آخر 10 مشاركات
سمراء الغجرى..تكتبها مايا مختار "متميزة" , " مكتملة " (الكاتـب : مايا مختار - )           »          [تحميل] سأخبرك سراً أفنى بدونك / للكاتبة انجل ( جميع الصيغ ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          أرملة أخيه-قلوب زائرة(ج1 سلسلة حكايات سريه) للكاتبة : عبير محمد قائد*كاملة&الروابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          " بين الصمت والهمس ...حكايا تروى " * مميزة * (الكاتـب : همس القوافي - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          للحب, الشرف والخيانة (101) للكاتبة: Jennie Lucas *كاملة* (الكاتـب : سما مصر - )           »          قيود ناعمة - ج1سلسلة زهورالجبل - قلوب زائرة - للكاتبة نرمين نحمدالله *كاملة&الروابط* (الكاتـب : noor1984 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree312Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-09-20, 02:32 PM   #251

منال سالمه

? العضوٌ??? » 477970
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 13
?  نُقآطِيْ » منال سالمه is on a distinguished road
افتراضي


متى الفصل الله يسعدك

منال سالمه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-09-20, 04:39 PM   #252

منـال مختار
 
الصورة الرمزية منـال مختار

? العضوٌ??? » 477586
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,015
?  مُ?إني » المملكة العربيه السعودية
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » منـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond repute
افتراضي

ي الله ي الحمااااس للفصل 🥳♥♥♥.

منـال مختار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-09-20, 05:24 PM   #253

Sooooo2

? العضوٌ??? » 420794
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 101
?  نُقآطِيْ » Sooooo2 is on a distinguished road
افتراضي

اهلا اهلا .. تسجيل دخول ننتظرك🤩..

Sooooo2 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-09-20, 05:37 PM   #254

ملكة زمن

? العضوٌ??? » 477575
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 102
?  نُقآطِيْ » ملكة زمن is on a distinguished road
افتراضي

كاتبتنا الجميلة نحن بانتظار فصل اليوم 😘😋😘😝

ملكة زمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-09-20, 08:25 PM   #255

Sooooo2

? العضوٌ??? » 420794
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 101
?  نُقآطِيْ » Sooooo2 is on a distinguished road
افتراضي

الريم وينك احنا ننتظرك ☹☹☹.

Sooooo2 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-09-20, 08:29 PM   #256

منال سالمه

? العضوٌ??? » 477970
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 13
?  نُقآطِيْ » منال سالمه is on a distinguished road
افتراضي

حددنننا متحمسييين للفصل

منال سالمه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-09-20, 08:45 PM   #257

الريم ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 408952
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,321
?  نُقآطِيْ » الريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم جميعاً
بإذن الله المراجعه الأخيره وينزل الفصـل ❤


الريم ناصر متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-09-20, 09:20 PM   #258

الريم ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 408952
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,321
?  نُقآطِيْ » الريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الثاني والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم
،
أستغفرالله العلي العظيـم وأتوب إليه
،
الفصل (الثاني والعشرون)


،
،

لا تزال الاعتراضات تطّرب مسامعه ولكنّه بكل جسّارة مُتجاهلها واقفًا بصّف قلبه الذي يتراقص بين أضلعه، ينتظر يوم الخميس ويكاد قلبه يُلفظ من شدّة انتظاره، والده غاضب.. وهو اتخذ سبيل التجاهل.. مُدرك بإن العائلة أجمّع سترضى عاجلاً أم أجلاً عندما يستشعروا بقلوبهم الوجلة لأجله إن هذا ما يُسعده حتى لو كان الطريق معها يحّوي عقبات قد تطّول.. ولكنّه هو راضي أتم الرضى!
.................................................. ..............
(زوجتك أبنتِ)
يتردد صداها بين أروقه أضلعه بسعادة يتراقص لها القلب طربًا، والثغر ينفرج بابتسامة واسعة لم يستطع إخفاءها، حتى مع وجود العوائق الكثيرة والمُنغصات ولكنّه سعيد.. حلم طال به التمنّي حتى أعتقد أنه بعيد المنال!.. ويود لو يسجد شكرًا لله، أن الكهل العجوز زوجة أبنته!
لا يهم.. إن كان استغله
ولا يهمّ.. إنه رابض بجانب الشيخ دون والده ويوسف الغاضب، ويشّكر أحمد المُتفهم الذي ذهب معه لأجل عقد قِران حانق للجميع.. وّ مفّرح له وحدّة!
بالطبع.. هو يستحق أن تفرح عائلته بعقد قِرانه، أن يسمع أهازيج تطرب أذنيه وتزهو بفرحته، يستحق أن يشيّعه والده بنظره سعيدة ويكون بجانبه.. وأن يبارك له أشقائه وشقيقاته..!
ولكن.. مع هذه الأشياء التي تربض بثقل على قلبه هو سعيد.. سعيد
لأنهم.. لمّ يشعروا ما شعّر به منذّ ليله زفافها على غيره!
ولأنهم.. لمّ يذوقوا مكيال الأسى الذي كان زاده!
لا يهم.. لا يهم..
الأهم.. أنها أصبحت زوجته..
: مبروك يا عبدالعزيز
ألتفت نحو أحمد وقال بامتنان: الله يبارك فيك ياخوي ماراح أنسى اللي وقفتك معي!
ابتسم وقال بتنهيدة: الشكوى لله الود ودي كل اخواني هنا!
لم يُعلق.. ويحاول يكابد غصته بحدّيث أحمد
: الف مبروك ياعبدالعزيز
انتقلت أنظاره نحّو الجسدّ الذي توقف أمامه، والضيّف الثقيل على قلبه!
أجابه مجاملة: الله يبارك فيك.. ياعبدالرحمن
وقال بعدّها: ممكن تجي شوي معي!
كتّم تأففه ونزّقه من هذا الرجّل المستفز!
ولحّقه حتى الفناء الخارجي.. وقال: تفضل ياعبدالرحمن!
حدّق بوجهه قليلاً، ومن ثمّ شتت ناظريه نحو بيّت خالته المُتهالك وقال: صراحة تفاجئت يوم قال لي أبو راضي.. لا أقصد أبو خالد إنك بتتزوج أرملة أخوي!
وكز على أسنانه من الوصف المستفز بصبّر!
وأردف: وأكيد هذي تعتبر يعني.. شي كويس.. وّ إنك تساعد الجوري بمحنّتها!
: والمطلوب؟
قالها بنزّق واضح!
رفع كتفيّه وأدرك بإن هذا الرجّل يكرهه لسبب ما!
: ولا شي.. بس أنا منصّدم.. وكانت نيتي أروح معها مع الوالدة عشان نكمل إجراءات العلاج.. بس ما قصّرت! وكل تكاليف العمي..
قاطعه رافعًا حاجبه الأيسر بتهكم: أنا حاليًا زوجها شرعًا وقانونًا! وأنا بكون المسؤول عنها.. يعني التكاليف وماالتكاليف لا تشيّل همّها!
رفع عبدالرحمن حاجبيه بتعجبّ، وأردف: توصيّ بشي ثاني؟
: سلامتك!
واستدار عزيز عائدًا نحو الداخل وهو يزفر بغيّظ من كلمة "أرملة أخوي!"
ويودّ لو يعود ويلكمّه حتى يُشفى غليله!
......................

تضحك خلود بهستيرية مُبكية وهي تتحدث: من يصدق الجوري تزوجت
وهدأت فجأة وتابعت: تعبت من هالعايلة خلاص!
واستدارت خارجه للخارج على أنظار والدتها وشقيقاتها
وتحدثت منيرة بلطف: ما عليك منها يمه ما عليك
: ومن قال إني بهتم لكلامها! اللي صار لعلّه خيرة لعلّه خيرة
تحدثت حسنا بهدوء: والله هو الخيرة يايمه.. وعبد العزيز رجال والنعم فيه قلبي متطمن وأنا متأكدة أنها معه
وقالت منيرة: يمكن اللي صار للجوري حوبت عبدالعزيز سبحان الله
نهرتها والدتها:
استغفري! اللي صار مكتوب!!!
: استغفر الله صح مكتوب..
وأردفت: ترى دقيت على أم صالح وقلت لها إنك رافضة
: أمّا يمه!!! ليش؟
أشاحت بوجهها بحسرة: ما تبينه! من اليوم ورايح أي وحدة توافق على شي وهي مَا تبيه ما أحلها ليوم الدين!
قالت حسنا بتعجّب: يمه وش فيك فجأة؟ وش يقولون عماني الحين؟
قالت بضيق: والله يقولون اللي يقولون بنتي ما تبيه
: وأبوي!
نظّرت لها بحدة: بالطقاق ما عاد يهمني!
وأردفت: مثل ما قلت لكم اللي ماتبي هالشي تجي تقول لي ما أبيه! وش فاد الجوري!!!!
قالت منيرة بنبرة خافتة: يمه مكتوب.. هَدْي!
تنهدت بحسرة واستغفرت بصوت جهوري، و أطبقت شفتيها بحنق واضح على ملامحها!
.................................................. ............

