آخر 10 مشاركات
لن..أغفر لك! (48) للكاتبة heba45 ×كــــاملهـ× مميزة (الكاتـب : heba45 - )           »          رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          خادمة القصر 2 (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          عواطف متمردة (64) للكاتبة: لين غراهام (الجزء الأول من سلسلة عرائس متمردات)×كاملة× (الكاتـب : Dalyia - )           »          خادمة بثوب زوجة- قلوب قصيرة [حصريًّا] للكاتبة Hya SSin *كاملة* (الكاتـب : Hya ssin - )           »          أريدُ أنْ أكون *مميزة* و *مكتملة* (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          308 – نيران الحب -جينيفر تيلور -روايات أحلامي (الكاتـب : Just Faith - )           »          أرواحٌ تائـهـة في غياهِبِ القَدَر (الكاتـب : الـميّادة - )           »          لازلت سراباً (25) -ج1س أنثى صنعها الهوى!- للمبدعة: Just Faith *مميزة*رابط خفيف (الكاتـب : Andalus - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-07-20, 07:15 AM   #41

أسماء القايد

? العضوٌ??? » 474653
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 11
?  نُقآطِيْ » أسماء القايد is on a distinguished road
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباح الخير
رواية رائعة ورائقة ومتألقة
استمري ونحن معك ..




أسماء القايد غير متواجد حالياً  
قديم 06-07-20, 11:07 PM   #42

أسماء القايد

? العضوٌ??? » 474653
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 11
?  نُقآطِيْ » أسماء القايد is on a distinguished road
افتراضي

متى موعد الفصل الجديد؟
وهل هناك موعد ثابت للتنزيل؟


أسماء القايد غير متواجد حالياً  
قديم 06-07-20, 11:25 PM   #43

M91

? العضوٌ??? » 379527
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 93
?  نُقآطِيْ » M91 is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسماء القايد مشاهدة المشاركة
متى موعد الفصل الجديد؟
وهل هناك موعد ثابت للتنزيل؟
كل ثلاثاء وفيه كم مره كان جاهز قبل ونزلته الاثنين


M91 غير متواجد حالياً  
قديم 08-07-20, 09:35 PM   #44

يامور__

? العضوٌ??? » 471914
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 41
?  نُقآطِيْ » يامور__ is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم
مرحبا اول حاجة اعتذر على تأخر فصل هالاسبوع انشغلت حيل لكن راح انزل بكرا او بعده بالكثير جزئية فصلين مع بعض كفصل (عاشر) جاهزين عندي من قبل ❤❤
وعذرا راح انقطع تقريبا ثلاث اسابيع لاني مشغولة بدراستي هالفترة وماقدرت اكتب زيادة على الفصلين الي عندي اساسا
وانا احب اكون جاهزة باكثر من فصل قبل ابدا انزل وياكم يعني لا قدر الله لو حصل اي ظرف تكون جاهزة عندي فصول وما اتأخر عليكم
اتمنى تعذروني وشكرا لكم كثير وان شاءالله ما اطول❤❤


يامور__ غير متواجد حالياً  
قديم 09-07-20, 02:10 PM   #45

M91

? العضوٌ??? » 379527
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 93
?  نُقآطِيْ » M91 is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يامور__ مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
مرحبا اول حاجة اعتذر على تأخر فصل هالاسبوع انشغلت حيل لكن راح انزل بكرا او بعده بالكثير جزئية فصلين مع بعض كفصل (عاشر) جاهزين عندي من قبل ❤❤
وعذرا راح انقطع تقريبا ثلاث اسابيع لاني مشغولة بدراستي هالفترة وماقدرت اكتب زيادة على الفصلين الي عندي اساسا
وانا احب اكون جاهزة باكثر من فصل قبل ابدا انزل وياكم يعني لا قدر الله لو حصل اي ظرف تكون جاهزة عندي فصول وما اتأخر عليكم
اتمنى تعذروني وشكرا لكم كثير وان شاءالله ما اطول❤❤
بإنتظارك حبيبتي، والله يوفقك وييسر أمرك ♥️


M91 غير متواجد حالياً  
قديم 09-07-20, 02:47 PM   #46

أسماء القايد

? العضوٌ??? » 474653
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 11
?  نُقآطِيْ » أسماء القايد is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يامور__ مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
مرحبا اول حاجة اعتذر على تأخر فصل هالاسبوع انشغلت حيل لكن راح انزل بكرا او بعده بالكثير جزئية فصلين مع بعض كفصل (عاشر) جاهزين عندي من قبل ❤❤
وعذرا راح انقطع تقريبا ثلاث اسابيع لاني مشغولة بدراستي هالفترة وماقدرت اكتب زيادة على الفصلين الي عندي اساسا
وانا احب اكون جاهزة باكثر من فصل قبل ابدا انزل وياكم يعني لا قدر الله لو حصل اي ظرف تكون جاهزة عندي فصول وما اتأخر عليكم
اتمنى تعذروني وشكرا لكم كثير وان شاءالله ما اطول❤❤

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلًا بك يا مبدعة، معذرك معك ونحن بانتظارك، موفقة بإذن الله 💕


أسماء القايد غير متواجد حالياً  
قديم 10-07-20, 01:17 AM   #47

يامور__

? العضوٌ??? » 471914
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 41
?  نُقآطِيْ » يامور__ is on a distinguished road
افتراضي

الفصل العاشر
.
.

‏قلبي إلى ما ضرَّني داعي
‏يكثر إعلالي* وأوجاعي

‏كيف احتراسي من عدوّي إذا
‏كان عدوّي بين أضلاعي!

‏"العباس بن الأحنف"



صباحا.. اتصال ايقظها من نومها.. فعقدت حاجبيها الجميلين بانزعاج تمد كفها لالتقاط الهاتف من الطاولة بجانب السرير..
فتحته مباشرة فشقت اذنها صرخة حنان مما جعلها تفز جالسة
-" اصصصصحححححححي يابنتتتتت"
-" بسم الله !!!! شفيك انتي مجنونة!!"
-" اقولك اصحي اصحي وش منومك جانا شغل يابنت!!"
-" اي شغل؟؟؟!!"
-" غبية انتي؟ نسيتي الشركة الي قدمتي عندها في المدينة؟ وانا قدمت في العاصمة؟ المهم ارسلو لي ايميل يبغوني اجي مقابلة عمل بعد يومين.. قومي شيكي انتي بسرعة"
-" حلو حنان مبروك! يارب تكون من نصيبك"
باصرار تجيبها حنان وهي تتحرك جيئة وذهابا في غرفتها..
-" قومي شيكي انتي بسرعة! خلي فرحتنا سوى احس حتى انتي جايك دايما احنا سوى.. قومي طمنيني"
تحك عينيها.. تحاول لملمة شعرها الطويل وطرد اي اثر للنوم يؤثر على دماغها.. واجابت
-" طيب طيب "
توجهت الى البريد في هاتفها.. ودخلت الى الوارد.. لتجد رسالة " تم قبولك في ...."
فشهقت تضع يدها على فهمها..
صرخة بعيدة صادرة من هاتفها.. تذكرت حنان فضحكت تضع الهاتف على اذنها وتجيبها..
-"حنان قبلوني مباشرة!! "
-" ياككككفووووو!! كيف شلون شكاتبه لهم انتي !"
بضحكة عالية وطاقة سعادة تملأ قلبها حتى انها قفزت قفزتين بصرخة.. ثم قالت
-" تفلسفت عليهم ههههههههه حنان توظفت !!"
ضحكت صاحبتها
-" الف مبروك موجعة تستاهلين كل خير اااااه مبسووووطة "
بامتنان ودمعات فرح توشك على السقوط
-" حنان الله وحده يعلم شكثر ممتنة لك ول.. لمساعدتكم! الله ينولك مرادك انتي وتمر مقابلتك بسلام.. احبك حناااااان"
تضحك حنان وتجيبها
-" وانا احبك يالقردة وتعبت اقولك الصديقات مابينهم امتنانك الغبي ذا انتي زي اختي واكثر والله ! وادعي لي امي وابوي يرضون والا هين تتسهل المقابلة باذن الله"
موجعة تجيبها بدهشة
-" للحين ماقلتي لاهلك!"
بقهر تعض على اظافرها
-" لا ماحصلت فرصة.. يمه لو يرفضون وانا حاسة برفضهم اخ مدري وش بسوي !"
-" وانتي الله يهديك حنان ليش مصرة على العاصمة؟"
-" اخ منك ! كم مرة قلت لك ابغى اكمل ماستر في جامعة العاصمة!"
-" هههههه سوري اي صح نسيت معليش ترى انفجعت بنص نومتي للحين التركيز ماش"
-" طول عمرك التركيز ماش يختي"
-" حنان عاد.. يله لانك بشرتيني بهالخبر الحلو اطلبي مني الي تبغين.."
حنان مفكرة بلؤم..
-" همممم همممم ابغى كيكة الطبقات والكريمة الي تصلحينها في السنة مرة وابغى اسمي عليها"
-" حنان تاخذ وقت اوف ياشينك"
تضحك بشدة وتجيبها
-" ماعلي منك ابغااااهاااا!"
-" طيب طيب امري لله تستاهلين.. الحين خليني بروح ابشر ابوي ومرام"
-" يلا تمام ولا تنسين كيكتييييي واسممميييي عليها"
-" ههههههههه خلاص يابزر درينا.. يلا باي "
-" باي حياتوو"
-" هههههه"
اغلقت منها والضحكة على ملامحها.. اسرعت الى الحمام تستحم وتبدل ملابسها.. لتتوجه الى والدها في المزرعة ومرام معه والتي قررت بعد صلاة الفجر ان تخرج الى المزرعة بعد ايصال سعد الى المدرسة.. بدل جلستها في المنزل..
********************************************

