آخر 10 مشاركات
إحساس جديد *متميزة و مكتملة* (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )           »          كل مخلص في الهوى واعزتي له...لوتروح سنين عمره ينتظرها *مكتملة* (الكاتـب : امان القلب - )           »          نظرات فى كتاب علو الله على خلقه (الكاتـب : الحكم لله - )           »          1022 - ألعاب النخبة - دايانا هاميلتون - د.ن (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          هائمون في مضمار العشق (2) .. سلسلة النهاية * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          1018 -الحب المستحيل - بني جوردان - عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          1017-درب الفردوس شيرلي كمب - عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          عواقب إنتقامه (144) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          1015- بعد شهر العسل - الكسندرا سكوت- عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: أكثر ثنائي أنتم في شوق للإلمام بتفاصيل قصته :
أوس و جوري 47 58.75%
كاظم و تيجان 25 31.25%
غسان و شمايل 10 12.50%
معتصم و رونق 22 27.50%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 80. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree2107Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-07-20, 10:45 PM   #131

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



"الفصل العاشر"


يهتزّ هاتفها في جيب حقيبتها القماشية الموضوعة قربها معلنا وصول رسالة نصية جديدة فتمد كفها بفتور تسحبه و تقرأ الكلمات المرصوصة أمام عينيها الذابلتين متجاهلة قلبها الذي تقبض تلقائيا حين قرأت اسم المرسل (آسفة تأخرتُ قليلا عليكِ...نلتقي في فترة الغذاء في المطعم المقابل للجامعة )

تأوهت بخفوت مضني وقد انكمش قلبها أكثر كارهة هذا اللقاء المنتظر رغم أنهما اعتادتا تناول الغذاء في ذلك المطعم منذ أول يوم لهما في الجامعة ..
كانت قد جلست لدقائق تطالعهما في وقفتهما تلك دون أن تنظر إليهما حقا وسمحت لدموعها التي لسعت عينيها طويلا أن تهطل بصمت يحاكي مشاعرها الصامتة و يناقض صخب مشاعر جديدة ضج بها قلبها ...إلا أنها لم تكن ككل شيء جديد يفتح النفس و يبهجها بل كانت حملا ثقيلا يضني القلب و يعذب الضمير ...

رغم اختلاف الظروف وتباين الشخصيات فقد جمعتهما نقطة مشتركة إذ لم يسبق لأي منهما أن جربت شعور الحب ...شتان ما بين الأسباب فتيجان رغم شعبيتها لم يجذبها ولا واحد من الشباب الذين يتهافتون عليها أينما حلّت ...
أما شمايل فلم يهتم أي أحد بها من قبل بشكل خاص ...أمر لم يهمها مطلقا إذ تمسكت دوما بمبادئها وركزت على دراستها واعية أن الزواج مكتوب مسطور لا يد للبشر فيه فلا داعي للبحث هنا و هناك عن عريس الغفلة وحريصة على دفن ذاك الشعور الطبيعي بأن تكون مرغوبة ومحبوبة لدى أحدهم حالها كحال أي أنثى ...
وصادف أن جذب اهتمامهما نفس الشخص و حدث أن كانت شمايل الدخيلة بينهما ...

ثم كانت تنتصب واقفة بعد دقائق حين رأت الأستاذ المحاضِر الأشيب يتوجه نحو الكلية في خطوات رتيبة متأبطا محفظته شاكرة كونها ليست مع تيجان في نفس المدرج فقد تم تقسيمهم على عدة مدرجات نظرا للعدد الكبير لطلاب الدفعة وغادرت مسرعة أو بالأحرى هاربة ممتنة لهذا الإنقاذ المؤقت بعد أن بعثت لتيجان رسالة مقتضبة تعتذر عن مغادرتها الفجائية خوفا من أن يطردها الأستاذ المعروف بصرامته إذا ما دخلت بعده ...

وهاهي تتخذ مقعدا منزويا في الصفوف الأخيرة على خلاف عادتها سارحة في أفكارها دون أن تهتم بسماع حرف واحد مما يقال ... حانت منها نظرة خاطفة على ساعتها اليدوية تعد الدقائق متمنية أن تطول المحاضرة و تمتد إلى ما لا نهاية تبغي عبثا أن تؤجل المحتوم..

............................

لمحتها جالسة على طاولتهما المعتادة والمنزوية في ركن قصي من المطعم فلوحت لها ببشاشة حين رأتها تعبر الباب الزجاجي الأنيق ...

بسمة متصلبة اعتلت شفتيها تعافر لإخفاء اضطرابها وترد ملوحة لها بدورها بينما تؤشر برأسها ناحية الحمام ...
ترتكز بكلتا كفيها على الحوض الرخامي الأبيض تنظر إلى وجهها المبتل الشاحب ببؤس وقد أخذت قطرات المياه تنزلق على ملامحها وقد بللت جزءا من طرحتها الزرقاء الفاتحة فغدى لونها أكثر قتامة لكنها لم تكن لتهتم في ظل الخناق الذي هبط بثقله على صدرها ...فتغمض عينيها للحظات تستجمع تركيزها ثم كانت تفتحهما تفتش عن لمحة من الثقة والسكون فيهما ...
وقبل أن تخرج , تنشف وجهها بمنديلها الخاص ثم تأخذ عدة أنفاس متلاحقة تهدئ نفسها وتطمئن قلبها تشحذه بعزيمة و عنفوان هي في أمسّ الحاجة إليهما ...

.........................


تقضم شريحتها الثانية من البيتزا بتلذذ واضح غارقة في متعتها غافلة عن شمايل الجالسة قبالتها و التي كانت تتصارع حرفيا مع قطعتها الأولى تكابد لإنهائها تحاول عبثا مجاراة شهية تيجان المفتوحة ..
وكيف السبيل لذلك و كل لقمة تقف بعناد تأبى تجاوز حلقها وكأنها تأنف أن تستقر في معدتها المنقبضة بعصبية ...
عصبية ولّدها ترقبها المتعِب و انتظارها المضني وقد تشاغلت تيجان بالاستمتاع بطعامها بعد حوار روتيني قصير دار بينهما ...

وحين كادت تفقد الأمل من إفصاحها وفي ذات الوقت تستعيده متمنية أن تعفيها من الخوض في موضوع يشقّ عليها تناوله بأريحية كانت تغص بلقمتها حين أتاها صوت تيجان الهامس بتساؤل فضولي به لمحة من الإثارة بعد أن مسحت كفيها بالمنديل الورقي بأناقة "ألن تسأليني عنه...؟"
لم تتوقع شمايل أن يثير هذا السؤال البسيط كل ما كابدت لطمسه في قلبها كما لم يخطر ببالها إطلاقا أن يظهر كم هائل من غضب لا تدري أين كان مخبأَ...
لا تستطيع أن تحدد إن كان موجها لنفسها ...لغسان أو ربما لتيجان ...

