آخر 10 مشاركات
الخلاص - سارة كريفن - ع.ق ( دار الكنوز ) (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          كوابيس قلـب وإرهاب حـب *مميزة و ومكتملة* (الكاتـب : دنيازادة - )           »          136 - وجه في الذاكرة - ساره كريفن (الكاتـب : pink moon - )           »          السرقة العجيبة - ارسين لوبين (الكاتـب : فرح - )           »          ♥♥ خـواطـر قلبيــه ♥♥ (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          *** شكرا لكم أيها الحمقى !!!! *** .... (الكاتـب : حكواتي - )           »          حبي الذي يموت - ميشيل ريد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          178 - قيد الوفاء - سارة كريفن - روايات عبير القديمة(كامله)** (الكاتـب : أمل بيضون - )           »          روزالــــــــــينـــــــــــــــدا ... "مكتملة" (الكاتـب : أناناسة - )           »          إنه انت * مكتملة * (الكاتـب : الكاتبة الزرقاء - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree11Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-01-21, 10:07 PM   #581

مارينا جمال

? العضوٌ??? » 416796
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 632
?  نُقآطِيْ » مارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل الواحد والعشرون




" ربما كان الحب الكبير هو الحب غير المتبادل...
أن تحب يعنى أن تتألم ..، أن تكون محبوباً يعنى أن تسبب الألم " .......مارسيل برونت.
يقف تحت رذاذ المياة ...يستقبل إنهمار زخات المياة الحارة فوق جسده العارى ، لتلسع جلده وتحرقه ..علها تنسيه ذاك الألم السارى داخل عروقه ،
تنسدل على طول جسده الفارع ..لتسقط فوق أرضية الحمام ..خالقه ضوضاء تتشابك مع ضجيج أفكار عقله ...و صخب حزن قلبه ،
رفع رأسه لأعلى ...لتنهمر المياة... فوق وجهه تغسل دموع عيناه الصامتة ،
تدخل جوفه علها تزيل طعم ذاك الصدأ المرير الذى لون روحه ...،
يود أن تخترق خلاياه ..لتطرد ذاك اليأس الذى أستوطن دواخله ،
صراخ شج حلقه ..ويداه تضرب الحائط أمامه بعنف ..كارهاً العجز الذى يكبلهما ...، الغضب يعوى داخل عقله ...كحيوان شبق للأفتراس ..يزمجر لغرز أنيابه البارزة ...و مخالبه الحادة فى أحدهم ولكنه مقيد بسلاسل مغيظة ...مما يزيد من زمجرته الحادة ...،أغلق صنبور المياة بأنفاس ساخنة تتزاحم داخل صدره كسحب كبريتية سامة ...فتخنقه ،
لف المنشفة حول وركيه ..ليقف أمام مرآة الحمام ، لتظهر صورته ضبابية ، كالضباب المعتم الذى يلتف حول عقله ...وصفير من النواح صداه داخل أذنه يفتت قلبه لفتات صغار .. لا يسد رمق فرخاً صغيراً ،زفر بحرارة ...محاولاً تهدئة سعير قلبه ..الغاضب منها ولأجلها ، غاضب من خداعها ...وكذبة عمرها سنوات ، غاضب لأنها أخفت مرضها عن الجميع لتعانى بمفردها من مرض يقتنص من ذرات روحها قبل خلايا جسدها ،
مرض يطفئ الروح قبل أن يميت الجسد وكل هذا لأجل ماذا ؟! ...لأجل أخفاء سر زيجتها مع الوغد الذى يبغى الأن قتله ..أكثر من أى وقت سبق، هو غاضب لأنها لم تمهله الوقت ليغضب منها مما فعلت بنفسها ...ليلومها حتى على وجع قلبه ، لتعاجله بطعنة أشد قسوة وضراوة ...طعنة مرضها المميت ، وأستسلامها المخزى له ...وهو غاضب لأنها كانت بمفردها ..غاضب لأنه لم يكن معها.
فى البدء ..حين أعلمته بنية سفرها ..سددت لكمة قاسية لقلبه العاشق ، ليثور قلبه ...يطالبه بمجهرة بعشق سكن بين الضلوع ...وترعرع رغم اختفائها ..لينهى أسطورة ( البعيد عن العين ...بعيد عن القلب )، عشق حمله كسر مقدس ..يخفيه بين الضلوع ، ليعترف به...يتلوه أمام عينيها التى رفضته ، بل كانت ترجوه بألا يبوح بالمزيد ..لينفطر قلبه ويسحق على أعتاب نظراتها الرافضة ...،
وما تلا ذلك كان كزلزال ..تصدع له جوانب قلبه ....رياح هوجاء عصفت بكيانه العاشق لتقلع قلبه العاشق ...وتخلعه خلعاً من مكمنه ،
قبض على حافة الحوض بقوة ...وهدير دماءه يعلو داخل أذنيه ، نظر لغضب حدقتيه داخل المرآة ..الملونان بقتامة الحزن الكئيب ....ولازال رعد كلمات عمر المعلنة بصلف ...سر زواجه منها ...تخض نبضاته..،
كلمات كانت كيد كبيرة قاسية ...كممت فمه و أخرست عشقه...ولم يكن يدرك بأن ميعاد البوح بسر قلبه ..سيسقط عشقه قتيلاً .
هرب ..فر بعيداً ..منها...من نظرات عينيها المطالبة بسماح ..فر من أنفاسها الحزينة ...فر من سماء تحمل عبق أنفاس امرأة ..بات يعلم أنها امرأة أخر...امرأة يرغبها ..وهى رغبة الأخر ... .
ولكن كل ما مر به ...ليس بنظير مايشعر به الأن ، حينما جاءه أتصال فرح تخبره بنقل كارمن للمشفى ...أنقبض قلبه الجريح لأجلها ، ليهرع لها ..وما خرج من كلمات من فمها كجمود المياة الراكدة ...كان بمثابة وابل من الرصاص ..يخترق صدره من كل جانب دون رحمة ...حتى تأتى رصاصتها الأخيرة وتخترق فؤاده ...هى تبغى الموت !!!!،
ومن أغتلها ...وحده يمتلك ترياق شفاءها ....وحده رجلها ...عمر !!!!.
أنهى أرتداء ملابسه ليستعد لذهاب لها بالمشفى ...غير مصدق أنه ترك ذاك الحقير يبات ليلته معها ...ورغم ذلك ..هذا الوغد هو الأحق من بين الجميع ...فقط لأنه يملك عقد يربطهما ..فقط لأنه ملك قلبها دون سواه ،فقط لأنه زوجها و حبيبها ..رغم ثبات التهمة المنسوبة إليه ..،
زفر بشدة بينما يزر أزرار معصمى قميصه ،وما أن خرج من غرفته الجديدة ...لصالة الشقة الفسيحة الشبه فارغة من الأثاث إلا القليل ، لقاه صوت بكاء مكتوم لأمه المتكومة بجسدها الصغير فوق الأريكة ...تخفى عينيها المنتحبة بكفيها المجعدتين وسيل دمعاتها يتوقف عند شفتيها المرتعشتيين ...أقترب منها بخطوات سريعة ..يجثو على ركبتيه أمامها...يهمس منادياً لها بحنان ...والخوف يستبد بأوصاله ...خوفاً على حالها ..فهى منذ الأمس وهى على تلك الحالة...تبكى دون توقف ...كما لو كان سد ...هدم جدرانه ..." ماما ..." ،
رفعت رأسها لوحيدها ..بعينين منتفختيين ..شديدة الأحمرار ...ومكبلتين بالذنب ، لتعدل نفسها ..رامية بجسدها داخل أحضانه ...وهو لم يتأخر عن ضمها لصدره النابض بحزن سقيم ..يستقبل فوقه هطول أمطار عينيها الغزيرة ... بينما كفه يربت على ظهرها بحنان .....ليقبض على فمه بقوة ...كاتماً عبراته ...ككتمان سيصير نهجه مع امرأة قلبه بالماضى ...ليزفر براحة ..قائلاً بصوت خرج مهزوزاً رغماً عنه " ممكن تبطلى تعيطى ...هتبقى كويسة ماتخفيش" ،
شهقت ليلى بعنف ..بينما تهز رأسها بقوة ....وضميرها لا يتوقف عن جلدها ،
تبكى لأنها تأكدت أنها لم تكن آهل لأمانة أخاها الصغير ، فى بالماضى البعيد أغفلت عنها ..فلم تعرف سرالصغيرة بالماضى ، وأختفاءها كان هروباً ،
وما أن عادت لم تتوانى عن لومها بسبب الماضى السحيق ، وعند أول منعطف ..سقط القناع ..ليظهر خلفه فتاة صغيرة ناقمة على هجر أبيها لها ، فتاة ترغب لوم أحدهم ..ولم تجد غيرها ..لتصلبها بذنب الماضى ..وتصير أسوء من عزيز ..
خرج صوتها مبحوحاً من وسط نشيجها ...وجسدها يختض بقوة " كانت ممكن تموت..لوحدها لو مكناش عرفنا " ،
رفع رأسه لأعلى ..يخرج أنفاسه المنحورة من تحت سطوة الألم ...لترتعش قسماته ..قائلاً بوعد ..ليس بيده الوفاء به " مش هتموت ..ومش هتكون لوحدها " ،
ابتعدت عنه ..تنظر له بألم يفيق سنون عمرها ، ترغب أن تدلو أمامه بذنبها ، عله ينزل من على كتفها ..لتضغط بكفها المفرود فوق صدرها المسحوق تحت وطأة ذنبها ...وتذرف دمعاتها ...قائلة بنحيب أرهق أوتارها " كانت هتكون لوحدها تانى بسببى ....كانت هتموت لوحدها عشان خاطر أنانيتى " ،
تجهمت ملامح يوسف ..ليسأل ليلى بحيرة " مش فاهم ؟!" ،
" أنا اللى قولت لها تسافر ...قولت لها تبعد عننا وترجع بلدها " كانت تضرب صدرها بعنف بكف يدها المضمومة ...تعلن عن ذنبها الدميم بحق ابنة أخيها ،
" ليه ؟!" قالها يوسف بصدمة واستنكار شديدين ،
نظرت ليلى ليوسف بخزى شديد ..ولا تعرف كيف تدافع عن نفسها وهى مذنبة بحق ..لتضم كفيها المضمومين عند صدرها ...لتهمس بخجل " كنت خايفة عليك ...كنت خايفة على عمر و إنجى لحياتهم تتهد " ...،
" فقررتي تضحي بيها هى ...أضعف طرف فينا ؟!" قالها يوسف بعتاب حائر ..عتاب شابه قسوة ...لتسكب ليلى المزيد من دموع عينيها ..قائلة بنشيج باكى " ماكنتش أعرف أنها تعبانة ...كنت فاكراها بتستغل حبك ليها " ،
هز يوسف رأسه بسخط واضح ..وقلبه يؤلمه على تلك اليتيمة التى خذلها الجميع من أجل مصلحتهم ..ليردف بلوم " حتى لو ماكنتش تعبانة ..ماكنش ينفع ، كارمن مالهاش غيرنا " ، لتختلج نبراته بعدها قائلاً بقلب مجروح منها وحزين عليها " ولو على الأستغلال ..مين قال أن كارمن استغلتنى؟!" زفر بقنوط ..ليهتف قائلاً " كارمن موعدتنيش بحاجة يا ماما، كارمن قبل ماتسافر قالت لى أنها بتحب عمر ، وحتى لما رجعت مانفتش الحب ده لما سألتها ، لومى الوحيد عليها أنها ماقلتش أيه اللى بينها وبين عمر ... ماقلتش أنها ملك لرجل تانى ،أنها مراته ...يمكن ساعتها بس كنت أجبرت قلبى على النسيان " قالها وهو لا يعرف سبيل قلبه للنسيان،
بكت ليلى بشدة ..حتى كادت تختنق بعبراتها ..ليضمها يوسف لحضنه مسرعاً ليردف بنبرة تحمل من العزيمة والأصرار " كارمن محتجانا دلوقتى ..وده دورنا أننا نكون جنبها " ..ليبتعد عنها ..يحضن وجهها الصغير ..ويمسح دموعها بأبهامه ...، ورغم عتابه عليها ..لكنه لم يستطع أن يقسو عليها ..ليقول بنبرة دافئة ..رغم الصقيع الذى يعصف بقلبه " ممكن تبطلى عياط بقى ..." ، ليغتصب بسمة ..ويلصقها عنوة فوق ثغره الحزين .. لتظهرباهتة كبهوت روحه " أيه يا لولا ..شدي حيلك معايا ، مشوارنا مع كارمن طويل ..وبطريقتك ده هتخسكعى منى " ،
أومأت ليلى برأسها ...لترمى رأسها مجدداً فوق صدر ولدها العريض.

يتبع..


مارينا جمال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-01-21, 10:08 PM   #582

مارينا جمال

? العضوٌ??? » 416796
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 632
?  نُقآطِيْ » مارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond repute
افتراضي

