آخر 10 مشاركات
بين أزهار الكرز (167) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غيوم البعاد (2)__ سلسلة إشراقة الفؤاد (الكاتـب : سما صافية - )           »          خادمة القصر 2 (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          وشمتِ اسمكِ بين أنفاسي (1) سلسلة قلوب موشومة (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          مهجورة في الجنة(162) للكاتبة:Susan Stephens (كاملة+الرابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          اخطأت واحببتك *مميزة*& مكتمله* (الكاتـب : Laila Mustafa - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          بأمر الحب * مميزة & مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          عندما يُخطئ حبيبان!! (21) -رواية شرقية- بقلم: yaraa_charm *مميزة & كاملة* (الكاتـب : yaraa_charm - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree474Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-10-20, 01:52 AM   #1091

م ام زياد

مشرفة منتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية م ام زياد

? العضوٌ??? » 389344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,607
?  نُقآطِيْ » م ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond repute
افتراضي


حقيقي عمر شخصيه مستفزه وحقيره لأقصى الدرجات ما يهكوش غير نفسه وايلي عاوزه وبس مش بيفكر اد ايه ايلي قدامه حاول يبعده عن الخطأ لكنه أصر لأنه مش شايف انه هيفقد اي شئ
بس الحمد لله فريده قدرت تحتوي الموقف وايلي ساعدها اعتراف الست مرجانه ايلي استغلها عمر يخرب بيتك ده لو كان خد نفس الوقت ايلي بيخطط فيه أنه يفكر في المصيبه قبل ما يعملها ماكانش بقى ده الحال
بس انا عجباني وفاء ام سامر قوي حاولت تبعد نقط الضغط على مشكلة سامر وفدوي عشان ما تمبرش المشكله وتتحول لنصيبه
تسلم ايدك يا هوبا


م ام زياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-10-20, 03:29 PM   #1092

رانيا صلاح
 
الصورة الرمزية رانيا صلاح

? العضوٌ??? » 395664
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 706
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » رانيا صلاح is on a distinguished road
¬» مشروبك   water
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته🌺🌺🌺
خدوني معاكم اكون من قراء الرواية😍😍
بدأت الاسبوع الماضي بقراءة الرواية شدتني جدا واعجبت بفكرتها واسلوبك يا هبة مشوق في صياغة الاحداث❤❤❤❤ ...
الوضع في تصاعد محورى يجب وضع النقاط ع الحروف بحسم بخصوص وضع الاولاد فعلا 🙅‍♀️
مشفقة علي فريدة لكن كلام د. فؤاد لها صح ولازم ماتظهرش نقطة ضعفها لعمر لانه بيستغلها اسوأ استغلال 🤦‍♀️
تيمور علي اعصابه لانه غير مستقر نفسيا وتصرفات عمر استفزازية فالغضب والانفعال هم المحركين له هو علي شعرة الراجل معذور الصراحة 🤷‍♀️
عمر شخص اناني بمعني الكلمة وحقير لاتباعه مبدأ الغاية تبرر الوسيلة هو شبه مراته حرفيا سبحان الله ما جمع الا ما وفق 😏
فادى شخصية لذيذة يعتمد عليه لكن مش قادرة استوعب تهوره بزواجه من اماني مهما كان مقتنع بها كشخصية مختلفة مميزة في نظرة عموما يستاهل ان علية تربيه شوية 🤨
تسلم ايديكي هوبا الفصل روووعة كسابقيه 🥰يوفقك يارب 🌺🌺


رانيا صلاح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-10-20, 05:17 PM   #1093

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,499
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رانيا صلاح مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته🌺🌺🌺
خدوني معاكم اكون من قراء الرواية😍😍
بدأت الاسبوع الماضي بقراءة الرواية شدتني جدا واعجبت بفكرتها واسلوبك يا هبة مشوق في صياغة الاحداث❤❤❤❤ ...
الوضع في تصاعد محورى يجب وضع النقاط ع الحروف بحسم بخصوص وضع الاولاد فعلا 🙅‍♀️
مشفقة علي فريدة لكن كلام د. فؤاد لها صح ولازم ماتظهرش نقطة ضعفها لعمر لانه بيستغلها اسوأ استغلال 🤦‍♀️
تيمور علي اعصابه لانه غير مستقر نفسيا وتصرفات عمر استفزازية فالغضب والانفعال هم المحركين له هو علي شعرة الراجل معذور الصراحة 🤷‍♀️
عمر شخص اناني بمعني الكلمة وحقير لاتباعه مبدأ الغاية تبرر الوسيلة هو شبه مراته حرفيا سبحان الله ما جمع الا ما وفق 😏
فادى شخصية لذيذة يعتمد عليه لكن مش قادرة استوعب تهوره بزواجه من اماني مهما كان مقتنع بها كشخصية مختلفة مميزة في نظرة عموما يستاهل ان علية تربيه شوية 🤨
تسلم ايديكي هوبا الفصل روووعة كسابقيه 🥰يوفقك يارب 🌺🌺
أهلا بيكي حبيبتي 💖 نورتيني وسعيدة جدا بانطباعك ومتابعتك واتمني الانطباع يدوم للنهاية 🌺🌺🌺
بالنسبة لفادي وأماني هما الاتنين كان في احتياج نفسي لكل منهم عند الآخر ظنوا أنه حب لكنه ليس كذلك 💔


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-20, 08:55 PM   #1094

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,499
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهمّ اجعل لي نوراً، وفي قلبي نوراً، وفي سمعي نوراً، وفي بصري نوراً، وفي شعري نوراً، وفي عظامي نوراً، وفى دمي نوراً، ونوراً من خلفي، ونوراً من أمامي، ونوراً عن يميني، ونوراً عن شمالي، ونوراً من تحتي، ونوراً من فوقي، اللهمّ زدني نوراً، واجعل لي نوراً. اللهم يا حي يا قيوم، رب موسى وهارون ونوح وإبراهيم وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، أكرمني بجودة الحفظ وسرعة الفهم، وارزقني الحكمة والمعرفة والعلم وثبات الذهن والعقل والحلم. اللهمّ رضّني بما قضيت لي وعافني فيما أبقيت حتى لا أحب تعجيل ما أخّرت ولا تأخير ما عجّلت. اللهمّ إنّا نسألك عملاً باراً، ورزقاً داراً، وعيشاً قاراً. اللهمّ اقذف في قلبي رجاءك، واقطع رجائي عن من سواك حتى لا أرجو أحداً غيرك. اللهمّ يا من لطفه بخلقه شامل، وخيره لعبده واصل لا تخرجنا عن دائرة الألطاف، وأمنا من كل ما نخاف وكن لنا بلطفك الخفي الظاهر. بسم الله على نفسي ومالي وديني، اللهم رضّني بقضائك، وبارك لي فيما قُدّرَ لي. اللهم إني أسألك الهدى والتّقى والعفاف والغنى. اللهمّ إنّي أسألك خير المسألة، وخير الدعاء، وخير النجاح، وخير العمل، وخير الثواب، وخير الحياة، وخير الممات، وثبِّتني، وثقِّل موازيني، وحقق إيماني، وارفع درجاتي، وتقبَّل صلاتي، واغفر خطيئتي، وأسألك الدرجات العُلى من الجنة. اللهمّ إنّي أسألك فواتح الخير، وخواتمه، وجوامعه، وأوله، وظاهره، وباطنه، والدرجات العلى من الجنة. اللهمّ إنّي أسألك خير ما آتي، وخير ما أفعل، وخير ما أبطن، وخير ما أظهر، والدرجات العلى من الجنة آمين. اللهمّ إنّي أسألك أن ترفع ذكري، وتضع وزري، وتصلح أمري، وتطهر قلبي، وتحصِّن فرجي، وتُنوِّر قلبي، وتغفر لي ذنبي، وأسألك الدرجات العلى من الجنة آمين. اللهمّ إنّي أسألك أن تبارك في نفسي، وفي سمعي، وفي بصري، وفي روحي، وفي خَلْقي، وفي خُلُقي، وفي أهلي، وفي محياي، وفي مماتي، وفي عملي، فتقبَّل حسناتي، وأسألك الدرجات العلى من الجنة. ‏ اللهمّ افتح لنا من خزائن رحمتك رحمة لا تعذبنا بعدها أبداً فى الدنيا والآخرة، ومن فضلك الواسع رزقاً حلالاً طيباً لا تفقرنا بعده إلى أحد سواك أبداً، وتزيدنا لك بهما شكراً وإليك فاقة وفقراً، وبك عمن سواك غنى وتعففاً. اللهمّ ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك. اللهمّ إنّي عبدك ابن عبدك ابن أمتك ماضٍ فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، ناصيتي بيدك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أو علّمته أحد من خلقك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي ونور بصري. اللهمّ يا عظيم السلطان، يا قديم الإحسان، يا دائم النعماء، يا باسط الرزق، يا كثير الخيرات، يا واسع العطاء، يا دافع البلاء، يا سامع الدعاء، يا حاضراً ليس بغائب، يا موجوداً عند الشدائد، يا خفي اللطف، يا حليماً لا يعجل، اللهم الطف بنا في تيسير كل أمر عسير فإن تيسير العسير عليك يسير فنسألك التيسير والمعافاة في الدنيا والآخرة. اللهمّ إليك تقصد رغبتي، وإياك أسأل حاجتي ومنك أرجو نجاحي، وبيدك مفاتيح مسألتي، لا أسال الخير إلا منك ولا أرجوه من غيرك ولا أيأس من روحك بعد معرفتي بفضلك

Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-20, 01:55 AM   #1095

duaa.jabar
 
الصورة الرمزية duaa.jabar

? العضوٌ??? » 395763
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 945
?  نُقآطِيْ » duaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصول اللي فاتتني كانت جميلة جدا
فريدا حان الوقت لتترك الكره بملعب ابنائها وترى مقدار تمسكهم بالبقاء معها وتشعر عمر بمقدار المسؤوليه اللي رفعتها عنه
فدوى من الطبيعي اختلاف العادات وطرق التنشئه والشخصيات تترك اثرها على الزوجين وخصوصا في بداية المشوار
عليه الحيره احيانا تكون مضره جدا لصاحبها وربما امير يكون وجهه حلو على فادي ويجعل الخيار اسهل
تيمور من حقه ان يغضب لكنه دخل هذه العلاقه بعيون مفتوحه لذلك الحكمه جدا مطلوبه للتعامل مع مكائد عمر
نسمه واخيرا وصلت مع عبد الله لبر الامان سلمت اناملك وبأنتظار القادم


duaa.jabar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-20, 09:17 AM   #1096

Noha Fathy

? العضوٌ??? » 441422
?  التسِجيلٌ » Mar 2019
? مشَارَ?اتْي » 302
?  نُقآطِيْ » Noha Fathy is on a distinguished road
افتراضي

فصل جميل كله مواجهات لابد منها سلمت يداك

Noha Fathy غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-20, 11:05 AM   #1097

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الورد
تسجيل حضور
بانتظار الفصل


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-20, 01:56 PM   #1098

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,499
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثاني والثلاثون


