آخر 10 مشاركات
ستظل .. عذرائي الأخيرة / للكاتبة ياسمين عادل ، مصرية (الكاتـب : لامارا - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          قدرها ان يحبها شيطان (1) .. سلسلة زهرة الدم. (الكاتـب : Eveline - )           »          381 - الانتقام الاخير - كيت والكر (الكاتـب : أميرة الورد - )           »          402 - خذ الماضي وأرحل - مارغريت مايو (الكاتـب : عنووود - )           »          وَ بِكَ أَتَهَجَأْ .. أَبْجَدِيَتيِ * مميزة * (الكاتـب : حلمْ يُعآنقْ السمَآء - )           »          عروس للقبطان - كاى دايفز - ع.ق (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          الإغراء المعذب (172) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 2 سلسلة إغراء فالكونيرى ..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          داويني ببلسم روحك (1) .. سلسلة بيت الحكايا *متميزه و مكتملة* (الكاتـب : shymaa abou bakr - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: أكثر ثنائي أنتم في شوق للإلمام بتفاصيل قصته :
أوس و جوري 47 58.75%
كاظم و تيجان 25 31.25%
غسان و شمايل 10 12.50%
معتصم و رونق 22 27.50%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 80. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree2110Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-07-20, 02:20 PM   #171

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي


مبروك التميز حبيبتي ⁦♥️⁩🥰⁦♥️⁩
الديجور likes this.

آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-07-20, 04:06 PM   #172

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل يسري مشاهدة المشاركة
مبروك التميز حبيبتي ⁦♥️⁩🥰⁦♥️⁩

الله يبارك فيك يا عسل

إن شاء الله يحين دورك حبيبتي تستحقين كل النجاح و الخير

الديجور likes this.

ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-07-20, 09:25 PM   #173

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فيه فصل اليوم بحول الله لكن سينزل متأخرا
اعتذاراتي الخالصة

الديجور likes this.

ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-07-20, 10:17 PM   #174

ساهرية

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية ساهرية

? العضوٌ??? » 327435
?  التسِجيلٌ » Oct 2014
? مشَارَ?اتْي » 585
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » ساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ahlem ahlem مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فيه فصل اليوم بحول الله لكن سينزل متأخرا
اعتذاراتي الخالصة
بالإنتظار ❤❤♥♥🌸

الديجور likes this.

ساهرية غير متواجد حالياً  
التوقيع
" أمضي غريقاً "
هي ملحمةٌ من المشاعر وتضاربات الوجدان .. خلجاتٌ نفوسٍ حائرة بأسرارٍ تنحر الروح .. هي أرضٌ ليّنة يمضي فيها القلب ليجد نفسه فجأةً .. قد غرق !
رد مع اقتباس
قديم 29-07-20, 11:54 PM   #175

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

ولا يهمك ياجميل براحتك

وكل سنه وانتى واسرتك بألف خير

الديجور likes this.

ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 30-07-20, 01:34 AM   #176

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

أعتذر عن التاخير مرة اخرى
فصل اليوم طويل أتمنى أن ينال رضاكم وان تتحفوني بآرائكم
اعذروا أي أخطاء فلتت مني

الديجور likes this.

ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-07-20, 01:35 AM   #177

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



"الفصل الثالث عشر "


كانت نادين تدخل بيتها مسرعة بعد أن عادت أدراجها حالما تذكرت هاتفها الذي نسيته على طاولة الزينة في غرفتها ...
تلعن بخفوت شرودا بات يجرفها رغما عنها إلى واد بلا نهاية ..يفقدها تركيزها ..يحتجزها قسرا في فقاعة عازلة عما حولها فتنسى كل أولوياتها و تغوص إلى أعماق بلا قرار ..
كم كان هذا الوضع بغيضا على قلبها ..يعرقل سير حياتها و يلهيها فيفوتها الكثير ..
كل يوم تزداد وهنا وكأن الزمن تكاثف بسويعاته يمتص عنفوانها قطرة قطرة يسلبها أغلى ما تملك ..

تهم بتسلق الدرج بإعياء واضح فتلمح من نال الحظ الأوفر من أفكارها الشاردة يهبط على مهله بهدوء و اتزان مسبلا أهدابه...
كعادته تحاوطه هالة من السكينة و العنفوان تزيده رجولة و تفردا في عينيها ...

عيناها المشتاقتان تتسابقان على كل تفاصيله المهلكة بنظرات متلهفة متفاجئة انفلتت غصبا عنها ..فتبتلع ريقها الناشف تحرك حلقها المتورم وتتقبّض كفها المرتعشة حول الدرابزين تدعم نفسها قبل أن تفضح وترتخي أمامه ..
تتسمر قدماها أرضا منتظرة وصوله إليها أسفل السلّم تستجمع تركيزها الذي تشتت أكثر لمرآه تستعد لمواجهته...وكم صارت مواجهته صعبة بعد أن كانت في يوم ما كلعبة أطفال ...حين كانت تشحذ كل عجرفتها و تعاليها فتبذل قصار جهدها وتمعن في إذلاله و استصغاره...ليفهم أنه لاشيء أمام ابنها ...
نكرة في نظر ابنتها...
حشرة في عالمها المخملي البراق ...
وكانت تدرك لماذا تهاجمه هكذا ...
كانت تكره نظراته التي لا تعرف الكسرة إليها طريقا ...
شموخ أنفه بعنفوان لا يمت للتكبر بصلة ...
عزة نفسه وفخره الرجولي اللذان يشعان منه بصمت فيعميان عينيها الحقودتين الحائرتين في مصدر عنفوانه هذا المناقض لما تعرفه عنه من أصل متواضع و حالة مادية ميسورة ...ومخالف لقوانين القوة والصلابة في عرفها ...
وهل يفقه أمثالها أن عزة النفس لا تشرى و لا تباع ...

