آخر 10 مشاركات
حواجز الصداقة -بيني جوردان(كتابة/كاملة)** (الكاتـب : Just Faith - )           »          67 - زواج بالإكراه - فلورا كيد - ع.ج ( كتابة فريق الروايات المكتوبة/كـامله )** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          203 -حب من أول نظرة / سالى وينت ورث )(كتابة /كاملة **) (الكاتـب : Hebat Allah - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          شركة رش مبيدات داخل وخارج الرياض (الكاتـب : الرفاعي فرحات - )           »          الإغراء المعذب (172) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 2 سلسلة إغراء فالكونيرى ..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          كُن لي عناقً وسأكون لك ظلاً كُن لي مأوى وسأصبح لك وداد (الكاتـب : تدّبيج - )           »          عز الله ان حبي لك أكبر نقيصه...رواية من اجمل ما قرأت (الكاتـب : taman - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          96 / آخر الغرباء - جانيت دايلي - (كتابة / كاملة ) (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree860Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-02-21, 11:02 PM   #1221

ام جواد
 
الصورة الرمزية ام جواد

? العضوٌ??? » 443659
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 774
?  نُقآطِيْ » ام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond repute
افتراضي


تسجيل حضور
في انتضار مين راح ينقض غسق من القسم
مرة مرة مرة متحمسة


ام جواد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-02-21, 11:06 PM   #1222

