آخر 10 مشاركات
شيءٌ من الرحيل و بعضٌ من الحنين (الكاتـب : ظِل السحاب - )           »          شموخ لا ينحني -قلوب شرقي(خليجي)-للمبدعة: منى الليلي(أم حمدة) *مكتملة & الروابط* (الكاتـب : أم حمدة - )           »          كوابيس قلـب وإرهاب حـب *مميزة و ومكتملة* (الكاتـب : دنيازادة - )           »          أهدتنى قلباً *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : سامراء النيل - )           »          فارس الاميرة-شرقية زائرة لـلكاتبة المبدعة:منى لطفي*كاملة&روابط* (الكاتـب : منى لطفي - )           »          132 - كيف ينتهي الحلم - ليليان بيك - ع.ق (كتابة/كاملة)** (الكاتـب : engel - )           »          غيث أيلول -ج5 سلسلة عائلة ريتشي(121)غربية - للكاتبة:أميرة الحب - الفصل الــ 44*مميزة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          128 - فرس الريح - مارغريت بارغيتر - ع.ق* (الكاتـب : pink moon - )           »          فرسان على جمر الغضى *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree860Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-07-20, 06:53 AM   #181

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي




صباح الخير
ميعادنا اليوم مع الفصل 6&7
كونوا بالقرب






AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-07-20, 10:52 AM   #182

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الورد
تسجيل حضور
بانتظار الفصل


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-07-20, 04:07 PM   #183

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

يسعد ايامك يا ايه

منتظرين حبيبتي

بالتوفيق ❤️❤️


Maryam Tamim غير متواجد حالياً  
التوقيع
استغفر الله العظيم واتوب اليه
رد مع اقتباس
قديم 01-07-20, 04:50 PM   #184

سيلينان
 
الصورة الرمزية سيلينان

? العضوٌ??? » 388542
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,266
?  مُ?إني » في حضن و دفء عائلتي
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » سيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
الطيبة ليست غباء! .......... إنما هي نعمة فقدها الأغبياء!
افتراضي

صباح الورد😍😍
تسجيل حضور


سيلينان غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الحالية : أغلى من الياقوت .
الجزء الأول من سلسلة أحجار كريمة .









