آخر 10 مشاركات
حب في عتمة الأكــــــاذيب " مميزة و مكتملة " (الكاتـب : Jάωђάrά49 - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          مرت من هنا (2) * مميزة *,*مكتملة*..سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          نقد مقال بوابات الجحيم التي فتحت فوق سيبيريا عام 1908 لغز الانفجار الكبير (الكاتـب : الحكم لله - )           »          صدمات ملكية (56) للكاتبة: لوسي مونرو (الجزء الأول من سلسلة العائلة الملكية) ×كــاملة× (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          [تحميل] مكيدة زواج ، للكاتبة / سلمى محمد "مصرية " ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          مـــا أصعب الإبتعاد عنها *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : عيون الرشا - )           »          حرمتني النوم يا جمان/بقلمي * متميزه و مكتملة * (الكاتـب : esra-soso - )           »          أحزان نجمة ( تريش جنسن ) 446 ـ عدد جديد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          الوصية ـ ربيكا ونترز ـ 452 ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-04-20, 03:18 AM   #1

مارية إبراهيم

? العضوٌ??? » 458717
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » مارية إبراهيم is on a distinguished road
افتراضي نوفيلا اذكرني عند قلبك*مميزة*





السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اذكرني عند قلبك




مقدمة
مفطور على الحب أيها القلب..تُسيرك نبضاتك في درب معشوق تظنه الحياة
أنفاسه وقود رئتيك ، والبسمة على شفتيه اختلاج روحك
وتحيا وتظنه حبًا سرمديًا
حتى تصفعك كف رفضه ، بل تيهه في درب غيرك
فتقف فجأة وأنت تلهث ، وتنكشف عن عينيك سكرة المشاعر، لتجد أنك بذلت نفسك ركضًا في صحراء قفر ، وأن ما رأيته على مد بصرك كان سرابًا ولا مجال هناك لسُقيا.


( الفصل الأول )
دوما ما تشدقت بحاستها السادسة ، وتباهت أمام العائلة والأصدقاء أن ظنها لا يخيب ، وأنها خلقت لتكون عرافة وقلبها هو الودع.
قلبها الذي لم يخذلها يومًا ، كانت تحس دومًا بمشاعر الغير ، وتنبه أصدقاءها بكل معجب في محيطهن
ولا يخيب توقعها أبدًا.
وأما عن عائلتها فهي مضرب المثل...تفاؤلًا أو تشاؤمًا
حتى صار بعضهم يخاف أن تعلم عنه شيئًا
) فانقباضة القلب تعني سوءًا..وانبساط نبضاته تعني الخير كله )
حتى فقدت حاستها تلك ..فقد أحبت
والحب خدر العقل..وخمر القلب
الحب زلزلة الكيان..وتيه الروح
وقد حانت قيامة قلبها

*لا تذكر بالضبط متى أحبته ، فقد كانت لقاءاتها به دومًا في محيط العائلة ،
ابن خالتها
وحش طفولتها ورفيق اللعب أحيانًا.
تذكره وهو يعبث بشعرها ويعيث فيه فسادًا فقط ليؤجج غضبها
فقد كان الكل يعلم أن مكمن ضعفها هو شعرها
تكره أن يلمسه أحد...أبدًا
تتوتر إن اقتربت أمها منه لتمشطه..وتعاندها ببعثرته إن أجبرتها وفعلت ،
وإمعانًا في إغاظتها ، أطلق عليها لقب
)سوكا (
فلم يعد يناديها إلا به ، وقلده أطفال العائلة وهي لا تهتز أمامهم أبدًا ، وفي خلوتها تبكي.
حتى حاولت أمها إقناعها بتمشيطه لكن رأسها ازداد تيبسًا..وصارت تتعمد بعثرته
فكرت
)منذ متى لم أره...منذ الصيف الماضي (
قلت لقاءتها نظرا لذهابه لكليته خارج بلدتهما ..فكان لا يحضر إلا بالعطلات
وإذا جاء لا يحضر لقاءات العائلة إلا لمامًا ،
حتى التقته قدرًا وكانت عند جدها وهو عائد من سفره ،
التقت أعينهما مطولًا وهو يعقد حاجبيه ليتذكر من هي ، يألف وجهها لكنها تغيرت ، فهي بالثانوية ،
وصارت تمشط شعرها.
ابتسمت خجلة واقتربت لتحدثه
(سوكا )
صفعتها الكلمة على وجهها وتشوشت رؤيتها فرمشت سريعًا وهتفت بغباء:
_ماذا؟
ضحك من قلبه فتخدر قلبها:
) سوكا!!! أهو أنت؟! أين ذهبت يا فتاة لم أرك منذ مدة )

( موجودة يا أبله لكنك من سافر)
صرخت نفسها بالكلمة ساخرة ،
لكن لسانها تحدث ببرود وهي تنظر له بعينين نصف مغلقة كمينيونز المغتاظ :
( مرحبًا ...أحمد... أهلا بعودتك )
ضحك وتلك المرة كان سمجًا حقًا وهو يخاطب صديقه عمار:
أعرفك ابنة خالتي...كانت مصدر تسليتي وأنا طفل..ولأنها كانت تكره المشط فقد أسميتها
) سوكا (
الآن توشك على قطع لسانه خاصةً عندما ضحك صديقه بسماجة أكثر منه:
( أنت غبي حقًا ..ومازلت طفلًا )
أطلقتها كرصاصة في أذنيهما ثم ابتعدت غاضبة
وسمعت صديقه يؤنبه:
)أحرجناها يا أحمد ..لم يكن ينبغي أن نفعل (

*جلست على الأرجوحة في حديقة جدها تنفث غضبها ، وتدفعها بقوة ثم تترك نفسها للهواء يهدهد أعصابها.
الآن تتنفس براحة..سحر عجيب تكسوها به الطبيعة دائمًا ...سحر افتقدته وسط زحمة الحياة حولها..وسط المشاغل وضجيج الناس , بينما تتغزل بالجمال حولها قاطعتها خطوات مترددة ثم صوت رجولي خجل
_عجبًا ، أجاء ليعتذر؟!!!
ثم كعادتها سبق لسانها أي منطق وعقل و تحدثت بإباء:
_لا أدري ماذا حدث لك فجأة حتى تحس بالذنب ثم تأتي لتعتذر.
ثم أكملت وهي تلتفت له بكبرياء:
_هل هو تأنيب صديقك المهذب؟!
يقولون أن الأشياء تأتي على ذكرها ، وقد حدث
وجدت صديقه المهذب مبتسمًا ووجه غارق في حمرة الخجل!!
أسبق ورأت رجلا هكذا!!!!
ألجم كلاهما وصمتا تمامًا ، هي تلعن نفسها الخرقاء ،
وهو مرتبك ينظر إليها يبحث عن حروفه الهاربة ،
ثم تحدث أخيرًا:
_أعتذر منك ، لقد شعرت بالخجل لمضايقتك فأردت الاعتذار.
حتمًا ظنها بلهاء ، وهي تحملق فيه بغباء كأنها لا تفهم ، والحقيقة أنها في قمة دهشتها كونه اعتذر، هل هو حقًا صديق أحمد!!!!
هزت رأسها موافقة على أي شيء لا تدري..فتحدث :
_حسنا...سأذهب الآن لاريب أنني أحرجك بحديثي.
انتبهت مسرعة:
_لا لا أنا أقبل اعتذارك ، أعني لا عليك لم يكن ذنبك ، الحقيقة لو أنني مكانك لضحكت.
ثم ضحكت براحة:
أنا اعتدت على أحمد هكذا يحب مشاكستي.
ابتسم وقال:
_حسنا أنا سأذهب سعيد بمقابلتك يا..
أجابته:
_حورية.
_تشرفت آنسة حورية.
ثم ذهب ، وبقيت تفكر حسنا الأضداد تتجاذب ، عمار هذا بتهذيبه المبالغ فيه لا يشبه أبدًا قلة ذوق أحمد ، له يوم هذا البغيض.
ولم تدر أنه من سيوقع بها.


*أول نبضة ، متى نشعر بها ، لا نعلم
هي فقط تباغتنا ونحن غافلون ، فتكون كزلزال يقلب الكيان ، وبعدها يفجر القلب حمم مشاعرنا ، فتتخدر الحواس بحرارتها ، ونحسب نظرة الحبيب حينها غوثًا ، ولمسته بردًا وسلامًا لكنها تُلقينا بدوامات العشق محمومين ، نهذي بنغم القلب ونأبى الفواق بعدها.
هي لحظة زل القلب وذاق ثمرة العشق وبعدها كان لزامًا الغرق في جنته.
كانت تعاون أمها وخالاتها لتحضير غداء الجمعة في منزل جدها ، الصغار يلهون بالحديقة وهي غارقة في تحضير الدجاج المفضل لديها مستمتعة بطهيه ،
_رباه ، تركتم سوكا تحضر الطعام.
التفتت له حانقة:
_لن تأكل منه ، أنا أحضره لنفسي.
ابتسم:
_وصرت بخيلة أيضًا يا سوكا ، ستزيد ألقابك إذًا ، بم أناديك هذه المرة؟!
همت بالرد فسبقتها خالتها تعنفه:
_كف عن مضايقة الفتاة يا أحمد ، لم تعودا صغيرين.
حركت حاجبيها صعودًا ونزولًا له لتغيظه ، فالتقط تفاحة وقضمها قائلا:
_فقط لا تقولي فتاة ، هي مشطت شعرها لكنها تشبه الصبية بما ترتديه.
وابتسم متشفيًا وخرج.
ظلت ساهمة في أثره وابتسامته السخيفة تصفعها ، بينما سمعت خالتها تهمس لأمها ضاحكة:
_كل محبة تبدأ بعد عداء ، سيظل يشاكسها حتى يتزوجها بالنهاية.
هبت الكلمة على قلبها كنسمة باردة مفاجئة لطفت حرارة غضبه ،
والتفتت تكمل ما تفعل ونبضها قد رحل معه.
*لم أثرت بها كلمة خالتها إلى هذا الحد وقد كادت تقحم الفلفل في حلقه حتى يبتعد عنها ، منذ سمعتها وكيانها لا يهدأ ، الأفكار تقذف بعقلها خارج حدود المنطق ، ونبضات القلب تتعالى وتؤرجحه لعنان السماء.
ليس طبيعيًا أبدًا ما يحدث لها ، تنكر فيضان مشاعرها لكنها غارقة فيها , مر الوقت سريعًا وعلى مائدة الغداء كانت صامتة متباعدة عنهم ، ما جعل أحمد يلاحظ وجومها معتقدًا أنه ضايقها ، وبلحظة وهي تعبث بطعامها دون شهية باغتها:
_سلمت يدك يا حور، الدجاج رائع.
رفعت رأسها متفاجئة فغمز لها ببسمة سلبت باقي نبضاتها وهو يضع قطعة دجاج في طبقها ، فشكرته بصوت هامس مبحوح ، ولدهشتها فهي خجلة وتضاعف خجلها وهي تسمع صوت خالتها الضاحك بسعادة من أصاب توقعه.


صغيرة سقطت بفخ العشق
تتخبط ولا تروم نجاة
وحين نبت جناحي مشاعره
طارت
وحملت فخها معها
تتصيد وليفها حبًا
ولما حانت اللحظة
أسقطته ثم علقا معًا




الفصل الثاني


نحن أسرى مشاعرنا ، تتغير فتبدل مزاجنا كلية ، نفرح فنرى الحياة مشرقة كشمس ربيعية بصحبة نسمة لطيفة ، ونحزن فتعم الدكنة الرمادية بصحبة رطوبة باردة تزكم القلب ، وتملأ جنبات الروح برودة.
نشتاق فيتناثر الحنين على شكل حروف وإن كنت كاتبًا بارعَا أولم تكن فأشواقك حينها تؤهلك للفوز بنوبل.
وهي تنبض ،
وكانت أول نبضة كافية لتفجر بكيانها كل الفصول ، وتتقلب بين الفرح والحزن والاشتياق نبضة أدخلتها عالم الحكايات.
وهناك كتبت سطور حكايتها من البداية إلى تعقيدات الوسط وحتى النهاية.
هي سعيدة بالطبع ، وكررتها مرارًا ولم تمل.
وفي واقعها ، ستسطر حكايتها حقًا وتهدهد سطورها كما تحب ،
ولن تمل حتى تصل.

عطلة منتصف العام قضاها أحمد مع العائلة ، تغيرت حورية فيها كليًا ، ظله الخفيف مع ذكائه الاجتماعي جعلاه متصدر كل اجتماع عائلي.
أصبحت أكثر حيوية والوقار الذي تفننت في ارتدائه تلاشى في وجوده ،
وللغرابة لم تعد تتضايق من لفظ ( سوكا ( الذي يمطرها به ليل نهار
كان كغزل خفي على قلبها لأنه من حبيبها
هل قالت حبيبها!!!
لا هي فقط منبهرة حماسة قلبها لنبض الحب دفعتها تجاهه
وهذا ما جعلها تترقب وجوده ،
تراقبه كظل خفي...وتترصد سكناته قبل الحركات
(هي فعلا سقطت واختل توازن قلبها ثم استقر في كنف قلبه )

جلسة عائلية دافئة في الحديقة مع المشروبات والمسليات ، بعد عشاء ممتع مطعم بفكاهات أحمد ومشاكساته لحورية ، أحاديث الحنين إلى الماضي.
ثم اجتماع تشجيع للعبة الشطرنج بين والدها وأحمد ، كالعادة نهايتها احتجاج الوالد واتهام أحمد بالغش ، ثم مراضاة أحمد المداهنة له تغلف ضحكات مكتومة من الجميع.
وهي سابحة في تفاصيله ، تقترب ببصرها خفية ثم تلوذ عيناها بالفرار إذا ما ضُبط تلصصها ، تقدم له المسليات بعاطفة غلافها البراءة ، وحين سمعت همسات خالتها الضاحكة اللئيمة هربت دون أن تتكلم إلى مأوى روحها وفضاء عواطفها.


أرجوحتها المفضلة وهي غائبة تدفع الأرض بقدمها ثم تركت لنفسها عنان التحليق ترجع برأسها للخلف تغمض عينيها ، تُهدي قلبها سلام الحب بعد معركة نبضاته.