تتمنى رؤية عبدالعزيز بعد عقد قِرانه عندما علمت بإن جميع العائلة رافضة!
تريد أن تمسّح على قلبه بحدّيث لطيف، مثلما كان ولا زال الكتّف الذي تتكئ عليه
صحيح.. إن زواجه من أبنة خالته لا يُعجبها، ولكنّ هذا ما يُريده..
اخرجت هاتفها من حقيبتها وهي رابضة بجانب أسماء بالسيارة بعد عودتهم من إحدى الأسواق، وتشّكر الله على وجود صديقة كا أسماء بجِوارها، وتفّهم عائلتها وعمقّ صداقتهما..
قالت: مري بيتنا بجيب لي كم غرض ويارب أشوف عبدالعزيز!
: اوكيه على عيني ياعروسه
و أتصلت عليه ليُجيبها: هلا شموخه
قالت: هلا والله بالعريس كللوولوش الف مبروك!!! ياويلك تسافر وماحضرت زواجي!
وصلتّها ضحكته الشائبة وقال: ماعليك بعد زواجك مسافر والله يبارك فيك
وسئلت: أنت بالبيت؟ ودّي أشوفك
: لا طالع!
: امم حسافة... طيب شلونك؟
صمت للحظة وتحدث بنبرة شائبة: بخير.. أحاول أمشي الوضع بدون فرحة أبوي وأخواني!
شعّرت بغغصة تتكوم بحنجرتها وقالت بدعابة: ماعليك خبره خمس سنين أقولك أن موضوعك ماهو مطّول!
وكان جوابه ضحكّة طويلة أنعشت قلبها وقال: أنتِ متغيرة علي صايرة تنكتين!
: هه تشوف حتى أنا صايرة ما أعرف نفسي!
وأردفت بجدية: ماعليك أن شاءالله فترة ويهدى الوضع لا تشيل هم.. وأهم شي سعادتك أنت
: ياحركات ياشموخ يابنت أخوي صايرة تقولين كلام موزون!
ضحكت: قلت لك متغيرة..
وأعقبت عندما رأت بيتهم يقترب: لازم أشوفك قبل زواجي ياعزيز مرنّي بيت جدتي!
: تمام بإذن الله.. وترى هدية زواجك محفوظة لا تحسبيني نسيتك
: ياعمريي ليش تكلف على نفسك!
: عيوني لك.. فمان الله
أغلقت ووضعت هاتفها بحقيبتها وقالت أسماء بانبهار: والله مو مصدقه أن عمك بيتزوج أرملة وأنا حاطه عيني عليه!
ضحكت بخفة: وزياد وين راح؟
: عادي نبدّله!
: هه على كيفك
توقف سيّاره أسماء وتنهدت الشموخ براحة: الحمدلله جمال ماهو فيه.. ثوواني بجيب كم غرض وراجعة
وقالت أسماء بنغزة: زماان يافن الحين صرتِ تخافين من شوفته جمال عشان لا يسوي من حركاته اللي تخليك خروفه وراه!
ضربتها بحقيبتها وقالت بحنقّ: انطمي!
وترجلت بحنق من حديث أسماء الحقيقي!
.................................................. ...........

دَلَفْت إلى غرفتها وشعرت بالحنين يَعْصِف بدواخلها والدموع تَقْرُص عيّنيها بِشَدِّة، هذه الغرفة تشعر بأنها جُزء لا يتجزأ منها، جدرانها تحكي عنّ أيام كان زادها الألم والبكاء وأخرى كان تأنيب الضمير يَحْتَلّهَا عندما تقذف بوجه والدها حديث يؤلمه، وأيام السهد والتعب وهي تعتكف على دروسها.. وتنهدت وحدّثت نفسها قائلة: من يصدق إني بدخلك وهالثقل اللي بصدري أنزاح؟ من كان يتوقع أدخلك وأنا راضية أتزوجه! ومن كان يصدق أني أدخلك وما أحس جدرانك تعاتبني على صدّي بوجه أبوي؟
وانزلقت دمعة طفيفة من مُقلتيها لتتركها بحال سَبِيلهَا وتلتقط حاجياتها بسرعة.. وفتحت إحدى الأدراج ليشدّها كيّس تعرفه..و بداخله الخاتم الذي رمته... أخرجته من علبته بمشاعر غريبة، وارتدته وعادت ذاكرتها لذلك اليوم!، ورميها له لأنها كانت تؤمن بأنه أهدى زوجته الأخرى ما هو أثمن وأفضل!
تنهدت.. وحاولت إلا تسترسل بأفكار تَسْحَبهَا نحو قاع اليأس، وقررت إرجاعه.. وتنهدت تطرد الشعور الخبيث.. وحاولت إشغال نفسها بأخذ حاجياتها بسرعة
.................................................. ................

بصعوبة يلتقط أنفاسه من تراكم الأعمال لديهِ خلال الأيام الفائتة متزامنًا مع إصرار التوأم اللذيذ على الخروج معه ورؤية مدينة والدهم، ومع كل هذا يحاول تفهّم سمّر والتي بكل صفاقة تعاتبه على أشياء كثيرة تَخْنُقهُ!
وغدًا.. يوم زواجه!
غدًا.. اليوم المنتظر اَلَّذِي كان ينفى انتظاره له قبل شهور فائتة!
يحاول ألا يضغط عليها كثيرًا، خائفاً من تغيّر مفاجئ يصّدمه!
خائف.. إن يستيقظ غدًا وتتبخر لهفته وَتَرَقُّبه بقرار تتخذه فجأة!
وما هو إلا.. نَفْيه من عالمها الشيّق!
تشدّه بكل تفاصيلها، يشعر معها بأنه داخل أحجية تُبْهِرهُ!
وكل ذا حِين يستكشف قطّعه تزيد من روعتها!
وهو الذي كان مُنْذُ صغّره يُحب الأشياء غير المتوقعة!
وهي امرأة غير متوقعة!
ويشعر باكتمال زواجه بها.. إنه إنسان حقيقي.. لديه عائله يشعر نحوها بالانتماء، و.. وأم سعيدة لأجله!
لا يزال يتذكر زواجه من سمّر، الذي كان يَتَّخِذهُ جلد لذّاته اَلْمُحْتَاجَة لعائلته!
يخفي حاجته بداخله ، وكأنها مُخدر يُخدر الألم اَلْعَمِيق،، وعندما أستيقظ فجأة أدرك أضراره!
ومع كل هذا.. يُدرك بأن سمّر جزء من حَيَاته، سيعاشرها بالتي هي أحسّن.. و سيصبر على عتابها.. حتى يُنَفِّذ صبره.. ويتمنى لو يَطُول!
..................................................

تقف أسماء فوق رأسها تنظر لها بدموع تنساب دون توقف وهي ترى زيّنتها الخلابة كعروس تستحق السعادة، وتدعو الله بكل ذرة من كيانها أن تَسْعَد معه.. وتحمده أن حياتها التي كانت تؤرقها بجفائها وتعندها.. تغيرت لتصبّح أكثر ألفة ومحبّة، وهي تشتت ناظريها عن دموعها وتقول بعبرة: لو سمحتِ أسماء يكفي بيخرب مكياجي
ولكنّ أسماء التي لم تهتم وقالت بحشرجة: مو قادرة أوقف دموعي
ولكن الشموخ تماسكت مؤجلة نوبة بكاء عندما ترى والدها وجدّتها وقالت بثبات: خلاص أسماء عشاني.. اللي يشوفك يقول بعزا وبعدين مكياجك يخرب!
تنهدت تنهيدة طويلة والتقطت المحارم الورقية لتمسح دموعها وتقول: ما عليك قلت للميكب أرتست تحط لي مكياج ضد الدموع أقصد الماء!
اِنْفَرَجَتْ شفتيها بضحكة طفيفة وقالت المصففة وهي تضع التّاج فوق قُمْهُ رأسها: وبكذا خلصنا!
ابتسمت لها ونظّرت لشكلها بالمرأة برضى وانتصبت وهي تستدير لأسماء وتقول: وشرايك؟
ولكن أسماء بكل صفاقة انفجرت تبكي وهي تحتضنها بقوة، وكانت هي أضعف من اَلصُّمُود لتتقافز الدموع من عيّنيها دون مقاومة!
وابتعدت أسماء لتقول بحشرجة: ماشاءالله تبارك الله.. مدري شقول والله جميلة!
واقتربت لتمسح دموعها وتحاول ألا تنفجر باكية وتنهدت الشموخ قائله: عقال فرحتِ فيك يا أعز أخت وصديقة وكل شي بحياتي! والله لو أنتِ مو بحياتي وش كنت بسوي؟
ابتسمت أسماء وقالت: أي والله وش كنتِ بتسوين؟
ضحكة الشموخ وقالت : ياعمري اللي عااارف مقامه
وتنهدت أسماء وقالت بهدوء: أبيك تستانسين هليوم وبكل حياتك وما تخلين شي يقف بطريق سعادتك أبد
قالت والتوتر بدأ يزحف لقلبها: إن شاء الله!
وّأردفت أسماء بعجلة: يلا نروح للقاعة عشان جدتك من لها ساعة وهي تدق على جوالي وحاطته صامت بتذبحني!
ضحكت بخفّة والتقطت عباءتها لتخّرج برفقه أسماء مُتجهات نحو القاعة لارتداء ثوب الزفاف..


.................................................. ........................

ينظر لساعته بتأفف وهو ينتظر نزول وصايف برفقة وجدان للذهاب لزفاف جمال، وهو يقف أمام الباب الخارجي بملل.. حتى وصل لأذنيه طرق الكعب على عتبات السلّم ورفع ناظرّيه.. ليفتح ثغرة ويتمتم: ماشاءالله تبارك الله!
وهو يراها تنزل العتبات وهي مشغولة بهاتفها بفستانها الأسود الملتّف حول جسّدها مُظهر جمال جسّدها الفتيّ
والشعّر الأسود المرفوع للأعلى بطريقة ناسبت وجهها الذي ارتفع لتحدق به ببلاهة وهو فاتحًا ثغره بإعجاب واضح!
ويشعّر.. بإن قلبه تضخمّ.. و أوردته ستنفجر بدمائها لتلوث دواخله، وأن حنجرته جفّت!
وأدرك.. بإن تجاهله طِيلة المدة الماضية كان بلا طائل!
موقنًا أن تأثيرها عليه وهي بملابسها البسيطة لا يقل تأثيرًا وهي.. بفستانها الأسود!
وهي عندما رأت تحدّيقه ارتدت عباءتها قبل أن تصَل إليه وحتى النقاب تمنّعه منّ الارتشاف من حسنّها!

وأخيرا وصلت له.. وتوقفت وقالت بتوتر: يلا الحين وجدان تنزل!
قال بهدوء: يلا!
دون تعقيب.. دون.. مقدرة على البّوح بما يعتلي صدَره ويدرك أن أبجديته الحثيثة لن تفيده!
..................................

