آخر 10 مشاركات
وشمتِ اسمكِ بين أنفاسي (1) سلسلة قلوب موشومة (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          239 - عندما يقفل الحب بابه - كاثرين روس (الكاتـب : عنووود - )           »          226 - حزن في الذاكرة - كيت والكر ( تصوير جديد ) (الكاتـب : marmoria5555 - )           »          عانق اشواك ازهاري (2)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة بيت الحكايا (الكاتـب : shymaa abou bakr - )           »          شركة رش مبيدات داخل وخارج الرياض (الكاتـب : الرفاعي فرحات - )           »          همس المشاعر بين ضفاف صورة .. وحروف ماثورة... (الكاتـب : المســــافررر - )           »          رواية ناسينها ... خلينا نساعدكم [ أستفساراتكم وطلباتكم ] (الكاتـب : × غرور × - )           »          معزوفة الحب (1) * مكتملة * .. سلسلة سمفونية العشق (الكاتـب : Fatima Zahrae Azouz - )           »          خلف أوداج الغضب (104)-(1) غموض الورى-قلوب نوفيلا[حصريا] مروة العزاوي*مميزة *كاملة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام

Like Tree626Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-06-21, 03:58 PM   #5791

خديجة النيادي

? العضوٌ??? » 472403
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 229
?  نُقآطِيْ » خديجة النيادي has a reputation beyond reputeخديجة النيادي has a reputation beyond reputeخديجة النيادي has a reputation beyond reputeخديجة النيادي has a reputation beyond reputeخديجة النيادي has a reputation beyond reputeخديجة النيادي has a reputation beyond reputeخديجة النيادي has a reputation beyond reputeخديجة النيادي has a reputation beyond reputeخديجة النيادي has a reputation beyond reputeخديجة النيادي has a reputation beyond reputeخديجة النيادي has a reputation beyond repute
افتراضي


أهلين وسهلين يا كاتبة مختفية من غير أي خبر ع الأقل أعطي أي إشارة إنك بخير



خديجة النيادي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-06-21, 10:33 AM   #5792

lina eltayeb

? العضوٌ??? » 350911
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 571
?  نُقآطِيْ » lina eltayeb is on a distinguished road
افتراضي

اميره
طمنينا عليك


lina eltayeb غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-06-21, 02:02 PM   #5793

الاسود الوردي

? العضوٌ??? » 486573
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 98
?  نُقآطِيْ » الاسود الوردي is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

الاسود الوردي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-06-21, 07:36 PM   #5794

أميرة الحب

مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة

alkap ~
 
الصورة الرمزية أميرة الحب

? العضوٌ??? » 53637
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 14,442
?  مُ?إني » فرنسا ايطاليا
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك fox
?? ??? ~
https://www.facebook.com/الكاتبة-أميرة-الحب-princesse-de-lamour-305138130092638/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

بعد قليل سيتم تنزيل فصل جديد من غيث ايلول

أميرة الحب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-06-21, 08:33 PM   #5795

rinamcidra
 
الصورة الرمزية rinamcidra

? العضوٌ??? » 427084
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 208
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » rinamcidra has a reputation beyond reputerinamcidra has a reputation beyond reputerinamcidra has a reputation beyond reputerinamcidra has a reputation beyond reputerinamcidra has a reputation beyond reputerinamcidra has a reputation beyond reputerinamcidra has a reputation beyond reputerinamcidra has a reputation beyond reputerinamcidra has a reputation beyond reputerinamcidra has a reputation beyond reputerinamcidra has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc4
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرة الحب مشاهدة المشاركة
بعد قليل سيتم تنزيل فصل جديد من غيث ايلول
يا اهلين و سهلين بالقمر عودة مباركة حبيبتي 💕💕💕💕💕💕 ، طمنينا عنك انشالله تكوني بخير و امورك بخير .


rinamcidra غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-06-21, 08:35 PM   #5796

lina eltayeb

? العضوٌ??? » 350911
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 571
?  نُقآطِيْ » lina eltayeb is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرة الحب مشاهدة المشاركة
بعد قليل سيتم تنزيل فصل جديد من غيث ايلول
احلي خبر نورتي يومنا 😍😍😍😍


lina eltayeb غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-06-21, 08:36 PM   #5797

Diego Sando

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية Diego Sando

? العضوٌ??? » 307181
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,113
?  نُقآطِيْ » Diego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرة الحب مشاهدة المشاركة
بعد قليل سيتم تنزيل فصل جديد من غيث ايلول
الف حمد على السلامه
وحشتينا جدا جدا ♥️♥️♥️♥️
بانتظارك


Diego Sando غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-06-21, 09:27 PM   #5798

أميرة الحب

مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة

alkap ~
 
الصورة الرمزية أميرة الحب

? العضوٌ??? » 53637
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 14,442
?  مُ?إني » فرنسا ايطاليا
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك fox
?? ??? ~
https://www.facebook.com/الكاتبة-أميرة-الحب-princesse-de-lamour-305138130092638/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثامن و الثلاثين