اليوم ايضا متجهين الى المؤتمر هي وادم.. ولكن اليوم قررت انجاز عملها بسرعة والخروج قبله.. وصلت موقف سيارتها وركبت بهدوء ثم انطلقت بعد ان فتحت مكيف السيارة وتأكدت من وضع المرآة الأمامية..
وردها اتصال فمدت يدا واحدة الى حقيبتها تحاول اخراج الهاتف وانظارها على الطريق.. نجحت اخيرا ووضعته امامها لترى اسمه ينير الهاتف
بلعت ريقها.. واجابت ببرود تتقنه
-" الو"
-" وينك؟"
-" رايحة المؤتمر"
-" لا والله ؟"
" عفوا؟"
-" لا حول ولا قوة.. ليش كل هذا انسة مسك؟"
-" انت الي ليش كل هذا.. خلاص كل واحد يروح بسيارته اريح.."
بسخرية وهو مستقرا خلف المقود فاتحا المكيف منتظرا ان يُبرد السيارة لينطلق في طريقه.. فالحر الشديد يضره والبرد الشديد ايضا..
-" لهدرجة ماترتاحين معي.. لدرجة تنحاشين بدري ؟"
بغضب جميل اجابته
-" عفوا ايش انحشت هذي ! خلصت بدري وطلعت اجلس انتظر حضرتك ليش؟ عموما هذاني في الطريق واشوفك هناك.. سلام"
اغلق منها متنهدا.. ومبتسما على غضبها هذا.. مهما حاولت التجاهل وادعاء البرود الا انها تغضب ويفلت عقال غضبها هذا احيان كثيرة..
حرك اصابع يده اليسرى يمرنها..
ثم انطلق في طريقه..
********************************************

وصل الى مكان المؤتمر وترجل مسرعا فقد تأخر قليلا.. يمشي بميلانه وثقل قدميه.. وهو ينوي الخروج باكرا اليوم ولكن عليه الحضور وان لجلستين ثم الخروج لأن التكييف بارد جدا هنا وبالأمس شعر ببعض التعب..
فليؤدي الواجب ثم يخرج..
وصل اخيرا الى القاعة المخصصة ودخل يتأمل الطاولات الممتلئة أمامه.. مشى بسرعة الى المكان المخصص له ولمسك كممثلين لشركة المجد..
حين وصل اخيرا.. وجدها تضحك مع رجل اعمال ما.. يبدو انه مازن الماجد!
اجل انه هو.. مالذي تفعله معه؟!
اقترب مسرعا ببروده الصقيعي.. سحب كرسيه مصدرا صوتا فالتفت اليه الجالسين على الطاولة.. ومسك تضيق عيناها باتجاهه في انزعاج..
جلس والقى بالسلام.. ردو عليه ورأى كيف لملمت مسك ابتساماتها وارتدت قناع الجدية!
-" كيف بداية الجلسة ؟" قالها محاولا اقتحام حديثهم والذي صمتو عنه حين وصل!
رد مازن
-" جيدة.. لكن لسى مابدو بالعميق"
عقد حاجبيه.. ثم قال ببرود مستفز
-" عفوا.. انت مين؟"
امتقع وجه مازن مجيبا.. وهو يعدل من اللوحة الصغيرة بجانبه التي تدل على ان الجالس على المقعد مازن الماجد رجل الاعمال!
-" شدعوى استاذ ادم! انا مازن.. "
بسخرية طفيفة.. وعيناه التقطت دهشة مسك وامتعاضها ايضا..
-" اه حياك.. عذرا العتب على الذاكرة.."
-" الله يحييك" ثم التفت الى مسك يسألها عن شيء يخص عملهم.. فتدخل..
-" أسألني انا استاذ مازن ممكن افيدك بخبرتي .." قالها مسترخيا في جلسته وانظاره تتوزع بين الاثنين
رفع عيناه بضيق باتجاهه.. ولكن مسك من تحدثت بضيق
-" وليش انا ما اعرف مثلا؟"
-" لا حاشا بس بما إننا سوى.. من الأدب.. يسألنا كلنا بخصوص مشروعنا.. "
بانفعال
-" شقصدك استاذ!!! "
ببرود شديد وهو يلتقط كوب قهوة من المضيف..
-" ولا شيء.. غير لا تحكي معها بهالمنظر الي شفتكم فيه اول مادخلت.."
مسك بغضب وهي تقترب برأسها منه هامسة بوجه محمر
-" ادم!!!! شقاعد تسوي!!!!؟"
-" ايش؟" بكل برود العالم يجيبها.. عيناهما متشابكة.. هو غاضب ومستفز من منظرها ومن هذا اللزج ولكن لم يبد عليه سوى البرود والسخرية.. وهي غاضبة جدا لكل هرائه وتلميحاته الوقحة هذه.. بوجه محمر تماما..
تدخل مازن ضاحكا بسخرية..
-" بس عرفت ايش مشكلتك استاذ ادم.. وحقك علينا.. مابنقرب من الي يخصونك.."
يرفع انظاره باتجاهه.. وبعناد وبحة صوته تزداد
-" بالضبط.. يسعدني انك فهمت"
-" هه .. عن اذنكم انا ماشي"
مسك بصدمة بالغة من هذا الموقف السخيف فقالت تداري اي احراجات وتعتذر من تصرف الاحمق بجوارها.. البارد تماما..
-" اسفة استاذ مازن ما اعرف شفيه استاذ ادم لكن هو يحب يمزح مرات.."
بعناد يتحدث وهو يتأملها
-" مو بمزح!"
بلعت ريقها وابتسمت باعتذار للذي وقف يتأملها مبتسما.. ثم اقترب من ادم وهمس ساخرا في اذنه
-" استعجل قبل لا تروح منك زي ماكانت على وشك تروح زمان.. وهالمرة مو مجرد خطبة.. لان المعجبين مو صبورين حيل.. فاستعجل هه "
ضرب كتف ادم الذي تأمله بلا ردة فعل.. رغم ان الغضب بداخله مستعرا.. ياله من جريء لزج.. يتحدث بمنطقية! منطقية صعبة التنفيذ مع الاسف..
انزعج تماما وهو الذي لم يستمع لاي مما قيل في الجلسة.. فقرر النهوض
بدهشة ومازالت غاضبة وقفت خلفه تهمس
-" وين رايح؟! يكفي ان الرجل راح بسببك احرجتني بتصرفاتك ادم! شفيك!"
بسخرية ولا مبالاة
-" انا طالع.. حاس اني مخنوق.. وانتي خذي راحتك بغيابي عاد اضحكي مع هذا وذاك لا تخلينها بخاطرك"
بغضب
-" ايش هالتلميحات؟؟!! الحين ممكن اعرف لي..ش... ادم!"
نادته حين ولاها ظهره ومشى بكل بساطة..
فأخذت حقيبتها وملفها واسرعت خلفه..
كان متجها الى المواقف فتبعته مسرعة الى ان مشت بجانبه ثم قالت بقهر اُفلت عقاله تماما
-" ممكن اعرف اسباب تصرفك هذا؟!!! "
-" ....."
بقهر مدت كفها لتمسك بذراعه اليسرى توقفه.. توقف وعيناه على كفها الممسكة بذراعه ثم رفع أنظاره إليها بحاجب مرفوع.. لم تهتم بل ووقفت أمامه تماما تكتف يديها الى صدرها.. الذي يرتفع وينزل بانفعال وصرخت
-" ليش احرجتني قدام مازن وبعدها تقرر انك تمشي وتتركني؟! شفيك ؟! "
-" ابعدي عن طريقي.. "
ضربت الارض بقدمها بحركتها الطفولية اياها.. ولمعة دموع في عينيها الزرقاوين..
باستغراب سألها.. وببحته التي تحفز الدموع والحزن
-" تبكين؟"
-" مااااالك دخل.. جاوبني الحين ليش تسويلي سخافة داخل وتلمح لاشياء انا ما اسمح لك ! تسمع ما اسمح لك"
بهدوء شديد.. وانتباه أشد.. رفع يده اليسرى الثقيلة.. بصعوبة.. وبظهر سبابتها.. مسح دمعة فرّت من عينها..
فتحت فمها مصعوقة.. بمنظر جعل الابتسامة تجد طريقها في قلبه ومن ثم ملامحه..
قال اخيرا
-" ماعجبني منظرك وانتي لحالك معاه وتضحكين بعد "
تهز رأسها وبهمس والدموع تتجمع أكثر وأكثر..
-" مو اول مرة تشوفني كذا.. هذي انا وحياتي العملية دايما تحتم علي مجاملات.. وانت عارف هالشيء.. ليش لمحت باشياء مو كويسة؟ ليش اليوم تدخلت؟ "
ببساطة اجابها
-" لاني ماعدت اقدر اتحمل.."
ثم مشى متجاهلا اياها.. وركب سيارته على يسارها بصعوبة.. التفتت تقابله وتتأمله مفكرة بصدمة شديدة ولا فهم ومشاعر اخرى..
قال لها حين استقر اخيرا
-" الجو يتعبني مارح اقدر اكمل اليوم.. ولا بكرا.. "
-" يعني بكون لحالي!"
-" اسف.. ما اقدر اكمل.. انا ماشي.." ثم قال قبل ان يغلق بابه.. بعد ان بلع ريقه.. وبدون ان يقابلها بعينيه
-" اسف اذا احرجتك او لمحت بشيء.. ما كان قصدي.. كلها عقد فيني انا.."
ثم نظر اليها قائلا بحزن وابتسامة حنونة خفيفة جعلتها تُصعق تماما..
-" لاتبكين.. مايليق الدمع بعيونك.."
ثم أغلق الباب وانطلق في طريقه..
اما هي.. بقيت مسمرة في مكانها.. تتأمل موضعه الخالي منه الآن.. بصدمة بالغة ولا فهم و.. ماباله؟ لماذا يفعل هذا الآن؟ لماذا يزلزل ثباتها الواه أصلا.. بكلمتين.. هل صحيح مافهمته؟ ولكن؟ هل تتأمل؟ أم تتجاهل؟ ماذا تفعل.. شهقة خافتة صدرت منها.. ثم مسحت دموعها بقهر تحاول السيطرة على ذاتها.. مقررة العودة الى المنزل الآن.. فلتبتعد عن أي مجال يكون فيه.. رأسها يؤلمها.. قلبها يرفرف بأمل وليد! وعقلها يوبخها على ضعفها امامه!
********************************************