تتلكأ بكعبها العالي وهي تسيّر مُتجهة نحو العروس التي تربض باخر القاعة وتشّعر بالترقب لرؤيتها بعدما نّزلت بأغنية خاصّة أقشعر جسّدها لها ووصلتها وهي تلهث واحتضنتها دون تحفظ وقالت بلهجتها المُحببة: الف الف مبروك يالشموخ وربي أنتِ أحلى عروسه شفتها!
أجابتها بابتسامة واسعة: الله يبارك فيك ياعمري..
: تسمحين أتصور معاك؟ الماما مررة تبغى تشوفك!
أومأت برأسها لتلتقط صّورة لهما سوّيًا وابتعدت لتسأل: ماراح يُدخل جمال وأبوكِ وجدّي؟
أجابتها: لأ
قالت بتعجبّ: ليشش!
:أنا ما إبي
مدّت شفتيها بتعجّب: غريبة! بس مالومك تغارين على اخويا!
أجابتها بضحكة وقالت: ومن قالك لك أغار؟ بس داخل أزين عشان أتصور مع أبوي وعمامي براحتي
واقتربت أسماء وهي تقول: الشموخ ترى بنحط أغنيتين وبعدها الأغنية اللي ترقين فوق عليها أوكيه!
: أوكيه!
وابتعدت سلوى بعدما احتضنتها تارةً أُخرى تبحث بعيّنيها عنّ زوجة والدها سابقًا وزوجة عمها حاليًا، لتجدّها تسيّر نحوها وهي مشغولة بإعطاء إحدى العاملات التعليمات وقالت: خالتي؟
استدارت نحوها،
وقالت: هلا سلوى!
قالت بابتسامة طفيفة: ما راح تجلسين؟ لانو.. أنا معرف حد غيرك أقصد مأمون على غيرك
ضحكت بخفة: ياحبي لك.. والله ودي بس العرس كله فوق راسي.. روحي للطاولة اللي فيها بنات عماتك هم مره يحبونك!
: اوكِ..
واستدارت بخطوات مُتوترة.. تودّ لو تعود للجلوس برفقه الشموخ التي ترتاح معّها.. أو السير خلف زوجة عمها التي أصبحت علاقتهما جيّده..
.................................................. .................

سارت بخطوات مرتبكة على ألحان الأغنية التي تودّعها بكلمات وصلّت لقاع قلبها، وتنظر لحولها بابتسامة مرتبكة وتشعّر بإن ما عاشته كأنه حلم وستعود لغرفتها بعد قليل لتنعم بنوم هانئ!
ابتلعت ريقها مرارًا وشريط مُراهقتها يعود لها والأحلام التي تنسّجها بانتظار هذا اليوم التي ستزّف له عروس ، بفستانها الأبيض بنقوشات عريضة يضيّق من الصدر حتى الخصر ويتهادى بكسرات حتى آخره، وشعّرها القصيّر بكثافته تركته كمّا هو وزينّت قامته بتاج مُزين باللؤلؤ بأكمله وانسابت خصلات طفيفة ليظهر وجهها بجمّاليه ، وزينتها التي برزت ملامحها الهادئة ولمّعة الشمّوخ بين طّياتها!
أخيرًا انتهت الأغنية عند دخولها للداخل وإغلاق الستّار خلفها، ودخولها للغرفة برفقة أسماء لتعديل من زينتها قبل دخول عريّسها!
وأسماء تعدل من خصلات شعّرها وتقول:
كل شي كان يجنن ياشموخه كل شي لا الزفة ولا دخلتك كل شي كل شي
: الله يطمنك.. وسألت: جدتي وين بشوفها!!!! خلي تجي تتصور معاي!
قالت: جدتك محيوسه والحين بناديها تسّلم عليك.. قبل لا يدخلون شوفي خليك جالسة على الكوشة لحّد مايدخلون وإذا دخلوا قومي عشان المصورة تقول لازم اصور هاللحظة عشان هو ما أنزف داخل
أومأت برأسها دون تعقيب، وتشعر بالتوتر يحتلّ كل ذرة من كيّانها، والمصورة تقف باخر الغرفة الكبيرة تنتظر لحظة دخول عريسها.. ولكن دخول جدّتها عليها بالهيئة الكهلة.. جعل الدموع تتهادى نحوّ وجنتيها المخضبة بلون الًزهر.. وجدّتها تحاول مسّح دموع طفّرت دون مقاومة على وجهها الكهل وهي تقترب وتقول بصوت متهدج: ماشاءالله ماشاءالله ماشاءالله تبارك الله ماشاءالله!
واحتضنتها الشمّوخ باحتياج كبير، شاكرة لله على وجود الفرد الأخير من رائحة والدتها، مدُركه بإن.. جميّع ما عاشته طوال الخمس سنوات الفائتة كان جحيم لا يُطاق!
!
بالكاد أفلتتها وجدتها تتحدث: الله يوفقك ياروحي الله يجعل السعادة بطريقك وين ماوجهتِ وين مارحتِ.. وتنهدت بثقل: بفقدك.. بفقدك!!
حاولت التماسك أكثر وقالت: امين امين.. وكل يوم وأنا عندك ياجدتي مستحيل راح أقطعك!
وقبلّت كفيها بعطّف كبير..
ابتعدت بعد سمّاع الضجة التي تدل على وقّت دخول العريس!
وربضت جدّتها على المقاعد باخر الغرفة بعدما وضعت على وجهها غطاء يسترها..
وتماسكت الشمّوخ.. وقلبها الذي كان ينبضّ باسمه منذّ أمّد!
شعّرت با حتضاره.. و أخر كلماته كان أسمه..
.................................................. ...................

دخل هو أولاً.. وانبهر بجمال طُلْتها البهية وخلفه جدّها ووالدها.. وخلفهم عمّها يوسف وعبد الله الذي تحامل على نفسه وحضر لأجلها!
الذكور.. التي كانت تنأى عنهم بحياتها بسبب ألم كانت تَشْعُر به..
الذكور.. التي كانت تمقتهم بكل ذرة من كِيَانهَا!
والتي كانت.. تُودِ لو تنتقم منهم اشد انتقام!
وشتّان.. ما كانت.. وما أصبحت عليه!
وهي تنظر لهم بِحُبّ فَاضَ من المقلّ، والدموع تنساب دون تحكم!
وهي تستقبل قُبلة من زوجها على جبينها بِصَدْر يصعد وينزّل، خلفه جدًها.. وعيّنيه تَحْبِس دموع خفيّه أخبرتها من تكون هي في قَلْبه!
قبلت رأسه، وهو أصر أن يُقبل جبينها وكفيها ويدعو لها بالسعادة، وانزاح قليلاً.. فاسحًا المجال.. لأبيها ووجهه اَلْمُحْتَقِن بتأثر.. أودى تماسكها للحضيض!
واحتضنها برفق.. ونظّر لها وعيّنيه تحكي لها سعادته، وتحكي لها.. كمّ كان ينتظر لحظة تزف عروس، وتحكي لها كمّ يُريحه السعادة اَلَّتِي تظهر على وجهها!
وتحدث بحشرجة: عيوني الاثنتين أنتِ بالشموخ! وحيدتي و.. أنتي نور حياتي.. الله يوفقك ويسعدك.. وَرَفْع سبّابته يَمْسَح دموعها مُردف: هالعيون الحلوة ما يحق لها تَبْكِي!
أومأت برأسها دون مقدرة على اَلْبَوْح، ومشاعرها هي من أخذت زمام السيطرة ظاهره على وجهها بدموع غزيرة!
وبعدها.. احتضان عمها يوسف وعبد الله.. والدعاء لها بالتوفيق..
وبحثت بِعينيها عن عبدالعزيز لتقول محاولة إخراج صوتها بثبات: وين عبدالعزير؟
آلمتها ملامحهم الغاضبة بسبب فعلته!، و أطبقت شفتيها بضيق..
ولكنّ دخوله برفقة سلوى جعلتها تزفر بارتياح.. وأقترب منها.. وكانت أضعف من المقاومة.. ومنّ الثبات.. لتشعر بأن ما بكته منذ قليل لم يَكْفِيهَا وهي تتقبل أحضانه الواسعة!
.. ويعجز لسانها عنّ وصّف مكانته بقلبها!
.. تشعر بأن كل الحروف الأبجدية غير قادرة على تكوين قصيدة أو جملة.. أو حتى كلمة.. بما تشعر به نحوه!
أبعدها وقال: شكلك تبيني أبكي هاه!!!! وقبّل جَبِينهَا وأردف: الف الف مبروك يا عيون عمك ألف مبروك!
وأردف بخفوت: بسافر الليلة.. و أبيك تكونين سعيدة ومبسوطة.. ولو احتجتي أي شي تلقين صدري وسيع لك
ورفع ناظريه نحو جمال ليتحدث: وأنت بس جرب تأذيها!
قال جمال بدعابة: لا مَب عايف نفسي بدال اَلْوَاحِد عندي أربعة
ضحك بخفة وقالت هي محاولة الثبات: استودعتك الله .. الله يسهل وييسر لك كل طريق ويجعل السعادة والرضا بطريقك.. كل اللي بتسوية مستحيل ربي ما يضيّعه!
أومأ برأسه دون تَعْقِيب.. وأمرتهم المصورة بعد انتهاء "المناحة " التي حَرَصْت على تَصْوِيرهَا.. إن يقفوا بجانب العروسين للتصوير
...........................