_سوكا ، بم تفكرين؟
بغلاظته المعتادة أجفلها ، ولم تعد تدري ما حدث غير أنها فجأة دارت ودارت حتى انعقد حبل الأرجوحة كضفيرة ثم انعكس دورانها بسرعة أكبر ، وهو منحني للأمام يمسك بطنه من شدة الضحك وهي تصرخ:
_أيها البغيض قسمًا أنني سأنتقم منك أوقفها.
انتشى ضاحكًا أكثر حتى أرضى نزعة السخرية لديه ثم أمسك بالحبل قائلا:
_لم أكن أعرف أن أعصابك ضعيفة هكذا.
ضحك ثانية بينما جثت هي على ركبتيها تشهق حتى سمع نهنهة بكائها فعقد حاجبيه:
_سوكا ، أنا أمازحك صدقا.
جثا بجانبها محاولًا استطلاع وجهها وهي لا ترفعه ، فمد يده نحوها ليساعدها ،
وكما باغتها صدمته كومة تراب تناثرت على وجهه وشعره ، وحورية تقف مسرعة تضحك وهو يسعل ولا يستطيع التنفس ، وإمعانًا في الانتقام أخرجت هاتفها والتقطت له عدة صور ثم جرت للداخل ضاحكة بشماتة.
قابلتها خالتها فأسرعت بالاحتماء فيها منه وهي تضحك وخالتها لا تفهم حتى رأت ابنها قادما وآثار التراب عليه دون أن تسأل بادرته:
_حور في حمايتي إياك والمساس بها.
قبلتها حور ضاحكة:
_خالتي الحبيبة هو من بدأ ، أقسم لك.
عطس وصوته تحشرج:
_أوامرك مطاعة يا أمي ، لها يوم قريب.
أكمل نفض وجهه ورأسه محاولًا فتح عينيه ثم عبرهما حتى يغتسل بينما التفتت والدته لحورية:
_ماذا فعل حتى تعاقبيه هكذا؟
قام بلف حبل الأرجوحة بقوة فظلت تدور بسرعة كادت تفقدني وعيي.
ببساطة لفت الخالة ذراعها حول كتفي حورية قائلة:
_كنت أعرف أنه يستحق.
ضحكتا وهما تعودان للداخل وحين عودة أحمد قابلته بوجنتين خجلتين وبسمة لطيفة:
_البادي أظلم يا ابن خالتي.
رفع وجها متلاعبًا وضحك:
_أعذرك فهذه سقطتي الأولى في نزالي معك ، لا بأس أن تتذوقي طعم الفوز مرة ,
( سوكا )
ها قد أحبط انتصارها بكلماته ،
ولت ظهرها إياه تكتم ابتسامة العشق البلهاء وبعقلها تردد:
( هزيمتي في حربك غنيمة‎ )



*الحاسة السادسة توج البشر بها أنفسهم معتقدين أنها منحة إلاهية لقلة منهم ، وصار حقا عليهم تصديق إحساسهم ،سواء السعيد أو الحزين.
أما في حالتها فإحساسها مشوش ، لو أرادت أن تجد دليلًا على حبه لفعلت ، لو اعتبرت مشاغباته أخوة لصدق هذا الشعور أيضًا ،
وطبعا هي تميل للخيار الأول.
فحاستها السادسة تصيب معظم الوقت وقلبها لن يخيب ظنها أبدًا , ما تخشاه فقط هو تشوشها ,

( ما بال حاستي السادسة مغيبة الآن )
كانت تتحدث مع نفسها كما اعتادت وهي تغادر منزل جدها ذاهبة لمنزلها ، لم تنتبه لأحمد الذي قدم من خلفها يحدثها ، انتفضت صارخة مع صوته وهي تلتفت فتعثرت وزلت قدمها فوق الدرج ، في رد فعل سريع أمسك بها لتصبح بين ذراعيه.
حدقت فيه قليلًا بينما يعتدل ثم دفعته لتبتعد هي الأخرى ، فضحك مشاكسا إياها:
_ماذا هناك يا سوكا ،أين كان عقلك وأنا أناديك لتسقطي هكذا.
رفعت رأسها رغم احمرار وجهها بادلته المزاح:
_كان يفكر بك يا فارس أحلامي.
بابتسامة سمجة وإن أمن قلبها على كلماتها ،
ضحك بقوة واضعًا يديه على قلبه بطريقة مسرحية:
_أوووه ، أصابت أفكارك قلبي المسكين يا سوكا.
ابتسمت غصبًا وهي تهزأ من مبالغته ثم التفتت لترحل ،
_انتظري ،
أمسك يدها في عفوية ثم وضع ورقة صغيرة بها قائلا:
خالتي طلبت أن تشتري هذه ، ثم تأخذيها في طريقك للبيت.
غيبتها لمسته وإن سمعت كلماته ، ثم ابتسم لها وصعد درجتين ليعود مفاجئًا إياها ببعثرة شعرها ،
_إلى اللقاء سوكا.
ثم صعد سريعًا وهو يضحك ، ودعته عيناها ويدها تتلمس موضع يده على رأسها بابتسامة مغرمة.

عادت للمنزل تائهة في عالمه ،تسطر ألف ليلة وليلة لهما ، تحلم وبنهاية كل حلم كانا معًا.
ففي رواية قلبها ، أول النبض اصطدام ونظرة
شجار ومعاندة ، ثم خصام وسهد ،
ابتعاد وقرب ،
وحينما يسكن اليأس القصة ويبدأ بختم الحكاية...ينبلج الأمل فيمحو حروفه ثم يسطر بداية السعادة.
وهي تطارد الأمل..ولن تيأس حتى يسطر أجمل حكاياها.





*هل كانت تعرف أن الغرام حلو هكذا؟
يأسر حواسها بنعومة فتغيب بإرادتها ، ظنت نفسها منيعة تحسب خطواتها حتى العشق ستسيره بأمرها ،
ثم اكتشفت أنه الآمر اللطيف ، وحاكم جوره عدل ، وأمره مطاع بالفطرة ، كانت تظن نفسها قوية ، صامدة أمام مشاعرها ، حرام على قلبها تذوق كأس الغرام وإن كان حلال لغيرها ، وحتى إن ذاقته فهو لن يؤثر بها.
حتى فاجأتها سكرة الحب...فلم تدر متى ارتشفت كأسها ومتى غيبتها ، هي تترنح وتحتاج من يدعمها كي لا يفسد كل شيء ،
لذا ذهبت لرضوى رفيقتها الصدوق التي ما إن رأتها حتى تجهمت ثم اندفعت لحجرتها استعدادا للشجار، وحورية تستمع لتوعدها وتأنيبها هادئة.
_أخيرًا ..تذكرت صديقتك؟؟!
_أم أنك أصلًا نسيت وجودي ، حسبي الله ، أهذه هي العطلة التي سنستغل كل دقيقة فيها ،
ماذا عن
التفتت فجأة وعقدت حاجبيها قائلة:
_ماذا بك ؟ هادئة للغاية هذا ليس من عادتك ، الطبيعي أن تتشاجري وتقلبي الطاولة فوق رأسي ونظل نتشاجر ، هدوؤك هذا يوترني.
نظرت وكأنها لا تراها ثم ارتمت على السرير متنهدة:
_أنا عاشقة.
قالتها وهي تمد ألف الكلمة وتغمض عينيها ، ثم
زلزال قلب السرير فوق رأسها ، حيث قفزت صارخة حتى أصابها الصداع:
ماذا؟ ماذا قلت ؟_
التفتت لها بابتسامة عذبة:
_أنا أحب يا رضوى ، لقد سقطت وللآن أنا أهوى ولا أرض تتلقفني.
جسّت رأسها متسائلة:
_حور ، حبيبتي أأنت مريضة ، أم أنا أهذي لغضبي منك!!!
ضحكت برقة عجيبة :
_لا أنا محمومة ولا أنت تهذين ، أنت لا تصدقين فقط ، لكن هذا ما حصل أنا أحب .
_حورية...هذا غير حقيقي أنت فقط متوترة قليلًا بسبب تلك الفترة من الشهر، عواطفك مشبوبة شوشت بصيرتك.
نفت بحالمية بغيضة لها سابقًا ولرضوى حاليًا:
_لا لا لا ، أنا أعلنها لك بكامل قواي القلبية والعقلية أنني أحب ابن خالتي ، ومن الآن سأبذل جهدي حتى يشعر بي ثم يتزوجني.
ذاهلة نطقت وكأن لسانها ثقل:
_زواج أنت..
_ماذا هناك ، أليست هذه الحياة الطبيعية ؟
صمتت رضوى ربما لتجمع قواها وتستطيع التحدث ثم قالت وهي تُجلسها جانبها:
_بلى ، لكننا اتفقنا أن نركز على الدراسة الآن وحين يأتي الوقت المناسب ، نفكر بالزواج.
_متى يكون الوقت المناسب بنظرك؟
أنا وجدت رفيق روحي فهذا هو الوقت المناسب بنظري.
نفد صبر رضوى مجيبة إياها:
_مادمنا بهذه السن فلم يصبح الوقت مناسبًا بعد ، نحن نحب الشيء بلحظة ثم نكرهه في اللحظة التالية ،
ما بالك إذا بالحب والزواج؟!!!!
نظرت لعينيها وأمسكت يديها مؤكدة:
_أنا أحبه رضوى ، متأكدة من مشاعري ، وإن تقدم للزواج سأوافق بلا تردد ، وكصديقتي المخلصة عليك مساندتي.
بدت حانقة غير راضية وهي تقول:
-حسنًا...لكن لا تلوميني إذا أتيت نادمة باكية بعد ذلك ، لقد حذرتك.
احتضنتها لتقعا فوق السرير وهي تهتف بها:
_كنت أعلم أنك لن تخذليني حبيبتي.
همست رضوى:
_أرجو ألا تخذلي أنت نفسك.
همست لقلبها:أرجوك لا تفعل.


وتقسم على قلبك عند السقوط
أن رويدًا بنبضك أيها الفؤاد
فأنت في الهوى..لم تبلغ بعد
أنت طفل تحبو وتتعثر
فامشي الهوينى
فعثرتك الكبرى تعني المشيب



*************

روابط الفصول


المقدمة والفصلان الاول والثاني .. اعلاه
الفصول 3، 4 ، 5 ، 6 ، 7، 8... اسفل المشاركات





التعديل الأخير تم بواسطة رغيدا ; 16-05-20 الساعة 02:09 PM
مارية إبراهيم غير متواجد حالياً  
قديم 14-04-20, 06:14 PM   #2

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تم تمييز الرواية وتثبيتها بتميز اسلوب كاتبتها اسلوبا وطرحاً

الف مبروك ونتمنى لك دوام التميز ونرجو أن يعجبك الغلاف الاهداء من احدى مصممات فريق وحي الاعضاء



اشراف وحي الاعضاء








السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

قديم 15-04-20, 05:03 AM   #3

مارية إبراهيم

? العضوٌ??? » 458717
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » مارية إبراهيم is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثالث
*الحلم وقود الجهاد ، وجمال الوصول أكبر محفزعلى المواصلة ،
تراودنا أحلامنا عن نفسها وتغرينا بنعيمها المنتظر ، فنسعى بكل قوة لها وكلما تكاسلنا وأحبطتنا الدنيا ، كشفت عن وجهها النضر البهي فيتضاعف حماسنا ونُمني أنفسنا براحة نهائية ، لكن مع الوصول وميلاد الحلم بين أيدينا ، تحمل قلوبنا حلمًا جديدًا فلا نكاد نستريح حتى نواصل ؛
نحن في جهاد مستمر مع أنفسنا ومع الدنيا.

(أناأجاهد)
خاطبت رضوى بتلك الكلمات
ألم أخبرك من قبل عن
(جهاد الحب)!!!
ذلك السعى الحثيث الذي نقوم به للوصول لقلب الحبيب , بنظرة وكلمة..وكل موقف يجمعنا.
نجاهد أن نسرق فيه نبضات قلبه , ونحتل عقله , حتى تتم السيطرة الكاملة لنا على كيانه وروح...ثم ننتصر ونفوز بحبه.
وجهادها هذا حلال بكل ماتقوم به ،
والعذر:أنا أحب.
رضوى تدعمها رغم عدم رضاها , تكاد تجرها من عقلها لتتروى ولا تندفع , حورية تتفهمها لأنها كانت لتفعل هذا لها , لكن هي تقدرمن يحاول , ولا تود أن تجد نفسها في خانة (ماذا لو) مستقبلا.

(أحمد)
_هلا ساعدتني في موضوع البحث المطلوب مني بالمدرسة؟
يبدوطلبًا عاديًا جدًا لايثير شكوكه أو شكوك غيره من العائلة , فهي ليست غبية لتظهر غرامها هذا لأحد.
أجابها:
_لابد من البحث في المراجع ياسوكا..في مكتبة المدرسة ..أو الانترنت , سيكون أفضل مني بالتأكيد.
ابتلعت سوكا بمحبة وابتسمت:
_أعلم ياأحمد , وأنا أحضرت مراجع بالفعل , لكني أقصد أن تعطيني رأيك في الأجزاء التي يجب أن أضيفها للبحث , وكيفية تنسيقه , لاريب أنك بارع بم أنك في الجامعة الآن.
حاصرته ..أخبرها هذا الضجر المرتسم على وجهه كأنها تسعى لإفساد العطلة , بينما هي تسعى لصحبته فقط ,
ثم انتبه عاقدًا حاجبيه قائلا:
ألست في عطلة منتصف العام , أي بحث تكتبين إذا؟؟!!
_بحث طلب منا لنقدمه في بداية النصف الدراسي الثاني.
_حسنًا....لكن لن أقضي عطلتي أعلمك , سأساعدك بالأساسيات , وأنت أكملي.
انتشت منتصرة:
_اتفقنا , أنا طالبة نجيبة.
كان يشرح لها بكل حماس وضمير, وهي لا تسمع كلمة , وكيف تفعل وهي غارقة في تفاصيله , حركاته وحتى أنفاسه ,
حتى انتبهت له يناديها وهي تنظر إليه , فقط..لم تكن تسمع , وقد اعتقدها متعبة ،
أو فقط هو أراد الهروب , فقال:
مارأيك ..نذهب لنتاول المثلجات؟
عندها انتبهت حواسها كلها وهي توافق على عرضه , بالنسبة لها كانت خطوة ناجحة , أن تكون برفقته تتشبع تفاصيله , وتخط ذكرياتها معه , تعطيه لمحة عنها ليلاحظ وجودها ،
وتهديه مشاعرها.

*الأمل وقود المحاولة ؛ يدفعنا لنصبر ونكرر العودة قبل التراجع بخطوة ؛ يملؤنا بالتفاؤل ويشرح قلوبنا لمزيد من الجهد علنا نصل ونحوز أمنياتنا ؛ ويضئ الطريق فإما يكون نورَا حقيقيًا ، أو ظلمة كامنة في جنبات ضياء زائف.
ورغم هواجسنا فإننا لانتوقف ، ندافع كل لمحة تنبيه ونغرقها بحثيث أحلامنا ،
على جمر تنتظر (أحمد) كباقي أولاد خالتها ؛ ولم تأبه بلهفتها المتقدة بعينيها لرفقته ؛ لدرجة أنها رافقته لمنزله القريب بحجة رؤية خالتها ، وبينما هو يستعد كانت تتبادل الحديث مع الخالة ، تحاول التقاط كلمة واحدة عن (أحمد) ،وفي أجمل أحلامها ودت لو صارحتها أمه بمكنون قلبه لها ؛ لكن ماحدث أن مشاعرها اتقدت واضحة في عينيها وحركاتها ، في لفتاتها نحو غرفته كل لحظة ، ورغم حرصها على مواراة حبها ، لكنه لم يخفى عن عين الخالة وقلبها.
_متى ستبدأ الدراسة ، حورية؟
بادرتها الخالة تكسرالصمت الخجول بينهما على غير العادة ،
ردت متعلقة بمحاولتها:
_لم تذكريني ياخالتي ، بقي إسبوع ، وأعود لأرض المعركة ثانية.
_لا مفر ياحور، ستعودين في النهاية طالت العطلة أو قصرت.
الآن الصمت أكثر ثقلًا ،
_خالتي هل ستحضرين حفل تخرج أحمد؟
ببراءة سألت وعينيها تجوب كل ركن بعيدا عن خالتها كأنها لاتأبه ،
(المسكينة تظنني غافلة)
فكرت خالتها ثم قالت متحمسة:
_بالطبع ، هذا يومنا المنتظر، بعد يوم زواجه.
وبترت الجملة متوجسة ولسانها يحجب باقي كلماتها ؛
قلبها يشاجر الضلوع يود الهرب ، لكنها قالت بعسر:
_وفقه الله.
رمقتها الخالة بنظرة طويلة تحمل من الحديث الكثير لكنها نهضت قائلة:
_سأحضربعض الفطائر لتأخذاها معكما ، لا أحب طعام الشارع.
وعلى عكس مشاجرتها مع أمها رفضًا لشطائر المدرسة ؛لم تعارض خالتها رغم زمجرة (أحمد) الرافضة والتي جعلتها تصر على أخذ فطائر الخالة إمعانا في كيده.
ضحكت خالتها على مشاكستها له وودعتهما والنظرة الأخيرة في عينيها كانت ساهمة.
*العجز مر، وخاصةً إذا كان عجزًا عن مساعدة أقرب الناس إليك...أن تراه يندفع نحو جرح مشاعره ولا تستطيع إيقافه ،
أن ترى إصراره على الوصول لحلم ظاهره جنة وباطنه كابوس مؤلم...كابوس آثاره الجانبية انطفاء المشاعر وسبات القلب قهرًا.
نادية عاجزة عن إيقاف مشاعرحورية تجاه ابنها ، قبلًا لم تكن تعلم ماعلمته الآن ، والحيرة مع العجز يكبلانها فلا تستطيع التصرف ، ربما تستطيع أختها المساعدة والحد من الخسائر،
حادثت أحمد لكي يقلها لمنزل والدها في طريقه ، عقلان في مواجهة المشكلة أفضل من واحد.

