شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء ) (https://www.rewity.com/forum/f118/)
-   -   بعد النهاية *مميزة ومكتملة * (https://www.rewity.com/forum/t468698.html)

ام زياد محمود 20-09-20 01:57 AM

دا تيمور تقريبا :26-1-rewity::26-1-rewity:

ام زياد محمود 20-09-20 02:41 AM

اعتقد الحوار بين تيمور وحد من اخواته
اللى بيتكلم عنها فريدة هى اكتر واحدة مسحولة هنا

Heba aly g 20-09-20 02:49 AM

هما للأسف كلهم هيتسحلوا معانا الفترة الجاية 

Solly m 20-09-20 02:31 PM

الاقتباس التاني تيمور و اخواته واضحة اهي 💖💖💖

Heba aly g 20-09-20 11:55 PM

• اللهم سخر لي جميع خلقك كما سخرت البحر لسيدنا موسى عليه السلام، وألِن لي قلوبهم كما ألنت الحديد لداوود عليه السلام، فإنهم لا ينطقون إلا بإذنك، نواصيهم في قبضتك، وقلوبهم في يديك تصرفها كيف شئت، يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك.
• اللهم يسر لي الخير حيث كنت، وحيث توجهت، اللهم سخر لي الأرزاق والفتوحات في كل وقت وساعة، ويسر علي كل صعب، وهون علي كل عسير، واحفظني بما ينزل من السماء وما يخرج منها، وما يرى عليها يا كريم.
• اللهم لاتكلني إلى نفسي، فأعجزعن التدبير، ولا لأحد من خلقك فأجزع، وتداركني بلطفك، يا من لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير.
• اللهم بلطيف صنعك في التسخير، وخفي لطفك في التيسير، الطف بي فيما جرت به المقادير، واصرف عني السوء إنك على كل شيء قدير.
• اللهمّ أعنّي ولا تعن عليّ، وأنصرني ولا تنصر عليّ، وامكر لي ولا تمكر بي، واهدني ويسّر الهدى لي، وانصرني على من بغى عليّ، رب اجعلني لك شكّاراً، لك ذكّاراً، لك رهّاباً، لك مطواعاً، لك مخبتاً، لك أواهاً منيباً، رب تقبل توبتي واغسل حوبتي وأجب دعوتي وثبّت حجتي واهدِ قلبي وسدّد لساني واسلل سخيمة صدري

Heba aly g 21-09-20 02:06 PM

. مساء الورد الفصل هينزل حالا

Heba aly g 21-09-20 02:13 PM

الفصل الثامن والعشرون

صعد درجات السُلم ببطء وابتسم تلقائيا وهو يشعر أنه مازال يستقل القارب الصغير في قلب النيل.
فبعد أن ذهب صباحاً لقبض معاشه سار حتي المرسي النهري وأخذ قاربا لمدة ساعتين في النيل وبعدها ذهب إلي السوق واشتري بعض الأغراض التي يحتاجها المنزل ...
في سنه هذا أصبحت أشياء بسيطة جداً وعادية جداً ترضيه وتُشعره بالسعادة...
أشياء لم يسعفه الوقت في شبابه لفعلها
لقد قرر منذ فترة أن يتصالح مع نفسه وينسي الماضي بكل مافيه وإذا كان مازال في العمر القليل فليعش هذا القليل في سلام نفسي حتي يُقابل ربه وبعدها هوعلي ثقة بأن الآخرة ستكون خيرٌ له من الأولي

وصل إلي باب شقته وفتحه بهدوء كعادته ووضع الأكياس التي يحملها أرضا ثم أغلق الباب بهدوء ليجد باب غرفة نومه مواربا ويسمع بوضوح جملة ابنه الأخيرة
:"أنتِ ستقومين بعمل توكيل للمحامية وترفعين دعوي لضم الأطفال بما أنكِ جدتهم..."
إتسعت عينا إبراهيم عن آخرهما وسار باتجاه الغرفة ليفتح الباب ويجد ابنه الذي يجلس بجوار أمه وما أن دلف إلي الغرفة بعينيه المتسعتين حتي قال باندفاع :"من الذي سيرفع دعوي وأي أطفال من تتكلمون عنهم؟؟"
قال له عمر وهو يعتدل في جلسته ويصوب نظره نحوه مباشرة :"أهلا أبي كيف حالك؟"
قال له إبراهيم بنفاذ صبر:"عن ماذا تتحدثان؟"
قال له عمر بهدوء حذر وهو يعرف أن والده لن يروق له قراره هذا:"أبنائي يا أبي، أمي ترفع دعوي ضم لحضانتها ..."
نظر إبراهيم الي وجه زوجته الشاحب لما لاقته في عينيه من ثورة وقال لعمر وهو مازال يصوب نظرته الحادة نحوها:"حتي تكون طلقتها الثالثة التي بلا رجعة..." اتسعت عينيها عن آخرهما ولم تنطق فقال لها إبراهيم بلهجة خطرة:"هل كنتِ ستوافقين ابنك علي مايقول؟" حركت وجهها يميناً ويساراً علامة علي الرفض وهي تشعر بتأزم الوضع كله أكثر من أي وقت مضي أما عمر فاستقام ووقف أمام والده قائلاً بوجه محتقن:"لماذا أبي ...ألا تري أن يعيش أبنائي معكم أفضل من أن يعيشوا مع الغريب؟.."
قال إبراهيم مؤيداً:"طبعا فكرت في هذا... ثم أشار إليه بسبابته:فكرت قبل أن تفكر أنت وذهبت إليهم وسألتهم ولكنهم مرتبطون بأمهم بدرجة قوية سواء الولد أو البنات فهل تظن أنه يصح أخذهم رغما عنهم ؟ ثم هل يهون عليك أبناءك أن تعرضهم لهذه التجربة القاسية؟هل يهون عليك أن يدخلوا محاكم في سنهم هذا؟ "
قال عمر بذهول وهو يضيق عينيه و يناظر والده:"حين آخذهم سأعرضهم لتجربة قاسية وحين أتركهم لزوج أم لن أعرضهم ؟أي منطق هذا؟؟"
صاح فيه إبراهيم وهو يشيح بيده:"وأي منطق هذا الذي جعلك تترك أبناءك في أهم سنوات عمرهم وجعلتهم يتعلقون بأمهم هذا التعلق المرضي ولا يستطيعون الاستغناء عنها بانسحابك المٌخزي من حياتهم ثم تأتي اليوم وبكل بساطة تأخذهم رغما عن إرادتهم... هم ليسوا صغار...ثم أردف بحنق:ثم لماذا تريد لأمك أن تأخذهم وأنت تعرف أنها مريضة ولن تستطيع رعايتهم كما تراعيهم أمهم ..ضيق عينيه المنهكتين ثم أردف قائلاً بنبرة قاطعة مُقر بحقيقة لا جدال فيها:ألا تنظر إلي أبناءك وتري كيف يرتدون وكيف يتحدثون وكيف يتعاملون وإلي مستواهم الدراسي ... كل ذلك بفضل العناية الجيدة والإهتمام فحين تأخذهم منها لابد أن توفر لهم نفس المستوي رفع صوته قائلاً :ثم لما لم تفكرأن تأخذهم أنت وتتفرغ لهم لتعوضهم عما فاتهم معك؟؟"
قال له عمر بذهول:"أفهم من هذا أنك لاتريدهم؟.."
قال له بثقة وثبات:"بالعكس أريدهم اليوم قبل غداً ولكن بموافقتهم ورضاهم لا بالمحاكم يادكتور يامحترم...إن قالوا هم نريد العيش مع جدنا أذهب أنا إليهم الآن وأحضرهم "
قال عمر مُبررا:"أنا لو بيدي آخذهم عندي ولكنك تعلم أنني لست متفرغاً لا أنا ولا رؤي.."
قال له مُقارعاً:"وهل لو كانت رؤي مُتفرغة كانت ستراعيهم ؟ثم أردف ساخراً:هي لم تتحمل أمك الكبيرة فهل ستتحمل ثلاث صغار ...."
قال له عمر وهو يضع يديه في خصره ويعقد حاجبيه:"والحل؟ مالحل الآن؟.."
قال له والده بقلة حيلة وهو يجلس علي المقعد المجاور لفراش زوجته من الجهة الأخري ويثني كمي قميصه حتي مرفقيه:"لا يوجد لها حل ثم أشار بيده للوراء:كان لها حل في الماضي لو كنت احترمت كونك أب مسئول وجلست لتربي ابناءك لا تتسكع مع هذه وتلك...الحل كان عدم تطليق زوجتك وقطع أخر خيط بينكما وتركها سنوات حتي جاء من أخذ مكانك.."
جلس عمر بجوار أمه ثانية وقال له بنظرة سوداء:"أنت رأيت ماحدث بنفسك فكيف تلومني؟"
قال له بنظرة ثاقبة:"نعم رأيت ولكنك كنت تستطيع فعل الكثير يابني ولكن مشكلتك انك لم تفكر سوي في نفسك ومظهرك ووضعك فقط لو كنت تذكرت أبناءك لكنت تداركت الموقف وقتها وكنت قدرت أنها امرأة مجروحة ولا عتاب عليها فيما قالت...كنت رددتها في فترة العدة وحاولت مُحايلتها أو اقناعها أو أي شيء يرضيها "
قال له عمر مُتسائلا باستنكار:"والان المفترض أن أُعاقب علي فعلتي وأترك أبنائي لها؟.."
قال له وهو يتنهد بألم:"لا... المفترض أن تحترم رغبات أبناءك وتستمع لهم ..ثم أردف بتساؤل لائم :منذ ماحدث كم مرة حدثتهم؟كم مرة استضفتهم فيها؟ أنا أحدثهم باستمرار ويقولون لي أنك لا تسأل عنهم ..ضيق عينيه قائلاً:هل أنت تريدهم فعلاً أم تريد مٌعاقبة أمهم؟"
نظر إليه عمر نظرة صامتة ولم يرد فقال له والده مُحذراً بلهجة خطرة ربما لأول مرة في تاريخه كأب وزوج أن تصدر منه:"أنا لن أسمح لك ولا لغيرك بتشوية نفسية هؤلاء الأطفال... هم أجمل ماخرجت به من هذه الحياة وكما فعلت قديماً حتي أحافظ عليك أنت وأختك سأفعل اليوم لأحافظ علي أولادك ..."
قال له عمر بتهكم:"ستحافظ عليهم بأن تتركهم لأمهم التي تزوجت رغما عن الجميع؟.."
قال له إبراهيم وهو يرفع سبابته مُحذراً:"سنحاول أن نجد حل ودي ولكن إن رفعت أي قضايا فلست ابني ولا أعرفك..."
نظر عمر إلي والده بصمت حانق وهو يري كل الأبواب تُغلق في وجهه
أما كريمة التي تتابع الحوار بصمت هي الأخري فلم تعلق بأي تعليق وهي تشعر أن المعبد هُدم فوق رأسها ورأس ابنها وتذكرت مقولة ابراهيم لها أنها لابد قبل أن يصدر منها فعل تتوقع رد فعل الذي أمامها وهي تعترف أنها لم تتوقع من فريدة مثل هذا الرد
أحكمت ربط الوشاح علي رأسها فالصداع اشتد عليها من ضغط الموقف الذي وُضِعت فيه وجلس ثلاثتهم يخيم عليهم صمت مُطبق كأن علي رؤوسهم الطير

****************
دلفت فريدة إلي مدخل العمارة بتوتر فقال لها تيمور الذي يسير بجوارها :"لا تكوني متوترة هكذا أمامها حاولي أن تكوني أهدأ...ثم فتح هاتفه يتصل بإياد للمرة العاشرة ليجد هاتفه مازال مغلقاً فقال بامتعاض:مازال هاتفه مغلقاً..." وقفت أمامه في المدخل قائلة وهي تعض علي شفتيها لا إراديا :"بالتأكيد لديه جلسة. عامة أنا سأجلس معها وأسمع منها وأقص بعد ذلك عليه ثم إني لا أجد داعي لوجوده هي بالتأكيد تريد أن تخبرني بشيء. لن يحدث في المقابلة أكثر من ذلك بإذن الله .."
قال لها وهو يشير إلي شقة والده :"تعالي هنا حتي أحضر المقابلة معكم.."
قالت له بتردد:"تيمور دعني أنا من أتحدث معها لأنني أعلم أنها ستقص كل شيء وأنت تعرف أن موقفك حساس في هذا الأمر ..."
قال لها علي مضض وهو يفتح باب الشقة بمفتاحه الخاص:"كما تحبين يافريدة ولكن المقابلة تتم هنا وأنا سأبقي في الداخل ولو استدعي الأمر تدخلي سأتدخل..."