يقف بطوله الفارع بجانب عروسه.. الفائقة الروعة!
وَروعتها.. كثيرة على إدراكه وهو مُنْذُ السادسة صباحًا مُستيقظ بلهفة وكأنه عاد طِفل صغير مترقب لأول يوم دراسي!
ولكن ما يحدث له منذ السادسة صباحًا كان أجمل من يوم دراسي مُمِلّ!
والسعادة.. تطرق قلبه بكل حفاوة، والعائلة أجمّع حوله لالتقاط صور الذكرى برفقتهم، ووجهه اَلْجَمِيل يَشِعّ سعادة اتضحت من مقلتيه.. مدرِكًا أن هذا مكانه.. هذا هو.. ما يريد!
وسقطت أنظاره على جدّه.. النسخة الكبيرة منه يتحدث مع عمّته مزنة بهمهمات لم تصلّه، ويذّكر ما حدث قبل ساعات.. عندما أتصل عليه بنفسه لرؤيته قبل الزفاف.. ولو كان جمال السّابق.. لانزعج من طلبه.. وَلَكِنَّ جمال الحالي ممتن لجدّه وما فعله عندما دخل السّجن مُدركًا مكانته لديه.. والذي أفصح عنها عندما ربض أمامه وبعدما سأله عن أحواله قال: والله ياجمال ما تدري وشلون غلاك بقلبي وشلون وأنا أشوفك مرتاح ومبسوط وتجتمع مع أمامك وعيالهم.. أرتاح أكثر.. وأقول الحمد لله اللي الجفاء انزاح.. والله يجازي عبد الوهاب وسوآته فيك
عقد حاجبيه وقال: عبد الوهاب الله يسامحه لو بيدي كان ما خليت عمي عبد الله مريض بأسبابه!
تفاعل وجه جده بتأثر وأطرق برأسه :
الله يزينها الله يزينها
ورفع رأسه قائلاً بصراحة:
تذكر يوم تجي تبي تقهر عبد الله بولده !
والحين أنت ودك تتنازل عشان عبد الله!
تلون الأحراج على تَقَاسِيمه وقال مشتتًا ناظريه:
والله مدري شقول ياجدي...
اللي صار صار وأنا الحين غير
أبتسم وقال:
الحمد لله الله يغير حالنا للأحسن!
ورفع حاجبيه جمال مُتحدث بحرج: وماجت الفرصة اللي أشكرك ياجدي على اللي سويته ووقفتك معي..
زادت ابتسامته وهو يصمت للحظة.. وأردف بعدها: أمانتك الشموخ باجمال.. وأخرج من جيبه ظرف ومدّه إليه وقال: هذا هديه زواجكم!
: ما يحتاج ياجدي والله الخير واجد
قال بحزم: خُذْهَا! ولا تجادلني!
،
لاحت ابتسامة على ثغره عندما عاد للواقع وهو يرى إصرار سلوى أن تكون وسطهما لالتقاط الصور.. وبعدها خلى المكان إلا من والدته وهو.. والشموخ.. اقتربت منهما وانحنى ليحتضنها برفق وهي تتحدث بغصة: الله يوفقكم الله يوفقكم ويرضى عليكم
وابتعدت قليلاً.. ونظّر نحو اَلشُّمُوخ.. ليرى التردد في تَقَاسِيمهَا، و لعجبه تقدمت الشموخ للسلام عليها وَالْهَمْس بإذنها شيء لم يصله!
البسمة انشقت على ثغر والدته بامتنان وَاضِح، وقالت بعّدها: أخليكم تصورون على راحتكم
.................................................. .......


،
يتبـع ..



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 23-01-22 الساعة 10:05 PM
الريم ناصر متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-09-20, 09:44 PM   #259

الريم ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 408952
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,321
?  نُقآطِيْ » الريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي

،
،
،
دَلَفْت قبلٰه إلى اَلْجَنَاح في الفندق الفاخر، وهو خلفها يحاول ضبط أنفاسه المضطربة.. ويزدرد ريقه مرات عدة وهي بَطَلَتهَا الجميلة سَبَقْته تربض على الأرائك وهو شِعْر بالتوهان، والحيرة تسكّنه.. وخرجت أنفاس مضطربة منّ ثغره.. وهو يراها تشتت ناظريها عَنْهُ!
أقترب ليرمي الفترة والعقال جانبًا.. ويفتح أزرار الثّوب التي تَخْنُق تنفسه.. ويربض أمامها على الطاولة العريضة بعدما أبعد المزهرية الكبيرة، وحدّق بجمالها بصمت مهيب!
فالصمت في حرّم الجمّال، جمّال
، وللتّو أدرك مَعْنَى هذه الجملة..
منذ.. أول لقاء معها.. وهي تمتلك سحَر خاصّ، وَلَمْسه خاص بإطلالتها.. ولا تزال ذكرى تألقها على أنظاره تلك الليلة يؤرقه.. والآن هي أمامه.. دون عواقب.. دون شروط.. دون.. كرامة تحوّل بينهما
وحتى شخصيتهما التي تمتلك اَلشَّبَه الكبير تنحّت جانبًا فاسحًا المجال لشخصياته جديدة، مُتَنَاسِيَة اَلْمَاضِي.. وفاسحًت المجال لحاضر ومستقبل جميل بأذن الله!
: اَلشُّمُوخ ناظري لي..
ودون تلكؤ.. تحركت بؤبؤه عيّنيها نحوه لِيَجْفِل قَلْبه ويرتعد بنبضات هائجة!
.. وعاد اَلصَّمْت يتلبس الأجواء تَارَة أخرى.. فقط عيّنيهما تتحدّث..

.....................................

يقف بجسده بمحاذاة باب غرفة والده، يحاول ضَبْط أنفاسه واضطرابات دواخله.. عَقَارِب الساعة تحثه على الإسراع فهُناك طائرة تنتظره، وزوجه!
أطلق تنهيدة مرتبكة، وتوكل على الله وفتح الباب وأطل برأسه ليرى والده واقفًا بِخُشُوع على سجادته يرفع يديهِ ويتضرع إلى الله بهمهمات خافتة!
ماذا لو والده.. يَدْعُو عليه؟
أُوجِعهُ هذا الهاجس، ليستغفر بصوت خافت مدركًا بأن والده حتى لو كان غير راضي.. لم يصلّ لنقطة الدعاء عليه!
يبدو.. بأن التوتر هو من يجعله يفكر هكذا!
لم تتحرك وضعِيته.. حتى رأى والده يسجد السجدتين بخشوع كبير.. ومنّ ثم السلام عن يمينه وعن شماله.. انتظر حتى انتهى من التسبيح.. وأتى صَوْته يحثّه: وش عندك يا عبدالعزيز !
ابتلع ريقه وتقدّم حتى جلس بجانبه وقبّل رأسه وقال بهدوء: حزت بخاطري يايبه أروح وأنت مو راضي علي!
نظّر له والده بِصَمْت دون تعقيب.. وأردف هو بتبرير: اللي بِسَوِيِّهِ يايبه أبتغي رضا ربي بالمسكينة اللي الظروف حدّتها!
ولا يزال والده ينظّر له.. وكأنه ينتظر منه تبرير أقوى؟
وشتت نَاظِرَيْهِ:

ما هان علي أروح وأنت مو راضي عليّ وربي ما ييسر أمري يايبه.. ولا يهون علي أسافر وأنا ما شفتك!
نُطْق ابيه أخيرًا : روح.. روح يا عزيز.. عَسَى ربي لا يخسر تعبك.. ويجزيك الجزاء اللي تستحقه! وأنا والله الشاهد علي إني ماني راضي تنزل نفسك لأبوها لكن مثل ما قلت المسكينه مالها ذَنْب!
تهدجت أنفاسه بفرحة وهو يقبّل رأسه تارة أخرى وكتفه بامتنان ووقف: دعواتك.. دعواتك يايبه.. والله يحفظك ويطول بعمرك.. مع السلامة!
واتجه نحو الباب وهو يزفر بارتياح.. ووجد في البهو الواسع زوجة يُوسُف.. وكأنها تنتظر ثمرة اللقاء!
أقبلت نحوه وقالت: بتروح؟
أبتسم برحابة وقال: مستحيل أطلع من جزاك يا أم قصي أنتِ اللي أقنعتِ أبوي صح؟
ضحكت بخفوت: وش دَراك!
: لأن غلاك عند أبوي يخليه يقتنع! وعقبال يوسف!
ربتت على كَتِفه وقالت: ما عليك يا عزيز يوسف من غلاك زعلان.. وصح أنا الصراحة أظن إنك تستحق الأفضل بس ما قدر اغصبك زي قصي.. ومالي إلا أجاريك!
أبتسم ابتسامة واسعة وقال:
الله لا يخليني منك.. فمان الله ودعواتك!
قالت وهي تراه يتّجه نحو الخارج:
الله يَسْمَح دربك ويسهل لك وييسر لك
...........................