خرجت الى المزرعة مسرعةً بعد ان ارتدت حجابها الابيض.. تتقافز وابتسامة جميلة تزين ثغرها الأجمل..
وصلت فوجدت مرام جالسة تحت ظل نخلة على كرسي صغير تقرأ كتابا ووالدها بين النخيل تارةً وبين الثمار تارةً أخرى يسقيها ويتفقدها..
جلست بجانبها تصرخ وتصفق ومرام تبسمل باجفال يدها على صدرها..
-" بسم الله الرحمن الرحيم ! شفيك ؟!"
اقتربت تحضنها بقوة وتضحك فشاركتها مرام عدوى الضحك.. تمسح على ظهرها وتسأل
-" شفيه شصاير؟"
ابتعدت عنها وامسكت بكفها تضغطها بقوة بين يديها تصدر صوتا مكتوما..
ثم سألت
-" توقعي"
فتأوهت مرام واخذت تضربها على رأسها قائلة
-" اااه يامجنونة عورتيني شبلاك انتي اخلصي تكلمي؟!"
-" قبلوني في الوظيفة مرااااام !!"
ضحكت بفرح
-" احلفي!!"
-" والله والله !!"
-" كذا مباشرة؟!"
-" ايييييه"
-" والمقابلة؟"
-" بدون مقابلة مرام يبغوني اباشر الاسبوع الجاي على طول تخيلي!"
-" شلون كذا؟ شكاتبه لهم انتي بالسي ڤي؟!"
ضحكت تجيب وهي ترقص حاجبيها الجميلين وكتفيها ايضا
-" تفلسفت عليهم.. كتبت بما معناه انهم خسرانين لو ماخذوني.. شكلهم قالو نبغى ذا الواثقة نشوف وش تسوي ههههههه"
-" اخ موجعة الف مبروك يختي الحمدلله!"
-" الحمدلله مليون مرة"
-" قومي قومي بشري ابوي.. الا وحنان وش صار عليها؟ وكيف بتروحين لدوامك؟"
-" حنان جتها مقابلة في العاصمة بس لسى ماقالت لاهلها تخيلي! الله يستر لا يرفضون بتتحطم.."
-" الله يسخرهم لها.. مع اني ضد انها تبعد عن اهلها ! بس طموحها والله يوفقها"
-" امين تستاهل حنونه.. تبغى تكمل ماستر!"
-" ماشاءالله ! الله يوفقها.. اي وكيف بتروحين لدوامك؟ ابوي يوديك؟"
-" لا! مو هو عودني السواقة وخذيت الرخصة السنة الفايتة"
-" خير بتروحين لحالك الطريق ذا كله؟!"
-" وش اسوي ! صعبة ازعج حنان وصعبة اقول لابوي رايح جاي 4 مرات باليوم ! كذا اسهل وهو قد فتح معاي هالموضوع خصوصا اني ضبطت السواقة الحمدلله وهو ما يحتاج السيارة كثير.."
-" ماش يختي اخاف عليك.."
-" مرام عاد بلاش وسوسة ان شاءالله مافي الا كل خير.. شجعيني انتي لو ابوي قلق والا غيّر رايه مو كذا بليز"
-" افف طيب طيب مع اني مو مقتنعة.. روحي بشري ابوي الحين"
-" يله قمت.."
مشت مسرعة تنفض الغبار عن ملابسها.. باتجاه والدها عند جهة النخيل العامرة..
وجدته يربط ثوبه على خصره والذي تحول الى اللون البني.. يعصب رأسه بعمامة حمراء منهمكا في عمله..
ابتسمت بشفقة وفرحة تغمر قلبها بأنها وأخيرا ستساعده وتخفف من حمله.. رغم أن عمله لا يتعلق بكسب لقمة العيش وحسب، إنما هو أرث ورثه عن أجداده وشغف يملأ قلبه تجاه هذه الشجرة ذات الأصل الثابت والفرع إلى السماء..
اقتربت ووقفت بجانبه مبتسمة تناديه
-" يبه"
رفع رأسه وابتسم بخفة ثم عاد الى عمله مجيبا
-" هلا يبه موجعة.. شلونك ؟"
-" الحمدلله.. احم يبه عندي لك بشارة"
وقف وأولاها كامل اهتمامه منتظرا..
قالت بفرحة
-" الحمدلله انقبلت بالوظيفة بالبنك في المدينة وقالو تبدين من الاسبوع الجاي.."
ابتسم
-" صدق يابوك؟"
-" ايه"
-" يالله لك الحمد والشكر! تستاهلين يابوك تعبتي ونلتي الله يوفقك ويبارك لك فيها !"
اقبل يقبل رأسها فابتسمت ودموع تلح عليها.. فقبلت رأسه ويديه مستمتعة بدعواته الحنونة الحارة لها بالحفظ والستر والتوفيق.. ثم قال وهو يمسك يدها ويمشي باتجاه جلسته اثناء الافطار مع ابنته الكبرى مرام..
-" طيب يابوك وحنان؟ معك؟"
-" لا والله يبه حنان وظيفتها بالعاصمة"
-" افا.. ليش هالمرة ما انتو سوى "
-" شسوي يبه هي تبغى هناك وتبغى تكمل دراستها الله يوفقها تستاهل كل خير"
-" انشهد! ونعم البنت والعائلة ماقصرو معانا.. "
جلسو بجانب مرام المبتسمة..
فقال لها
-" يبه مرام صبي لي شاهي.."
مدت له مباشرة بفنجان شاي مستمعة لحوارهم.. وفرحة أمومية تغلف قلبها تجاه موجعة رغم أن الفارق بينهما ليس كبيرا.. بل ضئيلا جدا! ولكنها كما كان يقول (أنس) رحمه الله.. " أنتي أم بالفطرة مولودة وعندك احاسيس أمومية كذا لأي حد مو شرط لعيالك انتي"
ابتسمت بحزن.. ثم ركزت بحديث والدها واختها.. بدلا من ذكريات تصب دموعها صبا..
-" بس يابوك ماش الطريق طويل كيف تروحين لحالك! قلبي مو متطمن"
-" يبه عادي الحين كل البنات يروحون ويجون بنفسهم عادي مافي الا كل خير! وبعدين صعبة اثقل عليك ولا تنسى انك الي اقترحت علي والا ليش اخذت الرخصة بعد!"
-" صح صح بس مدري يوم جت الصدقية قلبي تواكل!"
-" لا يبه ان شاءالله مافي الا الخير واحسن اروح واجي بنفسي لا ارتبط بحد ولا اكلف على احد ولا اتعبك انت معي.. تطمن ان شاءالله سهلة"
بتفكير يجيبها..
-" وانتي متى قلتي بتبدين؟"
-" الاسبوع الجاي ان شاءالله"
-" اجل اسمعي بكرا بنروح انا وياك للمدينة وانتي تسوقين فيني.. عشان اتطمن اكثر"
-" تم"
-" اخلص سقي بكرا ونمشي ان شاءالله وانتي مرام يبه بتروحين معنا انتي وسعد ونتمشى هناك ونرجع بعد "
مرام مبتسمة
-" مخالف ان شاءالله.. يعني احتفال بهالمناسبة"
-" الله الله نتمشى ونتعشى ونرجع"
موجعة تصفق بحماس
-" واو وناسة ان شاءالله على خير"
********************************************