دخلت حورية لمنزل جدها ثانية لاستعادة بعض أغراضها قبل الذهاب للتنزه مع أحمد مستغلة عودة خالتها معهما ،وفي طريقها للخروج سمعت همسات الأختين في غرفة الاستقبال ،
اقتربت أكثرلتستمع لهما:
_تعتقدين أنه لاحظ مثلًا.
_لا لا هو مغيب تمامًا في قصته الخاصة ولن يفهم.
تنهيدة شائكة لأمها:
_أخشى على قلبها.
ربتت الخالة على يدها بأسف معتذرة:
_سامحيني لم أكن أعلم حبيبتي ، أنا تسببت بهذا.
بادرتها أمها معترضة:
_لا تقولي هذا نادية هي ليست صغيرة لتلك الدرجة ثم أن نيتك كانت حسنة.
توجس قلبها خيفة وهي تحاول تحليل كلماتهما ، غير معقول أنهما يتحدثان عنها ، ماأدراهما بمشاعرها هي ذكية وتحكم لجام تصرفاتها جيدًا ،
همت بسؤالهما بمشاغبة تخفي قلقها عمن يتحدثان لكن أحمد عاجلها منبها ببوق سيارته فانطلقت مسرعة.

*أحيانا نصاب بقصر البصيرة , فلا ترى قلوبنا إلا مايدور في محيطها , ولا نلاحظ إلا ما تمليه علينا أهواءنا , ونظل ندور في فلك حكاية وهمية , ظانين أنها أجمل ماحدث لنا , حتى تتزلزل الصورة فجأة , لنجد أننا كنا ننظر دوما لأبعد نقطة عنا , وأن قلوبنا خذلتنا بنبضاتها فشوشت أحكامنا ، حتى أصابت بصيرتنا بالعمى فنستمر بالطريق دون دليل ونظن خطانا صائبة.

(أروع لحظات عمرك..هي التي تعمل فيها ماتحب,برفقة من تحب)
نشر
وهاهي على صفحة الفيس بوك ,
تابعت تعليقات الأصدقاء بانتباه , ترد وهي تتصيد تعليقه , متوترة تغلق الصفحة وتفتحها...تحملها ثانية عل تعليقه لم يظهر لها , ثم حاولت شغل نفسها بأي شيئ , وكأنه سيُعلق فقط عند غيابها.
تشعر بالأمل فهي ذات الحاسة السادسة ، مشاكسات أحمد ونظرات خالتها الخفية تخبرانها أنها ستحصل قريبًا على مبتغاها ، ولن يطول الوقت حتى تغدو أحلامها حقيقة بارتباطها بأحمد ،
كم هو حلو الحب...وتلك النسمات التي يبعثها بروحها تجعلها تحيا بالجنة المستحيلة.

حادثتها رضوى حانقة:
أي لحظات تلك ومع من ياحلوة؟_
أجابتها وهي تتقلب بحالمية على سريرها:
يوم من عمري يساوي مامضى ومابقى._
لم تنطق , وبعد لحظة قالت:
_أنا قادمة إليك.
كلماتها أنبأتها بما ستلاقيه منها , تكاد ترى وجهها حين رأت المنشور وحين حادثتها.
فكرت ،
رضوى تتقزز من الحب , تكرهه...تراه عذاب للقلب وللنفس , وليس هذا فقط , لقد قررت أنها عندما تتزوج فستكون عملية جدا , الزواج للإنجاب وإنشاء أسرة ناجحة , متفاهمة , والمودة والرحمة أساسها , أما الحب فهو لمحدودي الأفق.
لا تقول أن حياتها بائسة , لكنها ترى الحب ضعف , وأن ضعفه مقتصر على الأنثى فقط , وأن الرجل يستغل عاطفة المرأة ثم يسلبها روحها , فيجندها طواعية ليلبي رغباته.
تفكيرها متطرف , وودت لو علقت على وجهها بتعابير الفيس بوك في كل مرة تصدمها بقناعاتها.
هي مفيدة لها الآن على الأقل , لُهيت بتفكيرها فيها عن متابعة صفحتها ,
ثم فتحت الصفحة ثانية وحدثت نفسها:
(متى سيعلق هذا الأبله على كلماتي!!!)

دخلت رضوى بزوبعتها المعتادة لحورية , أو المقترنة بكل مصيبة تفعلها من وجهة نظرها , وهي على سريرها تلتحف أحلامها التي ستصيرحقيقة قريبًا ,
_متى ستفكرين قبل أن تفعلي؟!!
_جاريتك للآن في تصرفاتك الرعناء ولم أتدخل , وأنا أصبر نفسي , ستعقل..ستعرف خطأها ولن تنخدع بمشاعرها ,
ولكنك تبهريني في كل مرة!!!
ما الذي جعلك تخرجين برفقته , هل فقدت عقلك؟!
نظرت لها بهدووء شديد , ثم قمت من مكاني وأجلستها بجانبي ,
_حبيبتي , اهدأي..أنا أعرف ما أفعله , خرجنا برفقة أولاد خالتنا الباقين.
فسرت لها لتهدأ , لتجدها تثور أكثر:
_خرجتما في مجموعة , ثم تكتبين بهذه الشاعرية؟!!!
ماذا تظنين أنه سيحدث مثلا؟
سيركع على ركبتيه متولهًا بغرامك!!!!
أغاظها استخفافها الزائد , فثارت هي أيضا:
_هل أنت صديقتي حقا؟!!
_لماذا تحبطيني هكذا وكأنني لا أستحق حبه , ألأنك تكفرين بالحب , أم تريدين تعقيدي مثلك.
حسنًا لقد بالغت , صمتت فجأة وهي توبخ نفسها ناظرة إليها منتظرة رد فعلها ,
_أنت غبية , أليس كذلك؟!!!
نطقتها كإبرة وخزتها برأسها , وأكملت:
_غباؤك يدفعك نحو الألم بسرعة كبيرة , ولن تستيقظي إلا بقلب اختنق بحب وهمي.
حسنًا , هذا جيد أن تتغابى ولا تأبه لكلامها الأحمق , طمأنتها واثقة:
_رضوى حبيبتي , لا تقلقي علي أبدًا,ماأفعله ماهو إلا خطة محددة لأصل لقلب (أحمد).
باستهزاء وبختها:
_خطة , أصبح الوصول للقلب يحتاج خطة , أنت جاهلة للغاية عزيزتي.
_وأنت الخبيرة بالقلوب إذًا؟!!!
_لست كذلك لكن المشاعر أسمى من أي خطط ولا يحتاج دروسًا كي نوقع أحدهم بالحب.
_تعترفين بوجود الحب ؟!
على ماذا تعترضين إذا؟!!!!

_أنا أؤمن بالحب الحقيقي الذي يرافق العشرة لا تلك المشاعر المؤقتة التي تسلبنا التفكير الصحيح والمنطق السليم.
سألتها مندهشة:
هل تقولين أنك ستتزوجين دون حب مثلا؟!!!!
ركزت رضوى عينيها عليها ثم قالت بهدوء:
_من قال هذا ،
سأتزوج وأعيش مع رجل عاقل يحترمني ويقدرني يدعم طموحي ويشجعني على التفوق , رجل يعرف حقوقي ،وواجباته , رجل لا يسكرني بكلمات , بل يشبعني بأفعاله.
_والحب؟
_سيكون بعد الزواج ضمن منظومة الرحمة والمودة.
أجابتها:
_يعني متفقتان لكن الأسلوب يختلف , لذا دعيني بقناعاتي وأنا سأتركك لفلسفتك.
زفرت يائسة كما العادة في ختام كل حوار لهما:
_حسنا , سأدعك لجنونك ولنر أين سيوصلنا.
قبلتها ممتنة , ثم سمعت إشعارًا لتعليق على منشورها فسارعت لفتحه ورضوى تجاورها.
_معك حق , ماأصدقها كلمات.
وأحببته
جملته أطربت قلبها وكادت ترقص وهي تنظر لرضوى ولم تكد تنطق حتى وصل إشعار آخر بتعليق له ,
تحمست ونبضاتها تصل للحد الأقصى ,
وإشارة لشخص مع قلبين
وحروف نشزت بقلبها عن لحنه السعيد.

يغويني حبك مرات
أن أرضخ
وأقص على قلبك حبي
لكن عقلي
ينهرني
يأمرني أن أتروى
فلعل عصفورك تائه
أو حط على نافذة أخرى


الفصل الرابع
هل تعرفون الألم؟!
هو أكسيد الصدمة الذي يتنفسه القلب فيتحشرج , وينقبض صارخًا طالبًا النجاة , وليس هناك زفير.
يظل يتخبط داخله , ممزقًا نياطه , وحين ينتهي منه يسكن جانبا ًمتحينًا فرصةَ أخرى لمجرد نبضة.
فينهض من مخبئه بألم أشد ,
نبض القلب حينها موجع , قابض , وهي تتألم.
إشارة لاسم فتاة صريح , وقلبان وحروف
(أليس كذلك؟)
كانت كافية لقلبها أن يلتاع متسائلًا عن غريمتها.
أما رضوى فيكفي أن ترى صدمة وجهها الباهت لتغلق الحاسوب , وتحيط كتفيها ولا تجد ماتقوله.
_ليست حبيبته , أليس كذلك؟!
قالتها ببحة موجوعة وقلبها يتحشرج طالبًا انتظام النبض,
_مجرد صديقة عادية , وهذا طبيعي بين الأصدقاء , رضوى؟!!!
وكأنها تستنجد بطمأنتها ,
لم تنطق فقط ضمتها بحنانها المعتاد وهي تربت على كتفيها,تعلم أنها تحتاج ضمتها الآن فقط.
صمتت وعقلها يجري بسرعة قطار,
الأفكار متلاحقة بالصور وأحلامها تلهث معهما خوفًا , أمن الممكن أن تكون له حبيبة , امرأة وعدها بالزواج مثلًا وينتظر أن ينهي دراسته , لاتهدأ...وفي هذه الحال تنام.
ظلت رضوى بجانبها حتى نامت منهكة , نومٌ قميئةٌ أحلامه , وزائريه يجثمون على أنفاس قلبها.
استيقظت وفتحت حاسوبها مباشرة , لا شيئ تغير, فقط رد من صاحبة الإشارة بقلبين.
وكأن الرد سيزيد من عظم الطامة ,
ببرود ولامبالاة مررت اليوم , والأم تلاحظ وجومها وتعجز عن الحديث معها ،
حادثت (نادية) وقلبها يعصره الألم ، تعلم أن ابنتها ستمر بالكثير مستقبلًا ، لكنها صغيرة على كسرالمشاعر، أن تخنق أولى نبضات قلبها بالرفض لهو الألم الأكبر.
_ماذا أفعل يانادية؟
همسٌ بائس قلق أوجع قلب الأخت وهي لاتعرف كيف تساعد أختها ،
أجابت:
_لا أعلم ياجنات ، لوبإمكاني لفت نظرأحمد لها...
قاطعتها جنات محذرة:
_إياك يانادية ، لا تهدري كرامة ابنتي أكثر، ألا يكفيك جرح قلبها؟!!!
عاتبتها قائلة:
_ماذا تقولين ياجنات؟
قلت ذلك من قلة حيلتي ، حورابنتي وأنت تعلمين.
تنهدت جنات متفهمة:
_أعلم حبيبتي ، يبدو أن الحل الوحيد هو الانتظار، ولنأمل أن يكون الأمر هينًا ونحن من نبالغ.
أنهت مكالمتها وهي تطالع غرفة ابنتها المغلقة منذ مدة ،تريد الاطمئنان عليها فاتجهت إليها وطرقت باب غرفتها ،
حورية ، أأنت مستيقظة؟_
طرقتين أخريين ثم فتحت الباب فوجدتها نائمة مولية ظهرها لها ،
فتنهدت وغادرت مغلقة الباب خلفها.
وهي تبكي دموعًا باردة ، قلبها في سبات مؤقت من الصدمة أوالخوف من أن تفلت نبضة مؤلمة منه ،
ظلت هكذا حتى غفت ثانية في هدنة مؤقتة مع روحها الجريحة.


*في اليوم التالي كانت عند رضوى تدور بحجرتها وعقلها متوقف , انعكس الوضع عن البارحة , كل الأفكارتشابكت ولا تعرف من أين تبدأ.
_ماذا أفعل يارضوى؟ كل أفكاري متداخلة لاأعرف ماذا أفعل!!
أخبريني الحل؟
_أي حل ياحور, لابد من وجود مشكلة حتى أبحث عن حلها.
توقفت ذاهلة من ردها:
_ماذا؟!!!! لا توجد مشكلة!!!
وماحدث البارحة , ألم تشهديه , ماذا أفعل إن كانت له حبيبة؟
كيف أتصرف؟
ردت بهدوء أغاظها:
_لن تفعلي ولن اسمح لك حورية , لقد جاريتك لتلفتي انتباهه لأنك عنيدة ولن تسمعي لي ,الآن ماذا؟
ستخبريه أنك تحبينه مثلا!!!
أم ستذهبين للتعرف على حبيبته؟!!!
بريق عينيها أوقفها ثم نظرت إليها وهي تعرف معناه ورفعت سبابتها تتوعدها:
_لا تقولي أنك ستفعليها , أقسم أن أذهب لخالتي وأخبرها بجنونك هذا , وأنت تعرفين قدري عندها وأنها تصدقني.
هدأتها وهي تربت على كتفيها موسوسة لها:
_روضة , حبيبتي..أنا لست غبية لأكشف نفسي هكذا , ولكنك أوحيت لي بفكرة رائعة أعتقد أنها ستساعدني.
_أفيقي ياحور, من الواضح أنه مرتبط , لا يغرنك وهمك أكثر وتجري وراء سراب زينته لك مشاعرك.
حاولت أن تفهمها وجهة نظرها:
_العالم تطور يارضوى , لن أذهب له كالغبية وأخبره بحبي له , سأشعل فضوله بوجود مغرمة سرية , وأشغل تفكيره عمن تكون , بحيث يفكر أن هناك خيارات أخرى , وفتاة أفضل تستحق قلبه بدلًا من مدللته تلك.
ثم أكملت وهي تهنئ عقلها على أفكاره اللامعة:
_سأبعث له على صراحة.

*لم تتنازل يوما عن هدف , وما تضعه نصب عينيها تصل إليه , بكل طريقة ممكنة , ونزيهة بالطبع.
المهم أنها تعاند وتجاهد حتى الوصول , وهدفها قلب أحمد , حتى وإن شغلته أخرى , يحق لها المحاولة مادام لم يرتبطا رسميًا , وحتى دراستها لن تشغلها عنه.
بعثت الرسالة , وهي تقبع يوميًا في صفحته , تترقب كل تحديث لحالته ,
ماباله ألا يتصفح حسابه بصراحة أبدًا.
مرأسبوع يليه آخرحتى سئمت وإلحاح رضوى عليها لتركز بالدراسة ألهاها قليلًا , فتناست الرسالة حتى تستطيع التركيزفي دراستها.

*(كف عن الانتظاروسيصلك الجواب سريعًا)
انشغلت بالدراسة عن متابعة حسابه لفترة ، واليوم كانت تتصفح حسابه بشغف حتى رأت الرسالة ،
شاركها منذ يومين!

(اذكرني عند قلبك)
وعلق:حسنًا , سأفعل إن عرفت من أنت وتعبيرات مبتسمة وغمزة.
انتشت كأنما قال أحبك , فتحت التعليقات ,والنشوى تزيد برؤية رد المدعوة بوجوه غاضبة , وأصدقاؤه يمزحون والقلوب تتطاير حسدًا على الرسالة.
(قلب مشغول بالحب لن يرى من شُغل به)
تعليق من صديق استوقفها , من هذا وماذا يقصد بالضبط!!!
سهرت ليلتها تذاكر دروسها وبرأسها التعليق الغريب , هل يؤكد حب أحمد لتلك الفتاة , مامصلحة المعلق بالأصل وهو لا يعرفها حتمًا ,
نهشت كلماته رأسها , ورضوى كالعادة تراها إشارة لتتراجع ,
وهي لاتأبه , ستكمل مهما حدث , وخطوتها التالية كانت لفت عينيه ,
لينتهي هذا العام فقط , ويستعد قلبها لمعركته الكبرى.