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الثلاثون






الفصل الثلاثون


(غسق!!...غسق ما الذي يحدث عندك؟!!)
صوت مؤيد المتسائل بقلق كان عاليا و قد التفت على إثره بعض المارة في الشارع...الأصوات تداخلت و هناك جدل محتدم عند غسق ما وصله منه ليس سهلا ابدا...تكورت اصابعه على عجلة القيادة و صوت غسق يصله بعيدا لكن مفهوما...رفع بصره سريعا تجاه باب السيارة و الذي فتحته أريج بتوجس من صوت مؤيد و ملامحه فسألته بخوف...
(مؤيد ماذا هناك؟)
بقي الهاتف معلقا على أذنه يستمع لكل ما يحدث بغضب يتفاقم فطريقة المعاملة التي تتلقاها غسق حاليا مهينة جدا...قال بتساؤل متحفز
(قمتِ بالتسجيل أليس كذلك؟)
اومأت سريعا بينما تتساءل بقلق يزداد...
(نعم لكن ما بك أنت و من تحدثه على هاتفي؟!!)
سألها بترقب سريع...
(من قمر هذه؟!)
ضيقت أريج عينيها بعدم فهم تهز كتفيها بجهل و تقول..
(لا أعرف...ماذا يحدث مؤيد؟!)
سؤالها الأخير تزامن مع حركة يدها التي اخذت هاتفها من فوق أذنه تنظر لاسم غسق باستغراب ثم تضعه فورا على أذنها فتتسع عيناها بهلع من الصراخ الصادر...عادت تنظر لمؤيد و تتساءل بجزع...
(ما هذا؟!!!)
قبل ان يقول مؤيد حرفا وصل أريج مطلب قمر كاملا فشخصت عيناها بجنون و هي تناظر مؤيد المترقب و كأنها تطلب عونه في شيء ما...تنفست بوتيرة متزايدة بينما تقول بنبرة اوحت له ان ما يحدث يُصنف كارثة...
(اتصل بيوسف حالا و اطلب منه ان يتحرك)
نظراته كانت متسائلة لكنها ضغطت على حروف رجاءها بخوف وصله كاملا...
(اسرع مؤيد غسق في ورطة كبيرة!)
يوجد معلومة ناقصة لا يفهمها و هي سبب ما يحدث لغسق حاليا فقال بتوضيح للأمر
(يجب ان نقدم نحن البلاغ للشرطة أولا يا أريج و بعدها...)
صرخت بجنون و التطورات السريعة عند غسق تشل تفكيرها...
(لا يوجد بعدها يا مؤيد...غسق متهمة في سمعتها و اسم سهر تردد أكثر من مرة في وسط هذا الصراخ...يا ربي تبدو عرفت عن اكتشاف غسق و هبه لفعلتها فيهما و سبقتهما بخطوة...كنت اشك بأنها تعرف حقيقة ما حدث لغسق لكنها تنتظر الفرصة المناسبة لتفضح الأمر)
تحفز مؤيد في كرسيه يعقد ما بين حاجبيه متفحصا أريج قبل أن يسألها صراحةً...
(هل تعرضت غسق لاعتداء من قبل؟!)
دموع عينيها التي حضرت سريعا اخبرته عن وجع ذكرى تشاركتها مع غسق...عيناها تصرخان طلبا للعون...رفع حاجبيه عاليا من فداحة الأمر فحدسه اصاب!...لكنه تمالك نفسه و شعور مساعدة غسق يزداد داخله...ركن صدمته جانبا ليرفع هاتفه على اذنه و فور سماع صوت ابن عمه قال...
(يوسف اتخذ خطوتك الآن فلا يوجد مجال للانتظار الاحداث تطورت جدا و الأمر خطير)
اغلق مع ابن عمه ليشغل محرك سيارته متسائلا بغضب...
(أين بيت غسق؟)
تشبثت أريج بكلتا يديها بالهاتف تصف له الطريق و الذي لحسن الحظ ليس بعيدا عن هنا...تدعو الله ان تصل في الوقت المناسب قبل ان يضعوا غسق في خانة اللا مفر...همهمت برجاء لصديقتها حتى و ان كانت لا تسمعها..
(لا تقسمي غسق ارجوك...تماسكي حتى نأتي)
********
تحرك ثروت في صالة الشقة يبحث عن زوجته بتعجب فلا صوت يصدر منها...و عندما اقترب من الشرفة لمح ظلها هناك فتنهد براحة ثم دلف اليها متسائلا بتعجب...
(أمل ماذا تفعلين في هذا البرد؟!)
دون ان تغير من وضعية جسدها و تبعد عينيها المتعلقتين بشيء ما قالت...
(كنت أعلق الثوم فرائحته عبأت المطبخ كله لكنني لمحت أنوار بيت المراكبي مضاءة)
اقترب ثروت من زوجته ينظر سريعا الى بيت المراكبي المضاء على عكس حالته منذ الحادث فتساءل...
(ترى هل عادوا؟!)
التفتت بجانبها له تقول..
(اتصل بغسق و دعنا نعرف أين هي...ألا يكفي انها تقضي الليالي في هذا البرد معهم بالمشفى!)
تحدث ثروت بتريث...
(غدا اهاتفها يا أمل فالليل أقبل...)
التفتت له بكليتها تقول بعصبية متضايقة على حال ابنتها...
(هل نحتاج لإذن كي نتصل بابنتنا؟!!)
قال ثروت بهدوء يمتص قلق زوجته...
(بالتأكيد لا و لكن ابنتك باتت مسؤولة عن زوج و فردا من عائلته فعليها مشاطرتهم افراحهم و احزانهم يا أمل...)
صوت السيارة التي توقفت بشكل سريع فاجئ ثروت و زوجته فانتبها لها بتعجب...دققت أمل النظر في هوية الرجل الذي خرج منها بترقب...يبدو بعيدا بهيئته هذه عن الحي و أهله لكن بعد خروج الشخص الثاني اتسعت عيناها لتردد بذهول...
(هذه أريج!!)
هرولة أريج مع مؤيد الذي سأل أحد المارة عن بيت المراكبي و دله عليه اصابتها بالرعب على ابنتها...فلم تمهل نفسها لحظة للتفكير بل هرولت للداخل بسرعة تقول...
(غسق بها شيء يا ثروت!)
دلف زوجها خلفها يقول بتعقل رغم خوفه...
(تمهلي يا أمل و لا تفترضي السيء فنحن لا نعرف إن كانت غسق هنا أو بالمشفى!)
توقفت أمل عند باب غرفتها تلتفت لزوجها قائلة بحدة مرتعبة...
(و هل تحتاج لافتراضات يا ثروت؟...أريج لمن ستأتي غير غسق...الله يعلم ماذا فعلوا بابنتي ربما مرضت او تأذت بسبب مشاكلهم التي لا تنتهي...قلتها مليون مرة من قبل هذه الزيجة لا تصلح ابدا...و الله لو اصاب ابنتي مكروه لأخرب بيوتهم)
قالت ما ارادت ثم دلفت غرفتها تبدل ثيابها على عجلة من أمرها لتطمئن على ابنتها...بينما ثروت لن يكذب على نفسه فهو ايضا متوجس من قدوم أريج لذا أسرع ليلج خلف زوجته و يبدل ثيابه داعيا الله أن يحفظ ابنته من أي شر...
******
بيت المراكبي...
(أنكِ دخلتي هذا البيت و أنتِ فتاة لم يلمسك أحد)
تصلبت اصابع غسق فوق المصحف و شحبت بطريقة تثير الشفقة...لو بها موتها لن تقسم كذبا على كتاب الله لأي سبب كان...انه يمين غموس مصير صاحبه أن يُغمس في جهنم و إن تاب عنها يبقى معلقا إما رحمة الله أو عقابه...ماذا الآن؟!!!
(يكفي هذا غير مقبول بالمرة!!!)
صوت هبه الصادح بغضب لم يروها به من قبل منح غسق الفرصة لتتمالك اعصابها...شعرت بكف هبه يحط على كفها فوق المصحف و تسحبه بينما ترمق سهر بحدة قبل ان تهتف في قمر...
(ما هذا الذي تفعلينه بحق الله يا قمر؟!...أتعيبين في زوجة أخيك التي لم نرَ منها سوى الأدب و الاحترام؟!...أنتِ لا تهينين غسق فقط بل و كرم ايضا!)
الانفاس تدخل رئتي غسق بصعوبة مؤلمة من هول ما كانت مجبرة على فعله...صدح صوت سهر العالي بينما تنظر الى غسق الشاحبة...
(قمر لا تهينها يا هبه لقد سمعتها بنفسها و هي تتحدث مع رجل غريب و تخبره بأن كرم لن يعرف ما بينهما)
احتدت نظرات خالد ليقترب من زوجته قائلا بتحذير...
(سهر!!...راقبي كلامك قبل النطق به)
بينما هزت هبه رأسها بتفهم لما يحصل فتنظر الى قمر قائلة بعتاب بينما تؤشر على سهر بغضب...
(سلّمتِ أذنك و عقلك لسهر!!...ألا تعرفينها يا قمر و تعرفين كم هي ناقصة تكره من حولها)
ان تعبر هبه بهذه الكلمات عن شخص و هي التي تزهد الشجار و تتحلى بروح التسامح يعني ان هناك خلل ما...ضيقت قمر عينيها تتفحص وجه هبه الغاضب و الذي استشاط بعدما صرخت سهر بها...
(من هي الناقصة ايتها الأرض البور...لا تعايريني و أنتِ معطوبة و...)
اخرسها جذب خالد لها من ذراعها بقسوة يكمم فمها بحدة قائلا بتحذير...
(اخرسي سهر و لا تتمادي)
افلتت نفسها منه بصعوبة لتقف أمامهم جميعا تصرخ...
(تخرسني عن حقي!...و هي من يُخرسها؟!)
تكورت اصابع هبه جوارها و قد اهتاجت و أنين روحها يتحول لصراخ لن يتوقف و هي تهدر...
(اليوم لا أحد سيخرسني يا سهر...اليوم ما سأقوله سيعري حقيقتك أمامهم)
توقفت الأنفاس في صدر سهر و هيئة هبه تفزعها...ما الذي تقصده بكلامها هذا؟!...تحرك بؤبؤ عينها مع حركة غسق التي تمسكت بذراع هبه بقوة لتهمس لها بشيء غير مسموع لهم...فيحين دور هبه التي هتفت بقهر يتقطر من وجع روحها...
(لا يا دكتورة لا تطلبي مني الصمت اكثر من هذا...انها تتطاول عليك و تتهمك في شرفك و قد تمكنت من عقل قمر)
تأهبوا كلهم في وقفتهم يناظرون ثلاثتهن بأجساد متحفزة و أعين شاخصة و أنفاس تخبو قصدا لتتيح لأصحابها متسع من الصمت حتى ترهف الآذان لكل حرف سيُقال...و على الجبهتين تتواجهن سهر...هبه و غسق...يناظرن بعضهن و أعينهن تفسر ما تخفيه ارواحهن...فيتقلص قلب احداهن بوجع و الأخرى بترقب أما الثالثة فتحاول ان تنفض عنها صدمتها لتدرك الموقف قبل ان تحدث مصائب في عائلة سليمان...احتلت قمر الصورة و قد وقفت بينهن ترمق هبه بعدم فهم و تتساءل بترقب..
(ما الذي لن تصمتي عليه أكثر يا هبه؟!...ماذا يحدث بينكن أنتن الثلاثة؟!!)
اهتز جسد هبه من فرط انفعالها و كبت رغبتها في سلخ روح سهر منها فشددت غسق من تمسكها بها ترجوها...
(هبه ارجوك الدليل ليس معنا حتى الآن و هي ستنكر بكل بساطة و ربما سنعطيها فرصة لتتواصل مع الطبيبة و تتدبرا الموقف....)
نظرت لها هبه و رغبتها الملحة في الصراخ بجرم سهر تشتعل بين جفنيها...قضمت شفتها بقسوة فزادت رعشة جسدها الذي كاد ينفجر من كبحها كل هذه المشاعر اللاعنة...همهمت لغسق بدموع موجوعة
(لم يعد هناك مجالا للتراجع يا دكتورة...سآخذ حق ولداي منها)
ما يحدث أمام عينيها من تضامن بين هبه و غسق انبأها بمصيبة قادمة...هل عرفتا بشأن حبوب منع الحمل!...انتفض قلبها في صدرها عند خاطرها الأخير و أدركت انها ان لم تفعل شيئا الآن لن تفعل ابدا بعد لذا تقدمت لتقف جوار قمر و تقول بصوت مهتز لكنه صادح...
(ما يحدث بيننا كنت اصمت عليه طويلا لأجل أخوتك يا قمر لكن الله أراد أن يفضح أمرهما امامكم جميعا...هبه كانت هرة مغمضة العينين لكنها تحولت كما تري بعدما صادقت الدكتورة...صالح و كرم يعطيانهما الأمان و هما تسيئان لاسمهما و سمعتهما...آاااه)
صوت صراخ سهر المتألم لم يمنحها الفرصة لتكمل حديثها...فقد صفعتها هبه بقسوة لتصرخ بها ببكاء لاعن..
(اخرسي يا كاذبة و لا تستغلين صمتنا و تفترين علينا...كيف تقفين بكل تبجح أمامنا و تقولين هذا؟!...ألا يكفيك ما فعلته بنا؟!...ألا يكفيك قتل ابنائي و حرماني لسنوات من الانجاب؟!!)
اخرستهم هبه بما قالت فحل الذهول عليهم و الزمهم صمت مصدوم...صمت مرعب يمر بينهم بلا تصديق...صوت مفاتيح صالح التي سقطت منه ارضا بعدما فتح باب الشقة كانت رد الفعل الحي الوحيد بينهم قبل ان تخور قوى هبه كليا فتشهق ببكاء منتحب بعدما قبضت على ذراعي سهر تغرز اصابعها فيهما و تتساءل بصوت مذبوح...
(لماذا فعلتي هذا بي؟!...لمَ قتلتي اطفالي و قتلتي فرحتي معهما؟!...بماذا أذيتك أنا لتجعلي حياتي عذابا؟!...كنت أحترق أمامك لسنوات و أنا أسعى لأحمل بطفل جديد...كنتِ ترين دموعي و تسمعين بكائي كل يوم ألم تشفقي علي و لو للحظة؟!!...لماذا؟!!)
رجتها بعنف بين قبضتيها و هي تسألها بقهر مختزن بداخلها من سنوات...الصمت انقشع تدريجيا فوصلتهما همهمات متداخلة من الجميع تحولت فيما بعد لإدراك كامل لكل ما قالته هبه من فواجع!...و رغم الصدمة الجلية في عيني سهر إلا أن الرعب من افشاء خبر كهذا جعلها تهدر عاليا بصراخ تخبئ خلفه حقيقة تنكشف...
(كذب كل ما تتفوهين به كذب...هل لتغطين على تصرفاتك مع زوجة كرم تتهمينني بالقتل؟!!!)
انفرجت عينا هبه لتصرخ بها بجنون..
(ألا زالت لديك الجرأة لتقولي حرفا؟!...هل وجعي و عذابي كذبا؟!...هل ما فعلته بي على مدار سنوات كذبا؟!...ألا تخافي الله و أنتِ تفعلين كل هذا؟!!)
شعرت هبه بأحدهم يسحبها للخلف مخلصا سهر من قبضتها فاهتاجت أكثر لكن حينما نطق صالح وصلها صوته الواهن ليوقفها...
(هبه!!!)
التفتت اليه تبكي بصوت مسموع و تشكو له وجعها...
(هي يا صالح و الله هي...هي من استكثرت علينا ابنائنا فقتلتهما و حرقت قلوبنا عليهما...هي من وضعت لي حبوبا لتمنعني من الانجاب)
تحركت عينا صالح على وجه زوجته بعدم تصديق مصعوق...ضيق عينيه يهمهم بخفوت واهٍ
(ماذا تقولين يا هبه؟!...لقد ماتا لأنك تعانين من مشاكل في الرحم!!)
نكست رأسها امام صدره تبكي حسرة على سنوات كانت فيهم حبيسة كذبة حقيرة دمرتها لتهتف بألم وصل لجميع الواقفين و قد اصابهم الخرس من فداحة ما يقال...
(هكذا اقنعونا يا صالح...هكذا ضحكوا علينا ليداروا قتل أولادي)
احتلت الدموع مقلتيه بعدما رفعهما يواجه أخاه الكبير...يسأله بنظراته أن يُكذّب ما يحصل...ألا تكون زوجته سببا في عذابه و حرمانه من الابناء عمرا طويلا...ارتعش فك خالد من الغضب و حالة أخيه و زوجته تصيبه بالجنون...تقدم من سهر يلفها اليه بحدة هادرا بتساؤل ارعبها...
(هل ما يُقال حقيقة؟!!)
ابتلعت ريقها بخوف لتهمس بتلعثم...
(كذب و الله كذب...)
طحن ضروسه بضراوة ليهز رأسه بحركة عصبية ثم يلتفت الى أخته المذهولة يلتقف منها المصحف و يعود لسهر قائلا بأمر قاطع...
(اقسمي سهر...)
ارتعشت أمامهم برعب لكنها عاندت فلو سقطت لن تقوم مجددا فقالت بصوت عالٍ مستنكر...
(أتشك في زوجتك و أم ابنك يا أبا مازن؟!!...تريدني أن أقسم على كتاب الله أنني لست قاتلة؟!)
صدح صوت فاطمة المصدومة مما سمعته و رأت عليه هبه لتقول بجدية رغم وهن صوتها...
(كما أردتِ أن تقسم غسق عليه افعلي لتبرئي نفسك)
اصفر وجهها بجزع تناظرهم برعب جعل اسنانها تصطك...كل شيء انقلب ضدها في لحظة واحدة...متى عرفت هبه عن كل هذا؟!...لقد فعلتها قبل سنوات و لم يشعر بها أحد...فعلتها لتتخلص من أي شريك يمكنه أن يأخذ اكثر منها في المال أو المكانة...حينما اخبرتهم هبه انها تحمل ولدين في احشائها احترقت من الغيرة و البغض...ولدان دفعة واحدة و من يدري ربما تنجب بعدهما ولدين آخرين!...لم تتمهل للحظة لتطلب من طبيبتها أن تساعدها في الأمر فكما عرفت عنها سابقا تعشق المال و لأجله تفعل أي شيء...و قد وافقتها و اتما عملهما على مياه بيضاء حتى أتت غسق!...نبشت وراءها و جعلت هبه تعرف و الآن يفضحون امرها و يريدون اطاحتها من هنا لتنعما بمفرديهما بأموال المراكبي...عند هنا اهتاجت روحها و وسوس شيطانها لها بألا تخضعي...لا ضير من قسم صغير و بعدها ربك غفور رحيم...اعجبتها الفكرة فلن تسمح بأن يعرفوا حقيقتها و تخرج خالية اليدين من هنا ابدا...قست عيناها كما قلبها لتنظر لفاطمة بحقد ثم ترفع يدها ببطء و تضعها على المصحف فيصيب الذهول فاطمة من قدوم سهر على القسم...صوت خالد عاد آمرا بتحفز ينذر بعواصف صعبة
(أقسمي....)
(لا تفعلي...)
صوت أريج اللاهث بصورة مفرطة لفت انتباه الجميع...الباب الذي تركه صالح مفتوحا جعلها تدلف دون إذن فهي لا تفكر سوى بإنقاذ غسق من قسم عظيم كهذا...تفحصت الوجوه بعينين متوترتين و حينما وقعتا على غسق هرولت الأخيرة اليها بوجه شاحب تستنجد بها في لفظ اسمها بشفاه جافة...
(أريج...)
رفعت غسق عينيها الى مؤيد الواقف خلف زوجته يتفحصها بعينيه كما تتفحصها أريج بكفيها اللذين تمررهما على وجهها و كتفيها بينما تسألها بوجل...
(لا تخافي غسق أنا هنا...ماذا فعلوا بك؟!...هل أقسمتِ على شيء؟!!)
عدم الفهم المصاحب لنظرات غسق لم تجد أريج متسع من الوقت لتجيب عليه حينما وصلها صوت فاطمة المتعجب...
(دكتورة أريج!...ما الذي تفعلينه هنا؟!!)
تمسكت أريج بكف غسق تسحبها جوارها بحركة دفاعية ثم تقع عيناها على هبه المنهارة ببكاء مرير و بعدها تترحلا عليهم واحد واحد قبل أن تستقرا عند سهر ذات الملامح المتوجسة فتقول بنبرة جلدت سهر بقسوة...
(يبدو أن الحقيقة ظهرت لكن ينقصها الأدلة)
عقدت فاطمة ما بين حاجبيها بترقب تسألها...
(هل تعرفين شيئا؟!!)
سحبت أريج نفسا عميقا قبل أن تفلت كف غسق و تفتح حقيبتها تخرج منها بعض الأوراق...فكم تحمد الله على لطف اقداره هذه الاوراق وضعتها قبل خروجها من البيت تحسبا لأي دليل قد يساعدها الليلة و هي تقدم بلاغ للشرطة..
(قبل فترة جاءتني غسق المشفى لتقوم بفحص عادي لكن تحاليلها كشفت لنا انها تتعرض عمدا لأخذ حبوب مانعة للحمل...و بعد فترة أخرى جاءتني هبه لنجد انها تتعرض للشيء نفسه منذ سنوات و بعلم طبيبتها)
شهقة قمر العالية كانت مسموعة في ظل هذا الخرس الذي لازمهم...تعرقت كفا سهر برعب فأمسكت جانبي جلبابها لتصرخ في أريج بحدة...
(و ما دخلي أنا في كل هذا؟!!)
اجابها مؤيد بصوته البارد برودة مرعبة...
(الطبيبة طبيبتك و أنتِ من رشحها لهبه يوم الاجهاض و قد أصريت عليها...لأنك كنت خائفة أن تذهب لأي مشفى فيعرفوا أنها تناولت حبوبا سببت لها تقلصات في الرحم مبكرة و إن عرفوا سيبلغون الشرطة و التي ستكشف أنك من اعطاها لها بعد تعاونك مع الطبيبة)
زاغت عينا سهر برعب و هي تناظر هذا الرجل الغريب...كيف يعرف؟!...لقد عرى حقيقة الماضي في ثوان معدودة و كأنه كان معهم...ارتعشت شفتاها قبل ان تنطق بصوت خاوٍ...
(أنت كاذب...لقد اتفقت معهم لتوقعوا بي)
قوس مؤيد شفته السفلية للأسفل باستهانة و قرر أن يلاعبها ليضغط على اعصابها فقال...
