آخر 10 مشاركات
سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          جنتي هي .. صحراءُ قلبِكَ القاحلة (1) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )           »          إلَى السماءِ تجلت نَظرَتِي وَرَنـت (الكاتـب : ميساء بيتي - )           »          54 - نصف القمر - أحلام القديمة - ( كتابة / كاملة ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          قلوبٌ محرّمة على النسيان *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : بقايا بلا روح - )           »          347 - الراقصة و الارستقراطي - عبير الجديدة - م.د ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : lola @ - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          ..خطوات نحو العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : smile rania - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree508Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-07-20, 07:32 PM   #281

منى طلحة

? العضوٌ??? » 396162
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 278
?  نُقآطِيْ » منى طلحة is on a distinguished road
افتراضي


اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

منى طلحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-07-20, 12:12 AM   #282

اشراقه حسين

? العضوٌ??? » 311685
?  التسِجيلٌ » Feb 2014
? مشَارَ?اتْي » 381
?  نُقآطِيْ » اشراقه حسين is on a distinguished road
افتراضي

تسجييييييييييييل حضور للرواية الشيقه

اشراقه حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-07-20, 01:31 AM   #283

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل السابع والأربعون

الفصل السابع والأربعون


ضاقت عيناها نحوه بشكلٍ غريب حائر، استاءت من نظراته المليئة بالغضب، وتحفزت بشكلٍ ما ضدها؛ وكأنها ارتكبت جُرمًا في حقه. تجهمت تعبيراتها قليلاً، فإن كانت تلك وسيلته لإرهابها، حتى تعترف له بأنها من كانت معه في الحريق المشؤوم، فلن يحدث أبدًا! ليست "فيروزة" من ذاك النوع الخائف المرتعد، استقامت في وقفتها، لم يرف جفناها، وبادلته نظرة متغطرسة تنم عن شخصيتها القوية قبل أن تتراجع لتختفي بالداخل؛ لكن بقيت دقات قلبها تنبض في عنفٍ، لم تفهم سبب توترها، وأرغمت نفسها على تجاوز لقائه العابر. عادت لتبتسم بتكلفٍ وهي ترى زوجة خالها تحملق فيها بفضولٍ، ركزت عينيها عليها، ثم سألتها بأسلوبها الجاف:

-خير يا مرات خالي؟

أجابتها متسائلة بسخافةٍ:

-أومال فين الشبكة؟ ولا العروسة مش هتلبسها النهاردة كمان؟

ضغطت " فيروزة" على شفتيها بقوةٍ مانعة نفسها من التفوه بحماقةٍ، حتى لا تفسد الأجواء المبهجة، بينما تابعت "حمدية" بنوعٍ من العجرفة:

-ده كل العيلة هنا النهاردة، عاوزين نتمنظر قصادهم، ولا رأيك إيه يا "آمنة"؟

التفتت والدتها نحوها تسألها في حيرة:

-رأيي في إيه؟

أجابت "حمدية" موضحة بعبوسٍ مزعوج:

-الشبكة يا أم العروسة، هتخلي رقبة بنتك وإيديها فاضيين، عاوزة الناس تاكل وشنا؟

تداركت "آمنة" خطئها، وقالت على الفور:

-معاكي حق، راح من بالي خالص.

ثم اقتربت من "فيروزة" تقول لها بجدية:

-علبة الشبكة يا "فيرو" في الدولاب، إنتي عارفة مكانها، هاتيها

ردت عليها بتبرمٍ قبل أن تتحرك نحو الخارج:

-ماشي

سددت "فيروزة" في طريقها نظرة سريعة حادة نحو "حمدية" التي بدت أكثر استمتاعًا بسيطرتها على والدتها الطيبة، ومنحتها الأخيرة نظرات مغترة وهي تربت على كتفها تستحثها:

-ماتتأخريش يا أخت العروسة.

كزت "فيروزة" على أسنانها تنعتها بهمهمة خافتة:

-حِشرية!

ارتفع الصخب من جديد في أرجاء المنزل الذي عَج بالكثير من الأقارب، خاصة السيدات والفتيات والأطفال الصغار، ولولا بعض المساعدات العائلية من نساء عائلتها لما تمكنت "فيروزة" أو والدتها من التعامل مع الحشد المتواجد في الصالة والردهة المؤدية لغرفة نومهما. دنت إحدى السيدات –ذات الوجه البشوش- من "فيروزة" ما إن لمحتها تمر بجوارها، ونادت عليها بنبرتها الحنون:

-بنت الغالي.

التفتت برأسها نحوها، تحولت ملامحها للين والابتهاج حين رأت زوجة عمها السمحة؛ "سعاد"، أو كما تحب أن يدعوها الجميع "أم فضل" نسبة لابنها البكري. أقبلت عليها مرحبة بها، فقد وصلت للتو:

-مرات عمي، إزيك؟ وحشاني أوي؟

بادلتها الترحاب الحار، واحتضنتها بشدة، ثم قالت:

-حبيبة قلبي من جوا.

تراجعت عنها "فيروزة" لتسألها باهتمامٍ:

-حمدلله على السلامة، وصلتي امتى؟ وفين بنات عمي؟

أجابتها بتنهيدة بطيئة نسبيًا:

-الله يسلمك.. الدور ده أنا جاية بس مع عمك، لكن تتعوض إن شاءالله ليلة فرحك نكون عملنا حسابنا من بدري.

ردت بنفس ابتسامتها المسرورة:

-إن شاءالله.. ده ماما هتفرح أوي لما تشوفك.

علقت عليها بابتهاجٍ:

-وأنا والله، هو في زي "آمنة" وحلاوتها، أومال بناتها طالعين قمرات لمين؟!

ابتسمت في سعادة لكلماتها المادحة، وشكرتها بلطفٍ:

-ربنا يخليكي لينا يا مرات عمي، وأخبار "فضل" إيه؟

جاوبت بحماسٍ انعكس في نظراتها أيضًا:

-الحمدلله، أجزته قربت، هينزل كمان شهرين.

عادت لتسألها عن أحواله مبدية اهتمامها بتبادل الحديث معها:

-ربنا يجيبه بالسلامة، ومراته وعياله كويسين؟

ردت وهي تبتسم:

-في أحسن حال.. لو كان عندي ولد تاني مكونتش سيبتك يا غالية.

لم تكن لتفعل شيئًا في تلك المسألة، أولاً لكون ابن عمها يفوقها عمرًا، وكانت لا تزال صغيرة حين حضرت عرسه، ثانيًا زوجة عمها لم تنجب بعده سوى ثلاثة بنات، وأربعتهم يعدوا في منزلة إخوتها، وثالثًا بالنسبة لعمرها الحالي فقد يعتبرها البعض –من عائلتها- بأنها تخطت سن الزواج بكثير، وبالتالي فرص ارتباطها وتأسيس أسرة محدودة للغاية. انحنت "فيروزة" على جبينها لتقبلها منه، وقالت بتفهمٍ:

-كل واحد بياخد نصيبه، وأنا الحمدلله راضية بحالي.

غيرت "سعاد" مجرى الحوار لتسألها بنبرة ذات مغزى:

-الكلام خدنا ومشوفتش "حمدية"، هي فين؟ وزي ما هي كده ولا اتغيرت؟

ضحكت قبل أن تجيبها متسائلة:

-تفتكري إيه؟

لوحت بيدها متصنعة العبوس وهي تعقب عليها:

-يبقى زي ما هي، ربنا يهديلها حالها.