ثمة ضغط على خصرها، وحرارة دخيلة على ساقها، حاولت الحركة الا انها كانت مقيدة تماما، شيء قوي جدا يشدها و يمنعها تماما من الابتعاد، فتحت عينيها ببطئ، من خلال رموشها تبينت لها الانوار الشاحبة للفجر تنعكس على سقف الغرفة المقعر و المنقوش، هذا السقف الراقي ليس لغرفة نومها البسيطة، فُتحت فجأة ابواب ذاكرتها و استعادت أحداث ليلة أمس، الصدمة جعلتها تنكمش بشدة على نفسها، أغمضت عينيها لوهلة كي توقف سلسلة اللقطات الحامية و عادت لفتحها قبل ان تستدير بحذر نحو مصدر هذه الهيمنة البالغة التي تسيطر تماما على جسمها، رأس سانتو يتقاسم وسادتها، كان يترك جل السرير ليسجنها بين ذراعيه في مكانها الصغير، حركة واحد الى الأمام و سيسقطان أرضا.
شعرت بالدم ينسحب من شرايينها بشدة بينما تتذكر الطريقة التي استسلمت بها له، كان يكفي ان يخبرها بأنه أصبح حرا كي تسمح له بإغرائها، كل مُعتقاداتها و مبادئها تبخرت تحت لمسة يد واحدة، ليلة من الحب لن تكفي لازاحة الضباب العالق في سمائها، ما ان تبخرت الفقاعات الودية الأخيرة حتى انفجرت الحقيقة أمام عينيها، لقد ارتكبت أكبر خطأ في حياتها وهي تشعر بالسوء.
لتتحرر، وضعت يدها على ذراعه القوية التي تطبق على خصرها و كأنها طوق من حديد، حتى وهو نائم يرفض تركها، هذه الحقيقة عزتها قليلا، اعجاب سانتو بها حقيقي على الأقل، تعرف بأنها تعجبه كما يعجبها، لكن حياته معقدة لدرجة انها تخشى على نفسها مما هو قادم...
" الى اين تذهبين؟"
وشوش في ادنها عندما حاولت مرة اخرى التحرر منه، نظرت اليه و راقتها نظراته الزرقاء الناعسة و شعره المشعث على جبينه و ملامح وجهه المسترخية، كان مشعا، و يبدو مزاجه حلوا.
" صباح الخير حبيبتي.."
" صباح الخير..." ردت وهي تحاول بلع قلقها و الابتسام.
دنى بوجهه منها و غرس انفه في رقبتها مستنشق عطرها
ثم همس لها:
"أي مقاومة سيكون مصيرها الفشل"
تحذير لا لزوم منه لأنها -على أي حال - لم يكن لديها أدنى رغبة في المقاومة، كل عضلة في جسدها تؤلمها، و سانتو يملك الخبرة الكافية لجعلها تنسى تماما نفسها و تتخلى عن مقاومتها!
" سأعمل بعد ساعات..." ذكرته بين انفاسها المضطربة.
" تعرفين بأنك لست بحاجة للعمل..." أمسك وجهها ليتطلع اليها بجدية " التنظيف في الفندق لا يناسب اصابتك حبيبتي، احترم بشدة استقلاليتك الا انك تبالغين في امتحان نفسك... دعيني اهتم بك، أملك الامكانيات الكافية لأسد كل احتياجاتك..."
" اسمع..."
قاطعها و هو يُدس اصابعه بين خصلات شعرها:
" أنت اسمعيني... بالأمس لم نتكلم، كنت بحاجة لك بين ذراعي و قد اثبت لك بأننا متفقين جدا من الناحية الجسدية، أنا لست جيدًا في التعبير عن مشاعري الا انك مهمة جدا بالنسبة لي و أريدك ان تكوني رسميا خليلتي"
يريدها حبيبته الرسمية؟؟ لطالما حاولت أن تكون شخصًا متفائلًا. لطالما آمنت بمعرفة كيفية القيام بأشياء ضد سوء الحظ... لكن الحقيقة بعيدة كل البعد عما يجري اللحظة... هزت كتفها و تمتمت:
" انت تعيش في 'موسكو' و انا 'كابري' ... أي نوع من العلاقات تتوقع مع مسافة مماثلة.؟؟"
انزلقت اصابعه من شعرها كي تلامس خطوط فكها:
" تعالي للعيش معي ... أعدك أن تكوني أولى اهتماماتي و سأعمل على اسعادك..."
" سانتو..." توقفت لتلتقط أنفاسها، كل هذا الكلام كثير على سلامة عقلها:" كل شيء... سريع للغاية، أنت أتيت على الطلاق، ابنتك ماتزال عالقة في حبال الأمل بأن تعود لوالدتها و أنا... لا أريد ان أعاني... الوضع برمته يُخيفني..."
لا يبدو ان كلامها يروقه، اذ ان وسامته عالية اسودت فيما عصفت نظراته الزرقاء، لايبدو ان ابن يانيس ايميليانو معتاد على ان ترفض عروضه امرأة، بائت محاولتها الثانية بالتحرر بالفشل مثل الأولى، ازدادت قبضته فحسب عليها و قربها منه اكثر الى ان ارتطمت انفاسه بشفاهها،كان يتطلع الى عينيها بعمق شديد دفع الدماء الى وجنتيها، عادت احدث ليلة أمس بينهما قوية وواضحة:
" كل دقيقة أقضيها معك تجعلني أطمح لمائة دقيقة أخرى..."
لم تتمكن من الإجابة وهزت رأسها فقط. أردته أن يتوقف عن الكلام وأردته ألا يتوقف أبدًا:" أنت وحدك من يلهمني بالتملك. .. والغيرة أسوأ سم. إنها تتسلل إلى القلب وتفسد الروح.. لا يمكنني تركك خلفي ... افهميني كارا... اطمح للاهتمام بك و اسعادك " كانت نظراتها تلين مع كل كلمة، رأته يقترب منها اكثر و يزيل المسافة الضئيلة بينهما ليحط قبلة صغيرة على شفاهها " أحبك فيرنا أكثر مما يمكنك تصوره..."
هذا اللغز العظيم المسمى" الحب "، من كان ليصدق أن شيئًا لا يمكننا رؤيته أو سماعه أو لمسه ، ناهيك عن تحديده ، يمكنه السيطرة على حياتنا كثيرًا؟ و من كان ليصدق أن رجلا بهبة سانتو سيهتم لمعاقة مثيرة للشفقة مثلها؟ نظرت مباشرة في عينيه عندما ابعد شفاهه الرائعة عنها و تركها تلتقط أنفاسا قبل أن تعترف بغصة:
" أنا أيضا أحبك..."
ابتسم لها و لمعت اسنانه الشديدة البياض و عطرت انفاسه رئتيها:
" هل تحبيني كفاية لتقمعي شكوكك و تتبعيني لعيش مغامرة جديدة.؟؟.. "
تنهدت و قررت مصارحته:
" لا أستطيع العيش مع سيف داموقليس معلق بشكل دائم فوق رأسي... هذا يتعلق بتوازني العاطفي و الفكري... لا احتاج لسبب كي اشعر بالذنب اتجاه الاخرين"
مسح بإبهامه على حاجبها قبل يغطي وجنته بكفه الكبيرة:
" كما شعرت بالذنب اتجاه والدك؟"
شعرت فيرنا بالدم يهرب من وجهها وقد اخترق صدرها ألم رهيب. إذا كان الجحيم موجودًا ، فلا بد أنه يشبه ما مرت به في طفولتها،و الأن لم تكن مستعدة للتكلم عن والدها، نعم هي تشعر بالذنب... لو لم تكن في حياته ربما تمكن من هجر جورجينا كليا و أخد زمام أمور حياته بيده بدل انهاء ايامه بطريقة مثيرة للشفقة.
" يجب ان اذهب..."
" كلا كارا..." عاد ليتحكم بها، يتطلع اليها بنفس الاصرار الذي يربكها بشدة " فرقي بين وضعنا ووضع والديك ارجوك..."
هزت رأسها:
" لا يمكنك ان تفهم..."
" بل أفهم..." وشوش لها برقة "طفولتي لم تكن أكثر اشراقا من طفولتك، لا تنسي ابن من أكون و لا ما فعله والدي بوالدتي... فيرنا... لا انوي تفويت فرصة السعادة الوحيدة التي اتيحت لي...انت هبة من السماء و ارفض خسارتك "
رباه...
كيف يمكنها مقاومة هذه الرقة المتناهية؟؟ شعرت بالضعف يزحف اليها و كان عزائها الوحيد أنها تصرفت بما يخدم مصالح الجميع لكن سانتو لا يبدو أنه يرى الأمور من نفس الزاوية، كم تتوق لتكون انانية و تنسى ضميرها و تأخد كل ما يقدمه لها من وعود و آمال ضخمة.
الغصة في حلقها منعتها من التعليق، و شفاه سانتو سلبتها أنفاسها، شعرت بنشوة مألوفة في بطنها عندما دس يداه تحت الشراشف الحريرية ليبدأ بإكتشاف منحنياتها مجددا، و استسلمت لنداء حواسها كما فعلت أمس، لا يمكنها نكران انجذابها الشديد اليه، انها واعية بالحرب بداخلها، فالنتينا تريد البقاء بين ذراعيه و قبول عرضه بجعل ما بينهما رسمي، الا ان فيرنا ترفض الوضع... كانت ممزقة بين القطبين كل منهما يجذبها اليه.
الحب ليس كافيا لبناء شيء صلب اليس كذلك؟، والداها خير دليل، الحب مؤذ، الحب مخيف و يشبه الغابة التي يفقد المرء فيها خطواته للابد، و رغم ذلك تجد نفسها مشتعلة مثل الجمر تحت لمسات هذا الرجل الذي يستحسن ان تحذره بدل ان تأتمنه.هذه الليلة خسرت فيها كل شيء، عفتها، اعتقاداتها و لسيما... قلبها.
كان هناك طرقات من بعيد، لم تعي فورا لتغير موقف العشيق الرائع الذي كان بصدد إدخالها الى عالم من الاحلام في فقاعة وردية، تلك الفقاعة انفجرت كي تتسبب بسقوطها فورا على أرض الواقع، فهمت متأخرة بأنهما لم يعودا بمفردهما، جلبت الغطاء عليها كي تستر نفسها عندما التقت بنظرات زرقاء شاحبة مشتعلة من الغضب.
أوكتافيا وسط الغرفة، شاحبة من الاهتياج و مسودة الوجه، كانت تنظر اليها و كأنها تريد بشدة القفز على رقبتها و خنقها، أول ما سمعته هو صوت سانتو، تكلم الى ابنته بلغة لم تفهمها ، هذه الأخيرة انفجرت في وجهه بنفس اللغة قبل أن تفر هاربة من المكان.
" اللعنة..."
رأته يقفز من السرير و يلتقط بنطاله الجنزي كي يرتديه على عجل، كانت متجمدة من الصدمة و الخجل و العار، على الدوام تشعر بهذا الاحساس عندما تسيء الى أحدهم، أوكتفيا طفلة صغيرة جدا و بالتأكيد ما رأته سيدمر كليا طفولتها، كل طفل يحلم برؤية والديه مع بعضهما البعض و هذا ما حاولت افهامه سانتو العنيد.
" انتظريني لن أتأخر..." طلب منها قبل ان ينحني ليقبل جبينها:" سوف أحل المسالة فلا تقلقي... أحبك"
عند غياب ردها، وضع يده على كتفها و هزها قليلا لاخراجها من حالة الالتباس التي دخلتها:
" قولي بأنك تحبيني أيضا..."
" هذا لن يغير شيء من الحقيقة..." همست بنبرة مهزومة.
" ربما... الا انني لا أنوي التخلي عنك بسهولة... "
لم تكن تنوي التأخر أكثر في سريره،عزز الأدرينالين عزيمتها و ما ان انغلق الباب ورائه حتى ركضت الى ملابسها و ارتدتها على عجل مستعملة الشرفة للهروب من المزرعة... مع القليل من الحظ... لن تلتقي احد من الموظفين في هذه الساعة المبكرة من الصباح.
* * *
وصل حشد زوجها للقلعة الا انه لم يظهر في جناحهما، لقد انتظرت بصبر منذ ان اكتشفت عودته و رات رجاله منتشرين في الحديقة، بعد ان اغتسلت ابقت مطولا نظراتها على انعكاسها في المرآة، بدأ بطنها بالظهور، تغير مقاس صدرها و امتلأ جسمها، لن يمكن لروكو عدم الانتباه لهذه التفاصيل ان وقفت امامه بملابس النوم... لا تريده ان ينتبه للموضوع قبل مفاجئته بنفسها لهذا ارتدت فستان فضفاض،فسراويلها الانيقة لم تليق بالوزن الزائد الذي ملأ منحنياتها، بلعت مرارتها وهي تلقي نظرة اخيرة على مظهرها في المرآة، لا يوجد ما يمكن أن يثير الشك سوى شحوب وجهها، حطت القليل من البودرة و احمر الشفاه قبل ان تغادر الجناح بإتجاه الدور الارضي.
كان المكان غارق في هدوئه الاعتيادي، قطبت بينما تدفع باب المكتبة، لا أثر لزوجها.
وجدت حماتها في الردهة بصدد تفقد البريد بينما مساعدتها تدون بضع معلومات في مذكرة مواعيدها.
" صباح الخير حماتي..."
هزت هاته الأخيرة عينيها القاتمتين نحوها و تفقدتها قليلا مثل المعتاد قبل ان تتوقف بنظراتها على بطنها:
" صباح الخير عزيزتي... تبدين شاحبة"
" انه الغثيان.." شرحت بريانا وهي تفرك رقبتها " اين زوجي؟؟"
" في المقبرة"
بلعت هذه المعلومة مثل الحجر الواقف في حلقها، بعد أن امضى الأيام الأخيرة في التستر عن مهامه الأخيرة يفضل زيارة اليخاندرو قبلها.
تجهل ما الموضوع الا ان ثمة شيء يحدث و يرفض مقاسمتها به... انه متكتم للغاية و لا يسرب معلومة بسهولة.
من فوق كتف حماتها لمحت ربيبتها من شق الباب الخشبي الضخم المؤذي الى مطابخ القلعة، كانت تقف أمام مجموعة موظفي القلعة بدون استثناء.
" مالذي يحدث في الداخل؟؟"
دون ان تبتعد سابرينا باهتمامها على ما بين يديها أجابت بنبرة هادئة:
" تقوم صوفي بإنعاش ذاكرة الموظفين بشأن شروط العمل في القلعة..."
فتحت بريانا فمها الا انها لم تعلق بشيء، آخر اهتمام مدللة الايميليانو هو الدخول في شؤون القلعة، تجاوزت حماتها و دفعت الباب كي يستقبلها منظر غريب للغاية.