" أذاً عليك الأستسلام يا عمر ...و ترضى بالخسارة ...ليس لأن الموت يريدني ...بل أنا من تريده ...فأنا أكتفيت حقاً من تلك الحياة " ...قالتها بثبات غريب ...برغبة وتوق ..سببها خذلان الجميع لها ...حتى هى نفسها .. أول من خذلها ،
فهى قد أكتفت من الجراح ..فروحها باتت مهترئة مليئة بقيوح عفنة ملتهبة بجروح الماضى ،
ليمسك يدها بتشبث ...وعيناه تحضنها من كل جانب كما لو أنبت لها أذرع ، يتشبث بها بقوة كما لو كان يمنعها من القفز من فوق منحدر عالى ، وكلمافيه يختلج برفض لقرارها ، عيناه ترفض رفضاً قاطعاً ، وعروقه النافرة حانقة من قرارها ، وقلبه الهادر بغضب موجهاً له ..لأنه وحده المسئول عن ماوصل به حالها ...وفكه المرتعش الذى هتف ب " لا ..." قاطعة ، ليقول بنبرة قوية رغم الخوف الذى يلون حدقتيه ويقبع بقلبه يعيث به فساداً " مش هسيبك تموتى ..." ،
رمشت بأهدابها بحزن مرير ...لتتسلل المرارة لسخرية ضحكاتها من إصرار عيناه وعزم كلماته ..لتردف بالفرنسية بفلسفة سوداء مأسوية " للأسف هذا ليس قرارنا هنا يا عمر ..بل هو قرار القدر و أنا أستسلمت له ...فلا هناك داعى لخوض معركة ..خسارتى بها مؤكد " ،
زفرت بعنف ..لتنهض من مقعدها بقوة ..تستدير ناحيته .....تفرد ذراعيها بطريقة مسرحية لتردف بسخرية قاتمة " وها قد وصلنا لنهاية قصتنا ...ولكن قبل أن أصل للختام ، هناك سرد منقوص مهمل ...حان وقت سرده ..مقطع من كلمة واحدة " ...،
شدت قامتها الهزيلة ...تخفى حزن عينيها خلف ستار معتم غير قابل للأختراق ...تكمم صرخات قلبها ...وتغفل عنوة عن نبضاته النافرة ، ليعلو صوتها ...لتهتف بعاصفة هدمت جدران قلبه ...تحطم ماتبقى من بقايا عالمه " لقد حان موعد إطلاق سراحى ... طلقنى " ،وداخل أسوار عقلها ..وبين ضلوعها كتمت رجاء لم ينطقه شفتيها المطبقتين بحزم شديد" حررني يا عمر ....فربما هناك جزء صغير بداخلى علم بتشبثك بى ..فأرغم روحى بالتشبث بالحياة ..حررنى علِ أصل لراحتي" ،
قفز مفزوعاً من مقعده ..يهز رأسه بعنف..يرفض طلبها .. والكلمات تختنق داخل حلقه ..يمد يده ليمسكها ..تبتعد عن مرمى يديه، وتخطو خطوتين للخلف ..ليهتف بأسمها بوجع .."كارمن..." كان يرجوها بألا تفعل ...،وهى تفهم تدرك حديث معناه ..لتهز رأسه بلا لتكرر طلبها بالعربية " طلقنى يا عمر .." ،
أغمض عينيه بآسى ..يرفض طلبها ، ليتقدم منها بحذر ..بعينين تبكيها ..تخاف خسارتها ...بعينين تراها كل عالمه وبدونها بات مفقراً موحشاً، يقترب ويهلع من فكرة فقدانها للأبد ..يقترب ..وروحه تستأذن وصالها ..ليردف بوجه يتقلص من ألم نابض داخل شرايينه النازفة بضوضاء صامت " أنا عارف أنى أذيتك ..." ،
لتهز رأسها له بقوة ..تلومه بقسوة " أوى ..." ،
ليحرك رأسه كحركاتها ..يعترف بقسوة فعلته ويلعن نفسه " عارف ...وعارف كمان أن كلمة أعتذار مش كافية لكن ..." ،
شد من قامته المنحنية ..ليقف أمامها بوجه ينوح من فكرة فقدانها ...يفتح فمه ..لتخرج كلماته متعسرة " أنا أسف ..." لم تكن صعبة ..بل هزيلة ..ضعيفة أمام ما لاقت ،
رفرفت بأهدابها عدة مرات ..لتسكن دمعاتها ، ربما هى سمعتها منه ليلة أمس ، لكن قولها لها وجهاً لوجه ..كانت أقوى تأثيراً على روحها ، ربما لن تشفى جراحها الملتهبة ..لن تخفى أثارها الدميمة التى حفرت خنادق مظلمة داخلها ..ولكنها كانت فى حاجة ماسة لسماعها ..مهما كانت باهتة ..هزيلة ...ضعيفة ..صغيرة أمام عظم جرحها ولكنها كانت بحاجة لسماعها ..وكما لو كان شعر بحاجتها ..فأمطرها بمزيد من الأعتذارات ..
أبتلع غصته المدببة ليقول بنبرة متهدجة ..يعتذر فيها عن البدايات " أسف ...أسف لأنى كنت أعمى عن حبك اللى كان بيلمع فى عيونك ليا " ،ليردف بعدها بندم سحيق " أسف ..لأنى ملكتك فى لحظة ضعف و شهوة ..." تماوجت أنفاسه داخل صدره ..لتختنق كلماته المكتومة " وأسف لأني ماشفتش الألم اللى فى عينيكى و أنت بتكدبي عليا " ،
لتبكى عيناه فجأة ..بعدما تزاحمت الدمعات داخل حدقتيه السوداء..لتدحرج فوق وجنته الخشنة ..تتدارى وتختفى بين شعيرات ذقنه السمراء ..ليقول بنبرة خرجت من رحم الوجع و أنين الألم نبرة تشدو برثاء " أسف لأنى ماكنتش جنبك لما ابننا مات " ...ليبح صوته فى كلمته الأخيرة ...لتغمض عينيها بشجن ...ويداها تربت فوق بطنها المتقلصة بحنان ..لجنين زرع فى رحمها ..وزرع حبه فى فؤادها ، لم تخفى حركة يدها من أمام عينيه الغائمتين بسحب شتوية .. لتسرى رعشة باردة على طول ظهره ..تلهب قلبه بصقيع حار ...ليتذكر كلام عائشة ليلة أمس ..،
" أنا عارفة أنك موجوع على ابنك اللى مات ، اللى ماكنتش تعرف بوجوده...لكن فكرت فيها هى ؟! ..، فكرت فيها هى اللى حست بيه ...وكان بيتحرك جوه بطنها ..بيشاركها حزنها ووجعها وفرحها ...، هى اللى حبته من قبل ماتشوفه بعينيها،
أنت ماعرفتش عنه غير يوم وشايف حالك عامل أزاى ...وهى اللى عاشت معاه ..جواها ..تسعة شهور ..بتعد الأيام عشان تملى عينيها بشوفته ...هيبقى حالها أزاى ؟!.." .
زفر بعنف يطرد نيران صقيعه ليكمل سيل أعتذارته الحارة " أسف ..على كل يوم ....لأ..على كل لحظة فى العشر سنين ..مانجحتش أني أوصل ليكي فيهم "،
تباطئت أنفاسه ..وكلماته سجنت داخل صدره ..لتذيقه مرارتها ..فيغص قلبه بمعانيها ..ويسحق من قسوة حروفها ..ليقول بصعوبة ..يدفع الكلمات دفعاً من داخل فمه " أسف أني خليتك تمر بده كله لوحدك " ،ليتنفس بعمق ..أخذاً أكبر قدر كبير من الهواء المحمل بعبق عطرها الندى ...ليندفع داخل رئتيه..متغلغلاً دماءه ..فيهدى قلبه عبيرها ..ليقول بغير ندم " لكن مش أسف أني أتجوزتك من عشر سنين ، ولا أسف أني ماطلقتكيش خلالهم ..أسفي الوحيد فيهم أنك ماكنتوش جوا حضنى " ...،
شردت فى ليل عيناه المعتم ...و زخات دمعاته الصادقة ، شردت فى كلمات تبوح بصخب أفكار قلبه ...شردت مع شرود نبضاتها ...ولكن كل هذا لم يغير قرارها ..لتقول بصوت يأتى من بعيد " حسناً ..." ، لتطرف بعينيها وتعود لعالمهم الهزلى وتردف بوجه بهتت ملامحه ..تشجو بالفرنسية كطائر المالك الحزين " لنسدل الستار على قصتنا الأن يا عمر ...وننهيها على رغبة القدر ..فأنا امرأة شاخت روحها قبل أوانها ...ودوري بات مرهقاً لشيخوخة روحى العليلة ...فأذن لى بالنزول من على خشبة المسرح" ،
هتف بلا حانقة ..وقدماه كادت تخترق أسوار قلعتها ..لتقفه بأشارة من يدها تخاف من تقهقر دفاعتها أمام عينيه " حررنى ..لقد حان موعد الرحيل " ،
" لأ...." غاضبة خرجت ، لترجوه بدموعها " فلتنساني كما لو أني لم أعد ..." ،
" أنا مانستكيش من الأول عشان أنساكي دلوقتى " قالها من بين أسنانه ..بقلب يود خضها ..هزها ..ليهدهدها بعدها ويسكنها بين سكناته،
" أذاً ..عليك بنسياني " قالتها بعند أحمق،
" مستحيل ..." قالها ليمزق أحباله الصوتية المشدودة.. ، ليقترب منها ...يخترق أرضها ..ضارباً بعرض الحائط رفض عيناها ..ليحتضن بكفيه وجهها الصغير ..يمتلكه كله بين راحتي كفه ..يرفعه لأعلى ..ليهمس أمام شفتيها ..بغضب وخوف ..بحلاوة عشقها ...ومرارة فقدانها ...بنعومة وتملك ..بألم وفرح ..هتف وعيناه لا تفارق غابات عينيها المشمسة فى نهار شتاء باكى" بحبك ...أنا بحبك " قالها بصوت عاشق زلزل أرضها من تحتها ...ليردف بقسوة وحنق من صلادة رأسها " أعمل أيه فى دماغك الناشفة ده اللى مش راضية تقتنع أني مش هسيبك تستسلمى بسهولة كدة " ...، وهى كادت تستسلم بسهولة له ، تستسلم لدفئ حضن كفاه ..تستلقى تحت ليل عيناه ...وتحصى بأصابعها مسام جلده ...وتتوه بين متاهات شفتيه..وتلهث فى رحاب عشقه ..طرفت بعينيها ..مشدوها من منحنى أفكار عقلها ...لتدفعه بقسوة بعيداً عنها وتهتف بحنق من رغبة قلبها " أنت من لا يفهم هنا ...لست أنا .." ،
كان ينظر مصدوماً لها ..لا يصدق قسوة أنفعالاتها " أنا لا أريد الحياة ..و أذا أردتها فلا أريد أن أحياها معك " ..كانت تصرخ بصوت عالى ..جذب العديد من الأنظار حولهما .. .لتكمل بأنفاس محتدمة من زخم مشاعر يستطيع خلقها بداخلها فى ثوانى " أنساني عمر ...فلتنساني .." لتتسع عينيها ببريق خاطف كما لو خطر فكرة جهنمية داخل دهاليز عقلها " تعلم عد لزوجتك ..أعتذر لها ، أنها امرأة رائعة ..تحبك كثيراً " ..توقفت بأنفاس لاهثة ..تنظر لملامحه الباهتة المصدومة من جنون أنفعالاتها ..لتخطو ناحيته بخطوات واسعة ..تدفعه مرة أخرى تردف بنبرة مهزوزة تنذر بالبكاء " هيا ..أذهب ، أجلب لها باقة من الزهور النادرة ...أحضر لها شيكولاتة فاخرة ..و أشترى لها أرقى العطور و أفخمهم...و أنشد لها مئات الأشعار فى اليوم ...وستسامحك " أرتعش ثغرها المكتنز ..ليخرج صوتها مرتعشاً ..حزيناً كناي شارد " ستسامحك ..لأننا يا عزيزى فى العشق حمقاوات " ،
أغمضت عينيها بألم ..لتدارى عينيه من أمامها ..حتى لا تضيع أمام مرفأهما ..ولتفقد نفسها ...فهى ضائعة معه ...ومفقودة بدونه " عد لها و أخبرها بأنك أخترتها هى حين حان موعد الأختيار ...أخبرها بأنك دونها ضائع " ،
" بس أنا أخترتك أنت ..." قالها بصوت مبحوح ..ويداه تمسك بعضديها بقوة حانية ، لتفرق بين أهدابها وداخل حدقتيها ثورة بين شعبين ، شعب نال رضاه بكلماته الصادقة التى عزفت على أوتار قلبها ..ونال سخط الأخر ..لأنه لا يعطيها حريتها المنقوصه بدونه ، وهى كأمة تضيع بين مطالب شعبيها .....لتهتف بثورة غاضبة " و أختيارك ..لا يريدك .." ،
نزعت وجهها نزعاً من رحاب كفيه ...تخطو للوراء ...وعيناه تقيدها به ، تخطو للوراء وقلبها يهفو إليه ...تخطو للوراء وتتمنى لو أختصرت المسافات بينهما ...تخطو للخلف مستسلمة لقدر غير رحيم بضعفها ...فيقذفها ناحيته كل مرة ...بينما يخط لفراقهما المحتوم ، استدارت على عاقبيها ...ترغب فى فرار ..فى رحيل دون وداع ..ليخترق ظهرها كلمات فمه البآس " موافق ..أني أطلقك ..." ،
ترنحت فى وقفتها ..كورقة صفراء يابسة ..تتعلق على المحك بغصن شجرها أمام رياح خماسين حارة ..لتستدير له بقلب يزغرد حزناً...تنظر لليل عيناه المعتم دون قمر ..يكرر كلماته بروح تنزف سراً " موافق ..أنى أطلقك بس بشرط ..." ،
تغضن جبينها الصغير ..ليعترف لنفسه سراً أنه لطالما أعجب بعقدة حاجبيها الكثيفين ...كأنها بعقدها لهما ..تعقد حبال حول قلبه وتشده إليها " هطلقك ..بعد ماتعملى العملية وتخفى ...غير كدة لأ " ،
" فلتذهب للجحيم .." بلسانها قالت ...والقلب ردد وراءها غير أمين ،
ليكمل جملتها وصدره يرتعد من فكرة فقدانها " وده ..لو سيبتك تموتى ".
تقف داخل المصعد بملامح مكفهرة ...لا تنجح فى إخماد ثورة قلبها المشاغبة بينما هو يقف بجوارها..يكاد يلتصق بها رغم ..خلو المصعد إلا منهما ...لتزفر بسخط ..تود تعلم بأى لغة يفهم ذاك الساكن بتجويف رأسه ...ليعلم بأنها ترغب برحيله ، ولكنها لا تعلم بأن النابض بين ضلوعه ...لا يفهم من سرد الكلمات و أبجدية الأحرف فى جميع اللغات ( يحبها ) ...ومهما أختلف ترتيب الضمائر و تبدلت الأفعال بين الأمس والأن وسيكون ...هو يحبها ...بجميع المرادفات ، وفقدانها ..لن يرغب منه إلا المضاد ....وصلا لدور غرفتها ...لتخرج من المصعد بخطوات متجهمة ...وهو خلفها كظل أمين ...وما أن فتحت باب غرفتها ..تسمرت فوراً كشجرة صماء ..ما أن لمحت عمتها تجلس داخل الغرفة والحزن يخيم فوقها ، ويوسف ..يقف خلف نافذة غرفتها ..وما أن سمع أنفاسها تشدو من حوله ...استدار لها ببطء ..كعقرب الدقائق لساعة كبيرة محطمة ...بفعل يدها ..ومع التفاته كان قلبها يقرع بعنف ، لترتبك نظراتها أمام وثن ملامحه التى عجنت من طين الحزن والأسى ونحتت بسكين الوجع الصلف...والفاعل ...هى !!!، لتشيح عينيها ...عن صنع يدها ..التى ثقلت عينيه بالأحزان ...ليداريها عمر خلف ظهره ..برغبة فى حماية ..حركة هزلية رسمت بفرشاة خربة فوق ثغر يوسف المشدود كسلك رفيع جارح ...بسمة ساخرة ..ليردف متهكماً بكلمات تطعن ألاف الطعنات " أحنا أخر ناس تحميها منهم يا عمر..." لتقسو ملامحه ..راجماً بحجر كلماته
" ولو كان فى حد المفتترض تتحمى منه ..كان أنت " ،
كلماته كانت كرمح أفريقى غرزت صدر الأخر ..دون رحمة ..لتغرز لحمه ...تخترق عظمه ..وتنفذ لما فى صدره ، ولا يستطيع الأخر الصد لها ، لأنه يستحق منها ألاف الطعنات ..ليتقلص وجه بألم..ولسانه يعقد من الذنب ،ينظر من فوق كتفيه لها ..يعتذر لها ..لتطوف عيناها فوق وجهه الكئيب بنظرات لم يفهم معناها
" مافيش داعى للكلام ده يا يوسف دلوقتى " ..قالتها ليلى ..وهى تقترب من والدها ...وعيناها تحاول ملاقاة عينا ابنة أخيها ..رغم الخشية من اللقاء...،
لتهمس بنبرة حانية تحمل جواب أعتذار " عاملة أيه دلوقتى يا كارمن ؟! " ،
طرفت بعينيها عدة مرات ..لتنهى حديث النظرات ..لتخرج من خلف ظهره ..تبتعد عنهم جميعاً بخطوات ..تنأى بروحها بعيدة عن وصال ..يرغمها على الحياة ..لتقول بكلمات هادئة رغم اختلاج النبرات " كويسة ...حتى بفكر أخرج من المستشفى ..النهاردة " ،
أستدار ليلى وعمر لها ..بدهشة و استنكار ..بينما يوسف قال ببرود وهو يسير ناحية الباب بثقة إثارة غيظ عمر " تمام ...خلينى أشوف الدكتور ...لو هيكتب ليكي على خروج .." ،
أمسك عمر بتلابيب قميصه ..يسأله بحنق " دكتور أيه اللى هيكتب ليها على خروج ؟!" ...، حرك يوسف نظراته بكره واضح بين يدي عمر الممسكه به وبين وجهه ..الذى بات لعجوز مهلهل فى أخر العمر ..ليقول بأنفاس غاضبة ..تخرج من زمهارير صدره المحترق " ده شئ ..ميخصكش " ،
صر عمر على أسنانه..بينما يداه تزيد من قبضتها " ده مراتى..." ،
توحشت ملامح يوسف ..وهو يقبض على ذراعى عمر القابضة على قميصه ..ليزأر بصوت عالى " لو كنت عارف معنى الكلمة ده ..ماكناش وصلنا لهنا دلوقتى " ..ليدفعه بعيداً ..بعدما لكم جانب وجهه سريعاً ..ليندفع عمر ناحيته مرة أخرى بغضب أهوج يناطح سخط الأخر ..الذى يقف كجلمود طويل غاضب ..ليمسكا فى خناق بعضهما ..لتصرخ ليلى عليهما " بس بقى ...بس أنتوا الأتنين " ...، فصلتهما عن بعض بصعوبة بالغة ولازالت أعينهم تتشابك فى سجال دائر..كسحب رمادية يتقابلان فتبرق السماء وترعد ، أما أصداغهم تنبض بغضب أهوج ...كفوهة بركان تلفظ حممها لأعالى السماء ..وتغلى صدورهم كغليان زيت ..أشعلت من تحته النيران منذ ساعات طوال ،
دارت نظرات ليلى بينهما ..لتزفربعنف من ذاك الثوريين العنيديين اللذان يتناطحان بقرونهما ...لتستدير ناحية عمر تصرخ به ساخطة من حالة جنونه " كفاية بقى يا عمر ..كفاية " ، لتستدير بعدها لابنها الذى لا يتوقف عن قتل ابن خاله مراراً ومراراً بعقله ..لتصرخ به هو الأخر " و أنت كمان كفاية " ...هدرت فيهما ...لتحاول ألتقاط أنفاسها ..لتقترب من ولدها تسأله بدهشة بنبرات خافتة " مش ده اللى اتفقنا عليه يا يوسف " ..،
التفت ناحيتها ...بصوت مبهم ، ليرفع نظراته لمن خلف ظهرها ..تجلس على حافة السرير بأرهاق ..ولا تهتم بما يدور بينهم ..كما لو كان لا يعنيها الأمر ..ليقول بصوت قصده أن يكون عالياً ..ليصل لمسامعها " واحدة مش عايزة تتعالج ..هنعالجها بالعافية ..." ، رفعت كارمن أنظارها إليه ..تخبره بأنها لا تصدقه ..تعرف خطته التى ينتهجها معها..بنظرات من العينين...برفرفة أهداب ..ببسمة شاحبة تلوح فوق ثغرها الحزين ..ليثبت أنظاره فوقها ويكمل رغم المخالب التى تشحذ فوق جدران قلبه " كارمن مش صغيرة ..ده واحدة عندها تلاتين سنة ..منهم عشر سنين عاشت فيهم لوحدها " ..ليستدير لعمر بعينين تبرق غضباً ..يخبره بأنه السبب ، ليستدير ناحية والدته ..خاطفاً لمحة من وجهها الذى سرق المرض نضارته ..ليصبح باهتاً ..أصفر ..كرسالة غرام بين عشيقيين من زمن ماضى ، جميلة بكلماتها ..شاحبة بفقدان شبابها ..ليردف قائلاً باستهجان " مش عيلة صغيرة هنغصب عليها تاخد الدوا بالعافية "...ليعود إليها ..يعضدها رغم كسرة ظهره منها ..يحنو عليها رغم قسوة نظراته إليها " جهزى نفسك ..عشان هنخرج ..مادام ده رغبتك " ،
" كارمن ...مش هتخرج من هنا " ..هدر بها عمر..صارمة ..قاطعة ورغم قسوة النبرة ..كانت عيناه تلمع ببريق دموع الخوف ، وجسده يرتعش ..لا من الغضب بل من فكرة فقدانها التى صارت أشباح مرعبة ...تحوم حول راسه....كمن وجد نفسه تائهاً فى جزيرة منمن ..ويحوم حوله سكانها بجوع شره لتمزيق لحمه بين أسنانهم ،
رمقه يوسف باستهجان ..يمضغه ويبصقه بين نظرات عينيه الساخطة ..ليردف بازدراء " رأيك مش مهم قدام رأيها .." ،
كاد يرد عليه بسباب لاذع ..لتتوقف كلماته داخل حلقه ما أن سمع صوتها الرطب من فعل بكاءها " أنا هخرج من هنا ..." ، هز رأسه بجنون رافضاً ..ليخطو ناحيتها ..ويجثو على ركبتيه أمامها ..وقلبه يرفرف كجناحى فراشة ثبت جسدها بالمسمار ...يرتعش أسمها الخارج من فمه " كارمن ..." ،
قبضت على الشرشف بجانبيها ..تمنع قلبها من الألتفات لحزن عيناه البديع ، فلطالما كان حزنه مقبرة لتعقلها ...ودافع مجنون لتهورات قلبها المسلوب ،
" اللى أنت بتعمليه ده أسمه أنتحار ..." ..قالها بصوت قلم فيكتور هوغو وهو ينثر حبره فوق ورق كتابه البؤساء ...،
عادت بعينيها إليه ... ...لا تعلم أى جنون يتلبسها وهو حولها ...تحبه ..وتريد فراقه ،ترغبه ...وتكره وجوده ،تتمنى قربه ... وتبعده، تشتاقه ...ولاتريده حولها هى حالة ميئوس منها..تريد هجره وهو كل الأوطان ..تسامحه لكنها لن تمنحه الغفران ،رسمته بعينيها كمئات المرات التى سبقت وفعلتها ...و أرتجفت أناملها كما لو كانت تتجول فوق ملامحه السمراء ، لترتعش شفتاها كما لو كانت تلثمه بصغير اللثمات ....وكل هذا لتخط كلمة الوداع .... .