تفاصيل في شخصه كانت تنفرها بالأمس...وباتت اليوم تجذبها كما يجذب نور الشمعة الفراشة ...
مازال وجوده الطاغي يسحقها أمامه...لكن الفرق الوحيد أنها صارت ترحب بهذه القوة التي اكتسحت ضعفها ...فتسير نحو إدمانها على ما كرهته يوما فيه من كل اعماق قلبها لدرجة أنها ارتاحت فعلا حين لم يعد يزور معتصم في البيت لظنها أن سبلهما تفرقت أخيرا كما كان ينبغي منذ البداية......

وهل هناك ما هو أعجب من دوران الدنيا و تقلباتها ...حين يتغير الناس وتتغير الأدوار ...


"مرحبا كاظم "
حيّته مبادرة تبتسم بلطف في وجهه الخالي من أي تعبير كديدنه تجالد لتمتص بعضا من هدوءه وسيطرته الظاهرية فيرد بنبرة عادية فاترة "مرحبا خالة نادين ..كيف حالك ؟"

خالة؟...احباط لعين اكتسح روحها مذيبا كل المشاعر الوردية التي كانت تزهر على أنقاض كآبتها ...إلا أنها شمخت بأنفها بعزم تأبى السماح لكلمة تافهة بأن تفسد بهجتها...بهجة خائنة تسللت إلى قلبها حين أدركت أنه لم ينقطع عن زيارة معتصم ...

لم تره منذ ذلك اليوم ...أو ربما لم تجرؤ على القفز أمام وجهه مرة أخرى ..كل مساء كانت تقف أمام نافذة غرفتها تنتظر قدومه...كان يكفيها أن تراه يركن سيارته في الخارج ثم تتتبع بعينيها خطواته إلى أن يختفي عن أنظارها ...كان يكفيها أن تستأنس بوجوده معها في نفس البيت …تفصلها عنه بعض الغرف ...بعض الجدران...

والحال أنها افتقدت هذا الشعور منذ أسبوعين تتلظى في نار حيرتها وقلقها ...لا تعرف لغيابه سببا و لا تجرؤ على سؤال الخدم بما أن سؤال معتصم أمر مفروغ منه...
رغم أنها سيدة البيت ومن حقها أن تسأل ما تشاء دون أن يعترض أحد إلا أنها خشيت الإقدام على هكذا خطوة ...
وكأنها تخشى أن يروا ما باتت تراه في عينيها بريقا مكشوفا متوهجا ...
أن يطلعوا على ما تخبئه بين حنايا روحها...
أن يميزوا تغيرها ...

أمالت رأسها جانبا تسأله بفضول "هل تزوره في هذا الوقت من الصباح منذ أسبوعين ؟"

تجاهل الدقة في حساباتها وأجاب باختصار بلهجة عملية "نعم... مشاغلي كثرت مساءً"

لم تكن لتشك في كلامه مطلقا ...من أين لها أن تعلم أنه غيّر موعد الزيارة عمدا يتلافى مصادفة تيجان التي تتواجد في الجامعة في هذا الوقت ..لا يريد أي تشويش لأفكاره في الوقت الحالي كما لا يضمن ردة فعله إذا ما رآها ...

معتصم أيضا لم يثِر الموضوع مجددا متفهما حاجته الماسة للتفكير في عرضه الذي يعتبر خطوة مصيرية وفاصلة في حياة كل فرد ..لكن نظراته المبهمة إليه تؤكد شعوره بتوتر من نوع ما أدى به إلى تغيير موعد زيارته ...

"هل تسدي لي خدمة... كاظم ؟"
قالتها بمزيج من أمل و لطف مقاطعة حبل أفكاره...هذه المرأة لن تتوقف عن إدهاشه كما يبدو ...لم يخطئ من قال أن الدنيا تدور فهاهي ذي ترجو خدماته بعد أن كانت تنفر منه و تحتقره لا تطيق النظر في وجهه ..

"تفضلي "

"أنا وظفت شخصا ليدير نادي معتصم الرياضي لكني متأكدة أنه لن يعجب بتدخلي في شؤونه ولو كان لمصلحته ...لذا هل من الممكن أن تهتم بالأمر عوضا عني ؟ "

انتظرت بشوق أن يسألها عن سبب الجفاء القائم بينهما لكنه خيب أملها حين قال باختصار وتحفظ "طبعا ..على رأسي ...يمكنني أن أخصص ساعة من وقتي لأتفقد سير الأمور "

بدل أن تشعر بالامتنان لاستعداده التام لتقديم المساعدة كان ذاك الضعف الأنثوي اللعين يطفو على سطح مشاعرها مجددا...
رغبة في الاستناد على شخص ما...
رغبة في الاحتواء ...
فتظلم عيناها وتهمس بصوت أجش ملتاع دون مقدمات "ابني يحملني مسؤولية موت أبيه..."

يسبل أهدابه يخفي نفوره المتصاعد...أليس من المفترض أن تشكره على كرمه ثم تودعه لينصرف كل طرف إلى مآربه ..ما الذي تنتوي الوصول إليه بتصرفاتها المناقضة لنادين التي يعرفها ؟ ...
لماذا تبرر له مادام لم يسأل ..ولا يريد أن يسأل..لا يريد أن يخوض معها هي بالذات دون غيرها موضوعا حساسا كهذا...

يواسيها بالقول الهامس يرجو أن يتوقف هذا الحديث البغيض عند هذا الحد "لا تؤاخذيه في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها...انا واثق أن الأمور ستتحسن مستقبلا ...خالة نادين "

خالة...مجددا ...وكأنه كان يضغط بتلك الكلمة على أزرار تفجر مناطق السيطرة داخلها فتنفرط مشاعرها بفوضوية في كل اتجاه ...
ليس عدلا أن تعيش حياة كهذه ...بلا طعم ..بلا ألوان...
ليس عدلا أن يظهر من قد يصبغها بألوانه المميزة (متأخرا بعد فوات الأوان)...