" العلاقات بين الموظفين مرفوضة تماما و مصيرها الطرد، اتمنى ان تكون هذه آخر مرة أكرر فيها هذا الكلام، و ألان فليعد كل منكم لمهامه"
هزت بريانا حاجبيها بعدم فهم، بينما الجميع يحاول تحاشي النظر مباشرة للشابة التي تبدو في أسوأ أمزجتها تعمدت موظفة صغيرة السن التأخر، رأتها تتلوى من العصبية قبل أن تقرر مواجهة صوفي:
" آنستي... هل لكلامك علاقة بشخصي؟؟ 'دون روكو' يعلم بأننا ... سنتزوج قريبا "
تنقلت بريانا بنظراتها بين المرأتين، باختلاف الطبقات الاجتماعية الا انهما تقريبا من نفس العمر، بدت صوفي و كأنها فقدت لون وجهها فجأة:
" تتزوجين من؟؟ موظف من القلعة؟؟"
" العراب يعر..."
قاطعتها صوفي بغضب:
" لا يهمني ما يقوله شقيقي... "
تراجعت الفتاة في مكانها و شحب وجهها بشدة مما اشعر بريانا بالشفقة، صوفي لئيمة و بلارحمة مع الأخرين و هذه الفتاة المسكينة تبدو كسمكة صغيرة امام قرش شرس، اضطرت بريانا بوضع نفسها بينهما في محاولة تهدئة الأمور بالرغم من جهلها التام بما يدور حولها:
" لا تحشري انفك بريانا..." نصحتها ربيبتها فيما عينيها الزرقاوين تتطايران شرا " و انت اجمعي اغراضك و ارحلي من هنا... لن تحصلي على رسالة توصية بإختراقك القوانين"
" لكن آنستي" اعترضت الموظفة بصوت مرتجف " 'دون روكو' يعرف بأنني مخطوبة لفلافيو و سنتزوج، حتى انه دعمنا ماديا لشراء بيتنا"
رأت غضب صوفي يسقط فجأة فيما ارتجفت رموشها الكثيفة عدة مرات قبل أن تسألها فجأة:
" من هو فلافيو؟؟"
" البستاني" ردت الموظفة ببحة " انه خطيبي و سنتزوج نهاية السنة، أنا بحاجة بشدة لهذا العمل ... العراب يعرف بشأننا وقد منحنا ترقية لمساعدتنا في شراء بيت"
اختفت عدوانية صوفي وهذا لم يطمئن الفتاة التي كانت تنتظر ردة فعل محددة مما اضطر بريانا للتدخل مجددا:
" عودي الى عملك" هزت رأسها بالايجاب و فرت وكأنها خائفة من أن يتم رميها خارج مصدر قوت يومها، تأملتها ربيبتها بنظرات مظلمة." انت تقسين كثيرا على الخدم..."
" ثم أتت ملكة النوايا الحسنة لتتدخل باموري و مكانتي في هذه القلعة" تمتمت ببعض السأم وهي ترفع نظراتها الزرقاء الشفافة الى السماء" اهتمي بامورك العالقة مع زوجك و دعيني اقدم لك نصيحة... ان استمريتي بالتماطل فستلدين قبل أن ينتبه لأمرك... روكو لا يهمه غير نفسه فلا تتوقعي أن يتغير فقط لأنه اختارك زوجة له... انت مثلك مثل بقية الأثاث الجميل الذي يُزين هذه القلعة... لا تظني ان لك شأن أو كلمة في هذا المكان "
زمت بريانا شفاهها،احتراما لروكو لن ترد على اساءة هذه المدللة التي تعشق بشدة استفزاز كل من حولها، هذا فحسب ما يُشعرها بالقوة و يلون قليلا حياتها المملة و الباردة... صوفي تشبه القوقعة الفارغة و تستحق أكثر شفقتها على غضبها، انها تعسة حتى العظم.
راقبتها تلقي نحو بطنها نظرة ازدراء أخيرة قبل أن تنسحب من المطبخ... كيف يمكن أن يكون روكو والد هذه المخلوقة المشبعة بالكراهية و الانانية؟؟ انها تليق أكثر بأن تكون ابنة يانيس، باردة سلبية و جارحة مثله.
في الخارج كانت الشمس ساطعة، اختلطت رائحة الزنابق والورود بهواء البحر المملحة.
كما أخبرتها حماتها، وجدت روكو في المقبرة... أمام قبر اليخاندرو، كان يقف هناك بجسده الممشوق و بدلة رجل الاعمال التي تلتصق به كجلده الثاني، الهواء العذب يتلاعب بخصلات شعره السوداء الامعة، توقفت لوهلة تتأمله و تتجرع من هالته الطاغية حتى وهو يدير لها ظهره و غير واع بوجودها...، خلال اليومين الماضين افتقدته كثيرا، كل غياب هو امتحان مرير لها و فقدان لا مثيل له، الا أن افتقاده لاليخاندرو أقوى من افتقاده لها شخصيا ، هل ستبدأ حقا بالشعور بالغيرة من رجل ميت؟؟ ليس من شيمها الحسد و لا الغيرة، الا ان هرمونات الحمل تجعل منها امرأة حساسة.
و كأنه شعر بوجودها، رأت الصقلي الوسيم يستدير نحوها و تلتقي نظراتهما فورا... و كأن شمس اخرى انارت السماء و جعلتها أكثر بهجة، شعرت فجأة بأن قلبها لا يتسع لكمية الحب الذي تحمله له، الا ان حماستها الضخمة تحفظت ما ان انتبهت بأنه لم يكن بفرده، لمحت رأت قامة اخرى ضخمة و فخورة تجثو على القبر... خوسيه مارتينيز...
تفهم ألان لما لم يقصدها زوجها فورا، خوسيه الوحيد الي لم يزور قبر صديقهم منذ ان تم دفنه هنا.
تقدمت نحو زوجها خطوة الا انه رفع ذراعه نحوها و اشار لها بالتوقف مكانها، يريد بلا ادنى شك ترك الحميمية لخوسيه، توقفت مكانها وانتظرت ان ياتي هو اليها، وهذا ما فعله... رأته يتقدم، وفي كل خطوة يزداد شوقها و حنينها اليه ما هي الا لحظة حتى اخدها بين ذراعيه القويتين و قبلها بحرارة بالغة انستها استيائها من صوفي و انتظارها الطويل له خلال اليومين الأخيرين.
" كيف حال زوجتي؟"
" سيء من دونك"
" أنا هنا "
كانت الكلمة كفيلة بتضييق حلقها، كانت تُجاهد من أجل العثور على الكلمات الصحيحة بعد هذا الرد الحميمي المليئ بالرقة و الحنان، كيف ينجح في كل مرة بمسح مرارتها بذكاء؟ لا تشك أبدا بحبه لها، ترى نفسها في كل حركة و كل كلمة تصدر منه، تزوجها لأنه لا يستطيع العيش من دونها، من المستحيل أن تشك أبدا في زواجهما و لا العلاقة القوية التي تربطهما، الا أن الكل يشاركها به، و هي... تريده لها وحدها.
" مرحبا بريانا"
ابتعدت عن حضن الزوج الذي قلقت بشدة عليه في اليومين الاخيرين كي تواجه الارستقراطي الاسباني المتصلب الملامح، كانت عيناه منتفختين و كأنه اتى على افراغ الدموع على ضريح الشاب الذي اخده الموت باكرا.
" مرحبا خوسيه..." لا احد يقترب منه ليحط قبلة على خده، انه يكره هذا النوع من اللمس، لايمكنها حتى الشد على يده... تعمد بالاحتفاظ بهما داخل جيوب بنطاله الكحلي " كيف حال آيا و الصغيرين؟..."
" انهم بصحة جيدة عزيزتي" روكو من اجاب مكان صديقه و عاد ليقبل شعرها و يفرك ذراعها قبل أن يحررها " ما رأيك أن نعود الى القلعة؟ ..تبدين متجمدة"
اشبك اصابعه بأصابعها بينما يتمشيان فوق العشب الطري المقصوص بعناية فائقة، خوسيه على اثرهما، تجاهلت الاحساس الخانق بإبتسامه زوجها، انها تريده لها هذه الايام، عليهما الكلام، عليه ان يعرف بأنه سيصبح أبا قريبا، وجود خوسيه في المحيط يربك مجددا خططها.. رغم عنها ضببت الدموع عينيها و حرقت حلقها، الحمل يجعلها حساسة جدا، الا انها تحتاجه بشدة في هذه الفترة... تريده ان يتقبل انانيتها و يساندها عاطفيا، تجهل كيف ستكون ردة فعله عندما يعرف سرها... هل سينسى هذا الولاء لاصدقائه و يركز عليها، أم انها ستتقاسمه معهم لبقية حياتها؟
الظلال اخفت تعابيرها بينما تبتلعهم فخامة القلعة و التقطت انفاسا عميقة كي تتحكم في نفسها، شعرت بالراحة بينما ترى خوسيه يتوجه نحو المكتبة كي يترك لهما الحميمية.
" ما الأمر حبيبتي؟؟"
سألها وهو يقف شامخا أمامها و يمسك بدقنها كي يتطلع الى عينيها الامعتين أكثر من المعتاد. حاولت الابتسام لاخفاء مشاعرها.
" اشتقت اليك بشدة..."
" و أنا أيضا..." أكد لها وهو يمسح وجنتها بظهر يده "أرى بأن ثمة أمر يزعجك..."
هزت كتفيها و تشبثت بأصابعه القوية تعصرها بين اصابعها.
" أظن أنه مر وقت طويل على آخر مرة كنا فيها بمفردنا... "
" نمر بموجة خانقة من العمل و وعدتك ان أعوضك ما ان احصل على بعض الوقت الحر... "
أومأت برأسها ، غير قادر على اصطفاف ثلاث كلمات متماسكة كان قلبها ينبض بقوة في صدرها. توقف ، مدركًا كم كانت مهتزة داخليا،العاطفة التي غمرتها طوال الايام الاخيرة تخنقها. "كنت أخشى أن أجد نفسي محاصرًا في هذا الغياب ، هذا النقص"
قاطعته بصوت ممتلئ بالاحباط :
"علاقتنا تحتاج للكثير من الوقت روكو... أشتاق لزوجي فهل هو يشتاق الي بالمقابل ؟ "
" هيه.." أمسك وجهها بين راحتيه و تطلع اليها بنظرات عميقة " اهدئي عزيزتي... تعرفين بأنك مهمة للغاية ، لا يجب ان تشككي ابدا في مصداقية هذا..."
بلعت بقية الكلمات، لن تدخل معه في حوار ساخن بينما يأتي على الوصول من مكان ما و يرفض مشاركتها به، تركته ياخدها مجددا بين ذراعيه، الشعور بالحماية احتلها تلقائيا، لن يمكنها الغضب منه طويلا... انه حب حياتها.
" تفرغ لنا هذا المساء..."
شعرت به يتشنج قليلا قبل ان يبعدها عنه مجددا كي يتطلع الى عينيها:
" روبي فقدت حملها و سيزار في حالة مزرية، قررت مع البقية الطيران الى روما لرؤيته و دعمه ... هل سيجعل مني هذا زوجا مهملا؟؟"
بل صديقا مثاليا... فكرت بمرارة بينما يحرقها الخجل مجددا من الشعور بالغيرة نحو هذا التفاني و الوفاء، لقد رأت روبي،وهذه الاخيرة كانت بحالة يأس تامة و تتفهم رغبة روكو بالبقاء بجانب صديق عمره... فقط القليل من الوقت و ستتمكن من الحصول على فرصتها في الاختلاء به... عندما يعرف بأنه سيصبح أبا ستتغير الأمور.
راقبته يتمعن فيها بنظراته العميقة و تذكرت انه ينتظر ردا على سؤاله الأخير.
" أنت أشد الأزواج مثالية على الاطلاق..."
شقت ابتسامة عميقة شفاهه و ابتسمت له رغما عنها... انه روكو بحق السماء، من المستحيل عدم الذوبان امامه.
" و أنت هبة من السماء... سترين حبيبتي... ما ان تمر هذه العاصفة حتى نطير بعيدا و لن يعكر صفونا شيئا... فقط أنا و أنت"
التقط دقنها بين سبابته و ابهامه و حط على شفاهها قبلات ممتلئة بالوعود، في بعض الاحيان، تشعر بأنها لا تشبع أبدا من هذا التواصل، انها بين ذراعيه و لكنها ترغب بالمزيد و المزيد، لكن لا شيء و لا أحد يتركهما و شأنهما.
" يجب أن نتكلم..." كانت صوفي.
ابتعدت عنه مرغمة كي تتطلع الى الفتاة العدوانية التي تجهل من اين خرجت لتقطع خلوتهما، تشعر أحيانا بأننا تتعمد تعكير لحظاتهما العاطفية،
" مرحبا صوفي... أنا ايضا افتقدتك كثيرا.."
الا ان درس روكو في الاخلاق لم ينفع معها، رمقته بطريقة جليدية:
" أين سانتياغو؟؟"
" في مهمة..." أجابها بهدوء.
" مهامك لا تجلب سوى الشقاء روكو... لا تنسى ان احداها دفع ثمنها اليخاندرو..."
لم يرد روكو، تعرف كم هو صلب، الا انها لم تغفل عن الشحوب الذي تسلل الى وجنتيه، ضربات صوفي دوما موجعه له، انها الوحيدة التي يتردد دوما في وضعها مكانها، هذا الضعف نحوها تضاعف منذ الحادث وايضا معرفته حقيقة انها ابنته.
" مالذي تريدينه صوفي..؟؟"
" ما اريد معرفته هو سرك بالنوم هانئا ليلا فيما تستمر بحصد الأرواح لحماية مصالحك... مللت حياة العراب و الفقاعة التي اعيش فيها... أريد تحسين وضعي المعيشي و اريدك ان تتركني و شأني... أعرف بأنك منعت اليساندرو من استقبالي بينما أخطط للذهاب الى نيويورك ٌلامضاء عطلة كبقية البشر"
" ستسافرين في الصيف و ليس الان..."
" لكن لماذا بحق الجحيم؟؟ العطلة على الابواب..."
" لأنني افضل ترتيب حمايتك بشكل أفضل صوفي... أنت ابنتــ... " توقف و التقط نفسا " انت ابنة يانيس ايميليانو و شقيقتي... أمرك يهم الكثير من اعدائنا ... ارفض ان تتعرضي للاختطاف أو يتم استغلالك..."
" لهذا اريد ان يرافقني سانتياغو... الا انه مشغول بمهام الخطرة التي يدفع الجميع ثمنها بحياته... "
" صوفي..." تمتمت بريانا.
