى ذراعيها أمام صدرها وأدارت عينيها في الأفق بحثًا عن دليل إدانة يكبله ومن ثم هتفت وكأنها وجدت ما ينقذ الموقف
ـ على فكرة يوم فرح نديم أنقذني من المتحرش .
رفعت عزة حاجبًا مغتاظًا ولوت شفتيها بلا مبالاة
ـ لو أنا كنت موجودة كنت أنقذتك برده مفيش حاجة غريبة حصلت كمان .
وهنا أيقنت ليلى أنه لافائدة مما تحكي عنه ف عزة لا تعترف إلا بالخطوط المستقيمة على أية حال
وما أراحها هو تغيير صديقتها لدفة الحديث حول المدرسة وطلابها ومشاكلهم اليومية المعتادة


.................................................. ..........
كان النهار قد انتصف وبهجة عينيها الصباحية قد حل محلها خواءٌ ؛ عزة هدمت لها قصور الرمال وبعثرها النسيم أدراج الرياح
في طريق العودة إلى البيت سألتها أمها مستدعية كل ما استطاعت من اللامبالاة وهي تحرك مقود السيارة عن لقاءها الصباحي مع حذيفة وردت ليلى ردودًا مقتضبة لم توحي بأي شيء له قيمة ولم تنس الاعتذار عن مرافقته في السيارة مؤكدة على أنها لن تكررها ثانية ، استشعرت الأم تجهم ابنتها الملحوظ ولكنها أخفت هواجسها لتفضي بها إلى زوجها ليلًا ..
وصلتا إلى المنزل وذهبت ليلى إلى غرفتها بخطوات بطيئة خاملة كخطوات أسرى الحروب
اندهشت الأم أكثر عندما رفضت مشاركتهم طعام الغذاء متعللة بألم طفيف في الرأس وقالت بنبرة محايدة
ـ هاخد مسكن وأنام .
تركتها أمها كما العادة تنعم بمساحتها الشخصية الخاصة فتختلي بنفسها قليلًا وتجاهلت الأمر متعمدة
وفي المساء استيقظت ؛ ظلت خاملة في فراشها لساعتين وملت
حقاً ملت ذلك الركود ، أدارت حديث عزة في رأسها ألاف المرات ونظراته هو مليوني مرة وما زادها ذلك إلا حيرة
نهضت وأخذت حماما باردًا علّ الماء يزيح تناضح الخيالات من رأسها
ارتدت ثيابها المنزلية ، سروالًا أسودًا ناعمًا وقميصًا قطنيًا أحمر اللون بنقوش مجنونة وكأنه لُطخ بفرشاة عابث
لم تهتم بتمشيط شعرها فانثنت أطرافه وأكسبتها طلة بوهيمية تريحها نوعًا ما
أحضرت من المطبخ خمس قطع من المعجنات الساخنة الشهية مستفيدة من عادة أمها المسائية في صنع المعجنات أرفقتها بكوب من الشاي الحلو ... اليوم ليس للنظام الغذائي والخضروات عل تغيير الروتين يغير مزاجيتها
أخذت طعامها إلى الشرفة واحتلت كرسيها الهزاز وشرعت في تناول طعامها متجنبة النظر إلى شرفة مظلمة مقابلة لشرفتها على بعد بنايتين من اليسار !
.................................................. ..........خاصمت الشمس يومه نحو مخدعها وتركت فقط نسائم المساء ، وهو قد أُنهك كثيرًا في يومه ذاك
كاد يسب في سره الثلاثة إخوة فهم يجيدون حقًا استغلاله جيدًا مستفيدين أقصى استفادة من دراسته الطويلة في الخارج
حسنًا هو أيضًا يستفيد من عمله الميداني وينمي خبرته في هكذا صرح اقتصادي كبير ..
جمع متعلقاته سريعًا قبل أن يفقد أعصابه فهو قد حُرم من لفافة تبغه الأثيرة لثلاث ساعات كاملة في حضرة رئيسه الماكر ومن فرط غضبه رفض مشاركتهم اجتماع المدراء وفضل الإسراع إلى خلوته في الحي الهادئ الذي يسكنه وحيدًا بعيدًا عن مسكن العائلة . وعلى ذكر رئيسه الماكر هو ليس رئيسًا له فحسب لكنه رجلٌ يفهمة دون أن يحتاج إلى شرح ، من الجيد أن يكون أحد أعمامك قد تاه بين أروقة العبث من قبل
جلس حذيفة مستندًا بظهره إلى مقعده الذي أداره نصف دائرة حتى ارتكزت عيناه إلى عرش السحب وسط زرقة السماء في شرود متذكرًا حديثه معه في الظهيرة عندما دخل عمه محمد بهيبته الممزوجة بعبثه المعتاد متصنعًا الانشغال بالملفات حينما قال بحنكة
ـ العيلة فاكرينك فضّلت تعيش في الشقة القديمة لوحدك عشان بتجيب بنات
اتسعت عينا حذيفة والتوت شفتيه دهشتة
ـ بنات ؟!
ضيق محمد عينيه في مكر متأصلًا في تكوينه وسأل متعجبًا
ـ مبتجيبش بنات ؟ .. طيب بتجيب إيه ؟
قهقه حذيفة فاقدًا الأمل منهم جميعًا حتى المتفهم فقال بقنوط وإيماءات رأسه تؤكد
ـ بجيب بنات ياعمو ..
ارتسمت على مُحيا محمد ابتسامة متسلية ورمادية عيناه سكنها البريق المتحمس فيما بدى عليه التودد المطصنع
ـ طيب مش تكلم عمك المسكين يجي ويبقي مِحرم.
ضيق الآخر عينه في ثعلبية متشككًا
ـ عمي مسكين برده!
ـ ضحك محمد بانطلاق وأحنى رأسه قليلًا ليركز بصره في عيني حذيفة الجالس على مكتبه وكأنه يلقنه مخطوطات العبث ومن ثم أجابه
ـ يعني ساعات .. لما مرات عمك بتنشغل عني شوية ببقى مسكين وبخونها.
غطى حذيفة عينيه بكفه في يأس
هذا السِجال لن ينتهي بين الاثنين مطلقًا ؛ كلاهما عابث وكلاهما عجمي واللعبة ذات الأقطاب المتوازية تدوم أبد الدهر ؛ فليصمت أفضل..
وعلى الجانب الآخر أيضًا كان عمه قد اكتفى فجلس قبالته يحدثه بجدية
ـ هترجع البيت إمتى يا حذيفة ؟
زفر حذيفة بعدم راحة بينما تتجعد ملامح وجهه
ـ مش عايزة أرجع دلوقت.
فصدّق العم على كلامه بهزة رأس وكلمتين
ـ يبقي مترجعش دلوقت.
حذيفة ربيبه وأكثر من يشبهه ، لن يجدي معه إلحاحًا فاختصر هو متاهات الحديث التي لن توصلهم إلى نتيجة غير التي يبغيها ابن أخيه.
استند حذيفة بمرفقيه على المكتب مشبكًا يديه وأراح ذقنه عليهما مركزًا لما يقوله محمد
الذي أردف بروية
ـ أنا عارف إنك استقليت بحياتك لوحدك واتعودت على كدة زي ما أنت عارف إنهم بعتوني أكلمك وكأنك يعني هتسمع لحد .
قالها واستند بجذعه إلى ظهر مقعده وعيناه الذكيتان تؤكدان ماقال
تنهد حذيفة وأغمض عينيه مرتدًا برأسه يسندها إلى مقعده هو الآخر وشق جدار الصمت قائلًا