مساءا في شقته يُنهي بعض العمل الذي لم ينتهي منه صباحا ويبدو انه لن ينتهي مساءا ولا غداً ولا في أي وقت.. تنهد بتعب يمسد جبهته حين سمع هاتفه يرن.. التقطه فوجد اسم حنان يزين الشاشة.. ابتسم بهدوء ثم رد عليها وهو يسند رأسه إلى الأريكة خلفه مغمضا عينيه بتعب شديد..
-" هلا حنان"
-" خالي!!" بصوت باكٍ أجفله ففتح عينيه وأعتدل بجلوسه
-" خير شفيه صاير شيء!!!"
-" لا بس خالي احتاج مساعدتك"
بعصبيته المعروفة والذي استثارها قلقه على احبابه
-" شفيه انطقي خلصني!!"
بلعت ريقها حين سمعت نغمة الغضب التي غلقت صوته فقالت بصوت أهدأ رغم القهر في قلبها..
-" خالي امي وابوي رافضين اجي للعاصمة"
-" وانتي شعندك فيها ؟!"
-" جاني مقابلة عمل + اساسا ابغى اجي واشتغل فترة لحد ما اقدم على الماستر في جامعة العاصمة بس اهلي رافضين"
عاد الى وضعيته السابقة مسترخٍ تماما وبسخرية
-" وتبكين وتصارخين في اذني وتفجعيني عشان تفاهه!"
-" خاليييي! هذا مستقبلي وحلمي!"
-"ياشيخة بالله؟ خلصت الوظايف الا هنا ! وعندك جامعة في الجنوب كملي دراستك فيها"
-" خالي الله يخليك لا تعصبني زيادة التخصص الي ابغاه مو موجود عندنا بعدين مارح اكون لحالي انت موجود"
-" صدق عاد! احلفي بس"
-" خالللللييييي"
-" وجع لا تصارخين! حنان ماني فاضي اكون مسؤول عن حد انا بالقوة احصل وقت لنفسي فاضي لك انا!"
ببكاء عاد يسيطر عليها مقررة الضغط على الوتر الحساس لديه وهو حبه الشديد لها وكونه البطل المغوار في حياتها..
-" وانا الي قلت خالي نواف بس الي بيوقف بصفي.. وهو الي بيساعدني ويقنع امي وابوي"
تنهد بتعب
-" حنان.. مالقيتي غيري يعني!"
-" مو لانك انت في العاصمة! والا ليش بتشجع واجزم اجي "
-" ياحليلك جازمة يعني هه"
-" بليز لا تتمسخر علي!"
-" طيب المطلوب الحين مني وشو لاني تعبان حيل"
-" ابغاك تكلم ابوي وتقنعه اني بكون حولك وتحت انظارك.. خالي بليز بليز راح اموت لو ما اجي واكمل في الي ابغاه ورسمته لمستقبلي"
-" بسم الله عليك شهالكلام.. بعدين انتي مو محتاجة ليش الاصرار هذا الحمدلله اهلك مو مقصرين عليك بحاجة"
-" مالها دخل خالي ! انت حتى ليش اخترت هالطريق واهلك مو مقصرين عليك بحاجة"
ابتسم على حجتها.. وقال
-" لا والله؟"
-" اي والله! خالي الشغل مو حاجة مادية وبس بالعكس معنوية كثير"
-" اف منك ومن حنتك! بس انا مو فاضي اصير بيبي سيتر لك يابزر !"
-" ومين قال ابغى تهتم فيني والا تأكلني خالي تراني كبيرة الي كبري امهات!"
ضحك ثم قال
-" وليش ما تصيرين ام وتفكينا من الغثا يا الكبيرة"
باحراج تجيبه
-" يوه خالي عاد.. هاه بتساعدني والا لا؟ اسكن عندك واوسع صدرك وش احسن من كذا ؟ "
-" اقسم بالله بمشي للعذاب والازعاج برجولي انتي وصوتك الصلف هذا الله يعيني على الصداع.."
بتحفز تسأله
-" يعني؟ بتكلم ابوي؟ "
-" بكلمه يامزعجة"
صرخة شقت اذنيه فضحك بقلة حيلة يبعد الجوال قليلا.. رغم التوبيخ الذي يلقيه على مسامعها والشدة التي يعاملها بها احيانا (قليلة) كغيرها.. الا انها تعلم بانها مميزة بالنسبة له فلا تهتم بتوبيخه كثيرا..
-" الله يعيني قسم بالله"
-" خالي نواااااف احبك احبك احبك الله يسعدك ويحقق لك كل ماتبغى ويرزقك ببنت الحلاااااال الي تحبها وتحبك"
-" هههههه امين بس شوفي حل لصوتك ذا ترا يمكن اقطع لسانك اذا ازعجتيني"
-" ههههههههههه لا لا ماعليك كل شيء محلول وانا تحت امرك وبخدمتك.. وبخصوص بنت الحلال تراها جاهزة الحق لا تطير الطيور بارزاقها"
بتوبيخ رغم الابتسامة التي شقت طريقها في قلبه.. وملامحه
-" حنان بلا قلة ادب ! ويللا فارقي تعبان بنام"
-" طيب تصبح على خير يا اجمل خال بالدنياااااااااااا"
اغلقه في وجهها مبتسما بخفوت ومدركا لمصيبته القادمة وبفعل يديه.. انسان يشاركه هذه الوحده القاتلة.. بل من هي بمثابة ابنه وصديقه.. حنان.. يبدو انها مصيبة لطيفة بعض الشيء قد تنعش حياته الكئيبة!
اما هي فتأملت الهاتف بصدمة وكالعادة حين يُغلق في وجهها.. ثم ضحكت بلا اهتمام ونهضت ترقص رقصتين مجنونتين ثم قررت العودة الى سريرها وهاتفها لتخبر موجعة بالمستجدات..
*******************************************

مستلقية في فراشها بعد أن تناولت العشاء مع والدها.. والذي استغرب وصولها باكرا فاخبرته بانها خرجت من المؤتمر تشعر بتوعك بسيط.. وحين تأكدت من تناوله دوائه هاهي الآن تستدعي النوم عبثا.. رأسها يفكر ويحلل أسباب وخوافي ما قاله ادم اليوم !
-" ماعاد يقدر يتحمل ؟ لاتبكين الدموع ماتليق بعيونك !؟ كذا فجأة يفيض ويعبر ؟! احس قلبي بيوقف ! وش فيه مجنني ذا الادم ان سكت وان تكلم ! اخ ياراسي.."
تشد شعرها القصير بعنف.. ثم تبرطم وتنقلب على جانبها.. تغمض عينيها بشدة محاولة النوم.. او ايقاف تفكيرها على الاقل..
********************************************

وفي الجانب الاخر.. كان جالسا في الحديقة بعد ان شعر بأن الجدران في الداخل تطبق على انفاسه.. وبالرغم من الساعة التي تشير الى 1 والنصف بعد منتصف الليل، الا ان النوم مجافيه تماما.. مصعوقا مما فعله اليوم ومما قاله! ماباله؟ كيف اصبح هكذا لا يحتمل بل ويحكي ما يجيش في خاطره وإن كان ليس صراحةً كفاية.. ألا أنه أخبرها بأنه لم يعد يحتمل؟ يحتمل ماذا؟ ماذا يا ادم؟
جمالها الباذخ؟ صوتها الشجي؟ تلك الغمازة اللعينة حين تضحك لهذا وذاك؟ زرقة عينيها؟ كونها محط الانظار في كل مكان؟! أم هي فرصة مضيها بعيدا عنك مجددا؟! فإن كانت حرة الآن هذا لا يعني بقاءها حرة للأبد.. بل ويشك في المرة القادمة ان تكون خطبة بل كما قال ذلك اللزج فقد يتم الزواج مباشرةً.. فهل سوف يحتمل؟ ضربة قاضية كهذه ؟ وطيرانها بعيدا تماما عن أرضه وسماءه؟
قد يجن تماما! ولكنه ايضا لن يقترب! لا يقوى على القرب بكل علله هذه ! يخاف بل ويرتعب تماما من فكرة شفقتها.. او قبولها فقط من اجل والدها وعمها..
نعم هو مازال يعتمد على نفسه تماما.. وهذه من نعم الله عليه.. وما اكثرها ! وما اعجزه عن شكرها! فهذا المرض يبدو في جسده بطيء المضي والتوغل.. من حسن حظه! ورحمة ربه! الا انه ليس مضمونا ابدا..
وهذا ما يوقفه..
ولكن؟ هل؟
تنهد بتعب.. واستغفر بصوت مسموع.. ثم قرر اخيرا الذهاب الى فراشه يريح عظامه وجسده المتعب ورأسه ان رحمه النوم وأطل على جفنيه..
اغلق التكييف المتنقل في الحديقة.. واغلق النور الخفيف الذي انار له ظلمة الليل هذه ووحدته.. وتوجه ببطء وميلان يمسك عصاه.. الى غرفته..واخيرا! منهيا هذا اليوم الطويل.. وهذا التفكير اللانهائي.. وطبعا بلا أي نتيجة سوى استيعابه مدى تورطه أكثر وأكثر.. بها.. سمراؤه الجميلة..
********************************************

والدتها تقف على باب غرفتها تتأملها بغضب وحزن
-" يعني خلاص بتسوينها؟ "
-" ماما ! "
اقبلت اليها تقبل خدها وتمسك يدها فضربت على كف حنان وابتعدت بغضب
-" اقولك مو راضية تفهمين؟!"
-" يمه تكفين تكفين تكلمنا كثير بالموضوع الله يخليك ماصدقت ابوي يوافق"
-" ما اقدر اتخيل انك تبعدين عني" قالتها والدتها وهي تمسح دمعتين ابت الا النزول..
فاقبلت حنان تقبل رأسها وتحضنها قائلة بحزن تداري بكاها هي الاخرى
-" يمه تكفين لا تضيقين خلقي ترا بجيك كل ويكند شدعوى بالطيارة الموضوع ماياخذ غير ساعة تكفين يمه "
حضنتها والدتها بقوة ثم قالت بقهر بعد ان ابعدتها قليلا
-" انا مدري ليش حظي ان بنتي الوحيدة طموحها عالي وتبغى تكمل دراستها ليش ما تتزوجين حالك حال بنات القرية؟!!"
ضحكت حنان وقالت
-" ماما عاد اعترفي انك فخورة فيني ! بعدين هذي كلها تربيتك لي "
امها بقهر
-" اعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني "
انفجرت حنان تضحك ووالدتها تضحك ايضا على هذا الاستشهاد الذي لا مناسبة له وانما من قهرها على فراق وحيدتها ومدللتها..
مسحت حنان دمعات فرت من ضحكها وفي الواقع هي دموع حزنها على فراق والدتها الحبيبة الوالدة على هيئة (صديقة)..
وقالت ببسمة وعينان تلمعان
-" اوف ماما بشتاق لك كثير"
-" خلاص اجل اجلسي ليش تروحين !!"
دخل والدها مستعجلا اياها كي يقول بايصالها الى موجعة اولا بعد ان ودعت جدتها وجدها والاهل بالامس ثم الى المطار حيث تتوجه الى العاصمة ويستقبلها هناك في مطار العاصمة خالها نواف كما اتفقوا..
وقفت تتأكد من اغلاق جميع حقائبها..
ثم ارتدت عباءتها وحجابها ثم اقبلت على والدتها تحضنها بشدة والاخيرة تبكي بانهيار فشاركتها البكاء الى ان نهرهم والدها يداري تأثره هو الآخر..
-" بس بس خلاص لا تقلبونها عزاء بنتك بتجيك الويكند الجاي يكفي"
ابتعدت عن والدتها تقبل خديها ثم امسكت بكفيها.. تتأملان بعضهما بحب شديد..
افلتت كفي والدتها الحنون.. وامسكت كف والدها الذي قادها الى الاسفل بعد ان امر الخادمة بانزال الحقائب الى الاسفل..
********************************************

