آخر 10 مشاركات
246 - عروس تنتظر الدموع - جانيل دينسون (الكاتـب : hAmAsAaAt - )           »          رواية أسمعُ عواء الهوى (الكاتـب : روز علي - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          جواهــــــــر(1) *مميزة و مكتملة * .. سلسلة البَتلَاتْ الموءوُدة (الكاتـب : البَتلَاتْ الموءوُدة - )           »          رواية ****أبعد من الشمس *** (الكاتـب : مريم نجمة - )           »          مهجورة في الجنة(162) للكاتبة:Susan Stephens (كاملة+الرابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          العروس المنسية (16) للكاتبة: Michelle Reid *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          الزوج المنسي (10) للكاتبة: Helen Bianchin *كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          ساحرتي (1) *مميزة , مكتملة* .. سلسلة عندما تعشق القلوب (الكاتـب : lossil - )           »          طلب مساعدة لاشراف وحي الاعضاء (نرجو وضع تنبيه بنزول الفصول الجديدة للروايات) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree860Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-12-20, 10:47 PM   #1031

سوووما العسولة
 
الصورة الرمزية سوووما العسولة

? العضوٌ??? » 313266
?  التسِجيلٌ » Feb 2014
? مشَارَ?اتْي » 928
?  نُقآطِيْ » سوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond repute
افتراضي


تسجيييل حضووور.. بانتظارك سهر.. وقلبي بيدق كل ماتتأخري ويزيد الترقب والحماس.. 😭ربي يسعدك وسلمت يداكي مقدما يامبدعة 💓

سوووما العسولة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-12-20, 11:06 PM   #1032

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السابع و العشرون


الفصل السابع و العشرون




دموعها المنهمرة مدرارا على وجنتيها الشاحبتين...يأس ملامحها المتوسلة...صوت استجداءها المهترئ...كل ما بها لم يكن شفيعا لها عند الطبيبة التي تتطلع اليها بوجه جامد الملامح...
(ما تودين فعله ما هو سوى جريمة و أنا مستحيل ان أشارك في ارتكابها...أنتِ و الجنين بصحة جيدة فلا يوجد سبب واحد لتجهضي نفسك!)
تشابكت اصابع هدير ببعضهم لتهمس بنحيب راجٍ...
(أرجوك ساعديني...أرجوك)
رمقتها الطبيبة بشك لتسألها بصراحة...
(هل والد الطفل موجود و يعرف عن رغبتك هذه؟!)
نظرة هدير كانت كلها وجع ممزوج بعار فعلتها فهمست بأسنان تصطك...
(هو من طلب مني فعل هذا)
تغضنت ملامح الطبيبة برفض و غضب مما تسمعه لكنها تأنت لتعرف أبعاد الأمر ربما تمكنت من مساعدتها لتتخلى عن قتل طفلها...
(هل تعانيان ضيق الحال؟!...هل لديكما اطفال غيره و تشعران بالعجز من كفالة طفل جديد؟!...لو كان الأمر هكذا فيوجد حلول عديدة توفرها الجهات المسؤولة عن الأسرة و الطفل او بعض الجمعيات الخيرية لتساعدكما على العيش)
نكست هدير رأسها للأسفل تحمد الله أنها اختارت عيادة نسائية في حي بعيد عن حيّهم و إلا لتَعرّف عليها كل رواد و عاملي العيادة...تنهدت بهم مثقل لتهز رأسها نفيا بينما تهمس..
(الأمر ليس هكذا...فقط ارجوك اجري لي هذه العملية فلا والده يريده و لا أنا يمكنني ولادته)
حدة صوت الطبيبة كانت قاسية و هي تحذرها بجدية...
(مستحيل ان اساعدك في هذا كما أن الوضع خطير للغاية عليك...أنتِ في نهاية الشهر الرابع و قد كبر حجم جنينك مما يجعل الاجهاض صعبا...إن كنت لا تشفقين على روح جعلك الله سببا في تواجدها فاشفقي على روحك أنت التي ستكون مهددة إثر عملية كهذه)
نشيج هدير المستمر و الذي لا تملك سواه حلا كان أخر ما تسمعه الطبيبة بعدما طلبت منها الخروج فهناك نساء بالخارج من حقهن هذا الوقت...اغلقت باب غرفة الطبيبة بوجه مزري فتمتد كفها تتحسس بطنها التي كبرت بشكل ملفت لولا سترها لها تحت طيات من الملابس الواسعة و الكثيرة...تجاهد كل يوم لتخفي ذنبها هذا عن والدتها لكن الى متى ستتمكن من اخفاءه و هو يكبر بداخلها و قريبا سينفضح امرها ان لم تتخلص منه!...تحركت مبتعدة عن الباب بعدما استأذنتها احدى النساء لتدلف فقد حان دورها...خرجت من باب العيادة تمسح وجهها بكفيها و الخوف بداخلها يتفاقم فقد وضعت آمالا عدة على هذه الطبيبة و لكنها ذهبت هباءً...تنفست نفسا مرتعشا و قبل ان تنزل الدرج وصلها صوت احداهن...
(انتظري لحظة...)
التفتت هدير للخلف فوجدت ممرضة العيادة هي من تناديها...ضيقت عينيها تسألها
(هل تنادين لي؟!)
اومأت الممرضة لتقترب منها جدا و تتلفت حولها قبل ان تهمس لها بخفوت حذر...
(لقد سمعتك و أنتِ تتحدثين مع الدكتورة و عرفت مطلبك)
اطرقت هدير بوجهها لتقول بيأس...
(لقد رفضت اجراء العملية لي)
هزت الممرضة رأسها بتفهم ثم التفتت الى باب العيادة تراقبه لتعاود و تنظر لهدير قائلة بنفس الهمس...
(أعرف لقد سمعت كل شيء...و أنا لدي الحل)
رفعت هدير وجهها سريعا اليها و كأنها وجدت القشة التي ستتعلق بها من طوفان يهددها بالغرق لا محال...امسكت كف الممرضة بين يديها تسأل بصوت مهتز برجاء...
(كيف لك أن تساعديني؟!)
ربتت الممرضة فوق كفي هدير المتشبثين بها بكفها الحر لتقول بمغزى...
(كله بحسابه)
تفهمت هدير مقصدها فهزت رأسها بموافقة تتحدث كعطشى وجدت ماء بعد طول قحط...
(موافقة...أيًا كان الثمن سأدفعه لك كاملا)
تنهدت الممرضة بظفر لتسحب كفيها بعيدا عن هدير و تتلبس دور التقوى...
(حبيبتي هذا المال ليس لي و الله لو بيدي لساعدتك دون قرشا واحدا...لكن الدكتور الذي سيجري العملية له حق اتعابه و اتعاب الممرضين معه)
بقلة صبر اقتربت منها هدير و هي لا ترى سوى الخلاص في هذه المرأة لتقول...
(لا بأس اخبرتك انني موافقة...أين هي عيادة هذا الدكتور و كيف أصل له؟!)
عادت الممرضة تتلفت حولها بتوجس و بعدما تأكدت من خلو الدرج همست...
(مثل هذه العمليات لا يجريها في عيادته)
بهتت ملامح هدير فسألتها برعب...
(أين إذًا؟!)
جاوبتها الممرضة بسرية...
(في شقة صغيرة في حي "...")
اتسعت عينا هدير و تصاعد رعبها لترتجف حروفها حينما قالت...
(لكن هذا الحي معروف بسوء سمعته و لا غريبا يدخله إلا و تأذى!...كما أنك تقولين شقة صغيرة يعني انها ليست مُعدة لإجراء عملية خطيرة كهذه)
عوجت الممرضة شفتيها لتقول بنبرة اختلفت تماما عن المهادنة و اللين لتتخذ وضع التحقير...
(عن أي سمعة تتحدثين و أنتِ تبحثين عمن يخلصك من فضيحتك...ثم انها ليست عملية خطيرة ابدا و كأنها وخزة دبوس لن تشعري بشيء و يمكنك ايضا اجراء عملية ثانية تعيدك كما كنت و كأنه لم يمسك مخلوق)
دمعت عينا هدير و هي ترد عليها بوهن...
(أنتِ فهمتي بشكل خطأ...أنا متزوجة)
تأففت الممرضة في وقفتها لتقول بقلة صبر...
(متزوجة أو غير لن يفيد...لقد قلت ما عندي و أنتِ حرة و الآن لا اعطلك ورائي مرضى و عمل)
تطلعت هدير على ظهر الممرضة و هي تبتعد لتدلف العيادة...الجميع يتركها معلقة بين قرارات مصيرية مرعبة و يرحل...ماذا فعلت بنفسها؟!...كفكفت دموعها للمرة التي فقدت عدها لتخرج اخيرا الى الشارع...تائهة بين صخب الدنيا فتشعر و كأن العالم بأكمله لاهيا عن مصيبتها...لا أحد يسمع و لا أحد يشعر...لكن حينما ينكشف المستور سيزول الصخب و يقف القاصي و الداني يسمعوا و يروا فضيحتها...لم تكذب الممرضة في شيء انها فضيحة!!...توقفت فجأة على صوت بوق سيارة كادت تدهسها حينما توقف صاحبها عن القيادة ليخرج رأسه من النافذة و يسبها بسبة جزعت روحها لها ثم اعاد تشغيل محركه ليرحل...ضمت جسدها بذراعيها بوهن فالتصقت عباءتها ببروز بطنها و اوضحته...فكت احتضانها الواهي بسرعة لتستر ابنا ينمو بداخلها في ظلمات متيقنة انه مهما كانت حالكة السواد سيأتي الوقت و يرفع الله ستره عنها...و هي تستحق ببساطة هذا و أكثر...رفعت وجهها عاليا للسماء فشعرت بخزي مرير من أن تنطق حرفا واحدا لله...لكن مَنْ مِن عباده ليس مخطئا؟!...خجلت و هي تناجيه بخوف
(يا رب لا تتركني)
*******
كورت قدميها معا لتطويهما اسفلها بينما تضم بكفها الأيسر فتحتي الغطاء الصوف الذي يحاوط ذراعيها و ينساب على جسدها داخل الكرسي الكبير أمام المدفأة...كفها الأيمن يرتفع حاملا كوبا كبيرا من القهوة فما عاد ينفع فنجانها الصغير... ترتشف منه بنظرة ساهمة و عقل غارق في التفكير...منذ اخبرتها غسق ان الحيض عاد لها و هذا زاد مخاوفها و لم يريحها بالمرة...إذًا تأكدت بالفعل من وجود شخص بين ارجاء بيت المراكبي يفعلها و يعطي غسق هذا النوع من الحبوب...لا تستطيع ان تؤشر بإصبعها على شخص بعينه فلا يزال سهم شكها مشوشا بين اثنتين...هبه و سهر أيًا منهما تفعلها يا ترى؟!...زفرت فخرج نفسها محملا ببخار القهوة و البرد...
(قهوة بعد منتصف الليل!)
شهقت مجفلة على صوت مؤيد المفاجئ...رفعت رأسها له بعدما اهتز الكوب في يدها و كادت تسقط قطرات القهوة عليها...انزلت ساق واحدة تلامس الأرض بينما تقول بتأنيب..
(اخفتني مؤيد لماذا لم تشعرني بوجودك من البداية!!)
عيناه تعلقتا بجوربها الرمادي الثقيل في قدمها ليدخل كفيه في جيبي بنطاله القطني يوجه سؤاله بهدوء...
(لماذا تجلسين شاردة هكذا؟)
تنهدت تنهيدة مثقلة بالهم لتتوجه عيناها حيث المدفأة و تهمهم بخفوت...
(هناك أمرا يشغل بالي و يؤرقني)
ارتفعت عيناه الى رأسها ليسأل بنفس الهدوء...
(و ما هو؟)
ارتسمت بسمة على زاوية فمها...هل هذه أول مرة يهتم أحد و يسألها عما يقلقها؟!...نعم انها الأولى ربما على الإطلاق...تحدثت بخفوت دون ان ترفع وجهها له
(لا تهتم...)
شعرت بجسده يتحرك للخلف ثم صدر صوت زحزحة الكرسي فتحرك وجهها كله اليه لترفع حاجبيها قليلا بينما تراه قد وصل بقربها ليضعه قبالتها و يجلس...عيونهم متقابلة فترى بوضوح عزيمة في عينيه ليقول...
(بغض النظر عن كونك زوجتي فنحن نعيش في نفس البيت نتشارك الطعام و الشراب و حتى الأنفاس معا...ليس صحيحا أن تكوني أنتِ و حياتك الخاصة و ما بها من مشاكل في وادٍ و أنا في آخر)
رغبة ملحة احتلتها كلها كي تبكي...فقط كطفلة صغيرة قابلتها مشكلة حسابية صعبة في واجبها المدرسي فركضت لأبيها تبكي خوفا من عقاب معلمتها لها بالغد...يا ليت حياتها بهذه البساطة حقا...اسبلت اهدابها تخفي عينيها عنه لتهمس بخفوت مازح مهتز...
(كل يوم تفاجئني بشيء جديد في شخصيتك...لا أصدق انك تهتم بأمر أحدهم سوى يائيل)
لا يزال يستخدم اسلوبه الهادئ البسيط فيقول...
(إذًا جربيني لتصدقي)
صمتها طال كحال رأسها المنكس و الذي لم يتغير وضعه...ضايقه قوقعتها هذه خصيصا و هو يسعى لأن يحافظ على اجواء الحنان العائلية التي غمرتهما هو و ابنه فيها...يريد برغبة صادقة ان يخرجها من قالب وضعت نفسها بداخله و ختمته بختم الضحية...يعترف انها فتاة لا مثيل لها و انها تتحمل امورا ليست من شأنها لكن في نهاية الأمر و بكل حيادية هي من تصر على البقاء هكذا...سؤاله هذه المرة كان متحفزا
(لماذا تصرين على حمل المسؤولية وحدك؟)
رفعت عينيها اليه سريعا ليرى بوضوح جموح مشتعل و رافض ككلماتها الحادة بعض الشيء...
(لأنني لم أجد يوما من يحملها عني)
امتص جموحها بهدوء و تفهم ليطول صمته قليلا مما دفعها لإشاحة وجهها جانبا بحركة عصبية حتى لفحها سؤاله المترقب بدفء كأنفاسه..
(و إن وجدته؟!)
التفتت الى وجهه ببطء تناظره بامتنان رغم الألم في مقلتيها لتهمس ببسمة فاترة...
(أخشى أن أحمله همي يسئم و يهرب مني)
قوس شفته السفلى بينما يهز رأسه بتفهم ليقول ببساطته العجيبة في هذه الليلة...
(لا تقلقي فهو خبير في فك عقد النساء الجميلات)
ضحكت أريج بخفوت و قد تذكرت هذر ديما عن الكلمات المتواري خلفها معانٍ مبطنة لتهمس بصوت شجي..
(يا لك من رجل يتلاعب بكلماته ليصل لما يريد!)
ضيق عينيه ليبتسم بخفة متسائلا باستنكار...
(لمَ اشعر و كأن روح ديما تلبستك؟!)
شفتاها لا تزالا متنعمتان بالبسمة فهزت رأسها يأسا بينما تقول...
(هذا الذكاء الذي بات يتعبني سأستغله يوما ما)
(دعينا نجعلها اليوم و اخبريني ما الذي يحيرك؟)
سؤاله كان جديا و مهتما حقا بمعرفة ما يؤرقها...تنهدت بقلق لتهمس بخفوت بعدما اسبلت اهدابها الى كوبها تتلاعب به..
(الأمر يخص غسق...لديها مشكلة في الواقع مشكلة خطيرة و تثير خوفي عليها)
لا يعرف ما هذا الذي شعر به للتو حينما تم ذكر اسم غسق...شعور يثير بداخله نزعة مسؤولية انسانية خاصة و حدسه ناحيتها لم يتأكد بعد...اقترب بجذعه من أريج قائلا بأمر مترقب...
(احكي لي...)
رفعت عينيها اليه بتعجب فيحين دوره ليقول بصدق...
(الوحدة شعور قاتل أريج اسأليني أنا...فلا تكوني وحيدة تائهة بين تفكيرك و شاطري غيرك بعضا من مخاوفك ستضمحل و تتلاشى...كما أنني أريد مساعدة غسق حقا)
زاغت عيناها أمامه بتوتر فأسرع يوضح...
(لا اريد ان أعرف ما لا تريديني ان اعرفه...فقط قولي لي ما هي مشكلتها)
ابتلعت أريج ريقها و هذا الذي يطل من عينيه يزيد شعور قلبها نحوه...مؤيد انسان حرمته الحياة من العائلة و الحنان فبات بداخله فيض منهما يود لو يفيض على من حوله ليسقي ارضهم البور...كما تعرف على إيڤا التي كانت يومها بحاجة للمساعدة فلامس حنانه ارضها حتى تعمق لقلبيهما معا...زفرت بخفوت تخبر نفسها بأن لا بأس بأن تدعه يحمل جزءًا من حملها...فهي هنا فعلا تائهة و مرتعبة على غسق و تحتاج لرأي ثالث...رأي رجل اطلق على نفسه لقب الساحر!
بعد قليل من الوقت...
(هذا كل شيء مؤيد عقلي لا يفكر سوى في هبه و سهر... قد خطر لي انه ربما كرم من يفعلها لكن...)
ضيق عينيه باستنكار لينطق كمحنك في فك شيفرات المشاكل...
(مستحيل هو...)
هزت رأسها متفهمة تخبره...
(نفس جواب غسق...)
عاد يستند بظهره على الكرسي ليمد ذراعه الأيسر على ذراع الكرسي قائلا...
(كان واضحا للغاية في حفل عرسنا انه يخشى عليها...ببساطة لا يمكن ان يؤذيها و هو يحبها)
مسحت أريج وجهها بكفها و هي تفكر بمنطق متعقل...زواج كرم من غسق لم تره يومها شفقة لماذا تزعزع هذا الشيء بداخلها...ربما لأن ما يحدث لغسق ارعبها و حفز بداخلها شعور الأم فجعلها تتعامل بدفاع يحفظ غسق من اي انتهاك حتى لو كرم...سألته بصوت خافت متعب
(إذًا سنعود الى سهر و هبه!)
دون ان ينظر اليها هز رأسه بنعم صامتة...عقله الآن يعمل في أكثر من اتجاه يحلل كلمات أريج جيدا ليفهم ابعاد الأمر...غسق لماذا يحاوطها علامات استفهام كثيرة؟!...استند بذقنه على كفه يشرد للبعيد ليرتب القطع بصورة صحيحة...أما أريج فكانت تراقبه بتدقيق منتظرة سماع رأيه و مساعدتها...ان تبوح له بما يؤرقها جعلها تشعر بأنها خفيفة كريشة افضت عن الثقل و طارت بعيدا حرة طليقة...النوم الذي زهدته بسبب كثرة التفكير ها هو يعاود ببطء لها...اسندت رأسها على ظهر الكرسي و صورة مؤيد الغارق في تفكيره تطمئنها بأنه إن ارتاحت هي فهو هنا سيكون بديلا عنها...و اخيرا هنا من يشاركها مخاوفها!
صوت انفاسها الغير منتظمة اخرجه عنوة ن تفكيره ليراها غافية على الكرسي بهدوء...استقام من جلسته ليقف قربها يناظرها بعتاب مما تفعله بنفسها...مال يحملها بين ذراعيه مهمها...
(ايتها العنيدة لقد نمتي في لحظات بعدما اطمئن قلبك لوجود من سمعك فلمَ المكابرة و الرفض؟!)
صعد بها الدرج فمالت رأسها على صدره ليردف ساخرا...
(ستكون لحظة محرجة لو ايقظك صخب هذا القلب و اضطررت ان أبرر ان قربك هو السبب)
وصل بها الى غرفتهما ليضعها في السرير و يسحب الغطاء عليها...ابعد خصلات شعرها عن وجهها ليطيل النظر الى ملامحها مهمها بنبرة مهتزة...
(أين كان يخبئك القدر لي أريج؟!...صدقيني لو عرفت عنك من قبل لسعيت لأن أصل أنا اليك عابرا الزمن و المنطق فقط لأشعر بهذا الدفء الذي اشعره الآن معك)
سحب نفسا عميقا قبل أن يردف بعينين متأثرتين...
(كاد البرد يقتلني و أُدفن بداخله دون أن يشعر بي أحد حتى أتيت)
اليوم التالي...المشفى...
علقت سماعتها الطبية حول عنقها و توجهت الى باب مكتبها بوجه عابس...لقد سقطت في النوم الليلة الماضية و حينما استيقظت جرى كل شيء كيوم عادي...لا قال لها عن حل لوضع غسق و لا فهمت من ملامحه الشاردة شيء!...امسكت مقبض الباب و ادارته و فور فتحه اجفلت من جسد مؤيد المتمسك بالمقبض من الخارج و دخوله للغرفة...
(دكتور مؤيد!!)
ادخلها معه ليغلق الباب تحت نظراتها المترقبة ثم التفت ليسألها مباشرةً...
(هل الطبيبة التي تتعامل معها هبه هي نفسها التي تتعامل معها سهر؟!)
ابتسامة لا محل لها من الاعراب ارتسمت على ثغرها امامه...لقد كان يفكر طوال الوقت ليجد حلا للمشكلة...ملامحه المتعجبة من ابتسامتها جعلتها تتنحنح و تجيبه...
(لا أعرف...لماذا تسأل هذا السؤال؟!)
اردف بتفكير..
(أريد أن اتأكد من شيء)
ضيقت عينيها تسأله باهتمام..
(و ما هو؟!)
رمقها نظرة شاردة ليقول بعدها..
(دعينا لا نشوش تفكير بعضنا البعض و بدلا من أن نحصر الافكار في طريق واحد سيصبح هناك طريقين...هذا اسرع و اكثر منطقية لنصل للفاعل في وقت قصير)
اومأت له متفهمة و في الواقع معجبة بتفكيره العملي...لكنها تقريبا فهمت ما يريد معرفته فسألته بصوت مترقب...
(هل تشك بسهر كما تفعل غسق؟)
سحب نفسه ببطء متأني فدوما حدسه لا يكذب...و بعد ليلة قضاها في التفكير و فك الحبال المتشابكة اهتدى عقله لهذا السؤال الذي سأله لأريج...لو وصلته الإجابة سيكون أكيدا من انها هي و سيبقى له جمع ادلة تدينها...زفر نفسه ببطء مماثل لاستنشاقه ليقول...
(ما تمر به هبه بعد خسارة حملها الأول و تعسر حملها حاليا قد يكون عاديا للغاية لولا ما يحصل لغسق...سهر فقط من انجبت أما هبه لا بينما غسق يوضع لها حبوب منع الحمل دون علمها)
تحركت عينا أريج حولهما لتهمس بتفكير...
(يعني من الممكن أن هبه تمر بما تمر به غسق!)
صمت مؤيد قليلا قبل ان ينطق...
(و ربما مرت بما لم تمر به غسق)
تعلقت عينا أريج بعينيه للحظات قبل ان تنفرجا عيناها بصدمة و هي تهمهم...
(اجهاض هبه كان مقصودا!!!)
قاطعها مؤيد بتروٍ...
(لا نستطيع قول هذا قبل ان نتأكد)
اهتزت انفاس أريج برعب لتسرع في ادخال كفها في جيب معطفها فتخرج هاتفها بينما تقول...
(سأهاتف غسق حالا...)
انتظرا معا حتى انتهى رنين الهاتف بلا رد...انزلت أريج الهاتف عن أذنها تقول بتفكير...
(بالتأكيد غسق تعمل الآن...هل أترك لها رسالة نصية!)
تكلم مؤيد بتحذير...
(لا تفعلي...عليك مهاتفتها و التأكد من أن لا أحد يسمع هذه المكالمة كي لا يضع خططا مضادة لنا...انتظري لبعد انتهاء دوامها ثم هاتفيها)
هزت رأسها متفهمة و قلبها ينبض بقلق من القادم...
الساعة الثالثة و النصف عصرا...
فتح كرم باب الشقة ليدلف و تدلف غسق بعده بوجه مرهق من يوم عمل طويل...اغلق الباب ليتحركا معا الى غرفتهما فقال بنصح حنون...
(تبدين مرهقة غسق و لا تقوين على تحضير طعامك بنفسك فلنسأل أم صالح أو أم مازن لتحضره لك)
توقفت خطواتها تنظر له سريعا و يلوح الرفض على محياها فتقول بإصرار...
(لا كرم أنا من سيحضر طعامي بنفسي...لا أريد أن اتعبهما معي فهما منشغلتان منذ الصباح في أمور البيت و تحضير الغداء)
وضع يده خلف ظهرها يحثها على استكمال السير قائلا بهدوء...
(لن تتعبهما وجبتك الصغيرة غسق...الكل مستغرب من طلبك لتحضير طعامك بنفسك و خاصة أمي)
دلفا الغرفة لتلتفت له غسق بنظرة متوترة تود لو تخبره عن سببها كي يعذرها لكنها لا تقوى على قول شيء دون دليل...ابتلعت ريقها فهمست بتعب
(اخبرتكم انها تعليمات طبية لم اقصد إيذاء مشاعر احد)
تنهد كرم بخفوت ليقول..
(نحن بيت عائلة و جميعنا اعتاد على الأكل من طبق واحد و طعام واحد لكن صحتك أهم عندي)
زفرت براحة من تفهمه لتهمس بينما تتوجه الى الحمام...
(شكرا لكم جميعا...سأبدل ثيابي لأعد طعامي)
بعد وقت قليل...
قد انهت غسق تبديل ثيابها لتخرج من الغرفة و تتوجه للمطبخ و قبل أن تدلف سمعت صوت صفية من الداخل...تنفست نفسا عميقا قبل أن تلج لا تريد ان تستاء منها صفية لكن ما باليد حيلة...
(السلام عليكن...)
أول من ردت السلام كانت هبه بوجهها البشوش و ابتسامتها المريحة... طالت نظرة غسق لها و عقلها لا يصدق انه ممكن ان تكون هبه هي الفاعلة... ترحلت عيناها الى وجه صفية الجالسة امام الطاولة الخشبية ترتب بعض الخضروات و التي ترد السلام بهدوء..
(و عليكم السلام... حمدا لله على سلامتك يا ابنتي)
ابتسمت غسق بسمة مهزوزة لتتوجه اليها مردفة..
(سلمك الله... كيف حال حضرتك اليوم؟)
وضعت صفية بعض حبات الفلفل الأخضر في الطبق لتجيب..
(الحمد لله حبيبتي بخير... كيف كان اليوم في العمل؟)
زحفت الراحة لقلب غسق من ودية الحديث فأجابت بينما تتحرك بحرية أمامهن لتأخذ مكونات طعامها...
(مرهقا لكن لا بأس... شكرا لحضرتك)
راقبتها صفية و هي تأخذ خضروات بسيطة من البراد معظمها يزيد نسبة الحديد في الدم كما اعتادت ان تأكل مؤخرا...نادت لها باهتمام
(تعالِ غسق خذي هذه الخضروات لقد اوصيت عليها لأجلك)
توجهت لها غسق بعينين متفحصتين و قد سيطر عليها عدم التصديق...وقفت قبالة صفية فقالت الأخيرة
(هذا النوع مليء بالحديد كما اعتادنا و عرفنا و سيساعدك ان شاء الله ليتحسن وضعك فبالتأكيد فقدان شهيتك و تعبك مؤخرا بسبب انيميا فقر الدم...)
مدت لها بعض الخضروات بينما تقول بنصح...
(الشمندر جيد لك كنت دوما اطعم فاطمة إياه و هي صغيرة فقد كانت تعاني من نفس الشيء...ربما لن يعجبك طعمه لذا اصنعي منه عصيرا مع التفاح لقد اشتريته ايضا لأجلك)
التقطت منها غسق الخضروات لتناظرها بعينين متأثرتين فهمست بامتنان...
(شكرا لاهتمامك بي...أنا حقا آسفة لعدم مشاركتكم الطعام لكن...)
وقفت صفية من مجلسها لتقاطع حديث غسق ببسمة حنونة بينما تقول...
(لا بأس يا ابنتي...انها فترة و ستنتهي فقط انتبهي لصحتك و لا تستهيني بكونها انيميا)
اومأت لها غسق بشكر حتى خرجت صفية من المطبخ تاركة زوجات ابنائها تستكملن عملهن...حملت غسق الطبق بخضرواته لتتجه الى الحوض و تغسلهم فوصلها صوت سهر السمج...
(لقد اشتريت لك وعاءً كبيرا من العسل الأسود و وضعته في البراد...صحتك تهمنا كلنا يا دكتورة و ليست أمي الحاجة فقط)
حدثتها غسق دون ان تلتفت لها بينما تستكمل غسيل الخضروات...
(شكرا لك سهر لكنني لا أحب العسل...فلتأكليه أنتِ)
وقفت سهر جوارها تربت على ظهرها و تكمل بصوت غريب...
(لا تتدللي كطفلة صغيرة ترفض الطعام يا دكتورة...العسل مفيد جدا لأجل صحتك فأخشى أن يحدث حملا قبل أن تتخلصين من الانيميا هذه)
طفح كيل غسق بعدما عادت سهر لنفس الشيء...لا تتوقف عن الحديث عن الحمل و الانجاب معها هي تحديدا؟!... و الله الشك يكاد يتحول الى يقين بسبب افعالها هذه... التفتت بجانب وجهها لها لتسألها بحدة...
(ألا ترين أنك بت مهتمة زيادة بحملي؟!)
طالت نظرة سهر المتبسمة لغسق قبل ان تقترب منها بوجهها و تهمس...
(هل تلوميني لاهتمامي بك؟!...انا فقط اتعجب لماذا لم يحدث الحمل حتى الآن!!..)
التفتت تنظر لهبه المنغمسة في استكمال ما تفعله لتعود الى غسق و تهمس بنبرة تخيف...
(هل تؤمنين بالحسد يا دكتورة؟!)
ضيقت غسق عينيها بجهل لتسألها..
(ماذا تقصدين؟!)
تنهدت سهر بشكل مبالغ به لتعيد نفس الهمس...
(أحيانا يحسد الشخص غيره لأنه امتلك ما لم يمتلكه هو و قد يأخذه الأمر لأبعد من هذا فيؤذي غيره عمدا كي لا يحقق حلما فشل في تحقيقه...انتبهي جيدا فالحسد وليد الغيرة)
غصبا حطت عينا غسق على هبه و زاغت نظرتها بصورة ملحوظة جعلت سهر تتنهد براحة... فليقعوا كلهم في بعضهم حتى ان افشت سر غسق لن تجد في صفها واحدا ينصرها... ابتعدت عن غسق الشاردة كليا تفكر بجدية فيما قالته سهر... هل يعقل انها هبه؟!
(غسق انتبهي لقد امتلئ الحوض!)
اجفلت على صوت هبه القريب منها و هي تميل تغلق الصنبور... تعلقت نظرات غسق بها طويلا مما جعل هبه تتعجب و قبل ان تسألها رن هاتف غسق فأخرجته لتجد عليه اسم أريج...
(مرحبا أر...)
توقف صوتها حينما جاءها صوت مؤيد من الجهة الاخرى... ارتبكت قبل ان ترد عليه بينما تخرج من المطبخ سريعا
(دكتور مؤيد... نعم لحظة من فضلك)
ضيقت سهر عينيها حتى خرجت غسق من المطبخ فسألت هبه بفضول كبير...
(من مؤيد هذا؟!)
هزت هبه كتفيها بعدم معرفة تقول...
(ربما من العمل)
تخصرت سهر ترفع حاجبها للأعلى و تعوج شفتيها قائلة
(عملها!!...و منذ متى تهاتف النساء الرجال حتى لو بغرض العمل؟!...انها لم تحترم رجال هذا البيت ابدا)
زفرت هبه بضيق توقفها...
(سهر بالله عليك توقفي ما تقولينه عيب و لا يصح)
شردت سهر في الفراغ امامها تفكر مليا...غسق تتلبس ثوب العفة و من خلفهم تلعب بذيلها... فلا يوجد تفسير واحد لعدم اتمام زواجها من كرم غير انها كذلك... فتاة بسمعة سيئة وقع فيها كرم...لكن لماذا يصمت حتى الآن و لا يفضح امرها؟!... ربما خوفا من صغر شأنه و قد وقف في وجه خالد ليتزوجها!... ربما ينتظر بعض الوقت لأجل سمعة والديها و سيطلقها...أم لها في أمور السحر و قد سحرت له و جعلته طوع يدها... لا يهم لأنها ستفضح امرها قريبا جدا
بداخل غرفة كرم...
اغلقت الباب خلفها بسرعة بعدما سمعت صوت كرم مع والدته يخبرها انه سينزل للميناء...تنفست بصوت مسموع قبل ان تسأل مؤيد
(أين أريج؟!)
و على الجهة الاخرى جلس مؤيد على الأريكة يستمع الى غسق بينما يرمق أريج الواقفة عند النافذة الزجاجية تجيب على والدتها... لقد حاولت ان تهاتفها على هاتفها فوجدته مشغولا و لم تجد حلا سوى ان تهاتفها على هاتف مؤيد... و قبل ان تجيبها اريج وضعت الهاتف بين كفيه تخبره بألا يغلق الخط فلقد التقطت الاشارة بصعوبة بسبب الاجواء الشتوية العاصفة... تنحنح مؤيد قبل ان يقول بهدوء...
(تكلم والدتها و ستأتي حالا)
توقفت غسق عند باب الشرفة تبلغه انها ستنتظر... لحظات مضت حتى اتاها صوت أريج المتوتر...
(غسق حبيبتي كيف حالك؟)
مسحت غسق فوق وجهها تقول...
(بخير أريج... هل هناك جديد؟)
زفرت أريج قبل ان تقول...
(غسق هل هبه و سهر تتابعان عند نفس الطبيبة النسائية؟)
ابتعدت غسق عن الباب و كل حواسها تأهبت لتجيب...
(نعم على ما اظن... هل عرفتي شيئا؟)
صمتت أريج قبل ان تجيبها...
(أنتِ من يمكنها ان تعرف و تقلص مساحة دائرة الشك على واحدة فقط)
ارتعشت يد غسق و هي ترفعها تحك بها جبهتها قبل ان تردف بصوت بطئ...
(أريج سهر قبل قليل لمحت لي أن هبه تغار مني و قد تدفعها غيرتها لأذيتي!)
صوت أريج كان مذهولا و هي تردف...
(حقا!!... لماذا قالت هذا بل كيف عرفت انك تبحثين عمن يضع لك الحبوب؟!)
انزلت غسق يدها عن جبهتها لتتخصر و تجيب بتيه..
(لا أعرف اشعر بالتيه...)
صمتتا معا لبضع ثوان حتى رفعت غسق وجهها سريعا تقول بعدما انفرجتا عيناها و تسارعت نبضات قلبها مما تذكرته...
(أريج ذات مرة دخلت المطبخ لأشرب و سقط غطاء الزجاجة و حينما انحنيت لآخذه وجدت شريط حبوب منع الحمل اسفل المطبخ و بعدها انتشلته سهر مني بحدة و بدت متوترة... ظننت وقتها انه يخصها هي لذا لم اعطي بالا لما حدث)
و على الأريكة قد شابه اتساع عيني أريج عيني غسق من الجهة الأخرى بينما مؤيد تنفس بصوت مسموع و عيناه زادت قتامتهما ليأمر أريج بجدية تامة...
(فلتفحصي هبه ايضا أريج)
رمشت أريج بعينيها قبل ان تحدث غسق...
(غسق ضروري ان افحص هبه في اسرع وقت... و أنتِ ابقي على ما اتفقنا عليه لا طعام او شراب من غيرك... و احترسي من سهر)