بعد قليل

دلفت إلي العمارة التي وصلت اليها عن طريق الموقع الذي أرسله لها عمر علي الواتساب، شابة تقريبا في أواخر الثلاثينات بيضاء البشرة بملامح عادية ولكن نظرتها واثقة، ترتدي بنطال جينز عصري وفوقه بلوزة قصيرة نسبيا بينما ترفع شعرها كله في عقدة أعلي رأسها فالجو حار وهي منذ الصباح في المحكمة ....
تناولت هاتفها واتصلت بفريدة مرة أخري وما أن ردت عليها الاخيرة حتي قالت لها بلهجة عملية :"مدام فريدة أنا وصلت ... هل أنتِ في الطابق الأول بعد الأرضي أم الذي يليه؟..."
قالت لها فريدة وهي تخرج لتفتح باب الشقة:"لا حبيبتي أنا في الطابق الأرضي نفسه ..."
ثم فتحت الباب لتجدها أمامها فابتسمت لها شيماء وأغلقت هاتفها ووضعته في حقيبتها وتقدمت منها وصافحتها يدا بيد فقالت لها فريدة بنصف ابتسامة:"أهلا بكِ تفضلي..."
دلفت شيماء للداخل وأشارت لها فريدة علي غرفة الصالون فجلست علي المقعد الوثيرالعتيق وتحسست جانبيه بيديها قائلة بتساؤل:"هل هذه شقتك؟"
قالت لها فريدة التي جلست علي الأريكة المجاورة لها :"بل شقة والد زوجي... "
نظرت شيماء علي المنضدة الأنيقة المجاورة لها لتجد بروازين صغيرين الأول للدكتور فؤاد والثاني لتيمور
فقالت لها فريدة وهي تجدها تدقق في صورة تيمور:"هذا دكتور تيمور زوجي وهذا دكتور فؤاد والده ..."
ابتسمت لها شيماء وقالت في نفسها بسخرية "كم أنتِ محظوظة بالرجال في حياتك سواء في المرة الأولي أو الثانية..."
نظرت إليها فريدة منتظرة منها أن تبدأ الكلام فانتبهت شيماء من شرودها قائلة لفريدة بلهجة عملية وبإقرار للأمر الواقع:"أنتِ تعلمين أنه بزواجك سقطت حضانة الأطفال عنكِ نهائيا..."
مطت فريدة شفتيها ثم قالت بصوت هاديء ظاهريا رغم التوتر الذي يعصف بها:"لا... لا أعرف... الذي أعرفه أن الأولاد في سن معين سيُخيرون مع من يُفَضِلون الاستقرار وهذا السن اقترب منه عبدالرحمن والبنات بعده بعامين مباشرة سيصلون لهذا السن وسيختاروني أنا ..أخذت نفسا عميقاً ثم قالت :فلما نُدخِل أطفال في عمرهم في تجربة ستترك أثراً سيئاً في أنفسهم طوال العمر؟..." تنحنحت شيماء قائلة :" أعذريني أنا جئت بصفتي موكلة لأتحدث معكِ بشكل ودي أولا ولكن هذا ماطلبه مني دكتور عمر وهو بالفعل سيرفع قضية.."
تقلصت معدة فريدة بشدة ولكنها لم تبدي أي شيء وهي تقول لها بثبات:"القضايا هذه ستأخذ سنوات وما أن يتم الحكم فيها حتي نجد الأولاد فعلا وصلوا للسن الذي يخيرون فيه فلما لانتعامل بأسلوب حضاري من البداية ونخير الاولاد ثم أردفت بحزم: وهم بالفعل يريدوني..."
ابتسمت لها شيماء قائلة:"أنا معكِ ولكن كما قلت أنا أؤدي عملي .."
قالت لها فريدة بجدية:"أنتِ قبل أن تكوني محامية وتؤدين عملك المفترض أنكِ صديقة لعمر منذ أيام الجامعة وما أطلبه منكِ نصيحة تقدميها له أنه ليس من السهل تعريض ابناؤه لهذه التجربة وتستطيعين شرح عواقبها له فأنتِ بالتأكيد مرت عليكِ قضايا كثيرة مثل هذه..."
قالت لها شيماء بهدوء وقد تخلت عن رسميتها معها:"فريدة دعكِ من عبدالرحمن لأنه ولد وكبير نسبيا عن البنات ولكن عمر يستطيع أن يطالب بالبنات.."
قالت لها فريدة مُقارعة:"هو لن يستطيع رعايتهم ..."
قالت لها:"يريد أن تأخذهم والدته فهي لها الأحقية فيهم الان..."
قالت فريدة بانفعال:"لن تستطيع هي الأخري رعايتهم فهي كبيرة في السن ومريضة ثم أردفت وهي تكور قبضتها :أنا أريدك أن توصلي له رسالة من فضلك أن مصلحة الاولاد جميعا معي وأننا لابد أن نبحث عن مصلحتهم ستكون مع من وقولي له أيضا أن طريق المحاكم لو سار فيه سيأخذ سنوات وفي النهاية سيعودون لي فمن البداية نساوي الأمر بشكل ودي.."
قالت لها شيماء باستسلام:"حسنا فريدة كما أوصلت لكِ رسالته ساوصل له رسالتك ثم رفعت يديها أمام وجهها قائلة:ولكن لو صمم علي خوض هذا الأمر لن أستطيع أن أقف أمامه فأنا موكلته حتي وأنا أعلم أن مكسبه في هذا الأمر سيكون وقتي وليس دائم.."
قالت لها فريدة باقتضاب:"حسنا المهم أن توضحي له أبعاد الأمر ..."
استقامت شيماء قائلة بابتسامة دبلوماسية:"حسنا سأحاول قدر استطاعتي استأذنك..."
قالت لها فريدة بفتور:"لم تشربي شيئا..."
قالت لها بابتسامة صغيرة:"المرة القادمة بأذن الله ..."
قامت معها فريدة لتوصلها بينما خرج تيمور ووقف في منتصف البهو وما أن أغلقت الباب وعادت إليه بوجهها الشاحب حتي جذبها من يدها وضمها إليه بدون كلام فأحاطت كتفيه بيديها والتصقت به تحاول التماس الطمأنينة التي انتُزِعت منها وشعر هو بارتجافها فأخذ يمسد علي ظهرها بيديه وقال لها أخيراً:"لا تخافي فكما قلتِ لها طريق المحاكم هذا يأخذ وقتا طويلا يكون الأولاد فيه قد كبروا أكثر وأصبحت رغباتهم يُعتد بها ثم أردف قائلا:هذا إن لم يستجيب لرغبتهم حين يحاولون اقناعه..الأولاد لابد أن يكون لهم دور حاليا يجلسون معه ويتحدثون معه عن رغبتهم كما تحدثوا مع جدهم.."
قالت له ومازالت رجفة القلق تسري في جسدها:"مادام فكر في أمر القضاء هذا فلن أرسلهم له ...يحدثونه هاتفيا افضل"
قال لها بهدوء :"حسنا حبيبتي حتي لو بالهاتف فتذكري اننا نحاول انهاء الأمر بشكل ودي أولا فلابد من تدخل الأولاد الان.."
شعرت أن الارض تميد بها وشعرت أنها تريد أن تبقي بمفردها قليلاً فقالت له وهي تبتعد عنه قليلاً:"هم علي وشك الوصول تيمور أنا يجب أن أصعد..."
قال لها وهو يربت علي كتفها:"وأنا سأذهب الي المشفي ثم سأمر عليكِ في المساء..."
أومأت له برأسها وخرجا سويا لتصعد هي بثقل ووهن ويذهب هو الي وجهته وهو يشعر بالقلق عليها

أما بالخارج فكانت شيماء تجلس في سيارتها بعد أن أبلغت عمر هاتفيا بمضمون جلستها مع فريدة ،نظرت إلي وجهها الذي أصبح باللون البرونزي من أشعة الشمس وربتت علي موضع قلبها قائلة بتنهيدة حارة:"مُصِر أن توجع قلبي هذا منذ أن عرفتك ياعمر ..."

*****************
بعد عدة ساعات

وقفت فريدة مع فادي في الشرفة تقص عليه ماحدث صباحاً في حين كان الاولاد في غرفهم نائمين فبعد أن حضروا من المدرسة حيث يمارسون النشاط الصيفي وتناولوا طعام الغداء حتي خلدوا إلي النوم جميعا ولم تقل لهم فريدة أي شيء عما حدث ....
قال لها فادي بعد أن استمع بإنصات لكل ماقالته :"حسناً هاهي رؤيتي قد ثبتت يريد للأولاد أن يكونوا في رعاية أمه لأنه يعلم جيداً أنه لن يستطيع رعايتهم وهذه بداية مُبشرة..."
قالت له فريدة وهي تلتفت إليه لتواجهه :"كيف لا أفهم..." قال لها موضحاً :"هو لن يستطيع تحمل مسئوليتهم ووالده حين جاء وسمع من الاولاد رغبتهم في البقاء معك لم ينطق ورحل بصمت فأعتقد أنه لو ضغطنا علي عمي إبراهيم قليلاً سيساعدنا..."
قالت له بذهن شارد:"لا أعلم .."
قال لها:"سأدخل لآخذ حماما ثم سأحدثه هاتفيا لأري وجهة نظره .."
أومأت له برأسها فخرج هو أما هي فجلست علي المقعد وهي تتأمل غروب الشمس في السماء والعصافير التي تطير أمامها من شجرة إلي شجرة في حديقة الدكتور فؤاد وشعرت برغبة في أن تحدثه وتقص عليه مايحدث وتسأله المشورة ولكنها قالت لنفسها لا فالرجل يستجم ويعيش أجواءا روحانية خاصة وهي تحدثه لتقص عليه مشاكلها ...
غامت عينيها بالدموع اشتياقا لحضن أمها وصلابة والدها الذي كانت تشعر به ظهراً لها وفقدت هذا الظهر مبكراً ورغم وقوف فادي بجوارها دائما والإحساس بالأمان الذي أضافه وجود تيمور في حياتها إلا أن هناك أوقاتاً تشعر باحتياجها الشديد لوالديها .....
رفعت عينيها للسماء قائلة بيأس:"ياربي لما كل هذه المشاعر السلبية الان ؟"