تتأكد من شكل الكعكة وتغرس في وسطها شمعة بعد ان زينتها باسم حنان كما طلبت تلك الحمقاء.. منذ الامس وهي تعمل عليها بكل حب فحنان ستغادر بعد ساعات الى العاصمة وفي الغد تبدآن فصلا جديدا من حياتهما.. فصل الوظيفة والاستقلالية.. ولكن بعيدتان عن بعضهمها ولأول مرة! يالهي ستشتاق اليها جدا..
تأملت ابداعها في صنع الكعك ببسمة.. ثم حركت كتفيها برقصة خفيفة كعادتها تهوى الرقص وان كانت تخجل من الرقص امام الاخرين.. الا انها تحبه في كل حين واحيانا تهتز بلا شعور وبدون اي ايقاع.. وكم يناسب قدها الممشوق بفتنة..
دخلت مرام تضحك بهدوء..
-" وش ترقصين عليه يا مجنونة!"
التفت موجعة بضحكة..
-" ههههه كذا لا شعوري.. المهم تعالي شوفي الشكل النهائي شرايك؟"
مرام بدهشة
-" واو موجعة تسلم يدينك وربي تفوقتي على نفسك"
-" احم احم هههههه شرايك ابدا ابيع؟"
-" والله ليش لا ! تكفين والله ابداع موجعة !"
-" ههههههههه يله خلي حنان تنبسط سويتها من كل قلبي"
-" اوف يا شينها حنان بنشتاق لها والله"
موجعة بحزن
-" اي والله مدري وش بسوي بدونها اخ "
صوت جرس الباب..
-" هذاها جت بروح افتح لها"
ركضت موجعة تستقبلها..
بينما توجهت مرام للمطبخ تحضر القهوة والفناجين..
وقبل ذلك نادت على ابنها ذو 6 سنوات
-" سعد.. سعد ماما وينك؟!"
-" يلا جيت"
توجهت للمطبخ تحمل الصينية ثم خرجت.. فوجدت حنان وموجعة في منظر مأساوي..
-" ههههههه بس خلاص شفيكم بنات عاد مانبي حزن ! اوف يله عاد ماعندنا وقت "
ابتعدتا عن بعضهما فضربت حنان موجعة على كتفها.. فردت الاخيرة الضربة على معدة حنان
-" ايييي وجع اوف قسم بشتاق لكم ياكلبات!"
موجعة تمسح فيض الدمعات
-" وحنا اكثر يا حمارة"
-" هههههههه اي كذا هذي حنان وموجعة الي اعرفهم.."
شهقت حنان حين رأت صنع موجعة
-" يممممه سويتيها لي ! ياربيه موجعة وش ذا الابداع قسم ما استاهل كل هالجمال ههههههههه!"
-" احمم شفتي بس عشان تعرفين قدرك عندي رغم انك ما تستاهلين"
صوت طفولي يقتحم مجلسهم.. وصيحة استفهام
-" لا يكون قطعتو الكيكة قبل اجي !!"
التفتو الى مصدر الصوت حيث يقف سعد الطفل الجميل بشعرٍ اسود ملتوٍ.. متخصرا امامهم.. فقلدت حنان وضعية وقوفه وقالت تخرج لسانها امامه بشقاوة
-" خير خير وشتبغى الكيكة لي وباسمي بعد"
-" اقول بس وخري خالتي موجعة الي سوتها"
-" اي بس سوتها لي انا"
-" واحنا معك يعني بتاكلينها لحالك!!"
-" ايه وش تبغى عندك مانع؟!"
-" يادبيه !"
ضحكو جميعهم ثم اقبلت حنان تجعله يتقدمها قبل ان تحمل السكينة لتقطع الكعكة وموجعة تشعل الشمعة التي تتوسطها..
صرخت حنان قبل ان تقطعها
-" انتظروووو نسيت اصور!! مرام امسكي صوريني لحالي بعدين نتصور كلنا.. وصوري الكيكة لحالها بعد بوريها احد"
موجعة بتدقيق..
-" خير مين بتورين؟"
-" مالك دخل اصلا تدرين بنزلها سناب خلي الكل يشوف ابداعك"
-" يوه عاد انتي امة لا اله الا الله تتابعك"
-" اي يختي انا مشهورة خليني اشهرك معاي"
موجعة تقابل وجه حنان بكفها الممدودة تمط شفتيها
-" ويع مالت"
-" خلاصصصص يله بصورك حنان انتي وسعد قطعو بسرعة.. احس توترت اكثر منك لا تنسين الطيارة"
-" يله يله مرام عصبت بس صدق يمه لا تفوتني الحين والمقابلة بكرا "
التقطت مرام صورة ثم فيديو لحنان وسعد واخيرا صورة جماعية لهم..
تناولت حنان الكعكة واصرت على اخذ جزء لتأكله حين تصل ! والمقصد شيء اخر تماما ادركته موجعة بانزعاج من صاحبتها التي تمارس دور (الخطابة) بطريقة مزعجة تغتنم اي فرصة.. بالرغم من كونها مجرد احلام بئيسة هي نفسها تخجل ان تحلم بها!
فلتدع حنان تعيش بعالم وردي يتوجها هي كأميرة لفارس أحلام بحاجبين معقودين أبداً.. ولتنشغل هي بواقعها وطموحها.. فغدا ستكون موظفة في بنك شهير !
يا لسعادتها..
********************************************

خرج من عمله قبيل صلاة العصر متجها الى المطار كي يستقبل حنان..
وصل اخيرا ثم توجه الى مصلى المطار يصلي العصر لحين وصولها.. وبعد 45 دقيقة..
رآها تمشي تجرجر حقيبتين ضخمتين.. بوجه ضائع تماما فابتسم باشفاق وتوجه اليها ينادي باسمها بهدوءه وثقله..
التفتت وحين رأت خالها الحبيب اسرعت تحضنه فضحك يمسح على ظهرها
-" واضح شكلك ضايعة"
-" يمه خالي كنت شوي وانهار بكي لما ما شفتك"
-" جبانة" قالها وهو يضرب انفها برقة.. فضحكت باحراج.. رجع لمكان وقوفها يجرجر حقيبتيها..
-" وش جايبه انتي بتهاجرين!"
-" اي خالي خلاص بسكن هنا"
-" الله يعيني بس"
ضحكت بغرور
-" الا طقتك السعادة "
باستخفاف
-" امشي امشي بس خليني اوصلك البيت وطالع عندي مية شغلة"
-" اييييش؟"
-" حنان قصري حسك وجع!"
-" طيب شلون بتتركني لحالي باول يوم"
-" ليش انا بتركك بالشارع؟"
قالها وهو يضع الحقائب داخل السيارة ثم يجلس في مكانه وينطلق..
-" بس ولو يعني .."
-" بروح اخلص شغلي واجيب لنا عشاء وارجع شفيك لا تصيحين "
-" مو بزر انا عشان اصيح خلاص عاد لا تتسمخر علي"
-" والله لو شايفة وجهك تو ههههههه"
بغضب تلف رأسها وتهمس بصوت مسموع
-" الله يعيني انا عليك ياخالي"
بشر يسأل
-" ها وش قلتي؟"
-" ابد سلامتك"
-" اي حسبالي بعد"
رمقته بغضب لعدم قدرتها على التنفيس.. فابتسم ب(نذالة) يرقص حاجبيه..
********************************************