يسير بين أروقة المطار حتى مكان اللقاء مع زوجته.. ولاح له بين الوجوه.. وجه زوج خالته حث قدّميه على الإسراع خَشِيَهُ أن يُكون ما حدث.. ما هو إلا سراب!
وتوقف أمامه وهو يَلْهَث وسلّم عليه وهو يختلس اَلنَّظَر لمن تربض فوق المقعد وجسّدها يهتز بصورة واضحة!
بالكاد انتشل نَظَرَاته إلى وجه والدها الذي يتحدث وهو يمدّ له الجواز: هذا جوازها..
التقطه وأومأ برأسه.. وقال دون أضافه: مع السلامة طمني إذا وصلتوا!
وسار بجانبه حيث الخارج، وهو واقف يحاول استيعاب ما يحدث، وماذا سيحدث!
وانتقلت أنظاره إليها، مُتَشَكِّلَة بالسواد اَلْقَاتِم.. وكأنه يَسْحَبهَا بِلَوْنِهِ للقاع، و الاهتزازات العنيفة بِجَسَدِهَا تخبّره بوضوح حالتها النفسية!
لم تُخْبِرهُ خالته عن تَفَاصِيل حالتها، ولم يسأل.. تارك للأيام لتكشّف عن ستّار كآبتها بكل سخاء!
!
تقدّم حتى رَبَضَ بجانبها، وأمنية استحلت قَلْبه.. إن يخبئها بين أضلعه.. حَيْثُ مكانها الأزلي.. حيث القلب اَلَّذِي يهذي باسمها مُنْذُ سَنَوَات عمره التاسعة والعشرون!
وهي بجانبه.. بجانبه.. شرعًا.. وقانونًا هي بِعِصْمَتِهِ.. مسؤوليته.. وهي ملكه وحدّه!
يا الله.. شُعُوره فاق الروعة!، وهو عاجز عن وصفّه!
اهتزاز جسّدها بدأ بالتوقف مع الانتظار الطويل.. حتى صَدَحَ بالإرجاء موعد الطائرة.. وأحتضن كفّها الصغير بِكَفِّهِ الكبير بسخاء.. وحثّها على الوقف وَالسَّيْر بجانبه.. و لدهشته لم تجفل.. ولكنّه أيقن بأنها غير واعية!
وهذا.. ما أُوجِعهُ..
ساعدها على السير حتى الجلوس بِمَقْعَد الطائرة بعد جُهْد جهيد..
وأقلعت الطائرة.. والساعات التي قضّاها كانت ثقيلة.. ثقيلة.. والجسد الساكن بجانبه يفزع إنه لم يَتَحَرَّك بتاتًا.. وكل لحظة يتفقد مَجْرَى اَلتَّنَفُّس ليزفر بارتياح!
!
وأخيرًا.. يدلف برفقتها إلى اَلْجَنَاح نفسه الذي كان يسكنّه.. وحده.. والذي يحوي غرفة واحدة وَمَطْبَخ صغير يُطِلّ على صالة واسعة.. وأغلق الباب بعدما وُضعت الحقائب جانبًا، وبحث بِعَيْنَيْهِ عَنْهَا.. ليراها مُرتدة لأخر الجدار.. وجسّدها عاود الاهتزاز.. تقدّم نحوها وهي تمتمت: يمه يمه وينك وينك؟
ابتلع ريقه وأقترب ليخلع النقاب
وهالة منظّرها الموجع لقلبه، والوجه الذابل.. وَالْعَيْنَيْنِ الذي يحفها السّواد.. وَعَلَى صَوْتهَا باهتزازات واضحة: أبي أمي.. يمه وبنك.. آه آه
أقترب أكثر ليضع يَدَيْهِ على كتفيها ويقول بخفوت: الجوري أهدي.. أهدي..
وانتفضت بِجَزَع وهي ترتدّ بخطواتها وَتَوَدّ لو تخترق الجدار اَلصُّلْب، وهو بعزيمته عاد لإمساكها وهي لا تزال تهذي : يمه يمه ..أمجد
هُنا شِعْر بالنار تآكل جَوْفه ليرصّ على كَتِفَيْهَا بقوة ويقول: الجوري.. أنا عبد العزيز.. عبد العزييييييز!
!
وفجأة هدأ اهتزاز جسّدها، وتراخت عزيمتها لِثَوَانِي.. وهو عاقد حاجبيه يحاول التنبؤ بتصرفاتها الغريبة!
وانهارت قدّميها.. لِيَجْفِل قلبه.. وتبكي بنحيب أودى بتماسكه ركع أمامها بتخوف!.. وهي تنتحب و شهقاتها تتعالى.. وَيَدَيْهَا تتراخى بأسى.. وهو بدوره.. خبأها مثلما كان يتمنى.. بين أضلعه المتصلبة.. حَيْثُ مكانها الأزلي.. وبكاءها يزداد مع ازدياد عَصْرهَا بين أضلعه حتى شِعْر بتهشم عظامها الرقيقة ولم يُبالي.. بل شِعْر بأن الخواء الذي يشعر به مُنْذُ أمد بدأ يتقلص.. حتى اختفى..

.................................................. .....................


يختلس النظر نحوها بخفقات مضطربة.. وهو اَلَّذِي كان يتجلد بتعويذة التجاهل لِتَقِيَهُ من سحّرها الذي يسحبه دون تهيأ، وقاربه الذي يُجابه بحرها الهائج تحطّم فوق رأسه.. ليستسلم ويسبّح مع تيّارها الذي لا يعرف إلى أين سيوصله؟ و أين وجهته؟
وهو الذي كان منذ صِغره يضع قوانين.. وشروط.. لحياته.. ولا يحيد عن الطريق الذي يرسمه بمخيلته.. وجدّ نفسه ينكبّ على وجهه.. معّها!
وهو... من كان يتجلدّ بالتجاهل.. خشيّه.. أن يغرق!
...
لا يزال الثوب الأسود يصّف جسمّها أمامه وهي تتحدث بنّهم وتفاصيل عن زفاف جمّال بانبهار على أنظار خالته المُنصته.. وّ تتحرك يّديها لتصف كل ما رأته بتفاصيل دقيقه!
ويقف.. مبهور.. قدميه تخشى التقدّم أكثر وتصمّت لأنها رأته.. ولكن يودّ التوغل أكثر.. أن يكون هو المنّصت باستمتاع!
وهو.. الذي كان يكره.. الإنصات لها سابقًا!
.. وهذا ما يزعجه كثيرًا.. إن مشاعره تتطور معها بسرعة يعجز عنّ ترويضها أو دّحرها!
بعد انتهائها منّ التحدث.. قرر الدخول وإلقاء التحية والجلوس بجانب خالته..: ماشاءالله حمد وصايف تمدح زواج صديقك
نظّر نحّوها وإلى وجهها المتوتر وأعقب: إي ماشاءالله يهبل الله يوفقهم.. وعقبالنا!
وهو يلقي عليها بنظرة خاصة، ووجهها تخضّب بإحراج واضح وتعجبّ!
وانسحبت متعللة بتبديل ملابسها.. ويودّ لو تبقى أكثر.. يرتشّف من حسّنها..
: شكلك أحرجتها هه
ابتسم دون تعليق وقالت خالته: تدري إن وجدان حامل بتوأم!
رفع حاجبيه بتعجبّ: ماشاءالله
أعقبت بضحكة: عشان كذا بطنها كبير بزيادة وهي مابقاش تدخل التاسع.. الله يهون عليها!
تمتمت: آمين
وأنصت لأحاديث خالته المُحببة، والتي دائمًا تضّعه بالصوره ليعرف ماحدث وماسيحدّث.. منذ أن وطئت قدميه للبيت.. وكأنها تُريده أن ينغمّس معهم.. أن يكون أكثر سِعة.. وأكثر تفتح.. وهو يتقبل ما تفعله.. ولكن يعجز أن يكون كمّا تتوق إليه..
عادت.. لتضطرب دواخله وهي تدلف وتقول: يمه جوعانه تبين نسوي مكرونة؟
وقدّ أبدلت ملابسها بمنامه بسيّطه.. أزالت ما كان يلّون وجهها بجماليه.. لتكون أكثر بسّاطة..
أجابت والدتها بـ: لا عليك بالعافية.. شوفي حمد يمكن ماتعشى زين؟
نظّر لها وقال: سوّي لي.. معّك!
اضطربت ملامح وجهها.. وأومأت برأسها دون تعقيب مُتجهه نحو المطبخ على أنظاره.. المدققة.. وقالت خالته وهي تقف: ـنا بنام إذا جت وصايف قلها تصحيني للصلاة الفجر..
: أبشري..
وهو بدّوره.. اتجه نحو غرفته للاستلقاء حيثما تنتهي المعكرونة.. التيّ. هي.. مّجرد عذر!
.................................................. ...............
،

ما باله؟
تَارة يجرحها بتجاهله.. وَتَارَة يجعلها تستعجب من نَظَرَاته.. وَتَارَة أخرى.. تُخِيفهَا نظراته المدققة.. وَتُشْعِرهَا بتقلصات بامعاءها اَلْغَلِيظَة.. وتفرك يَدَيْهَا بتوتر وهي أمام غرفته مُنْذُ عشر ثواني.. تحاول ضَبْط أنفاسها المتلاحقة.. والمرات التي دخلت غُرفته تعدّ على الأصابع!.. والآن ستدعوه لتناول وجبّة بعد منتصف الليل وحدهما!!!!
يا الله.. الأمر.. مرعب!
تنهدت تنهيدة أخيرة.. وطرقت الباب بخفوت ليأتي صوته يأذن لها له بالدخول، أدارت مِقْبَض الباب لِتُطِلّ برأسها وقالت بتوتر: اا المكرونة.. خلصت.. إذا تبي تاكل!
وهو مستلقي على سريره.. ينظّر لها.. وقال بعدها بثواني: جاي!
(ليتك تهون!)
وأغلقت الباب.. هرولت إلى غرفة المعيشة.. وتربض أمام اَلطَّعَام وتتشاغل بهاتفها حتى وصل لأذنيها خُطُوَاته الرتيبة.. وَشَعَرْت بأن اَلْجُوع يختفي.. ومعدتها التي كان تَقْرُصهَا.. تغير الوضع ليكون التوتر يَحْتَلّهَا..
جَلس أمامها.. وَانْكَبَّتْ تأكل بِصَمْت.. وسألها: شلون الزواج تقولين؟
،
يُريد بدء حديث معها إذن؟
همم.. وبعدّها.. سيتجاهلها دون سبب!
قالت: حلو
: بس حلو؟
رفعت كَتِفَيْهَا وهي لا تزال تنظر للأكل بشهية مسدودة: إي حلو..
: والله شكلك كان حُلْو!
رَفَعَتْ رأسها نحوه بِصَدْمِهة.. وهو ينظر لهاتفه دون ردة فِعْل تؤكد لها ما قال!
.. مُجَرَّد كلمة ياوصايف.. لا تتأملي كثيرًا..كلمة عادية.. لا جملة.. ولكنّ تجاهليها أرجوك!
لا تبني أحلام زائفة.. بسبب جملته التي وعلى ما يبدو سقطت سهوًا!
عادت لتأكل..
: وصايف..
نظّرت له وقلبها.. يحتضر.. وتودّ أن تَصْرُخ بوجهه وتخبره بما تشعر به نحّوه.. وإن يرى الاضطرابات التي تحدث فقط عندما يقذف بوجهها كلمات.. تَارَة تسقطها للقاع.. وتارة ترفعها إلى منازل النجوم!
قالت بفتور: نعم؟
وَنَظَرَاته تجوب ملامحها بكلّ جَسَارَة غير متوقعة!
وأردف: خالتي تقول صحييني.. الفجر
: طيب.. وقف وتشعر بأنها تُريد الاختلاء بنفسها وَالنَّحِيب على تصرفاته الغريبة: أنا شبعت إذا ما عليك أمر إذا خل...
قاطعها وهو يقف لِتَجْفِل ويظهر فرق الطول بينهما: أنا خلصت..
انحنت لتحمل الأكل وتمر بجانبه وهو يقول: شكرًا الأكل كان لذيذ تسلمين!
تحاملت على نَفْسهَا وأكملت سيّرها نحو اَلْمَطْبَخ، وَتَشْعُر بنظراته تحرق ظهرها.. وهكذا دون زيادة.. سَمِعْت إغلاق باب غُرفته..
: يقهر.. يقهر يقهر!!!!!!!!!
وفجأة هطلت دموعها بلا حول ولا قوة.. وهي حائرة بتصرفاته اَلْمُرِيبَة..
.................................................. ..............