*أنا في درب عشقك مغرمة
وقلبي أسير عينيك
فلا تغضهما عنه
فليس بعد أسرك حرية
وليس قبل حبك حياة
ورسالة أخرى في معركة قلبها الكبرى , توقفت عن موافاة رضوى بالطبع عما تفعل ,
تستغل وجودها معها للدراسة , وبخلوتها تتعقبه , تفكر فيه , وترسم قصتها معه كما ينبغي أن تكون.
*حين تسعى نحو حبيبك كن ذكيًا ، فلا تواصل مطاردته طول الوقت أرخي له حبل النجاة قليلًا ثم اقتنصه على غفلة من قلبه ، حينها سيسقط بين ذراعيك ويستقر سعيدًا عندما يتذوق جنتك ،
لذا فهي كامنة الآن مع مخططاتها لفترة مؤقتة.
زفاف خالتها في الصيف , وهي الآن تتحضر لاختباراتها النهائية , تركيزشديد نحت به أي أفكارأو خطط تخص (أحمد),
فالعطلة أمامها لتفعل فيها ماتريد بحرية.
رضوى لاتفتح أي حديث عنه ولكنها تعرف أنها تحاول ألا تذكرها به علها تنسى وتكون مشاعرها مجرد ثورة مؤقتة لا أساس لها ,
صديقتها المخلصة , تحبها لكنها لن تتراجع.

*انتهت الاختبارات أخيرًا وتحضيرات الزفاف تجري على قدم وساق..وهي تنهي اختباراتها وتدعو ألا يحضر (أحمد) باكرًا.
وجاء أخيرًا,وليته مافعل , قابلته عدة مرات أثناء التجهيزات ، وكانت لقاءات هادئة خالية من مشاكساته المعتادة حتى كانت
(ليلة الحنة)
..وطقوسها المعتادة , تجمع الفتيات والاحتفال بالعروس ونقش الحنة والرقص
كان الاحتفال على أوجه في منزل الجد , وقد تجمعن في الدور الأخيرالمهيئ لمثل هذه المناسبات , رقص واحتفال , أغاني المهرجانات ترج المنزل ,
وطبعًا ممنوع تواجد الرجال.
مندمجة في الرقص وتردد الأغاني مع فتيات العائلة والعروس , ثم حانت منها التفاتة نحو مدخل المكان ,
وانتقلت للحظة إلى بعد آخر, وباللحظة الثانية انطلقت وأغلقت الباب في وجهه
أحمد...ما الذي جاء به ؟!!!
مؤكد يريد والدته , نادت لخالتها لتذهب إليه وهي تسبه بسرها ,
(ياللهول لم يكن هذا ماخططت له عن كيفية لقائي به)
لازالت تذكر وجهه الأبله وهو متسع العينين كمجذوب خرف , وينظر إليهن وهي كانت في الواجهة طبعا.
(تبًا...كيف سأواجهه ثانية , ماذا كنت أفعل حينها ياربي , بأي شكل رآني ؟!!!!)
كانت تقيم الدنيا وتقعدها فوق رأسها , ورضوى لم تساعد تلك المرة , كانت تضحك كالمجنونة وهي في قمة غيظها منها وتمنت لو لم تكن موجودة وتراها.
_ياإلهي...كنت كالمجذوبة وأنت ترقصين بهذا الشكل السريع , وجه أحمد كان ينطق من الذهول.
وصارت تضحك أكثر وتستفزحورية , وهي تنظر لها باشمئزاز وتود تحطيم أسنانها غيظًا.
صبيحة يوم الزفاف كانت الأسخف , حدثت نفسها كالمعتاد:
(لاأدري ألم تُعلم خالتي ابنها أن الدور الأخير مشغول بالفتيات وتحذره من التواجد هناك , أم أنه زائغ العينين ويريد التلصص!!!)
راعتها الفكرة الأخيرة فهي لم تعرف أخلاقه عن قرب كافي.
وكان هذا ماينقص عقلها المزدحم بكل فكرة سيئة وجيدة , فيضاف إليه وسواس جديد.
المهم أنها كانت تستعد حتى تتزين , ثوبها مل من كثرة ما اطمأنت عليه
همست لنفسها(رضوى بالتأكيد أقسمت ألا تبيت معي بعد ذلك اليوم)
(تقلباتي القلقة في السريرأفزعت نومها)
كانت تلف شعرها بعد عناية فائقة منذ بداية العطلة , هو كنزها الذي لن تسمح أن يَفسد أو يُفسد ليلتها ,
لا تدري ما الذي جعلها تخرج بهذا المنظرفي الصباح الباكر إلى الشرفة.
(رباه , سوكا عادت)
الصوت ببرودة ماء مثلج رماه أحد السمجين على رأسها.
_ماذا تفعلين ياسوكا في هذا الوقت هنا , وبتلك الأشياء التي تجعلك سوكا فضائية ، هل تفلح ياتري في ترتيب شعرك قليلًا؟!!!
وقهقه ضاحكًا , كانت أكثر مرة تسبه فيها بسرها , كان حقًا سمجًا للغاية.
استدارت بكبرياء وعيونها تلمع رافضةً أن تبكي:
_ما دخلك أنت , ولماذا صعدت إلى هنا من الأساس ألا تعرف بوجود الفتيات , أم انك تستغل الفرصة لتتلصص!!!
حسنًا , الهجوم خير وسيلة لإحراجه , وهي متحفزة وتقف متخصرة كأنها في وسط شجار شوارع.
ضحك بسماجة أكبر:
_أنا لم أدخل للشقة أنا جئت للشرفة الخارجية ولم أتوقع وجود أحد.
أم أنك خجلة لأنها المرة الثانية التي أراك فيها بوقت غير مناسب , ماذا أفعل في حظي السعيد.
وقهقه مرة ثالثة وعاشرة وكأنه يشاهد فقرة سيرك.
_لا تحرجها أكثر ياأحمد هيا بنا وكفاك يارجل.
صرخ كيانها(لا لا لا...ليس صديقه ثانية)
شهقت متفاجئة والحرارة تنتشر في جسدها كله , ثم فجأة عبرتهم وخرجت من الشرفة وهي تهمس لأحمد:
حقير.
بينما ودعها بضحكاته المتواصلة.

هل يمكن أن يسوء الوضع أكثر , لكن لا هي لن تسمح أبدًا لتفاهات أن تعكر يومها , أو تصرفها عن هدفها.

*وأخيرًا متألقة , بثوب وردي رائع , ليس ثوب أميرات طبعًا ,
فهي تعتبرها للأطفال , وتجدها سخافة أن يحول أحمد لقبها لسندريلا مثلًا , مؤكد تفضل سوكا عنه.
الثوب كان مطعمًا بزهور رقيقة على الصدر وبداية الوسط ينسدل كطبقتين ساتان مغطاة بالحرير, وتاج رأسها مرفوع من الجانبين ومثبت وبقيته تركته منسدلًا على ظهرها , وكلمسة صغيرة ثبتت زهرة وردية على أحد جوانبه.
كانت في قمة إعجابها بنفسها الحقيقة , والحماس على أوجه للفت انتباه أحمد.

*داخل قاعة الزفاف

تتابعت فقرات الحفل ترافقها حالمية الفتيات ومزاح الرجال مع العريس ,
رقصة تلوأخرى وحورية تنتظر لحظة دعوة أحمد لها للرقص كثنائي.
ولم تأبه لاعتراضات رضوى أبدًا , فخطوتها التالية كانت تعتمد على إبهاره , بما أنه أفسد خطتها التي تقتضي أن يراها تدخل القاعة خلف العروس , لأنه حضر متأخرًا.
وكأنها بعالم آخر , فما كادت تراه وحده حتى نفضت يد رضوى وانطلقت نحوه.
وصلت إليه ثم بادرته:
_العقبى لك , أحمد..مع أنني أشفق على المسكينة التي ستشاركك حياتك.
التفت أحمد وهو يجهز الرد الفوري كعادته , لكنه لم ينطق للحظة ثم قال:
_من أنت؟
عقدت حورية حاجبيها متسائلة وكادت تفسرعدم فهمها,لكنه تابع:
_أين سوكا؟!
الآن فهمت , فرفعت حاجبًا مستنكرًا وهي تتخصر قائلة:
_سوكا كبرت ومشطت شعرها ياظريف.
_ماأجمل الاختلاف الآن عن السابق.
قالها ببساطة فاجئتها وأخجلتها :
_حسنًا , بم أنها أول مرة تُثني علي فيها فسأسامحك على ماسبق.
ابتسم ثم مد يده بحركة مسرحية لها لترافقه:
_تسمحين لي بتلك الرقصة؟
اتسعت ابتسامتها تكاد تصبح ضحكة وهي تعض شفتيها , ثم قالت:
_لا...لدي عروض أفضل.
ثم دارت مستعدة للذهاب.
حتى أجفلها صوته قريبًا جدًا:
_مازال سوكا لقبك المفضل لدي.
وضحكة لئيمة خافتة ,
وقفت مكانها وكلمته تأبى أن تنتهي كأنها شريط يتكرر تلقائيًا
(لا بأس)
قالتها لنفسها مواسية , فهي لن تسمح له بإفساد الليلة كسابقتها , سعادتها بالحفل مهمة أيضًا , وليس لفت انتباهه فقط.
عادت لرضوى المذهولة والجاهلة بالحدث:
_سأوافيك بكل حرف يطفئ غيظك ودهشتك
ثم تابعت:
_سأذهب لأهندم زينتي.

تهادت خارج القاعة وعقلها ينظم خططها القادمة , أتمت زينتها وعادت وهي غارقة في أفكارها:
_مؤكد أنا أمام فاتنة الحفل.
رفعت رأسها مجفلة تنظر لمن قطع أفكارها وطريقها , وحاجبيها يرتفعان بدهشة وغضب , لكنها تنحت جانبًا وأكملت طريقها لتوقفها يد المتحدث يمسك بذراعها , جذبت يدها وبالأخرى تلقائيا صافحت وجهه بصفعة مفاجئة احمر لها غضبًا وهو يستعد للانتقام.


مارية إبراهيم غير متواجد حالياً  
قديم 15-04-20, 05:05 AM   #4

مارية إبراهيم

? العضوٌ??? » 458717
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » مارية إبراهيم is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الخامس
*اللحظة الفارقة في حياتك هي التي تتخذ فيها رد الفعل المناسب للحدث , عقلك يتخذ القرار وباللحظة نفسها تنفذه جوارحك الأخرى , لحظة فارقة تنقلك سريعًا من خانة الضحية لساحة المنتصرالفائز بحقه.
وهي لحظة صفعته فيها وأخرى كبل يدها وبالثالثة ارتفعت يسراه لينتقم , لكنها دارت وهي ترفع قدمها لتهوي بكعب الحذاء على قدمه.
صرخة ألم حادة أفلت يدها بها وهي تسبه وتتوعده إن جرؤ على التمادي أكثر, ثم انطلقت لكن يبدوأنه لا يتعلم تبعها بقدر ماتسمح له قدمه المصابة والغيظ يدفعه نحوها ككلب مسعور ,
وما إن هم بإمساكها حتى صدته يد أخرى , ثم قبضة على عنقه وصاحبها يقول:
_تجرأ أكثر وستقضي ليلتك بالمشفى وربما شهورًا ًقادمة , يبدوأن الوسام على قدمك لم يردعك.
اكفهر وجه الشاب ولم ينطق ثم جذب ملابسه من قبضة عمار, وانطلق ثائرًا على خيبته.
_أشكرك , عمار..لم أظنني حمل عراك آخر معه.
_لا شكر على واجب , حور..كان لابد أن يتأدب أكثر لكني احترمت وجودك.
ابتسمت ممتنة له وهي ترفع حذاءها:
_خرجت بحذاء مكسور, أفسد الحقير ليلتي.
ابتسم عمار قائلًا:
_وأنت أعطبت قدمه , لايستهان بك.
نظرت لكعب حذائها مكررة:
_كعب الحذاء انكسر.
وظلت تحدق بالحذاء وهو لا يفهم حتى فلتت شهقة منها جعلته يتوتر هامسًا:
_حورية.
رفعت رأسها وهي تنهت وعيناها تلمع بدموع طال
كبتها , ثم سالت على خديها أخيرًا وعمار لا ينطق ولا يدري ماذا يفعل , ثم قال مشفقًا:
_هل أستطيع مساعدتك بشيئ ؟ أخبريني لكن كفي عن البكاء أرجوك.
ازدادت دموعها كأنها تحرر نفسها أخيرًا,وعمارحائر يود لو خفف عنها ولا يستطيع تركها , ظل يهدئها حتى تنهدت براحة.
_سأذهب لإصلاح زينتي.
تفاجأ لقولها لكنه لم يعقب , وتركها ثم عاد لقاعة الزفاف مسرعًا ًيبحث عن رفيقتها التي لمحها سابقًا معها , حتى رأى رضوى فذهب إليها:
_لو سمحت آنستي , حورية تحتاجك في غرفة السيدات.
صدمت رضوى للحظات ثم انطلقت بسرعة وعمار يلحقها.

*تظل تتجاوز وتمررالمحزن من الصغائرحتى تتراكم وتصير حملًا ثقيلًا داخلك , وعند أول وخزة يتهاوى صمودك , وتترك نفسك للسقوط طواعية , ربما لتقيم صلبك ثانية , وتنهض من جديد لتواصل.
وهكذا كان انفجار حورية...ربما بكت لسبب تافه لكن نفسها ضاقت فلم تعد تتحمل أكثر, مواجهة ذاك الصفيق ذكرتها بحادث قديم لم تحسن فيه التصرف , وكان القرار بعدها من والدتها أن تداوم على دروس الدفاع عن النفس ورافقتها رضوى.
غرق عقلها في الذكرى البعيدة المتواجدة دومًا ,
وهي تنظر لوجهها بالمرآة ، أحست براحة عندما بكت لكنها تشعر بالخيبة ولا تعرف لماذا!!
ربما هذا الحلم الذي استيقظت بسببه اليوم ، بالأحرى كابوس انتشلها من نوم هانئ ، طريق طويل تسير فيه ترتدي قلادتها المفضلة ، قلب تشكل بحروف اسمها ، تتشبث بها خوفًا من مجهول لا تعلمه ، ثم ظهر(أحمد) من بعيد قادمًا باتجاهها حثت الخطى نحوه لتلقاه تاركة قلادتها ، ولما اقتربت تلمست القلادة فلم تجدها ، ألهاها الهلع عن المتابعة وظلت تبحث حتى وجدتها ، لكن حين التفتت لتكمل سعيها ، وجدته قد ابتعد كثيرًا ، مر بها ولم يراها ، ثم انقطع الطريق إليه وصار باتجاه واحد.
فزعت مغمومة وهي تحمد الله أنه كان حلمًا ،
لكن مازال هناك بقعة بعيدة قابعة بكيانها تؤلمها ، وشعور جارف بالخوف من شيئ لا تعلمه ، ربتت على صدرها ومسدته متنهدة كأنما تهدهد قلبهاوتبثه الطمأنينة.
دخلت رضوى تبحث عنها:
_حورية؟!!! ماذا هناك..أحدهم أخبرني أنك بحاجة إلي.
رافق قولها التفات حورية لها وهي تواجهها , انتفاخ عينيها واحمرارهما استدعى شهقة ذعر من رضوى لتندفع نحوها متسائلة عما حدث:
_لماذا تبكين؟ هل تعرض لك أحد؟أأنت بخير؟
_كعب حذائي انكسر.
أجابتها بهدوء مريب جعل رضوى تنظر لعينيها مدققة لدقيقة أو اثنتين ,
ثم قالت:
_سأذهب لإحضار زوج آخر لك.
وافقتها بإيماءة صامتة واستدارت لتكمل ترتيب هيئتها.
رضوى تلك الصديقة الرائعة , يكفي أن ترى حاجتها بعينيها وتلبيها..لا تحتاج أن تتحدث , تعرف متى تسمعها ومتى تتركها لصمتها , لا تسأل , هي تلبي حتى لو لم تبوح لها بشيئ.