ـ مش عايزهم يزعلوا مني وكمان مش عايز أفضل الولد إللي محتاج رعايتهم .
نفى عمه وهويعتدل بجلسته ملوحًا بيده في الهواء ومؤكدًا بصرامة
ـ معتقدش هما شايفينك كدة بدليل إن محدش فيهم فرض عليك رأيه ، هما بس محتاجينك معاهم .
حك حذيفة جبهته في تعب
ـ أنا مش بعيد .. هفضل موجود هنا بس مع شوية حرية وخصوصية
تفهم العم ودعمه مؤكدًا
ـ تمام زي ما قلت لك ترجع هقول ليهم إنك محتاج الاستقلالية دي
وغمزة عابثة كانت كلمة النهاية لفصل الجدية
ـ وهات بنات كتير بقى واعزمني أخون مرات عمك معاهم...
...................
غادرحذيفة مكتبه الأنيق إلى الردهة المؤدية إلى الخارج وفي طريقه ألقى نظرة على قاعة الاجتماعات ذات الحائط الزجاجي ، رمق الجمع في تسلية فكل منهم لا يطيق لهذا الوقت تأخيرًا لابد أن أحدهم قداشتاق لمغازلة الشقراء والآخر سلبته لبه رزانة الغيداء وأكبرهم ربما يتوق إلى أحضان الحسناء وآه من تلك الحسناء كم اشتاقها هو الآخر ..
غاص في أفكاره متطرفًا بها؛ لابد أن أبناء هذه العائلة قد استنزفوا نصيب العائلة من العشق حتى لم يتبقَ شيئًا للأحفاد..
فكل منهم مازال هائما في واديه تأسره ليلاه
ليلاه !
هل قال ليلاه ؟
ولكن أين ليلاه هو
داعب مخيلته سنابل قمح ناعمة كحرير يترنح في وضح النهار فتضفي بريقًا على وجنتين تلفحهما أطياف الشمس ، وعينان اشتعلتا بوهج أضرم في خلاياه النيران
وهو رجل إذا غزاه طيفًا يغازله في الواقع حتى لايزوره في عالم الأحلام ..
اندهش من جموح خياله لماذا يقرن اسمها بملكية نفض من رأسه تلك الأفكار فحتى إن صارت يومًا ليلاه وهذا مُحال
فإنه لن يكون أبدًا ذلك القيس
................
في طريق عودته إلى المنزل ابتاع بعض الأغراض الخاصة بالمطبخ من أحد المتاجر الكبيرة ، المعيشة طويلًا في الخارج قد أكسبته بعض مهارات الاعتماد على نفسه
وصل إلى الحي الهادئ وصف سيارته البيضاء في مكانها المخصص تاركًا الأكياس فيها حسنًا هو لا يعتمد على نفسه كليًا ، ذهب إلى بنايته متمهلًا
رفع عينيه إلى شرفة بعينها فوجدها مُضاءة تتدلى منها أفرع النباتات المرصعة بالأزهار
وصل إلى باب البناية وألقى بسلسلة مفاتيحه إلى الحارس بعد أن حرر منها مفتاح الشقة قائلًا بنبرة متسلية
ـ هات الحاجات إللي في العربية وطلعهالي فوق لو سمحت .
أخفى بسمته عندما تحمس الرجل غير منتبهًا أنه سيستفيد من الأمر ويستجوب ذلك المتخابث ...
صعد حذيفة إلى شقته الفاخرة في الطابق الثاني وترك بابها مواربًا ثم دلف للداخل ، الشقة أنيقة ذات مساحة شاسعة صالة الاستقبال فيها ضخمة ومقسمة إلى أربعة أجزاء جلسة عصرية بها صوفة وثيرة وعدة مقاعد متناسقة الألوان
وجزء كلاسيكي فخم لا تطأ قدمه جهته ولا يحب وجوده من الأساس ومائدة كبيرة تتسع لعائلة كاملة
وركن خاص به هو مملكته في أبلغ تعبير، جلسة أرضية من أرائك مريحة مصفوفة بموازاة الحوائط وسجادة وثيرة بالإضافة إلى طاولة قصيرة مُربعة في أحد الجوانب ، ذلك هو مكانه المفضل في المنزل حيث يجلس وربما ينام بحرية وفي بعض الأحيان يشاركه جلسته بعض أصدقائه القدامى من ساكني ذلك الحي ، تطول رفقتهم أحيانًا حتى الصباح بين أحاديث جادة أو هزلية وتبغهم يكون رفيقهم المستديم
دخل إلى الحمام المرفق لغرفته وتحت المرش البارد نفض عنه غبار اليوم وحره ، وبعد عدة دقائق كان يخرج تتقاطر قطرات المياه من أطراف خصلاته ، جففها جيدًا وذهب إلى مطبخه أمريكي الطراز كان الحارس الدؤوب يهم بترتيب المشتروات في الثلاجة
سحب حذيفة كرسيًا والتقط أحد الأكياس وأخرج منه وجبتين ساخنتين وشرع في تناول إحداها ..
في هذه الأثناء كان الحارس قد انتهى من عمله فمد يده له بالوجبة الأخرى
ـ اتفضل يا أبو رحمة اتعشى معايا .
أبدى الآخر امتنانه
ـ العفو يا بيه
ابتسم حذيفة بمودة
ـ خلاص لو مش عايز تاكل دلوقت خدها وأنتَ نازل
شكره بهدوء وهم بالرحيل فأوقفه حذيفة في بداية ثرثرة يعشقها الرجل
ـ قولي بقى الآنسة ليلى أخت نديم صاحبي عرفت ميعاد نزولي إزاي ؟
تعمد ذكر صداقته بأخيها حتى لايُسيء الرجل فهم الفتاة التي تيقن من سذاجتها في الصباح ،
تحمس الحارس كثيرًا وقرب رأسه قائلًا بمكر
ـ إمبارح عدت عليا وحضرتك في الشغل وسألتني على ميعاد نزولك وأنا جاوبتها ، إوعى تكون اتضايقت مني يا بشمهندس .
نفى حذيفة برأسه وسأله
ـ طيب ومقلتليش ليه ؟
أجابه الرجل ببراءة مصطنعة
ـ مكنتش أعرف إن الموضوع يهمك والله بس لو حضرتك مهتم هقولك على أي حاجة بعد كدة .
سارع حذيفة في كسر جسور القيل والقال
ـ لا ياسيدي متقولش ولا تعيد هي كانت جايبة الجاكيت بتاعي نسيته معاهم في فرح أخوها والموضوع انتهى خلاص .
بعد رحيل الحارس وإنهاء طعامه خرج للصالة ومنها إلى الشرفة عله يستنشق دفقات من هواء المساء العليل
أضاء أنوارها فاسترق انتباه الجالسة في شرفتها في الجهة المقابلة فلم يخفى عليه اضطرابها اللحظي ،رفع يده إليها في تحية خاطفة فارتبكت ومرت عدة ثوانٍ كاد يجزم أن دهشتها لرؤيته المفاجأة خلقت في رأسها عشرات التساؤلات ولم ترد فيها التحية وما صدمه هو هروبها السريع للداخل بعد ذلك
تنهد بعمق وأعطى الشارع ظهره عاقدًا ذراعيه أمام صدره مغمضًا عينيه وتاه كيانه في ذكرى قريبة عندما لامست يده أناملها الرقيقة لأول مرة في عرس أخيها حينما تآمرت عليه الطبيعة فاهتزت الأرض تشكو زلازل وانفجرات براكين
اشتعلت في وهلة لتخمد بعدها ويعم كيانه سكون وهوليس بغر لئلا يدرك أن لمستها من شأنها أن تضرم فيه النيران وتطفؤها في لحظة