يطوف حول الكعبة وهو يسبح ويدعو بخفوت والتلبيات التي تأتي من خلفه تعظّم الروحانية التي يَعِيشهَا في مكان عظيم كهذا.. وهو يطوف حول الكعبة رأى.. خالد يربض أمام مقام إبراهيم عليه السلام وينظر له بابتسامه ويلوح له.. وهو بانشراح أتم طَوَافه ليأتي نحّوه وَيَنْحَنِي لتقبيل رأسه ويسأله بتعجب عن وجوده هنا، وعن الصدفة الغريبة.. ويتحدث بسعادة.. وخالد صامت يُحدق به بابتسامة واسعة.. وهو أدار رأسه ليتغضن جبينه عندما رأى.. أَمْجَد.. زوج الجوري.. وهو يقبل نحوهما حتى ربض بجانب خالد وهو تبدّلت روحانية شُعُوره لِغَضَب عارم.. والرجلان يتحدثان من دُونه بهمهمات غريبة على مَسَامِعه.. وهو لا يزال بوقفته ينظر لهما وشعور اَلْغَضَب مسيطر عليه وأحاديث داخلية تتعارك بداخله وَيُود لو يلقّن أمجد درسًا قَاسِي ولكن يتذكرٰرإنه بالحرم المكي!
وفجأة.. تغير المكان.. ليظهر بيت خالته وهو يوقع عقد قِرانه بها.. ويُدرك أنه الجوري أصبحت زوجته.. زوجته.... الجوري زوجته!
فتّح عيّنيه بِوَجِل.. وشتتها يحاول الاستيعاب والإدراك!
ليوقن أن مجرد حلم!.. وأعتدل بجلسته ليتنهد بخفوت ويرى المكان بِدَقِّهِ.. ليسترجع ما حدث.. وانهيار الجوري.. وحملها بعد مدّة طويلة إلى السرير ووضعها عليه.. استلقائه بجانبها..
وتوجهت أنظاره نحّوها وهي مُنْكَمِشَة بأخر السرير ولا يزال خِمارها عليها.. ويبدو بأنها لا تزال تغط بِنَوْم عَمِيق!
هبّط من السرير.. وَيَشْعُر بأن هُناك جَبَل يتكئ على صدّره.. وتوجه خارجًا لدورة المياه للوضوء والصلاة..
وبعدما انتهى من صلواته الفائتة.. والوقت لا يزال مبكرًا وَمَوَاعِيد الجوري
ستكون بعد غد.. عاد للغرفة.. وتصلّبت قدميه بِجَزَع.. عندما أدرك إنها مُسْتَيْقِظَة.. والدموع تنساب على خدّيها دون توقف.. مستلقية على جانبها الأيمن تنظر بخواء.. اقترب نحوها.. ليربض على حافة السرير و يحاول إيقاظها ب: الجوري.. قومي صلي.. عشان.. نفطر!
لا حياة لمن تُنَادِي.. وكأنه يتحدث مع الجدار!
وأرغمها على الاعتدال لتكون مُقابله له بوجهها الذابل.. وقال بِحَزْم: قومي صلّي صلواتك ياجوري..
وعقدت حاجبيها وكأنها تتعجبَ من وجوده حولها بصوته المزعج لهدوئها!
واهتزت شَفَتَيْهَا لِتَدْخُل بنوبة بكاء أخرى ولكن صامتة.. وَتَبْعُد يَدَيْهِ لتعاود الاستلقاء وتتحدث بخفوت: ما بي..
.................................................. ...............

اعتراضها لم ينفع مع إصراره على مساعدتها للخروج من بئرها اَلْعَمِيق.. أرغمها على إكمال صلاتها التي يوقن بأنها لم تفقه منها شيئاً.. ومساعدتها على تبديل مَلَابِسهَا.. وارغمها على الجلوس على الطعام.. وَطَلَب الإفطار.. وإرغامها على الأكل أيضا!
وهي مستسلمة.. تَشْعُر بالعجز لقول كلمة لا
وتشعر بالوهن بعظامها وأحاسيسها.. وشعورها الباهت نحو الرجل الذي عاد لاقتحام حياتها تَارَة أُخْرَى.. وَمُسْتَوْعِبه إنه أصبح زوجها.. ولكن لا يهم.. لا يهم.. تتمنى فقط لو يتركها بحال سبيلها لِتَنْدَسّ تحت الأغطية الوثيرة.. وتنام.. دون استيقاظ..
وعلي ما يبدو بأن هذا اَلرَّجُل.. لن يتركها بحال سبيلها.. وتنصت إلى جلبته المزعجة.. والأطباق التي تتعارك في مكان ما.. في هذا المكان اَلْمَجْهُول.. وانتصبت تتلمس ما حولها تتمنى إيجاد السرير بطريقه ما أو أُخرى.. ولكن اَلْيَد التي أرغمتها على الجلوس على المقعد وقوله الحازم: دقائق وأجي لا تتحركين!
عادت دموعها تنساب بِعَجْز وإرهاق.. حتى وصل لأذنيها خطواته.. وحتى جلوسه بجانبها.. كما تتوقع..
وتحدّث بنبرة خافتة: بسم الله الرحمن الرحيم
وتعالى صَوْته بترتيل:
ألم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ اَلصَّلَاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَاَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبّهمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)
.................................................. ...................

أدار مِقْبَض الباب لِيَدْلِف وهو ممسك بها يحثها على الدخول إلى الطبيبة التي رفعت نَاظِرَيْهَا لتحيّيهم بابتسامه وَتَعَجَّبَ: أهلا وسهلا.. أخ عبد العزيز
بادلها الابتسامة وأقترب ليحث الجوري على الجلوس بالمقعد وهو جلس على المقعد الآخر وقال: كيف حالك يادكتورة؟
: بخير.. أنت كيف حالك وكيف حال الحجية وحال الجوري!
: الحمد لله.. والجوري حالتها.. ورفع كَتِفَيْهِ دون تَعْقِيب
لتفهم وتؤمي برأسها وسألته: وين الحجية؟
قال بتوتر: أنا جيت لحالي..
عقدت ساعديها أمام صدّرها وسألته: بأي صفه؟
: زوجها!
رفعت حاجبيها دلالة على استنكارها وقالت: فيه كلام طويل جدًا معك بعد ما تخلص الجلسة... وتوجهت أنظارها نحو الجوري.. تتراخى حاجبيها وتقول بمودة: كيف حالك ياجوري؟
لا رد!
وَتَوَجَّهْت أنظارها نحوه لتقول: تقدر تنتظر بره لحد ما تنتهي الجلسة..
تنهد بقلة حيلة.. وخرج وهو حانق من استياء الطبيبة بسبب زواجه منها.. وهي التي حذرته بشأن ذلك!
ولكن ما عساه يفعل وهو يرى شقيق زوجها يتكفّل بمسؤوليتها! ومُحال.. إن يقف مكتوف اليدين!
.................................................. .......
،

بعد نصّف ساعة..
كان هو يربض على المقعد والجوري برفقة الممرضة لأخذ بعض التحاليل
والطبيبة تتحدث بشأنها قائلة: مثل ما تعرف يا أخ عبد العزيز الجوري جدًا حالتها سيئة.. وراح أعمل لها تحاليل للدم تشوف نقص الفيتاميات واحتمال كبير يكون أهم عوامل الاكتئاب نقص الفيتامينات بعد الولادة.. وبعد ما تظهر النتيجة وَصَرْف الأدوية احتمال اصرف لها أدوية اكتئاب.. ومع الجلسات يوميًا لحد ماحالتها تتحسن ونخفف الجرعة شوى شوى ونخفف الجلسات شوى شوى..
سألها بتوجس: الأدوية ما تضرها؟
: بيكون أعراض جانبية خفيفة مثل النوم الكثير بالبداية.. لكن لازم تَحْرِص على تناول 3 وجبات صِحِّيَّة لان واضح الجسم جداً تعبان داخليًا وخارجيًا..وتشرب ماء كثير.. وكل الأسباب اللي علينا راح نُسَوِّيهَا.. لكن الأهم هو عزيمة الجوري!
واعقبت باستنكار: والحين خبرني شلون صرت زوجها
عقد حاجبيه بضيّق وقال: قلت لك يادكتورة مضطر وحال عائلتها ما يساعد أبد..
: وأنت مُديت يدً المساعدة
: إيه
:.. كيف كان رده فعلها يَوْم عرفتك؟
: انهارت!
تفاعل وجهها باهتمام وقالت: شلون انهارت؟
تحدّث وهو يتذكر انهيارها الذي أودى بتماسكه للحضيض: لمّا عرفت أنه أنا الموجود حولها انهارت بالبكاء لحد ماغفت..
: بِشَارَة خير..
قال: صدق؟
: نعم.. لان خلال ما كانت حامل ولمّا كانت بفترة ما بعد الولادة كانت كأنها بوادي آخر.. ما تتكلم ولا تبكي ولا شي والبكاء يعتبر نوع من التفريغ وبداية الغيث

قطرة.. وبداية تقبّلك حولها.. ويمكن يكون الأمر خير زواجك منها وأحنا ما ندري
واعقبت: الأهم تكون تساعدها تطلع من حالتها شوى شوى لا تضغط عليها....
قال: أنا حاولت أطلعها بره السرير بالغصب أخليها تفطر تكمل صلاوتها.. اقرأ قرآن على مسامعها..
أومأت برأسها: ممتاز..
وسأل: هل نفسيتها راح تأثر على العملية؟
: نتمنى لا.. ولو سويت العملية وتشافت راح يكون سبب كبير للتعافي لأنه بدأت تشوف اللي حولها...
تنهد براحه : الحمد لله
: متى موعد العملية؟
: خلال الأسابيع الجاية.. وموعدنا مع الدكتور بكره
: ممتاز..
وفُتح الباب لتظهر الممرضة برفقتها.. وتتحدث مع الطبيبة وهو انتصب لِيَمَسّك بها والطبيبة تقول:
بكره تعالوا وراح نصرف الأدوية..
أومأ برأسه وشكرها بهدوء وَخُرْج برفقتها..
.................................................. ..............

