آخر 10 مشاركات
جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          أرملة أخيه-قلوب زائرة(ج1 سلسلة حكايات سريه) للكاتبة : عبير محمد قائد*كاملة&الروابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          خادمة القصر (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          587 - امرأة تائهة - راشيل فورد - ق.ع.د.ن ... حصريااااااا (الكاتـب : dalia - )           »          112 - دمية وراء القضبان - فيوليت وينسبير - ع.ق (الكاتـب : بنوته عراقيه - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > قـلـوب رومـانـسـيـة زائــرة

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-05-20, 09:21 AM   #1

قلوب أحلام

نجم قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية قلوب أحلام

? العضوٌ??? » 266960
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 334
?  نُقآطِيْ » قلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond repute
افتراضي اقتسره العشق - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة::أميرة مدحت*كاملة*


بسم الله الرحمن الرحيم




السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
نضع بين يديكم رواية الكاتبة أميرة مدحت: "واقتسره العشق"، أتراكم تستطيعون تخمين موضوع الرواية من ملخصها؟
شكرا للغالية noor1984 على تصاميمها المميزة
تحياتي وودي








كتابة::أميرة مدحت
تدقيق ومراجعة لغوية::أميرة مدحت
تصميم الغلاف والفواصل::noor1984
تصميم القالب الداخلي وتنسيق رابط الكتاب الاليكتروني::noor1984
اشراف الرواية::فاطمة الزهراء عزوز




فصلين اسبوعياً
الفصل الأول (أسفل الصفحة)

الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس

الفصل السابع
الفصل الثامن

الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر


بعد الانتهاء من تنزيل فصول الرواية كاملة بأمر الله




استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
دمتم في حفظ الرحمن







التعديل الأخير تم بواسطة Fatima Zahrae Azouz ; 23-11-20 الساعة 03:03 PM
قلوب أحلام غير متواجد حالياً  
التوقيع
13th year anniversary celebration- احتفالية تأسيس روايتي الـ13

رد مع اقتباس
قديم 13-09-20, 03:35 PM   #2

رىرى45

? العضوٌ??? » 285476
?  التسِجيلٌ » Jan 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,197
?  نُقآطِيْ » رىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond repute
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

رىرى45 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-09-20, 11:35 PM   #3

ريم امير

? العضوٌ??? » 476364
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 65
?  نُقآطِيْ » ريم امير is on a distinguished road
افتراضي

في الانتظار🌹❤💜🌸💞💙❤💗🌸💞💕

ريم امير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-09-20, 10:02 PM   #4

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفَصْلُ الأَوَّلُ

تُفتـح أبواب الجحيـم حينمـــا تبدأ الحرب
ولكن لا يعلمون أن الجحيـم يتسـع للجميــع
وقف "سيـف النصـار" أمام اللوح الزجاجي العريض الذي يُغطي البناية، ينظر للخارج حيثُ يتميز بالونـه الغامق الذي يعكس الصورة فـ لا يرى من بالخارج الذي بالداخل، ومضى ينظر للبعيد، إنّـهُ بإستطاعتهُ أن يرى المدينة كلها من هذا العلو الشاهق، ألتوى فمهُ بشبه إبتسامة ماكرة على ما ينوي فعلهُ، تحرك نحو مكتبــه ثم جلس على مقعده الجلدي، أخرج من جيب بنطالهُ سجائره ليشعل إحداها بسُرعة، أستنشق دخانها بقوة قبل أن ينفثهُ ببُطئ، شبك أصابع يديـهِ وأستند بـ ذراعيـه على سطح المكتب مُفكرًا بعُمق في أمرًا ما.
******
في نفس الوقت في الخارج، جلست السكرتيرة بعد أن أعدت لنفسهـا مشروبٍ دافئ، تنهدت بعُمق ولكن قبل أن تبدأ بقراءة الأوراق..
-صباح الخير.
إنتبهت السكرتيرة للصوت، فـ رفعت وجههـا لتبتسم لهـا إبتسامة صغيرة وهي تُرد عليهـا بنبرة عملية:
-صباح النور يا فندم.
قالت بصوتٍ قوي:
-بعد إذنك أنا عايزة أقابل سيف باشا النصـار.
سألتهـا بجدية:
-في ميعاد سابق؟؟..
ردت عليهـا بصوتٍ حـاد:
-لأ، بس لازم أقابلـهُ.
حركت رأسهـا إيجابيًا مُتسائلة:
-طب نقولـهُ مين؟؟..
ردت عليهـا ببساطة:
-معلش هقول أنا مين لمـا أقابلهٌ بنفسي، هو فاضي دلوقتي؟؟..
رفعت السكرتيرة حاجبيهـا وهي تُجيب:
-أيوة فاضي بس لازم أعرف حضرتك مين؟؟..
ردت مُبتسمة ببرود:
-مش لازم، أنا هاروحلـهُ بنفسـي.
هبت السكرتيرة واقفة محاولة الإلحاق بهـا، ولكن الأخيرة لم تعبئ بهــا، عيناهـــا تنظر على هدف مُحدد، وقد ألتمعت بالخطر المُهدد رغم برود نظراتهـا، أقتحمت غُرفة مكتبــه بخُطى ثابتة، فـ رفع "سيف" رأســه نحوهــا وقد عقد ما بين حاجبيـهِ، بينمـا أظلمت عينــاه تلقائيًا من تلك الحركة الجريئة، دخلت السكرتيرة وهي تلهث قائلة بخوف:
-والله يا سيف بيه حاولت أمنعهـا بس معرفتش.
أشـار لهـا بالخروج، فـ أمتثلت لأمره، بينمـا عيناهــا ترمقانـه بنظرات قوية على الرغم من أنهـا قد ألتمعت بغضبٍ خفي، نهض "سيف" عن مقعدهُ وهو ينظر لها نظرات مُظلمة قليلاً، وسار نحوها بخُطوات ثابتة، أمّا هي فـ أخذت تنظر لهُ بتدقيق ورفعت رأسهـا بشموخ، لاحظت هيئتهُ الضخمة ولكن لم تهتز، وقف أمامها بشموخ ووضع كفي يدهُ بداخل جيب بنطالهُ وأمعن النظر فيها.
رفعت عينيها لـ عينيـه مُباشرةً، فـ شعرت أنها وقعت تحت وطأة عينيهِ الصارمتين، حتى أنها كانت تقف بطولها الذي بالكاد تجاوز المتر والنصف ببضعة سنتيمترات، ولكن نجح كعب حذائها المرتفع بإيصالها مستوى كتفيهِ، وقـد شدت خصـلات شعـرها البُنـي الكثيـف خلف عنقها بقوة وببعضُ من القسوة في حين ألتمع عنقها الأبيض بطولهُ لينتهي خلف قبة قميص البني، أخذ يتفحصها بدقة، ليعود برفع بصرهُ إلى وجهها ليراهُ متوجهًا بالحمرة من تفرسهُ البطيئ بها، ورأى عيونهــا الزرقـاء تلتمع بالحنق، فإبتسم لها ببرود ونظر إليها بـ نظرات توحي بالشر الدفين، ثم قال أخيرًا بصوتٍ لا يحمل أيّ نوع من الترحيب:
-مين حضرتك؟؟.. وإزاي تُدخلي بالطريقة دي؟؟..
ردت عليـه مُبتسمة ببرود:
-دخلت بالطريقة دي لأن السكرتيرة فضلت تسأل كتير، ولا كأني راحة أقابل وزير، بالنسبة أنا مين..
أتسعت إبتسامتهــا القوية وهي تُرد بثقة:
-أنا أبقى كارمـا عزيـز.
ضاقت حدقتـاه وأخد يرمقهــا بـ نظراتٍ قوية، لن ينكر جمالـهـــا الذي يسرق الأبصـار، فهي ذات وجنتين وردتين وعينين واسعتين زرقاوتين بأهدابٍ جذابةٍ وشعرٍ كستنائيًّ طويــل، ومع ذلك قال بصوتٍ بــارد وهو يحك رأسـه:
-أمم، بس أنا معرفكيش يا كارمـا.
أجابت بعدم لامبالاة:
-مش مُهم، المُهم إن أنا أعرفك كويس أوي، رغم إني واثقة أن أول ما أمشي من هنـا هتجيب كل المعلومـات عني.
سألهــا بتهكم:
-أومال إيه المُهم؟؟..
عدلت "كارمـا" ياقة قميصها، ثم نظرت لهُ بجدية وهي تقول سبب حضورها بلهجة حــادة:
-جاية أتناقش معاك بخصوص إللي إنت وأبوك بتعملوه هناك في القرية.
أخذ ينظر لها "سيف" نظرات مُتفحصة، تفحصها من قمة رأسها لأخمص قدميها، فهـي فتاة ذات جمالٍ فاتن، في حين أبعدت تلك الخصلة المُتمردة من على جبينها لتضعها خلف أذنها، وقد بدأت تشتعل غضبًا من نظراتـه.
حرك رأسـه إيجابيًا وهو يسألهـا:
-وهو إيـه إللي بنعمـله؟؟..
ردت عليـه وقد ألتمعت عيناهـا بشراسة:
-عايزين تاخدوا بيوت القرويين إللي في الناحية الشرقية برُخص التمن، عشان تبنوا مصنع كبير هناك، أقدر أفهم إيه ده؟؟..
إبتسم ببرود مُجيبًا:
-وإنتي مالك؟؟.. هُمـا ماتكلموش هتيجي إنتي تتكلمي؟؟..
ردت عليه "كارمـا" وقد تقوس فمهـا بإبتسامة واثقة:
-أنا بتكلم بنيابة عنهم، وأحب أقولك إن محدش منكم يقدر يقرب من بيت واحد في القرية.
قست عينـاه لحظات دون أن تتأثر ملامحـه قائلاً:
-إنتي واثقة من نفسك أوي يا.. يا كـارمـا.
قالت "كارمـا" بإبتسامتهـا البراقة:
-طبعًا، وبعدين إنت هتعرف كل الكلام ده لمـا تبدأ تدور على معلومـات ليا، أو على غلطة ليا يمكن تذلني بيهـا، بس ماتقلقش مش هتلاقي يا سيف باشا.
صمتت قليلاً قبل أن تُشير بإصبعهـا قائلة بتحذير:
-أنا بحذرك، لو فكرت تأذي أي حد هناك أو تخرج أي حد من بيتـه وأرضـه، هتشوف تصرف تاني، بس تصرف مش هيعجبك خالص، ومش بعيد تندم.
كلماتهـا أثارت حنقـه، فـ أظلمت عينيـهِ وظهر بريق مُخيف وهو يسألهـا بحدة:
-إنتي عارفة إنتي بتكلمي مين؟؟..
نظرت لـه شزرًا وهي تُجيبــه:
طبعًا عارفة، بس أنا مش فـارق معايا، إنت فاكر إني مُمكن أخاف منك!..
لمعت عينـاه بسُخرية مُتسائلاً:
-أومال بتخافي من إيـه؟؟..
قالت بقوة لا مثيل لهـــا:
-مش بخاف غير من إللي خلقني.
ابتسم "سيف" رغم عنـه وهو يراقب تألق عينيهـــا المشتعلتين، تلك العينين بلون الأزرق إلا أنهمـــا في قوة الصخر، إلا حين تكلم قــال بتحدي:
-بس إنتي هتخافي مني.
ضحكت بتهكم وهي ترد:
لو فكرت إني مُمكن أخـاف منك تبقى عبيط أوي.
جذبهـــــا من معصمهــــا بقسوة وهو يقول بنبرة شريرة:
-لسانك ده شكلـهُ هيتقطـع على إيدي.
ألتمعت عيناهـا بشراسة وهي تُردف بـ:
-أبعد إيدك عني وإلا أُقسم بالله لو ما سبتهـا لهتشوف مني رد فعل عُمرك ما شوفتـه.
صمت قليلاً يحدق فيهـا بإندهـاش مصدوم، لم يشعر بنفسـه وهو يترك معصمهـا بمنتهى الهدوء، تأملهـــا مَلِيًّا.. ليرى أنهــا تمتلك رزانة وثقة بالنفس أثارت إعجابــه خلال الدقيقتين اللتين وقفت بهمـا أمامــه، رمش بعينيـه قليلاً كي يمحو مال قد يظهر بهمـا غدرًا، في حين عادت تقف بثبات وهي ترمقــه بـ نظرة شامخــة قوية:
-كويس، ياريت تبلغ والدك بكُل كلمة قولتهـالك، وللمرة الأخيرة أنا بحذرك تقرب منهم أو من بيوتهم وأرضهم.
إبتسم "سيف" إبتسامةٍ متشكلةٍ مع قساوة وجهه وهو يقول بلهجة غريبة:
-هبلغـه طبعًا، والرد هيوصلك في أسرع وقت مُمكن.
كانت على وشك المُغادرة من المكان ولكن عقب نطقـه بالكلمة الأخيرة، ألتفتت إليـهِ تنفض شعرهـا بنعومـة وهي تبتسم برقة، بينمـا عيناهــا تلمعان بـ تحدي غريب:
-وأنا في إنتظار الرد يا.. يا سيف باشا.
رمقتــه بتحدي سافر قبل أن ترتدي نظارتهـا الشمسية وتتحرك نحو الباب بخُطى واثقة للغاية، ظل ينظر إليهــا بتعابير غير مقروءة حتى غادرت المكان، عاد إلى الجلوس أمام مكتبـه ثم تراجع أكثر رافعًا كلتـا كفيهِ أمام وجهه مشبكًا أصابعـه مُبتسمًا بدون تعبير معين، همس لنفســه بهدوء وقد بدت التسلية تظهر عليـــهِ قليلاً:
-واضح أن أنـا هستمتع أوي.
******
تنهدت "كارمــا" بـ عُمق بعد أن أستقلت سيارتهــا، حدقت على المقود بعينين جامدتين وهي تفكر ما سيحدث بعد تلك المُقابلة، زمت شفتيهــا بـ عناد وهي تهز رأسهــا نفيًا بقوة، ثم قالت بحدة:
-مش هيحصل، مش هخليهم يقربوا منهم.
همست لنفسهــا بثقة:
-وأنا أعدلكم، أمـا نشوف أخرتهـا إيـه.
******
تابــــع بإهتمام شديد خروجهـــا من الشركة بخطواتهـا الثابتة، سحب نفسًا عميقًا حينمـا رأهــا أستقلت سيارتهــا وغادرت، فـ أخرج هاتفــه من جيب بنطالــه وهو يضغط على رقم مـا، ووضعــه على أذنـه مُنتظرًا الرد بـ فارغ الصبر حتى أتـــاه فـ قال بإبتسامة واثقة:
-زي ما قولت يا باشـا، راحتلــه الشركة عشان تهدده.
صمت قليلاً وهو يسمـع رد الطرف الثاني، فقال بجدية:
-بس بصراحة يا باشـا البنت شكلهـا قوية جدًا، وهي فعلاً مش هتسكت.
تابــع مُضيفًا بحذر:
-وبعدين هي خلاص دخلت حرب من غير ما تفكر، يعني حياتهـا تقريبًا بقت في خطر.
رد عليـه الطرف الآخر بلهجة شـاردة:
-فعلاً، وأول حاجة هيعملوهـا أنهم هيفكروا يقتلوهــــا، لأنهـا وقعت في إيد عصابة وهي مش حاسـة.
******
في صباح يوم جديد، أسدلت الشمس ستائرها البرتقالية مُعلنة عن بداية يومٍ جديد وأحداث جديدة غير متوقعة.
كي تصل إلى الحقيقة
عليك أن تمر على الجحيـم
الحُب ده إيــه أنا معرفش
وبنهواه ليـه!!!..
موسيقى ناعمــة.. وأغنية تقطر كلماتهـــا عشقًـا ورومانسيـة.. وقفت "كــارمــــا" بـ شموخ داخل الشرفة تتأمل حركة النّـاس، سحبت نفسًا عميقًا وقد إلتفت أصابعهـا بـ درجة أكبر على قدح الشاي الذي تحتسي منـه، لم تنتبــه إلى صوت رنين هاتفهـــا إلا حينمـا شعرت بإهتزازه في جيب بنطالهــــا المنزلي، فـ أخرجتــه بهدوء وهي تُسلط نظراتهــا على اسم المُتصل، رفعت حاجبيهــا بإستغراب ومطت شفتيهـــا للأمام وهي تُجيب على الهاتف بصوت هادئ عكس ما بداخلهـــا:
-آلو.. أيوة رامي، غريبة يعني تكلمني بدري كده!!..
رد عليهــا "رامي" بصوتٍ أجشّ:
-أعمل إيه!!.. عايز أطمن.
سألتــه وهي تدعي عدم الفهم:
-مش فاهمـة.
هتف بصوتٍ غضب مكتوم:
-إنتي روحتي لإبن شريف إمبارح؟؟..
عبست قليلاً وهي تقول:
-ليـه بتسأل السؤال ده؟؟..
قــال "رامي" بصوتٍ غاضب:
-يعني روحتيلــه يا كـارما؟؟..
برقت عينــا "كارمـا" وهي تستقيم قليلاً لتقول بـ شكّ:
-هو في حاجة حصلت في القرية؟؟..
صمتت قليلاً مُنتظرة رده، وحينمـا نطق قال بغيظ:
-طبعًا حصلت مُصيبة كبيرة، وهو إن شريف خلى رجالتـــه ينبهوا كُل بيت من البيوت إللي عاوز يشتريهــا، بأن آخر مُهلة بعد يومين، ياإمـا هيشوفوا رد فعل عُمرهم ما شافوه.
لمعت عينيهــا ببريق الغضب، فـ أنتفضت هادرة بقوة:
-مش هيحصل، على جُثتي الكلام ده.
سألهـــا بتهكم واضح:
-يعني هتعملي إيـه يا كارمـا هانم، ما إنتي السبب.
أرتفع حاجباهـا وهي تهتف بغيظ:
-بقولك يا رامي، مش عشان إنت خطيبي تتكلم معايا بالأسلوب ده، أنا مش نقصاك.
قال بلهجة خشنة:
-أنا أتكلم زي ما أنا عاوز، وأسمعي لأن ده آخر كلام هقولــه، ملكيش دعوة بإللي بيحصل، شريف أو إبنــه يعملوا إللي هُمـا عايزينـه، طالمًا الموضوع مالوش علاقة بينـــا.
أخذت نفسًا قويًا وهي تقول:
-لأ إسمع إنت يا رامي، أنا مش هسيب أهل قرية إللي أتربيت معاهم عشان راجل ظالم زي ده، وهقف جانبهم.
هتف "رامي" برفق:
-كارمـا أنا خايف عليكي، الناس دي مش سهلـة.
تنهدت "كارمـا" قبل أن تقول بضجر:
-بس أنا هكمل إللي بدأتــه، أتمنى تُحط الكلام ده تحتيـه 100 خط، سـلام.
أغلقت الهاتف وهي تزفر بحرارة، أظلمت عيناهــا وهي تنظر للأمام بتصلب ثم قالت بهدوء يسبق العاصفة:
-ماشي، نبدأ الحرب بقـا.
******
إبتسم "يوسف النقيب" إبتسامة صغيرة حينمـا داعبت أنفه رائحة الياسمين الناعمة، فـ استنشقهـا بكل هدوء، تضع المُستندات بـ هدوء على المكتب وهي تطلب منـه بصوتهـا الرقيق أن يقوم بـ التوقيع حتى تستطيع أن تُرسل المُستندات للفرع الآخر للشركة والتي يُديرهـا مع صديقــــه الوحيد وشريكــه "سيف النصــار".
بدأ "يوسف" يتفحص مُستندًا مُستندًا بـ روّية، ويوقع أدنـاه.. ثم يناول لـ "سـارة"، هي جميلة الشكل.. جميلة القلب.. جميلة في أسلوبهــا.. في كُل شيء، ولكن قليلة الكلام.. هادئة.. غامضة!!..
يودّ أن يقتحم عالمهـا الغامض ويكون أحد أقطـاب حياتهـا الأساسية كما يودَّ أيضًا وبشدّة أن تكون أحد أقطاب حياتـه الأساسية، يُريدُ الإمساك بهذا النجم الغامض الذي يخفي أسرار لا يعلمهـا أحد، ولكن عاجزًا عن فعل ذلك.. ويؤلمــــه أن يومــه يمر دون أن يتحدث معهــا خارج إطار العمل.
رفع رأســـه يتأملهـــا مليًا، فـ هي آية من الجمال، تمتلك عيون واسعة قليلاً باللونُ العسلي، ساحرتان تمتدان لـ تضيعا عند الصدغين وسط رموش سوداء، يشعُّ منهما وهج العاطفة المشبوبة في تحفظ وكبرياء، تتميّز بالبشرة البيضاء والشعر المائل للونُ الأسودُ الذي يصل لمُنتصف خصّرها، ذات خصر مستدير نحيل، ويدين بضَّتين صغيرتين، وقدمين دقيقتين رقيقتين، وأنفها مستدَقٌّ صغير، وشفتاها مُمتلئتان، يمتزج جمال وجهها بجمال قامتها أمتزاج نغمين جميلين متسقين..
-تؤمرني بأي حاجة تانية يا فندم؟؟..
سألتـــه "سـارة" بجدية وهي تنظر لـه بهدوء، ساد الصمت قليلاً قبل أن يقول وهو يتلاعب بقلمـه الذهبي:
-أستاذة سـارة، مُمكن أعزمك على الغدا؟؟..
لـ ثوان طوال توقَّف الزمن تمامًا، بلعت ريقهــا بصعوبة وهي تسألــه بخفوت:
-ليــه؟؟..
صمت.. صمت ثم رد أخيرًا بصوتٍ مُتباطئ:
-عاوز أتكلم معاكي شوية، بعيد عن الشغل.
أخفضت عينيهــا وهي في حيرة من أمرهـا، والتوتر يخنقهـا ثم عادت لترفعهمـا إليه وهي تهمس بـ نبرة هادئة:
-معتقدش أن في حاجة بينـا غير شُغل يا مستر يوسف، فـ أنا بعتذر.
توقعت أنــه سيغضب.. سيطردهـــا من العمل أو أقل تقدير سيثور عليهـا، ولكن خالف توقاعتهـــا تمامًا حينما ظل مُبتسمًا لهـــا ويقول بـ مُنتهى الهدوء:
-تمام يا أستاذة سـارة، تقدري تروحي على مكتبك.
راقبهـــا وهي تهز رأسهــا إيجابيًا وتُسير مُبتعدة بـ مشيتهـا الهادئة، تبدلت إبتسامتـه الرقيقة إلى إبتسامة حزينة حينما أغلقت الباب، رفع "يوسف" كفيهِ مُستسلمًا وهو يقول:
-الموضوع صعب!!..
*******
تحدث بإنفعال بيّن والهاتف على أذنـه، بينمـا يدور في المكان ويده في خصره، وقف قليلاً هادرًا بغضب:
-بقولك هي مش هتسكت، هتقلبهـــا وهي مش هاممهـا أي حاجة.
صمت قليلاً قبل أن ترتفع نبرتـه أكثر هاتفًا:
-أنا شغـال معاكم بالعافية أساسًا وماسك نفسي من ناحية البنت دي وإلا كنت خنقتهـا من زمـان.
زفر أنفاسـه بغضب وهو ينتبـه إلى كلمات الطرف الآخر، هدأ قليلاً ثم قال بضيق:
-ماشي هعمل كده، أمـا نشوف أخرتهـا إيـه مع كارمــا هانم.
******
شعر بضياع تركيزه، أرجع ظهره للخلف مُستندًا.. مُغمضًا عينيــهِ، شعور غريب يعتريــه لا يُمكن أن وصفـه تمامًا يمنعـه عن التركيز حاليًا، توقف عن تصفُّح الأوراق التي أمامـه ونحَّتـْه جانبًا، وهو يُفكر في تلك الفتاة الغامضة..
فـ هو "سيف الدين شريف النصــار"، لُقب بـ فهد آل نصــار في عالم الأعمــال، اسم ترتجف لـه الأبدان، هيئـتــه تعلو كل من حولــه، وسلطتـه تُجبر الجميـــع على احترامـه، له هيبة لا يُمكن إغفالهــا، ثقـة غريبة تمتلكهــا تلك الفتـاة، لم يرى أي فتـاة تمتلكهــا من قبل.
سحب نفسًا عميقًا قبل أن يعلو رنين هاتفــه الصاخب، أمسكــه قبل أن يضعـه على أذنـه مُجيبًا بصوتٍ عميق:
-آلو.. كويس أوي أنك أتصلت.
صمت قليلاً قبل أن يقول بنبرة مُرتفعة شيئًا ما:
-كٌنت هكلمك بخصوص حكاية أنك عاوز تاخُد كام بيت إللي في الناحية الشرقية من القرية عشان تبني المصنـع، في بنت جتلي إمبارح وهددت بأنك لو فكرت تقرب من أي بيت أو أرض هناك، مش هتسكت حتى لو وصل الأمر أنهـا تتعامل معاك بالقانون.
-نـعــــــــم!!..
هدر "شريف" بصوتـه وهو يزرع بهو القصر جيئةً وإيابًا بقلق شديد، وتابع بصوتٍ صدح فـ الأرجاء:
-مين البت دي يا سيف؟؟.. لازم تعرف هي مين وتسكتهـــا، لازم أخُد البيوت بالأرض، عشان أعرف أبني المصنـع، موقع المكان مُناسب لبناء المصنع، فـ أتصرف.
قهقه بسخرية وهو يقول:
-أنا أصلاً مش فاهم إنت إزاي بتفكر كده؟؟.. بتفكر تاخُد بيوتهم وأرضهم إزاي عشان حتت مصنـــع؟؟.. طب ما تقولي وأنا هحاول أدور على حتت أرض مُناسبة بدل ما تاخُد منهم بالغصب!!!..
أعتراه التوتر الشديد بعد جملتـه الأخيرة.. فـ هتف بإرتباك واضح:
-مـ.. مش هينفع، أنا عاوز أفضل في القرية، والمصنع يتبني في القرية عشان أقدر أتابــع، و.. والمكان هناك مُناسب.
أستشعر توتر والده وإرتباكـه الشديد، فـ هتف بصوتٍ غامض:
-آه بس أنا مش عاجبني حكاية أنك تاخُد أرضهم بالغصب، ده أفترى وظُلم، وبصراحة كلام البنت دي صح جدًا.
صــاح "شريف" بأعلى صوتــه قائلاً:
-أسمع يا سيف، هي كلمة واحدة، أبعد البت دي عن الموضوع، أنا مش ناقص!!!..
صمتت "سيف" قليلاً قبل أن يقول بصوتٍ عميق:
-أنا هتصرف، بس لو أصرت، يبقى الموضوع برا عني، سـلام.
وسُرعان ما أغلق هاتفـــه وهو يزفر بضيق، أنتقل بخُطواتـه نحو اللوح الزجاجي القاتم الذي يُغطي واجهة الشركة، جذب طرف الخيط السميك فـ أرتفعت الستائر للأعلى وتسربت خيوط الشمس لداخل غُرفتـه، دفن كفيـهِ في جيوب بنطالــه ورغمًا عنــه علق التفكير في هذا الأمر بـ عقلــه.
******
بعد مرور ثلاث ساعــات، ترجل عن سيارتـــه مُبتسمًا بثقـة، وعدل نظارتـــه الداكنة فوق عينيـهِ، اختار بنايةً مُحددةً ذات عشرة طوابق، فـ دلف إليهـا بثقةٍ واعتدادٍ حتى أن حارس البناية الشاب لم يساوره الشك في أمره لتخمينـه أنه حتمًا ذو شأنٍ مرموقٍ؛ لذا لم يبادره بالسؤال عن وجهته بل أفسح له الطريق لكي يستقل المصعد قاصدًا طابق البناية الأوسط، ولم يكد المصعد يستقرّ هناك حتى غادره، فـ ضاقت حدقتـاه وأخذ يرمق بنظراتٍ حادةٍ ثاقبةٍ رقم المنزل الموجود على باب المنزل، عندهــا شدّ قامتـه بحزمٍ وعدُّلَ هندامـه جيدًا وهو يضغط زرّ الجرس، ولم تمضِ برهةٌ حتى فتحت لــه ليتسمر مكانــه وهو يحدق فيهـــا بإنبهــار، فـ كانت ترتدي روبًا منزليًا بلون الروز، ومُمكسة بين يديهـــا مشروبًا دافئًا، للحظة تـاه في بحور عينيهـــا فقط، وللحظة أُخرى أرتبكت هي من نظراتـــه، رفعت حاجبيهـا للأعلى وهي تنظر إليـهِ في عُمق عينيـه ببساطة ثم قالت بإتزان مُبتسم واثق:
-أهلاً يا مستر سيف، أتفضل.
رفع حاجبــه الأيسر للأعلى وهو يحدجهـا بريبة، في حين أفسحت لـه طريق الدخول، رفع نظارتـه الداكنة عن عينيـهِ وهو يلج للداخل بخُطوات واثقة، ما أن دخل "سيف" حتى شمل البهو كلـه بـ نظرة واحدة، مُتمعنًا في كُل تفصيلة بعينـه المُسجلة لكُل ما حولــــــــه بدقة لمْ تتعد للحظاتٍ من الزمن، تحرك نحو الأريكة ثم جلس عليهــا بهدوء بينمــا هي وقف أمامــه وهي تسألــه بإبتسامتهــا البراقة:
-تحب تشرب إيـه؟؟..
إبتسم "سيف" إبتسامةٍ مُتشكلةٍ مع قساوة وجهه وهو يقول بلهجة غريبة:
-سيبي حكاية الشُرب، لأن بعد إللي هقولــه هنجيب الشربــات.
ســاد صمتٌ رهيبٌ بينهمــا وهي ترفع حاجبيهــا لتهمس بصوتٍ لا يحمل أيّ نوع من الترحيب أو المودة:
-إنت عايز إيــه بالظبط؟؟.. مش الموضوع إنتهى خلاص!!..
ظل صامتًا قليلاً إلا أن قال أخيرًا بصوتٍ غير مقروء التعابير:
-عايزك.
فغرت شفتيهـــا قليلاً قبل أن تهمس وهي تحك جبهتهــا:
-أفندم!!!..
ثم لم تلبث أن ضحكت عاليًا بسُخرية، حينهــا نهض من مكانــه وهو يقول بإبتسامة قاسية:
-هو إيـــــه إللي يضحك؟؟..
قست عينيهــا وقالت ببرود جليدي علهــا تجمد قلبــه:
-إنت واعي إللي إنتَ بتقولــهُ؟!..
أقترب منهـا عدة خُطوات وهو يقول بثقة تُليق بـه:
-إسمعي، من غير كلام كتير، أنا عايز أتجوزك يا كارمـا.
أتسعت عيناهـــا فجأة بصدمة وهي تنظر لـه تتأكد من أنــه يتحدث بجدية، وحين رأت وجهه علمت أنــه جـاد كل الجدّ، فـ أتسعت عينيهــا وفغرت شفتيهــا وهي تقول بحدة:
-نـعــــــــــم!!!!.. إنتَ شكلك شـارب حاجــة؟!..
أظلمت عينــاه بطريقة مُخيفة، وهمس بصوتٍ فحيح كالافاعي:
-لسانـك ده طويـل، هتيجي مرة مش هقدر أستحملك وهتشوفي رد فعل وحش.
صمت قليلاً ثم تابـع مُشددًا على كل كلمة:
-أنا خايف عليكي مني، فأحسنلك تمسكي لسانك شوية بدل ما اقطعـه.
حينهـــــــا هدرت بقوة سمرتـــــه مكانــــــه:
-أولاً.. إنتَ متقدرش تعملي حاجة؛ لأني أقدر أدافـع عن نفسي كويس أوي، ثانيًا.. لو إنت آخر راجل في العالم مش هتجوزك بردو، ثالثًا.. خاف على نفسك من ردود أفعالي؛ لأنك إنتَ زودتهــا أوي.
أمسك ذراعهـــا ليجذبهــا إليـهِ بعُنف مرددًا:
-هتجوزك يا كــارمــا، وإنتي مش هتقولي لأ.
ألتمعت عينيهـا غضبًا مرددة:
-لأ يعني لأ، دي تاني مرة أشوفك فيهــــــا!!!!..
تلك المرة ألتمعت عينيهـا شرًا وهي تُضيف:
-ودي تاني مرة تمسك إيدي، سيبهــا أحسنلك، ولا إنت حابب تشوف رد من ردود أفعالي؟!..
أجاب بسُخرية:
-يمكن!!.. ومع ذلك مش هسيبهـا.
تمتمت بإبتسامة باردة:
-يبقى إنتَ إللي أختارت ياإبن النصــار.
وبدون مُقدمات كانت لكمتــه بعُنف في فكــه، ليترك ذراعهــا مُتراجعًا للخلف وقد أصابـه الذهول من ردة فعلهـــا، وضع كف يده مكان موضع الألم وقد أحتقنت عينــاه، وظهر بريق مُخيف بهمـا، لم تهتز أبدًا، بل إبتسمت بتشفي، في حين ظهرت علامات الغضب على وجهه وقـال بلهجة شريرة مُخيفة:
-أنا مش هأذيكي على الحركة إللي إنتي عملتيهـــا دي؛ لأن ضربة واحدة مني هتخليكي مش عارفة توقفي.
قالت "كـــارمـا" بقوة عظيمة:
-متقدرش، وإلا هكون قطعت إيدك.
تابعـت وهي ترفع رأسهــا بشموخ:
-مش كـارمــا عزيــز إللي تخاف من واحد زيك.
******