" انت لا تتدخلي" زمجرت بها مجددا بكراهية، كانت عيناها مشتعلتين بنار حاقدة، تبدو حقا فاقدة السيطرة، اللمعان المعدني لنظرات روكو حذر ابنته بأنها تغامر بالدخول في حقل ألغام، لم تره قط في مثل هذا الغضب من قبل. لقد كانت نهاية قناع اللامبالاة ، ولمعانه المهذب. كانت ملامحه ملتوية ، وبشرته شاحبة تحت اسمراره ، وعيناه تومضان بشراسة :
" امنعك من التكلم اليها بهذه الطريقة فليست مجبرة لتحمل وقاحتك صوفي"
صوته العالي جعل وجه صوفي يقتحن اكثر، تجهل بريانا سبب كراهيتها الشديدة لروكو الذي يفعل المستحيل لاسعادها:
" أريد السفرالى نيويورك بحماية سانتياغو و ان رفضت، فأقسم ان التجئ الى اليساندرو و لن اعود مجددا الى جحيمك..."
" لا تهدديني" تمتم روكو من بين اسنانه وهو يتقدم نحوها خطوة مما دفعها للتراجع لتضع بينهما مسافة آمنة " كلانا يعرف من يتخذ القرارات في هذا البيت، سانتياغو لا يتقاضى اجره كي يلعب دور الحاضنة لسيما لفتاة مستهترة تجهل تماما اين مصلحتها، والان انصحك بالاختفاء من امامي قبل ان الوي عنقك، لا وقت لي لأزماتك الطائشة و الصبيانية"
شدت بريانا انفاسها تتوقع مشاحنة عنيفة، الا ان زوجها لم يترك لابنته الفرصة للكلام، بل تابع بلكنة جليدية" في المرة القادمة لا تقللي احترام زوجتي، و ان تكرر الامر فسيسعدني وضعك في مكانك بطريقة لن تروقك بالمرة"
رأتها تزم شفاهها الممتلئة، عكس توقعاتها امتلأت عينيها بالدموع و بدت فجأة تعسة حتى العمق، يبدو ان روكو انتبه لهذا التغير الجذري اذ ان موقفه تغير، آه نعم... لا يوجد في العالم من يمكنه التلاعب بعواطفه بكل سهولة مثل صوفي، الا انها لا تمثل في هذه اللحظة.
" لو كان أبي حيا..." بدأت بتعاسة.
قاطعها روكو بصرامة كابتا تعاطفه في هذه اللحظة:
" لورّم مؤخرتك العنيدة الى أن يتعذر عليك الجلوس لأيام...
عندما تحدث مرة أخرى ، كان صوته عميقًا ، وكل مقطع لفظي يهتز بسخط.
"تجهلين من كان حقا والدك"
لم تجب على ملاحظته المتهكمة و القاسية، قمعت دموعها و هزت رأسها ببعض الشموخ قبل ان تقرر الاستسلام وعودة ادراجها.
" لما لا تسمح لها بالذهاب الى نيويورك؟؟" سألته عندما امتد الصمت المتوثر بينهما بعد رحيلها.
" لأنه ليس الوقت المناسب عزيزتي لدى اليساندرو اهتمامات اخرى حاليا" ثم استدار نحوها ملامح وجهه مشدودة لحد الانفجار" فشلي الوحيد في الحياة هو علاقتي بابنتي ...أمامك البرهان القاطع بأنني لم أخلق أبدا لأكون أبا... كان أبي على دراية بهذه الحقيقة لهذا اخدها مني و تولى مسؤوليتها بنفسه..."
هذا التعقيب يبس الدم في شرايينها، بقيت تتطلع اليه ببلاهة، تجهل ما يمكنها قوله، صحيح انه لم يبدي يوما رغبة في الحصول على أطفال يوما، لقد قسى عليه والده لدرجة انه يشعر بالعجز لمنح ما لم يحصل عليه يوما، الا ان الوقت تأخر جدا ... سيصبح أبا و هذه حقيقة لا شك فيها... فهل سيكرهها لأنها أجبرته على الأبوة للمرة الثانية ؟ نعم ، الوضع برمته سخيفًا:
" اعذريني 'كارا'... علي الالتحاق بخوسيه في المكتبة..."
هزت رأسها بالايجاب دون ان تتمكن حنجرتها بالتعقيب... كلماته الاخيرة تقضمها من الداخل مثل السم، هو ليس أبا سيئا، بل صوفي ابنة صعبة المراس، عليها ان تجد طريقة لتقنعه بأن العيب ليس فيه أو حتى في صوفي، بل في الرجل الذي ظن بأن له الحق بسلب الأب ابنته و خلقة هذه الهوية السحيقة بين الاثنين.
يانيس ايميليانو سيد الانانية و هو الوحيد المسؤول على كل ما يحدث.
* * *
" توقفي فورا"
لكن اوكتافيا ترفض الهدوء و قد قلبت محتويات غرفتها رأسا على عقب
" انا اكرهك" شعر سانتو و كأن خنجرا غرس بين ضلوعه، لم يكن له الوقت لاستيعاب المه اذ ان ابنته وقفت امامه و انفجرت في وجهه مثل قنبلة يدوية" اريد العودة فورا الى ميامي، لم تأتي بي الى ايطاليا للعلاج انما لتتسلى مع تلك الخادمة، كيف يمكنك خيانة امي بهذه الطريقة البشعة؟... تلك الفلاحة لا تسوى شيئا امام الطبيبة الامعة التي عليها 'ايموجين مارشال'... "
أخذ ألمه بصبر. كان هناك وقت للجدل والإقناع وآخر للاستماع إلى محاورته التي يجدها في هذه اللحظة نسخة عن والدتها.
" اتصل بالطيار، اريد العودة الى البيت"
رآها تقاوم بصعوبة دموعها، انها مشتعلة من الغضب و القهر و شيئا يشبه الغيرة. قد تكون ابنته صغيرة السن الا انها عاقلة وواعية جدا مقارنة بسنوات عمرها القليلة.
" ليس من حقك مهاجمتي"
"هذا الحق ، انت نفسك أعطيتني إياه!" ثم زمت شفاهها الصغيرة باشمئزاز" تركتنا من اجل تلك العرجاء المثيرة للشفقة"
" لا تسيئي اليها" حذرها بجليدية
" تدافع عنها بينما دمرت اسرتنا"
" اسرتنا كانت مدمرة منذ سنوات... الحب الذي احمله لفيرنا كبير و عليك التعود على حقيقة انها في حياتي"
" كيف تجرؤ بقول هذا في وجهي" الدموع التي قاومتها للان انفجرت مثل الينابيع على وجنتيها " اعيش على امل عودتكما لبعضكما... انت تجهل ما يفعله الوضع بي... احب كلاكما و طلاقكما يدمرني"
في نفس العمر، لم يكن يعرف كيف يكون عليه شكل العائلة الحقيقية السعيدة و المستقرة الى ان اخده 'جاك ارشيبالد' و منحه مسكنا دافئا و حرفة أسلافه، فهل يمكن يوما ان تفهم ابنته المعنى الحقيقي للدمار؟
منذ مجيئها على وجه الارض لم يسمح لنفسه لحظة بأحزانها، دللها ووفر لها كل ما يمكن لطفلة بعمرها الحلم به، حاول التكفير عن الاحساس بالذنب الذي ينخره، لقد عجز على احترام وعده بالا يتزوج سوى امرأة يحبها و يبني معها اسرة ملتحمة، اخطات ظنونه... في زواج المصلحة هناك الكثير من الجوانب السلبية.
"لن أربي طفلاً في بيئة يسودها التوثر، انتهى ما بيني و بين والدتك اوكتافيا، لا انوي مناقشة موضوع سبق و تكلمنا به كبالغين و قد ابديت تفهمك... لن أعود لوالدتك فقط لارضائك ".
استمرت دموعها بالنزول الا ان نظرتها الجليدية ذكرته فورا بوالده، يانيس حط عليه نفس النظرات عندما قرر اخراجه من حياته للابد وهدده بالقتل ان وضع رجله في ايطاليا مرة أخرى..
" اريد العودة الى ميامي" قالت له بلكنة ممتلئة بالضغينة و الكراهية.
" ستعودين عندما اقرر انا ذلك"
" انا اكرهك"
هز كتفيه بلا مبالاة:
" ستتجاوزين خيبتك"
هزت عينيها المتورمتين الى السماء:
" سأبقى مع والدتي لانها أحق بولائي منك..."
ممن ورثت هذا الاجحاف بحق الشيطان؟؟ ام انها جينات الايميليانو الكريهة؟
" ليس الوقت لهذه المناوشات فلا أدخل حربا معك، انت ابنتي و اعرف بأنك ستتفهمين مع الوقت"
توقفت عن البكاء و التقطت أنفاسا عميقة:
" اذن فأنت تفضلها عني؟"
" فيرنا ليست منافستك..." اكد سانتو بجدية.
" انها أسوأ من ذلك..." اجابته بجفاء وهي تنظر مباشرة في عينيه" انها عدوتي...."
لم يسمع أسخف من هذا، وضع يديه على جانبيه:
" أنا متأكد بأنك تغيرين رأيك ما ان تعرفين أي امرأة رائعة هي..."
" و انت ستغير رأيك عندما تكتشف بأن مكان والدتي لن تملئه امرأة أخرى مهما كان قدرها... و اشك في ان عرجاء متشردة ستثقل كفة الميزان، انها بلا أي قيمة أمام ايموجين مارشال أم أنني مخطئة أبي؟ "
* * *
تنقلت فلور بعينيها بين زوجها العملاق و الضيفة سمراء البشرة و الضئيلة الحجم، انها تشبه الدمية امام قمم العضلات التي تنتصب بجانبها، عندما كلمها الاسبوع المنصرم عن زيارة سيدة الاعمال القادمة من اريزونا، شعرت بالغيرة من الاهتمام الذي يبديه للغريبة، الا ان هذه المرأة لا تدخل في قائمة نساء زوجها و ذوقه الاستثنائي، لن يمكنها الشعور بالغيرة أبدا منها، ستقيم عندهم لأسبوع كامل، يجمعها بداركو عمل مهم، و بما أنها لا تفهم كليا اعماله فهي ستعمل فحسب على لعب دورها اتجاه المرأة التي تبدو لطيفة جدا.
" بيتكما جميل جدا..."
سمعتها تقول بينما يدعوها زوجها الى الشرفة المطلة على البحر الأيوني المتلاطم الامواج، لقد كانت السماء متوهجة، و رغم روعة الجو الا ان زوجها يبدو مقتضب و عصبي، يمكنها تخيل السبب، انه سيزار... فقدان روبي لحملها لم يؤثر فحسب على هذا الأخير انما على داركو أيضا و كأنه هو من فقد طفلا... انه يتوجع بصمت... ياله من رابط غريب.
" شكرا لك..." ردت فلور بابتسامة و هي تجلس على الاريكة الفخمة قبالة سيدة الأعمال " لقد شيدناه حديثا... لا علاقة له بتأريخ قلعة فالكوني المشهورة..."
" زوجتي تملك ذوقا مميزا و هي من قام برسم كل ركن من هذا المكان" هزت عينيها الى وجهه الوسيم... كان يبتسم بأدب، ابتسامته مزيفة لدرجة مثيرة للشفقة، كم سيبقى في هذا المكان قبل ان يفر لمواساة سيزار؟ خمس دقائق؟ خمس ثوان؟؟
و كأنه قرأ في أفكارها، رأته يلقي نظرة الى ساعة يده، الضيفة ابتسمت وقد فهمت الاشارة:
" لن نؤخرك أيها الأمير..."
أخد بيدها في يده:
" هل ستسامحين انسحابي العاجل؟؟"
" اراك لاحقا..." اكدت له بثقة قبل ان تحط عينيها الشديدتين السواد عليها " سأسعد برفقة فلورانس ريتشي"
" لم تعد من الريتشي منذ زمن" صحح داركو و هو ينحني ليقبل قمة رأسها بحنان" اهتمي بضيفتنا عزيزتي، أراك في المساء، أحبك"
هزت وجهها نحوه الا انه اكتفى بتقبيل رأسها، كان من العجلة بحيث انه لم يسمع كلمة احبك التي رمتها له، فر مثل السهم نحو الخارج، قطبت جبينها للحظات بينما تتابع رحلته خارجا، غمرها القلق عندما وقع اختياره على البوغاتي الشديدة السرعة، يحب زوجها القيادة بسرعة الا ان طرقات كاتانيا غير مؤهلة لهذا النوع من السيارات، ارتفع عاليا صوت محرك السيارة القوي و ماهي الا لحظات حتى اختفى عن الانظار،عندما عادت لتنظر الى ضيفتها كانت هذه الاخيرة تتطلع اليها باهتمام شديد.
" شيء يزعجك؟؟"
هزت فلور كتفيها:
" اقلق من بعده كل الوقت... لا أرتاح سوى بعودته سالما الى البيت..."
" هذا الشعور بعدم الأمان بسب ما حدث أليخاندرو مندوزا؟؟" سألتها المرأة.
عادت فلور للتقطيب مجددا،ماحدث للعزيز اليخاندرو ليس سرا، لقد جرح غيابه القلوب و أدماها، لقد احزن الروح و ابكى العيون الى ان جفت دموعها و تحولت الى دم، الأمير لا ينساه، تراه حزينا، ترى تلك النظرة الضائعة في عينيه، انه فحسب يتأقلم مع الحقيقة التي رفض قطعا تقبلها في البداية.
" كنت تعرفين اليخاندرو مندوزا؟؟"
" ليس بصفة شخصية..." اعترفت لها المرأة " أظن انه كان مميزا كي يكسر رحيله فؤاد الأمير... "
شعرت بقلبها يتمزق لهذه الملاحظة، لقد اصحت التعبير، فؤاد زوجها مكسور، وهذا بالضبط ما يجعلها قلقة كل الوقت، لم يعد حيويا و لا سعيدا كما كان من قبل، شيء ما مات بداخله و هي تجهل كيف تحييه مجددا، اليخاندرو اخد اصدقائه معه الى القبر.
" الكل... يعيش حدادا قاسيا..."
" تقصدين بالكل ربيبتك؟ "
" كلنا" اعترفت فلور بغصة:" روكو، سيزار، خوسيه و بالتأكيد ربيبتي... "
شعرت ببعض الراحة لمقاطعة الخادمة لخلوتهما، بعد أن وضعت على الطاولة طلباتهم اختفت، هزت نظرها مجددا نحو البحر الممتد امامهما، انها ممتنة لهذا الجمال ألايخاندرو، عندما استحال عليهما العيش في غار الافاعي الذي هو عليه قصر الفالكوني باعهما ارضه الثمينة ليبدا فيها حياتهما كزوجين حديثا العهد، لم يرفض ابدا طلب داركو و سارع بمنحهما جنته، كي يمكنها نسيانه يوما؟؟