دلف إلى الداخل بمزاج متعكر بعد عَمَله الذي يستغرق ساعات طويلة، وهو مُتعب ومجهد.. وظهّرت له فجأة بابتسامة طفيفة ووجه هادئ.. ترتدي فستان يصلّ لنصّف ساقيها، بأكمام طَوِيلة.. ويظهر نَحْرهَا الأبيض.. تراخت عقدة حاجبيه وقالت: أخيرا جيت طفشت لحالي!
بادلها الابتسامة: قلت لك هذا نظام شغلي!
لَحِقْته حتى غرفة النوم وأستلقى بتعب على السرير وقالت بخيبة: لإيكون بتنام!
أغمض عيّنيه بإرهاق وقال: إيه وربي تعبان
ربضت على السرير وقالت: لا تكفي قُصي والله طفشانة خلي نطلع شوى!
: بعدين تعبان
: طيب بأخذ سيارتك أروح أوسع صدّري
فَتْح عيّنيه وأعتدل ليكون أمامها وقال بتهكم: وش تقولين؟
تأففت: أقول بطلع أغير جو
نظّر لها بحدّه: إنسي! تطلع وتضيعين بالشوارع وأبلش فيك!
عقدت ساعديها بحنق: وليش أضيع؟ فيه جوجل ماب! وبعدين لك ثلاث أسابيع وإنت تجي تحط راسك وتنام!
: أظن أنتِ رضيتِ فيني وانا كذا مو بعاجبك بالطقاق!
تنهدّت وقال بحنّو:
راضيه فيك ياحبيبي..
وهدأت تعابير وجهه.. بسبب نَبْرَتهَا التي تَسْبُر أغوار غَضَبه وأردفت:
بس صدق فطشت.. يعني أنا أقدر إنك تعبان ومالوك أرتاح وأنا أطلع ساعتين أغير جو
: لا..
وإستلقى تارة أُخرى وهو يقول: صحيني بعد المغرب نطلع سواء!
: من عييوونيي طيب أفصح جزمتك
رمى فردتي حذائه جانبًا وأردفت:
طيب غير ملابسك!
: بعدين تعبان.. طفي النور وشغلي التكييف حر
: من عيوني..
وفعلت ما طلب، ودثرته بالغطاء جيدا.. وطبّعت قُبله على جبينه ليشخر ساخراً: كل هذا عشان بطلعك المغرب؟
: حرام عليك كل يوم أسوي لك كذا!
: أمم..
وتركته مُغلقة الباب بإحكام، وهو عند خلو الغرفة منها تنفس الصّعداء واسترخى وتنهد بيأس.. مَرَّتْ ثلاث أسابيع على عودتهم من شهر اَلْعَسَل..و هو وجدّ نفسه يتكيف بوجودها اللطيف حوله بكل إستستلام..
.................................................. ............................

وبعد صلاة المغرب يجلسان بإحدى المقاهي الراقية.. يَرْتَشِف من قهوته وَيُنْصِت لأحاديثها دون مُنَاقِشة.. حقيقةً هو ليس من النّوع اَلْمُنْصِت.. بل دائمًا من يمسّك زِمام التحدث والطرف الآخر يُنْصِت.. ولكنّ بداخله مَلَل يَخْنُقهُ.. ولا يستطيع التحدث كعادته.. تاركًا الأمر لها.. ولأسلوبها اللطيف.. واصّر أن يأخذا غرفة مُغلقه بسبب حجابها اللّعين.. والذّي لن ييأس حتى يتغير!
: قُصي..
: هلا؟
: تكلم عن نفسك بس أنا اللي جالسه أتكلم
رفع كتفّيه وقال: مدري شقول؟
: أمم تكلم عن دراستك.. عنّ طفولتك يعني..
: طفولتي مع عيال عمامي ومع عمي عزيز اكثر شي.. أمم وبس
: ايي اذكر كنت ماتجي عند خوالي كثير!
قال بتبرير: لإن كنتوا كلكم بنات..
رفعت حاجبيها بتهكم: بس فيه بنات عند عمامك مو شّرط
عقد حاجبيه وقال بتفكير: قليل ترى اللي من عمامي.. وعمّاتي كانوا بناتهم صغاّر ولحالهم
رفعت حاجبيّها وسألت.. مُدركه بإنها تذهب بقدّميها لحقّل ألغام سيؤذيها: أذكر عمامك مالهم إلا عيال الا عمّك أحمد؟ صح؟ عنده بنت إتوقع دايم خالتي تتكلم عنها
وحدقت بتفاعلات وجهه.. التي أجابت بوجوم: إيه
: شسمها؟
شتت ناظّريه وقال: الشموخ..
: اها... وحدّقت به مطولاً وهو يرفع فنجانه ليرتشفّ منه بوجّوم.. وابتلعت ريقها وأردفت تُريد أن تستشف ردة فعله: هي اللي تزوجت بعدنا بآخر شهر عشّره صح؟ من ولّد عمك؟
وضّع فنجانه على الطاوله وأجابها: إيه
: ليش ماحضّرناه؟ كنّا جايين قبلها بيومين يمدينا نروح!
قال بنبره هادئة: عشان دوامي وما أقدر وبعدين تعبّ علينا..
أستندت على المقعد لتعبّس وتقول: خسارة كان ودّي أحضره..
: غطي شعّرك زين!
نهرّها بحدّة عندما سِمع صوت النادل يستأذنهم للدخول.. كتمّت تأففها وفعلت ما أمر.. ودّلف النادل واضعاً طبق آخر.. وبعدها غادر..
وقال بّعدها بتهكم: لا تلبسين عباية ملونة مرة ثانيه! الأسود ويالله أبلعها!
كتمّت تأففها دون مناقشّته.. ويبدو بإن مزاجه تعكر والسبب يعود لها بنهشّ إسم كان يجبّ عليها إقصاؤه من حيّاتهم.. ولكنّ فضولها يريد معرفة هل لهذه اللحظة هيّ تحتّل جنبات قلبه؟
وقالت بيأس زحّف لقلبها: وش كنت تعرف عني يوم أنا صغيره؟
نظّر لها بتعجّب وقال بضحكه: وش هالسؤال
وأستندت على المقعد قائله بإسى: مدري.. لإنك أتوقع تزوجتني وإنت ماتعرف عني شي!
أجابها: أمي مافيه كلمه زينه ماقالتها فيك
: بس مايكفي.. وش تعرف عني؟
عقد حاجبيه بتعجبّ: والله ناسي! لإن ما إجي كثير عند خوالي ترى!
صغّرت عيّنيها وسألت بتهكم: ولا شي؟
ضحك: الا أكيد أتذكرك بس خفيف..
وضعّت أبتسامه طفيفه على مُحياها وقالت:
أها..
واحتد الصمّت لثواني.. هو تشاغل بهاتفه، وهيّ تحدّق بوجهه وتحاول رفع عزيمتها التي تهاوت بسببه.. وتنهدت تنهيدة طويلة.. طارده الأفكار الخرقاء.. ولمحاولة رفع عزيمتها بصلابه ونادّته:
قُصي
ورفع ناظرّيه وقال: همم؟
: أنا أحبك
.................................................. .........
،
تجلس وصايف برفقه والدتها.. كما تجري العادة بعد تناول العشاء ويشاهدن التلفاز بملل.. ووصايف تشعر بالارتياح بسبب عدم وجود حَمَد برفقتهم هذه الليلة، نَظَرَاته تَلْسَعهَا، وابتسامته الطفيفة تغرقها أكثر.. وهي كعادتها بلهاء بحبّه.. الذي يسّري بأوردتها ما أن يُلْقِي عليه نظّره أو كلمة.. حتى تنهدم أساور التجاهل.. وبعد جملته.. أيقنت إنها مهما قال.. هي واقعه بغرامه حتى النّخاع!
وَتَشْعُر بأن قلبها يتأرجح ما بين كلمة وكلمة.. تارة يَصِل لذروة سعادته.. وتارة تعزيه بدموع غزيرة!
قالت والدتها بنبرة قلقه: اليوم وجدان مالها حس أخاف صاير لها شي وحنا ما ندري
رمت هاتفها جانبًا وقالت بتهكم: والله زوجها ماله داعي الحين هي تعبانه بالتاسع وفيها توأم ويقول اجلسي عندي! مريض
نَهَرْتهَا والدتها بحدّه: وصايف!
قالت بلا مبالاة: والله صادقة أوكيه حريص بس لو كانت عندنا بتكون أريح لها!
تنهدت والدتها بحسرة: الله يسهل لها بس وجدان وتوأم الله يعين بس!
وافقت والدتها: أي والله الله يعين
قالت والدتها بنبرة هازئة: أسمع عاد اللي بتهمتين فيهم!
قالت بضحكة: بس ولو بتبلشنا بنتك
: من ناحية البلشة والله بلشة وأشوى اللي زوجها راح يجيب خدامة
تنهدت: اييه الحمدلله..
وأردفت: أقول يمه اللمبة اللي عند غرفتي وغرفة وجدان خربانة
: يجيء حمد يزينها أذكر عندي وحدة جديده وقالت بصوت أعلى: هذا الطيب عند طَارية.. حمد
عاود شعور التقلص يحتلّ أمعاءها الغليظة، وأتى إليهم وهو يتساءل: هلا خالتي!
: فيه لمبة فوق خربانة أبيك تُصْلِحهَا..
وأدارت رأسها نحوها قائله بعجلة: روحي جيبيها تلقينها بالمخزن وجيبي واحد من الكراسي
انتصبت وهي تَقْضِم شفتيها بتوتر،
وهو واقف يسدّ عليها طريق الخروج، ولم يتزحزح قَيْد أنملة: أبعد..
: مُرِي..
نظّرت نحوه باستياء وتحاملت على نفسها للمرور بجانبه وَشَعَرْت بقشعريرة عندما تلامس جَسَدهَا بِجَسَدِهِ.. لتخرج بسلام وهي تَلْهَث وخفقات قلبها تتعارك بقوة!
توجّهت حَيْثُ ما أمرتها والدتها.. لتحضر المصباح الطويل وتحمل إحدى مقاعد طاولة اَلْمَطْبَخ وهي تَعْبِس بوجهها بضيّق.. خرجت لتراه يقف أمامها وأقبل ليحمل المقعد من بين بِيَدَيْهَا وتتلامس كفيه بكفيها المنقبضة.. وابتلعت ريقها وشعور التقلص يتضخم بدواخلها.. سار أمامها وهو يقول: جيبي اللمبة وتعالي
كتمت أنفاسها لتسيّر خلفه باضطراب، وتعتلي السلّم برفقته حتى وصولهم للطابق العلوي، والوقوف أمام المصباح المعطّل.. وَضْع اَلْمَقْعَد.. وضع قدمه اليُسرى وهو يقول: بسم الله.. وتلاها بقدمه اليمنى.. وقال: أمسكي زيينن!!!
: خايف تطيح؟
قالتها ساخرة.. محاولة تبديد اَلْجَوّ المشحون بمشاعر. غريبة، نظّر لها بابتسامه واسعة خفق قلبها وقال: إيه خايف
: أمم رجال وطول وعرض وخاايف!
وألجمتها ضحكته التي أطربت مسامعها.. وأردف بعدها: عطيني اللمبة..
ناولته اَلْمِصْبَاح ولامست أصابعه إصبعيها لتزفر هواء من ثغرها.. وبدأ بعمله بإتقان على أنظارها المتشدقة.. بلهاء.. بلهاء...
عقلها الواعي يَصِفهَا بوصف يليق بها.. وشفتيها ترسم ابتسامه طفيفة.. وَتَشْعُر بأن هناك فراشات بِصَدْرِهَا تتراقص على نغمات دقات قلبها.. أنهى عمله.. وهي ممسكة بالمقعد بقوة.. وهبط وهو يقول: خلصت..
كان قريب منها لدرجة كبيرة، وقالت بتوتر: خلاص.. أودي.. الكرسي؟
رفع نَاظِرَيْهِ نحّوها.. وأقترب خطوة واحدة.. يرتشف بناظريه ملامحها الجميلة.. وبشرتها الصافية.. ليرفع يَدَيْهِ يَلْمِس بشرتها وَتَلْسَعهُ النعومة ليعيد يَدَيْهِ خشيه أن يَخْدِشهَا.. وهي باعتراض قالت: بعد .. بشيل الكرسي
قاطع حَدِيثهَا معاودة رفع يَده وَمُلَامِسه البشرة الصافية تَارَة أُخرى.. وهي متصلبة.. تنظر نحوه بِتَعَجُّب.. وتشعر بالحرارة تَدِبّ بأوصالها.. وانحنى ليطبع قبله طويله على البشرة الصافية يتذوق مَلْمَسهَا النّاعم بين شَفَتَيْهِ.. وهي أصدرت شهقة مجفلة.. وأبتعد عندما سَمْع صوت خالته يُنادي باستعجال: وصاايف... حمد...... وجدان جاها الولادة!
.................................................. .....................

