آخر 10 مشاركات
مشاعر على حد السيف (121) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : salmanlina - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          أرملة أخيه-قلوب زائرة(ج1 سلسلة حكايات سريه) للكاتبة : عبير محمد قائد*كاملة&الروابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          خادمة القصر (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          587 - امرأة تائهة - راشيل فورد - ق.ع.د.ن ... حصريااااااا (الكاتـب : dalia - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree859Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-10-20, 10:17 PM   #711

Mona eed

? العضوٌ??? » 386376
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 127
?  نُقآطِيْ » Mona eed is on a distinguished road
Arrow


منتظرين
💖💖💖💖💖💖💖💖


Mona eed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-20, 11:22 PM   #712

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الحادي و العشرون


الفصل الحادي و العشرون


واقفا ينتظر دوره في طابور الأطباء و الممرضين في كافتيريا المشفى ليحصل على وجبة الغداء...صف طويل للغاية سيدفعه لأن يجيب على هذا العدد المهول من الرسائل...أدخل كفه في جيب معطفه الطبي يلتقط هاتفه و يرفعه الى وجهه...اتسعت عيناه بصدمة زحزحت نظارته الطبية قليلا...مائة و أربعون رسالة جديدة في أقل من عشر دقائق...سحب بإصبعه شاشة الهاتف للأعلى ليدلف بقدمه الى اللا رجوع...دردشة جماعية سُميت "ذكرياتنا الحلوة" تضم عمالقة عائلته...منذ علّم والدته كيف تتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي و هي تبهره كل يوم او ربما كل ساعة...كهذه المجموعة التي جمعت بها افراد العائلة من كلا الطرفين...يسميه هو لقاء السحاب فخالاته و عماته لا يجتمعن سويا سوى و تحدث مصيبة فكيف لوالدته ان تضمهن كلهن في دردشة واحدة!!...عشرات الرسائل العجيبة تُرسل في لحظات معدودة تجعله يود لو يكسر هاتفه حقا...و ها هي العينة لقد أرسلت خالته صورة حصان بستة أرجل يتضح للأعمى أنها ليست صورة حقيقة لكن نسوة العائلة لا يفقهن هذا بل انهالت رسائلهن بالحوقلة و التسبيح و كأنها معجزة خارقة!!...برم شفتيه بضيق ليرسل رسالته السلسة..
«خالتي انها ليست حقيقية فلا تتأثرن بمثل هذه الصور»
فور ارساله لرسالته وصلت رسالة خالته و التي حقا لا يعرف كيف تمكنت من خرق قوانين الفيزياء و تخطي الوقت لترسلها...و كأنها فطنت ما سيرسله فجهزت ردها و الذي تمثل في...
«لا إله إلا الله لا يُعجِز الله شيء...أنتم هكذا يا شباب هذه الأيام لا تتأثرون قلوبكم قاسية و قد الهتها الدنيا و سلب عقولكم الانترنت»
رفع رأسه عن الهاتف ينظر أمامه فيجد ان الصف لا يزال طويلا...قضم شفته السفلى بضيق ليعود الى محادثة خالته متمسكا بالعقل...
«خالتي أنتِ تستخدمين الانترنت ليل نهار!!»
وصلته رسالة من عمته تنص على عدة صور من الورود الحمراء اللامعة المكتوب عليها بزخرفة تسبب حول للعين "صباح جميل يحمل معه كل خير"...رد ببلادة اصيب بها من نوعية رسائلهن على هذه الرسالة...
«نحن في منتصف اليوم عمتي...لقد أذن العصر قبل نصف ساعة!»
وصلته رسالة عمته السريعة....
«"زوما" حبيبي كيف حالك يا دكتور؟!...اشتقنا لك ألن تأتي لتزور عمتك قريبا»
تنهد بصوت مكتوم متيقنا بأنه لن يخرج من هذه الدردشة قبل ثلاث ساعات فلن تتركنه قريباته في حاله...مر بعض الوقت و قد انغمس في محادثتهن مجبرا حتى شعر بمن يربت على كتفه من الخلف و صوت يقول...
(الصف يتحرك فتقدم من فضلك و دعنا ننهي هذه الوقفة المتعبة)
اومأ موافقا دون ان يلتفت لصاحبة الصوت و قد ترك رسالة سريعة لهن بأنه عائد للعمل ثم قام بقفل اشعارات مجموعة الدردشة حتى يلتقط انفاسه منتظرا دوره ليتناول طعامه...
بالخلف...
بعدما نبهت ديما من يقف أمامها عل هذا الملل ينتهي لتحصل على طعامها و تعود الى عملها تنهي كومة التقارير التي بلاها بها مؤيد...رن هاتفها برقم خطيبة أخيها فتبسمت حامدة الله انها ستلتهي قليلا حتى يحين دورها في الصف...فتحته ببسمة عريضة ترحب بها قائلة...
(سلمى اشتقت اليك حبيبتي)
وصلتها التحية من الطرف الآخر و بعدها ارفقتها خطيبة اخيها بجمل الاتهام و ان ديما تتهرب كلما سنحت فرصة اللقاء...احتلها البؤس ملامح ديما تقول بحزن...
(و الله يا سلمى لو تعرفين كيف يعاملني المدير هنا لبكيتِ على حالي)
تنهدت بتعب فحقا مؤيد يستعبدها لكن ما يصبرها هو كون الجميع هنا تحت حصاره و ليس هي فقط...استمعت لخطيبة اخيها مجددا فضحكت بمرح تبدل معه كل البؤس لتقول...
(بأحسن حال و مزاولة المهنة لطيفة نوعا ما فأوقات تصادفني اشياء تغير مزاجي و تنسيني التعب...)
علت ضحكتها بعض الشيء فقالت...
(مثلا يوم أمس وصلني مريض يريد صرف الدواء الموصوف له من طبيب الاسنان حينما حطت عيناي على اسم الطبيب انفجرت من الضحك حتى ظن المريض انني معتوهة)
تكتم ضحكاتها و الموقف يُعاد في مخيلتها متزامنا مع تساؤل خطيبة اخيها ففسرت لها بصوت متهدج من الضحك...
(اسمه كان كاظم الساهر لم اتحمل تمالك نفسي و انا اتخيل ان يكون الدواء الموصوف عبارة عن "قولي احبك" ثلاث مرات بعد الأكل...و الادهى مخيلتي التي ربطت هيئته بهيئة محمد هنيدي في الفيلم و هو واقفا على خشبة المسرح يحرك ذراعه عاليا في كلا الجانبين مجلجلا "لا لا لا لاااا")
انحصرت انفاسه في صدره و وجهه يكاد ينفجر من الحرج...اسمه مشكلته الأزلية منذ وعى على الدنيا...والده كان من عشاق كاظم الساهر و كم كان سعيدا لأنه يحمل جزءا من اسمه...و حينما تزوج و رُزق بولد اطلق عليه كاظم ليصبح مزحة كل من ليس له مزحة...دفع نظارته بأصابعه للخلف يتنحنح بصوت متحشرج مستمع لصوت هذه الواقعة في الضحك خلفه...تقبضت كفاه يتحكم في نفسه و يخبرها بأنه مر عليه الكثير بسبب اسمه...سنوات يعاني في الدراسة و العمل لا بأس سيأخذها بسلاسة و ينتهي الأمر...
التفت للخلف ليرى ملامح هذه الصيدلانية التي قامت بالتهكم على اسمه للتو...ضيق عينيه خلف نظارته حينما وجد رجلا خلفه...تنحنح متسائلا
(أين ذهبت من كانت هنا؟!)
أشار له الطبيب الى ماكينة القهوة قائلا...
(اعتقد شعرت بالملل من الانتظار ففضلت شرب القهوة عن تناول الطعام...يبدو يجب علينا ان نفعل مثلها بدلا من هذا التعب)
تتبع اشارة الرجل حتى حطت عيناه على فتاة متوسطة الطول بشعر يميل للبني الفاتح ترتدي معطفها الابيض و تتحرك بسرعة لتحجز دورها عند ماكينة القهوة...لمح جانب وجهها و بسمتها المتروكة فوق شفتيها ليعود ببصره للطابور و قد بدا غير مهتما به ...خرج من الصف متوجها نحوها حتى وقف خلفها يحجز دوره في طابور القهوة التي لا يحبها البته... هزت رأسها يمينا و يسارا ثم رفعت يديها تجمع شعرها في كعكة عشوائية بسبب حرارة الجو... شرد قليلا في هذه الخصلات المتمردة حول عنقها و دون وعي ابتسم بسمة صغيرة... راقبها بعدما حملت كوب قهوتها و تحركت الى خارج الكافيتريا...اعتذر من المصطفين خلفه ليخرج خلفها و يتتبع مشيتها السريعة...توقفت قرب باب المصعد يراقب حركة يدها التي ترتفع الى فمها و ترتشف من قهوتها...اسرع الخطى نحوها حتى توقف جوارها قائلا...
(ساهر)
التفتت له بأعين متسائلة تهمهم بتعجب...
(عفوا؟!)
فكان رد فعله الوحيد هو جملة نطقها بينما يؤشر على جيب معطفه العلوي حيث اسمه...
(كاظم ساهر و ليس الساهر)
تضرجت وجنتاها أمامه في ثوان يراقب نظراتها المحرجة المتهربة منه...اصابعها تتقبض فوق كوب القهوة الورقي و شفتاها تهتزان في محاولة لإيجاد كلمات تعبر بها...ابتسم على هيئتها امامه فقرر ان يزيدها معها فهي أول متهكمة متلعثمة و محرجة تقابله في حياته...مال قليلا اليها يقول بصوت مشاغب...
(و لست شبه محمد هنيدي و لا اقول "لا لا لا لاااا")
سعلت ديما بحرج شديد و لا تعرف بماذا ترد عليه...كانت متهورة و سخرت من اسمه لكنها لم تكن تعرف بأن الحظ ليس جيدا معها و انه يقف يستمع...انها لعنة مؤيد بالتأكيد...اهتزت يدها بفعل سعالها فانفلت منها كوب القهوة دون قصد ليرتطم بالأرضية و يتطاير ما به ليلطخ معطف كاظم!!...
الزمها الموقف الصمت و تابعت انحناء رأسه يراقب ما خلفته من كارثة...ودت لو تهرب من أمامه متحاشية هذا الموقف المحرج...رفع لها عينين متسعتين بذهول من خلف نظارته...بحلقت عيناها خلفه مباشرة تقول بصوت مهزوز...
(د...دكتور مؤيد!)
الاسم وحده كفيل بان ينتصب اكبر الاطباء هنا...تلاشت صدمته ليلتفت بقلق للخلف حيث المدير صعب المراس...عيناه تعلقت للحظات بال...فراغ خلفه!!!
استوعب ما فعلته به فالتفت بحدة ليجد ان ما تبقى منها كان سرابا...لقد خدعته لتهرب بعد ما فعلته بمعطفه...ناظر معطفه بقلة حيلة و لا يعرف كيف له أن يكمل يومه هكذا في العمل لو رآه مؤيد حقا ستكون كارثة...زفر بحدة موبخ نفسه قبل أي شيء لإتباعه لها فالجميع يسخر من اسمه هل جاءت عليها هي و التهبت كرامته!!...تذكر نظراتها المحرجة أمامه فابتسم ببلاهة مرددا...
(أين تهربين فنحن في نفس المشفى يا غبية!)