هناك كلمة تمحو ألما وهناك كلمة تصنعه
وحتي الآن يتردد صدي كلماتها في أذنه (أنت لا تشعر بي والأولاد لا يشغلون حيز من تفكيرك )
لما لايشعر بها أليس أبا؟ لما لايشعر بها وهو يحبهم كبناته!
كان غضبه منها قد تملك منه لذلك تركها في منزل والده ومنذ أن تركها وهو يجوب الشوارع بسيارته بلاهدي، تحول صدره إلي مرجل تغلي فيه أنفاسه بلا هوادة، الغضب منها ومن تصرفاتها ومن إطاحتها بكلامه عرض الحائط ....
الغضب من جلوسها مع رجل هو يعرف ماذا تمثل له وماذا كان بينهما ، تري في ماذا كان يفكر وهي تجلس أمامه وتتحدث معه ؟ مسح وجهه بكفه بحدة قائلاً:"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..."
كانت ملامح وجهه مكفهرة والغيرة والغضب والحزن كالوحوش تنهش في صدره ،يرمي هاتفه علي المقعد المجاور ويتجاهل جميع الإتصالات التي لم يكن من بينهم إتصالاً واحدا منها إلي أن رن هاتفه برقم والده ففكر في البداية في عدم الرد حيث أن مزاجه سيء جدا ولكنه خشي أن يكون والده يحتاجه في أمر هام أو يكون مريض فقطع تردده والتقط هاتفه مجيبا بصوت مبحوح :"أهلا أبي ..."
جاءه رد الدكتور فؤاد بنبرة هادئة من الجهة الأخري قائلاً :"أهلا بني كيف حالك؟"
قال له باقتضاب غير متعمد:"بخير، كيف حالك أنت؟..."
قال له فؤاد:"فريدة حدثتني وقصت علي ماحدث وهي قلقة عليك ..."
مط شفتيه قائلاً ببرود:"جزاها الله خير الجزاء علي قلقها، قل لها لا تقلق..."
تنهد فؤاد قائلاً:"تيمور يجب أن تتحلي بالعقل والحكمة بني ويجب أن يكون لديك ثقة بها...."
قال تيمور بحدة:"هل تفسر أنت كل ماسمعته علي أنه قلة حكمة وقلة ثقة مني؟"
قال له متفهما :"لا حبيبي أنا أقدر جيداً موقفك وفسرته لها قبل أن أحدثك وأسمع منك لأنني أعرفك جيداً ولكن هي أيضا معذورة..."
أوقف تيمور السيارة علي جانب الطريق بتهور فأصدرت إطاراتها دويا مُزعجاً وقال لوالده بانفعال :"معذورة في ماذا؟ في أن تجلس مع طليقها وحدهما دون علمي رغم إني حذرتها كثيراً من هذا الأمر، لماذا أليست متزوجة من رجل؟..."
قال له والده مهدئاً ومٌذكراً:"أنت تعلم من البداية أن لها وضعا خاصا وطليقها لن يخرج من حياتها بسبب وجود الأولاد..."
صاح بغضب:"كيف يعني لن يخرج؟أنت أيضا تقولها.."
قال فؤاد بجدية:"كما قالت لك في كل مناسبات الأولاد سيجتمعان معا..."
قال له بنظرة قاتمة:"يجتمعان بعلمي وفي حضوري لا خلسة وأعرف من غيرها دون علمها.."
قال له مُهادنا:"هي بالتأكيد تعلم أن هذه ستكون حالتك وهذا رد فعلك لذلك لم تقول، ثم راعي أنها منذ أن رحل أبناءها عنها وهي بحالة صعبة بالتأكيد لم تفكر وخافت أن يحتجزهم عنده لذلك فضلت المواجهة فاعذرها..."
قال له بحنق:"أنت تدافع عنها فقط لأنها حبيبتك ولكنك في قرارة نفسك تدرك أنها مخطئة..."
قال له بإقرار:"نعم مُخطئة ولكن ماذا نفعل لمن يخطيء هل نقذفه بالحجارة ؟ اعتبرها بنت من بناتك وأخطأت ماذا كنت ستفعل معها ؟ ثم أردف وهو يضيق عينيه :ثم هل أرغمتك أنا علي الزواج بها ؟ ألم تأتني أنت بها وقلت هذه من اخترت وأنت تعلم ظروفها جيداً"
جز تيمور علي أسنانه قائلاً وهو ينقر بأصابعه علي المقود بعصبية :"حسنا أبي سأعتبرها بنت من بناتي وأري طريقة العقاب المناسبة لما فعلت ولن أشتكي لك لأنني أنا من اخترت..."
زفر فؤاد قائلاً:"أنا أثق أنك لن تؤذيها بأي طريقة من الطرق ..."
استند تيمور بجبهته علي المقود بتعب وشمس الظهيرة الحارقة تلفح جانب وجهه ورأسه فقال لوالده :"حسنا أبي سأغلق معك الآن ولنا حديث لاحقا..."
أغلق مع والده واتصل بوليد الذي اتصل به عشر مرات تقريبا وما أن رد عليه حتي قال له بقلق:"أين أنت ياتيمور ولماذا هرعت بعد الإتصال الذي جاءك ؟.."
قال له باقتضاب:"لا تقلق كان لدي فقط أمر هام.."
قال له وليد بشك:"أي أمر هام الذي يجعلك تترك حالاتك وتنصرف بهذه الطريقة؟.."
قال له بضيق :"ظرف خاص ياوليد ثم أن المستشفي بها عشرات الأطباء لن يتأزم الأمر برحيلي..."
وجد وليد أن نبرته حادة فقال له بتساؤل :"ألا تريد الحديث معي أو الفضفضة؟؟."
تنهد تيمور قائلاً :"أشكرك وليد ولا تغضب مني لطريقتي وأنا إن احتجتك سأحدثك.."
قال له وليد ببساطة:"أنت أخي ولا أغضب منك أبدا..."
أغلق تيمور معه وهو لايزال متوقفا علي جانب الطريق لا يشعر بالرغبة في الحديث مع أحد أو الجلوس مع أحد، الغضب والحيرة يمزقانه وكل منهما يجذبه بضراوة إلي صفه فالغضب يعميه و يحتم عليه معرفة عنوان بيت ذلك الوقح أوعنوان عمله والذهاب إليه وتحطيم رأسه وأنفه بقبضته.
ويقينه بصدق ماقالته فريدة من تأثر الأولاد وتحولهم من جهته يجعله يقف في منتصف الطريق حائراً مٌلجما عن التهور ...
في النهاية هو أب هل سيرضاها علي عبدالرحمن أن يقف ليري ماتسول له نفسه بفعله ؟
الإجابة لا فهذا الولد يشعر نحوه كأنه ابنه و يريد أن يكسبه لا يخسره ...
وإن تهور سيكون هذا مبررا لذلك الوقح بألا يترك البنات مع أمهم خوفا منه ،مسك رأسه بيديه وهو يشعر بالعجز عن التصرف، كرامته كرجل تحتم عليه فعل أشياء تتنافي مع مبادئه وأخلاقه التي اكتسبها من والده
رن هاتفه ليجده فادي فرد عليه بلهجة رسمية خرجت رغما عنه قائلاً:"أهلا فادي ...."
كان فادي في طريقه إلي منزل فريدة بعد أن حدثته وقصت عليه ماحدث فقال لتيمور :"الحمد لله أين أنت؟.."
قال له تيمور بفتور:"لماذا؟..."
قال فادي بهدوء حذر:"أريد الحديث معك..."
زفر زفرة حارة قائلاً :"أنا في سيارتي أمام مدخل المدينة..."
قال له فادي:"أنا اقتربت بالفعل من مدخل المدينة سأمر عليك انتظرني ..."
ولم تمر سوي عشر دقائق حتي كان فادي يصف سيارته خلف سيارة تيمور الذي كان يجلس في سيارته بوجوم ويحمل فوق كتفيه هموم العالم أجمع...

هبط فادي من سيارته ونزع عنه سترته ورابطة عنقه وشمر كمي قميصه فالجو كان حاراً ثم طرق عدة طرقات مُتتالية علي زجاج النافذة فنظر إليه تيمور نظرة بها ما بها من الألم والغضب والعجز ثم فتح الباب ونزل له مُصافحا إياه يدا بيد فأشار له فادي علي الأرائك المجاورة لنافورة الماء في وسط الميدان وقال له :"تعال نجلس قليلاً...."
سار تيمور بجواره بثقل إلي أن وصلا وجلسا متجاورين الأول مكفهر الوجه والثاني يحاول احتواء الموقف فقال فادي:"فريدة حدثتني وقصت علي ماحدث.."
قال تيمور بسخرية مريرة:"فريدة حدثت الجميع إلا أنا ..."
قال فادي موضحا:"هي تركتك فقط حتي تهدأ ..."
نظر إليه تيمور نظرة حانقة وقال له:"مارأيك فيما فعلته؟.."
رأي فادي أن تيمور مازال في حالة الغضب التي وصفتها له فريدة فقال له وهو ينظر إليه :"مُخطئة بالطبع ..."
زفر تيمور وهدأت حدة نظرته قليلاً فأردف فادي:"ولكننا لابد أن نلتمس لها العذر، أنت لا تعلم حالتها منذ رحل عنها أبناءها ، شعورها أن والدهم يستطيع منعهم من العودة يقتلها ويجعلها في حالة غير الحالة..."
قال له تيمور متسائلاً بصوت جامد:"لما لم تحدثك أو تحدثني حين حدثها؟ لما قابلته بمفردها؟ أنا للأن أجاهد مع نفسي حتي لا أذهب وأضربه..."
قال فادي وهو يشبك أصابع يديه معا في جلسته المائلة للأمام ثم يرفع عينيه إلي تيمور:"إن فعلتها ستعطيه الفرصة علي طبق من ذهب ، صدقني تدخلك في هذا الوقت سيعقد الأمور أنت وضعك حساس ونحن نعتمد علي ورقة الأولاد وأنهم يحبوك ومتمسكين بالبقاء مع أمهم ومعك فإن فعلت أي تصرف متهور صدقني سينتهي أمرعودتهم للنهاية ناظره برجاء: إن كنت تثق بي اتركني أنا أتصرف معه ، الأولاد سيتقبلوا مني أي شيء أما أنت فكما قلت لك موقفك حساس،إلي جانب أن بتدخلك سيعرف أن العلاقة بينك وبين فريدة تأثرت بالفعل وهذا مايريده هو ..."
شعر تيمور بالثقل يحيط به والجميع يلجم انفعالاته ويُحمله مسئولية أي شيء سيحدث ،وشعر فادي بذلك فحاول أن يستمر في الحديث معه حتي يقنعه بعدم التصرف بشكل متهور فقال وهو يمرر أصابعه في خصلات شعره:"هل تعرف أنك حين جئت لي وطلبت مني يد فريدة للوهلة الأولي كنت أرفض الأمر .."
دقق تيمور في ملامحه وقد تفاجأ بتغيير دفة الحديث فأكمل:ولكني كان لابد لي من أخذ رأيها وحين رأيت سعادتها في عينيها لم أستطيع أن أقول لها رأي هذا وحين قالت لي علي استحياء(إنه رائع) حين سألتها عن رأيها فيك حسمت أمري أن مهما حدث سأزوجها لك لأنها حقا تستحق السعادة مع رجل مثلك، أقول لك هذا لتطمئن أن فريدة اختارتك بمحض ارادتها فلا تخشي من أي شخص ولا أي شيء ..."
قال له بغيظ:"وهل أنا أخاف منها يافادي ؟ أنا أخاف عليها، أنا أثق بها ولكني لا أثق بالطرف الآخر ..."
قال له فادي مُتفهما:"أفهمك ياتيمور ولكني كنت اؤكد لك لا أكثر، صمت قليلاً ثم قال:هي قالت لي انك ستُحضر البنات وتقيمون لفترة في شقة الدكتور فؤاد.."
قال له بتحفز:"نعم لن أتركها ثانية ،كان أصلا قرارا خاطئا أن يعيش كل منا في مكان وحان وقت تصحيح الخطأ ، سنبقي في بيت أبي إلي أن نجد مكان مناسب وسأجده في أقرب وقت بإذن الله ..."
قال فادي بإيماءة من رأسه :"كما تريد طبعا، أعتقد أن بقائي لم يعد له داعي مادمت أنت ستكون معها."
قال له بجدية:"لماذا فادي أبقي معنا أين ستذهب؟.."
قال له مبتسماً:"سأذهب إلي بيتنا لقد اشتقت له ولأصدقائي في الحي كنت أبقي هنا فقط حتي لا أترك فريدة بمفردها،ولكن... صمت قليلاً فنظر إليه تيمور بتساؤل فأردف بجدية:لا تقسو عليها يكفيها ماهي فيه حتي لو أخطأت يكفيك أن تعرف أنها لم تخطيء عن عمد..."
مط تيمور شفتيه قائلاً:"محامين الاستاذة فريدة كثروا هذه الأيام أنت وأبي من قبلك،ثم ربت علي كتف فادي قائلاً :هل توصيني عليها؟ زفر زفرة حارة ثم أردف بعينين هدأت حدتهما قليلاً:لا تقلق "
استقام فادي قائلاً:"حسنا سأذهب لأطمئن عليها هل ستأتي معي.."
استقام تيمور بدوره قائلاً:"لا اذهب أنت وأنا سأذهب لأحضر خالتي والبنات وآتي خلفك..."
قال له :"حسنا.."
واستقل كل منهما سيارته واتجه إلي وجهته..