يتبع...


مارينا جمال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-01-21, 10:09 PM   #583

مارينا جمال

? العضوٌ??? » 416796
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 632
?  نُقآطِيْ » مارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond repute
افتراضي

تجلس والدته ممتعضة الملامح ...جامدة الوجه كما لو كان طير نزق يقف فوق رأسها ...تخاف طيرانه ...وبين لحظة و أخرى ترمقه من زوايا عينيها بشك ..وحدسها يخبرها بأن هناك شئ خاطئ ...وحدس الأم لا يكذب ...وبجوارها أخته الكبرى شيرين _ التى لولاها لما اقتنعت والدتهما بالمجئ معهم اليوم ...لعدم قبولها بفكرة زواجه من أخت نهى الصغرى _تميل عليها وتهمس بالقرب من أذنها أن تفرد ملامح وجهها ...و أن تبتسم ولو مجاملة ، مذكرة إياها بحجتها القوية ...بأن عقدة أخاها ..أخيراً حلت و أنه سيتزوج ...لتتشنج ملامح أمانى كما لو كانت تتمخض بسمة فوق ثغرها الممتعض ، وبالكرسى المجاور لهما والمقابل له ...يجلس زوج أخته محمد ...الذى رغم دهشته من تلك الزيجة إلا ..أنه فرح لأجله ...معتقداً كزوجته بأن عقدته العنيدة ..حلت على يدى تلك الشابة التى تصغره بخمسة عشر عاماً ...أما هو فكان تائهاً بين دهاليز عقله ومتاهات أفكاره ...دهاليز ..تسحبه لماضى بعيد ..حاضراً بقسوة داخل عقله ...، ماضى حينما طرق باب تلك العائلة لأول مرة..لطلب ود حبيبته الأولى ، ربما تلك لست شقتهن القديمة ولكن لازال الأثاث واحد ...وهاهو يجلس على ذات الكرسى الذى شاركة ربكة سعادته بالأمس ...يشاركه اليوم حزن وهم القلب ...هربت منه نظراته بشوق ووجل لتلك الأريكة التى يتشاركا فيها أمه و أخته ، ليصبحا شاب وفتاة ...شاب محمر الوجه بسعادة وخجل ...يرتعش كفه بربكة وهو يلبس أميرته الجميلة ..بندقية الشعر ...خاتمها الذهبى ...المنقوش بداخله ...حروف أسمه ...لترتبك خلجاتها بخجل فطرى ...وتتورد وجنتاها المرتفعتان ..وفوق ثغرها الوردى ..طلت بسمتها على استيحاء ...بسمة حلم بأقتناصها بين شفتيه وامتصاص رحيقها لتمنحه أكسير الحياة ، ليستيقظ على كابوس شفاها الباردة الزرقاء ...ليغمض عينيه بآسى ..يسلم نفسه لأشباح الماضى ...لتغرز أنيابها فى روحه العليلة بوئام ...لتمتص الحياة من شرايينه بنهم ...وجوع غير قابل لشبع ،
فاق من شروده على نداء مشاكس هامس لزوج أخته " خالد ...أيه يابنى ..من أولها كدة هتنام " ،
أغتصب خالد ضحكة يهديها لزوج أخته ..ليقول نصف حقيقة " أبداً ...بس كان نفسى عمر يبقى معايا النهاردة " ،
" ماهو كان ممكن يبقى معاك ..لولا أنك أصريت تيجى النهاردة...مش عارف مستعجل على أيه " ..قالتها أمانى بنزق تام ، ليصطدم كلا من شيرين وزوجها ...فأمانى كانت تنتظر اليوم الذى سيخبرها فيه ولدها بأنه يريد الزواج ، أما خالد ضغط على مابين عينيه ...يستدعى طيلة البال ...فوالدته شذت سكاكينها بضراوة ...ويخاف أن يشهرها أمام ثريا وبنتيها ...نعم هو كان يرغب بتأجيل الموعد ..بل أتصل بالفعل بثريا يطلب منها ...ليشعر بضيقها ..لفهمها الخاطئ بأنه يتهرب من وعده إليها ...ليأتى اليوم مضطراً ...رغم قلقه الجم على صديقه ...
دخلت ثريا بملامح مضطربة و عينى زائغة ..تقبض على كف يدها بلوم ..بعدما عادت من غرفة صغيرتها ...لتستعجل مجيئها ...فتجدها لازالت بملابس البيت ..وترفض خديعة من يجلس بالخارج ورغبتها فى تحمل العقاب بمفردها دون زج برئ فى جرمها...لينتهى الحوار بينهما بلطمة على الخد ...وأحتدام أنفاسها بأنها ترفض بوجود عانس أخرى تحت سقف منزلها ...لتهشم قلب الأخرى ..التى أرتدت ...قناع الامبالاة والجمود ..لتخرج وصدى لطمة ابنتها ..ومعايرة كبيرتها ..كنعيق غراب أسود اللون ...شوم الطلة ..يدوى داخل قلبها ..كدوى قنابل المستعمر الغاشمة ..لتحيله لأشلاء ...جلست على المقعد بقلب مكفهر ..تدارى خلف بسمتها الكاذبة ..مر حنضلها ...تجلس ..لتردف قائلة بمرح مزيف ... فقد هجر الفرح القلب منذ سنوات عجاف ..." أستعجلت العروسة ..و أديها جاية كمان شوية " ، لترد عليها شيرين بود " خليها براحتها ..عروسة ولازم تاخد وقتها " ،
وحينما طال الصمت بين الجميع ..غمزت شيرين والدتها ..لتتحدث حتى تكسر هذا الصمت المريب ...وياليتها مافعلت ...،
" أومال فين عم البنات ...ماشوفتهوش ؟!" قالتها أمانى من بين أسنانها ،
لتبتسم ثريا لها ..وباتت تعلم أن المرأة لا ترغب فى تلك الزيجة ولكن ما باليد حيلة ..فابنتها جنت عليهن جميعاً ...و أن تذل كرامتها أفضل من إغراقهن بالوحل العطن ...." الله يرحمه ..العمر الطويل ليكى .." ،
همس الجميع ترحماً عليه ماعدا أمانى التى لوت فمها ...قائلة بخبث ناعم ..وكل مافيها يعلن رغبتها بالذهاب على الفور من هذا المنزل " وابن عمهم ؟!...فى الأغلب كان خطيب تقى برضه هو مش موجود" ،
تململت ثريا فى جلستها كما لو كانت تجلس فوق صفيح ساخن ..تنقر بكف يدها فوق ذراع مقعدها ..تهمس بأنفاس متحشرجة وود مزيف لا تشعر به لتلك المرأة بتاتاً ...ولولا الحاجة لطردتهم جميعاً ..." مش هضحك عليكى يا أمانى ..أحنا خلاص هنبقى أهل ...من ساعة أنفصالهم ..والود مابينا مش ولابد "
همهمت أمانى بتفهم مصطنع ..لتسأل رغم علمها بجواب سؤالها " وتقى لسه ماتجوزتش "
" لأ...لسه ماتجوزتش " ...، أرتفعت روؤس الجميع لصاحبة ذلك الصوت الجامد الشبيهه لمنحوتة خالية من الروح ...تقف بزي أسود اللون ..وقامتها المشدودة الشامخة كأنوبيس حامى وحارس الجبانة ..وبعينيها غضب عرافة هندية ...سارت لداخل الغرفة كزعيمة قبيلة أفريقية ..ترتعد السماء من فوقها ..خوفاً من طلتها ..وتنحنى سنابل القمح لها لسطوة خطواتها ...جلست بخيلاء بجوار والدتها ..وعيناها تسحق المرأة فى الجهة الأخرى ...التى قررت محاربتها بكيد النساء ...لتهدئ من أنفعال قلبها العجوز لتهتف بأعتذار ماكر " سورى يا تقى ..أنا مش قصدى حاجة ..اللى خلانى أسأل بس أنى عارفة أن سنك عدى التلاتين "
" واحد وتلاتين " رددتها تقى بلامبالاة ...وبصرامة حادة ،
" لأ....لازم تشدى حيلك ، ماهو أختك الصغيرة تتجوز و أنت لأ" قالتها بخبث عجائز الزفاف ...اللواتى ينهشن فى لحم الفتيات دون رادع أو رحمة ،يجرحهن ، بسكين لطافتهن الحادة ...يشوهن روحهن المعطوبة بأسيد كلامهن ...والداعى خوفهن الكاذب ...وهن ليس إلا نساء كاريهات يرغبن الضحك على أوجاع الأخريات ولكن هنا القصة مختلفة ...أعتلى ثغر تقى بسمة مختالة ...قاسية ...كقسوة عالمهم المختال بدموع نساءه " ومين قال أني عايزة أتجوز؟!" ...فهى من ترفضهم ..تنفرهم ..ولا ترغب بوجودهم فى دائرة عالمها ، فالرجال كائنات زرعت فى البطون من أجتياح النساء ، وولدوا من بين آناتهن، يتغذوا على دموع نساءهن ..ويزدادوا بطش بقهرهن ...فالنساء بالنسبة لهم ليس إلا قمم نهدين و أستدارة ردفين...وهى امرأة توحدت مع ثوب عفتها بل التصقت به ،
" كل اللى بيتأخروا فى الجواز بيقولوا كدة " قالتها أمانى بشماتة ...فهى لا تنسى لتلك الفتاة ...حينما جاءت لهم ليلاً ...ترمى فى وجه ابنها ملابس أختها المنتحرة ..الملطخة بالدماء ..وتصب داخل أذنيه جمر غضبها ..ليحترق به طيل تلك السنوات ..حارقاً معه سنين عمره بذنب لم يكن له يد من الأساس ،
مال محمد على زوجته التى بهتت ملامحها من كلمات أمها الفظة ..ليردف هامساً بصوت مضطرب " هو أنا ليه حاسس أن طنط جاية ونيتها أنها تخرب الجوازة " ،
قضمت شيرين أظافرها بأحراج وهى تهز رأسها لزوجها وتخبره بصدق تفكيره ، أما ثريا لم تستطع السكوت بعد الأن ..وترى الأخرى تغرز أنياب الكيد فى روح ابنتها ..لتنطق بكلمات صادقة " تقى بيجيلها عريسان كتير ..دكاترة ومهندسيين بس للأسف مافيش حد بيعجبها " ،
كادت تنطق أمانى ...ليقطعها خالد ..زاجراً بعينيه ..مستديراً لثريا ..يعتذر لها من بين أهدابه ..متقمصاً دور العريس المتلهف لرؤية عروسه ..التى ويا لسخرية القدر لا يعرف شكلها حتى الأن كعريس من القرون الماضية " أومال ضحى اتأخرت كدة ليه ؟!"
" هقوم ..أشوفها ..." قالتها ثريا وهى تسأل بطرف عينيها تقى ..لو تعرف شيئاً...لتحرك حدقتيها بلا ، وما أن قامت ..لمحت ملامح صغيرتها ..تطل عليهم ..لتتنفس ثريا الصعداء ، لتزفر شيرين براحة ..وعيناها تبرق بأعجاب واضح لعروس أخيها، أما أمانى ..نظرت شذراً رغم رضاها بشكل العروس ببشرتها الذهبية البراقة ..وتقاطيع وجهها المنمنمة ...وعيناها كقارورتى تنضح عسلاً ذهبى ...تتهادى بثوب خمرى ..ينافس لون بشرتها ..،
وهى كانت تتهادى فوق أرض زلقة من وحل خطيئتها ...وطين خدعتها ..تسير ..وتتمنى الركض للوراء ، لتلك اللحظة ...لأول مرة أعلن بها ذئبها بجوعه لبراءة لحمها ...لتركض بعيداً عنه ألاف الأميال ...تختبئ فى حضن أمها ...كطفلة صغيرة تختبئ من وحش ينتظر سهوها ..ليلتهم براءتها ، بطء خطواتها لم يكن خجل ..بل حذر وتردد فى السير فوق طريق الخديعة الوعر ..نظرت لأختها ...التى أغلقت أهدابها لتهدهدها بداخل عينيها ..ورغم غضبها منها ..أخبرتها أنها معها بشفتيها ، أومأت لزوج شيرين ..فهى تعرفه مسبقاً ...لتمد يدها ناحية شيرين ..التى قامت و حضنتها بسعادة ...ليغص قلبها بمكر خديعتها ...لتسلم على حماتها المستقبلية ...التى سلمت عليها بطرف عينيها ...ليحين دوره ..هو الحاصل على دورين فى حياتها هى و أختها ، فهو المجرم ...الجانى ...المذنب بدماء أختها ، وهو الضحية ..المخدوع ..لتبريرها من جرمها ..وقف أمامها يبتسم بحنين لها ..كأخ كبير ينظر لصغيرة ..يراها الأن شابة جميلة ..ينظر لها بشفقة على حاله وحالها ..لربما لو كان زمان بغير زمان ..لكان هو من أهداها لعريسها ..ولن تكون وسيطه لتكفير عن ذنبه ...مدت يدها على استيحاء ...ليمسك كفها المرتجف من برد غزا جسدها من لحظة عريها ولم يرحل بعيداً بعد ...ومن هنا كان السرد الأول ..لقصة تتناثر أوراقها بين العشق والخديعة ...وتكتب من حبر التضحية والواجب .