فتهمس باندفاع بنبرة نارية موجوعة " هل خروج والده عن السيطرة خطئي أيضا..أنا صبرت ..تحملت ما لا يقوى قلب بشر على تحمله وفي النهاية ألقى معاملة كهذه ؟"

كان يريد أن يهزها ..أن يصرخ في وجهها...أن أحدهما كان زوجها ...شريك عمرها لأكثر من ثلاثين عاما ..والأهم هو الآن راقد تحت الثرى ..يرجو من يمنّ على روحه بدعوات الرحمة و المغفرة ..بصدقات جارية ..لا من يشكو ما فات ومات ..
والآخر كان ابنها ...من تفتت روحه قبل أن يتحطم كل جسده ...من ضاع تائها يلملم قطعها المبعثرة لا يدري من أين يبدأ ترميمها ...من يعيش بين أربعة جدران... ليله كنهاره يتقلب ما بين تأنيب الضمير و نحيب الفؤاد متناسيا نفسه محتجزا مع ذكرياته المظلمة ..وحقائق شائكة تدمي قلبه يأبى أن يعترف بها حتى بينه و بين نفسه...

أي امرأة ...أي زوجة ...أي أم هذه ؟؟
أنّى لها هذا الكم الهائل من الأنانية و حب الذات ..كيف تتحمل نفسها ؟
مازال يرخي جفونه وقد عافت نفسه طباعها فلم يعد يطيق النظر إليها فيناديها برجاء لتتوقف "خالة نادين "

تتأمل وجهه المطرق المتهرب من عينيها الملتاعتين ..صخب الأفكار في ذهنها يتصاعد على نحو خطير يغذي قلبها بأنهار من القهر ..والحسرة ..وقلة الحيلة ...فتتساءل بوجيعة وقد تهدلت أكتافها تعلن استسلامها ..ترحب بسقوطها بعد طول صمود ...فطوبى لها إن تلقفتها تلك الذراعان القويتان ...إن ضمها ذاك الصدر الرحب "هل هذا عادل في نظرك... كاظم؟"

اختناق رهيب يطوق روحه مع كل كلمة تنطقها ...مع كل إشارة يرسلها جسدها فتلتقطها مستقبلاته الحسية سالبة منفرة ...فيرفع عينيه المتوقدتين نار رفضٍ لكل ما يحدث رغم جهله بكل الجوانب ...فلو اطلع على خافية فؤادها لولّى منها رعبا و اشمئزازا ...لَاستفرغ كل ما في جوفه قرفاً...وقال بصوت خفيض بحدة لم يتمكن من السيطرة عليها "هل رأيي فيكِ مهم إلى هذه الدرجة ؟"

منذ متى كان لرأيه أهمية عندها ...منذ متى كان رأيه يحسب أصلا فلم تكن تراه كإنسان من الأساس ...بل مجرد علقة مزعجة تتشبث بملابس ابنها الفاخرة ...
ما الذي تغير ....من الذي تغير ...ولماذا تغير ؟ أسئلة كانت تتهافت على عقله في هذه اللحظة لكنه لم يكن ليجهر بها ..ليس خوفا من الإجابة وإنما لأنه لا يهتم أصلا بما قد تفكر فيه نادين ...وكان من الأفضل له أن لا يهتم بما تفكر فيه ...

هل عليها أن تجيب تساؤله بصراحة يا ترى ؟
تحدق في عينيه المشتعلتين وتتمتم بخفوت وإرهاق تعري روحها امامه بجرأة تعترف بما يصرخ به كل انش من روحها المعذبة "أنا متعبة...أريد أن أرتاح ...هل أطلب المستحيل ؟ "

وكان يبادلها التحديق رافضا الهروب أكثر ...يحاول العثور على تفسير منطقي لما يراه و يسمعه ...لابد أن نادين الحديدية بكل عنفوانها الذي لا يقهر تعيش تحت صدمةٍ بدّلتها من رأسها لأخمص قدميها ...لا وجود لتفسير آخر للحالة الغريبة التي تمر بها ..

فيقول ناصحا كختام لما دار بينهما بينما يستعد للتنحي جانبا "أيا كان ما يحدث بينك و بين ابنك..رجاءً لا تفضحي أسرار بيتك للأغراب ...من يدري قد يستغل أحدهم ما تبوحين به في لحظة ضعف "

فتعاند قائلة بلوعة "أنتَ لست غريبا ...عنا ..."

لم يستطع لجم لسانه هذه المرة فكان يقول بسخرية مريرة أبى إلا أن يظهرها "حقا ؟...لطالما شعرت بأني غير مرحب بي "

وكانت تود أن تصرخ فيه أنه أكثر من مرحب به..
أنها تغيرت ...
أنها ...أنها ماذا ؟؟

وكان السؤال يطرح نفسه...هل مازال على عهده القديم ؟...مهتما بابنتها ؟ فيختض قلبها برفض صريح و يعبّد عقلها بأفكاره طريقا نحو منطقة آمنة مريحة ..
مؤكد لا ..فحين رُفِض منذ عامين انسحب يلعق جراحه بعيدا وعزف عن التردد على بيتها حيث يمكنه مصادفة تيجان ...
ما كان ليعاود الظهور مجددا لو لم يتعافى و يتجاوز الأمر بكل بساطة ...
نعم ..هذا ما حدث ...

صراع كان كاظم شاهدا على أمواجه العاتية تعلو و تنخفض في مقلتيها الشاردتين ...فكان يستنتج الجواب بنفسه على سؤاله الذي تُرِك معلقا ..وكم كان بعيدا عن الحقيقة ...بعيدا جدا ...
فيطمئنها بالقول المختصر "كما سبق و قلتُ يمكنكِ أن ترتاحِ من ضغط النادي .. ..طاب يومكِ خالة نادين"

تراقب بعينين زائغتين ضائعتين ظهره العريض المشدود بينما يغادر ساحبا معه روحها ...فترفع يدها تمسد عنقها في حركة مألوفة باتت جزءً من طقوسها و تهمس بعذاب من بين شفتين متيبستين "ومن يريحني من ضغطكَ ...هل فات الأوان حقا ؟...هل سأكون مجنونة إن تعشّمتُ...كاظم"

...............................


ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-07-20, 01:36 AM   #178

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



يستقر على مقعد السائق في سيارته ثم يمد يده يفتح زرين من قميصه الأسود ببعض الخشونة وقد شعر بالاختناق ...
ما كان هذا ؟

لماذا يشعر وكأن نادين تحاصره ..هل هي لعبة جديدة من لعبها يا ترى ..؟
أيا كان ما تحيكه ..أسلوبها الجديد لا يعجبه أبدا ..
قد يكون شعوره غريبا لكنه بالفعل بدأ يشتاق لنادين القديمة..المتعالية ..التي لا تطيق النظر في وجهه لأكثر من ثانيتين ...
حين رآها اليوم تذكر ما كاشفه به معتصم ...لكنه لم يشعر تجاهها كما توقع بالحقد ..أو بالمقت ...
بل شعر بالشفقة على ما تفعله بنفسها ...و بأبنائها خاصة ...أبناء هم بمثابة مسؤولية معلقة بعنقها إلى يوم الدين ...حالها حال الكثير من الآباء لا يرون أولادهم كأمانات وجب بذل الغالي و النفيس للحفاظ عليهم و إيصالهم إلى بر الأمان ...
ينسون أو ربما (يهملون) أن بين أيديهم صفحات بيضاء يخطون عليها ما يشاءون ...والحال أن نادين جعلت من أبنائها مكبّا لكل عقدها ...أخطائها و نواقصها ...فيدفع الكل الثمن ...
معاملته بدونية كانت أهون في نظره من أن تحاول التقرب منه والتودد إليه راغبة في سحبه نحو منطقة مجهولة ...وكأنها تريده في صفها ...كورقة رابحة تضغط بها على ابنها ربما ...لا يعلم تحديدا ..لكن هذا التفسير كان أقصى ما توصل إليه عقله المجهد...

تنهد بعمق ثم قرر صرف عقله غصبا نحو مسار آخر اكثر نفعا من هذه الأفكار الخاوية القابضة للنفس ...
سحب هاتفه وضرب عدة أرقام ينتظر الرد على المكالمة وحين فتح الخط كان يسأل برسمية مباشرة " ألو...آنسة رونق ؟"

يبعد زين الهاتف عن أذنه و يحدق في الرقم الغريب متجهم الملامح ...ألم تقل أن أحدا لم يتصل بها على هذا الرقم منذ ثلاثة أشهر ...هل يفعلون هذا عمدا ؟...لو لم يمسح كل الأرقام لعرف اسم المتصل على الأقل ...أعاده إلى أذنه ثم ردّ يمط شفتيه بانزعاج "نعم ...معك الآنسة رونق "

كان دور كاظم ليطالع الهاتف بذهول وقد ضربته موجة غباء ....صحيح أن مظهرها غريب نوعا ما لكن ..صوتها ..بدى وكأنه اخشوشن قليلا ..
كرر هامسا مرة أخرى ينوي التأكد مما سمعه "آنسة رونق ؟"
فيجيبه بنزق " ماذا تريد من أختي ..ألم يكفكم ما فعلتموه بها يا ...."
(هل...شتمني للتو ...شتمني كما يشتم الرعاع ...؟)
يتنفس بعمق يكابد لإحتواء غضبه...كله يهون لأجل معتصم فيقول يضغط على أعصابه مترجيا يحاول معه للمرة الاخيرة "في الواقع أحتاجها في عمل مهم ..هل يمكنك أن تمرر لها الهاتف من فضلك ؟"

ينتظر الرد الذي تأخر للحظات و كأن الرجل كان يفكر ثم يأتيه صوته قائلا بجفاء وغلظة "وهل أختي كرة لأمررها لك بهذه السهولة ...تعال وابحث عنها بنفسك ...تجدني في السوق الشعبية ..زين علوان بائع ملابس النساء ...تشاو تشاو"
ما تلك الصفاقة ...من يحسب نفسه ...رئيسا يضطهد مرؤوسه..؟
وهل يملك حلا آخر من الأساس ؟
فيهمس متوجسا يدير مفتاح سيارته "هيا ..توكلنا على الله"
....................



ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-07-20, 01:38 AM   #179

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


أزقة متداخلة مبلّطة بحجارة البازلت السوداء اللامعة..
أسقف خشبية صامدة منذ عقود تتحدى عوامل الزمن لدكاكين صغيرة متراصة ..أبوابها الخشبية تتدلى منها الفوانيس بكل أشكالها و ألوانها المتنوعة حيث تعرض عند عتباتها صناديق مطعمة باللؤلؤ ومصوغات من الحلي و المجوهرات وأباريق نحاسية و مشغولات يدوية وتحف و مقتنيات تذكارية في أجواء تبعث على الدفء...

تنتشر دكاكين التوابل و العطارة بقوة لتضفي روائحها العطرة على المكان سحرا خاصا ...حيث تعرض كل أصناف البهارات و الأعشاب و الخلطات التقليدية ...

إلى جانب الدكاكين كانت طاولات البضائع المظللة متراصة في حيز ضيق ...بينما فضل الكثير من الباعة افتراش الأرض فيعرضون سلعهم على البساط أو الفرشة ...

كان المكان كخلية نحل كبيرة تتعالى داخلها أصوات الباعة الذين يتفننون في استقطاب المستهلكين بما يشبه الاستعراض بعبارات طريفة و غريبة فيما يكتفي آخرون بالتعريف بسلعهم و ذكر أسعارها.

كانت تلك السوق الشعبية ..قلب الحارة الشعبية النابض ..وروحها الأصيلة الدافئة الصامدة إلى يومنا هذا رغم ما يشهده العصر من تطورات في المجال التجاري ...