************

جلس فادي بجوار شقيقته في حجرة المعيشة في شقة الدكتور فؤاد قائلا لها بعتاب:"فكري فيما بعد قبل أن تتصرفي يافريدة..."
قالت له وهي تعض علي شفتها السفلي بتوتر:"حتي أنت يا فادي ألم أقل لك مضمون المقابلة ؟..."
قال لها بغيظ :"فريدة من يفعل لا يقول ومن يقول لا يفعل عمر أصبح مشتتاً ولا يعرف ماذا يريد لذلك يتخبط ويفعل مايفعل ، هو يعرف أنه لن يستطيع الإحتفاظ بالأولاد فيحاول افساد حياتك حتي لا تجدي غيره، فلا تعطيه الفرصة ولا تكرري ماحدث مرة أخري "
أومأت له برأسها بإحباط بينما تناول هو هاتفه واتصل بعمر فلم يرد فكرر الإتصال مرة أخري فرد عمر قائلاً بصوت فاتر :"أهلا فادي.."
قال له فادي بنبرة حازمة قاطعة:"عمر ماحدث اليوم لا أريده أن يتكرر ثانية فريدة الآن امرأة متزوجة ولايصح لك لا محادثتها ولا مقابلتها، أي شيء يخص الأولاد يكون أمره معي ، صدقني لو تكرر الأمر ستكون النتيجة سيئة.."
رفع عمر حاجبيه ومط شفتيه قائلاً:"هل تهددني؟.."
قال له بحزم :"لا ...لا أهددك أنا فقط أخبرك فأنت لك زوجة ولك أخت فإن اقترب أحدهم من أختك فلن تصمت وإن اقترب من زوجتك فتخيل رد فعلك فلا تضطرني لردود أفعال لن تروق لك ....."
لم يجد مايقوله لفادي فقال له بغيظ:"إغلق يافادي الآن ..." فقد انضمت كلمة مؤلمة جديدة إلي قاموس الكلمات المؤلمة التي سمعها اليوم(أحدهم) حين تتحول من محور حياة شخص إلي مجرد أحدهم ...
كانت له موجعة بشدة

****************
وقفت فريدة في شقة الدكتور فؤاد تحمل حقيبة صغيرة وتنظر حولها بحيرة فبعد أن صعدت مع فادي إلي شقتها وأخذت بعض الملابس الخاصة بها وأخذ فادي هو الآخر ملابسه وعاد إلي شقته فها هي تقف لا تعرف أين تضع ملابسها وفي أي حجرة ستقيم ورغم تعودها علي هذا المنزل منذ سنوات إلا أنها ستكون المرة الأولي التي تقيم فيه إقامة كاملة
فدخلت حجرة تيمور وبدلت ملابسها فارتدت بنطال رياضي باللون الرمادي بخطين جانبيين باللون الروز وبلوزة قطنية قصيرة باللون الروز وصففت شعرها وربطته في عقدة منخفضة وجلست في فراش تيمور تشعر بالضياع

هي لحظة تشعر فيها أنك ملكت العالم بين يديك
ولحظة تفتح كفك لتراها خاوية ليس بها أي شيء
خاوية من أبناءها
من حبيب عمرها
من أمنها و أمانها
أغمضت عينيها ...
كانت تشعر بالإرهاق الذهني إلي جانب الألم في حنجرتها من أثر المناهدة لساعات...
لم تغفو، شعرت أنها مابين اليقظة والنوم، تلك المنطقة التي تشعر فيها بنفسك وجسدك والحيز المكاني الذي تشغله وفي نفس الوقت روحك خفيفة هائمة ،ابتسم ثغرها رغما عنها وهي تشعر بروحها تغادرها وتحلق في الغرفة لتصل إلي النافذة فتري حديقة الدكتور فؤاد وقد صارت أوسع وكأن هناك حديقة بجوارها بنفس حجمها تم فتحها عليها وبها أحواض من الورود مختلفة الأشكال والألوان رائحتها رائعة نعم لقد شمت رائحتها من مكانها هذا،وفي المنتصف نافورة مياه رائعة والعصافير التي بداخل الأقفاص حٌرة طليقة تعلو وتنخفض وتحلق في الحديقة الواسعة وتغرد بأصوات تبعث السكينة في النفس ...
ابتسمت وهي تري هذا المشهد الرائع لتجد كفا حانية توضع فوق كتفها و دون الحاجة للإلتفات عرفت لمن هذه اللمسة الدافئة فسالت دمعة رقيقة علي وجنتها والتفتت اشتياقاً لزائرها وما أن وجدت وجه والدها حتي قالت له بحنين:"اشتقت إليكِ أبي..."
قال عبدالعزيز الذي كان يبدو في هيئة رجل ثلاثيني بوجه مُشرق :"وأنا حبيبتي اشتقت إليكِ ولكني دائما معكم لا تفارقوني أنا وأمكم أبداً أنتم دائما أمام ناظرينا ...."
قالت له وقد علي وجهها علامات التفكير العميق واتسعت عينيها عن آخرهما:"هل لأنك في عالم آخر يكون هذا شعورك...أقصد أنك لا تشعر بالإفتقاد مثلنا لا تشعر بالحنين مثلنا لأنك تستطيع أن ترانا أما نحن فلا يوجد لدينا هذه الميزة..."
هز كتفيه قائلاً:"ربما ..."
قالت له وقد تعلقت بكفيها في رقبته كآخر مرة تعلقت فيها برقبته حين كانت في الثانية عشرة قبل رحيله بساعات:"إذن خذني معك.."
قال لها بتساؤل:"آخذك أين يافريدة؟..."
قالت له برجاء:"خذني معك حيث أنت وأمي تقيمان..."
نزع كفيها من حول رقبته برفق وضغط علي كفيها حتي أنها شعرت بعظامه وملمس كفيه وابتسم لها ثم أدارها لتنظر ثانية إلي الحديقة الواسعة قائلاً وهو يقف خلفها مباشرة وصوته يخترق أذنها:"ولمن تتركي بيتك وحديقتك الرائعة هذه بنيتي؟؟."
قالت له بصوت منخفض وعينين حائرتين تنظران في الحديقة الواسعة :"ولكنه ليس بيتي بل بيت الدكتور فؤاد...."
قال لها وكأنه لا يسمعها وهو يُقبل شعرها :"لا تتركي حبيبتي بيتك ..."
ليس بيتي ... ليس بيتي ...

:"مامي هل تنامين وأنتِ جالسة؟..."
انساب صوت شيري عبر أذنيها ففتحت عينيها فجأة لتري البنت تقف أمامها وما أن فتحت عينيها حتي احتضنتها شيري فلفت فريدة ذراعيها حول الفتاة بحركة ألية وهي تنظر إلي النافذة فتدرك أنها كانت تحلم ثم دلفت شمس ومن خلفها شروق كل منهما تحمل حقيبة صغيرة بها أغراضها فأقتربت كلتاهما من فريدة التي لاتزال جالسة مكانها فمالت عليها شروق مصافحة أياها وقبلتها من وجنتيها بمودة تبعتها شمس فقالت لهما فريدة:"متي حضرتم .."
قالت شروق وهي تجلس بجوارها علي جانب الفراش:"للتو أتينا..."
ربتت فريدة علي كتفها وقالت لها :"أين جدتك ووالدك؟..."
قالت لها:"بالخارج.."
قالت فريدة وهي تهم بالقيام:"حسنا سأذهب حتي أصافح جدتكم..."
قامت فريدة وبدأت البنات كل واحدة تفرغ حقيبتها لتضع ملابسها في الخزانة كما أوصاهم والدهم
أما فريدة فخرجت لتجد تيمور وعايدة يجلسان في غرفة المعيشة وما أن رأها حتي أشاح بوجهه للجهة الأخري أما عايدة فاستقبلتها بابتسامتها الحلوة قائلة :"ها قد أتينا جميعا لنجلس معك.."
صافحتها فريدة وقبلتها قائلة:"بارك الله لي فيكم جميعا..."
وما أن جلست علي المقعد المجاور لعايدة حتي استقام هو واقفا وتحرك جهة غرفة بناته فتبعته بنظرة محبطة لتخرج لها شيري في نفس اللحظة قائلة:"مامي ممكن أن تثاعديني في ترتيب ملابسي بحجرة تيتة ..."
ابتسمت فريدة ابتسامة حانية قائلة وهي تقوم معها:"لو كان عبدالرحمن هنا لما استطعتِ نطقها هكذا..."
قهقهت شيري ضاحكة ولم تكد تصل معها إلي باب الغرفة حتي وجدت تيمور يخرج من غرفته التي ستقيم بها شروق وشمس ومعه حقيبتها التي بها ملابسها ليضعها في حجرة والده حيث سيقيم هو لتكون إشارة لها أن مكانها معه وبلا كلام تجاوزها دون أن يلقي عليها نظرة وقال لخالته:"يريدونني في المستشفي سأذهب وإن احتجتم لشيء حدثيني...."
خرج وأغلق الباب خلفه ليختلج قلبها ألما لأنها أغضبته ولأن الخصام هذه المرة أسبابه قوية ولا تعرف هل سيتجاوزاه أم لا فشعرت بنغزة في صدرها ولكنها قالت لنفسها :"علي الأقل اشتري خاطري ولم ينفذ تهديده ويذهب لسبب شقائي في هذه الحياة"