بقيت مستغرقة في أفكارها دون ان تفارق عينيها صورة السفينة البيضاء الكبيرة التي تبرز في زرقة البحر الأبيض المتوسط.
" انها جزيرة رائعة.." سمعت المرأة تقطع أفكارها.
" هذا صحيح..." أكدت فلور وهي تلتقط كأس الكوكتيل المتذرج الالوان.
" الا تفتقدين نيويورك؟؟" السؤال اجبرها على الالتقاء بنظراتها " لا احد يجهل من كانت فلورانس ريتشي و لا مكانتها في المجتمع الامريكي... "
" كما قال داركو لم اعد ريتشي منذ زمن... أحب هذا المكان لأن جذور قلبي مغروسة فيه"
" بسبب الحب؟؟" سألتها وهي تحتسي شرابها.
نعم بسبب الحب، انتصر داركو عليها منذ زمن،لا تشتاق ابدا لنيويورك و لا لمجدها القديم.
" لم تكن طريقنا سهلة..." اعترفت، هذه المرأة تملك طريقة غريبة جدا لدفع المرأ للكلام:" كان ممنوعا منعا باتا التفكير في الأمر حتى لا أشعر بخيبة أمل في اليوم الذي تحطمت فيه أوهامي الجميلة على أرض الواقع. لكننا اتخذنا خطوة مهمة. كان الأفق ينبثق أخيراً ملطخ بألوان الأمل... عندما تم استهدافي في لوس انجلس و كدت اخسر حياتي... ادركت بالا شيء أهم من زوجي و ابني و عائلتي"
ابتسمت المرأة ابتسامة عريضة للغاية، الا ان الكلام الذي اعقب لم يعجبها:
"مالذي يمنعك من الحصول على ابن آخر؟؟"
فتحت فمها ثم عادت لغلقها من فرط المفاجأة، انتصبت فورا رذاراتها و حذرها:
" داركو أخبرك بهذا؟؟" هزت رأسها بالايجاب، عادة زوجها لا يتقاسم ابدا مشاكله مع أحد، من هذه المرأة كي يسر لها بسر مهم مماثل؟ وجب عليها فورا الدفاع عن نفسها:" انها مسألة خاصة و ارفض مكالمتك بها..."
هزت المرأة كتفيها، لكنها استفزتها بكلامها:
" اتفهم شعورك بعدم الامان... صقلية ليست نيويورك..."
" قراري لا علاقة له بالمجتمع الذي اعيش فيه" اعترضت فلور و قد بدأ صبرها يقل " لقد كانت ولادة نيكولاي صعبة لدرجة انها خلقت لي نوع من الفوبيا هل تفهمين..؟؟"
توقفت فورا امام ملامح المرأة المسترخية، كانت تتابع كلامها بإحترافية شديدة، فجأة فهمت فلور، رباه... هذه النظرات و هذا الاهتمام بحياتها الخاصة.
وقفت من مكانها، داركو لن يسر بهمومه لأحد سوى لـ...
" أنت طبيبة نفسية..." لم يكن سؤالا انما جزما و تأكيدا.
" لقد اخبرني داركو بأنك ذكية..."
" شيء لا يصدق" تمتمت فلور بعدم تصديق وهي تضع يديها على خاصرتها " كيف يجرؤ بالكذب علي؟؟ لست بحاجة لمساعدتك كي يحصل هو على وريث آخر..."
" اهدئي أيتها الأميرة..."
" لن أهدأ بحق الجحيم... كيف يفعل هذا بي ؟؟"
وقفت الطبيبة بدورها، لكنتها العميقة مؤثرة للغاية:
" جميعكم تحتاجون لمساعدتي، أظن أن الأمير احسن باستضافتي، لدينا أسبوع، يمكنك المجيئ للتحدث عن تجربتك السابقة متى رغبت بذلك..."
بلعت احتجاجها، مطلقا لم تتخيل ان هوس زوجها بطفل آخر سيقوده للاستعانة بطبيبة نفسية، و ليس هذا فقط، انما استضافتها في بيتهما، القلق وجد مكانه بدل الغضب، هل هي حقا مستعدة لهذا مجددا؟؟ مازالت تتذكر آلام المخاض، الأشهر الأخيرة للحمل لم تكن سهلة أبدا، و اكتئابها الحاد بعد الولادة... و عمليه المبيض التي خاضتها.
وماذا ان اصرت على الرفض؟؟ هل هذا سيخلق مشاكل في زواجهما؟ هل سيبعده عنها؟ هل سيقارنها بديامانتي التي رزقت بطفلها الثاني؟؟ هذه الافكار جعلتها تغلي من اليأس و الغيرة... ما هذف داركو من كل هذا؟
" سوف أستدعي الخادمة لتقودك الى جناحك دكتورة..."
" ناديني سيلين" طلبت بلطف.
" ارفض اي نوع من انواع الالفة... لن انسى ابدا لما انت هنا"
لكن عندما اصبحت في غرفة النوم التي تتقاسمها مع زوجها حتى انفجر مجددا غضبها، كانت ترفض التصرف كمجنونة أمام المرأة التي قرر اقحامها في حميميتهما، كيف يجرؤ باتخاذ قرار مماثل دون استشارتها؟ ليس وقت الرثاء و لا الغضب، انها امام مصيبة حقيقية، فقدان داركو ألايخاندرو أخل بتوازنه العاطفي و أصبح هوسه هو الحصول على طفل جديد في العائلة، و كأنه ينوي بقوة ملأ الفراغ الذي تركه هذا الأخير ورائه.
كانت الشرفات العالية للجناح مفتوحة و نسيم البحر المملح لم يزيل أفكارها القاتمة فأجبرت نفسها بالتركيز على الجانب المضيئ في المعادلة، لكنها لم ترى فعليا سوى السواد، أمسكت بهاتفها الخلوي، و لكنها لم تدر ابدا رقم هاتف زوجها، قريبتها أنجلا ردت عند ثاني رنة.
" لقد أتى بطبيبة نفسية لتقيم معنا أسبوعا كاملا..."
"ماذا؟؟" سألت أنجلا التي لا يبدو انها تفهم عما تتكلم.
مسحت فلور على وجهها و اكتشفت وجنتيها مبللتين بالدموع، رباه، متى نزلت هذه الدموع..؟؟؟
" داركو يريد طفلا آخر... "
" اهدئي عزيزتي..." نصحتها قريبتها برقة.
" كيف ساخبره الحقيقة بربك؟؟ "
هذه المرة لم تتدخل أنجلا، سمعتها فحسب تتنهد من الجهة الأخرى، مررت أصابعها الطويلة في غرتها السوداء:" اعرف بأنه كان قرار غبي..."
" أخبريه بصراحة بأن خوفك دفعك للقيام بالعملية..."
" تظنين بأنه سيسامح تكتمي؟؟ انه يرغب بالكثير من الأطفال أنجلا، لا يكفيه نيكولاي و لا بيانكا، والدته كانت آلة تفريخ حقيقية و قد كبر وسط عائلة كبيرة... لن اخبره بتلك العملية أبدا، لأنه ان عرف... سيتركني"
"مستحيل... الأمير متيم بحبك"
" عندما كنا في لندن لم يتوقف ابدا عن ترديد الكلام نفسه، و اليوم يأتي بطبيبة نفسية الى البيت كي تقيم معنا أسبوعا كاملا... لم يعد الموضوع متعلق بفوبيا الولادة قريبتي انما عدم قدرتي على تكرار التجربة... "
" عقمك ليس دئما و يمكنك استعادة قدراتك جراحيا"
" حذرني الطبيب بالا شيء مضمون و بأنني اخاطر... "
" لم تفقدي كل شيء... عودي الى لندن و استشيري طبيبك المشرف، أخبرك بان ينقطع الطمث مع الوقت الا ان ذلك لم يحدث أبدا، برئي هناك أمل كبير فلا تشوهيه بالشك و الخوف... "
هذا صحيح، عندما قررت قطع طمثها لتجنب الحمل بأي شكل من الاشكال حذرها الطبيب بأن حظوظها في الحصول على طفل ستصبح ضئيلة، الا ان دورتها لم تتغير أبدا و تأتي في موعدها، الخوف من تكرار التجربة جعلها تتخذ قرارا متهورا آنذاك... كيف ستجرؤ بتقاسم هذا مع زوجها؟؟ سيخيب أمله و لا تريد رؤية هذا في نظراته عندما يحطهما على بطنها... داركو يعشق الأطفال و يريد الكثير منهم.
" أظن أن الوقت قد حان لتعالجي مشكلة توكوفوبيا التي تعانين منها... هيا فلورانس... لست وحدك في هذا الوضع،"
وكأن الأمر بهذه السهولة، الحمل بالنسبة اليها ليس مناسبة سعيدة، لقد امضت حملها بنيكولاي في القلق و الخوف و الرعب و الاختباء من داركو، و عندما حان موعد الولادة وجدته بجانبها رغم حنكة عمها و حكم المحكمة بإبتعاده عن محيطها ، ثم جاء المخاض قاسيا، و بسبب صفائح دمها المنخفضة لم يتم تخديرها لتخفيف الألم.
"اراها لفتة طيبة من زوجك فلورانس لذا انصحك بأن تفضفضي بمكنونات قلبك لتلك الطبيبة و تتركيها تساعدك، عندما تشعرين بنفسك مستعدة، خدي موعدا مع الطبيب انا متأكدة بأنك قادرة على منح نيكولاي اخا او اختا"
عادت فلورانس للتنهد مجددا:
" شكرا لأنك هنا... لم اكن ارغب بإزعاج فرجينيا بهذا الموضوع... كيف كان موعد اليسيا مع الاختصاصي؟ ما هي الأخبار...؟"
انتبهت والدتها بصعوبة اليسيا بالتفاعل مع المحيطين بها مؤخرا بالرغم من أن فلور تجد شقيقتها تتجاوب بشكل طبيعي معها شخصيا،.
" لا أعرف ان كان يتوجب علي اخبارك ام أترك الموضوح للكونت و الكونتيسة..."
شعرت فلورانس بالقلق الشديد و نسيت محنتها الخاصة.
" بربك أنجلا... مابها اليسيا؟؟"
" تبين انها تعاني... من مرض التوحد"
* * *
"لا تبدين بخير ايتها الطفلة"
ملاحظة دونا فليبيا جعلت فيرنا تتجهم أكثر،انها بمزاج سيء للغاية، ولا رغبة لها بتحمل تعليقات العجوز المباشرة،تشبثت بصندوق الخضار جيدا بينما ركبتها تأبى التقدم و مساعدتها في مهمتها، كادت ان تسقط على وجهها لولا يدي العجوز اللتين تبثها الصندوق جيدا قبل ان تنتزعه منها و تضعه على طاولة المعيشة.
ليست فقط ركبتها ما تؤلمها...
قلبها
ضميرها..
كبريائها...
و عنفوانها.
لم يمر غيابها ليلة أمس مرور الكرام،عند عودتها هذا الصباح الى البيت واجهت غضب عمها الذي كان في حدود الفوران، ، بعد أن لامها على كمية القلق الذي تسببت له به استوقفها في الرواق لحظة قبل أن يقذفها مباشرة في وجهها:
(" هل أمضيت الليلة عنده؟؟")
لم يكن غافلا على اصرار سانتو و ملاحقته لها، ولا غافلا على مشاعرها نحوه، قصة شقيقه الصغير تتكرر أمام عينيه و يرفض أن يتحمل شقاء ضحية أخرى،كان قد حط عليها نفس النظرات التي كان يحطها على والدها فيما يلومه بقسوة:
( هل عدت اليها؟؟ لكن كيف تثق بها بعد كل ما فعلته بك؟؟ )
( أنا أحبها)
رد والدها كان نفسه انه يعشق جورجينا و لا ينوي تركها،كم كان عمرها آنذاك؟؟ ست سنوات؟؟ كبيرة كفاية لتتذكر هذه التفاصيل،عندما يترك عمها يغلي غضبا و يمسك بيدها يجرها خلفه ثم يدخلها غرفته و يقعدها على ركبته، عيناه ممتلتان بالفرح و الأمل.
( قريبا فالنتينا... قريبا سنجتمع و نصبح عائلة واحدة... وعدتني والدتك ان نكون معا و ستعوضنا غياب السنوات السابقة)
جورجينا لم تكن يوما له كما لن يكون سانتو يوما لها، رأت مستقبل علاقتهما في نظرات ابنته، و كم شعرت بالعار لما قامت به...
" خذي"
جفلت فيما تدس العجوز منديلا في يدها، ادركت بأن الدموع الحمضية التي قاومتها من محادتها العنيفة مع عمها هذا الصباح تجاوزت حدود جفونها،شدتها المرأة من ذراعها و قادتها نحو الكنبة، لم تقاوم فيرنا رغبتها في اخد قسط من الراحة و الجلوس قليلا، مسحت وجهها متجاهلة النظرات الفضولية و ضغطت على ركبتها من خلال ثنورثها السوداء المغبرة... رباه... كيف يجدها سانتو جميلة و مثيرة هكذا بينما امرأة اعمال ناجحة و شديدة اللمعان حملت اسمه منذ سنوات و منحته ابنة رائعة مثل أوكتافيا؟؟ تكفي رؤية الصغيرة لتكهن مقياس جمال والدتها.
"هل تؤلمك ركبتك؟؟" سألتها
" كثيرا..."
دون ان تعلق رأتها تبتعد للمطبخ و تعود بعلبة المرهم الذي تصنعه بنفسها و يفيد بشدة ركبتها المسكينة، خلال الخمس دقائق التي اعقبت عملت المرأة على تخفيف حدة الالم، منذ صغرها، اهتمت فليبيا بها و كأنها حفيدة حقيقية، لقد اغدقت عليها بالحنان و الحب و كانت دوما الى جانبها في كل الظروف التي مرت بها طفلة ثم مراهقة.
" هل تخبريني أخيرا ما يتعسك؟؟" سألتها دون ان تبتعد بنظراتها على ركبتها التي تمسدها بأصابع خبيرة كما تفعل في كل مرة تأتيها متألمة.
" لما تظنين انني تعسة؟؟"
هزت العجوز نظراتها نحوها.
" كل القرية تتكلم على زيارة ابن العراب لك في الفندق ... هل سوء مزاجك متعلق به ؟؟"
رائع، فكرت فيرنا، كانت تعرف بأن زيارته و الحاحه امام الجميع لن يمر مرور الكرام، لقد تعمد بجعل شهود على لقائهما ذاك.
"أظنه وضع في رأسه فكرة و لا يبدو انه رجل يستسلم أمام التحديات"
" هذا مطبوع في جينات الايميليانو يا طفلتي..."
" لكنهم لا ينزلون الى مستوى أقل من مستواهم اليس كذلك؟؟"
قطبت العجوز و لمعت عيناها بجدية:
" العراب تزوج اوكتافيا المغنية و السيئة السمعة التي تنتمي للعامية... لقد افقدته عقله لدرجة انه تحدى جده و والده انذاك "