...........................................

أفسحت لزوجة عمها المجال وأرشدتها عبر الردهة لتلج للداخل، ثم تركتها لتعود لإتمام مهمتها السريعة المكلفة بها من قبل والدتها؛ كانت أول من أبصرها "حمدية"، امتعضت ملامحها، وظهرت تكشيرة كبيرة على وجهها، زفرت على مهلٍ، ودنت منها متسائلة، دون أن تكلف نفسها عناء ترحيبها:

-"سعاد" وصلتي امتى؟

لم تنكر أن علامات الكراهية بائنة عليها، لأسبابٍ شخصية، ولما لا؟ فقد وقع الاختيار عليها لتتزوج أحد أعيان بلدتهم بدلاً منها حين تم التفضيل بينهما! وبوجه هادئ رددت "سعاد":

-شكلك مش مبسوط يا "حمدية" لما شوفتيني؟

ردت بترفعٍ وهي ترمقها بنظرة حاقدة لم تخفها:

-لأ ياختي، متقوليش كده، نورتي البيت.

تجاهلت سماجتها المعلنة لتسألها:

-فين أم العروسة؟

أشــارت بيدها قائلة على مضضٍ:

-هناك.

تحركت أنظار "سعاد" نحو الركن الداخلي للغرفة، حيث تقف "آمنة" خلف ابنتها التي انتهت لتوها من زينتها، استدارت نحوها الأولى، وتلك الابتسامة العريضة تختلج تعبيراتها، هتفت مهللة لاستقبالها:

-حاجة "أم فضل"، تعالي يا حبيبتي.

أقبلت عليها تحتضنها بذراعيها وهي تردد:

-الغالية مرات الغالي الله يرحمه.

بادلتها نفس الأحضان المشتاقة قبل أن تنطق وهي تستدير سائرة في اتجاهها:

-يا مليون حمدلله على السلامة.

توقفت كلتاهما عن الحركة، بينما عاتبتها "سعاد" دون أن تفتر ابتسامتها:

-بقى كده تاخدونا في توكة وماتقولوش من بدري؟ كنا عملنا الواجب وزيادة يا "آمنة".

اعتذرت منها بشدة:

-معلش، كل حاجة جت بسرعة، والعريس مستعجل

ربتت على جانب ذراعها قائلة بتفهمٍ:

-خلاص.. ملحوئة في "فيروزة"...

هزت رأسها في استحسان، لكن تبدلت تعبيراتها للقلق قليلاً حين أكملت:

-الحاج "اسماعيل" كان حلفان ما يجي.

جزعت متسائلة:

-طب ليه بس؟

أجابتها موضحة:

-إنتي عارفة مسائل الجواز وغيره لازم الكبارات يعرفوا بيها الأول، مش يبقوا زي الغريب

نكست رأسها في حرجٍ، فهناك بعد التقاليد الواجب اتباعها عند القيام ببعض المسائل العائلية المصيرية، والتي يتحتم فيها تدخل ذوي الشأن لإبداء الرأي الأخير؛ أما الغفلة عنها فتولد بعض المشاكل الجسيمة التي ربما تؤدي للقطيعة ونكران صلة القرابة، زمت شفتيها وغمغمت:

-معاكي حق.

لكن عادت "سعاد" لتؤكد عليها انتهاء المشكلة، وأضافت:

-بس عشان مايكسرش بخاطر "همسة"، ما هو بردك عمها الكبير، ولازم تتبهوا بيه قصاد نسايبكم.

تنفست الصعداء، وهتفت تشكرها:

-معاكي حق، الغلط مننا، وإن شاءالله مايحصلش.

ظلت "سعاد" محتفظة بابتسامتها المشرقة، ورددت في اهتمام وهي تواصل التقدم نحو العروس:

-سيبك من ده، وخليني أطل على عروستنا .. اللهم صلي على النبي، بدر البدور.

همَّت "همسة" بالنهوض لتحييتها قائلة:

-مرات عمي.

لوحت لها بذراعيها لتظل جالسة وهي ترد:

-ماتقوميش يا قمر العيلة، أنا هاجيلك لحد عندك.

بادلتها العروس ابتسامة رقيقة تناسبت مع جمالها الفاتن، ولم ترغب زوجة عمها في إفســاد زينتها بالتقبيل الزائد عن الحد، لذا اكتفت بالتطلع إليها بنظراتها المليئة بالفرحة والسعادة للغاية.

.................................................. ...........

-العريس جه برا يا بنات.. وسعوا السكة.

ترددت تلك الكلمات العالية لتصل إلى آذان الجميع، بما فيهم العروس التي تلبكت واضطربت، وأحست بتقلصاتٍ خفيفة تصيب معدتها من توترها الطبيعي، ناهيك عن تخضب بشرتها بحمرة زائدة عن الحد. رفعت عينيها لتنظر إلى "فيروزة" التي أمسكت بزجاجة العطر، وأغرقت به ثوبها لتبدو رائحتها جذابة ومثيرة. تنحت للجانب حين رأت "هيثم" يدخل، وقبل أن ينطق بكلمةٍ اشرأبت "همسة" بعنقها لتهمس لتوأمتها:

-ما تسبنيش

ردت عليها "فيروزة" بصوتها الخافت:

-حاضر.. أنا معاكي.

للحظة ظن أن القمر قد ترك محله بالسماء، وهبط على الأرض لينير حياته الكئيبة بحضورها. بسمة غير عادية زينت وجه "هيثم"، كانت خطيبته جميلة الملامح؛ لكنها ازدادت جمالاً بعد ارتدائها لثوب العرس، أحس بالإثارة تجتاح جسده، كان لرؤيتها الأثر الحسي والإيجابي عليه، تذكر الأيام التي سبقت خطبته، حين فُرضت عليه بشكلٍ متعمد، وامتعاضه في البداية منها، ومع ذلك كانت لحظة التحول الجيدة في حياته العابثة. أفاق من سرحانه السريع على تعبيراتها الناعمة، تأمل اهتزازة شفتيها اللاتين بدتا كقطعتين من الفراولة، كم تتوق لتذوقهما! ركز كامل عينيه عليها ليؤكد لنفسه أنها باتت أخيرًا خاصته، لم يبصر سواها حوله، خرجت أنفاسه حارة حين قال لها:

-مبروك.

لعقت "همسة" شفتيها، وقالت بخجلٍ متحاشية النظر إلى عينيه المسلطتين عليها:

-الله يبارك فيك.

حانت منها نظرة جانبية لتوأمتها تؤكد عليها بهمهمة خفيضة:

-هتركبي معايا يا "فيروزة"، أنا خايفة .. ماتسبنيش.

تفهمت حالة الارتباك الجلية، المصحوبة بالحياء الشديد، بسبب خصوصية تلك الليلة، تلمست جانب ذراعها، وردت وهي تومئ برأسها:

-أنا معاكي.

هتفت إحدى السيدات من الخلف تمدح عروس العائلة:

-صلي على النبي يا عريس، مش كل يوم هتلاقي حلاوة بالشكل ده.

رد، وعيناه تحدقان في وجه "همسة"، وبهما رغبة وشوق:

-عليه الصلاة والسلام.

.................................................. ....