وقفت أمام الخزانة تساعد شيري في ترتيب ملابسها في الوقت الذي رن فيه هاتفها لتجدها سمر فردت عليها بسرعة ظنا منها أن شيء ما قد حدث ولكنها وجدتها تحدثها لتطمئن عليها وتثرثر معها ولايبدو أنها تعلم شيء مما فعله والدها وكالعادة لن تحكي فريدة حتي لاتشوه في أعينهم صورة الأب، وحتي لا تكون سبب في شعورهم بأن حياتهم بها شيء سيء، ستظل تخفي عنهم كل ما يسؤهم، ستظل تقول لهم أن كل الأمور بخير وأن الإنفصال لا يعني نهاية الكون فبإمكانهم العيش مابين والديهم بمنتهي التحضر

******************
وقف فادي في منتصف البهو ،غرفة الصالون علي يمينه وغرفة المعيشة علي يساره ،والغبار يحاوطه من كل مكان فالشقة منذ زواج فدوي وهي مُغلقة.
قال لنفسه بصوت مسموع وهو يمسد علي لحيته التي استطالت قليلاً:"لا لا هذا البيت يحتاج إلي أنثي ...ثم أردف وهو يرفع حاجبا واحدا :ولكن الأنثي يبدو أنها لا تجيد الأعمال المنزلية ،يبدو من نعومة يديها وأظافرها الطويلة "
لمعت في عينيه فكرة وكعادته لم تأخذ منه ثواني حتي كان يرفع هاتفه علي أذنه وما أن ردت عليه علية التي لم تكن تعرف رقمه الآخر الذي كان يحدثها منه حتي قالت برقة:"من معي؟.."
قال لها مُدعيا الجدية وهو يمسك المكنسة بيد والهاتف بيده الأخري:"أنا فقط عندي مشكلة وكنت أريد المساعدة إن أمكن.."
ما أن سمعت صوته حتي أبعدت الهاتف عن أذنها لتجد أن فعلا رقما غير مُسجل هو من اتصل بها ولكنها طبعا لن تخطيء في صوته فقالت له بنزق مدعية عدم معرفتها بهويته وهي تقف أمام مرأتها :"من معي من الأساس؟؟."
يعلم أنها تعرفه من نبرتها المتدللة ولكنه راق له المشاكسة كالعادة فقال لها بابتسامة جذابة:"عابر سبيل.."
قالت بابتسامة حلوة لم تصل سوي لشفتيها وهي تصفف شعرها بيدها الحرة أمام المرأة:"وماذا تريد أيه العابر سبيل.."
قال لها مُدعيا المسكنة:"جار علي الزمن وها أنا أجلس في بيتنا القديم بلا أم ولا أب، بلا أخت ولا أخ ،بلا زوجة ولا إبن...."
صمتت قليلاً وقد أثرت فيها مسكنته فبدي علي وجهها التأثر فأكمل وقد علم أنه أصاب وترا حساساً لديها :"والشقة كلها يملؤها التراب ولا أستطيع التعامل أولم أكن متزوجا الآن كانت زوجتي حبيبتي هي من نظفت لي الشقة..."
ظهرت الشراسة في عينيها وقالت له بتحفز:"هل كنت تريد الزواج حتي تنظف لك زوجتك الشقة فقط؟..."
قال لها مشاكساً:"لا طبعا هناك أشياء أخري ...صمت قليلاً ثم استطرد قائلاً وعينيه تلمعان بجاذبية وشقاوة: تطهو الطعام وتكوي الملابس.."
تعاطفها معه تبخر في ثانية فجزت علي أسنانها قائلة :"أنت تفهم الزواج خطأ سيدي فما تقوله تستطيع أي خادمة ماهرة فعله لا يشترط زوجة..."
صاح فيها قائلاً بسخرية وهو يطيح بالمكنسة :"هذه حيلة الفاشلات اللاتي لا يفقهن شيء في الأعمال المنزلية أمثالك..."
قالت له بابتسامة صغيرة مشاغبة :"أنا لا أحتاج إلي حيل أنا فعلا لا أقوم بالأعمال المنزلية جميعها ولا أعرف أن أطهو سوي النودلز..."
رفع حاجبا واحدا وقال لها باستفهام:"وهل النودلز يتم طهوها؟ النودلز التي أعرفها نسخن الماء ونغمرها فيه ببساطة..."
قالت له ببراءة :"نعم هذا ما أتحدث عنه هذا هو مستواي في الطبخ.."
قال بصوت عالي :"اللهم صلي علي النبي.. ثم لان صوته فجأة وقال لها بتأثر:أنتِ فقط توافقين ومن توافقين عليه يجعلك ملكة متوجة "
ابتلعت لعابها بصعوبة بعد كلماته وهمت بنطق شيء ولكن صوت باب الشقة وهو يُغلق تلاه صوت والدها ينادي عليها أجفلها فقالت بسرعة :"أظن أن حل مشكلة التراب الذي يملأ الشقة ليس عندي سيد عابر مضطرة لأن أغلق الآن..."
لم تنتظر حتي يرد فأنهت الإتصال بسرعة ووجهها كله يتضرج باللون الأحمر فخرجت لوالدها وهي تخشي أن يبدو عليها شيء

أما هو فنظر إلي الهاتف بغيظ وقال بنبرة يشوبها الإحباط:"يبدو أن علي الإعتماد علي نفسي في كل شيء من الآن فصاعدا فالبيت فعلا فَرُغ بعد أن كان يعم بالضجيج لسنوات "
نظر مرة أخري حوله بشجن ثم فتح هاتفه واتصل بفدوي وما أن ردت عليه حتي قال لها:"حبيبتي التي لم أكن أحمل للدنيا هما في وجودها..."
ابتسمت قائلة:"حبيبي مابك؟"
قال لها ببؤس مصطنع:"أنا قمت برش ملمع الأسطح كما كنتِ تستخدميه بالضبط ولكن التراب التصق أكثر كيف كنتِ تفعلينها يافدوي؟.."
قالت له وهي تضيق عينيها:"هل نظفت التراب أولاً قبل أن ترش أم قمت بالرش علي تراب كثيف؟.."
رفع حاجبيه معا قائلاً:"وهل تفرق!.."



يتبع


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-20, 01:59 PM   #1099

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,499
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

كان سامر يجلس في مكتبه بعد أن أنهي المحاضرة قبل الأخيرة حين اتصلت به فدوي وما أن رد عليها حتي ألقت عليه السلام ثم قالت :"سامر أريد أن أذهب إلي فادي الآن.."
قال لها:"حسنا ولكن لماذا هل حدث شيء؟..."
قالت له بتأثر :"عاد اليوم من عند فريدة والشقة لها فترة مغلقة ولا يستطيع تنظيفها وحده حدثني ليسألني ماذا يفعل فأشعر أن علي أن أكون معه وأساعده .."
لاحظ نبرة التأثر في صوتها فقال لها ببساطة:"حسناً انتظري حتي آتي لأوصلك ..."
قالت له برجاء:"لا داعي سأذهب بسيارتي.."
قال لها:"حسنا ولكن لا تتأخري مادمتِ ستعودين بمفردك.."
قالت له بتساؤل:"أ يضايقك أن أبيت ؟..."
سألته وكانت تريده أن يقول لها أنه سيشتاق إليها، له أيام وهو لم يقول لها كلمة حلوة ولا تعرف هل هي التي أصبحت متطلبة عاطفياً أم أن الجفاء بينهما هو من جعل هذا الإحساس يتزايد..
كان في قرارة نفسه لايريدها أن تذهب أو تبيت علي وجه الخصوص ولكنه يريدها أن تأتي منها ،أن ترفض هي الإبتعاد عنه خاصة وهو مازال ينتظر منها أن تزيل أثر أي خلاف بينهما وهي تتجاهل الأمر تماما ويراها ثقيلة ألا توضح له مقصدها بعد آخر حوار بينهما والذي فهم منه هو أنها تقصد المقارنة بين أخلاقها وأخلاقه وتربيتها وتربيته فقال لها بنبرة محايدة :"إن كنتِ أنتِ تريدين ذلك فلا يوجد مشكلة..."
قالت له بغيظ :"حسنا سأرتدي ملابسي وأنزل مباشرة ..."
وبعد أن وضعت الغداء لحماتها وتناولت القليل معها أخبرتها بوجهتها ثم ذهبت مباشرة إلي شقيقها

**************
طرقت فدوي علي باب الشقة طرقات عالية ولم تكن قد قالت لفادي أنها آتية وكان هو لايزال يحاول التنظيف فتأتي معه النتائج عكسية وما أن فتح ووجدها أمامه حتي شعر كأنه كالغريق الذي تعلق بقشة وقال لها بسعادة :"فدوي حبيبتي لم أهن عليكِ تركي وحيدا أليس كذلك؟.."
نظرت إلي هيئته بفانلته الحمالات وبنطاله القصير حتي ركبتيه وقالت له بحنان وهي تتقدم منه وتحتضنه كأنه ابنها:"طبعا حبيبي لم أكن لأتركك..."
وهنا تذكرت سامر ...
بالضبط نفس حالة فادي...
الأخ الأصغر الذي له مكانة خاصة في القلوب ...
اعتاد أن يجد هذه المعاملة ،اعتاد لو أخطأ يغفرون له خطؤه، تماما كما أخطأ فادي بزواج دون علمها هي وفريدة وكل منهما سامحته...
فيبدو أن عليها التعامل مع سامر كما تتعامل مع فادي.
دلفت للداخل وأغلق فادي الباب ووقفت تنظر إلي الشقة التي قلبها فادي ولم يستطيع فعل شيء فيها ومايشغل بالها ليس الشقة ولكن الشبه بين سامر وفادي، الشبه الذي لم تدركه من قبل ولم تنتبه له سوي الان بالربط بين مشاعرها تجاه فادي وتوضيحات وفاء لها حيث كانت تدفعها بطريقة غير مباشرة لتعرف كيف تتعامل معه
هو فعلا يبدو كطفل كبير يريد دائما التفهم والإستيعاب كما اعتاد دائما وعليها أن تدرك ذلك وتتعامل معه علي هذا الأساس
قال لها فادي ساخرا وهو يري شرودها :"تريدين الانسحاب بعد مارأيتِ الوضع لا ألومك.."
ابتسمت وهي تخلع حجابها قائلة:"لا بالطبع هيا بنا معا سننجز وننهي بسرعة "
دقائق وكانت بدلت ثيابها في حجرتها لتخرج له ببنطال بيتي وبلوزة خفيفة فقال لها وهو يمسك منشفة قطنية ينظف بها الغبار من فوق شاشة التلفاز المعلقة علي الحائط :"هل عرفتِ ماذا فعل عمر اليوم؟.."
قالت له بتساؤل وهي تضع الوشاح الصغير علي رأسها وتربطه للخلف:"لا.. فريدة حدثتني صباحاً ولم تقول لي شيء..."
أخذ يقص عليها كل ماحدث وهي جاحظة العينين تغلي غضبا من عمر وقالت له بقلق وهو تتناول هاتفها:"سأحدثها.."
قال لها :"انتظري قليلاً حتي تكون أحوالهم استقرت فالان تيمور وبناته وخالته وصلوا عندها..."
زفرت زفرة غاضبة وقالت بحنق:"عمر من يومه أناني لايريد لها أن تسعد رغم أنه يعيش حياته منذ سنوات"
قال لها بجدية:"أنا هاتفته وحذرته فإن فكر مرة أخري في التدخل في حياتها فسيكون هو الجاني علي نفسه"
أخذت المكنسة وبدأت في كنس الأرضية وهي تتحدث معه وأخذا يتناولان مهام التنظيف معا بتوجيهات منها حين يفعل شيء خاطيء واستمر بهما الحال عدة ساعات أخري