" لكنك اخبرتني انه خبئها في تلك المزرع و قدم دونا سابرينا للعالم كزوجته الشرعية..." ذكرتها بنبرة لاذعة" هذا ما يريده تماما سانتو.. يريدني حبيبة، في السر بالطبع... تخيلي ما يطلبه من فتاة عاشت أزمة والد امضى حياته في طلب لفتة جدية من امرأة فضلت النفوذ و الجاه و السلطة على حبه البائس..؟"
توقفت يد المرأة على دلك ركبتها و أعادت ثنورتها لتخفي نذوبها البشعة.
" المصيبة انني استسلمت لمحاولاته... بعد زيارته في الفندق ذهبت الى المزرعة و سمحت له بإغوائي... لقد تجاوزت مرحلة الذل دونا فليبيا... "
" انت لست والدك"
" انا أسوأ منه..."
اقتربت العجوز منها و التقطت يدها ثم عصرت عليها بكل حنان.
" رأيت نظرات ذلك الشاب لك فيرنا، انه مسحور بك و مفتون، لا تقارني نفسك بتجربة والديك و انظري للجانب المضيء من الأمر، أنت فتاة طيبة جدا و جميلة، لديك كل المعايير كي يعجب بك رجل.."
" سانتو ليس اي رجل دونا فليبيا انه من الايميليانو... كما ان ابنته تكرهني بشدة و ترى العيوب التي يرفض والدها رؤيتها... أنا في مأزق... لقد اغرمت بالرجل الخطأ...وهو اغرم بالمرأة الخطأ "
هزت العجوز رأسها بشدة و كأنها ترفض سماع كلامها:
"لا يوجد رجل و امرأة خطأ فيرنا... "
"سأترك ورائي أشلاء حلم محطم لن يتحقق قط"
" سيتحطم ان وضعته في خانة المستحيلات... " قالت العجوز و هي تمسك بدقنها لتجبرها على النظر اليها " اتى كلاكما بنفس الطريقة الى هذه الحياة و هناك اطنان من النقاط المشتركة بينكما و اظنكما تشبهان بعضكما اكثر مما يشبه القمر انعكاسه في بركة مياه، انا من وضعكما برفق في هذه الحياة و ازجم بأن قدركما واحد منذ البداية شئت ذلك ام ابيت... لم يأتي سانتو الى كابري مصادفة... اتى ليلتقي نصفه الثاني و قد وجده، افعلي ما يلزم ان كنت فعلا تحبينه، فلا سعادة بلا اشواك و لا نجاح بلا مثابرة، لا تستسلمي من بداية الطريق يا طفلتي و لا تقللي من شأنك... "
بلعت فيرنا ريقها:
" لما تدافعين عنه بهذه الضراوة؟"
" انا لا ادافع عنه" اكدت العجوز" بعد ولادته، وعندما وضعته على صدر والدته، قالت لي بأنها تخشى على مستقبله الغامض، تخيلي ما قالته جورجينا في نفس الظروف؟ اعادت الجملة نفسها... في كل الاحوال... اظن ان ثمة رابط بين القصتين، و ان سانتو انتبه له قبلك لهذا يتشبث بك بكل هذه القوة..."
" أمي قالت هذا؟ أعني... بأنها تخاف علي؟"
هزت العجوز رأسها و رقت نظراتها:
" ربما لوالدتك اخطائها الا ان قلبها تمزق بتركك ورائها، لقد ارغمت على ذلك يا طفلتي و لم يكن لها ادنى خيار..."
زمت شفاهها باحتقار، هذه الكلمات تشعل دوما غضبها:
" كانت تملك الخيار... فلم يكن يجدر بها خيانة زوجها مع شاب بعمر ابنتها الكبرى... "
تنهدت العجوز التي تدرك الابعاد التي سيتخذها الحديث، الا ان فيرنا لا تنوي مطلقا الابتعاد في هذا الطريق الشائك أيضا، علاقة والديها ستبقى من اغرب قصص الحب و التملك التي عرفتها، لن تفهم يوما والدها و لن تتقبل ضعفه الذي قاده رأسا الى الموت، و لن تفهم يوما والدتها و ميولها للشباب بعمر أبنائها.
" يجب ان اذهب فلم امر بعد على البقية" قالت وهي تقفز على قدميها متجاهلة الالم المريع في ركبتها.
" ركبتك متورمة" نبهتها وهي تقف بدورها " عليك رؤية الطبيب في النهاية...فلن يمكنك الاستمرار بالاقتصاص منها بهذه الطريقة"
" اكره الاطباء" قالت فيرنا و هي تقصد الباب و تجر خلفها رجلها المريضة " سوف اخد اجازة لأحضر زفاف شقيقة فيثو فانا مدعوة، انها فرصة لأخد قسط من الراحة و نسيان هذا الجنون كليا... هل ستحتاجين الى السمك غدا؟؟"
ابقت يدها على الباب تنتظر رد العجوز الذي اتى متأخرا، بعد ان حطت عليها تلك النظرات التي تعرفها جيدا:
" لا تفري من قدرك فيرنا"
" سانتو ليس قدري ايتها العجوز العاطفية... انظري اليه و امعني النظر جيدا... انه بكر يانيس ايميليانو، أقوى عائلة في ايطاليا و اشدها نفوذا، خلق ليكون سيدا و يحول كل ما يلمسه الى ماس، الدفة عالية جدا و انا لست بالقوة التي تعتقدينها، لن اقاتل في سبيل احد... حتى و ان كنت مغرمه به"
اعترضت العجوز مما زاد من امتعاضها:
" انت مخطئة في تقدير قوتك فيرنا..."
قاطعتها بجفاف:
" انت المخطئة في تقدير الوضع برمته، المنطق يقف فوق رأسك العنيد و يبتسم بسخرية على أحلامك السخيفة، لن اكرر خطأ والدي و اصبح لعبة في يد صاحب نفوذ... و ألان أخبريني، هل تريدين السمك غدا أم ازيحك من الائحة؟؟"
* * *
" انظر اليه جيدا يا صديقي... رأسه جاهز للتفجير... أحب عيش اللحظات الأخيرة للأعداء" أمال سانتياغو رأسه ليتطلع الى وجه خافيير القريب منه " هل تحب رائحة الدم؟؟"
الحماسة في كلماته جعلت خافيير يدرك بأنه وضع يده في يد أخطر الرجال الذين قابلهم في حياته،بعيدا عن شخصية حارس العراب المتحفظة و الذي طالما عرفها، اظهر هذا الاخير جانبه المظلم و المرعب في الاونة الأخيرة، في حياته لم يرى شخصا متعطشا للدم مثله، انه ذكي لدرجة مرعبة و روحه ملوثة بكل الالوان القاتمة، لا يتعامل هذا الاخير مع اناس عاديين، قتلة او قناصين او حتى زعماء متداولين، انه عنصر من شيء اقوى و اشد خطورة، و الا... كيف تمكن من ايقاف الانتربول و منعها من التدخل في مداهمة العراب عند نتاليا؟؟ اليس هو من اخبره بذلك عندما سأله لما لم تأتي الانتربول في موعدها؟؟
من يجعل الانتربول تتراجع و الحكومات بنفسها غير منظمات الظل الخفية التي لا يُعرف لها مكان ..؟؟
و اليوم كما وعده... يضع بين يديه من قام بخذلانه و استغل اليخاندرو و سذاجته شخصيالاسقاط روكو ايميليانو.
في قلب فينيكس يختبئ ' رئيسه الذي استعمله كآداه في السنوات الاخيرة و اجبره على قبول مهمته الأخيرة للحصول على تقاعده، فهل الملامة تسقط فقط على هذا الرجل الذي لا يبدو مرتاحا في شقته بالدور الاخير من ناطحة السحاب؟؟ هو ايضا رضخ للضغط و قام باستغلال طيبة توأمه ليقتحم حميمة العراب، هو لم يحمي مطلقا شقيقه الذي كان يملك حياة و اصدقاء و خطيبة جميلة عكسه هو... حياته المملة و التافهة لا تستحق حتى عيشها...
تضببت الرؤية بينما اصبعه يرتجف على الزناد، هو المسؤول الوحيد على موت اليخاندرو و ليس هذا الرجل الشبه عجوز و الذي يقترب من التقاعد... على هذه الرصاصة ان تخترق قلبه هو...
التقط نفسا عميقا بينما يحاول التركيز على الهذف في البناية المقابلة، دون جدوى، بديهة سانتياغو تثير الاعجاب، لقد وفر له كل الرفاهية الممكنة لاقتناص رأس عدوه و الانتقام لأخيه، في هذه الشقة المظلمة و المقابلة تماما لجناح الضحية يستطيع بسهولة ازهاق روحه في رمشة عين، الا انه عاجز عن تنفيد المهمة... بقي ينظر الى رئيسه السابق الذي لا يبدو طبيعيا، و كأنه يشعر باقتراب أجله، كان يدور في جناحه، يدخن السجارة تلوى الأخرى و يفتح قنينة شراب أخرى.
سيكون من السهل التخلص منه بهذه الطريقة... لن يمكنه ابدا النوم دون الحصول على أجوبة.
أبتعد عن السلاح المتطور متمتما وهو يرد على سؤال سانتياغو:
" أحب رائحة الخوف أكثر.. "
واجه الشيطان المتمدن في أفخر الثياب المفصلة تماما على جسمه العضلي المفتول، قناص محترف ببدلة ارماني يمكنه اقتناص عدة رؤوس دون ان تتضرر تسريحته الرائعة ولا ان تهتز وسامته أو تفسد رائحة الموت عطره الغالي الثمن:
" اقدم لك فرصة الثأر ..."
" لا اقتل الناس من زوايا مظلمة و افضل مواجهتهم... ان كان هو حقا المذنب فأفضل مواجهته قبل انهاء حياته"
" لا نتفاوض من المذنبين ايها الأحمق..." قال سانتياغو وهو يتقدم نحوه بينما تحجرت وسامته و قست نظراته"الانتربول تعرف بأنك ستعود و البناية محمية بشدة و الدخول اليه سيكون صعبا..."
" لكن ليس مستحيلا... " رد خافيير وهو يلتقط سترته الجلدية التي لا تسوى شيئا امام اناقة غريمه " سأجد طريقة..."
" لا تنسى ان ثمة اتفاق بيننا ... " وضع نفسه امامه كي يمنعه من الابتعاد" ليس التعاطف ما يجعلني اركض لمساعدتك ايها المكسيكي المختل، انا بحاجة لرجال بقوتك و ان استمريت بهذا التهور فلن تعيش يوما اخر لتنضم الى فريقي"
هو الزيت و سانتياغو النار و يجهل كيف سيتفاهمان كي يعملا معا في مهمة للان يجهل نوعها، لكنه وعده بذلك مقابل الانتقام لتوأمه، و الحقيقة ان هذا الرجل عمل بسرعة لتحقيق ذلك... أي نوع من النفوذ و السلطة يتمتع به كي يصل لغرضه بهذه السهولة؟
" إذن ساعدني حتى النهاية و اعدك ان افعل كل ما تريد"
قست نظراته أكثر:
" وعدتني سلفا بأن تفعل كل ما اريد و لست بحاجة لوعد آخر منك... أمامك فرصة لتفجر رأس ذلك الرجل فلا تهدرها"
" لن اقتله دون الحصول على أجوبة..."
" أنا اجبتك على كل الاسئلة فماذا تريد أيضا؟؟" علا صوته أكثر و لا يبدو انه سعيد بتمرده:" لا تستهين بخطورة الوضع برمته فلن اغامر بالدخول الى هناك بينما كامرات المراقبة تبث صورنا مباشرة الى الانتربول و غيرها من اصحاب المصالح التي تبحث عن ذريعة للاطاحة بنا جميعا، تعلم استغلال الفرص التي تتاح اليك لانها ربما لن تتكرر، مواجهة غريمك لن يفيد فضولك بشيء، أعطيتك مقاطع تسجيلية، صور دلائل كثيرة تدينه حتى العنق فمالذي تبحث عنه ايضا؟؟ شيء يريح ضميرك بعد ان تقتنصه؟؟ فليكن... سأقوم بالمهمة بدلا عنك... على الأقل... لا أملك ضميرا قد يبقيني مستيقظا كل الليل... "
سانتياغو لم يكن يمزح، رآه يتوجه نحو البندقية الحذيثة التي سبق وتم وضعها في المكان المناسب لاقتناص رأس رئيسه السابق، كان يبدو عازما و متعطشا للدم و متحمسا، يمكنه الشعور بذلك في حركاته الرشيقة، طاقته غير معقولة، انها تتطاير من حوله مثل طلقات رصاص حادة:
" لن تسرق مني انتقامي..."
" ليس ذنبي ان كان اليخاندرو يملك اخا جبانا مثلك" ثم اشار الى السلاح المحشو حتى آخره" اقتله أو اقتله أنا بنفسي"
زم خافيير شفاهه بضغينة:
" انت قناص محترف بينما انا عميل سري، لا نملك نفس المبادئ "
رغم الظلمة تمكن من رؤية السخرية المطلة من نظرات سانتياغو الخضراء، كانت مشعة في العتمة مثل الياقوت المتوهج:
"تظن نفسك بطلا لأنه برأيك قتلت الناس بشكل قانوني و بإسم العدالة؟؟" عوجت ابتسامة شرسة شفاهه" لا توجد عدالة تسمح بإزهاق ارواح الناس مهما كانت بشاعتهم... لقد كنت اداه قتل في اياد اناس يستغلونك للقيام بما لا يستطيعون القيام به، افنيت عمرك في خدمة من حرموك أخاك الوحيد و كنت تنام قرير العين لأن ثمة نجمة شرف انضمت لسالفاتها على صدرك، و الحقيقة هي انك مجرم بطاقم عسكري، لا شرف في انجازاتك العظيمة التي تفاخرت بها حتى ألان... انت لست بطل خافيير... البطل الوحيد هو توأمك... قام بما يؤمن به حتى النهاية، أما فيما يخصك... فأنت تهدر وقتك في كلام تافه عن المبادئ... رئيسك الخائن مازال يتنفس الهواء فيما رئتي توأمك ملأها التراب منذ أسابيع طويلة"
انه يكره سانتياغو من قلبه، يكره استفزازاته و تلاعبه، يكره شيطانيته و بروده الشديد، يعرف بأنه متدني تماما من الانسانية و الرحمة، لقد رباه يانيس ايميليانو و عمل تحت امرته سنوات طويلة قبل أن يعمل مع روكو و يقوم بجميع اعماله الوسخة، سانتياغو محترف لدرجة ان حدسه لا يخطئ مطلقا، ورغم مشاعره نحوه الا انه يوافقه في كل كلمة.