فتبتسم بشفتين مرتعشتين وكأنها على شفير البكاء و تنطق همسا أجشا مجروحا بما دار في خلدها من أفكار منذ أيام "وهل من المفترض أن أفعل ..بما أنه كان منذ أسابيع فقط مجرد مراقب صامت من بعيد يثير حنقك ؟"

تتأملها تيجان لبرهة بغموض ثم تسألها بحيرة "هل أنتِ غاضبة ؟"

تزداد ابتسامتها المتألمة ارتعاشا يحاكي ارتعاش قطعة البيتزا في كفها فكانت تضعها بهدوء في الطبق المدور إلى جانب القطع المتبقية و تدس يديها تحت الطاولة تكورهما في حجرها تشد على تنورتها الزرقاء السماوية بقوة تداري ارتجافهما "ألا يجب أن أكون كذلك ...ظننت أني صديقتك المقربة ..مستودع أسرارك ...وها أنتِ تضعينني موضع المغفلة ...فأراكِ تقفين معه فجأة فأندهش حالي حال كل من يعرفكِ من بعيد... " الجرح في عينيها كان حقيقيا و الألم في صوتها كان واقعا معاشا ...وكانت تتساءل في سرها وقد أعماها انفعالها..لماذا شعرت بالذنب حين أخفت عن تيجان بوادر أحاسيسها نحو غسان مادامت تسبقها بخطوات دون أن تهتم بإخبارها ...فقط لو علمت أبكر قليلا ...قليلا فقط لكانت حينها قادرة على قتل هذا الحب اللعين في مهده ...
العقدة بين حاجبيها تعمقت أكثر مستهجنة هجومها ثم كانت تردف بانزعاج واضح "ألا تبالغين قليلا ؟ ...احتجت بعض المساحة الشخصية لأحلل مشاعري دون تشويش "
كلامها صب الزيت فوق النار فألهبها أكثر لتحيد عن السيطرة دون أدنى أمل في إخمادها ...مازال لهيب الغضب يحترق في مقلتيها يتراقص حول أنقاض قلبها المتألم فتجيبها بنبرة تشوبها سخرية مريرة "لم أكن أعلم أني صرت مصدر تشويش لكِ..."
تهتف تيجان حانقة وقد فاض كيلها "أنت تعلمين أني لا أقصد معنى كهذا ؟"
لكنها لم تكن الوحيدة التي بلغ انفعالها منتهاه ...فتحتدم عينا شمايل وقد غطتهما لمعة دموع قهر زجاجية لكنها أبت إلا أن تذرفها و تهتف بدورها بخيبة أمل حقيقية و حسرة عميقة "صدقا لم أعد أعلم ..كيف سيكون شعوركِ إذا ما دعوتك يوما ما إلى حفل زفافي فجأة دون أن أطلعكِ على أي شيء مسبقا....هل ستطيرين مع السحاب بكل فرح و سرور دون أن يهمك أني أقصيتك كأن لم يكن بيننا ودّ قبلاً ؟"
حرب النظرات كان بينهما سجالا ما بين إصرار تيجان على صحة تصرفها و اقتناعها بتفاهة الوضع الذي ظهر من العدم و خيبة أمل شمايل و غضبها من موقف صديقتها المعاند...صمت مشحون امتد للحظات قليلة قبل أن تقطعه تيجان متسائلة بصوت فاتر مشدود مضيقة عينيها "كيف أصبحت الشخص السيء هنا ؟"
"إذا ...من المفترض أنني الشخص السيء؟" ضحكة قصيرة صدحت من حلق شمايل تطالعها بذهول فيما لا تكف عن مفاجأتها مع كل لحظة تمر عليهما

فتحتد تيجان مستاءة بشدة في اعتراف ضمني " توقعتُ أن تفرحي لأجلي وقد عثرتُ أخيرا على شخص يناسبني ...أن تسأليني بلهفة عن التفاصيل لأشارككِ كل تفصيلة صغيرة كانت أو كبيرة ..لا أن تبحثي عن أعذار واهية لتغضبي مني وكأنكِ ...تشعرين بالغيرة "
مع كل كلمة تقذفها كانت تنكأ جرحها أكثر وكأنها تتعمد أن تذهب إلى النار بالمنفاخ إلى أن وصلت إلى طريق مسدود حيث لم يبق عندها ما يقال ..وقد تعب الكلام من الكلام فكانت تهمس بفتور مقتضب في محاولة أخيرة لإيصال قناعاتها "التفاصيل ..تفقد بريقها حين لا تُحكى في وقتها .."
هيهات أن تنجح محاولاتها الواهية في كسر قشرة العناد التي أحاطت تيجان نفسها بها فهمست بشراسة تعيش دور الضحية " لم تكونِ على ما يرام منذ الصباح ..وها أنتِ ذي تفرغين كل ضغوطاتكِ فوق رأسي ....ليس من حدكِ أن تفسدي مزاجي بمنتهى الأنانية"
وكانت تخط نهاية هذا اللقاء البائس بيديها حين دفعت الكرسي واستقامت واقفة تلملم حاجياتها تستعد للرحيل "معك حق ...من أنا لأفسد مزاجكِ ...استمتعي "

...............................



تفتح باب البيت بمفتاحها الخاص و تدلف بهدوء على أطراف أصابعها على أمل ألا توقظهما من قيلولتهما فتقلقهما عليها بلا داعٍ وكل ما تصبو إليه حاليا هو الوصول بسلام إلى غرفتها...عالمها الخاص ..وهناك بإمكانها الانهيار على راحتها ..

"يا بنت ..لماذا تتصرفين كلص متسلل ...أم أنك فوتِ محاضراتكِ؟"

أتاها صوت والدها متسائلا بخشونة تزامنا مع مرورها بمحاذاة غرفة الجلوس ...
أطبقت جفنيها تعتصرهما تستنهض المزيد من الصبر لكبت ما يهدد بالانفلات لوقت أطول ثم عادت بضع خطوات إلى الوراء ووقفت قرب الباب تطالعه بملامح متعبة و مذنبة يضّجع براحة على جانبه الأيمن ويسند رأسه على كفه .. نفخ أوداجه لأنه ضبطها بالجرم المشهود سعيدا بممارسة سلطته الأبوية بعد أن سنحت له الفرصة أخيرا وقد اشتاق أن يكون الآمر الناهي بما أنه هو من يتعرض للتوبيخ معظم الأحيان ...

فيبتسم بانتصار لإنجازه العظيم ويتشدق قائلا بكل أريحية رافعا حاجبيه الكثين الأشيبين"أحفظ جدولك الزمني عن ظهر قلب يا روح أمكِ ..وبما أنها الثانية زوالا فهذا يعني أنكِ ستفوّتين محاضرتين اثنتين"
يتأمل سكونها التعيس لبرهة ثم يمط شفتيه ممتعضا و يدمدم بنبرة خائبة ذات مغزى " أبوك الشهم لن يشي بك لأمك ...لن يرد الصاع صاعين كما تفعلين أنتِ بتغطية 24 ساعة/ 24 لأخبار خلدون العاجلة و الحصرية"
تتنهد بخفوت وحين تفتح فمها لتقول شيئا تسترضي به والدها علّها تنسحب في أقرب وقت لتنعم ببعض الوحدة تطرف عيناها ناحية التلفاز فتقطب حاجبيها وتهمس مستنكرة باستياء واضح وقد ظهرت روحها المحاربة المعتادة من العدم غريزيا "لماذا تخفض صوت التلفاز إلى هذه الدرجة ..ما فائدة أن تشاهد الصور فقط دون صوت ثم ألم تمنعك أمي عن متابعة هذا البرنامج ...فضائح أسرية على الهواء مباشرة ...ويتحدثون عن مشاكلهم المخزية على الملأ دون ذرة خجل ...أين مفهوم الستر ...ماذا ستستفيد منه ؟"