***************
في المساء

دخلت رؤي إلي المطبخ فوجدت عدة أطباق وأكواب ليست نظيفة علي رخامة الحوض فخرجت للأولاد المتجمعين أمام شاشة التلفاز وكل منهم مشغول بهاتفه فقالت بغيظ مكبوت:"من الذي ترك الأطباق والأكواب هكذا علي الرخامة..."
رفعت سهر نظرها إليها قائلة بصدق:"لست أنا"
فقالت سمر التي تجلس بجوار شقيقتها بنظرة عابثة:"ولا أنا..."
ليقول عبدالرحمن وهو يلعب لعبة قتالية يركز فيها بكل حواسه دون أن يرفع عينيه إلي رؤي :"وبالتأكيد لست أنا..."
تعرف رؤي أنهم يتعمدون مضايقتها وخاصة عبدالرحمن وسمر فوقفت أمامهم وعقدت ذراعيها علي صدرها قائلة بعناد طفولي :"من إذن؟..."
قالت سمر وهي تتثائب:"الله أعلم..."
فخرج عمر من خلفها وقد كان في حجرة مكتبه منذ عودته من لقاءه مع فريدة وقال لها بوجه مكفهر:"ماذا يحدث ؟"
نظرت إلي ملامحه المتغضنة وهي تشعر به قد كبر أعوام عدة وشعرت بقلبها يعتصر من مظهره البائس
هذا ولا تعرف السبب فقالت له بنبرة منخفضة:"لا شيء كنت أسأل من الذي وضع الأطباق والأكواب الغير نظيفة علي الرخامة ولم يضعهم في الغسالة.."
رفع حاجبا واحدا قائلاً بصوت خشن:"أنا..."
تنحنحت قائلة:"حسنا لا توجد مشكلة سأضعهم أنا وأعد عشاءا خفيفا..."
تركها عمر وتوجه ناحية الحمام حتي يأخذ حماما يفيق به من حالة الجمود المسيطرة عليه أما رؤي فاتجهت فعلا للمطبخ
أما الثلاثي فكانت عيونهم متعلقة برؤي وهي تتكلم مع والدهم بوداعة حتي عبدالرحمن ترك اللعبة علي الهاتف ليستمتع بمشاهدة أداء رؤي المؤثر
قالت سمر أخيرا بنظرتها العابثة مقلدة رؤي :"حسنا لا توجد مشكلة سأضعهم انا وأعد عشاءا خفيفا "
ليقول عبدالرحمن متهكما:"لما لم تقول ذلك من البداية هل كان لابد أن يخرج أبي.."
ضحكت سمر وهي تلف شعرها الطويل في عقدة أعلي شعرها وقالت له:"وأنت فيما بعد ضع الأطباق في مكانها.."
قال لها وهو يضربها بخفة علي عقدة شعرها العالية:"حين تضعين أنتِ الأكواب.."
صاحت فيهما سهر بصوت عالي نسبيا:"كنت أعلم أن الأمر لم يخرج من تحت أيديكما .."
وضعت سمر كفها علي فمها قائلة :"إخرسي .."
أما عبدالرحمن فقهقه ضاحكاً وهو يري سمر تكمم فم توأمتها بإحكام

*************
منذ أن تركهم تيمورعصرا وهو لم يعود ولم يتصل ولكنه أرسل غداءا جاهزا والكثير مما يحتاجه البيت من لحوم وبقوليات وجبن وألبان وعصائر، وقتها تأكدت فريدة أنه نوي علي ألا يتركها وحدها ثانية ورغم حنقه منها وموقفه تجاهها إلا أن بقاؤه معها هو وعايدة والبنات كان يطمئنها نسبياً...
كانت تجلس في غرفة المعيشة مع عايدة التي كانت تتثائب بعد أن أخذت أدويتها وحولها البنات
ورغم كل ماحدث في بداية اليوم ولكن وصول البنات جعل جو من الدفء يسود المكان ،وقفن في المطبخ جميعا لوضع الأغراض في أماكنها ،جلسن معها وتحدثن بأريحية في كل شيء وكأنها أصبحت جزء منهن ،جبل الجليد الذي كان بينها وبينهن منذ أشهر قليلة ذاب بفضل من الله وحده... وللعجب شعرت بالسعادة والسكينة بينهن ...
كانت تظن سابقا أن فاقد الشيء لايعطيه وهي الان مهددة بعدم رجوع أبناءها فكانت تظن أن هذا سيؤثر علي تفاعلها معهن ولكنها وجدت العكس
وجدت أن فاقد الشيء يعطيه بسخاء ويغدق علي من حوله بما يفتقده ...
وجدت أن عاطفتها متجهة نحوهن كأنهن قطعة منها وكلما أتي أمام عينيها طيف أبناءها تسترجع صوت الشيخ علي وهو يقول (إنا رادوه إليكِ) فتسير رجفة في جسدها ثم يسكن فجأة

كانت عايدة بالفعل تغمض عينيها وهي جالسة فانتبهت لها فريدة قائلة:"طنط عايدة أنتِ تريدين النوم قومي إلي الداخل.."
انتبهت عايدة وقالت وهي تشعر فعلا بالنعاس الشديد بعد أن أخذت أدويتها :"حسنا ستجلسين أنتِ مع البنات؟.."
قالت لها :"طبعا لاتقلقي..."
فقالت عايدة لشيري التي تجلس بجوارها تلعب بعروستها وتضفر لها شعرها:"هيا شيري لتنامي معي..."
قالت شيري وهي ترفع لها عينين صافيتين تشبهان عيني والدها :"لا سأنام مع أبي وأمي..."
ابتسامة واسعة ارتسمت علي شفتي فريدة فقالت عايدة:"لا حبيبتي ستنامين معي هيا.."
قالت فريدة بجدية:"لماذا دعيها تنام معي.."
كانت عايدة تعرف أن الجو بين تيمور وفريدة مضطرب وكانت تريدهم أن يكونا علي راحتهما أكثر فقالت لشيري وهي تغمز لفريدة :"ستتركيني وحدي ياشيري أنا اعتدت أن أنام بجوارك هل هنت عليكِ؟علي الأقل هذه الليلة ناميها معي.."
أصابت عايدة هدفها فشيري لا تتحمل حزنها فقالت لها وهي تمط شفتيها:"حسناً سأنام يوم معك ويوم مع أبي وأمي ما رأيك؟.."
قالت لها ضاحكة:"حسنا هيا بنا..."
قبلت شيري فريدة من وجنتها قائلة:"تصبحين علي خير مامي.."
قالت لها فريدة وهي ترد لها القبلة بحب:"وأنتِ من أهل الخير حبيبتي.."
ولم يمر وقت طويل حتي كانت شيري نامت مع عايدة، وشروق وشمس كل منهما تستلقي في فراش بجوار الأخري وفريدة تجلس بجوارهما فقالت شروق:"متي سيعود عبدالرحمن وسمر وسهر؟.."
قالت فريدة:"تعالوا نتصل بهم...."
طلبت رقم سهر فلم ترد فاتصلت بسمر فردت عليها قائلة:"أهلا أمي كيف حالك؟..."
قالت لها بحنين:"بخير حبيبتي ..ألم تعرفي متي ستأتون ؟.."
قالت لها:"من قليل سألت أبي فقال بعد عودتنا من عند جدي سنذهب اليهم يومين وحين عودتنا نعود ..."
قالت لها وهي تكتم عنها توترها من القادم:"حسنا حبيبتي ،خذي معكِ شروق وشمس..."
أخذت شمس الهاتف وفتحت السماعة الخارجية وفتحت سمر أيضا السماعة وهي تجلس مع أخوتها في غرفتهم ليتحدثوا جميعا محادثة جماعية أما فريدة فأخذت تنظر إلي شروق وشمس وهما تتحدثان بأريحية ومودة وتستمع إلي أصوات أبناءها التي لا تختلف عنهما وبداخلها نفس الشعوران...
شعور بالراحة لتألفهم ... وشعور بالقهر لأنه حين حدث ما أرادت فأبناءها ليسوا في قبضة يدها...
وكأن الحياة حين تعطيك شيء لابد أن تأخذ منك في المقابل شيء
صفقة غيرعادلة بالمرة
لا ليست صفقة فالصفقة تكون برضا الطرفين أما هي فلم ترضي بأي مما حدث بل كان غصبا واقتدارا...


بعد أن خلد الجميع للنوم دخلت هي إلي غرفة الدكتور فؤاد وهي تنظر حولها برهبة ،هذه الغرفة التي دخلتها يوما زائرة حين كان مريض هاهي تدخلها اليوم مُقيمة حتي لو كانت إقامة مؤقتة ...
تحسست الفراش الناعم الوثير بيديها وجالت عينيها علي الأثاث الراقي العتيق ووقفت بجوار النافذة تنظر إلي الحديقة والاضواء الصغيرة الملفوفة علي الأشجار وتذكرت حلم والدها الغريب ، ماذا كان يقصد حين قال لها أنه بيتها؟.."
شعرت أن ذهنها أصبح مشوشا من تأثير هذا اليوم العصيب الطويل فدلفت إلي الحمام حتي تأخذ حماما دافئا قبل النوم