"أَنَتْهَـاءُ الفَصْلُ الأَوَّلُ"

Nana.k likes this.

Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-10-20, 11:17 PM   #5

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

"الفَصْلُ الثَّانِي"

أنتِ القوة..
لقد خُلقتِ كي أعشقك..
ماذا بعد العشق يا مولاتي؟؟..

((القوة أجمل عندما تكون مع الحـق))

سقطت دمعـة حــارة على وجنتهـا ولكن سُرعان ما مسحتهـــا وهي تنظر حولهـا كي تتاكد من عدم رؤيـة أحد لضعفهـا وحُزنهـا، سحبت نفسًا مُرتجفًا ثم زفرتـه على مَهَل، أرتفـع رنين هاتف المكتب، فـ وضعت سماعة الهاتف على أذنهـا وهي مُغلقة عينيهــا من شدة التعب تستمـع إلى صوتــه من الطرف الآخر وهو يملي عليهـا تعليماتـه، سحبت نفسًا عميقًا بينمـــا تـابع هو بصوتٍ جاد قائلاً بصرامة:
-دلوقتي الرسايل إللي أنا طلبتهــا ياريت تكون على مكتبي بعد نص ساعة، مش عاوز تأخير يا أستاذة ســارة، كفاية تأخير إمبارح.

ردت قائلة بهدوء:
-تمام يا مستر يوسف، وبوعد حضرتك أن التأخير مش هيتكرر تاني.

قال "يوسف" في جدًّ:
-تمام يا أستاذة سـارة.

سألتــه "سـارة" بصوتٍ رقيق:
-في أوامر تانية؟؟..

رد عليهــا بصلابة:
-لأ مفيش، تابعي إنتي بس إللي طلبتـه منك.

همست بإقتضاب:
-تمام يا فندم.

وضعت السماعة مكانهــا وهي تطلق من أعمق أعماق صدرهـا زفرة حــارة، وقبل أن تُتابــع عملهـــا سمعت صوت رنين هاتفهـــا، أمسكتـه بأصابـع مرهقة وهي توجه أنظارهـا نحو اسم المتصل، فـ وجدت أن المُتصلة هي جارتهـــا "عفاف"، أنقبض قلبهـا نوعًا ما، ولكن وضعت الهاتف على أذنهـا لترد على أتصالهــا، سمعت صوت جارتهـــا وهي تقول بخوف:
-أيوة يا ســارة، كويس إنك رديتي عليـا.

همست "ســارة" مُتسائلة بصوتٍ مُرتجف:
-في إيه؟؟.. ماما كويسة؟؟..

أجابت بصوتٍ خائف:
-أنا كنت راحة أطمن عليهــا زي كل يوم، وخصوصًا النهاردة لما قولتيلي أني أروح أفضل معاهـا عشان شكلهـا تعبان، بقالي فترة كبيرة بخبط على باب شقتهـا بس مش سامعة أي صوت في البيت.

دب الرعب في قلبهــا، أبتلعت ريقهـا هامسة بتوجس خائف:
-طـ.. طب مش مُمكن تكون خرجت؟؟..

ردت "عفاف" عليهــا بقلق جلي:
-سألت البواب قالي لأ مخرجتش.

همست "ســارة" برعب:
-أنا جاية حالاً.

أغلقت هاتفهـــا ثم وثبت واقفة لتتحرك بخُطى سريعة نحو مكتب مديرهــا، طرقت على باب مكتبـه فـ أذن لهـا بالدخول، كان يعمل على جهاز حاسوبــه حينما دخلت، رفع بصره نحوهــا ليجد وجههـــا شاحب اللون، وجسدهـا يرتجف قليلاً، فـ هب واقفًا وهو يسألهـا بقلق:
-إنتي كويسة؟؟..

ردت عليه بصوت خائف:
-مستر يوسف، مُمكن أخُد إذن إني أمشي، والدتي تعبانة جدًا فـ لازم أروحلهــا.

عقد ما بين حاجبيـهِ وهو يسألهـا:
-مفيش حد معاهــا؟؟..

قالت "سـارة" وهي تحاول أن تتماسك:
-لأ مفيش، أرجوك أديني الأذن إني أمشي.

سحب هاتفـه وسلسلة مفاتيحـه من على مكتبـه وهو يقول بصرامة:
-أنا جاي معاكي.

تمتمت بصوتٍ خائف:
-لأ مفيش داعي آآ..

قاطعهـــــا بلهجة آمرة قائلاً:
-مش وقتـه يا سارة، يالا نتحرك، وأنا هتصل بالإسعاف عشان نلحق.

كانت عاجزة عن فعل أي شئ، وكل ما في تفكيرهــا هو والدتهـــا، لذلك وافقت على حديثـه، تحركا معًا نحو خــارج الشركة، فتح لهــا باب سيارتـــه لتستقل بداخلهـا وقلبهـــا يدق بعُنف، أغمضت عينيهـــا برعب وهي تقول:
-أُسترهــا يارب.

******
بعد قليل، توقفت السيارة أمام مدخل البناية التي تقطن فيهــا، تسارعت نبضات قلبهــا وهي تترجل عن السيارة وبدون أن تفكر مرتين كانت تركض نحو الداخل، دقيقة واحدة.. وكانت تفتح باب شقتهـــا لتدخل بخُطوات خائفة وخلفهـا "عفاف"، بلعت ريقهــا بصعوبة وهي تُسير نحو غُرفة والدتهــــا، أمسكت بالمقبض ثم أدارتـه لينفتح الباب، خفق قلبهـا بقوة وهي ترى والدتهـا نائمة على الفراش، جلست بجانبهـا على الفراش ثم إبتسمت إبتسامة مُهتزة قائلة بصوتٍ خائف:
-ماما، ماما أصحي يا حبيبتي.

لم تستيقظ، فـ حاولت مرة أخرى وهي تهز جسدهـــا بخوف، وجدت نفسهــا تصرخ برعب:
-مـامـــااااااااا

سمعت صوت طرقات على باب الغُرفة فـ ركضت نحوه وفتحتـــه لتجد جارتهـــا تنظر لهــا بقلق وخلفهـــا "يوسف" الذي يرمقهــا بقلق، همست برعب وهي تهز رأسهــا نفيًا:
-مامــا، ماما مش راضية تصحى.

هتفت "عفاف" بصوتٍ قلق:
-أهدي يا بنتي، دخليني أساعدك نلبسهـا عباية وطرحة عشان نوديهـا على أقرب مُستشفى.

قالت آخر كلماتهـا وهي تدفعهـا برفق لتلج للداخل، خرجت "سارة" من الغُرفة وهي تهمس بهذيان:
-مـ.. ماما، ماما هتبقى كويسة، مفيش داعي أقلق، هتبقى كويسة.

رمقهـا "يوسف" بنظرات قلقة عليهــا وهو يقول لهـا بحنو:
-ماتقلقيش خير إن شاء الله.

رمقتـه بنظرات خائفة ليُتابـــع بـ بسمة بسيطة:
-الإسعاف تحت، هناخدهـا على المُستشفى وهتبقى كويسة، قولي إنتي بس يارب.

أغمضت عينيهــا وهي تهمس برعب:
-يارب.

همست بتلك الكلمة ثم عادت تدخل غُرفة والدتهـــا، وقف "يوسف" ينظر لهــا بقلق حتى أختفت، مسح على وجهه بقوة وهو يهمس بهدوء زائف محاولاً بث الطمأنينة لنفســه:
-خير إن شاء الله، كُل حاجة هتبقى تمام، وأنا هفضل جمبهـا مش هسيبهـا.

******
تجمد الأخير في مكانــه، لم يصدر عنـه أي إشارة أو حركة، لكن تعابير وجهه، عروقـه المشدودة، أحتقان عينـاه، تشنجات تصرفاتــــه توحي بقرب إنفجاره، توحشت عينــاه فجأة بطريقة مُخيفة، بينمـا تنظر لــه ببرودٍ قـاتل، وقبل أن تتحدث كانت قبضتـه القوية أندفعت لتمسك بـ ذقنهـا فجأة مُقربًا وجههـا إليهِ حتى كاد أن يقتلع رأسهـا من جذورهـا، شهقت "كـارمـا" مجفلة من قسوة قبضتـه وهو يرفع وجههـا إليهِ بقوة وأتسعت عيناهـا وهي تنظر إلى عُنف ملامحـه بصدمة، فتح "سيف" فمـه ليقول بصوتٍ غريب بطيء وهو ينظر إلى عينيهـا بـ عينيـهِ الصلبتين:
-إنتي مش أدي يا كـارمـا، أنا بحاول أمسك أعصابي، فـ ياريت نتعامل مع بعض بأسلوب أرقى من كده.

أظلمت عينـاه فجأة لظلام دامس يخلو من الحيـاة، ثم قال بنبرة تُشبـه فحيح الأفاعي:
-وخصوصًا إنك هتبقي مراتي.

ردت "كارمـا" عليـه بصوتٍ جليدي وهي ترمقـه بتحدي:
-مش هيحصل يا إبن النصـار.

تركت أصابعــه ذقنهـا ببُطء وهو يهمس لهـا بإبتسامة مُخيفة:
-لأ هيحصل، وهتشوفي بـ نفسك.

رسمت على محياهــا إبتسامة باردة وهي تقول:
-عايز تتجوزني عشان تعرف تخليني أسكُت، عشان تقدر تمنـع أي تصرف مُمكن أعملـه ضد والدك، مش كده؟؟..

طالعهــا بنظرات غير مفهومة ولم يجب، فـ أستمرت قائلة بصوتٍ ساخر:
-إنت فاكرني عبيطة؟؟..

حرك رأسـه نفيًا وهو يقول بثقة:
-لأ طبعًا، إنتي ذكية، وقوية جدًا كمان، وده إللي عاجبني فيكي، بس أنا عاوز أحميكي.

قالت "كارمـا" رافعة رأسهـا في تعجب زائف:
-تحميني؟!.. يا الله إيـه إللي بسمعـهُ ده؟؟..

أستأنف حديثــه بغموض مُثير:
-وبعدين مين قالك إن دي تاني مرة أشوفك فيهــا؟؟..

رمشت بـ عينيهــا وهي تقول بدهشة:
-نعــم؟!..

تطلع أمامـه في الفراغ لثوانٍ قبل أن يتحدث من زواية فمـه قائلاً:
-أنا شوفتك كتير جدًا، وأتعاملت معاكي كمان قبل كده.

ران الصمت على المكان بضع لحظات، قبل أن تقول بإستنكـار وهي تومئ رأسهـا بالسلب:
-محصلش.

تمتم "سيف" مقوسًا فمـه بإزدراء:
-حصل يا كارمـا هانم، بس إنتي ذاكرتك ضعيفة شوية.

ضاقت حدقتاهــا وهي تهمس بقوة:
-محصلش، أول مرة شوفتك فيهـا كان في مكتبك، غير كده لأ.

أرتسمت إبتسامة ساخرة على شفتي "سيف" وهو يُلقي نظرة على ساعتـــه الفضية:
-ذاكرتك ضعيفة، على العموم أوعدك أن لما يجي وقت المُناسب هبقى أقولك كُل حاجة.

صمتت قليلاً.. فـ إبتسم لهـا ببرود مُضيفًا:
-هنتقابل قُريب، وأتمنى ردك يكون جاهز وقتهــا.

أظلمت عيناهـــا وهي تنظر إليهِ بتصلب هاتفة بهدوء:
-وإنت واثق من نفسك أوي زيادة عن اللزوم، للأسف هتستنى على الفاضي.

لم يعبئ بـ نظرة عينيهـــا القاسية، بل أشـاح بـ وجهه عنهــا مستطردًا في حزم:
-من ناحية الثقة، فـ آه أنــا واثق، ومن ناحية الأنتظار، فـ أنا هستنى موافقتك لأن رفضك مش هقبلـه.

أرتفع حاجباهــا وهي تقول بإبتسامة:
-على فكرة أنا مخطوبة.

لوهلة شعرت بتصلب جسده، وأنفاســه التي أزدادت غضبًا، ومع ذلك حينمـا تحدث.. قال بصوتٍ بارد:
-عارف، ويُستحسن تبعدي عنـهُ.

أقتربت منــه بخطوات ثابتـة، فـ ألتفت إليهـا بوجهٍ جامد، هتفت بصوتٍ قوي لا يخشى:
-أسمع الجُملتين دول كويس، أولاً جوازي منك ده من رابـع المُستحيلات، ثانيًا أنا هكمل مع خطيبي ومش هتقدر تعملي ولا تعملـه حاجة، وأنا دخلت في الموضوع ده ووخداهـا كـ حرب، وأنـا مش من النوع إللي بيتهزم يا إبن النصــار.

شردت عينا "سيف" قليلاً وهو ينظر إلى البعيد قبل أن يقول بصوته الأجش الجامد:
-عارف، عـارف إنك دخلتي حرب.

أزداد ظلام عينيــه وهو يقول بصوتٍ عميق:
-بس للأسف في قرار هتندمي عليـهِ، أفتكري إني حذرتك.

أرتدى نظارتـــه الشمسية قبل أن يُضيف بإقتضاب:
-سـلام.

قال كلمتـه تلك وهو يتحرك بخُطى واثقة نحو باب المنزل، أخفضت عيناهــا بشرود وهي تفكر في كلماتـه المُريبة، أنتبهت على صوت أغلاق باب منزلهــا لـ تسقط جالسة على الأريكة بتعب وهي تهمس بخفوت:
-يعرفني؟؟.. طب إزاي؟!!..

هزت رأسهـا نفيًا وهي تقول:
-لأ هو كداب، كــــداب.

عادت إلى نظراتهــا الواثقة وهي تقول بإبتسامتهـا البراقة:
-يبقى إنت كمان أعلنت الحرب ياإبن النصـار.

******
وقفت "سـارة" أمام غُرفة الطوارئ وهي توجه أنظارهــا المذعورة على الباب، أحتضنت نفسهــا بـ ذراعيهــــا وهي تحاول دعم نفسهـــا، شعرت أنهـا ستُصيب بالإغماء من كثره الرعب الذي أجتاحهــــا، بينمـــا "عفاف" تقف بجانبهـــا وهي تحاول أن تبث لها الطمأنينة ولكن عجزت عن فعل ذلك.

وقف "يوسف" يتأملهــا بـ نظرات قلقة، والضيق يُكاد أن يخنقــه، يتمنى أن يركض نحوهـا ويسحقهـا بين ذراعيـه، يتمنى أن يخبرهــا بأنـــه موجود وبجوارهــــا دائمًا، يتمنى أن تسمـع نبضات قلبــه العاشقة عسى أن تطمئن، يتمنى أن يخبرهــا بأنــه سندهـــا وأنه سيجعل إبتسامتهــــا لا تفارق وجههـــا، ولكنـــه عاجــز عن فعل ذلك، وهذا ما يؤلمـــــــه.. وبشدّة.

أنتفضت حواس "ســارة" حينمــا رأت الطبيب يخرج من الغُرفة، فـ تحركت نحوه لتسألـــــــه بلهفة:
-ماما كويسة؟؟.. أرجوك طمني.

أطرق الطبيب رأســـه للأسفل، وأستطرد حديثــه قائلاً بحذر:
-للأسف ملحقنـاش نعمل حاجة، البقاء لله.

قال كلمتــه الأخيرة وهو يرمقهــا بـ نظرة مليئة بالشفقة، ثم أبتعد عنهـــا.. شهقت "عفاف" بصدمة وهي تهمس:
-لا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليهِ راجعون.

في حين وقف "يوسف" ينظر لهــــا بقلق من ردة فعلهـا، قلبــه ينبؤه بالأسوأ، شعر بوخزات مؤلمـة في قلبــه وهو يراهـا مُتصلبة الجسد فـ بدت كالصنم.

بدت كالمغيبة وهي تنظر نحو الغُرفة التي ترقد فيهــا والدتهــا بنظرات خاوية من الحياة، وجدت نفسهــا تتحرك نحو الغُرفة ولكن سُرعان ما توقفت حينمــا رأت ذلك الجسد البشري الضخم يعترض طريقهـا، وقف "يوسف" أمامهــا وهو يسألهــا بصوتٍ أجشّ:
-إنتي هتعملي إيــه؟؟..

تبدلت حالتهــا تمامًا، حيثُ أعتراهـــا الغضب وهي تقول:
-أبعد لو سمحت، أنا عايزة أطمن على ماما.

جمد أنظاره عليهـــا وهو يسألهــا:
-تطمني عليهـا إزاي؟؟..

ردت عليهِ بحدة:
-أشوفهـا محتاجة حاجة ولا لأ، فـ أبعد.

سحب نفسًا عميقًا وهو يحاول أن يداري توتره:
-سـارة، تطمني عليهـا إزاي؟؟.. مامتك في مكان أحسن من هنـا.

صرخت فيـه بإنفعال بيّن:
-متقولش كده على ماما، هي كويسة وهنروح سوا، أبعد عني بقى.

وقبل أن تدفعــه كانت قبضتيـه تقبضان على ذراعيهــا وهو يتوسل إليهـا قائلاً:
-ده قضاء ربنــا يا سـارة، أرجوكي متعمليش كده.

تلوت بنفسهـــا كليًا محاولة أن تحرر ذراعيهـــا صارخة بإهتياج:
-أبعد عني، إنتوا كدابين، ماما مامتتش.

بدأت تحاول دفعـــه بجنون وقد تعالى صراخهـــــا بإستنكار، هبطت دموعهـــــا الحارقة على وجنتيهـــــا، فـ حاوط خصرهــــا ليجذبهـــا إليه بقوة، ضمهــــــا أكثر إليــهِ عندما تعالى صراخهـــا المهتاج، وهتف من بين أسنانـــه بصعوبة:
-ششششش أهدي.

حاولت أن تستخدم قواهـــا الغاضبة لتدفعـه عنهــا، ولكن فاقت الحقيقة الموجعة قدرتهــا على الأحتمال وضاعف من تأثير ذلك عليهــا، هتف بنبرة باكية تفطر القلوب:
-مامــا مش هتسبني، مامــاااااااااا

أغمض عينيــهِ بقوة وأعتصرهمــا بقوة وهو يهمس:
-أهدي يا سـارة، أهدي.

بدأت قواهــا تخبوا تدريجيًا وهي تهمس بصوتٍ باكي مصدوم:
-مـ.. مامـــاااااا

أستشعر "يوسف" وهو يحاوطهــا رغمًا عنهــا ضعفهـا الإجباري نتيجة تأثير الصدمة، فـ تمسك بهـا أكثر وصرخ بصوتٍ جهوري أهتّز لـه المكان:
-دكتور بسُرعـــة.

تهدج صدرهــا، وزاد عويلهــا، ونحيبهــا المُتألم، عبراتهــا تنهمر بغزارة مغرقة وجههـا بالكامل، شعرت بالظلام يغلف عينيهـــا بقوة، وأن الأرض تميد بهــا، وتدريجيًا خبى عُنف حركتهــا وتشنجات جسدهــا حتى سكنت تمامًا، أستسلمت لذلك الخدر المغري فوقعت بين أحضانـــــه هاربة إلى عالم آخر بعيد عن الواقـع الأليم....
******
نهاية الفصل الثاني

Nana.k likes this.

Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-10-20, 11:19 PM   #6

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

"الفصل الثَّالِثُ"

لهم بعض الوقت..
ولك أنتِ العُمر..
وأنكِ نبضي..
وأنهم لي لحِاسدون..