**************
تمشي مشية مهرولة و تنظر خلفها خوفا من ان يمسك بها...لقد هدمت الدنيا تهكمت عليه ثم لطخت معطفه و ختمتها بهروب طفولي شنيع...مخطئة و تعترف لكن ماذا تفعل و اسمه مادة خام للتهكم... اصطدمت بشخص ما اثناء مشيتها المهرولة لتلتفت معتذرة بصدر يلهث...
(آسفة لم ألحظك )
وصلها صوت أريج المتعجب...
(ديما ما بك؟!)
اتسعت عيناها بغير تصديق و يبدو هذه الحركة ستلازمها طوال اليوم...تقدمت من أريج تلامس ذراعيها بفرحة قائلة..
(أريج حمدا لله على سلامتك...متى عدتي للمشفى و كيف اصبحت؟)
ابتسمت أريج تقول بشكر...
(الحمد لله بخير ديما...لقد عدت للتو لأنهي اجازتي المرضية و اواصل العمل من الغد ان شاء الله)
هزت ديما رأسها بتفهم تقول...
(هذا خبر جيد جدا حبيبتي ستسعد غسق بالتأكيد لمعرفته)
اتسعت بسمة أريج متسائلة...
(هل وبختك حينما عرفت بشأن حادثتي؟!)
ضحكت ديما بخفوت تقول...
(حبيبة قلبي غسق دوما توبخني الحمد لله...لكنها كانت مرتعدة عليك حقا)
اتشحت عينا أريج بالحنان تهمس...
(أعرف...غسق تجيد العطاء بسخاء لمن تحبه)
فلتت ضحكة شقية من ديما تقول...
( إذًا يا لحظه كرم!)
غامت عينا أريج بتفكير في علاقة كرم و غسق فكل ما يصدر منه تجاه صديقتها لا يحمل سوى معنى واحد...لكنه يجيد اخفاء هذا المعنى خلف شعورين رد الجميل أو العشق!!...همهمت بصدق مبتسم
(كلاهما محظوظان ببعضيهما)
ودعتها ديما بعدما شعرت بحركة قادمة و قد خافت بأن يكون قد وصل لها هذا الطبيب فهربت حرفيا من أمام أريج...بينما الأخيرة توجهت حيث مقصدها لتنهي مدة اجازتها...و بعد فترة وجيزة انهت بها ما تريد اجتمعن حولها زميلاتها ليطمئنن عليها و على حالتها...فتناست الوقت معهن تجيب على تساؤلاتهن الغير منتهية...
دقائق مضت بينهن حتى اصطفن جميعا بتأهب حينما وصلهن صوته المهيب بنبرة جامدة أكثر من ذي قبل...
(دكتورة أريج احتاجك)
و دون اضافة المزيد تقدم يخترق حلقتهن الدائرية حولها ليتمسك بيدها عنوة و يسحبها خلفه بشيء من الخشونة...همهمات الطبيبات وصلتها كاملة و حتى ان لم تصل فما يفعله معها ليس الا جنونا...حاولت التملص من يده و عرقلت حركتهما لكنه كان مستميتا بتمسكها و يتحرك بلا توقف حيث المصعد!!
(دكتور مؤيد ماذا تفعل بالضبط؟!...كيف تجرؤ على سحبي من بينهن هكذا؟!...ماذا سيقلن عني و بأي حق تفعلها أنت و تتمسك بيدي!!!)
تساؤلاتها العديدة المتلاحقة و الغاضبة لم تؤثر به ابدا...بل يزيد من سرعة مشيه و سحبها خلفه بوجه جامد الملامح...مسكته اوجعتها و لا تفهم حقا ما به و ما دفعه لهذا الجنون...توقف بها عند باب المصعد يضغط على زره منتظرا بينما هي تحرك يدها يمينا و يسارا حتى دفعها غضبها لضربه بقوة فوق ذراعه الممسك بها هاتفة بحدة آمرة...
(افلتني أنا لست عبدة عندك...ما هذا الجنون!!!)
التفت ينظر لها بجمود جعلها تتوقف عما تفعله...هل ما تلمحه في عينيه هو...خوف!!!
لولا قربهما هذا ما اعتقدت ابدا انه يخاف و من اي شيء يخاف هذا البارد كليا...ابتلعت ريقها و قد تعلقت عيناها بشفتيه اللتين انفرجتا لينطق بشيء ما لولا ظهور ديما المتوتر و التي وقفت بجسدها امامه تحول بينه و بين أريج تتساءل بجزع...
(ماذا هناك مؤيد؟!)
رمقها بقسوة جعلتها تشيح بنظرها عنه تعيد سؤالها بتصحيح...
(اقصد دكتور مؤيد...أنا سبب تواجد أريج هنا غصبا عنها و لن اسمح بأن تعاملها معاملة سيئة و إلا شكوتك لأبي)
راقبت أريج عينيه المختلط بهما اكثر من شعور جعلها تتيقن بان هناك مصاب عظيم اصابه...هل يتأثر الثلجي بشيء؟!...تكلم بنبرة عجرفة تنافي نظرته
(ابتعدي عن طريقي ديما)
وصل المصعد فشدد من تمسكه بأريج ليدلفا فيه...لكن ديما اسرعت تقف امام بابه قائلة بعناد تراه أريج بها لأول مرة...
(لن تخرج بها من هنا دون ان نفهم ماذا تريد منها...لقد كانت في اجازة يعني انها لم تخطيء في شيء ماذا...)
قطع صوتها المتوتر في مجابهته صوته القاطع بنبرة خفتت عجرفتها ليحتلها رنين خوف شابه نظرة عينه...
(يائيل مريض احتاجها معي...فقط ابتعدي)
يائيل خط مؤيد الأحمر دائما و ابدا و من يعبره يهلك لا محال...تهدلت اكتاف ديما لتتراخى و تبتعد عن باب المصعد...تناظر ابن عمها بقلق حقيقي على هذا الصغير البائس متسائلة بخوف...
(ما به؟!)
لم يجبها على سؤالها و انما دخل المصعد مع أريج التي صمتت تماما ترزح تحت شعور الخوف على هذا الصغير...شعرت بكفه الممسك بها يرتجف لوهلة ثم يعود للثبات ثانيةً...ضغط على زر المصعد لينغلق الباب تدريجيا في وجه ديما المتوترة بصدق على الصغير...
لحظات و وصل المصعد للطابق الأرضي حيث مرآب السيارات...الصمت كان ثالثهما فلا هو يفسر و لا هي تسأل فقط مكتفيان بما يراه كل منهما في عين الآخر...فمنذ هاتفته المربية قبل قليل تخبره عن حالة ابنه التي وجدته عليها صباحا بعدما ذهب هو للمشفى تسوء لا تتحسن و هو هكذا يتماسك بصلابة تطحنه من الداخل... وصل الى سيارته يفتح بابها قائلا بأمر...
(اصعدي)
توقفت للحظات أمام باب السيارة تنظر لها بصمت...لا تستطيع الركوب معه فهو غريب بعد كل شيء...كما انها لولا مراعاتها لما تراه من خوفه على ابنه لم تكن لتقف هكذا دون ان تفهم ما يريده منها...شعرت به يقترب منها فأسرعت تقول بهدوء دون ان تنظر اليه...
(ما به ابنك؟)
لم يصلها سوى انفاسا سريعة فرفعت عينيها اليه لتجده يناظر ساعته بقلق حقيقي...تداركت الموقف و عقلها يخبرها بأن الأمر جدي و الصغير كما عرفها من قبل تعلق بها هي ربما وجودها حوله الآن لصالحه...تحركت يدها لتغلف باب السيارة مجددا تقول...
(اعطني العنوان سآخذ سيارة أجرة و آتي اليه)
راقبت فكه الذي طحنه بصمت و يده التي عادت تفتح باب السيارة بحدة متوترة يقول بنبرة فضحت خوفه رغم الاهانة الواضحة بها...
(هذا ليس وقت المثاليات نعرف أنك فتاة محافظة لا داعي لنرى بأعيننا)
نظرت له بغضب و قد استندت بيدها فوق باب السيارة تقول بجدية تامة...
(هذه اول مرة سأتعدى حدودي مع شخص ما لكنك حقا رجل وقح)
هذا البرود المخيف في عينيه لم يثنيها عما تقول و قد وصل غضبها للذروة...
(لولا تعاطفي مع حالة ابنك صدقني لكان لي تصرف آخر لن يعجبك بالمرة)
دلفت السيارة بعدما افرغت غضبها كله عليه...من هو ليعاملها هكذا!!!...مال نحوها فجأة يتمسك بباب السيارة قائلا بنظرة عين باردة مهددة..
(و لولا ابني ايضا لم أكن لأمرر ما تفوهتِ به الآن)
صفق الباب في وجهها بقوة جعلتها ترمش مجفلة من رد فعله المخيف...تشابكت اصابعها معا بخوف ودت لو تهرب بسببه قبل أن يجلس فوق مقعده لكنه في لمح البصر جلس و شغل المحرك...
سرعته كانت جنونية ارعبتها و زادت يقينها ان حالة ابنه خطيرة...قلبها يؤلمها لأجل الصغير و تريد حقا ان تساعده لكن طريق مساعدته المفروض عليها صعب ان تتقبله...نظرت بطرف عينيها اليه يعتصر عجلة القيادة بوجه متغضن الملامح و عيناه تتفحصان الطريق بقلق كبير...ابعدت عينيها عنه تفكر جديا انه مستحيل ان تربط حياتها به مستحيل هذا رجل لا حياة معه حتى و ان كانت بدافع الانسانية و مساعدة ابنه...
بينما هو كان بعيدا كليا عنها يتردد صوت صارم بقسوة في ذاكرته يوجعه...
(اتركه مؤيد...تخلى عنه و كأنك لم تعرف بشأنه)
ضرب عجلة القيادة بحدة حينما استعاد عقله طلبات والده قبل ثلاث سنوات...لم يهتم بشهقة أريج الخائفة من مباغتتها بهذه الحركة...هو حقا الآن يستعيد ابشع الذكريات على الاطلاق...
(إنه ابني يا أبي...ابني)
و كأن هذه الجملة خرجت من قفص الذكرى لتحتل لسانه فرددها بصوت عالٍ بينما يضرب عجلة القيادة بحدة...
(إنه ابني... ابني)
توجست أريج مما تراه أمامها...تنفست بصورة سريعة بسبب خوفها من حالته و سرعته في القيادة...التفتت له بجانب وجهها تهمس بتضامن...
(سيكون بخير...)
زادت وتيرة انفاسه بصورة ملحوظة ليهز رأسه بحدة بعدها قائلا بيقين لا يقبل الشك...
(لن أسمح بغير هذا)
اومأت له بصمت الزمها إياه هذا الموقف الغريب الذي تعيشه مع مؤيد...زفرت نفسها ببطء تنظر امامها بتفكير يتطلب الاجابة دون مماطلة ما الذي عاشه هذا الرجل و ابنه كي يصبحا ما هما عليه و بالأخص هذا الصغير المسكين...
بعد وقت قليل...
أوقف السيارة أمام بيت كبير في حي راقي...نزع حزام الامان بسرعة ليخرج بعدها من السيارة...راقبته بأعين جاهلة لكنها نزعت حزامها لتهم بالخروج...توقف كف يدها عند عتلة الباب بعدما فتحه مؤيد يقول آمرا...
(اخرجي وصلنا)
امتصت اوامره الغير مقبولة بإسفنجة التفهم لما يمر به من قلق...خرجت من السيارة تراقب هذا المكان الذي لم تكن ترى مثله سوى في التلفاز...تحرك امامها يعبر بوابة البيت بعدما فتحها الحارس ليلتفت لها مؤشرا برأسه كي تتبعه...اتخذت خطواتها خلفه و عيناها تجولان على كل شيء حولها بترقب...وصلا للداخل دون حرف ثم صعد مؤيد الدرج بخطوات متلهفة فتتبعته بنفس الصمت المترقب...و حينما وصلت للأعلى لم تجده و كأنه تبخر جالت بعينيها في ممر غرف النوم حتى وصلها صوته المتسائل من غرفة قريبة...توجهت نحوها بخطى مترددة فهي لا تعرف من ستقابل بالداخل...لولا ابنه ما كانت خطت هنا ابدا في بيت رجل لا تعرفه حتى و ان كان طلبها للزواج...توقفت عند عتبة الغرفة تهمس بمواساة لنفسها...
(حسنا أريج انت هنا بصفة طبيبة تساعد حالة تحتاجها...لن نأخذ تواجدك هنا على محمل القيم و المبادئ أنت هنا فقط كطبيبة...)
قطعت همسها حينما خرج مؤيد فجأة يتسمك بكفها و يسحبها حرفيا للداخل...فبعد رؤية حالة ابنه قبل لحظات لا يشعر سوى انها سبب كل هذا... لو وافقت على طلب الزواج لمنحت هذا الصغير حياة سليمة... لم يجد من الصبر ما يسعفه هنا فخرج حاملا في عينيه قسوة و رعبا ليسحبها عنوة لترى فعلتها بنفسها....و ان كانت لم تفعل شيء!!!... انساقت خلفه بنظرة عين رافضة هذه الطريقة المهينة في التعامل فتحت فمها تنوي تقريعه لكنها تسمرت حينما لمحت جسد الصغير في سريره...
نائما بوجه ذابل و شفاه جافة موضوع فوق جبهته الصغيرة كمادة لاصقة...انفاسه تخرج من صدره الصغير بصعوبة واضحة...تطلعت الى هذه المرأة الواقفة جوار السرير و من تساؤلات مؤيد لها فهمت انها المربية...اطلق مؤيد سراح كفها لتتجه فورا الى السرير بعقل طبيبة تود اسعاف مريض امامها و قلب أم ولدت به... و كم وخزها قلبها و نضحت امومتها على حال يائيل...جلست قرب جسده الصغير تمد يدها و تلمس كفه لتشهق بفزع و تلتفت برأسها لمؤيد تقول بجدية مصعوقة...
(حرارته عالية جدا!!)
نظرت للمربية تسألها...
(متى قستها له؟!)
قضمت المربية شفتيها بوجل من مؤيد و تصرفاته الحادة خصوصا كل ما يخص ابنه لتهمس بتلعثم...
(قبل ربع ساعة كانت 39 و بعدها اخذ خافض للحرارة)
تجسست أريج عنق الصغير بكفها فهالها ما تشعره من حمى...اسرعت تطلب من المربية بلهفة خائفة...
(سأصف لك حقنة خافضة للحرارة هاتها في الحال)
اومأت المربية بسرعة تنظر بطرف عينيها لمؤيد الصامت تماما يتابع جسد ابنه الغافي...لم يكن حاله يثير عجب المربية فقط بل اثار كل جوارح أريج...كطبيبة تعرف جيدا معنى هذه النظرات في عينيه...هذه نظرات أب يموت رعبا على طفله لكنه يتجلد لأجل صغيره...صمته بالنسبة لها كان مسموعا و عيناه تنادي ابنه كي يفيق...لم ترَ فيه الجراح العظيم الذي يخوض اشرس العمليات و ينجح بها بمهارة... بل رأت رجل بسيط فقد كل مميزاته و خبرته و بقي له خوف الأب فقررت أن تتولى القيادة عنه في اسعاف الصغير... بعدما كتبت الدواء للمربية و خرجت الأخيرة تقدمت منه تهمس بصوت متأثر و كأنها تهادن خوفه رغم يقينها بأنه أمهر منها بمراحل و اذكى منها بكثير...
(انها حمى شديدة قليلا لكنها ستمضي ان شاء الله...لا تقلق)
ابتلع ريقه ببطء ثم نظر اليها ببقايا برود يتزعزع قسرا ليسيطر الخوف على عينيه...همس بصوت خافت بعض الشيء رغم جمود نبرته...
(هذه الحمى لا شيء بالنسبة له لقد مر ابني بالكثير)
يؤلمها قلبها بقوة هذه النبرة المتأرجحة بين الخوف و الغرور...هذه النظرة الذبيحة المناجية بألا يخسره...و هذا الجسد الصغير خلفهما يعاني في سكون كل شيء دفعها لأن تتأثر لأجلهما...غامت عيناها بدموع كثيفة لتهمس بصوت مختنق...
(لن أدعه يمر بالمزيد بعد)
جملتها كانت عفوية قصدت بها هذا الموقف الحالي...لكن أب كمؤيد مر مع صغيره بكثير من المواقف كان فيها ابنه محط تحقير و نبذ لم يتلاقها كجملة عابرة...بل كانت وعدا بأن تتيح لابنه حياة طبيعية لا معاناة بها...طالت نظرته لها يتابع دموعها الصامتة المتأثرة بحالة ابنه...عيناها هاتان الواحتان هل سيكون ليائيل مرتع فيهما...هل ستضمانه كأي أم تضم صغيرها...همس بصوت مبحوح غصبا يلزمها العهد
(سأذكرك بهذا الوعد مرارا)
توترت نظرتها له فابتعدت عنه تهمهم بكلمات غير مرتبة تعبر فيها عن حالة ابنه...بينما يزداد يقينه بأنها هي فقط من ستمنح صغيره الأمان...
بعد نصف ساعة....
تتمسك بكف يائيل بينما تجلس جواره على طرف سريره...حرارته انخفضت بعدما حقنته بالدواء و هذا اراح قلبها جدا...لحظات و شعرت بحركة رأسه فتقدمت بجسدها منه تراقبه بتفحص...فتح عينيه تدريجيا ليطل عليها وهج الأزرق اللامع المحاط بنظرة عدم التصديق...هل كان ينتظرها حقا؟!...لم تشعر بشيء سوى بجسده الصغير الدافئ يتعلق بعنقها بكل قوته يدفن وجهه في حجابها...اتسعت عيناها بذهول و عقلها يجيب على سؤالها...نعم يبدو كان ينتظر منذ مدة طويلة...تخللت دموعه الساخنة طيات حجابها تبلله فلم تقوَ سوى على رفع ذراعيها تضمه بكل ما اتت من قوة...شدد يائيل من تمسكه بها و رغم صمته التام لكن دموعه تحكي لأريج عن احتياجه...اغرورقت عيناها بتأثر لتهمس في اذنه بحنان جارف...
(اشتقت اليك حبيبي آسفة لأنني تأخرت كل هذا الوقت)
تراخت يداه من فوق عنقها ليبتعد عنها يناظر وجهها بوجه ملطخ بدموعه و اعين حمراء...يراقب كل شبر في ملامحها ثم تترحل عيناه الى ذراعها...امتدت كفه الصغيرة من رأسها فأسرعت هي بالاقتراب منه لتتجمد خلاياها حينما حطت يده خلف رأسها و كأنه يسألها عن جرحها...نظرت له بفيض من شفقة تود لو تعيده الى حضنها و لا تخرجه منه ابدا...التقطت كفه تلامسه بحنو و تبتسم قائلة...
(الجرح بخير لا تقلق..)
سالت دموعه مجددا و عيناه تصرخان بوجع يفتتها...ما به ما الذي رآه في حياته الصغيرة كي يتألم هكذا...حاوطت وجهه بكفيها تقول بتأكيد...
(أنا بخير فلا أريد أن أرى هذه الدموع مجددا...)
حملته بين ذراعيها لتقف و تنظر للمربية التي ترى ما تراه من تفاعل يائيل لأول مرة تقول...
(من فضلك حضري له حساء خضروات فعليه أن يأكل جيدا كي تنتهي الحمى)
همهمت المربية بقلة حيلة...
(لقد ارهقني برفضه للطعام)
نظرت له أريج ببسمة صغيرة تهمس...
(يائيل ولد جيد سيأكل من يدي أليس كذلك؟)
استكان الصغير في حضنها بصمت دفع المربية للإسراع حيث تحضير الحساء له...
أما هو فيقف صامتا عند باب الغرفة...ابنه يحتاج هذا الحنان و الاهتمام...يكفي حقا الى هنا ما مرا به معا...أريج هي طوق نجاته هي التي ستصلح كل ما فسد و لن يضيع فرصة كهذه لأجل ابنه...
بعدما اطعمته و غفى دثرته بمفرش السرير جيدا ثم مالت تقبل اعلى رأسه و التي انخفضت حرارتها كثيرا...ابتسمت بحنان متيقنة بأن هذا الصغير امتلك جزءا كبيرا منها...اتجهت الى باب الغرفة تغلقه خلفها بعدما تركها مؤيد و المربية بمفردها مع ابنه...خرجت تقطع الرواق و تنزل درجات السلم ناوية الرحيل...لقد هاتفت والدتها تخبرها بما حدث و ان الصغير يحتاجها و للعجب وافقت امها دون حرف واحد توبيخ كما ظنت...فلتت منها ضحكة ساخرة خافتة تخبر نفسها بأن والدتها اتخذت مؤيد خطيبا بالفعل و تتساهل فيما يحدث آملة أن يلين عقل ابنتها و توافق على الزواج...صوته اخترق تفكيرها حينما وصلت للأسفل متسائلا بترقب...
(هل نام؟!)
لملمت بقايا بسمتها الصغيرة تومئ له بهمس...
(نعم و قد انخفضت حرارته كثيرا و...)
(هل رأيتِ بعينيك كم تؤثرين به؟!!)
سؤاله المفاجئ قطع حديثها لتتنهد بتثاقل هامسة...
(يائيل يحتاج ان يهتم بأمره شخص يحبه و ليس أنا تحديدا)
احتدت نظرة عينه ليقول...
(ابني كان صنما اخرسا على مدار ثلاث سنوات...لا صوت لا شعور فقد كل يملكه بشر)
ابتلع ريقه فاكمل بصوت مبحوح...
(كان يجرح نفسه اثناء اللعب دون ان يبكي حتى...ابني سُلبت منه الحياة)
احتدت نظرته ثانيةً يقول بجدية...
(لكن أنتِ وحدك من أثر به لقد بكى لأجلك كسر قالب الصنم الذي كان به لأجلك هو لا يحتاج أي شخص آخر...ابني فقط يحتاجك أنتِ)
اسبلت اهدابها للأسفل بحزن دفين...ما الذي يجب عليها ان تفعله الآن؟!...الأمر جدي كليا انه زواج رفضته طويلا خوفا من مسؤولية جديدة تقع على عاتقها...انه رجل لا تعرفه يريد منها ربط حياتها به لتكون اما لأبنه...و هنا هو ليس اي رجل بل هو مديرها المتعجرف المغرور و الذي وصفته قبل ساعة بالوقح... كيف تتزوج به كيف؟!... الامر ليس لعبة بالمرة او مساعدة عليها ايجاد حل تبقى به جوار الصغير كي يتعافى دون ان تتزوج والده...رفعت عينيها اليه ليلمح تشتت افكارها و الذي تأكد منه بعدما قالت...
(صدقني اريد مساعدة ابنك و لكن ليس بزواجنا...يمكنني ان ازوره كل يوم و ابقى معه اطول فترة ممكنة او اصطحبه لبيتي يقضي معي اليوم كله...لا اعرف لكن هناك اكثر من طريقة غير الزواج)
سحب نفسا كبيرا ليدخل كفيه في جيب بنطال حلته الرسمية يقول...
(و هل سيكون الأمر عاديا لك و لأهلك أن تأتي كل يوم لبيت رجل غريب كي ترعي ابنه؟!!...هل ترينها سهلة بأن تبقي حوله طوال الوقت ماذا عن حياتك الخاصة و ماذا عن عملك في المشفى؟!!)
احتلت نظرة العجرفة عينيه ليكمل بجمود..
(صدقيني انا اكثر منك رفضا للزواج لكنها العلاقة الوحيدة التي سيتقبلها المجتمع لتساعديه)
احتقنت عيناها بشعور من الاهانة لتقول بصوت غاضب...
(ما دام نحن الاثنان نرفض هذا الزواج لماذا...)
قاطعها بنفس نبرة العجرفة...
(من دون لماذا...لقد اوضحت لك الصورة كاملة و اخبرتك ان هذا الزواج لمصلحة ابني)
تغيرت نظرة عينه لتلمح فيها شيئا من...الرجاء!!!...لولا نبرة العجرفة التي لم تتغير لظنت بأن هذا ليس مؤيد...
(لا تحرمينه من شعور الحنان الأمومي الذي حاوطته به)
ازدردت ريقها بتأثر لحالة الصغير فتساءلت بفضول من حقها...فلو وافقت مطلبه الغريب في الزواج فعليها ان تعرف ما تريد عن حياتهما السابقة...
(أين والدته؟!)
رد فعله كان مخيفا لدرجة كبيرة و قد أخرج كفيه من جيبي بنطاله بحدة...اتشحت عيناه بالغضب الشديد ليقول بنبرة تهديد صريحة و محذرة...
(لا شأن لك بها مطلقا...ستتزوجين بي أنا لذا ما يهمك هو أنا فقط)
اهتزت حدقتاها بتعجب لرد فعله و عجرفته تصفعها مجددا فقالت بتأكيد مهين...
(لكنك لا تهمني بالمرة دكتور مؤيد...كما فرضت علي خطبتنا المزعومة ألا يفترض بي معرفة اين زوجتك السابقة و ما سبب انفصالكما و تركها لابنها رغم حالته النفسية الصعبة!)
لا تعرف هل ما رأته حقيقيا فعلا و أن عيناه اكتسحهما الألم الشديد الذي تبدل في لحظة لنظرة حادة زامنت صوته الآمر...
(لا اسمح لك بالتمادي أكثر كما انني لا اسمح بعرض حياتي السابقة كمقتطفات تروي فضولك...اسمعي لقد اخترت اقصر الطرق بيننا و هو الصدق في رغبتي للزواج بك...أنت هنا لأجل هذا الطفل المريض بالأعلى أما حياتي فكما قلتي لا تهمك كصاحبها بالمرة)
تاهت كليا أمامه لا تعرف هل تصدق نظرة العين أم نبرة الصوت فكلاهما مختلف تماما الاختلاف...في عينيه رغم برودتهما شيء يتوجع تقسم انها ترى تقلبه و تسمع صراخه...بينما نبرة صوته تتغلف بوشاح الغرور و العجرفة المميز بهما...هذا الرجل مزيج غريب يدفعها للهرب لا التوغل اكثر و ربط مصيرها به...ابدا لا تستطيع قبول زواجه!!!