يعتدل جالسا يناظر التلفاز وكأنه يلومه لإفساد نشوة السلطة التي عاشها للحظات معدودات بعد قحط طويل ثم يحيد بعينيه إليها في وقفتها المغيظة متسائلا بصمت كيف انقلب الوضع ليصبح هو المذنب الملام ..فيهمهم بجفاء مبررا "كان لدي حدس أنكِ ستعودين في هذا الوقت لذا قعدت لكِ بالمرصاد ..أخفضت الصوت كي لا أوقظ أمك ...كانت أول قناة ظهرت حين أنرت التلفاز فلم أهتم بتغييرها فبالي كان مشغولا ...لا تحاولي التملص يا فتاة "

تجيب تساؤله أخيرا بفتور تداهنه عارفة بمناوراته المكشوفة المضحكة لكنها لم تكن في مزاج رائق لتناغشه سيما وأن رغبتها في الانسحاب تلح عليها أكثر فأكثر "لم أشعر أني بخير فقررت العودة مبكرا لأرتاح ... "

يمعن النظر في ملامحها التعبة الشاحبة ثم يقول بصوت جاد به لمحة من عتاب "لا تبدين بخير منذ أيام ..هل اعتقدتِ أنكِ ستنجحين في المداراة عن والديكِ يا حمقاء..كم مرة قلت لكِ لا تشغلي بالكِ بشيء ...أعلم أن اشتراك الانترنت المنزلية انتهى البارحة لذا ذهبت اليوم ودفعت تكاليف عام كامل لتدرسي براحة دون أن تحسبي حسابها كل شهر ..."

وانفجرت في بكاء هستيري وقد بلغ تحملها منتهاه "لماذا لم تشاورني أولا ..كنتَ علمت حينها أني أنهيت كل بحوثي لهذه السنة لذا فلا حاجة لي بها ....لم كل هذا الهدر ...أنا ...لا أحتاجها ..لا أحتاجها... ؟ "
فتثير حنقه بكلامها و يهتف معاندا "لتتحدثي مع صديقاتكِ إذًا و ترفهي عن نفسك ...حقك مثل كل البنات "

وكان الذنب يقتلها أكثر مع كل كلمة ينطقها و نشيجها يعلو و يزداد حدة "لا أريد الحديث إلى أحد . أنا آسفة أبي ...أنا آسفة"

ينهض من مكانه متوجها نحوها ويربت على كتفها مضيقا عينيه بشك "لا يبدو وكأنك تبكين من شدة سعادتك ... أعلم انك حساسة جدا ..لكن ...أليس انفعالك مبالغا فيه...أنت لستِ بخير فعلا "

ثم كان يصيح بصبر نافذ حين استشعر جدية الموقف مديرا رأسه ناحية غرفة نومه يمطّ عنقه "يا امرأة ...انهضي بالله عليكِ ...لعمري هل هناك من يشخر في وضح النهار ...هل هذه قيلولة أم غيبوبة ...تعالي أسعفي ابنتك فلا فهم لي في أمور النساء و تقلباتهن العجيبة"
فتخرج سعاد مسرعة بشعر منكوش وعينين ناعستين شبه مغلقتين تتلفت يمنة و يسرة دون أن تفقه ما يجري
فيضرب خلدون كفا بكف و يهمس مخاطبا نفسه متذمرا "لا حول و لا قوة إلا بالله ...وحش النوم والله ..خسارة شبابي الذي أضعت لياليه أنوح أسفل نافذتها أترجى أباها ليزوجني إياها " ثم يرفع صوته ممتعضا "تعالي يا امرأة و انتشلي ابنتكِ لا أدري ما بها "
تستوعب سعاد الوضع أخيرا فتقف في منتصف الطريق متخصرة ثم تنقل نظراتها بين ابنتها المنخرطة في بكاء مرير و خلدون الواقف جنبها مطبطبا على ظهرها فتشوح بيدها الحرة تتوعده في غضب "ما الذي فعلته بابنتي لتبكيها هكذا ؟"

فيعتلي الذهول ملامحه ويرد بالقول المستنكر "غباء ما بعد النوم ... كيف ستهتمين بها بنصف عقلك الذي لم يصحو بعد على ما يبدو ... ثم بماذا سمعتكِ تتشدقين ..ابنتك ؟....وهل أنجبتِها لوحدكِ لا قدر الله .. الحق ليس عليك بل على خائب الرجا الذي أيقظك غافلا عن وصلات ردحك الفنية في فقرة ما بعد النوم"
ثم يلتفت إلى شمايل التي كانت في واد آخر غافلة عن نقارهما غارقة في بؤسها وقد خفت نشيجها ويقول بحنو " اذهبي إلى غرفتك لترتاحي يا روح والدك ريثما ترتب أمك تلك الفوضى البصرية "
فتومئ برأسها متهربة من دفء عينيه وتجرجر قدميها نحو غرفتها لاعنة نفسها على إقلاقهما هكذا..

.............................

بعد نصف ساعة كانت تستقر جالسة على سريرها وقد بدلت ملابسها إلى ثوب بيتي قطني فضفاض مريح وصلّت صلاتها ..
المصحف الصغير بين يديها تحاول قراءة وردها اليومي بخشوع و تركيز ...عادة تعلمتها من أمها منذ صغرها فغدت كطقس يومي لا مناص منه مهما شغلتها الحياة ..
تطل سعاد أخيرا برأسها و وقد أمهلتها كل هذه المدة عن عمد لتلملم شتاتها و تستجمع تركيزها فتبتسم حين تلاحظ عودتها إلى طبيعتها الهادئة المستكينة أبعد انفجارها المبهم غير الاعتيادي ...
توارب الباب خلفها وتجلس بالقرب منها ثم تسألها مباشرة كعادتها دون مقدمات تمهيدية " هل لي أن أطلع على ما يزعجكِ ؟"
يعاودها التوتر وقد طار الاسترخاء الذي كابدت لاستجماعه منذ دقائق خلت فتضغط دون وعي منها على المصحف بين يديها ...حركة لم تكن سعاد لتغفل عنها أبدا وقد حفظت كل خلجات وحيدتها عن ظهر قلب ...

كانت قد لمست فيها هذا التشتت الخفي منذ عدة أسابيع ..خفيّ بما يكفي لكي لا يلاحظه والدها ..هي أيضا لم تكن لتفعل ربما أمام استماتة شمايل في المداراة فكانت تصرفاتها طبيعية تماما كعادتها دون أي لمحة غرابة أو اختلاف ...
إلا أن الأمر يختلف إذا ما تعلق بقلب سعاد الحساس كجهاز كاشف متطور يلتقط أدنى الموجات الضوئية اللامرئية ...فأن لا ترى ما يثير الريبة لا يعني أبدا أن لا تستشعر التغير..لكنها فضلت المراقبة و حسب إلى أن يحين الوقت المناسب للتدخل ..