تحرك رجـل الذي كان يقوم بـ مُراقبـة "شريـف النصــار" نحو مكتب رب عملـــه بخُطى هادئـة، طرق على باب مكتبـه حتى سمع صوتـه وهو يأذن لـه بالدخول، فـ دخل وأرتسمت إبتسامة ظافرة على ثغره، وقف أمامـــه بثقة وهو يخبره بـ آخر التطورات:
-تمام يا ثروت باشـا، شريف بيـه نفذ أوامرك وبعت رجالتـه للناس إللي عاوز ياخُد منهم أراضيهم وبيوتهم، وأمرهم بأن محدش يزرع، وهُمــا نفذوا.

حرك "ثروت" رأسـه بإيماءة خفيفة ثم تمتم:
-كويس أوي، شريف عاقل وعـارف إنـه كان هينفذ إللي قولت عليـه.

سكت لحظةً قبل أن يسألـه بترقب:
-طب والبنت؟؟..

هز كفيـهِ قائلاً:
-لسـه معملتش حاجـة، بس إحتمـال بنسبة كبيرة مش هتسكت.

هز رأسـه قائلاً بعدم إكتراث:
-براحتهـا، لو فكرت تعمل حاجة يبقى هي إللي كتبت النهاية بنفسهــا.

******
في القرية وتحديدًا.. بداخل القصر الخاص بـ "شريف النصــــار"..

جلس "شريف النصـــار" في مكتبـــه الفخم بـ صحبة "فاروق" -الذراع اليُمنى لـ "شريف"- يراجعان بعض الملفات والأوراق الخاصة بإنشاء بناء المصنـع، ترك "فاروق" الملفات أمامــه وهو ينطق بـ:
-إنت ليه مُصر إنك تبني مصنـع؟؟..

توقف "شريف" عن الكتابة ثم حدق فيـه بـ نظرة جـادة قائلاً بهدوء:
-إيه لازمة السؤال ده؟؟..

أجابـــه "فاروق" مقوسًا شفتيـــهِ بتبرم:
-لأني عارفك كويس، عُمرك ما فكرت تعمل مصنــع وكُنت بتتعامل بالطريقة دي مع غيرك، إنت عاوز تاخُد أراضي منهم بالعافية!!..

تنهد "شريف" تنهيدة مُزعجة تاركًا قلمــه الذهبي، بينمــا أستمر الأخير قائلاً بضيق:
-وحاسس إنك مضايق إنك بتعمل كده، فـ إيـه السبب إللي يخليك تبني المصنـع وتاخُد أراضي ناس غلابة، وإنت أصلاً مش محتـاج فلوس!!..

نهض "شريف" عن مقعده وهو يُجيبــه:
-ياريت بلاش تسألني يا فاروق، أنا عارف أنك دراعي اليمين وأنك قلقان عليـا، بس حاليًا مش هقدر أتكلم.

عبس قليلاً، ولكن هتف بـ نبرة هادئة:
-على العموم يوم ما تحتاجني كلمني على طول، وهتلاقيني قُدامك.

حرك رأســه إيجابيًا بهدوءٍ زائف، ثم همس بداخلــه وقد تألقت عينـــاه بـ بريق حازم حامس:
-لازم أخلص منه، وإلا هيضيعني!!..

******
أرتجف قلبــه حُزنًا عليهـــا وهو يراهـــا مُمددة على الفراش، كانت ملامحهـــا شاحبة، والهشاشة بدت واضحة المعالم عليهـا، والهالات الزرقاء تظلل عينيهـــا، مد يده بـ بُطء لـ يلتقط كفهـا، وبـ يده الأُخرى مسح على جبينهـا وشعرهـا برفق، فهي على تلك الحـالة مُنذ سبعـة ساعـات، في تلك الساعــات كان أستطـاع أن يخرج تصاريـح الدفن وأنهى الإجراءات، زفر زفرة حــارة وعيناه تنحيان ألمًا، شعر بتلك الوخزة العنيفة في صدره، فقد بدت ضعيفة وتحتاج إلى الإشفاق والدعم لتجاوز تلك المرحلة العصيبة من حياتهـــا، أبتلع "يوسف" غصة مريرة عالقة في حلقــه، ثم همس مُبتسمًا محاولاً التهوين على نفسـه:
-طب ينفع كده؟؟.. يعني اليوم إللي أعرف أتكلم فيه معاكي بعيد عن الشُغل، يحصلك كده؟؟..

حرك رأسـه بإيماءة خفيفة وهو يواصل حديثــه المازح:
-شكلك بتحبي تعملي مقالب، رغم أنــه مش لايق عليكي.

ران الصمت على المكان بضع لحظات، قبل أن يقول بصعوبة:
-هتعدي، فترة وهتعدي، صدقيني.

سحب نفسًا عميقًا وهو يقول بدون تردد:
-وهفضل جمبك ماتقلقيش.

وضع كفهـا بحذر على الفراش ثم همس بخفوت مُبتسمًا بـ حُب:
-ماتخفيش، أنا مش هسيبك إلا لما تبقي كويسة.

نهض من مكانــه ثم سـار نحو الخارج، لا يعلم أنـــه متوجه نحو الجحيم، وسيعيش بداخلـــه، أغلق باب الغُرفة بحذر شديد، ثم ألتفت باحثًا بـ عينيـهِ عن جارتهــــا، ولكن لم يجدهـــا، هز رأسـه بعدم أكتراث وفكر سريعًا بأن يتجه إلى الحسابات، إلا أنـــه وجد شخص يقترب بخُطى سريعة وعلامات الأنفعال مرتسمة بوضوح على وجهه، كانت ملامحــه لا تبشر بالخير على الإطلاق وأصابــه القلق حينما وجده يتجه نحو غُرفة "سارة"، وقف أمامــه وهو يسألــه بـ صوتـه الأجشّ:
-إنت رايح فين؟؟..

رد عليه بإنفعال بيّن:
-وسع يا جدع إنت، أنا رايح على الأوضة إللي جمبك.

حاول أن يتجاوزه ولكن فشل في ذلك بسبب ضخامـة جسده، في حين قال "يوسف" وقد اكتسى صوتــه بنبرة مُخيفة:
-إنت أكيد غلطان، روح شوف الأوضة الصح.

همس الأخير بنفاذ الصبر:
-بقولك إيه أنا مش ناقصك، دي أوضة سـارة، جارتهـا لسه قيلالي رقم الأوضة إللي فيهـا، فـ وسع من سكتي عشان أنا مش ناقصك.

انعقد حاجباه بصرامة قاسية وهو يقول:
-لما أعرف إنت مين الأول، لأن شكلك كداب.

نفذ صبره فـ دفعـه بقوة وهو يقول بلهجة غاضبة:
-وإنت مالك، بتدخل ليه؟؟..

نظر لهُ "يوسف" بعيون محدقة من الغضب قائلاً:
-أنا رئيسهـا في الشُغل، إنت مين؟؟..

سكت للحظةً ثم قال في صوتٍ ســـاخر:
-أنا أبقى مين؟؟.. أنا أبقى جوزهـــــــا.

******
كان جالسًا بداخل غُرفتــهُ ومازال يفكُر بذلك الأمر، لم يكن يتصور بعد مرور عدة سنوات أنها ستكون بتلك الدرجة اللاذعة من الجمـال، شُعلـة مُتقدة من الجمـاح ولكنـه يختفي خلف قنـاع القوة والجمود، تمطع بعنقهُ للجانبين في نظرات تحمل الضيق، وهبّ واقفًا ونزع قميصهُ عنهُ وأرتدى قفازات اليدين الخاصّة بمُلاكمة، وتوجّه نحو غُرفتهُ الرياضية قاصدًا نحو وسادة مُلاكمة ضخمة تنسدل بحبل من السقف، وبدأ يسدد ضربات قوية وأشتعلت أفكار سيئة في رأســه، فـ كُلما تذكر ما يحدث وسيحدث حولهـــا تزداد الضربات بغضبٍ جامــــح.

بعد دقائق ليست بقليلة.. كان قد توقف وأصبح وجههُ يتصبب عرقًا غزيرًا من فرط المجهود، تحرك نحو خارج الغُرفة الرياضية مُتوجهًا نحو غُرفة نومهُ ليجلس على الأريكة وهو يمسح على شعرهُ الغزير، تحرك بعد دقائق صغيرة نحو المرحاض ليأخذ حمامًا باردًا.

دلف "سيف" للمرحاض بعد أن خلع ملابسهُ، وأصبحت المياة الباردة تنهمر على وجههُ بقوة محاولاً أن لا يفكُر في ذلك الأمر الآن، أخرج رأسهُ من الماء لـ يتنفس قليلاً، ثُـمّ قام بلف منشفة قطنية عريضة حول خصرهُ ودلف للخارج بهدوء، فـ أصبحت قطرات المياة تقطر من رأسهُ على صدرهُ وكتفاه العريضان، أتجـه بخُطوات ثابتة نحو خزانة ملابسهُ والتقط أحد القمصان القطنية ذات الماركات العالمية باللوّنُ الكحلي وبنطالاً من اللوّنُ الأسود.

همس بلهجة لا تبشر بالخير على الإطلاق وبـ عينين قاسيتين:
-للأسف هتندمي يا كارمـا.

لحظات قليلة وكان أنتهى من أرتداء ملابسهُ ليتجه نحو الفراش وأرتمي عليهِ لـ يغط في نومٍ عميق.

******
أجبرتهـــــا الحيــاة على أرتداء قنــاع سيء، تحولت من فتــاة رقيقة إلى فتــاة تمتلك قوة غريبة، تنهدت بـ عُمق قبل تتجه نحو خزانة الملابس لترى ما سترتديهِ اليوم.

دقائق معدودة وكانت أرتدت ملابسها المكونة من سترة وتنورة طويلة بلونـا البني الفاتح وقميص باللوّنُ الأبيض، ثُـمّ تركت شعرها مُنسدل على ظهرها بحرية، ووضعت عطّرها المُفضل، ووضعت أيضًا بعضُ من المُستحضرات التجميل ولكُن خفيفًا، أخذت حقيبتها الخاصة بـ السفر وهاتّفهــا ثُم تحركت بخُطى ثابتة نحو خارج المنزل.

دقائقٌ أُخرى وكانت تستقل سيارتهـــــا، ضغطت على دواسة السيارة مُنطلقة نحو القرية، في حين كانت هناك عينين تُراقبهــا بإهتمام، وما أن غادرت حتى أخرج هاتفــه ثم عبث فيه، ووضعــه على أذنـه مُنتظرًا الرد حتى أتــاه فـ قال:
-دلوقتي هاتروح على القريـة.

وعلى بُعد أمتـــار كان هُناك شخصٍ آخر يضع الهاتف على أذنــه قائلاً للطرف الآخر بصوتٍ جـاد:
-ركبت العربية دلوقتـي، شكلهـــا رايحـة القرية يا باشـا؛ لأن كان معاهـــا شنطة هدوم.

******
بعد عدة ساعات قليلة..

كانت وصلت إلى القرية بعد أسدل الليل ستائره السوداء، سيارتهـــا على الرغم عدم وجود أي شخص حاليًا يُسير في القرية، أوقفت سيارتهــا وهي تسحب نفسًا عميقًا، زفرتـه على مَهَل وهي تمسك هاتفهـــا، ولكن جذب أنتباهـا هو صوت صرخات مُستغيثة، ضيقت عينيهـــا بترقب حينما لمحت طيفًا يركض فـ دققت نظرهـــا وأضاءت أنوار سيارتهــا الأمامية، وجدت أنهـــا فتـاة في الثامنة عشر من عُمرهـــا تركض نحو سيارتهــــا، دنت منهـا الفتاة وأشارت بيديهــا بـ حركات عشوائية وهي تقول بهلع:
-أرجوكي خُديني من هنــا.

تساءلت "كارمــا" بتوجس:
-في إيـه؟؟.. وإنتي بنت مين؟؟..

هتفت تلك الفتــاة المسكينة بهذيان:
-مش هيسبني، أرجوكي أنقذيني، مش هيرحمني آآآ..

دققت النظر فيهــا لتجد أن ملابسهـــا شبه ممزقة، وعلامات الهلع مُرتسمة بوضوح على تعبيراتهــا، كانت تستمع إليهـا بإهتمام، في حين أن الفتـاة قبل أن تُتابــع كلماتهـــا المذعورة كان هُناك شخص يجذبهــــــــا وهو يقول بصوتٍ شيطاني:
-وأخيرًا وقعتي تحت إيدي.

صرخت الفتــاة برعُب لا يُمكن وصفــه خاصةً حينمـــا قبض على ذراعهـا بقسوة جاذبًا إياهــا قسرًا لتُسير معــه غير مُهتمًا بمن في السيارة، بينمــا "كارمــا" تُراقب ما يحدث بذهول، أشتعلت جمرتي عينيهــا بـ غضب سُيطيح بـ الأخضر واليابس، ثم بدأت تبحث عن شيء تستخدمه دائمًا عند اللزوم، ترجلت عن سيارتهـــا ثم صفقت الباب بقوة، تحركت بخُطى سريعة نحوهمـــا صارخة بصوتٍ غاضب:
-سيبهـــا حالاً يا راجل إنت.

توقف الشخص بعد أن سمع صوت أنوثي غاضب، لم يترك ذراع تلك الفتـاة المسكينة، بل ظل قابضًا عليهــا بعُنف وهو يلتفت نحوهـا ببُطء مُبتسمًا لهــا بتهكم، حيثُ قـال:
-وإنتي مالك؟؟..

هتفت "كارمــا" وهي تُلقي عليـه نظرة تهديدية:
-سيبهــا حالاً، وإلا مش هيحصلك طيب.

نظر لهـا بتحدٍ سافر مُتسائلاً بسُخرية:
-ولو مسبتهــاش هتعملي إيـه؟؟..

أتسعت عيونــه بذهول حينمــا وجد أن ردهـــا هو أنهـــا أخرجت سلاحهـــا النــاري، صوبتـــه نحوه قبل أن تبتسم بثقة، تراجع خطوتين للخلف و أرتفع حاجبـاه للأعلى في صدمة جلية، هتف بلا تصديق:
-إنتي بتهدديني؟!..

بدت أكثر صلابة وهي ترد عليهِ بثقة غير قابلة للتشكيك:
-أنا بنفذ مش بهدد، فـ سبهــا حالاً وإلا هتشاهد على روحك.

تنفست الفتــاة بإرتياح وهي ترمقهــا بـ نظرات إمتنان، بينمـــا أعتقد الأخير أنهـا تفعل ذلك فقط لإخافتـه، بلع ريقـه بتوتر وهو يقول بثبات زائف:
-إستحالة تضربي نـار، البنات والستات ملهمش في الحاجات دي، إحنا بس إللي لينــا.

لم يرتد لهـا طرف وظلت ثابتة، ظن أنهـــا لن تجرؤ بأي حال على فعل ذلك، فـ تابـع بتحدي:
-روحي يا شاطرة ألعبي بعيد عني، ولاز...

أتسعت عيونـه في هلع وأنقطعت أنفاســه عندمــا أدرك أنهـــا قد ضغطت بالفعل على الزنـاد، أرخى قبضته عن الفتـاة الصغيرة دون شعور منـه، أخفض عينيـهِ ليتفقد جسده، لم تصبه الطلقة فتنفس الصعداء، عاود التحديق في وجه تلك الفتاة، بينمــا هدرت فيـه "كارمـا" بهدوء مريب:
-أنا أتعلمت إزاي أمسك السلاح عشان أعرف أتعامل مع أمثالكم.

بلع ريقـه بتوتر فـ تابعت ببساطة:
-أحنـا آه إللي بنطبخ وبنضف، بس لما بنحط حاجة في دماغنــا، بنتعلمهـــا وبنفذهـــا حتى لو التمن الحاجة دي غالي أوي.

قست نظراتهــا فجـأة وهي تُشير بإصبعهـا كـ تحذير لـه:
-لأول وآخر مرة بحذرك، لو شوفتك في يوم من الأيام بتتعرض لأي واحدة، صدقني مش هتردد لحظة أن الطلقة هتكون في راسك.

رمقتــه بـ نظرة أخيرة تحمل الثقة قبل أن تمسك الفتـاة الصغيرة من يدهـــا وتوليـه ظهرهـــا، أنصرفت من أمامـــه بكُل هدوء، ظل ذلك الشخص مُتسمرًا في مكانـــه محاولاً إستيعاب إقدام فتـاة على قتلــه بدون ذرة ندم، همس بصوتٍ مذهول:
-أنا مشوفتش ولا هشوف بنت زي دي!!!..

******
وقف "ثروث" بشموخ أمام مكتبه يفكر ويخطط، بات في خطرًا بعد ظهور تلك الفتــاة الشرسة، حك مؤخرة رأســه وهو يفكر بعُمق، حتى دخل عليـــه أحد رجالـــــه، حدجــــه بـ نظرات لا ترحم.. نظرات مُظلمة مُرعبة.. أشـار إليــه بأن يتحدث، فـ قال الرجل بصوتٍ واثق:
-هي وصلت القرية، بعد ما عرفت أن شريف باشا ناوي ينفذ تهديده وياخُد الأراضي غصب.

صمت قليلاً قبل أن يُضيـف:
-بس البنت جبـارة، وشكلهــا مش هتسكت فعلاً.

أولاه ظهره ليسحب علبة سجائره من داخل سترتـه، أشعلــه واحدة بتريث مُبتسمًا إبتسامة خبيثة، استدار ناحيتـه مُنفثًا دخانهــا بهدوء ثم تمتم بصيغة آمرة:
-لو حاولت تمنعـــه، تقتلوهـــا.

قست نظراتــه أكثر وهو يُضيف لنفســه:
-أنا مش ناقص مشاكل، والبنت دي مش سهلة، فـ ده أحسن حل ليهـــا.


******
أموت من فُراقك..
وأموت من لُقائك..

شعر "يوسف" وكأن الكلمة قد أنغرست في قلبــه، وذابت في حجراتــه لتندفـع مع دمائــه إلى عروقــه وتسري فيهــا كالنيــران، ذلك الألم القاسي الذي أجتاحــــه بكل قوة، توقفت عقـارب الساعـة، وظل مُتسمرًا في مكانـــه محاولاً إستيعاب الواقع الذي أمامــه، راقب "ســامر" ردة فعلــــه الغريبة بـ نظرات مُتعجبـة، ولكن لم يهتم بل تحرك نحو الغُرفة التي ترقد فيهـــا زوجتــــه تاركًا إيــــاه في صدمتــه.

أحمرت عيني "يوسف" بقوة كــ جمرتي من النــار، ذلك الألم الذي يزداد في قلبــه يكاد أن يكون على وشك قتلــــه، شعر بأنــه يختنق فـ وضع يده على صدره ودون أن يفكر مرتين، تحرك بخُطى سريعة إلى الأسفل وتحديدًا نحو حديقة المشفى، وقف أخيرًا أمام أحد الطاولات، ثم بدأ يسحب نفسًا عميقًا ويزفره على مَهَل، أستمر على فعل ذلك حتى شعر بأنــه أستعاد سيطرتــه على أعصابــه، حرك يده التي كان يضعهـا على صدره إلى الأعلى ليخلل خُصلات شعره بقوة وهو يهمس بألم:
-ملقتش يا قلبي غير واحدة متجوزة تعشقهــا!!!..

إن فات عليك الهوى قول للهوى استنى
وأسـأل ع إللي أنكوى في الحُب وأتهنى

سمع ذلك اللحن الشهير لأغنية شاديـة من على شفتي فتـاة تجلس على الطاولة التي تقع بجانب طاولتــه، أغمض عينــاه للحظاتٍ معدودة ثم فتحهمـــا وقد عزم على أن يكون بجوارهــا، سيطمئن فقط عليهـا وبعدهـا سيغادر.. ليس من الغُرفة.. أو من المشفى.. بل من حياتهـــــا.

دقيقتين وكان يقف أمام باب غُرفتهــا، أغمض عينيــه بألم وهو يرى نفسـه عاجزًا عن الدخول، مسح على وجهه بقوة محاولاً أن يستمد القوة، جحظت عينيــه فجـأة عندمــا سمع صوت صراخهـــــا وبُكائهــا المرير الذي يفطر القلوب، حاول أن يقنـع ذاتـه بوجود زوجهــا سيكون تأثيره إيجابيًا عليهــا، ولكن سمع صوتـه وهو يصرخ فيهـا بغلظة بأن تتوقف عن البُكاء، أنقبض قلبـه نوعًا مـا ومع صرخة الألم والفزع التي أنطلقت من حنجرة حبيبتــه، ودون أن يضيع ثانية واحدة كان يقتحم الغُرفة وشهد بأعينـه ما يحدث حيثُ وجده يقبض على ذراعهـــا بعُنف هادرًا بقسوة:
-بطلي عياط بقـااااا، وقومي جهزي نفسك عشان هنمشي.

صــاح "يوسف" مُستنكرًا:
-إيــه إللي بتعملــــه ده؟!..

أقترب منـــه محاولاً فصل بينهمــا قائلاً بصوتٍ مُتشنج:
-إيـه الأسلوب ده، دي مراتك وأمهـا لسـه متوفية، هي دي المُعاملة إللي المفروض تعملهلهــا!!!..

صرخ "سامر" وهو يدفعـه:
-وإنت مالك يا جدع إنت، دي مراتي، أعمل إللي أنا عايزهُ، مش من حقك تدخل.

هتف فيـه "يوسف" بصرامة:
-لأ من حقي ونص، أنـا رئيسهــا في الشُغل، ومش هسمح بالمهذلة دي تحصل.

قبل أن ينطق "سامر" بـ حرف، كان هو واضعًا يده على كفـه المُمسك بـ ذراعهـا مخلصًا "سـارة" منـه، ثم تمتم بصوتٍ قوي:
-أنا عايز أفهم إيـه الأسلوب ده!!. المفروض تدعمهــا مش تخليهـــا تتعب أكتر.

هدر "سامر" بغلظة:
-إنت هتجنني، أنا جوزهـا وهاخدهــا معايا، وبعدين إللي إنت بتعملـه ده مش هسكت عليـه.

نظر "يوسف" إليـه وقد هدأت ثائرتـه وقـال ساخرًا:
-أعلى ما في خيلك أركبــهُ، بس أنا مش هتحرك من هنــا.

رفع إصبعــه، وأشـار لـه مُضيفًا بصوتٍ قاسٍ:
-وإنت أكيد هتاخدهـا معاك بس لمـا حالتهــا تتحسن، وإنت أصلاً مش من حقك تاخُدهـــا بطريقة الهمجية دي، أُقسم بالله لو عملتهـا بالطريقة دي تاني لأجبلك الأمن يخروجك برا المُستشفى.

قال كلمتـه الأخيرة وهو يلتفت برأســه ليجدهــــا تبكي بُكاءًا حارًا، وصدرهـا يعلو ويهبط بعُنف، وأنفاسهـــا غير مُنتظمة، أعتصر قلبـه بقوة وهو يراهــا في حالة ضعف، عاود النظر إلى وجه زوجهــا هادرًا بصوتٍ غاضب:
-وياريت لو تكرمت تروح تجيب دكتور بسُرعة عشـان حالتهـــــا.

حدجــه "سـامر" بـ نظرات مغتاظة، ولكن أضطر أن يصمت ولو مؤقتًا، تحرك بخطوات سريعة نحو الخـارج لـ يستدعى الطبيب، بينمــا أستدار "يوسف" بـ جسده نحوهـــا فـ وجد أن حالتهــا أزدادت سوءًا، تبكي بحرقة وهي تهمس بألم:
-مامـااا.

أغمض عينيــه بقوة وهو يلكم الحائط فجـأة بـ قبضة يده، هادرًا بصوتٍ غاضب مكبوت:
-إزاي؟؟.. إزااااااااااي تتجوز واحد *** زي ده؟!!..

لحظـات وكان يلج الطبيب للداخل بخُطوات مُسرعة، وقعت عينـاه على مريضتــه، فـ أستدار بجسده نحو المُمرضة الشابـة قائلاً بصيغة آمرة:
-عايز حُقنـة مُهدئـة.

ردّت "المُمرضة" بخفوت وهي تُحرك رأسها بالإيجاب :
-حاضر يا دكتور.

أنصرفت مُسرعة لتفعل ما طلبهُ الطبيب، ثوانٍ وكأنها ساعات بالنسبة إليهم مرت، حتى أحضرت المُمرضة الشابة إبرة طبية مليئة بالمواد المُهدئة للأعصـاب وأعطتهُ لهُ بحذر، أخذ الطبيب الإبرة الطبية ووجه نظرهُ على المريضة نظراتٍ جادة، في حين وقف "ســامر" يرمق "يوسف" بـ نظرات غاضبة مُظلمـة، لم يعبئ الأخير بـ نظراتــه بل عقلـه وقلبــه في تلك اللحظة كان معهــا هي.. هي فقـط.

أعترتــه الراحة حينمـا وجدهــا قد نامت تحت تأثير المُهدئ، جلس "سـامر" على المقعد القريب من فراش "سـارة"، بينمـا سـار "يوسف" في أتجـه المقعد الثاني، وجلس عليـه ثم وضع ساقــه فوق الأُخرى، قال "سامر" بضيق:
-إنت هتقعد؟؟..

أسترخى "يوسف" أكثر في جلستـه مُجيبًا ببرود:
-طبعًا، مش لازم يكون في حد معاك عشان يونسك بدل قعدتك دي؟؟..

قال "سامر" بضيق أكبر:
-بس أنا مش حابب إنك تكون معايـا.

رد عليه ببرود أشد:
-أنا بقا حابب، فـ أحترم رغبتي.

رمقــه بغيظٍ شديد ثم حرك رأسـه ناحية زوجتــه وهو يتواعد بداخلــه لهـا، على الرغم من برود ملامـح وجه "يوسف"، إلا أنـه كان هُنــاك نـــار بداخلــه، لو خرجت.. فـ ستحرق الأخضر واليابس، ودون شعور منــه أشتعلت عينيـهِ بالنيران، عينـان بدتـا كـ قطعتين من اللهب أو الجحيم.

******
في صبـاح يوم التـالي، أستغل "يوسف" فُرصـة ذهاب "سـامر" من المشفى مؤقتًا، فـ قام بـ دفن والدتهـــا في مقابر عائلتهــا، بحضور قلـة قليلة ممن على صلـة بهـا، وما أن أنهى كل ذلك، حتى عـاد إلى المشفى فـ وجدهـــا مازالت أسيرة غيبوبتهـــا، وبعد جلوســه بفترة ليست بـ طويلة، وجد زوجهـــا يدخل، فـ تهجمت ملامحـــه أكثر وقد شعر بأن هُناك من أعتصر قلبـــه بعُنف.