**************
فتحت باب الشقة بوجه شاحب مرهق من كثرة التفكير طيلة طريق العودة...استقبلتها أمها بمعالم وجه فضولية للغاية لتتشبث بذراعها و تسحبها معها للداخل متسائلة...
(اخبريني ماذا حدث مع خطيبك و كيف كان بيته هل هو كبير أم شقة صغيرة؟!)
اتسعت عينا أريج بذهول من رد فعل والدتها لتتوقف عن التحرك تقول بدهشة...
(أمي ما الذي تقولينه بالله عليك كنت هناك اساعد ابنه المريض ثم هذا الرجل ليس خطيبي فلا تربطيني به)
و على كلمة خطيب خرج والدها من غرفته ليتقدم منهما بوجه متحفز يقف قبالتهما متسائلا...
(عن أي خطيب تتحدثان؟!)
رمقت أريج امها بعتاب ليتلون وجهها بالحرج الشديد فتهمس...
(ليس خطيبا أبي بل هو الدكتور مؤيد ابنه كان مريضا و اضطررت للذهاب الى بيته كي اراه)
استهجان والدها كان واضحا في حروفه و ملامحه حينما نطق...
(ذهبتي الى بيته!!!...دلفتِ بيت رجل غريب بمفردك دون علم اهلك أريج!!...لم تفعلينها و أنت أصغر من هذا و الآن بعدما أصبحت في عمر الثلاثين ترتكبين مثل هذا الخطأ!!)
رفعت وجهها بصدمة الى والدها و رغم تأكدها بأنها اخطأت حينما وافقت على الذهاب مع مؤيد إلا انها وقفت تدافع عن نفسها التي تعرفها و تتيقن من حسن نيتها التي سعت لمساعدة يائيل...
(أبي لقد هاتفت أمي اخبرها بمكان تواجدي كما أن دكتور مؤيد لا يعيش بمفرده هناك كان يوجد حارس أمن و مربية تقارب عمري و ايضا ابنه...كنت هناك بصفة طبيبة أبي لا شيء آخر هل...هل لا تثق في خطواتي بعد كل هذا العمر؟!!)
ضيق والدها كان واضحا فأشاح بوجهه بعيدا عنها و كم اعتصر بُعده هذا قلبها...تدخلت والدتها مسرعة تقول بلهفة متضامنة...
(صلِّ على النبي يا أبا أريج تتكلم و لا كأنك تعرف معدن ابنتك و تربيتها...ابنتنا طبيبة و وارد ان يطلبها الغرباء للكشف في بيوتهم ثم لا تنسى أن مديرها قد طلب يدها منا بصورة شبه رسمية...لقد هاتفتني فور وصولها الى بيته و اعطيتها الإذن)
رمق سعيد زوجته بتأنيب ليقول ببعض الخشونة و الغيرة على ابنته...
(لكننا لم نوافق عليه بعد أي انه غريب كغيره...ثم أين ذهبت أنا لتأخذ الإذن منك و كيف تمنحيها القبول دون العودة الي هل متُ أنا أم بات وجودي مثل عدمه؟!!)
شهقتا معا بخوف عليه لتسرع أريج قائلة بأسف...
(أدامك الله لنا أبي...أعذرني لقد اخطأت اعترف لكن الموقف كان انسانيا و الولد الصغير يعاني من حالة نفسية معقدة و قد تأثر بي لذا كان تواجدي ضروريا)
لانت ملامحه قليلا لكنه قال بأمر أبوي...
(خطأ و وقعتي به و لن يتكرر لأن بيت هذا الرجل لن تخطوه مجددا حتى تتحدد علاقتكما...و الآن الى غرفتك)
نوبات الغضب النادرة من والدها عطوف الشخصية دوما تجعله غير قابل للنقاش...لكنها تقر و تعترف بأنها تستحق غضبه رغم كونها ساهمت بشكل ملحوظ في تقدم حالة يائيل...اومأت بصمت لتتحرك في اتجاه غرفتها ممتثلة لأمر والدها...
بينما اهتاجت نظرات أمها لتقترب من زوجها بعدما اصبحا بمفرديهما تقول بعتاب...
(ما بك سعيد بحق الله؟!...هل تشكك في ابنتنا و تصرفاتها هل هي صغيرة لتقف توبخها كتلميذ تأخر على موعد حصته؟!... انا وافقت لها على البقاء هناك آملة أن تقصر المسافات بينهما و تلين دماغها لتوافق على مطلبه و تتزوج)
اختنق صوتها لتكمل بدموع...
(أريد أن يفرح قلبي بها و اطمئن عليها مع رجل يصونها...نحن لن نعيش لها العمر كله)
تنهد سعيد بضيق ليقول...
(قسوتي في تعنيفها نابعة من كونها دوما أريج عماد بيتنا...رغم ان رزقني الله بالولد لكني دوما موقن ان سندي و ظهري هما أريج...اعتدت أن أراها مستقيمة تشد أزري غصبا عني غضبت لوقوعها في خطأ اعرف ان ابنتي تتنزه عن اقترافه!!)
ربتت زوجته فوق ذراعه تهمس...
(أريد أن أفرح بها فلا تغلقها في وجهي بالله عليك)
نظر لها بتوبيخ يقول...
(قلت لا ذهاب مجددا لبيته لأي سبب كان...ابنه مريض هو يموت ابنتي لن تذهب ابدا...لا تهدري كرامتها لأجل الزواج)
زفرت زوجته نفسها بيأس تقول...
(ألا تريد ان تفرح بها كما ان هذا الطبيب يبدو مقتدر و سيجعلها مرتاحة)
قاطعها بردٍ متمسك برأيه...
(من يريدها يسعى اليها لا العكس)
تركها تقف تراقب عودته الى الغرفة بغضب تعرف انه لن يتنازل عنه بسهولة...تشدقت بتعب من تيبس رأسه...
(و نقول لمن طلعت أريج عنيدة و ذات رأس يابس!!)
بالداخل....
بدلت ملابسها بمنامة قطنية و تحركت تغلق اخر زر بها متوقفة عند مرآتها...حتى اقتراحها الواهي بالبقاء قرب ابن مؤيد ذهب ادراج الريح برفض والدها بغض النظر عن صحة كلام مؤيد بأن لا أحد في المجتمع حولهما سيستسيغ رعايتها لابنه دون مسمى تندرج تحته...توبيخ والدها لها قبل قليل يجرحها كثيرا...زفرت ببطء مهموم تتقدم من المرآة و ذاكرتها تذكرها بالصغير الذي شهدت اليوم اهميتها في حياته...ببساطة انها طوق نجاته و لكن جهلها للكثير عن حياته السابقة يؤرقها...والده البغيض يحتجز ماضيه خلف قضبان روحه مما يزيد تساؤلاتها...رمقت وجهها في المرآة بتيه تفكر جديا فيما عليها فعله...هل تقبل بهذا الزواج لتسعد والدتها و تساعد طفلا وضعها الله في طريقه...دوما ترتعد من الزواج خوفا من حمل مسؤولية جديدة تعبت منها كليا...دوما طوال سنوات عمرها لم تجد الرجل الذي ستتنازل لأجله عن رفضها التام للزواج متقبلة مسؤوليات و شقاء لأنه معه و له...ضيقت عينيها فجأة تدقق النظر أعلى رأسها...اتسعت تدريجيا بينما كفها يتحرك حيث ثبتتا عيناها لامست خصلات شعرها تفسح مجالا بأصابعها لتلتقط هذه الشعرة البيضاء...حركتها بذهول أمام صورتها المنعكسة على المرآة و وخزة ألم مجهولة تخزها...اللون الأبيض هنا يخبرها بأن العمر يهرول لا يمضي...لقد كبرت للحد الذي لا رجوع منه...دمعت عيناها بينما تفلت الشعرة ببطء تدثرها بين شعراتها السوداء...نظرت لعينيها الخضراء مليا لتهمس لنفسها...
(و إن خبأتها طويلا فهي هنا أريج لن تختفي...العمر يدهسني تحت قدميه و أنا ساكنة بلا حراك...)
يبدو أن قناعاتنا تتغير دون ارادتنا فقط لتساير ركب الحياة السريع...و ربما المخيف...تظن أنك ابدا لن تتنازل حتى تأتي اتفه الاشياء لتجبرك على التنازل...و لتبقى شامخا سيد قرارك امام نفسك تتخذ ممن حولك حجة تتعلل بها...و ما أكثرها الحجج لديك أريج لتنقذي ما بقي من شبابك!!




...يتبع....











AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-20, 11:27 PM   #713

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الحادي و العشرون



نائمة بعمق تتدثر بمفرش السرير الأبيض الناعم...بملامح ساكنة هادئة و راضية عما تعيشه...وقف طارق قرب السرير يراقبها ببسمة حنونة سعيدة بأن هذا الوجه المرتاح اكتسبته في بيته هو...انحنى يجلس جوارها و يلامس بشرة ذراعها العارية من اسفل قميص نومها هامسا بحنو...
(فلك حبيبتي استيقظي)
بتكاسل فتحت عينيها ببطء تنظر له بتعجب متسائلة بصوت ناعس...
(طارق!!...كم اصبحت الساعة؟!)
نظر في ساعة معصمه يقول بنفس البسمة...
(العاشرة و النصف)
قطبت ما بين حاجبيها لترفع رأسها عن الوسادة متسائلة بنفس التعجب...
(و لماذا لم تذهب للشركة حتى الآن؟!)
تفحصت وجهه مليا لترفع جذعها بعدما تمسكت بكفه بكل قوتها تقول بقلق حقيقي...
(هل أنت مريض...هل هناك ما يؤلمك طارق؟!!)
هذه النظرة في عينيها تفرحه و تخبره بأن قلبها منح له مكانة كبيرة حتى و ان كانت ليست حبا الآن... مرات مضت كان يصاب بالتوجس من جمودها خاصة عند اجتماعه بها...دوما تتلقى لا تعطي و كم يؤلمه ان تُحرم من متعة العطاء...ظن انه حينما يخبرها بحبه ستسلك طريق الحب اليه لكنها باقية في مكانها...يوجعه ان تكون فلك غير راغبة في الحب لكنه سيحاول مرارا ان ينشط هذا القلب المتهالك خلف صدرها لتنعم بنعمة كبيرة لا يهبها الله إلا لمن يرضى عنه...راقب عينيها بنظرة عميقة يجس نبضها بقوله...
(هل تخافين علي فلك؟!)
ازداد توترها و تمسكها بيده لتتلعثم بخوف و تهمس بصدق...
(أنت كل ما بقي لي طارق و لو ضعت منك و فلتت يدي لن اخسر زوجا فقط بل...بل سأخسر عائلتي كلها لذا لا تكذب علي و اخبرني بصدق هل بك شيء؟!!)
رفع كفه يحاوط جانب وجهها بلمسة حنونة فتغمض عينيها متنعمة بكل ما يغدق عليها به فيقول بهدوء راضٍ...نعم هو راضٍ أن يصبح عائلة زوجته الوحيدة شعور يدفعه للرضا حتى و إن تأخر الحب...
(ما دام أنتِ جواري و بخير فأنا بخير حبيبتي)
فتحت عينيها تتفحص وجهه فيضحك هو بصوت مسموع قائلا...
(هل تشككين في كلامي!!...عموما كي لا تخاف حبيبتي أكثر لقد تأخرت على الشركة لأنني كنت انتظر استيقاظك لكنك كنت غافية بعمق و اظن لم تنوِ ترك السرير هذا الصباح ابدا)
احمرت حرجا لتسبل اهدابها للأسفل هامسة...
(نعم كنت ناعسة جدا لا أعرف ما بي هذه الأيام اشعر بكسل شديد و اود النوم لساعات طويلة)
مال يلثم وجهها المحرج هامسا جوار أذنها...
(يا لحظه السرير الذي ترفضين تركه)
ابتلعت ريقها ببطء شديد...حسنا هي لم تعتاد على طارق كليا خصوصا طارق الزوج...دوما تشعر بالتحفظ و القلق من ان يعبر بالقول او الفعل عن حبه...لكنها تخفي هذا في عمق روحها معترفة بأنه دوما يراعيها في ادق التفاصيل...الخلل هنا فيها هي فغياب الحب من قلبها يجعل قرب طارق و ملامسته لها مهمة صعبة رغم حنانه...قالتها لأيوب يوما هي فتاة لم تُخلق للحب...سمعت صوته الذي تغلف بالجدية يسألها...
(هل أوراقك الشخصية كلها هنا لأنني بحثت عن بعضهم فلم أجدهم!)
اصاب التركيز عقلها فسألته بهدوء...
(أوراقي أنا!...لماذا تريديهم؟!)
ابتسم لها معيدا سؤاله...
(هل هم هنا فلك أم لا؟)
ضيقت عينيها بتفكير لم يطل لتهز رأسها نفيا هامسة...
(لا معظم الاوراق في شقتنا القديمة كما اظن)
هز رأسه هو متفهما ليقول...
(حسنا اخبريني عن مكانهم تحديدا لأرسل من يجلبهم لي)
ابتعد عن السرير لتهب واقفة خلفه ترتدي نعلها بسرعة بينما توقفه بندائها...
(طارق انتظر لحظة...ما الذي تريده؟)
توقف يفتح ذراعيه لها بنظرة معجبة بهيئتها الجميلة في هذا القميص الحريري...و كعادتها معه لا تستطيع رفض متطلبات الزوج به ليس لأنه يلح في طلبها او يثور غاضبا لو امتنعت بل لتشعر بأنها متساوية معه في اي شيء...فمثل ما يعطيها تعطيه و هذا ما تملكه لتعطيه...رغم تلكؤ خطواتها اليه تقدمت منه لتحاوطها ذراعاه بحنان يذيب خوفها قائلا...
(اريد ان اكتب قطعة ارض باسمك لكن الاوراق تنقصني و لا اعرف كيف تركتي بيتك القديم دون جلبها كلها معك)
رفعت وجهها له تتساءل بدهشة مستنكرة...
(قطعة أرض لي أنا!!!...لماذا؟!)
قبل اعلى رأسها يقول بجدية...
(أريد ان يكون لك مالك الخاص بك انا لن ابقى طوال العمر)
قاطعته برجاء مميت...
(طارق ارجوك...لا تقل هذا انا ارتعد حينما اسمعه)
تكلم بعقلانية هادئة...
(انه الواقع فلك لا احد يدوم... اريد ان يرتاح قلبي عليك...)
رفضت بكرامة يعرفها جيدا...
(لا طارق لست موافقة ألا يكفي حسابي البنكي الذي انشأته عند زواجنا..)
رفعت عينيها اليه تلتمع برونق راجٍ...
(كل ما أريده هو أنت فقط...ان تبقى كما انت هكذا معي و لا تتغير ابدا)
شدد من ضمه اليها يقول بنبرة مؤكدة...
(لك ما تريدين فلك لكن هذا لا دخل له بما اريد ان امنحه لك)
حاولت ان توقفه لكنه تسيد الموقف قائلا...
(هيا يا كسولة بدلا من مجادلتي افيقِ لتتناولي فطورك و حينما تبدئين يومك اخبريني عبر الهاتف عن مكان الاوراق لأرسل السائق يجلبهم)
اومأت له بموافقة واهية فكم ترفض ان يصبح
منحه لها ماديا...تخاف بأن يضعها في قالب هيام جديدة تتزوج من أجل المال...تحركت مبتعدة عنه لكنه تمسك بها قليلا ليميل يقبلها بهدوء متفهم...استكانت بجمود بين يديه ليبتعد هو قائلا...
(اشتقت اليك رغم انك لم تبتعدي سوى يومين)
خبأت وجهها منه تهمس...
(آسفة طارق كنت متوعكة قبل يومين لكنني الآن افضل)
لامس ذقنها بيده يقول بهدوء...
(لا تأسفي حبيبتي...)
هزت رأسها دون ان ترفع وجهها له حتى القى سلامه و تحرك لباب الغرفة و قبل ان يدير مقبضه نادته بصوت شعرت انه ليس لها...
(أريد ان اذهب انا للحي لأجلب الأوراق)
لا تعرف حقا بأي نية تطلبها...و من بقي لها في الحي تود رؤيته...فقط شعرت بالحاجة للذهاب دون سبب وجيه فلم يقوَ لسانها إلا ان يطلب...صمت طارق للحظات ثم قال...
(حسنا ابلغيني في اي ساعة ستذهبين لأرسل لك السيارة بالسائق)
و على اثر جملته الاخيرة غادر لتقف هي بملامح متيبسة قليلا مذهولة من فحوى طلبها...ماذا تريدين بعد فلك؟!...