وصل الى شقته في الدور الثاني.. يفتح الباب لحنان ثم يتنحى لتتقدمه ويحمل الحقائب يدخلها..
-" واوو خالي حلوة شقتك"
-" ادري"
-" افف منك بس "
وقف يؤشر على غرفة عن يساره
-" هذي غرفتك كانت فاضية وجهزتها مخصوص عشانك "
ابتسمت بامتنان وهي تدخلها ثم شهقت
-" واااااو لا صدق خالي ذوقك حلو"
خرجت وهي تتخصر وتدقق النظر في انحاء الشقة متوسطة الحجم ثم قالت وهي تتأمل الحجرتين المقابلتين لحجرتها وبينهما الصالة المفتوحة الواسعة وعن يمينها مطبخ مكشوف ثم في نهاية الصالة نوافذ زجاجية واسعة بطول الجدار ويبدو انها تفتح لتقابلك حديقة لطيفة..
-" اكيد مافي حد منا ولا منا؟"
باستغراب وهو الذي كان منشغلا في هاتفه..
-" هاه؟"
مشت الى الغرف المغلقة تصيح بنبرة تحقيقية
-" بشوف اذا فيه زوجة مخبيها عنا"
بسخرية يتأملها
-" لا ياشيخة اخبرك بتزوجيني طلعت الحين متزوج وخالص.. "
وقفت مبتسمة وعادت ادراجها تقول بنبرة ذات مغزى.. وهي تحمل الكيس الورقي الذي كانت تحمله طوال الطريق.. فاخذته واتجهت به الى المطبخ تخرج منه علبة طعام بلاستيكية..
سألها باستغراب
-" وش جايبه معاك انتي؟!"
-" ماشفت سنابي؟"
-" على اساس مقضيها سناب انا طول الوقت شفيك حنان"
-" اففف نسينا انك مشغول طول الوقت حشى لو انك الملك"
بابتسامة يكتف يديه قائلا
-" بنت! تأدبي!"
-" هههههه اوكي اسفين ياحضرة الضابط المهم هذي كيكة مصلحتها لي موجعة وماقدرت ما اجيب منها اكل منها هنا بالليل او الصباح واذوقك انت بعد "
ببرود يجيبها
-" ما احب الكيك.."
اقبلت تحمل هاتفها وتريه الصورة للتحفة الفنية التي عملتها موجعة..
رفع حاجبيه باعجاب وحدّث نفسه.. " والله فنانة!"
لكنه قال لحنان ببرود
-" حلو"
-" بس حلو!! الا تجنننننننن ولو تذوقها بعد يمييي تخسى المخابز والمقاهي عندها"
تحرك بلا اهتمام ظاهري رغم انه فجأة شعر برغبة ملحّة بتذوقها!
-" مابي عليك بالعافية"
تهز كتفيها بلا اهتمام ظاهري
-" كيفك"
-" المهم سكري الباب وراي ولا تفتحين لاحد.. ويمكن اتأخر ترا لو ذا كلي اي شيء ونامي.. واذا صحيتي كلي من الي بجيب"
فتحت الثلاجة ثم شهقت لكونها فارغة سوى من زجاجات الماء والمياه الغازية فقط!
-" وش اكل ياحسرة ثلاجتك فاضية!"
ولكن لم يرد عليها سوى صوت اغلاق الباب..
فالتفتت باستنكار..
ثم اسرعت لهاتفها وارسلت له
( اقدر اطلب من مطعم؟ ثلاجتك فاضية!)
( يوه نسيت اشتري اكل بس اصبري لا تطلبين بحاول ما اتأخر)
(خالي جوعانة شلون يعني)
(ما بتموتين جوع انتظري لين اجي طلب ممنوع"
(طيب )
استلقت على اريكة الصالة تتأفف راميةً هاتفها بجانبها ثم قررت النهوض تنوي قضاء وقتها باستكشاف الشقة ثم ترتيب اغراضها..
********************************************

تجلس بجانبها على فراشها وتسألها..
-" ها ايش شعورك انسة موجعة وبكرا دوامك؟"
-" يممما اسكتي احس اني ارجف من الخوف"
-" ههههههه خليك قوية لا تفشلينا نسيتي انك مهايطة عليهم"
بنبرة بكاء
-" مانسيت مانسيت يع ليش اسوي نفسي وربي توتر"
بجدية تعتدل مرام بجلستها وتقابلها بعد ان كانت متكئة
-" بنت عاد مو كذا ماله داعي توتر ولا شيء توكلي على ربك"
تنهدت وبخوف لا شعوري
-" يمه احس اني توهقت"
-" شفيك ! هيه لا توهقيننا ترى انتي الي بتروحين وبتجين بنفسك"
-" يمه ذكرتيني اي صح بصير مسؤولة عن نفسي مية بالمية"
-" اوف موجعة خلاص عاد بلاش نوبة الهلع حقتك ذي مو وقتها توك تستوعبين.. يله بس بتختارين لنا فيلم نسهر عليه والا اروح انام ابرك"
-" شفيك زعلتي مرام افضفض لك بس والا معليش ان شاءالله ان شاءالله اني قدها بس تعرفين مشكلتي اشيل هم بزيادة"
تتثاءب مرام وتجيبها بعد ان عادت تتكئ على السرير خلفها
-" وخوافة "
-" وانتي موسوسة"
قالتها موجعة بقهر
فردت مرام بضحكة ناعسة
-" والله صادقة اعترف.. اقول شكلي بنام وعندك بعد مافيني اتحرك صاحية من بدري وانتي نامي بعد وراك طريق.."
اغلقت موجعة الحاسوب مباشرة واستلقت بجانبها
-" والله فيني نوم الصدق.. مرام ياشينك قومي فراشك دايما مضايقتني"
-" والله مافيني دخت خلاص.."
-" يعععع لا تلصقين فيني وخري مرام عاد سكت لك كثير قومي عندك فراش الظاهر!"
ببرود تجيبها وهي توليها ظهرها
-" مو عاجبك قومي انتي قسم فيني نوم العالمين"
-" اف منك اف مافي فكة"
-" حياتي لك الشرف اني اختك"
-" الا ويع ياحظي اذا حتى فراشي ما اتهنى فيه.."
-" هههههه تستاهلين"
-"نامي يختي نامي"
-" بنا..م"
بعد برهة سمعت شخيرا صادرا من مرام فضحكت.. هي هكذا تشخر حين تكون متعبة.. عدلت من استلقائها على فراشها الضيق.. وغطت في نوم عميق.. مع أمل ينعش قلبها.. وخوف للغد وترقب.. لذيذ !
********************************************

عاد اخيرا والساعة تشير العاشرة والنص.. فوجد الشقة مظلمة الا من ابجورة صغيرة في الصالة.. دخل واضعا مفاتيحه ومحفظته على طاولة بجانب الباب ثم ذهب الى المطبخ يفتح احد الانوار فيه.. واضعا كيس الطعام على الطاولة ثم توجه الى غرفة حنان المضاءة فحمدالله انها لم تنم بعد لكان ضميره يؤنبه ولكنه العمل الح عليه فتأخر عليها..
استغرب من عدم هجومها عليه.. طرق الباب ثم دخل فوجدها تضع السماعات على اذنيها وتضحك تحادث والدتها مكالمة فيديو.. اقترب مبتسما يسلم على اخته فحادثته واوصته على ابنتها الى ان نهرها وخرج مسرعا فضحكت حنان عليهما.. ودعت والدتها بعد ان تسللت الى انفها رائحة الطعام اللذيذة من بابها المفتوح..
خرجت مسرعة فوجدت نواف جهز كل شيء على طاولة الصالة.. حادثها وهو منهمكا في ملف بين يديه..
-" يله تعالي كولي "
-" ياحلوك خالي وانت مهتم فيني"
-" مو حبا فيك اخاف تموتين وابتلش فيك"
شهقت بقهر وضربته على فخذه فضحك يضربها على رأسها
-" انا بفهم ليش ماتحكي زي الناس"
-" عاد هذا انا عاجبك اهلا وسهلا ماعجبك تفضلي ارجعي لاهلك وفكيني"
-" للاسف اني بجلس على قلبك والله يعينا على بعض"
-" امين.." قالها مبتسما.. وشعور لطيف يغمره حين عاد ووجدها بشقاوتها هذه.. وصدرها الواسع المتقبل لكل مزاحه الثقيل وضعف لغته في الحوار اللطيف..
-" يمييي لذيذ"
-" عليك بالعافية.. يله كلي واخمدي وراك مقابلة بكرا"
من بين لقماتها سألت
-" الا خالي دبرت لي سايق؟"
-" ايه يانشبة انتي.. العم سطام يوديك ويجيبك ان شاءالله"
-" حلووو شككرررا"
-" العفو"
قالها ونهض يحمل ملفه بيد وعلبة مشروب غازي في يده الاخرى..
-" تصبحين على خير"
-" بتنام؟!"
-" لا برقص"
قالها وهو يدخل الغرفة على اليمين..
فضحكت حنان بقلة حيلة من اسلوبه الجلف هذا.. ولكن هي ممتنة بحق لمساندته وتشعر بحماسة عظيمة حد انها لا تستطيع النوم رغم ارهاقها..
اكملت عشاءها بعد ان قلبت في القنوات ثم اغلقتها مقررة فتح فيلم على الشاشة تقضي به وقتها..
وبعد ساعتين.. انقضى الفيلم وكان النوم اخيرا قد استبد بها.. فنهضت تلملم بقايا عشاءها تضعها في الثلاجة.. وترمي الاكياس في سلة المهملات.. ثم تفرش اسنانها بسرعة وتغمر نفسها في السرير تنام بعمق بعد ان ضبطت المنبة على وقت الصلاة..
********************************************

حين سمع صوت اغلاق باب غرفة حنان فز مسرعا.. يبحث عن بقايا كعكة موجعة التي مازال يفكر فيها.. فتح الثلاجة فوجد كمية كبيرة منها.. بلا شعور اخذ شوكة وعاد يفتح العلبة ويأكل منها مباشرةً مصدرا صوتا متلذذا
-" تسلم يدينها والله !"
اكتفى بتلك اللقمة شاعرا بامتنان عظيم ان تذوق شيئا من صنع يديها..
تلك التي يعجز عن وضع اي مسمى يليق بها.. سوى انها كاسمها (موجعة) بحق.. وكم توجعه ببكائها الذي يزوره في منامه!
تنهد وقد تعكر مزاجه حين تذكر تلك الاحلام البئيسة.. بل تلك الكوابيس ان صح التعبير..
اعاد العلبة الى مكانها بعد ان اغلقها.. ثم عاد الى غرفته يحمل منشفته مقررا اخذ حمام بارد ينعشه.. كي يخلد اخيرا الى النوم بعد هذا اليوم المتعب..
********************************************