(أنا لا أعرفك لأوقع بك!...كما أن الطبيبة الآن في قبضة الشرطة بعدما اعترفت بجرمها و يمكن بعد لحظات ستأتي لتلقي القبض عليك)
صرخت سهر بهستيرية بينما تتراجع للخلف فتصطدم بصدر زوجها...
(كذب كل هذا كذب...أنا لم أفعل أي شيء)
اخرج مؤيد هاتفه من جيبه ببساطة يقول بينما يضعه فوق أذنه...
(لا بأس نطلب من الشرطة أن تواجها بعضكما و نعرف من فيكما الكاذبة!)
جفت حروفها من منبعها لتهمس برفض مرتعب...
(لا...لا تفعل)
تقدمت أريج منهم لتلقي الأوراق التي بيدها على الطاولة قائلة...
(هذه بعض من التحاليل الخاصة بغسق و هبه و التي تؤيد ما قيل)
اسرعت فاطمة لتأخذهم و تقلب فيهم فترفع عينيها لأخيها الكبير بصدمة تخبره بصحة ما يُقال...اغمض خالد عينيه يكبح وجع كبيرا...يتذكر أخاه و شوقه للأطفال...دموعه و أمنيته بأن يمنحه الله ولدا...صبره هو و زوجته و تحملهما ما ترميه سهر من كلمات موجعات...سهر!...هل كان خبيثا لهذه الدرجة كي يمنحه الله زوجة بهذا الخبث و قبح الروح...لكن الله يعلم كم يحب أخوته و يتقي الله في عائلته كلها...احتدت انفاسه بصورة سريعة ليفتح عينيه و يلتفت لها بغضب هادر فيحرق الخطوات الفاصلة بينهما ليقبض على حجابها الذي تلقيه بعشوائية فوق شعرها و يسحبها منه متحركا بها الى الباب...غير عابئا بصراخها المتوجع...بتجمع أخوته حوله و كلامهم المتوسل بألا يتهور...بنظرات ابنه الباكية و المرتعبة...لا يعبأ سوى بما يمر بخاطره و يصرخ به لسانه لها...
(ماذا فعلوا لك لتكرهيهم هكذا؟!...بماذا اخطأنا في حقك؟!...كنت لك زوجا صبورا كاظما غيظي من افعالك الشيطانية...و أهلي تحملوا منك ما لا يُطاق...أنتِ امرأة لا تستحق إلا أن تُهان...)
وصل بها الى باب الشقة فأوقفه وجود والدي غسق الشاحبين لثوان قبل أن يتخطاهما و ينزل السلم ممسكا برأس زوجته دون أن يقل غضبه للحظة...بينما غسق تجمدت مكانها و هي تناظر والديها بهلع و ملامحهما توحي بأنهما سمعا ما قيل!...لماذا و متى أتيا؟!...
بالأسفل...
فتح خالد بوابة البيت ليخرج زوجته منها و رغم ما يمر به من رغبة متوحشة في قتلها إلا أن قوله تعالى تردد في عقله "إمساكٌ بمعروفٍ أوْ تسريحٌ بإحسان"...تمالك وحشيته ليبعد كفه عن حجابها و يتمسك بكفها ببعض القسوة ثم يسحبها خلفه ترمقهما أعين الناس...توسلت اليه ببكاء بينما قدماها تنغرسا في الأرض لتعرقل حركتهما...
(خالد الناس ينظرون علي...أتهون عليك أم ابنك تفعل بها هذا؟!...خالد أنت تفضحني أمام الحي كله...الى أين ستأخذني يا أبا مازن؟!!)
توقف بها عند باب بيت بسيط و قبل أن يدق عليه نظر لها بندم من اختياره لها من البداية فقال...
(زواجي بك كان الخطأ في حد ذاته)
دق الباب بحدة ففتحه والدها بعد لحظات قليلة لتتسع عيناه بهلع من هيئة ابنته حتى اصابه قول خالد بالخزي...
(تغاضيت عن افعالها مرات و يشهد ربي أنني صبرت لأجل ابني قبل العشرة بيننا لكن ابنتك تمادت و تجرأت حتى وصلت لقتل النفس التي حرم الله...تحملت لزمن طويل أما الآن فلا أطيق ان اشاركها سريري...ابنتك طالق يا عم حسونة و حق أخي و زوجته سيأخذانه منها بالقانون)
لطمت سهر خديها بصراخ جعل الناس ينظرون اليها بفضول رهيب...ابتعد خالد عن البيت بخطوات اهتزت فخانته و كاد يقع ارضا...ليس سهلا أن يعرف كل هذا عن أم ابنه فمهما بلغ معرفته بغيرتها ممن حولها لم يتخيل أن تصل لهذا ابدا...توقف يلتقط انفاسه بصعوبة و يردد بعجز...
(استغفر الله العظيم...)
صوت صالح المسموع من عند بيتهم جعله يرفع بصره سريعا فيرى والدي غسق يخرجان من البيت بينما يأخذان معهما ابنتهما الرافضة لما يحدث...
(يا استاذ ثروت لا يصح ما تفعلاه!)
اقترب خالد سريعا منهم يتساءل بتوجس فيجيبه صالح الذي وقف في طريق أهل غسق يمنعهم عن الحركة...
(الأستاذ ثروت و حرمه يريدان أخذ الدكتورة معهما)
وقف خالد جوار أخيه يقول بجدية تامة...
(لا يصح أن تخرج الدكتورة من بيتها و زوجها ليس هنا!)
هتفت أمل فيهما بحدة جعلت الناس يولون ابصارهم عن سهر و يمركزونها عند غسق...فما عرفته بالأعلى ليس هينا ابدا!
(أي بيت تتحدث عنه؟!!...بيت يسيء لسمعة ابنتي و يخطط ليحرمها من الانجاب...ابتعدا عن طريقنا فلن اترك ابنتي لكم لأعود المرة القادمة و أجدها ميتة)
همهمت غسق برجاء لأمها التي قبضت على كفها و لا تتركه...
(أمي اتركِ يدي و دعينا نتحدث أولا...)
حدقتها أمل بحدة تهتف...
(اصمتي غسق اصمتي فكل هذا بسبب اختيارك لرجل لا يليق بك)
تقبض خالد على كفيه يلجم نفسه بصعوبة فليشهد الله وحده على روحه المتعبة ليقول بنبرة خشنة...
(لا يصح ما يُقال يا حاجة أم غسق...)
صرخت به أمل بينما تتخطاه هو و صالح مع ابنتها...
(و هل بأفعالكم هذه بابنتي تركتم مجالا لما يصح أو لا يصح...ابتعدا)
عاد صالح لينظر الى ثروت قائلا برجاء...
(يا استاذ ثروت كرم لا يعرف عن ما حصل و صدقني حينما يعود و يعرف لن يحصل خير ابدا)
تكلم ثروت بجفاء واضح فعند أذية ابنته الوحيدة يكفي تفهما و منح فرص للغير كي يثبت حسن نيته...
(ما تعرضت له ابنتي في بيتكم ليس سهلا على أمها...ابنتي ستعود الى بيت والدها حتى يأتي زوجها و نتكلم)
ابتعد عنهما متحركا الى بيته فنظر صالح لأخيه بقلة حيلة ردها اليه خالد بأسف على ما حدث كله...خروج أريج من بيتهم و زوجها خلفها جعلهما يتأهبان كليا...
(مؤيد يجب أن أذهب الى غسق...)
امسكها مؤيد من ذراعها يقول برفض...
(ليس الآن أريج...يوسف هاتفني و يجب أن نذهب لقسم الشرطة)
تقدم خالد منهما يسأل مؤيد بتماسك رغم ما يدور بداخله من نزاعات...
(هل تحتاج الشرطة الى اقوال أيًا منا؟)
رد عليه مؤيد بهدوء متفهم مشاعرهم المختلطة فحياتهم انقلبت في غمضة عين
(ستحتاج بالتأكيد لكن لا تهتم حاليا سوى بعائلتك يمكننا أن نؤجل الابلاغ عن زوجتك لبعض الوقت المهم أن الحقيقة ظهرت لكم)
طحن خالد ضروسه حتى صدر صوت احتكاكهم بينما يتطلع الى مؤيد الذي ركب سيارته مع زوجته ليذهبا من الحي...تحرك صالح الى البيت مهمها بكلمات غير مفهومة لكنه توقف حينما تمسك خالد بكفه قائلا
(لقد طلقتها...حق ابناءك سيعود يا صالح حتى لو تم حبس ام ابني)
ابتلع صالح ريقه بوجع على حاله و حال أخيه فهمس له بصوت مختنق...
(عائلتنا تحتاجنا يا خالد فلا يجب أن يخرج أبي من المشفى و يجدنا بهذا التشتت)
احتد صوت خالد حينما قال بقرار لا رجعة به...
(لن أعيدها الى عصمتي لو كانت أخر نساء الأرض هذا قراري النهائي...)
همهم صالح مفوضا أمرهم جميعا لله فلا يعرف من أين أو من أين تأتيهم المصائب...
(لله الأمر من قبل و من بعد...)
*******
عند منتصف الليل...
إن كان قد لجأ الناس الى بيوتهم يحتمون من البرد و يؤجلون حديثهم عما حدث في بيت المراكبي للصباح...فهنا ظل بيت المراكبي بمن فيه مستيقظا يحمل كل فرد بداخله هما يكفي ليحطم جبلا عاليا...قمر و زوجها...فاطمة و زوجها...صالح و هبه...خالد و ابنه...كل منهم اختار مكانا معينا و بقي به منذ ساعات...شاردا يفكر فيما حدث و هل هو الواقع أم مجرد وهم تشاركوه جميعا...فركت قمر كفيها معا بينما تقضم شفتيها بعنف و هي تهمهم...
(خربت بيت أخي بيدي يا وائل...أنا السبب فيما حدث)
ربت زوجها على كفيها ليوقف فركهما قائلا...
(لن ننكر أنك تسرعتِ فيما طلبته من زوجة كرم لكن ندعو الله أن يستطيع كرم أن يُفهم أهلها حقيقة الأمر...الله يهديها أم مازن من كان يظن أنها تفعل هذا بزوجتيّ أخويك!!)
(الله يلعنها في الدنيا و الآخرة...لا أعرف كيف سمعت كلامها و صدقت افتراءها على غسق!...كرم لن يسامحني يا وائل...أخي سأخسره بسبب هذه اللعينة)
هز زوجها رأسه بقلق من القادم فما حدث لن يمر مرور الكرام على سليمان و زوجته و المتضرر الثاني بعد صالح و هو كرم!...
رفع خالد رأسه التي وضعها بين كفيه اللذين يسندهما على ركبتيه بينما يجلس على سريره في غرفته المظلمة...دقق النظر عند الباب فلمح جسد ابنه الواقف هناك بعدما فتحه...مد كفيه اليه يقول بخفوت...
(تعال يا مازن لماذا تقف عندك؟)
هرول الصغير الى والده يرتمي في احضانه باكيا بينما يقول..
(هل أمي سيئة يا أبي؟!...هل قتلت ابناء عمي صالح و الخالة هبه؟!...الجميع يكرهها و أنت طردتها من البيت فهل تكرهونني مثلها؟!)
رفع لوالده وجهه متسائلا برعب...
(هل ستطردني مثلها يا أبي؟)
رفع خالد كفيه يحاوط وجه ابنه ناظرا في عينيه البريئتين قائلا بضعف...
(أنت قطعة من روح والدك يا مازن كيف أفرط بك يا ولدي...لا تفكر فيما حصل اليوم بني انه يخصنا نحن الكبار...أمك ستبقى أمك و عليك طاعتها مهما كانت تصرفاتها يا مازن)
ضم ابنه اليه يقبل رأسه عدة مرات...و عند مرة منهم انهدم جبل صبر خالد فسالت دموعه لتختلط بشعر ابنه فيهمهم بغصة مريرة...
(ذنبك في رقبتي يا بني فأنا من لم يختر لك أما صالحة)
كفكفت هبه دموعها التي لم تنضب للآن حينما دلف صالح عليها الغرفة...اعتدلت على سريرها تناظره بوجه متورم من البكاء حتى وصل اليها يجلس جوارها...لامس وجهها بكفه متسائلا بتضامن...
(حينما طلبتِ البقاء في بيت أهلك كان بسبب ما عرفته عن سهر أليس كذلك؟!)
اومأت له ببكاء لتقول بنيران لم تبرد...
(لم أتحمل البقاء معها تحت سقف واحد بعدما عرفت انها من قتلتهما...وددت لو أخنقها بيدي يا صالح...أن أجعلها تشعر بنفس الوجع الذي عشت فيه سنوات...لماذا فعلت بنا هذا؟!)
قرب رأسها من صدره ثم ربت على ظهرها هامسا بألم...
(حسبي الله و نعم الوكيل...)
صوت فتح باب الشقة وصلهما لكن ما جعلهما يتأهبان هو صوت كرم...
(السلام عليكم...هل ما زلتم هنا جميعا؟!)
بالخارج...
تطلع في وجوههم المرهقة و التي تبدلت عن فرحتهم باستيقاظ والدهم قبل ساعات...أوجس خيفة مما يبوحون به بأعينهم دون لسانهم...فعقد ما بين حاجبيه حينما لم يجدها بينهم ليدفعه غيابها الى التساؤل بخوف انبأه به قلبه...
(أين غسق؟!...)
انتفضت قمر في جلستها على سفرة الطعام بجوار الجميع حينما ضرب كرم الطاولة ثلاث مرات بعنف سمعوا معه طقطقة عظام كفه ليهدر بصوت محتد غاضب بعدما أخبروه ما حدث...
(لماذا يا قمر؟!!!...ألا يكفي ما فعلته أم مازن بهما و نحن لا نعلم؟!...و رغم هذا صمتتا و تحملتا حتى يظهر حقهما!)
تكلمت قمر بندم شديد...
(و الله يا كرم ما قالته لي سهر لا يُسكت عليه ابدا...انه يخص شرفك و سمعتك)
(شرفي و سمعتي هما غسق يا قمر...غسق لا تحتاج لبرهان كي تثبت شيئا...يا ربي العظيم كيف طلبتي منها أن تقسم على كتاب الله لأجل هذا؟!!!...لا أصدق)
صوت كرم الهادر حمل الذهول في طياته...كيف مرت غسق بكل هذا حقا؟!...انه يحمد الله أن والدته بقيت الليلة مع والده و تراجعت عن رغبتها في جلب اشياء من البيت...ماذا كان سيحدث لو أتت و عرفت ما اصابهم...خالد طلق زوجته التي قتلت ابناء صالح و عطلت حمل زوجته لسنوات كما فعلت في غسق بل و افترت على شرفها...رغبة جنونية تدفعه لأن يحطم وجه سهر نكالا لما فعلته بها...صوت صالح وصله فأخرجه من جنون أفكاره
(زوجتك رفضت أن تترك البيت لكن أهلها أخذوها رغما عنها)
مسح كرم فوق وجهه بحدة يكبح غضبه و يلجم همجيته...صدح صوت فاطمة الحانق بينما تتمسك ببطنها و قد اشتدت وهنا بعدما مرت بأحداث يوم مكتظ بالمشاكل
(رد فعل أهلها متوقع و حقهم أن يخافوا على ابنتهم...بالله عليكم لو مررت أنا أو قمر بما مرت به غسق ستفعلون أكثر مما فعلا والداها!!)
حدقتاها قمر بتوبيخ على ما قالته رغم يقينها انه الحق...لم يتحمل كرم الصبر أكثر فتوجه الى باب الشقة يفتحه حتى سأله خالد بترقب...
(الى أين في هذه الساعة؟!)
جاوبه كرم دون ان يلتفت لهم لكن تحفز جسده و تشنج عضلاته يخبرانهم أي غضب يلجم هو...
(لأعيد زوجتي الى بيتها...)
شقة ثروت...غرفة غسق
(ألم تأكلي شيئا بعد؟!)
نظرت أمل الى صينية الطعام التي جلبتها لابنتها قبل ساعة فوجدت الشطائر كما هي لم تمسسها...تحدثت غسق برجاء عل تقتنع والدتها
(أمي أرجوك دعيني أعود لبيت زوجي و صدقيني حقي سآخذه منها قانونيا)
طار كل التعقل الذي تحلت به أمل منذ جلبت ابنتها الى هنا لتصرخ بها بتعنيف...
(أي غبية أنتِ يا غسق لتظني أنني سأعيدك الى هذا البيت الذي طعن ساكنيه في سمعتك؟!!...انهم دبروا ليمنعوا حملك يا ابنتي ألا يخيفك كل هذا منهم)
زفرت غسق بخفوت تقول بتعقل...
(أمي لماذا تجمعينهم في هذا الجرم؟!...من فعلت هذا هي سهر و كنت اعرف عن هذا منذ فترة لكنني صبرت حتى تصل أريج لدليل ادانتها...و الآن اصبح الأمر بيد الشرطة!)
جزت والدتها على ضروسها بحدة لتهتف بعدها بعدم فهم أي عقل باتت تملك ابنتها...
(و ماذا بشأن اتهامهم لك؟!...لقد طلبوا منك أن تقسمي انك دخلتي بيتهم كفتاة يا غسق!...هل تفهمين معنى مطلبهم؟!...هؤلاء الذين لم يحلموا يوما أن توافقي على الزواج من ابنهم!)
بهتت ملامح غسق أمام والدتها و قد صمتت تاركة لجرح كرامتها و وجع ذكراها بأن يعودا...لقد هزها حديث سليمان و زعزع دواخلها لتُختم بمعرفة سهر بالأمر بل و تلفيق تهمة لها بناءً على معلوماتها الناقصة بالتأكيد...اسبلت اهدابها بسكون تفكر جديا فيما ستفعل...كانت تحتاج أريج لترسو على بر بعد حديث سليمان أما الآن فهي تعرف حقا ماذا ستفعل!...رفعت وجهها بسرعة الى باب غرفتها حينما سمعت صوت الطرقات على باب شقتهم...خطوات والدها كانت مسموعة الى الباب حتى فتحه فوصلها صوت كرم...وقفت سريعا من مجلسها لتتجه الى الخارج لكن أمها وقفت لها بالمرصاد و قد أمرتها أن تبقى و لا تخرج...و حينما رفضت سبقتها أمل للخارج لتغلق عليها الغرفة بالمفتاح!...إن كانت مرآة الحب عمياء كما يقال فعلى الأم أن تحضر مرآة جديدة لتري ابنتها أي واقع تعيش و أي حب يستحق ان تضحي لأجله...
(السلام عليكم يا استاذ ثروت...)
صوت كرم المتحفز كحال وقفته عند الباب لم تزيل من جفاء ثروت و لو قليلا لكنه أجابه بترحيب ظاهري...
(و عليكم السلام تفضل يا كرم)
ناظره كرم بضيق ليقول بصوت أجش مختصر...
(لست هنا كضيف قد جئت لآخذ زوجتي)
صوت أمل الحاد وصله قبل أن تظهر هي أمامه...
(الى أين تريد أخذها؟!)
وقف أمام حماته يتحدث بصرامة لا تقبل النقاش...
(الى بيت زوجها...)
تخصرت امل في وقفتها تناظره بغضب فقالت...
(بيتك لن تخطوه ابنتي مجددا...و قبل ان تتشدق بلقب زوج افعل ما يمليه عليك اللقب...فالأهل يمنحون بناتهم لرجل يحفظهن و يحميهن لا أن يجعلهن عرضة للأذى)
زفر كرم بخفوت يهدأ من غضبه المتصاعد فيرد عليها باحترام رغم سوء معاملتها...
(حق زوجتي سأعيده لها كاملا مكملا يا خالة)
تفحصته أمل بقهر على ابنتها لتهدر فيه بما تحمله في قلبها...
(أنت لا تستحق ابنتي ابدا...وافقت عليك رغم الاختلاف بينكما و وقفت في وجهنا لأجلك و أنت و اهلك تعاملونها بهذه الطريقة هل تعتقد أنها بلا أهل يقفون في ظهرها؟!)
احتدت نظرة عينيه ليقول بعدها برفض قاطع لكل حرف نطقته...
(أدامكما الله لها يا خالة لكن زوجتي مسؤولة مني أنا)
هدرت به أمل بغضب منفعل جعل ثروت يكبلها معترفا بأن كرم تحمل منها كلمات لا تحتمل حتى صدر صوت غسق من غرفتها بينما تضرب الباب بقوة...
(أمي افتحي هذا الباب ارجوك...أمي)
ضيق كرم عينيه بصدمة لينطق بذهول...
(هل تحبسونها؟!!)
كاد يدخل محملا بزوابع غضبه ليكسر الباب و يأخذها معه لكن أمل منعت دخوله بصوتها و جسدها حتى صرخت غسق برجاء...
(أمي توقفي ارجوك كرم لا ذنب له...أمي أنتِ تؤذيني هكذا!...كرم أرجوك أرحل الآن و غدا نتحدث...أرجوك كرم أمي متألمة لأجلي فلا تعاندها)
تكورت قبضتاه بعنف يعتصرهما بقسوة قائلا بوعد...
(لن أرحل من هنا دونك...)
توسلت بصوتها الضعيف...
(لأجلي كرم ارحل الآن...أرجوك)
نظر كرم لحماته و صبره يكاد ينفد فيقول بمهادنة...
(لأجلك غسق سأفعل لكن و حق ربي سأعيدك الي مهما كلف الأمر)
ابعدت غسق رأسها عن الباب بعدما رحل لتتحرك الى مكتبها و تفتح درجه...تناظر تلك الورقة النقدية التي منحها لها من قبل ثم تلتقطها لتتفحصها و كأنها تتفحص ملامحه...ضمتها الى صدرها لتجلس ارضا تستند على مكتبها فتنفرط دمعاتها بصمت و يشتد تمسكها بالورقة...اغمضت عينيها تاركة الفرصة لدمعات جديدات و كلام سليمان...اتهام سهر...طلب قمر...ملمس المصحف تحت اصابعها...كل شيء يتردد في عقلها فيزيد من بكائها...ما كانت تظن يوما أن حياتها ستكون مخيفة لهذه الدرجة...لكنها لن تتنازل عن قرارها الذي اتضح بعد ليلة مشحونة من الترقب و التفكير...لانت قبضتها على الورقة المالية فرفعتها الى وجهها تناظرها بدموعها و تهمس...
(لا أريد أن يكلفك الأمر كثيرا يا كرم...لا أريد أن يكلفك بقائي معك نفسك)