يتبع...


مارينا جمال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-01-21, 10:11 PM   #584

مارينا جمال

? العضوٌ??? » 416796
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 632
?  نُقآطِيْ » مارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond repute
افتراضي


" وعدتُ بذبحك خمسين مرة ....
وحين رأيت الدماء تغطى ثيابك ...تأكدت أني الذى قد ذبحت "......نزار القبانى.
_________________________________________

بأنامل مرتعشة ...مسكت قلمها الفحمى ... كعازف عود يداعب أوتار عوده ..ليخرج من آلته تنهيدات روحه ورغباتها ...خطت هى فوق ورقة دفترها ، ملامح وشمت داخل قلبها بحبر العشق ..رسمت ملامح وجهه الحزينة التى أرهقت قلبها ..ولهبت جنون أفكارها ...خطت تجاعيد حزنه ..كشقوق زادت مبانى دمشق القديمة جمالاً ...شقوق تنبت فلاً وياسميناً ...و أنفه المتغطرس كيونانى غزا بقاع الأرض...نالته هزيمه سحقاء ..ويطلب الأستغفار ، و مايعلو أنفه من مضيق ضيق ملئ بالتعرجات يقع بين حاجبين كثيين ، وعيناه كبئرين ..تفجروا وسط صحراء جدباء ...يتشحان سواداً ...وينوحان كنساء بيت لحم وقت ذبح أطفالهن...أما فمه كان كرمه جف نبيذها ...، رسمته كأرض محتلة من أطياف الحزن ، رسمته كمدينة تشتاقها وهى المغتربة عنها ...ولن تعود إليها لتوقف حركة الطيران والملاح ...ولا تملك فرساً أو جملاً ...يعبر بها ملايين الأميال ...فما بينهم ليس بسفر عام أو اثنان ...بل لعشرة أعوام ...،تركت القلم من بين يديها ...ورفعت دفترها بأنامل متسخة بفحم قلمها...تنظر لرسمتها بقلب عاشقة ..وبخبال فنان ...تتذكر قول أساتذتها أن الحزن يجذب عين الفنان ويلهمه أكثر من الجمال ...أما هى تقتنع أن الحزن فى حد ذاته جمال ...وهو رجل لا ينقصه من الوسامة جمال ...،
ضحكت بقنوط على حال نفسها ...فيبدو أن المرض أثر حقاً على تلافيف عقلها ...وباتت أنفعالاتها تتأرجح من أقصى يساراً ...لأقصى يميناً، وقلبها العاق ..بات يجهر بآثم حب فى وضح النهار ...بل يتلوه لها كصلاة ....رمت الورقة فوق سريرها ...كرأسها التى ألقتها فوق وسادتها ...وتعلقت عيناها بسقف غرفة ربما تحمل أخر ذكريات أنفاسها ...لتضحك ساخرة ...فيبدو أن حبه داخل قلبها ..كالسرطان ..كلما تعلن تعافيها وخلو قلبها منه ...يظهر ...ويخرج لسانه لها ، وعلى مايبدو أنه عليها الأستسلام وتعيش مع أعراضه بسلام ووئام ...،
طرقات هادئة على باب غرفتها التى تحل عليها كضيفة لشهور محدودة ...طرقت لمسامعها ..مع نداء خافت بأسمها من عمتها ، لتتنهد كارمن بوهن ...لتعتدل جالسة فوق فراشها ...آذنه لعمتها بالدخول ...،
دخلت ليلى بقدم تخطو للأمام و أخرى تعود بها للخلف ...وملامح وجهها تتشنج فلا تعرف أن تطرد حزن عيناها ولا تحضر بسمة ثغرها ..ليصبح وجهها محل تنازع...،رفعت ليلى عينيها بتردد كبير ، وكفيها يتحاوران فيما بعضهما بتوتر شديد ... ينم عن حيرتها و حرجها ،
ورغم جرح قلبها الندى من عمتها ...ابتسمت كارمن لها ..." عمتو ...." ،
أرتجف ثغر ليلى مبتسماً بآسى ..لتقول بصوت متحشرجاٍ يكسوه الحنين " كنت لما بتقولي ليا يا عمتو ...بعرف أنك عايزة مني حاجة "..،
خرج من حلقها ما يشبه الضحكة ...لتحرك رأسها نفياً بأنها لا ترغب بشئ الأن ...،
جلست ليلى أمامها بحزن غائر داخل عينيها ، وسياط ضميرها لا تتوقف عن جلد روحها ...لتحل عينا أخاها الصغير وحيد ..داخل عينى ابنته ...لتلومها على إهدار أمانته لها ..لتشعر بغصة داخل صدرها ...تذبحها بالبطئ ...بللت شفتيها بلعابها الجاف ..تسألها بغصة ..و أعين لامعة " عاملة ..أيه دلوقتى ؟!" ،
نطقت كارمن بمرح زائف " ممتازة ..." ، لتمط شفتيها بمزاح ساخر وتنطق بالفرنسية " المذهل فى تلك المسكنات ..ليس فقط إحجام الألم و إخراسه ، بل منحك القوة على التقاط النجوم بيدك المجردة و أنت بمكانك "،
لتسألها بعدم راحة واقتناع " وهتاخديها لغاية أمتى المسكنات ده ؟!" ،
" حتى أصل لنجوم بالفعل ..." قالتها بروح واهنة ..وكل مافيها يعلن أستسلامه ،
" كارمن ...اللى أنت بتعمليه أنت ويوسف مش مقتنعة بيه ؟!" قالتها ليلى بسخط وعقلها يشت من تصرف ولدها الذى وافق ابنة خاله و أخرجها بالفعل من المشفى ..ليجلبها معهما لشقتهما الجديدة ...أما كارمن فشردت فرد فعل ابن عمتها الماكر ...هو فقط يهادنها ...ليجلبها لأرضه حتى يناورها جيداً ..ويقنعها بالعدول عن رأيها ..أو ربما فقط يرغب فى منحها بضعة أيام خالية من الألم القمئ ، عادت بعينيها لعمتها التى سألتها بصوت منخفض " زعلانة مني ؟!"
" أنت زعلانة منى ..." لم تجيبها بل أخبرتها بحقيقة تراها بوضوح وسط ضباب الحزن والغم داخل عينى عمتها ،
طرقت ليلى برأسها ..لتتنهد بوجع ..لتثبت بعدها عينيها داخل عينى كارمن المتنبئتين بكلامها " مع أنه مش وقت عتاب ليكي أو لوم ...لكن أيوة يا كارمن غضبانة منك وعايزة أعرف ليه ؟" ، تسألها لما وقعت فى وحل الخطيئة ...لما أرتكبت ذاك الآثم ...كان بأمكانهما الزواج ..لم يكن هناك عائقاً لهما ..حتى عزيز حينها كان عائقاً سهل تخطيه ، عمر تحدا والده من أجل إلهام ...فماهو بفاعل من أجلها ، وصغر سنها لم يكن يمنعهم لعقد الزواج ...فولى أمرها بالفعل هو عريسها ، وكما عقدا سراً ...كان يمكن عقده أمام الجميع جهراً ...وحينها كانت تلك الزيجة رغبتها و أمنيتها أيضاً ، أما كارمن كان تتوقع سؤالها ...سؤال أى إجابة عليه وقاحة أشد سوءًا من فعلتها ، لترفع رأسها لعمتها ..تجيبها بأهتزاز كتفيها لأعلى بأنها لا تعلم ...لا تملك مبرراً واحداً ...لأن الخطيئة لا تبرر و أن كان حينها الشيطان كان القائد ...فهما كانا جنديه المطيعيين .
هزت ليلى رأسها ...لتنهض قائلة " هسيبك ترتاحى ...ولو عاوذتى حاجة ..أحنا هنا " ...كانت تخبرها ليلى بأنها لم تعد بمفردها ..لتومض كارمن بعينيها بنعم فتلك هى أمنيتها الأخيرة ، وقبل أن ترحل ليلى عن غرفتها ..أوقفتها كارمن بصوت يحمل عتاباً مبطناً " أنا مستحيل استغل يوسف ...الحاجة الوحيدة اللى كنت عايزاها منه ...الأمان " .
دخلت عائشة لغرفة مكتبه ...بعدما طرقت كثيراً فوق بابها ...ولم يأتيها رده ...ليرتعد قلبها من فكرة أصابته بمكروه ...لتقبض على مقبض الغرفة وتدخل ...وها هو يجلس خلف مكتبه مشعث الشعر ...يخفى وجهه المهموم ..خلف كفيه المتشبكين فوق جبينه ...وبين أنامله تقبع بقايا سيجار مهملة ...التهمت نفسها ..باشتعال خلقته نار كبريته وذرات الهواء ...وها هو يشتعل بنيران حبه وذرات الفقدان ...لتتآكل روحه ويصبح مثل سيجاره ...بقايا مهملة ،
كان يشبه رئيس أمه ...شعبه لا يريده ..وينادى برحيله ...وشعبه كانت امرأة ..لا يرغب من الكون غيرها ، امرأة أهدته الحب والعذاب فرشفة واحدة ، ليهديها هو الذل والهوان كدم يجرى فى شرايينها ...،
مرت عدة أيام وهو على هذا الحال ...ذهب فيهم إليها ...ليرجع بخف حنين ، هى لا تريد مقابلته لتسد رمق شوقه برؤيتها ..وتروى روحه من جدولها ، ليطمئن قلبه بأن خليله الساكن بين ضلوعها يزال ينبض حياً ...،
ترغب الطلاق بأصرار ..كما لو كانت لا ترغب به زوجاً بالجنة ...ليسخر من أفكاره ..وهل يعتقد بعدما فعل به ...سيسكن الجنة ؟!!!!،
شعر بربتة خفيفة حانية فوق كتفه ...ليرفع رأسه لها ككهل عجوز نال الزمن منه ، ينظر لها ويتسأل " لولا وجود عائشة بجواره ..بعدما هجره الجميع لكان جن ، أذاً كيف كان حالها وهى بمفردها فى غربتها ...نعم ، لطالما أخبرته بأنها تشعر بأن فرنسا أرض غربتها ...فرغم أنها تحمل دمائهم وولدت تحت سماءها ولغتها تسكن لسانها إلا أنها لم تعرفها أرضاً لروحها ...لأن هناك لا يسكن أحبائها ، والوطن ما ألا سماء يتنفس تحتها أحباءها و أرض غرزت فيها جذورهم ...وهو نفاها لأرض غربتها ...تحمل فى أحشائها نطفة منه ..ليصفعه القدر بأنه طرد روحيه ، ليموت فى المنفى أمنية رجولته ، وأمنية القلب هاهى تزوى بعيداً عنه ،
مدت عائشة يدها بجواب ...وكل الكلمات ماتت لرثاءه ..وبكلمات حروفها من الشفقة قالت " الجواب ده من المحكمة ..." ،
تجهمت ملامحه وبهتت ، خوفاً من أن تكون عنيدته قد لجأت للمحاكم ..لتخبره برغبتها بالخلاص منه ..أكثر من مرضها ،
مسك الجواب بأيدى مرتعشة ...يفضه ويكتم غصة حلقه وجواب المحكمة كان بالفعل ..قضية طلاق ولكن كان من المجنى عليها الأخرى تحت مقصلة ظلمه ...إنجى .

يتبع...