رد مع اقتباس
قديم 01-07-20, 11:25 PM   #185

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السادس



الفصل السادس


(تأخرت.. لقد تأخرت)
تنظر في ساعة معصمها كل فترة بعدما دخلت هذه الطرقات الضيقة منذ تركت الشارع العام حيث مدخل الحي البسيط الذي انتقلوا إليه مؤخرا... قدماها رغم انهما سريعتين في خُطاهما إلا أن الطرقات الغير معبدة تعيق تقدمها... صوت انفاسها متلاحق و كأنها تصارع مقاومة الهواء لتشقه و تصل للبيت...جسدها الصغير و حقيبة ظهرها الكبيرة نوعا ما...حجاب رأسها الذي يحيط وجها بريء الملامح و النظرات...طولها الذي لا يتعدَ المتر و نصف على اقصى تقدير... كلها بدت كطفلة عائدة من مدرستها للتو رغم كون الساعة العاشرة مساءا... لعنة الله على الدروس الخصوصية خاصة ليلة الامتحان...لا يهتم المعلم بكونهن فتيات سيعودن لبيتهن متأخرا جدا بقدر اهتمامه بجمع المال... لقد وضع ميعاد حصتها في ساعة متأخرة لأنه أضاف مجموعات جديدة الليلة و بالطبع لن يضيع فرصة تهافت الطلاب عليه ليلة الامتحان!...
(متى ستنتهي هذه الطرقات و الأزقة؟!)
جملتها الحانقة قطعتها فجأة حينما خرج من أحد الأزقة الجانبية شابان مخيفان في هيئتهما... قدمها تسمرت لوهلة فوق الأرض و عقلها يترصد حركتهما بجسد اتخذ وضع الدفاع خط أول له... انحصرت انفاسها بعدما رمقها أحدهما بطرف عينيه للحظة ثم عاد ببصره لصاحبه... نفضت الرعب جانبا و تلافت كل الخيالات التي رسمها عقلها في لحظة ضُخ فيها الادرينالين بقوة... عليها المضي قدما لا بأس إن كانت ستمر بهما... لو شعرت بالخطر ستهرول هربا من أمامهما... هي في هذه اللحظة لا تفكر سوى بالعودة للبيت حيث والديها... غصبت قدميها على الحركة بعدما تشبثت بذراعي حقيبتها فوق كتفيها... و خطت لتقترب منهما ببطء و حذر... يناظرنها بنظرات يقشعر بدنها لها و كأنهما بجسديهما يقفان كحارسين للزقاق الذي خرجا منه!!... لا يهم لقد مرت بهما و أوشكت على بلوغهما بنجاح... لكن صوت التأوه المكتوم الآتي من الزقاق اصابها بالهلع...استرقت النظر فلم يسعفها الظلام سوى على رؤية عدة شباب بالداخل يبدو يعتدون على شخص ما!!...التحم جسد الشابين ليمنعا عنها الرؤية تماما و يهتف فيها احدهما بصوت مخيف...
(ابتعدي من هنا يا حلوة كي لا تندمين)
ابتلعت ريقها بخوف لتزيد من سرعة تحركها... تقسم أنه لو كان في مراجعة ليلة الامتحان كل الأسئلة المتوقعة لن تحضر الحصة في وقت متأخر كهذا... فقط تخرج من هذا الزقاق بل من كل الأزقة و تصل بيتها لترجو والدها أن يعودوا لمدينتهم القديمة... لا يهم العمل أو ما شابه لا يهم غير أنها و بعد شهور هنا لم تتأقلم بعد الاجواء و الناس لا يناسبونها مطلقا!... انتهت الأزقة المتداخلة لتأخذها قدمها حيث شارع أوسع قليلا...تسمرت خطاها يدفعها فضولها المراهق بأن تلتف للخلف... ففعلت بجسد متأهب لتجد الشابين يعاودان الولوج الى الزقاق مع عصبتهم المريبة... التفتت حولها تنظر في كل مكان تتلمس الدعم في أي شيء... ما بال سكان هذا الحي يلجئون لبيوتهم باكرا جدا و كأنهم يختبئون بداخلها تاركين الظلام يعم و يفرد جناحيه بكآبة مخيفة...القت نظرة أخيرة للزقاق لكنها هزت رأسها تنهي نفسها عن شيء ما راودها لتلتف و تكمل خطواتها... ثلاث خطوات معدودات و بعدها توقفت بوجل حقيقي تهمس برعب...
(ماذا لو كانوا يحتجزون فتاة ما في هذا الزقاق؟!!)
الهاجس أرعبها فتوترت انفاسها لهول التخيل... التفتت مرة اخرى تراقب الزقاق لتعود في اتجاهه بخطوات بطيئة و انفاس هادرة... توقفت تنهر نفسها بأحرف مرتعشة رغم صراعها الداخلي و نزاعها الإنساني... والداها علماها أن تساعد ما دام تقدر و أن الله دوما في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه...
(ابتعدي غسق سريعا من هنا... لا دخل لكِ بما يجري لقد تأخرتِ اصلا في العودة و حمدا لله ان هؤلاء الشباب لم يتحرشوا بكِ... هيا لا دخل لنا بما يحدث)
زفرت نفسها بقوة لتستعد بعده للرحيل...
بداخل الزقاق...
اخرج أحد الشباب كيسا بلاستيكيا ممتلئ ليشقه بمديته فيتساقط منه أكياس أصغر بدأ يلقيها أرضا جوار هذا الجسد المستند على أحد حائطي الزقاق يخفيه الظلام عن الأعين... تكلم واحد آخر يقول لعصبته...
(داغر هاتفني قبل قليل و قال ربع ساعة و سيبلغ الشرطة)
هز الشاب الممسك بالكيس رأسه بتفهم يقول...
(جيد دعونا نستعد للرحيل قبل أن تأتي لقد فلت داغر سريعا بعدما قام بدوره خوفا على نفسه)
نهره صاحبه بصوت خافت...
(اصمت لربما نقل أحدهم حديثك اليه و وقتها لا تبكي سوى على نفسك)
هز الشاب رأسه بعدم اكتراث لتتحول ملامحه فجأة للرعب الدفين كما حال عصبته حينما صدح الصوت الخاص بالشرطة... القوا ما في ايديهم سريعا يخرجون ركضا من الزقاق يلعن بعضهم غدر داغر بهم و يتوعدون إن القت الشرطة القبض عليهم سيجرون قدمه معهم...
اصابعها المرتعشة اتجهت الى هاتفها تضغط عليه لتغلق المقطع الصوتي الخاص بصوت سيارة الشرطة و الذي قامت بفتحه عن طريق الإنترنت...اخرجت رأسها المختبئ في نهاية الشارع تناظر الشباب الفارين حتى اختفوا تماما... تنفست الصعداء تحمد الله الذي الهمها هذه الفكرة كي تنقذ الفتاة من تحت قبضتهم... اسرعت تهرول ناحية الزقاق الجانبي قبل أن يعود احدهم من جديد... وصلت اليه لكن الظلام حجب عنها هذا الجسد المتكور في نهايته... بأيد ترتعش و جسد يختض من عظم ما تعيشه الآن فتاة في سنها حملت هاتفها لتفتح كشاف الضوء به و توجهه حيث الشخص المقصود... اتسعت عيناها بصدمة جلية و بدلا من أن تتقدم للأمام تراجعت للخلف حينما كشف لها الضوء عن هوية الشخص الذي دافعت عنه... ليس فتاة بل شاب ابرحوه ضربا و لكن صدمتها لم تكن هنا فقط بل في هذه الأكياس الكثيرة الملقية حوله... بالتأكيد ليست دقيقا فهل هي مخدرات كما تراها على التلفاز؟!!!... خطواتها تتقهقر للخلف بجزع فكل ما فعلته بتهور لتنقذ المجني عليه وضعها في مأزق... هي ها هنا تواجه شاب ربما مدمنا او مجرما او حتى فردا منهم غدروا به... في الواقع لا يهم فعليها الهرب حالا و بعدها ستوبخ نفسها كما يجب... صوته الخافت بعدما سعل بتوجع اوقفها...
(ما الذي تفعله فتاة صغيرة مثلك هنا؟!... اخرجي حالا قبل ان تتعرضين للأذى!)
لم تكل لكلماته وزنا مطلقا فهو في نظرها لم يعد ضحية مهما كانت حالته او قصته... تخشبت مرة اخرى لكنه لم يكن السبب بل صوت سيارة الشرطة "الحقيقي" الصادح في الاجواء ... انقبض قلبها بشعور رهيب بالفزع ليخفت ضوء هاتفها فجأة حتى اظلم معلنا عن انقطاع و سيلة تواصلها الوحيدة لطلب نجدة اهلها... إذا صح لها وقت لطلبها!!!
**************
في الشرفة وقف ثروت و هاتفه فوق أذنه يجوب الشارع بعينيه آملا أن تظهر أمامه... لقد تأخرت بالفعل عن ميعاد عودتها و الذي أبلغه به معلمها قبل قليل بعدما هاتفه...كبح قلقه ليدلف الصالة حيث زوجته التي تهمس بدعاء قلق على صغيرتها...
(يا رب احفظها... يا رب ردها سالمة... يا رب ابنتي الوحيدة احمها)
توقفت تتطلع فيه بوجه مرتعد تسأله...
(لا يزال هاتفها مغلقا؟!...)
هز رأسه ببطء بعدما تقبضت يده جانبه بقوة في محاولة لتكبيل رعبه عليها... انتبه لصوت زوجته الباكي و حركتها المتوترة...
(قلبي غير مطمئن... ابنتي في مأزق و أنا أكيدة)
أسرع يتقدم منها و يربت خلف ظهرها كمحاولة لتهدئة الموقف...
(إن شاء الله ستكون بخير... من الممكن أنها تتناقش مع زميلاتها في شيء ما و قد سرقهن الوقت... الامتحان غدا و بالتأكيد هي قلقة و تريد الاطمئنان منهن)
رفعت زوجته وجهها إليه بعينيها الدامعتين تهمس...
(لمن تبرر يا ثروت؟!... أتحاول اخماد شعور قلبي؟!... ابنتنا إن لم تظهر بعد دقائق سننزل نبحث عنها في الشوارع)
هز رأسه بتأكيد يقول بنبرة أبوية خائفة..
(بالتأكيد... لن انتظر حتى لدقائق سأبدل ثيابي في الحال)
بعد لحظات خرج من الغرفة بعدما ارتدى ملابسه و حمل هاتفه الذي يحاول أن يتصل بها عن طريقه... مر في الصالة ليستوقفه صوت رجال في الشارع بالأسفل على عكس كل ليلة... اتجه ناحية الشرفة ليقف جوار زوجته و يشاهد هذا الرجل "كبير المنطقة" كما يلقبه الكل هنا... الحاج سليمان المراكبي صاحب شوادر السمك المعروفة في هذه المدينة الساحلية... يقف بشموخه المعتاد بين رجاله ... وجهه يبدو متعكرا و عيناه تبحثان في الوجوه حوله... ضيق ثروت عينيه ليهمس بتساؤل ...
(ماذا يفعلون في هذا الوقت؟!)
بالأسفل...
جاء مهرولا بعدما وصله خبر اختفاء صديقه المقرب... يبدو كان نائما فأثر النعاس لا يزال فوق صفحة وجهه... تقدم بملابسه الغير مهندمة من الحاج سليمان ليسأل المتواجدين بوجل...
(ماذا حدث؟!... و أين كرم؟!)
طالعه سليمان بنظرة دقيقة ثم سأله بتروٍ...
(أين تركته يا أيوب و متى تحديدا؟)
تكلم أيوب الذي لم يتعدَ عمره السابعة عشر...
(لقد تركته أمام بيت أنور عند الثامنة مساء يا حاج)
هز سليمان رأسه متفهما ثم التفت لأبنه البكر يأمره بكلمات قليلة...
(خالد أريد أنور هنا في الحال)
اومأ له ابنه بطاعة يقول بينما يسحب معه بعضا من رجاله...
(أمرك أبي...)
اقترب من سليمان صالح و الذي كان يقف جواره من الجهة الأخرى يستأذنه بأدبٍ...
(أبي اسمح لي آخذ رجالي و نبحث عنه مجددا)
أشار له والده بموافقته قائلا بأمر...
(أفعل يا صالح لكن لا تتجه ناحية بيوت السمري مطلقا... لا نريد مشاكل حتى نجد أخاك)
هز صالح رأسه بموافقة ليجمع رجاله خلفه و يتجهون مجددا للبحث عن أخيه الصغير المختفي... انتبه سليمان لصوت أيوب الذي استأذنه..
(أسمح لي يا حاج بأن أنضم لأخي صالح في البحث عنه)
أوقفه سليمان بأمر رخيم...
(لا... أنت ستبقى هنا حتى يظهر أنور و نفهم منه ما حدث)
دقائق معدودة و عاد خالد مع أنور و الذي كانت ملامحه متحفزة بترقب خصوصا أن تعامل خالد جافا كالعادة و دوما يشعر بالضيق... وقف أنور أمام سليمان يتكلم بتيهٍ..
(أمرك يا عمي الحاج..)
تحرك عكاز سليمان فوق الأرض ليضربها بخفة و يسأله بينما عيناه تقتنصان وجهه...
(أين كرم؟)
عقد أنور حاجبيه بعدم فهم ليقول...
(ألم يعد بعد؟!... لقد تركته مع داغر ابن السمري عند الثامنة و النصف)
صاح خالد بغضب بعدما سمع اسم عائلة السمري...
(لقد زادت منهم يا أبي هذه المرة... أقسم بربي لن يفلتوا من تحت يدي لو حدث لأخي مكروه)
ضرب سليمان الأرض بعكازه مجددا ليأمر ابنه بحزم..
(اهدأ يا خالد...)
بعدها عاد ينظر لأنور بتدقيق و يأمره...
(و أنت احكي لي كل ما حدث... لماذا يذهب كرم مع داغر رغم العداوة بينهما)
زفر أنور نفسه ببطء متخيلا أن صديقه قد وقع في مشكلة بعدما حاك له داغر مكيدة...
(لقد اتاني كرم مع أيوب لنتسامر قليلا قبل ميعاد رحلته للصيد في الفجر... بعدها تركنا أيوب باكرا لأن أم أيوب ارسلت لطلبه ثم ظهر داغر قبيل ذهاب كرم من العدم يخبره بأنه يريده في كلمتين و حينما رفض كرم اخبره داغر انه يريد فتح صفحة جديدة للصلح بينهما)
جز خالد فوق ضروسه بغضب ليغمغم لاعنا تصرف أخيه الغريب...
(غبي يا كرم.. غبي)
سحب سليمان نفسه ببطء يحاول تحجيم خوفه على ابنه الصغير... يعرف جيدا أن افراد السمري ليسوا سوى افاعي تحيا وسطهم... و ربما يعميهم الانتقام و يصل بهم حتى القتل... كيف لأبنه أن يقع في شباك داغر بسهولة هكذا؟!... أنه يمقته و تشهد طرقات الحي على مشاجراتهما منذ شبَّا عن الطوق... تقبضت يده فوق رأس عكازه بقوة و في نفسه دعاء خفي أن يحمي الله ولده من شرور هؤلاء الناس...
***************
جف حلقها بفزع رهيب جعل خطواتها تتجه لداخل الزقاق مجددا...رمشت بأعين تجاهد كي لا تذرف دموعهما...رفعت رأسها تبحث في هذا الظلام عن أي مخرج فلو خرجت من الزقاق لربما التقفتها الشرطة لكنها لم تجد...صوته المتألم وصلها مجددا بأمر صريح...
(لماذا تتراجعين؟!...اركضي من هنا قبل أن تأتي الشرطة!)
الشرطة!!...يا الهي ماذا لو امسكت بها الشرطة هنا؟!...كيف سيتعاملون هل هم حقا كما تشاهدهم في الافلام يلقون القبض على من تواجد في مسرح الجريمة دون استماع له؟!...صورة والديها تحتل عقلها و قلبها ينبض بجنون و دموعها تتماسك بقوة كي لا تسيل...اغمضت عينيها للحظات تهمس بأسنان تصطك رعبا...
(يا رب الهمني الحل...لا تجعلهم يلقون القبض علي...كنت اساعد الغير بنية الخير ارجوك)
صوته تداخل مع همسها مجددا و قد شعرت بحركته خلفها...
(اركضي يا بنت من هنا)
التفتت تراقبه بتوجس فالتقطت عينها الاكياس الكثيرة حوله...و قد اتسعت بلمعة اتحدت مع دموعها لتعلن ان الغريق حقا يتعلق بأي شيء حتى لو مجرد قشة!...تجاهلته تماما لتخلع حقيبتها من خلف ظهرها و تنحني تلتقط الأكياس بأيد ترتعش تضعها بداخلها لا تفكر في أي شيء سوى انقاذ نفسها...كادت تنتهي ستصل لأخر كيس و تضعه بها لكن صوت الشرطي خلفها جمدها كليا...
(توقفا مكانكما!)
قضمت شفتيها بقوة تنهر نفسها على تدخلها في الأمر...صوته الموجوع منحها فرصة ذهبية بأن تدس اخر كيس بالحقيبة و تغلق سحابها بأنفاس تهدر بعنف..
(حضرة الضابط هي لا...)
(حضرة الضابط ارجوك انقذنا)
صوتها الباكي بتوسل حقيقي لفت انتباه الضابط...تبكي دموعا صادقة...ترتعش حقيقة لا تمثيل...تتقبض على حقيبتها بجزع ظاهر لهم تحت اضاءة كشاف الشرطة الوهاج...ضيق الضابط عينيه يسألها بترقب
(ممن؟!...و ماذا تفعلان هنا اصلا؟!)
امتدت اصابعها دون سابق انذار تلامس كفه لتصعقه و تسري بداخله رعشة عجيبة...ناظرها بعدم فهم و لا يعرف ما هي نيتها من التحدث بهذا الشكل المرتعد مع الضابط...
(كنا عائدين أنا و أخي من الدرس الخصوصي و فجأة هجم علينا شباب لا نعرفهم...كانوا مخيفين جدا قطعوا طريقنا و قاموا بضرب أخي و سرقوا محفظته و قد حاول أحدهم التحرش بي...و حينما استمعوا لصوت سيارة الشرطة فروا هاربين)
كلماتها تخرج باكية متقطعة و خائفة...يشعر برجفتها تحت كفه حقا لا تُمثل...يناظرها بأعين متسعة رغم تألمه و لا يعرف أي مخيلة تمتلك هذه القزمة كي تقص بمصداقية قصة لم تحدث!!!...انتبه لسؤال الشرطي الذي حاوطه الشك...
(هل أنتِ و أخاكِ تحضران نفس الدرس و في هذا الوقت المتأخر؟!)
نظرت له بأعين راجية منه الحماية تقول...
(لا فهذا أخي الكبير كان ينتظرني لأن ميعاد الحصة متأخر)
اخرجت من جيب سترتها الجينز ورقة تمدها للضابط قائلة...
(هذه بطاقة بميعاد حصتي تحمل اسمي و اسم المركز التعليمي للدروس الخاصة الذي اخذت به الحصة)
تناولها الضابط يقرأ محتوياتها ليعاود النظر لهما...الفتاة تحكي الصدق البطاقة تطابق معلومتها...اعادها اليها يقول بتركيز بعدما استبعد كونهما مشكوك بهما...
(هل تستطيعان وصف الشباب الذين هجموا عليكما؟!)
كاد يتكلم و يجاري ما تفعله ليخرجا من هذا المأزق لكن صوتها سبقه حينما قالت...
(لا يا حضرة الضابط الشارع مظلما جدا...لكنهم هربوا من هذا الاتجاه قبل ان تصلوا بدقائق)
التفت الضابط يأمر عساكره بأن يتجهوا في الاتجاه الذي اشارت عليه...ثم عاود النظر لهما جيدا يتفحصهما...الفتاة ترتعش بينما تتشبث بيد الشاب المنهك بفعل الضرب الذي ناله لكنه ثابت الملامح فلا يمنحه القدرة على استشفاف صدق الفتاة من كذبها...تكلم بتعاطف مع حالتهما المزرية
(تحتاجان لتقديم بلاغ بالسرقة و...)
(ارجوك عمو الضابط لقد تأخرنا جدا و بالتأكيد والدانا قلقين علينا اسمح لنا بالعودة و أبي سيقدم بلاغا في الغد)
ضيق الضابط عينيه فزاد بكاؤها تهمس...
(ارجوك لدي امتحان في الغد...ارجوك)
تنهد الضابط بغضب لأجل هذين الصغيرين...الاوغاد الذين فعلوا بهم هذا سيلتقطهم ليعيد تربيتهم من جديد...
(حسنا لكني سأرسل معكما عسكري حتى تبلغا بيتكما)
ابتلعت ريقها بتوتر تداري عجزها التام عن رفض اقتراح الضابط و إلا سيضيع كل ما فعلته هباءً...
تتحرك معه خلف العسكري تناظر كفها الذي لم يفلته...هذا الشاب الغريب لقد غامرت بجنون اليوم كي تنقذ حالها و بكل أسف انقذته معها... من يعرف ربما هو شخص سيء لا يستحق كل ما فعلته... همهمت بتأكيد مستند على الأدلة التي جمعتها عنه...
(ليس ربما بل مؤكد هو شاب سيء)
الشوارع حولها بدت مألوفة فتيقنت من قربها للبيت... ضغطت على كفه بخفة فشعرت به يتوقف لوهلة ثم يستكمل سيره... ظنته لن يلتفت لكنه لف رأسه لها يهزه بتساؤل... لمح نظرة التوجس و ربما الاحتقار من عينيها لتهمس بخفوت شديد...
(سايرني و ادّعي ان حيّ هو حيّك ايضا... و حينما ترى والداي لا تنطق انا سأتصرف)
ضيق عينيه يرمقها بتفحص جعلها تبتعد للخلف و تشيح بوجهها عنه بعدما رمقته نظرة ازدراء...
قبل قليل
لقد نزل من شقته بعدما أثقل ظهره القلق عليها و بدأ يتحرك بعشوائية هنا و هناك بلا هدف... شهور هي عمر معيشته هنا لذا ليس ضليعا في معرفة الحي تمام المعرفة خصوصا أنه من البيت للعمل و من العمل للبيت... رؤية رجال سليمان المراكبي له جعلتهم يسألونه عما يفعله و لم يجد بد سوى أن يخبرهم أن ابنته الوحيدة لم تعد حتى الآن من درسها الخصوصي... و لكرم اخلاقهم انقسموا فرق منهم من يستكمل بحثه عن ابن "ريسهم" و منهم من بدأ البحث عن فتاة صغيرة في عمر الخامسة عشر... و حينما عاد بعضا منهم يخبره بأنهم لم يجدوها كاد يجن لولا رؤيته لها تتقدم من مدخل الحي برفقة عسكري و شاب لا يعرفه يبدو مجروحا!!!...
(غسق أين كنتِ يا ابنتي؟!)
تركت يده بسرعة لتركض إلى والدها و ترتمي في احضانه شاعرة بأن ما مر عليها دهرا كاملا و ليس مجرد ساعات... دفنت رأسها في صدره تهمس ببكاء خافت...
(آسفة أبي... آسفة جدا على اثارة خوفك و لكنني تعرضت لموقف مخيف...)
ابعد وجهها عن صدره يضعه بين كفيه و يسألها بلهفة...
(ماذا حدث حبيبتي؟)
هرولة الرجال من خلف والدها اوقفت حديثها لتتابع تحركهم ناحية الشاب الذي ساعدته بوجوه بعضها مرتاح و الآخر غاضب... انزوت تحت ذراع والدها تراقب وقفتهم عنده و استقبالهم له بحفاوة و حمد متردد في الاجواء... عقدت حاجبيها بدهشة هل هو من قاطني الحيّ ذاته؟!...يا لها من مصادفة عجيبة!!...
ابتعاد الرجال و الشباب عنه بأدبٍ حينما تقدم منهم هذا الرجل الكبير جعلها تتيقن من مكانته... وقف قبالته ليضع الشاب عينيه أرضا بخزي و يهمس بتعب...
(أعذرني على ما حدث أبي)
ضيقت عينيها لتهمس باستغراب...
(أبي!!!)
صوت الرجل الرخيم صدر بعدما استمع للعسكري ليجعلها تنتصب و كأنه يحدثها هي...
(شكرا بني سنتكفل نحن بالباقي)
ثم التفت الى ابنه يقول...
(هذا ليس وقتا للحديث...أصعد للبيت والدتك قلقة عليك طمئنها...و انتظر مجيئ)
اومأ له بطاعة كبيرة ثم استند على يد أيوب و أنور ليتجه بصمت نحو بيته... بينما الرجال التفوا حول سليمان يهنئونه بسلامة ابنه و يسألونه ماذا ينوي مع عائلة السمري... صرفهم بأمر قاطع بألا يفتح أحد فمه في أمر السمري حتى يقرر هو ماذا يفعل... لقد اكتفى من مشاجرات و مشاحنات منذ زمن و لا يريد المزيد من البلبلة...
بلهجة رزينة وجه كلماته الى ثروت بعدما رمق ابنته طويلا...
(هلا تفضلتما معي)
************
في غرفة الصالون ببيت سليمان المراكبي ...
جالسة جوار والدها على الأريكة و قد تم استضافتهما بشكل يليق بسليمان و كرمه... يجلس هو أمامهما على الأريكة المقابلة يستند على عكازه بذقنه و يردد عقله كل ما سمعه من هذه الفتاة... لقد أوجدها الله في طريق ابنه كطوق نجاة لينقذه من تهمة حيازة مخدرات ربما كان سيقضي بسببها شبابه كله في السجن... ارتفعت رأسه عن عكازه ليصدر صوته الرخيم بشكر جلي...
(يا استاذ ثروت أنا و ابني مدينين لابنتك بروحنا... لقد فعلت مع ابني خيرا كبيرا)
تنحنح ثروت بحرج يقول بدهشة مما سمعه من ابنته...
(عظم الله شأنك يا حاج... ابنتي تربت على اهمية مؤازرة الناس و مساعدة المحتاج منهم ما دام تستطيع)
ابتسم سليمان بسمة صغيرة ينظر لغسق الملتصقة بوالدها فوق الاريكة و يقر حقيقة...
(نعم التربية و نعم البنت هي... من اليوم معزتها عندي كابنتي قمر و فاطمة)
تنحنح ثروت بحرج قائلا...
(سلمت يا حاج...)
فُتح باب الغرفة ليدخل منه بعدما اغتسل و طيب جروح وجهه و بدل ثيابه... لمحة خاطفة صدرت من عينيها كرد فعل تلقائي لترى من بالباب ثم انزلتهما مجددا بعدما عرفت هويته... تقدم هو من والده بنظرة عين مكسورة لكونه وقع في شباك داغر و تسبب في قلقه و ربما سيتسبب في مشكلة كبيرة مجددا بين العائلتين... ربت والده على الأريكة جواره كدعوة منه بأن يجلس... فعلها في صمت و جلس جواره ليصدح صوت أخيه خالد المنزعج بتوبيخ...
(طفل صغير أنت يا كرم كي تقع في مكيدة كتلك!!)
وضع صالح يده فوق كتف أخيه الكبير يلجم غضبه بينما صدر صوت والدهم بتوبيخ خفي...
(تريث يا خالد.... و ابدي احتراما لضيوفنا)
تنحنح خالد ليهمس بعدها بصوت مقتضب...
(اعتذر أبي...)
ثم ربت فوق رأسه يناظر ثروت قائلا..
(اعذرني عمي... حقك فوق رأسي)
انهاه ثروت عما يفعله ليتمسك بيد ابنته و يقفا معا بينما يقول...
(لا بأس بني لكن لا تقسو على أخيك جميعنا نخطئ... إذا لم تحتاجوني في شيء سنذهب )
اعترض سليمان عليه و أخبره بأنه لم يشكرهما كما يجب... لكن ثروت أخبره بأن ابنته لديها امتحان بعد بضع ساعات فقط... تحرك بها تجاه باب الغرفة لتتوقف هي و تلتفت لسليمان تخبره بحرج...
(لقد نسيت اعطاء حضرتك ما معي...)
انزلت حقيبتها أرضا تفتحها و تخرج منها اكياسا بيضاء قائلة...
(هذه الأكياس التي كانت في حوزته...)
أسرع صالح ليأخذها منها بنظرة مصعوقة لكنه تحكم في نفسه ببسمة شاكرة قائلا...
(اتركيها معي و شكرا لكِ على كل شيء)
أحمرت خجلا منه لكنها اومأت له لتستقيم و تقف جوار والدها... بعد القاء تحية الوداع خرجت معه للصالة حيث باب الشقة... لكن صوت رنين الأساور القريب منها جعلها تنظر للجانب حيث هذه المرأة المغطاة بالذهب... الكثير من الاساور في ذراعيها و العديد من السلاسل الذهبية فوق بعضها على صدرها... اتجهت لها بوجهها الباسم تمسح على وجنتيها قائلة بمحبة...
(ما فعلتِه مع ابني الليلة لن انساه عمري كله... حماكِ الله لوالديكِ حبيبتي)
اومأت لها بحركة خفيفة ثم خرجت مع والدها حيث شقتهم لترى والدتها التي بالتأكيد منهارة عليها...
صوت خالد من داخل غرفة الصالون استرعى انتباه والدته فتقدمت اليها ببطء...
(لا يقوى على الذهاب مع المركب في الفجر يا أبي دعني أنا أذهب...)
وقف سليمان يستند على عكازه قائلا برفض...
(صالح من سيذهب... و أنت أبقى هنا زوجتك على وشك الولادة)
استقام كرم ليقف في مقابلة والده يتحدث بأسف...
(أبي ما حدث كان خطأي التام... ظننته سيحترم العهد كرجل يحفظ كلمته لكنه خسيس كما هو)
تهكم خالد جاء صريحا ليجعل كرم يضع وجهه أرضا...
(رجل!!!... و هل تنتظر من هذه العائلة تصرفات رجال؟!)
أمره والده بحزم...
(انتهينا خالد... هيا إلى غرفتك)
بعدما انفض الجميع تكلم سليمان مع كرم بهدوء...
(ما حدث لولا عون الله لك و وضع هذه الفتاة في طريقك كان سيصبح كارثيا... لست بأهوج أو كثير الخطأ بني لكن حينما وقعت في الخطأ كانت الغلطة بألف...لذا أحذر و اعقل الأمور قبل الخوض فيها)
اومأ له كرم بتأكيد...
(أمرك أبي...)
تنحنح بقلق يسأل والده بترقب...
(ماذا تنوي ابي مع عائلة السمري...داغر هو سبب دخول هذا السم للحي!)
شرد سليمان و روحه بين جانبيه تلعنهم لكنه همهم بصوت مؤكد...
(لن نخسر مزيدا من الأرواح)
في الصباح...
واقفا مستندا على حائط مقابل لهذه المدرسة الخاصة بالفتيات... و حينما لمحها تخرج منها أسرع بفتح هاتفه يتصل به...
(كرم لقد أنهت امتحانها)
في الحيّ يتحرك كرم بعيني تبحثان عن شخصا ما... بعدما تلقى الخبر من صديقه أمره بصوت رجولي..
(ضعها تحت عينيك أيوب حتى تصل لبيتها آمنة... هذه الفتاة من اليوم هي و عائلتها تحت حمايتي)
وصله صوت صديقه المؤكد...
(لا تشغل بالك و اعتبره تم...)
تحول صوته للترقب حينما سأله...
(هل وصلت لشيء؟)
زفر كرم بغضب يقول...
(انتظر خبر من أنور)
أسرع أيوب يقول برجاء...
(لا تتهور كثيرا كي لا نزيد من حجم المشكلة)
ابتسم كرم بخطر حينما ظهر أنور في نهاية الشارع يعطي له اشارة البدء... همس بينما يتقدم من نهاية الشارع ببطء متلذذ...
(سأترك له تذكار كي يعرف أن ثمن عهد الرجال مكلف..)
ضحك أيوب بعدما تحرك خلف غسق دون أن تشعر به بمرح...
(ليتني معك يا كروم و الله لكنت تسليت و أنا أشاهد الذعر في عينيه)
وصل كرم لنهاية الشارع يقول بضحكة مشابهة لصديقه...
(لأجل عيونك سأصوره فيديو لك لا تقلق...)
اغلق الهاتف و وضعه في جيبه ليتحرك ناحية هذا الزقاق الصغير... دخله بأعين تبحث عن شخص واحد و هو داغر... سيعلمه كيف يوقعه في مكيدة قذرة كتلك... اتسعت بسمته المخيفة ليُدخل يديه في جيبي بنطاله الجينز من الخلف و يخرج مديتيه قائلا بصوت هادر...
(يا مرحب بالأنذال... هلا انضممت معكم في جلسة الأنس هذه؟!)
انتفض الشباب في مجلسهم حينما ميزوا صوته... لا بد بعد ما حدث أمسا سينتقم منهم كرم أشد انتقام... وقف داغر ببرود يقول بقصد...
(يا أهلا بعريس أمس... كيف حال العروس الصغيرة التي ساعدتك؟)
توهجت عيناه بشرر مستطر ليتقدم منه بينما رجال والده يخرجون من كل مكان ليحاوطوا داغر و شبابه و يضيقون عليهم الزقاق... انقض كرم عليه يمسكه من تلابيبه بحدة و يرجه بعنف قائلا بوعيد...
(لا تدخل "الحريم" بيننا يا سيد الرجال)
ضحك داغر بسخرية قائلا...
(حريم!!... هذه البنت الصغيرة وضعتها في خانة النساء بسرعة...)
نظر في عينيه ليهمس بوقاحة متسائلا...
(أم أنك تذوقت من رحيق انوثتها لذا تتحدث بقلب جامد)
لكمه كرم بعنف في فكه ليتراجع داغر للخلف... تقدم منه كرم مجددا يفتح مديته بقسوة و يرفعها في وجهه... حاول داغر تفاديها بكل طاقته لكن لكمة كرم اصابته بالتشوش فلم يرَ جيدا بل شعر بألم رهيب على حين غرة في خده الأيمن... ابتعد كرم عنه يقفل مديته و يتوعد له بعنف...
(هذه العلامة تذكار من عريس الأمس يا أسد... رغم أني لا أطيق رؤيتك لكنك ستراني كلما نظرت لوجهك في المرآة)
جمع كرم رجاله ليخرجوا من الزقاق و قبل أن يفعل عاد ليقترب من داغر المتألم جوار الحائط يهمس ببطء مشتعل...
(ابتعد عن الفتاة و الا قسما بالله أترك تذكاري القادم فوق عنقك بعدما أفصله عن جسدك... و أنت تعي أنني بقادر على فعلها)
عين داغر تابعت اختفائه من الزقاق ليهمس بوعيد مختلط بدماء وجهه و ألمه الحارق...
(ستندم يا كرم سأجعلك تندم أنت... و هي)