******
كانت الســاعة الثالثة عصرًا حينمـــا خرجت "كـارمــا" من منزلهـــا وعلامـات وجههــا لا تبشر بالخير على الإطلاق، كانت خُصلاتهـا السوداء قد تركتهــا حرة تنساب على وجههــا وعنقهـا بجاذبية.. فـ بدت آية من الجمـال، سمعت رنين هاتفهـــا فـ أخرجتـه من جيب بنطالهــــا الأسود وردت بدون أن ترة المتصل وهي تقول:
-أيوة؟؟..

سمعت صوت "رامي" وهو يصرخ عاليًا:
-إنتي فين يا كـارمــا؟؟.. أوعي تكوني رايحلهم.

كانت تُسير بخُطى متعجلة حتى تصل إلى الوقت المناسب، فـ قالت بلهجة قوية:
-آه هروحلهم، ومحدش هيقدر يمنعني المرة دي.

هتف "رامي" بتهديد صريح:
-لو روحتلهم يا كـارمـا، يبقى إللي بينـا خلص.

توقفت مكانهـــا فجأة أثر جُملتــه، صمتت قليلاً ثم إبتسمت بالامبالاة وهي تقول:
-طالمًا إنت عاوز كده يبقى براحتك، كـارمـا عزيـز مش بتتهدد يا رامي، سـلام.

أغلقت الهاتف معــه وهي تعاود السير إلى الجهة الشرقية، أخرجت سلاحهــا وهي تقول بشراسة:
-يبقى يقابلني لو فكر ياخد بيت من بيوتهم.

******
أصر على قيادة سيارتـه بنفســه عبر الطريق بسرعة عالية إلى حد ما، لم يتوقف عقلـه للحظة عن التفكير في مـا سيحدث، وضع "سيف" نظارتـه القاتمة على عينيـهِ، سحب نفسًا عميقًا وهو يهمس بداخلــه:

كــارمــا رمز القوة والكبريـاء
لذلك دخلت الحرب بـ ثقــة
لن تتوقف
على الرغم من الخطر
الذي يقترب منهــا بكُل هدوء

******
بدأت "كارمـــا" بـ زرع أفكـار التمرد لـ القرويين، بعدمـا علمت أن رجــال "شريف" قد أعطوا الأوامر لهم بأن لا يزرعوا، لكي يضع يده على أراضيهم، فـ بدأ يتشكل التمرد، تحول خوفهم إلى قوة هائلة، أستطاعت بـ كلماتهــا أن تنزع مخاوفهم، فـ زادت ثقتهــا أكثر، فهي الآن على وشك دخول حرب..

أجتمع جميـع القرويين في نفس اللحظة الذي توقفت فيهـا ثلاثة سيارات، خرج رجال "شريف" أولاً من السيارتين وكُلاً منهم يحمل سلاح، ترجل "شريف" بهدوء من السيارة الثالثة بعد أن فتـح لـه أحد رجـالـه باب السيارة، ثم سـار عدة خُطوات ثابتـة حتى وقف أمامهـــــا.. "كـارمـا الحكيم"

وقفت أمامـــــه بخيلاء رافعة ذقنهـا بتلقائية، ترمقــه بتحدٍ سافـر وإبتسامــة واثقة قد أرتسمت على ثغرهـا، بداخلهــا غضب مكتوم تجـاه ذلك الشخص الذي يريد أن يستحوذ على أراضي بدون رضـا القرويين، أستمعت إليـهِ بإنتبـاه حينمـا قال:
-لمـا قالولي إنك روحتي لإبني تهدديـه وإنك بدأتي توزعي أفكـار التمرد هنـا، مصدقتـش أن في نموذج بالشكل ده.

ردت عليـهِ ببساطة:
-لأ صدق، لازم تصدق يا شريف بيـه، لأن إللي قُدامك دي مش هتسكت لو فكرت تقرب من أي حد فينـا.

صمت قليلاً قبل أن يقول بجدية:
-إنتي شُجاعة أوي يا كارمـا، بس للأسف.. شجاعتك دي هتوديكي في داهيــة.

أرتفع حاجبهـا وهي تقول ببرود:
-شُكرًا على المعلومـة، بس زي ما قولتلك مش هتقرب من أراضيهم.

عقد ما بين حاجبيـهِ مُتسائلاً بتهكم:
-شكلك مستغنية عن عُمرك.

حركت كفيهـا قائلة بإبتسامة جليدية:
-امم حاجة زي كده، بس أنـا بقول مش هتقرب منهم لأن مفيش حد موافق أن يبيع أرضـه.

أستدارت بجسدهـا للقرويين، رفعت ذقنهــا وكأنهـا ولدت مرفوعة الذقن، ثم تسائلت بصوتٍ عال:
-حد موافق أنه يبيع بيتـه وأرضــه لشريف بيـه عشان يبني المصنـع؟؟..

علت أصواتهم وهم يقولون بلهجة ثابتـة:
-مش موافقين.. محدش موافق..

أتسعت إبتسامتهــا وهي تلتفت إلى "شريف" الذي تحول وجهه إلى غضب مكتوم، هتفت ببرود شديد:
-شوفت يا شريف بيـه، محدش موافق.

هتف بغضب جـامح:
-إنتي السبب، وأنا مش هسكت عن ده.

بنفس اللحظة كان السلاحين أمام بعضهمـا، كل منهم أخرج سلاحـه في وجه الآخر، تحركت أنظارهــــا نحو رجــالـــه الذين أخرجوا أسلحتهم ولكن أشــار إليهم "شريف" بـ كفــه الآخر فـ أطاعوا أمره، بينمـا القرويين يشاهدون ذلك الحدث بذهول مصدوم، ولكن لم ينبس أحدهم بكلمـة واحدة، هتف "شريف" بجمود رغم الغضب الذي يتراقص بداخل عينيـهِ:
-متخلنيش أعمل تصرف أنا مش حابـهُ.

أجابتــه بجمود مريب:
-أعمل إللي إنت عايزهُ، بس بردو مش هتقرب منهم، وإلا هتعامل معاك بالقانون.

-إيــــــه إللي بيحصـل ده؟؟!!!..

رأسهـا لا إراديًا إلتفتت في إتجاه الصوت لتصدق تخمينـه، إنــه هـو!!.. يقف على بُعد أمتــار قليلة ويدنو منهم مهرول هادرًا بصوتٍ جهوري:
-نزلوا السلاح حالاً، هو إحنـا عايشين فين؟؟.. في غابـة وأنا معرفش.

هدرت فيـه بشراسة:
-أيوة غابـة يا سيف ياإبن النصـار، لمـا أبوك يحـاول ياخُد الأراضي والبيوت بقوة والسلاح يبقى ده أسمــه إيــــــه؟؟..

أتسعت عينـاه وهو ينظر إليهــا، وزاد أنعقاد حاجبيهِ قائلاً بعُنف:
-نزلي سلاحك يا كـارمــا، وإلا هتشوفي تصرف مني عُمرك ما هتنسيــه.

صرخت "كارما" بـ المُقابل:
-إنت عارف إني مبخافش، فـ مفيش داعي لتهديداتك.

رمقهـا بـ نظرة قاسية أخيرة ثم حرك رأسـه ناحيـة والده وهو يقول بصوتٍ حاول إخراجـه هادئ:
-طيب نزل إنت السلاح ياريت، مينفعش إللي بيحصل ده.

أخفض والده سلاحـه وهو يحاول أن يسيطر على أعصابـه الثائرة، رفعت "كارمـا" ذقنهـا أكثر وهي تُخفض سلاحهــــا أيضًا، رفع "سيف" وجهه ينظر إليهـا بـ ملامـح صخرية وعينين مُخيفتين، وهي تبادلــه نظراتٍ قوية لا تخشى، ثم قالت بجدية:
-ياريت تخلي والدك يصرف النظر عن الأراضي والبيوت، لأن محدش هيبيع يا سيف باشـــا.

سـاد صمت قاتــــل، لا يصل إلى مسامعهم سوى صوت الريـاح بعد أصطدامهـــا بأغصان الأشجـار، كانت عينيّ "سيف" صامتتين.. غير مقروئتين، لكنهمـا كـ عينيّ الوحش يوشك على الإنقضاض عليهـا في أي لحظة، بينمـا الغضب الذي كان بداخل عينيهـــا أختفى، وحل مكانهمـا الهدوء..

قـاطع ذلك الهدوء، هو صوت طلقات ناريــة، حرك الجميـع رُووسهم محاولين إستكشاف المكان الذي أتى منـه تلك ثلاث طلقـات، أخترقت طلقتين منهم جسدهــــا، فـ أغمضت عينيهــــا بعد أن شهقت بعُنف، ألتفت "سيف" إليهـا برأســه، ليجدهــا تضـع كف يدهــا الأيمن على صدرهـــا وذراعهـا الأيسر تلفـه حول بطنهـا، تسمر "سيف" في مكانــه وقد ذُهل تمامًا.. بل بهت، ولكن سيطر على صدمتـه حينمـا وجد الكارثة التي حدثت، وقبل أن تقع كان يلتقطهـــا بين ذراعيـه صارخًا:
-كـارمــاااااااااااا.

لقد بدأت الحرب
وأنتهت أولى المعارك
******
نهاية الفصل الثالث


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-20, 12:35 PM   #7

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفَصْلُ الرَّابِعُ

دائمًا نخـافُ من الفقد
نخافُ من الفراق

تـابـع ما يحدث من على بُعد بإهتمام بالـغ، أتسعت عينــاه للحظة وهو يراهــا على وشك الوقوع بعد إصابتهــا بـ طلق نـاري، حرك رأســه بالسلب ذهولاً على ما يراه، وجد "سيف" يلتقطهــا بين ذراعيــه صارخًا بإسمهـا بقلق، فـ أنعقد حاجبيـهِ بضيق، ثم أخرج هاتفـه وعبث فيـه قليلاً ووضعــه على أذنـه حتى أتـاه صوت الطرف الآخر مُتسائلاً على ما أمره بـهِ، فـ أجـاب بإنتبـاه وهو يُتابـع ما يحدث:
-في حد حاول يقتلهــا.

صمت طرف الآخر ثم سألــه بجمود:
-إزاي؟؟..

رد عليـهِ وهو يلتفت حولـه كي يتأكد عدم مُراقبة أحد لـه:
-كانت واقفة مع شريف بيـه ورجالتــه وبعدهـا إبنـه جـه وحاول يحل الموقف، بس فجـأة خرج صوت رصاص، تقريبًا كانوا 3 طلقات، وهي أتصابت، بس هي أتصابت عن عمد.

قال الأخير بصيغة آمرة:
-كُنت متوقع، تابـع الموقف ووصلني كُل حاجة أول بـ أول.

تمتم مؤكدًا:
-أكيد يا باشـا.

وقبل أن يغلق الهاتف، كانت أتسعت عينـــاه بذهول وهو يرى ما يحدث، وضع الهاتف على أذنـه مرة أخرى وهو يقول:
-ألحق يا باشــا.

******
بعد عدة سـاعات، حركت رأسهــا وهي تئن بهمسٍ ضعيف، حاولت أن تفتح عينيهـا ولكنهـا شعرت وكأن أجفانهـا كُتل رصاص، ألم شديد في كُل مكان بجسدهـا، تأهوت بخفوت وهي تحرك رأسهــا بتعب، فتحت عينيهــــا بتثاقل شديد، فـ هب "يوسف" واقفًا مُنتظرًا بـ فارغ الصبر أن تفتح عينيهـا، حاول تهدئة نبضات قلبــه ولكن عجز عن فعل ذلك، بينمـــا ظل "سـامر" جالسًا وهو يزفر أنفاســه بغيظ شديد، مسح على وجهه بقوة وهو يتواعد بشدة لهــا، تقوس فمــــــه بإبتسامة سـاخرة عندمـا فتحت عينيهــا وتمتم بـ تهكم:
-حمدلله على السلامـة.

لاحظ "يوسف" رعشة جسدهـا حينما سمعت صوتـه، ألتفت برأسهـا جانبًا لتراه جالسًا بجانب فراشهـا، مُبتسمًا بتهكم.. وعينـاه مليئة بالشر الدفين، أنتفضت من مكانهــــا وهتفت تلقائيًا بخوف:
-أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

أرتفع حاجبي "يوسف" من ردة فعلهــا، بينما قال "سامر" بحدة:
-إيــه شوفتي عفريت؟؟..

أعتدلت في جلستهـــا وهي تتسائل برعب:
-إنت بتعمل إيـه هنا؟؟.. إيـه إللي جابك؟؟..

وثب واقفًا وهو يقول بإبتسامة شامتـة:
-سمعت عن إللي حصل لأمك، قولت لازم أجيلك، ولا أنا غلطــان.

هبطت دموعهـــا بقهر ورغم ذلك هتفت بشراسة:
-إطلـــع براااا، بقولك برااااااااااا.

كاد أن يقترب منهـــا بعد أن أرتسمت علامـات الحنق على تعبيرات وجهه، ولكن أعترض طريقــه "يوسف" بـ جسده الضخم، تابعت "ســارة" ببُكاء يفطر القلوب:
-أرجوك يا مستر يوسف خليـه يطلـع براا، مش هستحمل وجوده، همـــــــوت.

شعر "يوسف بـ قبضة من حديدٍ منصهر تطبق على صدره، دفعـه بقوة هادرًا بصوتٍ غاضب:
-إطلع برااااااا، وإلا هطلبلك الأمن.

برقت عينــا "سامر" بـ شر وهو يقول:
-مش طالــع، أنا هفضل مع مراتي.

صرخت "سـارة" بـ هيسترية:
-أطلع برااااااا، أنا بكرهك، براااا بقــاااا.

زادت شراسة نظراتـــه وألتوى فكــه بعنف وهو يقول بهمسٍ خطير:
-إطلع برا.

رد عليـه الأخير بعصبيـة:
-مش طالــع و...

لم يكد يتم عبارتــه فقد فاجئــه "يوسف" بـ لكمـة عنيفة على فكــه، كاد أن يقـع ولكـه أمسكـه من تلابيبـه وهو يتحرك بـه نحو الخــارج، رأت ممرضة ما يحدث فـ أقتربت منهمـا وهي تقول بحدة:
-مينفعش إللي بيحصل ده، لو سمحتوا وقفوا الكلام ده وإلا هطلب الأمن.

هتف "يوسف" بعنف:
-أطلبي الأمن.

قال كلمتـه الأخيرة وهو يلكمـه مرة أخرى، فـ ركضت الممرضة سريعًا، تراجع "سامر" عدة خطوات للخلف، أستقـام واقفًا وهو يمسح الدم عن شفتـه بـ ظاهر يده، ثم لم يلبث أن هجم على "يوسف" ولكن كان الأسرع منـه حيث أمسك قبضـة يده قبل أن يلكمـه، قال "سامر" بلهجة شيطانية:
-إنت فاكر نفسك مين، بتدخل ليـه؟؟..

دفعــه بقوة وهو يُجيبـه:
-هي مش عيزاك تكون معاها في مكان واحد، وأنا غلطان من الأول إني مبلغتش الأمن يجوا ياخدوك.

أقترب "سامر" منـه وهو يقول بهمسٍ فحيح كالأفاعي:
-ماشي، هاعديهــا المرادي، بس صدقني المرة الجاية مش هسكت.

تراجع للخلف ثم قال بتهكم قبل أن يُغادر:
-سلام يا.. يــا يوسف بيـه.

رمقـــه "يوسف" شزرًا وهو يحاول أن يتمالك أعصابـــه الثائرة، راقبــه بـ عينين قاسيتين حتى أختفى عن انظاره، فـ هز رأســه بيأس على ما يحدث.

يبدو أنـــه دخل حرب..
حرب بين القلب والعقل
حرب بين عشقــه والواقـع
ولكن
أنتهت أولى المعارك

عــاد إلى داخل الغُرفـة فـ وجدهــا لا تُــزال تبكي بُكاءً حارًا، أقترب منهــــا بخُطى سريعــة وهو يقول بهدوءٍ ونظرات حانيــة دون شعور منـه:
-أرجوكِ أهدي، بلاش تعملي فـ نفسك كده، أهدي.

همست بمرارة:
-مـاماااا.

بلع ريقـــه بصعوبـــة قبل أن يهمس:
-مامتك خلاص أتدفنت يا سارة، الأعمـار بين يد الله وحده.

أتسعت عيناهــــا بذهول وهي تهمس بـ:
-أتدفنت!!..

تجمدت قليلاً في مكانهـــا قبل أن تعود للبُكـــاء مرة أخرى، كان "يوسف" يحاول بحديثـــه التخفيف من وطأة الموقف، إلا أنــه فشل في ذلك، ظلت تبكي حتى غلبهـــــا النوم أخيرًا، زفر بحرارة وهو يحدجهـــا بحنوٍ مثير، أخفض رأســه قليلاً هاتفًا بشرود:
-ياريتني كنت مكانـــه، على الأقل كنت قدرت أخدك في حُضنـي وأثبتلك إنك في أمـان طول ما إنتي جنبي.

******
ألجمت الصدمـة عقلـه.. توقفت xxxxب الساعة في تلك اللحظة.. وعينـاه مُتسعتان بذهول، لبرهة توقف قلبـه عن النبض، همس بإسمهـا بخوف دون شعور، بينمـا هي تخفض رأسهــا وخُصلات شعرهـا قد أنسدلت فـ أخفى وجههـا، هدر "سيف" بقلق:
-كـارمـا ردي عليـا، كارمـااااا.

رفعت رأسهـا فجأة تحدجـه بـ نظرات غريبـة.. وعينيهـا حمراوتين بقوة، خفق قلبـه بقوة وهو يراهـا في تلك الحـالة، هتفت بهمسٍ خطير:
-أبعد إيدك عني.

عقد ما بين حاجبيـهِ بريبـة، وشعور الذهول قد عـاد يُسيطر عليـهِ من جديد، قبضت على ذراعــه الذي يحاوط بـه خصرهـا لتبعده عنهـا بهدوء ثم هبت واقفة ترمقــه بـ نظرات غير مقروءة، نهض معهـا وهو يرمقهـا بعدم تصديق، هتفت "كارما" بهدوء مريب:
-كنت عاملة حسابي.

رفع "سيف" حاجبيـهِ للأعلى وقد فهم أنهـا أرتدت سترة واقية من الرصاص، أقتربت منـه عدة خُطوات قبل أن تُتابـع بهمس خافت:
-أظن أن ده دليل على إني مش بخاف من أي حاجة.

تسمر "سيف" مكانـه وهو ينظر إليهـا بصدمـة قبل أن يعقد ما بين حاجبيـهِ، لم يرد عليهــا بل ظل يراقبهــا طويلاً، ثم رفع يده إلى جبهتـه وهو يهمس بداخلـه ‘‘يا إللهي.. من أين وقعت عليّ تلك المصيبة’’

أرتمست على تعبيراتهـا علامات الجدية وهي توجه أنظارهــا لـ "شريف" الذي ظل واقفًا كالصنم من فرط الدهشة:
-أظن كده حضرتك عرفت مين هي كـارمــا عزيـز يا شريف بيه، أتمنى حضرتك تشيل من دماغك حكاية المصنـع هنـا.

سكتت لحظةً ثم قالت:
-سلام.

قالتهــا وهي تلتفت للقرويين الذين ألقوا عليهـا نظرات من الدهشة والإعجاب، ثم عادت تنظر لـ "سيف" الذي كتف ذراعيـهِ المفتولتين حول صدره القوي، وقد عاد يحدجهـا بـ نظرات قاسية، إبتسمت لـه بتهكم قبل أن تُغادر المكـان بعد أن هدأت العاصفة.. وبعد أنتصارهــا في أولى معارك.

******
في المساء..

خرجت "كـارمــا" من منزلهــا بعد أن وصلت إليهـا ورقة صغيرة وقد كُتب فيهـا كلمتين فقط باللغة منقمـة ‘‘إنزلي حالاً’’، زفرت بضيق وهي تراه يقف بـ هيبتـه المُخيفـة.. مُستندًا بـ ظهره على السيارة.. يحدجهــا بـ عينين واثقتين لا تخشى، وقفت أمامـــه ثم عقدت ذراعيهـا أمام صدرهـــا وهي تسألــه:
-عاوز إيـه؟؟..

لم يرد عليهـا بل إبتسم لهــا بتسلية وهو يرى غضبهــا الي تحاول كتمــه، هتفت "كارمـا" بضجر بعد أن لاحظت إبتسامتـــه الساخرة:
-إنت جاي هنـا عشان تبتسملي وتتأمل فيا؟؟.. ما تنجز وتقول عاوز إيـه؟؟..

ألتمعت عينيـه بلؤم وهو يقول:
-تؤتؤ، أنا كده أزعل، مينفعش تتكلمي معايـا بالشكل ده، خصوصًا وده الأهم إني هبقى جوزك.

زفرت "كارمـا" ببُطء وتذمر ثم قالت بلهجة قويـة:
-واضح إن جاي عشان تقولي الكلمتين دول، على العموم ردي زي ما هو، مش هيحصل الكلام ده أبدًا.

رمقتـه بـ نظرة أخيرة قبل أن تتراجع للخلف خطوتين وتستدير، ولكن قبل الشروع في فعل ذلك، كانت قبضة يده تقبض على معصمهــا ليجذبهــا إليـهِ فـ أصطدم جسدهـــا بـ صدره، أرتسمت علامات الغضب على وجههــا وحاولت دفــعه فـ وضع يده الأخرى على ظهرهـا جاذبًا إياهـــا مرة أخرى نحوه وهو يهمس بغضب:
-وقفي بقا إللي بتعمليـه ده، مش هخطفك يعني.

أجابتـــه بحدة:
-إيــــه إللي بتعملــــه ده؟؟.. وبعدين ولا تقدر أصلاً تقربلي.

سيطر على أنفعالاته بصعوبة وأكتفى بذلك البريق المُخيف الذي ظهر بداخل عينيـهِ قائلاً:
-إنتي لسانك قطعــه هيبقى على إيدي، أنا مقدرش أأذيكي أو أخطفك مثلاً؟؟..

ردت عليته بنبرتهـا الشرسة:
-ولا تقدر أصلاً، والحركتين إللي عملتهم دلوقتي دي هحاسبك عليهم.

هتف بهمسٍ خطير:
-إنتي بين إيديـا.

هتفت بثقة:
-ولا تقدر تعمل حاجـة و..

قاطعهــا حينمـا أرخى قبضتـه عن معصمهــا ليضع يده خلف عنقهــا يجذب رأسهــا نحوه، شهقت بصدمـة وهي ترى انـه لم يُعد هناك مسافة بينهم إلا خطوة واحدة، شعرت بأنفاســـه الحـــارة تلهب عنقهــــا وعينيـــه قد تاهت في عينيهـــا الساحرتين، تــاه للحظـــات وهو يشعر بأنــه أنفصل عن العالم ولكن سُرعـان ما عاد إلى أرض الواقع فـ قال بهمس:
-أنا أقدر أعمل أي حاجة يا كـارمــا، بس أنا مش عايز أتعامل معاكي بأسلوب الغصب، لكن أي حاجة بعوزهـا باخُدهــا.

بلعت ريقهـا بصعوبـة بينمــا تابـع بهمسٍ:
-وأنا عايزك.. وهتجوزك.

بهت لونهـا مع إتسـاع عينيهـا بـ كلماتــه التي رددهـا، تجمدت بمكانهـا غير قادرة على الحراك، أمـا هو تابـع حالتهـا بـ تسلية، أضــاف بإبتسامة ماكرة:
-وزي ما أثبتي النهاردة إنك قويـة، أنا هثبتلك إني أقدر أعمل أي حاجة أنا عاوزهـا.

إبتعد عنهــا فجـأة قائلاً بجمود:
-خُدي بالك من نفسك كويس؛ لأنك بقيتي في خطر، سـلام.

إستدار عنهـا ورحل، وقفت هي تُتابـع رحيلــــه بذهول وهو يستقل سيارتـــه ليغادر من المكان، وضعت يدهـا على صدرهــا فـ شعرت بـ نبضات قلبهــا تتزايد، ركضت نحو منزلهــا وحينمـا دخلت.. ضربت الحائط بقوة وهي تهدر بغضب جـامح:
-حيـــوااااان، ومُتخلف.

******
هو يعشق التمرد.. يعشق القوة..

أغمض عينيـهِ للحظة قبل أن يفتحهمـا وقد أحتل عقلــه التفكير، هي وحدهــــا.. من أرادهــا ولن يُريد غيرهــا ولو أجتمعن نساء العالم كلهن أمامـــه، لن يختــار سواهــــا.. صاحبة العينين الزرقاوتين.

خرج من تفكيره على صوت رسالة، فـ تنهد بـ عُمق قبل أن يمسكــه، أوقف سيارتـــه بـ مُنتصف الطريق، ثم فتح الرسالة، كانت ملامحـــه هادئــة ولكن تصلبت فجــأة ومع مرور اللحظات كانت ملامحـــه أصبحت مُخيفـة، يـا ويــل من سيراه حاليًا، فقد بـات كالوحش مُستعدًا أن ينقض على أي شخص يمر بجواره، فمن سيراه حتمًا سيكون مقتولاً.

ترجل عن السيارة وصفق الباب بقوة، أخذ "سيف" نفسًا عميقًا قبل أن يقول بصوتٍ غامض قاسي:
-كان لازم أتوقع.

ضاقت عينـا "سيف" على نظرات أشد عُنفًا هاتفًا:
-لازم أعمل ده، لازم وبأي شكل.

أزداد ضيق عينيــهِ وبدا مثالاً حيًا للشر، مُرعبًا كـ كائن أسطوري مفزع، همس ببطء:
-هتجوزهــا، حتى لو وصل الأمر إني أخطفهــا وأتجوزهـــا.

******
الحرية أن تفعل ما لا تُريد..
وليس أن تفعل ما تُريد..

دخلت "ثُريــا" بخُطى ثابتة غُرفة مكتبــــه، فـ وجدتــه جالسًا أمام مكتبــه، وعلامات التفكير مُرتسمـة على تعبيراتــه، تنهدت بضيق وهي تحدجـه بنظرات قوية، فــ هو على تلك الحـالة مُنذ فترة طويلـة ولا تعلم السبب، تحركت ببُطء نحوه حتى وقفت أمامــــه ثم قالت بجدية:
-وبعدين يا شريف، هتفضل على الحالة دي لغايـة إمتى؟؟..