وقف كاظم يناظر الحشود المتدافعة وقد هاجم الحنين مشاعره مدفئا روحه..حنين إلى أيام الصبا حين كان يأتي مع أبيه إلى هنا ...يقبض على كفه بحزم كي لا يضيع منه وينجرف مع تيارات البشر ...يشتري له حلوى السكر الملونة التي رغم بساطتها تتميز بلذة لا تضاهيها لذة ..مازالت عالقة في فمه ...نكهة الثقافة الشعبية العريقة...نكهة الأصالة ...


تجاهل وخز الحنين في قلبه وكان يتقدم ليخترق تلك الصفوف البشرية المتلاحمة في تدافعها كالدروع باحثا عن مراده فيتمكن بعد جهد جهيد من الوصول إلى المكان الذي دله عليه بعض الباعة حيث كان اول ما وقعت عيناه عليه طاولة صفت فوقها ملابس نسائية بشكل عشوائي ...

حاد بطرفه ناحية زين علوان يتأمله ينوي التقدم نحوه فكانت الصدمة تسمره في مكانه على بعد خطوات قليلة منه...
كان يرتدي ثوب نوم حريريا فاضحا قرمزي اللون يظهر من تحته قميص أصفر مقلم و سروال جينز ازرق باهت ..ويا ليت الامر انتهى عند هذا الحد ..فوق الثوب كان يلبس قطعة ملابس داخلية علوية فتتأرجح متدلية بشكل مأساوي كونها أكبر من قده الهزيل بما أنه لا يحظى بأية تضاريس أنثوية ..
بدت الصورة لعينيه كلوحة إشهار رخيصة ...وكأن هذا العرض الملوث للنظر لم يكن كافيا إذ كان صوته يصدح في الأجواء مرددا " اقتربي سيدتي... آنستي ...سمينة كنتِ أو نحيفة ...سمراء أو بيضاء ..ما يناسبكِ لدينا و بأسعار لا تصدق ...حرير طبيعي ..قطع محدودة .....اقتربي يا محظوظة.."

لم يكن أسلوب البيع المبتذل مثار دهشته بقدر فعاليته إذ تهافتت النساء عليه من كافة الأعمار تتسابقن على السلعة المعروضة وتتخطفن من أيدي بعضهن ما يبدو لأعينهن جميلا مميزا..

أخرجته إحداهن من ذهوله اللحظي حين مطت شفتين حمراوتين بلون الدم قائلة بميوعة " أريد قطعة مثل التي عليك "

فيعقد حاجبيه يدمدم بخفوت مستنكرا وضعا كان الوحيد الذي يراه غير مقبول "ما تلك العاهة...ماذا أفعل هنا ؟"

فيلمحه زين في وقفته تلك وبفطنه بائع تعلم أن الاستمرار رغم المنافسة التي تفرضها السوق يتطلب سرعة البديهة والانتباه لكل التفاصيل كان يتقدم منه وقد برقت عيناه المقدرتين لمظهر كاظم الذي يشي بحاله الميسورة فيقول متزلفا وقد تهللت أساريره"هل يريد زينة الشباب قطعة مميزة لحبيبة القلب؟ "

فيرفع كاظم حاجبيه أكثر مستهجنا يسرّ لنفسه ( قطعة لأخنقه بها ربما...هل شتمني بقذارة على الهاتف مستعرضا رجولته بينما يلبس هذه الفضيحة )
فيردف يكلمه ببعض الحدة يركز على وجهه يتحاشى الهبوط بنظراته إلى فوضى الحواس تلك "أنا زينة الشباب الذي شتمته قبل قليل على الهاتف "

تتغضن ملامح زين يعتصر ذاكرته فالموضوع صعب إذا ما تعلق بالشتم بصفته يشتم طوال الوقت فيهدر ضاحكا بعض لحظات دون ذرة خجل وكأنه لم يطرب أذن كاظم بسبابه الشعبي الأصيل ويهتف بخشونة مربتا على كتفه بمودة "أعتذر يا محترم ..ظننتك واحدا من أولئك ...لا تبالي ...ماذا يريد ابن الأكابر من أختي ؟"

يتنحنح كاظم يجلي حلقه متلافيا انزعاجه من الكف المستريحة على كتفه في تصرف عفوي وكأنه صديقه القديم و يفصح قائلا بجدية " أحتاج الآنسة رونق في عمل مهم"
يرفع زين حاجبا واحدا ...هل قال آنسة ؟ ...تبدو هذه الكلمة كنشاز بجانب إسم أخته ..فيلوح بيده قائلا بينما يرتد على عقبيه ناحية طاولته "يمكنك البحث عن الآنسة في نزل السلام في الحارة الشعبية...لا وقت لدي لأساعدك أكثر "

لماذا شعر وكأنه نطق (آنسة) بسخرية متعمدة ؟
وحين هم بفتح فمه كان زين قد اندمج مع زبوناته إذ هتف ببشاشة مفتعلة يرحب بامرأة ممتلئة القوام وفقت تختار ما يناسبها "في وقتك تماما يا أختي ..حظك يفلق الحجر ...لدي قطعة لك هي آخر ما تبقى عندي تجعلك تبدين في قمة الرشاقة ...تختفي كل الكيلوغرامات الزائدة كالسحر .."

فيلقي كاظم عليه نظرة متبرمة أخيرة قبل أن يولي الدبر ...
كيف طاوعه قلبه ليبالغ هكذا يخدع تلك المسكينة مع سبق الاصرار و الترصد ...ما بال هؤلاء الباعة بلا ضمير ..لا وقت لديه..وهل يبدو متسكعا لديه كل الوقت...إنها اخته التي سيعرض عليها عملا ألا يعني له هذا شيئا...؟

..........................



ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-07-20, 01:39 AM   #180

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




ابتعد قليلا عن السوق فكان يقف حائرا أي هذه الأحياء الشعبية هو المقصود ..كان المكان خاليا إلا من شابة تحدق به باهتمام فعزف عن سؤالها منتظرا ظهور شخص آخر ...
انتظاره لم يدم طويلا إذ خرجت صبية حاملة على جنبها الأيمن طفلة صغيرة من إحدى المنازل المتهالكة فسألها بلطف عن نزل السلام ...
تُمعن الصبية التدقيق في ملامحه بشكل أزعجه ثم تغمزه بعد لحظات تقول بينما تلوك العلكة بطريقة مبتذلة "نزل السلام؟...تعال معي نعطيك غرفة في بيتنا بنصف السعر ...حرام أن يبيت حلو مثلك هناك؟"

حلو؟...وهو الذي تهرب من تلك الشابة ...أين ذهبت براءة الأطفال يا ناس ..هل عليه أن يسألها عن عمرها فلربما كانت أكبر مما تبدو عليه..؟

أليس من المفترض أن وجهه مخيف ..جميع الأطفال تقريبا ينفجرون باكين حالما يرون وجهه المتجهم ..ما بال أختها تفتح فمها هكذا أمام وجهه تعض على لسانها بسن واحدة بارزة في فكها العلوي .هل تضحك معه.؟؟
أبناء أخته شخصيا يرتعدون منه خوفا ...حتى أن بثينة تضرب به المثل وتستعين باسمه لتخويفهم ..
سحب طرف سترته من يدها المليئة باللعاب ...فقالت تبتسم في وجهه بجرأة "ابنتي تحبك أيضا"

وكانت تنفجر ضاحكة بصخب وتقول بخبث " نجحت في كسر جمود وجهك الوسيم ...كنت أمزح ..إنها اختي "

"هاه ..يال مزاحك الخفيف الظريف "
قالها ببلاهة وارتباك متصلب الملامح لا يعرف كيف عليه أن يعاملها ..
كانت تغازله؟...ماهذا الانحراف المبكر ؟

وكأن ما قالته لم يكن كافيا إذ استزادت تغمزه بوقاحة "هل هناك رجل في عمرك يحمر خجلا ...لا أصدق.."
فيهمس بصوت حازم غاضب ينوي ردعها "أحم النزل ...من فضلك "

إلا أنها كانت عديمة الخجل بشكل غريب إذ غمزته للمرة الثالثة هامسة برقة
"هااااه ...هناك يا حلو"

فيكان يهرب حرفيا من أمام هذه الصغيرة الغريبة المسكينة...مثال حي آخر عن انعدام التربية و التوجيه ..متوجها حيث أشرت برأسها..

......................

وقف يتأمل للحظات المبنى البالي المكون من ثلاث طوابق ..معلقة فوق بابه الخشبي المزخرف لوحة تقشر دهانها فتآكلت زوايا الحروف (نزل السلام) فكان يفهم سبب عرض الصبية حين ظنته نزيلا يبحث عن غرفة للمبيت ...

من الممكن أن تمضي هنا ليلتك مستيقظا تنتظر أن يسقط السقف عليك في أية لحظة ...
ورغم هذا فكر في وجود من قد يرى في هذا المكان المتهالك جنة تأويه بدل المبيت في العراء ....

يدخل على مهله يتأمل التفاصيل ويقترب مما يبدو كمكتب الاستقبال ...

كانت المرأة التي لم تسمع خطواته المكتومة بفعل السجاد الأخضر الباهت توليه ظهرها ترتب المفاتيح في خزانة جدارية معدنية فكان يميز همسها المغتاظ بما يشبه حوار شكوى سريا مع نفسها " أم مكتوم افعلي كذا ...أم مكتوم نظفي هذا ...أم مكتوم اغسلي ذاك...أكدح كالحمار بلا شكوى وحين أطالب برفع أجرتي يتشدقون علي أن المدخول ضئيل ...وهل بيدي إن كان عدد النزلاء قليلا ...من يومي قليلة حظ والله"

يقول بهدوء كارها قطعه لخلوتها مع نفسها "سهل الله عملك سيدتي "

فتستدير بكليتها نحوه مجفلة لاعنة تلك العادة البغيضة التي لم تتمكن من التخلص منها رغم سعيها الحثيث و رغم الكم الهائل من المشاكل التي أوقعت نفسها فيها بسببها ...

تبحر عيناها على هيئته تتمعن فيه لبرهة ثم تتشدق بنزق تشوح بكفها بسأم " ألا يوجد فنادق أخرى في العاصمة لتراقبوها يا محترم...كل مرة ترسلون مراقبا جديدا ...ألم تصدقوا بعد أن هذا النزل رغم قدمه إلا أنه آمن وصحي تماما ...هذه المرة سيعمي اللمعان عينيك ...يقولون الثالثة ثابتة ..إن شاء الله تكون المرة الأخيرة التي أرى فيها وجوهكم المتجهمة "

كانت متأكدة مما تقوله لدرجة أنها بدأت بدفعه أمامها ليستأنف جولته التفقدية ...
ما بال سكان هذه البقعة يتصرفون بعفوية دون تفكير .. لا يعرفون أدنى أساسيات اللباقة .. !
فيهمس معترضا " من فضلك سيدتي لست مراقبا كما تظنين ! "

استغرق الامر منها لحظات قبل أن تستوعب كلامه إذ بقيت على حالها تحاول سحبه ككبش عيد عنيد يأبى التزحزح فتتجمد كفها على ذراعه وتتأمله بشك وكأنها لا تصدقه "تبدو كالمراقبين تماما بهيئتك هذه ووجهك ال..."

فيهمس متنهدا بقلة صبر وقد بان الانزعاج على قسماته يعاجلها قائلا فلن يضمن ألا تعطيه مفتاحا و غرفة دون أن تمنحه فرصة للشرح"ولست نزيلا أيضا... أبحث عن الآنسة رونق ...من المفروض أنها هنا "
فتفتح فمها ببلاهة"هاه...آنسة ؟...ما عمل تلك المتعوسة مع أشكال محترمة كهذه!"