أما في حجرة عبدالرحمن فكان قد استيقظ للتو من نومه علي صوت رنين هاتفه ليجده والده فاستقام جالسا ورد قائلاً بصوت ناعس:"أهلا أبي كيف حالك؟"
قال له عمر وهو يقود سيارته في طريقه لبيت حماه لحضور اجتماع لبعض القيادات الهامة في منزله لمناقشة خطة الانتخابات التي أصبحت علي الأبواب وحدثه ليحضر معهم:"وهل تسأل علي والدك من الأساس؟.."
قال له عبدالرحمن وقد استفاق من نومه:"نعم أبي أسأل وأتصل بك ومعظم الوقت كان هاتفك مغلقاً ..."
تذكر عمر أنه بالفعل كان طوال سفره يُغلق الهاتف وحين فتحه أتته اشعارات بأنه اتصل بالفعل فقال له مُغيرا مجري الحوار:"إذا خُيرت بأن تجلس أنت واخوتك معي أو مع جدك وجدتك من تختار؟"
بلا تردد قال له عبدالرحمن بنبرة واثقة:"أمي... نختار أن نجلس مع أمي ..."
كان عبدالرحمن يتحدث بلهجة قاطعة فقال له والده وهو يتمالك نفسه حتي لاينفعل:"حتي لو علمت أنني لا أوافق علي وجودكم معها بعد ماحدث ثم أردف قائلاً بحزم:عبدالرحمن أنا لي سلطة عليكم كأب وأخاف عليكم ومن حقي أن أختار شكل الحياة الذي يناسبكم ..."
قال له عبدالرحمن بجدية:"أبي... هذا الأمر حين نكون صغارا في سن الرابعة أما الان فأنا اقترب من الرابعة عشر وأخوتي أصغر مني بعامين ولنا رغبة ورغبتنا في أن نبقي مع من عشنا معها طوال عمرنا وارتبطنا بها ..."
وجد عمر أن إسلوب الضغط وفرض الرأي لن يجدي نفعا معه فقال مهادنا:"أنتم لازلتم علي وضعكم في الشقة مضبوط؟"
قال له عبدالرحمن :"نعم أبي كما نحن..."
قال له بنية في جس نبض الأمور بعد زيارة شيماء اليوم:"حسنا مادام الوضع كما هو فدع حديثنا هذا فيما بعد... لنا حديثا مطولا رجلا لرجل...ثم أردف :أريد أن أراكم استأذن أمك أن تأتوا إلي عدة أيام."
قال عبدالرحمن :"حسنا.."
قال عمر وهو يشعر بالتوتر:"اسألها الان أي يوم مناسب.."
رغم شعور عبدالرحمن أن هناك شيء خلف رغبة والده إلا أنه استقام واقفا وخرج ليبحث عن أمه وما أن وجدها في الشرفة حتي دلف إليها قائلاً:"أمي أبي يتحدث ويريدنا أن نذهب إليه عدة أيام ويسألك أي الأيام مناسبة؟"
نظرت فريدة الي ابنها بعينين مُتسعتين وإلي الهاتف في يده ورأت أنها لابد أن تحدثه بنفسها لتستشف علي ماذا ينوي فرسمت علي وجهها ابتسامة مُصطنعة وهي تفتح يدها قائلة :"أعطني الهاتف ومن فضلك أريد الحديث بمفردي.."
أعطاها الهاتف وتركها كما طلبت وخرج ليدخل الحمام في حين وضعت هي الهاتف علي أذنها قائلة ببرود:"أفندم ..."
أطلق عمر من بين شفتيه صوت صفيراً ما أن استمع إلي صوتها قائلاً بغضب مكبوت:"فريدة هانم تنازلت وردت أخيراً..."
قالت له بنفس البرود:"هل أخبرتك المُحامية بما قلته لها..."
قال وهو يجز علي أسنانه:"بالطبع .."
قالت له بتساؤل:"وماردك؟..."
قال لها بعناد :" مازلت عند موقفي..."
قالت له وهي تشعر بانقباض في معدتها وازدياد في ضربات قلبها ولكنها مُضطرة لالتزام الهدوء:"حسناً مادمت ستلجأ لهذا الطريق فأكمل فيه ولكن لاتطلب أن تري أولادك انتظر حتي تحكم لك المحكمة بأخذهم بعد عدة أعوام إن شاء الله فكما تعلم طريق المحاكم طويل ...مطت شفتيها قائلة بجفاء:أنا كنت أريد أن اساوي الامر بشكل ودي ولكنك مُصر ...بعد إذنك "
أنهت جملتها ثم أنهت المكالمة معه فنظر إلي الهاتف بحنق ثم ألقاه بعنف علي المقعد المجاور له وهو يُطلِق من بين شفتيه سباباً فلم ينتبه إلي السيارة التي تسير بجواره فتُضيق عليه وما أن انتبه لها حتي استعاد سيطرته علي السيارة فتخطاه الرجل ففتح نافذته وألقي جام غضبه علي صاحب السيارة علي هيئة سيل من الشتائم التي خرجت منه بلا تفكير من غيظه لما حدث معه للتو وشعوره بانعدام السيطرة علي الأمور
فالعُقد انفرطت حباته ولايستطيع أن يجمعها من جديد
*****************
تناولت فريدة هاتفها وهي في غرفتها تجلس علي طرف الفراش بتوتر وتفتح مكبر الصوت وفادي يجلس علي المقعد المواجه لها بعد أن أقنعته بأن تتصل هي بإبراهيم الذي ما أن رد عليها حتي قالت له بتهذيب:"أهلا عمي كيف حالك؟.."
قال لها :"بخير حال كيف حال الأولاد؟"
قالت له:"الحمد لله.."
ثم قصت عليه ماحدث في الصباح كاملاً وما أن انتهت حتي قالت له بلهجة لينة:"هل يرضيك أن ندخل في محاكم ونحن بيننا أولاد وكما قلت لك الاولاد سيختاروني فلما نعرض نفسيتهم لهذا الضرر؟..."
قال لها وهو يجلس في غرفة المعيشة بينما كريمة تجلس في غرفتها منذ الصباح:"لا ياابنتي لايرضيني..ثم زفر بيأس :ولا يرضيني طلاقكما ولا زواج كل منكما لاخر ولا يرضيني أن يعيش الاولاد بعيدا عني ولو أملك أن آخذهم لأخذتهم ولكن بعد سماعي لهم لا استطيع فعلها ثم أردف بقلة حيلة:أنا أقسمت علي عمر ألا يفعلها وأن يترك الحرية للأولاد فأدعو أن يهديه الله ويستجيب لكلامي ..ثم أردف :ولكن يافريدة الأولاد لابد أن يكونوا بيننا جميعا لأنه نحن أيضا لا نستطيع الاستغناء عنهم.." قالت له بجدية:"وأنا لا أمنعهم ولن أمنعهم..."
قال لها بلوم :"لا ياابنتي لهم أكثر من شهر لم يأتوا لزيارتنا رغم أنهم في إجازة..."
قالت له بلا حرج:"أعذرني ياعمي في هذه الفترة علي وجه التحديد وخاصة بعد ما عرفت ماينتويه فأنا لا أثق به فبعد اذنك أنا لن أتركهم في أي مكان إلا بعد تأكدي أن عمر لن يتصرف أي تصرف ضدنا وحضرتك تستطيع زيارتنا في أي وقت"
قال لها وهو يتنهد بيأس :"لله الأمر من قبل ومن بعد..."
***************


في المساء

بعد أن أنهي عمله وذهب إلي المنزل ليطمئن علي بناته وتناول غدائه معهم كان في طريق عودته إلي فريدة مرة أخري حين اتصل به إياد فرد عليه قائلاً بتململ:"أهلا يامتر للتو تذكرت أن تتصل..."
قال له إياد معتذرا:"إعذرني ياتيمو كان لدي عملاً كثيراً ولم أنتبه للهاتف ثم أردف قائلاً:أنا وشهاب في المقهي المجاور للمنزل مارأيك أن تمر علينا؟..."
قال له تيمور:"أنا في طريقي إلي فريدة "
ثم قص عليه ماحدث فقال له إياد باهتمام:"حسناً سنأتي لك نحن ..."

بعد قليل

جلست فريدة بجوار تيمور علي أريكة الصالون الصغيرة تجلس بجواره مباشرة تستمد من قربه ورائحة عطره الطاقة اللازمة للحديث بتعقل في ظل الظروف الراهنة بينما جلس إياد وبجواره شهاب علي الأريكة الكبيرة المقابلة وبعد أن استمع إياد لكل ماقالته قال لها بجدية :"حسنا فريدة طالما قال جدهم أنه معكم وأنه رفض موضوع ضم الاطفال فأنا متفائل خير..."
قالت له بقلق:"أتمني ...ولكني أخاف ألا يستجيب لوالده وأخاف علي أبنائي من تجربة كهذه .."
قال لها اياد:"كما قال تيمور الحل الان في يد الأولاد أن يقنعوه بما أن لهم إرادة ويستطيعون اختيار المكان الذي يعيشون فيه....ثم أردف قائلاً بجدية واهتمام:اطمئني لو دخل في موضوع القضايا فأنا لن أترك الأمر ونحن كمحاميين نستطيع تأجيل القضايا بالسنوات والأحكام لا تصدر في يوم وليلة ثم قال مشددا علي حروف كلماته وهو يرفع سبابته أمام وجهه: أهم شيء أن تجعلي أبناءك بجوارك هذه الفترة حتي تتوصلوا لاتفاق لأنه يستطيع لو ذهبوا إليه أن يأخذهم وأنتِ وقتها التي عليكِ السعي خلفهم..."
انقبض قلبها وتقلصت معدتها للمرة التي لا تعلم عددها علي مدار اليوم وصمتت فقال لها وهو يضيق عينيه :"ما إسم المحامية التي أتت إليكِ؟"
قالت له:"شيماء حجازى..."
رفع حاجبيه معا وقال لها:"حقا؟"
قالت له:"هل تعرفها؟.."
قال لها :"نعم لا تقلقي خير أن شاء الله.."
عادت الي صمتها فقال إياد لتيمور:"كنا نريدك أن تأتي لتسهر معنا فبما إننا جئنا ما رأيك لو سهرنا هنا معا.." قال له تيمور بابتسامة صغيرة:"حسناً ..."
وجدت فريدة أن عليها الصعود فقالت لتيمور بهدوء وهي تلتفت بوجهها كله إليه:"أنا سأصعد ..."
قال لها وهو يمسح بعينيه علي ملامح وجهها المضطربة:"حسنا وأنا سأحدثك ليلاً "
أومأت برأسها بشرود وألقت التحية علي الجميع فاستقام معها تيمور وسار معها حتي المصعد وعز عليه أن يري حيرتها وشرودها وخوفها فزفر زفرة حارة ثم تناول كفها المُرتجف بين كفيه وضغط عليه قائلاً وهو ينظر الي عينيها الحزينتين:"لا تخافي يافريدة أنا معكِ وصدقيني لن يحدث إلا ماتريدينه أنتِ "
ابتسمت له ابتسامة صغيرة رغم ضيق صدرها وشددت علي قبضته ثم قالت له:"بإذن الله ...تُصْبِح علي خير ..." تركته وصعدت وعاد هو إلي إخوته بقلب مُثقل


*****************
دلف تيمور إلي الداخل فوجد أن إخوته كانا يتحدثان ولكن ما أن دخل حتي صمتا تماما فشعر أن هناك شيء كانا يتحدثان فيه ولايريدانه أن يسمعه فجلس في نفس مكانه ثم ضيق عينيه قائلاً لهما :"فيما كنتما تتحدثان؟"
قال إياد بنبرة عادية:"لاشيء العادي..."
بينما قال شهاب وهو يزفر زفرة حارة:"أنا ياتيمور كنت أقول إنني أُشفق عليك بعد السنوات الماضية التي عشتها في حزن بعد وفاة زوجتك أن يكون هذا هو شكل حياتك الجديدة ...صراعات ومحاكم و.."
قاطعه تيمورقائلاً بوجه جامد:"هل شكوت أنا لأحد؟.."
قال له شهاب وهو يشعر بالتعاطف نحوه :"لا لم تشكو ولكني لم أكن أحب أن تكون هذه هي شكل حياتك كنت أتمني لو تزوجت من امرأة ليست لديها كل هذا القدر من المشاكل ..."
قال له تيمور وهو يستند بظهره للخلف:"ألا تري أنه فات أوان هذا الكلام وأنها بالفعل أصبحت زوجتي؟.."
قال له شهاب:"أنا قلت لك رأي من البداية وأنت لم تأخذ به..."
قال له تيمور بجدية:"لإني كنت أحبها ياشهاب ومازلت أحبها ....ونحن لا نختار من نحب حتي نختاره بمواصفات محددة... هو يقع أمامنا وعلينا تقبله كما هو..."
قال له مُقارعاً:"جميعنا اخترنا المناسب لنا ياتيمور فأنا وإياد تزوجنا بهذا المبدأ وأنت نفسك حين تزوجت من ياسمين رحمها الله سرت علي نفس المبدأ فمالذي جد؟" قال له تيمور بلهجة قاطعة:"الذي جد أنني أحبها وهي ليس لها ذنب في كل ماحدث لها... جميعنا مُعرضون في أي وقت لحدوث زلزال في حياتنا يغير مسارها بالكامل فهل ننتحر حين يحدث لنا هذا؟ تماما كما حدث لي بعد وفاة ياسمين بعد أن تركتني بثلاث بنات وأنا لا أفقه أي شيء في التربية فهل أصبحت أنا معيوب وقتها؟؟ تنهد قائلاً: كلنا ياشهاب نستحق أن نأخذ فرصنا كاملة في الحياة بغض النظرعن أقدارنا التي لادخل لنا فيها"