مارينا جمال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-01-21, 10:13 PM   #585

مارينا جمال

? العضوٌ??? » 416796
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 632
?  نُقآطِيْ » مارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond repute
افتراضي

كان يهز رجله بتوتر شديد ...فهو هنا منذ أكثر من نصف ساعة بمفرده ...بعدما أدخلته الخادمة لغرفة مكتب إيهاب الذى يستعمل معه أسلوب رجال الشرطة فى التحقيقات ...يتركوهم مع أشباح أفكارهم الطنانة ..ليختل توازنهم ، ويعترفوا بجرائمهم دون إطالة ، وهو مجرم ..أتى ليعترف بجرمه بحق امرأة ...جرمها الكبير بأنها أحبته بصدق ...سكبت عند قدميه طيب قلبها ، ونصبته كاهناً عظيماً على مدينة روحها الفاضلة التى استقبلته بأرض فرشت زهوراً من أندر الأنواع ، وهو لم يكن إلا لصاً ...محتالاً ...أراد الأختباء داخل أسوار مدينتها ، فعاث بها فساداً ، نهض من مجلسه ، بأنفاس مضطربة ...وجبينه الندى من قطرات عرق تحمل توتره ، تخالف جفاف حلقه ، ورجفة جسده من برد ينخر العظام ...كاد أن يتوجه ناحية الباب ...لولا دخول إيهاب بخطوات صارمة ...وملامح جامدة ، ليمر أمامه دون توقف ...ليجلس خلف مكتبه ..ويشير له بيده أن يجلس دون كلام ،
يلتقط علبة سجائره من فوق المكتب ، يشعل واحدة ...وينفثها بهدوء ...ليردف بنبرة خشنة ..قاسية " عمر ..." ..ليحرك كفه بمعنى أن يلقى بما يقبع داخل جوفه ..أو بمعنى أدق ..سبب مجيئه ، زفر عمر متوتراً ..يبلل شفتيه الجافتيين .قائلاً بصوت متحشرج " كنت عايز أتكلم مع إنجى " ،
رفع إيهاب حاجبيه ..مفتعلاً دهشة ليقول باستهجان " تقابل إنجى ..." ، ليطقطق بلسانه بمعنى لا ..ليردف بقوة " أى كلام هيبقى بينى وبينك" ...مشيراً بسبابته لنفسه ثم إليه ، ليمط شفتيه بعدها ..قائلاً بقرف " وبصراحة أنا مش عايز فيه بينا أى كلام ...عشان كدة طلبنا الطلاق بالمحكمة ..." ،
ليكرر عمر طلبه قائلاً بأنفاس مختنقة " خلينى أقابلها ....لأخر مرة " ،
أرجع إيهاب ظهره للوراء ...يمرر سبابته فوق شفاهه بتفكير ...يدقق النظر كقناص نحو طريدته ...يمرر نظراته فوق زوج أخته السابق بأعتبار ما سيكون ...ليجد ملامحه غادرتها الحياة ، بل يخيل له بأن التجاعيد ملأت وجهه بشراسة وظلال سوداء تلقى نفسها حول عينيه الغائرتيين ..كرقعتيين يتخللا قماشة بالية ،
مفكراً ..هل دخول زوجته الأخرى للمشفى فعل تلك به الأفاعيل ..أم هجرانها له وعيشها مع عمتها وولدها هو مايجعله يشبه رجل ينازع الموت ، ليرفع حاجبه قائلاً بخبث قاسى "عرفت أن مراتك كانت فى المستشفى ...عاملة أيه دلوقتى ؟!" ، اختلجت حدقتى عمر بهزة تشبه الزلزال ...ليعلم أنه أصاب وتراً حساساً ...وهو رجل يعشق اللعب على تلك الأوتار " ،
أما عمر تفجر الحزن داخل أوردته حزناً ... ليبلع غصة قلبه قائلاً بعينين شبه مغمضتيين ، وبصوت خرج مهزوزاً " ممكن مانجيبش سيرتها ...هى مالهاش دعوة بحكايتى أنا و إنجى " ،
رفع إيهاب حاجبيه ويعلو أحد جانبى ثغره بسمة قاسية ..ليرد قائلاً " أنا كنت حابب أطمن عليها ...مش أكتر " ،
" مالكش دعوة بيها قولتلك .." قالها عمر منفوضاً ...لتتقلص ملامحه بألم عظيم يجتاح روحه قائلاً بوجع " خليها بعيد ...أنت ماتعرفش عنها حاجة " ،
" وماكنتش عايز أعرف ...ووافقت أنها تفضل سرك ..لحد ما أنت أخليت بالأتفاق اللى بينا " ...،
جلس عمر على الأريكة ...بل سقط و انهار ...لينكس رأسه ...وبصوت يدوى الحزن به ...وتنفجر منه أشلاء من الألم " اليومين اللى فاتوا عرفت أنه كان عندي ابن ومات ..." ،عقد إيهاب حاجبيه بدهشة ...هل عمر كان يملك ولداً؟! ، نعم يعلم بأن فى زيجته الأولى حاولا مراراً وتكراراً الأنجاب من خلال أطفال الأنابيب وكلهم أنتهوا أما بالأجهاض أو الفشل ، وذاك ماجعله منذ البداية يرفض زواجه بأخته ، ليرفع عمر رأسه المنكس ...وغيوم رمادية تمطر فوق رأسه ، يقول بصوت يحمل من الآلام أطنان " وبعدها عرفت أن أمه ...مراتى وسري ..مريضة بنفس المرض اللى قتل أبويا و أبوها " ،
تقهقر السخط والغضب قليلاً داخل إيهاب الذى نطق بصوت خافت رغم خشونته " ورم بالمخ ؟!" ،
حرك عمر رأسه بنعم وكل ملامح وجهه تصرخ بأأأأأأأأه ..تتآوه بوجع مميت ناطقاً بكلمات تشعل روحه وتحيله رماداً " ورم بالمخ ..." ،
أراح إيهاب ظهره بعدما عقد ذراعيه أمام صدره ورغم شفقته على حال الرجل إلا أن أفكاره أخذت منحنى أخر ليقول بصوت يشوبه بعض الغضب والشك " وده سبب أنك تيجى هنا ...وتكلم مع إنجى ...تقنعها أنها تفضل على ذمتك ..."
لا ...هز عمر رأسه نافياً " أنا مش هأقدر أسيب كارمن ...ولا هعرف أحب غيرها " ، تشكلت ملامح إيهاب من الحقد والسخط ...وتغلى دماءه حزناً و ألماً لأجل شقيقته ...متمنياً بخلق عالم أخر تصير هى سيدته ...عالم ناسه كله أطفالها ، ليقول من بين أسنانه بغل " مش شايف أن أكتشافك العظيم ده جه متأخر كتير " ،
" عارف ...وعشان كدة مش عايز أظلم إنجى أكتر من كدة ..." قالها كمذنب يقر بذنبه ويعترف به ..ليطلب بترجى بعدها " وعشان كدة أنا عايز أقابلها أعتذر له..." ،
" تفتكر كلمات عذر كفاية لعشر سنين ضيعتها من عمرها مع رجل ماحبهاش ...رجل قلبه طول الوقت ده مع واحدة تانية " ...قالها إيهاب بعصبية شديدة ..خارجاً عن هدوءه وبروده المعتاد ...نافثاً نيران غضبه بلهاث ..ليضرب فوق سطح مكتبه بقوة ..قائلاً باحتقار " ودلوقتى الرجل ده بكل بجاحة ...بيعترف بده قدام أخوها " ،
" طلبك مرفوض يا باشمهندس ....وهستنى ورقة طلاق أختى تيجى " قالها إيهاب بقسوة جلاد مقصلته نالت من العنق ،
نهض عمر من مكانه ..برأس باتت الأرض تشده ناحيتها ...ليلتفت ببطء ناحية الباب ...ما أن سمع باب المكتب يفتح ورقة عطرها تتسلل بهدوء حوله ..وبكلمات هادئة وجهت حديثها لأخيها متغضن الوجه ..وبريق غضب عيناه يرعد داخل الغرفة " بعد أذنك يا إيهاب ..أنا كمان محتاجة أتكلم معاه .." ،
ليلوح قسوة الرفض على ملامح أخيها ..لتهزمه برجاءها الخافت " من ..فضلك " .
تسللت هناء بهدوء لمكتب زوجها ..لتجده بوقفته الأثيرة أمام النافذة كلما كان فى رحلة مع الأفكار ...يقف بقامة مشدودة ..عاقداً ذراعيه خلف ظهره ...وفى تلك اللحظة كانت شذرات الغضب تتطاير من حوله ..بل تكاد تجزم بأنها تسمع أجيج نيران غضبه ، أقتربت منه بهدوء ...تقف بجواره ...تلمس مرفقه لتسترعى أنتباهه ..ليستدير برأسه لها ...لامحاً دموع فى بنية حدقتيها ..لم يفهم سببها ، ليتغضن جبينه بحيرة ...لتهمس بصوت يزال فيه حضور البكاء صاخباً " إنجى محتاجه تقعد معاه ..." ،
حرك رقبته ليخبرها بعدم اقتناعه بكلماتها ...، لتهمس بعد قليل بهمس متحشرج " هى فعلاً مراته التانية عندها ورم بالمخ ..." ، عقد حاجبيه ليسألها عن سر معرفتها " عرفتى منين ..." ،
" عايشة كلمت إنجى وقالت لها ...." تنهدت بحزن دفين ..كان بمثابة سيلان من النيران المنصهرة داخل دمائه ..لتشتعل جذوة نيران الغيرة ...وتتحد مع نيران غضبه ..ويفهم الأن سر تلك الغيمة التى تخدش قهوة عينيها الداكنة ...ليسألها بصوت خشن ..يتهمها فيه " أفتكرتيه ؟!" ، لم ترى أصابع أتهامه ولا سحيح الغضب المنبعث من رئتيه ...ولا جمرى عيناه المحترقة بلهيب الغيرة الغشيمة..بل هتفت بنبرة هادئة تخللها شذرات من الحزن ...كانت كقنابل يدوية تنفجر داخل أذنيه " ربنا يرحمه ..."،
عادت بنظراتها إليه ..لتهال من حركة صدره العنيفة ...كما لو كان فى سباق مع طائرات نفاثات ...وحدقتاه صارتان معتمتان كثقب أسود حديث الولادة ...لتفهم سر تغيره المريب ..وقبل أن تهمس بتوضيح كان طار من أمامها ..حتى لا يحرقها بناره ..فيكفيه أن يتلظى بها وحده.
" تمام ....هنا " قالتها وهى تشير له بأيقاف سيارته أمام حديقة عامة بعدما أصرت أن يتحدثان مهاً بالخارج بعيداً عن أعين أخيها ...ترجلا عن سيارته...لتسير أمامه ...تقوده ناحية أحد المقاعد الخشبية ...تظلله شجرة كبيرة خضرة الأوراق ..تتأرجح غصونها بفعل النسمات الباردة اللاتى تحيط المكان،
جلست بهدوء ورقة ...لتستدير لذاك الصنم الحزين ...ورغماً عنها يوجعها قلبها الموجوع منه ..لأجله ...لتحضنه بعينيها سراً ..تربت عليه بأهدابها الطويلة ...وتدثره بين جفونها الحانية ...لقد أتصلت بها عائشة اليوم ... تقص لها الماضى ، وتخبرها ماحدث بالحاضر...عن ابن ولد فى عالمه وذاكرته ودفنه فى اللحظة التى تليها ...ومن أدرى بها عن نزع طفل قسراً من جدران ذاكرتك ...تاركاً شرخ لا يرمم على جدار القلب ، وشبح موت ينتظر عرسه على حبيبته و زوجته ...تنهدت بغمة تجتاح روحها ..لتبتسم بدفء يفيض من روحها تسأله بدهشة " هتفضل واقف كدة كتير ...." لتمط شفتيها بمزاح ساخر " اللى يشوفك و أنت بتقول عايز أتكلم مع إنجى ...عايز أتكلم مع إنجى ..يقول أنك هتاكل ودانى ...أنا حتى جايبة قرص أسبرين معايا " ، ضحكت برقة ...لتدعو لعينيه اللامعه بدموع يخفيها الليل ويفضحها ضوء القمر ..بأن يجلس بجوارها ، سار برجل ثقلت قيود ذنبها ..ليجلس بجوارها ...بقلب مهموم ...وروح تعانى ، ينظر لدفء عينيها الواسعتيين ...يمرر عيناه فوق ملامحها الجميلة ..امرأة حشرت فى الزمن الخاطئ ..فهى تملك رقى وجمال نساء الخمسينات ...برقى أخلاقهم وجمال ملامحهم الخالية من تلك الصبغات ، روحها قوية كعروس ودعت عريسها للحرب على الحدود ...وعيناها حزينة كأم تودع ولدها الشهيد ...هى امرأة تقتحم أبواب القلب بدفء ابتسامتها ...وشهد روحها ، وهى اقتحمت كل أبوابه بالفعل...عدا باب العشق الموصود بألف قفلاً وقفلاً ...مفاتيحهم مع مهاجرة ...رحلت وعلى بابه علقت ..يافطة ..حفر عليها ...ليس للبيع أو الأيجار ..فهو ملك أحدهن ،
فتح فمه ...فهربت منه الكلمات..تتدارى خلف تلال الذنب ...لتتدلى معلقة بحبال جرمه ...شعرت به ...لتنظر للسماء الملبدة بغيوم المساء ...قائلة بفرحة كائن شتوى بأمتياز... " الشتا جه بدرى السنادى...فى الأغلب هتمطر النهاردة أو بكرة الصبح " ...،
" ماتبقيش كدة يا إنجى ..." ..كان يرجوها بصوت مبحوح....يترجاها بعين ترى أوراقها الخريفية المتساقطة ،
استدارت له بكامل جسدها ..تلمح تلك الدمعة التى تختبئ بخبث...تنتظر لحظة ضعف جسيمة ...لتخدش وجنته ،تسأله بحيرة " عايزنى أبقى أزاى يا عمر ؟!" ،
" زعقي ...أصرخي ...أشتميني أو أضربينى ...عاقبينى ...أو حتى لوميني" قالها بملامح تريد ثورة غضب تحيله دمار فوق دماره ، عاصفة تقلعه من جذوره المبتورة ... ...طوفان يغرق ..مدينته المغمورة تحت المياه...نيران تشتعل برماد روحه ، وهى امرأة سلام ...لا تعرف من الحروب إلا معاهدتها ...ولا من الطوفان إلا غصن الزيتون ...ومن النيران إلا دفئها ...وعقابها رحيل...،
ابتسمت له بصدق روح لا تعرف تخابث ..فهى امرأة خلقت من طين الجنة وبقت على شكيلتها " بس ده أنا يا عمر ..." ،
تنفست بحزن يتربع فوق عرش أنفاسها " ماينفعش ألومك..لأنك ماحبتنيش " لتتغضن ملامحها بآسى " لومي الوحيد ...أنك خدعتني ، أنك خلتنى أحتار مابين قلبي وكرامتي " ..لتضحك بسخرية حزينة وتشرد بعينيها بعيداً ...وقلبها يآن وحيداً " مع أن النهاية كانت معروفة من البداية " ،
عادت بعينيها إليه..تمط شفتيها " ولو على العقاب ..." ..شمخت برأسها ..تنظر له بتكبر مصطنع ...يعلم بأنه ليس من شيمتها ولكن كلماتها كانت حقيقة ..كشروق الشمس من مشارقها " مجرد أني أسيبك ده أبشع عقاب ليك ..لأنى ست مابتتكررش فى حياة الرجل مرتين " ، أومأ لها مصدقاً على كلماتها ، لتضحك والقلب بضلوعها ينوح ،
نظرت للحزن الساكن بعينيه كمستعمر بغيض ...يعيث بروحه دماراً ..لتمسك كفه لأخر مرة ...مادام لايزال مسموح لها بذلك ...تمسح عليه كأم رؤوم ..تطيب جرح كف صغيرها ...تزدرى ريقها بأحزانه المتخمة ..وبصوت لون نبراته بالحزن الغشيم " عايشة ..كلمتنى ...وقالت ليا على اللى حصل الأيام اللى فاتت " ،
تعلم أن عائشة ترغب بوجودها بجواره ...وهى تتمنى ذلك ....ولكنها لم تصل لتلك المرحلة من المازوشية ...لتمنح كتفها لرجلها ويبكى امرأة غيرها..
سألته بصدق تام وهى تعلم الأجابة مسبقاً " أنت كويس ؟!..." ،
هز رأسه ...وبصوت متشح بالسواد " لأ ...مش كويس" ،
" وهى ...كويسة ؟!" ،
" جاية ...ومقررة أنها تموت " ..قالها والكلمات كسكين ثلم ...ينحر عنق روحه ،
"وهتسيبها لقرارها ؟!" سألته باستنكار ،
وهنا هربت الدمعة من عينيه ...لتشكل ندبة على طول خده ..ليقول بقلة حيلة ..تلتف حول عنقه كحبال غليظة " لأ ...بس مش عارف أعمل أيه ، وهى مش راضية تدينى فرصة حتى عشان أقابلها " ،
حركت إبهامها فوق ظهر كفه ..كما لو كانت تمسح دمعه ، تقبض على شفتيها بقوة تمنع تدفق أحزانها ، وتقبض على دمعاتها ..تسجنها داخل مقلتيها ..وتنصب كبريائها سجانها ...وتقرر مساعدته " أقولك على سر ...بس ماتضحكش عليا" ،
هز رأسها بنعم ...لتقبض على شفتيها بخجل لطيف يعود لعذراء ليس لامرأة تزوجت من رجلين " و أنا صغيرة كنت بحلم أنى لما هحب واحد ونتخانق مع بعض ...و أمنع أى وسيلة تواصل بينه ومابينى ...يجي ليا البيت ويقف تحت بلكونتى ...يغني ليا أشعار زى حليم ..ويعترف بحبه ليا ومافيش مانع يطلع على الشجرة زى روميو ورجليه تكسر زى عشيق هربان ..ويعتذر ويطلب السماح ، ومهما عندت ورفضت ... و أطلق إيهاب عليه الكلاب أو رفع عليه السلاح ...يفضل يجى كل يوم ..لغاية ما من عليه بالسماح " كانت تتحث بطريقة مسرحية مضحكة ...لتنحسر البسمة عن ثغرها ...وتتوقف عن الحديث ...وتشرد بحسرة ...ترثى حلم سيظل حلماً عالقاً فى خيال مراهقتها ...لتعود له بعد لحظات من الشرود " كل واحدة فينا بتحلم بعاشق مجنون يا عمر ..." ،
شعر بغصة من أجلها ..فهو لم يكن مجنوناً يوماً لها ، هو لم يكن بعاشق لها من الأساس ...وهى امرأة درسته حرفاً حرفاً ....حفظته شعراً ونثراً...وسرداً ، قد تخبرك بعدد رشفاته لفنجان قهوته ، وبمرات تعانق جفناه معاً ...وربما تخبرك بأعداد أنفاسه المستلكة وقت صحوته ونومه ، هى امرأة حفظت السنون التى خطت فيها تجاعيده وجهه ..ولم تحفظ خطوط كفها ...لذا فهمت ما مر بفكره ، وهى امرأة تكره الشفقة ...تبغضها ...لذا بفرشاة كاذبة لونت ثغرها ببسمة شقية ، تغمز له...قائلة بتعالى مصطنع " وماعنديش مانع أسلفك حلمى يا عمر ... " ، عقد حاجبيه بحيرة ...لتضحك بخفوت الأن وتبكى لاحقاً ...تميل برأسها إليه قليلاً ..وتثبت أنظارها ناطقة بجدية " هتعرف تقولها أشعار يا عمر ..؟!!" ، رفعت حاجبيها المنمقيين بمعنى فهمتنى؟! ، ليمر بريق خاطف داخل عينيه ...لتعلم بأن الفكرة وصلت أخيراً بنجاح ...، لتترك كفه وتعود للخلف بظهر مشدود ...وروح متكومة تنزوى ...باكية هناك وترتجف ، تهدأ من نبرات قلبها وهى مقدمة على الأنتحار ...لتقول بصوت خرج مرتعشاً رغم عنها " وبكدة وصلنا للنهاية ...طلقنى يا عمر" ،
" أنا أسف ...يمكن لو كنا فى مكان تانى ..أو زمن تانى ...كنت حب...." قالها لمحاولة أخيرة لمداوة جرحه الغائر لقلبها ...لتقاطعه هى بهزة بسيطة من رأسها ..تقول بوجع لم تحاول مداراته " ماتكدبش عليا يا عمر ...لأن فى أى زمان أو أى مكان هتكون فيه...هتعوزها هى وبس " ، لتكرر طلبها بقوة قبل لحظات الأنهيار " طلقنى يا عمر ..." ،
" أنت طالق ...." ...قالها و أطلق رصاصة الرحمة علي قلبها ، لتشعر بنزيفه داخل حلقها ...وبرجفاته كطائر مذبوح داخل ضلوعها ، لتكتم شهقة الموت بصدرها وتعلن الحداد لوقت غير معلوم ، وتغلق أجفانها كسد ...تدارى خلفه سيل دموعها ...وبكلمات أخيرة همست " تقدر تمشى يا عمر دلوقتى " ،
" خلينى أوصلك الأول ..." قالها بحروف من الأعتذار والندم ،
لتهز رأسها له برفض وتشير بيدها لسيارة تقف خلف سيارته تماماً " قبل ما نيجى هنا ...طلبت من السواق يجى ورانا ..." لتقول بوجع وبصوت يرتجف أوتاره حزناً " أمشى يا عمر ...أمشى " والأخيرة كانت ترجوه ...فعينيها لم تعد لها القدرة على حبس البكاء ...لينهض راحلاً بظهر منحنى ..ومن بين دموعها ودعته والفراق أسدل ستائره معلناً النهاية ...وما أن غاب عن عينيها حتى أجهشت بالبكاء ..لترفع عينيها لفوق وتطلب العون من السماء ... ،
لم تعرف كم مر عليها وهى تبكى ...حتى شعرت بأحدهم يجلس متآوهاً بتعب ، يمرر عيناه فوق جسدها بنظرات ..يستحق عليها مئات الصفعات ، يقول بلؤم " الرجل اللى يعيط واحدة زيك ...المفترض يعدموه بميدان عام " ...،
توقفت فى لحظة عن البكاء ...وعيناها تدور فى محجريها بدهشة ...لتنزل كفيها عن وجهها ..بصدمة و أحراج ، لتجد رجل أمامها ..ينظر لها بشهوة وأعجاب ولمعة ظفر لا تفهم سببها ...وعلى ثغره بسمة ثعلبية ...قبضت قلبها ، أما هو فكما توقع تماماً ...عينان شديدتا السواد ...كلؤلؤتين سوداوتين ..تقبع فى محار ناصع البياض ...تحيط بهما سهام حادة متفحمة السواد والمسمى أهداب ، يتوسطهما أنف مستقيمة ..شامخة كما لو كانت تعود لابنة سلطان ...والثغر ...حسناً ...الثغر دعوة مفتوحة للألتهام ...نهضت بسرعة من مكانها وهى تفهم مغزى النظرات ...لتفر هاربة وعيناه تلحق بها كصياد يطارد غزالته ...ولم يكن يعلم بأنها غزالته المنشودة التى ستجرى داخل غاباته المتشابكة...لتزهر وديان قلبه القاحلة ، و أنها تملك جموح مهرة برية ...لا يروضها فارس أو صياد...بل هى من تروضه... وتهذبه بغاية الأتقان.