وضع لم تفلح شمايل في مداراته طويلا إذ كان ضياعها و تعاستها بوضوح الشمس خلال عطلة نهاية الأسبوع الفائتة ..بما يكفي ليتنبه خلدون أيضا ..هذا الأخير عزى حالها إلى انتهاء اشتراك الانترنت وقد نسي أن يسدد التكاليف كعادته قبل أن تنقطع ليجنبها الشعور بالذنب و الإحراج منهما كدأبها فمهما حاولا إقناعها بأن كل شيء يهون لأجل سعادتها سيتغلب دوما شعورها بالمراعاة و والإحساس بأنها تثقل عليهما ..
ففكر خلدون أن يرفع عنها هذا الحرج بتسديد فاتورة عام كامل على خلاف عادته...سعاد أنبأها إحساسها أن السبب مختلف لكنها سايرته رغبة منها في حشر ابنتها في الزاوية ودفعها نحو حافة الانفجار ..خطة أتت بثمارها و جعلت شمايل تستسلم أخيرا وقد أضناها الكبت ...

"أمي ...أنا لا أدري ماذا علي أن أقول " كانت إجابة صريحة صادقة حقا...
وكم كان صعبا عليها أن تخفي عن أمها شيئا وهي التي لم تتوانى من قبل أبدا على إطلاعها على كل التفاصيل المملة ليومها ...
كم كان صعبا تخيل ردة فعلها وخيبتها حين تدرك أي حضيض انحدرت إليه وقد ملأت رأسها بالسخافات ...

بقدر حزم سعاد في تربية شمايل كان تفهمها لنفسيتها بحكم المرحلة العمرية الحساسة التي تمر بها خاصة و أنها عاشت فترة مراهقة هادئة مطيعة لوالديها و مستسلمة لتحكمهما في كل صغيرة و كبيرة في حياتها فكان من الطبيعي أن تعاني من بعض التوترات النفسية المصاحبة للتغيرات التي تطرأ على نمط حياة الإنسان في مرحلة شبابه وقد اعتاد على أسلوب معين مريح دون مسؤوليات تكدر النفس و تشغل البال فكانت تعفيها من المعاناة أكثر قائلة بسماحة ممسكة بكفها "لا بأس حبيبتي ..لست هنا للضغط عليكِ واستجوابكِ عنوة " وتواصل بذات النبرة الدافئة متجاهلة الدهشة التي ألجمت شمايل "أنا أمك ...يمكنني أن أستشعر أدنى تغير بكِ مهما كان طفيفا...لكني لم أشأ أن أتدخل فلم تعودي طفلة تحتاج المساعدة ...أريدك أن تعرفي أننا نثق بكِ فمن المستحيل أن تفعلي ما ينكس رؤوسنا ...هذا لا يعني أن دوري انتهى هنا ..سأبقى خلفك ما حييت و مهما كان ما تمرين به يمكنك اللجوء إلى أمك في أي وقت إذا عجزت عن حل الأمور بنفسك ...لكن دعيني أعترف لك بسر ..تملكين حدسا سليما استدلي به لتعثري على طريقك ...وشخصية قوية أيضا فلا تستسلمي لنظرات الآخرين المنتقصة مهما كثرت ..."
اغرورقت عيناها بالدموع وضاعت منها الكلمات بينما تسمع سعاد تستزيد قائلة بهمس وقد شقت ابتسامة امتنان شفتيها "أعتقد أني سأبوح لك بسر آخر...مخجل في الواقع...ما كنت لأنجح في تقويم والدك لولا دعمك الكبير ...لا يمر يوم واحد علي دون أن أتذكر أن ما نعيشه من راحة بال من فضل الله أولا ثم فضلك "
فتجيبها شمايل بلوعة وقد استكثرت على نفسها الفضل"أمي لا تبالغي ..كان ذلك أقل ما يمكنني فعله لأجلكما"
فتهز سعاد رأسها بالنفي وتؤكد قائلة و بريق الفخر يتوهج في عينيها "منذ صغرك لم تتعبيني أبدا في تربيتك ...بل و ساعدتني باستماتة في كل عثرة مررنا بها ...كنت قد يئست من والدك وظننته لن يتغير أبدا لكنك كنت أكثر إصرارا و عزيمة مني ... لذا أيا كان ما يضايقكِ لا تهربي ...واجهي أولا ثم فوزي أو اخسري بشرف "
وكان خلدون يتدخل كعادته دون أن يسمح لهما بالتنعم بلحظات ثمينة مشحونة بعواطف تدفئ الروح فيقف مستندا على إطار الباب و يهتف بجفاء بصوت متبرم غيور يلفت انتباههما "أريد فنجان قهوة "
"ألا ترى أننا نتحدث كأم و ابنتها ؟" قالتها سعاد رافعة حاجبيها مستغربة تدخله فيبرطم قائلا بلهجة ممطوطة "لمن الفضل يا ترى ...كنتِ مصروعة في غرفتنا في سابع نومة يا جاحدة ..أوقظك و أتلقى التوبيخ لقاء صنيعي ثم تستفردين بدور البطولة لوحدك .."
لا تتمالك سعاد نفسها فتنفجر ضاحكة من شطحاته التي لا تنتهي فيصدر صوتا متذمرا و يهمهم باستياء يطالعها بنصف عين "تجيدين النصح وربي مثل أولئك المدربين النفسانيين في التلفاز ...لماذا لا أسمع منكِ مثل هذا الكلام الجميل يا ترى...تتذمرين فوق رأسي ليل نهار "
فتقول من بين ضحكاتها بتقطع "وهل جلست معي كالبشر لنتحدث ..تمضي نهارك في المقهى تسلي الجيران وحين تعود تقابل التلفاز تشاهد كل ما هو معروض ويعجبك أي برنامج دون ذوق محدد ...ويا ليتك تتفرج بصمت ..سعاد أنظري ...سعاد اسمعي ... "
فيهتف فيها بغيظ "ألا تعلمين أن المتعة تكمن في المشاركة ..انهضي يا امرأة أريد فنجان قهوة يشاركني برنامجي المفضل ...

ومضيا معا إلى المطبخ مستمرَّيْن في ثرثرتهما تاركَيْن خلفهما قلبا ملتاعا يتلوى في تأنيب الضمير ...تاه و تعب باحثا عن بر أمان يرسو إليه...

............................


ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-07-20, 10:46 PM   #132

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



كان جالسا ينجز بعض الأعمال على حاسوبه المحمول حين سمع دوران المفتاح في قفل الباب ثم صوت ليث الذي كان ينهي مكالمة هاتفية مع أمه ..
وقف مستندا إلى إطار الباب ليدردش معه كعادته بضع دقائق قبل أن يتوجه إلى غرفته فكان غسان يبادره بالسؤال قائلا "كيف حالهم ؟"
فيجيبه ليث باقتضاب "الحمد لله على كل حال ...بخير على العموم... " ثم
يبتسم ابتسامة عريضة شقت فمه من الأذن إلى الأذن و يقول رافعا حاجبه الأشقر بمكر " بلغني أنك تنوي خطبة إحداهن "
فيطالعه غسان لولهة وقد تغضن جبينه حائرا ثم ما لبث أن انفجر ضاحكا حين جمع اثنين مع اثنين فيهتف بنبرة ذاهلة "غير معقول..تتناقل الأخبار بين النساء بسرعة الضوء حرفيا ...آه يا أمي .."
"ويحك يا أخي وضعتنا في موقف محرج ...استنطقتني أمي حرفيا حول المحظوظة ...لو أني سايرتها قليلا لطلبت أن ألتقط صورة لها " قالها ضاحكا بنبرة شكوى فيسأله غسان مباشرة "وماذا قلت لها ؟"
فيرفع ليث كفيه في وضعية الاستسلام ويدمدم مندهشا "وماذا عساني أقول ...كدت أسألها أي واحدة منهما ينوي أن يتقدم لها ...لا تنظر إلي هكذا ...دوّختنا والله ...تقول أنك تعشق هذه لنراك تحدث تلك ...ما تلك العاهة ؟"
فيبتسم غسان ويهمس بهدوء وقد أظلمت عيناه "أعتقد أني في ورطة يا بطل "
يضرب ليث كفا بكف و يوافقه متبرما "وهل تشك في هذا ؟...تركض خلفها فتركض خلفك صديقتها و الله وحده يعلم من يركض خلف هذه الأخيرة ..لا أدري كيف يتحمل عقلك هذه الدوامة لو كنتُ مكانكَ لصرعتُ كلتيهما و أرحتُ نفسي "
لا يتجاوب معه بل يشرد مفكرا لبرهة ثم يقول بنبرة ذات مغزى كمن فوّت العديد من التفاصيل المهمة ثم اكتشفها متأخرا مع الأسف وقد وقع ما قد يعقد الوضع أكثر "لم أحسب حسابها كما ينبغي"
"وخالتي زينب من جهة أخرى زادت الطينة بلة " يقر ليث متأسفا على ما آلت إليه الأمور فيطمئنه غسان بثقة "مسألة أمي ليست بالأمر الجلل...تغضب قليلا وتعاند لفترة تشتكي لكل من تصادفه ثم تتنازل ...أعرفها لا يمكنها أن تفرض علي ما لا أريده خاصة و أن أبي يدعمني "
فيسأله بفضول مترقبا الإجابة "و ما الحل إذاً؟"
إلا أن غسان لم يكن مستعدا بعد لإشباع فضوله فيتمتم وعيناه هائمتان بشرود على شاشة حاسبه"لا أدري بعد ...لا أدري كيف سأتصرف معها...حدسي ينبئني أن تصرفاتها ليست عفوية أبدا كما تبدو بل محسوبة بدقة ..هل يمكن للمظاهر أن تكون خدّاعة إلى هذا الحد؟...أم أنها تعاني من اختلال ما؟ "

تأمله ليث في شروده وفكر أن الغموض يحاوطه من كل جانب ...ربما لا يعلم بدقة ماذا يحدث مع ابن خالته إلا أنه أحس بصعوبة و تعقيد الموقف الذي وجد نفسه غارقا فيه ...

........................

"لقد سئمت حقا من تكرار نفس الكلام ...أنا لا أشعر بأي شيء ..لا أدري لماذا أسمح لك بفحصي في كل مرة " هتف معتصم بنزق في وجه الطبيب الذي لم تبدو عليه أمارات الانزعاج إطلاقا و قد اعتاد على وقاحة المرضى و غلظتهم خاصة من هم على شاكلة معتصم ...كان يتفهم نزقه و جفاءه كما كان يلحظ خيبة الأمل التي تظلم بها عيناه ما إن يسفر الفحص الدوري لأعصاب ساقيه عن نفس النتيجة السلبية...حتى وإن كابر و ادعى يأسه وعدم اكتراثه بحالته الصحية كان في قرارة نفسه يأمل أن يتغير الوضع يوما ما لكنه لم يكن يملك من الصبر ما يكفي ليقوى على انتظار ذاك اليوم الذي يبدو لعينيه بعيدا بعد السماء عن الأرض...

ينسحب الطبيب بهدوء بعد أن ألقى بضعة كلمات مطمئنة لم تلق ردا في المقابل ويقف في الرواق يحدث نادين التي لوّن البؤس و الإحباط ملامحها ككل مرة
" كما سبق و أخبرتك من حسن حظ معتصم أن إصابته كانت على مستوى الفقرة (t-12) لذا فقد أصيبت عضلات الرجلين والأمعاء والمثانة بالشلل الجزئي أو التام إذ ما زال من المبكر حسم الأمور بينما لم لا تتأثر عضلات البطن والصدر والذراعين واليدين ...يتحتم عليه البقاء على وضعه ذاك مستلقيا على ظهره دون حراك لوقت أطول قليلا ...أعلم أن الأمر محبط فالمريض يستعجل المرور إلى المرحلة العلاجية التالية إلا أنه في حالة الإصابة بالشلل نتيجة حادث فيجب إمهال العظام المكسورة وقتاً كافياً للشفاء والالتحام في أحسن وضعية ممكنة ويمنع خلال هذه الفترة الجلوس على السرير أو مغادرته خوفا من أن تتسبب العظام التي لم تلتحم بعد ضررا إضافيا في الحبل الشوكي ...لاحظت أن ممرضه الخاص يتغير كل مرة وهذا ليس جيدا وهذا يعني شيئا واحدا ...أنه يرفض التجاوب مع المساعدة التي يجب أن يتلقاها حتى وإن كان الأمر صعبا عليه ...أتمنى أن تشرفي على العملية شخصيا مثلا تفقديه كل ساعتين أو ثلاثة ساعات وتأكدي أنه سمح للمريض بتغيير وضعية استلقائه ..فالجلد قد يصاب بمضاعفات تزيد الأمر سوءًا إذا ما تعرض للضغط المستمر ...الإحباط شعور طبيعي في مثل هذه الحالات لذا لا تضغطي على نفسك كثيرا ...ركزي في الوقت الحالي على تنفيذ كل تعليماتي و تابعي عمل الممرض أولا بأول ..وحاولي دعمه بكل ما تستطيعين حتى و إن لم تلقى جهودك صدى لديه "

كانت نادين على وشك الإغماء من فرط الإرهاق وقد أتعبها معتصم كعادته حين استقال ممرض آخر ...القائمة تطول وعدد الممرضين المعروفين بكفاءتهم يتناقص تدريجيا مما يعني بذل مجهود أكبر في البحث الذي يبدو أنه لن يستقر إلى نهاية حاسمة أبدا ...
أما عن صراخه عليها و تقليل الأدب معها أمام الطبيب فحدث ولا حرج ...فيبدو أن الطبيب بدوره قد اعتاد على نوبات جنونه وقد اكتسب مناعة أمام كلماته الوقحة المخزية التي يمطرها عليها في وجوده بعد أن كان يحمر خجلا في زياراته الأولى متحرجا من قسوته التي تظل مبالغا فيها حتى في حالته المعذورة...