(داغر!!!!)
الأجواء كانت مشحونة و النظرات تتراشق كأسهم محترقة في حرب ضارية... و كأن السنوات تم اختزالها لتأخذهم من هنا حيث الماضي...كرم بجسده الذي جعل منه حماية لها و داغر ببسمته الملتوية الخبيثة... أما هي خلفه عقلها يسترجع تلك المرة الوحيدة التي رأت بها هذا الشاب... حينما القت الشرطة القبض عليه وسط متابعة من سكان الحي بعدما ساعدت كرم بأيام... و كانت هي منهم تتابع من شرفة بيتها... حينها رفع نظراته لها على حين غرة ليتجمد جسدها برعب... نظرة لم تتكلف ثوان ظلت محتجزة في عقلها لسنين...
(حسن سير و سلوك يا ابن...المراكبي)
جملته التي خرجت ليجيب على كلمة كرم اليتيمة قبل أن يسقطوا في دوامة الذكرى اعادتهم للواقع... ضيق كرم عينيه يقول بتحقير...
(و من أين لك بهما؟)
ضحكة داغر كانت مخيفة لدرجة جعلتها تتقبض خلف ظهر كرم حتى كادت تتشبث بقميصه من الخلف... و كأنه شعر بها فآثر أن ينهي جدالا غير مستحب بينه و بين داغر... ملامح وجهه التي اسودت منذ ظهر زاد سوادها بقوة ليقول بتحذير غير مستتر... فأي ستر هذا الذي سيتشح به ابن السمري...
(لا نريد متاعب فألتزم جحرك..)
بعدها التفت كرم ينظر لها بأمر كي تتحرك... روحها التي ثارت و قد قرأ هو ثورتها في عينيها السوداء جعله يهمس بخشونة غير مقصودة...
(اخمدي نيران غضبك الآن... و لا تتفوهي بكلمة واحدة)
اشتعال مقلتيها أكد له رفضها التام لمحادثتها بهذه النبرة لكنها امتلكت من الذكاء ما يكفي كي تتحرك من أمامه... خصوصا أن لا قِبل لها بهذا الشاب المخيف... اتجهت نحو ديما تلتقط كفها و تتبع سوسكا الذي اشار لهما على الزقاق الصغير كي يصلوا للحي... وقف أيوب عند الزقاق ينتظر كرم و يدعو الله ألا ينبش داغر في أي قبر من قبور الماضي لكنه فعل...و بحقارة
(يبدو أنه كان عندك بُعد نظر في لقب "حريم"... الفتاة كبرت و ازدادت جمالا)
صوته البغيض جعل كرم يتصلب في وقفته... يعتصر كفيه بقوة كي يتحكم في نفسه و يغمض عينيه لاعنا نداء حيوانات البرية بداخله... راقب أيوب ما يمر به صاحبه فأسرع تجاهه ليسحبه معه كي لا ينساق لمشاجرة يفتعلها داغر... لكن كرم التفت له بوجه غامض جامد الملامح رغم اهتزاز جسده من الغضب في يدي أيوب ليقول بوعيد مهلك...
(أقسم برب الكعبة لو اقتربت منها سنتيمترا سأقترب من روحك مترا لأنتزعها دون تردد)
ارتسمت بسمة جانبية ساخرة و ربما متوعدة فوق ثغر داغر... ليرفع بعدها كفيه كعلامة استسلام قائلا بصوت يشع خبثا لم يَخفَ عن أذن كرم و أيوب...
(لا متر و لا كيلو متر حتى... ليس في نيتي الولوج للسجن مجددا على الأقل الآن...)
حدقتاه غامتا بحقد رغم ظلمة الليل و المكان إلا انه كان مرئ في نبرته... كلماته... حركة جسده ليقول
(لدي الكثير من الأمور هنا لا بد من تصحيح اوضاعها)
رفع إصبعه الى جانب رأسه كتحية ليلتفت بعدها متجها للخلف حيث الأزقة المتلاصقة...
سحب أيوب صاحبه معه قائلا بحكمة...
(تمالك غضبك كرم و لا تنجرف في تيار داغر... يجب أن يعرف الحاج سليمان عن عودته قبل أي شيء)
اشتعلت عينا كرم لتحرق الغموض و تلقيه كفتات متناثر حينما هدر صوته ببحة منفعلة...
(يهددني بها يا أيوب... يلوي ذراعي و هو يعرف أنها في حمايتي)
امتص أيوب غضبه بذكاء حينما قال...
(و نحن لن نتركها بعد ما فعلته معك في الماضي... انها تحت حمايتك بالفعل أليس هذا ما يحدث على مدار ثمان سنوات؟!)
لاح الغضب على ملامحه فشدد صاحبه من تمسكه به قائلا برجاء جلي...
(هيا يا كرم من هنا بالله عليك... بالتأكيد وصل خبر الشجار للحاج سليمان)
تحرك معه على مضض و عقله لا يستوعب خروج داغر من السجن بعد... و كأنه كابوس عاد ليبسط سواده و يغطي ايامه من جديد...


...يتبع...









AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-07-20, 11:27 PM   #186

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السادس



وصلتا مع سوسكا و باقي الرجال للحي... أسرع سوسكا بجلب كرسي من المقهى لتجلس عليه ديما التي فقدت قدرتها على الوقوف... جلست عليه بوجه شاحب و انفاس لاهثة لا تصدق ما مرت به و رأته من تناحر... رفعت رأسها لغسق التي وقفت جوارها تضم كتفيها بنظرة آسفة... مالت تهمس بتساؤل قلق...
(أنت بخير ديما أليس كذلك؟)
اومأت لها لتغصب نفسها على النطق كي تطمئنها..
(بخير... فقط مصدومة قليلا)
رفعت غسق اصابعها المرتعشة تربت فوق شعر صديقتها... لست وحدك يا ديما المصدومة هنا... ما حدث قبل قليل قد أنعش ذكرى ميتة بداخلي ظننت أنني تخلصت من خوفها منذ زمن...
صوته الذي اخترق حدود ذكرياتها جعلها تلتفت له بحدة... الفظ يعتقد نفسه سيد الموقف و صاحب الكلمة العليا... الغليظ من هو كي يأمرها و الأدهى يبعث رجاله خلفها... احتقن وجهها بشدة حينما رمقها بنظرة خاطفة غامضة و بعدها توجه حديثه لسوسكا كليا...
(لماذا تبقون في الشارع هكذا؟!)
جاوبه سوسكا مؤشرا على ديما...
(أنها مرتعبة مما رأته و غير قادرة على السير... سترتاح قليلا و بعدها تصعد مع الست غسق)
اقترب كرم من الكرسي ليقف خلف ديما مواجها لغسق التي رمقته بنظرة عدائية.. قال بأمر حاد وجدته هي عجرفة و فرض هيمنة لا تليق بالموقف...
(و منذ متى تجلس النساء في الشارع عرضة للرائح و الغادي؟!)
تلعثم سوسكا بحرج فهو لم يفكر سوى في راحة الفتاتين بعد ما رأتاه من مشاحنة... خاصة أن الناس بدءاً من هذا الوقت تلتزم بيوتها كعادة في حيّهم الصغير...
(أنت محق أخي كرم لكنني لم أقصد...)
قاطعته غسق حينما لامست حرج الشاب بعد عجرفة الغليظ المتسلط... نظرت له بغضب واضح ثم رفعت سبابتها في وجهه قائلة بتعجب...
(لمَ توبخ الولد هكذا و تلقي كلاما مبطنا؟... إذا أردت تمرير رسالة معينة لنا فافعلها و لا تحمل سيد الخطأ)
مرت عينه على ملابسها البيتية و قد سيطر الغموض عرش حدقتيه... تسأله لماذا لا يمرر رسائله اللاعنة لها مباشرةً... تظنه يخشى مجابهتها... الغافلة صغيرة العقل!!... لذا وضع يده في جيب بنطاله و ترك الأخرى حرة يحك بها ذقنه مع إيماءة خفيفة من رأسه تعلن جملة واحدة "طلبتها و ستنالينها"...
(لست قليل مروءة لأقف احاسب فتاة " لا تعرفني" و أخبرها بأنها تقف في وسط الشارع بملابس لا تصح سوى للبيت... و أن حجابها منزلقا عن شعرها... و أن الأزقة الخلفية لا تخطو لها قدم امرأة مطلقا... سأكتفي فقط بتعنيف صبيّ لأنه سمح بحدوث هذا)
تلاقت أعينهما في مشاحنة صامتة... يتبارزان دون كلمة... يتبادلان الغضب المشتعل... تكورت يدها بحدة جوارها بعدما تهدلت سبابتها المُعلَنة في وجهه تتحكم في نفسها بصعوبة... الفظ الجاهل رجل الحارات المتناحر... يلقنها هي درسا في الاخلاق... يخبرها ما يصح و ما لا يصح... و بذكاء ادارت الدفة لصالحها بعدما حوّرت حديثه تماما لترفع سبابتها في وجهه مجددا قائلة بتهديد صريح...
(ما تقوله لا اسمح به.. أنت تقلل من تربيتي و اخلاقي... لكنني سأتعامل معك كما تحب و كما يليق بشخص مثلك... أقسم لك لو وجدت رجلا من رجالك الذين تفتخر بهم خلفي في أي مكان سأطلب لهم الشرطة...)
كلماته السابقة التي قللت من احترامها جعلتها تفسر سير رجاله خلفها بمعنى واحد... هل يتصيدون لها الاخطاء... هل يظنون أنها فتاة مستهترة تشوب حياتها شوائب يخشون على منطقتهم منها!!!... اختلط الغضب مع جرح الكرامة و سوء الظن فغصبا دمعت عيناها التي رفعتها في وجهه للحظات قبل أن تهمس بكبرياء مطعون...
(أنا لا أسمح بأن يتم وضعي في خانة فتاة مشكوك بها... لا أنت و لا ألف من رجالك يحق لكم مراقبة حركاتي)
ساعدت ديما المتسمرة مكانها من منحنى الحديث الذي سار لطريق آخر دون سبب محدد... وقفت معها تراقب وجوه الرجال الباهتة و المتوترة من حديث غسق.. بينما هذا الشهم الذي صبت فوق رأسه جام غضبها لا يزال يناظرها بأعين غير مقروءة بالمرة... تحركتا معا قاصدتين البيت لكن ارتداد غسق للخلف جعلها تشهق و تعاود النظر بأعين متسعة...
الشاب الشهم سحبها من ذراعها بقوة ليديرها اليه... ناظرا في عينيها بغموض عينيه العجيب... اصدقائه حوله تحفزت ملامحهم و بدأ بعضهم في مراقبة البيوت خشية من تواجد أحد السكان و رؤية ما يحدث... بينما صديقه الوسيم اسرع ليتمسك بذراعه و يهمس جوار أذنه بأعين رافضة ما حدث... ثم فجأة انحلت اصابعه من فوق ذراع غسق بعدما تمالكت هي نفسها من الصدمة لتأمره بصوت رغم ارتعاشه مسيطر بقوة...
(أترك ذراعي... هل جننت؟!!)
بعدما رمت جملتها التي وصفت بها نفسها ب" المشكوك بها" و هو يجاهد كي يتحكم في رد فعله... ضيقة العقل اتخذت الموقف و حللته بالطريقة الخطأ... وصمته بكلماتها بعار اصاب رجولته بقوة... أن تصفه برجل يتحرى عنها لالتقاط اخطاءها جعله يغلي من الداخل... لم يشعر بنفسه و هو يسحبها من ذراعها متناسيا كل قواعد الرجولة التي نشأ عليها... غير آبهًا بمن قد يرى و من قد يسمع... كل ما ظلل فكره وقتها أنه يجب أن يزيل وصمتها له... و لها...
أن يبرء ذمته من كونه قد يفكر بها بتلك الطريقة التي ظنتها... لم يفق إلا حينما همس له أيوب بأن يتريث... و بعدما صاحت هي به و حمل وجهها ملامح الصدمة... أبعد ذراعه على الفور لائما نفسه عما حدث... رفع كفيه أمام وجهه مستسلما و مبتعدا للخلف... نظر في ليلها الكحيل الذي انارته نيران الغضب في مقلتيها ليقول بعدها بخشونة رجولية تزيح من فوق كاهله عبء ظنها...
(ما قلته قبل قليل يعيبني و يعيبكِ قبلي... حاشا لله أنني قد فعلتها قاصدا سوء)
اتشحت عيناه بالغموض مجددا ليقول بصوت ينضح رجولة خالصة و صدق...
(بل قصدت حمايتكِ...)
كبحت انفاسها الثائرة لتعتدل في وقفتها و تناطحه بذكاء ألمَّ به مقصده...
(ان كنت تفعلها كرد جميل لما صار قبل سنوات فأنا اعفيك من استكماله... لست مقطوعة الايدي لأحمي نفسي فوفر جهدك و جهد رجالك لأنني جادة في ابلاغ الشرطة عنهم)
دون اضافة المزيد تمسكت بكف ديما لتتحرك ناحية بيتها و تختفي بداخله...
راقبها بنظرة اخترق غموضها ضيقا... بعد ظهور داغر لا يعتقد بأنه سيلبي طلبها بألا يقترب... كانت نيته ان يبتعد بعدما رأى ذاك الغريب صاحب السلسال معها لكن الآن مستحيل... جز فوق ضروسه طاحنا لها لكل ما حدث قبل قليل و الآن حتى سمع صوت خالد من خلفه مقتضبا...
(كرم الحاج يريدك في الحال...)
************
استقبلتها والدتها بخوف قد حول ملامحها للشحوب الملحوظ... ربتت غسق على ظهرها بينما الأخيرة لا تفلتها من احضانها تتساءل بدموع مرتعدة...
(كيف تذهبين هناك بعد ما صار من قبل؟... هل تظنين نفسك رجلا قويا سيواجه الشباب الملعون هناك؟!!...هل تريدين توريط نفسكِ مجددا مع أناس لا يستحقون المساعدة؟!)
راقبت ديما الاجواء بحرج كبير... يبدو دخولها تلك الأزقة دون قصد سبب للجميع مصائب لا تعرفها... و يبدو أيضا ان حي غسق الشعبي الرجولي كما كانت تلقبه يحوي بعضا من الكلاب الجائعة... انتبهت لصوت الباب خلفها و دخول ثروت المتلهف قائلا بقلق...
(غسق هل ذهبتي للأزقة الخلفية حقا؟!!!)
خرجت من بين احضان أمل تقول لوالدها بهدوء تحاول امتصاص خوفهما...
(آسفة أبي كان علي الذهاب ديما علقت هناك بمفردها..)
تدخلت ديما ترفع الحرج عن صاحبتها قائلة...
(آسفة جدا يا عماه و الله غير مقصودة بالمرة لم أكن أعرف أن هذا المكان خطيرا هكذا... و لكن الرجال الذين بالأسفل أتوا خلفنا و انقذوا الموقف)
سألها ثروت بترقب رغم يقينه من الاجابة...
(هل هم رجال سليمان المراكبي؟)
تقبضت بغضب لكنها هزت رأسها بنعم دون أن تنطق بحرف... عقلها فقط يلعن في صمت ذاك الفظ قليل الأدب مفتعل الرجولة و الاخلاق...
بعد دقائق اطمأن فيهم والداها عنها و عن ديما دلفتا لداخل غرفتها لتسقط ديما فوق كرسي المكتب قائلة بتعب ...
(ليلة مرعبة بكل المقاييس...)
خلعت غسق قميصها و وشاحها تضعهما فوق سريرها الذي جلست عليه لتجيب بتهكم...
(أرأيت بعينيكِ حيّ الجميل؟!)
زمت ديما شفتيها قائلة..
(انظري لا اقصد مضايقتكِ بالمرة و لا اقلل من صعوبة ما مررنا به لكن ما يحدث هنا يماثله بالضبط ما يحدث في أي مكان آخر... لقد شهدت مشاحنات عديدة خاصة من اصدقاء أخي لكنها تُمحى بالأمر حفاظا على الشكل العام للعائلات الراقية)
استندت بكوعها فوق المكتب تسند وجهها على كفها وتقول بإعجاب...
(يكفي هنا مجموعة الشباب الذين يضيئون في الظلمة و هم يدافعون عنا بكل قوتهم و مروءتهم... هذا نادرا ما يحدث في الطبقات الراقية)
ضربت غسق كفا بكف تهمهم بعدم تصديق...
(لا حول و لا قوة إلا بالله... كنا على وشك الموت رعبا قبل قليل و هذه تتذكر رجولية شباب المنطقة)
اعتدلت ديما في جلستها بوجه محتقن تعنف صديقتها...
(أنت يجب أن تصمتي لباقي العمر خزيا مما فعلته بالشاب الشهم... لقد اتخذت الموقف على محمل شخصي و كأنه كان يضر بنا لا يحمينا)
ذكر الموقف أجج غضبها من غسق فوقفت مبتعدة عن المكتب حتى وصلت للسرير تقول بتعجب غاضب...
(الرجل كان غيورا علينا من الجلوس في الشارع كي لا يتعرض لنا الغير حتى بنظرة تخدشنا... و عنّف سوسكا بدلا منا لأنه لا يصح شابا وسيما شهما مثله يسلب العقل أن يوبخ فتاة... تصمت غسق في هذا الموقف؟!!)
ضيقت عينيها و هي تقترب من رأس غسق تلكزها بإصبعها في جانب رأسها بحدة قائلة بسخرية متهكمة..
(بالطبع لا بل تشتعل و تتصاعد أبخرتها السامة كغاز ثاني أكسيد النيتروجين و تسمم الاجواء... كيف فهمتي ما قاله بأنه تقليل من اخلاقكِ يا ابنتي؟!!!)
التقطت غسق اصبعها من جانب رأسها تضغط عليه بحدة قائلة بصوت مكتوم غاضب كي لا يسمعها والداها...
(ألا تميزين نبرته اللائمة و فظاظته المستفزة... انه شخص جاهل متعجرف غير آدمي)
سحبت ديما اصبعها من يد غسق تقول بعدم اتفاق...
(لا اتفق معكِ ابدا... يا ليت كل من حولي يتعاملون معاملة حمائية و رجولية مثل هؤلاء الشباب... عموما في نهاية الاسبوع سترين بنفسكِ الفرق بين شباب حيّكِ و شباب الطبقة الراقية)
عقدت غسق حاجبيها بعدم فهم تسألها...
(لا أفهم؟!!)
زفرت ديما بتعب مما حدث لها لتقول...
(نهاية الأسبوع خطبة حضرة الملازم أخي و جئت اليوم لدعوتكِ لكنني لم أكن اعرف بأن القدر يخبئ لي مغامرة خاصة)
وقفت غسق من فوق سريرها تهتف ببسمة سعيدة محاولة ازالة توتر ما حدث عن ديما...
(حقا... مبارك حبيبتي و العقبى لكِ ان شاء الله)
ضمتها ديما قائلة ببسمة حيوية...
(بارك الله فيكِ حبيبتي...)
خرجت من احضانها تقول بشقاوة...
(اللهم تقبل و ارزقني بشاب وسيم قوي حتى إن كان جاهلا و غير آدميا)
غمزت لغسق تغيظها بينما التفت الأخيرة تحمل وسادتها و ترميها بعنف فوق وجه ديما... ثوان و امتلأت الغرفة بضحكاتهما متناسيتين ما مرتا به قبل قليل... و حينما هلكت قوى ديما صرخت مستنجدة...
(أخي سيأتي ليأخذني بعد قليل اتركيني بدلا من أن اشكو له و أنتِ لا تعرفين كيف سيتعامل حضرة الملازم قانونيا)
ضحكت غسق من قلبها قائلة...
(تهددينني بأخيكِ المغضوب عليه من قِبل والدكِ؟!!!...)
التقفت ديما الوسادة الطائرة ناحيتها تقول بضحكة عالية...
(و الله هو الوحيد الذي يفهم في العائلة... لقد هرب من تحكم أبي في دخول المجال الطبي و فلت منه)
وقفت غسق تنهت ببسمة متسعة قائلة...
(والدكِ يريد اعمار مشافي العائلة بأولاده... يتبع مقولة القريب أولى من البعيد...)
توقفت ديما تلهث ببسمة مشابهة تقول...
(و للأسف بات لا يوجد قريب سواي و بهذا سينطبق علي قرار إداري بملازمة المشفى الجديدة للعمل بها)
ارتفعا حاجبا غسق بتقدير و اعجاب تقول...
(جيد جدا ديما العمل بعد التخرج سيمدنا بالخبرة... أنا ايضا سأبدأ عمل جديد في صيدلية قريبة من هنا)
هزت ديما رأسها بقنوط رافضة فكرة العمل في الوقت الحالي فقالت...
(مبارك حبيبتي و ان شاء الله سيصلكِ خبر قبول شركة الأدوية لكِ... إنما أنا اخبرت أبي انني احتاج فترة نقاهة بعد التخرج لن أعمل مباشرةً هكذا... و الله سأفقد عقلي إن فعلت...)
توقف حديثها حينما سمعت رنين هاتفها فأخرجته من حقيبتها قائلة...
(أخي يتصل يبدو وصل...)
اومأت لها غسق بتفهم لكنها عقدت حاجبيها تسألها بتوجس...
(هل ستخبرينه عما حدث؟)
توترت ملامح ديما قليلا و عقلها يفكر بجدية... لو اخبرت أخاها بما حدث قطعا سيمنعها من المجيء هنا مجددا... لا لن تفعل فشباب الحي قاموا بالواجب... ابتسمت بسماحة تقول
(موقف حدث و انتهى لا يهم اعادة فتحه من جديد و قد قام رجال منطقتكِ الشجعان بحمايتي...)
ابتسمت غسق بمحبة متفهمة موقف ديما... لو حدث و علم اهلها عن هذا الحادث شيئا سيتم تصعيد الأمر بحظر تجوالها هنا مجددا... تنهدت بحرج و عقلها يقيم مقارنة للمرة المليون تقريبا... حيّها القديم كان جيدا و به أناس طبيعية لا شباب مغيب جاهل و رجال متعجرفة تفرض سيطرتها... لكن لا يفيد البكاء على اللبن المسكوب فقد قطعت عمرا طويلا هنا حتى اعتادت الاجواء...
*********
(تناحر يا كرم بعد كل تلك السنوات!!!...)
صوت سليمان الذي تزعزع هدوئه ليُخرج غضبا عظيما جعل الجميع يقف واضعا وجهه أرضا في أدبٍ و خشيةٍ... تنحنح كرم يجلي صوته ليجيب والده بخفوت
(لقد تعرض شباب الأزقة الخلفية لابنة منطقتنا و صديقتها... هل نسكت لهم يا حاج؟)
ضرب سليمان الأرض بعكازه قائلا بتوبيخ...
(بل نتعامل بعقل و حكمة لا أن نحمل أنفسنا و رجالنا لمشاجرة خرج منها المعظم بجروح تحتاج اسبوع على أقل تقدير كي تلتئم...)
تغيرت نبرة صوته للحدة و الخطورة حينما أكمل...
(قيل لي أن ابن السمري خرج من السجن و كان هناك...)
تأهبت اجساد ابنائه الثلاث و كل منهم يتحكم في غضبه بشق الأنفس... السجن كان يحجب عنهم اشكال ضالة كداغر و عصبته الفاسدة... طال صمت كرم ليتدخل أيوب قائلا بأدبٍ...
(ما وصلك صحيح يا حاج... لقد خرج و تقابل معنا ملقيا كلمات متواري خلفها نبرة انتقام)
سحب سليمان نفسه بثقل شعره للتو... خوفه كله من أن يعاود الشباب فتح باب جديد للمشاحنات... و الله وقتها لن يتوقف تدفق الدماء المهدرة خصيصا بعد موت مظهر ابن السمري الكبير... قضي أمره و وقف أمام ابنائه يقول بأمر لا رجعة به...
(لا تلتفتوا له دعوه يلف في دوائره المغلقة حتى يتعب و يستكين....)
لم يعجب الحديث كرم فتدخل قائلا برفض..
(كيف نتركه يا أبي و هو...)
اوقفه سليمان عن الاسترسال يقول بحدة...
(كلامي يُنفذ يا كرم... لا تهتموا به دعوه يعوي بعيدا عنا لأنه لو فتح أحدكم له دوائره المغلقة لن نستطيع بعدها اغلاقها مهما حدث)
تمسك أيوب بذراع صاحبه يلجم ثورته متفهما سببها... فتنحنح قائلا...
(كرم قلق على ابنة العم ثروت لأن داغر رآها اليوم و تذكرها)
لانت ملامح التحفز على وجه سليمان كثيرا حينما ذُكرت هذه الفتاة... يعلم الله كم يعزها كأبنتيه رغم ابتعادها عن الوسط المحيط... فتاة مؤدبة في حالها و صيدلانية ما شاء الله تملئ العين... لا ينسى جميلها في حق ابنه و ان تكون هي المعنية بالأمر فلابد من اعادة ترتيب الصورة... زفر نفسه بتؤدة يسأله
(هل تعرض لها بأي شكل؟)
أسرع أيوب بالإجابة متوليا الأمر عن كرم الذي شعر بغضبه المتجدد من ذكر الموقف...
(لم يفعل يا حاج لأننا كنا هناك... لكن لا نعرف ماذا ينوي)
صمت سليمان لبعض الوقت يفكر في الأمر... راقب انفعال كرم المكتوم و كوالده يقدره... منذ ما حدث و كرم يضع الفتاة تحت عينيه حمايةً لها من توابع داغر حتى و ان كان في السجن فله ذيوله... حميته و طابعه الشرقي يحتم عليه الوقوق بجانب من يحتاجه... فما بال فتاة وضعها القدر في طريقه لتنقذه من مصيبة كالتي وضعه بها داغر... وفقه الله لحل ظن انه سيفي بالغرض فقال بسيطرته و حكمته...
(الفتاة تحت اعيننا و نحن كُفء بحمايتها ان شاء الله)
ضيق كرم عينيه بقلق من معنى حديث والده فسأله بتوجس...
(ماذا تقصد يا أبي؟)
قبض سليمان على رأس عكازه يقر أمرا واقعا تحكمت فيه أبوته و قلقه على ابنه من مصائب متيقن هو من جلب داغر لها فوق رؤوسهم بعد خروجه من السجن...
(يعني أنك معفي من حمايتها و هي تحت حمايتي أنا شخصيا...)
اعترض كرم بوجه محتقن شاعرا بأن قرار والده ينتقص من قدر رجولته... يحرجه أمام أخويه و رجاله بأنه غير مناسب بعد لحمايتها...
(لكن يا حاج دَيْنها في رقبتي أنا و أنا كفيل برد دَيْني...)
كبح سليمان جموح ابنه حينما ضرب بعكازه مجددا آمرا بقوة...
(قُضي الأمر يا كرم....)
أولى كرم جانبه لوالده لينظر لصديقه بحيرة شابها القلق... ارسل أيوب له نظرة رجاء بألا يعترض أمر والده... تنهد كرم بثقل يتقبل ما فرضه سليمان حتى لو مبدئيا... عاد يواجه والده حينما أمره
(استعد مع رجالك لرحلة الصيد بعد الغد...)
اومأ له ببطء يقول بطاعة...
(أمرك أبي...)
لكنه تنحنح قائلا برجاء...
(دع سوسكا يكمل مهمته معها يا حاج)
حوقل سليمان بنفاذ صبر جعل خالد يتدخل بحزم...
(ما بالك يا كرم لقد قال الحاج انها تحت حمايته؟!... هل سنخرج بأنفسنا خلفها كي تطمئن؟!)
احتدت نبرة كرم غصبا يقر حقيقة...
(من تتحدث عنها يا أخي لولاها كنت الآن افني سنوات شبابي في السجن ظلما... أنا لا اطلب من أحد حمايتها أنا كفيل بها)
(خالد... كرم)
صوت والدهما أوقف جدالهما ليصمتا بطاعة رغم توتر الاجواء... بعدها اعاد سليمان ما اقره مجددا ليضع كل واحد في عقله مهمته الجديدة ثم تركهم ليخرج من الغرفة...و بعدها استأذن أيوب ليذهب لبيته... اقترب صالح من أخيه الصغير يربت على كتفه قائلا بوعد حنون...
(استمع لكلام والدنا يا كرم هو يرى الأمور بطريقة أعمق منا نحن... ثم كي تطمئن الفتاة ستصبح تحت عينيّ كفاطمة تماما لا تخف)
ابتسم بسمة شاحبة و شعور الانتقاص يقتات عليه لكنه لا يمكن أن يخلف لوالده أمرا... ربت بدوره على ذراع صالح قائلا بشكر
(سلمت يا صالح... لا تحمل نفسك فوق طاقتها الحاج بالتأكيد سيختار رجال قدر المسؤولية من أجلها)