***************
يتقبض على المفاتيح في يده بقوة بينما يقف امام باب الغرفة التي اتخذتها عازلا بينهما ينتظر خروجها منذ اكثر من ساعتين...هذا حالها بعدما عرفت علة قلبه...تحجز نفسها بعيدا عنه فلا يراها و لا تراه منذ أيام اقتربت من اسبوع...يشعر بالقلق الشديد عليها و كل محاولاته في التواصل معها رفضتها تماما...تنفس ببطء ثقيل يعتصر المفاتيح في كفه...يخاف لن ينكر من ان تصر على الطلاق...فرغم تعلق قلبه بغيرها و جرحه الدامي الا انه عندما قرر الزواج بها قبلها عقله و ارتضى بها زوجة...هل ستتركه هي ايضا يموت دون ان تلتفت له...اغمض عينيه بتعب يتخذ خطواته الى باب الغرفة يحاول مجددا بأمل ان تستجيب...دق على الباب يهمس بصوت متحشرج مرهق من قلة النوم و التفكير...
(مودة افتحي الباب و دعينا نتحدث مجددا)
لم يصله أي رد لكنه استكمل بلا توقف...
(اعرف انك لم تخبري اهلي او اهلك بكل ما حصل و انك بعد ذهابي تنزلين الى ام ايوب كي لا تشك في شيء...)
خرج صوته مبحوحا محملا بالعرفان لها و الذنب فيما سببه لقلبها...
(تحافظين على صورتي امامهم حتى الآن فلماذا ترفضين الاستماع الي...يا بنت احتاج ان اوضح عدة امور لك افهمي)
توقف دقه فوق الباب بعدما تيقن من انها لن تفتحه ككل يوم...سيكون غبيا لو فرط بها البنت طيبة الروح و الأصل...تتحمل صدمة كبيرة و تداري عن الكل حقيقة ما صار بينهما...لا يريد ان يؤلم قلبها فلتساعده كي يصلح من نفسه لأجلها...سحب نفسا عميقا يلامس خشب الباب هامسا بصوت ضعيف متألم...
(فلينتقم الله لك مني و يوجعني اضعاف وجعك لربما وقتها تشعرين بأننا تعادلنا)
ابعد كفه ينظر للباب و كأنه يرى خيالها خلفه فيقول بصوت موجوع...
(احتاج مساعدتك لأعود كما كنت مودة)
زفر زفرة محترقة ليحني رأسه للأسفل و يقرر رفع راية الاستسلام لهذا اليوم ايضا...تحرك الى باب الشقة ليذهب الى عمله و حينما فتحه توقف غير مصدق انه سمع صوت بابها يُفتح...التفت بسرعة حيث هي تقف عند عتبته شاحبة الوجه ذابلة المحيا تنظر اليه...تقدم منها مهرولا لتوقفه في منتصف الطريق بحركة يدها التي زامنت صوت أمرها الحزين...
(توقف و لا تقترب أكثر)
فعل كما يحلو لها يومئ برأسه موافقا قائلا...
(كما تشائين...كيف حالك؟)
مررت يدها صعودا و نزولا على نفسها تهمس بألم ساخر...
(كيف برأيك!!)
ابتلع غصته بصمت قائلا...
(مودة اعترف ان ذنبي هو ادخالك في حياتي لأنسى غيرك لكن يشهد ربي اني بريء من اي شيء غير هذا)
رفعت عينيها اليه بدموع تهمس...
(و هل هذا الذنب هين في رأيك؟!...هل جعلي زوجتك و لمسي دون مشاعر ليس ذنبا كبيرا؟!)
سحبت نفسها بصوت مسموع كي تتحكم في دمعتها و لا تنزل لتسأله بقهر كبير...
(اخبريني بربك لو كنت أنا مكانك لو كنت تزوجت لأنسى بك رجلا آخر...لو كنت لامستك لأخمد حبي و شوقي له ماذا كنت ستشعر؟!)
انتفخت عروقه بغضب نابع من رجولته التي تثور لأجل زوجته فهتف بحدة...
(مودة!!!...هذا الذي تقولينه...)
قاطعته بصوت حاد هي ايضا...
(يؤلم أليس كذلك؟!!!... قل الصدق فكما تثور رجولتك انوثتي تفعل)
راقب دموعها التي تكدست في عينيها بألم ليخفت غضبه و يهمس بصدق مؤكد...
(يا بنت اقسمت لك لم اقربك سوى و انا مدرك انك زوجتي حلالي...)
باغتته بسؤالها الصريح...
(لماذا تود مني تحملك و الصبر عليك بينما حب عمرك باعت سنوات حبكما و تركتك؟!!)
الألم يعتصر قلبها و هي تراقب نظرة عينه الذبيحة...ألا يكفي الحريق الغادر الذي نشب في روحها حينما سمعته يدعو على نفسه لأجلها قبل قليل...كيف ذبحته هذه الفلك و تركته يموت هكذا...صوته الباهت خرج يثير كل حواسها معه...يلتف حول قدمي حبها كطفل وحيد و ينخز قلبها النابض له بقوة...
(لأنني أريدك أنتِ زوجتي..)
تمسكت بالقسوة لترد بعضا من كرامتها المهدرة...
(و ماذا لو كنت أنا لا أريد أن أصبح زوجتك بعد الآن؟!)
تكورت يداها جوارها و ارتعشت شفتاها و هي تراقب وجهه المصدوم بخوف رهيب...تقدم منها غير آبها بعدم رغبتها في القرب ليتمسك بذراعيها و ينظر في عمق عينيها قائلا....
(لا مودة لا تتركيني أعاني ألمي و ذنبك فهذا كثيرا على رجل مثلي...أعرف انني احملك فوق طاقتك لكني اريد استكمال حياتي معك فساعديني)
ارتفعت يدها جوارها تود لو تلامس وجهه المتعب و تزيل عنه كل هذا التعب...تود لو تضمه بكل قوتها الى صدرها تخفف عنه ما يمر به متناسية وجعها...لكنها توقفت مذكرة نفسها بما نوت عليه لأجلهما معا...أيوب عليه ان يحبها فهذا هو سبيل نجاتهما الوحيد...و لو فشل فيه لن تملك سوى الرحيل حاملة ما تبقى من كرامتها و حطام قلبها العاشق له...افلتت ذراعيها منه تنظر له بعينين مجهدتين لتقول بجدية...
(سأبقى أيوب لأساعدك ليس من أجلك بل من أجل صديقي القديم الذي نبذته أنت كما نبذتني من ذاكرتك...فهو يستحق)
ناظرها بنظرة عين دافئة يبتلع ريقه ببطء تائه لا يجد من الكلمات ما يفي حق هذه البنت ابدا...انها غالية على نفسه هذا ما توصل له الآن...صوتها جاء مسترسلا ليتوقف تنفسه بقلق...
(لكن لدي شروط لن اتنازل عنها مطلقا)
سألها بترقب أكيد من واحد بعينه بينهم...
(ما هي شروطك؟!)
رفعت رأسها تقول بصلابة تداري بها كرامتها المطعونة كزوجة...
(لن تقربني ابدا قبل ان تحبني أيوب)
ها هو تحقق ما ظنه...حقها أيوب هذا حقها...اومأ لها ببطء موافقا لتكمل هي بصوت مختنق...
(عليك ان تحبني أيوب لم اكن اظن ان اطلب منك طلبا كهذا يوما لكنه املنا الوحيد...لو فشلت في حبي سأرحل لن اتحمل دهس كرامتي أكثر)
شملها بنظرة طويلة يرى ضعفها و ذلها و هي تطلب حبه لتستكمل طريقهما لمساعدته...اقترب منها ببطء يرسخ في عقله هذه الصورة لها...تتشبث بحبله المهترئ رغم جرح يدها منه و نزفها...ترأب صدع روحه بروحها...هذه البنت سيفعل المستحيل كي لا يخسرها...توقف عندها فأشاحت بوجهها بعيدا عنه تتماسك كي لا تبكي...لامس ذراعيها تحت رفضها ليصل بفمه الى جانب رأسها يقبل شعرها هامسا جوار أذنها بشكر صادق من رجل يعترف بعرفان الناس له فما بال ما فعلته معه هي...
(فليساعدني الله على نفسي لأجلك كي لا أضيعك من بين يدي...يا بنت الأصول)
فلت منها نفسا مرتعشا فسالت دموعها بصمت ليكمل هو بيقين...
(لو تعرفين ما اشعر به الآن نحوك لتأكدتِ ان كرامتك فوق رأسي و لم تُدهس)
تملصت منه تداري وجهها عنه هامسة ببكاء...
(تخل بشروطي أيوب...قلت لك لن تلمسني و انت وافقت فلا تقترب مني...ارجوك)
كان عليها قول هذا و لا يهم ان هذا سيجرحه...لكنها تضعف بقربه رغم وجعها منه...قلبها لا يعرف غيره حبيب و طيلة الايام الماضية كانت تنتهي قراراتها عند مساعدته غصبا دون ارادة منها....شعرت به خلفها فتحركت للأمام خطوتين حتى سمعت صوته الواعد بوعد رجولي اثار بها قشعريرة...
(لا ترجوني في حقك...لك ما تشائين يا زينة البنات)
تركها ليتجه الى باب الشقة بقلب متخم بالعرفان...البنت اشترته رغم ما فعله و رغم عيب قلبه...و هو يقسم بالله سيتغير لأجلها و كم يأمل في هذه اللحظة ان يحبها حقا فهي تستحق ذلك و اكثر...
بالأسفل...
بعدما سلم على ام أيوب بوجه مرتاح بث الطمأنينة في قلبها على ما رأته الأيام الماضية من اضطرابه و توتره رغم ثبات مودة و هدوئها...خرج من البيت متوجها الى طريق الميناء فقطع طريقه بوق هذه السيارة السوداء المبهرة...
توقفت سيارة طارق في منتصف الحي لتسرق بلمعانها أعين المتواجدين...خرجت منها فلك بملابس عصرية شديدة الجمال و خاطفة الانفاس...رمقت النسوة من خلف نظارتها الشمسية بنظرة متشفية...اشتاقت للحي لا تعرف هي هنا لتغيظ الجارات ايضا لا تعرف كل ما تعرفه انها رغبت في المجيء...نزعت نظارتها ببطء ترسم بسمة صغيرة على محياها حينما تجمعت بعض النسوة حولها...ينظرن بانشداه تام غير مصدقات ان هذه هي ابنة هيام...جارتهن في الحديث و وعدت بعضهن بمساعدتها حينما طلبن منها العون لكن كل شيء اسود في لحظة واحدة حينما وقعت عيناها على عيني أيوب...يتحرك بوجوم يراقبها بنظرة عين تؤلمها...ازدردت ريقها بوجل و قد تكسرت كل صور الترف حولها...ها هي عادت فلك المظلومة و الظالمة في عينيه...ابتعدت عن النسوة تتحرك في اتجاهه بسرعة لا تعرف حقا لمَ تود الحديث معه و أي حديث سيجمعهما مجددا...لكنها حقا تتمنى أن تطمئن عليه ان ترى بعينيها انه استأنف طريقه بسلام...
(أيوب...)
توقفت خطواته يلتفت لها رامقا إياها بنظرة تحقير لازمت نبرة صوته الساخرة...
(السيدة فلك بنفسها تنادي علي)
لملمت جرحها منه لتسأله بترقب...
(كيف حالك؟!)
ابتسم ساخرا يقول...
(مؤكدا افضل منك...فأنا لم ابيع نفسي لأستقل سيارة فارهة و ارتدي ملابسا تساوي اطنانا من النقود)
ابتلعت ريقها بصعوبة تقول...
(سامحك الله أيوب على سوء ظنك فيّ...على اي حال يكفيني انك بخير)
رمقها بنظرة جامدة لم تفهم معناها و بداخله يود لو يعرف هل هي سعيدة حقا مع هذا الرجل أم لا...هل يستحق ان تدهس قلبه لأجله ام لا...
و في محل البقالة....
قد نزلت مودة بعدما هدأت قليلا الى حماتها لتهرب من ظلمة جرحها و تلتهي...طلبت منها ام ايوب ان تأخذ مكانها في البقالة حتى تنهي شيئا ما في المطبخ و تعود لها...وافقت مودة ببسمة صغيرة لتخرج الى البقالة لكن تجمهر بعض الجارات استرعى انتباهها فتتبعت خطواتهن بأعينها حتى ثبتت بل تخشبت حينما رأت أيوب واقفا مع فتاة آية في الجمال هكذا ببساطة...لا تعرف اي يقين هذا الذي طاف بعقلها أن هذه هي يا مودة...نظرة عين زوجك تخبرك بأنها هي...اعتصر الحزن قلبها بعدما عقدت مقارنة بينهما...تلاشى جمالها من امام عينيها و تبخرت كل جمل الثناء التي سمعتها من والديها و اختها...فمن تقف امام زوجها حتى و ان كانت اقل جمالا منها فإنها امتلكت قلب أيوب و سبقتها اليه...بسببها يحترق ايوب حتى هذه اللحظة و تعمي عينيه عنها هي...هي زوجته التي احبته منذ نعومة اظافرها...شعرت بأن صدرها يضيق فشهقت بألم لتتراجع للداخل بجسد يهتز...لحظات مضت لتهمهم بصوت مرتعش مقتول...
(ان خطوت الي خطوة سأخطو اليك عشرة...و الله كنت سأخطو اليك عشرة يا أيوب)
اغمضت عينيها تبكي بصمت حتى اجفلها صوته القلق...
(مودة أتبكين؟!!)
فتحت عينيها بسرعة تنظر له بعدم تصديق بينما يقترب منها حتى توقف قبالتها... فتتحرك اصابعه تمسح دموعها هامسا...
(لقد لمحتك و أنتِ تدخلين البقالة بوجه شاحب)
سألته بصوت مهتز...
(هذه هي...فلك؟!)
توقفت اصابعه فوق خدها لتحتل عيناه نظرة وجع اوجعتها هي يقول...
(نعم...)
زاغت عيناها بكرامة مهدرة تهمس...
(تركتها و جئت الي!!)
تنفس بصعوبة يقول...
(هي من تركتني...كما انني وعدتك)
مسحت دموعها حينما ادركت ان ام ايوب وارد ان تدخل في اية لحظة لتهمس...
(ستتأخر على عملك...)
هز رأسه متفهما يبتعد و يتجه الى باب البقالة لكنه التفت لها ببسمة يمنحها لها لأول مرة مليئة بالدفء...
(سأتعجل خطوتي الأولى نحوك لأرى خطواتك العشرة الي)
غمز بعينيه بمرح غاب عنه طويلا رغم انه لم يستعيده بعد لكنه سيحاول لأجلها هي فقط...راقبته يخرج من البقالة لتتنفس نفسا مرهقا شابه الخجل من استماعه الى جملتها...تتمنى أن يخطو و لو قليلا و تعده بأنها ستتلقف قلبه بين ضلوعها تمنحه ما يستحق...فقط لو أحبها!






...يتبع...











AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-20, 11:31 PM   #714

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الحادي و العشرون





خرجت من باب بيت المراكبي بفستانها القطني الخفيف و حجابها لتقابل كرم بعدما هاتفها يطلب منها النزول...وجدته واقفا ينتظرها يرتدي ملابسا انيقة رغم بساطتها قميصه الكحلي و بنطاله الجينز زادا من تميزه في عينيها...مد كفه لها يقول بهدوء...
(هل تأخرت عليك؟)
لامست كفه ببطء متردد تهز رأسها نفيا قائلة بصوت متوتر...
(لا ابدا جئت في موعدك...لكن أين كنت؟)
ترك كفها حينما صدح رنين هاتفه فأدخل يده في جيبه يخرجه بينما يقول بنفس الهدوء...
(هذه اول زيارة بعد زواجنا لبيت أهلك كنت اشتري بعض الاشياء)
فتحت الخط يقول مبتعدا عنها قليلا...
(سوسكا تعال الي احتاجك)
نظرت خلفه تحديدا عند سيارة والده المركونة امام البيت لتتسع عيناها بدهشة من كم الأكياس عندها...انتظرته حتى انهى مكالمته لتقول بذهول...
(ما كل هذا كرم انه كثير جدا!!!)
ادخل هاتفه في جيبه يقول برزانة...
(الهدايا تكون بقدر من يهاديها و قدرك غاليا)
تنهدت برفض تقول...
(لكنك انت من اشتراهم كرم و ليس أنا ما كان يوجد داعي لكل هذه التكلفة)
اقترب منها ينظر الى عينيها بعينين متأملتين قائلا...
(أنتِ زوجتي فلا فرق بيننا...نحن الآن واحد غسق)
توترت ملامحها فاهتزت حدقتاها ليكمل هو بهدوء عاد لصوته الذي شابه العشق قبل قليل خاصة عند نطق رابط الصلة بينهما بملء روحه "زوجتي"...كم تسعده هذه الكلمة رغم مرارة الظروف التي جمعتهما...
(لا شيء يغلو على بيت اهلك )
زفرت بقلق من هذه الزيارة تخاف ان يقل احدهم من قيمة كرم او يستصغر شأنه...لقد هاتفتها أمها قبل يومين تخبرها بزيارة عمتها التي عادت من السفر مع اسرتها لتبارك لغسق الزواج...لكن هل تنسى زيارة والدتها الوحيدة لها يوم الصباحية و التي لم تتكرر مكتفية بمهاتفتها يوميا لتطمئن عليها...يومها كانت حانقة متأففة تعاملت مع الجميع برفض و كره كبير...تعذرها فهي أم تود رؤية ابنتها مع رجل يناسبها لكنها هنا هي من باتت لا تناسب رجل ككرم فهو ايضا يستحق ان ينتقي عروسه كما يريد...تكلمت بضيق لمحه بها منذ هاتفتها امها قبل يومين...
(كرم أيًا كان ما سيحصل في بيت أهلي فأنا آسفة له)
ابتسم بسمة صغيرة فعقدت حاجبيها بعدم فهم تسأله...
(أتبتسم؟!!)
نظر لها ببقايا بسمته يقول بهدوء...
(اهدئي غسق أنا لن أموت بمجرد كلمات متواري خلفها كره والدتك لي)
اشاحت بعينيها بعيدا عنه و الحرج يكبلها لتهمس بغصة مريرة...
(لا ذنب لك مطلقا لتتحمل كل هذا)
تنهد بصمت يقول...
(أنا راضٍ...استرخي)
وصل سيد اليهما يقول بلهجة لاهثة...
(اؤمرني اخي كرم)
التفت له كرم يقول...
(ساعدني في حمل هذه الأكياس الى بيت العم ثروت)
أشر سيد على عينيه بالتتابع ليتجه نحو الاكياس يحمل معظمها بعدما القى تحيته على غسق...و بعدما استوت الأكياس بين يدي كرم و سيد تحركوا ثلاثتهم تجاه بيت اهل غسق حتى استوقفهم صوت شاب...
(كرم انتظر...)
توقف كرم ينظر الى عمرو المبتسم بسمة سعيدة حتى توقف امامه يقول...
(نتيجة الثانوية ظهرت اليوم كرم...بفضل الله ثم مساعدتك لي لأتوقف عن الإدمان حصلت على مجموع يؤهلني لكلية الهندسة)
التمعت عينا كرم بفخر ليترك الأكياس من يديه و يحاوط عمرو بقوة بين ذراعيه مهنئا...
(مبارك عمرو...الحمد لله الذي حقق حلمك)
اختنق صوت عمرو بتأثر في كتف كرم يقول بصدق...
(لولاك كرم لكنت الآن ضائعا اتوسل اصحاب السوء ليمنحوني ما يخدر عقلي)
اخرجه كرم من بين ذراعيه يقبل جبينه قائلا بصدق لامسهم كلهم...
(أنت هنا اليوم بفضل الله و دعوات والدتك ثم تعبك أما انا كنت مجرد سبب اوجده الله في طريقك لتفيق)
دمعت عينا عمرو بتأثر كبحه بصعوبة حينما بارك له سيد فتقبل عمرو مباركته يقول بتمني...
(لو وافقت على دخول الامتحانات معنا هذه السنة سوسكا لكنت نجحت و دخلت الجامعة)
هز سيد رأسه برفض يقول...
(لا يا سيدي التعليم ليس طريقي انا مرتاح في عملي مع اخي كرم)
كرر عمرو كلامه مع سيد الذي يعيده مرات منذ اصبح سيد يفضل العمل على العلم فزادت دقائق وقفتهم في الشارع...تنحنح عمرو ناظرا لغسق المشدوهة من بداية الحديث يعتذر...
(آسف يا دكتورة للإطالة لكن فضل كرم علي كبير و احببت ان يشاركني فرحة نجاحي)
ابتسمت غسق بلطف تقول...
(لا بأس مبارك النجاح)
ودعهم عمرو تاركا غسق تحديدا خلفه تتفحص كرم بأعين غير مصدقة...حديثه مع سيد جعلها تنحي تفكيرها به لتتحدث مع سيد بجدية...
(لماذا أضعت هذه السنة من يدك سيد؟!)
شعر بالحرج فأجابها بمواربة...
(التعليم لن يفيد شاب مثلي العمل افضل بكثير)
ضيقت عينيها بنظرة رافضة تقول...
(أنت مخطئ سيد التعليم يفيد في كل وقت حتى و ان عملت في سن مبكر لن يعوضك عن التعليم شيء ما دام تملك الفرصة)
نظر سيد لكرم بقلة حيلة بينما كرم نفسه يتابع رأي زوجته بتدقيق...يوم طلبها للزواج و قالت ان العلم لا يجعل الإنسان انسانا كم اعجبته حينها لكن هل كانت ترأب صدع ارتباطهما بمجرد كلمات لا تؤمن بها؟!... صوتها الجاد اجبره على الانصات مجددا لترتعش عضلة قلبه بعنف حينما قالت...
(جيد أن يكون لك قدوة لكن كرم حالة خاصة و لا اعتقد سيكون هناك مثله...)
تنهد سيد بتعب يقول...
(يا زوجة أخي عمري أصبح كبيرا على العودة للمدرسة فعمرو هذا الذي تركها انا أكبر منه بسنة كاملة)
تفهمت غسق حرجه تقول بهدوء...
(العمر لا يقف عائقا ابدا سيد...عموما هذا الأمر الهام لا يصح مناقشته في الشارع لنا جلسة طويلة نحن الثلاثة قريبا)
داعبت بسمة فرحة ثغر كرم ليحرك رأسه لسيد كي يتابعا المشي قائلا بمشاغبة...
(هيا سوسكا ست الدكتورة وضعتنا في رأسها و لن تفلتنا قبل ان تحقق مرادها)
همهم سيد بضجر قرب كرم...
(انها عنيدة كالعادة أخي و ستعيدني للمدرسة بعدما أصبحت اطول منها)
(أسمعك سيد!)
جملة غسق خرجت حانقة حينما التفتت لهما...حدقت كرم بغضب محرج تقول...
(هل تسخران مني...هذا بدلا من ان تخبره عن أهمية التعليم و ضرورة استكماله؟!)
تدخل سيد سريعا يقول...
(أخي كرم لا يريدني ان انهي تعليمي ها هنا حتى انه يسجل لي كل عام في المدرسة لكنني لا التحق بالامتحانات لذا أرسب)
رفع كرم وجهه بملامح معاتبة رغم نبرة المزح في صوته الذي قال...
(ألا نكف عن وضعي في وجه المدفع كل مرة)
رمشت بعينيها حرجا منه لتبعد وجهها عنه قائلة بحزم...
(لقد تأخرنا على اهلي)
تحركت امامهما ليتحركا بعدها و عينا كرم تتابعا خطواتها الحانقة بنبض يتسارع...ضيقة العقل هذه كم يعشقها!!
في شقة ثروت....
بعد مقابلة جافة تقترب للمهانة من امها لكرم...و نظرات عمتها و بناتها المتفحصة و الغير مصدقة...و محاولة والدها و زوج عمتها حتى زوج ابنة عمتها في تلطيف الأجواء انتهى الغداء المتعب للأعصاب...و ها هي تقف خارج الحمام تنتظر كرم حاملة له المنشفة كحركة استغلتها لتنفرد به و تعتذر عما تحمله من سخافة...خرج من الحمام ليصطدم برؤيتها فيعقد ما بين حاجبيه متسائلا بعدم فهم...
(ما الذي تفعلينه هنا؟!)
مدت له المنشفة فأخذها بترقب ليراقب اقترابها منه و همسها يصله بنبرة مهتزة مختنقة...
(كرم أنا آسفة لكل ما صار من امي و عمتي و الله لا أعرف كيف لي أن أمحو كل نظرة او كلمة جرحتك منهما...حقك علي أنا)
هذه الوقفة و قربها منه و صوتها الخافت المتأسف كل شيء يدفعه لأن ينسى كل ما حصل من اهلها...اقترب منها فلفحت انفاسه وجهها لتهتز حدقتاها و يبدأ توترها يزداد...حسنا كرم مختلف و معه تشعر بالأمان لكنها لا تحتمل قرب احدهم منها ابدا...لم تتعافى بعد و لا تعرف الى متى سترتدي رداء القوة...ناظرها بعينيه المتفهمة فركن رغبته في القرب منها جانبا و سيطرت رغبته في بثها الأمان كل حواسه...ابتعد قليلا يقول بصوت رجولي دافئ...
(لأجلك يرخص الغالي)
رمقته بشكر جلي و صورته بداخلها تتضح اكثر و يُضاف عليها المزيد من صفاته و رجولته...قطع صمتهما الذي لم يشعر به احدهما صوت والدتها تحثها على صنع الشاي...اخبرتها بأنها ستفعل و قبل أن تذهب الى المطبخ سألته بتعجل...
(كرم كم ملعقة سكر تفضل ام أنك لا تحب الشاي لكنك دوما تشربه على المقهى!)
تتبع حروفها ببسمة صغيرة...هل يخبرها بأنه سيكتفي بشهد يديها بديلا عن السكر...هل يناغشها بمشاغبة رجل يموت ليحتضنها سعادةً لكونها كانت تلاحظه من قبل حتى لو ما لاحظته شيء أبسط من العادي...لكنه تمهل فغسق لا تزال غير مستقرة و ان كانت تأقلمت بصورة تثير دهشته في وقت صغير للغاية...ليس بجديد عليها فهي دوما قوية و هذا ما يعرفه لكن ها هنا يود منها ان تسمح لضعفها ان يظهر ان ترمي حملها عليه و تتعافى من اثار الكلاب القذرة التي نهشتها في لحظة غدر...تقهقرت بسمته لتعود عيناه لغموضها يخفي وجعه من هذه الحادثة ليهمس بعدها بصوت عادي...
(ملعقة واحدة...)
في المطبخ...
جلسة نسائية بمثابة محكمة مصغرة تُطرح بها الاسئلة و يُستمع بتحليل دقيق للأجوبة...
(هل يعاملك بشكل جيد غسق؟)
وضعت غسق وريقات النعناع في ابريق الشاي ثم التفتت لعمتها التي طرحت سؤال مترقب ترمق ابنة اخيها بتفحص...ابتسمت غسق بهدوء تقول...
(نعم عمتي كرم رجل لا مثيل له)
قالت جملتها بنية بث الراحة في قلوبهن لكنها توقن جيدا بعد كل ما جمعهما بأن كرم حقا لا مثيل له...
تدخلت ابنة عمتها الكبيرة تقول بعدم تصديق لا يزال يسيطر عليها...
(و الله يا غسق حتى هذه اللحظة لا يدخل عقلي انك تزوجتِ صياد!!!)
احتدت نظرة غسق بعفوية تقول بحمائية جديدة منذ سمح لها كرم بمكانة في حياته يداري بها ما حصل لها...
(أماني كرم ليس مجرد عامل بالأجرة بل يدير رأس مال والده مع اخويه...الصيد حرفة متعارف عليها هنا و عمله بها ليس عيبا)
صدر صوت والدتها المغتاظ تقول بسخرية...
(لا تتعجبي يا اماني من دفاعها فابنة خالك فقدت عقلها تماما)
تكلمت غسق بحدة غير مقصودة...
(انه زوجي امي يجب ان احفظ سيرته في وجوده و غيابه خاصة ان كرم لا يعيبه شيء)
وقفت أمل تؤشر لأخت زوجها قائلة بتعب...
(مرارتي ستنفجر من الغيظ هيا يا ثريا ننتظر الشاي بالخارج)
اوجع غسق قسوة امها في تصرفاتها منذ وافقت على كرم...التفتت تغلق الموقد على الشاي بحزن كبير لكنها شعرت بيد هند ابنة عمتها الأصغر تربت على ذراعها ببسمة تهمس بخفوت مرح...
(لا يهمك فزوجة خالي و امي لا يعجبهما العجب ما دام أنتِ مرتاحة معه لا بأس...تعرفين زوجك له طلة قوية تزيده وسامة اعجبني اختيارك غسق)
ابتسمت غسق بشكر لابنة عمتها فهمست مثلها بمزاح غير مكتمل...
(لاحظي انك تتغزلين في زوجي امامي هند!)
ضحكت هند عاليا تميل على ابنة خالها قائلة...
(ها قد ظهرت الغيرة اخيرا)
امتزج الحزن بالشفقة على رجل مثل كرم من حقه ان يحب و يجد من تغار عليه...نظرت الى هند الضاحكة و روحها تهمس بين جانبيها...
(الغيرة!!!...نحن أبعد من هذا بكثير)
حملت صينية الشاي و خرجت اليهم و اثناء اقترابها سمعت زوج ابنة عمتها و الذي يعمل محاسب في بنك معروف يسأل كرم بنبرة تعالي واضحة ازعجتها...
(و أنت يا كرم لم تفكر في استكمال تعليمك لتحصل على شهادة جامعية كانت سترفع من قدرك كثيرا خصوصا بعدما ارتبطت بطريقة ما بصيدلانية؟!)
حدقه كرم بشرار يعنفه بنظرة مخيفة و يخبره أنه تعدى على شخصه الذي يُحسب له حساب...لكنه كظم غيظه يقول بهدوء...
(القدر محفوظ لمن يستحقه فهناك من يحملون الشهادات العليا و يفتقرون للفهم و الذوق...الأمر كله عائد للتربية و الشخص نفسه)
كتمت هند ضحكتها بصعوبة تنظر تجاه كرم بإعجاب بينما صمت زوج أماني صمت مطبق...وضعت غسق الصينية بحدة فوق الطاولة التي تتوسط جلستهم لتتحدث بعصبية فشلت في تحكمها بها...
(ما هذه الطريقة التي تتحدث بها مع زوجي يا أشرف؟!!...هل اجتمعنا اليوم لتقيموا علينا الحد و تنصبوا انفسكم قضاة؟!...ألم ننتهي بعد من تكرار ذكر فروق اجتماعية بت امقتها منذ تزوجت كرم؟!...ما به زوجي لا أفهم كي تتعالوا علينا هكذا؟!!!...)
و في لحظة خرس اصابت الجميع حتى كرم نفسه نظرت غسق لوالدها تقول بأعين شابها الدمع المقهور من ظلم كرم و اهانة رجل مثله يمتص ما يسمعه و يتلقاه لأجلها...
(أبي المكان الذي يقلل من شأن زوجي يقلل من شأني ايضا و مغادرتي منه واجبة حتى و ان كان بيت أبي)
توترت الاجواء و وقف الجميع بتأهب حرج ليهمس أشرف بتلعثم آسف...
(لم أقصد تقليل شأن أحد غسق فقط كنا ندردش)
رمقته غسق بحدة تقول بتصغير لشأنه و رفع شأن كرم عاليا...
(هذه ليست دردشة أشرف و أنت تعرف هذا...انت تتخطى حدودك مع رجل كلمته نافذة على رجال أقوياء...ان كان يصمت متقبلا سوء حديثكم فهو يفعلها احتراما لأبي و لي لكنني لن أصمت اكثر من هذا)
تمسك كرم بذراعها يسحبها ناحيته قائلا بصوت رزين مسموع رغم عواصف مشاعره التي تلح عليه بأن يقبل هذا الثغر الذي يخرج كلمات تدافع عنه...
(كفيتِ و وفيتِ غسق و الآن اهدئي احتراما للكبار)
تنفست بصورة متسارعة تتأسف له بعينيها و كأنها لم تكتفي من تأسفها بلسانها...انزلقت كفه من ذراعها ليتمسك بكفها يداعبه بإبهامه مطمئنا إياها انه بخير و كان يتدبر امره...بينما قلبه بداخله يموج كموج بحر هادر يصرخ اسمها مع كل نبضة و يرجو وصالها هذه اللحظة فقط ليشكرها بطريقته...
(حبيبتي غسق نحن لم نقصد ازعاجك بل اردنا الاطمئنان عليك حبا بك)
كلمات عمتها المحرجة دفعت أمل لأن تتدخل بعدما انفك سراح لسانها اثر صدمته من هجوم غسق المباغت...
(ما الذي تقولينه ثريا بالله عليك...)
رمقت كرم بضيق غير متخفي تكمل...
(انتم لم تقولوا سوى الحقيقة)
(أمي...)
صوت غسق انقطع حينما ضغط كرم على يدها ليتولى هو الحديث قائلا بصلابة محترما وجود الجميع...
(شكرا على دعوة الطعام دائما عامر يا استاذ ثروت)
تحرك بغسق مبتعدا عنهم لكن نداء ثروت اوقفهما...
(انتظر بني الى اين ستذهبان؟!)
وصل ثروت اليهما يستقبل نظرة خذلان من ابنته اوجعته ليتمسك بيد كرم قائلا بإصرار...
(لن تذهب ابنتي من بيت والدها حزينة...ادخلا كرم و قدرك هنا من قدري أنا فلا تؤاخذني فيما حدث)
اعترض كرم بكلمات مهادنة لكن ثروت كان مستميتا لبقائهما...انها غسق قطعة من قلبه كيف يقبل عليها الحزن و الاساءة...ابنته وافقت برغبتها على الزواج من كرم و قد منحها هو القبول فأي حديث بعد هذا عبث...
عند المغرب...
توضأ كرم و قد طلبت منه غسق الذهاب معها الى غرفتها كي تعطي سجادة صلاتها له لأن زوج عمتها يعاني من قدمه اليسرى و يصعب عليه النزول للمسجد...لذا قرر الرجال الصلاة في البيت جماعة...دلف خلفها غرفتها تاركا الباب مفتوحا منتظرا اخذ سجادتها...تحركت امامه تبحث عنها بينما تقول برجاء...
(ادخل كرم من فضلك)
ان يخطو الى غرفتها بقدمه يبثه شعورا قويا بالحميمية...انها غرفة غسق التي لطالما رمقها خفية من مجلسه على المقهى حتى حفظه ستار نافذتها...التقطت السجادة و اقتربت منه تعطيها له و حينما التقفها شددت عليها فرفع وجهه لها لتستقبله كلماتها...
(هل أنت حزين بسبب ما حدث؟!...)
زمت شفتيها ببؤس تقول بسخرية من سؤالها...
(ما هذا السؤال بالطبع حزين و لك كل الحق...تتحمل الكثير لأجلي و لا أعرف كيف سأرد دينك!)
سحب سجادة الصلاة منها ببطء يقول بلهجة حاول ان يبعد فيها ضيقه...
(كيف أكون حزينا و لدي زوجة تقف في ظهري...اتضح لي انك لست هينة ابدا سأضع هذا في بالي للمستقبل)
منحته بسمة صغيرة متفهمة مزحه ليزيل عنها الحرج فهمست...
(أنت تستحق...)
اهتز حلقه من جرعة السعادة التي يعيشها اليوم معها ليقول بلطف...
(و هذا يكفيني...أن تراني ست الدكتورة رجل يستحق و ليس مجرد شاب يستخدم عضلاته يُعد نقطة تحول في علاقتنا)
احمرت حرجا مما فعلته به سابقا لتهمس...
(جرحتك كثيرا عن جهل)
رق صوته و تغلف بالدفء الذي تشعره معه منذ تزوجها ليقول كلمة واحدة لامستها...
(فداكِ...)
صوت تنحنح والدها جعلهما ينتبها له فتقدم ثروت منهما يستند على باب الغرفة قائلا...
(غسق حبيبتي اليوم كان طويلا جدا و نسيت ان اخبرك ان شركة الأدوية ارسلت لك جوابا)
بهتت ملامحها بشدة و قد شحب وجهها بألم كبير...قبل اشهر معدودة لو جاء هذا الجواب ما كانت ستتنازل لتعمل في صيدلية باتت كابوسها المخيف...اسرع كرم ليحتوي الموقف حينما قال...
(غسق لا تزال عروسا لن تعمل الآن)
و من اللا مكان وصلت امل على كلمته الأخيرة تسأله بعدائية...
(و هل ستجعلها تبقى في البيت لتخدمك و تخدم عائلتك...هل بعد كل سنوات تعبها و كدها تأمرها بألا تعمل؟!!)
زفر كرم بتعب مرهق معترفا ان الجدال مع حماته صعب للغاية...سحب نفسه بتروي يقول...
(من قال هذا خالتي!...استئناف العمل من عدمه شيء يعود لغسق لكنني اتحدث عن الاصول فهي عروس لم تبلغ شهرها الاول فلا يصح ان تنزل الى عمل الآن)
احتدت نبرة امل بينما تسأل ابنتها...
(و أنتِ غسق هل توافقين على رأيه؟)
لو تعرف امها انها تصارع اسوأ ذكرياتها الآن لأسرعت تضمها الى صدرها بدلا من ان تناقش امورا اقل اهمية فقط لتحرج كرم...زاغت عيناها تهمس بصوت يعاني..
(لا أريد ان ابدأ العمل الآن أمي)
صرخت بها امل رافضة تعلق ابنتها الغريب بهذا الرجل الذي فرضته عليهم زوج ابنة...
(ستندمين على تنازلاتك هذه غسق)
اوقفها ثروت بكلمة تأنيب...
(أمل...اتركيهما بحريتهما هو زوجها و يريد مصلحتها)
همهمت امل بغضب بينما تبتعد ليعطي ثروت الجواب الى غسق و يسرع خلف زوجته...
تمسك كرم بذراعها يسألها بتوجس...
(أنتِ بخير؟)
هزت رأسها نفيا بضعف اوجعه فأسندها الى سريرها تجلس عليه بينما يدلك كفها ببطء...هدأت قليلا فهمست بخفوت..
(اصبحت بخير...ستتأخر على الصلاة)
اومأ لها ليعتدل و يتجه نحو باب الغرفة فتوقفه هي بصوت داعب قلبه...
(أحببت ما فعلته مع عمرو...يبدو أنك دوما تلتقف الضائعين على قارعة الطريق لتمنحهم عمرا جديدا)
لا يبالغ لكن كلامها اصابه برجفة سرت في عروقه ليهمس متأثرا...
(احيانا نمنح احدهم عمرا لأننا في امس الحاجة لأن نعيشه معه...ليست النهاية غسق بل هي بداية لعمر جديد لنا)
اغلق باب غرفتها عليها ليمنحها فرصة لأن تلملم شتات امرها...ارتمت فوق سريرها بتعب تناظر السقف تهمهم..
(ليتني اراها مثلك كرم...)
صدح رنين هاتفها فاعتدلت تخرجه من جيب فستانها لتجد اسم أريج عليه...و كأنها تشعر بها في اصعب اوقاتها...فتحت الخط ليصلها صوت أريج الباهت فتتسع عينا غسق بعدما ابلغتها أريج بما تود قوله...تلاشى الحزن و حان وقت الدهشة لتهتف بعدم تصديق...
(أتمزحين أريج!!!...عرسك الاسبوع المقبل!!!!)




...يتبع...










AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-20, 11:33 PM   #715

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الحادي و العشرون



نهاية الاسبوع...
انفاسها تهرب منها بصوت مسموع و هي تقف تشاهد صورتها في مرآة صالون التجميل الذي حجزه مؤيد لها كحال كل شيء في حفل عرسهما الغريب هذا...عيناها متسعتان دامعتان و هي ترى جمال الفستان الأبيض عليها...خوفها من المستقبل و حساب كل خطواتها و مسؤولياتها كادوا ان يحرموها من فرحة كهذه...لا تصدق ان قلبها يدق بسعادة طفلة صغيرة حلمت يوما بأن تصبح عروسا...فستانها جميل للغاية يسحرها جدا...انسابت نظراتها على كل شبر في جسدها تتذكر كيف وافقت على زواج مؤيد الذي وصفه من قبل بعملية جراحية تحتاج كلاهما...لن تنسى سعادة والديها حينما اخبرتهما بقبولها او راحة مؤيد الظاهرة في عينيه الجليديتين...كلهم كانوا كمن يكافئونها بفرحتهم و يباركون خطوتها لزواج سعيد...لا بأس ففي هذا الزواج لن تتحمل مسؤولية بيت و عائلة فقط طفل صغير لامسها و استثار امومتها المتدفقة...صوت فتح الباب جعلها تلتفت بترقب ليظهر لها وجه أكمل المرتبك...ابتسمت له تحمل طيات فستانها الرائع و الذي كان من اختيار مؤيد ايضا و تتحرك خطوتين للأمام تقول...
(هل وصل الجميع أكمل؟)
اشاح بوجهه بعيدا يداري دموعه المتأثرة و خوفه يتزايد دون رغبته...اي حياة ستكون حياته بلا أريج...من سيساعده و يفكر له و ينصحه...من سيذاكر له و يتابع مع اساتذته...اليوم الذي ابلغتهم فيه قبولها للزواج رغم فرحة والديه كان يطمر حزنه الكبير...نادته بحنانها المعهود بصوت لطالما اراحه و اعتاد عليه...بحق الله كيف سيعيش دونها؟!!
(أكمل...)
كبح انفعاله ليعود ينظر لها ببسمة مشتتة فتضمه جنتها الخضراء بنعومة تليق مع همسها...
(أنت...خائف)
ارتعشتا كفاه جواره فقبض عليهما بعناد شاب مراهق يقول بصوت مهزوز بينما يراقب جمالها الساحر...تبدو كأميرة طال حبسها في برج مسؤوليات عائلية لا تنتهي و الليلة قررت الهرب و فك سراحها لترتدي فستان الحرية...لا يبالغ لكنه فكر مليا منذ وافقت على الزواج لدرجة التعب بأنه لو غاب أحد والديه عن حياته لن يخاف مثلما يخاف الآن...هذا لا يعني انهما غير مهمين لكن الطفل يتعلق بمن يمنحه اول لمسة يد اول صرخة خوف اول صيحة تشجيع و اول نظرة فخر و كلهم بلا استثناء عاشهم مع اخته لا ابويه...
(لكنني سعيد لأجلك)
غامت عيناها بتأثر فتنفست بقوة كي لا تبكي و تلطخ وجهها بمواد الزينة عليه...ابتلعت ريقها بوجع على حال اخيها فهو لا يخطو خطوة دونها لا يملك حرية القرار لاعتماده الكلي عليها و هذا ما خشيته عمرا طويلا و جهله والداها...همست بحنو بالغ قد كثفت به الحب...
(لكن الخوف موجود أكمل)
نظر لها نظرة طفل ضائع ليزفر بحرقة ثم يهرول دون مقدمات اليها يضمها بقوة و يدفن وجهه في صدرها هامسا...
(يصعب علي فراقك ريجو...لا اتحمل ان اعيش في البيت دونك...ان افتح باب غرفتك لا اجدك...انا سعيد من قلبي لك لكنني حزين لبعدك عني)
قضمت شفتها بقوة تلامس خصلات شعره بحنان و تهمس...
(أنت ابني الاول أكمل هكذا اشعر نحوك دوما...ثلاثة عشرة سنة فارق بيننا جعلوا مني اما رغما عني...ابدا لا تفكر انني سأبتعد عنك انا حولك دوما لكنه قد حان الوقت لتستقل بتفكيرك من دوني و دون والدانا...أنت رجل الآن اكمل استعمل كل ما تعلمته و زرعناه بداخلك لتخطو الى مستقبل تؤمن به و تريده)
خرج من بين احضانها يناظرها بعينين دامعتين فأجبر بسمة مرتعشة على الارتسام ليميل يلثم وجنتيها تباعا هامسا بصدق لامسها...
(سأكون في محل هذه الثقة ريجو...مبارك حبيبتي و اتمنى الا يكون قبولك هذا بسبب الحاح أمنا)
رفعت كفها تلامس وجهه و تمسح زوايا عينيه ببسمة حانية تقول...
(لا تخف خطوة الزواج جاءت عن اقتناع)
قاطعهما صوت عاملة الصالون التي دلفت للتو تقول ببشاشة...
(لقد وصل العريس يا عروس)
ابتعد اكمل عن أخته لتتأهب للقاء عريسها...تنفست أريج بقوة تنتظر دخوله لأخذها...بصفة زوج يفصله عن ارتباطه بها اقل من نصف ساعة هي عمر المسافة الفاصلة بين صالون التجميل و بيته الأنيق حيث حفل العرس و المأذون...
دلف مؤيد بطلته الساحرة يرمقها طويلا بنظرة جامدة...كان يجب ان تشعر بالخجل أو ربما الفرح لكون هاتان العينان الزرقاوان يتفحصها صاحبهما هكذا...لكنه و للعجب شعرت بالغضب و كأنه يقيم هيئتها في فستان ابتاعه لها و صالون تجميل اختاره بنفسه...سألته بحدة دفعت التعجب ليسيطر على عاملة الصالون و أخيها...
(هل ستظل تبحلق فيّ كثيرا؟!...دعنا نذهب)
دون ان تتغير ملامحه خطى نحوها بثبات راسخ ليقف قبالتها قائلا بغرور مسموع...
(هل مللتِ الانتظار و تتعجلينني لتصبحين لي؟)
حدقته بعينين خضراوين يشتعلان و ضحكة العاملة الجذلى خلفه تؤجج غضبها اكثر...بينما هو ببرود تظن انه متأصل به يراقبها...صوت الزغاريد الآتية من الخارج فك تشابك العينين لتحثهم العاملة على الاستعداد للخروج...مد ذراعه لها بأناقة فتعلقت به مجبرة و بمجرد ان اقتربت منه همست له من تحت اسنانها...
(هذه الطريقة التي حدثتني بها لا اقبلها فلا تثير غضبي بتكرارها)
دون ان ينظر لها قال ساخرا...
(انها مجرد جملة حميمية بين رجل و زوجته)
شعرت بالحرج لتهمس مجددا بإصرار...
(مؤيد هدف زواجنا الأول هو ابنك...)
نظر لها بطرف عينه يقول بجمود زاد من حرجها...
(الأول و ليس الأوحد...)
خرجا من صالون التجميل لتستقبلهما الزغاريد و التهليل...رفعت رأسها له تسأله بترقب...
(ماذا تعني؟!!)
التفتت رأسه لها صامتا بطريقة جعلت وجنتيها تضرجان بخجل هذه المرة...تكلم بعدما رمق لون خجلها بقلة ذوق شعرتها أريج من نبرته...
(اعني ما جعل وجنتيك تشتعلان هكذا...)
لامست خدها بيدها الحرة تشعر بالحرج الشديد فلم تهتم بالناس حولهما لتسأله بصوت مرتفع...
(و ما الذي جعل وجنتاي تشتعلان في ظنك؟!!)
ابعد نظره عنها ينظر للأمام حيث الناس قائلا ببساطة...
(أن زواجنا سيريحك من لقب عانس)
لم تعبأ بتكرار اهانته لها مجددا بذكر عنوستها بل زفرت براحة أنه لم يفهم ان خجلها من حديثه... لكنها لم تلبث و اتسعت عيناها و توقف تنفسها بخجل مميت حينما قال...
(و هذه الخطوة لن تتم إلا بي...)
تتبع عينيها التي ترمش مرات متتالية و وجنتاها يتضرجان بحمرة قانية...في الواقع هو غير مهتم بالمرة بأي امرأة كل همه هو ابنه و راحته و امله الوحيد الذي تجدد مع ظهور أريج في حياة يائيل أن يعيش ابنه كطفل طبيعي و ينسى ما اصابه ماضيا...لكنه منذ دلف قبل قليل و رآها في فستانها كحمامة مسالمة استفزته دون مبالغة...لم يعتد عليها هكذا بل اعتادها شرسة نارية بواحتين خضراوين مشتعلتين لذا أحب ان يثير غضبها و قد نجح دون مجهود...اجلى صوته يقول ببرود زاد شعلة روحها
(الى السيارة لا أريد ان نتأخر أكثر من هذا)
تسمرت مكانها تود لو تنهي زواجها به قبل أن يبدأ و بطريقة ما يبدو عرف نيتها فمال الى وجهها يقول...
(لا فرار من وعد قطعته معي...انا اعتبرتك زوجتي منذ وصلني قبولك قبل اسبوع)
تحركت معه بعدما دعاها بطريقة متحضرة الى السيارة اخيرا في هذا اليوم يتصرف بتحضر حتى و إن كان لا يخلو من عجرفته فيبدو عليها التأقلم معها ببساطة لأنها في طريقها لتصبح زوجته...
بيت سليمان المراكبي...
(هاتف أنور ليجلب السيارة اسفل البيت بدلا من مدخل الحي...لا تخرج مع زوجتك و تمشيا كل هذه المسافة امام اهل الحي ستصيبكما العين)
ابتسم كرم لأمه بتفهم يلثم رأسها قائلا...
(سلميها لله يا حاجة صفية و لا تخافي)
جالت عيناها عليه في حلته الرمادية هذا اللون الذي تحبه عليه لأنه يناسب لون بشرته...كم هو وسيما!! هو في كل حالاته وسيما في عينيها لذا قالت بلوم..
(و نعم بالله لكن لا تتهاون...نسوة الحي منذ تزوجت و هن لا يجدن سيرة غيرك أنت و زوجتك يرمقونكما في كل خطوة)
ضحك كرم بخفوت يقول...
(نسوة الحي لا يملكن غير هذا ليفعلنه مع الجميع أمي)
اثناء جدالهما قد انهت غسق ارتداء ملابسها و خرجت تغلق باب غرفتها بهدوء...تحركت الى الصالة و كم تحمد الله ان سهر تزور اهلها الليلة مع زوجها و ابنها حتى لا تصادفها يكفي سخفا فهي لن تتحمل المزيد منها...رأت كرم يضاحك أمه في منتصف الصالة فتقدمت منهما تلقي التحية...
(مساء الخير...انا جاهزة كرم)
رفع بصره اليها و وقع قلبه في قدميه...حورية تشع رونقا ذهبيا قد خرجت من غرفته للتو...فستانها الذهبي يناسب قدها كثيرا...هل يستمع لحديث والدته و يخفي هذا القمر المنير عن اعين البشر كلهم...صدح صوت صفية القلق تقول بأمر جعله يزحزح عينيه عنها بصعوبة...
(لا كرم بهذه الهيئة لن تنزلا إلا اذا كانت السيارة اسفل البيت)
تحركت عينا غسق على فستانها بدهشة تسأل بعدم فهم...
(هل هناك مشكلة في ملابسي؟!)
تحدثت صفية بحنان تقول...
(لا حبيبتي تبدين جميلة جدا حماك الله)
ضيقت غسق عينيها و استيعابها بطيء لتسأل مجددا...
(إذًا ماذا هناك يمنع نزولنا؟!)
تكلم كرم هذه المرة قائلا بنظرة عين اخفق في اخفاء عشقه و اعجابه بها...
(أمي تخشى شر العين...)
رفعت حاجبيها بتفهم تنظر لكرم قائلة بتوضيح...
(ستمر على خير ان شاء الله ففي النهاية نحن مجرد أناس عادية)
ابتسمت لصفية تهمس بلطف حينما لمحت انزعاجها...
(كيف ترين فستاني هل يليق بي احتاج رأي حضرتك؟)
(قمر)
انسدل تعبير كرم من فمه بلا شعور ليخبرها بقلبه قبل لسانه كيف تبدو...التفتت له صفية ببسمة صغيرة سعيدة لهذا الذي يطل من عينيه و يبهج امومتها على صغيرها...بينما غسق رفعت وجهها له بتعجب من كلمته و قد عجزت عن فهم مقصده...تنحنح يلجم جماح نفسه موضحا...
(قمر ايضا ستجدينها نسخة مصغرة من أمي في أمور الحسد و العين)
زمت شفتيها تقول...
(الجميع يؤمن به لكن لا يجب ان نوقف حياتنا و نترقب الناس حولنا خوفا و تحسبا من القادم...المستقبل بين يدي الله)
همهمت صفية بيقين...
(و نعم بالله...لكن لن تتحركا قبل أن تصل السيارة لأسفل البيت)
ابتسمت غسق بسمة صغيرة بينما كرم ضحك بخفوت يخرج هاتفه ليتصل بأنور طاعة للحاجة صفية...
بعد ساعة...
وصلا الى بيت مؤيد حيث يقام حفل العرس...خرج كرم من سيارته يسرع ليفتح لها بابها و يساعدها في الخروج...اغلقت الباب خلفها تنظر حولها بقلق مرسوم فوق صفحة وجهها...كيف تصيغها له او لأي شخص آخر كيف تنطق و تقول انها مرتعبة من تجمع كهذا به عدد كبير من الرجال الغرباء...منذ حادثها و هي حبيسة البيت و في المرات القليلة جدا التي خرجت فيهم و رأت غريب كانت تتخشب متخذة وضع الصدمة من ان يهجم عليها...حتى يوم عرسها كانت بعقل مرهق لم يسعفها لتنظر في وجوه الناس لترتعب...كما انه كان جوارها طوال الوقت...نظرت له عند خاطرها الاخير تهمس لنفسها بتأكيد...
(هو معك هنا ايضا لذا ستمر الليلة دون خوف)
تحركت معه للداخل بينما هو يمشي بخطوات ثقال...يغلي داخليا و قد فطنت روحه ما تفكر فيه و رعبها من الاختلاط بالغرباء...نيران غادرة يكافح كي يخمدها عادت تشتعل ببطء دنئ...نيران رجل ثائر و رجولة مهدرة يكبلهم بقسوة لأجل عيونها هي...لكن تذكرها يلهبه رغما عنه فلا يقوى سوى على التألم الصامت من ضراوة حروب نفسه الداخلية...دلفا للداخل و لم تحتاج غسق لكثير من الوقت كي تصل بعينيها حيث أريج...هناك تقف جوار عريسها بفستانها الجميل...ابتسمت غسق بسعادة حقيقية لصديقتها فبعد رفض مستمر وافقت أريج أخيرا لتتزوج بغض النظر عن طريقة عرض هذا الزواج...لامست ذراع كرم بأطراف اصابعها تهمس بصوت متأثر للغاية...
(العروس هناك يا كرم دعنا نذهب اليها و نبارك لها)
تحركا نحو أريج المبتسمة بسمة صغيرة للغاية تستقبل بها المباركات من أهلها فلم يحضر من عائلة العريس سوى عمه فؤاد والد ديما و اسرته الصغيرة و بعض الاصدقاء من المجال الطبي...التقطت عيناها غسق لتتسع بسمتها كثيرا و هي تفتح ذراعيها بترحيب حار...اسرعت غسق خطاها حتى سكنت في احضانها تضمها بسعادة حقيقية هامسة بدفء شعرت لتوها انها امتصته من دفء كرم...
(مبارك أريج جعلها الله زيجة سعيدة)
قبلتها غسق من وجنتها لتبتعد عنها ببسمة تقول...
(تبدين جميلة جدا أريج)
امسكت أريج كفها بحنان تقول...
(بارك الله فيك حبيبتي...و اسعد قلبك ايضا بما يعوضه و يريحه)
اسبلت غسق اهدابها بصمت جعل أريج تشدد من تمسكها بكفها تسألها...
(أنتِ بخير غسق؟!)
اومأت لها دون ان ترفع وجهها لتهمس بخفوت...
(أحاول ان اكون لا زلت اتخبط في طريقي)
اقترب كرم منهما بعدما منحهما بضع دقائق تبارك فيها غسق لها...لكنه شعر بأهمية تدخله حينما لمح حزن غسق و تأثرها البادي لعين قلبه...
(مبارك يا دكتورة...زيجة الدهر ان شاء الله)
ابتسمت له أريج بمحبة سببها ما يفعله مع صديقتها و شهامته تقول...
(شكرا لك كرم اسعدني وجودك)
انتهى مؤيد من استقبال مباركات زملاء المهنة ليلتفت حيث أريج التي منحت كل تركيزها لضيوفها...ضيق عينيه قليلا حينما حطتا على غسق ليقترب قائلا بصوته الجامد بعجرفة لا يتنازل عنها...
(آه الصغيرة المتلصصة صديقة ديما هنا)
اجفلت غسق من نبرة صوته و حينما رفعت وجهها له رمقها بإحدى نظراته الجليدية المخيفة...تراجعت للخلف بحرج و قلق... لا يزال يملك نفس تأثير أول مرة رأته...مخيف!!
شعرت بكف كرم يحاوط اعلى ظهرها ساندا إياها و يدفعها للأمام كداعم لها...نظرت له نظرة خاطفة فمنحها الطمأنينة في نظرته ليدفعها عبرها بأن تتزن هامسة بخفوت...
(مبارك لك دكتور مؤيد)
سألته أريج بفضول كبير فكل ما تعرفه ان غسق هي من رأته في خطبة شقيق ديما...
(هل رأيت غسق من قبل؟!)
ادخل مؤيد كفيه في جيبي بنطاله يرمق غسق بتسلي نادرا ما يشعر به...
(نعم...في خطبة يوسف كانت تقف مع ديما في زاوية مخفية تتلصصان على الرجال)
اتسعت عينا كل من اريج و غسق لتطأطأ غسق رأسها بحرج مميت تتمنى لو يموت هذا الرجل حالا...صوت كرم خرج خشنا حمائيا يقول...
(يبدو أن الدكتور يحب المزاح كثيرا...أليس كذلك؟)
ارتسمت بسمة غير مكتملة على زاوية فم مؤيد يرمق كرم و كفه المتملك حول غسق ليقول ببرود...
(تزوجت الصغيرة إذًا)
ثم حاصر عيني غسق المحرجة لفترة جعلت كرم متحفزا بشدة ليقول بصوت مر عاديا للجميع إلا أريج التي لمحت فيه نبرة...حنان!!!
(فلتتوقفي عن التلصص فديما دوما مشاغبة)
عضت غسق شفتها السفلى بصمت بينما مؤيد يرمق كرم هذه المرة بشيء من الرضا!...
(مبارك دكتورة أريج...مبارك دكتور مؤيد)
تصلبت أصابع كرم فوق ظهرها بينما هي تأهبت خلاياها بنفور كبير حينما سمعا الصوت...ما الذي اتى به الى هنا؟!...تقدم رامي الذي تتأبط ذراعه لارا من العروسين لكنه تجمد حينما لمح غسق بهذا القرب من نفس الشاب الذي جلبها للمشفى...انسابت نظراته عليها في لمحة خاطفة...لا تزال محتفظة بجمال صورتها رغم ما حدث...صوت مؤيد خرج منبها ببعض الفظاظة حينما لمح نظرة الفتك في عيني كرم...
(العريس يرتدي أسود لا ذهبي)
تنحنح رامي بتوتر مختلط بعصبية كبيرة يزيح عينيه عنها بعدما اصابته عيناها بسهام الاحتقار...مد يده الى مؤيد يبارك بفتور كبير و حينما توجه الى اريج بادلته نظرة سوداء لتبعد كفها هامسة...
(شكرا لك)
سحب كرم غسق معه ببعض الخشونة الغير مقصودة حيث طاولات الضيوف...جلس بعدما اجلسها لترى تحفز ملامحه و عروق جبهته تكاد تنفجر...اقتربت منه بحذر و حدسها يخبرها بشيء سيء سيحدث فهمست...
(كرم...)
قاطعها بصوت مقتضب للغاية...
(ليس الآن...)
ابتلعت حروفها بغصة مؤلمة لأول جفاء تستقبله من مصدر الأمان لها...تنفست بصورة رتيبة تداري عينيها عن عيني أريج المتتبعة لهما بعدما لاحظتها...مر رامي مع لارا بالقرب من طاولة كرم و غسق ليتعمد اختيار اقرب الطاولات اليهما...رفع كرم بصره بحدة دفاعية ليجد عيني رامي تخترق غسق بنظرة تفحص تقتله...الدنيء الحقير عديم المروءة و الشرف يسمح لنفسه بهذه النظرة لزوجته هو...صوت انفاسه تعالى بينما يغمض عينيه يمسح أعلى فمه ببطء كي يتأنى...تبا له و تبا للظروف المحيطة التي تكبله من ان يربيه و يعلمه كيف ينظر لزوجة كرم المراكبي...
(الشرارات المتبادلة تكاد تحرق الاجواء)
جملة مؤيد الجامدة وصلتها بينما تتفحص حالة غسق و كرم من مكانها...التفتت له بحدة تقول بنبرة دفاع...
(ماذا تقصد بالضبط؟)
طالت نظرته لواحتيها المشتعلتين ليشيح نظره بعدها ببطء مغيظ كحال صوته...
(يبدو ان صديقتك تقيد معها القلوب )
تفحصته قليلا تفكر بأنه رجل شديد الذكاء...همهمت ببطء خافت تبعده عن نطاق غسق و حياتها ...
(دكتور فؤاد ينادي علينا دعنا نذهب اليه)
تحركت امامه بقامتها الطويلة داخل فستانها فتتبعتها عيناه بصمت ثم تحرك خلفها مدعيا انه انطلى عليه خدعتها الواهية...
نظر في ساعته بضيق كبير ليجد ان الوقت الذي انقضى فقط ربع ساعة...تبا لماذا يمشي الوقت بهذا البطيء اللعين فيتيح لحيوان مثله حرية النظر الى ملك يمينه هو...التفت اليها ليجدها تتلاعب بكأس العصير الموضوع امامها بصمت كئيب...لا هذا يكفي الخامسة عشرة دقيقة هم كل ما يمتلك من قوة احتمال ليمرر ما يحدث من الوغد رامي و يرى فيهم هذا الوجه الحزين منها...استقام واقفا فجأة فرفعت عينيها اليه ليهولها منظر وجهه الغاضب فقال بصوت حاول كثيرا ان يكون هادئا...
(هيا هذا يكفي...)
تفهمت رغبته في الرحيل فاستقامت بصمت تقف جواره هامسة...
(سأودع اريج و بعدها نذهب)
كلمة واحدة خرجت منه جافة للغاية...
(حسنا...)
مد ذراعه يحاوط خصرها بتملك واضح ليبتعد بعدها بها حيث العروس...استقبلتها اريج بنظرة متوترة من ملامح كرم خاصة بعدما اعاد مباركته باقتضاب و ترك غسق معها ليحضر السيارة بالقرب من باب البيت... لامست ذراع غسق بحنان تهمس بتعقل...
(لا تحزني من رد فعل كرم فرامي منذ بداية الجلسة لا ينزل عينيه من عليك...تفهمي غضب كرم فهو رجل شهم تدفعه رجولته للغيرة على بنات حيّه فما بال أنتِ زوجته)
اتسعت عينا غسق بعدم تصديق تسألها...
(رامي كان يتتبعني بعينيه لم ألحظ)
تكلمت أريج بهدوء لتوضح الصورة اكثر...
(غسق رامي خطب لارا الوكيل ابنة زاهر الوكيل أحد اكبر اطباء البلد)
بكرامة مطعونة تعاني النبذ و التحقير همست غسق بحلق جاف...
(رامي بات لا يهمني)
لمحت أريج الألم في عيني غسق فقالت بصوت حازم...
(لم يكن يستحقك ابدا...)
اومأت غسق ببطء حزين...بالتأكيد ليست حزينة على رجل مثله إن صح وصفه برجل لقد عرفت معنى الرجال مع كرم...لكن ان تكون قمة يأمل بلوغها أحدهم و يسعى او يوهمك انه يسعى اليك ثم يُشعرك انك ادنى من بركة وحل قذر لهو شعور مميت...مميت للغاية
دعمتها أريج بكل ما تعرف من كلمات حتى وصلت لها أمها تقول بوجه سعيد للغاية...
(يا عروس تعالِ لتسلمي على خالاتك)
بعد تحية سلام صغيرة لغسق سحبتها والدتها حيث الضيوف...بينما غسق لملمت ما تمكنت من مشاعرها الضائعة لتخرج من باب البيت مقررة ان تذهب الى كرم لا ان تنتظره...قطعت حديقة البيت بخطوات تنعي كل دقيقة تخلت فيها عن تربيتها و اخلاقها لتتحدث فيها مع رامي...لتسمع منه و تُسمعه...ليحكي و تحكي...كل لحظة معه تتراءى لها الآن كوميض مؤلم يعمي العين و الروح...شوهت روحها بيدها حينما قررت خوض هذه التجربة الفاشلة مع من لا يستحق...
قوة سحبتها للخلف فلم تشعر إلا بنفسها تصطدم بصدر أحدهم و غصبا تستند عليه لتدعم استقامتها المهتزة...حطت عيناها على صدره لتنقبض خلاياها برعب مميت...هذه ليست حلة كرم الرمادية...هذا رجل غريب!!
انتفضت مرتعدة للخلف تخلص نفسها من براثن غريب جديد قد ينهشها...لتصطدم عيناها به...رامي!!!
بوجه متحفز و اعين غاضبة خرج سؤاله الحاد...
(هل تزوجتِ حقا من هذا الشاب الذي اتى بك للمشفى؟!!!)
لا تبالغ إن قالت انها فقدت التركيز من تبجحه و تجرؤه عليها...فصمتت بأعين تضيق مع الوقت تبحلق في وجهه بعدم فهم...لحظات و هي ترتب الصورة ليتسع ضيق عينيها تدريجيا و تتقد شرارات الكرامة فتتشح بغضب هادر عنيف كحال صوتها الحاد المحتقر...
(من سمح لك بإمساكِ هكذا...من اخبرك انك تمتلك الحق لتسألني أي سؤال...)
كم هو يعاني خسارة فتاة مثلها كانت رهن اشارته ليعيد سؤاله بأسلوب اكثر مهانة...
(اعرف حجم مصيبتك لكن ألا تملكين عقل لتعرفي انه استغل حادثك ليربطك به...يا الهي انه اجاد استغلال حالتك ليتزوجك!!!...ألست نادمة على قبول زواج مشوه كهذا؟!!!)
توقف تنفس كرم تماما و هو يقف خلف هذه الشجرة المتواجدة بالقرب منهما...حينما جلب سيارته قرب الباب دخل ليصطحب غسق معه لكنه اصطدم بوقوفها مع هذا الرجل الحقير...كاد يهرول اليهما ليلكمه في وجهه البغيض لولا سؤاله المطروح و ملامح وجه غسق حينها...قلبه يخفق بجنون مع انفراج شفتيها و انتظار كلماتها...
(نعم نادمة...اشد ندم)
قبضة قاسية اعتصرت قلبه الآن و هو يسمع صوتها الصادق المتألم و يرى ملامحها الباكية...نادمة على زواجنا غسق...نادمة على ربط حياتك برجل يفديك بروحه...نادمة على فرصة يتيمة منحتها لهذا الخافق بقوة خلف ضلوعي ينهت من فرط حبك...تكورت كفاه بقسوة توازي مقدار وجعه رغم يقينه ان وجع كهذا لا يوجد له مكيال...هربت انفاسه من صدره مرتعشة و ما زادها بسمة رامي المنتصرة التي زينت محياه...رمق غسق بعينين متوجعتين يتوسلها منحيا كبريائه جانبا قاتلا رجولة دفنها بتجبر ليتزوجها مانحا قلبا يذوب شوقا في حبها بصيص امل لو...زائف
(نادمة لكل لحظة رخصت بها الغالي لأجلك...على كل كلمة كتبتها لك و انا ادهس مبادئي و اخلاقي و تربيتي...على كل لهفة نبعت من روح تمنت ان تلمحها...نادمة لأنني عرفتك يوما رامي)
قضم شفته المرتعشة بانفعال كبير...بقلب نُطق لأجله شهادة حق احيته من جديد...كروح تعطشت لترتوي ببضع كلمات تنصفها...راقب وجهها المنفعل بحزن و غضب...بألم و جرح...كلها كانت تنتفض مقابل صدمة رامي المذهول...
ها قد جاءت اللحظة غسق لتفضي ما جاش به صدرك...لتصرخي بذنبك عاليا عل الله يغفره و يرحمك...لتبلغي هذا الرجل الماثل امامك انك...تمقتينه
صرخت بحدة دامية في وجهه...
(أنت بكل ما بك لا تساوي شيئا امام رجل تذم به و تتهمه بالاستغلال...تود ان تعرف من يُجيد الاستغلال هنا)
اقتربت منه بنظرة جعلته يطأطأ رأسه بحرج كبير غير قادرا على استقبالها اكثر...تكلمت بحرقة قلب بري روضته عنوة ليطاوع مطالب لا يؤمن بها في التقرب من رجل مثله...
(أنت رامي...أنت ابشع رجل رأيته في حياتي...تستغل الاشخاص و الفرص و تسحق القلوب بقدم مصلحتك...لم يكن لي يوما خطأ عظيم اخشى منه لكن اليوم ادركت انك اعظم اخطائي...ما اصابني كان عقاب من الله على هذا الخطأ و أنا في هذه اللحظة آمنت بأن هذا الألم في قلبي...استحقه)
احنت وجهها للأسفل تسمح لدموع الندم ان تجري مدرارا على وجهها فخرج صوت بكائها مسموع بخفوت...رفع رامي وجهه اليها بتحفز كاره لأن تصف حقيقته بكلمات مهينة...اقترب منها يتسمك بذراعها محاولا ان يعيد صورة ظنها اقتنعت بها له...فهمس بلطف مهتز...
(هل كل هذا الألم سببه أنا؟!!)
انتفضت بحدة تسحب ذراعها من بين اصابعه تهدر بعصبية...
(اتركني رامي و لا تجعلني اتصرف بما يقل من قيمتك...)
اقترب بوجهه منها يهمس بنظرة اجادها من قبل لكن الآن ضاعت منه كل مفاتيح القيادة...
(لم تمنعني عنك سوى قوانين مجتمع قاسٍ غسق...أما هذا القلب...)
(سيتوقف عن النبض بعدما ازهق روحك القذرة)
صوت كرم الهادر بغضب جامح الجم رامي و افزع غسق...الامر تطلب منه لحظات يستجمع فيهم شتات امره بعدما تدهورت حالته خلف هذه الشجرة و الترقب يقتله الا ان جاء ردها كقطرة ماء احيت ارض ميتة...ليجد ان هذا الوغد ينتهز الفرص من جديد...في بادئ الامر لم يملك حق صد رجل مثله عنها أما الآن و هي زوجته هو تحمل اسمه هو يمتلك كل حقوق الارض ليقتلع عنقه بيده...
لكمة عنيفة اطاحت رامي للخلف ففلتت غسق من بين اصابعه تصرخ بخوف...
(كرم توقف ارجوك...)
إلا ان كرم كان منساقا خلف رغبته الوحشية في قتل رامي حقا...استقام رامي بشر يقترب منه قائلا...
(لا تحسب صمتي على ضربتك الاولى سيظل صمتا دائما)
بوجه مخيف و صوت خشن للغاية تكلم كرم...
(تعال و ارني مقدار رجولتك)
استفزه كرم بهذا الكلام فتقدم رامي بعصبية زائدة يحاول رد اللكمة لكرم لكن الأخير راوغ اكثر من مرة حتى تمكن منه رامي بضربة ليست بهينة...احتدت نظرات غسق لتتوحش و تهرول تقف بينهما صارخة في رامي بقسوة...
(اياك ان تتجرأ على لمسه رامي...)
اعتدل كرم يسحبها من خصرها للخلف آمرا بخشونة...
(لا تتدخلي)
بعدها قبض على ياقة قميص رامي يكمل وصلة ضرب كان بها هو الطرف الاكثر سيطرة...و على إثر جلبتهم خرج الجميع من الداخل ليروع أريج ما تراه من مصيبة خشيت حدوثها...اسرع مؤيد بخطوات ثابتة ليفصل بينهما بأمر حاد...
(توقفا...إن اردتما الشجار فلتفعلا في الشارع فهو المكان المناسب لأفعال لا يستقبلها بيتي)
رمقه كرم بنظرة غاضبة قائلا بصوت لاهث...
(احسن اختيار من يدخل بيتك اولا فأنا لا أملك إلا ان اربي قليلي التربية)
اهتاج رامي خلف مؤيد يحاول التقدم من كرم يستكمل ما بينهما من شجار لكن قبضة مؤيد اوقفته بقوة حينما وضعها فوق صدره يصده للخلف بنظرة جليدية من الدرجة الأولى قائلا بتحذير خطير...
(لم أقم بطرد ضيف لي من قبل فلا تكن الأول)
ابتلع رامي الاهانة بصعوبة كبيرة...ببساطة اين هو و اين مؤيد ليقف امامه...التفت مؤيد ينظر لكرم نظرة تعني "انتهى الأمر"...تمسك كرم بكف غسق الباكية يأخذها معه مبتعدا عنهم جميعا لتهدأ الأجواء رغم اشتعالها بداخله...اسرعت اريج تحمل طيات فستانها منادية على غسق لكن مؤيد اوقفها بصوت جامد...
(توقفي...)
ترك رامي بعدما جاءت لارا بملامح لاعنة تساعده و يبتعدا...اقترب مؤيد من أريج التي هتفت فيه بحدة لا تليق بعروس إذا صح و تم حساب هذه الاجواء المتكهربة بعرس
(لا تملك الحق لتمنعني عن فعل ما أريد)
بهدوء بارد للغاية تكلم...
(يبدو نسيت الدكتورة انني زوجها...لا املك حق منعك فقط بل بت املكك كلك)
حمرة خجل ملعونة لونت وجهها بسبب ما سمعته جعلته يوقن ان صاحبة الواحة المشتعلة تكون ممتعة اكثر عند استفزازها لتخرج انثى وديعة تثير استمتاعه...اشاحت بوجهها بعيدا عنه لينظر هو في ظل كرم المتروك قائلا..
(يحتاجان الكلام بمفرديهما...فقط هو و هي...وجودك في هذه اللحظة و حديثك معها مهما بلغ من قوة لن يساعدها هي تحتاج زوجها اكثر من اي شخص آخر)
بحلقت في جانب وجهه بأعين متسعة بذهول...كيف له ان يفهم حالة كرم و غسق من اول لقاء عابر لهم...تكلم دون ان ينظر لها بأمر...
(الضيوف تجمعوا بالداخل من جديد...ادخلي)
تتبعته يسبقها بعجرفة للداخل فبقيت تشاهده بتعجب من قوة ملاحظته...همست بخفوت مندهش
(ما هي درجة ذكائه!!)
اتى صوت ديما خلفها تقول بتسليم لأمر واقعي..
(مؤيد لا يُقاس ذكائه بمقياس ذكاء البشر العاديين...انه ساحر)
ضيقت اريج عينيها تهمس بعدم فهم...
(ساحر!!)
أومأت ديما تقترب منها قائلة...
(لا تتعجلي في القريب العاجل ستفهمين قصدي)
امسكت ذراعها تقول بقلق حقيقي لما حدث و لا تفهم سببه...
(لا اعرف ما سبب شجار كرم مع رامي لكنني قلقة جدا على غسق)
عينا اريج التقطتا رامي مع خطيبته في نهاية الحديقة يبدوان يتشاجران بحدة و المسيطر هنا هي لارا...بالتأكيد اشترت رامي باسم والدها و نفوذه...كم تحمد الله رغم كل شيء انه ابتعد عن غسق...همهمت بصوت رغم قلقه موقن ان كرم ابدا لن يؤذيها...
(لا تخافي كرم يجيد احتوائها)