يتبع...


مارينا جمال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-01-21, 10:15 PM   #586

مارينا جمال

? العضوٌ??? » 416796
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 632
?  نُقآطِيْ » مارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond repute
افتراضي

" ولم أدر أبداً ...جلاداً كنت أم ضحية !...قاتلة أم مقتولة ؟...فى الحب يختلط الدوران ..." غادة السمان.... .
تقف بشرفة المنزل ..تحيط جسدها بذراعيها ...تستمتع بهمس النسمات الباردة ...حين تلفح وجهها الشارد ...تطلب منها أن تتسلل لداخل رئتيها علها تبرد تلك النيران المشتعلة تحت رمادها ...تنهدت بآسى ...تتعجب من نفسها ...فقد بات لا يفارق تفكيرها ..نهاراً ..ليلاً، فى يقظتها وغفوتها ، يعربد فى خلايا عقلها و أسمه يسكن جميع الأنفاس الخارجة من صدرها ، لم تكن فى تلك الحالة حينما كانت بفرنسا ...هل كان قلبها يخشى مرور طيفه بعقلها ..فترغمه على كرهه؟!، أم حينما أنكشفت الأسرار واحداً..تلو الأخر ، أنقشع ذاك الضباب المعتم حول سر قلبها العظيم ...و أنها لازالت تحبه !!!!، ولكن كيف ...كيف تقهقر غضبها منه كجندى مهزوم ...أمام حزن عيناه ...زفرت مرة أخرى بتعب أشد ...لتشعر بغطاء ثقيل يحيط بكتفيها ..لتهمس بأسمه ..بينما تستدير خلفها " عمر..." ، أرتبكت ملامحها ما رأت بسمة غريبة تتشكل فوق ثغر ابن عمتها ...لتسب نفسها سراً ، تسمعه يقول بنبرة عادية كما لو لم يسمع أسم من هتفت به " الجو برد النهاردة ...ولبسك خفيف عليه " ..قالها بينما يسند ذراعيه على سور الشرفة و يراقب المارة بأفكار تشرد معها هى ...لتميل هى بعينيها ..تنظر لملابسها التى تناسب فصل عمرها ...الخريف !!!،
" كنت فاكرة أنك مش بتكلمنى ؟!" ...قالتها كطفلة حزينة تلوم والدها الذى عاقبها بخصامه ...فلقد مر أكثر من أسبوع ..منذ خروجها من المشفى وهو لا يتحدث معها أبداً ...يتشاركان المائدة مع ليلى ولا يوجه لها أى حديث ، ولكنها تعلم أنه يحادث ليلى كل بضعة ساعات يطمئن فيهن ...عليها ، أستدار لها ...يسند ظهره على سور الشرفه ...وكفاه يسترحان داخل جيبيه ...يمرر عيناه فوقها ..يحاول يدربهما على إلا ينظران لها كحبيبة ...بل ابنة خاله و زوجة ابن خاله الأخر ...ينظر لها كامرأة لا تحل له ...امرأة حرمت عليه أبد الدهر ...،
تنحنح يطرد تلك الغصة التى تكورت داخل حلقه ..ليمط شفتيه قائلاً بلوم " و أنا كنت فاكرك أنك هتيجى وتسألينى ...بدل ماتهربى وتستخبى منى !!!" ، زفر بعنف " بس شكل ده طبعك ..لما بتغلطى بتهربى ومابتوجهيش "،
" أسفة ..." قالتها بصوت باكى ...ليقبض على كفيه بقسوة ..حتى لا يلين معها ، ليسألها بقسوة " على أيه ؟!..." ،
" عشان خليتك تحبنى ..." قالتها ودموع عينيها أخذت بالهطول ، أشاح وجهه ..يغض نظره عن دموعها التى تكويها ...ليسأل نفسه لما الحب قاسى هكذا ...مؤلم ..كرمح غرز بين الضلوع ...يؤلم مع كل زفير ، لما قلوب الرجال عمياء لا تعرف أى امرأة هى ضلعه الناقص ...لكمال سكنه، تنفس بعمق ..يقول بلوم " أنت ماخلتنيش أحبك يا كارمن ..أنا اللى حبيتك ، وده مش غلطك ...لكن غلطك أنك خلتينى أفضل أحبك و أنت مرات رجل تانى " .. يضغط على نواجذه..ملامحه المتقلصة تخبرها بقسوة مايمر به ، أخرج كفيه من جيوب بنطاله ليقف أمامها ..يميل عليها حتى يصل لقامتها الصغيرة ..ويهتف بقسوة لا يصدق أنه بات يستخدمها معها " أنا مش زعلان بس يا كارمن ...أنا غضبان ..مقهور " ،
" بس مش منك ...عليكى " قالها بنبرة خافتة ..ورغماً عنه فلت الحب من عقال سجنه ..ليسكن نظراته ويهمن على نبراته...،
" أنا أسفة ..." كررت أعتذارها باكية ..تلعن نفسها على عودتها مرة أخرى هنا ..يا ليتها ماتت ولم تسبب ذاك الخراب الذى طال قلوب الجميع ..يا ليتها ماتت وحيدة وظلت تسكن قلوبهم كما كانت ،
" أعتذارك لوحده مش كفاية ..." قالها بصوت خرج مرتعشاً ..ودموعها كأسيد يلهب روحه ،
" عارفة ..." نطقتها من بين شهقات بكائها العالية ..لتنطق بعجز وحيرة " ومش لاقية طريقة أعتذر بيها " ،
ولهنا هو وصل لهدفه الأهم ..الهدف الذى كان يبحث عنه منذ البداية ..ليقول بقوة " فيه ...أنك تعملى العملية وتخفى " ،
تجهمت ملامحها ...والرفض يعلن عن نفسه بقوة داخل عينيها...ليردف قائلاً ..بوجع نال من الروح ...و فتت القلب " أعتذارك لينا ...أنك متوجعيش قلوبنا عليكي" ،
هل يضنون عليها بالموت الأن ...هل بات طلبها لراحة روحها العليلة غالياً ، كانت أمواج عينيها تتلاطم مابين استنكار ورفض ...و ألم ...شفتيها المزمومة بوجع ..فتحتهما ..لتسأله بيأس " وقلوبكم ..مش هتتوجع و أنتوا شايفينى بتوجع ..والنهاية معروفة " ،
سؤالها كانت كمسامير تثقب الروح ...كأنياب تخدش الفكر...ونار تكوى القلب .....ليقترب منها ..يمسك بعضديها بقوة وحنان دافئ ..يخبرها بصوت أراده يبعث فيها الأمل ...وهو يحاول إلا يفقده " وليه النهاية معروفة ...المرض لسه فى البدايات ...أنت غلبتيه مرتين وكنت لوحدك ...اغلبيه المرة ده وأحنا معاكي " ،
لتقول بيأس أصاب الروح و مد جذوره لمنبعها " تفتكر جسمى هيستحمل عملية تانى وكيماوى تانى ...." ،
تشنجت أصابعه حول ذراعيها ..ليشعر بتصدع الأرض من تحته ونفاذ الهواء من حوله ...وتتجمد أوصاله ...، أما هى قالت بهمس خافت كطفلة تريد مصالحة أباها ..حتى لو كان عكس رغبتها " تمام ..يا يوسف ...خلينا نشوف الدكتور هيقول أيه " .


أنتهى الفصل وقراءة ممتعة وعلى أجراس الساعة الثانية عشر نلتقى مع الفصل الثانى والعشرين

هنتظر تعليقاتكم ...


مارينا جمال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-01-21, 11:45 PM   #587

راما الفارس

? العضوٌ??? » 386178
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,037
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » راما الفارس is on a distinguished road
افتراضي

أيه سبب جوازكم فى السر بما أنه هيفضل فى السر و أختى هتفضل الزوجة الوحيدة والمعلنة" ،
أستدار له عمر ..وعيناه تطرف بعدم فهم ...ليضحك إيهاب رادفاً " أنا ماعنديش مانع أنك تفضل متجوز بنت عمك ..طول ماده مش هيأثر على أختى فى حياتها أو وضعها فى حياتك ..." ، ليقول آمراً " وياريت بنت عمك ترجع لبلدها بسرعة ..." ليقول بتكبر " و أكيد مش همنعك تسافر لها ...دة برضه مراتك ..وغابت عنك عشر سنين "،
لا يعرف هل أصابه ثقل بلسانه أم أصابه خرس ..وماتت كل الكلمات فى جوفه ..الأن...هو يدرك سبب غضبها ..يعلمه ..بات يدركه تماماً ...يشعر بنيرانها لأنها تحرقه الأن ...يشعر بذلها الذى لحقه به ...هو غاضب منه وبشدة .. . كنت حامل ؟! " كررها بلسانه ..ليشعر بتقزز داخل جوفه ، ليرفع جحيم نظراته إليها ويسألها بلهيب أنفاسه ..وملامحه تنطق قرفاً " من خطيبك اللى مات " ،
ضحكت من وسط سيل دموعها لتجيبه بنفى " أنا ماكنش عندى خطيب " ،
ليتغضن جبينه يرفض مايفهمه " مش فاهم ..."،
بكت بحرقة " مافيش رجل قرب منى غيرك ...أنا كنت حامل منك "
أنتهى الفصل .



يا الله ما أحقر عمر حقير بمعنى الكلمة


راما الفارس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-01-21, 12:08 AM   #588

مارينا جمال

? العضوٌ??? » 416796
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 632
?  نُقآطِيْ » مارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond repute
افتراضي

جارى تنزيل الفصل الثانى والعشرين حالاً....