...يتبع...







AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-07-20, 11:30 PM   #187

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السادس



وقف بوقار معهود منه يضم ابنته أسفل ذراعه حتى دلفا من بوابة القصر لداخله ... شعره الذي خالطه الشيب البسيط لائم نظرة عينيه الحانية... جسده الشبابي جعل من يراه من بعيد يظن أنه لم يعبر الثلاثين من العمر بينما هو ذو الخمسين ربيعا... حانت منه نظرة لهذه الجميلة التي تتوسد رأسها صدره و تضمه من خصره بقوتها... ابنته الوحيدة ذكرى زوجته الفريدة رحمها الله... عالمها هو و هي كل حياته... ابتسم ليزداد وجهه طيبة حينما همهمت هي بدلال مفرط اسقى هو بذرته منذ زمن حتى بات من صفاتها...
(اشتقت للوطن و للقصر جدا يا أبي... لم أكن أظن أن سفري لإتمام امتحانات سنتي النهائية سيكون طويلا هكذا)
مال يطبع قبلة حانية فوق شعرها الأشقر قائلا بصوته الحنون...
(الوطن يظل دوما أرض الطمأنينة مهما ترحل الفرد من مكان لمكان)
تركت خصره رافعة رأسها له لتقبل وجنته قائلة...
(أنت وطني يا أبي أينما نكون أشعر أنني في معزل يحميني من البشر)
لامسته كلماتها الناعمة فضحك بخفوت حاني يربت فوق وجنتها قائلا...
(و أنت كل حياة أبيك يا ميرنا)
ضحكت بسعادة شاعرة بكونها الفتاة الأكثر حظا على الأرض... بعد موت والدتها و هي في سن العاشرة كرس طارق كل حياته لها... أضحى أبا و أما و أخا و صديقا و حتى حبيبا... تلخصت حياتها فيه و أكتفت به من الدنيا... لا ليس هو فقط فيوجد شخصا آخر أخذ مساحة من قلبها... أحمرت خجلا من تفكيرها به ليقرصها والدها بخفة من وجنتها متفهما سبب خجلها... و كأنه يقرأ خواطرها دونما تعب... رن هاتفها في وقته تماما فأخرجته من جيبها تنظر فيه بخجل هامسة..
(أنها السيدة لبنى يا أبي...)
اتسعت بسمته يسألها بحاجب مرتفع و هو يسحب الهاتف...
(دعيني أجيب أنا لأتأكد هل هي السيدة لبنى فعلا أم باهر ابن السيدة لبنى)
قضمت شفتيها بخجل زاد جمالها في عينيه... فتح الخط قائلا بصوته الرصين الحاني كطبيعته...
(صباح الخير كيف حالكِ سيدة لبنى؟)
كتم ضحكته و هو يستمع لصوت أنفاس مكتومة من الطرف الآخر ثم جلبة تبعها صوت لبنى الضاحك بمرح...
( مرحبا سيد طارق حمدا لله على السلامة...)
ضحك بخفوت متداركا الموقف و هو يحرك سبابته لأبنته كحركة تهديد جعلتها تضحك بعدما فهمت بأن باهر تم كشفه... اجاب بذوقه الراقي المعتاد
(مرحبا سيدة لبنى شكرا لكِ... كيف احوالكم؟)
وصله صوتها الناعم بدلال لا يليق بسنها و لا بصلة تعارفهما ببعض... فيبدو أنها تحلم بتزويج ابنها الوحيد لأبنته و هي له!!!
(غيابكما فرق معنا جدا سيد طارق... طالت الغيبة هذه المرة)
ابتسم برقي يجيب...
(كلكِ ذوق سيدة لبنى... تفضلي ميرنا تريد محادثتكِ)
ناول الهاتف لأبنته متغافلا بقصد عن نبرة الضيق التي ضربت أذنه من الطرف الآخر... تحرك تاركا الطابق الأول و قاصدا غرفته بالأعلى لكنه اصطدم بهاتين العينين المضيئتين عن بُعد... تختبئ خلف عامود الجرانيت القريب من المطبخ... شاردة بوجوم و ممتلئة بدموعها... ضيق عينيه متجها ناحية صاحبتها التي فقدت تركيزها تماما... توقف عن قرب منها يراقب هذه الفتاة الجديدة في قصره... تبدو في سن ميرنا لكن شتان بينها و بين ابنته... نظرة عينيها الكسيرة بلونها المميز تحكي عن ألف حكاية وجع... وجع يفهمه رجل بخبرته و سنوات عمره... تنحنح بخفة فأجفلت هي لتشهق من رؤيته لها متلصصة... عملها لم يبدأ بعد هنا و تم القبض عليها بتهمة التلصص!!!... ضمت الصينية المذهبة لصدرها قائلة بتلعثم محرج...
(حمدا لله على السلامة سيدي...)
تركته و ابتعدت مسرعة للداخل لكن صوته أوقفها... ابتلعت ريقها بحرج تلتفت له و تستمع منه...
(انتظري... من أنت؟)
ابتسمت بسمة مهزوزة تقول...
(أنا الخادمة الجديدة سيدي...)
خادمة بهذا السن و هذه النظرة الكسيرة اليتيمة... يا لقبح الظروف و قسوتها!!!... ابتسم بحنانه يقول برقة و رقي...
(و ما هو اسمكِ؟)
اصابتها بسمته بالراحة فتراخت عضلاتها المتحفزة تقول بهدوء...
(فلك سيدي...)
زادت بسمته قائلا بلطفٍ...
(يا له من اسم جميل... عملا موفقا فلك)
تركها و تحرك عائدا للدرج تحت نظراتها المتتبعة له... غامت عينها بدموع مجددا و هي تتذكر وقفته مع ابنته منذ دلفا... تشتاق هي لأب يضمها قرب صدره بحنان... و يداعب وجنتها حينما تخجل... ترتمي في احضانه تختبئ عن الكون... و يكون حنونا مثل هذا الرجل... لكنها مجرد احلام افقدتها ملكيتها الحياة... هي فلك ابنة هيام و التي تخلى عنها والدها ازدراءً و ربما شكا... فامرأة مثل والدتها تتزوج لتقبض ثمن الزواج يحق للرجال الشك بها... افزعها صوت هيام خلفها لتلتفت لها تنظر بحدة... تأففت هيام بغيظ تقول
(هل أتينا هنا لنشرد هيا للمطبخ حالا لقد أخبروني بمجيء ضيوف الليلة)
ضيقت فلك حاجبيها بتفكير تسألها...
(من أخبرك؟)
سحبتها هيام للمطبخ قائلة...
(السيد طارق هاتفني على هاتف المطبخ يخبرني بأن هناك ضيفين آتيين على العشاء... هيا كي نبدأ و لا يفر منا الوقت)
في المساء...
دلفت لبنى القصر بهيئتها الارستقراطية الراقية... يجاورها شاب مهندم الملبس و المظهر تجول عيناه في كل اتجاه بحثا عن شخص ما... وقفت هيام جوار الباب تلتقف معطف لبنى الفرو و تؤشر بيدها للداخل بترحيب تعلمته من مديرة المنزل السابقة قبل أن ترحل من هنا بعدما قضت فترة تدريب لتواكب ابناء طبقة ثرية كهؤلاء... ابتسمت لها لبنى بتكبر ثم تأبطت ذراع الشاب لتتحرك بخطوات رشيقة توقفت حينما ظهر طارق و ابنته لاستقبالهما... لامست هيام المعطف الفرو المعلق فوق ذراعها و الذي سحرها بنعومته... ابتسمت بأملٍ في أن يحمل لها المستقبل نصيبا من العيش في نعيم كهذا... اسرعت تعلقه فوق المشجب جوار الباب و تدخل المطبخ طالبة من ابنتها السرعة في تقديم الطعام... اومأت لها فلك لتقوم بنقل الاطباق...
بعد جلسة صغيرة رحب فيها طارق بضيفيه وقف بذوق يدلهما على مكان طاولة الطعام... تحرك الجميع عندها ليتخذ كل منهم مكانه... راقب طارق نظرات الخجل في عيني ابنته فابتسم بحنان أبوي قائلا...
(هل قررتما ميعاد الخطبة؟)
ابتسم باهر بسعادة قائلا...
(بعد أذنك سيد طارق قد اتفقت مع ميرنا على نهاية الشهر...)
اومأ طارق رأسه مؤيدا ثم قال ببسمة زينت وجهه...
(لا مانع لدي...)
تقدمت فلك تحمل وعاء الحساء الساخن لتضعه فوق طاولة الطعام... و حينما اقتربت كانت لبنى تتكلم عن مغامرتها في السفر الأخيرة و تشرح بيدها متحمسة حكاية تسلقها الجبل الصخري متفاخرة بشبابها الذي لا يتأثر بسن معين... و في غمرة حماسها تحركت يدها للخلف لتصطدم بوعاء الحساء الساخن فينقلب فوق ذراع فلك و يتناثر رذاذ بسيط فوق كفها... صرخة فلك المتألمة تزامنت مع تأوه لبنى الطفيف... و بعدها ما حدث لم تفقهه فلك من شدة الألم... لكن يبدو المرأة تصرخ في وجهها بتعنيف او شيء من هذا القبيل... تحملت بشق الأنفس لتهرول مسرعة بعدما حاول طارق تدارك الموقف و اشار لها بأن تذهب بسرعة تضع ذراعها اسفل الماء...
وقفت أمام الصنبور تضع ذراعها المحترق بألم لا يُحتمل بينما سمحت لدموعها بالانهمار... يؤلم بشدة و توبيخ هذه العجوز الشمطاء لها لا تقبله... نعم تعمل طوال عمرها خادمة لكنها لا تقبل التقليل منها... لم تشعر بطارق الذي دلف المطبخ يراقبها بقلق و شعور بالذنب نحوها يضايقه... لبنى تنازلت عن ابسط قواعد اللياقة أمام سفرة الطعام... لتتفاخر بنشاطها و حماسها و كانت نتيجة هذا حرق هذه المسكينة... صوت بكائها جعله يتخيل لو أن ميرنا مكانها و الله فقط يتأذى من مجرد التخيل... اقترب من ظهرها يضع كفه عليه هامسا بحنان...
(أريني إياه فلك؟!)
لكنه لم يكن يتوقع انتفاضتها المثيرة للشك هذه... او نظرة الرعب في عينيها المميزة... الفتاة انكمشت على نفسها بخوف حينما وضع كفه فوقها... ضيق عينيه و عقله ذو الخبرة يحلل حالتها... هذه الفتاة هل مرت بتجارب قاسية في البيوت التي عملت بها من قبل؟!!... رفع كفه امامها كعلامة اعتذار ثم همس بصوت قلق يشوبه حنانه...
(لا تجفلي أنا فقط اردت أن ارى الحرق و هل سنتمكن من معالجته هنا أم سنحتاج مشفى!)
نظرتها المرتعدة لم تتغير و دموعها تظلل حجريها الكريمين المميزين... اقترب بحذر حينما لمح احمرار يدها المخيف... دنا منها و في كل خطوة يهمس بقلق صادق...
(لا تقلقي... دعيني أرى فلك هيا)
تبا لماذا هو غيرهم؟!... لماذا لا يتهجم عليها او يتحرش بها؟!... و ما معنى نظرة الحنان و العطف في عينيه هذه؟!... هل سيل الأبوة الحنون الذي يحاوطها الآن بقوة لها حقا؟!... لماذا ليس خسيسا مثل شوكت و من سبقه؟!... لماذا؟!!!!
لم تشعر بيده التي التقفت ذراعها بحنان أبوي ينظر فيه بقلق... ثم توجه به نحو الصنبور يفتحه ببطء هامسا برقي لم تره من قبل...
(الحرق ليس خطيرا دعينا نضعه تحت الماء ثم نضع فوقه مرهم الحروق...)
كلماته البسيطة كم تمنت سماعها من أب حلمت به يوما... كلماته تسقي بداخلها بذور مطمورة منتظرة الغيث... كلماته اثارت رغبة البكاء بها أكثر... استكانت لما يفعله بعقل لم يستوعب بعد ما يحدث... لكنها اجفلت على صوت ابنته التي وصلت توها للمطبخ... لتجد والدها منكبا على وضع مرهم الحروق للخادمة... شعور بالضيق انتابها و هي ترى حنان والدها يتدفق منه لأخرى... هي فقط مالكة كل هذا و لا يحق لأي مخلوق أن يشاركها عطايا والدها... صرخت بحدة مبالغة تقول...
(أنتِ ايتها الحمقاء كيف تتصرفين هكذا!!... لقد سكبتي الحساء الساخن على يد السيدة لبنى ثم ركضتِ هربا دون اعتذار)
تمالكت فلك ألمها و تخبطها من تذوق مشاعر أبوة لأول مرة في حياتها... لتعتدل و تهمس بخفوت باكٍ...
(أنا لست مخطئة لأعتذر...)
صرخت بها ميرنا بحدة متفاجئة...
(ماذا؟!!... لا يحق لكِ الاعتراض أنتِ هنا خادمة تفعلين ما نريد فقط)
جزت فلك فوق ضروسها ناوية على تلقينها درسا لن تنساه و لتذهب هي و العمل هنا الى الجحيم... لكن صوته الموبخ بحنان اوقفها... حتى توبيخه حنون راقي هادئ
(ميرنا ما هذه الطريقة؟!... الفتاة ليست مخطئة لتعتذر)
اتسعت عينا ميرنا بصدمة لتهتف...
(أبي!!!...)
اشار لها طارق بأن تصمت ثم قال...
(لا داعٍ لتعكير صفو الاجواء... انتظري مع ضيوفنا في الخارج)
زفرت بحنق و غيرة ولدت للتو... غيرة تحرقها كلما رأت والدها يتعامل بحنان و عطف مع احدهم... التفت طارق لفلك المتجهمة بملامح متألمة باكية قائلا بهدوء...
(ضعي من هذا المرهم و اربطي يدكِ جيدا و ابتعدي عن الماء لفترة)
ابتسم في وجهها بهدوء ليتركها و يخرج في حين دلفت هيام بقلق بعدما انهت ترتيب اصناف الحلى في الحديقة الخارجية و التي امرتها ميرنا بها قبل قدوم الضيوف... وقفت قبالة فلك تنظر لذراعها المحمر متسائلة بقلق...
(ماذا حدث؟!)
تابعت عينا فلك ظهر طارق الذي اختفى لتجلس فوق كرسي طاولة المطبخ شاردة في الفراغ... سؤال واحد يدور في بالها منذ رأت معاملة طارق لأبنته صباحا... هل هي سيئة بهذا القدر الذي يحرمها من امتلاك أب يحنو عليها كهذا الرجل؟!...