...يتبع...









AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-02-21, 11:09 PM   #1223

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الثلاثون




فتح باب غرفته يُعدل من ملابسه بتجهم لازمه حتى انقضت ساعات الليل الباردة...مجرد ساعات عاشهم بمفرده دونها في غرفتهما فشعر بالبرد و الوحدة...يا لوجع قلبه و روحه بعيدة عنه!...يا لنيران رجولته و زوجته تم اهانتها تحت سقف بيته!...اغلق الباب يقطع المسافة الفاصلة بين غرفته و باب الشقة سريعا...فلن يهدأ حتى يعيد غسق إليه...توقف حينما ظهرت قمر بعباءتها أمامه تقول بحزن...
(انتظر كرم سآتي معك الى بيت أهل زوجتك...حقها أن اعتذر لها و لأهلها عما بدر مني)
تحرك فك كرم بعدما جز على ضروسه غاضبا...كلما يتخيل فقط هيئة غسق و هي بينهم بالأمس يتهمونها و يقللون قدرها يحترق...تحركت عيناه من قمر الى فاطمة التي وقفت خلف أختها تقول...
(سنذهب معك أخي لنتحدث مع والدة غسق و نعتذر منهم)
غصب الكلمات أن تخرج من فمه فقال بجمود...
(أبقيا هنا و لا تتحركا لأي مكان فأمها لا تقيم وزنا لأحد و بالتأكيد ستتعامل معكما بطريقة لن أقبلها)
نكست قمر رأسها بخزي من فعلتها و قد اوحى لها كلام كرم أي استقبال سيء استقبلاه له أهل زوجته أمسا...ابتلعت ريقها قبل أن تهمس بصوت نادم...
(لو سينقضي الأمر بمعاملة سيئة منهم لا بأس الأهم أن تعود زوجتك لبيتها و تقبل اعتذاري)
اشاح كرم عينيه بعيدا عنها يزفر بخفوت قبل أن يعاود النظر اليها قائلا...
(قمر أنتِ أختي الكبيرة فلن أصمت لو اخطأ في حقك أي شخص مهما كانت فعلتك لذا دعيني أنا أتولى هذا الأمر و حينما تهدأ النفوس أذهبِ اليهم لتعتذري كما تشائين)
ناظرته قمر بحنان جارف و ذنبا لا يُغتفر اقترفته في حقه يشعل روحها...يا الله كم كانت لقمة سائغة لحقيرة كسهر وسوست لها كما الشيطان الرجيم فجعلتها تحرق البيت بمن فيه!...و الله لا يكفي طلاق خالد لها و مصيرها المحتوم من الشرطة...هذه تحتاج لأن يُفضح أمرها أمام الحي كله و تدفع ثمن جرمها...التفتوا الى هبه التي وصلت اليهم تضبط غطاء رأسها بينما توجه حديثها لكرم...
(صباح الخير...دعنا نذهب أولا يا كرم فحينما يكون الحديث بين النساء سيكون أسهل من تدخل الرجال خاصةً أنني تضررت معها في نفس الشيء...و لا تقلق ستعود معنا الدكتورة إن شاء الله)
عارضها كرم برفض متعب...
(لكن يا أم صالح غ...)
اوقفته هبه بقولها اللين المريح...
(دون لكن دعنا نحاول نحن هذه المرة فأنت ذهبت بالأمس و لم تتمكن من اقناعهم)
زفر بصوت مسموع عل هذه الأحجار فوق قلبه ترفق به و تتزحزح...ركن لرغبتهن فقال موافقا...
(كما تريدين...سأوصلكن الى بيت الأستاذ ثروت و انتظركن على المقهى)
اومأن له بوجوه مستبشرة في خطوتهن فربما لانت أم غسق بعد حديثهن معها و اعتذارهن عما حدث...خرجتا قمر و هبه تباعا و بقيت فاطمة التي تلكأت لتقف أمام أخيها المهموم تلامس ذراعه بحنان و تهمس بأمل...
(لا تحزن أخي سنحاول بكل طاقتنا أن نعيدها إلى بيتها...غسق لم تكن تريد الرحيل أعتقد أن هذا سيسهل علينا الأمر)
ربت كرم على كتف أخته بتفهم حاني حتى خرجت تلحق بأختها و زوجة اخيها...بينما كرم بقي للحظات يناظر الفراغ أمامه بقلق...غسق لم ترد الرحيل و تركه في خضم هذه المصائب التي حلت عليهم!...لقد افشى لها عن خوفه و مال الى روحها ليطمئن فلم يجد منها سوى ان قبلته و منحته أكثر مما يريد و الآن تخشى أن تتركه وحيدا و تسلب منه أمانها...بالله كيف يتخلى عن امرأة مثلها و يتركها؟!...لو كلفه اعادتها له روحه سيفديها بها راضيا و ربه عليه شهيد...
شقة ثروت...
علق ثروت المنشفة فوق كرسي طاولة الطعام بعدما توضأ ليصلي صلاة الشروق حينما رن جرس الباب...تحرك اليه يردد استغفاره قبل أن يفتحه فتطل عليه النسوة الثلاثة...قابلته بسمة هبه السمحة التي بدأت بالحديث...
(صباح الخير يا عمي ثروت هل خالتي و غسق موجودتان؟)
بادلها ثروت سماحة الاستقبال ليفسح لهن مجالا و يدعوهن قائلا...
(صباح الخير يا ابنتي تفضلن فهما هنا)
دخلن ثلاثتهن يتحركن كما يرشدهن ثروت حتى توقفن عند غرفة الضيوف...تحدث ثروت بهدوء اليهن
(تفضلن للداخل حتى أبلغهما بوجودكن...)
ردت فاطمة بأدب تشكره
(شكرا لحضرتك يا عمي...ابلغهما و نحن في الانتظار)
منحها ثروت بسمة صغيرة بعد جفاء تعامله معهم بالأمس...لكنه قضي ليله يفكر و يستخير الله في شأن ابنته...ما مرت به صعبا عليها و عليهما معها لكن ليكون صادقا هم يتخذون موقفا عدائيا مع من لا ذنب لهم...لا يريد أي أب في هذه الدنيا أن يخرب بيت ابنته بيده خصوصا أنه يرى تجاوز غسق لهذه الكارثة الأخلاقية في حقها لتبقى مع زوجها في مصابه و تسانده...كما أن كرم قد قبله زوجا لها منذ زمن و قد برهن بأنه الرجل الذي يتمناه لابنته...ابتعد الى غرفته بعدما أدخلهن يردد بدعاء آملا في وجه الله أن تكون زوجته قد هدأت عن أمس...و حينما دلف لها الغرفة وجدها تغلق خزانة الملابس متسائلة بتحفز مستعدة لأي اشتباك قد يجمعها مع عائلة كرم...
(من جاء في هذا الوقت الباكر؟!!)
وقف ثروت أمامها يقول بهدوء و تعقل...
(أختا كرم و زوجة أخيه)
احمرت غضبا و قد تحركت بعصبية أمامه فقطع طريقها قائلا برفض لما تنويه...
(أمل أنهن ضيفاتنا و حقهن علينا حسن الضيافة قبل حسن الاستماع)
ناظرته بحدة تقول بتعجب من رد فعله...
(حسن ضيافة و استماع!!...ثروت لقد اهانوا ابنتك الوحيدة و شكوا في سلوكها و أعطوها حبوب لمنع الحمل دون علمها...هل بعد كل هذا تنتظر مني أن اكرمهم أو استمع لهم!)
شدد ثروت بتمسكه بها يقول بجدية...
(كوني منصفة يا أمل في حكمك ليسوا هم من فعلوا هذا بابنتنا...)
جزت على ضروسها تهمهم بصوت مكتوم...
(هم أو لا يكفي أنها تأذت في بيتهم...و الآن دعني أعيد لابنتي حقها)
قالت جملتها الأخيرة لتفلت نفسها بعد ذلك منه و تخرج اليهن بملامح ناقمة...و عندما وصلت الى غرفة الضيوف وقفن ثلاثتهن احتراما لها فزفرت هي بصوت مسموع لتدلف بوجه غير مرحب حتى سألتها قمر...
(أين غسق يا خالة؟)
ردت عليها أمل بجفاء دفع الحرج في قلوبهن...
(هل تذكرتِ شيئا جديدا فجلبتِ المصحف تريدين منها أن تقسم عليه؟!)
غزا الحرج ملامحهن فنظرن لبعضهن نظرات متضررة...لكن قمر عادت لترفع وجهها الى أمل و تقول بهدوء متقبلة تصرفاتها بتفهم...
(بل لأنني اخطأت في حقها و أريد أن أعتذر منها)
رمقتها أمل بحدة تقول...
(هكذا الأمر ببساطة يتلخص في اعتذار!...بالأمس أهنتِ ابنتي التي يقيم الناس لها ألف حساب...كسرتِ عزة نفسها و الآن تعتذرين!!)
تلجلجت فاطمة بينما تقول بتوتر...
(كلنا بالأمس كنا ضحية لكذب سهر و خبثها...غسق غالية عندنا جميعا و الله يعلم قدرها في قلوبنا...ما حدث بالأمس كان خطأ وقعنا به و الآن نحن هنا نرجو أن تقبل غسق أسفنا على تسرعنا و سوء فعلتنا في حقها)
ضيقت أمل ما بين حاجبيها بسخرية جعلت ثروت يتدخل و ينهي حرج النساء فقال بتفهم حنون...
(قدر الله و ما شاء فعل يا ابنتي...اهدئي لأجل طفلك و ارتاحي حتى ابلغ غسق بوجودكن)
حدقته زوجته برفض فضغط على كتفها هامسا...
(يكفي يا أمل البنات جاءوا معترفين بذنب اختهن فلا تزيديها رجاءً)
خرجا معها من الغرفة فجلست قمر تعتصر كفيها و تصبر نفسها بشق الأنفس كي تتجلد فهي من اخطأ...همهمت بغضب خرج غصبا عن رغبتها
(أمها لا تتهاون ابدا بل و تصعب الأمر علينا...و الله لا أعرف كيف تحمل كرم كل هذا منها بالأمس!)
همست لها هبه تبرر لوالدة غسق ما تفعله كي تهدأ قمر...
(لا تغضبي يا قمر فهي أم بعد كل شيء و ما حدث لابنتها ليس هينا خاصةً و أن الدكتورة وحيدتها و تُعامل باحترام من الجميع)
(السلام عليكن...)
صوت غسق المرهق وصلهن من عند الباب فتوقف حديثهن ليقفن و يستقبلنها برجاء واضح في أعينهن أن تعود معهن...ابتلعت ريقها قبل ان تدخل لهن و حقا أمها تعيق كل خطوة فقد وافقت بصعوبة أن تدخل لهن و تستمع منهن...وصلت اليهن تقول بينما تؤشر على الكراسي..
(لماذا وقفتن أجلسن رجاءً...)
اقتربت منها قمر تقف أمامها و تنظر اليها بأسف رغم كونها الأكبر ثم تمسك كتفيها و تميل تقبل جبينها قائلة...
(حقك فوق رأسي يا غسق...أتيت أعتذر منك اليوم و اتمنى أن تقبلي عذري و تسامحيني)
احمرت وجنتا غسق بحرج و رغم الغصة التي تحملها في قلبها من سوء تعامل قمر معها بالأمس إلا انها اسرعت تزيل عنها الحرج قائلة...
(ما الذي تفعلينه يا أم بسام؟!...أنا متفهمة ما وقعتم به جميعكم بالأمس من صدمة...)
أسرعت فاطمة تسألها بلهفة بادية على محياها...
(إذًا هل سامحتها يا غسق؟!)
اشاحت غسق بعينيها عنهن تعيد طلبها منهن بلطف...
(أجلسن من فضلكن...)
جلسن ينتظرن حديث غسق و قبل أن تنطق دلفت أمل لتجلس مع زوجها معهن و كأنها جاءت لتوقف تساهل غسق في حقها...تنهدت غسق بتعب واضح في ملامحها و صوتها فقالت...
(قمر كأختي الكبيرة و مهما حدث من سوء فهم بين الأخوة يبقى مجرد سوء فهم لا يؤثر على أخوتهم)
اسرعت قمر تقول بصدق راجٍ...
(سلم أصلك الطيب غسق...ما حدث كان سوء تصرف مني فلا ذنب لأحد غيري و أنا اعترف...كرم لم ينم الليل و أنتِ بعيدة عن بيتك فلا ذنب لأخي لتتركِ له البيت)
تدخلت أمل تقاطعها برفض حاد...
(ابنتي لن تعود...هي حرة تسامح من اخطأ في حقها لكن أنا لن أتساهل في حق ابنتي)
اوقفتها غسق متلمسة حرجهن...
(أمي!...هنَّ ضحايا ايضا و أنا اتفهم شعورهن)
زمت امل شفتيها بقنوط من تبرير غسق لأفعال بيت زوجها و قد زاد حينما قالت غسق ما لها و ما عليها بصدق...
(في بيت المراكبي عُمِلتُ باحترام و تقدير...الكبير و الصغير هناك يقدرني و يسعى لراحتي...شعرت بينهم بالدفء الذي اعتدت عليه هنا فلم أجد صعوبة لأتأقلم معهم...جميعهم أناس طيبة و عقولهم واعية و متفهمة يتقون الله في كل شيء...العقبة الوحيدة كانت سهر و لكنها كانت سيئة مع الجميع لست أنا وحدي...و إن جئنا للحق هبه خسارتها أكبر بكثير مني...لقد فقدت طفليها يا أمي و رغم ذلك بقيت مع زوجها في بيتها لأنه لا ذنب له أو لأهله)
نظرة الرفض التي تلوح بين عيني أمل جعلت هبه تتدخل لتساند غسق...
(أنت أم يا خالة و تعرفين شعور الوجع حينما يتأذى طفلك...أنا ذُقت ما هو اسوأ من هذا الشعور...رأيت ابنائي ينسابون امام عيني و ما كان في يدي إلا أن اصبر و انتظر عوض الله...لكن الصبر طال و الوجع كان أكبر و فجأة اكتشف ان كل هذا مدبر لي...لم أجد أحن من صدر زوجي لأبكي حالي عليه فهو و أنا نحتاج تواجدنا معا لنخفف من وطأة الأمر...أهلي معي لكنهم لن يحلوا محل زوجي و أنتِ ايضا تفهمين هذا)
زمت أمل شفتيها بنزق و حال هبه يلامس قلبها...يا لها من مجرمة هذه التي تدعى سهر!...تعيش بينهم كل هذا العمر و تدبر لهم شرا لا يخطر على بال أحد!...تنهدت أمل بضيق من تعاطفها معهم فبداخلها شعور لا يزال موجودا يستكثر ابنتها على كرم...و نفس الشعور هو من يدفعها لأن تلتقط أي خطأ يصدر من ناحيته لتهوله و تستغله كي تبعده عن ابنتها...زفرت بخفوت قبل ان تقول لهبه بمؤازرة...
(عوضك الله يا ابنتي و أسعدك في حياتك)
دب الأمل في قلوبهم و اولهم غسق...ربما لانت أمها و تفهمت الوضع لكنها قصفت برج احلامهم بكلمات قليلة...
(لكن اعذريني رغم صعوبة ما مررت به فلا يوجد أحد شكك في سمعتك كما حدث مع ابنتي و ما حدث صعب ان اتغاضى عنه ابدا)
اغمضت غسق عينيها بيأس حتى شعرت بهن يقفن و تتداخل كلماتهن...فتحت عينيها تناظر أمها برفض لما تتخذه من قرارات بدلا عنها لكنها حينما تكلمت كانت مراعية لمشاعرها...
(سأبقى هنا لبعض الوقت حتى تطمئن علي أمي و تهدأ...رجاءً أبلغن هذا لكرم)
رفضت قمر ان تضيع جهودهن هباءً فتوجهت الى أمل تقول ببعض الحزم...
(يا خالة ما تريدينه لا يرضي الله...أنتِ هكذا تفرقين بين رجل و زوجته لا يريدان الفراق!...إن أردتِ ان تقتصي لحق ابنتك فها أنا المذنبة أمامك لكن لا تحملي أخي فوق طاقته...يكفينا ما نحن به من مصائب متوالية لا نعرف أين كان يخبأها لنا الزمن...هل يرضيكِ أن يخرج أبي العليل من المشفى فيجد كومة من المشاكل تنتظره؟!...أرجوك يا خالة لا تقفي بين أخي و زوجته و تستغلي طاعة ابنتك لك!)
لامس تعب قمر و قهرها قلب ثروت الذي قال بلطف متضامن....
(اهدئي يا ابنتي و ان شاء الله سيكون كل شيء على ما يرام...و لا تقلقي حينما يخرج والدك من المشفى ستكون غسق في بيت زوجها إن أرادت هذا)
كتفت أمل ذراعيها برفض لما يقوله زوجها لكنه لم يهتم سوى بتطيب خاطرهن و وعدهن بعودة غسق بعدما لمح من ابنته رغبة العودة...ودعهن مع ابنته ثم دلفت غسق الى أمها تقول بجدية و حزم...
(أمي أتفهم خوفك و رغبتك في الحفاظ علي لكن بقائي هنا لن يطول...)
تركت والديها لتدخل الى غرفتها و تغلق بابها خلفها...نظرت أمل لزوجها تسأله بترقب...
(هل ستتركها تفعل هذا يا ثروت؟!!)
توجه ثروت يحمل المنشفة التي وضعها على الكرسي ليقول...
(بل سأصلي و أدعو الله أن ييسر لها أحوالها و يهديكِ لزوج ابنتك يا أمل)
*******
المقهى...
كوب الشاي الذي طلبه ليضبط رأسه و يخرس هذه المطارق فيها و التي تسبب له صداع لم يمسه و لو برشفة واحدة...بقيت عيناه معلقتان على بيت غسق ينتظر خروجها مع أختيه رغم يقينه بصعوبة هذا...رفع عينيه الى غرفتها لتطول نظرته على نافذتها المغلقة فيهمهم بصوت مهموم...
(متى سيتوقف الزمان عن ابعادك عني؟!)
لمح ظل نساء بيته يخرجن من مدخل بيت زوجته فهب واقفا يلتقف خيبة الأمل من فوق وجوههن فيزداد قلبه ضيقا...تحرك خلفهن حتى ولجن بيت أبيه توقف معهن في مدخله يستمع إليهن عما حدث بغضب يتصاعد...كور قبضته ليضرب بها باب البيت الحديدي بقوة جعلتهن تشهقن بهلع...اسرعت فاطمة اليه تتمسك بكفه المكدوم فتهمس بدموع متأثرة بحاله...
(هون عليك يا أخي و الله والدها قال ستعود فلا تقلق)
طحن كرم ضروسه و هذا التكبيل لا يطيقه...لو عليه لصعد اليها الآن و أخذها دون اعتبار لأي شخص لكنه مكبل باحترامه لأهلها و تفهمه لمشاعرهما فما حدث لغسق ليس سهلا...تحدث بصوت مكتوم من شدة الغضب...
(اصعدن للأعلى فقد فعلتن ما تستطعن...)
اومأن له بحزن لما يحدث و لم يكن على البال...لكن هبه توقفت حينما ابلغها بنفس الصوت...
(أم صالح أخي خرج قبل قليل و طلب أن أخبرك)
ضيقت هبه عينيها تسأله بتوجس...
(إلى أين؟!)
اجابها كرم...
(هاتفوه من قسم الشرطة لأجل قضية ابنة العم عبد الصبور)
زفرت نفسا مرتاحا قبل أن تتبع أختيه للأعلى...لكنها عادت إليه تقول ببسمة مُبشرة...