بعد قليل

خرجت من الحمام وهي ترتدي منامة حريرية ببنطال طويل وبلوزة بربع كم يتدلي كميها علي كتفيها ووقفت أمام المرأة تصفف شعرها حين سمعت صوت باب الشقة يفتح ويغلق بالمفتاح فارتجف قلبها توترا من لقاءه ،
ثواني وكان يفتح أبواب الغرف ليطمئن علي البنات وما أن اطمئن علي الجميع حتي فتح باب غرفتها ليجدها أمامه مباشرة ترتدي المنامة الحريرية ذات اللون الطوبي والكتف المتدلي شبيهة المنامة الكريمي التي يحبها وترتديها حين يكونا في شقتهما ،وشعرها المبلل تجمعه كله علي كتف واحد وتتساقط منه قطرات الماء علي طول ذراعها، وقف كل منهما أمام الآخر هو يناظرها بعتاب قاسي أوجع قلبها من لون عينيه الأحمر ونظرته القاتمة وملامحه التي غاب عنها أي أثر لأي مشاعر
وهي تناظره بدعوة للتفهم والحوار والمسامحة
أشاح بوجهه وهو يغلق الباب ويدخل فأعطاها ظهره وهو يخلع قميصه فقالت له بصوت منخفض:"هل أعد لك الطعام؟..."
قال باقتضاب:"شكرا..."
قالت له:"لم تأكل طوال اليوم..."
قال بنفس الاقتضاب وهو يخلع بنطاله وما زال ويوليها ظهره :"أكلت بالخارج.."
للحظة نسيت أنه زوجها فأدارت ظهرها له بسرعة...
لم تعتاد معه علي أي شكل من أشكال الحياة الزوجية رغم أن لهم عدة أشهر متزوجان
علي مدار أشهر زواجهما القليلة لم يقيمان معا سوي أربعة أيام حين أخذها وسافرا في بداية زواجهما وبعدها لقاءاتهما في شقتهما تٌعد علي أصابع اليدين لذلك فهي لم تتخلي عن كل مشاعر خجلها تجاهه
شعرت به يتجاوزها ليفتح باب الغرفة فالتفتت إليه قائلة بقلق:"أين ستذهب؟..."
زفر قائلاً:"سآخذ حماما إن لم يكن لديكِ مانعا..."
تركها وخرج فتمددت هي في الفراش وهي تشعر بأن رأسها تدور بها كأنها داخل لعبة دوارة من ألعاب الملاهي من كثرة الإرهاق والصخب ،أما هو فما أن أنهي حمامه حتي عاد إلي الحجرة وأغلق الباب خلفه
ليجدها متمددة في الفراش تغلق الأضواء إلا المصباحين الجانبيين علي جانبي الفراش فتمدد بجوارها بصمت وما أن شعرت بدفء أنفاسه في محيطها حتي عاد إليها أمانها مرة أخري حتي لو لايحدثها فيكفي أنه بجوارها، هو ليس قاسيا ليس من طبعه القسوة هو فقط غاضب منها وهي تعذره، استدارت نحوه لتستلقي علي جانبها وكان نائما علي ظهره يغطي عينيه بذراعه، كانت تتمني لو تستطيع أن تخفف عنه ألمه فخرجت كلماتها من حنجرتها بصوت متحشرج قائلة :"قلت لك من قبل أن حياتي كلها معقدة لم تصدقني .."
رفع ذراعه عن عينيه والتفت بجسده نحوها ليستلقي علي جانبه مثلها تماما وللوهلة الأولي لم ينطق فقد كانت ترتدي المنامة التي يحبها ورائحة عطرها المُسكر الذي يحبه تتسلل إليه ووجهها تحيطه هالة من الحزن أقوي مما يستطيع تحمله ،هذه ليست مصادفة هي تتعمد أن تثير جنونه بالتأكيد ولكنه بلمحة صغيرة عن أحداث اليوم أمر قلبه بالتحمل وقال لها بغيظ من نفسه أولا ثم منها:"وقلت لكِ أيضا أنها أقدار وأنا قدري أن أحب امراة حياتها معقدة...."
عضت علي شفتها السفلي ثم قالت له بألم ودمعة كبيرة تتجمع في عينها :"ها أنت تقر بحقيقة الأمر للمرة الأولي ، تقر بوجود هذه العقد كنت سابقا تنفي .."
نظر إلي حزنها الذي ازداد من كلماته وقال باستنكار حانق :"هل أنتِ تأخذين من الكلام ماتريدين ألم تسمعي سوي الجزأ الأخير من الجملة؟..."
لم تكن في حالة تسمح لها باستيعاب كلماته فسالت رغما عنها دمعة من عينيها واستقامت قائلة بكرامة مجروحة أو ربما حساسية زائدة بسبب الضغط الذي تعرضت له:"سأذهب لأنام بجوار شيري..."
قبل أن تتحرك كان هو الآخر يستقيم ويميل عليها ويحيط ذراعها بأنامله قائلاً بحزم:"من اليوم لن تبيتي في بيت غير بيتي ولن تنامي في فراش سوي فراشي ونامي لأنني بالفعل استبد بي تعب اليوم كله..."
كانت نبرته قاطعة فابتلعت ماتبقي من كلمات وعادت للإستلقاء وعاد هو الآخر وهو يعود إلي نفس وضعه ينام علي ظهره ويغطي عينيه بذراعه لا يريد أن يراها فكيف تثير جنوانه في الصباح لتبدو أمامه بمنتهي الضعف والإستكانة في المساء وتريده أن يمرر الأمر..
أما هي فزفرت زفرة حارة وهي تنظر إليه بجوارها وفي نفس الوقت بعيد عنها
منذ متي وهي تحلم باليوم الذي يجمعهما في بيت واحد؟
منذ متي يأتي عليها الليل فتتمني أن تقاسمه الفراش لتشعر بالأمان
وحين أصبحت معه في بيت واحد وتنام بجواره في فراش واحد هاهو بجوارها والجفاء يرقد بينهما
لم تتخيل أبداً أن أول ليلة لهما بعد اجتماع شملهما ستكون هكذا....


يتبع


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-20, 02:03 PM   #1100

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,499
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

في الصباح

صف سيارته أمام المصرف وهبط منها بخفة وأغلقها بالمفتاح فلم تكن من الطراز الحديث الذي يُغلق اتوماتيكيا بل كانت من طراز ثمانينات القرن الماضي بل من أرقي السيارات في ذلك الوقت تجمع بين الأناقة والرقي والذوق العالي والبساطة، تماما كما كان يرتدي ملابس بسيطة أنيقة غالية الثمن دون بذخ أو بهرجة فكان يرتدي بنطال جبردين باللون البيج وتيشيرت كحلي من ماركة عالمية وحذاء رياضي خفيف باللون الكحلي،وعلي كتفه حقيبة متوسطة الحجم يضع فيها الأوراق التي تخصه والنقود ، مظهره شبابي رغم سنوات عمره التي تعدت الخمسين بسنوات قليلة مع عدم سعيه لإخفاء أي من علامات تقدم العمر كبضع خصلات بيضاء متناثرة بعشوائية بين خصلات شعره السوداء،و رغم تركز الشعيرات البيضاء بشكل أكثر في فوديه ولكنها كانت تعطيه مظهرا جذابا،
دلف إلي المصرف بخطوات واثقة وكأنه يعرف بالضبط وجهته،بل هو بالفعل يعرف وجهته وسأل جيداً قبل حضوره وما أن وصل حتي ألقي تحية الصباح بابتسامة جذابة علي السكرتيرة التي تجلس علي مكتبها قائلاً:"صباح الخير.."
ناظرته الفتاة بابتسامة جميلة تليق بابتسامته الجذابة التي تأسر الفتيات في هذا العمر حين يرون رجلا جذابا في سن متقدم ومازال يحتفظ برونقه ، قطع هو تأملها قائلاً بلباقة:"هل أستطيع مقابلة السيدة أماني؟.."
قالت له برقة:"أقول لها من؟."
قال لها بصوت رخيم:"رائف منصور .."
رفعت الفتاة سماعة الهاتف وطلبت أماني التي كانت مُنهمكة في عملها بشدة وما أن ردت حتي قالت لها:"هناك شخص يريد مقابلتك اسمه رائف منصور..."
للوهلة الأولي رمشت بعينيها لا تعرف صاحب الإسم رغم شعورها أن الإسم ليس غريبا عليها ربما سمعته من قبل ولكن ذهنها عاد للعمل بسرعة لتتذكر صاحبه الذي لم تراه سوي مرة واحدة ولم تنتبه له جيداً ،ورغم حيرتها من سبب تواجده هنا بل تساؤلها عن معرفته المكان بدقة إلا أنها قالت لها بلهجة عملية:"حسنا دعيه يتفضل.."
ولم تمر سوي ثواني قليلة حتي كان رائف يطرق الباب طرقتين متتاليتين ليدخل فاستقامت هي واقفة وابتعدت عن مكتبها خطوتين فتقدم هو أيضا خطوتين فكان لقاؤهما في منتصف الغرفة، مد لها يده مصافحا قائلاً بابتسامة صغيرة:"أنا رائف ابن عم سمير زوج نسرين.."
صافحته قائلة بابتسامة أنيقة:"نعم تذكرتك أهلا بك.."
كانت ترتدي تنورة سوداء حتي ركبتيها وسترة بنفس اللون تحتها بلوزة حريرية بيضاء مع جورب أسود طويل وحذاء بكعب منخفض فكانت رقيقة جميلة تماما كأول مرة رأها ولكن مازاد عليها هو بشرتها الصافية الخالية من أي مساحيق فكانت تظهر أمامه بشكل ملائكي ، قطعت عليه تأمله قائلة وهي تشير إلي المقعدين المقابلين للمكتب:"تفضل..."
تقدم رائف وجلس لتجلس هي بلا تكلف علي المقعد المقابل قائلة:"ماذا تشرب؟..."
كانت تتوقع منه أن يعتذر عن شرب شيء ولكنه قال لها بلا تكلف:"قهوة مضبوطة..."
رفعت سماعة الهاتف وطلبت له ولها قهوة ثم نظرت إليه تنتظر أن يبدأ حديثه الذي غالبا تعرف مضمونه فهو بالفعل طلبها منذ عدة أشهر وكان طلبه هو السبب في انهيار حياتها التي كانت من الأساس تحتاج فقط إلي دفعة واحدة حتي تنهار وبطلبه كانت الدفعة ولكنه بالطبع ليس له ذنبا فهو لايعرف شيء ولكنه فاجئها حين قال لها:"أنا عدت من غربة طويلة منذ بضعة أشهر وأخذت من فترة قريبة ميراثي عن والدي وكنت أريد أن أستثمر أموالي بطريقة آمنة بعيدا عن أي مخاطرة لمشروعات قد تكسب أو تخسر فكنت أريد أن أعرف أفضل شكل لايداع الأموال في المصرف.."
رغم تعجبها من طلبه فالمصارف كثيرة فلما هذا المصرف وهي بالتحديد ولكنها أخذت تشرح لها بمهنية الطرق المتعددة التي يستطيع ايداع مدخراته فيها والتي تحقق له أعلي الأرباح...
أما هو فبعد أن استمع إلي شرحها المفصل قال لها وهو ينظر في عينيها بتدقيق :"أنتِ إن نصحتيني تنصحينني بماذا ؟.."
قالت له:"ضع جزأ كوديعة وجزأ كحساب جاري .."
قال لها بلا تفكير:"حسنا أريد أن أضعهم الآن ...." اتصلت أماني بأحد الموظفين ليتولي مع رائف مهمة انهاء كل الإجراءات تحت اشرافها وبعد أن انتهي من كل الإجراءات حتي قال لها شاكرا وهو يقف أمام مكتبها :"لا أعرف كيف أشكرك بدونك كان الأمر قد أخذ ساعات..."
قالت له بابتسامة صغيرة:"أهلا بك في أي وقت..ولكن من أعطاك عنوان العمل ؟.."
قال لها بلا مواربة :"امتثال، ثم أردف :بالطبع هي قالت لكِ علي طلبي السابق والذي للأسف لا ظروفي ولا ظروفك ساعدتنا فيه..."
امتقع وجهها وأطرقت برأسها أرضا ثم رفعت وجهها إليه وقد كان هناك فارق طول ليس بسيط بينهما وقالت:أي طلب بالضبط؟..."
قال لها ببساطة:"أنا أعجبت بكِ حين رأيتكِ في حفل الزفاف وطلبت منهم أن نتعرف ليأخذ الأمر شكلاً رسمياً ولكنني عرفت أنكِ سافرتي ثم توفي بعدها أخي الكبير رمزي لا أعرف إن كنتِ سمعتي أم لا؟.."
قالت مواسية :"البقاء لله .."
قال لها بنبرة جدية وبصوت هاديء:" ولكني طبعا مازلت عند طلبي.."
تنحنحت وأطرقت بوجهها مرة أخري بمزيج من الخجل والتوتر ثم قالت وهي ترفع عينيها إليه :"أنا أعتذر بشدة ولكن ظروفي لا تسمح بالإرتباط..."
قال لها بحيرة:"أنا أعرف أنكِ منفصلة فما هي هذه الظروف هل هناك شخص في حياتك؟ إن كان كذلك فلا يوجد مشكلة .."
قالت له نافية :"لا ليس كذلك ولكن ... صمتت لا تعرف ماذا تقول فأردفت:أستاذ رائف أنت لا تعرفني لم تراني سوي مرة واحدة ولم تكن تعرفني قبلها فهل هذه المرة كافية لتطلبني فيها للزواج؟..."
قال لها ببساطة شديدة :"وهل يحتاج الإنسان سوي لمرة حتي يقرر فيها؟.."
نظرت إليه بشك قائلة:"بالطبع نحتاج إلي مرات لنقرر"
مط شفتيه قائلاً :"حسنا إن لم يكن لديكِ مانع دعينا نتعرف علي بعض بشكل أفضل.."
قالت له وهي تزفر زفرة حارة وتلتفت لتعود إلي مكتبها لتجلس خلفه:"هذا إن كان هناك نية للموافقة أستاذ رائف.."
قال لها بنظرة متشككة :"هل المشكلة بي بشكل شخصي؟.."
قالت له بسرعة وقد أزعجها أن يصل له هذا الشعور وهو أمامها رجل مكتمل الرجولة:"بل بي أنا ."
ابتسم قائلاً:"أري أن المكان هنا غير مناسب لأن نكمل حديثنا هل من الممكن أن نجلس معا في أي مكان ونتحدث..."
اتسعت عينيها من جرأته فقالت له بجدية:"بالطبع لا لن يكون من اللائق أن يحدث هذا.."
قال لها ليقنعها:"لماذا ؟ نحن في حكم الأهل فأنا إبن عم زوج ابنة خالتك فنستطيع اختصارها بأنني ابن خالتك..."
كان يتحدث ببساطة شديدة وتلقائية كأنه يعرفها منذ سنوات فلم تستطع منع ابتسامة صغيرة من المرور علي شفتيها مرور الكرام ثم قالت له:"أستاذ رائف..." قاطعها قائلاً بسخرية وهو يستند بكفيه علي مقدمة المكتب:"هل أنا دخلت كلية الهندسة ودرست بها لسنوات لأصبح في النهاية أستاذ؟."
ابتسمت أخيرا قائلة :"أعتذر بشمهندس رائف."
قال لها بجدية لا تخلو من الرجاء :"لن يحدث شيء إن جلسنا وتحدثنا وإن كنتِ ترين فيها حرجا يمكنني استأذان أحمد نحن لسنا صغار ولا خوف لا منا ولا علينا..."
صمتت لا تعرف ماذا تقول له فأردف قائلاً وهو يستعد للإنصراف :"فكري في الأمر وأنا سأنتظر ردك، رفع سبابته موضحا:ردك علي موافقتك اعطائنا فرصة للتعارف"
تركها وخرج أما هي فكانت كتمثال من الشمع لا تتحرك ولا تنطق، فقط تعيد كلماته مرارا وتكرارا لا تعرف ماذا تفعل في هذه الورطة، ماذا ستقول له هي لن تستطيع تزييف أي شيء بعد الان وايضا لن تستطيع أن تقول له حقيقتها والأهم أنها حقا ليس لديها أي رغبة في تجارب جديدة فهي لم يعد لديها ماتعطيه لأي رجل لا لرائف ولا لغيره