...يتبع...







AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-07-20, 11:32 PM   #188

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السادس



ترجلت من سيارة والد ديما التي ارسلتها لها صديقتها كي توصلها لخطبة أخيها في بيتهم... فستانها الأسود الأنيق فوقه حجابا رقيقا زادها جمالا ابهر عيون سوسكا... نعم رغم منع سليمان له من استكمال السير خلفها إلا انه لم يقوى... سنوات يفعلها و اعتاد عليها غير نظرة الضيق التي لمحها في عيني كرم قبل رحلة الصيد... تتبع خطاها حتى توقفت السيارة التي اخذتها من الحي البسيط الى الحي الراقي... دون ان تشعر به او يشعر رجل الحاج سليمان... ابتسم بإعجاب و هو يخرج هاتفه من جيبه...
(ما شاء الله هل هذا القمر المنير يسكن حارتنا المتقشفة!!... سبحان الله في حكمه)
بينما هي غفلت تماما عن أمر انها تحت عين اثنين بدلا من واحد... دلفت بوابة بيت ديما الكبير لتقابلها الأخرى ببسمة حلوة عبّرت عن سعادتها بخطبة أخيها... قبلتها هامسة بمرح...
(تبدين كملكة في الاسود غسق... اليوم يجب ان نخرج من هنا منتصرتين بعريسين محترمين قولي آمين)
ضحكت غسق و هي تقرصها من وجنتها قائلة بقلة حيلة...
(و أنا التي ظنت أن تأنق اليوم فرحة بأخيكِ بينما سيادتكِ تصطادين عريسا)
رفعت ديما كفها امام وجه غسق تقول بمرح...
(مادام لم يفهمها غيركِ لمَ لا؟!... دعيني اتزوج و اهرب من والدي و مشفاه)
ضحكتا معا بمرح سعيد حتى جذبتها ديما من يدها لتدلف داخل بيتها الأنيق قائلة...
(تعالِ لترحبي بأمي فهي تريد رؤيتكِ من كثرة كلامي عنكِ...)
ضحكت غسق لتنساق خلفها و تقابل والدتها التي رحبت بها بحرارة و محبة... بعد وقت قليل استأذنت ديما والدتها لتسحب غسق و تقف في زاوية غير مرئية كثيرا لتؤشر على بعض الرجال قائلة بمشاغبة...
(انظري لرجال حيّنا سيدتي و اعقدي مقارنة بينهم و بين مجموعة شباب حيّك...)
ضحكت غسق غير مصدقة لما تفعله ديما حاليا فهتفت بتوبيخ...
(يا مجنونة سيتم كشفنا...)
هزت ديما رأسها بقوة تقول...
(لا تقلقي هذه الزاوية بمثابة غرفة مراقبة مذ كنت في الاعدادية كلما يقيم أبي حفلا)
ضربت غسق كفا بكف قائلة بتعجب..
(تفتخرين بانحرافكِ المبكر!!)
اومأت لها ديما بضحكة مرحة معترفة لتؤشر على شاب ما قائلة...
(انظري هذا هناك انه ابن ابنة خال أمي... يعمل طيار مدني احب مرتين و لكنه ترك و حاليا يبحث عن عروس)
ضحكت غسق بقوة ثم التفتت تتابع معها الشاب الثاني الذي أشرت عليه...
(و هذا زميل أخي في العمل يعني ضابط... وسيم جدا و رغم ذلك رجل برأس صخرة)
ضيقت غسق عينيها تسألها بعدم فهم...
(رأس صخرة!!)
زمت ديما شفتيها قائلة...
(نعم مثل التماثيل... ذات مرة جاء مع أخي فقلت لنفسي اعرفه بي لكنه قصف جبهتي بصاروخ أرض جو حينما قلت له "مرحبا ديما و أنت"... أجاب بآلية مميتة "الرائد فيصل عبده يا فندم"... ألا يكفي بأن اسمه فيصل لا فهو عديم الفهم ايضا)
طالت وقفتهما لتتحرر غسق معها و تعجبها اللعبة... فقالت بنبرة مرح ادهشت ديما..
(دعيني أنا أختار هذه المرة و أنتِ تعرفيني سيرة الشاب الذاتية اتفقنا)
صاحت ديما بفرحة تهتف بمشاغبة...
(اتفقنا جدا... هيا)
راقبت غسق الوجوه حولها متحيرة من تختار فحقا و دون مبالغة هي تقف بين نخبة من الرجال و الشباب شديدي الوسامة... و الغبية التي بجانبها تموت شوقا في شباب حيّها... توقفت نظرتها فجأة على هذا الرجل الذي يقف بمفرده...يتلاعب بحافة الكأس بملل واضح من حركة اصابعه...أنيق بشدة و هذا مريء للعين...وقفته الكسولة تزيده غموضا و سحرا خاصا...عيناه تبدو من هذا البعد ملونة لكنها لم تتمكن من تمييز لونها...شعره كثيفا جافا يعطيه هيئة عبثية رغم غموضه الغريب... رفعت اصبعها نحوه و قد سيطرت هيئته عليها و دفعها الفضول لمعرفة سيرته الذاتية...
(هذا يا ديما الذي يقف بمفرده عند الزاوية...)
رفعت ديما بصرها نحوه لتتسع عيناها بصدمة ثم تنزل بصرها بسرعة هاتفة بجزع...
(أعوذ بالله... اخفضي بصركِ عنه فورا)
توترت ملامح غسق بشدة و هي تسألها بعدم فهم...
(ماذا حدث؟!.. لقد اشعرتني بأنني أشرّت على سفاح)
اولته ديما ظهرها تحسبا و خوفا من أن يراهما... و أمرت غسق بأن تفعل المثل لتقول...
(ألم تجدي سوى هذا ثلجي العينين؟... يا لبئس حظكِ يا فتاة!!)
هزت غسق كتفيها بعدم فهم لتستطرد ديما...
(هذا ابن عمي مؤيد... جراح درس و عاش في الخارج طوال عمره تقريبا... كان شابا يعيش الحياة طولا و عرضا لدرجة أنني تعجبت من تفوقه في الطب بما كان عليه من عبث... لكنه قبل بضع سنوات اختلف تماما ليصبح رجلا غامضا مخيفا و فظا في التعامل هذا كله بعد......)
(ديما... تعالِ)
صوت والدها انهى حديثها فاستأذنت غسق لتتحرك مع والدها... بينما الاخيرة تتبعت فضولها البشري لتعاود اختلاس النظر نحوه... لكنها تجمدت حينما رفع عينيه الزرقاء نحوها فجأة بنظرة اخافتها و اثلجت روحها... انزلت بصرها فورا تتنفس بحرج مشوب بالخوف... زرقة عينيه غريبة و ثلجية تسلب الراحة و تزرع القلق و الخوف... معها حق ديما انه ثلجي العينين حقا... عادت تختلس نظرة لتتأكد من كونها صدفة لكنها تخشبت و هي تستقبل نظراته الثاقبة للروح... لا تنكر بأنها خافت فتحركت بعشوائية مبتعدة عن مجال بصره المخيف... لكنها تسمرت مجددا و هي تصطدم برامي واقفا على احدى الطاولات يتسامر مع نفس الفتاة التي رأتها معه عند المشفى اخر مرة... شعرت بالاختناق المفاجئ و غصة حلقها تزداد... منذ متى لم يتواصلا؟!... هل نسي أمرها حقا؟!... هل أريج محقة و ما شعرته معه كان وهما؟!!!... اغرورقت عيناها بقوة لكن قبل أن تنزلهما اتصلتا بعينيه اللتين تسمرتا فجأة ثم جالت على فستانها بتقييم صامت...
***********
رفع بصره للسماء الهادئة بسوادها بعدما غاب القمر عنها الليلة خلف السحب... عقله يفكر دون توقف في قرار والده الأخير... هل ترك أمرها في صالحها... داغر لن يتركها في حالها و هو أكيد من ذلك... يا ترى من تولى مهمة حراستها و تتبعها... تنهد بثقل و شعور بالعجز يكبله... والده فرض عليه أن يُنحي شهامته جانبا في موقف يجب عليه فيه أن يضاعف شهامته اضعافا لأجلها... هي ضيقة العقل و التي تظن بأن مساعدتها البطولية له قديما مرت على خير... لم تفهم بأن هناك من ينوي لها الشر بسبب تخريبها لخطته... زفر بقلة حيلة ليعاود النظر مجددا في السماء... سمع صوت رنين هاتفه فتعجب من وجود التغطية... اخرجه ينظر به لتتحفز ملامحه و هو يقرأ اسم سوسكا عليه.. فتحه سريعا ليصله صوت الاخير...
(أخي كرم كيف حالك؟!... لقد اتصلت بك لأخبرك أنني مع الدكتورة حتى لو منعني الحاج و لا تقلق هي بألف خير)
زفر نفسه براحة كبيرة لو يعرف سوسكا بأنه ازاح عنه حمل جبال.... تحكم في نبرته ليسأله بهدوء
(أين هي الآن؟)
(في حفل خطبة أخ الست ديما صديقتها)
تنهد كرم براحة يقول بشكر...
(ابقى معها حتى تعود... سلمت يا سوسكا)
اغلق معه الهاتف ليزفر مرات متتالية براحة... هي لا تزال تحت حمايته... و هو لن يسمح بأن يطولها مكروه..
على الجانب الآخر...
اقترب منها ببسمته الجذابة كحال هيئته...عيناه تتحركان فوق فستانها الاسود الذي زاد بهاءها... همس بصوته الساحر الذي لطالما أسرها...
(غسق!!... ماذا تفعلين هنا؟)
تحكمت في دموعها لتتحدث بصلابة متماسكة كي تحفظ ماء وجهها خصوصا بعدما لاحظت نظرة هذه الفتاة التي معه لهما...
(أنا في خطبة أخ صديقتي... و أنت؟)
ابتسم قائلا ببساطة...
(و أنا مدعو من قبل والد العريس... تعرفين الوسط الطبي كله يعرف بعضه فيه)
اومأت له بحزن كبير لكنها جاهدت لتخفيه... فاقترب منها ملاحظا حزنها يسألها بترقب...
(تبدين حزينة... كيف حالكِ لقد انقطعت مراسلتنا منذ مدة!)
ابتلعت غصتها و هي تراه يعيدها لخانة شخص عابر في حياته... هل حقا ما أوصله لها كذبا... أم هي اخطأت التفسير... لا تعرف هي لا تعرف أي شيء... اضاء ذهنها فجأة دون أي سبب مبرر ما حدث لها قبل يومين في حيّها و مجادلتها للفظ ابن المراكبي... كانت تقف له ندا و تجابهه... لماذا إذًا تتكتف بحزن غريب عليها و ضعف مقيت أمام رامي... هل العيب بمشاعر الحب... أم بها هي... أم يوجد اختلاف كبير بين رامي و ذاك الفظ؟!!!!... صوته الساحر عاد يسرقها من نفسها ليبدل حالها من قمة الحزن لقمة الفرح بجملة واحدة... فقط جملة يا غسق انعشت خافقك الغافل خلف ضلوعك و اعادت له الحياة...
(تبدين جميلة الليلة...اشتقت اليكِ حقا)
رفعت عينيها اليه و كأنها تتوسله بألا يتغير عن هذا الشخص الذي عشقته به... عقلها عاد ليعمل ليؤنيها بألا تقبل من أي شخص غريب جملة كهذه... عليها أن تضع حدودا و تمنعه من التمادي في قول ما يريد و هو المتأرجح بين نعم و لا في علاقتهما... لكنها بكل سذاجة لا تعرف من أين تنبع منها هي قوية الشخصية... الغير ملتوية... و التي لا تعترف سوى باللون الأبيض و الأسود.. لكن معه اوجدت الرمادي بل منحته علبة ألوان يغير فيها كيفما يشاء دون حساب للعقل... رفعت وجهها له تبتسم بسعادة و هي تتلقى منه ما يجود عليها به... متغافلة عن هذه النظرة التي رمقتها بها الفتاة التي معه... أو تتناسها عمدا!!!
عاد هاتفه ليصدح لكن بصوت رسالة نصية... اخرجه مجددا ليجد انها من سوسكا... فتح الرسالة بدهشة لتتسمر عيناه فوق شاشة الهاتف... انها صورتها بفستان اسود... غامت عينه بنظرة غامضة ليغلق الصورة و يتصل به آملا بأن تسعفه التغطية... و حينما سمع صوت سوسكا صاح فيه بتوبيخ...
(هذه الصورة امسحها فورا من هاتفك و لا تفعلها مجددا...)
وصله صوت سوسكا المتلعثم بحرج يقول...
(و الله يا أخي فعلتها كي اطمئنك عليها هذه أول مرة...)
هدأت نبرة كرم لكنها ظلت مشوبة بحزم...
(أعرف نيتك يا بني لكن هاتفك ربما يقع تحت يد أي رجل ..ماذا سيكون الوضع ان تم رؤية صورة كهذه عليه!!)
وصله رد سوسكا سريعا يقول...
(حسنا أخي كرم سأحذفها في الحال... الدكتورة شخص أكن له الاحترام و لا أريد أن يظن بها الغير سوءا)
أغلق معه كرم الهاتف ليعاود فتح الصورة مجددا... طالت نظرته لها... نظرة غامضة كحال معظم نظراته... جامدة و غير مقروءة...اصبعه تلكأ للحظات فوق زر الحذف... عاد ينظر لها مجددا ثم بحسم ضغط عليه... هو لن يقبل بأن يمسها أي سوء حتى لو مجرد كلمة من الناس...هي دوما الغالية قدرا و مكانةً!