استمعت إلى كلامه بصبر دون رغبة فعلية في ذلك بما أن الوضع باق على حاله فلا فائدة من الشروحات المستفيضة في رأيها وحين انصرف كانت تتوجه عقبا نحو غرفة ابنتها المنفردة بنفسها ليل نهار في سجنها الاختياري كعادتها ...
طرقت الباب ثم كانت تطل برأسها قائلة ببسمة دبلوماسية فاترة "هل أنت متفرغة ؟"
الغرفة مظلمة إلا من نور المساء الشحيح المتسلل عبر الستائر الوردية الناعمة وقد بدأ الظلام يرخي أستاره تدريجيا ...تيجان المستلقية على بطنها تدفن وجهها في شاشة هاتفها مركزة تماما معزولة عن العالم الخارجي رفعت وجهها بصعوبة بعد لحظات وكأن مغناطيسا يجذبها إلى ما كانت تمعن النظر إليه وقالت مندهشة لوجود أمها في غرفتها في لفتة غير مسبوقة وكأنها لم تفهم ما قصدته من جملتها العادية الواضحة "عفوا ؟"

نادين التي ازدادت ابتسامتها الباردة اتساعا تفهمت الآن لماذا لم تخرج كعادتها ...فحين يكون الطبيب هنا لفحص أخيها تربض أمام الباب بالمرصاد ترهف السمع لما يدور في الداخل فتسد طريقه حالما يخرج من غرفة معتصم وترفع ضغطه بأسئلتها المتكررة التي لا تنتهي حول حالته مع أمل و لهفة لشفاء قريب و كأنه يملك خاتم سيدنا سليمان بدل أن لا يعدو عن كونه بشرا عاديا لا يختلف عنها في شيء باستثناء معرفته العلمية و خبرته الطبية ...
ثم كانت تدلف إلى الغرفة التي أمرت بتصميمها بنفسها دون أن تلقي عليها و لو نظرة خاطفة و تستقر جالسة قربها على السرير تتفحصها مفكرة ...لم تلاحظ متى استحالت نفسيتها من الاكتئاب و البكاء الشديد الذي لازمها لأسابيع طويلة إلى النشاط و الحيوية إلاّ حين أخبرتها الخادمة أنها لمحتها بالأمس تتحدث إلى كاظم في الشرفة فكانت اليوم تراقبها على خلاف عادتها لتندهش بهذا التغير الكبير...

"إذا ..كيف حال ابنتي ؟"
اعتدلت تيجان جالسة تقاطع ساقيها بينما مازال الهاتف بين يديها تضغط عليه بقوة وكأنها تتمسك به ثم أجابت همسا باقتضاب فاتر وقد تعلقت عيناها الحائرتان بعيني أمها مطولا وكأنها تراها للمرة الأولى
"بخير "
تتجاهل نادين ارتباكها و تهمس بأريحية أم اعتادت الدردشة مع ابنتها
"لا يمكنك أن تتخيلي كم أسعدني تواصلك مع أخيك أخيرا بعد طول انقطاع"
مازالت عيناها في عيني نادين ترنو بنظراتها وكأنها تسعى لسبر أغوارها علّها تنحي عنها هذا الشعور بالحيرة و الغرابة ...وكأنها تبحث دون وعي منها عن ألفة من المفترض أن تكون موجودة بين الأم و ابنتها فتتوه أكثر دون أن تدرك ما يحدث معها وبدل أن تتجاوب مع مديح تسمعه ربما لأول مرة من نادين كانت تسألها ما شغلها طويلا ...ما حاولت أن تسألها عنه من قبل عدة مرات فكانت في كل مرة تصرِفها متعللة بتعب ...أو بصداع...بعمل ...أو حتى تصرخ في وجهها حين يكون مزاجها سوداويا "ماما ...لماذا معتصم غاضب منك ؟"
فتجيبها نادين فورا بثقة دون أن تغفل ولو للحظة عن بسمتها الأنيقة المدروسة "ليس غاضبا مني بشكل خاص ..إنه ..فقط ..ناقم على وضعه ..ومكتئب ...من المنطقي أن يفرغ كل شحناته في أمه دون أخته الصغيرة ...لن يحب أن يكسرك حبيبتي فهو يعلم أنك لن تتحملي جفاءه "
فتتنفس تيجان الصعداء و تبتسم براحة "حقا...كنت قلقة للغاية لكني لم أتجرأ على سؤاله .." ثم تواصل سائلة وقد تنحى عنها بعض من توترها المبهم" هل تعرفين صديقه ذاك ...ما كان اسمه ..كاظم ؟"
تبتسم نادين بغموض وتهمس "نعم ..لماذا تسألين ؟"
فتستطرد تيجان قائلة براحة شاعرة بالاطمئنان على أخيها "لم أكن أعلم أن معتصم يملك صديقا رائعا مثله "
ترفع نادين حاجبيها بدهشة و تستدرجها بفضول نحو الكشف عن المزيد من دواخلها "رائع؟"
فترد تيجان بعفوية وثقة "أجل ...هو الوحيد الذي وقف إلى جانبه بعد أن تخلى عنه جميع أصدقائه ...تعرفت إليه بالأمس .. قد يبدو شخصا باردا و مملا لكنه يملك قلبا طيبا "
فتكتفي بهز رأسها في موافقة صامتة و تراقبها كيف سارعت تتفقد الإشعارات حين سمعت الرنة المميزة وقد برقت عيناها بشوق يستحيل أن تفوته نادين ثم سرعان ما كان البريق يختفي لتحل محله الخيبة حين لم يحصل ما كان ببالها فتحيد بنظراتها إلى الهاتف و تسألها مدعية اللامبالاة "هل من مشكلة "
فتهز تيجان رأسها نفيا دون أن ترفع وجهها المنحني وقد غطت ملامحها ستارة شعرها المسدلة على الجانبين "لا..لاشيء"

..........................
يضغط على الهاتف بيده حتى ابيضت سلاميات أصابعه ..يقدح من عينيه شررا متطايرا يتصفح حسابها فيلاحظ أنها تشارك أي منشور مع أحد أصدقائها ...وصادف أن كان صديقها رجل يعرفه منذ أيام الجامعة ...
كانوا سبعة منشورات في ساعة واحدة فقط آخرها كان منذ دقائق فقط ... فيفكر أن مشاركته كل هذا الكم في ظرف قياسي يعني أمرا واحدا فقط ...
يرفع رأسه ويتأمل النور المنبعث من غرفتها ...تقبع الآن هناك في الأعلى على بعد عدة أمتار منه .. فيتخيلها تبتسم بحالمية تحتضن هاتفها بينما تتواصل مع فارس أحلامها ...
مع رجل آخر سواه ...
تحركت عضلة فكه وكان يرمي هاتفه ليرتطم بالمقعد الجلدي قربه وقد حسم أمره ..
لن يزور معتصم اليوم فلن يضمن ألا ينحرف نحو غرفتها ويفعل بها ما لا يحمد عقباه ...لكنه في المقابل يعلم تماما إلى أين عليه أن يذهب ...
وكان صرير سيارته يعلو بينما ينطلق نحو وجهة حددها ولا مجال للتراجع أبدا
................
يفتح ليث الباب مفكرا من قد يزورهم في هذا الوقت فيواجهه شاب فارع الطول ذو حضور قوي محترم الهيأة ...ملامحه مستكينة بخلاف عينيه المتقدتين وقد اشتعلت رماديتهما غضبا؟؟

"هل غسان هنا ؟...أخبره أن كاظم يريد رؤيته "