تدخل إياد قائلاً ليفض الإشتباك الفكري بين أخويه قائلاً:"ألم نتفق أننا سنقضي السهرة معا مارأيكما لو نحدث أبي أولاً ثم ننزل الحديقة لنلعب فيفا لأسحقكم سحقا..."
ابتسم تيمور ابتسامة شاحبة قائلاً :"ألن تكبر أبداً؟"
قال له إياد بمشاكسة:"لا لن أكبر ولا أريد...ماذا جني في حياته من كبر؟؟"

يتبع

Heba aly g 21-09-20 02:16 PM

دلف سامر إلي البيت في وقت متأخر ففتح الباب بمفتاحه ليجد الجو هادئا والأضواء مُغلقة إلا من ضوء خافت في الرواق فدلف إلي غرفة والدته فوجدها نائمة والمصباح الجانبي مضاء
جلس بجوارها بهدوء ينظر إلي ارتفاع وانخفاض صدرها بما يوحي انها تتنفس بانتظام ...
هذا هو هاجسه .... الفقد
يخاف أن يفقدها في أي وقت لذلك يفعل دائما كأي طفل صغير ويتسلل إلي غرفتها ليلاً ليطمئن أنها تتنفس جيداً

وما أن اطمئن عليها حتي ذهب إلي غرفته وما أن فتح باب الغرفة بهدوء حتي وجد فدوي في فراشها تضع سماعات الأذن وتضيء اضاءات هادئة علي جانبي الفراش وتشاهد شيء علي هاتفها إلي جانب التلفاز المفتوح أمامها وما أن رأته حتي تركت الهاتف وقفزت من علي الفراش بابتسامتها الحلوة تتجه نحوه ففتح ذراعيه وتلقاها ليضمها إليه بشوق فقالت له وهي ترفع وجهها إليه:"تأخرت جدااا اليوم.."
قال لها وهو يطبع قبلة دافئة علي عنقها:"كان لدينا مُقابلة عمل طويلة أنا ورامز.."
مطت شفتيها قائلة:"نعم أعلم ...هذه المقابلة التي بها العديد من العناصر النسائية الجذابة"
قال لها مُمازحاً وهو يبعدها قليلاً وينظر في عينيها:"هي راوية من تعمل لحسابك وتبلغك بكل خطواتي.."
قهقهت ضاحكة وقالت له:"نعم تخبرني فهل تفعل أنت شيء خاطيء حتي تخاف منه؟..."
قال لها مبتسماً:"وهل الذي يتزوجك يفكر في أي شيء خاطيء حبيبتي؟.."
حركت عينيها يميناً ويساراً قائلة:"هل هذا مدح أم ذم؟" قال لها وهو يطبع قبلات دافئة علي وجنتيها بمزاج رائق :"مدح طبعا.."
قالت له بلمحة تأثر:"أنا أثق بك لأبعد الحدود وسبب ثقتي هذه إنك كنت واضحاً وصريحاً معي منذ البداية وقصصت علي كل شيء مررت به قبل أن تعرفني ثم أردفت وهي تحيط عنقه بكفيها برقة :لو كنت كذبت علي أو أخفيت شيئاً كنت فقدت ثقتي هذه بك.."
نظر الي عينيها الدافئتين واهتزت عضلة في وجهه لا أراديا ثم أردف بتلعثم وبابتسامة متوترة:"نشكر ثقتك الغالية ياغالية.."
ابتسمت له ابتسامة جذابة فله عدة أيام قد أعطاها لقباً جديداً وهوغالية
قالت له وهو يفتح أزرار قميصه المخطط خطوطا طولية رفيعة باللون الازرق الذي يزيده وسامة:"هل أجهز لك العشاء؟..."
قال لها:"لا حبيبي تناولته مع رامز ..."
بدل ملابسه وأخذ حماماً في حين جلست هي في الفراش تشاهد حلقة المسلسل التركي الذي تتابعه كل يوم وما أن خرج من الحمام وهو يرتدي منامته حتي جلس بجوارها في الفراش فقالت له:"سامر أريد أن أذهب الي فريدة في الغد؟.."
قال لها وهو يستند بظهره علي ظهر الفراش المبطن ليجاورها:"حسناً هل تريديني أن أوصلك صباحاً وأمر عليكِ حين عودتي من العمل؟..."
قالت له:"لا أنا سأذهب بسيارتي..."
قال لها وهو يرفع حاجبا واحدا:"أخاف من سيارتك هذه لا أعلم لماذا .."
ابتسمت ابتسامة شقية قائلة:"أعلم انك لا تثق بي في موضوع القيادة ولكني الحمد لله أبلي بلاءاً حسناً فلا تقلق.."
قال لها وهو يضيق عينيه :"لا أعرف لما لا أصدقك بشأن أنني أول وأخر ضحاياكِ في القيادة أشعر أن هناك آخرون نالهم أكثر مما نالني.."
قهقهت ضاحكة ووضعت كفيها علي وجهها فقال لها بثقة:"حسنا عندي حق إحكي ياشهرا زاد..."
استقامت وجلست مُتربعة علي الفراش أمامه وقالت له:"بعد أن صدمت سيارتك بأيام قليلة في نفس المكان حين كنت أصف سيارتي كان هناك سائسا لا أعرف ظهر لي من أين وأخذ يقول لي ارجعي للخلف ارجعي للخلف وأنا استجيب له دون أن أنظر في المرأة إلي أن صدمت جانب السيارة المجاورة لي ولكن كانت صدمة خفيفة ولكنني لم أكن أريد أن يحدث ماحدث معك فقررت أن أنهي الموقف في وقته فقلت لحارس البناية بثقة أين صاحب هذه السيارة...."
قال لي :"انتظري ثواني.."
وذهب ليخبره وفعلا ثواني وجاء ومعه رجل لايقل طوله عن اثنين مترعلمت فيما بعد أنه مُدرب في الجيم الرجالي المهم أنا ما أن رأيته ورأيت طوله وضخامته حتي ندمت ندم عمري وقلت لنفسي بتوبيخ لما أخذتني الحماسة ماذا لو تشاجر معي؟.. كل هذا وأنا أنظر إليه وهو مٌقبل علي وقتها أصابني الخرس وتذكرتك لا أعرف لماذا ولكن حمدا لله الرجل ما أن رأي السيارة حتي قال لي حدث خير وانتهي الأمر علي ذلك..."
قهقه ضاحكا وقال لها :"هل لو كان الأمر تطور كنتِ ستفكرين في طلب المساعدة مني؟.."
مطت شفتيها قائلة :"لا أعتقد كنت سأخاف أن تتهكم علي وتقول انني معتادة علي صدم السيارات.."
قال لها بسخرية:"هذه هي الحقيقة يافدوي بهذا الوضع أنتِ معتادة..."
قالت له بحنق :"لا ليس دائما هناك مرة كان فيها الذي يقود أمامي هو المخطيء لانه توقف فجأة ..."
قال لها بانزعاج وكأن الأمر قد حدث اليوم :"وماذا فعلتي مع هذا أيضا"
قالت له وهي تعض علي شفتها السفلي:"أخذت أبكي والناس تهدأني وكنت أظن أنني المخطئة ولكن ما أصابني بالحيرة هدوء الرجل قال نفس الجملة حدث خير وبعد أن استقل سيارته أخذت اعتذر له مرة أخري فقال لي قبل أن ينطلق مسرعاً:يبدو أنكِ جديدة في القيادة... حين يتوقف من أمامك فجأة يكون الخطأ منه قال جملته وانطلق مسرعا فبقيت عدة دقائق مذهولة أنظر إلي مصباحي المهشم وعدت للبكاء مرة أخري.."
ابتسم رغما عنه واعتدل قليلاً ثم جذبها نحوه وضمها إليه وأخذ يربت علي شعرها بحنان ثم قال لها ليطمئن:"فدوي هذه الحوادث الصغيرة كانت في بداية قيادتك فقط أم حتي الان مستمرة؟.."
قالت له بجدية:"لا في البداية فقط .."
قال لها بشك وهو يبعدها قليلا عنه وينظر في عينيها يستشف الصدق منهما:"حسنا هل تستطيعين تذكر أخر مرة حدثت مشكلة كانت متي؟؟"
قالت له بصدق :"أنت تقول مشكلة وليس حادث ...ثم أردفت بابتسامة شقية: قبل زواجنا مباشرة كنت أشتري بعض الأشياء الخاصة بي وكانت معي فريدة ودخلت في شارع كان لسوء الحظ به ماء كثيرلا أعرف من أين جاء وفريدة تقول لي اخفضي سرعتك هناك ماء بالشارع وأنا اقول لها الشارع خالي وليس به أحد واستمررت علي سرعتي وفجأة وجدت رجلا لا أدري من أين ظهر وكان يرتدي قميصا أبيض اللون لك أن تتخيل لونه بعد أن مررت بجواره بسيارتي ..."
قال لها وهو يرفع حاجبا واحدا:"وماذا فعل ؟..."
قالت له ببراءة:"أنا أكملت بنفس سرعتي وكل ماسمعته من خلفي وابل من الشتائم لا أعرف معني نصفها..."
قال لها بنبرة يشوبها الهزل والقلق معا:"ليتكِ ماحكيتِ يافدوي لن أطمئن لكِ فيما بعد ..."
قالت له بوجه بريء:"لا حبيبي لاتقلق الجميع في البداية يحدث لهم مثل ذلك حتي يعتادوا وكيف سأتعلم إن لم أوضع في قلب التجربة..."
قال لها وهو يشعر بداخله بالقلق عليها أن تتعرض لموقف سيء:"المهم أن تحافظي علي سرعة مناسبة لا تسيري ببطء ممل ولا بسرعة جنونية حتي تكوني أنتِ المتحكمة في السيارة لا هي المتحكمة بكِ.."
أومأت له برأسها فقال لها وهو يتأمل قدها في هذه المنامة ذات القطعتين من شورت أسود قصير وبلوزة بلا أكمام باللون الأحمر وقال:"هل الإجازة الإجبارية قد انتهت ؟" قالت له بعينين تلمعان بالشقاوة:"أنت ماذا تري؟.."
مرر نظره علي شعرها الاسود كسواد الليل ووجهها الصافي ذا السمرة المحببة وملامحها الساحرة ثم قال وهو يميل عليها ويتجاوزها ليغلق الضوء الجانبي المجاور لها:"أري قمرا أنار ظلام أيامي..."
***************