...يتبع...












AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-12-20, 11:09 PM   #1033

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السابع و العشرون




الميناء...
وقف أنور جوار أيوب المستند على إحدى الصناديق المعبأة بالأسماك يتلاعب بخشبة رفيعة بينما يقول...
(اعتقد سنؤجل السفر لبلدة أهل زوجتك حتى أعود من رحلة الصيد)
زم أيوب شفتيه بتعجب ليردف...
(لا أعرف لماذا اختارك الحاج سليمان هذه المرة لتبحر معي!)
ضحك انور بخفة يجيب صاحبه...
(بالطبع تريد كرم معك ككل مرة فهو يتحمل دمك الثقيل اكثر مني)
بادله أيوب الضحك ليهدده بمزح...
(احترمني قليلا فقبولك من رفضه معلقا بكلمة مني)
علت ضحكة انور هذه المرة ليقول بصدمة زائفة...
(ها قد بدأ الاستغلال يا عديلي...)
وصلهما كرم عند الكلمة الأخيرة فتساءل بعينين ضيقتين..
(من عديل من؟!)
ادخل ايوب كفيه في جيبي بنطاله مردفا بتفاخر...
(ليس بعد يا كروم... لكن الأخ أنور طلب يد أخت حرمنا المصون و ينتظر ان نقبله قل ان شاء الله)
تبادلا كرم و أنور الضحك ليتوجه كرم اليه يضمه مربتا على ظهره بفرحة قائلا...
(مبارك أنور اتمها الله على خير)
خرج انور من بين احضانه شاكرا بقوله...
(سلمت يا كرم...)
اقترب كرم من أيوب ليضع ذراعه حول عنقه قائلا ببسمة مغيظة...
(كان الله في عونك يا أنور ففي العمل و في البيت سترى ثقيل الدم أيوب)
ضحكوا ثلاثتهم ثم ازاح ايوب ذراع كرم كما كان يفعل الأخير دائما قائلا بتعجب زائف...
(و هل سيبقى انور في البيت بعد الزواج؟!... اراهن انه سيهرب بعد اول اسبوع)
ابتسم انور بسمة دافئة ليسبل اهدابه متمنيا ان يعجل الله في لم شمله مع الخمرية و يقسم ان وقتها لن يترك البيت إلا على مضض...تبادلوا حديثا مصغرا عن السفر القريب لبلدة العروس و أهمية حضور كرم معهما… انهى كرم الحديث بقوله الجدي
(أنور أبي بالتأكيد لا يعرف عن نيتك في السفر سأخبره بأنني من سيسافر بدلا عنك)
رفض انور ما قاله كرم فقاطعه برزانة...
(لا يا عمي انا من سيسافر فأنتما مؤخرا من يفعلها و أنا ابقى هنا لأدير المخازن مع اخويك)
كاد كرم أن ينطق كمحاولة ليجعل انور يقبل لكن نداء الصبي له اوقفه...
(أخي كرم الحاج سليمان يريدك في المكتب)
اومأ له كرم ليترك صاحبيه و يتوجه الى مكتب والده...دلف للداخل فوجد خالد يجلس امام والده الذي يبدو يحدث احدهم على الهاتف بينما صالح يقف في جانب يتابع بملامح مستريحة... القى سلامه فأجابه أخواه ثم تحرك يقف جوار صالح متسائلا..
(اخبرني الصبي ان أبي يريدني)
اجابه صالح و تركيزه كله منصب على مكالمة والده...
(الأمر يتعلق بأسماك المخازن الصغيرة فالحاج يريد ان نبيعها الى بائعي الاسواق الشعبية بسعر مريح فلقد جاءوا يشكون لأبي سوء و غلاء التجار الآخرين)
اومأ كرم متفهما و منتظرا ان ينهي والده اتصاله ليفهم منه ما هو دوره و ما عليه فعله...انتبه لصوت والده و الذي يبدو على وشك انهاء مكالمته...
(الشرف لنا ايضا يا حاج رضا... بالتأكيد الأولاد لهم حرية القبول او الرفض...يصل الى بلده و اهله سالما ان شاء الله... حسنا و انا ايضا سأبلغ العروس بما ننوي حتى تتجهز)
جعد كرم ما بين حاجبيه ثم التفت لأخيه يسأله...
(عن أي عروس يتحدث الحاج؟!)
اجابه صالح براحة بال...
(ابنة العم عبد الصبور طلبها الحاج رضا لابنه عز الذي سيعود من السفر بعد الغد)
شرد كرم قليلا ليهمهم بما يجول في خاطره..
(أليس ابي مهتما كثيرا بأمر ابنة العم عبد الصبور؟!)
جاوبه صالح بتوضيح...
(والدك يريد ان يؤدي واجبه و يحفظ الأمانة التي تعلقت في عنقه... الحمد لله الذي هدى خالد لهذا الامر فكان وسيطا بين أبي و الحاج رضا و إلا كنت سأعاني حتى الآن من ذنب هبه و عصيان أبي)
ربت كرم على كتف اخيه يقول بصدق...
(أنت لم تعصه يا صالح... الزواج قسمة و نصيب و هي نصيبها ليس في بيتنا)
تنهد صالح براحة متفهما بينما كرم شعر بتوجس غريب... هدير باتت سيرتها تثير مخاوفه رغم جهله للسبب... رفع وجه الى والده الذي اغلق مع الحاج رضا ليهاتف والدة هدير...
في بيت عبد الصبور...
البسمة التي شقت وجهها كانت كبيرة و سعيدة و هي تتلقى هذا الخبر من الحاج سليمان...هزت رأسها بفرحة تجيبه
(طبعا يا حاج فأنت كوالدها و الحاج رضا رجل يشهد له الجميع بالسيرة الطيبة... ستوافق لا تقلق فأين ستجد شاب كعز حماه الله متعلم و مهذب و نعرف اصله و نسبه...سأخبرها يا حاج و الله لن اغصبها على شيء... و عليكم السلام)
اغلقت الخط مع سليمان و قلبها يطرب بنبض مرتاح... فلو كان هناك من يشاغل ابنتها فها هي ستبعده عنها بأفضل طريقة... الزواج ستر للبنت كما تربوا و عرفوا و هي ستستر ابنتها عن أعين الشباب الطامعين فيها... تحركت الى غرفة هدير بسرعة تفتحها و تهتف بحماس سعيد
(هدير يا عروس)
جفت الدماء في عروق هدير و هي تبتعد عن نافذة غرفتها بعدما سمعت لقب عروس...رفعت يدها تلقائيا تلامس بطنها فتتأكد من انها مخفية جيدا تحت هذا الجلباب الواسع... و بوجه شاحب و اعين زائغة اقتربت من امها تزدرد ريقها بوجل و تهمس..
(نعم أمي...)
مسحت أمها على وجهها بحنان فقالت بعده بسعادة جمة...
(أنعم الله عليك بالزوج الصالح و أنعم علي برؤيتك عروسا تبهج روحي)
ارتعشت بقوة تحت كف والدتها و كلماتها تضرب اوصالها بسياط موجعة... دمعت عيناها فأسبلتهما سريعا لكن اخفائهما لم يطل و والدتها تستكمل حديثها...
(الحاج سليمان هاتفني قبل لحظات يخبرني ان هناك عريسا يطلب يدك)
رفعت وجهها في لحظة غير مهتمة بالدموع في عينيها بل ناظرت امها بوجل و عينين متسعتين لتنطق بصعوبة...
(أي عريس هذا؟!... أنا لا أريد الزواج)
بهتت ملامح أمها بشدة و تحرك كفها من وجه ابنتها ليقبض على ذراعها بحدة و هي تهتف بها بقلب ينتفض رعبا مما تراه و تكذبه خوفا من حقيقة صاعقة...
(لماذا لا تريدين الزواج... ما بك يجعلك مختلفة عن البنات في مثل سنك و اللائي يهللن و يفرحن حينما يعرفن بأن هناك عريسا يريدهن؟!!)
ارتجفت هدير و هي تهتز كخرقة بالية في قبضة أمها لتهمس بصوت مرتعب...
(لا شيء أمي أنا فقط... لا أريد أن أتركك بمفردك)
صوت انفاس أمها كان عاليا حتى بعدما خفت قبضتها عن ذراع هدير لتتكلم بحدة لم تسيطر عليها...
(لا تخافي علي فراحتي ستكتمل حينما أدخلك بيت عريسك و اطمئن عليك مع رجل يخاف الله... عمك الحاج سليمان يقول على نهاية الاسبوع ان شاء الله سيأتي الحاج رضا و ابنه الاستاذ عز ليطلبوا يدك و أنا وافقت فلن نجد مثل هذا النسب المشرف)
تركتها بعدما اصدرت قرارها النهائي و خرجت من الغرفة... هرولت هدير الى الباب تغلقه بسرعة لتستند عليه بظهرها و تلطم وجهها بقسوة بينما تبكي برعب حقيقي و هي تهمهم بصوت منخفض كي لا تسمعها أمها...
(يا لمصيبتك يا هدير... يا لفضيحتك يا ابنة عبد الصبور... ليتني متُ قبل كل هذا...سيقتلوني لو عرفوا ما فعلته!)
انهارت خلف باب غرفتها تسند رأسها عليه بعدما جلست ارضا و كفيها يحاوطان بطنها البارزة بينما دموعها تجري بلا توقف على وجنتيها...
*******
في هذه الأثناء... قصر طارق طلال
عينا هيام كعيني صقر يحلق عاليا منقبا عن فريسته بين الرمال... حادتين ثاقبتين و مخيفتين... تجلس في بهو الطابق الأرضي تحمل فنجان قهوتها التي باتت من عاداتها كسيدة مجتمع مخملي... تراقب عن كثب حركة الخادمتين و هما ترتبان و تنظفان حولها... منذ وجدوا هاتف فلك مفككا و معطلا و شكها تزايد اكثر... ابنتها الغبية تتصرف بطيبة ترفع ضغطها حقا... لقد اخذت الهاتف لتلقيه في درج طاولة الزينة متقبلة انه قد سقط و تلف كما رجحت وردة حتى انها لم تخبر زوجها بهذا متعللة انها لا تحتاج الهاتف كثيرا و طارق في الآونة الأخيرة منشغلا بعمله فلا تريد ان تعطله ليشتري لها غيره!!... غباء منقطع النظير من ابنتها فغيرها كانت ظلت تطلب و تطلب بلا توقف من زوجها... اهتز الفنجان في يدها حينما توقفت وردة عند ما وضعته هيام كطعم لها حتى تتأكد من ظنونها... ارتفع جذعها العلوي تراقب وردة التي انحنت على هذه الورقة المالية كبيرة القيمة و التي وضعتها هيام عمدا لترى من منهما ستأخذها و تعلن انها من سرقت الهاتف فهي تكاد تجزم ان هاتف ابنتها تمت سرقته و من فعلها خاف حينما لاحظت فلك اختفاءه ففعل به ما فعل... اعتدلت وردة امامها تقبض على الورقة المالية فالتمعت عينا هيام بشدة و حينما رفعت وردة وجهها اليها اسبلت هيام اهدابها سريعا تلتهي في فنجانها و كأنها لا ترى شيء... ثوان مرت حتى سمعت صوت خطواتها تقترب فرفعت وجهها بجهل بعدما نطقت وردة...
(سيدة هيام هذه كانت على الأرض... ربما سقطت سهوا من السيد طارق(
جزت هيام على ضروسها بقوة لتمد كفها الحر و تنتشل الورقة النقدية منها بحدة... ابتعدت وردة تستكمل عملها بينما هيام تهمس بيقين نابع من حدسها
(هذه الألعاب لا تنطلي علي فأنا خبيرة فيهم...سأظل وراءك حتى اكشفك و أجعل الغبية فلك تعرف ان طيبة قلبها جعلتها مطمع حتى للخدم هنا)
بالأعلى... غرفة طارق و فلك
وقفت فلك تتخصر بكف بينما الآخر تضعه اسفل بطنها التي برزت قليلا و تناظر زوجها الجالس امام حاسوبه الشخصي... تحركت تجاهه لتجلس أمامه على الكرسي و تقول بصوت قلق...
(ما هذا السفر المفاجئ يا طارق؟!)
ظل على وضعيته امام حاسوبه ينهي بعض الأعمال عليه قبل ان يسافر فقال....
(صديق قديم لي في الخارج عرّف احدى الشركات على شركتي و قد اعجبوا بطريقة عملنا و أرادوا أن نتقابل تمهيدا لصفقة بيننا)
ابتلعت ريقها بصعوبة تهمس...
(هذه اول مرة ستتركني بمفردي طارق)
رفع عينيه عن حاسوبه حينما لاحظ الخوف في نبرتها... ترك ما بيديه و ابتعد عن كرسيه ليتوجه اليها قائلا بينما يميل يوقفها أمامه...
(لماذا تبدين قلقة فلك؟!... انه مجرد اسبوع و سأعود بعده سريعا... كما انك لست بمفردك فوالدتك معك طوال الوقت و الخدم حولك و ابننا ايضا)
دون مقدمات بكت بضعف امامه فجزع قلبه عليها... ضمها الى صدره بقوة يربت على ظهرها متسائلا بخوف...
(ما بك حبيبتي؟!... هل هناك ما يزعجك؟!... هل تودين أن ابقى لو هذا يريحك سألغي السفر و ابقى)
تشبثت بصدره تدفن وجهها فيه و كأنها تستمد منه قوة لشيء مجهول قادم... همست باختناق بين طيات ملابسه..
(لا شيء طارق لا تخف... هرموناتي غير ثابتة كما قال الطبيب و هي ما تدفعني للشعور بالوحدة و الخوف)
اخرجها من احضانه يمسح دموعها بحنان ثم يقبل وجنتها برفق قائلا...
(انها فترة و ستنتهي تحملي قليلا بعد فلك... و حقا لو ترغبين في بقائي سألغي كل شيء لأجلك)
هزت رأسها رفضا بينما تمسح دموعها معه لتقول ببسمة مهتزة...
(لا تقصر في عملك طارق فلتذهب و تعود في أمان الله... أنا هنا وسط أمي و المساعدين كما قلت فقط سأفتقدك كثيرا فلا تطيل)
ارتعشت انفاس طارق لوهلة... فلك تقريبا تعبر عن مشاعرها نحوه بشكل منطوق لأول مرة... وضع وجهها بين كفيه ينظر لها ببسمة محبة قبل ان يميل و يلثم شفتيها بخفة حنونة قائلا...
(لن أطيل ابدا حبيبتي... كوني بخير أنتِ و ابني حتى أعود)
شقت بسمتها حزن ملامحها فكم تحب منه لفظ ابني او ابننا هذا...تشعر و كأن هذا ميراثها الحقيقي من الحياة... طفل مقبول من الجميع... ارتمت في احضانه تتنعم بدفء اعتادت عليه منه و تهدأ من خوفها الغير مفسر للقادم...
في بيت لبنى....
انزلت الهاتف عن اذنها لتلتفت الى ميرنا الجالسة على كرسيها تقضم اظافرها بتوتر جلي...
(والدك سيسافر بعد غد تقريبا)
ابتلعت ميرنا ريقها بقلق ثم رفعت وجهها لحماتها تهز رأسها بنعم و تهمس...
(أعرف...)
ابتسمت لبنى و طعم الفوز يحلي جوفها فنطقت...
(إذًا فلنتحرك نحن ايضا بعد الغد)
اتسعت عينا ميرنا برعب فأخرجت اظافرها من فمها لتقف قبالتها و تهمس...
(ألست تتعجلين قليلا كما ان والدتها معها!)
تنفست لبنى برضا كبير و هي تقول...
(أمر والدتها هين و قد حسبت حساب كل شيء)
اقتربت منها ميرنا و قد شعرت بخطورة ما تنويان فعله فقالت بنبرة مهتزة اشبه للبكاء...
(ما تودين فعله خطير جدا... دعينا نتمهل و نفكر في حل آخر)
هدرت بها لبنى بحدة مخيفة...
(لا تبكي كالصغار ميرنا... أتريديننا ان نصمت لهذه الخادمة حتى تنجب لوالدك ولدا ليس ابنه و تسرق ميراثكم كله؟!)
تحركت ميرنا بلا هوادة تشد شعرها برعب دفين...ما هما مقدمتان عليه شيء صعب للغاية و لا طريق واحد متاح للرجوع منه حتى!... ابتلعت ريقها مجددا تناظر حماتها التي اتخذت قرارها و انتهى الأمر همهمت بخفوت مرتعش...
(ستحدث كارثة بالتأكيد)





...يتبع...











AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-12-20, 11:11 PM   #1034

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السابع و العشرون




تنفست مرات متتالية لتهيئ نفسها لما هي مقبلة عليه... راقبت باب الحمام لتزفر كل توترها دفعة واحدة و تتوجه بخطوات شبه مهتزة اليه...و على بعد خطوتين فُتح الباب و خرج منه كرم الذي كان يبدو منشغلا في تعديل ياقة قميصه... فوجئ بوجودها فتوقفت خطواته و بدا عليه التعجب فتساءل...
(غسق ألم تخرجي بعد؟!)
تقدمت خطوة اخرى منه تقول بصوت شابه الرجاء...
(لا كنت انتظرك أريد ان اطلب منك شيئا)
اقترب منها هذه المرة يشملها بعينيه المتفحصتين فيرى بها توترا لا يعرف سببه لكنه هز رأسه بدعوة رحبة بأن تطلب و هو سيلبي...
(اطلبي غسق...)
اتساع صدره لمطالبها حتى و ان كانت صغيرة للغاية يبثها شعورا بالوئام... ابتلعت ريقها لتهمس بينما عيناها تتعلقان بعينيه المشجعتين...
(أريد أن تأتي هبه معي اليوم المشفى بعد انتهاء دوامي)
طلبها كان غريبا بعض الشيء خصوصا انها لا تستعين بأحد في شيء يخصها هي...ضيق عينيه يسألها بهدوء و تروٍ...
(هل حان موعد فحصك التالي؟!...)
هزت رأسها بتردد واضح جعله يتأنى أكثر رغم قلقه عليها فيقول بصدق...
(يمكنني أن آتي معك... انا زوجك و اولى بهذا من غيري)
تنفست بقلة صبر تجيبه بنبرة توسل...
(لا كرم أنا اريد هبه لأنه...)
هربت حروفها منها و قد فشلت في التعبير عن أي شيء... الخوف بداخلها كبير و هي تتخيل انها تعيش تحت نفس السقف مع شخص قد يكون سببا في قتل ابناء هبه!... يا الهي كيف يمكنها ان تفعل ذلك و تعيش بينهم بضمير مرتاح؟!...شعرت بكف كرم الذي لامس ذراعها فرفعت وجهها له و سمعت صوته القلق...
(ما بك غسق تبدين مختلفة منذ فترة و هذا يقلقني؟!!)
زفرت بارتعاش لتبتسم بسمة صغيرة قائلة...
(أنا بخير يا كرم كل ما هنالك أن هبه سألتني ذات مرة عن أريج تود لو تفحصها لتطمئن أكثر فوجدت ان هذه فرصة مناسبة)
رغم انه لم يقتنع بحجتها الواهية إلا انه بادلها ببسمة حنونة يقول...
(لا بأس غسق سأطلب من صالح أن تأتي زوجته معك)
اسرعت غسق بأمرها الذي زاد قلقه...
(لا تخبر صالح أو أحد غيره بأن أريج ستفحص هبه... يعني لا نريد ان نرفع سقف طموحهم حتى نعرف ابعاد الحالة و هل هناك امل أم وضعها صعب... فقط اخبره انها ستأتي معي لتساعدني كي لا أكون وحدي)
ناظرها كرم بغموض ثم قال بموافقة...
(أثق بك كثقتي بنفسي فلكِ ما تشائين)
هذه المرة بسمتها له كانت حقيقية كاملة و شاكرة... همست بصدق نابع من روحها
(اتمنى أن أكون دوما عند حسن ظنك فيّ)
تحركت كفه من فوق ذراعها حتى وصلت الى كفها فتمسك به يداعب راحتها بإبهامه قائلا بصوت رجولي...
(كيف تسير جلساتك مع طبيبتك؟)
توردت وجنتاها بخجل من مداعبته اللطيفة و كم يسعدها أنها تتقبلها منه فهمست...
(بخير الحمد لله... دوما تسألني عنك و تريد أن نجري جلسة ثلاثية قريبا)
لم يتوقف ابهامه عن حركته حينما رفع حاجبه قليلا بدهشة تخطاها سريعا ليعرض قبوله ما دام لمصلحتها...
(أنا جاهز متى احتاجتني معك)
اشاحت بعينيها بعيدا عنه و قلبها ينتفض بقوة...طبيبتها لم تتوان عن سؤالها هل هي مستعدة لعيش حياة طبيعية كزوجة لكرم و هي توارب اجابتها بقلق اكثر منه خوف...ماذا لو سألت كرم نفس السؤال؟!...يا الهي تكاد تتمزع من الفضول و التوجس...رفعت عينيها له مجددا تخبره برجاء مشوب بالخجل...
(كرم حينما تحين هذه الجلسة لا تحمل نفسك فوق طاقتها كي تساعدني يعني لو... لو طلبت منك الطبيبة شيء لا تفعله سوى لأنك تريد ان تفعله ليس لأنني بتُ ملزمة منك...هل تفهم قصدي؟!)
اقترب بوجهه منها متعمقا في عينيها ليهمس ببحة باتت تألفها و تحبها منه...
(أي شيء يخصك أفعله لأنني أريد أن افعله لست مجبرا ابدا فلا توهمي نفسك بمثل هذا التفكير)
تباطأ تنفسها بخجل من قربه فهزت رأسها بتفهم هامسة بخفوت...
(هل نخرج كي لا اتأخر؟)
اعتدل في وقفته دون ان يفلت كفها مجيبا ببسمة حانية..
(فلنخرج...)
بالخارج...
عندما اقتربت غسق من المطبخ وجدت هبه تخرج منه فابتعدت عن كرم تتوجه اليها منادية...
(هبه لحظة من فضلك)
توقفت هبه ببسمتها البشوشة بينما استكمل كرم خطواته الى الصالة بعدما القى عليها تحية الصباح مدركا ما تريد قوله غسق...اقتربت غسق منها كثيرا تهمس بخفوت اثار تعجب هبه...
(اليوم احتاجك معي في المشفى)
توجست ملامح هبه بقلق على غسق فسألتها بلهفة...
(عيناي فداكِ حبيبتي لكن هل أنتِ بخير؟!)
نظرت غسق الى المطبخ جيدا حتى تتأكد من خلو المكان ثم مالت على أذن هبه التي انصتت حتى اتسعت عيناها بقوة و ارتسمت اللهفة فيهما...ابتعدت غسق عنها فسألتها هبه بعدم تصديق...
(حقا هل ستفحصني اليوم؟!)
طلبت منها غسق ان تخفض من صوتها ثم مالت مجددا تهمس..
(نعم هبه لكن لا تخبري أي شخص هنا حتى زوجك بهذا فربما رفض بعضهم او اصابك كلامه باليأس)
تجهمت ملامح هبه و هي تتذكر كيف كان رد فعل سهر حينما عرفت عن رغبتها في زيارة أريج...هزت رأسها بسرعة موافقة فتهمس...
(لا لن أخبر أحدا مطلقا)
تنفست غسق الصعداء لتهمهم...
(هذا جيد...سأنتظرك عند المشفى و إن سألك أحد قولي ستأتين معي لتساعديني)
صمتت هبه قليلا تفكر قبل ان تنطق باقتراح...
(ما رأيك لو قلت أنني سأذهب مع صالح لأي مكان آخر)
استحسنت غسق اقتراحها فهمست...
(كما تشائين...الأهم لا تنسي ما طلبته منك)
هزت هبه رأسها بقلب يخفق آملا في وجه الله...كادت غسق تتحرك الى الصالة لكنها توقفت حينما امسكت هبه ذراعها لتقترب منها تقبلها و تهمس بصوت مرتعش...
(كدت أفقد الأمل لكن الله أرسلك لي نجدة)
التمعت عينا غسق بتأثر و بداخلها تقسم انه مستحيل ان تكون هذه المرأة سبب ما يحدث...لامست غسق وجنتها بأصابعها كي لا تبكي قائلة...
(و لن اتركك هبه حتى تحملين ابنك بين يديك من جديد ان شاء الله)
سالت دمعة هبه بشوق لتهمس...
(يا رب...)
وقت العصر....
وقفت غسق امام باب المشفى تنتظر قدوم هبه مع زوجها...كرم لم يستطع القدوم معها بسبب شغل طارئ كلفه به والده و كم هي شاكرة لهذه الظروف فلا تريد أن يعرف احد عن نيتها بجلب هبه هنا حتى تتأكد اولا...توقفت سيارة صالح في الجهة الاخرى من الطريق فرأته يبلغها تحيته بهزة رأس ثم خرجت هبه تحمل حقيبتها و تعبر الطريق اليها...اقتربت منها هبه فسألتها بطيبة...
(هل تقفين منذ زمن؟!)
نفت غسق بهزة رأسا لتسألها بجدية...
(هل جلبتي كل شيء؟)
لامست هبه حقيبتها تردف...
(نعم لا تقلقي...كل الأشعة و التحاليل حتى الأدوية التي وصفت لي منذ سنوات معي)
زفرت غسق براحة لتطلب منها التحرك كي يدلفا للداخل...
مكتب أريج...
(مرحبا سيدة هبه كيف حالك؟)
تشابكت كفا أريج و هبه معا في سلام أول بينهم...ابتسمت هبه بحرج لتتحدث بلطف
(بخير الحمد لله لكن لا داعٍ لسيدة هذه قولي هبه فقط كما تناديني الدكتورة...)
ابتسمت لها أريج متفهمة كيف لغسق أن لا تشك بها...هبه أمامها بشوشة و طيبة بطريقة غير مفتعلة... تكلمت أريج بحرية أكثر بينما تطلب منها ان تجلس...
(تفضلي اجلسي هبه...سعيدة بهذا اللقاء فما وصلني من غسق عنك جعلني متشوقة لأتعرف عليك)
احمرت هبه خجلا فأردفت...
(شرف لي يا دكتورة أريج...سلم اصل الدكتورة و هي تعرف مقدارها عندي)
ابتسمت لها غسق بحب بينما تتخذ مكانها في الكرسي المقابل... تنحنحت أريج قبل ان تدخل في صلب الموضوع لكن بهدوء و تروي كي لا تفزع هبه او تهدم كل شيء فما يفكرون به ليس سوى شكوك و اليوم ستتضح صحتها من عدمها...
(اخبرتني غسق من قبل عن حالتك فهلا شرحتي لي بالتفاصيل ما حدث؟!)
تنهدت هبه بوجع لتهمس بخفوت...
(كنت حاملا بصبيين منذ أربع سنوات أو أزيد قليلا و بعدها اجهضتهما فجأة و من يومها و أنا اسعى للحمل من جديد لكن الله لم يكتبه لي بعد)
ضيقت أريج عينيها متسائلة بترقب...
(كيف حدث الاجهاض هبه؟)
ارتعشت شفتاها قبل ان تجيبها...
(كان اليوم الثالث بعدما عرفت أنني حامل بولدين... بعد العشاء بحوالي ساعة دلفت غرفتي فشعرت بتقلصات مؤلمة و لم يمضي سوى دقائق حتى بات الألم لا يحتمل و بعدها نزفت بغزارة حتى دخل صالح للغرفة و كان مصدوما لا يعرف ماذا يفعل كحالهم جميعا فاقترحت سهر أن نذهب الى دكتورتها التي تتابع معها منذ حملها في مازن و بعدما ذهبنا كانا ولداي قد رحلا للأبد)
تأثرت أريج و غسق بدموع هبه و هي تحكي لهما... لكن رغبة أريج في مساعدتها جعلتها تسألها رغم يقينها بأن هذا يوجعها لكن بعض الوجع مطلوب احيانا و كأنك تكوي جرحا نازفا لتنهي النزف للأبد...
(و ماذا قالت هذه الدكتورة عن سبب الاجهاض؟)
انتبهت هبه للسؤال لكنها صمتت و كأنها تتذكر حقا تشخيص حالتها...عقدت ما بين حاجبيها بعدم فهم و هي تقول...
(لا تؤاخذيني يا دكتورة فدراستي توقفت عند المرحلة الإعدادية و لا أفهم هذه الأشياء التي تخص الأطباء لكن ما أعرفه انها قالت فيما يعني ان الحمل عندي صعبا بسبب حالة الرحم)
هزت أريج رأسها بتفهم لتعاود التساؤل...
(لماذا لم تعودي لطبيبتك الأولى ما فهمته انك كنت تتابعين مع طبيبة غير طبيبة سهر؟!)
تكلمت هبه ببساطة...
(سهر نصحتني ان اكمل متابعتي مع هذه الدكتورة فلقد تعاملت معها في فترة حملها حتى انها وضعت ابنها على يديها... كما ان الدكتورة نبهت علي ألا أتابع مع غيرها لأن حالتي لن يفهمها الكثيرون و ربما وصفوا لي أدوية مغلوطة)
تراجعت أريج بظهرها للخلف تبتسم بسمة صغيرة لكنها ساخرة و ظنونها تكسر قشرة الشك تماما فهمهمت...
(تثقين في سهر بشكل كبير)
ضيقت هبه عينيها لتقول بطيبة...
(و لمَ لا أثق فيها و قد جربت هذه الدكتورة قبلي)
هزت أريج رأسها بتحسر على بساطة تفكير هبه... زفرت بخفوت لتمد كفها طالبة
(حسنا هبه من فضلك أريني تحاليلك و أدويتك)
فتحت هبه حقيبتها لتخرج اوراق تحاليلها و التي اخذتهم أريج و قبل ان تفتحهم سرقت نظرتها علبة الدواء التي اخرجتها هبه... القت التحاليل فوق سطح مكتبها بجزع لتلتقف العلبة بعدم تصديق بالمرة... همهمت بخفوت مسموع
(يا الهي!!!)
انتبهت غسق لصوت أريج و قبل ان تسأل جذبها ما بيدها فرفعت عينيها المصدومتين سريعا الى أريج التي منحتها نظرة بألف كلمة... وقفت أريج بسرعة تأخذ كل ما أخرجته هبه بينما تقول على عجلة بصوت حاولت ان تجعله متزنا...
(سيأتي طبيب المختبر ليأخذ عينة من دمك)
سألتها هبه بوجل...
(هل هناك خطبا ما يا دكتورة؟!)
وصلت أريج الى باب مكتبها تطلب من غسق العون بنظرتها قبل ان تقول...
(لا ابدا فقط سأسجل لك ملفا هنا و احتاج بعض المعلومات من تحاليلك و أدويتك)
تدخلت غسق تقول بصوت خاوٍ...
(لا تقلقي هبه انه اجراء روتيني في المشافي الكبيرة... استرخي حتى تسهلي مهمة أخذ عينة الدم منك)
اومأت هبه بتفهم لكن قلبها يخبرها أن هناك شيئا خطأ...
دون أن تدق الباب فتحته بوجه متحفز و ملون بالغضب لتدلف اليه... و كأنه كان ينتظرها فوقف من مجلسه خلف مكتبه يتتبع قدومها منه ثم حركتها العصبية في القاء ما بيدها على مكتبه لتقول بصوت مرتعش من فرط الغضب...
(لا نحتاج لتحاليل فالدكتورة التي لا تستحق لقبها تصف لهبه أدوية منع حمل كأدوية معالجة لحالتها التي أجزم انها ليست بها شيء من الأساس)
أخذ مؤيد علبة من علب الدواء يتطلع اليها بنظرة قاتمة فيقول...
(انه دواء مستورد)
صرخت أريج بحدة من فورة مشاعرها الناقمة..
(بالطبع اختارت دواء مكتوب بلغة غير العربية كي لا يفهمه المريض البسيط قاطن الحي الشعبي... انها تستغل جهل الناس حولها و تتلاعب بمصائرهم كما تشاء دون ذرة ضمير... تستغل لقبها و معطفها الطبي لا أصدق!!!)
وضع مؤيد العلبة ليلتقط بعضا من التحاليل يقرأها بعينين تزداد قسوتهما فيقول...
(التحاليل توضح انها مريضة بالفعل)
وقفت أريج عن حركتها الهائجة في المكتب لتنظر له بتيه و تنفسها يكاد يعدو في صدرها... وضع مؤيد الورق من يده ليكمل بما يجول في خاطره...
(و ربما هذه التحاليل ليست لها...)
فور انهائه جملته تجمد للحظة و هو يسمع صوت بكاء أريج...رفع بصره لها سريعا فوجدها تغطي وجهها بكفيها و تبكي بحرقة صادقة... خرج من خلف مكتبه سريعا ليصل اليها متمسكا بكفيها يبعدهما عن وجهها متسائلا بقلق...
(أريج!!!... لماذا تبكين الآن؟!!)
جاوبته بصوت باكٍ متأثر...
(لو تسمع صوت هذه المسكينة و هي تحكي لي كيف فقدت ابنائها... لو ترى الوجع في عينيها و هي تبكي حالها... لو تعرف كم هي بريئة لأنها تمنح ثقتها لأناس من المفترض أنهم محل ثقة فيكونوا أول من يدهسوا حلمها و يقتلوا ابنائها!!)
اهتزت عيناه بألم لأجلها فجذبها الى احضانه يشدد من ضمها و يربت فوق ظهرها هامسا برفق...
(ليس الجميع مثلك أريج... ليسوا بقلب عامر بالحنان الفطري و رقة المشاعر... نحن بين كثير من السيئين الذين يبيعون ضميرهم لأجل المال)
اسندت رأسها على كتفه تبكي قائلة...
(قلبي يوجعني عليها يا مؤيد لولا صدفة تحاليل غسق لبقيت هذه المرأة تعاني)
مال بوجهه يدفنه في طيات حجابها قائلا بيقين...
(لكنك لن تتركيها تعاني...أنا أعرف زوجتي جيدا)
اغمضت عينيها فوق كتفه و حقا قلبها يتألم بقوة... مسؤولية مخيفة ارتمت على عاتقها و مصير غسق و هبه تعلق بها... تكلمت بصوت مرتعش و كأنها تترجم رعبها و خوفها له وحده...
(أنا خائفة مؤيد... لا تتركني اتعامل مع هذا الأمر المصيري بمفردي... ارجوك قف جواري)
ابعد وجهه عن حجابها لتلتمع عيناه برونق ملفت... همهم جوار أذنها يبثها الهدوء و الثبات...
(لن اتركك و سأبقى معك خطوة بخطوة لتتخطي هذا الأمر و تنقذيهما...)
شعرت براحة تجتاحها بعد وعده هذا... كم تمنت ان تسمع ما قاله من قبل... ان يبقى معها احدهم فلا تشعر و كأنها تسير على حبل رفيع إن وقعت هلكت و خطأها وقتها سيكلف حياة... أما الآن باتت تحاوطها يد أكيدة من انها لو سقطت ستلتقفها و تربت عليها ثم تخبرها بأن لا بأس استريحي سأكون أنا محلك...
بعد ساعتين مكتب أريج...
بطلب من مؤيد نفسه ظهرت نتائج التحاليل في وقت قياسي... و على مكتبها تجلس و الورق بين كفيها تطالعه بنظرة غاضبة... حدس مؤيد اصاب و تحاليل هبه القديمة ليست لها ببساطة ففصيلة الدم مختلفة كليا... تركت الورق فوق سطح مكتبها و ملامحها متحفزة بطريقة توحي بأنها على وشك الفتك بشخص ما... نظرت لهبه المترقبة بوجل من نظرات أريج و توتر غسق لتقول بصراحة مستخدمة اقصر الطرق و هو كشف كل الأوراق...
(هل تعرفين لماذا باتت غسق تتناول طعامها بصورة شبه منفصلة عنكم؟)
ببساطة شديدة جاوبتها هبه...
(لأنها تعاني انيميا فقر الدم)
تنفست أريج بصورة متسارعة لتهز رأسها نافية بينما تقول...
(لا هبه ليس لهذا السبب مطلقا... غسق جاءتني بعدما شعرت بتغيرات مزاجية و جسدية كانقطاع الحيض لأفحصها و تطمئن... لكن بعد الفحص اوضحت تحاليلها انها تأخذ حبوب منع حمل دون علمها)
شهقت هبه بهلع حقيقي تضرب فوق صدرها و توجه بصرها لغسق منتظرة أن تنفي ما قالته أريج لكن نظرات غسق المتضامنة بتوتر اخبرتها انه الحق... التفتت مجددا لأريج تتساءل بصوت تائه...
(من يفعلها و لا غريب بيننا؟!!!)
اقتربت أريج منها تخبرها بصدق...
(هذه الأمور لا تحتاج لغريب هبه قد يكون أقرب الناس لك هو من يؤذيك...)
انقبض قلب هبه بقوة لتعود و تنظر لغسق تنفض تهمة بريئة منها عنها...
(هل تشكين فيّ يا دكتورة؟!...رب العرش يعلم أنني بريئة من هذا كله)
اسرعت غسق بلطف تقول...
(اعرف هبه انك لست الفاعلة)
صمتت هبه و عقلها ما عاد يستوعب اي شيء حتى نطقت أريج بما صعقها...
(غسق لم تشك بك ابدا هبه بل أتت بك الى هنا اليوم لنفحصك و نتأكد)
زاد نبض قلبها و عيناها في عيني أريج تناظرها برعب حتى جاءت الكلمات التي شطرتها نصفين...
(و بكل أسف أنتِ ايضا ضحية لعبة دنيئة منذ سنوات...)
جف حلقها و هي تتشبث بمكتب أريج مهمهمه بارتعاش...
(أي لعبة تقصدين؟!... بالتأكيد لست انا ايضا آخذ حبوبا لتمنع حملي دون معرفتي!!)
نظرة أريج لها رغم انها صامتة إلا ان الشفقة بها كانت ناطقة بصرخة اصابت روحها بالطنين... زاغت عيناها و انفاسها تهتاج تدريجيا و دموعها تتكدس في عينيها بقوة... تولت غسق دفة الحديث فقالت بتأثر ملحوظ...
(هبه تماسكي نحن معك و لن نترك حقك)
همهمت هبه بتيه باك...
(أي حق و ممن؟!!!)
فلت كل صبر أريج ليتحرر معه غضبها فتتكلم بحمائية مشتعلة...
(من دكتورتك الخسيسة التي تواطأت مع سهر ليجهضا ابنيك و يحرماك من نعمة الانجاب بوصفها ادوية تعيق حملك على مدار سنوات)
التفتت هبه بكليتها تناظر أريج بعينين متسعتين بذهول لتهمس...
(سهر... و الدكتورة!!)
ضربت أريج سطح مكتبها بانفعال و هي تهدر بحرقة لأجل هبه التي تشعر بمسؤولية كبيرة تجاهها...
(نعم هبه سهر... لأكون صادقة لقد شككت فيك أنتِ و سهر و ظننت أن واحدة منكما هي من تؤذي غسق لكن بعدما عرفت حالتك لم اكن احتاج سوى هذه التحاليل بين يدي لأتأكد من أن سهر من تفعل هذا)
توقفت انفاس هبه قليلا و عقلها يعرض لها ذكريات كثيرة مع سهر...تتراءى لها مجسمة ومعبرة عن هيئة سهر في ذلك الوقت و الذي لم تكن تستقبلها سوى بطيبة...كيف كانت تناظرها يوم عرفت انها تحمل في احشائها ذكريين...كم ألحت يوم اجهاضها ان تأخذها الى طبيبتها حتى تحول الإلحاح الى استماتة لتستكمل معها علاجها...الكاذب!...هي ليست مريضة لا خطب بها و هما قتلا طفليها!!...ابتلعت ريقها بصعوبة تهمس بدموع تسيل...
(هل يصل الكره الى هذه الدرجة؟!...بماذا أذيتها أنا لتقتل ابنائي و تحرقني في لهيب الانتظار لسنوات و هي تمثل دور الطيبة أمامي؟!...)
شهقت بوجع منتفض تلامس بطنها بكفيها و تستشعر مكان طفليها...لتفلت منها شهقة اخرى اكثر علو و وجعا و هي تضرب فوق صدرها تنعي موت عزيزيها...
(قتلت ابنائي!!...يا لهفة قلبي عليهما!...يا لوجع روحي على فراقهما!...لماذا قتلتهما ما ذنبهما و ما ذنبي؟!!...منك لله يا سهر...يريني ربي بك يوما يشفي غليل صدري...حسبي الله و نعم الوكيل...آااااه حسبي ربي و هو كافٍ...يا حرقة قلبي!)
هبت غسق من فوق كرسيها لتصل اليها تبعد كفيها القاسيتين في لطمهما عن صدرها بصعوبة ثم تضم رأسها اليها و تربت على ظهرها من الخلف هامسة بعينين دامعتين...
(اهدئي هبه ارجوك...اهدئي حبيبتي)
وقفت أريج خلف مكتبها تراقبهما بقلب ينتفض ألما...خائفة جدا من أن تخوض حربها هذه المرة فمن تحميهما موجعتين حد الموت...ابتلعت ريقها تتقدم منهما ببطء حذر لتتوقف خلف هبه تلامس ظهرها بأيد ترتجف و تهمس...
(مهما قلت لن استطيع مواساتك هبه فمصابك كبير...لكن ما استطيع قوله هو وعد بأني سأساعدك للنهاية حتى أعيد حقك لك كاملا)
خرجت هبه من احضان غسق لتقف بسرعة و تواجه أريج بوجه يرثى له رغم هستيرية ملامحها و صوتها...
(كيف لي أن آخذ حقي من سهر...كيف أجعلها تشعر بما شعرت به لسنوات؟!!)
تفهمت أريج هياجها و الجمته بقولها المتضامن بحزم..
(سنجعلها تتذوق ما جنته يدها لكن بالعقل و التريث...لا يمكنني كشف كل شيء الآن فلا تنسين هذه الدكتورة و التي يجب أن نجعلها تعترف بفعلتها الشنيعة في حقك...الأمر غاية في الخطورة هبه و التسرع فيه لن يفيد)
تهدلت ملامح هبه بتعب متوجع لتهمس بصوت منتحب...
(ماذا علي ان افعل؟!)
حمدت أريج ربها ان هبه تمتلك من العقل ما يكفي لتسيطر على غضبها فقالت بصوت حازم...
(كل ما عليك فعله هو البقاء في مكان آخر و التوقف عن هذه الأدوية تماما فلا يمكننا استخدام نفس عذر غسق)
نظرت لها هبه نظرة جريحة لتهز رأسها كمغيبة بالموافقة...
بعد ساعة تقريبا...
اوقف صالح سيارته اسفل بيت اهل زوجته ليلتفت يتطلع لها جواره...ذابلة و صامتة بطريقة تثير ريبته كما ان طلبها للبقاء عند اهلها لأن والدتها هاتفتها و اخبرتها انها مريضة و تحتاجها لا يمر من جوفه...تنهد بخفوت يقول
(ألا تريدين اخباري بما حدث يا هبه؟)
دون ان تنظر له جاوبته بجمود...
(اخبرتك صالح ان أمي هاتفتني و أنا مع الدكتورة في المشفى و قالت انها مريضة و أنا الوحيدة القريبة منها بين اخوتي لا يصح ان اتركها تخدم نفسها و أبي و هي هكذا)
هز رأسه بصمت متأكد من أن هناك امرا آخر لكنه آثر التريث معها فربما لم تصفو نفسها بعد من طلب والده و تريد ان تبتعد عن البيت قليلا...نزع حزام الأمان و التفت يفتح الباب فأوقفه صوتها المرتعش...
(صالح لا تحزن مني...)
و ببسمته البشوشة التي تريح نفسها التفت يلامس وجهها بحب قائلا...
(صالح لا يحزنه سوى حزنك هبه...)
اسبلت اهدابها لتسيل دمعتها على كفه فتهمس بوجع...
(أنا متعبة جدا يا صالح...)
بلهفة نابعة من روحه اردف...
(سلم الله قلبك من التعب يا عينيّ صالح...ما بك حبيبتي فضفضي لي)
رفعت كفها تلتقف كفه من فوق وجهها ثم تقبله ببكاء لترفع عينيها له هامسة...
(اعفني من الشرح صالح أنا احتاج الراحة فقط الآن)
اومأ لها متفهما رغم قلقه عليها فابتعدت عنه تنزع حزام امانها و تخرج من السيارة...و في بيت عائلتها بعدما رحب والداها بصالح دلفت مع أمها داخل غرفتها فأوقفتها و سألتها بتعجب...
(لماذا اتصلت بي و طلبتي مني الكذب على زوجك و ادعاء اني مريضة؟)
نزعت هبه حجابها تلقيه على السرير هامسة بصوت مرهق...
(أمي اتوسل لخالقك اتركيني الآن ارتاح و حينما استيقظ سأخبرك بكل شيء تريدين معرفته)
امسكت امها ذراعها تسألها بتوجس...
(لستما متشاجرين أليس كذلك؟!)
هزت هبه رأسها نفيا تقول...
(لا يوجد أحن من صالح أمي لا تخافي...أنا من يحتاج البقاء هنا لبعض الوقت أم انك لا تريديني)
عاتبتها امها بنظرتها و كلماتها...
(سامحك الله يا هبه لن اجيب عليك...غدا يرزقك الله بذرية و تعرفين مقدار سعادة الأم حينما ترى ابنائها حولها)
ابتسمت هبه لأمها بسمة تخفي غصة مريرة لتخرج امها بعدها من الغرفة حيث زوج ابنتها...بينما هبه فتحت حقيبتها التي رافقت حجابها على السرير تستخرج كل شيء منها...علب عديدة من الادوية او ربما سموم ادخلتها بجهل الى جسدها كما طلبت منها الطبيبة لتسبب بيدها عطب رحمها المتلهف للأولاد...توجهت بوجه كاره الى الحمام تفتحهم بعصبية و تلقيهم داخل المرحاض ثم تفتح عليهم المياه لتبتلعهم دوامتها و تخلصها منهم...جثت على ركبتيها تستند برأسها على الحوض و تبكي بصوت مسموع و لسانها لا يتوقف عن ترديد...
(حقي بين يديك يا رب و أنت العادل القهار...)
**********
واقفا بملابسه التي لم تتغير منذ عاد من المشفى كحالها يراقبها و هي تجلس متكورة داخل الأريكة...تحمل ابنه في احضانها و تلتصق به طالبة الطمأنينة...لا يعرف كم مر من الوقت و هو على هذا الوضع لكنه حقا لا يحب رؤيتها ضعيفة متألمة بهذه الصورة...يفهم جيدا ما تريده فابنه علمه الكثير و ها هي أريج كطفل يخاف و يلجئ لحضن دافئ يشعره بالحنان...
(دكتور مؤيد يائيل لم يتناول غدائه و قد مضت نصف ساعة عن موعده اليومي!)
صوت المربية نبه مؤيد ان جلسة أريج طالت...نظر لها يأمرها بهدوء...
(خذي يائيل و اطعميه)
ظهر التردد جليا عليها و هي توزع نظراتها بينه و بين أريج لتقول...
(لكن الدكتورة أريج ربما لا توافق)
ناظرها بجموده المعتاد فأخافتها نظرته لتهز رأسها سريعا و تتوجه الى ابنه تأخذه من أريج التي كانت متشبثة به بصورة عجيبة...اقتربت من مؤيد فأوقفها ليلامس كف ابنه بحنان و يطمئنه بنظرته الدافئة...انتظر حتى اختفت المربية مع ابنه من الصالة ليتقدم هو من زوجته و دون كلمة واحدة يميل يمسك كفها و يسحبها لتستقيم واقفة تطالعه بعدم فهم و تسأله...
(مؤيد ماذا هناك؟!)
اكمل تحركه بها الى الدرج ليتكرم عليها بقوله الهادئ و المبهم...
(هناك شيئا تحتاجينه)
ضيقت عينيها بتفكير من اجابته لكنها رجحت انه ربما يود الحديث معها بشأن هبه و غسق...صعدت معه الى غرفتهما حتى فتحها مؤيد و دلفا...افلتت كفها من كفه لتقف قبالته بملامح مترقبة...و في لحظة خاطفة راقبت كيف اغلق الباب بقدمه بينما يسحبها الى صدره يضمها بقوة حانية...تجمدت تناظر الباب من خلف ظهره بصدمة ما لبثت ان تحولت لتنفس مضطرب و هو يقول لها...
(ستجعلينني ابحث عن رائحتك في ابني من كثرة تشبثك به دوني...استرخي أريج و لا تخافي أنا معك في هذا الأمر و لن اتركك)
دون وعي كامل و كأنها تعلنها له صريحة انها في أمس الحاجة لمن يضمها و يطمئنها...تراخت كليا لترفع كفيها و تتشبث بخصريه تتنفس ببطء تدريجي حتى استكانت انفاسها...ربت مؤيد على ظهرها مسترسلا بما يوقن انها تود سماعه...و هو يدرك انه يخبرها به لأنه يود قوله قبل أي شيء
(لا تقيدي نفسك و تتلبسين زي المسؤولية أمامي...اخرجي الطفلة التي تحبسينها لتعبر عن احتياجاتها دون حرج...لن أملّ من أن أكون والدك الذي يحاوطك طفلتي)
بعدما لفظ "طفلتي" هذه و قد انخرطت أريج في بكاء مسموع...رغم ركوزها بين احضانه...رغم ثبات جسدها و كأنها هي من تضمه اليها لا العكس إلا انها تبكي...كطفلة
رفع كفه يلامس خصلات شعرها بحنان هامسا لها...
(أبكي أريج قدر ما تشائين...و اخبريني عن مخاوفك و صدقيني لن أتركك تتصدين لها وحدك)
شعر بأصابعها تتقلص حول سترته فتهمس بخفوت..
(هل سأكون قادرة على مساعدتهما...غسق و هبه؟!...أنا خائفة جدا و هذا ليس شعورا جديدا كلما اقدمت على مسؤولية كبيرة لكنه الآن بات شعورا مرعبا)
يده التي تلامس شعرها لم تتوقف كحال صوته الدافئ...
(ستكونين أريج ككل مرة)
شهقة ناعمة فلتت منها لترتخي اصابعها قليلا و هي تحدثه بغضب باك...
(خوفي هذا بسببك أنت...دوما كنت أخوض تجاربي بيقين أنني وحدي من سينفذها فلا أعطي مجالا للخطأ أما الآن...الآن أنت هنا تخبرني أنك معي و ستساعدني...ماذا سأفعل لو تركتني في منتصف الطريق بعدما أكون قد ركنت كل دوافعي و رغبتي في الاستكمال جانبا؟!...سأغرق و أُغرِق من تشبث برقبتي!)
بهدوء متفهم قال...
(من قال انني سأتركك؟!)
عاد توتر انفاسها لكنه لم يمنحها الفرصة لتنظمهم فأردف...
(أريج لا تخبريني أنك لا تفهمين مشاعرنا حتى الآن!...أعرف أنك فتاة لم تختبر هذه الأمور من قبل لكنك كبيرة كفاية لتشعري بقلبك و بي...لتعرفي أنني حينما اقطع وعدا لك اقطعه لأنك بتِ تهميني)
تملصت بعصبية زائدة تحتمي خلفها من الرضوخ له و لمشاعره فلم تجد منه سوى ان شدد من تمسكه بها يهمس بجدية تامة...
(تهربين مجددا و تخافين مجهولا لا تدرين هل يستحق حقا كل هذا الخوف منك أم لا...)
اهتزت انفاسها المسموعة قرب أذنه فوصله مدى انهاكها لتؤكده بهمسها المتعب...
(مؤيد!...)
زفر بصوت عالٍ ليفك تشبثه بها ببطء ينظر في ملامحها الباكية...خفت ضيقه و هو يرى كم هي مرهقة حقا ليقول بلين...
(مؤيد لا يترك ما يريده ابدا فما بالك إذا كان ما أريده هو أنتِ)
تضرجت وجنتاها من كلماته المعبرة بقوة عن رغبته...اردف بحنان لامسها و هي في أشد حالات الاحتياج لهذا الحنان..
(دعينا نبدل ثيابنا و نجلس معا لنفكر في طريقة نصل بها لهذه الطبيبة)
اومأت بصمت ثم تحركت امامه الى الخزانة تستخرج ملابسها البيتية و قلبها رغم اضطرابه يغرد على نحو خاص...أن يتمسك بك احدهم و لا يتركك لهو شعور جميل يداعبها...
بعد قليل...
كانا قد بدلا ثيابهما و ها هو مؤيد يجلس فوق الأريكة يتابع أريج الواقفة قرب الشرفة تفكر بعمق و تأني لإيجاد الحل...زفرت بحدة تؤكد له ان افكارها اتعبتها ثم ترفع كفيها تشد على شعرها بقوة للخلف...استقام واقفا يتجه اليها قائلا
(استرخي أريج هذه الأمور لا تحل هكذا)
استندت بظهرها على الحائط المجاور لباب الشرفة تنظر اليه بشكوى بينما تقول...
(وصولي لهذه الطبيبة ليس صعبا لكن كيف سأجعلها تعترف بما افتعلته و خطتها مع سهر...كلما اصل لطريقة اجد بها الف ثقب و ثقب يخربها!)
وقف قبالتها يسألها بهدوء...
(ما هي خطتك؟)
تنهدت لترفع له عينيها الرائعتين و تقول...
(سأذهب لها كمريضة ثم لا اعرف ماذا سأفعل!)
منع ابتسامته بصعوبة ليقول بسخرية متعجرفة...
(تقفين هنا منذ ربع ساعة تقريبا تفكرين كمن يضع خطة حربية و في النهاية تقولين سأتقمص دور مريضة!...يا له من تفكير رائع!)
احتدت عيناها بالغضب فصاحت به بتحذير...
(مؤيد عقلي به ما يكفيه و لن اتحمل عجرفتك هذه!)
ادخل كفيه في جيبيه ليتقدم اكثر منها فتراجعت برأسها تلصقها في الحائط و تنظر له بترقب...وقف على بعد مسافة تكاد تكون منعدمة بينهما ليتكلم بكل هدوء و ثقة...
(أعرضي عليها المال و اطلبي منها ان تساعدك لتمنعي زوجة أخيك من الانجاب لكن لا تفعلي هذا من اول مرة...دعيها تتعامل معك كمريضة حقا)
ضيقت عينيها تفكر في حديثه فتتساءل بجدية...
(ألن ترفض؟!)
اقترب مجددا منها يهز رأسه مجيبا...
(لا...لقد فعلتها من قبل في هبه و بالتأكيد كان هناك مقابل مادي فلن ترفض في الثانية)
حديثه الواثق منحها القوة و الثبات فهزت رأسها مهمهمه بتفهم...
(جيد...سأفعل هذا)
تحركت لتبتعد عنه لكن ذراعه امتد جوار رأسها على الحائط فمنعها و اثار تعجبها...رفعت له وجهها المتعجب فصدمها قربه منها و صوته المتلاعب...
(لكن هناك معضلة أكبر في هذه الخطة)
عقدت ما بين حاجبيها تسأله بجدية...
(ما هي؟)
لفحتها انفاسه المداعبة كنبرة صوته شديدة القرب و هو يقول...
(حينما تقوم بفحصك الطبيبة ستعرف انك لست متزوجة و ربما هذا يثير ريبتها... فما رأيك ان أساعدك لتخطي هذه المشكلة؟)
يا له من جرئ!!...الحمرة القانية التي لونت وجهها كله من فحوى حديثه دفعته لأن يبتسم بجذل مطمئنا ان المعنى المقصود قد وصلها...داعبت بسمته قلبها فجعلتها تعيد اعترافها بأنه رجل جريء و وسيم جدا...و يبدو ان الموقف كان فوق احتمالها فتاهت بين الخجل و الغضب و تركت الحرية للحظة عته جعلتها تبتسم بينما تهز رأسها باستسلام تسأله بصوت يذوب خجلا...
(هل هذه طريقتك في حمل المسؤولية عني؟!)
ذراعه الموضوع فوق الحائط تحركت كفه لتلتقط خصلات شعرها بينما يجيب بنفس البسمة...
(انها الطريقة الفعالة صدقيني)
وضعت كفها فوق صدره تدفعه برفق للخلف و تطلق سراح نفسها بينما تقول بحزم خجول...
(وفر طرقك الفعالة فلن تجدي نفعا معي...هنا ارضا لا تتأثر بالسحر ايها الساحر!)
فلتت منه ضحكة خافتة و مستمتعة للغاية قبل ان يلتفت لها قائلا بثقة مغرورة...
(سنرى الى متى ستظل ارضك صامدة سيدة أريج)
تنحنحت أريج بمبالغة زادت بسمته قبل ان تعود لنفس الموضوع الاول فتقول بحروف متلعثمة...
(الفتيات ايضا يستطعن زيارة الطبيبة النسائية لذا لا بأس بألا تعرف انني متزوجة...نهاية الاسبوع سأذهب اليها)
هز رأسه بكسل محبب لقلبها ثم تحرك ليقف جوارها هامسا..
(سأذهب معك و انتظرك خارج العيادة)
التفتت له سريعا تناظره بشكر غير منطوق...اقترب منها يقبل وجنتها قائلا بحنان...
(لا بأس بأن أكون ابا لطفل جديد)
تعرف انه يقصدها هي بأنها اصبحت طفلته كما يائيل...لكن انوثتها المتذبذبة بما قاله قبل قليل جعلت جملته تخترق جدرانها بالكامل و تنقش عليهم امنية رائعة...بأن تهب مؤيد طفلا منها...يستحق طفلها أن يكون ابنا لأب رائع كمؤيد!