هل كان هذا سؤالا...وإن كان سؤالا هل كان موجها إليه أم أنه مجرد حديث نفس جهرت به دون قصد... ! ربما عليه أن يتجاهل ما سمعه فحسب ...

فكانت المرأة تبرطم مهمهة بشيء ما ثم تنادي بصوت يتخلله العجب "يا رونق ..يا آنسة رونق ...هناك رجل محترم يبحث عنكِ"

لماذا تزعجهم كلمة آنسة إجماعا وكأنهم متفقون !..

وحين اعتقد أن عذابه انتهى أخيرا اندفع باب جانبي بقوة أجفلته يليه خروج امرأة أنيقة رغم بساطة مظهرها ترتدي ثوبا زهريا مطبعا بالورود الحمراء و البرتقالية وترفع شعرها المتموج كأسلاك نحاسية بمشبك برتقالي مورّد اقتربت منه بأناقة لدرجة أنه شك أن تكون تلك اليد الناعمة التي كانت تمررها على ثوبها هي نفسها التي جذبت الباب توشك أن تخلعه "مرحبا ...بماذا يمكنني أن أساعدك " ثم تواصل ضاحكة بنعومة وقد اعتادت على تكرار هذا الموقف وتهمس مبتسمة بحلاوة "بصفتي أم رونق طبعا "

وكانت تراقب دهشته الواضحة على محياه برضا ...لكنها لم تكن لتتوقع أبدا ما كان يفكر فيه ..فلم يصدم بكونها أم رونق أكثر من كونها أم ذاك المتزلف بائع الملابس النسائية في السوق ...فكان يتنحنح يقرر إنهاء ما بدأه بسرعة البرق وقد خاف على عقله الذي بدأ يتأثر بهذه الفوضى على ما يبدو.. "هل تناديها من اجلي رجاء"

ابتسامة واسعة شقت فمها من الأذن إلى الأذن تقول بصوت رائق وقد لمعت نجوم الليل كلها في عينيها " يمكنك مصارحتي يا بني فلا فرق بين أم و ابنتها كما تعلم"

وكان يبتلع ريقه بصعوبة وقد أخافه الطموح البعيد المتألق في عينيها فكان يسارع قائلا بصوت أجش محرج ينوي هدم سقف آمالها قبل أن يرتفع ببنيانه في مخيلتها أكثر "أحتاجها في عمل ...عمل "

لم يجد ي تأكيده البائس نفعا إذ همست بإثارة بذات الابتسامة المتألقة المخيفة " أي نوع من الأعمال يا ترى ..لعمري إنك خجول أكثر من ابنتي نفسها "

سمعت شهقة خافتة فكانت تتذكر أم مكتوم التي نسيتها تماما فصاحت تزجرها "ماذا تفعلين هناك يا أم مكتوم ..ألا عمل لديك ..تتسكعين طول الوقت ثم تطلبين زيادة أجرك! .."
فتجيبها أم مكتوم بشرود بينما عيناها المحدقتان بكاظم تكادان تخرجان من محجريهما وكأنه مخلوق أخضر عجيب برأسين " كنت أقوم مسمارا ...كان معوجّا هنا ..."

فتتشدق أم رونق بنبرة لطيفة ظاهريا إلا أنها الأخطر فكانت تذكره بأمه حين كانت تكلمه بلطف ظاهري أمام الضيوف إذا ما فعل ما يحرجها تشع عيناها بخطر وحشي ينفجر دفعة واحدة ما إن تنفرد به وتنهال عليه بالشبشب "بيديك العاريتين الفولاذيتين...هيا إلى المطبخ قبل أن أقوّم دماغك المعوج يا حبيبتي "

فكانت تسير الهوينى نحو وجهتها وكأنها تتعمد كسب المزيد من الوقت لتسمع ما قد يشبع فضولها الجائع وكأن تصرفها المفضوح لم يكن كافيا لوت عنقها تلقي عليه نظرة أخيرة متعجبة ...

كاظم كان في موقف لا يحسد عليه فأقصى ما كان يرجوه في تلك اللحظة هو أن تنشق الأرض و تبلعه

وكأن تلك المسرحية الهزلية لم تكن كافية إذ اندفعت امرأة أخرى خارجة من نفس الباب الذي من المرجح أن يخلع قريبا كما يبدو تصرخ وقد برقت عيناها بجنون "ما الذي فعلته بشعري يا جميلة في يوم عيد زواجي! "

فتلتفت جميلة نحوها بمنتهى الهدوء تأبى أن تسمح لها بإفساد فرحتها ب(العريس اللقطة ) وتقول شامخة بذقنها "أولا ذاك الباب ليس مخصصا للزبونات في المرة القادمة تخرجين من باب المحل ثم تدخلين من باب النزل ...ثانيا سبق ونبهتك أن
هذه القصة لن تلائمك كما الصورة التي أريتني إياها ...فشعرك ليس ثقيلا مثل شعر تلك الممثلة لكنك عنيدة...كما أن تلك الصورة معدلة "

فتصرخ المرأة بجنون أكبر توشك أن تنشب مخالبها في مقلتيها "تتحججين بالفوتوشوب بعد أن جعلتني أبدو ككلب الجيران الأجرب بشعره المنفوش "

فتميل جميلة رأسها مفكرة غير آبهة لثورة المرأة التي كانت ترغي و تزبد أمامها "ربما علي أن أقصر من طوله قليلا بعد"

فترفع المرأة الهائجة يديها تغطي شعرها تحميه من مقص وهمي و تصيح متشفية "ثم تحولينني إلى دجاجة منتوفة هذه المرة ..لا شكرا ..لا أريد أن أشبه ابنتك بقصتها الولادية "

ما إن سمعت سيرة ابنتها حتى كشرت في وجهها بشراسة " ما به شعر ابنتي يا..."