لا يمكن أن يُسمى ما حدث الفترة الماضية سوى بأنها فترة الهدوء التي تسبق العاصفة، رضخ إلى ذي الشيبة الحكيم الذي يعرف مفاتيحه جيدًا، ليتبع توصياته الجادة كما أملاها عليه حتى يصل لمبتغاه؛ وإن كان في ذلك استنزاف صبره المستهلك مسبقًا، خاصة مع بعض الأمور الغامضة المليئة بالألم، والتي عايشها قبيل فترة مراهقته. عــاد "تميم" بذاكرته لليوم الفارق في حياته مع زوجته غير الأمينة على سره، حيث انساق وراء جده، لينزوي معه بالغرفة قبل أن تصل "خلود" لمنزله. العائلة وما يرتبط بها من قيم نبيلة لا تتفق مع حبائل الشيطان الخبيثة، مثاليته الزائدة فيما يخص شئون أسرته ربما لن يرضى عنها الجميع، واحدٌ غيره لأقام الدنيا ولم يقعدها لإهانة رمز رجولته.

خرج من شروده المحير على إشارة جده له بعد أن جلس الأخير على طرف الفراش، ودعاه للجلوس في مقعده المفضل آمرًا إياه:

-اقعد يا "تميم"، واحكيلي حصل إيه.

رفض ذلك، وصاح به بكل ما يعتري صدره من غضب وغل:

-سيبني يا جدي أروح أخد حقي.

تقبل عصبيته قائلا:

-هاسيبك...

ثم منحه للحظة ليلتقط أنفاسه قبل أن يقول بهدوئه المكتسب عن خبرة طويلة بالحياة:

-بس لما أسمع الأول وأعرف كل حاجة حصلت، من طأطأ لسلامو عليكم.

رد "تميم" على مضضٍ عله يأخذ بمشورته:

-ماشي

وبالفعل بدأ في ســرد ما تعرض له من مؤامرة دنيئة، عرف عنها بمحض الصدفة، نالت من رجولته، واستهانت بقدراته البدنية، وما تلاها من بعض الأحداث المدعاة للانتقام والثأر. لم يقاطعه "سلطان"، تركه يصول، ويجول، وينفعل، ويفرج عن مكنونات صدره، إلى أن خبتت الشحنة المتأججة بداخله. وبوجه بارد، لا يحتله سوى تجاعيد الزمن وآثاره أردف متسائلاً:

-عاوز الخلاصة بعد اللي قولته؟

رد "تميم" بنفاذ صبر:

-أيوه.

ظهر الاسترخاء على تعابيره وهو يستطرد:

-الكلام اللي اتقال ده كله ولا يسوى مليم واحد!!!!

تفاجأ من عدم مبالاته، وهتف بصدر مختنق:

-نعم؟

علل "سلطان" أسبابه موضحًا:

-ده هري حريم أعدين على الشلت، يومين وهيطلعوا يلكوا في حكاية تانية، الحتة ما بتبطلش حكايات ولت وعجن.

صاح في استنكارٍ مغتاظ:

-ده الناس كلها عرفت اللي حاصل بيني وبين مراتي.

صمت جده للحظة قبل أن يتابع مسهبًا بلا تردد أو ندم؛ وكأنه يكشف له عن حقيقة ونوعية البشر الذين يعاشرهم:

-أنا عارف إنك عملت ده عشان توريها إنها متجوزة راجل من ضهر راجل، مش عيل (...)، بس هي غلطانة، ومحقوقالك في ده، مكانش يصح تقول لأمها كتلة الشر دي على أي حاجة، لأنها على طول بؤها في ودن الناس، هتحور، وتجود من عندها، ويا داهية دُقي..

كان محقًا في وصفها ببساطة، لم يعقب عليه، بدا فقط متجهمًا، حانق النظرات. أضــاف جده بتروٍ:

-بس اسأل نفسك هو إنت عملت حاجة حرام؟ نمت مع واحدة وقفشوك؟

على الفور قال نافيًا:

-لأ يا جدي .. أعوذو بالله، دي مراتي!

لاح على ثغره بسمة هادئة وواثقة وهو يتابع نصائحه الثمينة:

-خلاص اللي يفتح بؤه الرد جاهز، مراتك غلطت، وخرجت عن طوعك، وعصيتك من غير ما تعلم حاجة، وإنت كنت بتأدبها، ومحدش ليه عندك حاجة!

صمت وصدره ينهج في قوة كتعبيرٍ عن غضبه المكبوت، بينما استأنف "سلطان" حديثه بأسلوبه المتروي؛ وكأنه يكشف له حلول الأحجية التائهة عنه:

-أما الحكاية التانية، فدماغ أبالسة اللي تفكر فيها، القادرة تحطلك برشام؟!!

زم شفتيه مغمغمًا بعد زفيرٍ منزعج:

-لأ ومش عاجبها يا جدي

ثم تنفس بعمق ليدمدم بسخطٍ:

-وده اللي عرفته.. الله أعلم مستخبي إيه تاني!

رد عليه جده بهدوءٍ:

-ولو إنك تزعل مني.. بس البت دي من زمان أنا مابتسريحلهاش!

انعقد حاجباه، وسأله بنظرات تتفرس تعابيره الهادئة:

-ليه يا جدي بتقول كده؟

أجابه مستفيضًا بتلقائيةٍ:

-كانت داخلة على أمك بالحنجل والمنجل، طول النهار زن في دماغها، ويا خالتي ويا عينيا، وكلام ملزق مايتبلعش، ملاوعة وكُهنها باين، مايدخلش عليا بتعريفة، والمثل بيقول اقلب القدرة على فمها.. تطلع البت لأمها، ودي تربية "بثينة"، مهما كانت قدامك عاملة فيها غلبانة، ومكسورة الجناح..

قاطعه حفيده متسائلاً دون تفكير:

-زي أخوها يعني؟

نفى مبررًا أسبابه:

-لأ.. دي بلوة، والفرق بينها وبين أخوها إن الواد "هيثم" دغوف، مابيفكرش، لما بتهب في دماغه حاجة بيعملها، إن شاءالله تكون هتوديه في داهية، متسربع .. بس مافيش منه قلق، يعني ورقه مكشوف، لو شايل منك هايقول، وساعة الحق بينطق مابيخافش..

بسمة ساخرة استحوذت على شفتي "تميم"، بينما واصل "سلطان" القول بنبرة تحولت للقتامة:

-الدور والباقي على الحرباية اللي في وشها ليل نهار، هتخططلها صح، وتقولها تعمل إيه.. كرشها واسع وماتشبعش.

همهم "تميم" بحنقٍ:

-خالتي "بثينة".

-بالظبط.

تساءل حفيده بندمٍ بدا ظاهرًا عليه:

-تفتكر كنت غلطان لما كملت الجوازة دي يا جدي؟

لم يجبه على الفور، وانتظر للحظات قبل أن ينطق بحكمةٍ أراحت صدره:

-إنت عملت الأصول يا "تميم"، لميت عرضك، وعاشرت مراتك بما يرضي الله .. يعني رديت المعروف.. بس في غير أهله!

وكأنه يقاتل في معركة خاسرة، لا أمل للفوز أبدًا فيها، انتفض "تميم" يثور من جديد:

-أنا معنتش طايقها، قرفان منها، ولولا اللي في بطنها كان هيبقالي تصرف تاني، أنا هاين عليا أولع فيها وأخد تأبيدة.. إن شاء الله يعلقوني على حبل المشنقة.

عقب عليه الجد مشددًا بنبرة ذات دلالة قوية:

-اللي في بطنها من دمنا، ومن صلبك.. واحنا مابنفرطش في عيالنا.