...يتبع...








AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-12-20, 11:14 PM   #1035

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السابع و العشرون




يوم الثلاثاء...بيت السمري
انحنت ام عيد تلملم الأتربة التي كنستها في الصالة داخل كيس قمامة أسود...و على سفرة الطعام كانت تجلس أم سلطان تحتسي شايها شديد السواد كسواد ملابسها بينما تتطلع لأم عيد بتريث...استقامت ام عيد تنفض التراب عن كفيها و تنهت بتعب...وصلها صوت ام سلطان و هي تسألها
(هل نظفتِ غرفة ممدوح فكان يشكو من اتساخها منذ أيام؟)
انزلت ام عيد طرفي جلبابها اللذين كانا مربوطين حول وسطها...عوجت شقتيها بجزع من قسوة قلب هذه المرأة على من يُفترض به انه زوجها...حسنا الجميع يعرف كيف اجبرها على الزواج لكنه الآن غير قبل فلقد هدته الدنيا بعد موت ابنه البكري و صار قعيدا بلا حول و لا قوة...لكنها ما زالت تحمل سوادا في قلبها تجاهه فتتركه في غرفته دون سؤال او مساعدة حتى لوجه الله...لكنها آثرت الرد على سؤالها بقول مطيع...
(نعم يا ام سلطان لقد نظفت غرفة أبي مظهر قبل تنظيف الصالة...)
عادت ام سلطان ترتشف من كوبها بينما عيناها في عيني ام عيد...انزلت كوبها ببطء لتردف بعده بنبرة عادية...
(ان لم يكن لديك عمل بعد تنظيف البيت اليوم اريدك ان تذهبي الى شقة رشاد السمري لتنظفيها...تعرفين صابرين دخلت شهرها السابع في الحمل و تحتاج من يساعدها)
اومأت ام عيد بتفهم لتنحني تلتقط كيس الأزبال بينما تقول...
(من عيني سأذهب لها اليوم...أكمل الله حملها على خير)
هزت ام سلطان رأسها بتفهم لترتسم بسمة مخيفة على شفتيها قبل ان تستقيم ام عيد و تراها فقالت...
(لم نكن نعرف ان ابنة المراكبي تزوجت إلا عندما رأتها صابرين في عيادة الدكتورة النسائية)
حملت ام عيد الكيس و استقامت تعقد ما بين حاجبيها بجهل لتقول بتصحيح...
(ابنة المراكبي!...لكن الاستاذة فاطمة تزوجت بعرس و زفة كبيرة عرف عنها الصغير قبل الكبير و الآن هي حامل في شهرها الخامس او السادس ربما!!)
رسمت ام سلطان التعجب على محياها فقالت...
(من قال فاطمة!...أنا أقصد ابنة عبد الصبور)
اهتز الكيس في يدي ام عيد قبل ان تسأل بجزع...
(هدير و ما الذي سيأخذها لعيادة نسائية انها لم تتزوج بعد!!...بالتأكيد صابرين مخطئة ربما اختلط عليها الأمر و ظنت انها رأت هدير)
تحركت عينا ام سلطان يمينا و يسارا بذهول زائف لتقول بتصميم...
(و هل ستتوه صابرين عن ابنة حيّها يا ام عيد...قالت رأتها تخرج من نفس العيادة ببطن ممتلئ)
سقط الكيس ارضا من يد ام عيد و قلبها ينذرها بنذير شؤم مرعب...تعاملت مع كل سكان الحي و دخلت بيوتهم لكن تبقى مكانة المراكبي غالية في قلبها...ابتلعت ريقها بوجل و هي تسمع صوت ام سلطان الشاهق بولولة مصعوقة...
(يا للفضيحة!!...البنت لم تتزوج بعد و حملت!...لو عرف سليمان عن هذا سينحر رقبتها وسط الحي كله!...جلبت لهم العار)
جفت الدماء في عروق ام عيد و قد زاغت نظرات المرأة لتهمس بصوت مهتز لكنها حاولت ان تحفظ سمعة المراكبي...
(ما بك يا ام سلطان تولولين و كأنك تأكدت من الخبر...بنات المراكبي يستحيل ان يفعلن هذا...استغفر الله العظيم اخبري صابرين من أن تحفظ لسانها و لا تنطق بما يسيء لشرف الناس و نصيحتي فلتصمت من الاساس فلو سمعها فرد من عائلة المراكبي لن يمرروها على خير و سيُفتح باب جديد للدماء)
مالت تلتقط خفها و حجابها الرث من الأرض و تبرطم بكلمات غير مفهومة حتى خرجت من باب الشقة...تنفست ام سلطان برضا تام لتعود بظهرها الى الكرسي تهمهم بشماتة...
(فليُفتح بدل الباب مائة و لتسيل الدماء و تغرق الجميع)
توجهت عيناها الى باب غرفة ممدوح فتجز على ضروسها و تكمل...
(و نذر علي لأخلع عني الأسود و أطلق زغاريدي بعدما اخضب كفيّ بدمائهما...ممدوح و سليمان هانت)
خرجت ام عيد من بيت السمري ترمي حجابها فوق رأسها دون اهتمام كيف وضعته و تسير بخطوات مهتزة في طريقها...ما قالته هذه المرأة ليس بالهين قوله و هي تعرف ما بين العائلتين من عداوة...مسحت وجهها بكفها لتهمس بخوف من القادم...
(قبّح الله وجهك أكثر من قبحه يا ام سلطان اخرجتي شيطاني و جعلته يوسوس لي...ماذا علي ان افعل الآن؟!!!)
**********
في بيت لبنى...
وقفت ميرنا في ركن تناظر هذا الرجل اجرامي الهيئة بعينين شاخصتين...تقضم اظافرها بتوتر رهيب و هي تراقب وقفته المخيفة امام حماتها التي تأمره بتحذير...
(كما اتفقنا ستفعل لا تزيد و لا تنقص عليه...دخولك للبيت سيكون ميسورا و لا أحد سيكون هناك سواها هي فقط و الباقي سيكون علينا)
حك الرجل ذقنه النامية ليقول بتفهم...
(فهمت يا ست الناس و لا تقلقي فما تريدينه اسهل من سرقة شقة)
ابتسمت لبنى بسعادة تعده بما يجعله كالخاتم في اصبعها...
(اتم عملك على اكمل وجه و سأعيشك في نعيم لم تحلم به)
ربت الرجل على صدره قائلا...
(سأفعل و سأجعلك تطلبين مساعدتي في كل شيء بعد ذلك)
مال الرجل على لبنى يسألها بغمزة عين...
(متى سأذهب؟)
رمقته لبنى بتحذير ليتراجع بجسده للخلف فأجابته...
(يوم الخميس ابقى جوار القصر حتى اعطيك اشارة للدخول)
ابتلعت ميرنا ريقها بوجل تهمس...
(لكن...)
(اصمتي أنتِ)
امر لبنى الحازم و القاطع اوقف ميرنا عن استكمال ما تريد قوله...لتلتفت بعدها اليها توبخها بحدة
(يكفي ان الأمر تأجل بسببك بعد سفر والدك...ماذا تريدين ان ننتظر حتى يعود من السفر و تضيع الفرصة)
ثم عادت بوجهها الى الرجل تأمره بنفس الحدة...
(و أنت أذهب الآن و انتظر اتصالي)
اومأ طائعا ليخرج من باب البيت فقابله باهر الذي رمقه بتفحص متوجس...رفع الرجل كفه الى رأسه يحيه ببسمة اجرامية ثم يكمل طريقه للخارج...دلف باهر بملامح متسائلة و نظرة مذهولة من دخول هذه الأشكال الى بيته...وقف قبالة أمه يسألها
(من هذا الرجل و ماذا يفعل هنا بالضبط؟!)
تلبست لبنى دور الوقار فابتسمت برصانة تقول...
(يسأل عن عمل و قلت له لا يوجد...)
تركته لتتحرك الى الدرج فيتوجه هو الى ميرنا متسائلا بعدم اقتناع...
(ماذا يحدث هنا ميرنا؟!...و أي عمل يبحث عنه هذا الرجل؟!)
اخرجت ميرنا غضبها و رعبها كله في صيحة حادة و هي تقول...
(لا اعرف و لا تسألني عن أي شيء)
تركته لتركض هي ايضا الى الدرج و يبقى باهر واقفا مصعوقا من رد فعلها فينظر حوله كمن يسأل اثاث بيته عما رآه و سمعه دونه ثم يهمس بتخوف...
(لمَ اشعر بأن هناك مصيبة تحوم حولنا؟!)
********
عيناه الزرقاوان يجولان في نظرات فضولية متفحصة بينما اصابع كفيه المستريحين على عجلة القيادة يربتان بحركة رتيبة...انه امام عيادة الطبيبة النسائية و أريج بالداخل...الحي حوله بسيط للغاية كبساطة الناس الذين يمرون و يلقون نظرات خاطفة لهيئته و سيارته الفخمة...سهل اللعب بعقولهم تحت اسم العلم... سلس ان تجعل من اعتى رجالهم عجينة طرية تُشكلها كما تشاء...و هذه الطبيبة استغلت جهلهم و ثقتهم بها...ربما هبه ليست الأولى لكن بالتأكيد لن يتركها حتى يجعلها الأخيرة التي تتلاعب بحياتها...زفر بخفوت و عيناه تثبتان على مدخل البيت البسيط الذي تقع فيه عيادتها...ترى ماذا يجري مع اريج بالداخل؟!...قلق عليها جدا حتى و ان كانت شجاعة ذكية تستطيع حماية نفسها لكنه بالفعل يشعرها ابنته الصغيرة التي تحتاجه...
بالأعلى...العيادة
جلست أريج أمام الطبيبة التي بدأت تكتب لها بعض الأدوية...تخبئ بصعوبة نظراتها اللاعنة خلف بسمة مفتعلة و هي تسألها بهدوء
(ما هو وضعي يا دكتورة؟)
دون ان ترفع الطبيبة وجهها اجابتها بعملية...
(ليس شيئا مخيفا انها بعض الالتهابات و قد وصفت لك الدواء المناسب)
قطعت الورقة من دفترها لتعطيها لأريج ثم تعيد تقييمها للمرة العاشرة...تبدو بملابس أنيقة تدل على رفاهية حياتها إذًا لماذا هي هنا...سألتها الطبيبة مباشرةً فلقد اعتادت على وجوه باهتة رثة
(اعتقد انك لست من هذه المنطقة...)
اومأت أريج بنعم بسيطة و مقصودة كنبرة صوتها شبه الهامس...
(نعم لست من هنا...لا أريد أن يعرف أهلي عن زيارتي لطبيبة نسائية)
اصدرت الطبيبة صوت تفهمها بينما تقول...
(لا بأس...)
تنهدت أريج لتهمس بصوت حزين مفتعل...
(شكرا لأنك لم تسأليني عن اسباب اخفاء هذه الزيارة عن اهلي فغيرك سأل و حينما عرف رفض مساعدتي رغم المبالغ الكبيرة التي عرضتها عليهم!)
رمقتها الطبيبة بتفحص لتقول بعدها...
(أنا لا أهتم سوى بالمريضة أمامي أما حياتها الشخصية لا تعنيني آنسة أريج)
منحتها أريج بسمة متسعة لتقول بينما تحمل حقيبتها من فوق المكتب...
(شكرا دكتورة...يبدو أننا نتفق على نفس المبادئ)
تصافحتا حتى خرجت أريج من غرفة الفحص...نزلت درجات السلم بوجه تغضن بالقرف...مؤيد محق المال سيغريها لتوافق على أي شيء...خرجت من باب البيت فكانتا عينا مؤيد أول مستقبل لها...طمأنته بنظراتها حتى وصلت للسيارة و دلفتها...و قبل ان تنطق بشيء همس لها مؤيد بتحذير...
(لا تقولي شيئا الآن انها تراقب السيارة من شرفة العيادة)
ابتلعت أريج كلماتها الغاضبة لتهمس مثله...
(حسنا...)
شغل مؤيد محركه ليخرج من هذا الحي و عينا الطبيبة تتبعا سيارته فتهمس...
(ترى ماذا تحتاج هذه مني؟!...يبدو سيخرج لي مبلغا رائعا لكن لا بد من توخي الحذر)
**********
يوم الأربعاء صباحا...
نزعت غسق نظارتها البلاستيكية الكبيرة و التي ترتديها عادة حينما تقوم بإجراء التجارب على المواد الأولية التي ستصنع الشركة هنا منها الأدوية ليتأكدوا من جودتها...جلست على كرسيها تسجل بيانات التجربة و ما قامت به من خطوات كإجراء مهم القيام به...سمعت صوت زميلتيها اللتين تتحدثان كدردشة حتى ينتهي تفاعل تجربتهما و الذي سيستغرق حوالي ربع ساعة...في هذا المعمل الكبير الذي يحوي أربعة صيادلة غيرها اعتادت سماع دردشات كهذه بسبب استغراق معظم التجارب وقتا طويلا...
(فستانها يبدو باهظا...لكن هي دوما تحب التباهي فلا عجب ان تتباهى في يوم عرسها!)
ردت الأخرى بينما تتفحص هاتف الأولى...
(لم اتعامل معها من قبل مثلك لكنني اوقات اراها في النادي تسير كطاووس مفتخر بجمال ريشه)
ضحكت الأولى و هي تقول...
(معك حق في تشبيهك فهي تظن نفسها محور الكون...و الله تعجبت من خبر اتمامها لهذه الزيجة بعدما طالت فترة الخطبة...اعتقدت انها تتسلى كمن كانوا قبله)
اردفت الثانية ببساطة...
(انا ايضا تعجبت من الخبر خاصة ان عريسها هذا اقل منها في المستوى المادي و الاجتماعي...لارا الوكيل اشعرتني انها ستتزوج من كائن فضائي بسبب غرورها و تلاعبها بالشباب حولها)
ضحكت الأولى مجددا تقول...
(كلامك صحيح جدا و تشبيهاتك تضحكني...من هن مثل لارا تريد رجل مطيع و هي و والدها جعلاه كما يريدان...فله الله دكتور....لحظة ماذا كان اسمه؟!)
اجابتها الثانية بسخرية...
(دكتور رامي...)
انخرطتا في ضحك ساخر على لارا و عرسها المرتقب...كل هذا مر على غسق عاديا للغاية حتى نُطق اسمه فتوقف القلم عن الكتابة...رفعت وجهها تنظر امامها بغرابة لا توصف...هذا الاسم تشعر و كأنها سمعت عنه اخر مرة منذ قرون عديدة...رامي!!...ماضيا كانت تحمر خجلا و تنبض ترقبا لسماع هذا الاسم أما الآن فيخترق كيانها كله دون ان يلمس شعرة واحدة من وجدانها...كيف سيؤثر بها بحق الله و قد عرفت معنى الخجل و شعرت قوة النبض مع كرم...رامي كان مرحلة باهتة ليس لها عنوان في حكايتها أما كرم فهو بداية الحكاية و سيكون نهايتها...صوت زميلتها وصلها و هي تسألها بمرح...
(هل تعرفين لارا الوكيل و عريسها غسق؟!)
التفتت لهما تبتسم ببساطة و هي تهز رأسها نفيا...فحقا هي لا تعرفهما...من تعرفت عليهما كانت فتاة غيرها...فتاة ضيقة عقل...اغلقت عينيها عن رجل تضج روحها لأجله بمشاعر عذبة و لهثت خلف واجهة و سراب لا اساس له...صوت الاخرى جاء ضاحكا و هي تدعوها...
(لو انهيت عملك تعالِ جوارنا فلا يهم انك تعرفينهما او لا سنعرفك نحن على عروس الساحة الطبية المرتقبة و عريسها المجهول)
التمعت عينا غسق فزاد رونقهما و هي تقف لتقول بلطف بينما تتجه الى باب المعمل...
(علي اجراء مكالمة هامة)
تفهمتا الاثنتان طلبها فخرجت غسق سريعا تفتح تطبيق الدردشة و تترك رسالة للطبيبة كريستين...
«جلست الغد ستكون ثلاثية...أنا أريد كرم معي»
اغلقت التطبيق لتبحث عن اسمه و تتصل به...تنتظر سماع صوته الرجولي ببحته الدافئة...تتلهف للشعور بأنفاسه و هي قريبة من أذنها...و قلبها ينبض بقوة ليعلن لها حقيقة مشاعرها...هي تعشق كرم!
وصلها صوته الحاني فابتسمت قبل ان يرتسم الاصرار عليها فتقول...
(غدا ستحضر معي جلسة المعالجة هل تمانع؟!)
صمت قليلا قبل ان يقول بصوت يحاوطها و يتغلغل لروحها...
(انتظرت هذا الطلب طويلا جدا غسق...)
و هي ايضا انتظرت مثله طويلا جدا...لكنها كانت خائفة في البداية من بشاعة حادثها...و بعدما تأقلمت مع الأمر باتت قلقة عليه هو من ان تجرحه و هي متخبطة لا تعرف ماهية مشاعرها...أما الآن و هي واثقة ثقة عمياء بأنها تحبه حب لا نهاية له فتريده معها...تريد ان تتخطى معه اخر عقبة لتتمكن من منحه ما يستحق كرجل كما منحته قلبها برغبتها...تسارعت انفاسها بحماس من الآن لتقول بثقة...
(لا مزيد من الانتظار كرم...أنت لا تستحق ان تنتظر اكثر بعد)
و كأنها اعترفت له و لها معا بالقبول...قبوله كزوج و قبول علاقتهما كعلاقة طبيعية...سمعت صوت انفاسه المضطربة فتخضبت وجنتاها خجلا حتى وصل صوته...
(هل أنتِ واثقة؟!... انتظرتك لسنوات غسق فلا ضير بانتظار القليل بعد)
ارتجفت من كلماته المعبرة بقوة و التي تعزز بداخلها مشاعر عارمة و سعيدة جدا...اجابته بصوت خجول
(انا واثقة كرم...)
بحته اختلطت بصوته الأجش و هو يقول...
(قتلني انتظارك مرات و مرات يا غسق...فعهدا علي أمام ربي ألا أخذل هذه الثقة ابدا...)
ارتعشت شفتاها تأثرا بحديثه و كم تمنت لو تستطيع مكافأته على كل شيء...بأن تكون امرأته الكاملة دون نقص...صوته عاد حانيا و سعيدا
(غدا ان شاء الله سأعود باكرا من الميناء لأكون معك)
همهمت بتفهم لتغلق معه الخط و قلبها ينبض بلا توقف...غدا ستضعهما الطبيبة كريستين امام الحقائق و القرارات المصيرية...غدا فقط يمكنها ان تتخطى وضعها فتعيش حياة طبيعية...و كم تتمنى ان تتخطاه لأجل حياتها مع كرم
على الجهة الأخرى...
اغلق الهاتف و بسمته تكاد توازي في اتساعها اتساع البحر أمامه...لاحظه أيوب من على متن المركب فنادى له بمشاغبة...
(كروم يا غالي لم نكن نعرف ان ابتسامتك حلوة هكذا)
ضحك كرم بصوت مسموع فقلبه يريد ان يطلق العنان للضحك و ربما الصراخ عاليا ليسمع الكون أجمع ان غسق باتت واثقة من رغبتها في استكمال حياتها معه...ربت انور على كتفه قائلا...
(ادعو لي الله ان يعينني على هذا السمج و نحن في عرض البحر)
هدر ايوب بمرح خبيث...
(هيا يا عديلي لقد تأخرنا هذه المرة لو كان كرم معي لكنا ابحرنا مع أذان الفجر)
تكلم كرم بضحكته التي لا تزال مسموعة...
(لا تلقيه في البحر سنحتاج له بعد عودتكما لأجل خطبتك)
منحه انور بسمة شاكرة فيقول...
(لا حرمني الله منكما...)
صدر صوت ايوب عاليا...
(هيا يا أنور المركب تحرك)
حثه كرم على الاسراع بينما يقول...
(وفقكما الله...رحلة سالمة ان شاء الله)
راقب المركب كيف يبتعد امام عينيه اللامعتين ففلتت ضحكة اخرى خافتة و جذلى...ضحكة عاشقة و متيمة...متى سيحين الغد ليوثقا معا قبولا من كليهما لاستكمال حياتهما معا...و يقسم بأن أول شيء سيفعله بعدها هو أن يهمس بسر عشقه لها فوق شفتيها...فقط ليأتي الغد!
********
من الزقاق الجانبي شبه المظلم رغم ان الشمس لم تغرب بعد...وقف سيد في زاويته يتطلع الى البيت المقصود...دقائق مرت حتى خرج من باب البيت المتهالك شاب ربما يماثله سنا لكنه هزيلا جدا...يتلفت حوله يمينا و شمالا ثم يقطع الشارع بخطوات لاهثة...و قبل ان يمر بالزقاق خرج سيد ليقف قبالته قائلا بنبرة عادية ليهدأ من هذا الرعب و الترقب في عيني الشاب..
(مساءك فل يا زميل أريدك في مصلحة)
ضيق الشاب عينيه بتوجس يسأله بحذر...
(من أنت و أي مصلحة تحتاج؟)
التفت سيد حوله ليوضح له انه يخشى الحديث هكذا علنا لكنه اراد ان يبرد نيران قلقه فدس يده في جيب بنطاله يستخرج هاتفا ذكيا على احدث طراز ليهمس بتخوف من ان يسمعه غيرهما....
(الشباب دلوني عليك لتتصرف لي في هذا الهاتف)
زحف الهدوء الى قلب الشاب بينما يناظر الهاتف بلعاب يسيل...انه هاتف ثمنه يساوي ثمن حيّه كله تقريبا...التمعت عيناه بزهو ليمد يده و يلتقط الهاتف من سيد يقلبه بين كفيه متسائلا...
(سرقة أم تخليص حق؟!)
حك سيد انفه قبل ان ينتشل الهاتف من يدي الشاب قائلا بعدائية...
(هل لك أن تأكل بصمت أم أن تبحلق؟!...ما لك أنت سرقته أو نهبته إن تستطيع بيعه فقل و إن لا فلا تتفلسف و دعني اتصرف فيه بمعرفتي)
اسرع الشاب بالتقرب من سيد فلا يصدق ان فرصة كهذه تأتيه و يرفضها فقال بمهادنة...
(لا يكن دمك حاميا هكذا يا رفيق...فقط اسأل كي أعرف كيف اتصرف به...لكن لا يهمك أنت جئت في المكان الصحيح و لأنها أول مرة نتعامل سآخذ فقط ثلثين المبلغ)
ارتسم الرفض المختلط بقلة الحيلة على وجه سيد بينما يقول برضوخ...
(حسنا اتفقنا....)
ابتسم الشاب ملء شدقيه لتظهر اسنانه الصفراء المتهالكة من تدخين السجائر...نظر سيد اتجاه الزقاق يؤشر عليه قائلا...
(معي ايضا هاتف آخر لكنه بكلمة سر و لا استطيع فتحه تعال معي لتراه و ان تمكنت من فتحه خذه و بيعه مع هذا)
ابتهج الشاب كثيرا ليتوجه مع سيد الى الزقاق قائلا بتوضيح...
(لا يهم ان اخترقنا كلمة السر فهذا ليس امرا مهما...المهم أريني إياه لنعرف ان كان يستحق أم لا)
دلفا معا الى الزقاق المظلم فتقدم الشاب و سيد خلفه ليتساءل...
(أين هو الهات....)
و قبل ان يكمل كان سيد يدفعه بقسوة الى حائط الزقاق يلصقه به بينما يضغط على عنقه بقوة كبيرة...عيناه تشعان انتقاما فلا يتأثر بحمرة وجه الشاب القانية...لفظ الشاب حروفه بصعوبة...
(ما...ماذا...تفعل؟!)
ارتعش وجه سيد من قوة ضغطه على عنق الشاب بينما يرعد بصوته...
(أحاول أن آخذ روحك بيدي يا قذر)
تملص الشاب كثيرا لكن سيد مكّن قبضته ليكمل بعنف...
(من منحك صور دكتورة حي المراكبي و طلب منك ان تنشرها و تعطيها للشباب؟!)
جحظت عينا الشاب بألم مما يمر به و بهلع من اعادة فتح هذا الامر تحديدا...فبعدما وافق ان ينشر صور قيل له انها ساخنة و قبض ثمنها إلا انه حينما عرف ان ابناء المراكبي في الأمر فر هاربا ينقذ نفسه...هزه سيد بقسوة تزيد كلما مر الوقت ليهدر...
(من طلب منك هذا يا عديم الشرف و الرجولة؟!!...انطق)
اللون الاحمر القاتم يتدرج الى ازرق فاتح ليعلن ان التنفس بات مستحيلا لكن سيد لا يفقه سوى ان بين يديه من اساء لسمعة غسق و من وعد نفسه قبل اي احد ان يجده حتى لو بعد سنوات...تحركت شفتا الشاب و كأنه ينوي قول شيء فخفف سيد من قبضته و مال بوجهه اليه ليلتقط كلماته و قبل ان يسمع حرفا واحدا انتفض جسده اثر هذه الضربة القوية خلف رأسه...تأوه سيد بتوجع و في ثوان كان طريح الارض و فاقد للوعي برأس ينزف!...ابتعد الشاب عن الحائط يلتقط انفاسه كشهقات عالية و يدلك عنقه بألم بينما يناظر جسد سيد المطروح امامه ارضا فيرفع وجهه لهذا الرجل ذو الندبة على خده...القى داغر قالب الطوب ليجاور جسد سيد ثم يمد كفه يلتقط الشاب من قميصه و يجرجره معه في حركة جبرية...ابتلع الشاب ريقه بصعوبة يسأله برعب...
(من أنت ايضا و ماذا تريد؟!)
صمت داغر كان جوابه حتى خرجا من الزقاق فيتضح وجه داغر اكثر...وجه مخيف يبث الخوف في من حوله دون ان ينطق حتى...رن هاتف داغر فدس كفه الحر في جيبه يخرجه و يجيب على المتصل...
(هذا جيد...نعم ضع الكمية كلها في سيارته...لا يهم فقط نفذ ما طلبته منك...لا سلطان و لا غيره يمكنه منعي من فعل ما أريد)
و بغضب حاد اغلق الهاتف ليناظر الشاب بجمود مرعب...ها هو التقطه اخيرا بعد ايام من الانتظار...لا يصدق ان كلب كرم الصغير وصل اليه قبله...لكن لا بأس فهو لن يضحي بخطته مهما صار...انتقامه سيأخذه كامل مكمل و ان تغيرت الطرق...هذا الغر تحت قبضته سيوصله لمن اغتصب الدكتورة و سيحرقهم و ينفخ في رمادهم ليتناثروا فلا يعثر عليهم احد و لا تصل الشرطة اليه...أما كرم فربما الخطة الأولى هي الأنسب و لن يفكر احد بأنه سيعيد الكرة مرة اخرى...فليضرب كرم هذه المرة بنفس السلاح القديم...ربما هو صدئ لكنه يظل سلاحا يخلصه من كرم....و هدير؟!!!...نعم سيكف عن التفكير بها و ان تطلب الامر ان يستخرج عقله و يدهسه بقدمه سيفعل...سيفعل اي شيء ليعود كما كان اسما تهتز له الأبدان بالرعب...داغر السمري!




...يتبع...











AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-12-20, 11:18 PM   #1036

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السابع و العشرون





وقت المغيب....
اغلقت باب شقتها البسيطة ثم وضعت وشاحها الرث على رأسها لتخرج من بوابة البيت بوجه متوتر بينما تهمهم مع نفسها بصوت مسموع غير آبهة بالناس حولها...منذ الأمس و هي حبيسة بيتها بعد عودتها من بيت السمري...لم تذهب الى صابرين رغم انها ارادت ان تسألها و تسمع الاجابة من فمها هي...لكنها نهرت نفسها من مجرد فتح هذا الأمر مع غير المعنيين به...ظلت تفكر طيلة الليل ما يجب ان تفعله و عقلها البسيط لم يجد سوى ان تنبه اصحاب الشأن و تنصحهم...نعم يجب ان تحذر ام هدير و ابنتها فهما امرأتان وحيدتان و ما إن تطالهما الألسن لن تصمت فيما بعد...هزت ام عيد رأسها باستحسان لما هداها تفكيرها اليه بينما تهمس بيقين...
(على رأي المثل يا بَخْت من أبكاني و بكى علي و لم يُضحكني و يُضحك الناس علي)
و على إثرها خطت خطواتها الى بيت ام هدير...
شقة أم هدير...
بسمتها اتسعت بقوة و هي تحدث سليمان على الهاتف و الذي ابلغها ان ابن الحاج رضا وصل بالأمس و غدا سيجلسون معا و ليفعل الله ما به الخير... شكرته بقولها السعيد و راحة قلبها المرجوة...
(عشت لنا يا حاج سليمان و لا حرمنا الله من وجودك... طبعا يا حاج هي ابنتك... حسنا أراح قلبك الله... و عليكم السلام يا حاج)
اغلقت معه الخط لتنظر الى ابنتها الملتصقة بباب غرفتها المفتوح فتشع ابتسامتها براحة بينما تقول...
(غدا سيجلس الرجال معا و يتكلمون في امر زواجك)
بهتت ملامح هدير بجزع و قد اخرستها الصدمة... ماذا تفعل و كيف ستتخلص من حملها؟!... انها مرعوبة من ان تجازف في اجراء عملية الاجهاض كرعبها من ان يُفضح امرها امام الجميع... جف حلقها و هي تهمس بتوسل
(لماذا تتعجلون بالزواج؟!... أنا لا أريد ان اتزوج الآن)
تبدلت ملامح وجه امها السعيدة بأخرى غاضبة و متخوفة بينما تقترب من ابنتها تسألها بصوت حاد رغم رعبها...
(ما بك بالضبط ليصفر وجهك هكذا كلما قلنا زواج؟!.. ماذا تخبئين عني؟!...)
كادت امها ان تقترب منها فأسرعت هدير دون وعي بشد سترة منامتها لتغطي بطنها التي دفنتها تحت ملابسها الكثيرة... و قبل ان تمسك امها ذراعها سمعتا صوت الطرقات على الباب... انتهزت هدير هذه الفرصة فدلفت الغرفة بسرعة و اغلقت بابها دون كلمة واحدة بينما امها توجهت الى الباب بقلب يتفتت ترقبا و جزعا... قلب امومتها ليس مطمئنا فيا ويلها لو صدق في ظنه!!... فتحت الباب بأصابع ترتعش فطلت ام عيد بوجه شاحب ملقية السلام...
(السلام عليكم يا ام هدير...)
تزحزحت ام هدير للخلف لتسمح للمرأة بالدخول بينما ترد عليها بصوت خافت و عقل تقتات عليه الظنون...
(و عليكم السلام يا ام عيد تعالِ...)
اغلقت الباب و تحركتا معا حيث طاولة الطعام في منتصف الصالة لتجلس ام عيد بينما تسألها ام هدير بصوت مهموم...
(شاي أم ينسون يا أم عيد؟)
امسكت ام عيد كفها تسحبها منه الى الكرسي المجاور بينما تقول بصوت مشابه لأم هدير...
(لا هذا و لا ذاك... تعالِ اجلسي فعندي لك كلمتين)
عقدت ام هدير ما بين حاجبيها لتتحرك مع المرأة و تجلس جوارها متسائلة بعدم فهم...
(ماذا هناك يا ام عيد؟!)
ناظرتها ام عيد بتردد لكنها لم تتمكن من الاطالة لتقول دفعة واحدة...
(الامر يخص المحروسة ابنتك)
انقبض قلب ام هدير بقوة و شحبت ملامحها بهلع و عقلها لا يضع امامها سوى الأبشع من التصورات... بحروف مهتزة مهترئة كحالها كله همست...
(ما... ما بها ابنتي؟!)
اقتربت ام عيد منها تخفض صوتها بينما تقول ما حدث بحسن نية و كل همها ان تحذر ام هدير لأجل سمعة ابنتها...
(ربي شاهد انني اخشى ان تلوك سيرتها الألسن... بالأمس كنت في بيت السمري فسمعت حديثا لم يعجبني عن ابنتك)
صوت ابتلاع ريقها كان مسموعا خاصة ان حلقها اصابه القحط فسألت برعب...
(ما الذي تقولينه يا امرأة... أي حديث هذا الذي يجعل أناس قليلي الشرف كبيت السمري ينطقون في حق ابنتي؟!!)
و كأن ام عيد وجدت ضالتها فقالت بسرعة...
(ها جئنا لمربط الفرس و ان بيت السمري قليلي الشرف و قد يتلاعبون بسيرة ابنتك كما يشاؤون و كما حدث بالأمس حينما افترت عليها ام سلطان و قالت ان صابرين زوجة رشاد رأتها تخرج من عيادة نسائية ببطن منتفخ...)
تصلبت اصابع ام هدير فوق طاولة الطعام و جحظت عيناها ليتساقط الرعب منهما و تتراقص هواجسها امامهما...انتفضت من مجلسها تناظر ام عيد التي انخرطت في نصح لأجل هدير بهستيرية كحال صوتها الصائح...
(قُطعت السنتهم و مُرغت وجوههم في الوحل...من هم لينطقوا بالباطل في حق ابنتي...لعنهم الله عديمي الشرف خاربي البيوت...ابنتي...ابنتي...يا للمصيبة!!)
و كأنها كانت تصارع خواطرها هي و تعاند تصرفات ابنتها الأخيرة و المريبة...كانت تصرخ في نفسها قبل أي شخص لتخرس لسان وسواسها بل و تقطعه...لكنها لم تتمكن من استكمال دفاعها اكثر و قلبها يحترق من هول ما سمع و ما ربط من احداث...اهتاجت انفاسها و هي تلتف حولها بصورة مرعبة و مثيرة للشفقة جعلت ام عيد تهب واقفة من كرسيها تحاول جاهدة ان تلجم ثورتها...توقفت نظرات ام هدير على غرفة ابنتها فركضت في خطواتها اليها بينما تهدر...
(ابنتي التي تعبت في تربيتها و رهنت حياتي عليها ليست كما يفترون هؤلاء القذرة...)
فتحت الباب بقوة لتجد ابنتها واقفة جوار سريرها منكمشة على نفسها بنظرة جزعة و وجه بالي...اقتربت منها امها بحركات حادة دون وعيها و كل ما يطوف بخلدها ان تثبت براءة ابنتها لنفسها اولا...امسكت مقدمة سترة منامتها تسحبها بقسوة و هي تصرخ...
(انزعي هذه السترة يا هدير...دعي ام عيد ترى بعينيها انك لست كما قيل)
هرولت ام عيد اليها تمسكها من كتفيها و تحاول سحبها بعيدا عن هدير المتخشبة في وقفتها تتشبث بسترتها بقبضتين مستميتتين...
(اهدئي يا ام هدير لا حول و لا قوة إلا بالله...ماذا اصاب عقلك يا امرأة لتفعلي في بنتك هذا...نحن نعرفها و نعرف انه افتراء عليها)
دفعت ام هدير ام عيد عنها و ملامح ابنتها تعلنها صراحةً بأن ما تخشاه قد حصل...صمتت فجأة و اتسعت عيناها دون ان تفلت سترة المنامة فتقول بأمر صارم...
(انزعي سترتك هدير...)
في هذه اللحظة لم تتمالك هدير نفسها اكثر و رعبها تفاقم حتى غطى روحها فهمست بتوسل باكٍ بدموع تعاني ذل فعلتها....
(لا تفعلي أمي اتوسل اليك....لا تفعلي و اتركيها)
الصمت هذه المرة كان نصيب المرأتين بينما هدير انخرطت في نحيب عالٍ تنكس رأسها بعار و كفاها لا يزالا متشبثين بسترها الوحيد...فما أصعب ان يرفع الله ستره عنك فلا يكفيك لباس الأرض كله لتستر نفسك!!!
تساقط الدمع من عيني ام هدير رغم صلابة ملامحها الجامدة...قلبها قسي و زادت قسوته و هي تبعد كفي ابنتها بعنف عن سترتها فتشقها نصفين تصم آذانها عن صريخ ابنتها المتوسل...اجبرتها على نزعها فلم تكتفي عيناها من التأكد لتستكمل نزع ملابسها كلها بدموع تسقط جمرا ملتهبا من مقلتي أم تحتضر...القت اخر قطعة من ملابس ابنتها ارضا و تركتها عارية إلا من ملابسها الداخلية ...شهقة ام عيد خلفها و بكاء ابنتها امامها لم يستطيعا التأثير على حواسها التي اختزلتها كلها في نظرة مصعوقة الى بطن ابنتها البارز...
صوت ام عيد بدأ يتدخل مع انفصالها عن الواقع فيخبرها أي مصيبة وقعت على رأسها...
(لا وفقك الله يا هدير... ماذا فعلتي بنفسك و بأمك يا بنت؟!)
عاد تنفس ام هدير يعلو تدريجيا و هي تناظر ابنتها التي تحاوط بطنها بذراعيها تعتقد انها هكذا تخبئ فعلتها عنها... لم تشعر بنفسها و هي تهوي على خد ابنتها بصفعة ترجمت فيها كل ما تمر به من رعب...خذلان... عار و ألم... محاولة ام عيد في ان تبعدها عن هدير التي كادت تسقط ارضا لم تفلح... بل اقتربت ام هدير من ابنتها تصفعها مجددا مرارا و تكرارا فيعلو صراخ ابنتها الذي يزيدها غضبا... امسكت شعرها بقبضة من حديد ترج رأسها بقسوة بين كفها و هي تهدر بها بعنف باكٍ...
(من... من فعل بك هذا؟!... من وضع رأسنا في طين العار؟!... من سلمته نفسك و خنتي اهلك لأجله؟!... انطقي)
صرخت هدير بوجع و خوف و هي تختض تحت قبضة امها فتصرخ بنحيب متقطع...
(لا أحد... لا أحد)
جذبت امها شعرها للخلف فارتفع وجهها لها ليكن نصيبها صفعة قوية بينما ترعد امها...
(كيف واتتك الجرأة على فعل هذا؟!... كيف كنتِ تقضين وقتك معه ثم تعودين الي تبتسمين في وجهي و تتعاملين بأريحية؟!... متى بتِ بهذه القذارة؟!)
بذلت ام عيد مجهودا جبارا لتتمكن من ابعاد ام هدير عن ابنتها التي تكاد الدماء تنفر من وجهها كما نفرت من فمها...تراجعت بها للخلف تكلمها بصدر يلهث...
(ما عاد ينفع البكاء الآن يا ام هدير المهم ان تصلوا لهذا الشاب و تتستروا عليها... و الله لو انتشر الخبر في الحي لسالت الدماء)
وقفت ام هدير تنفث غضبها و قهرها في انفاس مطعونة حتى خانتها قوتها فتشهق بينما تهدر في ابنتها بضعف امرأة وحيدة...
(ماذا فعلت لك لتفعلي بي هذا؟!...كيف سأواجه والدك عند رب كريم و ماذا أقول له حينما يسألني عن امانته... عن عرضه و شرفه؟!... يا لحرقة قلبي!!... كيف هان عليك والدك لتدهسيه و تفرطي في نفسك هكذا؟!... ألا تخافين من رد فعل ابناء المراكبي لو عرفوا... سيقتلونك و لن تبكي عليك عين واحدة... منك لله يا هدير يا ابنة بطني)
ظلت تردد دعائها الأخير بصوت يخفت بخزي و يتشح بعار ابنتها بينما تدفعها ام عيد للخروج من الغرفة… تكورت هدير ارضا جوار سريرها تنتحب بصوت يذيب القلوب و تنعي سوء فعلتها... دلفت لها ام عيد مجددا و رغم كل شيء البنت تثير شفقتها... مالت تلتقط احدى ثيابها و تتوجه اليها تلبسها اياها قائلة بصوت حزين...
(نكست رأس اهلك الذي لم يعرف إلا الزهو... لماذا يا ابنتي تبخسين حقك و حقهم بهذه الطريقة؟!)
علا صوت بكاء هدير المتقطع و لم تقوَ على الرد... تنهدت ام عيد لتساعدها على الوقوف و تجلسها على طرف سريرها بينما تهمس...
(الله يستر من القادم...)
تركتها لتخرج و تغلق باب الغرفة فتغمض هدير عينيها بألم رهيب... تخيلت كثيرا ان امرها سيكشف لكنها لم تكن تتوقع ان ينبذها الله من رحمته فعلا و يرفع حجاب ستره... لطمت وجهها بكفيها و هي تصرخ بندم كبير...
(ليتني متُ... ليتني متُ)
في الليل...
صوت بكاء امها المكتوم يأتيها حتى باب غرفتها و هي اضعف من ان تفعل اي شيء...صوت امها الباكي أتاها ليصفعها مجددا و هي تشكو بثها و حزنها لله...
(فلتسامحني يا رب لم أكن كفء لحماية ابنة و هبتها لي...لكنك تشهد انني لم اقصر معها و اني دفعت من عمري لأجل راحتها و حمايتها لكنني فشلت...فلتغفر لي و تهديني للصواب في أمرها)
ابتلعت هدير ريقها بخزي و حال أمها يقتلها...نظرت حولها في الغرفة و كأنها تفكر في طريقة للخلاص من كل هذا...و من بين تيه و خوف تردد صوت الممرضة التي قالت ستساعدها لتجهض هذا الطفل...لامست بطنها بأصابعها فسالت دموعها و هي تهمس...
(لا ذنب لك سوى انك خلقت في رحم امرأة مثلي)
**********
دلفت هيام غرفة ابنتها سريعا تتوجه الى سريرها لتمد لها الهاتف بينما تقول...
(زوجك يريدك)
اخذت فلك الهاتف لتعتدل في سريرها و تضعه فوق اذنها قائلة ببسمة...
(مساء الخير طارق كيف حالك؟)
وصلها صوته الحنون...
(مساء الخير حبيبتي انا بخير... كيف حالك أنتِ و حال الصغير)
طفى الدفء فوق قلبها فظلله بالراحة و سؤاله عن ابنه يزين مسامعها... شعت ابتسامتها بالرضا لتهمس
(نحن بخير الحمد لله... كيف يسير العمل و هل ستقضي اسبوعا كاملا فعلا؟ )
اراحت رأسها على وسادتها تستمع له...
(كل شيء يسير بشكل جيد... اشعر و كأن هذا الصغير وجهه خير علي...و بالنسبة للتوقيت سأحاول ان أعود باكرا)
همست بصوت ممتن...
(تعود لنا بالسلامة طارق)
صمت قليلا قبل ان يقول لها بأمل...
(كنت اهاتف ميرنا قبل قليل و قالت ستمر عليكِ بالغد... انا حقا سعيد بمحاولتها للتقرب منكِ فلك)
توترت انفاس فلك لكنها آثرت الصمت فلا يمكنها ان تكسر فرحته بخطوة ابنته العجيبة من وجهة نظرها... فقبل سفر والدها أتت مرات قليلة و كان طارق يصمم ان تأتي الى غرفتها و تسلم عليها... تحدثت بخفوت
(البيت بيتها يا طارق تأتي وقتما تريد...و أنا في انتظارها دوما)
اغلقت الخط معه بعدما نبه عليها ان تهتم بصحتها و ادويتها و طعامها كما لو انه موجود... مدت الهاتف لأمها جوارها فالتقطته هيام تقول بنزق من تصرفات ابنتها...
(لماذا لم تخبريه بأن هاتفك تلف ليشتري لك واحدا جديدا بدلا من الاتصال على هاتفي)
لاح الرفض على محيا فلك فلهذه اللحظة لا تستسيغ ان تطلب من طارق اي شيء خوفا من ان تنظر لنفسها في المرأة فترى فتاة باعت نفسها مقابل حياة مترفة...و ان منحها هو دون طلبها تأخذه بصمت بعد محاولات عدة في الرفض... تكلمت بنبرة قاطعة...
(لا أريد أمي اصلا انا لا استخدم الهواتف طوال الوقت...)
تنهدت هيام بتعب من تفكير ابنتها و شعور بالذنب يراودها خلسة بين الفينة و الأخرى... ابنتها لا تريد ان تصبح نسخة مصغرة منها مهما كانت الاسباب...تحركت هيام الى باب الغرفة بينما تقول...
(لا تربطي نفسك بي و تحرمي نفسك من التنعم بعطايا زوجك فأنتِ لست انا و قد اثبتي هذا مرارا من قبل...)
خرجت لتغلق الباب خلفها و تترك فلك تتنفس بضيق كبير...انزلقت تحت غطاءها تناشد النوم و عقلها لا يتوقف عن التفكير... ترى كيف سيكون لقاءها بميرنا غدا؟!!
***********
في بهو فخم تتسلل اليه اضواء مصابيح خافتة... يجلس على اريكة أنيقة اسفل لوحة سريالية تحوي وردة حمراء متفتحة الاوراق لمن يراها من بعيد و لمن يقترب سيرى ان الاوراق ما هي سوى طبقات فستان لراقصة بالية بجسد ممشوق... ظل غير مفسر الملامح هو كل ما يصدر عنه و لولا قبضة كفه المتشنجة لظن الناظر اليه انه تمثال موضوع لتزيين...صوت خطوات ناعمة تأتيه من ناحية الدرج فتزداد قبضته تكورا حتى ابيضت مفاصله...توقفت الخطوات حينما وصلت صاحبتها اليه فرفع طرف عينيه يناظر نعلها الأبيض الجذاب...فتتصاعد نظرته للأعلى حيث بشرة ساقيها اللامعتين و تتوقف عند طرف قميص نومها الحريري... تزايدت انفاسه بحدة حينما صدر صوتها المتسائل بهدوء يثير حرائق روحه...
(لماذا اتيت الى هنا و تركتني؟!)
توجهت الى زر الكهرباء تضغط عليه فيشع الضوء الأبيض في المكان... رفع رامي عينيه الحمراوين و الغضب يتقطر من نظرته و صوته...
(لماذا لم تخبريني من قبل؟!!)
بهدوء فظيع تقدمت لتجلس على كرسي مقابل لأريكته تبتسم قائلة ببرود...
(و بماذا كان سيفيد معرفتك بالأمر من قبل؟)
اهتاج في جلسته فهب واقفا يقترب من جسدها المرابض داخل كرسيها يهدر بعنف...
(هل أنتِ مجنونة؟!...كان يجب ان اعرف لأقرر هل...)
(ستكمل زواجنا أم تنفصل عني؟!)
صوتها القاطع لحديثه اكمله له ببرود مع نظرة عين محذرة... وقفت من مجلسها تضع عينيها في عينيه مردفة بجبروت...
(تحلم يا رامي أليس كذلك؟!... انا فقط من كانت تملك قرار الاستكمال او لا)
طحن ضروسه في وقفته الصامتة امامها... هدأت ملامحها لتقترب منه تلامس ياقة منامته قائلة بخفوت..
(لا تكون رجعي التفكير رامي فمن في هذه الأيام يهتم بهذه الأمور مثلك؟!)
ضيق عينيه بصورة كبيرة ليردد خلفها بذهول...
(رجعي التفكير!!...)
ناظرته ببرود دفعه لأن تزأر رجولته فيمسك ذراعها متسائلا بعنف...
(و هل كانت السيدة متزوجة ام كانت مجرد علاقة عابرة؟!!)
قست ملامحها و هي تسحب ذراعها من قبضته محذرة اياه...
(اياك ان تمسكني هكذا مجددا... و ان كنت متزوجة او لا فلا يهمك كل ما يعنيك انني اختارتك انت لتصبح زوج لارا الوكيل امام المجتمع كله)
فلتت ضحكة عصبية من رامي ليهمس بسخرية مريرة...
(و هل سيادة الدكتور زاهر الوكيل حضرة الأب المحترم يعرف ان ابنته كانت على علاقة قبل زواجها)
رمقته بحدة قبل ان تبتعد عنه لتقول بثقة و تهديد...
(اظن أبي لن يكون سعيدا حينما يسمعك تتحدث عنه هكذا و اعتقد هذا سيؤثر سلبا على عملك معه... غضب ابي لا انصحك بأن تجربه و لا تنسى أنك مقيد معه بنفس الحبل بتوقيعاتك التي لا يغطيها حسابك المصرفي)
بهتت ملامح رامي و غابت التعابير عن وجهه... التفتت له لارا تقول بأمر...
(لقد عصبتني كثيرا من اول ليلة لنا معنا فلا تأتي الى الغرفة نم في مكان آخر)
تركته واقفا كجذع نخلة خاوية يراقب ابتعادها عنه... ابتلع ريقه بجزع و كأن هناك طوق من جمر مشتعل يلتف حول عنقه... كور يده بحدة و قد فقد طرق التعبير عن كرامته و رجولته و هما يمسكان به من يده الموجوعة...اغمض عينيه بضعف و قلة حيلة فتراءت له صورة غسق يوم تملص من علاقتهما بعد حادثها... صراخها يدوي في اذنه الآن و يؤلمه... رفضها و نبذها لأنها باتت ناقصة في عرفه و هو لا يقبل بالناقص ابدا...لكنها كانت ضحية... حدث كل هذا دون رغبتها اما الآن فكان نصيبه امرأة انقصت قدره قبل قدرها برغبتها!!... همهم بصوت نادم
(لقد أخذ القدر حقك مني الليلة غسق...)
*********
صباح يوم الخميس....
صبيان صغيران يحملان كيسا كبيرا للأزبال و يتحركان مخترقان ازقة الحي ليلتقطا اي قطعة معدنية او كرتونية فيبيعاها و يسترزقا منها...دلف واحد منهما الى زقاق ضيق فصادفه رؤية حذاء يبدو جديدا...اتسعت ابتسامته و هو يركض الى الحذاء فانحنى يأخذه لكنه اكتشف ان هناك من يلبسه...اقترب الصبي من جسد سيد المطروح ارضا منذ ليلة أمس و دماء رأسه قد لوثت مساحة كبيرة من الأرض...اتسعت عين الصبي و هو يعود ادراجه بخوف ليصطدم في صاحبه فيقول بحروف مرتعبة...
(قتيل...في هذا الزقاق يوجد قتيل)
اتسعت عين صاحبه مثله لكن شجاعته اخذته لأن يدلف للزقاق و يرى بنفسه...اقترب من جسد سيد يناظره بتفحص فلمح الهاتف الذكي المجاور لجسده...التمعت عيناه بفرحة ليقترب يأخذ الهاتف بينما يأمر صاحبه المرتعب
(تعال بسرعة و دعنا نأخذ ما معه)
اقترب الآخر بخوف يقول...
(ربما رآنا احدهم و ابلغ عنا الشرطة)
دس الصبي ما يأخذه من سيد في ملابسه بينما يقول بخفوت...
(هيا يا غبي فالحي لم يستيقظ كله بعد...)
و بعد لحظات انهيا ما يفعلاه فخرجا جريا من الزقاق دون ان ينتبها لمن امامهما...اصطدم احدهما بجسد ما فلم يعبآ بقول شيء بل واصلا الركض...تأوهت هذه المراهقة من اصطدامهما بها فصاحت بهما بتأنيب...
(انتما ألا تنظران امامكما!!)
تحركت بملامح ناقمة في طريقها لكن فضولها دفعها لأن تنظر الى داخل الزقاق فتتجمد في وقفتها و هي ترى هذا الجسد المسجى ارضا...شهقت بجزع لتركض بعدها تجاه ورشة أخيها الميكانيكي بصدر يلهث بينما تنادي عليه...
(أخي اخرج بسرعة...)
رفع اخاها باب الورشة عاليا من الداخل و كان توبيخه هو اول ما فعله...
(ألم أقل لك لا تأتي الى هنا باكرا عندما ابيت في الورشة كي لا يضايقك احد؟!)
سحبته من يده بسرعة بينما تصرخ...
(تعال معي فهناك شاب مصاب في الزقاق القريب من ورشتك)
تحفزت ملامح أخيها كليا ليتحرك متخذا خطواته قبلها حتى وصل للزقاق…وجد جسد سيد فتحرك اليه يجثو على ركبتيه و يضع اصابعه فوق عنقه فيلتفت لأخته قائلا...
(لا يزال حيا يجب ان نأخذه للمشفى في الحال...يا رب العباد لقد فقد دما كثيرا)




...يتبع...











AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-12-20, 11:23 PM   #1037

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السابع و العشرون




زفرت بتوتر رغم حماسها و رغبتها الكاملة و المصممة إلا ان التوتر يتسلل اليها رغما عنها...وضعت شريحة الجبن في شطيرتها لتضعها داخل الطبق بعقل تهيئ فقط للتفكير في جلسة اليوم...صوت كرم المجاور لها جاء حانيا دافئا و سعيدا
(صباح الخير...عدت متأخرا بالأمس فوجدتك نائمة و حينما استيقظت لم اجدك)
توردت بخفر لتجيبه بينما تستكمل تحضير فطورها...
(صباح الخير...لقد اعتدت النوم و الاستيقاظ باكرا)
شعرت به يقترب منها بينما يقول بصوت رجولي..
(لماذا لم ترتدي ملابسك حتى الآن؟)
نظرت الى جلبابها الذي يلازمها كلما خرجت من غرفتها و جلست مع عائلته فجاوبته بهدوء...
(لن أذهب للعمل اليوم... أخذت اجازة)
سؤاله الخافت ببحة صوته الآسرة جعلها ترفع له وجهها...
(لماذا؟)
راقب عينيها المتلألئتين و المداعبتين لكل روحه بينما تجيبه بوجنتين حمراوين و نبرة صوت خجولة رغم عزيمتها
(احتاج ان اكون بذهن صافٍ لجلسة اليوم...هذه الجلسة مهمة بالنسبة لي)
مد كفه يلامس وجنتها بحنان قائلا...
(سأعود على الموعد فأنا ايضا تهمني هذه الجلسة)
اسبلت اهدابها بخجل دفعه لأن يبتسم بعشق لها...ثم يميل بكل ما يحمله من شوق ليلثم وجنتها الأخرى ببطء اصاب غسق برجفة من اجفاله لها و من هذه الاحاسيس التي تراودها الآن... رجفتها خطفت منه ضحكة رجولية زينت مسمعها قبل ان يبتعد عنها يصبر قلبه بأن حلمه بات قريبا...
(يا حاجة صفية...زر قميصي...)
صوت صالح النزق و هو يدخل المطبخ توقف حينما وجد أخاه الأصغر و زوجته هما فقط من بالداخل...تنحنح بحرج يقول
(لا مؤاخذة ظننت الحاجة صفية هنا...)
ابتسم له كرم قائلا ببساطة...
(أمي بالصالة...هل تحتاج شيئا؟)
انزل صالح يده التي تحمل زر قميصه المقطوع جانبه ليقول بضجر...
(زر القميص انقطع و احتاج ان تركبه لي أمي قبل النزول للميناء...و كأن كل شيء تحالف ضدي في غياب هبه!)
اشاحت غسق بوجهها بعيدا عنهما تلتهي في فطورها الذي تحضره... منذ عودتها بدون هبه من المشفى و الجميع ينتظر منها تفسيرا فيبدو لم يقتنعوا بأسباب هبه...تحرك كرم الى اخيه يضاحكه ببشاشة و ينسيه ضيقه حتى خرجا من المطبخ...و بقي قلبها معلقا به و بصوت ضحكته الخاطف للأنفاس...اليوم كرم سعيدا و يعبر بكل ما به من قوة عن هذه السعادة...ابتسمت بخجل تستكمل ما بيدها حتى سمعت صوت سهر القادم من خلفها...
(غريب هبه لا ترد على اتصالاتي بينما أمي الحاجة بالخارج تكلمها)
تحفزت خلايا غسق بقوة و في محاولة جبارة لأن تلجم غضبها تمكنت إلا من نظرة اشمئزاز حادة قد اكتفت بها عن الرد...وقفت سهر جوارها تدقق النظر في ملامحها فتضيق عينيها تسأل...
(هل حقا أمها مريضة؟)
جزت غسق على ضروسها تجبر نفسها أن ترد فخرج ردها عنيفا رغما عنها...
(ليس من شأني معرفة الأمر و لا من شأنك)
تبدلت نظرة سهر من الترقب للاستهانة و هي تحرك بصرها صعودا و هبوطا بينما تقول...
(بلى يا دكتورة...نحن عائلة واحدة و شأننا واحد فما يحدث من أحدنا وجب على الباقي معرفته و إن أخفاه فلن يدوم اخفائه...فقريبا الكل سيعرف)
هذه المرأة تتحدث بثقة لا تليق بماكرة مثلها...انها مجرمة و تتصرف دون رادع و هذا يقلق غسق...تبدو كمن يعرف شيئا مصيريا يتعلق بها هي على وجه الخصوص...هل تعرف عن حادثها؟!!...لكن كيف لها ان تعرف و لو عرفت لماذا تصمت بهذا الشكل المثير للشك؟!!...
بالخارج...
على أريكتها المعتادة جلست صفية تحدث زوجة ابنها عبر الهاتف قائلة بلطف تختص به هبه...
(زال البأس عنها حبيبتي و أدام الله صحتها...نحن بخير سألت عنك العافية...غدا ان شاء الله سنأتي أنا و الحاج سليمان لنزروكم ابلغي اهلك...كيف لا نتعب أنفسنا يا ابنتي نحن عائلة واحدة...)
رفعت صفية وجهها الى ابنيها اللذين وصلا...صالح بوجه حانق كطفل تركته أمه بمفرده و كرم خلفه بملامح تضج سعادة و رضا يرفرف له قلبها...ابتسمت لهما حينما رفع صالح صوته قصدا و هو يشكو...
(زر قميصي انتزع يا أمي ركبيه لي...فأنا لا أعرف كيف افعلها)
اخذت صفية منه الزر ثم ضحكت بخفوت تكلم زوجته...
(صالح بات كثير الشكوى دونك هبه...لا تحزني حبيبتي انه يتدلل فحسب...الله يعفو عن والدتك و يعجل بشفائها كي تعودين لبيتك و زوجك سريعا...حسنا يا ابنتي و عليكم السلام)
اغلقت الهاتف لتضعه جوارها على الأريكة بينما تأمر ابنها بضحكة صافية...
(تعال أريني أي زر انقطع)
اقترب منها صالح يجلس جوارها فالتقطت قميصه بأصابعها لتتفحصه قائلة..
(زوجتك طيبة و قد تشعر بالأسى عليك و أنت بمفردك فلا تزيدها عليها)
رفع صالح عينيه لأمه فرأت فيهما الشوق و القلق بينما يقول...
(اخشى ان يكون طلب أبي لا يزال يؤرقها)
تنهدت صفية بحزن على حالهما لتقول بطمأنينة...
(لا تخف بني زوجتك تُحسن التصرف)
تدخل كرم قائلا بتأكيد ليخفف عن أخيه...
(لا تفكر كثيرا يا أخي فالأمر انتهى و أبي يستعد لتزويج ابنة العم عبد الصبور)
هز صالح رأسه بتفهم و لكن يبقى ابتعاد زوجته عنه و اسبابها التي لا تشبع عقله مصدر قلق يؤرقه هو...
*********
منتصف النهار...
نزلت هيام الدرج بخطوات سريعة عندما صدح رنين هاتفها الذي تركته في البهو...وصلت الى الطاولة المتروك عليها فالتقفته لتجد رقما غير مسجلا يهاتفها...ضيقت عينيها ثم فتحت الخط ليصلها صوت شاب مراهق...
(السلام عليكم يا ست هيام)
ردت هيام السلام بتعجب كبير...
(و عليكم السلام من معي؟!!)
وصلها صوت الشاب المتعجل....
(أنا هاني من الحي...ست هيام اتصلت بك لأن شقتك تحترق و عليك المجيء فورا)
اتسعت عينا هيام بجزع فارتسم الخوف على ملامحها...هذه الشقة البالية و التي تماثل جحرا كرهته و ودت لو تهرب منه منذ خُلقت فيه...الآن تقسم انها بالدنيا و ما عليها فهي مأمنها الوحيد...تشعر و كأن الثراء سيزول في غمضة عين و لن يبقى لها إلا هذه الشقة الصغيرة...تماسكت بكل قوتها لتسأل الشاب بصوت مرتعب...
(أي حريق؟!..ما السبب و لماذا لم يتصل بي الحاج سليمان؟!)
صمتت للحظة و كأنها تستوعب ما يحدث حقا فعقدت ما بين حاجبيها بعدم فهم اكثر منه استنكار لتسأله...
(و أنت هاني كيف وصلت لرقم هاتفي؟!)
تلجلج الشاب بقوة لكنه أسرع بلفظ كلماته قبل ان يغلق الخط في وجهها...
(أولاد الحلال دلوني عليه...فقط تعالِ يا ست هيام فالشقة صارت رماد و الناس مجتمعون)
ابعدت هيام الهاتف عن اذنها تناظره بهلع رغم عدم فهمها الكامل...تحركت حولها بلا هدف و فكرة ان شقتها و ملكها الوحيد ينهار تحرق قلبها...نظرت الى اعلى الدرج تفكر بسرعة في امرها...لا تستطيع ان تخبر فلك فربما اصابها الخبر بالهلع و هذا سيؤثر على وضعها...مسحت فوق وجهها و صدرها يعلو و يهبط ثم حسمت امرها لتنادي على وردة بصوت مرتجف...
(وردة...وردة تعالِ)
وصلت لها وردة بملامح شاحبة و جسد متشنج لكن عقل هيام في هذه اللحظة لا يفكر و لا يحلل ردود فعل من امامها...قالت على عجلة من امرها
(يجب...يجب ان اذهب للحي الآن و أنتِ انتبهي على فلك حتى اعود...و ان سألت عني قولي لها انني في النادي او اي مكان)
لم تنتظر حتى رد الخادمة فقد اتخذت خطواتها الراكضة الى حيث الباب...اما وردة فتتبعتها بوجل ثم عادت تنظر خلفها اعلى الدرج...ابتلعت ريقها بصعوبة لتخرج هاتفها و تفتحه...لحظات مرت و هي تناظره بتردد مميت حتى سقطت دمعتها على شاشتها لتهمس بندم قبل ان تضغط زر اتصال...
(سامحيني سيدة فلك...و الله ليس بيدي)
بخارج القصر...
واقفا خلف هذه الشجرة العملاقة يخفي نفسه جيدا عن الأعين...حك ذقنه و هو يراقب سيارة فاخرة تخرج من البوابة و تبتعد عن القصر...بعدها بقليل وصلته اشارة البدء...تحرك بخطوات ثابتة حتى وصل الى البوابة فأوقفه حارسها متسائلا عن هويته...جاوبه بهدوء و بساطة لا تثير ذرة شك واحدة
(السيدة فلك من طلبتني...)
هز الحارس رأسه متفهما ليفعل كما يحتم عليه عمله...
(حسنا انتظر لحظة...سأبلغ من بالداخل)
تحرك الحارس الى غرفته المخصصة ليتصل بمن بالداخل لكن صوت وردة اللاهث اوقفه حينما أتت تقول...
(ها قد أتيت أخيرا...تعال السيدة فلك تنتظرك بالداخل)
فتح الحارس البوابة بعد قول وردة و الذي يؤكد بأن السيدة فلك حقا تنتظر هذا الرجل...دلفا معا يقطعا الحديقة قطعا حتى يصلا لباب القصر الداخلي...سألها بصوت اجرامي
(هل يوجد أحد بالداخل غيرك؟)
هزت رأسها نفيا و الذنب يقتلها فقالت...
(الجميع ليسوا هنا)
حك ذقنه مجددا ليهز رأسه حماسا و طمعا في الحصول على باقي امواله من السيدة لبنى بعدما ينهي هذه اللعبة السهلة...وصلت وردة الى الباب تفتحه و تدخل ليدخل خلفها فتغلقه بأصابع ترتعش ثم تؤشر له على السلم قائلة...
(الغرفة الأولى جهة اليمين...)
توجه الى الدرج يصعده بحركات هامسة معتادة حتى وصل الى الباب المقصود...وقف امامه يتمسك بالمقبض ثم يديره ليلج...
بالداخل...كانت فلك مستريحة على سريرها تشاهد التلفاز بملل بات رفيقها حتى شعرت بحركة فتح الباب فظنت انها امها فهي الوحيدة التي تدخل عليها دون إذن...لكن هذا الجسم الكبير و الوجه المرعب الذي طل من الباب ببسمة توضح نية مخيفة اصابها بالشلل للحظات...متسعة العينين بطيئة الانفاس و كأن المشهد يعرض امامها بالحركة البطيئة...و حينما خطا بقدمه لعتبة الغرفة كان رد فعلها تلقائيا دفاعيا حتى لو العقل ما زال في وضع التخدير...انتفضت مبتعدة عن سريرها فأصابها الدوار الشديد من هذه الحركة فتشبثت بغريزتها الدفاعية لتسأله بصوت تسمع نبرته الحادة و الرعب يغلفها لكنها تقسم ان عقلها لا يفقه ما تقوله من هول الصدمة...
(من أنت و كيف تدخل الى هنا؟!!!)
ببسمته التي لم تتغير تقدم منها بصمت يزيدها هلعا...لا تعرف ما الذي يعطي اعضائها اشارة الأمر و عقلها مغيب إلا ان قدماها حقا يتحركان بل يهربان و يفران من هذا الغريب...تحركت بحدة هستيرية الى الباب تود لو تخترق هذا الجسد الضخم و تخرج من هنا إلا انه كبلها بضخامته حينما حاوط جسدها بين ذراعيه يشد عليها بضمة مقززة...صرخت فلك برفض و تقزز و رعب متفاقم
(أمي!!!...وردة!!!...يا ناس انجدوني!!...أمي...هيام!!!)
حاولت بكل قوتها ان تتملص منه لكن ترنحها و ثقل جسده اعاقاها كثيرا...لا مستحيل ان ما تمر به هنا داخل قصر و غرفة طارق حقيقيا...كل ما يحدث هو وهم خيال و هي ستستيقظ حالا لينتهي كل شيء...كادت تغلق عينيها مستسلمة لتحليلات عقلها التي عاد ليعمل لكن يبدو به عطب جعله يهيئ لها ان هذا كله مجرد...وهم!!...وهم تبخر كليا حينما همس هذا الرجل في أذنها بصوت اقشعر له بدنها
(لم يقولوا لي أنك بهذا الجمال ابدا)
افيقي فلك ليس وهما... انه واقع تهربين منه دوما و تهربين و في نهاية المطاف تجدين نفسك في احضانه... واقع يلتصق بك من ميلادك و يبدو سيظل ملاصقا حتى مماتك... قوتها الخائرة و جسدها الواهن تحفزا دفعة واحدة... فكما حمت نفسها من قبل ستحميها الآن... و ان فعلتها من قبل لأجل نفسها فستفعلها اليوم لأجل زوجها و ابنها... صرخت بصوت مرتعش حتى شعرت ان حبالها الصوتية تمزقت بينما تتقدم للأمام و تتحرك داخل احضان الغريب يمينا و شمالا...شعرت بجزئها الأيمن يفلت منه فدب فيها الغضب هذه المرة لتسخره كاملا كقوة تسحب بها باقي جسدها... تشبثه بها كان مستميتا فحين نجحت في الخروج من احضانه اندفعت للأمام بكل قوتها كمن قذفها احدهم بقوة طرد عالية... اصطدمت بطاولة زينتها و لسوء حظها تلقى بطنها الضربة كاملة... بطنها بأكمله ارتج من قوة الضربة فصرخت بألم رهيب... و رغم الألم إلا أن عيناها تعلقتا بالمرآة امامها فرأته يتقدم منها مجددا... تحركت يدها فوق طاولة الزينة فالتقطت شيئا ما لا تفقه هويته ففي هذه اللحظة الله وحده من يمنحها ردود الفعل دون ان تفهم او تميز... التفتت مرة واحدة حينما لامس ظهرها لترفع يدها عاليا و تنزل بكل قوتها بما تمسكه على رأسه... صرخت كما صرخ هو ليسقط أمامها ممسكا برأسه التي تنزف إثر ضربها بزجاجة عطر... القت فلك ما بيدها بصدمة جلية... تحركت بصعوبة خطوتين فقط لكن ألم بطنها اشتد فلم تملك قوة إلا ان تجلس ارضا ممسكة ببطنها بينما تصرخ بوجع باكٍ...
(وردة... أمي أين أنتِ؟!... وردة!!!)
و بنهاية الدرج وقفت وردة تتقبض على اطاره بينما دموعها تسيل بحسرة و ألم... همهمت بصوت مختنق
(لعنك الله يا وردة... لعنك الله!)
التفتت الى الباب الذي فتحته ميرنا و لبنى لتدخلا... احداهما بنظرات مرتعبة و الأخرى بنظرات شامتة... اقتربت منها لبنى تسألها...
(هل تم كل شيء؟!)
اجابتها وردة بسخرية...
(ألا تسمعين صراخها بنفسك؟!)
ركضت ميرنا منهما تقول بصوت مهتز...
(هو لن يقربها أليس كذلك؟!... فقط سيبقى معها حتى تأتي الشرطة و تقبض عليهما بتهمة خيانة أبي)
ابتسمت لبنى لتهمس بقلب ميت...
(في الواقع لا أأمن افعال هذا الرجل... لكن لن يضرنا إن تحول الأمر لحقيقة)
اتسعت عينا ميرنا بجزع فتحركت تعبر حماتها باندفاع تقول...
(مستحيل ان يحصل هذا...)
حاولت لبنى الامساك بها بينما تصرخ...
(ميرنا انتظري لا تصعدي... ميرنا الشرطة على وصول توقفي)
لكن ميرنا لم تنصاع لها بالمرة بل ركضت على السلم لاهثة و صوت فلك حقا... يخيفها
دلفت الغرفة فهالها المنظر المريع أمامها...التصقت بالباب تناظر جسد الرجل المتوجع و فلك المنهارة ارضا...رفعت فلك وجهها اليها تستنجد بها ببكاء...
(انقذيني...ارجوك)
وصلت لبنى بوجه متحفز تتمسك بذراع ميرنا بقسوة ثم تسحبها خلفها لتتصدر هي الصورة فتناظر ما حدث بنظرة مدروسة كنبرة صوتها التي اصابها الذهول و هي تقول بلا تصديق...
(غير معقول ما نراه...هل وصلت بك الجرأة لتجلبي رجال الى غرفة زوجك...حتى بعدما التقطك من الشوارع و تزوجك لا تزال القذارة و حرفة أمك تجري بدمك!!...)
بهتت فلك بألم همهمت بوجع...
(ماذا تقولين؟!!!!)
و بدلا من أن تسمع رد لبنى وصلها صوت سيارة الشرطة الذي صدح في المكان كله...
بالحي...
نزلت هيام من شقتها بملامح جامدة...ما معنى ما حدث حقا؟!...لماذا يتصل بها هذا الولد ليخبرها كذبا ان شقتها تحترق...خرجت من مدخل بيتها لتسير في الشارع حيث السيارة التي تنتظرها...لكنها توقفت تجول ببصرها حولها حتى التقطت مجموعة من الشباب المراهقين...نادت على احدهم فأتى اليها لتسأله بتحفز...
(أين الولد هاني؟!)
رد الشاب ببساطة...
(كان هنا قبل ساعة تقريبا يقف مع رجل غريب عن الحي و بعدها خرج معه خارج الحي و لم يعد حتى الآن)
رفعت هيام وجهها أمامها تشرد بتفكير فيما حدث لها...رنين هاتفها قطع شرودها فنظرت له في يدها لتجد رقما غير مسجلا مجددا...احتدت تصرفاتها و هي تفتح الخط و تجيب بغضب...
(نعم مجددا؟!!!)
تصلبت للحظات في وقفتها ثم تساءلت بصدمة خائفة...
(أي قسم شرطة و ماذا حدث لابنتي؟!!!)
هرولت للسيارة بينما الهاتف على أذنها لتركبها و تصيح في السائق بأمر...
(الى قسم شرطة "...." بسرعة)
************
تنفست بتردد قبل ان تسحب عباءتها السوداء و تأخذ وشاحها المماثل لها لترتديهما...توجهت الى باب الشقة فقد اتخذت قرارها و لا رجعة منه...فتحت الباب لتخرج منه و تقفله خلفها...بالمفتاح!...فور سماع قفل الباب خرجت هدير من غرفتها جريا بوجه رث و جهل لما ستفعله امها او الى اين ستكون وجهتها...اقتربت من قفل الباب تفتحه فصدمها كونه مقفول بالمفتاح...اصابها الرعب و قد انبأتها نفسها بأن امها قد قررت قرارها و لا رجعة به...مسحت فوق فمها بارتجاف و هي تفكر ما العمل و كيف تتخلص من ورطتها هذه...فلن تتحمل ان يراها احد ببطنها الممتلئ فيكفي رؤية امها و صدمتها...ركضت الى غرفتها و بعد لحظات خرجت من غرفتها بعباءتها و دموع عينيها تتساقط...ذهبت الى المطبخ تجلب سكينا رفيعا ثم تعود الى باب الشقة...تحاول مرة و اثنين في فتحه و قد فلحت...خرجت لتقف بباب الشقة تنظر لها مليا قبل ان تقرر غلق الباب و النزول قبل عودة امها...وصلت الى باب البيت فاصطدمت بدخول طاهر الذي سألها بحمائية...
(ما بك يا ست هدير لمَ تبكين؟!)
مسحت دموعها بينما تهمس...
(لا شيء يا طاهر...)
اقترب منها الصبي يسألها بإلحاح...
(رقبتي فداء لك يا ست هدير فقط اخبريني كيف اساعدك؟)
ارتعشت شفتاها بوجع لتشهق بصوت مسموع لكنها تماسكت كي لا تثير نظرات اهل الحي فمالت تمسح على وجهه بينما تقول برجاء...
(انتبه لأمي جيدا و كن جوارها دوما)
تركته و تحركت فتمسك الصبي بعباءتها قائلا بتخوف...
(هل آتي معك الى حيث تذهبين على الأقل؟!)
سالت دموعها بخزي ترد عليه...
(لا يا طاهر هذا الطريق أنا من سلكه و أنا من سيكمله بمفرده)
اسفل عيادة الطبيبة النسائية...
ابتلعت هدير ريقها قبل ان تقرر الصعود و مقابلة الممرضة...وقفت بباب العيادة تتابع الحركة داخلها حتى وقعت عيناها على الممرضة فنادت لها بصوت مهتز...ضيقت الممرضة عينيها بينما تذهب لها متسائلة...
(بماذا يمكنني ان اساعدك؟)