فكانت أم مكتوم تسارع لتكبيل جميلة قبل أن تقطع الزبونة إربا ..فتفح المرأة بحقد أسود رافعة ذقنها بإباء تتحداها "انا لن أدفع لك مليما واحدا وأعلى ما في خيلك اركبيه"

فتخرج جميلة عن طورها تماما وقد فلت عيارها وتصيح بتشف "ها قد وصلنا إلى مربط الفرس ...تفتعلين كل هذه الفوضى لكي تتهربي من الدفع يا بخيلة ...أي زواج تحتفلين به بينما تتصارعين كل يوم مع زوجك المأسوف على عمره ...لابد أنه في مثل هذا اليوم من كل عام يندب كالنساء حظه العاثر الذي أوقعه في مصارعة مثلك ترمي ثيابه في الحي حين تنتابها موجات الجنون...الجميع يعلم أنك تنفضين المسكين كالبساط..كان الله في عونه"
"أفعى مرقطة ...أبصق على وجهك الممسوخ"

المهم أن وصلة الردح استمرت أكثر مما كان كاظم يرجو إذ ابتعد عن أرض المعركة يتشاغل بتأمل لوحات زيتية في منتهى البشاعة معلقة على طول الرواق بعد أن فكر عدة مرات في الفرار بجلده من هنا إلا أنه كان يعدل في كل مرة عن قراره..

وانتهت تلك المطحنة على خير دون خسائر بشرية فكانت جميلة تتهادى نحوه بأناقة تنفض غبارا وهميا عن ثوبها تبتسم بحلاوة وكأنها لم تخرج لتوها من حرب ضروس... فهمست تحدق معه في إحدى اللوحات وأبشعها في الواقع "هل أعجبتك ...ابني رسمها "

كان يعلم أن الرسام ليس فنانا تشكيليا وإلا فعلى حسه الفني السلام...وهل اندهش حين عرف من وراء هذا الابداع وقد رأى بأم عينيه إبداعه في السوق الشعبية...لا والله و لو قيد أنملة... !
"رائعة ...ابنك موهوب ..."
"هل تريد واحدة ...لدينا منها الكثير "
يسارع ليجيبها مبتسما بتصلب يستغفر ربه لإدعاءاته الكاذبة "لا ...كل فنان يعتبر أعماله كجزء من روحه..لن يحب ابنك هذا"

فتمط شفتيها وتقول بحسرة تلوح بكفها بنعومة "لن يبالي حتى وإن أحرقتها ...يزن رسمها منذ سنوات حين ضربته موجة فن إلا أنه سرعان ما عاد إلى أرض الواقع حين لم يعترف أحد بموهبته ..يبيع حاليا الأواني في السوق الشعبية"

خسارة الألوان الزيتية التي يهدرها ...هما ثوران إذا ...فكر كاظم بصمت ..ثم كان يتساءل أي حيل يستخدمها هو الآخر لبيع بضاعته متحسرا على استراتيجيات البيع و التسويق التي يتبعها في معمل النسيج..


"أمي ...لماذا فوزية تشتمك لدى الجيران...هل فاتني أمر ما ..لم أسمع شيئا بسبب ضجيج المثقاب" تساءلت رونق محتارة بينما تهبط الدرج ..توسعت عيناها الخضراوتان متفاجئة لرؤيته فكانت تهمس اسمه مستغربة وجوده رفقة أمها ...

تطلعت جميلة ببؤس إلى الحلة الرياضية البالية المجعدة التي ترتديها ابنتها لينفلت صوت تذمر خافت من بين شفتيها المكورتين بامتعاض حين لمحت المثقاب الكهربي في يدها اليمنى فسارعت ناحيتها ترمقها بنظرات محذرة ذات مغزى تقول بنبرة مرتبكة "رونق ...ما هذا الذي في يدك...لا تلعبي بالأجهزة الخطيرة "

رفعت رونق حاجبا واحدا تطالع أمها وقد أدركت في الحال ما تحيكه فقالت بصراحة كعادتها "كنت أثبت شماعة جديدة في الغرفة العاشرة ...معكِ حق هذه المرة...اعتدت على هذه الأدوات لدرجة أنني أراها كالألعاب "

تكاد جميلة تعض أناملها غيضا فتقرص ذراعها وقد فقدت السيطرة على انفعالاتها وتسحب رأسها إلى الأسفل نحوها لتتمكن من الهمس في أذنها بحنق "تحلي ببعض الأنوثة ...من يدري ماذا يريد الرجل منك وقد تكبد العناء ليصل إلى هنا.."

تقول رونق مبتسمة بلؤم بينما عيناها مثبتان في عيني أمها في تحد صامت "أخبرها يا كاظم أنك صديق قديم لا أمل أبدا في أن تتزوجني لا عن قريب ولا عن بعيد...فأمي العزيزة عنيدة لا تفهم بالتلميح أبدا"

إلهي ما هذا النهار الظاهر من أوله... !
تبسم كاظم ببؤس لتكتمل لوحة فنية لثلاثتهم تصرخ بؤسا من كل زواياها وقد هربت منه الكلمات لا يدري بماذا يجيب في موقف كهذا ...فكانت رونق تضع المثقاب في كف أمها التي وقفت متصلبة تتآكلها الحسرة على هذا العريس اللقطة الذي طار من قفص ابنتها الصدئ وتقول بهدوء "ضعيه في مكانه يا أمي وإياك أن تلعبي به ...أنا و كاظم سنتحدث في الخارج "

فكانت تراقب ظهره العريض بينما يحييها بلطف بوجه محتقن حرجا فتتغلب عليها طبيعتها الشاعرية فتترقرق الدموع في عينيها و تهمس متحسرة " وأنا التي ظنته احب جوهر روحها فقد يئست منذ زمن بعيد من اهتمامها بمظهرها...ستجلطني هذه البنت يوما ما...لماذا هي صريحة هكذا أكثر من اللزوم! "

...........................


بقية الفصل على هذا الرابط

https://www.rewity.com/forum/t468707-19.html



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 30-07-20 الساعة 11:07 AM
ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:47 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.