انتفض فاتحًا عينيه على أقصى اتساع
خرج مسرعًا من المنزل ملتقطا سلسلة مفاتيحه وانطلق بسيارته إلى أكثر الأماكن أمانًا في العالم
أحرق من تبغه في ربع الساعة خمس لفافات
وصل أحد الأحياء الراقية وصف سياته في عجالة ثم اندفع لداخل أحد الأبنية الضخمة لم يهتم بتحية الحارس ولا الخادمة المندهشة لمجيئه المفاجئ وقطع الردهة الطويلة وصولًا إلى الصالة الداخلية حيث كانت تجلس فاتنة بخصلات فاحمة طويلة وجمال آسر للعيون ، هى أيقونة يتجسد فيها جمال الشرق غير منقوصًا ، تلك المرأة هي دومًا مرساه
لم يمهلها أي ردة فعل وسألها مباشرة
ـ جوزك هنا ؟
نفت ببسمة عين وثغر وقلب مبتهج ؛ فاندفع هو نحوها يقبل رأسها
ـ طيب احضنيني واحتويني بسرعة قبل ما يوصل .
وهي كانت في انتظاره طويلًا وما إن طلب حتى غمرته لعلها تخمد بعضًا من جذوة الاشتياق ..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-20, 06:35 PM   #8