في اليوم التالي صباحاً

جلست فدوي بجوار فريدة في الشرفة تتابعان أبناء فريدة وهم يسقون الزرع في حديقة الدكتور فؤاد ويضعون الطعام للعصافير بعد أن أصبحت هذه العادة عادتهم منذ سفر الدكتور فؤاد ...
رشفت فريدة رشفة من فنجان قهوتها الصباحية في الوقت الذي قالت لها فيه فدوي:"ما رأيك أن أتحدث أنا مع عمر"
قالت لها فريدة يتهكم:"وماذا ستقولين له ياعزيزتي؟"
قالت ببراءة:"سأحدثه بالحسني يافريدة لا تقلقي سأحاول إقناعه أن يترك الأولاد لكِ "
قالت فريدة بصوت منخفض رغم أنهما لا ثالث لهما:"فدوي افهمي ... عمر ليست مشكلته الأساسية الأولاد هو حتي لم يطالب أن يأخذهم هو بل طلب أن يعيشوا مع أمه ..."
قالت فدوي وهي ترتشف آخر مابفنجانها من قهوة :" ماذا تقصدين؟ "
قالت لها وهي تضغط علي حروف كلماتها :"هو مشكلته إنني غردت بعيداً عن سربه ... كان يظن أنني سأعود له مهما طال الوقت أو قصر أنا أفهمه جيداً وأشعر في طريقة كلامه بهذا حتي بالأمس حين حدثته كان حنقه موجها نحوي أنا هل تفهمينني؟"
قالت لها فدوي وهي تعود بذاكرتها لسنوات للخلف حيث كانت هي أول من استشعرت أنانيته وحبه للتملك حين كانت معه هو وفريدة بالجامعة:"نعم أفهمك هذه فعلا طبيعته "
قالت فريدة برجاء وهي تمسك رأسها:"فدوي غيري الموضوع أنا منذ الأمس ورأسي تكاد تنفجر "
قالت فدوي بضجر:"حسناً سأغير الموضوع...ثم أردفت وهي تمط شفتيها: أنا أصبحت لا أتحمل زيارات ابنة خالة سامر ياديدا أصبح الوقت الذي أضطر للمكوث معها ثقيلاً علي قلبي "
قالت لها فريده ببساطة:"تجنبيها تماما مادام الآخرين يتعاملوا معكِ بشكل جيد "
قالت لها بزفرة ضيق:"أشعر أنها تتعمد استفزازي"
قالت لها فريدة بنبرة قوية:"ومادمتِ تعرفين أن من أمامك يقصد ذلك فلا تعطيه الفرصة "
أومأت لها برأسها في الوقت الذي فتح فيه عبد الرحمن باب الشقة ودلف هو و أختيه فقامت فريدة وفدوي ليجلسوا جميعا في غرفة المعيشة فجلست فدوي علي الأريكة وبجوارها فريدة بينما جلست سمر بجوار فدوي قائلة ببراءة :"ألن تحضري لنا طفلا صغيراً خالتي؟"
ابتسمت فدوي نصف ابتسامة وقالت لها :"دعواتك لي سمورة "
ثم نظرت إلي فريدة فشعرت الأخيرة بالقلق في عين اختها التي قالت بهمس:"متي يبدأ القلق بشأن تأخر الحمل يافريدة"
قالت لها بجدية:"ليس قبل ستة أشهر ثم أردفت:أنتِ في البداية لاتوتري نفسك "
أومأت لها برأسها في حين قالت لها بنفس الهمس وهي تميل عليها حتي أصبحتا متجاورتين تماما:"وأنتِ ألا تفكري في هذا الأمر؟"
كان عبدالرحمن و سهر يجلسان متجاورين علي الأريكة المقابلة وصوت التلفاز عال فلم ينتبه أحد لحديث الشقيقتين الهامس فقالت فريدة بتهكم:"نحن لدينا ستة أولاد في ماذا سنفكر بالله عليك ؟"
قالت لها فدوي وهي تغمز بعينها:"ولكني أعتقد أن تيمور ربما يريد منكِ طفلاً صغيراً"
قالت بهدوء :"هو لم يتحدث معي في هذا الأمر من قبل وأنا أيضا لم أتحدث معه ثم أردفت بزفرة حارة:نحن حياتنا غير مستقرة علي الاطلاق يافدوي "
ربتت علي كفها قائلة:"بأذن الله كل شيء سيصبح جيداً حبيبتي فمساندة عمي إبراهيم إلي جانب تمسك الأولاد بكِ وعدم استعداد عمر لرعايتهم كل هذا في صالحك فلا تخافي"
قالت لها بفتور:"أتمني ثم أردفت قائلة :تعالي نكمل حديثنا بالداخل ونحن نجهز للغداء "
قالت لها فدوي وهي تهم بالقيام :"حسنا هيا "
**************
في اليوم التالي

دلفت علية إلي العمل بثقل....
أصبح الذهاب إلي عملها صباحاً هو أصعب قرار تضطر إلى اتخاذه كل يوم ليس فقط لأنها مازالت حائرة في أمرها ولم ترسو علي بر في مشاعرها ولكن للفراغ الذي تركه بعد أن امتنع عن التطفل عليها كما كان يفعل من قبل ....
قال لرضوي أنه احترم رغبتها منذ أن التقيا في المطعم وينتظر قرارها الذي يجب أن تأخذه بمفردها ورغم أنها كانت تُبدي له التذمر من إلحاحه عليها إلا أن جديته ورسميته معها أصاباها بالإحباط وهذا الشعور في حد ذاته مرهق لذهنها لأنه يوضح مدي التخبط الذي تعاني منه فلا هي ترتاح في القرب ولا في البعد
جلست علي مقعد مكتبها فوجدت الوردة البيضاء التي أصبح يضعها علي مكتبها منذ ذلك اليوم ...
كل يوم قبل أن تأتي يضع الوردة البيضاء فتركنها هي في زاوية من سطح مكتبها ولا تُشعِره أنها مهتمة ولا تعرف أنه بعد انصرافها
يتفقد وردته وحين يجدها قد أخذتها معها ينبض الأمل بداخله مرة أخرى
كان يشرب كوبا من الشاي في الحجرة الداخلية ولم تكن مواعيد العمل الرسمية قد بدأت بعد وما أن انهاه حتي عاد إلي مكتبه ليجدها تمسك وردته في يدها بشرود فآثر الصمت الذي يلتزم به منذ عدة أيام
كان كلاهما يجلس علي مكتبه المجاور للآخر ومُحرم عليه النظر إلي صاحبه فهو ينتظر ردها بلا ضغط منه لأنه يري أنه قدم لها الصورة كاملة وعليها تفهمه
وهي إلي جانب حيرتها وعدم استقرارها تشعر بالحرج بعد أن كشفت له بشكل صريح أنها تكن له بالفعل مشاعر

هناك من يفصل بينهما بحارا ومحيطات وربما أحدهما يسكن في نصف الكرة الأرضية وصاحبه في النصف الآخر ولكن حبل الوصال ممتد وكأنه لايفصل بينهما شيء وهناك من يتجاوران وبينهما جبال من الجليد
قطع الصمت المُطبق والأفكار السوداوية دخول هاني ورضوي اللذان يبدو عليهما عكس مايبدو علي الثنائي البائس
اقتربا معا من فادي وعلية وتسنيم وإيناس التي انضمت لهم مؤخرا حيث يجلسون بجوار بعضهم كل منهم علي مكتبه وقالت رضوي بابتسامة واسعة وهي تخرج أظرف عديدة من حقيبتها:"عقد قراننا بأذن الله يوم الخميس وطبعا أنتم لا تحتاجون الي دعوة"
ثم وقفت توزع الدعوات علي الجميع
تناولت منها علية الدعوة قائلة بوجه مُبتسم :"مبارك عليك حبيبتي"
وأخذها فادي واستقام مُصافحاً صديقه بحرارة قائلا:"بارك الله لكما يا هاني"
فقال له الأخير وهو يوزع نظره بينه وبين علية:"العاقبة عندك ياصديقي في القريب"
فقال له فادي بيأس :"دعواتك"
تلقي هاني ورضوي المباركات من الجميع ثم عاد كل منهم إلي عمله

*************
علي شاطيء البحر الأحمر بعيداً عن الجميع ...
بعيداً عن صخب المدينة و ضغوط العمل وسرعة الحياة وقف مُتخليا عن هيبته ووقاره كأستاذ جامعي وهو يرتدي شورتا أبيض اللون بالكاد يصل حتي ركبتيه وفوقه تيشيرت بنصف كم بلون السماء وعلي رأسه طاقية شبابية باللون الكحلي فكان يبدو كشاب في أواخر العشرينات علي أقصي تقدير أما في عينيها هي فكان يبدو أوسم رجل رأته عينيها وحُلما مُستحيلا أصبح بكلمة كن من الله فكان زوجها وحبيبها
أما هي فكانت كما يحبها دائما بوجه صافي خالي من أي ألوان سوي احمرار وجهها وشفتيها الطبيعي وفستان أبيض طويل منقوش بنجوم زرقاء صغيرة ووشاح بنفس لون النجوم الصغيرة