(غسق تريد أن تعود لكنها تهادن أمها و تراعي خوفها عليها)
لو تعرف أنه يعلم هذا علم اليقين لكنه حقا ارتاح بمجرد سماعه منها لظلت تردده له طويلا...أن تتمسك به غسق حتى بعد ما مرت به في بيته يزيده عشقا لها...كم حق بات محمولا على كتفه مسمى باسمها و عليه ان يعيده اليها؟!...تركته هبه و صعدت بعدما شعرت بأنه هدأ قليلا...أما هو فأخرج هاتفه يتصل بها و ينتظر ان يسمع صوتها و حينما وصله اسمه من بين شفتيها قال بجدية لا جدال بها...
(مهما حاول والداك ابعادي عنك بكل الطرق لن ابتعد حتى لو اضطرني الأمر ان آخذك من بيت والدك عنوة...لن افرط بك و لو لمرة...و بعدما اصبحت زوجتي امام الله لن افرط بك ألف مرة...اقسم بالله لن اتركك و لو بها رقبتي)
كان ثائرا حروفه تحترق من بين شفتيه...وصله صوتها المتلهف بينما تسأله...
(أين أنت الآن كرم؟!)
رد سؤالها بسؤال خشن...
(لمَ؟!)
صوتها دلَّ على هرولتها الى مكان ما بينما تقول...
(إن كنت في الشارع قف في مكان يُمكنّني من رؤيتك من نافذة غرفتي...أرجوك)
سرق طلبها من قلبه نبضة تضاعف عددها لنبضات عاشقة تعاني الاشتياق...خرج من بيت والده ليتوقف عنده ثم يرفع بصره حيث نافذتها فيرى خيالها من خلف الستار فيقول ببحة تخصها...
(أمام بيت أبي...)
رأى خيالها يلتفت للجانب ليبقى وجهها مواجها لوجهه من خلف الستار...لكنها لحظات اختفت فيهم عنه لتعود و ترفع الستار بعدما غطت شعرها و تنظر اليه...رغم ان بعد المسافة لا يُظهر تفاصيل الملامح إلا أن قلب كل منهما يرى وجه الآخر بتفاصيله...فلتت منها تنهيدة اخبرته عما تعانيه مثله حتى قالت...
(لا تحتاج الى قسم لتؤكد أنني سأعود إليك...لأنني أنا من تريد أن تبقى معك يا كرم)
رمشت عيناه مرات في رد فعل يصيبه نادرا...لم يصدر منه سوى أنفاس مسموعة و قلب ينبض بجنون...عاد صوتها يزين مسمعه بقولها المتريث...
(أمي تحتاج بعض الوقت لتقل صدمتها فيما حدث و بعدها سيكون النقاش معها سلسلا...)
تحفزت روحه و هو يعدها بصوت رجولي...
(حق ما مررتِ به في بيتي لن اتخلى عنه....)
توتر نبرة صوتها في جملتها التي قاطعته بها أوضح له صعوبة ما مرت به حقا لكنها تداري انفعالها لأجله...
(لا تفكر في هذا الآن يا كرم...لا تفكر سوى بأن يكون والدك بخير و ألا يصله أيًا مما حدث فحالته لا تسمح بأن يتعرض لصدمات)
حلَّ الصمت بينهما و كلاهما ينظر للآخر من هذا البعد...ابتسمت له متسائلة بنبرة عادية كي تخفف عنه
(و الآن اخبرني ماذا ستفعل فلا تحسب غيابي عنك سيجعلك تفعل ما تريد دون علمي؟!)
انفاسه عبر الأثير مالت تقبل أذنها بينما ينطق بعشق..
(لا حرمني الله من وجودك معي يا مُنية الروح)
توردت وجنتاها فأسبلت اهدابها تهدأ من سعادتها بسماع هذا اللقب منه...تنحنحت بخجل لتعاود رفع رأسها بينما تسأله بجدية مصطنعة...
(إجابة دبلوماسية لن تغنيني عن معرفة خطواتك لليوم)
انزوت شفتيه ببسمة و كأن غضبه قبل هذا الاتصال لم يكن...فسبحان من جعل قربها منه يبدله من حال لحال!! أجابها بخفوت...
(سأقابل أيوب على المقهى بعد لحظات و بعدها سأذهب للميناء أنهي بعض الأشغال ثم أعود لآخذ سيارة و أذهب للمشفى...هل تودين أن اهاتفك بعد كل ذهاب و عودة لتطمئني؟!)
اتسعت بسمتها فيكفي ان مزاجه اعتدل لتهمس بخجل...
(وفقك الله و يسر لك الحال...انتبه لنفسك)
ضيق عينيه حينما وجدها تلتفت للخلف فتأكد بأن أحد والديها ولج اليها فقال بهدوء...
(سأهاتفك مساءً...)
(حسنا...)
وصلته متسرعة و بعدها اغلقت الخط لتختفي داخل غرفتها...انزل هاتفه عن أذنه يدخله في جيبه و يتوجه الى المقهى ينتظر أيوب...
*******
خرج أيوب من بيته متوجها حيث المقهى لكنه لاحظ هذا التجمع النسوي المصغر قرب بقالة أمه...مر بهن بوجه تجهم حينما سمعهن...
(ليس سهر فحسب من خرجت من بيتهم بل و الدكتورة أيضا)
همهمت واحدة منهن بخفوت...
(سبحان مبدل الأحوال من كان يظن أن يحدث كل هذا في بيت المراكبي!)
فردت عليها أخرى بتأثر...
(سليمان كان سندهم و حينما وقع ها هم أولاده بعده يأكلون بعضهم)
ثم تشدقت ثالثة بتحسر و هي تقول...
(و الله المرء لا يريد التحدث في أعراض الناس لكن يبدو ما يُقال عن ابنة عبد الصبور حقيقيا...)
لتوافقها إحداهن القول و تلقي ما تعرفه من خبر ثقيل حان وقت التكلم عنه...
(معك كل الحق حتى أنا ظننت نفس الشيء...أمر قتلها لسرقتها هذا لا يدخل رأسي خاصةً و أن هذه ليست اول مرة نسمع كلاما مثل هذا عن نساء بيت المراكبي)
فشهقن بعضهن و تسألن البعض الآخر..
(من تقصدين؟!!)
لتعاود صاحبة الخبر الثقيل قولها...
(ألم تسمعن عن الدكتورة زوجة كرم!)
فيحين دورهن في مناظرة بعضهن بعدم تصديق و يرددن...
(يا للفضيحة!!...هذه أول مرة أسمع منك!)
استغفر أيوب بصوت عالٍ أجفلهن يقول بعصبية زائدة بينما يرمقهن بنظرات توحي بالخطر...
(استغفر الله و أتوب إليه...)
انكمشن بحذر في وقفتهن يناظرنه بترقب جعله يكبح تهوره و يتحرك الى المقهى لاعنا ألسنتهن التي لا تنضب...زفرن براحة لم تدم حينما بللت المياه اطراف عباءتهن السفلى فرفعنها يلتفتن الى أم أيوب التي تقف عند باب بقالتها تحمل دلوا صغيرا و تقول بجمود...
(لا تؤاخذنني رششت الماء لأبعد الذباب عن البقالة فلم اتوقع وقوفكن في هذا الوقت المبكر بدلا منه!)
تأففن ليحملن انفسهن و يبتعدن كلا منهن الى بيتها...فأنزلت وجيدة دلوها ارضا تهمهم بغضب...
(نساء تخاف و لا تستحي!...قصّر الله ألسنتهن فلم يمضِ سوى ساعات الليل فقط و ها هنَّ وجدن مجالا للقيل و القال...حسبي الله)
وصل أيوب للمقهى و توجه الى طاولة كرم يسحب الكرسي و يجلس بينما لسانه لا يزال يهمهم و وجه عابسا...تطلع له كرم يتساءل بترقب
(هل حدث شيئا جديدا لا أعرفه؟!)
زفر أيوب بغضب يرد على صاحبه...
(ما حدث في بيتكم ليلة أمس بات على ألسنة نسوة الحي و كل واحدة منهن تضيف إليه ما تشاء)
تغضنت ملامح كرم بأذى مما يصيبهم من مصائب لا تتوقف و لا تمنحهم هدنة ليتنفسوا...وقف يبتعد عن كرسيه فرفع أيوب بصره له بقلق حتى قال كرم بجمود...
(ما عدنا نضمن ماذا سيحدث في الساعات المقبلة فلييسرها الله على خير و بعدها سأُخرس الأفواه بيدي)
تحرك مبتعدا عن المقهى بأسرها فوقف أيوب يسأله...
(إلى أين يا كرم؟!)
اجابه كرم بينما يتحرك فعليا...
(الى الميناء..)
(آتي معك؟)
سأله أيوب بخوف عليه أن يبقى بمفرده في وجه كل هذا...فخالد و صالح يحملان هما كبيرا على اكتافهما بعد ليلة الأمس...اشار له كرم بكفه نفيا و استكمل طريقه الى الميناء...تابعه أيوب بعينين حزينتين لأجل رفيق عمره حتى وصله صوت صبي المقهى...
(هل أحضر الشاي يا ريس أيوب؟)
عاد أيوب يجلس على كرسيه متسائلا بصوت مهموم بعدما رمق كوب كرم الذي لم يمسه...
(كم كوب طلب كرم؟)
حمل الصبي كوب كرم فوق الصينية ليعيده للداخل معه مجيبا...
(أثنان لكنه لم يذقهما...هل أحضر لك؟)
تنهد أيوب بتثاقل يقول للصبي...
(حسنا...)
دخل الصبي للمقهى يحضر الشاي له بينما هو فرد ساقه أمامه ليدس كفه في جيب بنطاله و يُخرج علبة السجائر...توقف عنها منذ فترة لا بأس بها لكنه حقا يحتاج الآن ليدخن واحدة و يحرق معها كل ما يتخم فكره...اخرج سيجارة يلتقطها بشفتيه و يمد كفه الى جيبه مجددا يبحث عن علبة الكبريت لكنه قبل ان يُخرجها احتل مجال بصره هذا الرجل المهندم بحلته الرسمية و الذي خرج من بيت هيام!...ضيق أيوب عينيه متفحصا و متابعا للرجل حتى ركب سيارة غالية و خرج من الحي...عاد يرفع بصره الى غرفة فلك المغلقة منذ رأى هيام في الحي...ترى هل تمر بمشكلة ما مع زوجها هذا؟!!...وصل الصبي اليه يضع كوب الشاي أمامه فأخرج أيوب سيجارته من فمه يسأل الصبي...
(حمو هل زارت هيام الحي قبل أيام؟)
اجابه الصبي ببساطة...
(ليست زيارة فهي هنا منذ أيام لكنها لا تتحدث مع أحد فقط تخرج لتشتري طلباتها ثم تختفي في شقتها و لا نعرف لماذا عادت!)
هز أيوب رأسه متفهما ليسأله مجددا...
(أتعرف هذا الرجل الذي كان عندها قبل قليل؟)
بحث الصبي بعينيه في الشارع فلم يجد سوى سكان الحي ليعود مجاوبا...
(لا أعرف من كان عندها قبل قليل...لكن لو كان يرتدي حلة و معه سيارة فهذا تابعا لزوج ابنتها فهذه ليست أول مرة يأتي اليها)
شرد أيوب بعينيه بعيدا يردد...
(زوج ابنتها!)
وصله صوت الصبي المفسر...
(نعم لقد رأيته بعيني في أول مرة جاء فيها هذا الرجل لكنه بقي في السيارة و لم يصعد لشقة الست هيام)
أسرع الصبي ملبيا نداء أحد الزبائن و ترك أيوب يفكر بعمق فيما قد يجعل هيام و فلك تعودان للحي و زوجها يتركهما!...صوت سيارة أخرى توقفت بالقرب من المقهى اخرج أيوب من تفكيره فمنحها اهتمامه حتى خرجت منها امرأة أنيقة محجبة يعتقد أنه رآها من قبل...توجهت بخطواتها الى بيت غسق فدقق النظر حتى ولجت و اختفت عن ناظريه...زم شفتيه بتذكر و حينما عرف هويتها همهم بخفوت...
(أليست هذه صاحبتها الدكتورة؟!)
*******
خرجت أمل من المطبخ بعدما رن جرس الباب تمسح كفيها في منشفة صغيرة بينما تهمهم بنزق...
(لن نخلص اليوم من استقبال افراد المراكبي!)
فتحت الباب بعصبية جعلت أريج تشعر بالحرج فتهتز ابتسامتها قليلا قبل أن تلقي السلام...
(السلام عليكم خالتي...)
انزلت أمل يديها بالمنشفة الى جانبها تبتسم بسمة صغيرة في وجه أريج بينما ترحب بها...
(و عليكم السلام يا أريج تعالِ يا ابنتي)
دلفت أريج بعدما شكرتها لتغلق أمل الباب خلفها و تدعوها للداخل...
(تفضلي أريج أنتِ لست غريبة...)
وصلتا الى الصالة فوضعت أريج حقيبتها فوق كرسي مائدة الطعام تحدث أمل...
(آسفة لأنني أتيت بلا موعد و لكني أريد أن اطمئن على غسق بعد ما مرت به بالأمس)
بتحفز واضح سألتها أمل..
(هل تم الابلاغ عن هذه المجرمة سهر؟)
بهدوء حاولت أريج التحلي به و طمأنت أمل قالت...
(ليس بعد...اوضاع بيت كرم ليست هينة لذا تم تأجيل البلاغ قليلا)
همهمت أمل بعض الكلمات الغاضبة فسألتها أريج بحرج...
(هل غسق مستيقظة يا خالة؟)
تنهدت أمل بصوت مسموع تقول...
(انها في غرفتها و لا تريد أن تخرج منها منذ رفضت عودتها مع أختيّ كرم هذا الصباح)
هزت أريج رأسها بتفهم تقول برويةٍ...
(ما تعرضت له كان كثيرا و وراء بعضه فلا تحزنين منها...غسق دوما تتعامل مع المصائب بعقلية مسؤولة قد تسبب ضرر لنفسها كي لا تؤذي من تحبهم)
ردت أمل بغضب متعجب...
(و يا ليت من تتضرر لأجلهم يستحقون)
تفهمت أريج مشاعر أمل تجاه كرم و أهله فأجابت بحيادية...
(بالتأكيد هي تراهم يستحقون...هل يمكنني رؤيتها من فضلك فلا أملك سوى ساعتين قبل الذهاب للمشفى)
تركت أمل منشفتها فوق الطاولة لتتحرك أمام أريج قائلة...
(بالطبع تعالِ حبيبتي...)
وقفتا أمام باب غرفة غسق فدقت عليه أمل تخبرها...
(غسق أريج هنا و تريد أن تراكِ)
لحظات و قد فتحت غسق الباب تناظر صديقتها بعينين تفصحان عن احتياجها لها...و قد فهمت أريج هذا لتمنحها نظرة مطمئنة فهي باتت هنا لتستمع...
(لا أصدق يا غسق!!!)
ذهول أريج لم يقتصر على نبرة صوتها فقط بل ملامحها تهدلت بصدمة كبيرة و هي تنظر لغسق الجالسة قبالتها على سريرها...ترقرق الدمع في عينيّ غسق لتطأطأ رأسها و تهمهم
(هذا ما أخبرني به والده بالأمس يا أريج...)
رمشت أريج بعينيها لتعود برأسها للخلف و تردد بعدم تصديق...
(يا إلهي!!...حادثك كان بسبب كرم!!)
ارتعشت شفتا غسق بوجع فأغمضت عينيها تتحكم في مشاعرها بصعوبة...رفعت وجهها لصديقتها تشكو لها مر الحقيقة فلانت أريج و اقتربت منها تلامس كفها متسائلة...
(هل أنتِ بخير غسق؟)
ابتلعت غسق ريقها ببطء تجيب...
(رغم أنه كان مرعبا منذ رأيته من جديد لكنني لم افكر به و لو لمرة بأنه قد يكون مفتعل الحادث...لا اعرف لماذا و لكن ربما لأنني لم اتوقع ان يصل به الأمر لأذيتي بهذا الشكل!!)
توقفت عن الحديث تلتقط انفاسها بصعوبة و قد ثارت مشاعرها فتقول بقهر...
(لا يمكنني وصف مشاعري لك بالأمس و أنا أسمع من الحاج سليمان عن هوية الجاني فهذه المشاعر صعب أن توصف...و كأن نيران اندلعت في روحي تأكلني)
غامت عينا أريج بتأثر تشدد من تمسكها بكف غسق متسائلة...
(ماذا ستفعلين بعدما عرفتِ الجاني؟)
صمتت غسق لفترة تطالع أريج بنظرات تتباين بين الألم و الإصرار...و كأنها عانت كثيرا قبل أن تتخذ قرارها و هذا كان واضحا فيما قالته...
(لقد سألني عن قبولي لأبنه كزوج لي...قال لو كنت مجبرة بسبب الحادث و اردت الانفصال سيساعدني و حقي سيعيده لي بنفسه...لوهلة شعرت بأنه يُحدث شخصا آخر غيري رغم أن الألم كان نابعا مني أنا و لكن...كنت كمن انفصل عن الوعي و بقي عقلي عالقا في جملة واحدة "هذا ثمن مساعدتك لكرم"!!!...بالأمس كنت احتاجك يا أريج...كنت تائهة لا أعرف أين هو مكاني الحقيقي...كنت مرعوبة من القادم...لكن بعد ما مررت به بالأمس وجدت نفسي استنجد به رغم أنه ليس موجودا...كنت انتظر ان يأتي و يلحقني كما يفعل...)
كانت تلهث بين جملها...تعاني صعوبة الحديث و صعوبة المشاعر...توقفت تلتقط الهواء قليلا لتكمل بيقين...
(ربما ما تعرضت له كان بسبب مساعدتي له قبل سنوات...لكن كرم لا ذنب له فيما حدث بالعكس لولاه ما تمكنت من تجاوز كل هذا...لقد منحني اسمه ليحميني من الناس...منحني عمره كله يا أريج)
قضمت شفتها تمنع دموعها المتأثرة من الهطول لتقول بتأثر بالغ...
(اكتشفت بعد ليلة الأمس أنني كنت تائهة لأنه ليس معي...كنت مرعوبة عليه هو من أن يعرف هوية من فعلها بي...نعم أريد أن استعيد حقي و أرى هؤلاء الحقراء يتألمون أمام عيني لكنني لا أريد حقا يؤذيه...لن أتحمل أذية كرم يا أريج...أنا دونه لا شيء أنا أحبه)
لامست أريج وجنة غسق بحنان تمسح هذه الدمعة المنفرطة...ابتسمت لها تقول بهدوء
(سيعود لك حقك كوني واثقة من هذا...و سيبقى كرم معك دوما فلا تخافي...نهاية قبولك لقضاء الله و تحملك خير فلا تفكري في القادم)
تنهدت غسق لتسيل دمعة اخرى فتهمس بتمني...
(لا أريد أي شيء من هذه الدنيا سوى كرم...أن أعيش معه حياة هادئة بلا خوف)
مالت أريج تقبل وجنتها بحنو كطفل صغير تمسح عنه حزنه بعد بكاءه فتهمس لها بتأكيد...
(ستعيشين معه حياة طويلة و جميلة لأنك تستحقين هذا و أكثر)
ابتسمت غسق لها بتورد ثم تعلقت بعنقها تضمها اليها بقوة و ترسل لها شكرها على كل شيء تفعله لأجلها...ربتت أريج فوق شعر صديقتها بحنان و قد دغدغت مشاعر غسق قلبها فنبض بعنف متمنيا أن تمنحه فرصة ليتصل بقلب مؤيد ليغدقه عشقا تتوق إليه...