عادت رضوى بعد مدة وهي متعجبة مشيرة للخارج:
_هذا الشاب غريب , يقف خارجًا منذ جئت إليك ولا أدري لماذا؟
تساءلت حورية:
_أي شاب؟
_هذا الذي جاء يبلغني بحاجتك لي.
ردت متفهمة:
_لاريب أنه عمار صديق أحمد , هو من ساعدني.
*مرت باقي فقرات الحفل سريعًا , لم تستطع حورية الاندماج به رغم محاولات رضوى ، واقترب أحمد منها بطريقة مثالية لخططها السابقة إلا أنها لم تستطع التصرف بطبيعية كالسابق ،
وفي نهاية الحفل لمحت عماريقف على باب القاعة فاتجهت إليه:
_كنت سخيفة جدًا ولم أشكرك عمار على مساعدتي.
_لا شكر على واجب حور..أنا في خدمتك.
ظهر أحمد متسائلًا:
_بأي شيئ ساعدك؟
صمت عمار وهو ينظر إلي حورية التي أجابت:
_تعرض لي حقير ما وأنا خارج القاعة وأوقفه عند حده.
والتفتت لعمار بابتسامة رقيقة ممتنة:
_عاجزة عن شكرك حقًا.
ثم عاجلت أحمد:
_ولو أنه كان من واجبك ياابن خالتي.
استنكر أحمد عاقدًا حاجبيه:
_هل أخبروك أني منجم ، ماأدراني بما حدث!!!
ثم تابع بابتسامة خبيثة متلاعبًا بحاجبيه:
_أنت تكفين ياسوكا ، لاريب أنه صدم عندما اكتشف أنه يغازل صبيًا بثوب.
لوت فمها تكتم غيظها وبابتسامة مرسومة:
_هذا حقيقي لقد أخبرته أنني الرجل الوحيد بالعائلة.
ثم منحت ابتسامة ساحرة لعمار وهي ترفع ذيل ثوبها مبتعدة بخيلاء مبتسمة برضا وضحكات عمار كالموسيقى ، ووجه أحمد المحتقن يشبعان روح انتقامها.
قابلتها رضوى بعينين عاتبتين على تصرفاتها فعقدت حورية يدها حول ذراعها بابتسامة محبة قائلة:
_جولة أخرى لصالحي.
_بم ستفيد أفعالك تلك؟
_ماذا فعلت؟!!! لقد كنت أشكر عمار وتطور الموقف.
توقفت رضوى وهي تحدق بنظرة معرفة جيدة بأفكارها ،وقررت:
_كنت تريدين إثارة غيرته!!!

فتوقفت حوروقالت:
_أقسم أنني بريئة تلك المرة كنت أود شكر عمار فقط ، لكن الموقف انقلب لصالحي.
سارت بظهرها منتشية تتغنج بسعادة ، ولحقتها رضوى شامتة:
_يراك صبيا يابلهاء!!!!
(سخريته عشق خفي ياحلوتي)
هزت رضوى رأسها يائسة وقد فقدت الأمل في صديقتها تمامًا.

*المقربون حولنا كثر، لكن قلة من تشعر بك عندما تحتاج روحك للسند ، وواحدة فقط قلبها رادار دقيق يشعر بك في كل لحظاتك إن كنت سعيدًا ، وأكثر دقة لو حزنت لحظة ، الأم
حبل سري حساس يصل بين قلبك وقلب أمك ، فتشعر بوهنك قبل أن تفعل أنت ، وإن غفلت وتعرت جدران مقاومتك تجدها تكسوك بروحها .

قلق جنات جعلها تتابع ابنتها بالحفل وتترصد أي لمحة أو كلمة بينها وبين أحمد... لاحظتها أختها فربتت على كتفها هامسة:
_اهدأي واستمتعي بالحفل.
همست قلقة:
_لا أستطيع نادية أنا خائفة عليها ،
لقد خرجت منذ قليل ولا أعرف لم تأخرت وصديقتها تبعتها الآن.
لا تقلقي سأذهب لتفقدها._
خرجت نادية تبحث عن حورية حتى رأتها قادمة مع رضوى مبتسمتين فذهبت لطمأنة أختها.
ثم تابعت حورية باهتمام وقلق خفي عن جنات فهي أيضا مازالت قلقة حتى رأت حورية تحادث أحمد وعمار مبتسمة ،ووجه أحمد يحتقن على غير العادة.
توجهت من فورها ووكزتها مداعبة:
_ماحكاية صديق أحمد؟
معشوق سري ماذا تسمونه؟!
كراش))
_كراش فعلت حسابا لك على الفيس بوك أم لا يانادية؟!!
داعبتها حورية ضاحكة ،
ونادية تعقد حاجبيها باستهجان:
تقصدين أنني عتيقة لا أعرف بالتكنولوجيا ؟_
ثم تابعت بابتسامة خبيثة:
_حسنا ياابنة أختي ، سأنشأ حسابين أحدهما لي والآخر لوالدتك الحبيبة.
شهقت حورية فزعة ثم تأبطت ذراع خالتها مداهنة إياها:
_حبيبتي ياخالتي سأنشئ لك واحدًا وأفعل كل ماتطلبين لكن لا ترهقي أمي بتلك المواقع ،
ثم همست بخوف زائف:
_أخشى على أخلاقها.
حدقت فيها خالتها مندهشة فوجدت البراءة تتلبس وجهها بالكامل ، فضحكت وهي تضربها على كتفها:
_أقسم أنني أخشى عليها منك أنت.


*حين نتعثر نبغى السند وما أجمل أن يكون شق روحك هو معينك ، أن يمسك بيدك قبل السقوط التام فتستقيم قواك وتعود أقوى ، لا تأبه بعثراتك القادمة ،
وتكمل المسير واثقا من وجوده ، وحبذا لو أقام صديق أودك وسط زحام وجعك ،
والأجمل أن يصفعك حين تغشيك أحلامك لتفيق ؛ ويكبح جماح روحك الثائرة حتى لا تسقطك في هوة الاندفاع ، يقسولخشيته عليك ، وينهرك لمحبته لك.
كانت رضوى تستلقي بجانبها على السرير, كل منهما تتابع صفحتها ومنشوراتها.
_ألن تخبريني ماحصل البارحة؟
ردت حورية وهي تراسل صديقة لها:
_لقد سمعتني وأنا أخبر أحمد!!!
_لم بكيت إذًا؟
_كنت بحاجة للبكاء وحانت اللحظة ،
ثم تابعت بتنهيدة حالمية:
_تمنيت لو أنقذني أحمد.
_كنت أعلم ياتافهة.
قالتها رضوى بشفاه ملتوية مستنكرة ثم تابعت ملتفتة لحورية:
_ألم تخططي للرقص مع أحمد , لم رفضت عرضه إذًا؟
جلست حورية وقالت بحماس:
_كان هدفي أن يطلب ياروضتي , وعندما فعل رفضت لابد من الاختلاف هذا جزء من الخطة.
هزت رضوى رأسها وقالت:
_لم تصلي لشيئ بهذا ياحبيبتي , وأشك أن تفعلي , لم يحدث شيئ البارحة.
قامت حورية من مكانها ووقفت أمام المرآة تستعرض نفسها:
_دعك من البارحة , لقد مضى وقد نفذت ماأردت , هدفي هو ليلته الكبرى.
سألتها رضوى بلهجة باردة ساخرة:
_فسري كلامك يا عبقرية؟

استدارت متحمسة وهي تقول:
_حفل تخرجه ياصديقتي.
ببلاهة نظرت رضوى لها متسائلة , فأجابتها:
_لقد قررت حضور حفل تخرجه , ومنحه هدية أيضًا.
لم تصدق رضوى ماسمعته ونهضت مستنفرة:
_لا لا لا...لقد تجاوزت توقعاتي بجنونك ياحورية , تذهبين لحفل تخرجه؟!
وتمنحيه هدية أيضًا , لم لا توفرين جهدك هذا وتخبريه بحبك مباشرة!!!
فكرت حورية:
_ربما تصبح هذه خطوتي الأخيرة إذا فشلت في لفت قلبه.
_أتريدين قتلي!!!
كفي عن جنونك هذا , لو كان مقدرًا لك لن تحتاجي لكل هذا.
عاندتها:
_ماذا إن سعيت له؟
الحب كفاح.
_أنت مخطئة , الحب كفاح إذا كان زوجك , أوتقدم حتى لخطبتك وتكافحين لتبقي معه , إن كان يكن لك المشاعر ،
أما الآن فليس له أي صفة بحياتك حتى تسعي له بكل قوتك هكذا , لقد تناسيت حتى أن له رفيقة , ماذا إن بتر سعيك واكتشفته غارقًا بالحب , وقتها سينكسر قلبك.

فكرت حورية(ياإلهي,نفس الحوار المتكرر)
بعناد أغبى قابلتها :
_مادمت لم أعلم شيئًا عنها فسأسعى , اطمئني رضوى لن أخسر شيئا صدقيني , ندمي الأكبر سيكون إن لم أحاول,
ولتطمئني أكثر , لن أفعل شيئًا بعد حضور حفل تخرجه , سأنتظر ثمار سعيي فقط.
وبعقلها
(وسأكمل كفاحي على صراحة )



سأصمد
في معركتي..على حبك
وأجند كل سلاح كي أربح
وأرفع رايتي على قلبك
وأواجه غريمة دربي
وأكون عثرتها الكبرى
وأخط نصري على أرضك
بعثت له بتلك الكلمات على صراحة , تود أن تزيد فضوله اشتعالًا , ولم تدر أن حبيبته تتصفح الموقع في تلك اللحظة.
*الغيرة تقتات على أنفاس العاشق فتخنق سعادته بالحب
وتغرس بذرة الشك والخوف معًا ، والري جنون عاشق أو أفعال معشوق.
كعادتها منذ تلك الرسالة السرية كانت تتصفح حساب أحمد ترصدا لأي رسالة تصله من تلك المتعقبة المهووسة كما تراها
وهو يعلم ويعذر خوفها مستمتعًا بحبها له...يدللها ولا أحب على قلبه من جنونها الذي
يعلم أنه يحوي بعض التعقل ،
والحكمة التي جعلتها تمحو الرسالة الثانية فور وصولها ثم تحظر المرسل ،
خطوة تراها غير مجدية مع مجهولة مجنونة لن تعدم وسيلة للوصول لأحمد ،
لكنها تريحها على الأقل.
فاجأها الحظرلكنها قدرت أن تلك الفتاة لها يد به، بالطبع رسائلها من حساب زائف , ثم أنشأت آخر بعد الحظر, ثم قررت أنها ستكمل ملاحقته أما الآن فقد حان وقت الهدنة , فكرت:
_لهذه الدرجة تسيطر عليك ياابن خالتي!!!
وإن يكن هي لن تستسلم أبدًا أمام تلك المجهولة ، هي محاربة شجاعة لاتنهزم في معاركها ولاتتقهقر أبدًا ، وقلب أحمد سيكون غنيمتها فقط لتتقدم وتصبر وتحارب لأجله ، وعندما تصل يصبح الفوزبنكهة حبه.

أخبرك سرًا ياقلبي
الذنب ذنبك
وسقوطي في فضاء حبه
كان إثمك
فأنا بدرب الهوى كنت راهبة
وصرت بتول محرابه بسببك




الفصل السادس
*حين نحب
ينقلب العالم وتخلق عيوننا من وجه الحبيب أربعين ألف شبيه ،
حين نحب
لا نبقى على الأرض , نطفو داخل سيمفونية العشق ونبضاتنا نغمات ساحرة تسلب عقولنا دون رجعة ,
ونصير وسط البشر أجسادًا أرواحها في النعيم.

حين نسقط تتلقفنا سحابة الحب ثم تحلق بنا خارج الكون
ولا جاذبية تخضعنا حينها إلا أرض الحبيب.
حين نعشق يصير اسم المعشوق بديلًا لحروف العشق ، وتصير كل حروفنا إليه ،
الحب يفقدنا التعقل , وينحي كل منطق جانبًا , يلغي ذاكرة الألم
ويطغى الأمل على الكيان ،
فيحجب نقصان الصورة ،
ونرى الكمال بجوار الحبيب ,
ويظل بمدار القلب حتى نفوز به فيصير هو المدار.


*هو صار نجمها , وستسخر كل الطرق لتصل إليه , فقط لتصبر قليلًا بعد , هي في عامها الدراسي الأخير بالثانوية , ولابد من التركيز بعيدًا عنه حتى تحقق حلمها الأساسي بدخول كلية الهندسة , مثله بالطبع.
تذكر انفعال رضوى عندما صارحتها برغبتها تلك , يومها سخرت منها قائلة:
_وتتحولين ثم تتغير لهجتك فتتحدثين كعمال البناء وربما تقصين شعرك مثل الرجال.
لم تعجبها المزحة وحولت السخرية نحوها:
_لا يا عبقرية , سأدرس المعمار , سأصير مهندسة ديكور.
وبعدما أحبته زاد إصرارها على هذا التخصص , ربما يؤسسان شركتهما الخاصة , كم هذا شاعري.


وها هي تكثف جهدها ، تحاول قدر استطاعتها التركيز , ساعدها ابتعاده للدراسة ,
وحين تضج باشتياقها تهرب معه لروايتها فتعيد لقاءاتها به , وتخلق أخرى تتمناها , تقع في حبه مائة مرة وتسرق منه ألف اعتراف بالعشق.

حدسها ينبئها أنه يبادلها الحب , أو حتى معجب بها , وبوصلة قلبها لم تخطئ أبدًا ،
فقط لتصبر قليلا حتى تنهي العام بتفوق كما تأمل ، ثم تنتقل للخطوة التالية ، وهي حضور حفل تخرجه.
كيف ستقنع والديها بالذهاب؟
الأمر سهل خالتها خير رسول ، ستطلب منها إقناع والديها بالذهاب ، والحجة التعرف على جامعتها المستقبلية ، وكمكافأة لها على التفوق.


*الشوق غالب لاند له حين يهاجم القلب ، تفكر بالحبيب تشتاق لنظرة أو كلمة تغرق حواسك فيه ، تصبح أقصى أمانيك أن تسمع صوته إن عزت رؤياه.

تتقلب بين ذكرياتك معه وتتنفس عبقه المحفور في ذاكرة قلبك ، وتنتشي بلحظات سرقتها من عيون الناس حولك فتبعته ممنيًا نفسك بلمسة هاربة أو قرب آمن على قلبك من الغرق الكامل فيه.
هي تشتاق كل ليلة ، تتصفح صوره لتشبع شوقها ، وتزور خالتها من حين لآخر وأحيانًا تسرق لحظات في غرفته على غفلة منها ، تهيم في دنياه وتعود بعزم أكبر لدراستها،
لكن الليلة هي طريحة عذاب شوقها ما جعلها تبحث عن طريقة أو سبب لتحدثه به ،
ربما تخبره بحاجتها إليه ، هذا يفتح باب القرب بينهما ، الرجل تثيره حاجة المرأة إليه ومع توطد العلاقة يحدث الانجذاب الذي يقود للحب ،
بعثت له رسالة على هاتفه أولًا ثم انتظرت واثقة أنه سيتصل فور قراءتها ،
‏ أنا بحاجتك ، ساعدني))
لم تعرف ماهية حاجتها الملحة حتى تتقن الدور فظلت تفكر حتى فاجئها اتصاله فردت على الفور:
أحمد._
همست بها ناعمة ضعيفة فوصلها صوته القلق متسائلًا:
ماذا بك حورية؟_
نبضة حب هزت قلبها ونشرت نغمات صوته السعادة بكيانها، وهي تستلقي على فراشها بحالمية فتاة تحادث حبيبها حديث عشاق مطول ،
انتشلها صوته مكررًا اسمها بقلق أكبر ، فاستكان صوتها أكثر وهي تجيبه:
_لا تقلق هكذا أنا فقط غارقة في الخوف من دراستي ولا أعرف من أين أبدأ.
وصلها صوته متشككًا:
أعلم أنك متفوقة يا حورية ، لم القلق؟!!_
همست بضعف أكبر: ‏
_هذا يقلقني أكثر أن أثق بنفسي زيادة عن اللازم فأصدم.
أجابها:
_لا تقلقي من شيء ما دمت تدرسين بجد، ثم هناك صديقتك تلك لم لا تدرس معك؟
_هي تدرس بقسم آخر يا أحمد.
ثم انتفضت فجأة قائلة بقوة:
أهكذا يكون ردك علي حين أستنجد بك!!!_
أجابها حائرًا:
وماذا فعلت؟ ها أنا معك أقسم أنك غريبة حقًا!!!
فاجأته ونفسها بصوت بكائها المتصاعد ،
فهدأها مسرعًا:
حسنًا حورية لا تحزني أخبريني فقط ماذا تريدين؟_
أهناك شيء استعصى عليك فهمه؟
سأشرحه لك لكن لا تبكي.
ابتسمت منتصرة من وسط دموعها وهي تجيبه:
لا عليك لم أقصد شغلك بمخاوفي._
_لا تكوني غبية فقط أخبريني ماذا تريدين؟
_حسنا كنت أريد الفضفضة فقط وأنت ساعدتني حقًا.
ثم تقلبت قائلة برقة:
_وإذا احتجت شيئًا سأراسلك حتى تشرحه لي.
رد مرتاحًا وفي عقله يهمس (مجنونة): حسنًا حورية يسعدني أنني ساعدتك وأنا موجود إذا احتجتني ثانية.
همست محتضنة هاتفها بحالمية:
دوما بحاجتك))
*الحب دوبامين القلب و إدرينالين الإرادة , يدفعك دفعًا للتميز، ويحفزك لتحقيق كل حلم ظننته مستحيلًا , يملؤك حماسًا ورغبةً في الحياة, وتظن معه أنك ماذقت سعادة من قبله ولن تذوق بعده.
اختبارات نهاية العام بدأت , وهي تجتهد بكل قوتها , تدفع نفسها بعيدًا عن عالمه قدر استطاعتها وتُمني نفسها بحلاوة الوصول حتى يهون التعب.
هي في حالة لم تعهد نفسها فيها من قبل , متى سقط صمود قلبها أمام هجومه السلمي ,لا تعرف ,هي مُسيرة بأمر القلب وأسيرة لسلطان الحب , وما أحلى أسرٌ قيده مشاعرنا.