الارض تميد من تحتها حينما جهلت هويتها الممرضة...اقتربت منها برجاء تقول...
(ألا تتذكرين؟!...لقد اخبرتني عن عيادة في حي "...." لأجهل الاجهاض)
حدقتها الممرضة بحدة بينما تؤشر لها كي تصمت...دفعتها للخارج تحدثها بتحذير...
(هذه الأمور لا نتكلم بها علنا هكذا)
هزت هدير رأسها تفهما باكيا فسألتها الممرضة بنبرة طامعة...
(قبل أي شيء هل جهز المال؟)
هزت هدير رأسها بسرعة تجيب...
(نعم نعم معي المال)
عادت الممرضة لتسألها بتنهد مرتاح...
(جيد... و متى أنتِ جاهزة؟!)
ردت هدير بلهفة زائدة...
(الآن حالا...)
عوجت الممرضة شفتيها تقول...
(هذه العمليات لا تُجرى إلا مساءً... اذهبي و تعالِ على العاشرة ليلا)
رددت هدير بجزع..
(العاشرة!!... ألا يمكن أن تكون ابكر من هذا... أنا لا استطيع العودة للبيت قبل اجراءها و لا أعرف أين يمكنني البقاء كل هذه الساعات)
تفحصتها الممرضة لبعض الوقت لتقول بابتزاز...
(يمكن لأجل عيونك لكن ستدفعين أكثر من الاتفاق)
و كأنها ترمي اخر ورقة لها في اللعبة إما خسارة... أو خسارة!... فهي في كل الأحوال مجرد خاسرة... همست بقلة حيلة
(موافقة....)
تنهدت الممرضة برضا فيبدو ستخرج من هذه الليلة بقرشين حلوين ثم قالت...
(تعالِ إذًا انتظري بالداخل حتى انهي دوامي و أذهب معك بنفسي)
تحركت هدير خلفها الى الداخل و قلبها يتباطأ نبضه على نحو مفزع....
*********
وقفت بعيدا بعض الشيء عن مكتب الحاج سليمان في الميناء تنتظر خروجه... الشمس التي تلملم اشعتها تدريجيا و تعلن نهاية النهار تبلغها انها قضت نصف ساعة في وقفتها تقريبا... لا تجرؤ على الحديث مع سليمان و هو بين رجاله و ابناءه... عليها ان تخبره مصابها و هما بمفردهما... خرج كرم أمامها من مكتب والده ليتوجه الى طريق الحي على عجلة... انقضت بعد الدقائق ليخرج بعده أبوه و اخويه فتبتلع ام هدير ريقها بوجل و هي تقترب منهم... رؤيتها امامهم دفعت في قلوبهم جميعا التوجس... و قد انقبض قلب صالح على نحو مختلف فهو من استقبلها هنا من قبل و بعدها طلب والده منه ان يتزوج ابنتها... ترى أي امر يجعلها تعاود الكرة في المجيء مجددا؟!
(أم هدير!!!... ماذا تفعلين هنا؟!)
صوت سليمان المتعجب اخرج صالح من بقعة تفكيره الى ارض الواقع فعاد ينظر لوجه المرأة الأصفر بينما تجيب والده بتصميم...
(احتاجك يا حاج في شيء ضروري... و بمفردنا)
تفهم سليمان مطلبها لكنه قال بلسان الأصول...
(انا في خدمتك يا أم هدير لكن تفضلي معنا الى البيت فلا يصح الحديث هنا و كأننا غرباء!)
تمسكت بمطلبها فأعادته بصوت مستميت...
(لا يا حاج حديثنا سيكون هنا إذا تكرمت)
ناظر سليمان ابنيه بتوجس حتى قطع صوت المرأة نظراتهم..
(ما أريد قوله لا يجب ان يسمعه غيرك يا حاج)
تمسك سليمان برباطة جأشه بصعوبة ليقول لأبنيه...
(اذهبا انتما الى البيت قبلي)
تدخل خالد برفض...
(فلنبقى معك يا حاج ربما احتاجتنا!)
نظرة التوسل في عيني ام هدير استلمها كاملة و فهم مغزاها فقال بأمر...
(لا يا خالد توكلا على الله كي تطمئن امكما و تبلغاها أنني سأتأخر)
على مضض تحركا الاخوان ليسلكا نفس الطريق الذي اتخذه كرم قبلهما... بينما اشار سليمان لأم هدير بأن تدلف معه حيث المكتب... و قد دلفت و بقيت واقفة بوجه صلب و جسد خاوٍ رغم استقامته... اشار سليمان على الكرسي قائلا
(تفضلي اجلسي يا أم هدير أولا)
فلتت انفاس المرأة مرتجفة رغم ان ملامحها لم تتغير لتقول بعدها بصوت ثابت...
(لم آتي لأجلس يا حاج قد جئتك لأبلغك أن تلغي زواج ابنتي و لا تفكر فيه مجددا)
استند سليمان على رأس عكازه يتساءل بعينين ضيقتين...
(لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ماذا حدث لكل هذا؟!... هل العريس لا يعجب هدير أم هي تريد شخصا آخر؟!)
رمشت أم هدير مرات متتالية فلم تقوَ على منع دموعها لتجيبه بصوت يعاني الذل...
(بل ابنتي أنا من باتت غير صالحة للزواج يا حاج)
اهتز سليمان في وقفته و قد قبض على رأس عكازه بقوة... ما يقال يهتز له الجبال... هل الفتاة فرطت في نفسها؟!... سألها بصوت احتد غصبا عنه و قد وقف بكل حكمته و رزانته متأهبا مترقبا كشاب صغير...وجِل
(كلامك ليس هينا يا أم هدير ماذا تقصدين به؟!)
انهمرت دموعها بخزي لتنحني تمسح وجهها في وشاحها و تقول بما يمزق روحها...
(ابنتي حملتنا العار يا حاج... هدير حامل!!)
تراجع سليمان للخلف حينما اختل توازنه مما سمعه...قبض و اشتدت قبضة على عكازه حتى طقطقت ذراته الخشبية تحت قبضته... نظر لها بعينين متسعتين يزحف الغضب اليهما رويدا ليهدر بها...
(ما الذي تنطقين به؟!!!...هل ضاعت الأمانة التي حملتها فوق عاتقي لسنوات؟!...من ضحك عليها مع من فعلتها؟!!)
جاوبته ام هدير من بين نشيجها بصوت بالي...
(لا أعرف لم تقل لي عنه شيئا... فقط قالت لا أحد!...)
هدر سليمان مجددا بغضب ارتجت له الجدران...
(لا أحد!!!...)
اغمضت عينيها بدموع تسيل لتتوسل اليه...
(الغي جلستكم مع الحاج رضا يا حاج ارجوك فلا يستحق عبد الصبور ان تتلوث سمعته و هو بين يدي الله... و بعدها فقد فوضت امر ابنتي لك أفعل بها ما تريد و ما تستحقه هي)
اقترب سليمان من مكتبه يتمسك به رغم تمسكه بعكازه اكن الأمر ليس هينا ابدا فسألها...
(أين هي الآن؟!)
مسحت وجهها مجددا بالوشاح لتجيب...
(حبيسة البيت ستظل هكذا حتى تعطي في مصيبتها أمرك)
تنفس سليمان بعجز رهيب... ففي هذه اللحظة العجز اهلكه و طحنه بين رحاه... تكلم بصوت رغم ثباته اصابه الوهن
(عودي الى بيتك و ابقي عينيك عليها حتى اصل للكلب الذي اغواها)
تلكأت في خطواتها فعادت تنظر له و قلب الأم بداخلها لا يطاوعها على ترك ابنتها كبشا لعادات ستدفع ثمن خروجها عنها... سألته بقلب مترقب
(هل ستقتلها؟!)
رفع سليمان وجهه لها سريعا ليقول بجدية و صدق...
(استغفر الله العظيم بل سنستر لحمنا و شرفنا يا ام هدير... و حق لا إله إلا الله سأصل لهذا عديم المروءة و اجعله يندم على ما فعله أيًا كانت عائلته أو في أي أرض هو لكن بعدما اجعله يعقد عليها)
خرجت المرأة من مكتب سليمان تكفكف دموعا كلما نضبت تسيل.... فكيف تنضب دموع أم أذلتها ابنتها...فالوجع هنا ضعفين وجع الخيانة و وجع لهفة القلب على قطعة منها!..
و خلف أحد الصناديق اخرج شاب هاتفه يتصل بأحدهم و حينما فُتح الخط قال...
(خرجت من عنده و هو بمفرده في مكتبه يا ريس سلطان)
بعد وقت قليل...
كان لا يزال جالسا خلف مكتبه بنظرة تعاني الشيب... الذل... الغضب و قد تصاعدت حرائق روحه لتحرق رجولته و اسمه الذي ينتصب له الجميع و يهابه... فشل في حماية عرضه و فرط في امانته... لا يصدق حتى هذه اللحظة ان هدير البنت المطيعة البريئة تفعل جرم بهذه البشاعة و الانحطاط... لك الله على ما اصابك يا سليمان لك الله!!... رن هاتفه بتنبيه الرسائل فأخرجه من عباءته ظنا بأن أهل بيته من يطمئن عليه... فتح الرسالة و قد جحظت عيناه بقوة ما لبثت حتى تلونت بحمرة الغضب... و ما تم ارساله مع الصورة من كلام كان حطبا يزيد غضبه و يجعله في أوجه… انها صور لهدير... صور كثيرة... مع داغر!!!... و الرسالة تخبره بهوية من يبحث عنه "إن كنت تبحث عن عريس ابنة المراكبي المصون فستجده في بيت السمري"
هب سليمان واقفا يطحن هاتفه في يده ليميل على درج مكتبه يفتحه بحدة و يستخرج.... سلاحه
********
غرفة كرم و غسق...
جالسان متجاوران أمام الحاسوب... تفرك كفيها كل ثانية لتفرغ عن توترها الكبير... لكنها لا تعرف بأنه جوارها يوازيها ترقبا يوتره... رن منبه هاتفها ليعلن ان وقت الجلسة قد حان... اوقفته بأيد تهتز رغم انها تود لو تخوض هذه التجربة مع كرم بأسرع وقت...دون ان تنظر له قالت بينما تضغط على ازرار حاسوبها
(ستبدأ الجلسة الآن و سأفتح الكاميرا لأول مرة... هل أنت مستعد؟)
جاوبها بصوت رزين ليمتص توترها
(نعم غسق و اتمنى ان تكوني كذلك ايضا)
سحبت نفسا مرتعشا و كان هذا اجابتها له... لحظات قليلة مضت و ظهرت بعدها الطبيبة كريستين عبر الشاشة...امرأة تبدو في منتصف الاربعينات... صهباء بشعر قصير... و وجه بشوش و عينين تختبأن خلف نظارتها الطبية... بدأت هي الحديث بابتسامة مريحة...
(مرحبا غسق... مرحبا كرم سعيدة برؤيتكما الليلة و اعتذر عن نطقي و مخارج حروفي الغير صحيحة كليا للغة العربية... و الآن هل انتما مستعدان لجلستكما؟!)
رحب بها كرم بهدوء كحال غسق حتى نطق كرم يعلن استعداده بكل كيانه...
(أجل دكتورة توكلي على الله...)
ابتسمت كريستين له فقالت...
(تماما كما تخيلتك كرم فغسق وصفتك بطريقة صحيحة للغاية)
نكست غسق وجهها للأسفل و الخجل يبلغ مبلغه منها... لكن الطبيبة لم تمنحها الفرصة لتهرب فقالت بأمر
(الجلسة لا تزال في بدايتها غسق فلن نبدأ بالخجل و الهروب من المواجهة)
رفعت غسق وجهها اليها تقول بحرج...
(أنا لا أهرب دكتورة كريستين أنا فقط...)
(خجولة...)
حينما توقفت غسق اكملت لها طبيبتها جملتها مما دفع غسق لفرك كفيها مجددا دون ان تنزل وجهها عن الحاسوب كطريقة لتعبر للطبيبة انها ستكمل المواجهة مع نفسها قبلهم... لكن كرم المجاور لها يشعر بكل ذرة به بذبذبات توترها و خجلها... وصلهما صوت الطبيبة التي شلت تنفس غسق تماما
(خجلك هذا غسق يعني أننا نجحنا و تخطينا ما حدث... فها أنتِ تتأثرين بكرم كرجل و تخجلين من مشاعرك كأنثى نحوه)
اخفض كرم بصره عن الحاسوب يخفي عشقها من التوهج الآن امام هذه المرأة الحذقة لكنه كان كريما مع نفسه فابتسم بجذل متيم بغسق روحه التي تذوب في خجلها جواره...
مضى الوقت و الطبيبة تسألهما بصورة مباشرة دون مواربة عن حياتهما و اهدافهما للمستقبل و التي بكل تأكيد تشملهما معا كزوجين حقيقيين... و غسق تارة تتفاعل براحة و تارة تنكمش بخجل... بينما كرم طوال الجلسة هادئا مبتسما و صريحا في اجابته تماما... و رغم ان الطبيبة استشفت مشاعره لغسق إلا انها يجب ان تضعهما امام الحقائق بصورة مسموعة و منطوقة و هذا ما فعلته بسؤالها الأخير و الصريح...
(و الآن سؤالي الأخير لكما... هل أنتما مستعدان لبدء حياة زوجية طبيعية معا؟... و ما أقصده ألا تحدث لرغبة فطرية خلقنا عليها بل لرغبة كل منكما في اقامتها مع الآخر دون غيره من البشر)
زفر كرم بصوت مسموع منتظرا فقط لثوان فربما يسمعها منها و لكنه يعذر صمتها حقا... لكنه لا يعذر نفسه لو صمت و لن يفعل لذا بكل رغبته في ان تصبح غسق امرأته امام الله كما هي أمام الناس نطق بصراحة واضحة لا لبس بها...
(أنا مستعد...)
اجابته زادت من وتيرة تنفس غسق و قد اسبلت اهدابها بعدما ثبتت عيناها على شاشة الحاسوب منذ طرحت الطبيبة سؤالها... يا الهي كرم مستعد!!... و هي ماذا؟!... انها مستعدة أليس كذلك و إلا لماذا وافقت بهذه الجلسة؟... نعم هي على اكمل استعداد لأنها تحب كرم تريد ان تستكمل معه عمرها الباقي لكن لماذا تصمت... مما تخاف؟!... انطقي غسق و لا تترددي... هيا فكرم ينتظر و أنتِ ايضا تنتظرين أن تري بعينيك أن روحك برأت من هذا السقم... قوليها ببساطة كما تشعرينها!!!...
(كرم هلا تركتنا بمفردنا قليلا؟!)
طلب الطبيبة اخبرها ان صمتها طال فأصابهما بالخيبة... هز كرم رأسه متفهما رغم انه يود لو يبقى ليخبرها ألا تضغط على نفسها... لقد كانت قوية كفاية لتستكمل هذه الجلسة من بدايتها... الله يرى قلبه الذي يتوق لها كما يرى تفهمه و نيته الصادقة في انتظارها حتى تريد هي بكل رغبتها كما يريد هو بكل رغبته... بل كما يموت هو شوقا برغبته!
خرج كرم من الغرفة لكنه وقف عند الباب تحسبا لأي رد فعل من غسق في هذه اللحظة... بينما بالداخل وجهت لها الطبيبة سؤال مباشر
(طوال فترة العلاج تفهمت تركك لكل الأسئلة التي تخص كرم معلقة لكن بعدما ارسلت لي تطلبين جلسة ثلاثية ظننت انك حقا تريدين خوض تجربة العلاقة الزوجية برغبتك)
رفعت غسق لها وجهها فظهر العذاب في عينيها و هي تقول...
(أنا... أريد فعلا لكني خائفة)
تكلمت الطبيبة ببعض الحزم...
(ما تعرضت له يُصنف عالميا بحادث اغتصاب أي انه يحدث غصبا دون رغبتك أما ما سيجمعك مع كرم هو الزواج و الذي هو مختلفا كليا عما عشته... لأنه برغبتكما و قبولكما...كرم لن يكون مثلهما غسق)
زفرت غسق بتوتر لتقول بإرهاق
(أنا أعي كل هذا و خوفي ليس كما تظني... أنا خائفة ألا أكون انثى كاملة له... كرم يستحق ان تكون زوجته لا نقص بها أما أنا فلا اعرف كيف ستكون ردة فعلي حينما... يحدث الأمر)
تنهدت كريستين لتعود بظهرها تستند على كرسيها قبل ان تقول...
(لا تفكرين فيما سيحدث بل فكري في أهم نقطة و هي أنك حقا ترغبين في خوض هذه التجربة غسق)
نظرت لها غسق بشك فابتسمت الطبيبة لتستخدم اسلوب الاستفزاز معها فقالت...
(لمَ لا تغمضي عينيك و تدعي كرم يتصرف فأنا واثقة من أنه سيجعل الأمر أسهل بكثير مما تظنين)
ردت غسق بكل قوتها...
(لا أريد ان اغمض عيني معه... اريد ان اكون يقظة و انا اتخطى هذا... اريد ان... ان اكون طبيعية)
اتسعت بسمة الطبيبة لتردف بطمأنينة لها..
(أنا واثقة ان الأمور ستكون على ما يرام غسق... فقط اسمعي نفسك ما تريدين القيام به و ابلغيها عن رغبتك كي تتضح الامور لك جيدا بلا ذرة شك)
سحبت غسق نفسا عميقا و عيناها في عيني الطبيبة بينما قلبها ينبض بصورة مفرطة... صورة كرم تداعب عينيها فتبث بها ثقة كبيرة فيه و فيها معه... و على إثر هذا نطقت بما خطف نبضه و هو يفتح الباب ليطمئن عليها فقد مضى وقتا لا بأس به و قد راوده الخوف
(أنا مستعدة لأكون زوجة كرم)
تشجيع الطبيبة لها جعله يغلق الباب بسرعة كي لا تراه... فهو ايضا يحتاج وقتا اضافيا ليصدق ان غسق تريده كما يريدها... قضم شفته السفلى يلجم مشاعره فقط حتى تنتهي الجلسة... ضيقة العقل التي اوقفت قلبه و قد ظن انه سيبقى سجينا للانتظار اطول بعد...فرك كفيه معا ليهدأ من فيضان جوارحه التي نضحت بما حوت لها من عشق... الليلة سيرتوي بعد صبر دام طويلا... الليلة سيفي بوعده لنفسه و يجعل من شفتيها عُشا لعصافير عشقه لها...
بعد قليل...
فتح باب الغرفة التي لم يبتعد عنها من الأساس ليعطيها الفرصة كي تنهي جلستها و تهدأ... خطفت روحه و قلبه و جوارحه في وقفتها المهلكة قرب الشرفة... لا يعرف ما سر حبها في الوقوف ليلا في زجه البرد لكن هيئتها بشعرها المتطاير هذه تغريه... آه يا غسق و ألف آه...اغلق الباب و خطى اليها فانتبهت لحركته... اولته وجهها و شعرها يطير ليلامس وجنتيها فيقسم قلبه أنه سيلامس هاتين الوردتين مثله حتى يجعلهما تنسيان ملامسة أي شيء غير شفتيه... ابتسمت له بسمة صغيرة تقول بعدها بخفوت خجول...و يا ويله و ويل قلبه من خجلها!
(أين ذهبت بعدما خرجت من الغرفة؟!... كرم أنا لم أقصد....)
صمتت حينما توقف امامها مباشرةً يمد كفيه و يلملم خصلات شعرها ببطء ليزيحهم خلف أذنيها... اسبلت اهدابها بين راحتيه و قد شعت حرارة خجلها لتلامس بشرته فتجننه و تفك حبلا غليظا ربط به مشاعره و هذبها لسنوات... رفع وجهها اليه ينظر في عينيها اللامعتين بقبس من نور ساطع... فمال يلامس وجنتها اليمنى بقبلة دافئة ارسلت بها رجفة... ابتعد عن وجنتها ليعود الى عينيها فيهمس..
(كنت على باب الغرفة طوال الوقت)
ابتلعت ريقها ببطء مترقب و نبضها يعلو بسرعة قصوى... راقبت وجهه الذي يقترب مجددا منها فيميل يلثم وجنتها اليسرى بقبلة أكثر دفئا من الأولى... ثم يبتعد ليعود ينظر لعينيها هامسا...
(و أعرف أنك لا تقصدين... أنتِ فقط مجرد ضيقة عقل)
اتسعت عيناها و ثبتتا على نقطة وهمية خلف كتفه القريب جدا من عينيها بعدما مال حاملا عشق قلبه... لهفة روحه... عذابه الطويل... رغبته الجامحة بها وحدها... و نبض قلبه الذي سيتوقف... ليبلغ شفتيها منه السلام... يقبلها بشغف حنون... حنون جدا لدرجة استحضرت فيها دموع عينيها التي لم ترمش بعد!...ظلت صامتة بلا حراك تشعر بشفتيه اللتين يلقيان همسات عدة منبعها روحه و مصبها روحها فتسمعه حتى لو لم ينطق!...و في لحظة تفاجأت بلسعة برد تلامس شفتيها فعرفت وقتها انه ابتعد و سحب دفئه عنها...أما هي فلا تزال تناظر نقطتها الوهمية خلف كتفه...
ابتعد كرم بغير تصديق انه حقا قبلها!... يا الله على حلاوة الشهد المتقطر من بين شفتيها الناعمتين...انها النعيم الذي جعل الله له فيه نصيبا... انها غسق يا كرم عشق صباك و منية رجولتك... اخيرا!!!... ابتسم برجولة حانية مراقبا وجنتيها المشتعلتين رغم هروب عينيها منه... مد اصابعه يمررها فوق شفتيها الحمراوين ببطء يستعد نعومتهما فيهمس ببحة عاشقة...
(يا له من شعور!... من الشفاه الى القلب!)
و مع جملته الأخيرة كانت كفه الأخرى قد التقطت كفها ليضعه فوق قلبه الهادر بعنف خلف صدره...
ضيق عينيه فجأة بذهول مما يسمع ليلتفت الى باب الغرفة بسرعة و صوت الجلبة بالخارج يصله و كأنه قادم من اعماق بعيدة...ثوان حتى صدح صوت الرجال بالأسفل فانخلع قلبه من محله ليترك كف غسق التي استفاقت من مشاعرها على صوتهم و يركض الى الباب قائلا برعب...
(أبي!!!!!)