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الثالث

الفصل الثالث
الفارق بين ما يفرضه هو وما تحلم به هي شتان
كصحاري ووديان
صحاريه شاسعة يتربع في سمائها ملكًا جوار القمر لا يطاله بنيان
وواديها ذي زرع تتدلى بين أروقته أغصان وأفنان
..............................
ـ جوزك هنا ؟
نفت بعينيها باسمة فأقبل عليها يقبل رأسها
ـ طيب احضنيني واحتويني بسرعة قبل ما يوصل .
وهي كانت في انتظاره طويلًا وما إن طلب قربها حتى غمرته لعلها تخمد بعضًا من جذوة الاشتياق..
سحبت كفه وسارت به ببطء وهو تبعها حتى وصلا إلى أريكتها الأثيرة حيث كانت تقرأ إحدى رواياتها المفضلة كعادتها في هذا الوقت ولاسيما إن تأخر زوجها في العمل كما اليوم ، نحّت روايتها جانبًا وجاورته
أخذت تتشرب ملامحه في لهفة تسعده كثيرًا ؛ من الرائع أن يستحوذ على قلب امرأة كتلك ويحتل جزءً في كيانها لم يمسسه بشر قبله ،
انحنى يقبل جبينها بتقديس قائلًا بشقاوة
ـ وحشتيني يا قمر قوي .
ابتسمت ابتسامتها الرائقة لثوانٍ ومن ثم احتل وجهها السخط فلكزته في كتفه بعنف حتى تأوه ضاحكًا
ـ بذمتك عندك دم !... دة أنا كنت بسيب الدنيا كلها وأجيلك وأنتَ في ألمانيا عشان بس أشوفك وأنت مستخسر فيا شوية وقت تقضيهم معايا لما جيت مصر ، مش فاهمة سايبني وعايش لوحدك ليه ..
جعد أنفه وسألها متوقعًا الإجابة
ـ ممكن أدخن ؟
نفت بحدة قاسيةم
ـ لاء
قال ببديهية ملوحًا بكلا كفيه
ـ شفتي ؟ !
أنتِ لو سيباني بحريتي كنت جيت عشت معاكم ، لكن أنا راجل أهو وبتقوليلي أعمل كذا ومتعملش كذا .
زفرت بحنق هي لا تريد الوصول معه لهذا الجدال مجددًا فلانت ملامحه هو قليلًا عندما لاحظ ارتباك قسماتها وقال بهدوء
ـ أنا اتعودت أعيش بحريتي يا حبيبتي وحريتي دي هتضايقكم وخصوصًا جوزك إللي مش عاجبه أي حاجة بعملها ..
قالها بصوت حاد وملامح متجهمة وبعدها أطرق صامتًا ، يعلم أنه مُجحف في حق أبيه ولكن للأسف ذلك التعقيد في علاقته معه قد فُرضه عليه وتم الأمر
نهرته بغضب وملامحها نضحت بعدم الارتياح لمجرى الحديث
ـ أولًا اسمه بابا مش جوزك ثانيًا متتكلمش عنه كدة قدامي ولا من ورايا يا حذيفة .
كانت تحذره بسبابتها و تمزج الحزم واللين معًا في نبرتها لعله يصل لنقطة وسط تريحه وتريح الجميع ،
أغمض عينيه يأسًا هو أيضًا لا يريد شجارًا في هاته الليلة خصيصًا ، قد جاء لأحضان أمه هاربًا لا ليناقش أسباب ابتعاده عنها ولا سرد تفاصيل هروبه من تحت مظلة أبيه ..
وحذيفة حينما يتعثر في تفسير يصمت أو يغير مجرى الحديث
ـ فين حمزة
أجابته بلوم
ـ نايم .. وزعلان منك عشان بتطنشه
قال بأسف حقيقي
ـ أنا فعلًا مقصر معاه قوليله إني هعدي عليه بكرة ونخرج مع بعض
مسدت خصلاته بحنان
ـ ياريت يا حذيفة نفسي تعيش معانا وتقرب منه أكتر .
اندهش حينما غيرت هي الأخرى دفة حديثها و سألت بهدوء ووجه باسم
ـ هتحكي لي ؟
ضيق عينيه في مكر تعلم هي توابعه
ـ هحكيلك إيه يا أنوار .. وعرفتي منين إن عندي حاجة أحكيها ؟
ضحكت من صميم قلبها فحقًا قد اشتاقت لمشاكسة فتاها الماكر فراوغته متخابثة كما يفعل
ـ عرفت عشان أنا حفظاك زي كف إيدي يا حذيفة و هتحكي لي إللي جابك ليا دلوقت ومأثر فيك كدة ولا هتسيبني أسأل عزيز إللي كلمني النهاردة أكتر من مرة وقالي إنك مش طبيعي وأسيبه يدور بقي ويعرف بطريقته ؟
تنهد بعمق مغمضًا عينيه ويعلم أنه لامفر من محاصرة أمه إن راوغ الكون كله فعندها تُفند الحقائق كاملة ، وأيضًا لا يريد إقحام أبيه في الأمر فوالده مثالي حقًا، مثالي لدرجة مغيظة ولن يرضيه موقف ابنه الراسخ ضد فكرة الارتباط ، أمال رأسه يريحها على كتف أمه فتحفز جسدها لوهلة ومن ثم استكانت تنعم بلحظات افتقدتها ، تلك الحركة العفوية منه تذكرها بماضٍ كانت فيه السعادة قد حيزت قيد أناملها بحذافيرها حينما كان يفعلها حذيفة طفلًا وكان كتفها الآخر في لحظة مشابهة لتلك يحمل آخر وقلبها مقسوم بينهما ..
انتشلها هو من غياهب ذكرى حارقة تلسعها بأسواط كاللهيب
ـ يعني في حاجة جديدة ..
نحّت عن رأسها ما يعكر صفو قربها من بكرها فأومأت بتفهم زافرة بارتياح وزين وجهها ابتسامة رائقة جاهدت لتُسبغ قلبها بها ، كم تسعد حينما يختارها كي يبوح حتى لو ضغطت عليه هي ليفعل
فأسرع ينفي عنه ما رأه تهمة
ـ لالا متفهميش غلط دة مجرد تلميس بس .
رفرفت أهدابها بلا استيعاب وحاجبين معقودين بغير رضا
ـ تلميس! .. تلميس يا ابن عبد العزيز العجمي ؟ اختار ألفاظك أنتَ دكتور قد الدنيا .
ورفعت رأسها ويدها للسماء تناجي
ـ الرحمة ياربي
بادل تذمرها بالضحك فزاد الموقف صخبًا
ـ أنا مهندس برده يا نوري والتلميس عندنا بيعمل reaction .
قرصت وجنته الخشنة في عادة لم تغيرها السنون فابتهج كثيرًا مسبلًا أهدابه لسعادتها الظاهرة
ـ طيب قولي مين .
بكلمة واحدة مقتضبة أجاب
ـ ليلى .
استشعرت من صوته دفئًا حين نطقها
فزوت أنوار ما بين حاجبيها لثوان حتى ضرب عقلها الإدراك فأكملت بدهشة جلية
ـ ليلى بنت ليلى !
ابتسم وأومأ بينما غيب عقلها عن كينونة ابنها الحماس وهتفت بسعادة
ـ جميلة أوي يا حذيفة ولايقة عليك ، أنا إزاي مفكرتش أخطبها لك قبل كدة .
ثم تنفست بعمق مُردفة بتقرير
ـ بس الحمد لله إنك اخترتها بنفسك .. هقول لعزيز ونحدد ميعاد عشان تخطبها .
انتفض هو واقفًا في صدمة
ـ إيه ده ! مين إللي قالك أني عايز أتجوزها ؟
قطبت بعدم فهم
ـ يعني عجبتك وجاي تقولي يبقي الطريق لها خطوبة وجواز دي بديهية مش محتاج تقول .
نفى بشدة وأخذ يسرد ما يجول بخاطره
ـ معجب بيها بس لكن الجواز والكلام دة مش في اهتماماتي .
هتفت أمه بسخط
ـ إزاي يعني أنت فاكر نفسك لسة في ألمانيا ولا إيه أنت مش صغير خلاص بقيت راجل زي ما قلت في أول كلامك والراجل الطبيعي إللي في سنك لما بتعجبه بنت بيتجوزها
وكأنها ضغطت بكلامها على زناد تعقله فانفجر
ـ أنتِ بتكبري الموضوع ليه ؟ أنا غلطان إني حكيت ليكِ أصلا أنا همشي وانسي كل كلامي يا ماما .
وتركها هاربًا منها هي الأخرى
أغمضت عينيها بيأس بعد رحيله ولكن قنوطها قد تبدل حينما امتدت يد حنونة لها لتميل رأسها على كتف دومًا يتسع برحابة لها
الوضع معكوس ربما ولكن هو تعويض من القدر كما تسميه
في بعض الأحيان يكون تعويض القدر في صورة مراهق وسيم نسخة من والده بخصلات كثة حالكة وسمرة رائقة وقلب كواحة راحة ، ابتسامته الواسعة تفعل بقلبها الأفاعيل
أراحت رأسها إلى كتفه بعدما جلس جوارها وهوأخذ هو يمسد خصلاتها بحنان فسألته هامسة
ـ صحيت ليه ياحمزة ؟
ـ حسيت بيكِ.
واجهت عينيه بمكر
ـ حسيت بيا أنا بس !
زفر ساخطا
ـ لا حسيت بيه هو كمان بس للأسف نزلت لقيته هرب كالعادة
سألته متوجسة
ـ هرب ؟
راوغها هو بسؤال
ـ مهربش ؟
اعتدلت في جلستها تناقشه وكأنه أكبرهم وليس العكس
ـ ليه بتقول كدة ؟
أشاح بوجهه عنها
ـ عشان اتعود يهرب ياماما
دلكت جبهتها بكفها
ـ طيب أنا غلطي إيه أنا حاولت كتير أرسم طريق غير إلي هو فيه لكن هو بيقول مرتاح كدة
قلب كفيه في الهواء
ـ يبقي نسيبه يختار لوحده لكن نفضل ندعمه ، بلاش اختياراته تكون مشروطة ..
ضحكت من صميم قلبها وبعثرت خصلاته فيما ابتعد هو مقهقها
ـ بكرة لما تقابله ابقى اتكلم معاه أنت واقنعه
ضحك يهز رأسه فاقدًا فيها الأمل
ـ لسة بقولك هو يختار وإحنا ندعمه مش نقنعه ، وبعدين قوليلي عايزاه يقتنع بإيه ؟
سردت عليه ماحدث فاتسعت ابتسامته تدريجيا
ـ يعني هو معجب ب ليلى إللي عيونها بتضحك قبل شفايفها لكن مش عايز يتجوز وأنتِ خلاص جوزتيهم في خيالك وخلفو ليكِ أحفاد !
عقدت ذراعيها أمام صدرها وتذمرت
ـ أنت كمان مش عاجبك كلامي ولا إيه
التقط كفها يقبله فأوهمها أنه سينفذ ما طلبت لكن جملته بعد ذلك أطاحت بكل شيء عندما أردف
ـ خلاص ياماما أنا هتجوزها بعد ما أخلص دراسة سيبي حذيفة براحته وبطلي قلق الأمهات دة .
.................................................. .....
وعلى طريق العودة تنازعت في داخل المارق طاقتان إحداهما تغريه بالقرب من فاتنة إن ترك لخياله الجامح العنان نحوها انفجرت عاطفة رجولية لا قبل لها في مواجهتما والأخرى تسرد بديهيات طفوه فوق أمواج البحر متفردًا تقذفه بعيدًا ربما نحو السماء في تحدٍ سافرٍ للجاذبية وهو في غنى عمن تُعكر عليه صفو الطيران ..
وبين الطاقتين ظل مترنحًا حتى حسم أمره أخيرًا،
سيسترق من ضي قمر الأرض حد الارتواء .. ويحافظ على مكانه العالي جوار قمر السماء .
.................................................. ....
بعد زيارته المنزلية لهم ولقائها الصباحي معه حين أوصلها إلى محل عملها
أصبح وجوده معتاد في النادي الرياضي أو مصادفة أمام منزلها في مقابلة عفوية بين جيران قدامى يتشاركون نفس الحي منذ الطفولة ، رُغم انتقال عائلته إلى حي آخر
ولكنه فضل الحنين عن الحداثة فسكن شقتهم القديمة
..............