ظهر الإحباط على قسماته، وسأله بصوتٍ عبر عن حزنٍ عميق:

-وإيه العمل؟ هاعدي اللي حصل كده؟

غامت عيناه قبل أن يجاوبه بنبرة غامضة، لكنها متزنة:

-لأ.. احنا هنقطع راس التعبان وديله.

قطب "تميم" جبينه في حيرة، وسأله:

-مش فاهم يا جدي.

أشـــار له بيده ليجلس على المقعد الذي لم يلمسه إلى الآن، وقال بمكرٍ:

-هاقولك تعمل إيه..

.................................................. .......

كانت تحتفظ ببعض قطع الثياب في منزل خالتها، علها تحتاج إليها في يوم ما، إن قرر زوجها المبيت هناك، وبالتالي لم تجد أي صعوبة في تبديل ملابسها المليئة بالكورسين بأخرى نظيفة، مرتبة. انتظرت "خلود" زوجها بالجلوس في منتصف الفراش، تضم ركبتيها إلى صدرها، وتعقد ذراعيها حولهما. أخفت تلك البسمة اللئيمة التي تقاتل للظهور على محياها بعد تمثليتها الهزلية، تنفست الصعداء لكونها انطلت عليهم، وإلا لاضطرت لحرق جزءٍ من جسدها وتشويهه، وحينها لن يرغب حبيبها في التطلع إليها. اعتقدت أنه سيكون غبيًا ليفرط في جنينه المنتظر مهما كان يمقتها، وأمام والديه، ليبدو مذنبًا في أنظار الجميع إن تركها تتصرف برعونة. جفلت بقوة حين فُتح الباب فجــأة، أرجأت أفكارها الشيطانية لوقت لاحق، وارتدت قناع الخوف. نظرت بترقب لزوجها الذي أطل منه، تشجعت تناديه بصوتٍ أقرب للهمس:

-"تميم"!

احتقرها بنظراته القاسية؛ وكأنها قمامة، لا ترتقي حتى للحديث معها، شعرت بازدرائه المهين لها دون أن ينبس بكلمة، أغلق الباب من خلفه، واستقام واقفًا يرمقها بتلك النظرات المليئة بالبغض والحقد .. ورغم هذا جاهدت لتستدعي دموع غير موجودة لتعتذر منه:

-أنا أسفة...

تجمد في مكانه ينظر لها مليًا بغموضٍ لم تسترح له، نظرات التوق والتلهف كانت أبعد ما يكون عنه، بل بدا النفور والاشمئزاز الأقرب للوصف. تحركت من على الفراش لتهبط عنه، وتمهلٍ حذر تقدمت نحوه. لم تتجرأ على لمسه، رغم حاجتها إلى الشعور بامتلاكها له، اكتفت بالنظر في عينيه، وتابعت بانكسارٍ:

-اللي حصل ده كله مش هايتكرر تاني..

ثم أخفضت يدها لتتلمس بطنها بحركة دائرية، وألحت عليه راجية:

-وحياة ابنك تسامحني، أنا مقدرش استغنى عنك...

كان صامتًا للحد الذي منحها المزيد من الثقة، لن يجرؤ على المساس بها في منزل أهله، ليس على تلك الدرجة من الحماقة. تشجعت لتقلص المسافات بينهما بعد أن رأت جموده، واعتقدت أنه سيرتضي بالأمر الواقع، ولن يتخذ موقفًا عدائيًا نحوها. أسبلت عينيها نحوه، ثم هتفت تعبر له عن حبها المتيم الذي يحرقها:

-إنت حبيبي وبس.. أنا ماحبتش في حياتي إلا إنت، وكنت مستعدية أستناك العمر كله.. ماتبعدش عني يا "تميم"، ارضى عني يا حبيبي.

سألها بوجه جامد غير مقروء التعبيرات:

-تفتكري بعد اللي عملتيه ده أنا أتصرف إزاي؟

تخلت كليًا عن رهبتها الزائفة أمام سلبيته الواضحة، ربما سلاح إغرائه كان ناجحًا ليجبره على نسيان ما اقترفته. مدت يدها لتمسك بذراعه، ولم يعترض أو ينبذها. ظلت عيناها ترتكز على عينيه الصارمتين، وردت بأنفاس شبه لاهثة:

-أعمل فيا أي حاجة إلا إنك تسيبني..

منحها بسكوته الضوء الأخضر لتتمادى معه، لذا شبت على قدميها، واشرأبت بعنقها نحو وجهه لتقترب من شفتيه، ثم همست له بحرارة تأكدت أن تلهبه، وتؤجج الرغبة به:

-ولو عاوزني أقاطع أمي أنا موافقة، المهم عندي إنت وبس.

نظر لها شزرًا، لم يبدو مقتنعًا بأي حرف تتفوه به؛ وإن كانت صادقة، فحتى أسرار الزوجين -والمتمثلة في نظرة كالمقدسات- انتهكتها بوقاحة، دون ندمٍ أو خوف، واليوم لا مانع لديها في قطع صلة الرحم مع الأقرب إليها، فقط لكسب ودّه، واستعادته إلى أحضانه بشكل لا تقبله أي زوجة تمتلك كرامة بعد ما ارتكب في حقها. تلك الطريقة الرخيصة المبتذلة التي تعرض بها نفسها عليه لم يستسغها. أزاح يدها بعيدًا عنه، ورفضها بشكلٍ مشمئز انعكس على تعبيرات وجهها المصدومة، ليقول بعدها بجمودٍ، وتلك النظرة الجليدية تعلو وجهه:

-أمك ماتخصنيش، العيب من الأول عليكي إنتي.

ورغم النظرات المهينة التي يرمقها بها إلا أنها قالت متسولة مشاعره من جديد:

-أنا غلطانة، وصدقني مش هايحصل تاني.

حاولت التودد إليه بشكلٍ حميمي، لعبت بجراءة على مشاعره الذكورية، وحاولت تحفيز الرغبات الغرائزية به بملاطفات خبيرة تشعل العاطفة بالجسد؛ لكنه لم يتأثر مطلقًا مما أقلقها، وقبل أن تواصل ما تفعله، نبذها بالابتعاد عنها .. تطلعت إليه بغرابةٍ، كانت دومًا تنجح في جره لشباك أنوثتها، ومع ذلك بدا كالصنم، لا يبالي بما تمنحه له. بلعت ريقها، وسألته بقلقٍ واضح عليها:

-"تميم" رد عليا، إنت ناوي على إيه؟ خلاص سامحتني؟ قولي، ماتفضلش ساكت كده.

اتجه نحو باب الغرفة ليقول لها بغموضٍ أربكها:

-كل وقت وليه أدان.

ضاقت عيناها متسائلة في توترٍ:

-قصدك إيه؟

تجاهلها مبتسمًا ابتسامة جابنية أثارت حفيظتها، تبعته متسائلة في جزعٍ:

-رد عليا يا "تميم".

بإشارة صارمة من سبابته أوقفها آمرًا بما يشبه التهديد:

-مكانك، ماتطلعيش برا الأوضة دي.. ده لو مش عايزة تخسريني!

هزت رأسها في انصياعٍ، ودون إعادة التفكير قالت، والقلق يعتريها:

-حاضر.

..................................................


منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 04-07-20, 01:40 AM   #284

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل الثامن والأربعون

الفصل الثامن والأربعون



على الرغم من مغيب الشمس وحلول الظلام إلا أن هذا لم يمنعه من القيام بتلك الزيارة الاستثنائية لها، ليطرق على الحديد وهو ساخن. لم تتوقع "بثينة" رؤية ابن أختها واقفًا على أعتاب منزلها، بالطبع كان من البديهي أن تظن أنه قد جاء لتهديدها، وربما الانتقام منها لفضحه بوقاحة؛ لكنها كانت أقوى من الشعور بالضعف أو الندم، رمقته بنظرة مستخفة به، وسدت عليه المدخل متسائلة بفظاظةٍ:

-جاي ليه يا ابن "بدير"؟

رد عليها "تميم" بنوعٍ من العجرفة، وهو يجوب عليها من رأسها لأخمص قدميها بنظرة احتقارية صريحة:

-كويس إنك عارفة أنا ابن مين، وابن "بدير" لو ليه حق عند حرمة هياخده برضوه!

استشعرت التهديد من نبرته ونظراته، فاتخذت موقفًا هجوميًا، وقالت متعمدة التقليل من شأنه بأسلوب سافر:

-إنت جاي تهددني في بيتي؟ دي القوالب نامت والأنصاص قامت.

فــرد ذراعه ليستند على حافة الباب، وانتصب بكتفيه متطلعًا إليها بنظرة خالية من أي عطف، ثم استطرد يقول بصوتٍ أقرب للفحيح، تسلل إلى بدنها وأرعبها:

-التهديد دي للهفأ، أنا بأجيب حقي بإيدي، ومن كل واحد جاب في سيرتي بالغلط.

لن تنكر "بثينة" أنها شعرت بالخوف من طريقة تحديقه به، لم يظهر عليه المزاح، كان يقتلها بنظراتها، على الفور تبدلت تعبيراتها للحزن، وادعت النحيب، ثم قالت بصوتٍ متقطع:

-كل ده عشان بأحمي بنتي؟ بقى تهون عليك يا "تميم"؟ تضربها وعاوزني أسكت، حرام والله، طب واللي في بطنها؟ عاوزها تسقط؟ ده أنا أم، وبأحس بضنايا.

أطلق ضحكة عالية هازئة بها قبل أن يصمت فجأة ليقول ساخرًا منها:

-إيه الحنية دي كلها؟ بس تصدقي مش لايقة عليكي خالص!!

واصلت عويلها قائلة:

-الله يرحمك يا "غريب"، موت وسبتنا آ....

اخشوشنت نبرته على الأخير، واشتدت عروقه، حين قاطعها بغتةً:

-بلاش جو الصعبنيات ده لأحسن مابياكلش معايا، اللي مات مات خلاص، ولو عاوزة الحي يحصله فأنا جاهز!

عفويًا تلمست عنقها مرتعدة من فكرة إقدامه على زهق روحها، أوحت لها هيئته الغريبة أنه قادر على تنفيذ ذلك دون أن يجفل، سألته من تلقاء نفسها آملة ألا تكون هي المنشودة بتهديده الضمني:

-قصدك عليا؟ أهون عليك؟ عاوز تموتني يا "تميم"؟ ده أنا أمك التانية

رد مصححًا بوقاحة:

-أنا ماليش إلا أم واحدة..

ثم صمت للحظة قبل أن يكمل وصلة إرهابها:

-اللي يمسيني أخرته كفن ونعش، فاللي يجي في دماغك يا خالتي، إنتي، بنتك، ابنك .. مش فارق معايا، لا دم ولا نسب، ولا صلة رحم! أصل في كتير عاوزين الدبح، والناس ماهتصدق تترحم عليهم.

شحب وجهها بشكلٍ مخيف، خاصة مع إشهاره لمدية صغيرة أمام عينيها فجأة، انتفضت لاطمة على صدرها، وقد كتمت شهقة مذعورة/ وحبستها في جوفها. سلَّك "تميم" بطرف المدية المدبب أسنانه الجانبية، خاتمًا حديثه بما يشبه النصيحة:

-أحسنلك تصلحي الليلة بدل ما تردم في الآخر عليكي.

هزت رأسها بإيماءات متعاقبة تعبر عن قبولها، وبإبهامه أعاد النصل الحاد إلى جرابه.. كان على وشك الانصراف؛ لكنه تذكر جملة جده التي أوصــاه بترديدها على مسامعها قبل أن يرحل. راقب ردة فعلها عن كثب، فعَمِد لتنفيذ ذلك حرفيًا، وقال وهو يتجه للدرج:

-أه صحيح.. لسه بتشيلي الفلوس تحت البلاطة جمب سريرك؟ ولا غيرتي النظام؟

تلبكت وردت بذعرٍ:

-إنت.. بتتكلم عن إيه؟

اكتسب وجهه طابعًا غامضًا أصابها بمزيد من الخوف، تحدث من زاوية فمه يودعها مشيرًا بإصبعيه على جبهته:

-سلام يا خـالتي!

لم ينظر نحوها مستشعرًا حالة الذعر البادية على تقاسيمها، وهبط الدرجات مدندنًا بصافرة بطيئة لاستفزازها،غمره شعورًا عظيمًا بالارتياح افتقده لوقت كبير، حان وقت الثأر، ورد الاعتبار!

.................................................. .......................

عـــاد "تميم" إلى أرض الواقع متأملاً من حوله بنظرات عابرة، جالت عيناه على الأوجه المتزاحمة، والتي ملأت مدخل البناية تقريبًا. حرك رأسه للجانبين محاولاً الرؤية من بين تلك الرؤوس المتداخلة؛ كان يبحث عنها تحديدًا، ولمحها من على بعد فتأهب في وقفته نافضًا وراء ظهره غضبه الذي اندلع قبل قليل. رفعت "فيروزة" طرفي ثوبها حتى لا تتعثر في خطواتها خلال سيرها خلف توأمتها العروس، فالذيل الذي امتد لما بعد أطرافه شكل عائقًا مزعجًا لها، تابعتها بنظرات مسرورة لفرحتها الظاهرة عليها، لمسة جادة من يد "علا" على كتفها أجبرتها على الالتفاف والنظر نحوها، فاقترحت عليها رفيقتها؛ وكأنها تفرض الأمر عليها:

-تعالي عشان تركبي معانا.

سألتها "فيروزة" باندهاشٍ، غير متوقعة أن يبادر أي أمر آخر لذهنها:

-أركب فين؟

ردت ببساطة، وتلك الغبطة ظاهرة عليها:

-معايا أنا و"آسر".

على الفور تحولت أنظارها نحو السيارة المصطفة خلف سيارة العروس، لتجد ذلك السمج يقف عند مقدمتها، عاقدًا لذراعيه أمام صدره، أبعدت عينيها عنه، والتفتت تسألها باستغرابٍ مستنكر:

-هو مش رجله مكسورة؟ بيسوق إزاي أصلاً؟

ربما لم تنتبه لتعافيه، فأجابتها بمنطقية:

-ما هو فك الجبس من كام يوم، أنا كنت معاه، يالا بقى قبل ما يتحركوا.

ردت عليها معتذرة بوجه منقلب:

-مش هاينفع يا "لولو"، أنا وعدت "همسة" إني هاركب معاها.

وببديهية معروفة كما المعتاد سألتها "علا":

-ليه هي أخت العريس مش هتركب؟

نفت بزفيرٍ منزعج:

-لأ.. هي مش موجودة هنا أصلاً.