...يتبع...








AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-02-21, 11:14 PM   #1224

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الثلاثون




فتحت هيام الباب بعدما طرقه أحدهم فاتسعت عيناها بتعجب تهمهم...
(أيوب!!)
تنحنح ايوب بحرج يرد عليها...
(السلام عليكم يا ست هيام)
ردت سلامه بسلام خافت تعاني معه تعسر الفهم...ارتفع بصره خلفها حينما صدح صوت فلك الضعيف
(من أمي؟)
افسحت هيام بجسدها مجالا لترى فلك بعينيها بينما تجيبها..
(إنه أيوب...)
اقتربت فلك بترقب من الباب تستند عليه جوار أمها و تناظره طويلا...يا له من زمن لا يُبقي أحدا في مكانه!...و كأنها تراه بعد أمد بعيد من الرحيل...ترى في عينيه بوضوح لهفة اعتادت عليها منه...لهفة تحمل غيرة على ابنة حارته التي حاوطها دوما...تنفست بخفوت تقول
(تفضل أيوب...)
ابتسم بسمة صغيرة مردفا...
(انتما بمفرديكما فلا يصح أن أدخل...جئت فقط لأطمئن عليكما)
اسبلت فلك اهدابها بوجع لاحظه حتى نطقت هيام بشكر...
(سلمت يا أيوب نحن بخير...)
نظرة الانكسار في عيني فلك و صوت أمها الفاتر جعلاه يتأكد من كون هناك مشكلة قائمة بينها و بين زوجها فسأل بحمائية...
(لا تؤاخذاني في السؤال لكن هل توجد مشكلة يمكنني أن أساعدكما بها؟!)
ناظرته هيام بنظرة خاطفة فضحت رغبتها في قول شيء...فأسرع هو يشجعها كي لا تصمت حينما قال
(فلك ابنة حارتنا و نحن سندها و أهلها و يشهد الله أنني أعي قولي فلو لها حق عند زوجها واجب علينا أن نعيده له)
كادت هيام أن تنطق لكن فلك امسكت ذراعها لتتولى هي الرد...
(عشت يا أيوب...لا تحمل همي أنا أتدبر أموري)
ضايقه ما سمعه منها فقال بجدية...
(فلك نحن مكان الحاج سليمان حتى يعود لبيته بالسلامة...فلا تمنعينا عن الوقوف جوارك لأنه واجبنا)
لامست بطنها بكفيها تقول بتأكيد...
(لست وحدي أيوب...ابني معي...هو الوحيد الذي لن يتركني و يفر على الأقل لأنه مربوط بي حتى الآن)
تنهدت هيام بتعب بعدما سألهما أيوب بترقب..
(فلك...هل زوجك اساء لكِ....هل طردكِ من بيته مثلا؟!...اخبريني بالله عليك ماذا فعلوا بك؟!!)
تنهدت فلك بخفوت تنظر له بعينين متعبتين فتهمس...
(فعلوا ما يفعله معي الجميع منذ جئت الى الدنيا...ليس بجديد علي فقد اعتدت هذا)
اعتصر قلبه قولها و ذكره بذنبه في حقها فهمهم اسمها بتوسل...
(فلك...)
رفعت رأسها اليه فرأى كيف تعاند الظروف لتبقى ثابتة...فلك تغيرت فما عادت تهزمها الدنيا او تنكس رأسها...نعم لا زالت توجعها لكنها كما قالت اعتادت و باتت تقف ندا لها لتأخذ حقها منها شاءت أو أبت...زفر أيوب قبل أن يعتذر منها عما بدر منه...يطلب سماحها و يخبرها بأنه ظلمها و يعترف بذلك...
(أعرف أنني تأخرت كثيرا لأتقبل ما حدث...ظلمتك فلك في خضم غضبي منك...ذنبك يثقل كتفيّ منذ أدركته...كنتِ تحتمين بي من الدنيا لكنني اساءت حمايتك...سامحيني)
التمعت الدموع في عينيها بألم جعلها تشيح بوجهها بعيدا عنه...تنفست بصوت مسموع قبل أن تعاود النظر اليه و تبتسم بضعف أوجعه ثم تقول...
(فليسامحنا الله جميعا أيوب...أرح كتفيك من ذنبي)
دلفت هيام للداخل بعدما وخزتها الدموع فلم ترد أن تبكي أمام ابنتها و تثبط قدرتها على تحمل الصعاب...اقتربت فلك من الباب أكثر تطلب من أيوب بخفوت...
(إن كنت حقا تريد مساعدتي أبحث لي عن عمل أعيش منه مع ابني)
لاح الرفض على محياه فقال...
(ما تحتاجينه أنتِ و ابنك سيكون عندك بإذن الله فلا تحملين هما)
قاطعته بحزم و تصميم...
(لا يا أيوب لا أريد أن يعول أمري أحد...أي أحد)
برر لها أيوب رفضه بقوله...
(لكنك حامل يا فلك كيف ستعملين؟!)
وصله رجاءها في مطلبها...
(لذا طلبت منك أن تساعدني لأجد عملا يناسب وضعي...إن رفضت لا بأس سأنزل و أبحث عما يلائمني)
استغفر أيوب ربه بيأس منها ليقول مهادنا...
(لا يا ابنة الحلال لا نزول و لا غيره...أنا سأبحث لك عن شيء مناسب و قريب من هنا)
ابتسمت له بشكر حقيقي تقول...
(أسعدك الله يا أيوب و رزقك ذرية صالحة)
لم يتمالك هذه الابتسامة الحنونة و الصادقة ليردد خلفها...
(اللهم آمين...و أسعد الله قلبك الذهبي كما وصفته مودة من قبل)
(مودة هي زوجتك؟)
هز رأسه لها بنعم جعلتها تشعر بالراحة...ربما لأن أيوب أمامها يعاملها كما كان يفعل من قبل...ربما لأنه تخطى تجربته معها و اصبحت له حياته الهانئة اخيرا...أو ربما لأنه حدث زوجته عنها بلا حرج أو ضيق...أو لأن هناك شخصا ما وصفها بذات القلب الذهبي!...لا تعرف و لكن تشعر و ما تشعره الآن يمنحها دفئا تصبو إليه...
******
(باهر هل حقا تبحث عن مكان آخر تعيش به؟!!)
سؤال لبنى المصعوق لابنها كان عاليا يعاني آلام الصدمة...بصعوبة التفت لها ابنها يتطلع اليها...كم هو صعب أن يجبر نفسه على النظر الى أمه!...لكنه بعد فعلتها لا يستطيع التعامل معها كما كان...ما بينهما انكسر و لا يمكن إصلاحه...تكلم بجفاء و نبرة جامدة
(بعد ما حصل لا يمكنني البقاء هنا)
صرخت في وجهه بحدة مستنكرة...
(لا يمكنك البقاء معي و يمكنك البقاء مع زوجتك رغم انها فعلت ما فعلته)
هدر ابنها بألم في وجهها...
(ميرنا كانت كقطعة شطرنج تحركينها كما تشائين مستغلة عاطفتها القوية تجاه والدها...أما أنتِ من كان يدفعك لفعل هذا؟!...أنا أخجل من مجرد النظر إليك بعدما عرفت الحقيقة...هل تشعرين بما أشعر به الآن؟!!!)
اقتربت منه تلامس ذراعه برجاء لم يجد ترحيب منه بعدما سحب ذراعه منها بسرعة...ابتلعت اهانته لها لتهمس بصوت مهتز...
(ما فعلته كنت أحاول به أن أعيد كل فرد لمكانه الصحيح...هذه الفتاة لا تستحق أن تعيش بيننا و تناطحنا...)
ابتعد عنها بصدمة مما تقوله...لا تزال مقتنعة بما فعلته و تبرر له ايضا!...هز رأسه بذهول من أمه فقال بغصة مريرة...
(و تسألينني لماذا سأرحل بعيدا عنك؟!...سأرحل كي لا أكرهك أمي)
تركها و خرج من البيت يهرول الى سيارته و صوت ندائها يزيده تخبطا مريرا...
(باهر انتظر...باهر!!!)
وقفت في الحديقة تحدث نفسها بتأكيد مهترئ...
(لن يتركني هذا مستحيل...انه فقط حزينا مما صار و بعدما يهدأ سيعود الى بيته و أمه)
قصر طارق...
العجز الذي يفتت ملامحه و هو يناظر الظرف الأبيض فوق مكتبه يزداد توغلا في روحه...انه الظرف الثالث الذي ترفضه فلك و تعيده مع محاميه دون أن تلمسه...ترفض مقابلته...أمواله...اتصالاته.. .و أي شيء يربطهما معا...صوت المحامي وصله فرفع وجهه اليه يستمع الى جديدها منه...
(السيدة فلك طلبت مني أن أساعدها في اجراءات التنازل عن كل ما كتبته لها سيد طارق)
جلس طارق على كرسي مكتبه يقول بأمر...
(لا تفعل...)
اومأ له المحامي بصمت فسأله طارق بحزن...
(ألا يوجد أمل أن تأخذ هذه الأموال لتصرف على نفسها و على ابني؟!)
تلكأ المحامي في قوله لأن حالة طارق أمامه لا تبشر بالخير...
(أنها ترفضها بشكل قاطع سيد طارق...لكن لا تقلق سأظل أوصل لها الظرف بشكل يومي ربما تقبله في مرة)
همهم طارق بحزن و خوف...خوف من أن ينتهي عمره و فلك بعيدة عنه...ألا يجد متسعا من الوقت ليعتذر و يرى مسامحتها بعينيه...
(ربما لن أكون موجودا في هذه المرة!)
استأذن المحامي لينصرف و بقي طارق في مكتبه وحيدا...اسند رأسه على كفيه المتشابكين حتى سمع صوت ابنته الباكي...
(أبي...أرجوك اسمعني)
رفع رأسه بصعوبة و جسده كله يتراخى بضعف لا قِبل له به...و دون ان يمنحها نظرة حتى وقف يبتعد عن كرسيه و يخرج من المكتب...تمسكت ميرنا بذراعه ترجوه ببكاء...
(أبي لا تعاملني بهذه الطريقة ارجوك...أبي أنا آسفة...ارجوك سامح ابنتك)
انزل اصابعها عن ذراعه يقول بجمود...
(ليت ما فعلته يُحل بالأسف...)
ابتعد عنها قاصدا غرفته فما عادت تحمله قدماه من هول ما مر به منذ عاد من السفر...أما ميرنا جلست على عاقبيها أرضا تتكور على نفسها و تبكي بصوت عالٍ بينما تناديه
(أبي لا تتركني...أبي آسفة و الله آسفة)
********
أخذ مفاتيحه من فوق المكتب ليدخلهم في جيب بنطاله متوجها الى الباب...دخول سوسكا المفاجئ اوقفه و جعله يسأله...
(ماذا هناك يا سوسكا؟)
تنحنح سوسكا بملامح متضايقة فقال...
(الست أم مازن بالخارج و تسأل عن أخي خالد..)
توحشت نظرة كرم بقسوة حينما عرف ان سهر هنا...جز على ضروسه بضراوة بينما يسأل بترقب...
(و أين خالد الآن؟!!)
اجابه سوسكا بسرعة متفهما قلق كرم من رد فعل خالد الغاضب...
(لقد رحل قبل نصف ساعة لا تقلق)
زفر كرم نفسا مسموعا ثم مسح على وجهه بحدة ينظر لسوسكا طويلا قبل أن يقول بنبرة مهتزة من فرط الغضب..
(ارجع الى عملك و أنا سأرى ماذا تريد)
لم يتزحزح سوسكا من مكانه يناظر كرم بخوف من رد فعل ألعن من رد فعل خالد تخبره به هذه الملامح الغاضبة على وجه كرم...تخطاه كرم ليخرج لكن سيد وقف حاجزا بينه و بين الباب قائلا بتوتر...
(أخي كرم دعني أخبرها أن لا أحد هنا كي ترحل)
تمسك كرم بكتف سيد يزيحه بدفعة واحدة بينما يقول بحزم...
(ابتعد سيد...)
التصق سيد بالحائط خلفه يتابع خروج كرم فيهمهم بقلق...
(استر يا رب...)
فور خروجه من المكتب فتش عنها بعينيه فوجدها تتحرك بخطوات متعثرة جيئة و ذهابا بينما تفرك كفيها...اهتاجت روحه و تصاعد غضبه ليبلغ مبلغا سيجعل العواقب غير حميدة بالمرة...انتبهت الى صوت خطواته فرفعت وجهها سريعا معتقدة انه خالد و رغم انها كانت تموت رعبا من لقاء خالد إلا أن ما يُريها إياه كرم من غضب الآن بث في قلبها الرعب و جعلها تتقهقر للخلف خطوات مرتعشة...وصل اليها كرم يسألها بصوت يُذيب عظامها...
(ما الذي جلبك الى هنا؟)
ابتلعت ريقها تعتدل في وقفتها و تجاوبه ببعض التماسك...
(أريد أن أقابل زوجي...)
احتدت نظرته و تغلظ صوته بينما يهدر بعنف يكاد يفقد الصبر...
(لم أرَ في مثل وقاحتك أحدا...)
اتسعت عيناها بصدمة جلية بعدما لفظ كرم ما قاله...مكانة زوجة الابن الأكبر لسليمان كانت تمنحها هيبة و حدود مهما افتعلت لم يعبروها ابدا...أما الآن سحب خالد منها اللقب و تركها عارية بلا حماية!...اعتصرت فكها بغيظ لتقف له ندا ظنا بأن ما كانت عليه لا يزال قائما...
(كيف تحدث زوجة أخيك الكبير هكذا...)
نهرها كرم بصوت عالٍ...
(اخرسي و لا تزيدي من غضبي...ما كنت أمرره لك ماضيا كان احتراما لاسم أخي الذي تحملينه أما الآن فما عاد يربطك به شيئا)
ارتعش فكها بهلع لتقول برفض لقوله...
(خالد سيعيدني اليه لأجل ابني...هل تريدون ان تحرموني منه؟!!)
اقترب بوجهه منها فرأت خطوطه تتعرج بغضب مكبوت يكاد يتفتق من ملامحه حينما قال...
(و أنتِ لمَ حرمتي صالح من ابنائه؟!...كيف واتتك الجرأة لتقتليهما و تعيشين مع أمهما تحت نفس السقف...تضحكين و تأكلين و تلقين كلماتك المسمومة بكل تبجح!!)
رفع كفه ينوي عصر ذراعها بكل قوته لكنه ألجم نفسه و منعها من فعل هذا بمجرد امرأة مهما بلغت وقاحتها...كور كفه على بعد شعيرات منها ليتوغل صوته في الخطر...
(كيف تتلاعبين بمصير زوجتي و تتهمينها في شرفها؟!!)
كانت ترتعش من خوفها أمامه لكن سؤاله الأخير منحها بعضا من القوة الواهية لتبتسم باستخفاف تردف...
(زوجتك!...أنا و أنت نعرف جيدا الحقيقة فلا داعي لقول زوجتي هذه)
اقتربت من وجهه المتحفز لتقول ببطء...
(أنت لم تلمس من الدكتورة شعرة واحدة حتى الآن)
فلتت اعصابه و احترق تريثه ليقبض على ذراعها يعتصره بقسوة دون وعي بينما يهددها صراحةً...
(اسم غسق لو جاء على طرف لسانك سأقطعه لك بيدي...اقسم بالله أن ادفعك ثمن ما فعلته غاليا)
نفض ذراعها عن كفه فتراجعت بعدم توازن للخلف تلملم شتات أمرها المرتعب منه...رمقها بغضب يحذرها...
(لا تُريني وجهك لا هنا و لا في أي مكان آخر فلا أضمن ان اتعقل في معاملتك كما الآن)
ابتعد عنها قاصدا طريق الحي و بقيت هي تتابع خطواته بقلب يرتعش بجنون حتى كاد يقف خوفا من القادم...
في الحي...
عقد كرم ما بين حاجبيه يناظر سيارتهم المتراصة في هذا المكان خلف بيتهم الذي يصفونهم به...اخرج هاتفه من جيبه يتصل بصالح و حينما اجابه قال بجمود فلا تزال مقابلته مع سهر تحرق دمه...
(السلام عليكم صالح هل عدت للبيت؟!)
اجابه صالح بصوت مرهق...
(لا ازال في الطريق...هل جد جديد عندك؟!)
زفر كرم نفسا مكتوما يقول...
(لا جديد لا تقلق...ماذا كانت تريد منك الشرطة؟)
تنهيدة صالح الحزينة وصلته قبل ان يقول...
(لقد وجدوا هوية هدير رحمها الله في مكان ليس ببعيد عن المشفى التي وجدوها بها...كانوا يحتاجون ان يعرفوا لو لها اصدقاء في اماكن قريبة من هناك او اي شيء يدفعها للذهاب...تعرف أمها منهارة من يوم العزاء فلم تقوَ على فعل شيء بمفردها)
دلك كرم اعلى انفه بتعب يقول..
(جعل الله سعيك معها في ميزان حسناتك أخي..)
ردد صالح الدعاء خلف أخيه حتى سأله كرم بتعجب...
(صالح أين سيارة أبي؟)
جهل صالح بالأمر كان واضحا في رده...
(قبل أن اذهب كانت موجودة!...ربما أخذها خالد في مشواره الى السوق المحلي...ألا يوجد سيارات أمامك؟!)
عاد كرم ينظر للسيارة المتبقية قائلا...
(تبقت السيارة التي تعطلت معي أخر مرة...احتاجها لأن أمي ربما ستعود معي الليلة الى البيت فلا أريد أن تتعطل مجددا و اتعبها معي)
جاءه صوت صالح المشجع...
(لا تقلق لقد اخذها أنور للتصليح و كان عطلها بسيطا...فقط ربما ستجدها متربة قليلا)
تنهد كرم موافقا بينما يتوجه اليها قائلا...
(حسنا يا صالح...سأمسحها و آخذها)
اغلق مع أخيه الخط ليفتح باب السيارة و ينحني يلتقط منشفة برتقالية متجهزا لمسحها سريعا حتى يذهب للمشفى...بدأ بمسحها لكنه توقف على صوت حمادة الذي كان في طريقه للمخزن...