كانا يسيران علي الشاطيء مباشرة تلامس أقدامهما الحافية الرمال وتنغمس في الماء وكان يحيط كتفيها بذراعه فقالت له وهي تنظر إليه نظرة دافئة كدفء الشمس التي تستعد للغروب أمامهما:"أنا لا أصدق أننا أخيراً هنا ليتنا نبقي كثيرا خمسة أيام قليلة علي هذا المكان ... "
قال لها وملامحه كلها في حالة من الاسترخاء:"أنا لي سنوات لم آخذ أي إجازة فلا مانع لدي أن نبقي هنا كما تريدين "
قفزت كطفلة صغيرة ووقفت أمامه قائلة:"حقا ياعبدالله كما أريد؟"
قال لها ضاحكا :"حقا يانسوم "
وضعت يديها في يديه في حركة تلقائية فقال لها وهو يشعر بتأنيب الضمير:"أنا أعرف أن هذه النزهة متأخرة عدة أشهر عن موعدها فأعتذر"
قالت له ببشاشة:"لايهم... المهم إننا معا ثم إنني انتظرت سنوات لأكون معك فهل تعتذر عن تأخير نزهة يكفي انك كنت معي طوال الفترة الماضية"
كانت كلماتها ونظرات عينيها تثلج صدره وتعذب قلبه .... يعرف أن قصص الحب تبدأ ثم تتوج بالزواج أما هو فالعكس حدث معه تزوج ثم توج زواجه بأجمل شعور انساني في الحياة... هو الشعور بالحب المتبادل خاصه حين تكون المرأة معطاءة كنسمة تعطي ولا تنتظر ردا.... تعطي لأنها تحب أن تعطي عكس الذي يعطي فقط لأنك أعطيته وحين تمنع العطاء لأي سبب كان يمتنع عمداً هو الآخر عن العطاء هكذا هما النساء في نظره نوعين لا ثالث لهما
قالت له وهي تنظر إلي شروده ولاتعرف إلي أين ذهب بأفكاره :"مابك؟"
ابتسم قائلا:"لا شيء ...أين تحبي أن تتناولي الطعام؟"
قالت له بلا اكتراث:"أي مكان... لايهم "
كانا قد أنهيا بالفعل جولتهما واقتربا من الشاليه الذي لايبعد عن الشاطيء الخاص الذي فضل عبدالله النزول فيه سوي بأمتار قليلة
وجدت أن الجو هاديء بينهما ولا يحيط بهما أحد وهو يبدو في أحسن حالاته فقالت له بتردد:"عبد الله أريد أن أتحدث معك في أمر ولكن بالله عليك فكر ولا تتسرع في الرد"
قال لها وهو يواجهها في وقفته ووجهه تجاه البحر بينما ظهرها هي للبحر ووجهها له:"ماذا؟.."
قالت له:"العمل... أريد أن أعمل وأعدك إنك ستأتي وتجدني في المنزل ولن أنزل في أيام إجازتك "
انقلب وجهه علي النقيض تماما وقال لها:"ألم نتحدث في هذا الأمر من قبل ؟"
قالت له برجاء:" عبد الله أنا بإذن الله قريباً سأحصل علي الدكتوراه فهل تتخيل أن أجلس في البيت بها "
قال لها بملامح متجهمة:"وهل هذا العمل لايحلو إلا مع الرجال ؟"
قالت له بسرعة:"ليسوا كلهم رجال هناك نساء أيضا"
قال لها بسخرية لاذعة:"ولكن صاحب العمل رجل ستحتكين به وتتعاملين معه ويُملي عليكِ أوامره "
قالت له:"ليس لهذه الدرجة ياعبدالله ثم أردفت وقد ظهر الاستياء علي وجهها وندمت أنها فتحت هذا الأمر معه في هذا الوقت وعكرت صفوهم:أنا حقيقة لا أعرف سببا واحدا لتعنتك هذا "
قال لها بعصبية :"تريدين سببا واحدا حسناً...لأنني احبك... وأغار عليك.... و تأتيني رغبة شريرة في لكم أي رجل أجده يتطلع في وجهك وأتصور أنه يراك كما أراكِ ...مارأيك عدة أسباب وليس سبباً واحداً فهل اقتنعتي؟"
كانت تنظر إليه وهي فاغرة فمها وعينيها متسعتين كاتساع البحر من خلفها أما أذنيها فلم تستوعبان شيئا بعد ما سمعت كلمة أحبك ... كانت تنظر إليه بعدم تصديق وهو يتحدث بحنق هكذا .... مهلا لقد سمعت كلمات مشوشة بعد كلمة أحبك ولكنها لم تستوعبها بالكامل غالبا قال أغار .... نظر إليها وإلي ذهولها وشك أن يكون قد حدث لها شيء فتخلي عن صرامته ليسألها بقلق :"نسمة ماذا بكِ؟"
قالت له وهي علي نفس حالة الذهول:"ماذا قلت أنت من البداية؟"
قال لها بعدم فهم:"ماذا قلت؟"
قالت له وهي مازالت علي وضعها :"أنت بدأت كلامك المنفعل بكلمة لا أعرف هل أنت نطقتها فعلا أم أنا من خُيل إلي أنني سمعتها"
استعاد بسرعة كلماته وقال لها :"قلت إنني أحبك و...."
قاطعته قائلة بصوت مختنق:"أنت تحبني؟"
قال لها بابتسامة جذابة وهو يلامس ذراعيها بيديه :"نعم أحبك"
وخذتها الدموع ولكنها حاولت التحكم في نفسها أما هو فرأي في عينيها تلألأ الدموع فقال لها بصوت حنون وعقدة حاجبيه قد اختفت وكأن لا اثر لها:"هل كان عندك شك في ذلك؟"
أومأت له برأسها إيجابا فشعر بالضيق فقال لها:"لماذا يانسمة؟"
قالت له وهي مازالت تتحكم في دموعها:"لأنك لم تقلها من قبل"
قال لها وهو يبتسم ابتسامة آسرة :"ولماذا تزوجتك إذن؟"
قالت وهي تعض علي شفتها السفلي:"لأنك خفت أن أتعرض لأذي بعدما سمع عمر اعترافي لك"
قال لها وهو يرفع حاجبيه:"نعم أنا خفت عليكِ بالفعل ولكن هذا ليس سبباً لأتزوج من امرأة وأبقي معها طوال العمر ثم غمز لها بعينه قائلاً :أنا لست شهما الي هذه الدرجة"
قالت له:"ماذا تقصد؟"
وضع يدها في يده وجذبها يقطع الخطوات القليلة بينهما وبين الشاليه
ثم قال لها ضاحكاً وهو يملأ عينيه بالنظر إلي ملامحها المصدومة الغير واثقة :"أقصد أنه إن لم تكوني خلابة الي هذه الدرجة وإن لم أكن كنت منجذب لك بالفعل وإن لم تكوني بهذه الرقة والعذوبة لم أكن لأضحي بعذوبيتي واتزوجك"
قالت له مُشككة:"ولكنك بالفعل كنت تقول لي وقتها انك تريد الزواج وبالتأكيد لم أكن أنا في حساباتك"
قال لها بجدية:"لم أفكر فيكِ حتي لا أظلمك معي ولكن حين علمت أنكِ مثلي كدت أن أطير فرحاً... تصلبت ملامحه وهو يقول:ولكني للأسف رغما عني ظلمتك ولم أعرف أنني ظلمتك إلا بعدما تزوجنا"
كانا قد وصلا بالفعل لباب الشاليه وكان المكان حولهما شبه خاليا في هذا الوقت فتوقفت ووضعت أطراف أناملها علي شفتيه قائلة:"لا تقول هذا الكلام مرة أخرى ثم أردفت فيما يشبه الرجاء:أكمل فقط ماكنت تقوله هل تحبني حقا؟ "
قال لها بصدق وهو يقربها منه حتي أصبح لايوجد بينهما إلا مقدار نفسا واحدا:"أعترف أنني في البداية لم أكن أحبك بنفس درجة حبك لي وأن الأمر أخذ يتدرج معي يوما بعد يوم ولكن ما أستطيع أن أجزم به الآن وأقسم عليه أنني في هذه اللحظة أحبك جدا وجدا وجدا أحبك لدرجة لم أشعر بها من قبل أحبك حب أنا نفسي لا أعرف كيف ولد ونمي في هذه الفترة البسيطة "

كان يتحدث بصدق وكانت كلماته اقوي من أن تتحملها فانسابت دموعها رغما عنها فضمها إليه بقوة وهو يشعر بانتفاضة جسدها كله وتعلقت هي في رقبته ...أخذ يهدهدها ويهمس بجوار أذنيها بكلمات رقيقة وهو يشعر بإحساس مختلف عن كل مرة لمسها فيها ...تجاوبها معه الان مختلف عن أي وقت مر ....
كانت دائما خجولة في علاقتهما، مترددة، مستقبلة فقط
تتعامل معه علي القدر الذي يريده هو وكأنها كانت تخشي أن تفرض نفسها عليه أو تخاف ألا يتجاوب معها أما الآن فقد كانت مختلفة مشعة دافئة متجاوبة

وكأن المرأة تتعامل معك حسب معطياتك فحين تعطيها الضوء الأحمر يخرج منها كل شيء جميل حين تعطيها تستثير مشاعر كامنة بها وحين تبخل عليها لا تأخذ منها إلا النذراليسير
فتح باب الشاليه وهو يضمها بذراع واحد وما أن دلف للداخل وأغلق الباب حتي احتواها بذراعيه مرة أخري ،تحسس عظامها اللينة بين ذراعيه وهو يشعر بهذه المشاعر المختلفة ورفع وجهها الباكي إليه وهاله أن يري هذه الدموع الغزيرة الغالية وتساءل هل هو كان باردا معها لهذه الدرجة التي جعلتها يائسة وهل مشاعره لم تكن تظهر لها ؟
كان دائما أصدقاؤه يتهمونه بالبرود و الرزانة وكان بالفعل لايجاهر بمشاعره إلا نادراً فهل هذا حدث معها هي الأخري ولم تستطع أن تقرأ ما بين السطور
مسح وجهها كله بأنامله وقبل عينيها قبلتين دافئتين طويلتين استقبلتهما باستسلام تام فأخذ يطبع قبلات دافئة علي باقي وجهها
أما هي فكان شعورها به مختلف أيضا عن كل مرة.
كانت تحبه وتعشق قربه ولكن قربه حين كانت تشعر أنها له مجرد زوجة يختلف تماما عن قربه وهي تتلقي منه أول اعتراف صريح بأنها تملك جزءا في قلبه
شدد من قبضته علي خصرها ويده الأخري وضعها خلف رأسها واقترب منها حتي أصبح القُرب مهلكا بعد أن تأكد كل منهما أن الآخر له كاملاً ...
اقترب بشدة ليبدأ معها القصة من البداية
*****************


يتبع

Heba aly g 21-09-20 02:22 PM

مساء الخميس

في أحد القاعات المُلحقة بمسجد من أكبر مساجد العاصمة جلست رضوي بطلة رقيقة راقية وهي ترتدي فستان رقيق بلون عسلي من الشيفون المبطن وحجاب رقيق بنفس اللون مع زينة وجه هادئة مثلها تماما أظهرت جمال بشرتها القمحية الصافية وبجوارها يجلس هاني بحلة أنيقة باللون البني فكان يبدو الإنسجام والتناسق بينهما بشدة وبجوار هاني يجلس المأذون وبجوار المأذون من الجهة الأخرى والد رضوي وبعد أن ردد كل من العريس ووالد العروس صيغة الاشهار خلف المأذون انطلقت الزغاريد من حولهما وقبل أن يقترب منهما أحد للمباركة استقام هاني وجذبها من يدها وقبل جبهتها وهو يحيط كتفيها وظهرها بذراعيه قائلاً:"مبارك علينا حبيبتي"
رفعت وجهها إليه مبتسمة ابتسامة صافية وتمتمت بداخلها بالحمد لله رب العالمين ....
الحمد لله الذي هداها وأهداها هذا الرجل
ثم اندفع جميع الأهل والأقارب والاصدقاء للمباركة لهما علي التوالي
أما اصدقاء العمل فانتظروا للنهاية حتي لايتدافعون بين هذا الجمع، كان فادي وعلية وتسنيم وايناس زميلتهم يقفون جميعا ينتظرون حتي يخف الزحام للمباركة فقال فادي لتسنيم :"العاقبة عندك ياتسنيم متي سيحضر خطيبك من السفر؟"
قالت له بابتسامة بها من الحنين والاشتياق الكثير:"بعد عدة أشهر باذن الله"
أما علية فكانت تنظر إلى رضوي وفرحتها البادية علي وجهها وهي تدعو لها بالسعادة وتتمني في نفسها لو كان هذا الذي يقف بجوارها رجل بلا ماضي ...
لو كانت قابلته قبل عدة سنوات ...
انتزعها من شرودها صوت تسنيم وهي تقول لها:"هيا لنبارك لرضوي "
بعد المباركة وانتهاء مراسم عقد القران كاملة تجمع هاني ورضوي مع أصدقائهم في باحة المسجد الخارجية تسامروا قليلاً وأخذوا صورا تذكارية كثيرة وكان فادي يلتقط لهم معظم الصور فقالت له تسنيم:"تعال فادي وأنا سأصوركم..."
كانت رضوي بالطبع تقف بجوار هاني وبجوارها ايناس وبجوارها علية فجاء فادي ووقف بجوار هاني ولكن عينيه كانت علي علية التي جاءت عينيها في عينيه هي الأخري لتخرج الصورة وهما ينظران إلي بعضهما البعض فابتسمت تسنيم ما أن رأت الصورة وقالت لفادي وهي تغمز بعينها:"غير مكانك لآخذ صورة أخري.." وكأنه كان ينتظر كلمتها فقفز في خطوتين فقط ليقف بجوار علية التي انكمشت علي نفسها وهو يقف بجوارها مباشرة فنظر هو الي الكاميرا بينما نظرت هي أرضا خجلا من أحساسها وهو يقف بجوارها هكذا...
انتهوا من التقاط الصور ثم وقفوا يتسامرون قليلاً حول العروسين
كانت رضوي تتحدث مع الجميع بابتسامة واثقة وهي تقف بجوار هاني أناملها تغوص في دفء أنامله تختبر شعورا جديدا بالسعادة والاكتمال الذي ظنت أنها لن تصل إليه يوما في رحلة بحثها عن السعادة في المكان الخاطيء مع الشخص الخاطيء ....
حين يكون الإنسان مع الشخص الخاطيء تستنزف روحه ويشيخ قلبه
أخذت تنظر إلى هاني وملامحه الوسيمة وهيئته الجذابة فشدد علي أناملها ومال علي أذنها قليلاً وقال :"لقد استأذنت عمي لنتناول العشاء بمفردنا "
ابتسمت قائلة وهي ترفع وجهها إليه :"كيف أقنعته ؟"
قال لها بلهجة ذات مغزي:"لقد أصبحتِ زوجتي يارودي " ابتسمت بخجل فقطع عليهما لحظتهما
فادي والبنات حين قال الأول لهاني وهو يربت علي كتفه:"مبارك لكما ياعريس مضطرون للإنصراف "
قال له هاني بجدية:"سنخرج لتناول العشاء لما لا تأتون معنا؟"
قال فادي :"أولاً لأنكم عروسين ثم أشار للثلاث فتيات قائلاً :ثانيا لاني أعتقد أن البنات تأخرن"
قالت إيناس بجدية:"نعم تأخرنا جدا "
ومن خلفها تسنيم وعلية رددتا نفس الجملة وبعد مصافحة العروسين وانسحابهم وخروجهم وقفوا جميعا خارج المسجد فقالت علية لايناس:"اطلبي لنا سيارة من علي هاتفك"
فرد فادي بسرعة قائلا بجدية وهو يقف أمامها مباشرة:أنا سأوصلكن جميعا فالوقت قد تأخر "
ورغم أنها كانت تتجنب النظر إليه إلا أنها بعدما وجه كلامه إليها رفعت وجهها إليه وقالت :"شكرا سنطلب سيارة كما طلبنا ونحن قادمات"
قال لها وهو ينظر بضيق إلي فستانها الموف الهاديء الذي يلتف حول جذعها نزولا للأسفل بلا أي اتساع:"الوقت تأخر ولن يكون من اللائق أن تستقلو مع شخص غريب"
قالت تسنيم لعلية بضجر :"هيا ياعلية لن تفرق"
فقالت الأخيرة بتصميم :"لا ربما يتضايق أبي فهو يعلم أننا سنعود كما ذهبنا"
رفع فادي هاتفه وفتحه وطلب رقما وما أن رد الطرف الآخر حتي قال بصوت معتدل :"السلام عليكم أمي كيف حالك"
ردت عليه والدة علية بتوجس قائلة:"أهلا بني كيف حالك "
دخل في صلب الموضوع قائلا:"الحقيقة أننا انتهينا للتو من عقد القران وعلية وزميلاتها يردن العودة بسيارة أجرة وعندما عرضت عليهن أن أوصلهن لأن الوقت تأخر اعترضت علية لأن والدها لايعلم فأنا استأذنك أن أوصلهن لأن الوقت تأخر ولن آمن أن يركبن مع شخص غريب"
ابتسمت كل من ايناس وتسنيم أما علية ففغرت شفتيها بصدمة فلم تتوقع أن يتصرف هكذا
أما والدتها فقد نظرت إلي زوجها الواقف بجوارها في الشرفة ينتظر ابنته التي تأخرت بالفعل وقالت لفادي:"والدها معك قل له"
ثم أعطت زوجها الهاتف وما أن ألقي عليه فادي السلام وأعاد عليه نفس الكلام حتي قال له الرجل بجدية لا تخلو من الضيق:"هي من الأساس لم تقل أنها ستتأخر هكذا قالت إنها ستكون هنا في التاسعة"
قال له فادي :"عقد القران نفسه تأخر قليلاً"
قال له جمال :"حسنا بني لا مانع أن تقلهم و أنا سأنتظركم علي أول الشارع"
قال له فادي :"حسنا من فضلك أخبرها بنفسك"
ثم أعطي الهاتف لعلية التي ما أن سمعت صوت والدها واستمعت إليه بصمت حتي عرفت أنه غاضب وما أن تأكد منها أن معها زميلاتها بالفعل حتي قال لها باقتضاب أن تستقل معهم