هزت رأسها معقبة عليها:

-تمام.. فهمت.. عمومًا احنا وراكو..

ثم احتضنتها دون مقدمات، وهنأتها بلطفٍ مرح:

-ومبروك يا قلبي

ربتت على ظهرها تجاملها:

-الله يبارك فيكي.

عضت "علا" على شفتها السفلى، وقد حانت منها نظرة سريعة نحو "آسر"، لتقول بعدها بتنهيدة هائمة:

-هابقى أقرصها في ركبتها .. مش بيقولوا كده برضوه؟

ابتسمت "فيروزة" وهي ترد:

-أيوه.. عشان تحصليها في جمعتها

خرج من جوفها تنهيدة أخرى راجية رددت خلالها بأمل كبير:

-يا ريت

.................................................. ....

استقرت في المقعد الخلفي بعد ترتيب ثوبها، ليكفي المساحة الشاغرة المخصصة لها، وتلميحات "فيروزة" باتخاذ حذرها حتى لا يتجعد ترن في أذنيها، بالرغم من عدم تحديقها بها. بدا كل شيء مشوشًا، مربكًا، ومتداخلاً في عقلها. حاولت "همسة" السيطرة على كم الأفكار الحائرة التي تسبح في فضاءات خيالها، لكنها فشلت، ربكتها أقوى من قدرتها على إيقاف الصخب الدائر في رأسها .. كانت الليلة في بدايتها؛ لكن أغلب قواها مستنزفة، مرهقة، ومتوترة. انتفاضة خفيفة اعترت جسدها حين التصق بها "هيثم"، بدا الأخير متحمسًا للغاية، على عكسها، وبخجلٍ زائد أخفضت نظراتها سريعًا عندما مدحها بنظراتٍ نهمة، مليئة بالرغبة:

-زي القمر يا "هموسة".

تخضب وجهها بمزيدٍ من الحمرة الدافئة، فيكفيها ما ألقي على مسامعها من أمور مخجلة طوال الأيام الماضية من كل امرأة تمتلك خبرة لا مثيل لها، كنصائح جادة ومثالية للحصول على حياة زوجية مستقرة، تنعم فيها بالجانب الحسي والوجداني في العلاقات الحميمية مع زوجها، أحست بشرارات من الخجل الممتزج بالخوف وقد تبادر إلى ذهنها تلك التلميحات المتجاوزة –وربما البذيئة- عما يحدث في ليلة العرس تحديدًا بعد انصراف المدعوين. أتى صوتها مهتزًا وهي ترد عليه بعد برهة مدركة أنه لا يزال ينتظر ردها:

-شكرًا.

.................................................. .......

تجمدت في مكانها مترددة للحظاتٍ، لم تتوقع أن يقود "تميم" السيارة، خاصة بعد أنباء القطيعة التي أشيعت في الأيام الأخيرة بينه وبين ابن خالته؛ لكن على ما يبدو كانت الأمور عادية، ولا مجال للخلاف أو الخصومة، كلاهما يبدوان طبيعيان، وإلا لما كان الأول يقود السيارة له. تشجعت "فيروزة" ملقية وراء ظهرها كل ذلك اللغو، وجلست في مكانها الشاغر -مثلما وعدت توأمتها- عاقدة العزم على ألا تسمح له بالنقاش معها فيما يخص ذلك الحريق المشؤوم، ليبقى الماضي في مكانه دون نبشٍ. تحرجت حين وجدته يمد ذراعه فجأة نحو التابلوه، شعرت بتلك الخفقة الموترة تجتاحها، وكان كل ما فعله ضبط إحدى الألعاب المتحركة الموضوعة عليه حتى لا تسقط. سدد لها "تميم" نظرة غريبة نافذة من تلك المسافة القريبة، شعرت وكأنها تخترقها، وتعري أسرارها المخبأة.

عبست "فيروزة"، وانعقد حاجباها، ثم رمقته بنظرة منزعجة تنذره بعدم تكرار الأمر، ومع ذلك قابلها بابتسامة غامضة؛ وكأنه يظهر لها عدم انصياعه لأوامرها الصامتة. نفخت في سأم، وأشاحت بوجهها لتحدق في الطريق عبر نافذتها، وزع "تميم" نظراته بينها وبين العروسين قبل أن يتنحنح بخشونة لينطق بعدها موضحًا:

-احنا هنطلع على طريق الكورنيش، هنلف هناك شوية، ومنه هنرجع

علقت "فيروزة" بنزقٍ؛ وكأنها تفرض عليه المسألة كأمر واقع لا نقاش فيه:

-"علا" و"آسر" ورانا، أنا هاعرفهم رايحين فين عشان منتوهش من بعض

تحولت تعابيره للتجهم، وغامت نظراته لنطقها باسم هذا الكائن المتطفل مجردًا من أي ألقاب، رافعة الكُلفة بينهما، مما استفزه بشكلٍ لا يطاق. تنفس بعمقٍ ليثبط أي مشاعر ناقمة تتسرب إليه، وقال باقتضابٍ:

-طيب.

.................................................. ......

لو لم يكن محترفًا في القيادة لظن من يركب إلى جواره أنه يتعمد ارتكاب حادث مروع مع السيارة التي تتبعه؛ وكأن هناك مطاردة بينهما، إلى أن تمكن من الإفلات منها ليفقدها وسط زحام السيارات بالطريق المختنق، التوى ثغر "تميم" بابتسامة منتشية لنجاحه في تضليل "آسر"، وواصل القيادة بتمهلٍ ممل لم تلاحظه سوى "فيروزة" المراقبة لحركة السيارة، سألته بعد أن أخفضت صوت المذياع الصاخب قليلاً:

-هو احنا رايحين فين كده؟ ده مش طريق البيت!

أجاب مبتسمًا ببرودٍ، وتلك النظرة المتسلية ظاهرة في عينيه:

-بناخد لفة يا أبلة.

ردت بلهجتها الجادة، لتتأكد من وضع حدود في العلاقة بينهما:

-مش عايزين نتأخر على المعازيم.

آمــال رأسه ناحيتها ليضمن التفافها نحوه، ثم قال بثقةٍ غامزًا لها بطرف عينه:

-طول ما إنتي معايا ماتقلقيش.

تجهمت تعبيراتها أكثر، وظهر الاستنكار على محياها لتعلن بذلك عن رفضها لأريحيته في الحديث معها. ربما ندم لتسرعه في إلقاء تلك الجملة العابرة، بتلك الطريقة الودية المتخلية عن أي تحفظٍ على مسامعها؛ وكأن القلب نطق عن العقل معبرًا عن اهتمامه الجاد بها. توقع أن توبخه، لكنها لم تعقب، كانت مشغولة بالتطلع لهاتفها المحمول، نظرة خاطفة مختلسة ألقاها عليها فلاحظ أنها تراسل أحدهم، وبشكٍ مبرر له أسبابه المنطقية ظن أنه الكائن اللزج المدعو بـ"آسر"، لذا بغيظٍ أدار المقود بحركة دائرية مباغتة، أجبرت السيارة على الانحراف عن الطريق، والالتفاف بشكلٍ قوي جعل الهاتف يرتد تلقائيًا من بين أناملها، وتميل بجسدها نحوه لترتطم بكتفه، وقبل أن تعنفه لرعونته، هتف "هيثم" من الخلف مبديًا حماسه:

-الله عليك، عاوزين خمسات وعشرات كده.