أخفض رأسـه ولم ينبس بكلمة واحدة، فــ تابعت:
-إنت بقالك فترة مش في حالتك، إيـه الحصل وقلب حالك بالشكل ده؟؟..

رد عليهـا بإقتضاب:
-ولا حاجـة يا ثُريا، متشغليش بالك.

سألتــه بإهتمام:
-قدرت تاخُد الأراضي النهاردة؟؟..

هتف بضيق أكبر:
-لأ.

صمتت قليلاً قبل أن تسألــه بضيق:
-إنت آخر مرة شوفت فيهـا إبنك كان إمتى؟؟..

نظر إليهــا من طرف عينيـهِ مُجيبًا:
-النهاردة.

أتسعت عينيهــا وهي تقول بـ حدة:
-معنى كلامك ده أن إللي سمعتـــه النهاردة صحيح.

هبّ واقفًا وهو يسألـــــها بحدة:
-سمعتي إيــه؟؟..

ردت عليهــا بحدة أشد:
-كل كلامهم على حكاية البنت إللي وقفت قُصادك ومنعتك من إنك تقرب منهم ومن أراضيهم وبيوتهم، حتى وصل الأمر إنها رفعت عليك السلاح.

بدأت نيران الغضب تشتعل بداخلـــه فـ هتفت بإنفعال:
-طيب البنت دي لازم تتربى، مينفعش نعدي إللي عملتــه ده، قول لإبنك يتصرف ويشوفلهــا أي مُصيبة تيجي تاخُدهــا.

قال "شريف" بلهجة قوية:
-متدخليش سيف فالموضوع.

تمتمت "ثُريا" بإستنكار:
-نعـــم!!.. أومال لازمـة إبنك إيــه؟؟.. خليـه يتصرف ويشوف البنت دي.

أشتدت لهجتـه قوة وهو يتمتم:
-أننا قولت سيف لأ، وملكيش دعوة بيه، كفايـة كُرهك من ناحيتهُ.

صرخت بغضب:
-يعني عايزني أحبــهُ؟؟..

على صوتـه فجأةً قائلاً بعصبية:
-وقفي الكلام ده، مش ناقص على آخر الليل دمي يتحرق.

كتمت باقي كلماتهــا التي كانت تودّ قولهــا، وبقت تحدجــه بغيظ، لم يعبئ بـ نظراتها بل تحرك من أمامهـــا متوجهًا نحو الخارج، ظلت واقفة كالصنم ولكن علامات الكُره لم تختفي من على وجههــا بل زادت، هتفت بغل شديد:
-بكرهك يا إبن النصـار، بكرهك.

******
بعد عدة ساعـات، عاد "سيف" إلى فيلتـــه ومازال الغضب يشتعل بداخلـــه وتلك اللمعة المُخيفة لم تختفي من عينــاه، ترجل عن سيارتــــه وهو يهدر بصوتٍ عالٍ لأحد الحراس، فـ أتى مهرولاً وأنتظر منه الأمر، نظرة من عينيــه وكان تحرك نحو السيارة لـيقودهـا نحو الجراج، تحرك بخُطى سريعة نحو الداخل، عقد ما بين حاجبيـهِ حينمـا وجد "يوسف" يجلس على الأريكـة وعلامات الغضب على وجهه، سـار نحوه وهو يسألــه بلهجة خشنـة:
-إيـه إللي جابك؟؟..

وثب "يوسف" واقفًا فـ قال بإمتعاض:
-يعني أنا جايلك وإنت تقولي جاي ليـه؟؟.. إيه السؤال ده؟؟..

قال "سيف" بلهجة عنيفة:
-بقولك إيــه يا يوسف، أنا إللي فيا مكفيني، جاي ليـه؟؟.. عاوز إيــه؟؟..

رفـع "يوسف" حاجبيـهِ للأعلى، وجد نفسـه يسحب سترتـه من على الأريكة وهو يقول بغضب:
-أنا ماشي.

وقبل أن يندفــع نحو الخـــارج كان جسد "سيف" أعترض طريقــه وهو يقول بضيق:
-معلش يا يوسف، بس دماغي مشغولـة ومش طايق أي حاجـة، يعني لولا أنك صاحبي..

صمت قليلاً قبل أن يقول بجدية:
-كان زماني مسكتك وأديتك علقة مُحترمـة أطلع بيهـا غضبي.

أتسعت عينــاه وهو يتراجع للخلف وقد همس تلقائيًا:
-ينهار أسود.

تمتم "سيف" وعينــــاه تلتمعان بقسوة:
-هو فعلاً أسود.

صمت "يوسف" قليلاً قبل أن يقول بإختناق:
-أنا جيت هنـا من كُتر الخنقـة، حسيت إني لو فضلت لوحدي هيجرالي حاجـة، عشان كده جيتلك.

رمقــه "سيف" بنظرات صامتـة، فـ تابـع:
-أنا هبات معاك الليلة دي.

حرك "سيف" رأســه قبل أن يُصيح بإسم كبيرة الخدم، أتت مُسرعة في خلال لحظات فقال بصيغة آمرة:
-خليهم يجهوزا أوضة لـ يوسف حالاً.

حركت رأسهـا بإيماءة خفيفة ثم عادت إلى الداخل، تنهد "سيف" بحرارة قائلاً:
-أنا رايــح أوضة التمرينات، محتاج أطلع الغضب إللي جوايا وإلا هنفجر.

أومئ "يوسف" برأســه هاتفًا:
-أنا بردو محتاج ده.

صعدا معًا إلى الطابق الأعلى حيثُ كان وصولهمـا لصالــة رياضيـة، دخلا الغُرفــة وبدأ كلاً منهمـا بنزع قميصـه، بدأ "سيف" بـ مُمارسة رياضة الضغط على الأرضيـة ليخرج الطاقة السلبية التي بداخله، في حين بدأ "يوسف" بـ الركض بسُرعة عاليـة أعلى اللعبة الشهيرة الماشيــة، وعقل كُلاً منهمــا في عالم آخر.

******
تمددت على فراشهــا بعد أن أرتدت منامتهـــا باللون الأبيض، تنهدت بـ تعب.. فـ الأحداث كانت كثيرة عليهـا اليوم، فكرت سريعًا في حديث "سيف"، فـ أمتعضت ملامحهــا وهي تهمس:
-همجي.

كادت على وشك أن تغمض عينيهــا قبل أن تستمع صوت رنين هاتفهــا، أرتسمت علامات الحنق على وجهها وهي تعتدل في جلستهــــا، سحبتـه من على الكومود وهي تُسلط أنظارهــا على أسم المتصل، رفعت حاجبيهـــا بريبة وهي تهمس:
-برايڤت نمبر!!..

أنقبض قلبهــا نوعًا ما، فـ الرقم ليس مكتوب بل كُتب مكانهـــا رقمٍ خاص، بلعت ريقهــا بصعوبة قبل أن ترد على الهاتف، أتاهــا صوت رجولي أجش قائلاً:
-أهلاً أهلاً يا كـارمـا، كُنت مُتأكد إني هلاقيكي صاحية، تلاقيكي بتفكري في إللي حصل النهاردة، مش كده؟؟..

تسائلت بريبة:
-مين معايـــا؟؟..

لم يعبئ بـ سؤالهــا، بل تابــع قائلاً:
-بصراحة أنا مشوفتش زيك، ماسكة في إيدك سلاح، ومجهزة نفسك إنك مُمكن تتعرضي لضرب نـار، إيـــه الجبروت ده؟؟..

رددت "كارمـا" بـ حدة:
-بقولك إيـه، يا تقول إنت مين وعاوز إيــه، يا هقفل المُكالمـة.

سمعت قهقتـــه العاليـة فـ أغمضت عينيهــا محاولة السيطرة على أعصابهــا، سمعتــه يقول بلهجة خشنة:
-مش لازم تعرفي أنا مين، لكن إللي أقدر أقولـــه إنك يا بنت الحلال تبعدي، أبعدي أحسنلك عن الموضوع ده.

لم ترد عليــه، فـ تابـع مُضيفًا بجديـة:
-المرة دي إنتي لحقتي نفسك من الموت، المرة إللي جاية هتلاقي الرصاصة في راسك.

قالت "كارمــا" بإبتسامة واثقة:
-طيب أنا مبتهددش، وأعلى ما في خيلك أركبـــهُ.

سمعتـــه يقول بنفس لهجتهــا الواثقة:
-براحتك، أنا حذرتك، وإنتي عليكي تختاري، سـلام.

أغلق الهاتف، فـ تلاشت إبتسامتهـــا وهي تشعر بأنهــــا وقعت بداخل لعبـة كبيرة، همست بقوة:
-مش هنسحب، الحرب لسه في بدايتهــــا.

حركت رأسهــا إيجابيًا وهي تغمغم:
-هواجـه أي عقبة هتقابلني، مش هخـاف أبدًا.

******
غاص بداخل نومٍ عميق بعد أحداث التي رأهـــا، كانت صوت أنفاســـه تتحشرج.. بدا وكأنـه يُعاني من صعوبـة التنفس، بينمــا عقلـــه يحلم حلمًا غريبًا، ولكن كلمــا مرت لحظة من الحلم يزداد أختناقًا.. فقد وجد نفســــه واقفًا في مكان غريب، عقد ما بين حاجبيـهِ وهو يرى عدم وجود أي شخص يُسير في المكان، المكان هادئًا تمامًا إلا صوت الطيور وحفيف الأشجار، تحرك بخُطوات بطيئة في البداية ومع مرور ثواني وجد نفســـه يركض، إلى أين؟؟..

لا يعلم!!..

توقف فجـــأة وصوت أنفاســــه الاهثــة هو المُسيطر على المكان، ضيق عينيـهِ وهو يرى سيارة سوداء تقف على بعُد أمتــار، السيارة تُشبــه سيارة.. "كـارمــــا".

ركض نحو السيارة وقلبـــه يخفق بقوة حتى وصل، أتسعت عينـاه بهلع حينمــا وجدهـــا جالســــة بداخلهــا ولكن مُغمضة العينين، ويوجد جرح سطحي على جانب جبينهـــا، غيرُ أن هُناك الكثير من الدمــاء على ملابسهـــــا، فتح باب السيارة وهو يهدر برعُب:
-كـارمــاااا، كارمـا ردي عليا، كـارمــــااااااااا.

سمع صوتهــــا وهي تهمس بضعف:
-سيــف!!..

لف ذراعـــه حول خصرهـــا وهو يجذبهــــا إلى صدره هامسًا بلهفة:
-أنا جنبك، جنبك ومش هسيبك أبدًا.

فتحت عينيهـــا بضعف هامســة بوهن:
-كنت عـارفة إنك مش هتسبني، أرجوك ألحقنـي.

وضع ذراعــه الآخر أسفل ركبتيهــــا وهو يخبرهـــا بـ خوف:
-ماتقلقيش، مش هسمحلك إنك تروحي منـي، أنا مليش غيرك.

أغمضت عيناهـــا بتعب ثم رفعت ذراعيهــا ولفتهمـا حول عنقــه، دفنت وجههــا في عنقــه لتشهق فجــأة.. كانت شهقــة ألم، بينمــا حملهــا هو بين ذراعيـــــه الحديدتين راكضًا بعيد عن السيارة، دقيقة واحدة كانت أنفجرت السيارة، أستدار "سيف" إلى السيارة بـ عينين مذهولتين، ثم عاود النظر إلى "كارمــــا" فـ وجد أنها لا تُزال تنزف بغزارة.

تحرك نحو أحد الأشجــار الكبيرة، كي يضع "كارمـا" على الأرض وذراعـــه الأيمن لا يُزال محاوط خصرهـــا، رافعًا إياهـــا لتبقى رأسهـــا نائمـة على صدره، أبعد خُصلات شعرهـا المتناثرة عن وجههــا وهو يهمس بعُنف:
-كـارمـــا، إيـه إللي حصلك؟؟.. مين عمل فيكي كدا؟؟..

همست وهي تعض على شفتهـا السُفلى:
-كتير، كتير عملوا فيــا كدا، وفي إللي عايز يعمل.

فتحت عيناهـا نصف فتحـة وهي تُضيف:
-بس لسـه مظهروش.

همست مُضيفة بإعيــاء:
-أرجوك ألحقني، أنا حاسـة إني بموت خلاص.

قالت كلمتهـا الأخيرة وقد غلف الظلام عينيهـــا، أغمضت عينيهـــا بوهن شديد فاقدة الوعي بين ذراعيـــه، فـ صرخ بجنون بعد أن شعر بـإنسحاب روحــه ببُطء:
-كــارمـــاااااااااااا.

في تلك اللحظة أفــاق "سيف" من نومـــه منتفضًا بفزع وهو يتصبب عرقًا غزيرًا، أرتفــع صدره وهبط وكأنـه قد قطـع أميالاً في الركض وليس مُجرد كابوس هاجمــه، حدق لبرهــة في الفراغ أمامــه وهو مُتصلب الجسد، أستغرقــه الأمر عدة لحظات ليتمكن من تهدئـة أنفاســه اللاهثـة، أغمض عينيــهِ ساحبًا نفسًا عميقًا ثم زفره بقوة،
عاود فتح عينيــه هامسًا لنفسـه بتوتر:
-كابوس، كان مُجرد كابوس، كل حاجة هتبقى زي ما خططلهـــا.

أنزل ساقيــه ببُطء وانحنى بـ جذعــه للأمام قليلاً، وضع كلتــا يديـه على فروة شعره مُمرًا أصابعــه في خُصلات شعره قائلاً بقوة:
-بقينــا في خطر دلوقتـي، بس هتصرف، مش هسكُت.

******
أسدلت الشمس ستائرهــا مُعلنـة عن بدايـة يوم جديد، جلست "كارمـــا" على الأريكـة بإريحيـة ووضعت ساقهـا فوق أخرى وهي ترمق "رامي" بـ نظراتٍ جـــادة، سحب نفسًا عميقًا قبل أن يقول بجدية:
-ينفع إللي إنتي عملتيــه ده يا كـارمـا؟؟..

ردت بصوتٍ هادئ:
-للأسف يا رامي، إنت إللي غلط فالبدايـة، المفروض كنت إنت تبقى أول واحد تدعمنـي، مش أول واحد تقف ضدي.

هتف بغضب مكبوت:
-إنتي كُنتي هتموتي، لولا ستر ربنــا.

تمتمت بهدوء:
-مفيش حد بيموت ناقص عُمر.

زفر بـ حرارة وهو يسألهــا بإهتمام:
-طيب إنتي هتستفيدي إيـه من ده كلــهُ؟؟.. إنتي عرضتي حياتك للخطر، والموضوع ملوش علاقـة بيكي!!..

قالت "كارمــا" وهي تهز كتفيهــا:
-مش لازم تعرف يا رامي ليه بعمل ده، على الأقل دلوقتي.

حرك رأســه بيأس من عنادهــا، فـ تابعت وهي تُشير بيدهـا:
-بس أنا مش هقدر أسكت عن الظلم ده، فـ هتبقى معايــا ولا لأ؟؟..

رد عليهـا بتأكيد:
-وهي دي عايزة كلام، أكيد معاكي.

إبتسمت لـه إبتسامة خفيفة قبل أن تصل رسـالة إلى هاتفهــــا، ألتقطتــه من على الطاولـة وبدأت بـ قراءة الرسالة النصية، أتسعت عينيهــا قليلاً، ولكن تمالكت نفسهــا على آخر لحظة، أرتجف جسدهــا للحظة، فـ تسائل "رامي" بقلق:
-مالك يا كـارمــا؟؟.. في إيــه؟؟..

أبعدت خُصلــة مُتمردة من على وجههـا لتضعهــا خلف أذنهــا وهي تُجيب ببساطة زائفة:
-مفيش، متاخُدش في بالك.

حرك رأســه بالموافقة وهو يحدجهــا بـ دقـة، في حين همست "كـارمــا" بداخلهـــا بقلق:
-لو ده حصل فعلاً، هتبقى كـارثة، كارثة ومش هعرف ألحقهــا ولا أسيطر عليهــا.
******


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-20, 12:37 PM   #8

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفَصْلُ الخَّامِسُ

ما بين النَّصيب والقدر
هُنــاك مقبرة دُفنت فيهــا نصف مشاعِـر البشر

بقت غيوم الماضي معــه فـ قضى ليلـه المُظلم شاردًا، ظلَّ التفكير خليلـه، وبدأت سيل الذكريـات تطارد عقلـه، حرك رأســـه إيجابيًا بـ غموض مريب بعد أن وصل إلى ما سيفعلــه معهــا، فـ هي مُنذ أول يوم دخلت فيـه الشركة، لم تدخل بـ مُفردهـا، بل جلبت الجحيم معهــا، فـ لا مفر!!..

******
وقف "يوسف" يرتدي بذلـتــه بعد أن أحضرهــا رفيقــه لـه، ملامحــه مُتهجمــة نوعًا ما.. وعينيــه قاسيتين.. قسوة رجُل ذاق طعم العذاب، وقف أمام المرآة ثم دقق النظر في صورتــه المعكوســة، وضع يده اليُمنى على صدره ساحبًا نفسًا عميقًا محاولاً تمالك نفســه، وأن يجمد قلبــه قليلاً، ما يتمنــاه حدوثــه شبه مُستحيل، فـ وجد نفســه يهمس جمودٍ غريب:
-خلاص، كُل حاجة أنتهت.

أخفض يده وهو يُتابــع:
-من اللحظـة دي، أنا مُجرد رئيسهـا في الشغل، لا أكتر ولا أقل.

سمع صوت طرقات على باب الغُرفــة فـ أذن بالدخول، دخل "سيف" وملامحـــه هادئة، حدجـــه بـ دقــة قبل أن يسألـــه بجديـة:
-مالك يا يوسف؟؟..

لم يجيبــــه بل تحرك نحو الكومود ساحبًا هاتفــه، أضــاف "سيف" بـ بسمـة ماكرة:
-الموضوع خاص بـ سارة؟؟..

تصلب جسده للحظـة، وأغمض عينيـهِ بألم حـارق، أختفت البسمـة الماكرة من على وجه "سيف" وحل مكانهـــا الجمود، أخفض رأســه للحظة قبل أن يسألــه بصوتٍ حـاد:
-إيـه إللي حصل؟؟..

أجـاب بصوتٍ خالٍ من الحيــاة:
-متجوزة!!..

ظل ينظر إليـهِ طويلاً بـ ملامـح مصدومـة، قبل أن يهمس:
-ينهــار أسود.

صمت قليلاً قبل أن يسألــه بلهجـة شبـه غاضبـة:
-طب وإنت إزاي مكُنتش تعرف؟؟..

رد عليــه بجمود:
-مفيش ولا مرة شوفتهــا لابسـة الدبلة، فـ كُنت هعرف منين؟؟..

مسح على وجهه بقوة وهو يدور بخُطى غاضبـة، توقف عن الحركـة حينمـا سمعــه يقول بجديـة:
-أنا مش عاوز أسمع الموضوع ده تاني، لأني لازم أشيلـه من دماغي.

أقترب "سيف" منـه ثم وضع يده على كتفــه قائلاً بلهجــة جـادة:
-يوسف إنت أقرب واحد ليـا، مش عاوز أشوفك تعبان أبدًا، أنا واثق إنك هتقدر تتخطى الموضوع، بس المُهم عندي إني عايزك تبقى كويس، وصدقني هتلاقيني جنبك دايمًا.

إبتسم "يوسف" لـه وهو يحرك رأســه، ثم سألــه محاولاً تغير الحديث الذي يؤلمـــه:
-إيـه الأخبـار عندك إنت؟؟.. حصل حاجـة إمبارح؟؟..

أظلمت عينيــه قليلاً وهو يُجيبـــه:
-وصلتلي رسالــة تهديد، لو مبعدتش عنهــا وبعدت عن الموضوع ده، هتقتـل!!..

أتسعت عينـا "يوسف" بقلق، فـ تابــع "سيف" مُضيفًا وقد برقت عينــاه بحزم:
-عشان كده أنا هسافر على القريـة، هقعد هنـاك يومين تلاتـة، لأني لازم أوصل لحاجـة مُعينـة فـ أسرع وقت مُمكن، وإلا فعلاً مُمكن أتقتل، ومش لوحــدي.

******
دقت الســاعة الخامســة ونصف حينمـــا وصل فهد آل نصــار إلى القصر، ترجل عن سيارتــــه متوجهًا نحو الداخل، قابل في طريقـــــه زوجـة أبيــهِ، فـ أرتسمت إبتسامة قاسية على وجهه، قرر أن لا يعبئ بـ وجودهـــا فـ أمثالهــــا يستحق ذلك، ولكن قبل أن يتجاوزهــا سمع صوتها البغيض وهي تُردد:
-أهلاً ياإبن نـادية، نورت البيت.

أحتقنت عينــاه للحظـة، لم يتحرك تعبير وجهه إلا من إنقباض عضلة صغيرة بجانب فكــه، ألتفت إليهــا مُتسائلاً بلهجة شيطانيـة:
-قولتي إيـه يا مرات أبويــا؟؟..

نظرت إليــه بطرف عينيهــا وهي تقول بـ براءة:
-بقولك نورت البيت، قولت حاجـة غلط؟؟..

أظلمت عينــاه وهو ينظر إليهــا بتصلب هاتفًا:
-ياريت مسمعش أسم أُمي الله يرحمهــا على لسانك، فـااااهمـة؟؟..

قال كلمتـه الأخيرة بصوتٍ هـادر، فـ تراجعت للخلف قليلاً خشيًا منــه، رمقهــا بإزدراء قبل أن يصعد على الدرج متوجهًا نحو غُرفـة نومــه، في حين ظلت تنظر إليهــا بـ كُرهٍ واضــح، كُره أرتسم بـ براعة على تعبيراتهــــا.

******
لم تستطـــع أن تظل جـالسـة في مكانهــا بهدوء، وهي لا تعلم من بعث لهـا تلك الرسـالة الخطيرة التي ستفتح ما دفنتــه مُنذ فترة، صورتــه أخترقت عقلهــــا فـ تهجمت ملامحهــا على الفور، فكرت قليلاً أنــه من المُمكن هو من بعث لهــا تلك الرســالة، فـ أهو أعلن لهـــا أكثر من مرة أنهــا ستندم وسترى منـه ردة فعل لا يُمكن أن تتوقعــه.

فـ بدون أن تفكر مرتين، أرتدت ما قابلتـــه أمامهـــا ثم خرجت من منزلهـــا وقد أستعدت لتلك المواجهة التي ستحدث.. في قصر آل نصـــر.

وصلت إلى قصره الفخم أخيرًا، تحركت بخُطى سريعـة نحو البوابــة، فـ أقترب منهــا الحارسين كي يعترضـا طريقهـــا، عقدت ساعديهــا أمام صدرهــا ثم رفعت ذقنهـا قليلاً وهي تقول بـ حدة:
-عايزة أقابل سيف باشـــا.

تحرك الحــارس الأول نحو الداخـل كي يجلب معــه موافقـة من رب عملــه، أنتظرت للحظات معدودة قبل أن يأتي وهو يومئ رأســه لهـا إيجابيًا، ســارت نحو الداخل وما إن خطت قدميهــا نحو الداخل، أخذت تبحث بـ عينيهــا عنــه ولكن وجدت إمرأة تقترب منهـــا بثبــات قبل أن تسألهــــا:
-إنتي كــارمـا عزيـز؟؟..

حركت رأسهــا إيجابيًا مع إبتسامة بـاردة، فـ أشتعلت عينــا "ثُريـا" غضبًا وهي تهدر بـ:
-بقى واحدة زيك ترفع سلاحهــا على جوزي، إنتي متعرفيش أنا مُمكن أعمل فيكي إيــه؟؟..

حركت كتفيهــا ببساطة وهي تقول:
-ولا يهمني، وبعدين جوزك هو إللي جابـهُ لنفســهُ.

أتسعت عيناهـــا بذهول، فـ تابعت "كـارمـا" ببرود:
-وبعدين أنا مش جايـة هنــا عشان أتكلم في إللي حصل إمبارح، من فضلك عاوزة أقابل سيف باشـا.

قالت "ثُريــا" بحدة:
-مفيش مُقابلة هتحصل في بيتي، أتفضلي أطلعي برا.

تمتمت "كارمـا" بإبتسامة:
-ولو قولتلك مش طالعــة.

كانت إجابتهـا متوقعـة وهي:
-هجبلك الحراس إللي برا ياخدوكي من قفاكي ويرموكي بـرا.

قالت "كـارمــا" بتحدي:
-أعملي كده، وعُقبـال ما يكون وصلوا أكون أنا ندهت على سيف باشـا بـ نفسي.

ثانيـة واحدة وكانت تراجعت للخلف خطوة واحدة هادرة بإسمـــه قائلة:
-سيــــــف، سيــــــف ياإبن النصــــــار.

******
خرجت "سـارة" أخيرًا من المشفى ولكن بـ مفردهــــا، تجمعت العبرات في عينيهـــا وهي تنظر حولهــا، شعرت بيتمهـا وبضعفهــا، وكأنهــا في عالم جديد عليهــا، ســارت بخُطى بطيئــة نحو الطريق ثم أوقفت سيارة أجرة وأستقلتهـــا بهدوء، فـ أنطلقت إلى بيتهــا.

بعد نصف ساعــة، كانت بداخل منزلهــا بعد أن تلقت التعازي من أهل المنطقـة، هي خسرت والدتهــــا، كانت هي الأم والأب والصديقـة وكل شيء لهــا، هي أول وآخر شيء رحل عنهـــــا، كتمت بصعوبــة شهقاتهـــا الموجوعـة لفارقهــا، ولكن لم تستطع أن تكتم أكثر من ذلك، أجهشت ببُكاء حــارق يدمـع لهـا القلوب، وأنهارت قدماهــــا عندمـا وصلت إلى غُرفـة والدتهـــا، صرخت بألم أكبر وهي تجثو على ركبتيهـــا، حركت رأسهـا بعدم تصديق وهي تهمس بعذاب:
-سبتيني يا ماما، سبتيني لوحدي!!!..

أغمضت عينيهــا وهي تقول بحرقـة:
-ليــه يا أمي سبتيني، كنتي شايلة من عليـا كتير.