بعد قليل


كانت ايناس تستقل بجوار فادي بعد أن اتجهت علية مباشرة إلي المقعد الخلفي وبجوارها تسنيم
انطلق فادي بالسيارة بصمت أما ايناس وتسنيم فأخذتا في الثرثرة علي عقدالقران ورضوي وفستانها أما علية فالتزمت الصمت تماما وهي تجلس في المقعد خلفه مباشرة لايفصلها عنه شيء خاصة وهي تلاحظه ينظر إليها في المرأة كل عدة دقائق
وصلت تسنيم أولاً إلي بيتها وكان الأقرب بعد ذلك بيت علية ولكنه سار في طريق منزل ايناس وما أن وصلت الأخيرة الي بيتها حتي قالت له بامتنان:"اشكرك فادي "
قال لها بعفوية :"لا شكر على واجب"
لوحت ايناس لعلية بيدها فلوحت لها علية بدورها وقال لها فادي بلهجة لينة لا تخلو من المشاكسة وهو ينظر في المرأة الأمامية :"انزلي اجلسي بجواري فلست السائق الخاص بحضرتك حتي تركبين بالخلف"
مطت شفتيها قائلة له متصنعة البرود وهي تعقد ذراعيها فوق صدرها :"اعتبر نفسك أوبر"
قال لها بامتعاض وهو ينطلق بالفعل بالسيارة وقد استشف من جلستها أنها لن تتنازل وتجلس بجواره:" سأعتبر نفسي كريم "
كان يسير ببطء مٌتعمد بعيداً عن قيادته السريعة ولاحظت هي ذلك ولاحظت ضيقه من عدم جلوسها بجواره وياليته يعلم أنها كانت تتمني ولكنها تعرف نفسها ما أن تقترب منه حتي تسقط كل دفاعاتها دفعة واحدة
وشيء أخر حتي لا تشعر بالحرج أمام والدها لأنها تعلم أنه سينتظرها علي أول شارعهم

قال لها فادي وأعصابه تحترق :"هل توصلتي إلي قرار فيما تحدثنا فيه أخر مرة؟ "
قالت له باحباط وهي تشيح بوجهها جهة النافذة :"لا" وكانت تتمني لو كانت استطاعت التغلب علي مخاوفها من الارتباط به وكان ردها بنعم ...
كان يريد الاستمرار في إعطاؤها وقتها وعدم الضغط عليها ...فك عقدة رابطة عنقه وقال لها بصوت رخيم وكأن ماتفعله كله لايهمه ويكفيه فقط أنه معها في نفس المكان:"مادمنا سنتعامل معاملة أوبر هل تحبين سماع أي موسيقي سيدتي؟"
قالت له بهدوء وهي تعقد ذراعيها أعلي صدرها:"لابأس.."
فتح المذياع علي إذاعة الأغاني فسمع المذيعة تنوه أن الفقرة القادمة لأغاني الكنج محمد منير فقال بصوت به بحة:"النفسية فعلا تحتاج لصوت الكينج ..."
لم ترد عليه ولكنها كانت من وقت للأخر تنظر اليه في المرأة الأمامية وما أن تأتي عينيها في عينيه حتي تشيح بوجهها كله بعيدا عنه ...
ثواني قليلة وانطلق الصوت الدافيء ليغلفهما معا في كبسولة شفافة وكأنهما في عالم غير العالم ورغم البرودة التي كان يبثها المكيف إلا أنهما كان يشعران بالانصهار

بتبعديني عن حياتك بالملل
وخلتيني أقول خلاص مفيش أمل


لمعت عيني فادي وقام برفع الصوت عدة درجة أعلي حتي طغي علي صوت أنفاسهما العالية وحتي أصبح من الصعب سماع أحدهما للاخر

استمري هتخسريني
استحالة هتكسريني
حسسيني انك حجر
أو وردة دبلت ع الشجر
صبرت صبر غريب رهيب لايحتمل


بهتت نظرتها وتجمدت وهي تستمع الي الكلمات...
هل هذا هو شعوره نحوها الان؟ الاغنية جاءت بشكل عفوي ولكنها راقت له ورفع الصوت لأعلي درجاته فهل يقصدها؟

بتوهميني اني ظلمتك
اني غرمتك هزمتك
عملت أيه يجرح كرامتك
كل اللي ممكن اعمله معاكي اتعمل


كان في هذه اللحظة يشعر باليأس منها وهو لايجد أي بادرة امل... لأول مرة يشعر أن حياته او موته بكلمة من بين شفاه شخص...جاءت في ذهنه أماني ..كيف عاش معها أشهر طويلة ولم يؤثر فيه بعادها لهذه الدرجة ؟
حزن عدة أيام وبعدها اكتشف أن الأمر برمته لم يكن سوي اضطراب في مشاعره أما مع علية فالأمر وصل إلي مرحلة وجع القلب... تنهد بصوت عالي وهو يتمني في نفسه فقط لو تعطيه فرصة واحدة

بتوهميني ان الحكاية بتنتهي
ابعد وقبل ضياعي منك تندمي


الحيرة مازالت سيد الموقف تشعر بالتضارب والتخبط دمعت عينيها وهي تتصوره يبتعد عنها يأسا منها وتتصور ندمها بعدها ولكنها حقا لاتستطيع الاقتراب ولا تستطيع الابتعاد

مبقتش بعرف دمعتك من ضحكتك
اصرخ مفيش ولا صرخة مني تسكتك
معرفشي ليه بتعذبيني
لو بجرحك امشي وسيبيني


لكزة قوية علي كتفه أفاقته فنظر في المراة فوجدها تتحدث ولايسمعها فأخفض الصوت قليلا فقالت له بحدة:"اخفض الصوت لقد صمت أذني..."
اخفض الصوت بالفعل وقال لها وهو ينظر اليها في المرأة باستنكار:"هل قال لكِ أحد من قبل أن يدكِ ثقيلة؟ ثم أردف ساخرا:من يري براءة وجهك لا يتوقع قوتك البدنية ماشاء الله..."
جزت علي أسنانها وصمتت هو لايعرف أن قوتها هذه واهية أمامه وما تفعله هذا مجرد رد فعل علي صخب مشاعرها التي لو أطلقت لها العنان ستكون هي الهالكة...

بدأت الأغنية التالية وكان الصوت بالفعل أهدأ قليلا ولكنه ينطلق من السماعات الجانبية والخلفية فيملأ المكان
ليصدح منير

خاااايف أوعدك موفيش أقولك فيه تلاقي مفيش
وخاااايف أوعدك موفيييش أقولك فيه تلاقي مفيش


رفع فادي حاجبا مُستنكراً وغمغم بصوت مسموع:"أنا أري أن نكتفي بهذا القدر... عذرا ياكينج ..."
ثم أغلق المذياع أما هي فلم تفعل سوي أن وضعت قبضتها علي فمها تداري ابتسامتها وتكتم ضحكتها التي كانت تريد أن تنطلق بقوة أما هو فلم يكن متأكداً من لمعة عينيها هل فعلا ابتسمت أم لا فالابتسامة كانت ستعطيه أملا حتي لو كان صغيراً ولكنه لم يتأكد

بعد قليل

كانا قد وصلا بالفعل علي أول شارعها وكان والدها منتظرا كما قال فقد كان لديه حرج أن يوصلها حتي المنزل فهما في كل الاحوال في حي ليس بالراقي والذي لايلتفت فيه أحد لأحد وما أن رأه فادي حتي أوقف السيارة وارتجل منها مصافحا إياه أما والدها فشعر بالارتياح حين وجدها تهبط من المقعد الخلفي فربت علي كتف فادي قائلا بامتنان:"شكرا لك بني ..."
قال فادي :"لاشكر علي واجب.."
قال له والدها من باب المجاملة:"تفضل بني اشرب شيئا..."
قال له فادي بابتسامة صغيرة :"أشكرك عمي مرة ثانية بأمر الله..."
ابتسم له جمال وصافحه مرة أخري وأخذ ابنته واستدار عائدا بها إلي المنزل وأخر ماسمعه فادي والدها وهو يوبخها قائلاً:"آخر مرة تذهبين فيها لأي مناسبات وحدك مساءا هكذا..."
*****************
بعد ثلاثة أيام