الاختبار النهائي , والنزهة بعده حق مشروع , خرجت مع رضوى لتناول الغذاء بمطعمهم المفضل , ثم ذهبتا لتناول المثلجات بإصرار حورية , كانت تريد إعادة ذكراها معه , يوم دعاها لتناول المثلجات والذهاب للملاهي وإن لم ترق لها , كانت تفضل مشاهدة فيلم رومانسي , يلائم حالتهما أكثر فهي ليست طفلة لتلعب بالأرجوحة , لكن أي شيء معه ومنه محبب لها.
بنكهة القهوة اختارت مثلجاتها كيوم نزهتهما , حين رآها تستعد للخروج بثوب بلون الخوخ يصل بالكاد لركبتيها ، وتترك شعرها حرًا تندر عليها:
_سوكا , سنذهب للملاهي وليس حديقة الأسماك , ماذا ترتدين؟
غضبت من تلميحه وإن راقتها الفكرة وبنصف إغماضة سخرت منه:
_أحب نفسي بالأثواب فأنا فتاة , هل تظنني ابن أختك.
تابع جادًا تلك المرة:
_بدلي ملابسك حورية ، لا أريد عرضًا مجانيًا للرواد هناك.
ببله نظرت له فأمال رأسه دون كلام رافعًا حاجبيه فانقشعت سحابة الغباء عن رأسها فجأة , ما جعلها تشهق حابسةً أنفاسها خجلًا ثم تدور على عقبيها دون كلمة.
ودعتها ضحكته وهي تسبه بسرها راغبةً في خنقه , ثم تحول حنقها لابتسامة مشعة وهي تعض شفتيها خجلًا:
_أنا أحبك أيها الوقح , وآه لو تعلم.


*يومٌ من الخيال , استمتعت على عكس ما ظنت وهي تلهو مع أولاد خالتها كطفلة صغيرة , رافقهم أحمد في الألعاب الخطرة وأقنعها أن تصعد معهم ورغم خوفها تظاهرت بالشجاعة وصعدت , وبدأت الصراخ مع كل منحنى صاعد أو هابط للقطار, والباقي لا تذكره إلا ما قصه عليها أحمد وهو يضحك عن فقدانها الوعي وحمله لها ما إن نزلوا من القطار , وكفى!!!
أحمد حملها , كتلك المشاهد الرومانسية التي عاشتها مرارًا في رواياتها , وخيالاتها المستمرة عنه , خسارة أنها لم تفيق وقتها,
لا بأس ستحيى المشهد في خيالها.



*أفاقت على نداء رضوى ولكمة على الذراع:
_لا تبتسمي كالبلهاء هكذا يا حور نحن في مكان عام,
ودعي أستاذ أحمد في أمان الله.
ابتسامة سعيدة وقالت:
_المهندس أحمد يا رضوى , وأنا بإذن الله حرمه.
أخذت رضوى نفسًا عميقًا وتجاهلت رد حورية ثم قامت قائلة:
_هيا حبيبتي لنذهب للتسوق قليلًا.
وكأنها تذكرت فجأة فانتفضت متحمسة:
_نعم ذكرتني يا روضتي , لابد أن أكثف البحث عن ثوب الحفل من الآن كفاني تضيعًا للوقت.
ثم سحبتها من يدها ورضوى تتنهد يائسةً من صديقتها , وتدعو ألا تذهب نبضاتها لمن لا يستحقها.


*العطلة الأجمل بحياتها ,أحمد متواجد وهي ببيت جدها يوميًا وأحيانًا إقامة دائمة , تعود فقط حتى لا تقتلها رضوى , وحتى تقص عليها يومها.
إضافة لشك أمها بتغيرها منذ فترة , وقربها الزائد منه سيعمق شكوكها أكثر.
تنتظر بلهفة ظهور نتيجة الاختبارات وتتحرق شوقًا للتقدم بكلية الهندسة كما تتمنى ,
شاغبها أحمد يومًا:
_سوكا بما تحلمين؟!!
وضحك متابعا:
_أخبرك أنا , تريدين أن تصبحي مصففة شعر, أليس كذلك؟
هي تحبه حقًا , لكنه سمج وسخيف , هكذا تكلم عقلها , وطاقة صبرها صرخت بها أن اغربي الآن لأني سأنفذ حالًا ,
ابتلعت مزحته القاتلة , وقالت:
_لا , وابتسامة لئيمة:
_سأدرس الهندسة المعمارية.
غص بضحكته وهو يتراجع رافضًا:
_لا لا لا ....لا تحملت سوكا بشعر مبعثر , لن أتحملها بشارب أيضًا.
كان يتكلم بجدية وفي نهاية جملته قهقه ضاحكًا , وحورية تقف مصدومة أولًا , مذهولة ثانيًا , تزمجر غضبًا في الثالثة وتسبه بسرها وتلعن قلبها الذي أحب متخلفًا مثله.
صرخت بصوت مكتوم وغادرت منزل جدها , تشيعها ضحكاته الساخرة.

*عادت غاضبة تهذي طوال الطريق للمنزل , ثم هاتفت رضوى لتفجر حنقها المكبوت:
الأستاذ أقصد ( المهندس ) يهزأ لرغبتي بدراسة الهندسة ويقول:
كفاني تحمل سوكا لا أريدها سوكا بشارب.
قلدت نبرته بغلظة مبالغة ومتأففة ورضوى غارقة في الضحك من طريقتها:
هل أنت متآمرة معه!!!
تضحكين وأنا في قمة غضبي.
_مهلًا , هل ستقذفينني ببركان غضبك , وما ذنبي أنك تقلدينه بظرف مضحك.
وتابعت رضوى الضحك فاقدة السيطرة ما أجج ثورة حورية أكثر فأغلقت الهاتف صارخة والقته على السرير بعنف.
_لقد فقدت عقلها تمامًا.
علقت رضوى وهي تحدق بالهاتف بذهول وتعجب.

_علمت أنك جننت فعلًا.
قررت رضوى وهي تستقبل حورية بعد ساعة في حجرتها , كانت تعلم أنها ستأتي لها.
_يقولون أنه كلما شاكسك شخص ما فإنه يخفي حبه وينكره.
بادرتها بعبارتها بحالمية شاردة , جعلت فم رضوى منفرجًا دهشة منها , استدارت حورية متسائلة عن سر صمت صديقتها , وناظرتها تحثها على الجواب بينما رضوى لا تجد حروفها من الصدمة.
فجنون صديقتها فاق الحد , ولا تعرف كيف ستوقف اندفاعها نحو هاوية الألم.
_حورية , لا تبالغي في آمالك حبيبتي حتى لا تكون صدمتك كارثية.
نظرة مطولة دون كلام , ثم قالت:
_لن يحدث يا رضوى , لا كوارث ولا صدمات , لن أتراجع ولا تثنيني بعد الآن.
ثم أخذت نفسا طويلا وتابعت:
_أنا ذاهبة للتسوق , هيا معي.


*وتحقق حلمها وستكمل دراستها بكلية الهندسة , حجة مثالية لتقضي المتبقي من العطلة في معية أحمد , تستغله علميًا , وتتقرب منه عاطفيًا.
تغرقه بوجودها وتغرق في هالة سحره , نبضاتها مختفية معه , تتشبث به , وعقلها شارد في كونه , هي بحبه تحلق وتمام السعادة باعترافه المنتظر , وإن كان قلبها متوجس يركض بسرعة مؤلمة في طريق نهايته غامضة , وكأنها الهاوية.
يحاصرها شك والدتها بشكل متزايد ، تهتم بها بمبالغة ولا تتركها وحيدة كثيرًا ، معاملتها رقت عن الطبيعي ، وتحميها من إزعاج إخوتها الصغار، بررت ذلك أنها تساعدها على الدراسة بجد ، لكن حدسها يخبرها أن هناك سر خفي ، خاصة حين تزورهما خالتها ، نظراتهما حينها مقلقة ، تمعنان النظر إليها وهي تدعي أنها لا تراهما.
نظرات مدققة كأنما تودان كشف دواخلها ، وما زاد قلقها عندما ضبطت والدتها تحادث رضوى ذات يوم.
لم تستطع سماع الحديث الذي دار بينهما ، لكنها انتظرت كي تخبرها رضوى ولم تفعل ، فقط لمحت انفعال أمها وتوترها كأنما تخاف أن تراها.
*زيارة عائلية في بيت الجد ، والأختان تتحادثان بهمس ملفت لحورية اعتادته مؤخرًا ، لكنها صبت تركيزها على أحمد ، فاستغلت كل لحظة اختلستها معه بعيدًا عن أنظار أمها وخالتها المراقبة ،
_أخبرك بنفسه يا نادية؟!
بنبرة هامسة متألمة لأختها:
_لقد حدد موعدًا مع العائلة يا جنات ، ويريد إتمام المراسم في منتصف العام.
صمتت جنات وهي لا تجد حروفها ، وبصرها يتتبع نظرات ابنتها وحرصها المكشوف.
ربتت نادية على يدها مواسية ، ثم قالت:
_ستتجاوزها يا حبيبتي لا تقلقي عليها ، حورية قوية.
تنهيدة عميقة رافقت قولها:
_مبارك يا أختي ، أتم الله فرحتكم به.
_هو ولدك يا جنات ، والعقبى لحورية مع من يقدر قلبها.
أمنت على كلام أختها ، وقلبها يدعو الله بنجاة ابنتها من كل حَزن.


بينما اجتذبت حورية أحمد بحديث عن الجامعة وأسئلة عن الدراسة ، وهو يرضي فضولها بصبر، لا يدري أنها تمهد لهدفها الرئيسي ،
_أحمد , متى يكون حفل تخرجك؟
استفسرت مترقبة رده , أجابها:
_في بداية العام الجديد.
صدمها , لكنها سعيدة فهذا ملائم تماما لها , سيضمن لها حضور الحفل دون إثارة الشكوك بحماستها ،
_جميل أنك ستدرسين الهندسة , وستحضرين الحفل بالطبع مع باقي العائلة ,
غمز بعينه مبتسمًا وتابع:
لدي مفاجأة لك في هذا اليوم._
هل أثار فضولها؟
بل أشعله , تتحرق لتعلم من الآن.
لكنه كان لئيمًا كفاية ليلاحظ ويطفئ فضولها بغلاظة:
_لن أخبرك طبعا الآن , لكن أعدك أن تكون مفاجأة سارة.

وعدها بمفاجأة وهي تخفي عنه مفاجـأتها , خطوتها الأخيرة للفوز بقلبه , وتسطير حكايتها معه,
تخطو حاملة آمالها , لا تدري أن مفاجأته ستكون مصرع أمنياتها.


مارية إبراهيم غير متواجد حالياً  
قديم 21-04-20, 03:17 AM   #5

مارية إبراهيم

? العضوٌ??? » 458717
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » مارية إبراهيم is on a distinguished road
افتراضي

الفصل السابع

أتدري ما هو الأصعب من فقدان حبيب؟
أن تراه على مرمى بصرك , فتركض إليه مشتاقًا , وترغب أن يضمك قلبه , تمني نفسك بحلاوة اللقيا , فيسرع قلبك إليه قبل جسدك , وكيانك يلهث لهمسه , وحين تصل وتمد يديك إليه ليروي عطش روحك , وتبدأ معه أسطورة عشقك بقبلة اعترافه , تجد روحًا أخرى استوطنته , وقلبًا اتحد مع قلبه , وبسمة عشق خالص لغيرك , وتصفع قلبك لطمة غيابه في أرض حسبتها قبلا صحراء قاحلة , لتجدها جنة روتها مشاعره فأزهرت بينما أرضك خاوية.
عندها فقط تشعر بالتعب , بمشقة الطريق الذي قطعته , وتفاجئك أنفاسك فلا تسطيع التقاطها , أتدري لو منيت بوصول سالم ،
لاعتبرتها أنفاس الفرحة تناجي رئتيك.
بداية العام الدراسي , الحماس احتلها وهي تتجول في أروقة الجامعة تتعرف على زملائها ونظام الدراسة , طيفه لم يغادرها في كل مكان تراه وتتخيل سنواته الدراسية , وتتمنى لو رافقته , لربما عاشا قصة حبهما بها , قاطع أحلامها اتصال أمها تطمئن عليها , وبعدها حادثت رضوى التي جاورتها بكلية الصيدلة ورافقتها بالسكن أيضا , واتفقتا على اللقاء بالمقهى القريب من الجامعة والانطلاق للتعرف على معالم المدينة.

*جلست مقابل صديقتها تتناولان وجبة خفيفة بعد يوم شاق ،
تتبادلان الحديث عن أول يوم دراسي , قاطعهما رنين هاتف حورية:
(أحمد؟)
استفهامها مستغرب لاتصاله , وهي تستمع له منتبهة ورضوى تتابع انفعالاتها المعتادة ,
_أحمد في طريقه إلينا.
بحماس فائر ألقت جملتها وقلبها يكاد يقفز ليلاقيه , أما رضوى فجمعت حاجياتها قائلة:
_حسنًا , سأغادر أنا الآن وألاقيك في السكن.
قفزت حورية تجاورها وتجبرها على الجلوس:
_أقسم أنك لن تفعلي , لماذا تريدين المغادرة؟!
_هو ابن خالتك لماذا أظل أنا , موقفي حرج يا حور.
_لن يطول وجوده كثيرا على كل حال , ابقي أرجوك لا تكوني سخيفة , ربما يحضر عمار معه وتتوافق القلوب.
غمزت لها بخبث في نهاية العبارة , وهمت رضوى بالرد غاضبة لكن حورية قاطعتها بابتسامة مغرمة :
_ها هو , عمار معه ، ألم أقل لك؟
وكزتها بيدها ثم اعتدلت في جلستها وأحمد مقبل عليهما.