انتهى الفصل العاشر


ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-07-20, 12:47 AM   #133

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

منك لله ياغسان ترددك هيخلى الصديقتين يخسروا بعض

شمايل فضلت تقاوم المها لرؤيتها تيجان بتتودد لغسان وهو مش بيصدها حتى

شعرت ان مشاعره ناحيتها كانت نزوة وعدت ودلوقتى حول الامور لتيجان .. المشكلة ان تيجان نفسها بدأت تميل لغسان ودا شئ طبيعى فى ظل غياب كل رمز فى حياتها

غياب الاب بموته الغامض فى الحادث .. غياب الاخ بمصابه ورفضه ونقمته لكل المحيطين بيه .. وغياب الام فى الرثاء على نفسها وخوفها من انكشاف الماضى

صحيح نادين بتحاول تقرب من معتصم وصحيح بتحاول محاولات ضعيفة انها تكون ام لتيجان وصديقة

بس كل دا ما يجى نقطة فى بحر حب سعاد وخلدون لشمايل

صحيح الموقف بعد عودة شمايل مجروحة من الكلية كان موقف محزن فى البداية على حالها ومضحك جدا بعد امساك خلدون ليها بتسللها ..الا كان موقف مبهج جدا ويشرح القلب

موقف بيبن انه بالرغم من بساطتة الاسرة دى الا انهم مهتمين جدا بمشاعر بنتهم وملاحظين لتغيرتها النفسية وحابين انهم يخرجوها عن اى حاجة تضايقها

حبيت جدا جدال خلدون وسعاد ودمهم الخفيف

تيجان ما بين انجذابها لغسان وبين اعجابها بطيبة كاظم لوقوفه جمب معتصم ياترى مشاعرها هترسى على ايه

غسان الغبى اللى مش عايز يريح جميع الاطراف من ناحية امه اللى نفسها تجوزه ومن ناحية شمايل اللى بيكسر قلبها ومن ناحية تيجان اللى بدأت تنجذب ليه وفى الاخر يظهر ان كاظم صديقه ولاحظ مشاركة تيجان منشور معاه
الفصل روعه بس زعلانه اوى على شمايل وخايفة على تيجان

تسلم ايدك ياجميل

الديجور likes this.

ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 09-07-20, 11:30 AM   #134

م ام زياد

مشرفة منتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية م ام زياد

? العضوٌ??? » 389344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,607
?  نُقآطِيْ » م ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond repute
افتراضي

يادي الوقعه يعني شمايل المسكينه يوم ما تحس انها بتحب يحصل كده
واضح ان تيجان بتدور على الاهتمام والحب
وانت لحظة المصيبه ويجتمع كاظم وغسان ياختييييي شكله عرف انه هوه من مشاركتها المنشورات معاه بما انه كان يعرفه قبل كده
تسلم ايدك حبيبتي قلمك جميل اوعي توقفي

الديجور likes this.

م ام زياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-20, 10:29 AM   #135

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام زياد محمود مشاهدة المشاركة
منك لله ياغسان ترددك هيخلى الصديقتين يخسروا بعض

شمايل فضلت تقاوم المها لرؤيتها تيجان بتتودد لغسان وهو مش بيصدها حتى

شعرت ان مشاعره ناحيتها كانت نزوة وعدت ودلوقتى حول الامور لتيجان .. المشكلة ان تيجان نفسها بدأت تميل لغسان ودا شئ طبيعى فى ظل غياب كل رمز فى حياتها

غياب الاب بموته الغامض فى الحادث .. غياب الاخ بمصابه ورفضه ونقمته لكل المحيطين بيه .. وغياب الام فى الرثاء على نفسها وخوفها من انكشاف الماضى

صحيح نادين بتحاول تقرب من معتصم وصحيح بتحاول محاولات ضعيفة انها تكون ام لتيجان وصديقة

بس كل دا ما يجى نقطة فى بحر حب سعاد وخلدون لشمايل

صحيح الموقف بعد عودة شمايل مجروحة من الكلية كان موقف محزن فى البداية على حالها ومضحك جدا بعد امساك خلدون ليها بتسللها ..الا كان موقف مبهج جدا ويشرح القلب

موقف بيبن انه بالرغم من بساطتة الاسرة دى الا انهم مهتمين جدا بمشاعر بنتهم وملاحظين لتغيرتها النفسية وحابين انهم يخرجوها عن اى حاجة تضايقها

حبيت جدا جدال خلدون وسعاد ودمهم الخفيف

تيجان ما بين انجذابها لغسان وبين اعجابها بطيبة كاظم لوقوفه جمب معتصم ياترى مشاعرها هترسى على ايه

غسان الغبى اللى مش عايز يريح جميع الاطراف من ناحية امه اللى نفسها تجوزه ومن ناحية شمايل اللى بيكسر قلبها ومن ناحية تيجان اللى بدأت تنجذب ليه وفى الاخر يظهر ان كاظم صديقه ولاحظ مشاركة تيجان منشور معاه
الفصل روعه بس زعلانه اوى على شمايل وخايفة على تيجان

تسلم ايدك ياجميل
لغسان أسبابه وهو مقتنع تماما بها يعني كل واحد كيف يرى الأمور وكل واحد يرى نفسه محقا ...ربما تردد غسان فيه خير لتيجان بحيث ستكشف الكثير من العقد الت ي تعاني منها
تسلمي حبيبتي على المتابعة الحلوة

الديجور likes this.

ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-20, 10:32 AM   #136

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة م ام زياد مشاهدة المشاركة
يادي الوقعه يعني شمايل المسكينه يوم ما تحس انها بتحب يحصل كده
واضح ان تيجان بتدور على الاهتمام والحب
وانت لحظة المصيبه ويجتمع كاظم وغسان ياختييييي شكله عرف انه هوه من مشاركتها المنشورات معاه بما انه كان يعرفه قبل كده
تسلم ايدك حبيبتي قلمك جميل اوعي توقفي
شكرا على رأيك في قلمي يا قمر
أعتبرها شهادة أعتز بها :heeheeh::heeheeh:

الديجور likes this.

ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-07-20, 10:28 PM   #137

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

أسعد الله مساءكم بكل خير
يوجد فصل اليوم لكنه سينزل متأخرا ...أعتذر لكم
دمتم بخير

الديجور likes this.

ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-07-20, 11:01 PM   #138

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

يسعد مساكى ياجميلة

فى انتظارك ان شاء الله

براحتك ياحبيبتى

الديجور likes this.

ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 16-07-20, 01:19 AM   #139

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل سينزل حالا اعتذر مجددا عن التأخير فانشغالاتي كثيرة هالفترة
أتمنى أن لا يكون في الفصل أخطاء فلم أدققه بعد
قراءة ممتعة

الديجور likes this.

ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-07-20, 01:20 AM   #140

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


"الفصل الحادي عشر"


كان ليث ينوي أن يستفسر قبلا لماذا يريد الغريب المتجهم الماثل أمامه والذي لم يسبق له أن رآه مسبقا رؤية غسان إذ لم يرتح لنظراته المظلمة رغم مظهره المحترم إلا أنه تراجع حين سمع وقع خطوات ابن خالته قادما نحوهما بعد أن تركه خلفه في المطبخ الصغير أين كانا يحضران طعام العشاء ..