جلست فدوي بجوار سامر في الفراش توقظه للمرة العاشرة علي التوالي فغمغم بصوت ناعس:"اتركيني فدوي أريد أن أنام ..."
قالت له:"رامز يتصل بك ويقول أن لديكما مقابلة عمل هامة اليوم ..."
فتح عينيه بصعوبة قائلاً بصوت خشن من أثر النعاس:"سامحك الله أنتِ من جعلتيني أسهر لبعد الفجر ولا آخذ كفايتي من النوم..."
رفعت حاجبيها بدهشة قائلة:"أنا! أنا فعلت ذلك ؟ثم لمعت عينيها وهي تقلد طريقته قائلة: وماذا عنك وأنت تقول لي لا رغبة لي في النوم.. لي سنوات طويلة افتقدك وجاء وقت التعويض "
ابتسم بصبيانية قائلاً وهو يجذبها نحوه:"وعوضتيني صراحة ..أنا اعترف..."
ضربته في كتفه قائلة :"قم ياكسول إنها العاشرة صباحاً لو كنت تعمل في الشركة ولست صاحبها لكان طردك مديرك علي تأخيرك اليومي هذا ..."
استقام ليجلس في السرير نصف جلسة قائلاً:"لذلك أحب ان أكون مدير نفسي..."
ابتسمت ابتسامة عذبة وهي تنظر إلي عينيه الخضراوتين الصافيتين اللتان تزداد جاذبيتهما وهو رائق المزاج فقال لها وهو يمسح براحته علي جانب وجهها:"حسناً لقد استيقظت ممكن كوب النسكافيه خاصتي حتي استفيق..." قالت له برقة :"طبعا حبيبي ما أن تأخذ حمامك وترتدي يكون الإفطار والنسكافيه جاهزان.."
تناول كفها التي تجاوره وقبل راحتها قبل دافئة قائلاً:"أدامك الله نعمة في حياتي.."
ابتسمت له ابتسامة صافية واستقامت حتي تعد له الافطار وما أن خطت خطوتين حتي عادت إليه قائلة:"مني ودنيا بالخارج في غرفة ماما..."
أومأ لها برأسه قائلاً:"حسنا حبيبي ...."
تركته وخرجت واستقام هو حتي يأخذ حمامه وابتسامة الرضا مازالت تزين وجهه كله فهو منذ أن تزوج فدوي وهو يشعر أن حياته كلها تغيرت وأصبحت بلون مختلف فالحياة تكون أجمل مع من يرتاح القلب له وتستكين الروح معه وتتألف الطباع
حين ينظر إلي فدوي يجد بها صفات نساء القرن الماضي وهو بعد رحلة بحث طويلة تخبط فيها كثيرا اكتشف أن هذا النوع من النساء هو الذي يروق له
دلف إلي الحمام الداخلي لغرفته وأنفه تلتقط رائحة الفواكه العطرية التي تضعها دائما فدوي في الحمام فتعطيه رائحة فواحة... هكذا أصبحت حياته معها بطعم جميل ورائحة أجمل

بعد قليل

خرج سامر من غرفته وهو بكامل أناقته يرتدي حلة كاملة تليق بالمقابلة ورائحة عطره تفوح منه لتعلن عن قدومه قبل ظهوره بقليل ...
دلف إلي حجرة والدته فوجدها كعادتها تجلس في منتصف فراشها وأمامها التلفاز مفتوحاً وعلي المقاعد المجاورة لفراشها تجلس دنيا ومني فألقي التحية قائلاً بوجه بشوش :"صباح الخير ..."
ثم جلس بجوار أمه وقبل رأسها فقالت له بوجه صبوح:"صباح الخير حبيب أمك..."
وردت مني ودنيا في وقت واحد:"صباح الخير سامر..."
فقالت دنيا بابتسامة مُمازحة له:"ماشاء الله وجهك أنار بعد الزواج لما لم تتزوج منذ سنوات؟.."
قال لها بابتسامة جذابة :"لم أكن قد وجدت فدوي بعد..." قهقهت ضاحكة بينما ارتسمت ابتسامة زائفة علي شفتي مني في حين قالت أمه:"كل شيء بأوانه رزقك الله السعادة حبيبي.."
قبل رأسها مرة أخري ثم استأذن قائلاً:"لقد تأخرت عن العمل لابد أن أتحرك..."
قالت له وفاء:"افطر أولا حبيبي .."
قال لها وهو يهم بالخروج من باب الغرفة:"أشم رائحته أمي فقد أعدته فدوي بالفعل..."
دلف إلي المطبخ فوجدها قد وضعت الاطباق بالفعل علي الطاولة الرخامية فجلس وجلست بجواره قائلة:"لم أفطر بعد ...انتظرك..."
فقال لها وهو يقسم رغيف الخبز نصفين فيعطيها نصفه ويأخذ نصفه :"حسنا فعلتي ..."
أخذا يأكلان معا سامر يأكل بسرعه حتي يلحق موعده وهي تأكل ببطأ فخرجت مني لتحضر زجاجة ماء فنظرت إليهما في جلستهما هذه نظرة واجمة وسألت نفسها...
منذ متي لم يجلس معها زوجها هكذا؟
منذ متي لم يضحك معها هكذا؟
منذ متي لم يقل لها كلمة حلوة؟
رغما عنها عقدت مقارنة ورغما عنها تخيلت رباب هي من تجلس بجواره عوضا عن ذهابها إلي أقصي الجنوب وقلب أمها الذي لا يرتاح لهذه الزيجة ....
انتزعها من شرودها صوت سامر وهو يقول لها:"مني..أقول لكِ تعالي افطري معنا..."
انتبهت له أخيراً فقالت له بشرود :"لالا كنت أريد زجاجة ماء فقط فقد سبقتكما..."
أخذت بالفعل زجاجة الماء ودلفت للداخل مرة أخري وهي علي نفس حالة الوجوم أما سامر فقد أنهي شرب كوب النسكافيه خاصته وغسل يديه بسرعة في المطبخ وقال لفدوي علي عجل :"فيدو اعتني بنفسك وبأمي وإن احتجتِ أي شيء اتصلي بي..."
قالت له وهي تذهب خلفه :"حسنا حبيبي ..."
توقف عند باب الشقة من الداخل وجذبها نحوه وقبلها قبلة طويلة دافئة ثم همس ببعض الكلمات بجوار أذنها
فوضعت وجهها في كتفه بخجل قائلة:"الحق عملك ياسامر لقد تأخرت ..."
فقبل رأسها ومسد علي شعرها قائلاً:"أستودعكِ الله.."
ثم خرج وأغلق الباب خلفه ولم يري لا هو ولا هي مني التي عادت مرة أخري لتحضر كوبا فشاهدت هذا المشهد من أوله بحسرة

بعد ساعتين

بعد أن نزل سامر وقفت فدوي كعادتها في المطبخ لتعد طعام الغداء وتنجز كل مالديها خاصة وهي تعلم أن مني ودنيا تجلسان مع حماتها...
كانت قد قررت أن تُقَصِر في المعاملة معهما إلي أقصي درجة فقررت انها في أوقات تواجدهما ستشغل نفسها في أي شيء
وبعد أن أنهت كل مالديها دلفت لتُذَكِر حماتها بموعد دوائها وما أن دلفت حتي قالت لها دنيا:"لما لم تجلسي معنا؟.."
قالت لها فدوي بابتسامة رقيقة:"كان لدي فقط بعض الأعمال المنزلية ..ثم أردفت لحماتها:ماما موعد الدواء الان..."
فقالت لها وفاء وهي تربت علي الفراش بجوارها:"اجلسي قليلاً فدوي لم تجلسي معي منذ الصباح..."
فجلست بجوارها وتناولت كيس الدواء من علي الكومود المجاور وأخرجت الدواء ثم صبت كوب ماء من الزجاجة المجاورة وناولتها لوفاء التي أخذت منها الدواء وشربت الماء ثم قالت لها بصدق:"سقاكِ الله من يد المصطفي شربة هنيئة مريئة لا تظمأي بعدها أبداً.."
قالت فدوي لها بتأثر:"أجمل دعوة ادعي لي دائما بها..."
فأشارت وفاء بسبابتها أسفل عينيها اليمني ثم اليسري..
نظرت مني إلي المشهد بإحساس به ثقل أما دنيا فكل ماكان يهمها أن تعامل فدوي أمها جيدا وتراعيها حتي تكون مطمئنة عليها...

ثواني قليلة وفتحت مني هاتفها وقالت لدنيا بصوت مسموع :"هل تعرفين من أرسلت لي طلب صداقة علي حسابي الجديد علي الفيس بوك منذ عدة أيام؟"
قالت لها :"من؟؟."
قالت وعينيها تلمعان:"خطيبة سامر السابقة..."
نظرت إليها دنيا نظرة ذات مغزي فقالت وهي مُدعية الندم وهي تنظر إلي فدوي:"هي لاتعرف؟.."
فقالت فدوي بثقة:"لا بالطبع فقد حكي لي سامرعن كل شيء....."
قالت لها ببراءة مصطنعة :"حقا... ثم أدارت الهاتف تجاه فدوي قائلة:تعرفين إذن صوفيا؟..."
جعدت فدوي جبينها وضيقت عينيها وهي تنظر إلي الصورة فأخذت الهاتف من يد مني وهي تري حساب بإسم امرأة شابة تدعي بالفعل صوفيا...
كانت المرأة شديدة الجمال ملامحها غربية وكانت علي مايبدو في إحدي المدن الساحلية ترتدي ملابس سباحة من قطعتين وبجوارها سامر يحيط كتفيها بذراعه لتستقر كفه بتملك علي كتفها وكفه الأخر يضعه علي خصرها وكان يرتدي هو الآخر شورتا قصيرا ويبتسمان ابتسامة واسعة...
كانت الصورة تبدو قديمة ولكن الطريقة التي كان يلمسها بها لم تكن طريقة خطيب مع خطيبته ولكن طريقة زوج مع زوجته
بهتت نظرة فدوي وتركت الهاتف علي الفراش بجوار حماتها وقالت بصوت متحشرج:"استأذنكم..."
وما أن خرجت حتي قالت دنيا لمني بتوبيخ :"مالذي فعلتيه هذا لما تريها الصورة؟"
قالت مني ببراءة :"صوفيا من أرسلت لي طلب الصداقة وفدوي قالت أن سامر حكي لها كل شيء ماذا فعلت أنا..."
أما وفاء فلم تتمالك نفسها ولم يكن سريرها مرتفعا للدرجة فمدت يدها للأسفل وأخذت خفها المنزلي وقذفت مني به بقوة وهي تجز علي أسنانها بغيظ ..

أما فدوي فقد سالت دموعها رغما عنها لما رأته وأخذت تتصل بسامر فلم يرد فلم تيأس من الاتصال حتي رد عليها فقال لها بقلق:"ماذا هناك أمي بها شيء؟.."
قالت له بصوت مختنق:"لا هي بخير ولكني أريدك..." قال لها بقلق:"ماذا هناك يافدوي للتو أنهيت المقابلة وما زال لدي عمل..."
قالت له بصرامة لم يعهدها بها:"أريدك حالا ياسامر..."



نهاية الفصل الثامن والعشرون


Heba aly g 21-09-20 02:44 PM

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 120 ( الأعضاء 20 والزوار 100)
‏Heba aly g, ‏هالة صابر, ‏فاطمة زعرور, ‏لولا محمد22, ‏Solly m, ‏انت وكفي, ‏Roro adam, ‏dr.marwaalsokkary, ‏Aengy, ‏جوهره فى القصر, ‏أم نسيم, ‏تمام1234, ‏غرام العيون, ‏اسماء سلوم, ‏ملاك العمرو, ‏Arw2, ‏خفوق انفاس, ‏Rasha.r.h, ‏مشمشه محمد, ‏asaraaa


الساعة الآن 03:38 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.