يوم العطلة و كان صباحه فيه رائقًا فنهض من فراشه بنشاط ارتدى سروالًا رياضيًا وقميص قطني أسود كحال سرواله ، قصد النادي الرياضي وبعد الإحماء وثلاث دورات ركض على الممشى وقف لاهثًا ، عادة التدخين التي تكرهها أمه قد أثرت في لياقته سلبيًا بشكل أزعجه ، كان مستندًا بقبضتيه على ركبتيه لدقيقتين تضرب دقات قلبه عظام صدره بألم موجع ، رفع عينيه تدريجيًا فتسمر لوهلة ..
كانت على بعد عدة أمتار تقف وحيدة تعبث في هاتفها مرتدية ثيابًا رياضية بدت لعينيه مثيرة رُغم أنها كانت فضفاضة نوعًا ما ، سروالها الداكن كان فقط هو الشيء الوحيد الملتصق بجلدها ففضح رشاقة ساقيها لكن السترة العلوية كان طويلة واسعة تكاد تصل لركبتيها ، شرد بها أكثر..
كم تبدو مثالية هكذا كنسمة صباح رقيقة لايشاركه في تنفسها أحد ، خصلاتها المعقوصة أثارت فيه غريزة أوشكت على إجباره أن يذهب ويحررها فتتناثر على جيدها البض ، كل تلك التفاصيل كان قد غاص بين أمواجها وهي لم تلتفت حتى فلم يرى وجهها
هو يعرف تلك المنحنيات جيدًا ربما طول التفحص أو قوة الملاحظة هي ما تجعله دومًا يعرفها ، ابتسامة تشكلت بخطوط تكاد لا تُلاحظ حول عيناه ولم تصل إلى ثغره بينما تصنع الجهل وركض مخططًا لارتطام جاء في محله تمامًا فصرخت وانتشى .
لم يهتم وقتها لأي شيء سوى ذلك الشعور الفريد ، استمر في غزوها وهو دومًا يجيد التلاعب فحدثها بنبرة متمهلة بريئة يشوبها دهشة
ـ ليلى صباح الخير
مهلًا هل يرى خجلًا وحمرة تتلاعب بوجنتيها البرونزيتين والأصعب كان تعلق بؤيؤي عينيها المتماوج فيهما بريق الشيكولا مع العسل المتحايل عليه طيف من حمرة الشفق هكذا في تطلع خجول بينما ترد بغنج بدى خاليًا من التصنع
ـ صباح النور
ليس من مصلحة أحد أن تحادثه بدلال مع فتنة شفتيها المضمومتين في نهاية جملتها تلك في ذلك الصباح الباكر
أعجبته اللعبة فزاد من اقترابه خطوة كانت موازية لنبرته المتلاعبة
ـ أنتِ بتكوني حلوة كدة كل الوقت حتى الصبح كمان! وعيناه ارتشفت الملامح تشبعت من الحنايا وهي تغرق في الخجل الممزوج بالدلال وما يحدث يضر بصحته فحاول طمأنتها وهو احترافي في طمأنة الفاتنات
ـ تعرفي إنك اسمك ليلى على اسم صاحبة جدتي زينة .
اهتمت فسألت
ـ ودة مدح بقي ولا ذم ؟
قهقه لحظة وعاد إلى عينيها يسبيها
ـ مدح طبعا متتصوريش الحنين إللي بحسه ناحيتك .
وإن أراد أن يطيح بتعقلها فقد أجاد مافعل وتم الأمر
أصاب وجهها اشتعال الخجل ووجنتاها فاضتا بحمرتهما ،كادت تتنهد بسعادة
هل حقًا يشعر تجاهها بالحنين !
هل ذلك يعني ماهو أكبر ؟
هل تحليل عزة الصارم لما حدث قبلًا كان خطأ؟
هل ...
وجد لوقع كلماته الصدى فابتسم وأدرف
ـ صاحبة تيتة دي كانت بتأكلنا بليلة وأنا صغير ومن ساعة ماتوفت مدوقتهاش !
مطت شفتيها بشفقة مع اتساع طفيف لعينيها
لمَ لا تستطيع تحديد إن كان يمزح أم يتحدث بجدية ؟ لكن ما أصبحت متأكدة منه أنه يحاول الاقتراب بطريقة ما
قطع شرودها بطلب مهذب واثق
ـ ممكن رقمك بقى ؟ إحنا جيران وطبيعي نتبادل الأرقام..
أومأت برقة وأمتله رقم هاتفها وهو أضاف بجانب اسمها غمزة عابثة
ـ ها تفطري معايا ؟
نفت بهدوء مهذب فيما تتراجع خطوات قليلة للخلف
ـ المرة الجاية عشان ماما مستنياني دلوقت ونديم ومراته رجعوا من شهر العسل وهيفطروا معانا .
قالتها ملوحة له منتوية الرحيل فلوح لها بدوره واستبق حديثه بغمزة طفيفة من عينيه
ـ أوك المرة الجاية ولحد المرة الجاية هكلمك
أومأت بارتباك وواصلت سيرها
راقب هروبها بابتسامة ملتوية وسألها بصوت أعلى
ـ أوصلك ؟
نفت برأسها دون أن تلتفت للخلف
ـ شكرًا معايا عربية ماما .
............................................
وعلى مائدة الإفطار العائلي كانت ليلى أخرى ساهمة سعيدة وحالمة بشكل لا يمكن وصفه ، تكاد تقسم لنفسها أنه أقر بعينيه ماهو أكثر من مجرد علاقة الجيرة العادية ،
أوشكت أن تهاتف عزة وتزودها بالتفاصيل لكنها تراجعت خشية أن تتهمها الأخرى بتضخيم الأمور مجددًا..
كان أخوها وزوجته قد حضرا للتو وعانقها فلم تشاكسه كعادتها ،
في ظروف أخرى ولم يكن بالها مشغولًا بالرسالة التي أتتها قبل مجيء أخيها تحمل كفًا يلوح بالتحية لكانت أمطرت أخاها سخرية بسبب سفره وغيابه مع عروسه متمرغًا في العسل ولشهركامل متعللًا أن الشهر ثلاثون يومًا وليس سبعة أيام كما يزعم البعض مختصرين على أنفسهم متعة أيام الزواج الأولى !


بعد الإفطار هربت من تجمع العائلة وتفحصهم الملحوظ لها ، لا تملك مبررات لحالة الشرود تلك ، تعللت بألم في رأسها وفضلت الاحتماء بجدران غرفتها ..
وبين تلك الجدران كانت مستلقية على فراشها ، فتحت تلك الرسالة التي وصلتها قبلًا وتعلقت بشفتيها بسمة مترددة بينما ترد تحيته بأخرى مماثلة وبجانبها ذلك القرد الذي يغطي عينيه بكفيه باستحياء ، وفي أرض قلبها الخصبة أينعت له الخفقات فكستها خضرة الأمل منتظرة منه أن يخطولتلك الجنة المستعدة لتزهر لأجله.
وفي شرفة من شرفات ذات الحي كانت ابتسامته الماكرة مرتسمة على وجهه ها قد ارتبط بينهما خيط رفيع ، لا يهمه إن اشتد أو قُطع مع مرور الوقت فقط ما يهم هو سعادة وانتشاء اللحظة !
..................................


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-02-20, 10:39 AM   #9

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الرابع

الفصل الرابع
إذا كنت مأخوذًا بنشوة البدايات فحتمًا ستكون عاجزًا عن تحديد الخطأ والصواب .. فقد ما يحكم مزاجيتك هو متعة تلك اللحظات حتى وإن كانت مسروقة ..
..........................................
كان جالسًا في سيارته أمام منزل عائلته منتظرًا لأخيه ، تهرّب كعادته من حصار أمه الواقفة في شرفتها عاقدة ذراعيها أمام صدرها وترمقه بسخط
هو ندم بالفعل على وعده بالتنزه مع أخيه لولا أنها ستكون كبيرة لدى الأصغر لانسحب ، الأصغر الذي قرأ كل ذلك بوضوع على وجه أخيه لكنه تجاهل وتقدم نحوه ، فتح االسيارة وجلس بهدوء ، وضع أغراضه على المقعد الخلفي وعاد يحتضن حذيفة بلهفة وحنين خالصين
ـ لو مكنتش جيت كنت هزعل ياحذيفة .
قالها مؤكدًا ومصوبًا في الصميم ،
ربت حذيفة على كتف أخيه
ـ أنتَ عارف ياحمزة إني مبقدرش أزعلك
أومأ الصغيربتفهم
ـ عارف .. يلا نروح النادي نلعب تنس .
وافقه الأكبر بهزة رأس وانطلق نحو النادي الرياضي