****************


كانت تسير في الشارع الواسع الفاصل بين بيت والدها وبيتها بعد أن انتهت من زيارة والديها ومساعدة والدتها في بعض الأعمال المنزلية ثم ذهبت لشراء بعض متطلبات المنزل التي تحتاجها حين رن هاتفها في حقيبتها لتتوقف قليلاً حتي تخرجه وما أن رأت رقم عبد الله حتي ردت قائلة بوجه مبتسم :"أهلا حبيبي كيف حالك "
قال لها بلهجة بائسة وهو يجفف عرقه بمنديل ورقي :"عالق في الزحام ،الطريق مزدحم جدا اليوم "
قالت له بشفقة وهي تعاود سيرها:"ليتني معك كنت خففت عنك بثرثرتي قليلاً "
ابتسم قائلاً:"وأين سأذهب أنا من ثرثرتك سآتي إليك بإذن الله "
ابتسمت قائلة وقد وصلت إلى بوابة البناية:"حسنا سأنهي إعداد الطعام بسرعة وأجهز نفسي للثرثرة"
قهقه قائلا:"حسنا حبيبتي هل تريدين شيء أحضره معي؟ "
قالت له:"لا أحضرت كل شيء معي هيا تعال أنت فقط "
أغلقت معه وكانت قد وصلت لشقتها فدلفت لتنهي ماتبقي من طعام الغداء فهي بالفعل قد أنجزت الكثير قبل أن تذهب إلى والديها

بعد أقل من ساعة

كان عبد الله قد وصل بالفعل ففتح باب الشقة وما أن سمعت صوت فتح الباب وغلقه حتي خرجت من المطبخ الساخن بفعل حرارة الجو والموقد ووجهها كله كحبة طماطم طازجة وأقبلت عليه وقبلته علي وجنته قبلة سريعة قائلة :"أنهيت الغداء "
بادلها بقبلة سريعة قائلا :"سأموت جوعا ولكني سآخذ حماما قبل أي شيء "
قالت له :"حسنا ما أن تنتهي حتي أضع الطعام"
تركها ودلف إلي حجرته فخلع حلته ثم اتجه إلى الحمام مباشرة وما أن أنهي حمامه حتي خرج وهو يحيط جذعه بمنشفة طويلة حتي ركبتيه ودلف إلي حجرته ليرتدي ملابسه فرن هاتفه فالتقطه من علي الفراش ليجد رقما غير مسجل فجلس علي طرف الفراش ورد قائلاً:"السلام عليكم "
ليأتيه الرد من الجانب الآخر بصوت مألوف :"وعليكم السلام كيف حالك عبد الله "
قال بشك :"من معي؟"
قالت بعتاب :"هل نسيت صوتي ؟"
رد قائلاً :"أهلا مها كيف حالك؟"
كانت في نفس الوقت نسمة تتجه إلي الغرفة حين سمعته يقول أهلا مها كيف حالك لينقبض قلبها فجأة .. مها طليقته ليس هناك غيرها ..
هي لم تسمع رنين هاتفه ولا تعرف من منهما اتصل بالآخر ولكنها سمعته ينطق اسمها
فشعرت أن قلبها يتمزق من مجرد سماعها لإسمها..
هل ممكن أن يكون قد حن لها أو حنت له؟
ولكنه اعترف لها بحبه فهل كان ذلك مجرد شعور مؤقت لافتقاده للمشاعر في حياته ؟
لم يكن الباب مُغلقا بل كان مواربا فنظرت من فتحته لتجده يجلس علي السرير بأريحية وهو يحيط جذعه بالمنشفة ولا زالت قطرات الماء تتساقط من شعره فشعرت بنار مشتعلة في صدرها خاصه وهي تراه يستمع لمحدثته بإنصات واهتمام ووجه مرتاح لا يوجد به أثر لا للتشنج ولا للحزن الذي كان يعتلي وجهه قديما حين كان يذكرها ،كانت ملامحه الان تماما كملامحه في الفترة الأخيرة بعد أن صارحها بحبه

****************

السادسة مساءا

توقفت سيارة عمر أمام بيت والده فقال لأبناؤه
بحماس:"هيا ياشباب اصعدوا لجدكم فهو ينتظركم وأنا سآتي إليكم ما أن أنهي مشواري "
نزل ثلاثتهم من المقعد الخلفي فقال له عبد الرحمن:"حسنا أبي مع السلامه "
صعد ثلاثتهم السلالم هرولة فوجدوا جدهم يفتح الباب ويقف في انتظارهم
كان إبراهيم ينظر إليهم بعينين مبتسمتين ابتسامة يخص بها صغاره فقط، صغاره الذين بدأوا يخطون نحو الكبر فهاهما التوأمتان تقبلان عليه لتحتضنانه وتقبلانه بسعادة تلاهما عبد الرحمن قرة عينه الذي رغم صغر سنه إلا أنه يتلمس فيها معالم رجولة وخصال حميدة ربما فشل هو في زرعها في أبنه
قبل إبراهيم رأس حفيده قائلا بحبور:"إشتقت اليكم أحبائي "
دخلوا جميعا داخل الشقة فقالت سهر:"أين جدتي وعمتي نسمة"
قال إبراهيم :"جدتكم تصلي بالداخل وعمتكم في بيتها سنحدثها وإن كانت ظروفها تسمح ندعوها لتسهر معنا"
دلفت البنتان للداخل حيث جدتهما أما عبد الرحمن فوضع يديه في جيبي بنطاله قائلا لجده بخبث:"إشتقت إلي أم اشتقت للعب الشطرنج معي؟"
قهقه إبراهيم ضاحكاً حتي ظهرت نواجزه وقال له:"أنت إذن من اشتقت للهزيمة"
مط عبد الرحمن شفتيه قائلا :"أو الفوز "
ضربه إبراهيم ضربة خفيفة حانية أقرب إلى الطبطبة علي رأسه قائلاً:"أنت تعرف أين هي وتبدو متلهفا علي قدرك هيا أحضرها"
ابتسم عبد الرحمن بعد مناغشته لجده ودلف إلي الحجرة التي بها علبة الشطرنج ليحضرها

************

كان عمر قد اقترب من بيت حماه ورؤي تجلس بجواره متأنقة كعادتها شعرها منسدل علي كتفيها ورائحة عطرها تزكم أنفه فقالت له بدلال :"أنا من الآن لا أستطيع أن أضع يدي عليك ،لا أعرف بعد أن تدخل المجلس ماذا سيحدث ؟ رفعت سبابتها قائلة بتحذير ناعم:اسمعني جيدا أنا لن أتحمل أي تقصير تجاهي وربما أعتبر هذا المجلس ضرتي "
علي ذكر سيرة الضرة مرت في ذهنه صورة من رفضت أن تصبح لها ضرة منذ سنوات ورفضت أن تغدو هي ضرة حاليا
نقل بصره بين رؤي والطريق وهو يفكر لما الحياة معقدة بهذا القدر؟ لما لا يستطيع الإنسان أن يأخذ كل شيء؟ لما علينا حين نحصل علي شيء نترك في مقابله شيء غالي ؟
لما الحياة قاسية إلي هذه الدرجة؟
"أين ذهبت؟"
انتزعته عبارتها من شروده فقال لها :"لا تقلقي أنا أستطيع جيدا التعامل مع كل المعطيات في حياتي استطيع التوفيق بين كل شيء ،الغبي فقط هو من لا يستطيع التوفيق والغبي من يظن أن علينا أن نكون في جهة واحدة فقط جهة تخصه هو فقط "
قالت له وعينيها الزيتونيتين تتسعان :"من الغبي؟"
ابتسم قائلا بمرارة:"لا أقصدك لا تقلقي"
قالت له بشغف:"قصدت من إذن؟"
كانا قد وصلا بالفعل أمام بوابة فيلا عبدالمجيد مهران فقال لها بغموض :"لا تشغلي بالك"
كان الأمن يقفون أمام البوابة الالكترونية للدخول يرفعون أيديهم نحوه في سلام ويبادلهم سلام أيديهم المرفوعة بإيماءة من عينيه