...انتهى الفصل...

الفصل طوووويل و وقتي كان ضيق جدا ما قدرتش انقحه فبعتذر لو صادفتكم بعض الأخطاء
دمتم بخير












AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-12-20, 11:40 PM   #1038

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة tuo مشاهدة المشاركة
تسجيل حضوورر🥳💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rana m. M مشاهدة المشاركة
يارب سهر متنكدش علينا فصل النهاردة زي ما الامتحانات منكدة علينا الاسبوع كله🙂
في انتظار الفصل رغم انف الامتحانات و الميد ترم و الفاينال 😂♥️♥️♥️♥️
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة wejdan1385 مشاهدة المشاركة
في انتظار الفصل مع ان عندي اختبار للمرة الثانية 3/>
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة meeth__22 مشاهدة المشاركة
فيه بارت؟اليوم؟؟؟؟؟؟؟؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سوووما العسولة مشاهدة المشاركة
تسجيييل حضووور.. بانتظارك سهر.. وقلبي بيدق كل ماتتأخري ويزيد الترقب والحماس.. 😭ربي يسعدك وسلمت يداكي مقدما يامبدعة 💓
نورني حضوركم
بالتوفيق رنا و وجدان في امتحانتكم ❤


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-12-20, 11:41 PM   #1039

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة م ام زياد مشاهدة المشاركة
يبقى نصيحه لوجه الله بلاش تقرى الفصل 😂
حلو تمهيدك يا ام زياد يخفف من حدة الفصل😂


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-12-20, 11:48 PM   #1040

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شغف... مشاهدة المشاركة

كرم...و مزيدا من التفهم و الرجولة يتحفنا به ، كم عز عليه ان يتركها متضايقة منه كما عزت عليه رجولته ان تصرخ في وجهه بدون سبب مقنع و تترك ضيوفه و هو الذي تربى على اكرامهم و تبجيلهم، الا ان التفهم و الحب بعها هو عنوانه فليته علم حينها ان كل ذلك مجردة غيرة علي، ما هو بصدده الآن مشاعر غسق الوليدة و التي تحتاج ان يأخذ بيدها ليعلمها اولى خطوات الوليد علها ترسو على بر قلبه و يرسو قلبه هو على أمان لطالما انشده و هو تلاحم قلبيها بمشاعر امتلكها لها منذ الأزل، كم يصعب عليه الصبر بعد ان جرب القليل منها و من اعترافها و ان كان أتى على صورة غيرة تنعش قلب أي عاشق فكيف السبيل الآن؟ و هو الذي قد جرب الاقتراب من قبل و تلقى اقسى ردة فعل لمحب، الا انني الآن أرى ان تقدمه ، لهو شي إيجابي بل وحتمي حتى يستطيع ردع التردد و عدم الاستيعاب الذين يلما بغسق...

غسق... "كرم ليس كأي رجل " "كرم لن يؤذيني" تلك الثقة الخفية التي كان قلبها يتعايش معها منذ زواجهما و التي لم تواجهها الا بعد ان حاول الاقتراب منها فصدته ، ندمت على ذلك الصد و لجأت لشيء كان ترفضه و هو البوح للغرباء و الإستعانة بطبيبة نفسية، فقط لأنها جرحت كرم ، هذا يؤكد انها لم تنفر من كرم منذ الحادث بل أن عدم ثقتها في الرجال لم تشمله فلو كانت كذلك لما قبلت بالزواج منه و لما تألمت لدفعه في تلك المرة فوق السطح ، لم تنفر من كرم بل نفرت غريزتها الفطرية من أي تقارب من تلك الناحية ، غريزتها التي لم تتخطى الى الآن ذلك الحادث و التي الآن بدأت في التشافي و التأمين للتقارب فقط إن كان من كرم، و الشيء الذي سيدفعها للأمام حقا و نمو تلك المشاعر في قلبها لكرم هو حقيقة صبره عليها دون مسها فلا يوجد رجل سيصبر على عدم الاقتراب من زوجته المتحسسة من الرجال كل هذه المدة بتفهم و احتواء الا أن كان عاشقا أو دعيني أستعير إسمه لهذا العشق الإستثنائي إلا إن كان "كرم المراكبي"
الغيرة هي بوادر الإكتشاف و الإستيعاب و هذا ما تعيشه الآن غسق...
أكثر ما جذبني في هذا الفصل هو حديثهم المتكامل تلك الليلة و تمريضه لها و كأنهم أزواج منذ مدة يسودهم التفهم و الحب ، أحاديثهم العفوية و ذلك التناغم المميز بينهم رغم احراجها البديهي في وضع كهذا و في ظروف كهذه الا انه كان لها نعم العون حتى تناست احراجها و تخلت عن تحفظها لتباغته بتلك القبلة التي خرجت تلقائيا من صميم قلبها - لكل ما يحمله له و ان كانت هي لم تستوعب الى الآن كنهه -و الذي بدأت صورة كرم تكتمل فيه...
ترى متى ستكشف للعائلة سواد قلب و فعل سهر! و التي اتضح انها السبب في عدم انجاب هبة و حزنها ،


مؤيد & أريج

قلبان آخران في طريقهما للتلاحم بين "مُحبّة" قد اعترفت و تعرفت بما بداخلها من مشاعر بكر تمردت عليها و "مُحِب" ربما ما عاشه ماضيا جعله يعيش ما يدور بداخله حاضرا دون التطرق لتسميته فقط التلذذ به و المحافظة عليه ، أو ربما اعترف؟ فقط قارن بين حبه كشاب لإيفا و حبه كرجل!!! و من الواضح ان كفة الأخير قد رجحت ،

يائيل كانت له أريج خير أم و بوادر تعافيه بدأت تلوح في الأفق فكيف ستكون حياتهما مع كل هذا يا ترى؟ و متى ستظل الحياة بهما واقفة على حبر وورق؟!



فلك& طارق

و ما زال احساسي ينمو ، ان طارق لن يكمل معها و الموت سيكون دون ذلك، فهل يا ترى ستجد الحب أخيرا في تجربة ثالثة؟ ام أن ابنها سيكون هو نصيبها من الحب؟ و كيف ستنتهي مكيدة ميرنا و لبنى؟

ارجووك يا آية خلي قلب فلك يفرح و لما اتموتي طارق خليلها بطل ايحبها و اتحبه 😰

مودة&أيوب

و أخيرا الحلم قد تحقق و القلب لم يتسع لغيرها فبعدما صبرت ظفرت ، و بعدما فقد نالَ


فصل ككل الفصول تسوده الروعة و يطغى عليه الجمال
سلمت أناملك و ما تخطيه
في انتظارك اليوم على أحر من الجمر

كم كنت مستمتعة بقراءة تعليقك شغف لدرجة حزنت حينما انتهى... حبيبتي شكرا من قلبي على رأيك و مشاعرك الطيبة... تسلم ايدك أنتِ ❤


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:13 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.