صف السيارة وترجل منها حمزة سريعا ملتقطًا أغراضه وأثناء استدارته اصطدم ببعض المارة فاختل توازنه قليلًا فكاد يسقط وبسرعة البرق كان الأكبر قد وصل إليه داعمًا إياه
لوّح حمزة لهم ببشاشة فانصرفوا معتذرين واستدار إلى حذيفة مواجهًا إياه بجسد مشدود وهمة عالية قائلًا بصوته الواثق
ـ متخافش أنا بعرف أخد بالي من نفسي .
تصلب جسد الأكبر واشتدت قبضته حول رسغ أخيه متشبثًا به بعجز تفهمه حمزة الذي أخذ يمسد قبضة أخيه حتى ارتخت تمامًا
كما ارتخت ملامحه بعد طول تشنج وابتسم له بفخر فهذا الذي مازال في طور المراهقة يفهمه كثيرًا بل أكثر مما يجب..
هو حقًا ابن أبيه الذي يليق به خلافته
ابتلع غصته هو بمرارة يعلم جيدًا أنه قد أثبت فشله في ذلك الدور منذ زمن طويل ومع ذلك لايملك إلا أن يشعر بالفخر نحو أخيه
أخيه الذي لوح أمام عينيه بمرح
ـ روحت فين بقى .. هتحكي لي أنا كمان ؟
ارتد حذيفة للخلف في حركة مسرحية واصطنع الدهشة
ـ أنا ليه حاسس إني سامع أنوار بتتكلم .
قهقه حمزة ولكزه في كتفه
ـ مالها بقى أنوار دي أجمل ست في الدنيا .
عاد الأكبر الخطوة التي ابتعدها وسأله باستخفاف
ـ وعرفت منين إنها أجمل ست ؟ أنت شوفت ستات غيرها فين !
والأصغر ليس هينًا بل يعرف كيف يسدد الكرة فردها له
ـ قولي أنتَ بما أنك قابلت كل ستات الدنيا مين أجمل ست في الدنيا .
لم يفكر حذيفة لحظة بل أجاب بتأكيد وصدق
ـ أنوار طبعًا
فرفع حمزة كفه أمام أخيه في إشارة للتأكيد
ـ أنا عرفت الحقيقة دي لوحدي ومن غيرما أسيبها زيك .
غصة استحكمت بحلق حذيفة فاحتضنه الصغير بمؤازة وأسف
ـ أنا آسف مش قصدي أضايقك.
عاد لحذيفة مرحه سريعًا
ـ طيب احلق شعرك إللي شبه شعر أبوك دة وهسامحك.
تصنع حمزة الازدراء منه وابتعد باعتداد
ـ اطلب أي طلب غير ده .
جذبه حذيفة تحت ذراعه ضاغطًا على عنقه بقوة
ـ ماشي ياعزيز يلا عشان تغلبني .
وبعد مبارة حامية الوطيس فاز فيها حمزة بطل اللعبة في الأصل ،
جلس الكبير لاهثًا على أرض الملعب ومدد أقدامه أمامه وبجانبه الآخر جلس يرتشف الماء و بادر ببساطة
ـ فكرت كتير أجي أعيش معاك بس اتراجعت.
التفت له الأكبر بصمت فأردف حمزة
ـ بس طبعًا لو جيت أنتَ هتسيب كل حياتك وتركز معايا وكمان مينفعش أسيب ماما لوحدها من غيرنا إحنا الاتنين .
أغمض حذيفة عينيه ولم يعلق فأكمل الصغير بنبرة جادة
ـ الوضع دة مش مريح لينا كلنا ياحذيفة .. عيش حياتك زي ما بتحب لكن متحرمش إللي بيحبوك قربك ومتحرمش نفسك لحظات سعادة في قربهم .
ورفع أحد حاجبيه بينما رأسه تهتز برصانة غريبة على من في مثل عمره
ـ بلاش الماضي يضيع منك سعادة الحاضر والمستقبل .
أيضًا لم يعلق لكنه غرق بين أمواج صمت مشحون ، حمزة محق هو يدفن نفسه بين ذنب قديم وكينونة حاضر تكبله وتمنعه حتى الإحساس بالسعادة التى يتحدث عنها أخوه ..


................................
اللقاء الأول مسكر بل مُدغدغ لحواس الأنثى إذا مر بسلام يغرس السهام فتترسخ في عمق القلب كالأوتاد
استمرت المراسلات بينها صباحًا ومساءًا ، تتضمن تفاصيل صغيرة كانت كفيلة لخلق حالة من الألفة بينهما والتي أدت إلى ذلك اللقاء الفارق


ماذا تفعل ؟
نائم
وأنتِ ؟
لستُ نائمة
تحبين القهوة؟
أعشق الجوري !
شاركيني القهوة وأهديكِ الجوري ..
وتلاها غمزة و على قلبها تمردت الدقات وانحرفت في جيوش تعلن عصيان فأقرت

موافقة .


كان ضي المغيب يزور شرفتها و كانت هى تتأنق أمام مرآتها تضع آخر لمسات التبرج الخفيف
التقطت حقيبتها وغادرت غرفتها إلى موعدها المتفق عليه مسبقًا
أراحها اعتقاد أمها أنها ذاهبة للقاء صديقاتها أجلت تأنيب ضميرها لما بعد مطمئنة إياه بحجة أن التجربة من حقها ، هي تشعر بما ترسله عيناه حتى وإن لم ينطقه لسانه وبالطبع إغفال ذكر ما يحدث في جلساتها مع عزة في المدرسة والتهرب من محاصرتها أصبح واجبًا لتفادي توبيخها الحاد..
نفضت من رأسها تدفق تلك الأفكار مركزة حواسها في تلك اللحظة على السعادة التي اجتاحتها نتيجة ذلك الترقب الذي يدغدغ أطرافها ويسبب تسارع طفيف لأنفاسها ونبضات قلبها .
وصلت المقهى المتفق عليه وصفت السيارة ، ترجلت منها تنظر حولها باحثة عن طيفه على استحياء وكان هو في الطرف الآخر مستندًا بظهره على سيارته يرفع أحد أقدامه يسندها للسيارة خلفه والأخرى راسخة على الأرض وفي يده لفافة تبغه سحب منها آخر أنفاسها وألقاها بعيدًا نافثًا من دخانها سحابة
كم يعشق ذلك السحاب ..
لايدرك الكثيرون أهمية السحاب لدى عشاق الطفو !
عيناه لم تتركا مراقبة حضور الفاتنة من أول خطوة مترددة لها على الأرض بعدما فتحت باب السيارة وترجلت منها بحذاء راقصات الباليه ، ود لحظتها لو يتمسك بكفها ويتحكم في جسدها كي تدور في رقصة تنتهي بها فوق صدره !
واصلت عيناه ما تجيد من تفحص لقدماها إلى ساقيها المرمريتين وحتى حافة ثوبها الأزرق متوسط الطول بذلك الحزام اللعين الملتف حول الخصر وماذا عن السلسال الرقيق حول رقبتها الناعمة هل جذبه هو الآخر؟ !
رأى على وجهها كل أمارات التردد والترقب وكل ما فيها يستنجد به ضمنينًا أن خذني إليكَ أواتركني أذهب لكن لا تربكبني بهذا الصمت..
ويبدو أنه قد قرأ ما يجول بخاطرها فاتسعت ابتسامته تدريجيًا وعيناه رسمت لها طريقًا ممهدًا يظلله الأمان الذي يبعثر ثباتها ويدفعها بإرادة حرة نحوه وآه من عينيه حينما تبتسم تحتل ..
اطمأنت وتوجهت نحوه بخطواتها المغناج
تبًا فلتتوقف عن هذا الغنج العفوي ..
رد الخطوة بالخطوة وقابلها في منتصف الطريق
عندما ناوش عبقها أنفه توقف فلا داعي لأن يواصل هذه النقطة التي دومًا ما سوف يتوقف عندها !
إذا كانت تجذبه كما ينجذب النحل للرحيق فكينونته تشده للخلف وتغريه للتحليق ..
وهي تحشرجت في حلقها الأنفاس لماذا يكون حضوره هكذا قتال ..
أمال رأسه بزاوية جانبية طفيفة ولم يرحم ويعتقها دون أن يسبيها وهمس بتأكيد لا استفهام
ـ جيتِ !
وردت همسه بتنهيدة قصيرة مسبلة أهدابها ربما


هروبًا أو هدنة
ـ جيت !