_مرحبًا حورية ، كيف حال أول يوم دراسي؟
سألها بابتسامة هادئة وتحية صامتة لرضوى ، أجابته محاولة تهدئة قلبها المتخبط رغبة في الهروب إليه:
_بداية مشرقة ، أحببت الجامعة كثيرًا.
ضحك بخفة:
_سعيد أن هذا هو انطباعك الأول أتمنى أن يدوم.
_أنت تسخر مني!!!
_مطلقًا عزيزتي ، أن أتمنى ذلك فعلًا دراسة الهندسة ليست سهلة ، اشحذي كل قواك.
قلبها الآن يرقص سعيدًا للقب عزيزتي ، أجابته بثقة ظاهرة:
_لا تقلق علي ، سأكون بخير، ثم أي صعوبة وأنت موجود ، بالطبع ستساعدني.
ابتسم مشاكسًا:
_استغلالية ، أنا بالخدمة متى أردت , ثم استطرد جادًا:
_سأذهب الآن لقد أردت الاطمئنان عليك وإن احتجت شيئًا حادثيني.
سارعت حورية:
_دعني أدعوك لمشروب على الأقل.
بدا جادًا وهو يجيبها ناظرًا لعمار بطرف عينيه:
_لا يصح يا حورية لا أريد لفت الانتباه لك بتلك الطريقة ولا أحد يعرف بصلة قرابتنا ، سأحادثك فيما بعد .
أحبط رغبتها في بقائه مدة أطول وهو يودعها ويذهب هو وعمار، التفتت لرضوى قائلة:
_أرأيت كيف يحادثني وجاء للاطمئنان علي أيضًا.
نظرة فاقدة الأمل من رضوى وحورية تلتهي بخيالاتها عنها ثانية ،
لقاء سريع رفعها على غمامة حبها ، وملأ جنبات روحها سعادة وتفاؤلًا بالقادم ، لقاء اختلت معه نبضات القلوب فلم تعد كما كانت أبدًا.
*البداية حماسية دوما في أي شيء ، نكون في أوج طاقتنا والحماس يغلبنا لننجح ونكمل الطريق ، حورية في قمة نشاطها لمتابعة الدراسة ، تدرس بجد رغم الصعوبات وتستعين بأحمد طبعا كلما لزم الأمر أو لم يلزم حتى ، تعتبر وجوده حافزًا لها ، ثم تُصبر نفسها بقرب حفل التخرج لذا لابد من تكثيف الجهد حتى تكافئ نفسها بهديته يوم الحفل.
قلبها ممتلئ به وطيفه حافزها الأكبر، بقي يومان على الحفل وهي متمسكة بحضور رضوى معها رغم محاولات الأخيرة الهرب لكن استجداء حورية الباكي يضعفها ، فقررت مرافقتها مجبرة وخوفًا عليها أيضًا من رعونتها.
*أجواء الحفل رائعة ، تتابع فرحة المتخرجين بنجاحهم مع العائلة ،
أحمد كان في استقبالهم بزي تخرجه الذي زاده وسامة ، هي تسبح في مثاليته ورضوى ساخرة من تيهها ومبالغتها ،
تحتل الصفوف الأولى وتتابع تسليم الشهادات ، تركض جوار الساعة البطيئة ودقاتها تلهث بحماس ،
احتفال بسيط صاحبته ألحان الفرحة وأحمد يلتقط الصور التذكارية مع زملائه وعائلته ،
تقدمت نحوه:
_مبارك أحمد ، سعيدة لأجلك كثيرًا.
_العقبى لك حورية اعملي بجد لأجل تلك اللحظة عزيزتي.
للمرة الثانية يلثم قلبها بهذا اللقب ، ابتسمت خجلة وهمت بالرد ، لكن فاجأه عمار مستعجلًا إياه ، فاستدار غامزًا لها: (المفاجأة)
ثم انطلق وهي محبطة فقد أوشكت أن تقدم له هديتها ، لكن لابأس لاريب أن هديته الأروع.

*تقفز على سحب آمالك ملتقطًا نجوم تفاؤلك ، واحدة بعد أخرى تجمعها لتكون حلمك ثم تعود بها لجنتك كي تنيرها ليفجعك الواقع بنجومك وقد احترقت في جحيمه ، وتطاير رمادها حتى غشى سماءك بضبابية حزينة وكحل شمسك الصبوح بغيوم الفقد ،
تقف قلبها بين يديها وهو يسكن عينيها في صورة مشتعلة مع أخرى ،
أخرى ركع أمامها طالبًا وصالها ، عيناه تحتويها بحنان يده تلمس يديها برقة كأنما يخشى عليها من نفسه ،
يقدم قلبه مهر قصتهما ، ولهفته تتطاير حولها انتظارًا لموافقتها.
والأخرى تعذبها بكل نظرة نحوه ، تدمع عيناها فرحًا ، ًفمها يرتعش بابتسامة سعيدة فتغطيه كأنما تمنع انفلات قلبها المتخبط حتى الحلق من نشواه ،
الكون ضاق فحوى ثلاثتهم ثم حجزها بثقب أسود مع هزة موافقتها...قبلته على يديها ،
وأخرى تحمل عشقه على الجبين.
وهي في هوة وجعها تتشبث بجدرانها علها تنجو من القاع ،
قلبها بين يديها ساكن ونبضها راقد بسلام.
ثم انحسر الوعي في حالة جزر عن الواقع عل مد الصدمة يجرف الأمل الكاذب بعيدًا فتفيق على أرضها الحقيقية.
أفاقت على تربيتة حنون وتنهيدة حارقة خائفة ففتحت عينيها لترى ابتسامة والدتها تدفئ روحها ،
( أمي)
همسة ألقتها بين ذراعي أمها دون إضافة ، تبيح لدموعها الصراخ لقلب أمها القلق الخائف ، سمعت رضوى تستأذن للخارج هي وخالتها أمها تغمر ضعفها بقوة حنانها فيتسلل ألمها منحسرًا وينتشر الأمل داخلها مطمئنًا ، أمل في خفوت الوجع وراحة حقيقية ولو كانت كاذبة قليلًا ، شهيق العودة للثبات ثم زفير قابض لقلب أمها صاحب استندت على ذراعيها قائلة:
سأذهب للحمام.
دعمتها أمها قليلا حتى استوت على قدميها وبخطى ثابتة باهتزاز طفيف سارت لوجهتها أمام المرآة بالحمام. ابتلعت بعسر صدمة انهيارها بين ذراعي أمها ، صمتها يشي بمعرفتها بمشاعرها ربما كان هذا في صالحها ، أما ما يهز كبرياءها أن معرفة خالتها بالأمر قد يعني معرفة أحمد ، تخشى أن تكون مشاعرها تعرت أمامه ورأى سقوطها مرتين خرجت بعد أن غسلت وجهها ورطبت جرحها بقليل من الثبات وأخذت هدنة راحة.
قابلتها عيون الثلاثة قلقة متوجسة فابتسمت بشحوب وجلست على سريرها مستكينة هادئة تعبث بشرشفها الوردي ...مرارة شائكة تعيق نبض قلبها وكل شهيق وزفيره يضرب رئتيها بحائط الخسارة ، كلماتها تتعثر فلا تستطيع النطق بجملة مفيدة ، جاءتها رضوى بشراب النعناع الدافئ فتناولته لا تستطيع مواجهة عينيها...منهكة تريد لملمة شتاتها ولا تدري من أين تبدأ. ‎قاطع صمتهم رنين هاتف خالتها التي قامت متوترة بعد نظرة منها لاسم المتصل ، ثم قالت:
_حمدا لله على سلامتك حبيبتي ، مضطرة للذهاب الآن حتى لا أتأخر فهم يتعجلونني.
نظرة راجية من حورية لخالتها ، ودون أن تنطق انحنت الخالة تقبلها بحب وعطف هامسة:
_لم ولن يعرف أبدًا يا حبيبة قلب خالتك ، هو لا يستحقك أصلًا.
ثم تراجعت مبتسمة تربت على ظهرها وحورية تبتسم ممتنة بالمقابل.
غادرت نادية وبعدها رضوى لتترك لهما فرصة الانفراد ،
لكن حورية لم يكن بها قدرة على الحديث ، فاكتفت جنات بجمع بعض حاجياتها إقرارًا بعودتها للمنزل عدة أيام حتى تستجمع قواها وتسترد عافية قلبها وروحها.
عادت رضوى إليهما ببعض الطعام وحين رأتهما متأهبتين للمغادرة اعترضت:
_تناولا بعض الطعام معي ، لم آكل منذ الصباح.
لم تجادلا وجلس الثلاثة يتناولون الطعام بعد أن تشبعت القلوب بوجبتها الخاصة من الوجع.

*حين يختنق القلب بحب ليس له يظل يقاوم حتى يتحرر من قيده ، وحين يفعل تبقى آثار تلك القيود تؤلمه وتذكره بفقده كل لحظة تلمسه فيها مشاعر حب مشابهة ،
حتى اللجوء لدعم يصبح عبئًا أكبر،
حينها يكون حملًا على العقل وإضعافًا للمشاعر في هذا الوقت نحتاج فقط للخلوة بالنفس وترتيب الأفكار، ومراجعة الأفعال حتى نصل للخلل الذي تسبب في الإيذاء.
حورية تحتاج لعزلة شافية ترمم بها نفسها بنفسها ، وتصحح ما أحدثه اندفاعها من عطب في كيانها ،
ربما حينها تتروى قليلًا قبل التصرف وتتعلم لجم أفعالها دون حاجة لرضوى كموجه أو لأمها.
يومين بغرفتها تكتفي بوجود والدتها لتبرير حالتها لوالدها ،
والثالث محاولة اندماج بسيطة دون أفكار أو صراع داخلي يوجعها ثم لحظة المكاشفة حين واجهتها والدتها في حجرتها في اليوم الرابع:
‏-لن أناور حبيبتي ولن أسأل عما فعلته لكن ما الذي جعلك مندفعة هكذا ،
لم تطلبي مساعدة مني ولا أنا جرؤت على التدخل ،
مادمت لم تصارحيني خشيت أن أقتحم أسرارك فتنكرين وفي كل الحالات كنت ستصدمين.
_ نعم اندفعت أمي وكان الأمل فيما ليس لي سبب تهوري ، تجاهلت كل الشواهد وسرت وراء لمحات كاذبة ، لكني... أحببته.
دمعتان فرتا من قلبها فطأطأت رأسها خزيًا وحزنًا ،رفعت والدتها رأسها رغم قلبها المختل حزنًا على ابنتها:
_لا بأس حبيبتي هوني على نفسك وجدت الأخطاء لنتعلم منها رغم وجعنا ، والعبرة أن نتعلم الدرس جيدًا ، كي نتفادى السقوط ثانية ونقوى.
بسمة ممتنة شكرت بها والدتها ثم قالت:
_لابد أن أعود للدراسة أمي لا أستطيع التأخر أكثر. وافقتها والدتها ثم قالت:
_أعلم أنك قوية حبيبتي وستنهضين ولن تسمحي لشيئ بإيقاف تفوقك وستتجاوزين ذلك صدقيني ، ويومًا ما ستضحكين على تلك الذكريات.
لجأت لحضن والدتها لتوقف ارتجاف روحها دون كلام وهي تتمنى أن تنساه ، أن تنسى يومًا أنها أحبته عل أنين القلب يصمت للأبد وينبض بالسعادة من جديد.
*عادت من سراب الحلم وانقشعت غمامة المشاعر عن بصيرة القلب ، وصار لزامًا أن يعود لوعيه من سكرة حب لم يكن له ، لهذا وجب التخلص من آثار ثمالته ، وإعادة النبض المنتظم له بصاعق الحقيقة.
حضن رضوى الآمن كان باستقبالها ، تثرثر عن كل ما فاتها على غير عادتها الهادئة ، تحكي أحداثًا تافهة لم تكن تلاحظها أصلًا في السابق وكأنها تدربت قبل عودة حورية على الحديث حتى تلهيها قليلًا ، تتذمر من منهجها الدراسي المعقد ، والحروق البسيطة في يديها أثناء التجارب العملية ، تحزن على نضارة يديها التي لم تكن تأبه لها أصلًا وتعول على حورية حتى تساعدها بمرطبات قوية ،
ابتسمت حورية بمرح لمحاولات رضوى ثم ضحكت:
_كفاك يا رضوى ، أشعر بمعاناتك وأنت تدعين الاهتمام بما لا تحبين لتساعديني.
نظرة إحباط شوبها ذنب وهي ترد عليها:
_جاريني فيما أفعل يا أختي ، إن لم تنجح محاولاتي لمساعدتك قد تنجح لأكون فتاة عادية ترعبها بقع الاسمرار في مفاصل يديها.
نظرتا لبعضهما ثم غرقتا في ضحك يريح ويوجع باللحظة ذاتها ،
كيف لضحكة أن تؤلمك بالوقت الذي تلفظ أوجاعك على أبواب نفسك حتى تتأهب لنفيها تمامًا ونزعها كلية من روحك.
دوما ما كانت رضوى هي ضحكتها تلك وتحمد الله على وجودها وتفهمها لها.
تابعت رضوى بعد قليل:
_ذهبت لكليتك وأحضرت لك ما فاتك من محاضرات ، وإذا أحببت يمكن الاستعانة بدرس خاص لفهم ما يستعصي عليك.
نظرت لها حورية ممتنة ثم قبلتها قائلة:
_شكرًا لوجودك بحياتي.
ضربتها على كتفها بخفة قائلة:
_هل أدركت نعمة وجودي للتو.
ابتسمت كلتاهما ثم ضمت رضوى كتفيها تشد عليهما مساندة لها في وعد بالتواجد دوما عند الحاجة.
وتبقى بقلبي كشمس تشرق
إذا ما عمت الظلمة جنباته
صديقة أنعم الدهر علي بها
هي مأوى ضعفي
وقوة حيلتي
إذا ما وهن عظم قلبي
تجُود بكُلها حتى لا أهوى


الفصل الثامن

ما بعد الصدمة نتوقف لنلملم أشلاءنا ، ثم يكسونا الوجع و الحيرة ،
فالروح مازالت في مرحلة النقاهة والقادم أمامنا لا ملامح له ،
لذا الوقت مهم كي نتعافى ونرتب خطواتنا القادمة كي لا تزل ثانية
ومع أول خطوة نتألم ثم نرفع قدم النفس رغم اهتزازها ، ونخطو الثانية ومع الثالثة والرابعة ثم باقي الطريق يخفت الألم حتى يتوحد معنا أو يندمل ليبقى الأثر ذكرى تعلمنا الوقوف وتمدنا بالقوة.
عادت للجامعة تدرس على مهل وتتأرجح بين الذكرى والواقع
تئد نبضها الخائن لحظات ،

وأخرى تتركه يصرخ شوقًا وصداه يصم كل راحة بال ،
يغريها حبها بأن تتشبث بالأمل ثانية وعقلها يجلد شعورها الكاذب بسياط الواقع.
الرمادية تلون الكون بعينيها فلا ترى الإشراق إلا خلسة من نافذة بعيدة تطل على المستقبل ،
والدتها تتواصل للاطمئنان عليها ورضوى تشد عضد قوتها ،
وأحمد يطمئن عليها من حين لآخر لكنها لا تبادر أبدًا للحديث معه نأت بنفسها عنه وهو لا يشعر بمعاناتها،
قشعريرة وجع هزت قلبها حين اتصل بها أول مرة بعد ما حدث
يمزح ويعاتب ،
يتفقد حالها وتود أن تخبره أنه معلول به ،
يستفسر متعجبا:
ماذا حدث لك يوم الحفل يا سوكا؟ وعدتني بمفاجأتي لأصدم بفقدانك الوعي ،
ونعم المفاجأة حقا!!!
مخاض حروفها قاتل ينزع القلب ويشق اللسان:
انخفض ضغطي قليلًا يا أحمد._
ثم تكمل بعذاب يحتلها:‏
_مبارك على الخطبة علمت من أمي أنها ستصير رسمية في منتصف العام.
أجابها ببهجة نحرت وريد أملها:
_نعم عزيزتي سنقيم حفلا بسيطًا بإحدى القاعات ، ما رأيك بمفاجأتي إذا؟
غافل عنها وهي تهمس:
مفاجأة سارة ، وودت لو قالت مُرة.-
ألم يقبض قلبها وأشواك تنغرس على نياطه ، كيف تكون سعادة من أحبت تعاستها ، نبض الفرحة بصوته صداه مزعج في روحها ،
استمسكت بقوتها تتكلم بطبيعية:
_سأحضر نفسي من الآن للاحتفال بك.
شاغبها بود ضاحكًا:
_إن كان احتفالًا كيوم الحنة في بيت جدنا فلا أمانع.
تشبثت بمزاحه فضحكت بقوة ضحكة حقيقية تخفي ألمًا لم يشعره:
_لا يحل لك ربما أمام عروسك فقط.
ضحك ثانية وهو يودعها مطالبًا إياها بالجد في المذاكرة ، والاتصال به إذا واجهت صعوبة بالدراسة ، أنهت مكالمتها وكلمة عروسك تنزلق كعلقم على لسانها وتستقر في قلبها كبذرة حنظل.