شهقت بعُنف وهي تهمس:
-سبتيني لأبويــا وجوزي!!!!!.. سبتيني لأكتر أتنين كرهتهم وأكتر أتنين بيحبوا يأذونــي!!..

فتحت عيناهــا وهي تقول بألم:
-خُديني معاكي يا مامـا، أرجوكي متسبنيش.

صرخت بـ مرارة:
-مـامــااااااااااااااااا.

حركت رأسهــا بتعب وعقدت حاجبيهــا بوجع هاتفـة:
-آآآه، أنا بمـوت يا ماما، بمـــــوت، أرجوكـــي خُديني معاكــي، آآآآآآآآآآه.

قالتهـــــــا وجسدهـــا بالكامل يسقط على الأرضيـة الصلبــة، كان واقعهــا مرير عليهـــا، لم تستطع أن تتحملــه بـ مفردهـــا، أدركت مدى خسارتهـــا الفادحــة، شعرت بالظلام يغلف عينيهـــا وأن الأرض تُميد بهــا، فـ سقطت رأسهــا أيضًا فاقدة الوعي.

******
أرتدى أحد القمصـان القطنيـة باللون الأسود حيثُ أخذت شكل جسمـه وأبرزت عضلاتـه المتكدسـة، كان يغلق ضلفـة الخزانـة حينمـا وصلــه صوتهــا الصائح بإسمــه، أتسعت عينــاه بذهول قبل أن يخرج من غُرفتــه، ظهر من الأعلى فـ أبتسمت بثقــة وهي تقول:
-كويس إنك هنـا يا سيف باشـا.

هبط إلى الأسفل وهو يحدجهـــا ببرود، إبتسم لهــا بقسوة هاتفًا:
-جايـة ليـه؟؟.. ياترى وراكي إيــه؟؟.. ما أنا كل ما أشوفك لازم الاقي مُصيبة أو كـارثـة حصلت!!..

دنت منــه وهي تقول بحدة:
-المصايب والكوارث إللي بتقول عنهــا إنتوا السبب فيهــا مش أنا ياإبن النصــار.

ألتفت برأســه نحو زوجـة أبيـه؛ فـ وجدهــا ترمقــه بغضب، تنهد بحرارة وهو يقول بهدوء زائف:
-تعالي نتكلم في أوضـة المكتب، مش هينفـع نتكلم هنــا.

ختم بـ تلك الكلمات ثم تحرك بخُطى ثابــتة نحو مكتب والده، تنهدت بـ عُمق قبل أن تتحرك خلفـــه، أشــار لهــا بأن تغلق الباب ثم وقف بثقــة واضعًا يديـهِ بداخل جيبي بنطـالـــه، بينما هي دنت منــه حتى وقفت قبالتــه، هتف "سيف" بصوتٍ قوي:
-خير يا كـارمــا؟؟.. ياترى إيه سبب زيارتك؟؟..

حينهــا نطقت سؤالهــا بكُل وضوح:
-إنت إللي بعتلي الرسالة وعملت المكالمـة إياهـا؟؟..

عقد ساعديــه أمام صدره الضخم وهو يسألهــا ببرود:
-رسـالة إيـه ومُكالمـة إيه؟؟..

تمتمت بنبرة حـادة:
-بلاش تعمل إنك مش عـارف، أنا مُتأكدة إنك ورا الموضوع ده.

ضيق عينيــهِ وهو يسألهــا بغضب مكتوم:
-إنتي ليـه واخدة فكرة وحشـة أوي عننـا كده؟؟..

ردت عليـه على الفور وبـ ثقة غريبـة:
-لأن إللي زيكم يقدروا يأذوا، ومحدش لـهُ مصلحـة أنه يهددنـي ويأذيني غيركم بعد ما منعتكم تاخدوا البيوت.

رفـع وجهه إليهــا بـ عينين تقدحـان شررًا محاولاً تمالك نفســه، بينمــا أضافت هي بـ نبرة شريرة:
-بس أقسم بالله لو حد أذانـي، لأدفعكم التمن غـالي أوي وهاخد حقي منك ياإبن النصــار.

أرتفعت يده فجـأة لتقبض على ذقنهــا بقوة مُقربًا وجههـا إليـه بقوة، شعرت بأنفاســــه الحـارقة تلهب وجههـــا، وعينيــه الخضراوتين قد أشتعلت بـ غضبٍ جـامـح، أرتفعت نبضــات قلبهـــــــا بقلق فـ هي تعلم جيدًا أنهــا تبالغ قليلاً، كانت تنظر إليـهِ بـ عينين متسعتين.. ذاهلتين.. غاضبتين، أرتسمت إبتسامة قاسيـة على ثغره وهو يغمغم لهــا بصوتٍ مُخيف:
-أوعي تفتكري ولو للحظة إنك إنتي إللي منعتي أن أبويـا ياخُد البيوت، وأنا لو عاوز أأذيكي هاخدك من عند بيتك وأدفنك هنـا، ومحدش هيعرف بـ ده.

بهت وجههــا من تأثير كلماتــه، فـ أتسعت عينيهــا ولكن تابع بخفوت:
-ياريت تبطلي تستعرضي قوتك، لأنك في الحقيقة إنتي جبانـــة.

فغرت "كارمـا" شفتيهـــا قليلاً، فـ حدق في عينيهــا بقوة ثم قال مباشرةً:
-أيـوة جبانـة، وجبـانــة جدًا كمـان.

ترك ذقنهـــا بـ بُطء ثم تراجع للخلف، ظل ينظر إليهـا بـ عينين شرستين مُغمغمًا:
-وأسلوبك ده لو أستمريتي فيـه معايا، هتشوفي أيـــام سودة.

رفعت ذقنهــا وهي تقول بشموخ:
-أنا مش بتهدد ومش بخــاف.

تنهد بقسوةٍ ويأس ثم هتف بصوتٍ حــاد:
-إيـه حكايـة الرسـالة والمكـالمـة؟؟..

حركت كتفيهـا بإبتسامة بـاردة قائلة:
-رسـالة تهديد ومكالمـة إني أنسحب، تحذير يعني.

إبتسم بتهكم قائلاً بسخريـة:
-آه وفاكرة سيادتك بـ ذكائك الخـارق إني ورا المُكالمـة والرسـالة؟؟..

ردت "كارمـا" ببساطـة:
-بظبط كده ولسـه شاكـة.

ظلت إبتسامة الساخرة مُرتسمة على وجهه، بينمــــا هتفت آخر كلماتهـــا ببرود يُثير أعصاب المستثارة:
-وهفضل شاكـة فيك إنت بذات لحد ما تثبت أن في حد تانــي ورا الموضوع ده.

عقد ساعديــــه وهو يحرك رأســه إيجابيًا بـ تهكم واضــح، رمقتـــه بـ تحدٍ سـافر قبل أن تستدير نحو الباب وتلج خــارج غُرفـة المكتب، في حين ظل "سيف" واقفًا وكان دوره في أن تظلم عينــاه وهو يزفر نفسًا حانقًا من أنفـــه، تحرك نحو المقعد الجلدي ثم جلس عليــه وقد أسقط رأســه للخلف مُتنهدًا بقسوةٍ ويأس، همس بصوتٍ غاضب مكتوم:
-غبيــة!!.
.
******


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-20, 12:38 PM   #9

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفَصْلُ السَّادِس

تفاوت الرجــال مـا بين الجنـة والدنيـا
وتفاوت النسـاء ما بين الجنـة والجحيم
"ألفريد تنيسون"

مع بدايـة إشراق الشمس في يومٍ جديد، كان "شريف" يدور في أنحــاء الغُرفـة، يقف قليلاً وملامحـــه قد تهجمت بشكلٍ ملحوظ، عـاود الكلام بحدة حينمــا شعر بلهجـة تهديد في صوت "ثروت"، حيثُ قال بإنفعال بيّن:
-مش هينفع اليومين دول قولتلك، وبعدين إيــه إللي عملتــه ده؟؟.. إنت كنت هتقتلهـــا؟؟..

رد عليـه "ثروت" ببرود:
-ولو أستمرت على كده الرصاصـة الجاية هتبقى في دماغهــا.

زفر "شريف" بقوة وهو يقول:
-إحنـا متفقنــاش على كده، أنا قولتلك هخلصلك الموضوع ده بس مش بالشكل ده!!!..

هتف "ثروت" بحدة:
-آخر كلام يا شريف، هتنفذ إللي قولتلك عليــه النهاردة ولا لأ؟؟..

كانت إجابتــــه غير متوقعـة بالنسبـة لـه حيثُ قال:
-أكيد لأ مش هنفذ النهـاردة، لازم تديني شويـة وقت و...

قاطعـــــه "ثروت" بصوتٍ مُخيف قائلاً:
-خلاص أنا خدت الرد، وهخليك تنفذ غصب عنك، وتعرف مين هو ثروت.

لم ينتظر رده بل أغلق الهاتف بعد أن تواعد بداخلــه، أبعد "شريف" الهاتف عن أذنــه وقد حل العبوس على وجهه، وضع الهاتف بداخل جيب بنطالــــه ثم تحرك نحو خـارج الغُرفـة، هبط إلى الأسفل فـ وجد "سيف" على وشك الخروج، تحرك نحوه وهو يسألــه بإهتمتم:
-رايح فين يا سيف؟؟..

رمقــــه "سيف" بـ نظرة حــادة قبل أن يُجيب بإقتضاب:
-راجـع القاهرة.

أصابــه الذهول مُتسائلاً:
-طب ليه؟؟.. إنت كنت ناوي تقعد هنـا يومين أو تلاتـة.

تنهد بضجر وهو يلتفت إليــه قائلاً:
-عندي شُغل.

بلع "شريف" ريقــه بصعوبـة قائلاً بألم:
-إنت هتفضل معايـا كده لحد إمتى؟؟.. مش ناوي تنسى؟!..

رفع "سيف" حاجبيـهِ وهو ينظر إلى والده بصمت، ثم قـال بصوتٍ مُخيف:
-أنسى إيـــه؟؟.. إذا كُنت إنت نسيت، فـ أنــا لأ، لأني بختصـار مش بعرف بأنسى.

هتف "شريف" بضيق:
-سيف متنساش إني أبوك.

قهقه "سيف" بصوتٍ عالٍ مُخيف ثم رمقـــه بـ عينين حمراوتين وهو يقول:
-شوف يعني إيـه كلمـة أب وتعالى أتكلم معايـا، وأوعى تفكر للحظة واحدة إنك ربتني، إللي خلانـي أبقى راجـل وكبرنـي فـ هي أُمــــي!!..

أرتجف جسد والده للحظــة حينمـــا تذكرهـــــا، بينمــا غـادر "سيف" المكان بأكملــــه، تحرك "شريف" نحو الأريكــة ثم جلس عليهــا بتعب هاتفًا بـ مرارة:
-الوجع إللي وجعتهولك زمــان يا ناديــة إبنك بيطلعـــه عليـا.

******
وصلت "كارمـا" أخيرًا إلى منزلهــا بالقاهرة، فتحت باب منزلهــا ثم حملت حقيبـة سفرهــا متوجه نحو الداخل، تنهدت بـ عُمق وهي تغلق الباب بعد أن وضعت الحقيبة على الجانب، تحركت نحو أقرب أريكـة لتُلقي جسدهـا عليـهِ بتعب، وقبل أن تُغمض عينيهـــا سمعت طرقات هادئة على باب منزلهــا، نفخت بضجر وهي تنهض من مكانهــا، تتسائل عن الشخص الثقيل الذي يهدد هدوء يومهـا المُفترض.

فتحت الباب بقوة وبغضب ولكن سُرعـان ما تلاشى ذلك حينمــا لم تجد الطـارق، أخذت تبحث بـ عينيهــا حتى وقعت على ظرف صغير، أنحنت بجسدهــا كي تلتقطــــه ثم فتحتــه وهي تسحب نفسًا عميقًا، زفرتــه على مَهَل عندمــا فتحت الورقــة، فـ وجدت كلمات صغيرة كُتبت بلغـة منقمـة..

’’خليكي مع سيف، حياتك في خطر من غيره، خليكي معـاه مؤقتًا وإلا هتضيعي‘‘

أتسعت عيناهــا بذهول وفغرت شفتيهــا قليلاً، زادت سُرعــة ضربات قلبهــــا وهي تعاود قراءة الكلمــات، هزت رأسهــا بدهشــة وهي تتسائل بإضطراب:
-مين إللي كتب الكلام ده؟؟..

حكت جبينهــا بقلق وهي تتحدث مع نفسهــا عسى أن تعثر على الإجابـة:
-ويا ترى ليـه يقولي حاجة زي كده؟؟..

هتفت بضيق:
-وبعدين بقا، يعني واحد بيعمل مكالمات تهديد وواحد تاني بيحاول يرشدني!!..

أغلقت باب منزلهـــا بذهنٍ مشغول، ضربت جبينهــا بضيق عندمـا على صوت رنين هاتفهــــا، تحركت نحو الطاولة كي تلتقطــه، ثم جلست على الأريكة وهي توجـه أنظارهــا على اسم المُتصل، وضعت الهاتف على أُذنهــا مُجيبة بصوتٍ هادئ:
-أيوة يا رامي.

رفعت حاجبيهــا بذهول وهي تُتمتم:
-إيـــــــه!!.. نـازل القاهرة؟؟.. طب ليــه؟؟..

رد عليهــا "رامي" بجدية:
-في صديق أتعرفت عليه من فترة، هو رجـل أعمال كبير، عازمني على حفلـة عاملهــا في القصر عندهُ بمُناسبة عيد جوازهُ الخامس.

حركت "كارما" رأسهـا إيجابيًا هاتفـة:
-آه فهمت، ده معنــاه إني هشوفك؟؟..

قال "رامي" بصوتـــه الأجشَّ:
-أنا كلمتك عشان أقولك تجهزي نفسك، هاجي أخدك على الساعة خمسة ونُص، عشان نوصل على ستـة.

هتفت بضجر:
-بس أنا مش قادرة أحضر حفلات و..

قاطعهـــا "رامي" بصوتـه جـاد:
-كـارمـا أكيد مش هاروح لوحدي، لازم تبقي معايـا، إنتي تبقي خطبتي وحبيبتي.

أرتسمت إبتسامـة باهتـة على شفتيهـا مُرددة:
-خلاص، هاروح معاك وأمري لله.

******
جلس "يوسف" على المقعد الجلدي مُتنهدًا بقوةٍ وتعب، يومٍ واحد فقط مر على عدم رؤيتهـا، جعلت الألم يزداد بداخل قلبـــه، أعتدل في جلستــه وهو يفتح الملف، بدأ بـ قراءة الأوراق بوجهٍ مُتهجم وقد شعر بيأس كئيب ينهش صدره، رفع وجهه ناحيــة الباب عندمــا سمع صوت طرقــات هادئة، زفر بإختنـاق وهو يغرز أصابعــه في شعره يُكاد يقتلعــه من جذوره، عاود النظر إلى الأوراق قائلاً بصوتٍ خشن:
-أدخل.

سمـع صوت فتح باب مكتبــه وبعدهــا صوت خطوات ناعمـة تقترب منــه، هي هنــا!!.. لقد وصلت نسائم الياسمين إليــهِ، رفـع وجهه بلهفــة نحوهـــا ليجدهــــا تقف أمامــــه بوجهٍ شـاحب.. وعينين حمراوتين، هبَّ واقفًا وهو يهمس بقلق:
-سـارة!!.. إيـه إللي جابك؟؟..

سحبت نفسًا مُرتجفًا هاتفــة بهدوء:
-آآ.. آ.. أنــا جيت عشان أتابـع الشُغل.

ســار نحوهــا وهو يقول بجدية:
-كان لازم ترتاحي يا أستاذة سـارة، أنا عامل حسابي إنك هتغيبي كام يوم.

حركت "سارة" رأسهـا نفيًا مرددة:
-لو فضلت أعدة في البيت هتعب أكتر، أرجوك يا مستر يوسف متضغطش عليـا.

مسح "يوسف" على وجهه بقوة مُتمتمًا:
-أنا مش هضغط عليكي، بس شكلك ميطمنش.

إبتسمت إبتسامة باهتة هاتفـة:
-ماتقلقش يا مستر يوسف، تعبي مش هيأثر على الشُغل.

هدر بصوتٍ صـارم:
-شُغل إيــه!!!.. مايولـع الشُغل، أنا بتكلم عنك إنتي، صحتك إنتي؟!..

بلعت ريقهــا بصعوبة قبل أن تقول:
-ماتقلقش حضرتك.

إبتسم لهــا بحنو هاتفًا:
-طيب يا أستاذة سـارة، أنا هسيبك تكملي الشُغل رغم أن الموضوع مش عاجبنـي، بس لو عايزة حاجـة قوليلي.

حركت رأسهــا بالموافقـة قبل أن تهتف بإبتسامة شاحبـة:
-شُكرًا يا مستر يوسف على وقوفك جنبي في حكايـة المُستشفى ودفن مـاما.

أغمضت عينيهــا هامسـة بعذاب:
-الله يرحمهــــا.

صمت قليلاً قبل أن يهتف بإبتسامة صغيرة:
-مفيش داعي للشُكر، بس عاوز أسألك عن حاجـة.

رفعت عينيهــا الحائرة نحو عينيـهِ الزرقاوتين، تمتم "يوسف" مُتسائلاً بريبة:
-بمـا إنك متجوزة، فـ ليـه مش بتلبسي الدبلة؟؟.. أو مقولتيش لأيّ حد هنـا بـ ده؟؟..

أتسعت عينيهـــا بخوف وتسارعت نبضات قلبهــا، تراجعت للخلف وهي تهمس بإرتباك:
-عن إذنك يا مستر يوسف، هاروح على مكتبي عشان الشغل متعطل.

أستدارت سريعًا نحو الباب ثم ولجت للخــارج محاولـة تنظيم أنفاسهـــا المُضطربـة، في حين ظل "يوسف" واقفًا في مكانـــه، عينيـــه قد أظلمت بشدّة، وعروق نحره قد ظهرت من شدّة الغضب الذي بداخلــه، أومئ برأســه هاتفًا بشراســة:
-الموضوع ده في إنَ، وأنا مش هسكت لو شوفت حاجـة بتحصل، يا ترى هي مخبية إيــه؟!..

******
وقفت "كـارمـا" عند مدخل القاعـة للحظـة، تتلفت يمينًا وشمالاً وكأنمـا تتأكد من استقطابهـا أنظار الجميـع، حيثُ أرتدت ثوب زُّمُـرُّي اللون، ذا فتحــة عنـق واسعـة وتنُّـورة طويلـة التي تصل إلى الكاحلين، وشعرهـا مرفوع بشكل منسَّق فوق رأسهــا، رفعـت رأسهـا عاليًا بإبتسامـة واثقـة وهي تُسير برفقـة "رامـي" نحو الرجل الأعمـال "تميم التُهامي" صاحب تلك الليلة المُميزة، الذي ما أن أبصرهم حتى نهض يرحب بهم بإبتسامـة عريضـة قائلاً:
-أهلاً وسهلاً، كويس إنك جيت يا رامي.

إبتسم لـه مرددًا:
-كان لازم أحضر الحفلـة يا تميم بـاشا.

ألتفت بوجهه نحو نحو "كـارمـا" قائلاً بإبتسامة:
-أحب أعرفك بـ خطيبتي ومراتي في المُستقبل، كـارمـا عزيز.

صافحهـــا "تميم" بإبتسامة جذابـة هاتفًا:
-نورتي الحفلة يا كـارمـا هانم.

بادلتــه إبتسامة صغيرة كـ بديلٍ للرد، أشــار لهمــا بـمكان جلوسهمــا، أخذ يتحدث مع "تميم" بـ أمور العمـل وهي واقفـة بجانبـــه تتأمل المكان بـ دقة، رفرفت "كارمـا" بـ عينيهــا وقد بهرتهـا إضاءة الحفل لثوانٍ، وإذ تجلَّت الرؤيـة أمامهــا، فغرت شفتيهــا قليلاً ورفعت حاجبيهــا للأعلى حينمــا رأت فهد آل نصـــار يدخل الحفـل بخُطى ثابتــة، فـارع الطول، عريض المنكبين، ذي شعر أسود، يرتدي بزلة أنيقـة وربطـة عنق مُلائمـة، قسمــات وجهه المنحوتـة من الصخر، هزَّت رأسهــا بذهول لتتأكد أن ما تراه ليس خيالاً.

ولكن تأكدت أن ما يحدث حقيقي، حينمـــا وقعت عينـــاه عليهــا وقد تقوس فمــه بإبتسامة ماكرة، رفع يده قليلاً يُحيهــا مما جعل عينيهــا تتسع، تحرك نحوهم بخُطوات واثقــة وتحديدًا نحو "تميم" الذي ما أن رأه حتى أندفع نحوه بإبتسامة سعيدة قائلاً:
-لو مكنتش حضرت الحفلـة كُنت هزعل منك أوي.

رد "سيف" عليـهِ بجديـة:
-إنت عارف إن الشُغل بياخُد وقت الواحد.

حرك "تميم" رأســه بإيماءة خفيفة هاتفًا:
-معاك حق.

أضــاف "تميم" وهو يحرك رأسـه نحو "رامي" و"كـارمـا":
-أحب أعرفكم، سيف باشا النصــار، رجل أعمال كبير.

صافحــه "رامي" بجديــة وهو يرمقــه بريبـة، في حين صافحتــه "كـارمــا" ولا تُزال الصدمة تاركـة تأثير على ملامحهــا الجامدة، وما أن تلاقت أيديهم حتى شدد عليهــا وهو يحدق في عينيهـــا بـ نظرات غريبــة، وقلبهــا يتخبط بين ضلوعــهــا وبشدّة.

تحركت "كـارمـا" نحو أحد الطاولات، ثم سحبت المقعد تجلس عليـه بهدوءٍ زائف، أخفضت رأسهــا تتنفس بعُمق غير واعيــة تلك النظرات المُتأملــة، وضع يديـهِ بداخل جيبي بنطـالــه رافعًا رأســه قليلاً وعينــاه لا تفارقانهـا أبدًا، تحركت عينـا "سيف" ببُطء عليهــا، بدت رائعة الجمال في ثوبها الأنيق الذي أبرز مفاتنهــا، لفت أنتباهه شعرهـا المعقوص إلى أعلى رأسهـا، والذي أظهر جمـال وجههـا، أغمض عينــاه لبرهـة وهو يهمس:
-يا الله!!..

عندمــا عزفت موسيقى ‘‘الفالس’’ المشهورة، كان "رامي" أقترب منهــا ساحبًا إياهـا برفق ليرقصا معًا على أنغامهـا، راقبهمــا "سيف" وهما يؤديــان رقصتهمـــا، تحولت عينــاه في ثوان إلى قتـامة وغضب حــارق، دنـا أحد الخدم منـه، يسألـه ما إذا كان يرغب في احتسـاء كوب من العصير المثلَّج، هزَّ رأسـه بالرفض وقد زاد غضبــه الذي على وشك حرق اليابس والأخضر، فـ عاد الخادم أدراجــه دون أن يتفوَّه بكلمـة.

صدق من قــال ‘‘الغيرة هي إلتقـاء صوت العاطفـة بصوت العاصفـة’’

عقد ما بين حاجبيـهِ حينمـا وجد "رامي" يبتسم لهـا بإعتذار ثم تحرك نحو شخصًا مـــا، أرتسمت إبتسامة عابثة على ثغره وهو يتحرك نحوهـــا، كادت أن تُغادر من قاعـة الرقص ولكن وجدت يد من الحديد تقبض على معصمهــا ساحبًا إياهــا نحو قاعــة الرقص مجددًا.

أجبرهــا على الإلتفـات إليـهِ فـ واجهتـه بـ أعين مُتسعة من الذهول، وقف "سيف" أمامهــا وأرخى يدهُ قليلاً عنها ولكن لم يتركها، أحاط خصرها ببُطء، ليتميلان على الألحان الموسيقى، حاولت أن تتملص منــه ولكن حينمــا رأت أن عينـــاه تحولتـان إلى جمرتين مُشتعلتين غضبًا قاتم كـ قتامـة ملامحــه.. توقفت عن ما تنوَ فعلــه، وهتفت برهبـة لأولُ مرة:
-إنت مالك؟؟.. شكلك مُخيف أوي!!..

ابتسم إبتسامـة باردة وتشدق بـ:
-طبعًا، وده هيبقى شكلي دايمًا لو لسانك الطويل أستمر معايـا.

حاولت دفعـــه وهي تقول بغضب:
-أبعد لو سمحت، أنا خطيبي بيسمحش أن ده يحصل.

ألتفت "سيف" برأســـه نحو "رامي" ومازالت الإبتسامة الباردة على شفتيــهِ، وجده يرمقهمـــا بإبتسامـة صغيرة وهو يرفع يده قليلاً المُمسكة بـ كأسٍ من العصير كـ تحية!

شحبت ملامــح "كـارمــا" وهي تنظر لــه، وأخفضت عيناهـــا بصدمــة واضحــة، بينمــا عاد ينظر إليهـــا بـ برود، بلعت ريقهــا بصعوبـة وهي تعاود النظر إليــه، لا تصدق كيف فعل خطيبهــا ذلك، هي التي تأنقت وتعطرت من أجلــه يتركهــا هكذا!!.. رمقهـــا بإبتسامة خبيثة قائلاً:
-لو كنت مكانــه مكنتش سبتك أبدًا.

سألتــه بسُخريـة:
-أومــال كُنت هتعمل إيــه لو حد عمل زيك كده؟؟..

وجد نفســه يُجيبهــا بدون تردد وبإبتسامـة شرسة:
-كنت كسرت دراعتــه الأتنين.

هتفت "كارمـا" بجمود:
-هو واثق فيـا.

قهقــه بضحك قبل أن يقول بمكر:
-مش مديكي أي أهتمام.

رمقـتـــه بغضب بعد أن هزتهـا تلك الكلمـات قائلة:
-سبني بقـاا.

أقترب منهــا برأســه ليهمس لهــا في أذنهــا بهمسٍ خبيث وبثقتــه المعهودة:
-تحبي أثبتلك أنك ولا في دماغـــــهُ بطريقتـــــي؟؟..

قيــل عن الغيرة والحُب..
الغيرة والحُب وجهـان لعُملــة واحـدة..
الغيرة هي الطاغيـة في مملكــة الحُب..
الغيرة عدســة تُكبر الأشيــاء الصّغيرة..