ضحك من قلبه ويقسم أنه قد فعل ، تلك الفاتنة متلاعبة ولكنها مسكينة للأسف تلعب مع مؤسس قواعد اللعبة .
أشار لها بلباقة كي تتقدمه ففعلت
دلفت أمامه إلى ذلك المقهى الكلاسيكي ،سحب لها كرسيًا في طاولة جانبية مطلة على الحديقة ، كان قد حجزها مسبقًا متعمدًا اختيار مكانًا مريحًا لها ، جلست متشنجة فأشرقت ابتسامته المطمئنة وجلس أمامها لترتخي قسمات وجهها لبرهة قبل أن تتشنج مع أول كلمة نطقها وعيناه تترصدانها
ـ حلوة
احترقت وجنتاها وتلعثمت بينما عيناها تحتار
ـ هي إيه ؟
أجابها بتأكيد
ـ عيونك .
أسلبت أهدابها لا تقوى على مواجهة ذلك الحصار المربك
ولم ترد ليبادر هو
ـ تشربي قهوة تركي معايا ؟
أجابت بخفوت وعيناها تهربان
ـ مش بشرب قهوة بالليل ممكن عصير فريش .
أشار للنادل بما طلبا وعاد إليها
ـ ممكن أدخن ؟
أومأت بتهذيب فأشعل لفافة تبغ وعيناه لاتفارقان ملامح وجهها
ـ أنا عارف إنك بتحبي الجوري من قبل ما تقولي لي .
رفعت عيناها المتوجسة نحوه سائلة
ـ عرفت إزاي ؟
بابتسامة حلوة أجابها
ـ بلكونتك مليانة جوري .
ابتسمت بدلال فطري فعض شفته بتسلية ، أصبح موقنًا بأنها لا تدعي هذا الإغواء هو متأصل في تركيبها الجيني على ما يبدو ..
ـ بحب الجوري جدًا
تزين وجهها بينما تحكي بلوحة نادرة من الحالمية مستطردة
ـ الجوري مشاعره صادقة وبيخطف قلبي وروحي .
ارتفع حاجباه وزاد اتساع عيناه بدهشة ؛ النساء حالمات تورطن الرومانسية في كل شيء ورُغم يقينه بذلك إلا أنه رأها تماثل زهرة جوري في صدق مشاعرها المفتضحة في عينيها وعبقها الخاطف ولكن من مثله لا يُختطفون تمامًا بتلك السهولة ..
ارتشف قهوته تباعًا حتى انتهى منها و وصل عدد أعقاب تبغه المحترق أربعة وهي مازالت شاردة تتلمس أنامل يمناها حافة كأس مشروبها البارد فيما ترك لها كل الوقت حتى تسأل سؤالها الذي تنبأ به، صمتها ذلك ليس في صالح أي منهما فهي تترك له فرصته الكاملة لحفرها كلوحة نادرة في مخيلته ؛ لوحة حية ترفرف أهدابها وتمثل شفتاها نقطة ضعف صاحب الريشة والألوان ..