" لم يأخد أحد منك فردا من عائلتك كي تفهم ما يمكنني الشعور به في هذه اللحظة"
لم يرد سانتياغو، بل كان فحسب يتحداه بنظراته الخضراء التي تشبه عيون القطط في العتمة، اما ان ينهي بنفسه المهمة او ينتزع منه انتقامه، لم يكن هناك خيار ثالث، عموما لم يعد عميلا سريا و انتهت خدمته، اليوم هو على طريق اللاعودة، سيرتكب اول جرائمه الغير شرعية.
عاد وراء السلاح و نظر من خلال مكبر الصورة، رآى فريسته تجوب بغير هذف، ثارة يتخلل شعره بأصابعه و ثارة اخرى يكلم نفسه، راقبه يجلس على الكنبة، كان في وضع مثالي لاقتناصه...
" لديه اربعة احفاد..."
لم يعرف خافيير لما يردد هذا فيما اصبعه يلامس الزناد بحزم، اقترب من ورائه سانتياغو و انحنى عليه ليتمكن من سماع كلامه بوضوح:
" الامتياز الذي لن يحصل عليه توأمك يوما... اضغط على هذا الزناد اللعين و فجر رأس من سلبك اياه "
البندقية الروسية الحذيثة كاتمة الصوت و العالية الدقة حققت الهذف فورا، من خلال المنظار الاكتروني راقب الدماء تنفجر من حول الجسد الذي انزلق ببطئ نحو الأرض قبل تبدأ بركة الدماء من حوله تكبر رويدا، كانت ضربات قلبه متسارعة لدرجة انه لا يسمع بوضوح ما يقوله سانتياغو، انها اول عملية قتل خارجة عن القانون و هذا يجعل الادرينالين في اعلى درجاته.
" تستحق اجازة ..." قال سانتياغو وهو يأخد البندقية منه و يبدأ بتفكيكها، كان يفعل هذا بدقة متناهية كأنه هو من صنعها، حتى الانتربول لا تملك هذه الاسلحة المتطورة و الخارقة الدقة " سوف تعود الى لتكساس و تهتم بخيولك و ابقارك و تأخد قسطا من الراحة قبل أن يزورك الانتربول ليتأكدون بأنك لست وراء اغتيال رئيسك السابق... لا تقلق... هناك شهود من محيطك سيفيدون بأنك لم تغادر بيتك اطلاقا... سأقوم بإستدعائك عندما تُشفى ساقك و تستعيد عافيتك كليا"
في ظرف ثانية اصبحت البندقية مجرد قطع في حقيبة جلدية تليق ببدلة رجل الاعمال الذي يرتديها.
من المستحيل ان يثير الريبة بهذه الاناقة و الهبة.
" الن تخبرني عن المهمة؟؟"
راقبه ينتزع قفازيه الجلديين و يضعهما في الجيب الداخلي لسترته المقلمة:
" انها مفاجئة..." القى نظرة على ساعة يده السويسرية" ستقلع مروحيتك من سقف البناية بعد قليل، فهل تنوي الاستمرار في الكلام ام الرحيل بسرعة عن مكان الجريمة؟"
قطب خافيير بعدم فهم:
" الن تأتي ؟؟"
" وجهتي غير وجهتك ايها المكسيكي.."
" قلت بانك استقليت عن الايميليانو ؟"
أظلمت نظراته الخضراء أكثر:
"يملكون شيء يخصني و لا انوي الرحيل من دونه "
* * *
الغضب و الخيبة في قمة ذروتهما نعم، وهو يشعر بأنه بالخيانة أكثر من المرة الأولى عندما اطلعه حراسه على نوع المزاولات المقززة التي تمنحها تلك المشفى الخاص لزبائنها، في المرة السابقة، حاول تفهم ردة فعلها، ففي النهاية لم يكن اي شيء طبيعي في علاقتهما الوليدة، و كانت الاشباح تحوم فوق رؤسهم، الا ان الأمور تغيرت مؤخرا، ظن انها سعيدة معه، بأنها بدورها تريد هذا الطفل الذي تحمس لقدومه كما لم يتحمس لشيء في كل حياته، ورغم مذاق الخيانة المرير يشعر بأن حبه لروبي لا يتزحزح من مكانه، فهل اخفق مجددا في فهمها؟؟ ما حذث سيبقى مطولا محفور في روحه بمكواة ساخنة.
منذ ان خسرت الحمل لم يرها، كان يمكنه قصد منزل حمويه و مواجهتها لفهم الموضوع أكثر و ربما دفعها للاعراف بدل نكرانها المستمر و تملصها من المسؤولية، بدل ذلك... يسجن نفسه في مكتبه بالعاصمة الايطالية، لم تكن روما اشد كآبة مما هي عليه اليوم، و العودة الى صقلية حاليا خارج تماما عن خططه، ليس مستعدا بعد لمواجهة روبي و تقبل فكرة انها تخلصت للمرة الثانية من طفلهما.
مسح على وجهه وقد تضببت الرؤية لشاشة الحاسوب امامه و اهتزت الاعمدة الحسابية، لا يذكر متى نام أخر مرة، في المستشفى، و بعد ان اختنقت مناشدته في حلقه وقد تجمد من الألم والإذلال ، بذل قصارى جهده لعدم إظهار أي شيء أمام والدته التي وجدها في بيت جده بحيث يجمعه اجتماع بحفيده الثاني 'داركو'، لم يتمكن من اخفاء معاناته اكثر ما ان وضع قريبه عيناه عليه، و اسر له بكل شيء بعيدا عن الجميع، لم يرغب في أن يكون محطما كما كان في لوس انجلس، في ذلك الوقت تحمل اليخاندرو معاناته معه و حاول اعادته الى صوابه، تماما كما فعل داركو بينما ينصحه بالتريث و التفكير، برئيه... روبي كانت سعيدة بحملها، وهو أيضا ظن ذلك... ظنها سعيدة بفكرة أبوهمتهما يالقريبة...
كان... سيكون لديهما ابنا.
الفكرة أفقدته توازنه مجددا فتمسك بشدة حتى لا يغرق في اليأس مجددا، المنفذ الوحيد هو الحصول على اجابة صريحة، لن يمكنهما الاستمرار بينما ثمة مشكلة حقيقية بينهما، زواجه ليس بالصلابة التي تمناها، لقد انهار مثل قصر من ورق في أول عقبة.
عادت الدموع الحمضية لتؤلم عيناه.
" دون كوستانسو..."
هز عينيه نحو سكرتيرته التي يجهل لما تأخرت حتى الان في مكتبه؟؟ كم الساعة بحق السماء؟
" اتصل الامن ليعلم بوصول ..."
قاطعها و هو يقف من مكانه:
" مهما كان... تخلصي منه لأنني اريد البقاء بمفردي..."
" طريقة غريبة لاستقبال الاصدقاء ايها اللورد"
رنة روكو العميقة التي ترددت في الارجاء الخاوية لم تكن من نسج خياله، في ظرف ثانية امتلئ مكتبه بأقرب الناس الى قلبه،روكو بهالته السلطوية الاستثنائية و داركو بملابسه الداكنة التي لم ينتزعها منذ وفاه اليخاندرو و خوسيه الساطع مثل النجوم مثل المعتاد و كأنه يخرج راسها من عرض أزياء، لا يوجد من يمكنه تجاوزاناقته، لقد خُلق ليلمع... بقي شخص ناقص... يمكنه تخيل اليخاندرو بينهم، مستعدا و متأهبا مثل المعتاد لتجرع آلامه... الاحساس بالفقدان مريع للغاية... يفتقد صديقه لدرجة الاحتراق.
" مالذي تفعلونه هنا؟؟" سأل بعد ان استعاد رشده من هول المفاجأة.
" اشترى روكو ملهى جديد في الجوار فقررنا رؤيته، لن يكون للأمسية نكهة من دونك..." قال داركو و هو يقترب من مكتبه ليحمل سترته التي يضعها على ظهر الكرسي.
" هل تنام هنا؟؟" سأل خوسيه و هو يتفحص المكان بعينيه، قبل ان يرد اشار بدقنه نحو الكنبة الجلدية و كراتين الطعام الفارغة على الطاولة" اجزم انها بقايا طعام امس..."
" لم ارغب برؤية احد" تمتم سيزار مدافعا عن نفسه.
" انت مضطر لمشاركتنا شراب بعمر جدك اللورد، و صدقني ستشكرني عليه، لاننا ننوي فتح الزجاجة المعتقة من اجلك فقط... "
رغم عنه شعر بشفاهه ترتفع من الزوايا على كلام روكو، ترك قريبه يساعده على ارتداء سترته:
" روكو ايميليانو و دوقه الاستثنائي للشراب الفاخر"
" انه ارثي من ابي" رد روكو وهو يغمز له " و اجهل ان كان شيئا جيدا او سيئا مثل البقية"
" لن يخرج معنا هكذا" اعترض خوسيه و هو يتطلع اليه بنوع من الازدراء" يبدو كمتشرد التقطناه من الشارع ... انه بحاجة لحمام و حلاقة و بدلة جديدة"
" انه ممتاز" قال روكو وهو يعدل ياقته على رقبة السترة قبل ان يفك ربطة عنقه و يرميها فوق المكتب " لا تأبه لكلامه... كلنا نعرف شغف خوسيه للكمال... "
" صدقا روكو" عاد خوسيه للتدخل بامتعاض" انظر اليه، يبدو كطفيلية ضخمة متجولة... "
" اتعمد عدم اختطاف الاضواء منك ايها السافل الاسباني المهووس بلفت الانظار... النساء لا تعرنك انتباها عندما اكون في الجوار"
ملاحظة سيزار دفعت داركو و روكو للانفجار في الضحك، يعرف بالا شيئ عدواني في خوسيه، انها طريقته فحسب للمداعبة. اختفى امتعاضه برؤيتهم، لقد قطعوا كل هذه المسافة لمساندته وقطع وحدته.
عندما تكلم داركو عن الملهى الجديد لروكو لم يذكر قط بأن هذا الأخير عبارة عن كازينو ايضا، بديع المنظر راقي التصميم و به نافورات ضخمة تموج في عروض مضاءة تسلب الالباب.
في الداخل تشغل طاولات الألعاب وماكينات القمار على مساحة كبيرة ويحيط بها صالات المطاعم والمقاهي وحلبة رقص شاسعة، في الجهة الاخرى تطل أبراجه الزجاجية والفولاذية الشاهقة على اجمل مناظر روما العتيقة كما يبدو متقدما من الناحية التكنولوجية.
سبقه خوسيه في اطلاق تصفيرة اعجاب طويلة، لم يكن هناك غيرهم و الموظفين الليلين:
" متى ستفتتح هذا الوحش؟" سأل خوسيه بصوت مليئ بالتقدير.
" ليس هذه السنة عموما... " اجاب العراب بيننا يفر من امامهم الموظفين بسرعة كي يوفروا لهم كل الراحة الازمة، كان هناك جناحهم الخاص، مثل المعتاد، يلتزم روكو بالحصول على خلوته و جنته الخاصة في كل مطعم و ملهى يملكه، المكان راقي و متوفر على حائط ممتلئ بالشاشات التي تعكس بث مباشر من كامرات المراقبة،
ولم يكن هذا فقط المتميز في هذا المكان الفخم، مجموعة من النادلات الحسناوات بملابس مثيرة للغاية بانتظارهم، اسرعن بالخدمة ما ان اخد كل منهم مكانه في الصالون الراقي المكون من كنبات عاجية ووسائل من حرير امام منظر خلاب لروما الليلية. الملهى لم يفتح ابوابه للناس بعد الا ان روكو اختار سلفا موظفات متفوقات الحسن كما هي عادته، ينتقد ميول خوسيه للكمال الا انه رجل يعشق بالمثل ان يكون محاطا بالجمال و الكمال، لايبدو ان زواجه غير من ميوله للشقروات، كل النادلات يملكن غرة شقراء رائعة.
" رباه..." تمتم داركو عندما انسحبت الموظفات بأمر مالك المكان " لقد اصبت بالعمى" انفجر خوسيه في الضحك مما اجبر سيزار على مشاركته، دعابة داركو تستحق ذلك " انت بلا قلب دون 'روكو'... حالاتنا الاجتماعية لا تتقبل هذا النوع من الاغراءات..."
" لاشيء شخصي في خياراتي... الشقراوات يروقن للزبائن اكثر من غيرهن... "
دفاعات روكو دفعت خوسيه للتعليق بسخرية:
"هيا ايها العراب... تفسيرك تنقصه المصداقية فكلنا نعرف بضعفك نحو ذهبيات الجدائل و الله وحده يعلم لما سقط اختيارك على سمراء في النهاية..."
" املك ضعفا نحو الملائكة خوسيه" رد العراب و هو يسترخي في مكانه، نظراته جدية اكثر من اي وقت فيما اختفت التسلية منهما" وهذا بالضبط ما هي عليه زوجتي ... وجودها انار حياتي... هي لا تدخل في قائمة النساء العاديات لهذا لا تقارنها بأخرى حتى من باب المزاح و التسلية... "
لا احد يشك في عشق روكو لبريانا، صحيح انها لا تدخل من قريب او بعيد في قائمة نساء العراب الاعتياديات، لأنه كان يبحث عن وريثة ايطالية نبيلة خاضعة شقراء و عذراء بصحة جدية كي تمنح الايميليانو احفادا، لم تدخل يوما امراة في معاييره، روكو صعب الرضى و دائما يجد عيبا في كل امراة تمر في حياته الى ان يئس الجميع في زواجه يوما.
" كلهن ملائكة الى ان تخفي المواقف هالتهن ..."
لا يعرف متى خرجت الكلمات من فمه، تركزت العيون عليه، روكو كان السباق في الكلام:
"ما الأمر سيزار؟؟ أنت متزوج من اجمل نساء ايطاليا و اشدهن موهبة و لطف و رقة و ذكاء... للتذكير... الاجهاض التلقائي هو امر اعتيادي في الاسابيع الاولى للحمل، لا تنسى ما مرت به زوجتك، اختفاء نيوس ليونيداس، موت اليخاندرو، مسؤولية أنجلو، بالاظافة الى تحمل بغض و كراهية جورجينا و شقيقاتك اللواتي لا يبددن فرصة الاسائة اليها في كل مناسبة... و برئي... اخطأت بشدة بتركها في هذه الظروف و الاختباء في مكتبك في العاصمة... "