و بمجرد أن ظهر غسان في الرواق المستقيم المؤدي نحو الباب كان الغريب يحيد بطرفه يرنو إليه بنظرات قاتمة ازدادت اشتعالا و يستدير بجسده يواجهه في وقفة تأهب متصلبة مستنفرا كل حواسه وقد حشر كفيه في جيبي بنطاله الجينز الأزرق الداكن في حركة دفاعية ربما ...أو ربما في لفتة يكبح بها لجام غضبه الذي فار أكثر ما إن لمح غسان ...

"من الذي ..؟"
بتر غسان سؤاله حين رأى الشخص الواقف بالباب المشرّع فتوقف تلقائيا عن دعك كفيه بورق الطبخ الماص وقد فغر فاه قليلا دَهِشا حين تبين هويته ...
تلك الملامح الباردة المتصلبة لا يمكنه أبدا أن ينساها ...تلك العيون بنظراتها الحادة فطريا لا تزالان ترمقانه بنفس القدر من المقت و الازدراء ...وكان السؤال يقفز إلى ذهنه مباشرة ... ما الذي قد يريده منه كاظم بعد كل هذه السنوات ...خصوصا إن كان يناظره هكذا ؟؟
يستشعر الجو المشبع بالتوتر في الحال إلا أنه يتعمد التغافل وقد لاحظ تأهب ليث بدوره الذي لم يعجبه ضيف الغفلة على ما يبدو فيحث الخطى نحو كاظم مرحِّبا ببشاشة "شرفتنا يا صديق ..أي ريح رمتك عند عتبة بابي يا ترى ؟"

فيتنحى ليث جانبا يفضل الانسحاب إلى الخلف قليلا و يقف بظهر ابن خالته يراقبهما بصمت وفضول في وقفتهما وجها لوجه يتفحصان بعضهما في صمت فيكاد يرى الشرارات الكهربية تتصاعد بينهما فيذكرانه بمصارعة الديوك في القرية ...

يأبى غسان إلا أن يمسح ابتسامته البشوشة المغيظة بينما يرمقه بنظرات تتوهج تحديا صامتا ليفجر الغضب الجلي في عينيه في التو والذي ازداد اشتعالا مستنكرا نعته ب(صديق) يستفزه ليكون الشخص الهمجي هنا ...

فيعبئ كاظم رئتيه بنفس طويل حاد اتسعت على إثره فتحتي أنفه و يهمس من بين أسنانه المطبقة بصوت صلب لا يحمل أي أثر للمرح الذي ينبغي أن يكون عليه كضيف عزيز شرّف بعد سنون طِوال "لا يمكنك أن تتخيل أبدا أي إعصار رماني هنا ...يا ...صديق " ثم يومئ ناحية ليث و يقول بنبرة مبطنة "هلاّ تكلمنا في مكان أكثر خصوصية .. سيارتي في الأسفل "

يجيبه غسان بذات البشاشة ولمحة من الأسى متجاوزا التحذير في صوته باسطا كفيه يؤشر ناحية غرفة الجلوس " كنت أفكر في أن أدعوك لتناول العشاء معنا ...لكن يبدو أنك مستعجل "
فتميل شفاه كاظم في ابتسامة جانبية قاسية يتخيل نفسه يقلب عليه الطاولة بما فيها ...أو يدس وجهه في صحن حساء ساخن جدا ثم يستدير دون أن يرد نازلا درجات السلم على مهله في إشارة صامتة ليتبعه ...

وحين هم غسان باللحاق به بكل بساطة وكأن ما حدث للتو كان أمرا عاديا للغاية كان ليث يقبض على ذراعه قائلا بنبرة مستنكرة دون أن يهتم إن تناهى كلامه إلى مسمع كاظم الذي كان يهبط الدرجة الثانية "هل تعرفه بما يكفي لترافقه إلى سيارته ؟"

فيربت غسان على كفه المتقبضة حول ذراعه وقد توسعت عيناه ببراءة متظاهرا بالتفكير "أنا أعرفه من أيام الجامعة ..للأمانة كان طالبا حسن السلوك لكن معك حق مرت سنوات طويلة ....ماذا لو أضحى مجرما متسلسلا بهيئة تمويهية محترمة ؟"

يتجمد كاظم للحظات مبتسما بقسوة ...لا يمكن لذاك الأحمق أن يتخيل مقدار الإجرام الذي يدور في عقله في هذه اللحظة ثم يشخر ساخرا دون أدنى حس للمرح بينما يهبط درجة أخرى دون أن يكلف نفسه عناء الالتفاف نحوهما "لم لا ... مجرم متسلسل يبحث عن مخادع محتال ؟"

فيرعد غسان ضاحكا ويهتف قائلا يشاكسه بأريحية "مازال مزاجك فكاهيا كما كنتَ تماما "

يتوقف كاظم في مكانه متفاجئا ...هو و الفكاهة في جملة واحدة؟ ...هل يتعمد إغاظته ؟ ثم يستدير إليهما مركزا نظراته على ليث ويدمدم ببرود دون تعبير " سيارتي مركونة تحت شرفة الشقة تماما ...يمكنك أن تصرخ طالبا النجدة إذا ما رأيت ما يثير الريبة " وكان يهبط متجاوزا درجتين في آن واحد مسرعا هذه المرة....


احتقن وجه ليث شاعرا بالإهانة تنضح من كلامه وكان يهتف غاضبا مستهجنا تصرفه المفتقر للذوق يؤشر بسبابته ناحية السلالم "هل كانت هذه دعابة ...من هذا الثور المتعجرف ؟؟ ...أنا متأكد أنه بَرَدَ قرونه قبل أن يحل علينا لا سهلا و لا مرحبا "

فيغمزه غسان ويديره ثم يثبت كفيه على كتفيه من الخلف و يدفعه إلى داخل الشقة بلطف "ألم تسمع كلامه ..إلى موقعك في الشرفة يا بطل ..افتح عينيك جيدا فحياتي مرهونة بين يديك"

فيصيح ليث حائرا متوجسا في محاولة أخيرة منه لإقناع غسان بالتراجع "يا أخي بجدية؟؟؟؟ ألا تلاحظ أنه لا ينوي على خير أبدا ...لست مضطرا للاستماع إليه ؟"

إلا أنه أغلق الباب على عجالة دون أن يرد عليه و نزل السلالم بخفة مفكرا وقد أظلمت خضراوتاه ... ليث على حق فمؤكد أن كاظم لم يأتيه ليبثه أشواقه وحنينه لأيام الجامعة ..
وعلى الرغم من أنه يملك الخيار..والمنطق يقتضي أن يرفض الحديث إليه بحكم ما كان بينهما لكنه يفضل معرفة ما بجعبته ليقينه التام أن كاظم الذي لم يكن يطيقه لن يتجاوز نفوره و يقصده ما لم يكن مضطرا لا مخيرا...ما لم يكن خلفه أمر مهم ...وحدسه يقول أنه معني بدوره بهذا الأمر ...
معني أكثر مما يتخيل ربما ...

................................

بقية الفصل في هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t468707-15.html



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 16-07-20 الساعة 01:37 AM
ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:44 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.