(أخي كرم اتركها سأمسحها لك أنا...)
شكره كرم بعدما ملس فوق شعره...دلفها ينتظر خلف عجلة القيادة حتى ينتهي الفتى من مسحها...مرت دقائق قليلة فأخرج كرم رأسه من نافذة السيارة يقول
(يكفي هذا يا حمادة سلمت...)
توقف الفتى يبتسم لكرم بسعادة من كونه قد ساعده و أفلح...شغل كرم محرك السيارة و تحرك بها للأمام ليخرج من الحي...و في زقاق قريب من المخزن رفع شخص هاتفه يضغط على رقم الشرطة منتظرا ردهم و حينما وصله قال...
(أريد أن أقدم بلاغا عن سيارة سوداء نوع "..." و رقم لوحتها "..." على الطريق الساحلي الشرقي بداخلها كمية كبيرة من المخدرات)
اغلق الخط ثم اخرج شريحته يكسرها و يلقيها جوار الحائط بينما يهمهم...
(هكذا اتممت مهمتي يا داغر فإن ظهرت أو لا ليس شأني)
خفف كرم من سرعة سيارته حينما ظهرت امامه لجنة من الشرطة...ضيق عينيه متعجبا ففي هذا المكان تحديدا لا تتواجد مثل هذه اللجنة...اوقف سيارته جانبا حينما أمره الضابط بإشارته و قبل أن يخرج رخصة القيادة اتسعت عيناه بعدما سمع أمر الضابط لمن معه...
(هذه هي السيارة قوموا بالتفتيش)
ترك كرم رخصته ليزيل حزام الأمان و يفتح الباب ليخرج متسائلا بذهول...
(أي تفتيش يا حضرة الضابط؟!)
بدونية و دون ان ينظر له الضابط حرك كفه في وجهه قائلا بتعالي...
(أنت تصمت تماما حتى ننهي عملنا...)
تحفز كرم بغضب من طريقة التعامل فقال بصوت مقتضب..
(من حقي أن أعرف ماذا يجري؟!)
صوت العسكري الصادح من خلف السيارة اوقفهم جميعا عن الحديث...لم يفهم كرم حقا ما قيل حتى ظهر العسكري يحمل بين كفيه كيسا غريبا عليه مفتوح و بداخله أكياس بيضاء طاردته ماضيا و انقذته منها غسق بأعجوبة!...
(وجدنا هذا يا حضرة الضابط)
ابتلع كرم صدمته بسرعة لينفي هذه المصيبة عنه...
(ما هذا؟!!...هذه الاشياء ليست لي)
رفع الضابط وجهه الى كرم يناظره بوعيد قائلا...
(ستخبرنا ما هذا لكن بعدما نستضيفك عندنا في قسم الشرطة...وقتها سنعرف لمن هي)
*********
يهرول أيوب خلف غسق التي تركض أمامه بجنون في ممر المكاتب المتواجد في قسم الشرطة...تبحث بهستيرية عن غرفة بعينها تم وصفها لها قبل لحظات من عسكري يقف بالخارج...منذ هاتفه كرم يخبره بما حدث و ضرورة قدومه و ألا يبلغ أحد من أهل بيته عما يمر به آملا أن ينتهي الموضوع سريعا و خائفا عليهم من تحمل مصيبة جديدة و هو في حالة صدمة!...كان ينوي صدقا ألا يخبر أي شخص لكنه لم يستطع أن يخفي عن غسق...لأنه يوقن أن كرم يحتاجها معه في أزمة كهذه...صوته كان يائسا حينما هاتفه...يبلغه ان صاحبه وقع في مكيدة مدبرة بالسنتيمتر على مقاسه...انتبه لغسق التي توقفت أمام مكتب ما تتحدث بوجه سُرقت الحياة منه و عينين تائهتين مع العسكري...اقترب منها سريعا ليسمع قول العسكري الجاف...
(أبقِ هنا سأبلغ حضرة الضابط)
دلف و غاب قليلا بالداخل ثم خرج يقول بنفس النبرة...
(ادخلا...)
اندفعت غسق الى داخل الغرفة تنظر فيها بتدقيق رغم كونها فارغة إلا من الضابط لكن عقلها لا يفقه كل ما يراه...ثبتت عيناها عليه خلف مكتبه تسأله بصوت مرتعش رغم تحفزه...موجوعا رغم ثباته...متوسلا رغم يقينه بأنه هنا صاحب حق...
(أين كرم؟!...أين زوجي؟!!)
تلكأت نظرات الضابط التي وزعها بينها و بين أيوب فقال ببطء مقيت...
(في الحجز...)
اتسعت عينا غسق بهلع لتنظر الى أيوب بعدم تصديق أن كرم متواجدا الآن في حجز...عادت تنظر للضابط و تسأله بجنون محتد...
(لماذا زوجي في الحجز؟!...)
تغضنت ملامح الضابط بالعصبية من صوت غسق المحتد فعلا صوته المهيب بينما يرمقها بتحذير ألا تتطاول...
(زوجك وجد في حوزته هيروين بكمية تكفي لسجنه مدة لا تقل عن خمسة و عشرين سنة)
كور أيوب قبضتيه يكبح نفسه فطريقة تعامل الضابط تثير غضبه...لكنه تريث فالأمر الآن أكبر من الكرامة بكثير...الأمر يعني كرم و مستقبله الذي بات بين ثانية و الأخرى في خطر...تكلم بتأكيد لا يقبل الشك و رغما عنه خرج صوته عاليا....
(كرم بريء من هذا...بالتأكيد لُفقت له فلمَ وضعتموه بالحبس؟!!)
ضرب الضابط مكتبه بحدة يهدر فيهما...
(هنا لا يعلو صوت و أنا موجود و إن تكررت سأضعكما معه في الحبس...و الآن للخارج)
ثارت غسق بغضب و كل شيء حولها يدفعها للجنون...لقد جاءت لتعود مع كرم الى البيت لن تسمح بغير ذلك...لن تتركه هنا مع هؤلاء الناس ابدا...لم تتمالك اعصابها فتكلمت بحدة..
(لن اتحرك من هنا قبل أن أرى زوجي...ليس من حقك أن تزجه بالحبس قبل أن تسمع أقواله و يأتي محاميه...ما تفعله ينافي القانون)
احمرت عيناه بغضب ليهب واقفا و يسألها بصوت جهور...
(من أنتِ لتعلميني القانون؟!..)
رن جرس مكتبه ليدلف العسكري سريعا فيأمره بحدة...
(اخرج هذان من هنا حالا...لا اريد ان أرى سوى محامي المتهم أمامي)
كاد العسكري ان يسحب غسق من ذراعها للخارج لكن أيوب زجره بغضب ليحاوط غسق بعدها دون ان يلمسها و يخرجها من الغرفة بصعوبة بينما هي تصرخ دون خوف في الضابط...فأي خوف يوازي خوفها من فقدان كرم!
(ليس من حقك التعامل معنا بهذه الطريقة...لن تمنعني عن رؤية زوجي)
وقفت بخارج المكتب تناظر العسكري الذي اغلق الباب بشرر جعل أيوب يحدثها بتروي...
(يا دكتورة هذا الضابط يبدو ليس هينا فلا تجعلينه يسيء لكرم بسبب غضبنا نحن...)
رفعت بصرها له سريعا تقول بوعيد...
(يلمسه إن استطاع...أيحسب أنه سيد القانون يفعل ما يحلو له؟!!...و الله لن اصمت عما حدث و إن لزم الأمر لأن أبلغ حقوق الانسان)
زفر ايوب قائلا بتوضيح لحقيقة يعرفها حق المعرفة...
(هذه الأشياء اسماء على ورق لا أحد هنا سينفعنا سوى محامي...و لا أعرف هل اهاتف الاستاذة فاطمة و زوجها أم لا لأن كرم طلب مني ألا ابلغكم)
اشاحت غسق بنظرها بعيدا عنه تفكر بجدية كيف يمكنها أن تخرج كرم من هنا...بعدما رأت هذا الضابط و تأكدت من أن الأمر اصعب بكثير من مجرد محامي...هي تحتاج شخصا منهم لتنقذ كرم...شخص يمكن ان يساعدها!...توقفت عيناها على الأرضية و انفاسها الهائجة لا تزال مستمرة...ابتعدت عن مكتب الضابط و تحرك ايوب خلفها بترقب حتى خرجت الى الشارع تسحب هاتفها من حقيبتها و تنتظر الرد...كم هي مؤلمة تلك الثواني التي تساوي في موقف موحش سنين...كم هو مرعب أن تخشى ما سيحدث في اللحظة القادمة فلا تملك رفاهية التقاط انفاسك...ما اصعب ان تقف مكبلا و ترى شخصا يمثل روحك يعاني مستنجدا بك...صوت نبضاتها يعلو و روحها تهتز من الخوف...انها مرتعبة من القادم لكنه غير مسموح لها بالرعب...في هذه اللحظة هي طوق نجاة كرم الوحيد...و لن تتركه
(ديما احتاج مساعدتك ضروري...)
جملتها التي قذفتها بصوت مرتجف فور سماع صوت ديما كانت متشبثة بحبل واحد لا ترى غيره...و كم تأمل أن يكون متينا حتى و ان كان شائكا...لا يهم الجرح قدر ما يهمها براءة كرم!...
بعد نصف ساعة...
تعقد ذراعيها حول بطنها بينما تستند بظهرها على هذا الحائط البارد امام مكتب الضابط...من يرها يظن انها ساكنة لكنها ترتعش من الداخل...كلما مر بخاطرها ان كرم محبوس بين المجرمين تجن...تكورت اصابعها حول ملابسها تمنع ارتجافهم كي لا تراه العيون حولها...
(غسق...ما الذي يحدث؟!!)
صوت ديما المذهول جاءها نجدة فرفعت عينيها سريعا تنبش عن شقيق ديما قبل ديما نفسها...و حينما رأته خلف أخته نطقت بتوسل كمن يطلب الغوث...
(أدخلوا كرم الحبس...)
شهقة ديما المتفاجئة كانت رد فعل معاكس تماما لأخيها الذي وقف هادئا معتادا على هذه الأجواء ليسأل غسق بعدما طلب منها الهدوء...
(اهدئي و اخبريني بكل شيء...)
عيناها و هي تنظران له كانتا راجيتين بشدة...بللت شفتيها بلسانها قبل ان تتحكم في رغبة عارمة ملحة بالبكاء لتحكي له كل شيء حدث...و بعدما سمع منها اوضحت ملامحه ان الأمر ليس سهلا ابدا لكنه فضّل الصمت ثم توجه الى غرفة الضابط يطلب من العسكري برسمية...
(ابلغ الضابط أن الرائد يوسف الفايد يريد رؤيته)
اومأ العسكري بعملية ليسرع للداخل ملبيا الطلب...لحظات و قد كان يوسف بمفرده بالداخل عند الضابط...و بقيت غسق تنتظر على احر من الجمر اي رد فعل يطمئنها...مرت دقائق ربطت في ذيلها دقائق أخر جعلت قلبها يتقلص نبضه بألم رهيب...صوت فتح الباب جعلها تنطلق اليه فتجد يوسف في وجهها قائلا بجدية...
(لقد سمح لك الضابط برؤيته...)
الراحة التي تشعر بها لرؤية كرم لم تُمنح فرصتها لتظهر فكل همها ان تعرف مصير كرم...سألته بلهفة مترقبة
(ما هو الوضع؟!...)
سحب يوسف نفسا عميقا قبل ان يقول...
(لن أكذب عليك الأمر خطير و الدليل كان في سيارته و ايضا...)
صمت يناظرها بتأنيب فضيقت عينيها بتساؤل جعله يقول بنصح...
(طريقة تعاملك مع الضابط ستنعكس سلبا على زوجك)
احتدت نبرة صوتها و هي تقول..
(انه انسان...)
(لا تُكملي من فضلك...أنتِ في قسم شرطة و ليس ناديا ترفيهيا...نصيحتي لك الطاعة هنا تصب في مصلحة المتهم حتى تثبت براءته...و ايضا يجب ان تجدوا له محامي جيد في اسرع وقت)
ما قاله يوسف لم يزدها سوى وهنا و رعبا...أين كان يختبئ لكرم كل هذا!!...انتبهت ليوسف الذي افسح لها مجالا كي تدخل قائلا...
(تفضلي حتى يأتي زوجك...)
دلفت غسق خلفه تمنح الضابط نظرة حادة ردها لها بأخرى متجهمة لا تبشر بالخير...وقفت خلف يوسف ترتجف فعليا من فرط الترقب...صوت الطرق على الباب سرق انفاسها من صدرها فنسيت انها لا تتنفس حتى فُتح الباب فطل منه العسكري و خلفه يقف كرم...لم تسمع شيئا مما يقال و لم تفهم من خرج و من دخل...فقط عيناها تعلقتا به فعادت انفاسها مع دخوله للغرفة...عادت لاهثة متوالية و كأنها غير مصدقة...يبدو متعبا...متألما...يائسا...و متفاجئا عندما رآها...صوت يوسف الذي حدث الضابط سمعته و كم كانت شاكرة لطلبه..
(هلا سمحت لي بكلمتين من فضلك)
اومأ الضابط ليخرج من الغرفة مع يوسف على مضض...تابعهما كرم حتى اُغلق الباب الذي يقف عنده فقال بينما يعود رأسه لها...
(قلت لأيوب لا تخبر أحد لكنه....)
صمت تماما حينما هرولت اليه تتعلق بعنقه و تدفن وجهها في صدره تشهق ببكاء عالٍ...صوتها يتخلل صدره و يصل ليختلط بنبضاته المتعبة...اهتزت روحه لأجلها فرفع ذراعيه ببعض البطء يحاوط جسدها بهما قائلا برجاء..
(ستمر كما مر غيرها لا تبكي...)
زادت حدة بكاءها بدلا من ان يخف و كفيها يتشبثان بعنقه أكثر...صوت انفاسه بدأ يعلو شيئا فشيء و كأنه يتماسك بشق الأنفس...
(غسق...)
تحكمت في صوتها ليخرج مختنقا باكيا حينما قالت...
(لن اتركك هنا سأفعل المستحيل لتعود لي...)
تحدث بتروي رغم جدية صوته...
(غسق اتركِ الأمر لأيوب سيحله و...)
خرجت من احضانه تنظر له بعينيها الحمراوين و تقول برفض قاطع...
(لن اتركك يا كرم...ابدا)
كلمتها الأخيرة خرجت باهتة مهتزة بجزع و ذهول حينما لمحت هذه الكدمة الحمراء أسفل عينه اليسار...ضيقت عينيها بألم ترفع اصابعها ببطء غير مصدق و تلامس وجهه...بمجرد أن حطت اصابعها عليه أبعد وجهه ذي الملامح المتغضنة جعلها تبكي بدموع ملتهبة بينما تسأل بحسرة و وجع..
(ماذا فعلوا بك هؤلاء؟!!!)
نظر في عينيها قبل ان يقول بصوت هادئ لتطمئن...لكنه لا يعرف بأنها ترى غضبه في عينيه...ترى رفضه لما يحصل...ترى ألمه بعين قلبها
(كانت محاولة لاستخراج المعلومة مني...)
قضمت شفتيها تمنع نوبة بكاء جديدة تحرقها...انه كرم فكيف لهم ان يتعاملوا معه بهذه الطريقة...لن تصمت على هذا و الله لن تصمت...شعرت بكفه يعيدها الى صدره مهدئا إياها رغم ما به من هم...حاوطت عنقه بذراعيها تسحب الى رئتيها رائحته التي اشتاقت...مالت تلثم جانب عنقه بشفتيها النديتين بدموعها و المرتعشتين ببكائها لتهمس له بوعد تحتاجه قبله...كما تحتاج أن يعرف ما افصحت عنه بعدها...
(لن تبقى هنا طويلا...سأفعل ما بوسعي لتعود الى بيتك و اهلك...لتعود إلي...أنا أحبك يا كرم)
تحتاج من كل قلبها ان يعرفها...بأنها تحبه...تعشقه...ستفعل لأجله أي شيء...شعرت برعشة جسده و سكونه التام حتى ان صوت انفاسه تلاشى...تمنت ان ترى وجهه في هذه اللحظة لكن صوت الطرق ابلغهما بأن موعد الرحيل قد حان...ابتعدت عنه سريعا فدلف الضابط و وقف يوسف عند الباب يقول...
(علينا الذهاب...)
اومأت له تتحرك للخارج لكنها توقفت حينما لامس كرم كف يدها بكفه فرفعت وجهها اليه سريعا فتسرقها نظرته في هذه اللحظة من العالم بأسره...كأنه يسألها ان تكررها...أن ترويه بنطقها مرارا...هذا العشق الذي ينضح من روحه و قلبه و عينيه يخبره بأن ما حدث حقيقة...قاربه الصغير وجد المرسى في بحر معتم طحنه موجه مرات عدة...
********
نيران مستعرة تلتهم كتفه تحرقه بوجع لا يُحتمل...وجع مفاجئ هاجمه لم يشعر به سوى الآن!...ما هذا الألم هو لا يذكر؟!!...ماذا يحدث؟!...هل هذا وهم أم واقع؟!...ماذا كانت أخر ذكرى سجلها عقله؟!...لا يتذكر لكنه يشعر بأنها كانت شيء هام للغاية...ذكرى مصيرية تتعلق بحياة أحدهم أو موته!...ما هي يجب ان يصل اليها؟!...ها ما هذا الصوت؟!!...انه صوت اطلاق رصاصة!...رصاصة!!...النيران تزداد نهشا في كتفه...لقد اطلقوا عليه الرصاص...نعم فعلوها...صوت جديد يراوده...ليس واضحا لكنه هادرا...فيه توسل و خوف...ها هو يتضح...يكاد يفهمه
«لا أنتِ و لا الطفل تهماني...فلتفعلي و تخلصي نفسك»
هي و الطفل...طفل من؟!...طفله!!...هي!!...هي هدير!!!...شعر بأنفاسه تخبو و كأن أحدهم يكتمها بقوة...شهق بعد عدة محاولات كي يلتقط نفسا واحد يحيه...فتح عينيه مرة واحدة يناظر المكان حوله بتشوش قبل أن ينبض قلبه هلعا و هو يهمهم...
(هدير!!!!!)