بعد ثلاثة اسابيع..
تمشي بعباءة زرقاء اللون وحجاب سماوي مبتسمة ببشاشة وخجل فطري بها.. ونظارة شمسية تعلو عيناها السوداء الجميلتين متجهة الى مبنى عملها بعد ان ركنت سيارتها في موقفها الذي اعتادت عليه في الاسابيع الماضية..
وصلت مكتبها اخيرا بعد ان سلمت على الزملاء والزميلات بحياء.. وضعت كوب قهوتها اولا ثم وضعته حقيبتها في معلاقة مثبتة على الجدار خلفها.. جلست تسمي بالله وتبدأ عملها علها تنتهي منه باكرا..
نصف ساعة.. واقبلت زميلتها التي تجلس بجانبها متأخرة كعادتها رغم كونها من سكان المدينة.. (صفاء) والذي اصبح بينهما علاقة لطيفة بحكم الجوار.. وحلو شخصية تلك الصفاء فهي بشوشة ومضحكة وطيبة القلب..
-" صباح الخير لاحلى موجعة"
-" هههه هلا صباح النور.."
-" كيفك؟" قالتها وهي تجلس على كرسيها وتضع ساقا فوق الاخرى ثم تقابل موجعة تماما..
تنهدت موجعة بابتسامة وهي منزعجة من عيب وحيد في زميلتها صفاء وهو الثرثرة طيلة الوقت!
" الحمدلله بخير صفاء حياتي ليش هالجلسة ؟"
بابتسامة واسعة تجيبها
-" كالعادة بسولف!"
-" وانا كالعادة اقولك انتظري نخلص شغلنا اول "
اعتدلت في جلستها تقابل مكتبها وتفتح حاسبها متذمرة
-" اوف منك وش ذا الجدية مايمنع نقول سالفتين.. ترانا موب مدرسة"
-" هههههه سالفتين وراهم سالفتين عرفتك زين ياصفاء"
-" ههههههه شكلك انقرصتي مني واجد"
-" نسيتي قبل يومين لما اتهزأنا بسبب ضحكتك المجنونة! " ثم قالت تقلد صوت الرئيس الذي ولسوء حظهما كان منظرهما قبل يومين على مرأى من عينيه
-" خير خير جالسة في شالية انتي وياها! منظر غير عملي ابدا ويلله على مكتبك اشوف "
انفجرت صفاء تضحك وتحاول قدر استطاعتها اخماد ضحكتها المجلجلة.. ولكن انظار العديد من الزملاء توجهت اليهما
فمدت موجعة يدها بوجه محمر تقرص صفاء من ذراعها بقهر
-" بس بس يا فضيحة ماعاد بحكي معك ابد"
صفاء من بين ضحكاتها تقول
-" هههههه كل يوم تقولينها اخ بموت ياليته يشوفك وانتي تقلدينه كذا ههههههه ابدعتي"
-" ههههههه خلاص يابزر اسكتي اسكتي خلينا نخلص اشغالنا ونرتاح.. بعزمك اليوم الغداء على مطعمنا المفضل انا وحنان ايام الدراسة "
بشهقة فرح تقول صفاء
-" احلفففي يمه شهالكرم"
موجعة تكبت ضحكتها بصعوبة وهي التي ستدعوها لمطعم بسيط جدا ستفجع حين تذهب بها اليه.. ولكنه والحق يقال لذيذ جدا!
-" بشرط اسكتي !"
تكمم صفاء فمها
-" بسكت بسكت"
ثم بين لحظة واخرى كانت تلتقي انظارهما فتضحك صفاء محاولة كبح صوت ضحكتها بلا فائدة بينما موجعة تهتز بضحكة مكتومة ووجه محمر تهز رأسها بقلة حيلة من جنون صاحبتها..
********************************************

-" خالي جاء العم سطام توصي شيء"
يجيبها من غرفته بصوت عالي كي تسمعه
-" مع السلامة توكلي بس "
-" هههههههه" ثم قالت بهمس مبتسمة -" الله يشرح صدرك بس طول الوقت منفس"
ارتدت عباءتها السوداء وحجابها وحملت حقيبتها متجهة الى العمل بهمة وحماس..
بينما في الداخل كان نواف يغلق حاسبه بعد ان انهى بعض العمل بعد صلاة الفجر.. ثم توجه يرتدي ثوبا وشماغا احمر بدل البنطال البيتي والتيشيرت الذي كان يرتديه..
وقف يعُدل (نسفة) شماغه.. ثم ينثر عطره بسخاء على صدره.. وخرج يحمل ملفا ضخما وعند الباب حمل محفظته ومفاتيحه من الطاولة الجانبية وخرج الى عمله بذهن مشغول..
الى متى وهو يفقد كل خيط يوصله بمناحي والجماعة؟ يشعر بشعور سيء هذه الايام.. وفراس لا يقوده لشيء بل هو خارجا من كل بلايا مناحي تماما.. لا يعرف كيف فعلوها خصوصا ان الشك اصبح يراوده حياله ولكنه صفر اليدين من اي اثباتات..
وصل عمله وتوجه قبل مكتبه الى غرفة المراقبة والتنصت..
سأل بجدية
-" السلام عليكم شباب.. فيه جديد؟"
-" وعليكم السلام ابدا للحين مافي طال عمرك"
هز رأسه بتفكير.. وخرج الى مكتبه يبدأ يومه هذا ويبحث في قضايا اخرى غير هذه القضية المستعصية.. مغلقةُ السبل من كل الجهات..
********************************************

وصلت اليوم الى الشركة منتصف النهار.. وقابلها ادم خارجا.. ملقيا السلام عليها بكل برود..
وقفت والتفتت تتأمل ظهره الشامخ.. وعرجه الواضح.. تعقد حاجبيها.. مفكرة.. ثم تحركت الى مقصدها محاولةً طرده عن مجال تفكيرها..
فهاهو قد عاد يجاهلها تماما بعد تلك الجملتين التي.. احيانا تشعر بانها سمعتها في احلامها!
فهو ثلجي تماما معها في الاسابيع الفائتة..
وهاهي قد عادت الى عادتها السابقة..
تتجاهله اكثر
وترمي عليه نظرات كبريائها..
وكأنهما قد عادا الى ماقبل خطبتها السابقة..
يتفننان في البرود والتجاهل..
فترة خطبتها.. كان يتجاهلها ايضا.. لكنه لم يكن يختفي كثيرا.. بل كان متواجدا محترفا فنا جديدا هو اغضابها واستفزاز ماهر..
اتعلمون؟
هي تعبت تماما من تحليل احواله الغير قابلة للتحليل.. فهي ثلجية جامدة..
وحسب!
وقد استبد بها الملل.. فحتى الأمل عاد يخبو في قلبها..
فلتمضي ايامها بدون التفكير فيه..
فقط عدم التفكير هو طموحها الآن
فعلا مللت منه ومن نفسها اكثر..
وصلت مكتبها واعدت لها قهوتها.. وبدأت عملها.. تتجاهل.. كعادتها..
********************************************

خرج ادم الى عمله الاخر.. رغم الارهاق والتعب البادي عليه الا انه حتى الآن لم يتخذ قراره في التفرغ لاحدى العملين..
وحتى القيادة مازال مصرا على القيادة بنفسه..
تنهد بتفكير وهو يخفض من التكييف.. فالحر شديد هذه الايام..
ثم.. مرت بباله كعادتها..
كم يتمنى لو يقتلعها من قلبه اقتلاعا.. حتى يشعر بنفسه اخف..
تخيلو معه الآن.. اقدام ثقيلة ويد كذلك.. فكرٌ مشغول.. واحلام متوقفة.. وقلب مثقل بعشق صعب..
تخيلو كم الثقل الذي يشعر به!
على الأقل فلتخرج هي من قلبه ومن حياته.. ليشعر بالهواء يتغلغل روحه.. او..
ان كان الحظ حليفه وان لمرة!
فلتحنو عليه هي وتقترب.. وتبادر هي !
ولكن محال..
كعظمة في حلق قلبه.. مزعجة خانقة مغرورة ثابتة وأزلية..
وكم يحبها!
********************************************