مارينا جمال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-01-21, 12:10 AM   #589

مارينا جمال

? العضوٌ??? » 416796
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 632
?  نُقآطِيْ » مارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثانى والعشرون


" كانت القسوة خطيئتك ....وكان الكبرياء خطيئتي...وحين التحمت الخطيئتان ...كان الفراق مولودهما الجهنمى ...." ...غادة السمان .
طرقات عنيفة بددت سكون الليل المنتشر فى الأرجاء ...أعنفها طرقات قلبه داخل صدره ..المسكون بهواها ...،طرقات عاشق مجنون بالفعل ...وكل الأطباء سيسجلون حالته بأنه مريض بها ..متطرفاً بعشقها ...طرقات استيقظت بمن بالداخل فى حالة فزع ...ليخرجوا ثلاثتهم من غرفهم ...ينظرون لبعضهم بحيرة .." مين هيخبط علينا الوقت ده " ...قالتها ليلى بدهشة وخوف ..لتأتى الأجابة من وراء الباب ...،صوت ابن أخيها المخبول يصرخ بأسم ولدها ويأمره بصلف كأنه سلطان البلاد أن يفتح الباب ...ويده لم تترك الباب لحظة " يوسف ...يوسف ...افتح الباب " ، زفر يوسف بعنف ، متقدماً ناحية الباب بعصبية ..طالباً من السماء أعطاءه الصبر حتى لا يقتل أحدهم ..و أحدهم هنا لم تكن غير المجنون الذى أتى يطالب بزوجته بالطبع الساعة الثانية فجراً...فتح الباب بنزق ...ليسد فتحته الصغيرة بطوله الفارع .. قائلاً بنفاذ صبر " أفندم ...." ،
" عايز مراتى ..." ..قالها عمر بينما يحاول دفع ذاك السد الطويل من أمام الباب ، ليصل إليها ..تلك التى تضن عليه بلقاء ولو عابراً ،
تنفس يوسف بقنوط ولم يتزحزح من مكانه ..سنتيمتراً واحداً ، قائلاً بسخرية نزقة " هى مش فقرة عايز مراتى ده ...كانت كل يوم الصبح ولا أنت هتخليها زى المضاد الحيوى ...كل 12 ساعة " ،
" كارمن ...يا كارمن " ...كان يصرخ بها ...يقفز كقرد ملول أمام ابن عمته، فهو يريدها ..يريد أن يراها ..لقد فهم الأن معنى أن يكحل المرء عينيه برؤى من يحب ، يريد لمسة تخبره بأنها هنا...ضمة ..يطمئن بها قلبه بأنها لازالت حية ...وربما عناق ..يدفء روحه المتجمدة ، أو قبله ...تفجر بها ينابيع قلبه لتروى روحه الظمآة ..لشهد قطراتها...ليطمع بليلة يتدثر فيها بأنفاسها العطرة ، والليلة تصبح يوماً بشمسه وقمره ...واليوم يصيرفصلاً..بربيعه وزهوه ، والربيع يكن عاماً ببداية تقويمه و أخره ...والعام سيكون أعواماً سخية لا تنتهى ...والأعوام تصير عمراً لأبد الدهرِ...هو يريدها كلها ولا غير إلاها ...،
كانت أنفاسه تعبأ صدره بأسمها ...ليصرخ به مكرراً ...كوثنى يطلب إلهه ليقبل أضحيته ، توقف عن النداء ..لينظر لابن عمته الواقف كسلك شائك واقف بين الالمانيتين...ويحيل بين عاشقيين ...ينظر له بترجى وسخط ، بألم وغضب ..يطلب منه برجاء قلب عاشق ...وكرامة زوج ...كلمات تخرج من بين الأسنان ...محملة بكل قهر " يوسف ..أنا عايز أتكلم معاها ...خليني أدخلها و أتكلم معاها " ، زفر يوسف بقنوط ليستدير لابنة خاله التى هزت برأسها رافضة ...لتدخل غرفتها وتغلق الباب بمفتاحه ، ليعود لعينين العاشق المخبول ...لامحاً غيومها ..تنذر بمطراً ...ليفسح له الطريق ...مشيراً بذقنه لغرفتها ....،
يقترب ناحية بابها بخطوات تسابق بعضها ، و بقلب يخفق بجنون ..، طرق الباب عدة مرات ...وأدار مقبضه ولكنه كان موصداً ...، ليسند جبينه بوهن فوق بابها ، وهى على الطرف الأخر ..تسند ظهرها بتعب فوق بابها الموصود بقلب متعب من حرب نكراء مع عقلها وكبريائها ...كانت كامرأتين ..كلتاهما ..لا تخضع للأخرى ، نصفان ...لا يتوافقان ...مثيران لشغب ..ليرهقان روحها المتعبة بالفعل ، ليتها تخرس قلبها المعمى بحبه ...فيفوز كبريائها، أو تعمى الأخيرعن جروح الروح ...فيهنئ قلبها ، ارتجف جسدها ما أن شعرت بأنفاسه الحارة تلفح مؤخرة عنقها ..و كفه يحتضن وكفها ...لتتسع عينيها بذهول ...وتتسارع أنفاسها بجنون ..ما أن شعرت بدمعة حارقة ..تسقط من عينيه فوق كتفها وتوشم جلدها ...لقد أصابت بالخبل و الجنون ..هل وصلت لتلك المرحلة من مرضها الملعون ...أم روحها هى من تعانق روحه الأن ...،
وهو يقف خلف باباها ...يناجيها بصمت ..بأنفاس حارة تتلو لها أناشيد الحب و الغفران...أحد ذراعيه يرفعه بجانب رأسه و الأخر....يفرده على طول جسده ..ويقبض كفه بحنان كما لو كان يحتوى كفها ...ودمعة صغيرة متلألأة تغادر محجره ..لتختفى بالفراغ ...همس بأنفاس متحشرجة " كارمن ...أنا كل اللى عايزه أنك تسمعينى ...أشوفك ...وتسمعينى " ...أغمض عينيه بقوة ليعتصرهما ..يطرق برأسه عدة مرات بحنق من حاله ..يردف بصوت غاضب " عارف أنى أذيتك ...عارف أنى غبى ...أغبى رجل فى المجرة " ..ليتهدج صوته بأعتراف بات فوق لسانه صلاة " بس بحبك ..." ،
رفعت يديها بسرعة تحيط بهما نفسها ...تحتضنها ، تحميها من زلزال أختل بضربات قلبها من همسه العاشق ..، ليكمل بجنون ولهفة غريبة " وبعدين أنت مش كنت عايزة تعقبينى ...توجعينى ...لما تموتى هتشوفى وجعى أزاى ؟!" ،
..لتتهدج أنفاسه كعصفور صغير ترك بقرع الطريق والدنيا ماطرة...ترتجف كضوء شمعة صغير وسط عاصفة عاتية ،كان كغريق يلفظ أنفاسه الآخرة
"أنا لسه عند وعدى ..." ، استدارت له كلو أنها تستدير لها حقاً ...ترهف السمع لأنفاسه المضطربة كقبيلة مات زعيمها ، ليقف هو فى مواجهة بابها الموصود ..ينطق بنفسه حكم إعدامه " هطلقك ....لكن الأول لازم تعملى العملية وتعيشى " ، كادت ليلى تخبره بالفعل أن كارمن وافقت على بدء رحلة العلاج ...لتنهرها عينان يوسف بقسوة ...نعم هو يرغب بعذاب للأخر ،و الأخر شرد فى جرح مهدد بالنزيف حتى الغرق وبسمة تتخللت ثغره كشهيد مات ليعيش الوطن قائلاً بأنفاس منحورة كقربان فى شريعة حبها " عيشى ..وحبى من جديد رجل عاقل فى حبك ...مش متطرف فى حبه ليكِ ..." ، ليقبض على كفه بوجع " وبأيدى أنا هسلمك ليه" ، ليعود بناظريه لبابها ...شارعاً قصاصاً ...قد يبرد نيرانها " و أوجعينى يا كارمن و ادبحينى بأنك بقيت لرجل غيري ...وزيدِ من وجعي وقوليلي كل يوم آد أيه بتحبيه ...عيشيني فى جحيم ...عشان جنتي سكنها غيرى " ،ليكمل برغبة حارقة " بس الأول خليني أبقى معاكي ...كتفى مكان بكاكي ...وصدري مكان رأسك ...وحضنى مكان آهات الوجع ...خلينى أنا اللى أمسك بأيدك و أسندك " ،
كانت ليلى تغطى ارتعاش فمها ...وعيناها تلوم ولدها الذى أشار لها بعدم الحديث ، يتمعن النظر فى عذاب ابن خاله ...و أفكاره تشرد فى ناحية واحدة ولكن على من يرى ظلها تحت عتبة بابها أن تمنحه إشارة أولاً ....،وهى رغم يدها المقبوضة على مقبض الباب ...وقلبها يرجوها باستجداء ...نطقت بأنفاس باردة ..تعانق حرارة دموعها " امشى يا عمر ...امشى" ،وضع يديه على بابها ..يتلمس طيفها من خلفه ...ينطق باستجداء " كارمن ...عشان خاطرى " ،
" أرحل ...أنا لا أريد رؤيتك " ...نطقتها وقلبها يقبع دون حراك ...يبكيه فى الخفاء ، تشنجت ملامحه بألم ...يستدير لعمته الباكية ويوسف الذى يقف كجماد ..يطلب منهم العون ...لينطق يوسف بجفاء " امشى يا عمر .." ، وانتهت الجلسة يا سادة ..وأدلت المحكمة بدلوها ..ولم تنظر له بعين الرأفة ...ليستدير برأسه لبابها قائلاً بأصرارة رغم ضعف نبرته " أنا ...مش هامشى يا كارمن ...وهتلاقينى هنا كل يوم " ...قالها ورحل ...وظله المغادر بكته عينيها .
زفرت بقوة أمام مرآتها ...بعدما أنهت وضع مساحيق التجميل ...لتخفى خلفها ظلال المرض والسهر ...تمنح لوجنتيها لون وردى سرقه مرضها منذ أعوام ،و لشفتيها لون يغلب بهتانها ...ولكن عيناها مازالت ذابلة ... فقد سرق لمعانها بغير عودة ، ألقت نظرة أخيرة على هيئتها بالمرآة بعين شاردة ...وقلب مهموم ...وروح خائفة ،
وما أن فتحت بابها ...أطل يوسف عليها بقامته الفارعة ...وما أن رأها تبسم ليدارى قلقه عن عينيها ، وخلفه عمتها ...مستعدان لذهاب معها لطبيب ...لتتنفس بقوة و عاجزة عن رسم بسمة ولو باهتة ...لتومأ رأسها لهم " أنا مستعدة ..." ،
خرج يوسف أولاً من باب العمارة وخلفه ليلى الممسكة بيد ابنة أخيها ..لا تعرف لتطمأنها أم تستمد منها القوة ...وفقد أخر يلوح كفه القذرة أمامها ، ليتسمر يوسف للحظات أمام سيارة عمر ...الواقفة أمام العمارة ...وبداخلها يغفو صاحبها بأرهاق ، لتبرق عينان يوسف بشماتة ، بينما ليلى شعرت بكف كارمن الذى زاد من قبضته على يديها ...، استدار يوسف لهما ...يحثهم على البدء بالحركة لسيارته ، لتتحرك كارمن أولاً بخطوات واسعة ...ولازالت روحها هناك واقفة ... .

يتبع ....


مارينا جمال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-01-21, 12:11 AM   #590

مارينا جمال

? العضوٌ??? » 416796
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 632
?  نُقآطِيْ » مارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond reputeمارينا جمال has a reputation beyond repute
افتراضي