...يتبع...











AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-20, 11:38 PM   #716

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الحادي و العشرون




اوقف السيارة قرب الشاطئ ليفتح بابها و يخرج منها صافقا إياه خلفه بحدة...توجه نحو البحر يتخصر في وقفته امامه و قد اشتعلت روحه و لم يكتفي بضربه لرامي كي يهدأ...في السيارة بعينيها الحمراوين تتابع وقفته المتشنجة بقلق...بعد خروجهما من بيت مؤيد و هما صامتان حالته دفعتها للتوجس من الحديث معه...بأصابع متوترة فتحت باب السيارة لتخرج منها و تتجه اليه...وقفت جواره بترقب رغم هيجان روحها هي ايضا...لحظات مضت و خرج صوته الغاضب يسألها بعنف لم تعرفه به من قبل...
(كيف تسمحين له بالوقوف و الحديث معك...أليس لزوجك اي قيمة تجعلك تصدين الغرباء و تمنعينهم من التمادي؟!!!)
كان قاسيا في نظرته في كلماته في انفعاله...كان كله يعيد تذكيرها بذنب اقترفته مدركة بشاعته و لكنها طمست صوت ضميرها ليعاقبها الله اشد عقاب عليه...أما هو فكانت الغيرة تحرقه تنهشه بأظافر صلبة موجعة...نظرات الحقير و ملامسته لها قربه اللعين منها كل شيء عقله سجله بسطور من نار تلهب رجولته...هدر بها حينما طال الصمت و هي تنظر اليه بأعين دامعة...
(لماذا سمحتي له بقول ما قال...هل كان يحدثك بهذه النبرة اللعينة من قبل ها؟!!)
العقاب لا يزال مستمرا غسق...تقبليه بصدر مؤمن يوقن ان بعد الضيق فرج...ستتحاملين على هذا الألم في صدرك لتكفري عن ذنبك في حق الله و حق والديك و حق نفسك...سؤاله الجديد كان آمرا لا مستفهما حينما اقترب منها يسأل بغيرة واضحة في حروفه لم يقوَ على كبتها بعد..
(ماذا كان يحكي لك؟!)
رمشت بعينيها بخزي تهمس بصوت مختنق...
(هو لم يتجاوز معي ابدا حدود الاحترام)
بحة صوته كانت متألمة بندم عظيم حينما قال...
(لكنه تجاوز حدود قلبك)
و كمتهم يعترف انه ارتكب جريمة ليست نابعة سوى من سذاجته هزت رأسها نفيا و دموعها تتكدس اكثر في عينيها...تهمس بصوت غصته تزيد الألم في روحها و روحه...
(لكنني اكتشفت انه لم يمس قلبي لمرة لم يجمعنا الحب ابدا ...شعوري نحوه كان مجرد انبهار و حماس لفكرة ان رجلا مثله يفكر فيّ...و حينما تخلى عني تألمت لأجل كرامتي لا لفراقه... قلبي لم يعرف الحب بعد)
تأثر بصوت وجعها فخفت صوته يقول بتمني لا يجدي هنا شيئا...
(ليتك لم تعشمي قلبك به و انتظرتِ قليلا...)
لا يعرف أي طريق كان سيسلك ليبدد هذا الانتظار و يقترن بها لكنه مدرك تمام الادراك انها لم تكن سوى له...هي له حتى لو اعترض عقله فيما مضى...هي له حتى لو رفضته...هي له حتى لو كان يحوم حولها آلاف الشباب و ليس واحدا...هي حلاله هو الذي ناجى ربه سنوات كي يجعلها نصيبه...و حينما استجاب كان ينتظرهما اصعب اختبار لكليهما ذبحوها امامه بعدما فشل في حمايتها...نفسا مرتعشا خرج منه و هو يراقب تساقط الدمع من عينيها...هو احد اسباب ما حصل ان لم يكن اهمهم...ألم يتشدق طيلة الوقت بحمايتها فأين كان يوم صرخت روحها تطلب النجدة من اي شخص...سبة غاضبة خرجت من فمه اللاعن اصابتها برجفة جعلته يوليها ظهره محاولا ان يتحكم في فورة غضبه...
(ليتني يا كرم...)
صوتها الباكي يصل لمسمعه فيكبل حركته اكثر...
(ليتني لم أعرفه قط...لقد اذنبت في حق نفسي و ما قد اصابني ما هو سوى عقاب على فعلتي)
زاد بكاؤها فأحنت رأسها بضعف تسترسل...
(لكنني اضعف من ان اتحمل المزيد...انا اموت كل لحظة داخلي يتهاوى بدمار لا يراه سوى الله...اكاد افقد عقلي من كثرة التفكير كرم...اكره جسدي لأنه يزال يحمل لمساتهما...اود لو افقد سمعي لأنه يُذكرني بهمس كلماتهما القذرة...كل شيء عشته تلك الليلة حُفر داخلي و لا ينمحي...اعاند لأبقى ثابتة اتحمل توابع ذنبي بنفس راضية لكن...أما آن الخلاص؟!!!)
قلبه تقلص كحال حنجرتها التي جرحتها هذه الكلمات الشائكة...التفت اليها يراقب انهيارها فغامت عيناه بألم مشترك بينهما...استقبل نظرتها المتعبة التي تشكو له و كأنها نسيت ان صوتها بل روحها تسكنه و تشف له ما بها...
(هل أخبرك سرا كرم...أنا ارتعد من اي رجل غريب يمر جواري...ما عدت اشعر بالأمان و انا اسير بمفردي في اي مكان...لا يأمن قلبي سوى لوجوه اعرفها و أعرف انها لن تؤذيني كأبي و...أنت)
اسبلت اهدابها تهمهم ببكاء و كأنها تواسي نفسها...
(هذا جراء ما اقترفته يدي في حق نفسي...سأصبر لعل ينتهي العقاب)
بصوت نبذ الغيرة و اطفأ الغضب ليتشح بالحنان الجارف تكلم...
(الله أرحم من ان يعاقب عباده غسق...انه يبتليهم يختبرهم ليهذب بداخلهم صفات و تصرفات ستؤذيهم...الله أحن على العبد من نفسه و أقرب اليه من حبل وريده لا يحمل النفس إلا ما لها به طاقة..)
رفعت عينيها ببطء اليه غير عابئة بدموعها المنسكبة تهمس بصوت متقطع قبل أن تخبئ فمها بكفيها و تنخرط في موجة بكاء أعنف...
(لقد...تعبت و الله)
لم يتحمل الصبر أكثر فهمس ببحة متألمة لتعبها...
(تعالِ...)
سحبها من ذراعها يضمها الى صدره بقوة يربت بحنان خلف ظهرها...تشبثت بظهر سترته و نشيجها يعلو في مشهد لم يتخيل كلاهما حدوثه حتى في احلامهما...قبل اعلى رأسها بقبلة دافئة طويلة يقول بصوت قريب للغاية من روحها...
(بيدك انهاء هذه الفترة غسق...توقفي عن تناول المهدئات يكفي تخديرا لجرح نازف من الأساس)
شعر برعشتها بين احضانه فأكمل بنفس الحنو...
(أنا أعرف غسق...أي شيء يخصك اعرفه و هذا ليس بيدي)
همست بصوت مختنق في طيات سترته...
(لا أستطيع...لن انام دونهم كرم أنت لا تعرف معنى الضعف انا اضعف من ان اواجه هواجسي دونهم)
وصلها صوته الدافئ القريب جدا بينما يربت فوق ظهرها كطفلة صغيرة...
(لم يكن لدي نقطة ضعف حتى ظهرت انت...لكنني لن اتركك تؤذين نفسك اكثر)
همهمت بخوف جلي من ان يتم حرمانها من وسيلة الاتزان الوحيدة التي تجعلها ثابتة امامهم...
(لكن كرم هذا...)
شدد من ضمها يرجو تفهمها و قبولها لما يقول...
(ارجوك غسق يكفي لا تؤذي نفسك أكثر فروحي تتأذى...أوجدني الله هنا لأجلك سآخذ بيدك و سنتخطى هذه المرحلة)
خرجت من بين احضانه تنظر لوجهه مليا...هذه الملامح الواعدة بعدم التخلي تشعرها بالخلاص...هل تعتمد عليه حقا و تستغني برغبتها عن سلاحها الصغير الوحيد الذي تحارب به كل شيء لتخفي اثار حرب ضروس اهلكت ارض روحها؟!!!...