انتهى الفصل...
دقايق و ينزل الفصل السابع...
قراءة ممتعة...







AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-07-20, 11:35 PM   #189

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السابع



الفصل السابع

تعلقت نظراتها على كاميرا الهاتف لتتسع بسمتها بإشراق ثم ضغطت فوق الشاشة لتلتقط الصورة... استدارت بمعطفها الطبي تستند على المكتب الصغير المتواجد في الصيدلية... فلتت منها ضحكة صغيرة بعدما تركت ديما تعليقا على صورتها التي قامت بنشرها للتو على موقع التواصل الاجتماعي...
« قاتلي يا فتاة... العالم يعتمد عليكِ» وجه يضحك ثم وجه بأعين قلوب حمراء...
ضغطت زر اعجاب و هي تهمهم ببسمتها المشرقة..
(كسولة... لا بد من أنها الآن لا تزال في السرير)
توالت بعدها التعليقات و الإعجاب بصورتها... ابتسمت بحنان حينما قرأت تعليق أريج المشجع...
«عملا موفقا حبيبتي»
ظلت تتابع بأعين لامعة و روحا متحمسة لخطوة جدية و نافعة كخطوتها في بدء العمل... حتى توقفت أنفاسها عند تعليقه... هو الوحيد المذكر وسط زميلاتها على موقع التواصل الاجتماعي...
«اتمنى لكِ يوم عمل أول سعيد... ابذلي جهدكِ »
تراقصت نبضات قلبها مع تعليق رامي البسيط... تخضبتا وجنتاها بحمرة الخجل و امتلأتا حدقتاها بالفخر... هو يراقب نضجها بكل خطواته... من طالبة مجتهدة و حتى صيدلانية بدأت للتو مسيرة مهنتها... انقطع حبل افكارها حينما صدح صوت رسالة من تطبيق الدردشة مصاحبة لظهور صورة ديما بشكل دائري على جانب صفحة الهاتف... و كلمات جعلتها تضحك بصوت مسموع
« يا صباح رامي الخير... ابذلي جهدكِ يا غسق و ارفعي رؤوسنا»
ضغطت فوق صورتها الدائرية لتنفتح صفحة الدردشة أمامها... عدة وجوه ضاحكة كانت الاجابة و بعدها ارسلت كلمة واحدة...
«غليظة.. »
ناكفتها ديما بمشاكسة حينما أرسلت رسالتها مصحوبة بوجه يفكر...
«هل صفة الغلظة عندكِ متفاوتة في الدرجات؟!»
ضيقت غسق عينيها بجهل لترسل...
«لم أفهم....»
وصلتها رسالة ديما السريعة...
«أقصد لو هي ثابتة فما أحلاها صفة... حينما تجمعينني مع الشهم الوسيم ابن المراكبي في صفة واحدة فعلي شكركِ»
بهتت ملامح غسق أمام رسالة صديقتها... هي لم تصف شخصا بالغليظ من قبل غير هذا الفظ الغليظ... هزت رأسها بيأس من تحوير ديما الدائم للأمور... أنها ببساطة تأخذها من أقصى اليمين لأقصى اليسار... دلف ولد صغير الصيدلية فأسرعت تكتب على عجلة و تنهي الحديث...
«علي أن أغلق يا عاشقة الحي الشعبي فلدي زائر»
أرسلت لها ديما كفيين يصفقان ثم وجه يرتدي نظارة شمسية مع رسالة صغيرة مودعة...
«أصبحنا أناس مهمين و لدينا زوار... الى نداء الواجب ايتها المقاتلة... احدثكِ مساءً»
وضعت هاتفها في جيب معطفها و أسرعت للولد الذي بدا حافظا للصيدلية عن ظهر قلب... لقد دلف ليسحب الكرسي الخشبي الموضوع بالخارج للعجائز... جالسا منتظرا مجيئها بوجه شابه الملل!!...
لا يهم هو ولد صغير و يبدو من سكان المنطقة لهذا يتعامل بكل حرية... وقفت قبالة طاولة العرض الزجاجية الفاصلة بين داخل الصيدلية و الباب الخارجي المطل على الحي... ابتسمت بحنان تسأله
(صباح الخير يا صغير... كيف اساعدك؟)
رفع وجهه لها بدهشة ثم عوج شفتيه بانزعاج ليصدر صوته المتشح بنبرة نزق لا ترتقي لسنه او هيئته قائلا...
(لست صغيرا اسمي طاهر... هيا أجلبي لي دواء أبي سريعا)
حسنا هذه القمامة التي خرجت لتوها من فم هذا الطفل الكارثي لن تلتفت لها... لقد جهزت نفسها لما هو اسوء عند الاختلاط بالمرضى... لكن حقا كيف لها أن تمرر مطلبه!!!... "دواء أبي"!!!!! يمزح أليس كذلك؟
(و ما هو اسم دواء والدك؟)
رمقها نظرة متضايقة ليقول بصوت شعرت معه بأنه بدأ يفقد صبره... هل هذا طفل بريء؟!!... انه مجرم متنكر في زي الطفولة!!!
(لا أعرف له اسم... دوما أطلبه باسم دواء أبي... من كان يقف قبلكِ هنا كان يعرفني و يجلبه لي دون مماطلة و وجع دماغ)
ضربت الدماء في دماغها فزاد معدل الغضب... انه طفل قليل التربية... جاهل بأقل درجات احترام الكبير... هذا لو كبر كيف سيصبح؟!... قاتلا!!!!
احتدت نبرتها غصبا لتؤشر بسبابتها قائلة بغضب مكتوم...
(اسمع ايها الطفل يجب أن تتحدث بأدب مع الكبير هذا أولا... و ثانيا أنا لست منجما او مشعوذا لأخمن اسم دواء والدك... اذا كنت تريد أن أجلبه لك احضر اسمه أو على أقل تقدير علبته كي أتمكن من جلب الدواء الصحيح)
وقف مبتعدا عن الكرسي يناظرها بحدة هاتفا...
(اسمي طاهر و لست طفلا أو صغيرا... و بيتي بعيد بشارعين عن الصيدلية إذا لم تكوني بقادرة على الوقوف هنا لمَ تقفين أم هي مضيعة لوقت الزبائن في الذهاب و العودة)
فقدت سيطرتها على هذا الشبل قذر اللسان... فتشابكت ذراعاها فوق بطنها تناظره بنظرة مخيفة قائلة بأعين غاضبة مشتعلة...
(تفتخر باسم أنت بعيد كل البعد عنه... اسمع يا ولد لو لم تحترم فارق العمر بيننا و تحترم كوني الصيدلانية هنا لن أصرف لك أي دواء... و الشارعان الفاصلان بين بيتك و الصيدلية سيتضاعف عددهما لأربع مرات كي تحصل على دواءك من الصيدلية المتواجدة على الطريق العام)
بادلها نظرة مشتعلة ليزفر بغضب و يسرع في الخروج مغمغما بكلمات لاعنة... فكت تشابك ذراعيها لتبهت ملامحها بدهشة... هل هذا سيكون مصيرها في التعامل مع الناس؟!!... ها هي العينة الأولية طفل لم يتعدَ الحادية عشر و يناطحها بقلة أدب و تبجح!!!... زفرت مرات متتالية و شعور الحماس كله يتبدل لخيبة أمل... هي كارهة لفكرة العمل في صيدلية أهلية فما بال العمل هنا وسط أهل هذا الحي الذي تمقته!!!... ضمت معطفها الطبي بنزق و اتجهت تجلس خلف المكتب الصغير تنتظر نوادر و طرائف مهنتها التي يبدو تحمل في جعبتها المزيد...
و بالخارج قطع طاهر مسافة الشارعين عائدا للبيت لمعرفة اسم الدواء... كان حانقا متذمرا حتى انه لم يلحظ جسد هدير الذي اصطدم به دون قصد... رفع وجهه اليها يقول بعبوس...
(لا مؤاخذة يا "ست" هدير لم أنتبه)
بوجهها ذي الملامح البريئة و بسمتها الناعمة التي وهبتها له جعلته يشيح بوجهه بعيدا مغمغما...
(هل تحتاجين شيئا أشتريه لكِ؟)
مالت على رأسه تسمح فوقها و تسأله بقلق...
(ما بك يا طاهر هل تشاجرت ثانيةً مع أولاد الحي؟)
زفر بقنوط رافعا وجهه لها قائلا بحدة...
(لا... لكنني غاضبا من معاملة "ست الدكتورة" لي!)
اعتدلت في وقفتها تضم طرف عباءتها السوداء المفتوح على جسدها... نظرت ناحية الصيدلية تسأله بدهشة...
(هل تقصد ابنة الاستاذ ثروت؟... ماذا فعلت؟)
تخصر بضيق يقص لها ما حدث كله... فابتسمت بنعومتها قائلة بنبرة توبيخ رقيقة...
(لكنك أخطأت يا طاهر في تصرفك معها... هي ليست فتاة عادية في حارتنا أنها دكتورة فلا تحسب ما تتقبله منك باقي النساء هنا ستتقبله هي)
راقبت امتعاض وجهه فضحكت بحياء ثم مسحت فوق رأسه لتردف..
(كما أنها لا تعرف حقا اسم دواء والدك كيف ستصرفه لك بالله عليك!!)
أبعد وجهه من تحت كفها ليتجه نحو البيت المكون من طابقين يعيش هو مع اسرته في طابقه الأول بينما هدير و والدتها في الثاني... تحدث اثناء سيره باقتضاب...
(سأبحث لها عن اسمه او علبته علَّها تفلح في جلبه لي...)
تضايقت من تطاوله على "دكتورة الحي" و التي و ان لم تتعامل معهم فجميعهم يكنون لها احتراما كبيرا... فهمّت بقولها الناصح برفق...
(طاهر راعِ كلامك عنها بالتأكيد لو استمع لك الحاج سليمان سيتضايق... و أسرع سأنتظرك هنا حتى تعود بالدواء)
وقفتها عند باب البيت الذي تقطن فيه جعلتها محط انظار هذا الذي اتخذ من المقهى مجلسا... لقد عاد و كم يحب أن يبلغ هذه المعلومة لكل الناس... لذا اختار المقهى منذ الصباح ليجلس عليه يطالع الرائح و الغادي... بنظراته المخيفة و وجهه المتحفز بتلك العلامة التي تركها كرم كتذكار... كل ما فيه يصرخ في الناس أنا هنا قد عدت لكم من جديد... ضيق عينيه المتعلقة بها ليميل على صاحبه الجالس معه متسائلا...
(من هذه الفتاة يا عزت؟)
التفت بصر عزت لها ليعاود النظر له قائلا بنبرة بديهية...
(انها هدير ابن عبد الصبور قريب سليمان المراكبي)
هز داغر رأسه ببطء و عيناه لا تبرحا عنها و لو قليلا... يراقب هشاشتها الظاهرة من ملامح وجهها البريء... جسدها الأنثوي خلف عباءتها السوداء... ملفتة للنظر و تبدو كترضية لمزاجه عن سنوات السجن العجاف... فلتت من بين شفتيه همهمة هامسة...
(لقد كبرن فتيات المنطقة و زادت حلاوتهن...)
ظن أن صوته غير مسموع لكن عزت اقتحم شروده فيها ليقول بصوت شابه التحذير...
(لقد سمعت أن سليمان يريدها لكرم...)
عيناه التفتتا بسرعة البرق لوجه عزت... كانتا متسائلتين متحفزتين و فيهما من بحور الظلام الكثير... و حينما وصله التأكيد من نظرة عزت فاض البحر بموجه الأسود ليغرق ملامح وجهه كلها في ظلمة لا متناهية... عاد يلتقط هذه الفتاة بنظراته لتتسع بسمته بخبث و نية حاقدة... إذًا الحلوة التي لفتت نظره هي نصيب كرم... مدَّ ذراعيه أمامه لتتشبث كفاه معا يحركهما يمنة و يسرى يطقطق اصابعه و يصدر صوت تسلية من فمه... راقبه عزت متسائلا ففلتت منه ضحكة صغيرة مخيفة هامسا...
(لقد تخشبت عضلاتي من هذه الجلسة... فقط اقوم بالإحماء فالساحة تنتظرني)
مرت من أمامه مع طاهر غافلة عن نظرته السوداء لها... تابعها بأعين مخيفة حتى ولجت الصيدلية فزادت نظرته سوادا كبيرا... الاثنتان معا... يا لها من متعة مضاعفة تروي ظمأ سنوات سجنه!!!...
رفعت غسق بصرها للوافدين لكنها زفرت بغضب و هي تراقب نفس الصغير مجددا... وقفت تتجه نحوهما و قد ظنت أن الفتاة ليست معه... ناظرتها ببسمة صغيرة قائلة...
(كيف اساعدكِ؟)
بادلتها هدير بسمتها و هي تتفحص ملامحها... رغم سنوات عيشها هنا لكن لا أحد تمكن من اختلاق حديث معها... تبدو جميلة جدا عن قرب... عينان سوداوان وجه أبيض نضر و بسمة تجعلها تسكن القلب... هل هذه التي ظنوا أنها تتعالى عليهم؟!... قطع تأملها صوت طاهر الساخر...
(ألا تريني أم انكِ تعانين من مشاكل في النظر!!)
احتقن وجه غسق و تقسم أنه لولا وجود هذه الفتاة لتناست مهنتها و قفزت عليه من خلف الطاولة الزجاجية و أشبعته ضربا و لكما حتى تدمي وجهه البغيض... انه ليس طفلا مطلقا...
(طاهر!!!... احترم نفسك و إلا شكوتك للحاج سليمان)
صوت هدير الموبخ و المهدد جعلها تتريث و تكبح رغبتها في قتله... نقلت عينيها المشتعلة منه الى هدير التي اردفت بحرج...
(لا تؤاخذيه يا دكتورة بالله عليكِ انه سليط اللسان...)
طحنت ضروسها بقوة لكنها غصبت بسمة باهتة لتهمس بفتور...
(لا بأس أنه مجرد طفل...)
ضغطت فوق حروف كلمتها الأخيرة و هي ترمقه بنظرات حادة... ضحكت هدير و هي تضغط على كتفه تلجمه من افتعال اي شيء خاطئ قائلة...
(كثر خيركِ... اذا سمحتي اصرفي له الدواء)
اومأت لها غسق ببسمة رقيقة... هذه الفتاة مختلفة عن هذا قذر اللسان... اسودت حدقتاها ليزيد لونهما قتامة حينما أمرته...
(هات الورقة التي في يدك...)
رفع كفه يضعها فوق الطاولة الزجاجية الفاصلة بينهما... امسكتها تفتحها لتتسعا عيناها بعدم تصديق... ليس لكون الورقة مقطوعة بعشوائية و كأنها آتية من القمامة لكن لما دوّن عليها... شهقت بذهول و هي تقرأ ما عليها بصوت عالٍ...
("... " دواء موسع للشعب المرجانية!!!!)
هز طاهر رأسه بفخر مؤكدا ما قرأته...
(نعم ألم تطلبي اسم الدواء... لقد وضعنا لكِ اسمه و فيما يستخدم)
اتسع فمها بصدمة لتتحرك تجاه الرف المتواجد عليه الدواء قائلة...
(ليتك اكتفيت بالاسم فقط...)
صرفت له دواءه بعد مشاحنة بصرية بينهما تأكدت من خلالها أن القادم لها في هذه الصيدلية ليس مبشرا بالخير... أخرجت هاتفها من جيب معطفها لتلتقط صورة لورقة هذا المتشرد و التي تركها و ترسلها لأريج و ديما... و قبل أن يصل الرد شعرت بوافد جديد يدخل فأسرعت تدخل هاتفها و تتجه نحوه لكنها تجمدت مكانها للحظات... انه ذاك الرجل من الأزقة الخلفية ذو الندبة المخيفة فوق خده الأيمن...
قبل دقائق...
بعدما دلفت ابنة عبد الصبور للصيدلية وقف ليتجه نحوها بخطوات مسرعة... انتظر حتى خرجت ليقف في طريقها قاصدا... و حينما رفعت وجهها في وجهه قرأ خوفها منه دون مجهود... فأرسل لها بسمة غير مريحة و تباعد ببطء عن طريقها حتى مرت ليهمس جوار أذنها بصوت تأهبت له كل حواسها...
(لا تخافي... لكِ مني الأمان يا عروس البحر...)
و بعدما شعر بها تهرول في خطواتها مبتعدة عنه التفت يراقب قدها بنظرات مخيفة... و بعدها عاد ببصره للصيدلية لتتسع بسمته و يزيد بداخله شعور التسلية... فليلاعبهم بهدوء و يحرق أعصابهم ببطء ثم يضرب ضربته القاضية... وقتها فقط سيجعلهم يدفعون ثمن سنوات عمره المنصرمة في السجن... و يحرق قلب سليمان على ابنائه كما احترق قلب والده على أخيه الكبير مظهر...
ولج ليجدها تبتسم لهاتفها فزادت نظرته سوادا... حتى لاحظته فراقب تشنج جسدها و كم اسعده شعورهما بالخوف منه... لكنها تغلبت عليه و دثرته بقماشة شفافة لا تنطلي على عينين ثاقبتين مثله هو... تقدمت لتقف أمامه و تسأله بصوت مهزوز رغم نظرتها الواثقة...
(كيف اساعدك؟)
ارتسمت بسمة جانبية على ثغره.. شعرتها مستخفة و مرعبة... ازدردت ريقها بصعوبة حينما مال بمرفقيه يستند على الطاولة الزجاجية دون أن تحيد نظراته عنها... ثوان مرت صعبة للغاية و هي تحت تأثير نظراته المخيفة لكنها تجلدت بالتحمل و رسمت القوة بإتقان على محياها... حتى نطق اخيرا بصوت ظاهره مخيف و باطنه مرعب...
(قيسِ لي الضغط...)
من المفترض أن تتجاذب معه بعض الأسئلة لتعرف عن تاريخه المرضي إذا وجد لكنها فرت من أمامه حرفيا لتجلب جهاز قياس الضغط دون حرف... حركتها الخرقاء زادته شعورا بالمتعة فعرائس ابن المراكبي هشة للغاية... من ظن كرم أنهما تحت جناحيه محميتان سيجرفهما طوفان داغر بسهولة... هدير و غسق انتظرا مني الأسوأ...
شمر عن ساعده بعدما جلبت الجهاز و اقتربت تلفه حول عضده... كانت منهمكة في قياس ضغطه... او ربما متهربة من سطوته... و كان هو منشغلا في مراقبة ملامحها بأعين ترعب... صوت احتكاك سلسالها على الطاولة جذب نظره لتسقط عينه عليه تتابعه... اغراه حركته فمد اصابعه بخفة يلتقطه و الغافلة لم تشعر بعد.... حركه في يده متلاعبا به حتى انزلت سماعتها الطبية و فكت الجهاز عن عضده... همست بحروف متلعثمة و هي تجمعه لتدخله في علبته...
(ضغطك طبيعي تماما...)
ابتعدت حاملة الجهاز للخلف لكنها توقفت بفعل جذبه لسلسالها... شهقت بفزع حينما سحبها منه بنظرة سوداء... اسرعت تضع يدها فوقه و تسحبه بأعين رغم فزعها مشتعلة... و رغم خوفها نافرة... و رغم ليلها متقدة... ليس بنجمات بل بشهب محترقة... شهب تلاعب لهيبها أمام عينيه فزاد من روحه انتشاءً... يبدو أن عرائس ابن المراكبي ليسا الاثنتين منهما هشتين... فهنا توجد واحدة ثائرة... تعجبه ثورتها!!
(اترك سلسالي و إلا...)
تشبثت اصابعه به أكثر ليهمس ببسمة استفزتها رغم رعبها منها...
(و إلا؟!!)
تركت الجهاز فوق طاولة العرض من يدها لتتمسك بكفيها الأثنين معا بسلسالها و تسحبه عنوة بقوة و أعين مهددة باشتعال... افلته بمزاجه لترتد هي للخلف قليلا و ترمقه بغضب... تمالكت نفسها لتسأله بصوت دفن كل الخوف تحت ثرى غضبه... و ترك العنان لجموح كبريائه و قوته
(ماذا تريد مني بالضبط؟!)
ابتعد عن الطاولة ينزل كم قميصه ببطء دون أن يحيد عن عينيها... باسما بتلك البسمة القميئة المخيفة... هامسا بأحرف تشع رعبا و وعيدا...
(ليس بعد... ما أريده منكِ لم يحن وقت معرفتكِ له بعد)
اتجه لباب الصيدلية مؤشرا بأصبعه تجاه رأسه كتحية سلام ثم اختفى بعدها للخارج...
تهاوت كل مقاومتها الواهية لتستند بضعف على الطاولة الزجاجية أمامها... رمشت لأكثر من مرة غير مصدقة ما مرت به قبل لحظات و في يومها الأول هنا... هذا الرجل مخيف لا تنكر لكن ماذا يريد منها؟!!!... هل هو سبب في مراقبة ابن المراكبي لها حقا أم يوجد سببا غيره؟!!!...
("ست" غسق!!)
صوت سوسكا القلق سحبها من دوامة تفكيرها فرفعت وجهها له... هاله شحوبها خاصة حينما وجد داغر يخرج من عندها للتو... تقدم بحمائية يسألها...
(هل فعل لكِ شيئا؟!!!)
نظرة القلق في عينيه جعلتها تهدأ و تستعيد ثباتها... زفرت بخفوت تهز رأسها نفيا و ترسم بسمة مهتزة فوق ثغرها... هذا الشاب بكل تأكيد مجرما و لن تسمح بأن يتأذى أحد أو أن يفتعل مع أحد مشاجرة بسببها... لهذا همست بصوت لا تعرف متى جف هكذا...
(لا تقلق... هل تريد شيئا يا سيد؟)
انفاسه اللاهثة كانت متأهبة لدك عنق داغر بكل عنف... فقط لو اخبرته بأنه ضايقها سترى كيف سيوقفه عند حده... عاد يسألها بإلحاح قلق
(حقا لم يفتعل شيئا؟!!!)
رفعت عينيها له تمنحه نظرة شاكرة و مطمئنة لتومئ بعدها بنعم... زفر هو بحدة ليتحكم في انفعاله و حينما عاودت سؤالها له من جديد أخرج من جيب بنطاله علبة دواء قائلا...
(أريد هذا الدواء... علبتين)
امسكت العلبة تنظر لها متسائلة...
(هل أنت مريض سُكري؟!)
هز رأسه نفيا و ارتسمت ملامح الهم عليه ليقول بخفوت منكسر...
(لست أنا بل أمي...)
اعتصر وجهه الحزين قلبها فأسرعت تقول بمواساة...
(لا تخف الأمر ليس صعبا اذا التزمت بالدواء و انتظمت على نظام غذائي صحيح يناسب حالتها...)
ابتسم بسمة شاحبة قائلا...
(أنها عنيدة لا تستمع لي... لولا أخي كرم لم لتكن تنتظم في تناول دوائها)
رغم الفضول الذي أكلها لتعرف المزيد لكنها تجاهلته لتتجه نحو الرف و تستخرج ما طلبه... ودعته ببسمة حانية حتى خرج لتسرع هي الى كرسيها خلف المكتب ترمي جسدها عليه... مواقف متتالية عجيبة من أول يوم... بل من أول ساعة لها هنا!!!
تحرك في الشارع عائدا لبيته لكنه أخرج هاتفه يتصل به... يعرف أنه في رحلته الآن لكن الأمر يخصها و عليه معرفته... صادف بأن هاتفه مشغولا فتعجل بالاتصال بأيوب... لحظات و وصله صوت أيوب ليحكي له كل ما رآه... صمت يستمع لأيوب بترقب...
(هل اشتكت منه يا سوسكا؟)
نفى هذا كما نفته هي فعاد صوت أيوب الهامس يصله...
(جيد... ضع عينك عليها حتى نعود و لا تتصل بكرم لتخبره عن داغر مطلقا... دعه منشغلا في أمر خطبة فاطمة القريبة و ابلغني أنا بالجديد عندك)
(كما تريد أخي أيوب... وفقكم الله في رحلتكم)
دس هاتفه في جيبه يرمق عزت صاحب داغر و الذي تعلقت عيناه على بيت العم عبد الصبور رحمه الله... لم يعطِ الأمر بالا فكل همه حاليا أن يحافظ على غسق حتى يعود كرم... زفر زفرة مختنقة هامسا
(كنا نعيش في راحة من دون ظهورك داغر... ترى الى أي مدى ستتغير ايامنا بسببك؟!!!)