تراجعت "فيروزة" عن توبيخه متوهمة أنه ربما يكون اتفاقًا ضمنيًا بينهما، وهي لم تنتبه له. لقى "تميم" استحسانًا من ابن خالته، وكذلك تقبلاً من طاووسه القريب منه، مما جعله يكرر تلك الفعلة قائلاً بحماسٍ يفوقه:

-أي حاجة يا عريس!

في المقعد الخلفي، كان "هيثم" مستمتعًا بذراعه الملتف حول عروسه وتطويقها، وكأنه يمهد لها بقرب احتضانه الحميمي لجسدها، لكنها لم تكن واعية لذلك، حيث تلبكت من الحركات العنيفة للسيارة، وظنت أنها ستنقلب بهم إن لم يتخذ "تميم" حذره، شهقت صارخة لأكثر من مرة، لكن مال "هيثم" نحوها ليقول بمدحٍ:

-ما تخافيش يا عروسة، "تميم" أستاذ الحركات الخِطرة كلها.

ابتلعت "همسة" ريقها، وقالت برهبةٍ طفيفة، غير تلك المسيطرة عليها بسبب طبيعة اليوم:

-ربنا يستر.

هتفت " فيروزة" من الأمام بما يشبه التهكم، لتظهر مشاركتها في حوارهما:

-المهم نوصل حتة واحدة.

تعقد حاجبا "تميم" بشدة، ورمقها بنظرة لائمة لكونها شككت في قدراته القيادية، وقال بقليلٍ من العجرفة:

-احنا عفاريت الأسفلت يا .. أبلة!

رف على جانب شفتيها ابتسامة ساخرة وهي تغمغم باقتضاب:

-باين..

لم يكترث إن كانت تسخر منه أم تثني عليه، يكفيه أنها الآن تبتسم في حضوره، وعلى كلماته التلقائية.

.................................................. ...............

كانت لتتقبل بإلقاء نفسها في الجحيم، لتحترق حية، وتأكلها ألسنة النيران، على أن ترى ما يحدث الآن نصب عينيها. برزت عينا "خلود" من محجريهما وقد رأت زوجها يترجل من السيارة ليدور حولها قاصدًا الجانب الآخر، وبتهذيبٍ يدل عن لباقةٍ لم تختبرها معه فتح الباب لعدوتها؛ "فيروزة". كانت الأخيرة جالسة في المقدمة إلى جواره، حيث من المفترض أن تكون "خلود" بديلتها، في رفقة زوجها. توهم خيالها الكثير من الأمور غير الحقيقة، معتقدة أنها كانت تحادثه بأريحية، تبتسم له بإغراءٍ بين الحين والآخر، وربما التصقت به عن عمدٍ لتؤثر به بأسلحتها الأنثوية الفتاكة؛ هكذا خُيل إليها!

تحفزت لتنقض عليها ناقضة كل العهود التي أبرمتها مع نفسها بالظهور أمام العامة بالزوجة المحبة لبيتها، الطيعة لزوجها، واللطيفة مع الغرباء، لتؤكد للجميع بأنها ضحية اضطهاده العنيف، حتى وعدها بعدم الاتصال مع والدتها خالفته؛ وكانت تفضي كالعادة بسرها لها، تستشيرها في كل صغيرة وكبيرة؛ تاركة إياها تتلصص على تفاصيل حياتها. لولا قبضة "بثينة" التي اشتدت على معصمها تستحثها على البقاء، لتحركت نحوهما متسببة في فضيحة كبيرة تُحطم به الهالة البريئة المرسومة حولها. همست لها أمها متسائلة من بين ابتساماتها المتكلفة، والتي توزعها على الحضور:

-رايحة فين يا بت؟

تخشب جسدها، وانتفضت دمائها المغلية في كامل عروقها لتعزز من رغبتها في الفتك بها، بصعوبة أدارت رأسها في اتجاه والدتها تسألها بصوتٍ محموم بغضبه:

-عاوزاني أقف اتفرج يامه على المسخرة دي؟

بهتت ابتسامتها، وحذرتها بلهجة شديدة، حين رأت في عينيها إصرارًا على التصرف برعونة:

-اثبتي، بلاش فضايح، الناس هتتفرج علينا، واحنا مصدقنا الليلة اللي فاتت اتلمت.

اختنق صوتها وهي ترد بنبرتها الساخطة:

-فضايح؟ ده إنتي لسه هتشوفي الفضايح اللي بجد؟ عاوزاني أحط الجزمة في بؤي وأرضى بواحدة زي دي ماتسواش نكلة تاخد مكاني؟ أنا مراته، مش هي! أنا المفروض اللي أبقى معاه مش هي!

ردت عليها "بثينة" بتبرمٍ، وتعبيراتها تحولت للعبوس:

-ما إنتي اللي صممتي تفضلي هنا.

قالت بأنفاس هادرة رغم خفوت نبرتها:

-مجاش في بالي إنه هيوصل "هيثم"، فكرت بعد اللي حصل بينهم مش هيروح معاه في حتة.

شردت نظرات أمها، وقالت بتوجسٍ حقيقي:

-محدش عارف جوزك بيفكر إزاي اليومين دول!!

واصلت "خلود" هجومها المتحفز على غريمتها، فلعنتها قائلة:

-وطبعًا بنت الـ(...) دي مصدقت تستفرض بيه، مالهاش كبير يلمها الـ (...)!

عللت أمها وجودها معه قائلة:

-أكيد جت صدفة.

استنكرت جملتها تلك، وانفجرت تزأر في وجهها، بالرغم من خفوت صوتها عمن حولها:

-مافيش حاجة صدفة يامه، البت دي سهونة ومش سهلة، دي خطافة رجالة.

نصحتها "بثينة" بهدوءٍ علها تصغي لها:

-سيبك منها دلوقتي، هنتعامل معها بعدين، إنتي روحي لجوزك، وإنتي بتضحكي في وشه، ماتحسسهوش إن في حاجة، ولا إنك غيرانة وآ...

قاطعتها محتجة بشدة على كلماتها الأخيرة، وتلك النظرة الاحتقارية تغلف عينيها:

-أنا أغير من السنكوحة دي؟ على إيه؟ دي ماتسواش جزمة في رجلي!

جارتها في ازدرائها المهين لها، وأضافت بنفس أسلوبها الناصح:

-كويس، اتعاملي معاها كده، واترمقعي على جوزك قصادها، خليها تفلفل وتطق منك.

نفخت قائلة بغلٍ، دون أن ترتد نظراتها عن "فيروزة":

-ماشي يامه.

أوصتها مكررة نصيحتها حتى لا تتصرف بهوجائية:

-بالراحة ومن غير عصبية

.................................................. ................

على ما يبدو كان من العسير عليها أن تخرج من السيارة، دون مساعدة خارجية، حاولت مرارًا وتكرارًا فتح بابها؛ لكنه لم يستجب لها. كسا وجهها تعبيرًا مدهوشًا، -وأيضًا خجلاً- حين ترجل "تميم" من السيارة يستأذنها بتهذيب غريب عليه:

-بعد إذنك يا أبلة .. استني شوية.