******
وقفت "ثُريــا" بداخل الشرفــة مُتأملــة البدر والنجوم التي تُزين السمــاء، أغمضت عينيهـــا بألم حــارق للحظــات قبل أن تعاود فتحهمــا كي ترفع تلك الصورة، حدقت فيهــا بـ عينين دامعتين وقلبهــا يخفق بعذاب، أحتضنتهــا بقوة وقد هبطت دموعهـــا بـ قهر، شهقت بقوة وهي تغمغم بـ حرقـة:
-وحشتني أوي يا حُســام، وحشتني أوي وقلبي موجــوع.

شعرت بـ ذراعين تحاوطنهــا من الخلف، فـ أغمضت عينيهــا مرة أخرى وهي تشهق ببُكاء مرير، تألم "شريف" حينمــا رأى بُكائهــا فـ جذبهـا إلى صدره أكثر، حركت رأسهـا بعدم تصديق هامسـة بذهول:
-إزاي؟؟.. إزاي فضلت عايشة بعد ما سبني!!..

همس لهــا بصوتٍ خفيض:
-أدعيلــه، أدعيلـه بالرحمـة وبس، هو عند إللي أحسن من الكل.

هتفت بـ مرارة:
-مش قادرة، قلبي موجوع عليه، واحشني أوي يا شريف، كان أول وآخر فرحتي.

أضافت بصوتٍ خالٍ من الحــيـاة:
-أنا روحي ماتت اليوم إللي مات فيـه حُسـام.

أبتعدت قليلاً بعد أن أرخى ذراعيـه عنهــا، أستدارت نحوه وهي تقول فجـأة بغضب دفين:
-إنت مفرقش معاك موت إبننـا يا شريف.

ذُهــل من كلماتهــا، ومع ذلك قـال بإبتسامـة مُهتزة:
-إيه إللي بتقوليـه ده يا ثُريـا، ده إبني!!.. ملايين الدنيـا متعوضش ضفر رجلـه حتى!!.

أخفض رأســه وهو يقول بإنكسـار:
-المرة الوحيدة إللي وقعت فيهــا جامد، يوم ما جـالي الخبر المشؤوم!!..

زاد هبوط دموعهــا وهي تهمس:
-وقعت فعلاً وتعبت أوي، بس فالآخر عملت إيـه؟؟..

حدجهــا بـ تساؤل، فإبتسمت بتهكم من بين دموعهــا قائلة:
-جبت سيف!!.. جبت فالآخر إبن ناديـة، جبتــه مكان إبننــا حُســااااام!!!..

سألـــها بضيق:
-إيـه إللي خلاكي تفتحي الموضوع ده يا ثُريـا؟؟.. ده أتقفل من سنين.

حركت رأسهـا نافية هاتفـة بغضب:
-لأ، وصعب يتقفل، سنين وأنـا نااااري بتزيد كل ما بشوفــهُ، كل ما بسمـع إسمـــه دمي بيتحرق وأعصابي بتتعب.

رفع "شريف" حاجبيـهِ للأعلى قائلاً:
-هو إنتي بتشوفيـه أصلاً؟؟.. ده طول الوقت فالقاهرة، وإحنـا دايمًا فالقريــة، نادرًا بيجي هنــا وبشوفـــه.

هتفت "ثُريـا" بإستنكــار:
-إنت مش مقدر إحساسي ليــه؟؟..

صرخت بعُنف فجـأة:
-ده جـــه خد مكان إبنـــي!!!.. هو الوريث الوحيد ليك إنت!!!.. كل العز إللي عايش فيــه ده كان لإبني!!..

صرخ أيضًا بغضب حـارق قائلاً:
-بس إبننـــا مـــــات خلاص!!.. سيف هو إللي لحقنــــا، لمــا وقعت الشركات بتاعتنــا كلهــا بلا أستثنـاء كانوا بيقعوا خلاص، جــه هو لحق كل حاجة قبل ما شقى عُمري أنا وأبويـا يضيعوا، وبعدين هو إللي لازم يورثنــي بدل ما ولاد أعمامـــه ياخدوا مالنــا وشركاتنـــا!!!..

حرك رأســه بأسى هاتفًا:
-كفايــة إني مشوفتوش 20 سنــة كاملــة.

أحتقنت عيناهــا وهي تقول:
-وكنت عايز كمــان تشوفــه عشان تشوف أمـــه!!..

رمقهـــا بـ نظرات شرســة قبل أن يقول بعصبيـة:
-ثُريــااااا، وقفي كلام، إنتي مش فـ وعيك!!..

صمتت وهي تنظر لــه بإستنكـــار واضح والدموع الحــارة لازالت تهبط بصمت على وجنتيهـا، هتف بحدة:
-سيف إبني وهيفضل إبنـي، وياريت ترحميني من الحكايـة دي، على الأقل ترحمـي نفسك.

قال كلمتــــه الأخيرة قبل أن يندفع نحو الداخل، ظلت تنظر أمامهـــا في نُقطـة مـا، حتى جثت فجــأة على ركبتيهــــا تحتضن صورة إبنهـــا، وصوت شهقاتهــا وبُكائهــــا يتعالى أكثر وأكثــر.

******
تراجعت قليلاً برأسهــــا وهي تحدق فيــه بذهول، بينمــا هو يبتسم لهــــا إبتسامة مــاكرة وعينــــاه.. قد تحولتـا إلى بركتين عميقتين مُظلمتين، رمشت أهدابهـــا عدة مرات قبل أن تهمس:
-إنت حيوان.

كشر عن إبتسامة مُرعبـة وهو يهمس بصوتٍ فحيح كالأفاعي:
-أي كلمة بقولهـا بتحصل يا بنت عزيز، ولما قولتلك إنك هتسيبي خطيبك فـ إنتي هتسبيــه وبـ مزاجك.

أضــاف بإستهزاء:
-بس أتمنى متندميش وقتهــا إنك أتأخرتي.

ظلا يتميلان على الألحــان ولكن ملامحهــا جامدة، أخفضت عينيهــا حينمـــا شعرت بـ نغزة في قلبهــا، في حين ظل يحدجهـا "سيف" بنظرات مُظلمـة قاسية، وإبتسامتـه المُرعبـة قد تلاشت، لن ينكر أنــه تأثر للحظـة من نظراتهــا التي صوبتهــا نحو خطيبهــا، وشحوب وجههـا جعل قلبـه يخفق بألم، أنتهت الموسيقى أخيرًا فـ تركهــا تهرب من حصاره، رمقتـه بنظرة غاضبـة قبل أن تتحرك نحو من خذلهـا.

وقف أمام خطيبهــا و"تميم"، ثم قالت بهدوءٍ حـاد:
-رامي أنا عايزة أمشي.

عقد ما بين حاجبيـهِ وهو يسألهــا بإهتمام:
-ليه يا كارمـا؟؟.. ده لسـه بدري!!..

ردت عليه بإمتعاض:
-معلش أنا تعبانة ومحتاجـة أروح.

أقترب منهـا خطوة واحدة مُتسائلاً بقلق:
-تعبانـة!!.. فيكي إيــه يا حبيبتي؟؟..

همست بخفوت وهي تنظر بطرف عينيهـا نحو "تميم" الذي راقب ما يحدث بهدوء جلي:
-مش قادرة أتكلم يا رامي.

مد يده يمسك يدهـا هاتفًا بإبتسامة دافئة:
-خلاص نروح، المهم إنك تبقي كويسة.

حركت رأسهـا بإيماءة خفيفة، بينمـا صافـح "رامي" "تميم" بإبتسامتــه، ثم سحبهــا برفق نحو الخـارج تحت أنظار "سيف" الغاضبـة الحارقة، يحاوط خصرهــا.. يد غريمــه لمست جسدهـا، شعر بأنـه على وشك إرتكاب جريمـة قتل، أول أقل شيء قد يفعلــه هو كسر ذراعيـه الأثنين كي لا يستطيـع أن يمسك يدهـا حتى!!..

ســار نحو "تميم" بخُطى ثابتـة ونظراتـه لا تبشر بالخير، عقلــه يُكـارد أن ينفجر.. وقلبـه يحترق بشدّة، وقف قبالتـه واضعًا يديـهِ بداخل جيبي بنطالــه الأسود، تنهد "تميم" قبل أن يقول بصوتٍ هادئ:
-أنا عملت إللي طلبته مني يا سيف، يعني رتبت ميعـاد معاه كأنـه صُدفـة وعملت نفسي حابب أتعرف عليه، وفهمتـه أننا بقينـا أصدقاء، وعزمتـه على حفلـة عيد جوازي، كل ده بنـاء على طلبك، ممكن أعرف ليـه بتعمل ده كلـه؟؟..

تمتم "سيف" بخشونـة قائلاً:
-هتعرف بعدين يا تميم، بس من ناحيـة لما طلبت منك تعزمـه هنا عشان بس كنت عاوز أشوف كـارمـا.

صمت "تميم" قليلاً قبل أن يسألــه ببسمـة ماكرة:
-إنت حبيتهـا؟؟..

إبتسم "سيف" بشرود مُجيبًا:
-كل الحكاية وما فيهـا يا تميم إني عاوز أحميهـا من الخطر.

سحب نفسًا عميقًا مُضيفًا:
-هي عـارفة أنهـا دخلت حرب، بس مش عارفـة أنهـا دخلت جوا لعبـة كبيرة محدش قادر يتخيل إيه هي، حتى أنـا مش عـارف!!..

تسائل "تميم" بجدية:
-وليه عاوز تحميهـا من الخطر لدرجـة إنك بتفكر تتجوزهــا؟؟..

رمقـه بنظرة شاردة وهو يُجيبـه بنبرة بعيدة.. بعيدة جدًا:
-كفايـة إللي حصل زمان، مش هسمح أن حاجـة من الماضي تتعاد، ولو الماضي فكر يرجع بوجعـه.. هدفنـه!!..

قال "تميم" بصوتٍ قوي:
-أسمع يا سيف، أنا معاك فأي حاجـة، لو رايح الجحيم هروح معاك عادي، إللي عملتـه معايا زمان يخليني أكون معاك فأي حاجة.

ربت "سيف" على كتفــه وهو يغمغم:
-مفيش داعي تقول الكلام ده، كفايـة نجيب سيرة الماضي بـ وجعهُ.

زفر "تميم" بحرارة قبل أن يسألــه بإهتمام:
-أنا ليه بحس إنك مش طايق رامي؟؟.. رغم إنــه معملش أي حاجة ليك ولا لكارمـا؟!..

أظلمت عينـا "سيف" كـ ظلام الدامس وهو يرد بخفوت شرس:
-لسه معملش، بس هيعمل.. هيكسرهـا من غير ذرة ندم.

تسائل بنبرة مدهوشـة:
-وإيـه إللي خلاك تقول كده؟؟..

رمقـه بنظراتـه المُظلمـة وقد عاد عقلـه إلى التفكير، زفر أنفاسـه الغاضبـة بقوة محاولاً تمالك نفسـه وإبتسامة ساخرة أرتسمت على ثغره بعد أن وصل عقلـه إلى التفكير بـ صاحبـة العينين الزرقاوتين.

******
كانت تمتد غابـة السكون بينهم منذ أن أستقلت معه السيارة، تنهدت بشرود ثم أغمضت عينيهــا بتعب، رأهــا "رامي" من طرف عينــه فقال بلهجـة قلقة:
-إنتي كويسة يا كارمـا؟؟.. تحبي أوديكي المُستشفى؟؟..

هتفت بصوتٍ خفيض:
-مفيش داعي، هبقى كويسة أول ما أوصل البيت وأنام.

سكت لحظةً قبل أن يتمتم:
-مش غريبة إن سيف النصـار يجي الحفلـة وأننا نشوفـه هناك؟؟..

تمتمت "كارمـا" بتهكم:
-إللي عازمك رجل أعمال كبير، وسيف رجل أعمال كبير جدًا، طبيعي إنك تشوفـه.

ألتفتت برأسهـا نحوه وهي تقول بنبرة ذات مغزى:
-بس الغريبة بقا، إنك سبتني أرقص معاه عادي، بدل ما تيجي وتبعدني عنـه!!..

ضيق عينيــهِ قبل أن يقول بهدوء:
-كنت هعمل كده ليـه؟؟.. لو عملت كده يبقى أنا عاوز أعمل مُشكلـة وخلاص، لكن هو كان كويس معاكي.

فغرت فاههـا قليلاً من كلماتــه، فـ عاودت النظر نحو نافذة السيارة مُغمغمـة بجمود:
-آه، تمـام.

قالت كلمتهـا الأخيرة وهي تُغمض عينيهـا بإرهـاق مُنتظرة بفارغ الصبر اللحظـة التي ستخرج فيهـا من السيارة، فهي على وشك الأنفجـار.. ولكن لا تريد أن تنفجر أمامـه.. بل ستنفجر بمُفردهــا كالعـادة!!..

بعد فترة وجيزة، كان أوقف سيارتــه أمام مدخل البنايـة التي تقطن فيهـا، ترجلت عن السيارة متوجهه نحو الداخـل، تنهدت بضيق وهي تلتفت لـه فـ وجدتـه غـادر المكـان، حركت يدهـا بالامبالاة وهي تُسير نحو المصعد، ثوانٍ وكانت تفتح باب منزلهــا، ولجت للداخل وهي تتنفس بعُمق، ولكن قبل أن تغلق باب منزلهـــا كان هنــاك من يدفعــه بقوة، فـ شهقت بإرتيــاع وهي ترى آخر شخص تود أن تراه حاليًا، وضع يده خلف عنقهــا جاذبًا إياهــا نحو ثم كمم فمهـــا قبل أن يقول بصوتٍ شيطاني:
-وأخيرًا وقعتي تحت إيديــا.

******
أستقل "سيف" سيارتــــه بعد أن أنهى حديثــه مع "تميم"، أنطلق بهــــا عائدًا إلى قصره، ألتقط هاتفــه وعبث فيه قليلاً قبل أن يضعــه على أذنـــه، أنتظر الطرف الأخر حتى أتــاه صوتـــه الهادئ، فـ قال بصرامة وبلهجـة لا تُقبل النقـاش:
-أيوة يا يوسف، إسمــع.. إنت دلوقتـي تلم هدومك وتيجي على القصر عندي.

قال "يوسف" بريبة:
-ليـه يا سيف؟؟.. إشمعنـا؟؟..

رد عليــه بصوتـه العميق:
-أولاً أنا محتاج اليومين دول تبقى تحت عنيــا، ثانيًا عشان عاوز أتكلم معاك في كذا موضوع.

صمت "يوسف" قليلاً قبل أن يقول بقلـة حيلة:
-هقولك إيـه!!.. خلاص هلم هدومي دلوقتـي وهجيلك.

تـابع مُضيفًا بقلق غريب لا يعلم مصدره:
-إنت كويس يا سيف؟؟..

قال "سيف" بجديـة:
-آه أنا كويس، وكمان ربع ساعـة وأكون في القصر و...

لم يستكمل حتى جملتـــه، أحس بعدم أستجابـة فرامل السيارة لـهُ وبسُرعـة اِنتقلت أبصـاره للمؤشرات الموجودة أمام ناظريـه فـ هتف بصدمـة:
-ينهــار أسود.

تسائل "يوسف" بقلق:
-في إيـه؟؟..

رد "سيف" عليـه بإضطراب:
-مفيش فرامـل.

هبَّ واقفًا وأتسعت عيونــه برعب وهو يقول:
-مفيش فرامــل يعني إيــه!!!!..

هتف "سيف" بحدة:
-أقفل يا يوسف، لازم أتصرف.

وضع الهاتف في جيب سترتـه السوداء، في حين ظل "يوسف" على الخط كي يطمئـن على صديقــه الوحيد، أخذ يدور في المكـــان ثم سرعـان ما قرر أن يسحب سلسلة مفاتيحــه مع هاتفــه، خرج من القصر وأستقل سيارتــه وبعدهـــا قادهـــا إلى طريق قصر فهد آل نصـار.

ظل واضعًا الهاتف على أذنــه وقلبــه ينبض بقوة حتى سمع صوت أصطدام السيارة، ثلاثـة ثواني وكان سمع صوت الأنفجـــار والخط قد قطــع، أتسعت عينيــه بهلــع قبل أن يصرخ بجنون:
-سيـــــــف!!!!!..

******


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-20, 08:47 PM   #10

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفَصْلُ السَّابِع

دعونـا نتحدث..
نتحدث عن العشق..
فهو سلاح..
يفتك بـ المصاعب..

لم يُعد "سيف" قادرًا على السيطرة في الطريق، ظل يُحارب لكي يطيل من اللحظات التي سيعيشهــا، كان على وشك التصادم مع السيارة الأماميـة ولكن بمُعجزة تفادهـا مُحتكًا بسيارة أخرى على الجانب، حاول إيجاد منقذ وهو ينحرف إلى اليمين وسُرعـة السيارة تزداد، سحب نفسًا عميقًا قبل أن يفتح الباب ويقفز قفزة عنيفـة إرتطمت فيهـا رأســه بالأرض الصلبة، تاركًا السيارة تستكمل سيرهــا إلى أن إصطدمت بـ مقطورة ضخمـة أدت لإنفجارهــا وتطايـر أشلائهــا في الهواء.

******
أتسعت عيناهــا بذهول وهي تحدق بملامحــه المخيفة، دقات قلبـها تخفق بخوفٍ جلي، أغلق الباب بـ قدمـه ثم إبتسم إبتسامـة غريبة هاتفًا:
-وحشتيني يا كـارمـا.

أحتقنت عيناهــا بغضب، في حين همس وهو يتأمل تفاصيل وجههـا قائلاً:
-أحلويتي أوي في الفترة إللي بعدتي فيهـا عني، بس أنا رجعتلك ومفيش حاجـة هتفرقنـا عن بعض أبدًا.

أغمضت عيناهــا في اللحظة التي قامت فيهـا بـ غرز أسنانهـا في باطن يده، أبعد يده عن فمهـا على الفور وهو يشهق بألم:
-آه يا عضاضة، إنتي شكلك لسـه شرسـة يا كارمتي.

هتفت "كارمـا" بغضب:
-كارمتك في عينك، إنت إيه إللي جابك هنـا؟؟.. وعرفت مكاني منين؟؟..

أقترب منهـا قائلاً بلهفـة:
-مش مهم تعرفي إني عرفت منين، المهم إننا مع بعض.

ضربت جبينهـا وهي تغمغم بضجر:
-هو يوم مش فايت، كنت حاسة والله.

رمقتـه بضيق مُشيرة بيدهـا:
-إطلع برا يا ماجد، إطلع برا حالاً وإلا هصوت وألم عليك النـاس.

هتف "ماجد" بدهشـة:
-وأهون عليكي يا كارمتـي؟؟..

أشتعلت عيني "كارمـا" بغضب صارخـة بعصبية:
-أنا مش كارمتك، إطلع برااااا يا ماجد.

حرك رأسـه إيجابيًا وهو يقول بـ بسمة صغيرة:
-حاضر يا حبيبتي، واضح أن أعصابك تعبانـة النهاردة؛ عشان كده همشي، المهم خدي بالك من نفسك.

نفخت بغيظ، فتابـع قائلاً:
-أنا بس كنت عاوز أقولك إني خلاص لقيتك، ومش هسيبك أبدًا، يومين بس مش هقابلك لحد ما أعصابك ترتاح، لكن لما أرجع لازم نتكلم.

عقدت ساعديهــا هاتفـة ببرود:
-إن شاء الله.

رمقهــا بـ نظرات أخيرة قبل أن يتحرك صوب الباب، حدجتـه بنظرات ناريـة حتى خرج أخيرًا من المنزل، ظلت متسمرة في مكانهـا حتى شعرت بإرتخـاء قدميهـا، فـ سقطت جالسة على ركبتيهــا، هزت رأسهـا بتعب قائلة بألم:
-أنا تعبت، ومش عارفـة أعمل إيـه، ولا أتصرف إزاي!!..

******
مسافـة قصره وقصر فهد آل نصــار لا تتعدى العشرون دقيقة، فـ بعد خمس دقائق فقط من القيادة كان أوقف السيارة حينمـا وجد مكان الحادث، ترجل عن السيارة وقد جحظت عينـاه بقوة عندمـا وجد ذلك الأنفجـار، نظر على مرمى البصر ليرى الجموع المتشكلين حول شخصًا ما الذي يبعد عنـه بأمتـار عديدة، فـ ركض نحوهم وما أن رأى صديقـه حتى هتف صارخَا بإسمـه:
-سيـــف.

دفع الجميع ليجده فاقدًا لوعيـه على الأرضيـة، إنحنى عليـهِ وقد أرتعب عليـهِ، جذب رأســه ليشعر بدفء هذا السائل الأحمر الذي أغرق يده فـ صرخ برعب:
-سيف، سيــف إنت سمعانـي؟؟..

مسح على خُصلات شعره برفق بـ يده النظيفـة قائلاً بخوف:
-سيف إفتح عنيك، أرجوك.

لم يستجيب فـ صرخ بنبرة جهوريـة لمن حولــه قائلاً:
-الإسعــاااف بسُرعــة.

هتف أحدهم:
-خلونـا نوديــه أقرب مستشفى، الإسعـاف يومهم بـ سنـة.

عـارض أحدهم حديثــه حيثُ قـال:
-مينفعش.. أفرض في كسور ولا حاجــة.

-آآآآه!!..

بدأ يستعيد وعيــه وهو يأن بصوتٍ مسموع، تسارعت أنفاس "يوسف" قليلاً وهو يسألــه بقلق شديد:
-سيف إنت كويس؟؟.. سامعني؟؟..

تحسس "سيف" رأســه هامسًا بألم:
-آآه راسي.

تفحص "يوسف" رأســه بإهتمام ثم قال:
-شكلــه جرح بسيط.

أضــاف بجديـة:
-حاول تقوم معايا لغايـة عربيتي، لحد ما الإسعاف يجي.

عاونــه الجميـع لكي يستطيـع الوقوف على قدمـه، ثم قاده "يوسف" إلى سيارتـه حتى حضرت سيارة الإسعـاف أخيرًا، وقاموا بفحص كامل لــه، وتطهير جرح رأســه، وفي هذه الآونـة كانت الشرطـة قد أحيطت بالخبر وحضر أحدهم لأخذ إفادتهم، وقف "سيف" مع الشرطي ليسألــه الأخير فـ كان جواب "سيف" هو:
-أنا مش بتهم حد، بس هي بـ فعل فــاعل.

حرك الشرطي رأسـه قائلاً بصوتٍ خشن:
-تمام، على العموم نتيجـة فحص العربيـة هي إللي هتخلينـا نتأكد من كلام حضرتك ولا ده عطل مفاجئ.

تمتم "سيف" بجمود:
-تمام.

تحرك نحو "يوسف" بعد أنهى حديثــه مع الشرطي، ترجل الأخير عن سيارتـه وهو يسألــه بإهتمام:
-ها عملت إيـه؟؟..

رد عليهِ بجديـة:
-أنا مُتأكد أنهـا بفعل فاعل.

تسائل "يوسف" بإستغراب:
-يعني مين إللي له مصلحة يعمل كده؟؟..

تنهد "سيف" بحرقــة هاتفًا بهدوء:
-للأسف كتير نفسهم يأذوني.

ضيق عينيـهٍ مُضيفًـا بلهجـة شـاردة:
-إذا كان أبويا أذاني يا يوسف، تفتكر الغريب هيعمل إيـه فيا؟؟..

حرك "يوسف" رأسـه إيجابيًا قبل أن يسألـه بجدية:
-إنت فعلاً هتتجوز كارمـا يا سيف؟؟..

أزداد ضيق عينيـهِ وبدا مثالاً حيًا للشر، مُرعبًا كـ كائن أسطوري مُفزع، همس ببُطء:
-هتجوزهـا، حتى لو وصل الأمر إني أخطفهـا وأتجوزهـا.

******
أمسكت هاتفهــا لكي تتفحص آخر الأخبار، حركت رأسهـا بملل إلا أن أتسعت عيناهـا فجأة وفغرت شفتيهـا قليلاً عندمـا وجدت الخبر كالآتي..

"محاولــة إغتيال الرجل الأعمال الشهير سيف النصــار"

أبعدت خُصلـة مُتمردة من على وجههـا وهي تقول بقلق:
-ياترى مين له مصلحـة يعمل كده؟؟..

همست بقلق:
-يارب أُستر.

******
علت أصواتــه بالمكان وهو يدور حول نفســـه، عجز عقلــه عن التفكير بعدمـا وصل خبر إليـه بـ محاولـة قتل إبنــه، بينمـا "ثُريـا" ترمقــه بـ نظرات ساخرة، جلس على طرف الفراش وهو يهمس بجنون:
-إزاي؟؟.. إزاي يعمل كده؟؟.. أعمل إيـه أنا دلوقتي!!!!!..

هبت "ثُريا" واقفة وهي تقول بضيق:
-ما خلاص بقا يا شريف، سيف زمانـه قاعد في البيت دلوقتـي زي القرد، بلاش تكبر الموضوع.

رمقهـا بنظرات ناريـة هاتفًا بحدة:
-تعرفي تسكتي؟؟..

ردت عليـه بغضب:
-لأ معرفش، إنت كمان عايزني أسكت؟!.. ليه إن شاء الله؟؟..

أشـار بيده هادرًا بصوتٍ جهوري:
-يبقى تطلعي برا، أنا مش ناقصك، كفاية إللي فيا.

تمتمت "ثُريـا" بسخط:
-ماشي هطلع.

وبالفعل خرجت من الغُرفـة، بينمـا وقف "شريف" وقد أمسك بـ هاتفــه ووضعـه على أذنــه، وما إن وصل إليـه رد حتى صرخ بغضب جامح:
-إللي إنت بتعمله ده يا ثروت؟؟.. إزاي تحاول تفكر تقتل إبني؟؟!!..

قال "ثروت" بإبتسامة شامتة:
-دي قرصة ودن بس يا شريف، عشان تبقى عـارف إن إبنك قُريب مني إزاي وممكن أقتلـــه بدم بـارد.

هدر "شريف" بعصبية:
-إللي بتعملــه ده مش هيتسكت عليه، وإبني مش هيسكت، ده فهد آل نصـار.

قهقه "ثروت" بصوتٍ مُخيف قائلاً:
-هنشوف الفهد بتاعكم ده هيعمل إيـه، أستنى مني مُكالمة أبلغك فيهـا بـ ميعاد أنك تاخد الأراضي، سـلام.