ثمان ساعات التي قضّتها وجدان بين الحياة وَالْمَوْت حتى قرر الأطباء إخراج التوأم بعملية قيصرية.. وهي ووالدتها وزوج وجدان ينتظرون اَلْفَرَج بقلق.. حتى خرجت الطبيبة وهي تطمئن قلوبهم بالخبر السعيد.. وعادت إلى البيت مع والدتها.. لأخذ بعض الاحتياجات الأساسية والعودة للمشفى حتى رؤية وجدان والطفلين الرائعين!
،
وهي تربض بجانب وجدان تحتضنها بعطف: والله ما حسبت إني أحبك إلا هالمرة
بالكاد خرجت من ثغرها ابتسامه طفيفة ولم تُعلق.. ووالدتها تقول بتهدج: ألف الحمد لله على سلامتك يا وجدان.. التوأم يهبلون..
تمتمت: الحمد لله..
تعالت طرقات الباب لتأذن والدتها بالدخول وَيَدْلِف حَمَد.. وشتت ناظريه عنها وقال بهدوء: خالتي تمشين معي ول..
قاطعته: لا يا عمري بنام عند وجدان روح أنت ووصايف واشتروا لكم عشاء وناموا من إمس وأنتم صاحيين
اعترضت: يمه أجلس لحالي!!!!!!
: عندك حمد... وهنا أنا أكفي
قالت بيأس: أنتي روحي يمه أنا أجلس عند وجدان!
تأففت والدتها وقالت بانزعاج: قوميي يلا حمد من أمس ما نام..
انتصبت وتشعر برغبة كبيرة برجاء والدتها والجلوس برفقتها.. ولكنّها مُدْرِكة بأن والدتها سَتَنْهَرُهَا إمام حمد تحاملت على نفسها لترتدي نقابها وَتَسِير معه لخارج المشفى.. وهو صامت.. وتتساءل هلّ يفكر بفعلته الليلة الماضية؟.. أم إن الأمر لم يؤثر به.. وتتساءل بنحيب بداخلها.. كيف ستقضي ثلاثة أيام برفقته وحدها؟..
.................................................. ...............

،
،

ها هي الليلة الثانية التي مَرَّتْ والأمور سارت بشكل جيد، وغدا ستعود والدتها برفقه وجدان إلى البيت.. وتشعر بالثقة بأن حمد قطعًا لن يفعل شيئا تفكر به عند النوم بتفكير أخرق!
وحملت سلة اَلْغَسِيل بعد اتصال والدتها وإرغامها لغسيل ثياب حَمَد.. وتوجّهت نحو غرفته متأكدة خلّوها بعدما أخبرها إن سَيَخْرُجُ قليلاً وسيعود.. دخلت غرفته بثقة، لِتَجْفِل برؤيته وقالت بتعجب: متى جيت؟
نظّر نحوها وقال: ما طلعت
: ليش؟
لم يُعلق.. وشتت ناظريها وهي تزدرد ريقها وقالت: وين ملابسك؟؟؟ بغسلها؟
وهي

تتمنى الهرب.. من نَظَرَاته التي تحرقها.. لا تَعْلِيق.. وفجأة أصبح أمامها.. بسنتميرات قليلة.. ذَرَّات الهواء تختفي وتشعر بالاختناق.. و....
.................................................. ..
،
،
يدور حول نفّسه بتشتت والنحيّب الذي يصلّه من الأعلى يزعزع تماسكه.. منذ نصّف ساعه وهي تنتحب في غرفتها.. وهو عاجز عن الصعود إليها ومواساتها.. وبماذا يواسّيها وهو كعادته يجّرحها بكل رعونة؟
إذن.. هل هو نادم؟
أخرج تنهيده ثخينه من قلبه وربض على آخر عتبات السلالم وعاد السؤال ينخر برأسه.. هل هو نادم؟
لأ..
.. ليس بنادم واللحظات الفائتة يستطعم لذّتها بصّدره.. ولو عاد بِه الوقت لفعلها بكل إصرار.. ومافعله كان تأجيل لخمس سنّوات لن ينفع.. ولن يكتفي بليلة واحدة.. سيتمم زواجه بها أمام الملئ.. وسيصحح غلطته.. تنهد.. ليعليّ عزيمته ويتّجه نحّوها بخطوات مرتبكه.. ونحيبها يتعالى بإقترابه من غرفتها.. توقفت قدميه عند باب غرفتها.. وأدار المقبّض ليدّلف.. وهي رابضه على سريرها تنتحّب وقطرات الماء تتساقط من شعرها... والهواء البارد يعّم الغرفه.. أنعقدت سحنّته وقال: ليش مشغله التكييف وشعرك فيه مويا!
: مالك شغل اطلع برى
تنهد، وأطفئه.. وتوجّه ليركع أمامها وهو يناديها بخفوت: وصايف!
: أبعد عني.. د
وأردفت بيأس:
حمد أنت وش سويت؟؟؟؟؟
قال بثقة:
أنتِ زوجتي ياوصايف.. واللي صار طبيعي!
قالت برجفة: شلون طبيعي؟؟؟؟ وأمي تقول بعد خم.. س سنوات! شلون طبيعي وأنا عندك ولا ش.. ي
تأفف:
هذاك أول ولا شي.. إنتي الحين زوجتي تفهميين!!!!
وأردفت بنحيّب وهي تنظر له برجفه:
حمد!!! أخاف أصير حاام.ل.. وقفزت لتكون فوق السرير وتنتفض بجّزع: حمد أخاف اصير حامل.. لأ
أنتصب ليّرغمها على الهدوء.. ولكن لا جدوى.. وأرغمها على الجلوس.. وقال بحزم:
وصايف أهدي!
: شلوون أهدى!!!! وش اقول لأمي؟؟؟! وش أقولها؟؟؟؟؟؟؟؟ حمد أنت وش سوييت!!!!
،
،
تمّ
(سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ )



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 23-01-22 الساعة 10:17 PM
الريم ناصر متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-09-20, 09:47 PM   #260

الريم ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 408952
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,321
?  نُقآطِيْ » الريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond reputeالريم ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي

،
تم تنـزيل الفصل ولو ماشفت تعليقات بزعل ترى!!😡😂❤


الريم ناصر متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:01 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.