" جورجينا لم تفلت فرصة غيابك كي تسيء اليها بطريقة مهينة" تدخل داركو بدوره " اخبرتني فلورانس بأن اللقاء كان ناري، و أن زوجتك كانت في حالة لم تسمح لها حتى بالدفاع عن نفسها... أظنها سمعت حديثنا عند جدي و اعتدت على المسكينة بشراسة"
شعر سيزار بالدم ينسحب من وجهه، مالذي سمعته جورجينا بالضبط؟؟ حاول تذكر الحديث الذي دار بينه و بين داركو ذلك اليوم... لقد كان بنفسية محطمة و ثرثر كثيرا، و تفوه بالحماقات، هل تعرف والدته بشأن الاجهاض الاول؟ اي اهوال قذفتها بها والدته ؟؟ هذه الكراهية تجاه روبي تقضم جورجينا من الداخل مثل السم. لن يوقفها أي شيء حتى تنتصر على عدوتها.
شعر فجأة بأن النار التي احرقته منذ رحيله من صقلية ازدادت ضراوة، غضبه هذه المرة من والدته و ليس منها.
" يجب ان اعود الى صقلية" قال سيزار بحزم و هو يقف من مكانه:" لن اسمح لوالدتي بإيذائها حتى و ان اخطأت روبي بحق ابننا"
هز خوسيه حاجبه و تمتم بعدم فهم:
" مالذي تقصده بأنها أخطأت بحق ابنكما؟؟"
" سيزار يظن بأنها تعمدت الاجهاض" رد داركو الذي وقف بدوره من مكانه ليواجه قريبه" لن يجدي نفعا عودتك لأنها غادرت صقلية"
رمش سيزار وكأن الاخبار الجديدة ترفض الدخول عبر خلايا عقله المرهقة.
" كيف هذا غادرت صقلية؟؟"
" مررت لرؤيتها ، الا ان حماتك اخبرتني بأنها غادرت برفقة أنجلو و رفضت قول الى اين..."
فتح سيزار فمه ليتكلم الا ان روكو سبقه:
" اجلس سيزار و استرخي... رجالي حددوا مكانها وهي الان مع ديامانتي في جزيرة القمر... اظن انه من الطبيعي جدا ان تلتجئ لاحد بعد ان هجرتها في هذه الظروف الصعبة"
هذا الاتهام اشعل غضبه اكثر، لم يكن يعرف ان كان انفجاره ضد روكو نفسه او روبي التي رحلت دون اذنه:
"وجد الطبيب بقايا ادوية مثيرة للريبة في دمها... مالذي كنت تتوقع مني أن أفعله؟؟ اهنئها على التسبب بقتل الجنين للمرة الثانية؟؟ "
ثم تزاحمت اللحظات الجميلة في راسه، فرحة روبي العارمة بمعرفة حملها، حركاتها الغير واعية بلمسها بطنها، حذرها، اهتمامها، سعادتها... هل كان كل شيء تمثيل؟؟ مستحيل... لم تكن مجبرة على الادعاء... لقد حاولا منذ أشهر و اتى ذلك نتيجة اتفاقهما بمنح أنجلو أخا.
لما قد ترغب بالتخلص منه بحق الجحيم؟؟؟ هذا بلا معنى.
" سيزار..." وضع داركو يده على كتفه الا انه ابتعد عنه رافضا هذا الاتصال .
"أحب روبي ، أحبها لدرجة انني صنعت منها صنمًا ووضعته على القاعدة التي لن تشمل امرأة غيرها، و أعرف بأنه يكفي ان اراها مجددا كي اضعف و أنسى و أغفر ... نعم... اعرف بأن جورجينا محقة عندما قارنتني بأبي،بالرغم من انني اعتبر مشاعري نحو زوجتي قوة و ليس ضعفا وهذا بالضبط ما دفعني لوضع مسافة، انا في روما لانني احاول اعطاء سمة او شكلا او مضمونا لما حدث، كنت ارى الخيبة على وجهها في كل مرة يحين موعد دورتها و تعرف بأننا اخفقنا، كنت ارى الخوف و القلق في عينيها بعد كل فشل... ثم حدثت المعجزة و رأيت سعادتها، لم اكن اتوهم بحق الجحيم فلما ينتهي الحلم تراجيديا؟ لما يجدون اثار ادوية ممنوعة في دمها مما اسقطها الحمل ان لم تكن قد تعاطتها عن عمد؟"
" او ان احد حطها لها عن عمد"
تعليق خوسيه دفعه للتراجع:
" مالذي تقصده؟ لا يدخل الغرباء بيتنا"
" ربما الا ان هذه القصة غريبة جدا سيزار..." قال خوسيه بينما اصابعه تشد على سيكاره الكولمبي الدي لم يشعله و ربما لا ينوي اشعاله" لا تتفاجئ ابدا ان اكتشفت انك كنت محور مكيدة ما فهذا بالضبط ما حدث معي كل حياتي لدرجة انني لم اعد افرق بين الحقيقة و الزيف...برئي... ابحث في الزوايا التي تظنها اكثر امانا كي تعثر على اجوبة لاسئلتك... روبي ليست سطحية او مزيفة، رغم موهبتها و طموحها القديم الا انها عادت الى صقلية و تابعت مهنتها عن بعد... هل يوجد برهان اكبر على حسن نيتها؟"
كان هناك الكثير من الأبعاد في كلام خوسيه و لا يحب مطلقا تلميحاته، رغما عنه عاد ليجلس في مكانه، ركبتيه لا تتحمل وزنه،كل شيء اختلط في رأسه، لم يعد يعرف فيما يفكر او ما هو الزيف من الحقيقة، هو نفسه من كان يراقب غذاء روبي و فيتاميناتها، و بعلمه، لم يرها تتعاطى اي نوع اخر من الادوية، مالدي اوصل تلك المواد اللعينة لدمها كي يتسبب بإسقاط الجنين ان لم تكن هي من اخدته؟
(لا تحاول أبدًا تبرير الأذى الذي يسعى الآخرون إلحاقه بك)
نصائح جورجينا الغير منتهية، بفضلها كان رجلا بلا قلب و يستبدل النساء كما يستبدل ملابسه، كان يعرف بمناورات النساء، تلاعبهن، الم تكن لديه افضل معلمة؟؟
مالذي حدث بالضبط مع روبي؟؟ لما يفشل في حل شفرتها ان كانت حقا غير نزيهة و متلاعبة..؟؟ لما حدسه الذكوري يغرق في سبات ثقيل عندما يتعلق الأمر بها؟؟ ام لأنها ببساطة... صادقة و بريئة مما حدث؟؟
" عندما كانت فلورانس في نيويورك و رفضت اي تفاوض معي بشأن ابني، استخدمت مربية..." هز عينيه نحو داركو الذي عاد يجلس في الكنبة التي رغم فخامتها تبدو اصغر حجما مقارنة بجسده، فرك جبينه ببعض الحرج، كان يبدو عصبيا" لقد كنت غاضبا جدا منها، من عمها السافل الذي فعل ما استطاع ليحرمني الحضانة مستغلا وضعي آنذاك... الطريقة الوحيدة لسحب الحضانة منها هي اثبات عدم مسؤولياتها للجهات المعنية... لهذا... من خلال المربية بدأت بإعطائها جرعات خفيفة من المخدرات التي تترك اثرها في الدم... لهذا وجدوا المخدرات في دمها عندما تم توقيفها في صقلية... "
سقط صمت ثقيل قطعه خوسيه عندما انفجر فجأة في ضحك هستيري، لم يتمكن سيزار من مشاركته حماسته بسبب المفاجئة التي اثقلت لسانه.
" و انا الذي كان يظن نفسه الشيطان الوحيد في المجموعة..."
" ارادتك و عزمك لا يصدقان ايها الامير... لم تضع في الحسبان بأنها ربما تدمنها؟" سأله روكو بلكنة لا تحمل شيئا من التسلية، يبدو حقا مستاءا.
" لم يكن يهمني نوع المضاعفات ولا شكل النهاية لخطتي، نيكولاي فقط من همني"
" تزعم بأنها في ذلك الوقت لم تكن تهمك؟؟" سأله روكو وهو يهز حاجبه" هيا ايها الامير... لقد اخفيت عنا وجود نيكولاي بالرغم من اننا نتشارك كل شيء ولكنني لن انسى ابدا غيرتك في حفل البلدية عندما عزمتُ على اغرائها... ربما لم تفعل كل شيء من اجل نيكولاي فقط... استعملت المخدرات كي تحصل عليها "
راقب ملامح داركو تسود فيما خوسيه يبدو حقا مستمتعا بالعرض:
" مالذي حدث في حفل البلدية؟ هل حقا نويت وضعها في سريرك تلك الليلة؟" سوال خوسيه اخرج مخالب داركو الذي زمجر به:
" من تتكلم عنها هي زوجتي خوسيه ..."
" لكنها لم تكن كذلك في ذلك الوقت و اريد معرفة التفاصيل... روكو لا يعجب بأي امرأة..."
" لما لا تغلق فمك؟؟" عاد داركو ليكرر لخوسيه الذي عاد ليضحك اكثر.
كانت عاصفة مستعرة في داخله. لكن حماسة الفضول نجحت على الالم، يريد معرفة بقية قصة ادمان فلورانس:
" علاقتنا المختلة كانت أصل كل مشاكلي..." قال داركو بعد ان هدأت نوبة خوسيه الذي قرر اخيرا اشعال سيكاره و الاسترخاء أكثر في مقعده، لم تكن تصرفاته حقا طبيعية، يبدو ثملا. " رأيتها تغرق أكثر مما خططت، الا ان المرأة التي تتدمر أمام عيناي هي والدة ابني وقد أصبحت مهمة لي لذا كان علي التصرف بسرعة... لحسن حظي انها لم تكن مدمنة كبيرة و تمكنت من تخلصيها بسرعة... لن نسى تلك الليلة و لا تلك الأيام التي أعقبتها... "
هز نظراته القاتمة نحوه، يمكنه قراءة الندم فيهما، الخجل ربما... لايبدو فخورا بفعلته:
" العبرة هي الا تتسرع بالحكم ... أحيانا تكون المظاهر خادعة"
مرت السهرة بين كؤوس ويسكي روكو الفاخر و مواضيع تتأرجح بين نسائهم و الاعمال كي تستقر اخيرا على الارقام، يعترف بأن هذه السهرة افادته، سيحصل على تقرير طبي جديد و سيحاول فهم ما حدث، ان كانت روبي بريئة مما حدث فلا بد ان ثمة تفسير لوجود اثار تلك الادوية في دمها اليس كذلك؟.
" أحب هذا المكان" تمتم خوسيه وهو يغمض عينيه و يضع رأسه على ظهر الكنبة" انه يذكرني بمونتي كارلو... اريد ان اصبح شريكا"
عندما عاد ليفتح عينيه كانت نظراته جدية رغم كمية الكحول التي ابتلعها" هيا ايها العراب... هذا المكان سيحدث ضجة عند افتتاحه"
ابتسم روكو وهو ينظر من حوله، فخور بما يرى، خوسيه محق، هذا المكان رائع و استثنائي و سيكون حلما الحصول على قطعة منه.
" في الحقيقة هو ليس لي وحدي..." كما توقع توجهت كل الاعين له مما جعل ابتسامته تتسع " استأمنتني بريانا على اموالها التي استثمرتها ففكرت في تشغيل جزء منها في هذا المشروع الذي انوي اهدائه لها في الذكرى الاولى لزواجنا، انتهت رحلتنا الى مونتي كارلو بطريقة سيئة و احببت ان مسح تلك الحادثة من رأسها... "
كما توقع، ارتمى خوسيه عليه متهكما:
"خلال زيارتنا الاخيرة للجزيرة في راس السنة لم تبدو حبيبتك مفزوعة الى هذه الدرجة، كان كل همها ايجاد طريقة سريعة لإنزال بنطالك... برئي... امنحها طفلا كي تلتهي به و دعنا نحتفظ بهذا الكازينو الرائع لانفسنا..."
انفجر داركو في الضحك بينما هز العراب عينيه الى السماء يقاوم رغبته في مشاركة الجميع الضحك،اختفى التوتر و الضغط بينهم منذ مدة و تمكن الكحول من فك الاعصاب و ايضا جعل المشاكل بعيدة المنال، شعر سيزار بالخمول بينما يتنقل بنظراته بينهم قبل أن يوجه كلامه لخوسيه:
" لو ان اليخاندرو بيننا لوضعك في مكانك، لا تنسى انه كان المدافع الاول لحقوق نسائنا..."
اسم اليخاندرو اعاد الهدوء فورا الى المكان، كان هناك مقعد فارغ بينهم، هل تعمد روكو زيادة العدد كي لا ترحل ذكرى صديق عزيز؟ تأكد من ظنونه عندما رفع روكو كأسه نحو المقعد اليتيم... هذا التأكيد ادخل الحزن الى قلبه... الكل يحاول نسيان الوحدة و الالم الذي خلفه رحيله:
" نخب الصديق الغائب جسديا و الحاضر في قلوبنا الى الأبد..."
ثم شربوا نخبه..
نخب الروح الشهمة.
نخب الصديق الذي لن تنساه القلوب.

ملك جاسم likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة أميرة الحب ; 26-06-21 الساعة 01:14 AM
أميرة الحب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-06-21, 10:45 PM   #5799

lina eltayeb

? العضوٌ??? » 350911
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 571
?  نُقآطِيْ » lina eltayeb is on a distinguished road
افتراضي

اجمل فصل بعد الغياب❤❤❤❤ مفاجات ومشاعر وصداقه مميزه

lina eltayeb غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-06-21, 11:07 PM   #5800

Diego Sando

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية Diego Sando

? العضوٌ??? » 307181
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,113
?  نُقآطِيْ » Diego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond repute
افتراضي

وحشتينا ووحشنا كل ابطالك بجد
عوده قويه جدا وجميله ❤️❤️❤️❤️


Diego Sando غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:24 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.