أغلق الهاتف دون أن ينتظر من الرد، حدق "شريف" بـ عينين مذهولتين على شاشة الهاتف قبل أن يلقيـه على الفراش صارخًا بإنفعال:
-أعمل فيك عشان أخلص منك، على آخر الزمن يحصلي كده!!!..

******
بعد مرور ثلاثـة أيـام، نهضت "سـارة" من مكانهـــا بعدمــا هاجمهـا دوار، قررت أن تجلب لنفسهــا ميـاة كي تستطيع أخذ دوائهــا، ولكن أصطدمت بـ شخصٍ ما فـ تراجعت للخلف وهي تهمس بقلق:
-أنا آسفـة جدًا، مخدتش بالي.

إبتسم لهـا إبتسامة جذابـة:
-مفيش داعي للأسف، أنا أنور محمد مدير شركـة الـ"......"، كنت جـاي أقابل مستر يوسف.

حركت رأسهـا بهدوء مُتسائلة:
-طيب لحظـة هسألـه إذا كان فاضي ولا لأ عشان يقابلك.

سألهــا بدهشة:
-إيه ده!!.. هو إنتي السكرتيرة؟؟..

هزت رأسهـا إيجابيًا وهي تحاول أن تخفي وهنهــاـ أتسعت إبتسامتـه هاتفًا:
-أول مرة أشوف سكرتيرة جميلة كده.

أخفضت رأسهــا بتوتر وقد أشتعلت وجنتيهـا، في نفس اللحظة.. خرج "يوسف" من غُرفـة مكتبـه فـ وجدهـا واقفة مع رجل غريب، تحرك نحوهمــا بغضب دون شعور هادرًا بحدة:
-إيـه إللي بيحصل ده؟؟..

أستدارت "سارة" بجسدهـا له وهي تقول بـ توتر:
-مـ.. مستر يوسف حضرتك أنا كنت رايحـة أجيب مايـة من الأول.

صرخ "يوسف" بحدة:
-ماية إيـه؟؟.. وطالمًا رايحـة تجيبي مايـة، يبقى ليـه واقفـة معاه؟؟..

تدخل "أنور" بهدوء قائلاً:
-واضح إن في سوء تفاهم، الحكاية إن...

قاطعــــــه "يوسف" بصرامة قائلاً:
-ولا كلمــة.

قبض على معصمـهـــا بقوة قائلاً بغلظة:
-أتفضلي معايـا عشان تشوفي شغلك.

سـارت معـه عدة خطوات ولكن سُرعـان ما هاجمهــا دوارًا أشد فـ همست بتعب:
-مستر يوسف.

توقف عن السير وهو يقول لهـا بحدة:
-ممكن أفهم إيـه إللي عملتيـه ده؟؟..

وضعت يدهــا على جبينهــا هامسـة بوهن:
-معملتش حاجة، كفايـة بقا ظُلم، كفايــة، آآه.

شعرت بـ الأرض تميد بهــا وبـ الظلام يقترب منهـا بكل هدوء، دارت رأسهـا فـ سقطت هامدة بين أحضانـــه، لم تستمع إلى صرختـه المرتعبـة، ولم تشعر بـ نبضات قلبـه التي أصابهــا الجنون.

******
وقف "سيف" أمام مكتب ذلك الضابط، سحب نفسًا عميقًا وزفره على مَهَل، فـ هو على وشك معرفـة من حاول قتلــه، حدث العسكري بحدة:
-قول لسيادة النقيب سيف النصــار برا.

دلف العسكري إلى الداخل، في أنتظر عدة اللحظـات حتى خرج وهو يشير بيده للدخول، دلف "سيف" إلى الداخل وقد طغت هيبتـه على المكان، وثب النقيب "محفوظ" واقفًا كي يصافحــه بحرارة، ثم جلســا فـ بدأ "سيف" بالحديث حيثُ قـال:
-أنا جيت لما كلمتني وقولتلي إنك وصلت إللي عمل كده فالعربية.

حرك "محفوظ" رأســه بالموافقة ثم قـال:
-ده فعلاً، عرفنـا النهاردة.

سألــه "سيف" بإهتمام:
-وياترى مين؟؟..

صمت قليلاً قبل أن يجيبـه بـ منتهى الهدوء:
-كــارمـــا عزيــز.

******
تحركت "كارمــا" بخطوات راكضة نحو باب منزلهــا، صوت الدقـات العنيفـة بالخـارج حتى كادت أن تخلعـه، فـ فتحت الباب على مصراعيـه ناويـة أن توجه سؤالهــا بحدةٍ فظة، إلا أن لسانهــا تلجم وأنعقد ما بين حاجبيهــا عندمـا وجدت أفراد الشرطة، تسائلت بريبة:
-هو في إيـه؟؟..

حدجهـا أحدهم بنظرات قاسية قبل أن يسألهـا بحدة:
-إنتي كـارما عزيز.

هزت رأسهـا إيجابيًا، فـ أضــاف بصرامـة:
-معانـا أمر بالقبض عليكي.

******
روايـة "اقتسـره العشـق"
"الفَصْلُ الحَّادِي عَشَرَ"

مرحبًا بكِ في الجحيـم
فـ أنا سيدهـــا

أتسعت حدقتـاه ذهولاً بعد عبارتـه الصادمـة تلك، وأنقبض قلبــه بقوة، أنعقد لسانـه عن اللفظ قبل أن يرفع يده يمسح على شعره بقوة محاولاً تمالك أعصابـه، تسائل بصوتٍ أجشّ:
-وصلتوا إزاي أنهـا ورا الموضوع ده؟؟..

رد عليـه الضابط بثبـات:
-الراجل إللي شال فرامل العربية، جه هنـا وأعترف بجريمتـه وقال أن ورا الموضوع وإللي طلبت منـه تبقى كـارمــا عزيـز.

صمت "سيف" قليلاً قبل أن يقول بجمود:
-آه تمام.

هتف "محفوظ" بجديـة:
-دلوقتي بعت أمر بضبط وإحضارهـا هنا، يعني في خلال عشر دقايق هتكون هنا في مكتبي.

أعتدل "سيف" في جلستـه وهو يتمتم بـ عينين قاسيتين:
-أنا لازم أبقى أتكلم معاهـا.

سألــه الضابط بإهتمام:
-حضرتك تعرفهـا؟؟..

حرك رأسـه بإيماءة خفيفة وهو يقاوم شعور الغضب الجامح الذي بداخلـه.. وعينيـه الخضراوتين بدت قاسية ومُظلمـة.. وتعبيرات وجهه تعلن عن بدايـة جحيم.

******
أرتعدت نظرات "يوسف" نحوهــا بعدمـا بدت على وشك فقدان وعيهـا، وقبل أن يسألهــا كانت أغمضت عينيهـا مترنحـة بجسدهـا نحوه فـ أسرع بإسندهــا ولكنهـا هوت في أحضانـه مغشيةً عليهــا فـ صرخ مذعورًا:
-ســـارة، ردي عليـاااا.

حاوطهـا بـ ذراعيـه حيثُ أخفض ذراعـه ليلف خصرهـا به، ثم مرر الآخر أسفل ركبتيهـا ليحملهـا، تحرك "أنور" نحوهمــا كي يقدم له المساعدة في حملهـا، ولكن سُرعان ما هدر "يوسف" فيـه بغضبٍ:
-ملكش دعوة بيهـا، أبعد عنهـا.

تسائل "أنور" بإستنكـار:
-إنت إزاي تتكلم معايا كده؟؟..

صرخ "يوسف" بعصبية:
-أنا مش ناقصك، أبعد عني وإلا ممكن أطلع غضبي كلـه عليك.

حضر أحد أفراد الأمن بعد وصولــه إلى أصواتٍ عاليــة، وقف أمامهم وهو ينطق بـ:
-في إيـه يا فندم؟؟.. مالهـا الأستاذة سـارة؟؟..

أشـار بـ عينيــهِ قائلاً بصيغة آمرة:
-الإسعاف إللي واقف تحت للطوارئ، خليهم يجوا هنـا عشان نشوف مالهــا.

أشـار بيده وهو يتراجع للخلف:
-طيب لحظة يا فندم.

دقيقة وكان وصل فرد الأمن وخلفــه أثنين من الأطباء يجرّون سريرٍ نقـال لنقلهـا إلى سيارة الإسعاف، مددهــا "يوسف" عليـه برفق وهو ينظر إلى شحوب وجههــا بقلق بالـغ، تحركت عينــاه تلقائيًا على تلك اليد التي كانت على وشك لمس قدمهــا فـ هدر بصرامـة:
-أبعد إيدك حالاً.

تمتم "أنور" بضجر:
-أنا بعدل رجلهـا، وبعدين إنتي مالك؟؟..

لم يُجيبــه وكأنــه غير موجود بل ركض معهم لإسعافهـا سريعًا، وصلا إلى سيارة الإسعاف، ولم يتركهـا "يوسف" بل أستقل بداخل السيارة، بدأ الطبيب الأول يتحدث حيثُ قال:
-قيسلهـا الضغط والسكر يا دكتورة بسرعـة.

رفعت الطبيبة قدميهـا وأسندتهــا على شيء ما مُرتفـع قليلاً، ثم بدأت تقوم بقياس الضغط والسكر، بينمـا الطبيب يربت على وجنتهـــا بخفـة وهو يقول:
-يا آنسـة، أستاذة سارة إنتي سمعاني؟؟..

تمتم "يوسف" يضجر:
-ما تتصرف طالمًا هي لسه مفاقتش.

هتف الطبيب بهدوء:
-لازم حد يثير حواسهــا يا أستاذ يوسف.

تأملهـا "يوسف" بـ نظرات قلقـة وخاصةً حينمـا سمع كلمات الطبيبة قائلة:
-السكر طبيعي والضغط واطي جدًا.

هتف الطبيب بلهجـة جادة:
-طيب هاتيلي الأمونياك.

قام الطبيب بـ تعرض حاسـة الشم لديهـا لأبخرة الأمونياك، وهي أبخرة تُثير المُصاب بحـالة الإغماء، ولكنهـا لم تستجيب، تعرضت "سارة" للكثير من المثيرات لإفاقتهـا ولكن محاولتهم كانت مصيرهـا للفشل، فـ قامت الطبيبة بـ حقنهـا بـ إبرة طبية تحتوي على مواد كيميائية قوية، لحظـات معدودة وكانت بدأت تستعيد وعيهــا.

مسح "يوسف" على شعرهــا برفق وهو يسألهــا بقلق:
-سارة، سارة إنتي سمعاني؟؟..

قالت الطبيبة بـ جديـة:
-ماتقلقش يا أستاذ يوسف، هتبقى كويسة، ربع ساعـة وهتكون فاقت تمامًا، هي الضغط بتاعهـا كان واطي وواضح كمان أنهـا أتعرضت لـ ضغط نفسي شديد.

تمتم "يوسف" بأسى:
-وطبعًا ده محتاج تهيئة للجو النفسي عشان ترجع كويسة؟؟..

حركت الطبيبة رأسهـا بالموفقة بجديـة، فـ أطرق "يوسف" رأسـه واجمًا ووضع رأسـه بين كفيـهِ هاتفًا بعذاب:
-يارتني كان ليا سُلطـة عليهـا، ياريت.

******
فتح العسكري الباب ودخل بخُطى ثابتـة يقدم تحيتـه ثم أخبره بـ وصول المتهمـة "كارمـا"، فـ أشار إليـه بأن تدخل بينمــا عيني "سيف" على الباب.. عينين أشتعلتا بالنيران.. عينـان بدتـا كقطعتين من اللهب أو الجحيم، توقف الزمن تمامًا حينما دخلت "كارمـا" وقد تلاقت أعينهـا بـ عينيــه القاسية، أتسعت عيونهـا بقلق خاصةً وهو يطالعهـا بـ نظراتـه الناريـة.

تحولت أنظارهـا إلى الضابط وهي تسألـه في شئ من التوتر:
-في إيـه يا حضرت الظابط، مُمكن أعرف أنا هنا ليه؟؟..

رد عليهـا بجديـة:
-أستاذة كارمـا، إنتي مُتهمـة بمحاولة قتل سيف باشا النصـار.

هتفت "كارمـا" بإستنكار:
-أفندم!!.. إيـه الكلام ده؟؟..

تمتم الضابط بعملية:
-الراجل إللي أجرتيـه عشان يشيل الفرامل، جـه هنا وأعترف عليكي، قال إنك طلبتي منـه ده، وإنك أدتيـه عشرين ألف جنيـة، عشرة قبل وعشرة بعد.

أرتفع حاجباهـا للأعلى في صدمـة جلية، هتفت بلا تصديق:
-مُستحيل، راجل مين إللي هأجره عشان يقتل، وكمان عشرين ألف جنيـة إيـه؟؟.. أنا مش معايــا المبلغ ده أصلاً!!!!..

أقتربت من المكتب عدة خطوات وهي تقول بذهول:
-حضرت الضابط أنا لا يُمكن أعمل كده، أنا هعمل كده ليــه؟؟.. إيـه مصلحتـي؟؟..

ألتفتت "كارمـا" برأسهـا نحو "سيف" الذي لا يُزال يحدجهـا بـ نظرات نـاريـة مُضيفـة:
-إنت مصدق إني أعمل فيك كده؟؟.. طب ليـه؟؟..

قال "سيف" وهو يوجـه أبصاره نحو الضابط هاتفًا بخشونـة:
-بعد إذنك يا محفوظ بيـه تسبنـا لوحدنـا شويـة.

حرك رأسـه إيجابيًا وهو ينهض من مكانـه ثم ولج للخارج، هبَّ "سيف" واقفًا ثم ســار نحوهــا بخُطى ثابتـة نحوهـا، وقف أمامهـــا مُبتسمًا لهـا إبتسامة بدت كإبتسامـة الشيطان، دفن كفيـه بداخل جيبي بنطالــه وهو يقول بمكر:
-وقعتـي يا كارمــا، ومحدش هيقدر يساعدك غيري أنــا، أنا وبـس.

******
طرق الرجل على باب مكتب رب عملـه قبل أن يدخل بخُطى سريعـة كي يبغلـه بـ آخر ما وصل إليـه، أستدار "ثروت" سريعًا وهو يحدجــه بعينين مليئة بـ شر، فقد أصبحت طبيعة عينيـه هكذا، وقف الرجل أمامــه متمتمًا بصوتٍ هادئ:
-دلوقتـي يا باشا آخر الأخبار، هو إن فعلاً إللي طلبتـه أتنفذ، وبعتنـا واحد من رجالتنــا يقول إن هو ورا الموضوع بتاع عربية سيف باشا، وإن إللي أجرتـه تبقى كارمـا عزيز، وحاليًا سيف وكـارمـا فالقسم.

إبتسم "ثروت" بشر هاتفًا:
-حلو أوي، وطبعًا سيف أول ما يعرف مش هيسكت ومش هيرحمهـا، وهي تسجن كام سنـة حلوين، وأبقى خلصت منهـا.

تسائل الرجل بـ تردد:
-ممكن أسألك حضرتك ليه عملت كده؟؟..

همس "ثروت" مُجيبًا بصوتٍ فحيح كالأفاعي:
-أنا شايف أن سيف بدأ يهتم بيهــا، ولو فهد آل نصـار حبهــا وأتجوزهــا هتبقى كارثـة.

سـار في أتجـاه الأريكـة وهو يُضيف:
-سيــف وكـارمـــا، كل واحد فيهم عنده قوة جبـارة، قوة مش موجودة، لو الأتنين أتحدوا مع بعض يبقى هيعملوا حاجــة محصلتش في البشريـة كلهـــا.

ألتفت برأسـه نحوه مُضيفًا بحدة:
-وأنا مش هستنى اليوم ده يجي، وفالآخر أفضل أقول ياريت كنت لحقت.

رفع ذقنـه قليلاً وهو يتابـع بإبتسامـة شامتـة:
-إنمـا دلوقتـي، نقعد نتفرج عليهم بعد ما كل واحد فيهم يبقى عدو لتانـي.

******
سحبت نفسًا عميقًا ثم زفرتـه ببُطء محاولة أن تظل هادئة، فهي على وشك الدخول الجحيم، عليهــا أن تستعد لذلك، أقتربت منـه وهي تقول بلهجـة جـادة وبتعبيرات وجههــا هادئة تمامًا:
-سيف صدقنـي، أنـا لا يُمكن أعمل كده، أرجوك تصدقنـي.

ظل صامتًا فـ تابعت بضجر قائلة ببساطة:
-صحيح أنا مش بطيقك، وببقى كارهه اللحظة إللي واقفة فيهـا معاك بس مش لدرجـة إني أعمل حاجة زي كده!!..

رفع حاجبيـه للأعلى ولم ينبس بـ كلمـة واحدة، فـ تسائلت بـ ضيق:
-إنت مبتردش عليـا ليـه؟؟.. وأنا بكلم نفسي.

سألهــا مُباشرةً:
-عايزة إيـه يا كـارمـا؟؟..

ردت عليه بوضوح:
-عيزاك تصدقني.

تشدق بتهكم:
-ولمـا أصدقك، أعمل إيـه؟؟..

عضت على شفتهـا السُفلى بـ توتر قبل أن تقول:
-لو معرفتـش أطلع من الحكاية دي يبقى تتنازل عشان مُستقبلي.

عقد ساعديــه أمام صدره وهو يسألهـا بمكر:
-طب والمُقابل؟؟..

ضيقت عينيهـا وهي تسألـه بريبة:
-قصدك إيه؟؟..

حرك كتفيـه ببساطة قائلاً بخُبث يليق بهِ:
-عشان أتنازل يبقى لازم في مُقابل.

صمتت قليلاً قبل أن تسألـه بجمود:
-وإيــه هو المُقابل إللي إنت عايزهُ ياإبن النصـار.

أرتسمت إبتسامة مُخيفة على شفتيـه وتألقت عينـاه ببريق حازم حامس وهو يردد:
-تتجوزيني يا بنت عزيز.

أقتربت منه بغضب، ثم دفعت جسده بقوة وهي تقول بغضب جامح:
-آآه يا حيوان بتستغل إللي أنا فيه عشان تنفذ إللي إنت عاوزه.

كانت أنفاسهــا تتسارع بغضب وعينــاه قد زادت ظلامًا، فـ بدت مُخيفـة.. مُخيفة جدًا، وقبل أن تندفع مرة أخرى نحوه كي تسدد لـه ضربات في صدره، كانت قبضتــه القويـة أندفعت لتمسك بـ ذقنهـا فجـأة وهو يدفعهــا إلى الخلف حتى ألتصق جسدهـا بالحائط، شعرت أنه كاد يقتلع رأسهــا من جذورهـا، وشهقت مجفلة من قسوتــه، قرب وجهه نحو وجههـا لتشعر بأنفاســه الحـارقة تلهب وجههـا، أغمضت عينيهــا بقوة تكاد تعتصرهم وهي تهمس بخفوت:
-أبعد عني.

تمتم "سيف" بصوتٍ غريب:
-مش كل مرة هستحمل لسانك الطويل، فـ مرة هقوم أمسكـه أقطعـه وده تخصصي عشان تبقي عارفة.

فتحت عينيهــا بخوف لأولُ مرة فـ تابع بإبتسامة مخيفة كـ ملامح وجهه:
-آه تخصصي، تحبي أثبتلك؟؟..

همست "كارمـا" بتوتر:
-خلاص يا سيف.

شدد "سيف" قبضتـه على ذقنهـا وهو يقول بين أسنانـــه ودون أن ترتفع نبرتـه:
-موافقة تتجوزيني مُقابل إني أتنازل عن القضية ولا لأ؟؟..

صمتت قليلاً قبل أن تقول بهمس:
-بس يبقى على ورق.

رد بهمسٍ واثق:
-موافق.

صمتت طويلاً ثم هتفت بعدهــا بصوتٍ ميت:
-وأنا موافقــة.

******
أستعادت وعيهــا بالكامـل فـ ترجلت عن سيارة الإسعـاف، سـارت بخُطى هادئة وبطيئة والدوار لا يزال يسيطر عليهــا، تنهدت بـ تعب قبل أن ترى ذلك الجسد البشري يقف أمامهــا، رفعت عيناهــا فـ أصطدمت بـ عينيـــه مما جعلهــا تتراجع للخلف عدة خطوات، سحب "يوسف" نفسًا خشنًا قبل أن يتنهد قائلاً:
-بقيتي كويسة؟؟..

أرتجفت "سارة" وهي تومئ برأسهــا، وقد وقعت عيناهــا على ذلك الكيس البلاستيكي الأبيض الذي يمسكـه، كان الكيس قد ملئه بمختلف أنواع الحلوى البسيطة من بسكويت وشرائح بطاطس وعدد من الشوكولا وعلبـة عصير، مد يده نحوهـا بالكيس بـ حاجبين منعقدين قائلاً بصوتٍ آمر:
-خُدي.

أرتجفت شفتيهـا هاتفـة:
-إيـه ده؟؟..

رد عليهـا بهدوء:
-إنتي شايفـة إيـه؟؟.. يالا خدي الكيس وكُلي.

تلعثمت وهي تنقل نظرهـا منـه إلى مجموعـة الحلوى وهي تقول بإرتباك:
-مفيش داعي يا مستر يوسف، أنـاا..

قاطعهــا "يوسف" بصوتٍ غاضب:
-مدام سـارة، إنتي عارفـة إني مش بحب أعيد كلامـي كتير.

أخذت منـه الكيس بحرج ثم هتفت بتوتر:
-مـ.. مستر يوسف، مُمكن طلب.

ظل ينظر إليهـا عدة لحظات بـ ملامح واجمـة، فـ همست ترتعش من جديد:
-مُمكن محدش يعرف إني متجوزة، أرجوك.

رفع حاجبيـه للأعلى مُتسائلاً بغلظة:
-ليـه؟؟..

أبتلعت ريقهـا ثم همست بقنوط:
-مش هقدر أقول، آسفـة.

أرتبكت بحرج من نظراتــه الغريبة، لم يطرأ تغيير على ملامحــه القاسية ثم قال بهمسٍ جـاد:
-أتفضلي على مكتبي، في كام حاجـة لازم أعرفهـا النهاردة منك يا.. أستاذة سـارة.

حركت رأسهــا إيجابيًا بإرتباك وهي تشعر بعدم الراحة من كل ما يحدث، إلا أنهـا في النهايـة لم تجد بُدًا من أن تتبعـه بصمت، أخفضت رأسهـا تُسير مُتعثرة خلفـه مُسرعـة، بينمـا ملامحـــه غير مقروءة ولكن أزداد حنقـه الداخلي بدرجةٍ رهيبة.

******
وقفت "كـارمــا" أمام الضابط بـ ملامـح باردة وروحٍ جامدة، في حين جلس "سيف" بضيق، شعر أن حنقـه من ما يحدث حولـه يزداد أكثر وأكثر، حتى بدأت أصابعـه بالطرق في عصبية، وساقـه تهتز بتوتر، كان بداخلــه ينتظر ذلك الشخص الغامض الذي ألقى التهمة عليهـا وعلى نفسـه، وأخيرًا فُتـح الباب فـ ظهر المُتهم، أغلق العسكري الباب بهدوء.

ألتفتت "كارمـا" برأسهـــا فقط نحوه، وعينيهــا قد بدتـا قاسية للغايـة.. حمراوتين.. كانت تنظر إليـه بتعبير ميت، بلع الأخير ريقـه بصعوبة وهو يشعر بأنهـا على وشك الأنفجـار، ثم قال بصوتٍ مُرتجف:
-خير يا باشا؟؟..

تسائل الضابط بلهجـة جـادة:
-هي دي يا صبري إللي قولت أنهـا طلبت منك تشيل فرامل العربية بتاعت سيف باشا.

حرك رأسـه سريعًا مُجيبًا:
-أيوة يا باشا هي، أنا لا يُمكن أنسى شكلهـا أبدًا.

صُدمت للحظة وأتسعت عيناهـا، بينمـا كان "سيف" يُراقب أحمرار وجههـا، فـ تشتعل ناره أكثر وأكثر، شعر برغبـة عارمـة في القتل إلا أنه أخذ نفسًا حادًا مُتسائلاً بصوتٍ أجش:
-يعني إنت مُتأكد؟؟..

حرك رأسـه إيجابيًا قائلاً:
-أيوة يا بيــه.

أندفعت "كارمـا" نحوه بدون ذرة تفكير مُسددة له لكمـة في فكـه، تراجع "صبري" للخلف مصعوقًا، خاصةً عندمـا مدت كلتــا يديهـا نحوه لتقبض على ياقتـه، وصرخت فيـه بإهتياج مفاجئ:
-جاي تتبلى عليـا، هو في إيـــه؟؟.. أتكتب عليـا أعيش في ظُلم بسببكم.

شددت من أصابعهـا عليـهِ، وواصلت صياحهـا الغاضب:
-وحيـاة أغلى حاجـة عندي ما أنا هسيبك، مش هرحمك بعد الظلم إللي رميتـه عليـا يا حـ....، مش هسيبك.

أتسعت عينـا "سيف" بصدمة وتوجس خيفـة مما هو مُقبل، فلقد تبدلت تمامًا وأصبحت غاضبة وبضراوة، دخل العسكري بعد أن وصل إليـهِ صراخهـا، في نفس اللحظة.. هب "محفوظ" واقفًا وهو يقول بحدة:
-إيـه إللي إنتي بتعمليـه ده؟؟.. خُدهـا يا عسكري من هنـا.

كان على وشك الأقتراب منهـا حينما هدر "سيف" بصوتٍ مُخيف:
-محدش يقرب منهـا، أنا هتنازل عن القضية دي أصلاً.

تحرك نحوهـا ووقف حائلاً بينهمـا محاولاً التفريق بينهمـا، قام بجذب قبضتيهـا من على "صبري" وتخليصـه منهـا، لكنهـا كانت تمتلك في تلك اللحظة قوة جبـارة، زاد غضبهـا حينما هتف "صبري" بإستنكار:
-هو إنتي بتنكري ليـه؟؟.. مش ده إللي حصل فعلاً؟؟..

هدرت بغضبٍ جـامح:
-آه يا كـ...، عاوز تورطني، طب والله لأوريك.

لف "سيف" ذراعيـه حولهـا مُستغلاً فارق القوة في تحرير "صبري" من براثنهـا، وقبض على معصميهـا معًا وضمهمـا إلى صدره كي يتمكن من تكتيفهـا، تلوت بنفسهـا كليًا محاولة التحرر من ذلك القيد الإجباري، همس "سيف" في أذنهـا ببطء:
-أهدي، وهجبلك حقك من كل واحد ظلمك.
******


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:58 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.