...يتبع...











AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-20, 11:44 PM   #717

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الحادي و العشرون



خرجت من الحمام بعدما بدلت فستان عرسها بمنامة مريحة...انزلت كفيها المرتفعين خلف رأسها بعدما عقصت شعرها كذيل حصان...نظرت بدهشة في الغرفة أين ذهب؟!!...لقد دلف معها يتعامل و كأنها ليست هنا ففضلت ان تختفي بعيدا عن عجرفته الزائدة فحملت منامتها الى الحمام...و الآن ترى حلته معلقة بدقة فوق المشجب و هو ليس هنا...تقدمت من السرير تجلس عليه بملامح جامدة...حسنا هي ليست مهتمة به لكنه حقا يدهس الانثى بداخلها بتركها هكذا على الاقل يبقى لتطرده هي معللة انها ترغب في البقاء بمفردها...تنفست نفسا عميقا ليصدر صوتها المقتضب بغضب...
(بارد...)
زفرت بتعب من هذا اليوم الطويل...اتمت مهمتها و التي انتظرها القاصي و الداني من يوم مولدها...عبء تحمله كل فتاة منذ خلقها الله يتمثل في متى نفرح بك... يا له من تعبير مستفز بل هو الاكثر استفزازا في الوجود...استندت بظهرها على الوسادة تغمض عينيها بإرهاق كبير...لحظات و صدر صوت تنبيه ما فاعتدلت تنظر حولها بتعجب حتى وصلت لجهاز مراقبة الأطفال...انتفضت بفزع تقبض على الجهاز بين كفيها و تهمس بقلق...
(يائيل...)
هرولت تخرج من الغرفة حيث غرفة الصغير تفتحها بلهفة تضاعفت حينما سمعت بكاء مكتوم...اشعلت الضوء لتتسع عيناها و هي ترى جسده يهتز في سريره بينما وجهه مغطى بدموعه...اقتربت منه تنحني تنادي اسمه برعب كبير ازداد حينما فقدت التواصل معه...بللت شفتيها بلسانها و هي تنظر حولها طالبة العون من اي شيء...صرخت بقلة حيلة مرتعدة من حالة التشنج التي يمر بها الصغير...
(اين ذهب والدك هذا؟!!!...يا الهي ماذا اصابك؟!!)
اصابعها ارتعشت و هي تلامس جسده بحنان بينما صوتها لا يزال ينادي بارتعاش...احاطته بكلتا كفيها تحمل جسده اليها و تضمه بكل قوتها الى صدرها...ربتت بحنو على ظهره تهمس...
(لا بأس هذا كابوس ليس حقيقة يائيل...انا هنا حبيبي لا تخف لن اتركك ابدا)
كررت ما تفعله مرات متتالية بقلب يدعو الله ان يستفيق من كابوسه حتى شعرت ان انفاسه تنتظم...رغبت في الطمأنينة عليه برؤية ملامحه لكنه تعلق بعنقها بقوة يدفن وجهه فيه...تفهمت حاجته للشعور بها فشددت من ضمه و قد بدأت تفهم سبب إلحاح مؤيد على احتياج ابنه لها...
خرج بملامح مهتزة من الغرفة بعدما تذكر انه لم يأخذ معه جهاز مراقبة الأطفال...قطع الرواق بخطوات سريعة متوجها الى غرفته فبالتأكيد انهت تبديل فستانها من فترة إن لم تكن تغط في نوم عميق بسبب هذا اليوم الشاق يعني لن تشعر به...و قبل ان يبلغ وجهته تسمر مكانه حينما لمح باب غرفة ابنه مفتوحا...اتسعت عيناه بجزع يسرع الى الغرفة مهمها...
(يائيل...)
و عند الباب كُبحت خطواته عندما تراءت له هذه الصورة امامه...على ضي خافت يشعله لابنه دوما تقف هناك كجنية طيبة تحاوط ابنه بين احضانها و تهمس بصوت ناعم يبث الدفيء تهوديةً يظن انه سمعها في طفولته...تربت بأصابع حانية يستشعر حنانها من مكانه فوق ظهر ابنه و على شفتيها بسمة مطمئنة...شعرها يتأرجح خلف ظهرها و كأنه يعزف مع صوتها لحنا يسمعه ابنه لأول مرة...تقهقرت خطواته للخلف ليبتعد عند حائط الغرفة الخارجي كي لا يراه احدهما و يعكر صفو لحظة تمناها طويلا ينعم فيها ابنه بالحنان الغير مشروط...اهتزت حدقتا عينيه بصورة طفيفة فسحب نفسه بقوة و كأنه يعيد ترتيب صورة لا يود الخروج من اطارها...رمق الغرفة بنظرة اخيرة ثم عاد من حيث اتى...
دلف الغرفة التي تحتوي على سرير متوسط الحجم و مكتبة صغيرة يرتمي عليه ملتقطا هاتفه...اطمئن على ابنه و مأواه الجديد الذي اختاره ليضمه اليه...و كم هو ممنون لقبولها لجوء ابنه الى واحتها الخضراء...ضغط على زر الفتح ليظهر مقطع فيديو تم تشغيل نصفه تقريبا...وضع اصبعه اسفل الشاشة يسحب الشريط الاحمر للخلف حيث البدء من جديد...رفع الهاتف قبالة وجهه لتظهر فتاة جميلة بسحر خاص...شعرها الأشقر المختلط بالبني الفاتح و عيناها العسليتان تناسبان وجهها الأبيض الطويل...كانت سعيدة رغم لمحة الحزن في عينيها حتى صدر صوتها باللغة الإنجليزية تبلغ رسالة ما...له
(قررت أن أسجل فيديو لك من الآن فصاعدا كي لا تفوتك أهم لحظات حياتنا...مؤيد اليوم منحني القدر فرصة جديدة ربما تعويضا و ربما أملا...أنا حامل)
تابعت عيناه الزرقاء اللتان احتويتا على صفاء نادر الوجود كفها الرقيق و هي تلامس بطنها قائلة...
(سأهتم به جيدا حتى يحين اللقاء...أحبك و آسفة)
ها قد وصل المقطع لنفس المسافة و لم يقوَ على استكماله كالسابق فضغط زر توقيف...رفع اصبعه يلامس وجهها خلف الشاشة و نظرة شوق تطل من مقلتيه بحنين جارف...رمش بعينيه مرات متتالية لكنه فشل في منع هذه الدمعة من النزول...اغمض عينيه بملامح متألمة ليعلن لنفسه أن الجليد ليس في كل الاوقات قاسيا مهما حاول ان يقسو!...
**************
(لا تؤاخذني صالح لو ايقظتك...هل جميع من في البيت نيام؟!)
في سيارته اسفل بيت المراكبي يهاتف صالح ليعرف ان كان لا يزال احدهم مستيقظا كي لا يرى غسق بحالتها الرثة هذه...وصله صوت صالح المترقب..
(الجميع في سابع نومة منذ زمن...أنتما بخير كرم؟!)
زفر كرم براحة يقول بهدوء...
(لا تقلق أخي فقط انتزع فستان غسق و تشعر بالحرج لو كان احد في البيت مستيقظ و رآها به)
صوت صالح المريح وصله مجددا براحة...
(الحمد لله ان الأمر هين...اصعدا كرم فكلنا في غرفنا)
اغلق الخط مع أخيه ينظر لها جواره لا تزال محتفظة بحالة الصمت بعد بكائها الذي طال...يعرف ان عقلها يعمل في تحليل طلبه و يترك لها حرية الاختيار ففي كل الاحوال هو يساندها دوما...همس بهدوء مرهق
(الجميع نائمين هيا بنا)
اومأت له بهدوء تخرج من السيارة و تصعد معه للأعلى...دلف البيت الساكن تماما في وقت متأخر كهذا ليتوجها الى غرفتهما مباشرةً...
اغلق كرم باب الغرفة خلفه يتتبعها بعدما توجهت الى طاولة الزينة تنزع حجابها...تنهد بخفوت يتوجه بدوره الى المشجب يلتقط ملابسه من عليه و يدلف الحمام...بينما هي تعلقت عيناها بباب الحمام فترة قبل ان تتحرك الى درج الحبوب...اخرجت العلبة تنظر لها مليا دون ان تشعر بالوقت...قرارها صعب للغاية اصعب مما يتخيله كرم بكثير...صوت غلق باب الحمام نبهها بخروجه فتوجهت بوقفتها اليه...تقدم منها يقلب النظر بين يدها الحاملة علبة الحبوب و بين وجهها التائه...اصبح قبالتها تماما ينتظر ان يعرف قرارها حتى همست بصوت مبحوح...
(لا أعرف كيف ستكون حياتي و تصرفاتي دونها...لكنني اود ان اشفى من كل هذا)
مدت يدها له بها تقول...
(حررني منها كرم)
التقطها منها بنظرة واعدة يقول...
(سأحررك من كل ما يؤذيك غسق فقط ساعديني لننجو معا)
بعد قليل...
قد استلقيا على السرير متخذين وضع النوم...لكن النوم جفا جفنيهما...فكما تنتفض هي كل كم دقيقة يراقب هو بقلب مرتعش...لم يكن يعرف ان لهذه الحبوب مثل هذا الأثر السحري عليها فكانت تنام جواره هانئة قريرة العين...هل سيتحمل عذابها هذا و هي تواجه مخاوفها!...شهقة مكتومة صدرت منها تبعتها بصوت مرتعد....
(لا...)
كانت تشعر بالنعس الشديد من شدة التعب لكنها كلما استسلمت للنوم تفترسها الذكرى فلم تشعر بشيء سوى مقاومتها لهما...
اعتدل نصف مستلقيا يهمس اسمها بخفوت حذر بينما كفه تقترب من شعرها ببطء...
(غسق هذه مجرد كوابيس...أنتِ معي...أنتِ بخير)
لامس شعرها مع كلمته الأخيرة فتحركت رأسها تجاهه دون ان تفتح عينيها...انزل كفه من شعرها يلامس وجهها باثا الأمان بها فاتسعت عيناه حينما التقطت كفه تتشبث به هامسة برجاء مميت...
(دعني اتمسك بها فهي تشعرني بالأمان كرم)
لو طلبتي روحي لن تغلى عليك يا روحي...فضل الصمت خاصة و انها حدثته بأعين مغلقة تنشد النوم...استوى نائما جوارها يقابل وجهها بعينين تتشربان ملامحها بحب كبير...حطت كفه الأخرى فوق رأسها و بعدها انساب صوته ببحة ناعسة يتلو عليها بعض آيات الذكر الحكيم...يؤنس وحشة كوابيسها و يرسل لروحها السلام...
(صوتك في القرآن مريح... أحبه)
جملتها الغير متوقعة خرجت ببقايا صوت يعاني حشرجة ظاهرة بسبب البكاء و نعس يهل بسكينة عليها...مرت لحظات يشعر و كأنه يحلم و انها لم تمدح صوته في تلاوة القرآن...انتظمت انفاسها جواره فاقترب من وجهها الغافي يهمس بصدق...
(و صاحب الصوت يحبكِ)
في الصباح....
راقبت باب المطبخ جيدا ثم دست يدها في صدر جلبابها البيتي تُخرج شريط حبوب تفتح بعضا منها و تسقطهم في كأسين عصير و تقلب بسرعة متوترة...
(ألم ينتهي العصير بعد سهر أبي الحاج جلس على السفرة)
دخول هبه المفاجئ جعلها تلقي شريط الحبوب اسفل قدمها بينما تلتفت لها قائلة بوجه مبتسم...
(انهيته و سأخرج حالا...)
سألتها هبه بطيبة..
(تحتاجين مساعدة؟!)
هزت رأسها نفيا فسبقتها هبه للخارج بينما هي زفرت بتوتر تتنفس الصعداء...حسنا هذه ليست اول مرة تفعلها بل اعتادتها منذ سنوات طوال لكن وجود غسق يربكها كثيرا...على الرغم من انها باتت تفعلها معها من اول يوم لها هنا لكنها ترتعد من ان تكشفها فهي دكتورة بعد كل شيء و الأدهى ان صديقتها طبيبة ايضا!!!...
خرجت تحمل صينية العصير و ترص الأكواب حسب ترتيب الكراسي لتضع لكل واحد نصيبه كما تشاء هي...جلس الجميع يتناولون طعامهم في جو متآلف و هادئ إلا من تعليقات سهر السخيفة...
بعد قليل...
حملت غسق الأكواب لتضعهم في حوض الغسيل... لكل واحدة منهم هنا يوم تغسل به الصحون لكن لأنها ما زالت عروسا تمنعها صفية من العمل ففضلت ان تساعدهن في حمل الأكواب...و حينما استوت الأكواب في الحوض ناظرت كوب كرم طويلا...لا تصدق انها نامت ليلة كاملة دون مهدأ...بقاؤه جوارها شيء ترسخ في روحها للأبد لن تنساه مهما صار...انهت غسيل الأكواب لتضعهم في مكانهم الصحيح...اتجهت للبراد تخرج زجاجة مياه تشرب منها لكن الغطاء فور فتحه تدحرج ارضا فانحنت تلتقطه حيث استقر اسفل المطبخ...لكن يدها صادفت شيئا اضافيا هناك فسحبته بترقب لتجده شريط دواء...قلبته في يدها تقرأ معلوماته بنظرة عادية لكن صوت سهر افزعها حينما انتشلت الشريط منها تقول...
(انه يخصني)
هزت غسق كتفها بلا اهتمام تقول...
(وجدته اسفل المطبخ و كنت سأسألك او اسأل هبه)
دلفت هبه تحمل الصحون بين يديها متسائلة ببسمة...
(نطقت الدكتورة اسمي هل تحتاجان مني شيئا؟!)
اسرعت سهر تدفعها نحو الحوض تقول...
(نعم احتاجك ضعي ما بيدك هنا و تعالِ الى غرفتي سأريك العباءة التي تحتاج تعديل لنذهب بها اليوم الى الخياطة)
انساقت هبه معها بتعجب كحال غسق المراقبة لما يحدث...بعدما خرجتا اعادت غسق الزجاجة للبراد تهمس بتعجب...
(أهي غريبة الأطوار أم أنا أتوهم...هل قلقت من حديثي عن حبوب منع الحمل التي وجدتها امام هبه...أتأخذها دون علم زوجها مثلا؟!!!)



...انتهى الفصل...
...قراءة ممتعة...

















AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-20, 01:32 AM   #718

Mona eed

? العضوٌ??? » 386376
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 127
?  نُقآطِيْ » Mona eed is on a distinguished road
Rewity Smile 3

اللعينة سهر والله كت شاكة انها بتعمل كدة بتضع حبوب لهبة عشان ماتخلفس لعنة الله عليها وينقلب عليها مكرها
كرم وغسق منهى الالم حالتهم اليوم موجعة
مؤيد بردو صعب عليا الفصل رهيب اية


Mona eed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-20, 03:22 AM   #719

Iraqi1989

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية Iraqi1989

? العضوٌ??? » 333582
?  التسِجيلٌ » Dec 2014
? مشَارَ?اتْي » 718
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Iraqi1989 has a reputation beyond reputeIraqi1989 has a reputation beyond reputeIraqi1989 has a reputation beyond reputeIraqi1989 has a reputation beyond reputeIraqi1989 has a reputation beyond reputeIraqi1989 has a reputation beyond reputeIraqi1989 has a reputation beyond reputeIraqi1989 has a reputation beyond reputeIraqi1989 has a reputation beyond reputeIraqi1989 has a reputation beyond reputeIraqi1989 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
¬» قناتك max
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الحقيره سهر .... حتى تظل هي الكل بالكل ....حقييييره

Iraqi1989 غير متواجد حالياً  
التوقيع
#نظرت الى عيوب الناس فوجدتها تبلغ الجبال ولكني بفضل الله توقفت لحظة انظر الى عيوبي فوجدتها بلغت عنان السماء**!!
رد مع اقتباس
قديم 15-10-20, 05:07 AM   #720

نور المعز

? العضوٌ??? » 257317
?  التسِجيلٌ » Aug 2012
? مشَارَ?اتْي » 505
?  نُقآطِيْ » نور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل روعة كالعادة... سهر دي شيطان والله وده سبب من الأسباب اللي مخليني مش حابة فكرة ان كلهم يعيشوا مع بعض في بيت واحد مشاكلهم كتيرة والنفسنة اكتر 😂😂 مؤيد ويائيل اكتر حاجة بتوجع قلبي ده لسة طفل شاف ايه يا حبيبي عشان يبقى ده حاله بس ماما أريج مش هتسيبه لا هو ولا ابوه❤️❤️

نور المعز غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:07 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.