...يتبع...








AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-07-20, 11:37 PM   #190

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السابع



(سأموت من فرط الضحك لا اتحمل و الله... منذ ارسلتها لي و أنا أضحك... موسع للشعب المرجانية!!!... هل المريض طحلب؟!!!!)
صوت ضحكتها الرنانة يعلو بصخب في أذن غسق و التي بادلتها الضحك... متناسية ما حدث لها بالصباح و متمنية بألا يتكرر مجددا... استلقت فوق سريرها تردف بضحك...
(و ماذا لو رأيتِ الولد يا ديما... انه كارثة بشرية بكل المقاييس... مصيبة من مصائب الزمن صدقيني)
وصلها صوت ديما المرح...
(كان يجب أن تلتقطِ له مقطع مصور للذكرى... و أنا التي ظننت أن ما يعاني منه اصدقائنا في الصيدليات مغالاة على الواقع!!)
زمت غسق شفتيها بضيق تقول بتأكيد...
(بل هو الواقع نفسه يا فتاة... المهنة صعبة خصيصا أنكِ تتعاملين مع الشعب مباشرةً... تعرفين يجب أن يضعوا تحت كل لافتة صيدلية انتبه هذه المهنة تسبب ارتفاع ضغط الدم فكن رحيما بمن بالداخل)
صاحت ديما بضحك متتالي...
(بطني تشنجت تماما من الضحك... كل هذا من يوم واحد!!)
ابتسمت غسق بشرود و غصبا خانها تفكيرها و عادت صورة هذا الشاب المخيف تقتحم عقلها... انقبض قلبها بخوف للحظات لكن صوت ديما الصاخب انقذها...
(على هذا المنوال فمشفى أبي أرحم لي بكثير...)
همهمت غسق بخفوت...
(نعم يا محظوظة... لديكِ مشفى خاص تعملين به و تتمنعين!!)
صوت ديما اتشح بالجدية فجأة حينما تذكرت شيئا هاما فقالت...
(صحيح كيف نسيت هذا الأمر... اسمعي غسق والدي اخبرني بحاجته لأطباء ماهرين للمشفى الجديد... فرشحت له أريج صديقتكِ و هو وافق و اخبرني بأن تقدم اوراقها لإدارة المشفى ليتم تعينها... هلا أخبرتها؟!)
اعتدلت غسق من نومتها تهتف بعدم تصديق...
(يا مجنونة لقد اقحمتِ الفتاة في شيء هام كهذا دون علمها!!)
وصلها صوت ديما المستنكر...
(هل افسدت الدنيا لهذه الدرجة؟!!... أنا فقط اعتقدت بأنها فرصة جيدة لها)
تنهدت غسق ببطء تقول بتريث...
(هي فرصة جيدة لا ننكر... لكن أريج بالفعل تعمل في مشفاها و لا أعتقد تريد تغيّره... على كل حال سأبلغها و نرى رد فعلها)
أسرعت ديما بقولها المتعجل...
(هلا هاتفتها الآن و اخبرتها؟)
ارتفع حاجب غسق بشك تسألها...
(و لمَ السرعة؟!!)
ابتلعت ريقها لتهمس بتلعثم مذنب...
(بكل صراحة لقد تم كتابة اسمها مع المتقدمين بتوصية من أبي و بقي فقط أوراقها لتتم المقابلة)
اغمضت غسق عينيها لتهتف بتأنيب..
(و ماذا سيكون الموقف لو رفضت؟!!)
اردفت ديما ببساطة...
(لا شيء سيتم استبعادها و توبيخي و ينتهي الأمر... لكن و الله هي فرصة جيدة جدا لأجلها)
وصلها صوت غسق المفكر تقول...
(حسنا سأخبرها لكن لن ألح عليها في شيء اتفقنا...)
(اتفقنا... ان شاء الله ستوافق و لن اتعرض للتوبيخ)
اغلقت ديما الهاتف لتزم شفتيها بتفكير قلق و تهمس بوجل...
(ماذا ستفعل المسكينة لو وافقت و عرفت عن هوية مدير المشفى؟!!!... كان الله في عونها)
على الجانب الآخر...
هاتفت غسق أريج تخبرها عن هذا العرض الذي رفضته أريج في بادئ الأمر... لكن غسق حاولت توضيح الصورة لها... كونها مشفى خاص يضم نخبة من الاطباء ستزيد حصيلة خبرتها و بالتأكيد لن تنسى العائد المادي و الذي سيختلف كثيرا عن المشفى الصغير الذي تعمل بها... و بعد انهاء المكاملة ظلت أريج تفكر جديا في عرض صديقة غسق... يبدو عرض مغري و من الممكن أن تُصالح به والدتها بعد فترة خصام منذ رفضت ذاك العريس... سحبت نفسا عميقا لتخرج بعده من غرفتها متجه للصالة و التي وجدت فيها والديها فتنحنحت قبل أن تجلس قبالتهما...رمقتها والدتها بطرف عينيها ثم اشاحت وجهها عنها بحزن... زفرت زفرة مختنقة حسمت أمرها بعدها فقالت بصوت مصبوغ بالحماس المزيف...
(لقد أتيحت لي فرصة العمل في مشفى خاص براتب كبير...)
حديثها استرعى انتباه والديها فشعرت برضا من كونها ستعيد المياه لمجاريها كما يُقال... فأردفت بنبرة مشتتة بقصد...
(لكنني حائرة هل أوافق و اترك المشفى الذي كبرت به.... أم أتخذ خطوة مجازفة و التحق بهذا المشفى الخاص؟!!)
راقبت تبادل النظرات بين والديها فأسرعت أمها تقول بلهفة...
(تقولين مشفى خاص كبير بالتأكيد العمل هناك سيضيف لخبرتكِ)
كم اسعدها عودة الحديث مع والدتها بعد طول غياب... مصائب قوم عند قوم فوائده... هي لا تريد ترك عملها بالمرة لكن لو العمل في مشفى والد صديقة غسق سيجلب الهدوء و الصفاء لحياتها لمَ لا؟!... انتبهت لصوت والدها الناصح...
(لا تتركي عملكِ في مشفاكِ الآن... اصبري حتى يتم قبولكِ في هذا المشفى الخاص و ترتاحين للعمل هناك)
اومأت له بتفكير لقد اتخذت خطوة سريعة دون تمهل فقط لتُنسي والدتها أمر الزواج... عكس طبيعتها المتريثة و المفكرة في الأمور قبل أن تخطو لها... لا بأس خطوة واحدة في حياتها دون تخطيط لن تضر... ستقدم اوراقها و تنتظر المقابلة لعل هناك تجد مكسبا حقيقيا!!....

...يتبع...


بقية الفصل على هذا الرابط

https://www.rewity.com/forum/t469585-20.html







التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 02-07-20 الساعة 12:05 AM
AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:15 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.