توقفت عن تحريك المقبض المتعثر، وتابعته بنظراتها الحائرة وهو يدور حول مقدمة السيارة، توقف بجوار بابها ليفتحه لها، ازدادت حرجًا من قيامه بتلك الخطوة، نظرًا لتعطل القفل الالكتروني. لم تحبذ أن يظن بها أحدهم السوء، أو أن يفسر الموقف بصورة خاطئة، منحته نظرة ناعمة ممتنة مع ابتسامة مجاملة قبل أن تشيح بوجهها في اتجاه توأمتها، لتساعدها في فرد ثوبها، وإعادة تنسيق أطرافه التي تجعدت. أرهفت السمع للصوت الأنثوي الحاد الذي أتى من خلفها مادحًا:

-ماشاء الله يا حبيبي، بتفكرني بليلة دخلتنا..

نظرت "فيروزة" من طرف عينها نحو "خلود"؛ تلك الفظة بشحمها ولحمها ظهرت على الساحة، وأدركت أنها كعادتها أتت للاستعراض أمامها، وكذلك التنمر على شخصها. حدث ما خمنته عن طباعها الاستفزازية، وتابعت قائلة بميوعة ثقيلة:

-وعقبال يا رب ما تزف عيالنا، ربنا يخليك ليا يا حبيبي، ويبعد عنك عين الحسود.

لم تأبه بها "فيروزة"، التجاهل أفضل ما يمكن فعله مع أمثالها، سمعتها تردد عاليًا:

-هاشوف العرسان، استناني مش هتأخر عليك يا سيد المعلمين.

وكالعادة لم تلقِ لسماجتها بالاً، بقيت واقفة إلى جوار توأمتها تدعمها معنويًا بابتساماتها الودودة وهمهماتها العادية. رأت "فيروزة" نظرات "خلود" المغلولة مثبتة عليها، وبصورة سافرة، حتى وهي تخاطب أخيها:

-مبروك يا "هيثم"، ربنا يتمملك على خير، وتكون فعلاً تستاهلك.

رد "هيثم" بسعادة واضحة عليه يمدح خطيبته –التي باتت على وشك أن تقترن به دون زيفٍ أو نفاق:

-يا ريت أنا اللي استاهلها، هو أنا أطول القمر ده يبقى جمبي؟

رفرفت "همسة" برمشيها في حرجٍ كبير، وحدهما أو أمام الحضور لا يكف عن التغزل بها. أشار "هيثم" لها بيده يحثها على التحرك، فبدأت بالسير، ومن ورائها "فيروزة" تكُلمها:

-بالراحة يا "همسة".

تبعتها على مهلٍ، لكن استوقفتها "خلود" بشدّها بغيظٍ من ذراعها، متعمدة غرز أظافرها الحادة في لحمها، ألقت عليها نظرة حانقة، وسألتها ببرود:

-إيه مافيش مبروك؟

أزاحت "فيروزة" يدها عنها، وقد شعرت بشراستها على جلدها، حدجتها بنظرة غائمة متحفزة وهي تسألها متجاهلة إحساسها الحالي بالألم:

-لمين بالظبط؟

استغربت من جمودها، وقالت بتهكمٍ سافر:

-أه صح، نسيت إنك أخت العروسة، مخدتش بالي منك، ولولا إنك واقفة جمبها مكونتش شوفتك أصلاً، ماهو المثل بيقول لبس البوصة تبقى عروسة.

كركرت "فيروزة" ضاحكة قبل أن ترد ببرودٍ استفزها سريعًا:

-دي البوصة مش أنا..

ثم ربتت على جانب ذراعها مكملة نصيحتها النارية لها:

-وابقي اكشفي نظر عشان تشوفيني حلو.. أصل السواد اللي في قلبك من ناحيتي طفحت على عينك.

تبعت جُملها بضحكة مستخفة بها أشعلت من غيظها، وزادتها كمدًا. تسمرت "خلود" للحظات في مكانها محاولة وأد مشاعرها الحاقدة عليها، حتى لا تبدو منهزمة أمامها. رسمت بسمتها السخيفة، واتجهت إلى زوجها الذي بادر متسائلاً بتهكم رافضًا تزييف مشاعر غير موجودة بينهما:

-لازمتها إيه الحركات القرعة دي؟

تأبطت ذراعه بشكل مبالغ فيه؛ كأنها تخشى هروبه، وتعلقت به كالعلقة تشده من كتفه، لتبدو أكثر التصاقًا به، قبل أن تجيبه:

-هو أنا قولت حاجة غلطت؟ ده أنا بأوجب مع العروسة وأختها!

قال بتحفزٍ:

-ماهو باين.

جذبته ليتحرك معها وهي تهتف:

-يالا يا حبيبي ده الزفة بدأت

استل ذراعها بقوة منها ليقول بنبرته الباردة، ونظراته نحوها خالية من الاهتمام:

-شوفيها لوحدك.. أنا رايح عند معلمين السوق.

جاهدت لتبدو مبتسمة أمام إحراجه العلني لها، وقالت بابتهاجٍ زائد حفظًا لماء وجهها:

-وماله يا حبيبي، ما إنت ابن الكبير ..................................... !!

.................................................. .......................




منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 04-07-20, 05:06 AM   #285

tahra taiaa

? العضوٌ??? » 418725
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 57
?  نُقآطِيْ » tahra taiaa is on a distinguished road
افتراضي

حسبنا الله ونعم الوكيل فيك يا بثينة إنت وبنتك العقربة

tahra taiaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-07-20, 08:35 AM   #286

فرحههه

? العضوٌ??? » 450685
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 95
?  نُقآطِيْ » فرحههه is on a distinguished road
افتراضي

جمييييييييييييييييييييييي ل

فرحههه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-07-20, 09:10 AM   #287

طيوبه2

? العضوٌ??? » 131788
?  التسِجيلٌ » Jul 2010
? مشَارَ?اتْي » 284
?  نُقآطِيْ » طيوبه2 has a reputation beyond reputeطيوبه2 has a reputation beyond reputeطيوبه2 has a reputation beyond reputeطيوبه2 has a reputation beyond reputeطيوبه2 has a reputation beyond reputeطيوبه2 has a reputation beyond reputeطيوبه2 has a reputation beyond reputeطيوبه2 has a reputation beyond reputeطيوبه2 has a reputation beyond reputeطيوبه2 has a reputation beyond reputeطيوبه2 has a reputation beyond repute
افتراضي

لا اله الا الله محمد رسول الله

طيوبه2 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-07-20, 11:10 AM   #288

ع عبد الجبار

? العضوٌ??? » 460460
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 260
?  نُقآطِيْ » ع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته صباح الخير فصلين ولا اروع سلمت يمناك كاتبتنا المبدعه... اسعدتينا جدا.... بثينه وخلود ياترى تميم حيعمل معاهم ايه اتوقع اخرة خلود مأسوية...... علا عينها على ياسر فيروزة بدت تميل اتوقع لتميم..... بانتظار الفصل القادم على نار لاتطيلي الغياب دمت بخير وود 🌺🌺🌺🌺

ع عبد الجبار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-07-20, 10:25 PM   #289

sama mohammad

? العضوٌ??? » 403592
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 63
?  نُقآطِيْ » sama mohammad is on a distinguished road
افتراضي

👍👍👍👍👍👍👍👍👍👍👍👍👍👍👍👍👍👍👍👍👍

sama mohammad غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-20, 12:41 AM   #290

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 9 والزوار 1)

‏موضى و راكان, ‏Soy yo, ‏طيوبه2, ‏زهرورة, ‏لاار, ‏Hajar88 r, ‏samam1, ‏OmMaab


تسلمي يا منال فصلين و لا أروع من كده
مبروك للعروسين و عقبال البكارى 🌹💖


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:44 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.