*العشق والفقد متشابهان ، فالاثنان يملآن النفس بالذكرى وإن اختلف مذاقها ، نتذكر المعشوق فنسرح مع طيفه ولقاءتنا معه ، غياب حالمي في دنياه ، وعند الفقد تكون الذكرى صور محفورة بالوجع حتى وإن كانت سعيدة في الماضي فبعد الفقد نرغب بمحوها للأبد ،
تجلس بمحاضراتها وهي غائبة ، تتابع الوجوه والدروس فلا يستقر في ذاكرتها حرف أو شخص ، شاردة في اللاشيء وهذا منتهى الأمان بالنسبة لها الآن على الأقل ،
بشكل لا إرادي لا تعي إلا لحظة انتهاء المحاضرة فتجمع حاجياتها وتستعد للمغادرة حينها تنتبه لخلو القاعة من الجميع إلاها وطيف أحدهم يتحدث إليها ،
_مرحبًا، من العالم الآخر.
لم يكن ينقصها إلا ظريف جديد يخالها لعبة مناسبة ، رفعت رأسها والرد مستعد على لسانها لتلكمه به ،
_عمار.
بتلقائية شديدة ألقت بكلمتها وهي لا تفقه سبب وجوده ، ومع آخر حروف اسمه صُدمت عيناها بحقيبة صغيرة بيده وزي رسمي
_أنت معيد هنا؟!!!
استفهام مدرك أخيرًا لموقعه في المحاضرة ، ووجهها يحمر خجلًا لشرودها رافقه ابتسامة ودودة منه:
_مفاجأة ، أليس كذلك؟
_أجل ، مفاجأة سارة حقًا ، ومحرجة أيضًا.
_محرجة لأنك لم تنتبهي لأي شيء بالمحاضرة ، حتى أنا؟!!
ابتسم متفهمًا ثم قال:
_لا بأس لكن استعيدي قواك بسرعة فدراستك تحتاج التركيز
أومأت برأسها ثم استأذنت حتى تذهب لكنها استدارت مرتبكة بإحراج أكبر:
_يا لغبائي لا أدري لم أصبح حمقاء هكذا معك لم أبارك لك التعيين.
ضحك فجأة وهو يقول: اعتدت نسيانك.
عيناها اختطفت ضحكته قبل أن تتلاشى وشردت كالبلهاء ما جعله محرجًا هذه المرة ، ورفع يده يعدل وضع عويناته
وهي تتحرك ببصرها مع حركات يده ،
ضحك مرتبكًا منها فانتبهت بإحراج أكبر وابتسمت وهي تقول:
_معذرة مبارك لك أنا ذاهبة.
تعثرت مغادرة تضحك من حماقتها التي لا تنتهي.

*عندما نتعثر بأحلام ليست لنا تصاب قلوبنا بكدمات عميقة ونحتاج الوقت فقط ليرطبها بالنسيان ، لكنا نقف بعدها نتساءل أي خطوة ألقتنا بالطريق الخطأ ، وأي فكرة غررت بعقولنا وأضلتها ثم نعيد حساباتنا الحياتية كلها ، لنكتشف جوانب أغفلناها في الصورة ولم نلق لها بالًا أشياء غفلنا عنها ولم نلحظها إلا لماما.

تمر أيامها في الجامعة هادئة رتيبة وهذا يريحها ، والدتها تحادثها للاطمئنان دون أن تفتح دفاتر سابقة ، ورضوى كذلك ، عقلها هو من يخونها ويشرد بين سطور حكاياتها مرارًا ، وليتها تستطيع محو صفحات كاملة.

تلوم نفسها كيف فقدت تعقلها لتلك الدرجة ؟
ولم اعتمدت على رضوى لتلك الدرجة حتى توقف جموحها ؟
كان لابد أن تصدم هكذا حتى تتكشف الصورة أمامها كاملة !!!
حتى لا تعتمد على أحد ليوقف تهورها وتستطيع التصرف إذا ما سقطت في حيرة القلب ثانيةً ، عزلتها في منزلها جعلتها تفكر بعقل رائق أكثر، خوف اكتنفها من نفسها ماذا لو لم تكن رضوى موجودة ؟
لأي مدى كانت ستصل برعونة تصرفاتها لربما جرحت كرامتها إن عرف أحمد بمشاعرها.


( أنا جائعة )
انتزعتها عبارة رضوى من أقصى بلاد أفكارها وهي تدخل الحجرة لاهيةً عن حالتها، فابتسمت حورية وقالت:
_سأطهو أنا.
تنهيدة مرتاحة ثم استلقاء منهك على سريرها زفرت قائلة:
_يوم شاق و قميء.
لم تجبها حورية فالتفتت لها:
_ما تلك الابتسامة الغريبة.

فاجأتها حورية باحتضانها طويلًا وهي تقول:
_شكرًا لوجودك.

ضمتها رضوى متأثرة وهي تبلع رهبة خفية بحلقها ، ونبض الذنب في عينيها يكاد يجعلها تبوح ، تركتها حورية وذهبت لتعد الطعام ورضوى تتابعها متألمة تحب صديقتها حقًا ولا تدري ماذا تفعل؟!!!


*الصدمة مراحل ، بدايتها تلقي الحقيقة التي رفضتها وكرهتها ونفيت وجودها نهائيًا ،
( أحمد يحب )

والثانية مواجهتها والتيقن التام من وقوعها ،
( سيتزوج حبيبة غيرها )

والثالثة مرحلة التقبل أن ترضى بواقع ما حدث وتواجه حالميتك ببعض الحزم حتى لا تجرفك لوهم آخر ،
( الخطبة في عطلة منتصف العام )
وآخر المراحل هو تجاوزها تمامًا والتعلم منها ونسيان التجربة التي أدت إليها ثم التعافي ، وهي مازالت عالقة بين المواجهة والتقبل ، تتأرجح بينهما وبين نكران ما حصل ، ثم يطيح عقلها نكرانها بقسوة حتى لا يهتز ثباتها الوليد ويدفعها دفعًا لتتجاوز المواجهة بخطى ثابتة ، لذا ستحضر حفل الخطبة حتى لو اضطرت لقهر قلبها لتبدو متماسكة ، تنهر نفسها أن وصلت لتلك المرحلة...كيف بمثلها أن تؤلم نفسها كل هذا الألم بمحض وهم؟!!!

وكما سعت للحب ستتحرر من قيده قريبًا.

حادثت خالتها بابتهاج متزن تطمئن على أحوالها وتسألها بطبيعية عن ميعاد خطبة أحمد ، ثم استجمعت قواها وتجهزت لنزهة وتسوق مع رضوى إن كانت ستتحامل على مشاعر ألمها وتفرح فلتدخل طقوس الاحتفال باكرًا حتى تستطيع الصمود.

يوم ترفيهي مستحق وإن بطنه الألم حتى لا تسجن نفسها في بوتقة خسارة قلبها فتخسر نفسها القوية.


جلستا بأحد المطاعم تتناولان البيتزا بعد جولة تسوق منهكة ناجحة ، نحت كلتاهما أية أفكار سيئة ، واستمتعتا فقط باللحظة فجأة هتفت رضوى:

أليس هذا عمار؟!

شيء ما خلخل جسدها وهي تلتفت لتجده يرافق فتاة في عمرها تقريبا يتضاحكان ، وهو يمسح آثار الطعام عن شفتيها بحنان ،

( فتاة جميلة حقًا ).


واجهتها حورية بجملتها وهي تضيف بابتسامة لئيمة:
_خسارة يا رضوى كنت أطمح لجمعكما.

ردت حانقة وهي تعقد حاجبيها:
ومن قال لك أنني أود هذا ، تقررينه من نفسك يا حلوة؟!!!

ضحكت بمرح وهي تغيظها أكثر:
_صدقيني يلائمك تماما وأشعر أنه سيكون لك.

بحاجب هازئ مرتفع نظرت لها رضوى دون حديث ، فامتعضت حورية قائلة:
_حسنًا لن أدخل حدسي ثانيةً فمؤخرًا يلكمني بتوقعاتي حتى تورم قلبي.

بدلت رضوى الحديث وهي تتابع ضحكات عمار مع فتاته:
_تظنينه زير نساء.

استهجنت حورية تعبيرها قائلة:
_من يبالغ الآن ؟!!!
آخر ما قد يصل له شخص كعمار هو هذا المشهد هو لا يبدو عابثًا أبدًا.

هزت رضوى كتفيها:
_من يدري؟

( أذكى العابثين من يخفي عبثه تحت قناع قديس )


ضايقها منحنى الحديث فتأففت:
_هل سنقضي نزهتنا في الحديث عن عبث عمار ، ليكن ما يكون ، دعينا نكمل تجوالنا دون التدخل في خصوصيات غيرنا.
نظرة غاضبة تلقتها من رضوى التي أكملت طعامها بنهم كبير.




*أصعب مواجهة هي تلك التي يتجسد فيها أسوأ كوابيسك أمامك وحينها تُكذب عينيك ، تتهم حواسك بالقصور وأنها مصابة بالتشوش والعطب ، وتظل روحك تحوم بجسدك بأنين موجع تود الهروب ، فلا كرامتك تقدر على ذرف الدموع علنًا وعقلك يقف سدًا منيعًا أمام القلب حتى لا يخونك وينهار.

مرت الأيام عليها وهي منشغلة بالدراسة تذاكر وتغرق عقلها مجتهدة حتى تمر اختباراتها على خير ، كانت فترة هدنة من التفكير في ألمها الذي يتأرجح فيذوي حينًا ويشتعل عشرات الأحيان.

*بدأت اختبارات منتصف العام وهي تجتهد ، لكنها حقًا منهكة جدًا ، وقد ذهبت للجامعة علها تلقى أحد زملائها ليساعدها ،
اتجهت للمكتبة بالبداية وظلت بين الكتب لمدة ساعتين حتى أنهكها البحث ، فانطلقت لاستراحة الكلية لتتناول بعض الطعام بعد أن استعارت بعض الكتب ، مشروب منعش مع شطيرة لتستعيد نشاطها قليلًا كانت تتصفح حسابها الذي تجاهلته منذ فترة ، قاطعها ظل وصوت غير مألوف:

مرحبًا.

رفعت رأسها لمن جلس دون دعوة مبتسمًا بسحر وتهذيب:

_أنا مهيب بالفرقة الرابعة.

عقدت حاجبيها:

_نعم كيف أخدمك.

مباشرة صارحها:

_بقبول دعوتي للغداء.

انتفضت واقفة تلملم حاجياتها وهي تقول:
جد لعبة أخرى ترافقك يا هذا.

همت بالذهاب ففاجأها بإمساك يدها وهو يواجهها مباشرة:

_أنا معجب بك حقًا وأود أن تعطيني الفرصة لنتعارف.

نفضت يدها غاضبة:

_طريقة حقيرة تفرض بها نفسك علي من فضلك ابتعد.

_حسنًا ماهي الطريقة الملائمة ، أن أغازلك مثلا!!!

حدقت مندهشة منه وهي تجيبه:

_ أنت حقًا تثير غضبي ابتعد قبل أن أغرقك به.

هم بالرد حين عاجلها صوت عمار الصارم:

_هل هناك من يزعجك يا آنسة؟

التفتت له ببشاشة ثم عادت بنظرها لزميلها ناظرة إليه بتشفي لتجد ابتسامته تتسع قائلا:

_كنت أعرض المساعدة على الآنسة لكن يبدو أنها لا تحتاج ، ثم أكمل وهو يغادر:
_تشرفنا ثانية آنستي.

تنهيدة راحة أطلقتها لتلتفت لعمار مبتسمة:

_يبدو أنك ملاكي الحارس.

أجابها ضاحكًا:
_خدماتي كثرت لمعاليك ، ضحكت من قلبها وهي تشكره وتودعه ، فاستوقفها بقوله:
_أراك في خطبة أحمد ، مازالت تبتسم وهو يدقق في ابتسامتها علها تخفي في طياتها شيئًا ، لكنها أكملت:

_بالتأكيد ، ومن يعرف قد تجد عروسًا لك أنت أيضًا.

_لا أعتقد ، فأنا وجدتها بالفعل ، لكمة خفية على قلبها وهي تتذكر تلك الفتاة التي كان يضاحكها ، فابتلعت قوله وقالت بابتسامة أوسع:

_حقًا مبارك لك ولها ، اعذرني لقد تأخرت غادرته وبصره معلق بها في نظرات شاردة.


* عادت لسكنها المشترك مع رضوى بعد نزهة مريحة على الشاطئ ، عبير البحر أنعش روحها وجدد خلايا عزمها للمضي قدمًا ، لحظات شردت فيها خارج حدود ألمها المطل بخبث بسبب كلمات عمار، هي لم تنسى أصلًا خطبة أحمد ، هي تتناساها أحيانًا وتذكر خسارتها أحيانًا أخرى ، كبرياؤها قلق من الانهيار ثانية ، فتشحذ كل همة حتى تستطيع الذهاب للخطبة قوية صامدة.
وجدت رضوى منهمكة بالمذاكرة تبدو منهكة غاضبة من كل شيء ، نفس عميق وزفير حرر توترها حتى تستطيع تشجيع رضوى وتشجيع نفسها على المذاكرة.

_لم تتناولي شيئا منذ الصباح ، أليس كذلك؟!
هزت رضوى رأسها نفيًا وهي تركز في أوراقها وتهز قدمها كعادتها عند توترها ،
سحبت حورية الأوراق فجأة من أمامها وقبل أن تنفجر فيها
بادرتها:
_سنطهو معا ونأكل ونستريح اليوم إذا ظللت على توترك هذا ستنهارين بلحظة غير مناسبة.
وقع قولها على أعصابها المتحفزة فهدأها ، وفك عقدة حاجبيها وهي تنهض وترتمي على سريرها:
_ما رأيك بالانهيار الآن؟
ضحكت حورية من قلبها وهي تذهب لتبديل ملابسها ،
لحظات انتشلاها من قلب التوتر وهما تطهوان براحة نسبية وتتسليان بالحديث ،
لم تخبرها حورية عن عمار
وأخفت رضوى اتصال والدتها للاطمئنان كالعادة.

باغتتها حورية:
_ستحضرين خطبة ابن خالتي ، أليس كذلك؟
توقفت عن تقليب الطعام وهي تنظر لها نظرة متفحصة عميقة ، بينما قسماتها لا تشي بشيء على غير العادة ،
ثم أجابتها: ‏
_ولم أفعل يا حورية؟!!!
كانت ستجيبها:
( لتدعميني ) ،‏
لكنها قالت: أنت لست صديقتي فقط ،
بل صديقة العائلة.

_لا ليست كل عائلتك يا حورية ...علاقتي بخالتك وابنها سطحية ،
_أنت مدعوة على كل حال سأسعد إن رافقتني.
أكملت رضوى تقليب الطعام وأفكارها تموج بين قلبها وعقلها عكس ما أجابت:
_سأحسم موقفي حينها.



* ما بين حلم قديم وضياعه فجوة تسقط فيها ، تجتر أحزانك حتى تكاد تنهيك ، لكنك تتشبث بغريزة البقاء فتخرج منهكًا ، وعلى عتبة الواقع الجديد ترتبك خطواتك وتتعثر أحيانًا ، لكنك تواصل حتى تعبر للواقع وتمرره حتى تعتاده ثم تنسى. ‏

تقف على باب القاعة وحدها تخطو كطفل يتعثر في بداية سيره ، لكنها صامدة دون رضوى دون أي أحد ،

حين سألتها أمها أن ترافقهم رفضت:
_سأحضر بعدكم أمي أحتاج أن أتعكز على قوتي بدلًا من التواري بضعفي خلفكم.
ربتت أمها على خديها فخورة وقبلتها:
_ستتجاوزين وتسعدين حبيبتي مستقبلًا ، ولن يبقى لألمك أثر، كأنه لم يكن.
ابتسمت بأمل متشبث بكلمات والدتها ثم احتضنتها ترتشف من حنانها المزيد من الدعم.‏
تقدمت ومع كل خطوة تضيع نبضة في غياهب الماضي ...يلتئم جرح في روحها ،
نظراتها ثابتة هادئة ، ومن بعيد عيناه كانتا تتبعانها في مظهرها الجديد بإعجاب يخفي عشقًا يغافله ليتسلل مع نظراته ، وحتمًا سيلثم قلبها يومًا‎.‎


مارية إبراهيم غير متواجد حالياً  
قديم 13-06-20, 09:58 AM   #6

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي


تغلق الرواية لحين عودة الكاتبة لانزال الفصول حسب قوانين قسم وحي الاعضاء للغلق

عند رغبة الكاتبة باعادة فتح الرواية يرجى مراسلة احدى مشرفات قسم وحي الاعضاء (rontii ، um soso ، كاردينيا الغوازي, rola2065, ebti ، رغيدا)
تحياتنا

اشراف وحي الاعضاء


قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:26 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.