بعد قليل

كان عمر في مكتب المجيد هو ومجموعة من قيادات الحزب الهامة ورجال عبد المجيد المقربون الذين لا يعمل بدونهم يتناقشون في ترتيبات الفترة القادمة ويرتبون أسماء مرشحيهم
في حين كانت رؤي تجلس مع أمها في الطابق العلوي في حجرة المعيشة الواسعة التي تطل من جهة علي الباحة الأمامية للفيلا وحديقتها ومن جهة علي حمام السباحة فقالت فافي لابنتها التي تجلس بجوارها لا تشعر بالراحة
:"رورو أري أنه لا داعي من قلقك الان مادامت قد تزوجت حمدا لله أنه لم يري الصورة الغبية قبل زواجها وإلا كانت الزيجة قد توقفت "
قالت رؤي بحزن:"أشعر دائما أن ذهنه شارد كما أن وجود الأولاد عندي يوترني ثم أردفت بعتاب :كنت أظن أنك ستشعرين بي لأن لك تجربة مماثلة"
قالت فافي وقد بدت لها الذكري القديمة أمام عينيها :"حبيبتي حين كان والدك متزوجا قبل زواجي منه لم يكن لديه أبناء لذلك حين تعرفت عليه و تزوجنا كان من السهل الابتعاد ،الاولاد هم من يربطون بين الزوجين ودونهم البعد يصبح أسهل بكثير "
قالت رؤي باهتمام:"ولكن هل كان أبي وقتها حزين لفراق هذه المرأة زوجته الأولي أقصد؟"
زفرت فافي قائلة :"في البداية كان الاتفاق أن يتم زواجنا وهي علي ذمته ولكن بعد زواجنا لم تتحمل هي وهي من طلبت الطلاق ،رفض في البداية ومع اصرارها طلقها ، تأثر في البداية ثم كانت الحياة كفيلة بأن ينسي "
قالت رؤي بفضول:"ألم تعرفي ماهو مصير هذه المرأة الآن؟"
قالت فافي بعدم اكتراث:"تزوجت بعدها بأعوام قليلة وأنجبت وأبناؤها الان كبار"
ضيقت رؤي عينيها قائلة :"كيف عرفتِ كل ذلك؟"
قالت لها بعينين خبيرتين:"حين يكون لك غريما لابد من وقت للآخر من متابعة أخباره ومعرفة تطورات حياته بل ورؤية ذلك بأم عينك حتي لا تدعي مجالا لحدوث أي مفاجأت لا تتوقعيها وأنا كنت حريصة طوال السنوات الماضية علي التأكد أن والدك انقطعت علاقته بها تماما
"
قالت رؤي بتساؤل:"ولما كنتِ تشكين في عودة أي علاقة وكما قلتِ لايوجد أولاد والصلة كانت انقطعت"
قالت:"لأن هناك صلة قرابة بينهما فكنت أخاف أن تكون هذه الصلة مجالا لعودة الود في أي وقت"
أومأت رؤي برأسها ولكن ذهنها شرد مرة أخرى

***********

جلست فريدة بجوار تيمور في الحديقة بعد تناولهم جميعا الطعام وسط ثرثرة البنات وأحاديثهم التي لا تنتهي وجفاء تيمور معها الذي يستمر منذ ماحدث،
أحاديث قصيرة مقتضبة ... سؤال منها في أي شيء عله يلين يعقبه إجابة قصيره دون أن تتلاقي العيون
تعرف أنها أخطأت لذلك تحاول مراضاته
و تعرف أنه يتغاضي عن الكثير من الأمور الا أمر عمر وهي الآن بعد كل ماحدث تعترف أن لديه كل الحق

كانت تضع فنجانين من القهوة أمامهما بينما البنات ينطلقن في الحديقة يلاعبن أبناء عمهم شهاب الصغار فقد تركهم شهاب عندهم منذ قليل وسيقضي مشوارعند الطبيب مع زوجته وسيعود بعد أن ينتهي
أخذت فريدة فنجان القهوة وأعطته لتيمور الذي يشرد بعينيه بعيدا عنها في الاولاد ولا تعرف أنه يتعمد عدم النظر إليها حتي لايضعف أمامها ولكنها ظنته لايطيق أن ينظر إليها ،أخذ منها فنجان القهوة ليشرب ببطء بينما تناولت هي فنجانها ورشفت منه رشفتين وتذكرت عادته أن يشرب من فنجانها بعد أن تشرب هي ولكنه لم يفعلها اليوم
قالت له وهي تحاول أن تكسر حالة الجمود المحيطة بهما :"عرفت من طنط عايدة أن سنوية ياسمين رحمها الله بعد يومين وأنكم ستذهبون لزيارتها "
قال لها بلمحة حزن في عينيه:"نعم"
قالت له بتساؤل:"هل هناك طقوس معينة تقومون بها في هذا اليوم؟"
قال لها وهو لايزال شاردا في الأولاد الذين يلعبون أمامه:"حين كنا في الخارج كنا نتجمع في هذا اليوم وكل منا يقرأ ماتيسر من القرأن علي روحها وكل بنت تقوم بإخراج صدقة جارية على روحها في أي جهة تختار ،وهذا العام سآخذهن لتتبرع كل واحدة في المستشفي التي تريد ثم يذهبن لزيارتها "
قالت له بتردد :"هل من المفترض أن أكون معكم أم لا؟"
قال لها :"أعتقد ماداموا لم يطلبن منكِ فلا داعي ،دعي الأمور تأتي من تلقاء نفسها "
أومأت برأسها بصمت لتعم بينهما فترة صمت لا تعرف مدتها ولكنها مرت عليها طويلة، مقيتة، قاتمة
قطعها رنين هاتفها لتجده عبدالرحمن فردت عليه ورُدت إليها روحها مع سماعها لصوته فأخذ يتحدث معها ويقص عليها أحداث يومهم فمد لها تيمور يده قائلا :"أعطني إياه"
قالت لعبدالرحمن :"أنكل تيمور يريد أن يحدثك"
أخذ منها تيمور الهاتف وتحول وجهه المتجهم إلي وجه مبتسم فقال له:"كيف حالك حبيبي أنت واخوتك ؟"
قال له عبد الرحمن وهو يقف في الشرفة بعد أن أنهي لعب الشطرنج مع جده :"بخير حال أنكل"
أخذا يتبادلان الحديث معا وسط حيرة فريدة أو ربما سعادتها فهو يتحدث مع ابنها وينحي أي خلاف بينهما جانبا، لم يؤثر خلافهما معا علي معاملته للأولاد بالعكس كانت تلمح محبة حقيقية في عينيه وتذكرت حين قال لها أثناء شجارهما أن عبد الرحمن هو الولد الذي تمناه
انتبهت علي صوت شروق وهي تسأل والدها :"هل هذا عبد الرحمن؟"
قال لها تيمور:"نعم"
قالت له:"اعطني اياه"
أعطاها تيمور الهاتف فتحدثت معه وهي تبتعد بالهاتف قليلا لتخطف منها شيري الهاتف لتحدثه وهو ما أن استمع إلي صوت شيري حتي انفجر ضاحكا فحديثها ولكنتها وطريقتها كفيلة بأن تعطيه جرعة ضحك غير طبيعية

أما تيمور فعاد إلي صمته بجوار فريدة التي لا تعرف متي سينتهي هذا الخصام
حزينة أن يكون بجوارها وبعيد عنها هكذا
غاضبة لأنه لاينظر إليها ولا تعرف أنه لاينظر فقط لأنه يعرف أنه ما أن تأتي عينيه في عينيها حتي يسقط القناع البارد الذي يضعه والذي يري أنه لابد أن يضعه حتي تدرك مدي خطأها ولا تكرره لأنه إن تكرر مرة أخري وقتها ستكون النهاية لأنه نبهها كثيرا إلي هذا الأمر فإن تكرر سيكون لتكراره معني آخر
تنظر إلى جانب وجهه الحبيب وتعرف أن بداخله غضب منها... تريد فقط أن يعطيها فرصة لأن تصلح ماحدث
أما هو فيلاحظ نظراتها ولا يزال علي وضعه،
هو من الأساس يجاهد وهو ينام بجوارها أو يجلس بجوارها ويمنع نفسه عنها
حانت منه التفاتة إلي الشقة المجاورة لهما شقة الأستاذ عبدالمنعم جارهم واتسعت عينيه فجأة فنظرت فريدة إليه بحيرة ثم نظرت بدورها إلي حيث ينظر

**************

كان عمر كعادته حين يجلس بين عبد المجيد ورجاله يجلس صامتا مستمعا منصتا أكثر منه متحدثا فعالمهم لا يعرف عنه سوي القليل رغم شغفه الشديد به ،أحاديثهم تكون شيقة وجاذبة له فيتعلم منهم الكثير
كانت الغرفة بها عبدالمجيد وعدد من رجاله وعلي رأسهم أدهم رجله الأول الذي التفت إلى عبدالمجيد الجالس خلف مكتبه علي مقعد وثير
وقال له :"بالنسبة لدكتور عمر سينزل فردي أم تبع القائمة؟ "
صمت عبدالمجيد قليلاً ثم قال بنبرة لم يستطيع عمر تبين ماتحوي لما بها من غموض يعرفه عن هذا الرجل :"لا تشغل بالك بدكتور عمر الآن ركز في باقي المرشحين كما اتفقنا من قبل ورتب القوائم "
أومأ له أدهم بطاعة أما عمر فبرقت عينيه بوميض من الغضب حاول أن يلجمه
مامعني هذه الجملة؟
أيسأله عن معناها؟
لا لن يسأل سيمرر الأمر كمن لم يسمع
هو الدكتور عمر الدسوقي أبدا لن يقولها ولن يعطي أحد فرصة التحكم فيه أو إذلاله
إن قالها سيظن عبد المجيد أن بيده أمره
رسم علي وجهه قناع من البرود حتي لا يظهر مابه من غل تجاه هذا الرجل في هذه اللحظة وحتي لايتسرع فربما يكون للرجل كلمة أخري وإلا لماذا دعاه ولماذا يجلس الان معهم،ولماذا وعده من الأساس؟
ظل جالسا بين عبد المجيد ورجاله يستمع إلى ترتيباتهم بمشاركة بسيطة في الحوار حين يُطلب منه وحين لم يجد أي إشارة إلى وجوده ادعي وصول تليفون هام له واضطراره للمغادرة فقال له عبدالمجيد بنبرة هادئة مناقضة للغليان الذي بداخل عمر هذه اللحظة :"ستذهبون هكذا مبكرا ؟"
قال عمر بنفس ذات النبرة الهادئة لعبد المجيد:"لا بل سأذهب ، فأنا اليوم سأبيت في بيت أبي ورؤي لا ترتاح هناك "
رسم ابتسامة زائفة علي شفتيه وانسحب بهدوء مصطنع وهو بداخله يسب ويلعن عبد المجيد هذا الذي لايعرف ماذا يدور في باله وما أن استقل سيارته وانطلق بها حتي شعرت رؤي به فهرعت إلي النافذة لتجده يعبر بوابة الفيلا فتعجبت لما لم يقول لها ولما ذهب بدونها فهما لم يتفقا علي ذلك
تناولت هاتفها واتصلت به فوجد رقمها فلم يرد وما أن انتهي الاتصال حتي تناول هاتفه واتصل بعبد الله الذي رد عليه مباشرة فقال له :"أين أنت؟"
قال له عبد الله:"في البيت"
قال له وهو يشعر أن غضبه تحول إلي نارا ربما تحرقه هو نفسه:"سآتي لك علي المقهي انتظرني هناك"
قال عبدالله بقلق :"ماذا بك طمئنني عليك"
قال له بصوت ميت:"لست بخير ياعبدالله أنا أريد أن آخذ أبنائي وأسافر بهم بعيدا عن هذه البلد"



نهاية الفصل الثاني والثلاثون


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:44 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.