...انتهى الفصل...
...قراءة ممتعة...




...بقي لنا فصلين و تنتهي الحكاية بإذن الله...











AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-21, 12:06 AM   #1225

بت الجوف

? العضوٌ??? » 381739
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 620
?  نُقآطِيْ » بت الجوف is on a distinguished road
افتراضي

مساء الخير عودا حميدا العزيزه ايه مع كل الحب والشوق حنواصل معك المشوار

بت الجوف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-21, 12:26 AM   #1226

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Elk

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 130 ( الأعضاء 48 والزوار 82)



‏موضى و راكان, ‏Saro7272, ‏حبوبة حبيبى, ‏Mony Daib55, ‏بت الجوف, ‏Wejdan1385, ‏الرسول قدوتى, ‏Emaimy, ‏suzan hassan, ‏nes2013, ‏بشرى ابنتي, ‏صبّار, ‏الصلاة نور, ‏Suli, ‏mango20103, ‏سيلينان, ‏donia dody, ‏rere87, ‏noof11, ‏همس قلبك, ‏الله اكبر و الله, ‏mannoulita, ‏awttare, ‏Dall, ‏همسات ناعمه, ‏Wafaa elmasry, ‏جلاديوس, ‏Rana M. M, ‏Fadwa Elayyan, ‏Salma_3_, ‏تالا الاموره, ‏سماره2, ‏Walaa sham, ‏MonaEed, ‏احمد حميد, ‏Tuo, ‏hadeer22, ‏رشا عبد الصمد, ‏همس البدر, ‏Amanykassab, ‏zezo1423, ‏طربيزة, ‏أم الريان, ‏ام جواد, ‏سنفووورة, ‏نسائم ., ‏nonog, ‏Sohair 88


أبدعتى كاتبتنا العزيزة فصل خطير و محنة جديدة لكرم و غسق



تسلمى يا جميلة


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-21, 12:30 AM   #1227

MonaEed

? العضوٌ??? » 413356
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 356
?  نُقآطِيْ » MonaEed is on a distinguished road
B11

سهر تستحق ماوصلت الية اتمى ان تصل الى ما هو اكثر
كرم ياقلبى مصائب على بيت المراكبى خلف بعضها البعض
ظاغر فاق اممكن ان يعترف
ليكون رجل مرة وحيدة فى عمرة
ابدعتى اية الفصل رهيييب💜💜💜💜


MonaEed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-21, 12:55 AM   #1228

منال سلامة

قاصة في قلوب احلام وكنز سراديب الحكايات


? العضوٌ??? » 408582
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,077
?  نُقآطِيْ » منال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond repute
افتراضي

تسلم ايدك يويا الحلوة ..👏
ويعطيك العافية ...
فصل فيه الكثير ...من التفاصيل والاحداث ..
لي عودة بالتعليق ان شاء الله ..
❤❤🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


منال سلامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-21, 02:20 AM   #1229

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 60 ( الأعضاء 21 والزوار 39)

Maryam Tamim, ‏princess amira mimi, ‏اروى الموسى, ‏ayaema, ‏sona81, ‏rowdym, ‏أميرةالدموع, ‏ام زياد محمود+, ‏زهراء ش, ‏47Asmaa, ‏وجدان1417, ‏user0001n, ‏ريماسامى, ‏mariam sayed, ‏rere87, ‏هنوددده, ‏noga2009, ‏نسائم ., ‏Sohair 88, ‏Mony Daib55, ‏الضوءالناعم


Maryam Tamim غير متواجد حالياً  
التوقيع
استغفر الله العظيم واتوب اليه
رد مع اقتباس
قديم 18-02-21, 02:28 AM   #1230

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الان مصير كرم معلق في اعتراف داغر عله يكفر قليلا عن خطاياه التي لاتكفر .. ذنب غسق.. ذنب هدير وابنها وامها .. وحادث سليمان والان تهمة كرم كل هذا بسبب حقد داغر الان لديه فرصة لعمل واحد جيد ..
يبدو ان فلك لن تعود لطارق فهي اختارت ان تعمل وتعيل نفسها وابنها .. اتمنى ان ترسو مركبها على شاطئ امن ..

سهر تستحق اضعاف مضاعفة مما حصل لها .. فلم يوازي عقابها جرم عملها ..
امل محقة في خوفها على ابنتها الوحيدة خاصة وهي تجهل ما حدث لها وسبب زواجها من كرم ..

اعجبني تحكم كرم في غضبه رغم عظمه عندما عرف بما حصل لغسق في بيته فرغم كل شيء لم يقل احترامه لاخته الكبيرة ولم يتجاوز بتصرفاته .. وحتى خالد تصرفه كان قمة في العقل فلم يلوث يديه بمعاقبة سهر رغم انها تستحق العقاب جدا... سليمان وصفية اجادا تربية ابنائهم .

تسلم ايدك الفصل رائع


Maryam Tamim غير متواجد حالياً  
التوقيع
استغفر الله العظيم واتوب اليه
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:19 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.