نقرات فوق زجاج سيارته ...ليستيقظ بغير استيعاب بوجوده داخل السيارة ، ليستدير الناحية الأخرى ...لامحاً يوسف ...يبتسم له بسماجة ويشير له بفتح الباب ، وما أن دخل سيارته ...استرخى مكانه ...ليأمره بقسوة واضحة " أطلع بينا على أى كافيه " ، أما عمر كان ينظر له بحيرة واستغراب ...ليستدير يوسف ناحيته بنفاذ صبر ...يزفر بنزق " هتطلع بينا ولا أنزل أروح شغلى " ، أومأ عمر رأسه له ...لينطلق عمر بسيارته .
جلسا أمام بعضيهما ...على منضدة مستديرة فى أحدى الكافيهات الراقية ...تنساب موسيقى الجاز من حولهما ...ليرتشف يوسف من كوب قهوته الداكنة بتلذذ واضح ..أثار نقمة الأخر ...الذى كان يهز برجليه بتوتر من المنضدة ...والعديد من السيناريوهات لتشويه فكه ..وقلع أسنانه شديدة البياض تتخمر داخل عقله ، فهذا الوغد الحقير ...يحتجز زوجته ...أينعم هى من لا تريد رؤيته ...ولكن يزال ذاك الوغد السعيد بقهوته ...كامرأة حامل ..تتذوق ما اشتهته نفسها فى وحمها ، أما يوسف فكان يرمقه من بين رشفاته بأعين ضيقة ...شامتة ، محاولاً إلا يترك فنجانه حتى لا يزين وجهه بلكمات تمنحه كدمات تحتاج لأشهر ليزول أثرها ، وما يمنعه من تشويه ملامحه ...امرأة تشاركا فى حبها ...، وبعد لحظات طالت ..أخيراً أنهى قهوته ...ليترك فنجانه ...ويمسح فمه بمنديل المائدة ببرود أضرم النيران تحت كرسى الأخر ..ليقول باستمتاع وعيناه فوقه " سورى ...أصل ماخدتش فنجانى الصبح ....عشان نروح بكارمن لدكتورها..." قفز الأخر من مقعده بفزع ...شاعراً بخوف ينهش أحشائه ...والجزع صار موطنه عيناه ...و أنفاسه أمواج تتلاطم ..فوق صخرة الخوف ،
بينما يوسف يجلس مستمتعاً بما يراه ..لا يعرف منذ متى صار سادياً يستمتع بألام الأخرين ...ولكن هذا الوغد يستحق ...، موت طفله فقط هو ما يحجم غضبه ...ويكبل وحشه فى مغارته ...سمع سؤال عمر الذى شكلت أحرفه من الرعب " هى كويسة ..؟!" ،
قال بهدوء لا يناسب العاصفة الذى سببها للأخر " كنا بنشوف خطة العلاج اللى هنمشى عليها ..." ،
سقط عمر فوق كرسيه ...ليشعر بخنجر الهواء يخترق صدره بعدما كان يكتم أنفاسه ..ليسأل بترقب " وافقت على العلاج ..." ،
لم يجبه يوسف الذى كان يشير لنادل المقهى ...غير أبهاً به ..ليهتف عمر به بغضب وقلق " يوسف الدكتور قالكم أيه ؟" ،
استدار يوسف له كما لو لم يسمع سؤاله " أطلب لك فطار معايا ..." ، زفر يوسف بحنق ..لم يستطع الصمود أمام ذلك الخوف الذى يقبع كوحش ضارى داخل عينين عمر ...وحش شاهر مخالبه بجوع ..ليردف قائلاً " الدكتور طلب مننا تحاليل و أشعة جديدة ...وعلى أساسها هيحط خطة العلاج ويجهز كارمن للعملية " ...ليكمل بتباهى فقط لأغاظته " و أيوة وافقت ..قدرت أقنعها من قبل ما أنت ماتيجى " ، وما أراد تم بنجاح ، فأشتعل عمر غيظاً ..قابضاً على شفتيه بأسنانه ، ليخرج علبة سجائره ...ملتقطاً أحدها ..محاولاً..تهدئة نفسه بأخبارها أنها وافقت على العلاج ...سواء هو من فعل أو ذاك المتبجح ...لا يهم ...المهم هى ، أشعل سيجارته ...وينفث دخانها...بينما يوسف كان يملى طلبه للنادل ، ليعود إليه ..محركاً عيناه بين وجه ابن خاله وسيجارته ..ليقول بقول مبطن " لو هتكون معانا فى رحلة علاجها ...لازم تبطل تشرب سجاير..." ، نظر عمر له بصدمة ..لا يصدق ما وصل إليه من معنى ...بينما الأخر يرمقه بقنوط ، وما أن شعر بحرارة تغزو أنامله ..أطفأ سيجارته سريعاً ، والأمل يتسرب قليلاً داخل صدره ...ليردف يوسف قائلاً " الفترة اللى جاية ..الحالة النفسية لكارمن مهمة ..وهتحتجنا كلنا جنبها ، حتى أنت " ، ليكمل والمعنى واضح و إتهامه له واضح " كفاية المرتين اللى فاتوا " ..ضاغطاً على كفيه قائلاً مضطراً " و للأسف بنت خالى بتحبك " ،
" بنت خالك ده مراتى ..." قالها عمر بحنق ، ليعلو ثغر يوسف بسمة متهكمة ..لينطق بقسوة يجلد من أمامه " ومراتك اللى أنت سافرتها ومكنتش تعرف عنها حاجة لعشر سنين ...وعانت اللى عانته لوحدها " ،
بهتت ملامح عمر لترتد للوراء ...واللكمة فى منتصف معدته تماماً ، زفر يوسف ساخطاً ..لا يصدق مايفعله الأن ولكنه مضطراً فقط لأجلها ...مهما أنكرت ..هى تحتاجه دون الجميع ، ومهما أنكر هو ..لعمر دوراً لن يسده أحداً ، ليقول بصوت متحشرج " كارمن ..محتاجاك يا عمر ، رغم كل اللى عملته عايزاك معاها " ،
" و أنا عايز أبقى معاها ..." قالها برغبة حقيقية ..لمسها يوسف بنبراته ، ليمط شفتيه قائلاً " تمام يبقى تشد حيلك معاها ...وحاول تقنعها بوجودك " ،
هز عمر رأسه كطفل صغير منتظراً التعليمات حتى يستطيع الذهاب للألعاب ..سألاً بحيرة " أى حاجة هعملها بس أيه ؟!" ، رفع يوسف كتفيه بمعنى لا يعلم ، لينهض من مكانه ويميل ناحيته " والله ده بتاعتك أنت ...أهم حاجة تشد حيلك ، وماتستناش مساعدتى " ، ليغمز له " عشان أنا هصعبها عليك " ، ليربت على كتفه مستعداً للرحيل ، ليستدير على عقبيه مرة أخرى عائداً لابن خاله ...ليميل عليه مرة أخرى قائلاً بقرف " مرضى السرطان ...مناعتهم ضعيفة ..و أهم حاجة النضافة ...فياريت تبقى تستحمى " ، قبض يوسف على كفه ..محاولاً عدم لكم ذاك السمج ..الذى غمز له بطرف عينيه قائلاً " والفطار عشانك ...أنا أصلاً فطرت مع ماما ...وكارمن " ليفرد طوله ويشير للمارد الغاضب بسلام .
وهو كان طالباً نجيباً ..ماشياً على الصراط المستقيم ...لخمسة أيام أخرى كان يمر عليها صباحاً وظهراً ومساءًا ...بل شك يوسف بأنه بات مقيماً أمام باب عمارتهم ، يرسل الزهور الغالية والنادرة مع أشعار نزار مرة ، وأشعار بالفرنسية لمرات ، والنتيجة واحدة ...سلة القمامة ..ليصورها يوسف ويرسلها له عبر الواتساب ..فى أنتقام صبيانى ...والنتيجة الظاهرة صفر ...ولكنه كان يسمع خفقان قلبها قبل أن تختفى بغرفتها حينما يرن جرس الباب ، تلك البسمة التى تناوش ثغرها لظهور ..حينما ترى باقته أمام بابها ..لتخفيها هى فى الحال ، تلك اللهفة التى تسكنها لترى ما خط من كلمات قبل أن تمزقها بقسوة ..وتلقيها دون تردد بسلة المهملات ، كان يرى السدود تنهار واحداً تلو الأخر ....كانت تنتظره ،
وقف يوسف خلف نافذة غرفته ...يراقب تلك القطرات التى تنزلق ببطئ مريب فوق زجاج نافذته ...كبطئ الوقت الذى يمر ..لبدء رحلة علاجها ، لقد قرر طبيبها بالبدء ببعض الجلسات الكيماوية ...لتحجيم حجم ورمها ...لينتهى بعملية استئصاله تماماً من مخها ...ارتفع حاجبيه لأعلى ...ليضيق بعدها عينيه مدققاً فى ذاك الجالس الناحية الأخرى لعمارته ..مبتل الملابس ...ويرتجف بسوء ، ليسبه من بين أنفاسه ، ماسكاً هاتفه ليطلبه وما أن فتح الخط حتى أنهال عليه بالسباب " أنت عبيط يابنى ...أنت أيه اللى مقعدك فى المطر ده " ، ليرد عليه عمر بقلة حيله وغضب " الدكتور حدد ميعاد أول جلسة كيماوى بعد عشر أيام وهى لغاية دلوقتى مش راضية حتى تقابلنى " ،
زفر يوسف بحنق ...ليصرخ به وهو ينظر له من خلف زجاجه " يعنى لما هتقعد تحت المطر هتوافق ..أنها تقابلك ...روح يا عمر وتعالى بكرة " ،
" لأ ...مش هروح ، ومش رايح أى حتة " قالها بعند ثور غبى...يريد يوسف تهشيم رأسه ..ليردف يوسف قائلاً بشفقة" طيب أطلع ..." ،
" لأ ..." قالها عمر بأصرار ، أثار الحنق بالأخر الذى نطق بدهشة غاضبة " هو أيه اللى لأ ...أطلع يا عمر " ،
" قولت لك لأ ...لو طلعت هكسر باب أوضتها وهاخدها و أروح " ..قالها وهو بالفعل يرغب بذاك منذ فترة ، لم يستطع يوسف كتم ضحكاته التى كان يتخللها تآوهات صامتة ..ليقول له بينما فكرة تلمع برأسه " براحتك يا عمر ...سلام " .
طرق على بابها بهدوء ...ليهمس بصوت منخفض " كارمن ...أنت صاحية ؟!" ،
لم يكد ينهى سؤاله ..حتى فتحت الباب له ...ترمقه بحيرة ..بينما تلمح مظلة مغلقه بيده اليمنى ...لم يستطع أطالة النظر إليها ...ليمد يده بالمظلة لها ..قائلاً بمزاح رغم ذلك الوجع الذى ينبض داخل صدره " فى واحد تحت قاعد فى المطر زى شحاتين السيدة ...مش عايز يروح غير لما مراته تسمحه ...، نظرت للمظلة للحظات ليرى التردد يغشى ملامحها ، لتهز رأسها برفض صامت ، ليتهدل كتفاه ولكنه لم يستسلم لرفضها تلك المرة ..ليسألها رغم علمه مسبقاً بأجابة سؤاله " بتحبيه ..؟!" ، طأطأت رأسها أرضاً ...والصمت لازال جوابها ،لينفرج ثغره ببسمة حزينة " بتحبيه ..." وتلك المرة لم تكن سؤالاً بل حقيقة هتفت بها أكثر من مرة أمامه ، قبض على كفه ...يحاول القبض على سيل الألم الذى يندفع داخل أوردته وهو يحاول دفع حبيبته ناحية رجل أخر ...لحظة !!!، تصحيح هو يحاول دفع ابنة خاله ناحية زوجها ...تنهد بخفوت ..." لو هتقدرى تسامحيه يا كارمن روحي له ..وعقبيه و أنتِ معاه ...، لكن لو مش قادرة أديني أشارة واحدة بس و أنا أطلقك منه فى غمضة عين " ...و الأجابة لازالت صمت مبهم ...رغم صراع عيناها المرير ، ليزفر بتعب قائلاً " تصبح على خير يا كارمن " قالها ليذهب ...تاركاً المظلة بجوار غرفتها ...وقبل أن يصل لغرفته ...سمع صوت إغلاق غرفتها ...ليتهدل كتفيه بتعب ..ليناجى لسانه الله أن يمنحه الصبر و أن يمحى حبها من داخل صدره ويلين رأسها العنيد هذا فقط لأجلها.
فى شارع يسوده الصمت إلا من صوت قطرات المياة التى تتساقط زخات ...زخات ..متناثره من حوله ...لتبلل ثيابه الخفيفة ...ويشعر ببرد حارق ينخر عظامه ...ولكن برد جسده لا يقارن ببرد روحه القارص ، برد لن يدفئه نيران العالم أجمع و أن أحترق جميع غابتها ..برد لن تدفئه إلا ضمة منها ، كان يجلس كرجا بائس ...تائه فى مجرة أخرى ..يجلس فوق رصيف الشارع وحيداً ...وينكس رأسه فوق قدميه ...كرجل شريد ليس له منزل إلا أحضانها ..التى تبخل عليه بها ..وهو يستحق ..شعر بخطوات رقيقة تقترب منه ، وظل أنار عالمه ...ليرتجف قلبه وعبيرها يسكن رئتيه ، رفع رأسة بسرعة لها ...ليجدها أمامه بشحمها و لحمها ، ترفع مظلة سوداء فوق رأسها ...، ترتدى فستاناً وردى يصل لما بعد ركبتيها بقليل ..، تتناثر فوق قماشته زهريات مطبوعة بيضاء ، وترتدى فوقه لتحمى نفسها من برد يطرق على الأبواب ..كارديجان مفتوح مغزول من الصوف الأبيض ، أطول قليلاً من فستانها ...تنظر له بنظرات مبهمة لم يفهمها ، ولكنه لم يرد ضياع الوقت فى تفسيرها ...بل أراد حفظ ملامحها التى ترآى له أنه نساها ..ليصيح القلب به يا أحمق أنا لم أنسى خلية من خلاياها ..نهض من مكانه بغير تصديق ..كما لو معجزته تتجلى أمامه ..حاول أن يقترب منها ..يلمسها ..يؤكد لعقله بأنها ليست سراب لعاشق ظمآن ..لتعود هى للوراء بظهرها ...ليتسمر مكانه ويرضى بها حتى لو كانت خيال ، فلا هناك أجمل و آبهى من ذاك الخيال ،
أما هى كانت تمرر عينيها فوقه من أعلى رأسه ..لأخمص رأسه ...تختزل تلك الصورة بذاكرتها ..لربما توثقها أناملها فى لوحة مخطوطة بقلم الرصاص ... تراقب تلك القطرات الصغيرة تتعلق بأطراف شعره المبللة ..كما لو كانت تخاف السقوط بعيداً عنه ، ينحدر بعضها فوق جبينه العريض ...لتنزلق فوق أنفه العتيد أو ربما تتعلق بأهدابه ..فتحتار هل هى أمطار من السماء أم تساقطت من عينيه بسهوة عن الكبرياء، لينتهى المسار بها تقبله على شفتيه المرتجفتين من برد المساء .. نظمت دقات قلبها ورفعت حاجبها لأعلى تسأله بصوت منخفض " عايز أيه يا عمر ؟!"
" أنتِ عارفة أنا عايز أيه " ..قالها دون تردد ..بأعين تخبرها بأنها هى كل مايريده بالحياة ، ليهتف بطلب عاشق يهفو للغفران " عايز أكون معاكي ..وجنبك ،أخر حاجة هطلبها منك قبل ما أحررك مني ...ماتبقيش قاسية " ،
" أنا مش قاسية ...أنا خايفة " ..فى عمق عيناه كانت تنظر ..ولقلبه كانت تخاطب ...وتشكو بصوت مرتجف يضيع بين خلجاتها " خايفة تمل من تعبى ..." ،
" مستحيل آمل ..." نفى بدون تردد قد يناور أوتاره ...فلا ، والله هو أبداً لن يمل ،
" وخايفة ..ماتملش ..وتكون ده أخر صورة ليا فى عينيك قبل الفراق " قالتها وطعم الخوف يفوح منها ..لتكمل بشفتين مرتجفتيين ..بعينين منطفئتين ..لامعين بدموع مقلتيها المتساقطة ..تنطق بوجع و مرارة ورجفة تجتاح كل جسدها فسرد يجرح من أنوثتها..ناطقة بالفرنسية " صلعاء ..ببشرة شاحبة ..باردة ..امرأة تشكو من نوبات غثيان وقئ مستمرة ..طيلة الأيام " ، هزت رأسها برفض ..ترفض أن تترك تلك الذكرى تعلق بذاكرته ..لتهتف بقوة " فراق الموت بشع يا عمر ...قاتل ...فلنفترق و أنا على هذه الصورة ربما تراها أنت قاسية ولكنها الأفضل لك ..." تقلصت معدتها بشدة وذاك الأزيز الخافت يقشعر بدنها لتقول بمرارة لامست أوتارها " لقد كنت أراهم ..." ، عقد حاجبيه بحيرة ..ليجيبه ضعف صوتها وتحشرج أنفاسها " رأيتهم وهم يموتون ...يلفظون أنفاسهم الأخيرة ..." ، تهدج صوتها ورائحة الموت تداعب أنفها بسماجة قاتمة " مهما حاولوا أن يخفوا علينا موت أحدهم ....لا يستطيعون " ، ليتجعد أنفها بقرف واضح " للموت رائحة تزكم الأنوف وتقبض القلب ، أنت تشعر بروحهم تطوف حول رأسك ..تسمع ضجيجهم المرعب وهم يطلبون بالقبض على روحك " قالتها بجسد يرتجف رعباً،
"مش هسيبك ....و مش هتموتى ..." قالها وكل مافيه ينتفض بقسوة ،
لتضحك هى عليه بشفقة ...تقول من بين دمعاتها التى تتساقط بغزارة تنافس أمطار السماء " الموت مش حاجة نعرف نتحكم فيها يا عمر " ،
" بس ممكن نتشبث بالحياة ..." قالها بأمل
،لتقول بعد تفكير لم يدم طويلاً " لو ركبت الرحلة معايا يا عمر ...مش مسموح ليك تنزل " ،
" مستحيل ...أسيب أيديك و أنزل ..." قالها والأمل يبزغ داخل صدره ، لتترك المظلة تسقط من بين يدها ...تسقبل قطرات المياه بتوق ...تسير ناحيته بخطوات واثقة ...تقف أمامه وجسدها بات مبتلاً ...تنظر له بعشق ..هدم مملكة الغم والحزن بقلبه ، لترفع جسدها وتتعلق بعنقه ..وتترك نفسها لدفء أحضانه و أن كانت مبتلة ...ليضمها بسرعة ولهفة ...شاهقاً بقوة ...لعودة روحه لجسده ..لرجوع ضلعه الغائب لصدره ...لتنفجر ينابيع الفرح داخل أوردته وهو أعتقد أنها جفت للأبد ...وزغاريد عالية صدحت داخل روحه ..لتشرق مملكته وهى بين يديه ...ليبتعد عنها قليلاً ...يحتضن وجهها ..بفرحة عاشق ..يزيل خصلاتها المبتلة من حول وجهها ..وعيناه تطوف فوق وجهها بلهفة ..لتقع عيناه على ثغرها المتبسم ...ليميل بوجه عليها ويراقب عينيها التى أغمضتها بسلام ..تدعوه لقبلة يتوق إليها .. وتتوق هى إليها ...ليقبلها بلهفة وجنون ..يرتشف ببطء ونهم حنون ...وهى تتعلق بعنقه ..تبادله قبلاته و أن كانت لا تستطيع مجاراته فى جنونها ...، وخلال لهاث عناقهما سمعا صوت يوسف الساخط الواقف بوسط الشارع ..يرفع فوق رأسه سترة من الجلد " أتمنى تكون معاكم قسيمة الجواز ...عشان مش هاجى أطلعكم من القسم ...بفعل فاضح بالطريق العام " ، لينتهى عناق الشفاه ..بتورد وجنتيها خجلاً ..لتختبئ داخل صدره الذى ينبض بجنون ..يشابه ذاك الجنون الصاخب بصدرها ..أما هو لم يستطع كتم ضحكاته الفرحة ...وهو يرفعها عالياً ..ويلف بها ...ويصدح صوت ضحكاتهما معاً ...، لتناوش بسمة حقيقية ثغر يوسف الذى لم يكن يعلم بأن القدر يخبئ له مهمة صعبة مع أم فتياته .

يتبع ....





التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 19-01-21 الساعة 02:28 AM
مارينا جمال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:31 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.