وأخيرًا تحايلت على الجرأة ورفعت عينيها إلي عينيه وسألت في حين لم تفارق أناملها الكأس
ـ إحنا اتقابلنا ليه؟
بسمة طفيفة ناوشت ثغره وعيناه ذات الوميض اللاهب أشعلت فيها النيران
ـ عشان برتاح وأنا معاكِ
ربااه هذا كثير
حيث لا تستطيع له احتمالًا ، انكمش جسدها في شعور غريزي يتوق كيانها لاحتماء من ذلك الطوفان الحارق ، وعيناها متعلقتان به تترجم حب غير منطوق و تسرد أطروحات العشق في مجلدات
أهكذا تكون أولى زهرات الفردوس !
بعد وقت قليل كان على الرصيف خارج المقهى أمام سيارته حيث انطلق يفتح حقيبة سيارته وهي تقف خلفه مأخوذة بحضوره ولا تشعر بما يدور حولها انتشلها من حالتها تلك عندما أخرج من الحقيبة إصيصًا كبيرًا تتراقص فيه زهرات الجوري مع موجات النسيم ..
صدمتها كانت جلية هو لم يهدها باقة كما توقعت بل أهداها النبتة نفسها
ضحكتها الرنانة جعلتها تختطف من دقاته إحداها عنوة ..
والدقة المسلوبة جعلت صدره يرتج متاهبًا لثورة
تلمست بأطراف أناملها الزهور في رقة تليق بالجوري وبها ورفعت عينيها إليه
ـ افتكرتك هتهديني بوكيه .
اعتدل بطوله الفارع أمامها لا يفصلهما إلا إصيص الجوري مؤكدًا بصوت أجش
ـ أنا بهديكِ الجوري عشان يعيش .
....................
وصلت إلى منزلها بعد ذلك اللقاء الصاخب وخلفها الحارس يحمل هديتها الأثيرة ، فتحت باب شقتها فوجدت والدتها متنظرة إياها ، أشارت الأم للحارس ودلته على باب الغرفة
أوصل الإصيص إلى شرفة ليلى وشكرته ممتنة ثم رحل ، وحينما أغلقت الباب كانت أمها الصامتة منذ البدابة ترمقها بتفحص ، ملامح صغيرتها تكاد تنضح بالسعادة ، وما زادها توجسًا هو تعمدها التهروب من عيني الأم
ترى هل ما تتوقعه الأم قد حدث ؟
كانت على وشك سؤالها مباشرة ولكن تعقلها غلبها لتسأل بنبرة محايدة
ـ اتأخرتِ ليه كل دة ؟ باباكِ سأل عليكِ مرتين قبل ما يخرج .
لماذا يحاصرها الجميع ولا يتركون لها فرصة لالتقاط أنفاسها ، حسنًا هي تعلم أنها تفعل جل الخطأ ولكن ألا يحق لها التجربة ولو لمرة !
زفرت بيأس وضيق
ـ أنا آسفة يا ماما الوقت سرقتي.
قالتها وكيانها يلتمس الهروب ،
وبالفعل هربت إلى غرفتها تاركة القلق يتأكل عقل وقلب أمها التي اقترب شكها من اليقين أن ابنتها تخفي الكثير ..
وفي غرفتها كانت ليلى تتلظى بنيران الذنب ، رُغم سعادتها الجلية معه إلا أنها حينما عادت للمنزل كانت مع نفسها وجهًا لوجه ضد ما ارتكبته من خطأ
وما يغضبها أكثر أنها تتوق لتكراره مرارًا وتكرارًا !
...........................................
وعلى عكسها كان هو متأخرًا بعد مناوشته لها على طريق العودة بالسيارة ..
تارة يسبقها وتارة يوازيها غامزًا إياها وفي النهاية كان خلفها حتى وصلت بسيارتها الحى وبعدها ذهب هو يجوب الشوارع حتى وصل بيت عائلته قبل وجنة أمه الغاضبة وتناقش مع والده في أمور تخص العمل وجلس مع أخيه قليلًا وها هو قد عاد إلى شقته بجوارها وجلس في شرفته معلقة عيناه بقمر السماء المستوي بدرًا وقلبه يخون فيجبرهما أن تحيدا نحو شرفتها ، الحيرة تحتل جوارحه والتبغ المحترق بين أصابعه يترسم كعروشًا فيشكل ضبابًا وكم ود لو صنع من تبغه سحابًا يعتليه!
وسؤالان لاثالث لهما يؤرقانه فلا يستطيع عنهما أن يحيد أيتقدم منها أكثر متنعمًا بالجنة بين أحضانها ويبذل في قربها أكثر ما يكره !
أم يزهدها نائيًا بنفسه عنها مكتفيًا بقمر السماء وسحابها مملكة !!
...........................................
راقد في فراشه وقد أصابه ما يشبه الجاثوم ، مقيدة أطرافه في شلل مؤقت لايقوى على رفع ذراع لمنع ماهو محتوم والخيالات حوله يراها مجسمة من ماضٍ محموم
والكلمات ترن في أذنه يتمنى للزمن عودة حتي يفتدي بروحه قلب أمه المكلوم ..
ـ أخوك مسئوليتك يا حذيفة خلي بالك منه
والمسئولية في غير أهلها يتبعها سقوط..
استيقط من نومه بإحساس وهمي أنه هو من سقط ، كان جسده مغطى بأنهار العرق وعيناه المتسعة تحملق في سقف غرفته ، كابوسه المتكرر يطارده أينما ذهب ،
عقدة ذنب
أو مسئولية كانت على عاتقه كبيرة فلم يتحملها ، النهاية أنه من وقتها كره الكلمة وما ترغمه عليه ..
نهض من فراشه وخلع عنه قميصه القطني المبتل بالعرق وبقي فقط بسرواله المنزلي، سحب كوبًا من الماء وأفرغه في جوفه دفعة واحدة ، التقط تبغه ينفث فيه مكنون صدره ، مابال العالم يضيق حوله ويخنقه ، خرج للشرفة عله يملأ صدره بهواء ليل نهايات الصيف ، ضرب صدره الهواء العليل فانتعش جسده قليلا ، كان القمر مكتملًا في وسط السماء فظل محدقًا فيه لوقت طويل ، كانت السماء رائقة نجومها البعيدة لامعة ..
في وقت كهذا ينتابه اليقين أن الأرض ليست مكانه ، انحرف بصره معاندًا نحو شرفة ليلى التي كانت مضاءة والحي هادئ تكاد ترن فيه الإبرة إذا سقطت ، وشرفتها المزدانة بأزهارها وعصافيرها كانت كجنة صغيرة لامعة بصخب يكاد يشق السكون هل للزهور لغة كما يدعون ؟
أما أن جمالها أخّاذ حد أنها كانت تحكي ..
وسط الجنة تلك كان هناك شيء صغير بارز من الشرفة مهلًا لقد كانا شيئين ،
ضيق عينيه مدققًا النظر لتتسع عيناه مع ابتسامته الجانبية ، دلف سريعًا إلى غرفته ، التقط هاتفه وعاد مجددًا إلى الشرفة فتح هاتفه فوجد الساعة قد تعدت منتصف الليل بدقائق قليلة ، هو الليلة بعد وجبته الساخنة كان في تمام التاسعة مستلقيًا على فراشه يناوش جفونه الوسن فنام واستيقظ بعدها ليجد تلك الشرفة حافلة بأهلها
أرسل رسالة قصيرة والشقاوة تكاد تتقافز من عينيه ..
..................
قبل ذلك بثوانٍ كانت ليلى مستلقية على سجادة وثيرة على أرض شرفتها تستند برأسها على وسادة وخلفها الباب مباشرة أما عن قدماها فكانتا مرتفعتين ومستندتين لسور الشرفة ولا يتعدى من السور سوى أطراف خفها المنزلي وحول جسدها تتراص زهور الجوري التي تعج بها الشرفة وبجانبها صحن من البطيخ البارد وشوكة صغيرة مع مثلجات الفانيلا التي تحبها ولوحة والكثير من فرش الرسم والألوان ، جلستها تلك مقدسة تكررها كطقس خاص بليلة ما قبل العطلة التى تصل ربما لبزوغ الفجر، كان هاتفها بجانبها كل بضع دقائق تتقفد برامج المحادثات وتغلقه فتعيده مكانه ومن ثم تعود للوحتها بوهيمية التفاصيل وفي إحدى المرات التي التقطت فيها الهاتف تحفز جسدها عندما فتحت برنامج المحادثات ووجدته بعد أربع ساعات كاملة من إغلاقه متصل الآن وبل ويكتب أيضا ، تهدجت أنفاسها وجف حلقها عندما وصلتها الرسالة
ـ نزلي رجلك .
هبت واقفةً وتبعثر حولها كل شيء، جسدها تصلب من الصدمة خصلاتها كانت متمردةً على غير عادتها وقميصها القطني قد تلطخ بألوانها ، عيناها كانت مفتوحة على أقصى اتساع لها ، أجفلها رنين الهاتف باسمه فاستدارت للخلف في عجالة إلى داخل غرفتها وأغلقت الباب خلفها بأيد مرتعشة ، توقف الهاتف للحظة ثم عاود الرنين ، ابتلعت ريقها بتوتر وردت هامسة بلا وعي دون اتنظار بعدما ضغطت خيار الرد
ـ أنت مش لابس هدوم !
ضحتكه العابثة وصلتها محفوفة بإيحاء ماجن
ـ قالع التيشرت بس ولابس باقي هدومي ، مالك أول مرة تشوفي حد قالع التيشرت ولا إيه ؟
ردت حانقة
ـ أكيد شُفت رجالة من غير تيشيرت و لابسين مايو بس ، لكن أول مرة أشوفك أنتَ كدة !
صمته نبهها أنها تغوص في حقل من ألغام فصمتت تقضم شفتيها بخجل ،
تحركت ذهابًا وإيابًا في غرفتها في محاولة لتدارك خجلها يائسة ، توقفت أمام المرأة تراقب تلك الحمرة التي كست خديها

وسألته بصوت متحشرج
ـ كنت فين ومكلمتنيش من بدري ليه ؟
ابتسم براحة على الطرف الآخر وأجاب ببساطة
ـ كنت نايم .
وبخته بلطف
ـ يعني طالع في البلكونة كدة وأنتَ لسة صاحي من النوم ومش خايف تتعب وكمان بتدخن!
وصلتها تنهيدته حارة
ـ لو مش عاجبك إني بدخن دخني معايا ..
كزت على أسنانها غيظًا وأجابته بغضب مكتوم
ـ ماشي المرة الجاية لما نتقابل لو مقدرش أخليك تبطل تدخين هدخن معاك ياحذيفة .
قهقه بشدة فازداد احمرار وجنتيها فهي لاحظت كما فعل تأكيدها أنها ستقابله مرة ثانية لأنه منذ اللقاء الأول اكتفى معها بالمحادثات الهاتفية مودعًا الكرة في ملعبها وها هي تسددها في منتصف المرمى مباشرة ...


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-02-20, 11:19 AM   #10

ع عبد الجبار

? العضوٌ??? » 460460
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 260
?  نُقآطِيْ » ع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond repute
افتراضي

سلمت اناملك الذهبية ابداع جميل جدا بانتظار الفصل القادم لا تطيلي الغياب دمت بخير، 🌸

ع عبد الجبار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:49 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.