بعد ان انتهى من عمليات الصباح.. توجه الى غرف التنويم ليطمئن على المرضى.. انهى جولته اخيرا..
وعاد يستريح على مكتبه.. فصلاة العصر اقتربت.. وبعدها لديه عملية ثم ينتهي هذا اليوم الطويل..
انهى بعض الورق.. ثم ورده اتصال فرفع الهاتف ليرى اسم الخالة فيروزه..
تنهد بقلق وهي الي لا تتصل عليه الا للضرورة لعلمها بانشغاله..
-" السلام عليكم يوسف ياولدي"
-" هلا خالة وعليكم السلام.. عسى ماشر؟"
-" ماشر ياولدي.. بس احم.. هذا تيم يبغى تسمح له يزور امه في بيت ابوها.."
بسخرية وهو يرجع ظهره الى الكرسي..
-" ماشاءالله وانا اقول شهالظلام الي بديرتنا.. اثاريها زايرتنا.."
بشعور بالورطة امسكت الخالة فيروزه رأسها لكون تيم اجرى المكالمة وفتح مكبر الصوت.. فقال الصغير بغضب
-" لا تقول عن امي كذاااااا"
بسخريته اياها
-" ماشاءالله انت الثاني يوم عندك لسان الحمدلله ليش ما كلمتني انت؟"
بعناد وكِبر رغم خوفه من رفض والده والذي لم يفعله ابدا.. ولكن كم المصائب التي عملها له في الفترة الاخيرة تجعله يخاف من عقابه بأهم شيء لديه..
-" هذاني اقولك تراني بروح لامي"
-" اها الحين انت تعطيني خبر بس"
بعناد وبرود قال تيم
-" ايه.. ااااه !!"
صرخ لضربةٍ حطت على رأسه من الخالة فيروزه والتي تدخلت تلطف الجو الملبد بالغيوم بين الابن ووالده..
تضع الهاتف على اذنها وهو الذي مازال على وضعية مكبر الصوت
-" لا يوسف ياولدي يقصد يسألك اذا تسمح والا لا.. ها وش قلت ؟"
تنهد يوسف بقلة حيلة وقال
-" عشانك خالة وعشان يدري اني عمري مابحرمه من امه بالعكس "
-" الله يرضى عليك ياولدي"
ثم نغزت تيم تهمس له ان يشكر والده فرفض بعناد يضع يديه في جيوب بنطاله البيتي..
فزمت شفتيها بغضب..
قال يوسف.. وهو الذي سمع همس الخالة فيروزه المسموع.. يبتسم بضيق على حالهما..
-" خليك منه ياخالة.. علميني محتاجة شيء اجيبه وانا جاي؟"
-" ابد ياولدي سلامتك الله يحفظك ومعليش تحمل.."
تقولها وهي تتأمل صعود تيم الى غرفته ليحضر حقيبته والتي سبق وأعدها ناويا الذهاب دون اخبار والده الى ان تدخلت الخالة ونهرته واجبرته على خوض المكالمة العقيمة..
-" لا تشيلين هم ياخالة تعودت خلاص.. يله فمان الله"
-" الله يحفظك"
وقفت تنتظر نزول تيم فنزل بعد قليل مبدلا ملابسه وحاملا حقيبته فسألته
-" مين الي بيمر ياخذك؟"
-" عمي "
-" عمك مين!"
-" زوج امي شفيك خالة!!"
بسخرية تتخصر
-" ماشااءلله صار عمك الحين!"
-" وش تبغين اناديه!"
-"رح رح بس الله يستر عليك هذا الجرس رن.. ولاتطول علينا"
-" على اساس فارقة معكم.. كله هواش ومطاقق هالبيت.."
بغضب تلحق به
-" كله منك ياتيم تحارش ابوك وتستفزه وش تبغاه يسوي لك يعني"
التفت اليها يصرخ بانفعال ويرمي حقيبته
-" لا يسوي شيء ما ابغاه يسوي ويتدخل ويكتمني !!"
وقفت مصدومة.. وبحزن تقول
-" روح بس روح.. الله يستر لا يصير شيء وتعرف ساعتها قدر ابوك !"
بقهر من نفسه ومن والده ومنها ومن حياته كلها.. التقط حقيبته ثم خرج مسرعا..
تشيعه نظرات الخالة فيروزه بكل حزن..
********************************************

" إن يحرقوا كل النخيل بساحنا
سنطلّ من فوق النخيل نخيلا
إن يهدموا كل المآذن فوقنا
نحن المآذن ...فاسمع التهليلا
نحن الذين إذا ولدنا بكرة
كنّا على ظهر الخيول أصيلا"

بعد صلاة الجمعة.. عاد إلى مكتبه مسرعا يمارس عمله ويُراجع سير قضاياه..
وفجأة..
صوت عظيم اهتزت له الجدران!
مال في وقوفه مستندا على مكتبه بلا فهم لثوانٍ.. ثم جلبة في الخارج ساعدته على استيعاب طبيعة هذا الصوت..
فتح بدر مكتبه يلهث بهلع.. يقول من بين انفاسه اللاهثة
-" نواف نواف"
-" انفجار.. انفجار قريب بس وش فجرو بالضبط الكلاب؟!!"
يقولها محاولا الثبات في وقوفه.. يمسك رأسه بإحدى يديه.. بضياع
رد بدر بأسف يهز رأسه
-" الجامع .. احنا طالعين مع الرئيس متعب نشوف الوضع.."
عيون متسعة.. وغضب عارم يشعر به يفتت قلبه المحب لهذا الوطن.. يهشم خلايا رأسه..
طنين يصُم أذنيه.. أغمض عينيه لثوانٍ.. وأصوات الجلبة في الخارج تشده إليها إلى الواقع البئيس..
فتح عيناه فاستقبله الضوء.. والدنيا تموج به..
سيطر بهمة على تخلجات روحه..
وانطلق مسرعا على إثر بدر..
خرج فوجد سيارات عديدة وجنود مجهزون..
سيارات اطفاء وسيارات اسعاف.. قريبة من مكان التفجير..
الجامع! بيت من بيوت الله!
اللعنة على كل المخربين المجرمين.. وكل من يسمم عقول الشباب بهراء هدفه سامي في ظاهره ولكن باطنه الذي لا يدركه الشباب مع الاسف ! فقد شوهوا تفكيرهم وغزوه وتحكمو به.. هدفهم تشويه الدين وقتل الأبرياء وتدمير الدول.
ركض باتجاه الجامع القريب من مبنى عمله.. وعلى مرأى من عينيه.. يرى ألسنة اللهب والدخان الاسود يشكل غمامة تكتم الانفاس وتثير الهلع.. وركام المسجد متناثرا هنا وهناك.. على قدميه يركض متمنيا عدم وجود اصابات..
ولكن الصلاة انقضت قبل قليل.. والعديد من الموظفين إن في مبنى الوزارة وإن في المباني التابعة لها كمبنى عمله هو المتخصص في الاستخبارات.. مازالو في الجامع بعد الصلاة!
ركض وركض والعديد من الرجال خلفه ايضا يركضون على اقدامهم.. وصلو يلهثون ويحاولون تقدير حجم المصاب.. بعيون متسعة..
الجزء الشرقي من الجامع انهدم تماما.. والجزء الاخر نار عظيمة تندلع منه..
بقهر يمشي جيئة وعودة.. بعد ان كبله الرجال عن الدخول.. واقفين يتأملون رجال الاطفاء يباشرون عملهم اولا..
وبعد محاولات وساعات.. تم اطفاء النيران.. واخراج العديد من المرضى.. والجثث!
توفي قرابة 20 شخصا.. و20 شخص بحالات خطيرة..
وقف بدر بجانبه يتأمل الدمار بأسف.. ثم توجهو بأنظارهم الى الرئيس متعب.. والذي كان يتحدث مع وزير الداخلية ومسؤول الاطفاء ورجل مسعف..
عقد نواف حاجبيه واقترب.. سأل مباشرة
-" فيه شهود؟"
التفت متعب واضعا يديه على كتف نواف يتأمل وجهه الملطخ بالغبار والدخان.. وثيابه الممزقة بعد ان عجز عن السيطرة على ذاته واندفع يساعد ويسعف ويخرج المصلين بعد انطفاء النار..
شد على كتفه مجيبا..
-" مو شهود وبس.. حصلنا المفجر .. قطعة لحم مثبت فيها حزام ناسف.. متخيل يانواف؟"
هز رأسه بتأثر وعينين حمراوين من غضب مكتوم
-" عشان ايش كل هذا؟؟!! حسبي الله ونعم الوكيل.. بس متأكد حزام ناسف يسبب كل هذا؟
-" لا.. زارعين قنابل بعد بالجانب الشرقي.. شوفه تهدم تماما"
تدخل الوزير وبهدوء
-" سممو عقول الشباب.. ولازم نكون بالمرصاد لهم.."
هز رأسه بالإيجاب دون رد فغصة قوية تسد حلقه..
عاد يشرف على عمليات الانقاذ والتفقد مع زملائه..
الوزير يحادث الرئيس متعب
-" تقولي شاكين بجماعة معينة؟"
بجدية وقسوة
-" ايه طال عمرك.. من فترة تجينا تهديدات بس مو قادرين نوصلهم.. حلقة الوصل معهم شخص كان مسجون وخرج قبل سنة.. واختفى من شهور.. بس نحصله نقدر نصيدهم"
بقسوة ممثالة يرد الوزير
-" ضروري يامتعب! لازم نوقفهم عند حدهم!"
-" ابشر طال عمرك.. خيرة الشباب عندي متكفلة بهالقضية"
هز رأسه بجدية.. ثم عاد يتأمل الدمار أمامه..
متمتما
-" إنا لله وإنا إليه راجعون.."
كانت الشمس قد اقتربت من المغيب.. بعد ان انتهى كل شيء.. وخمدت الضوضاء والنيران وسكن الهلع قليلا.. الا انه لم يختفي.. فهاهي وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات تبث وتتكلم عما جرى..
وقفو صفوفا بمنظرهم المتعب وعرقهم ورعدة قلوبهم وحزن عميق يغلفهم على شهدائهم بغضب عامر ورغبة في الانتقام من كل معتوه يقتل ويظلم ويدمر باسم الدين! والله الدين بريء منكم ايها الظالمين.. ولكن الظالم له يوم ينتظره.. ومصير ظلمه ان يعود عليه.. وان غدا لناظره قريب!
وقفوا صفوفا يصلون صلاة المغرب.. إمامهم أحد الجنود من حفظة كتاب الله والذي صدح بصوته العذب.. بجوار ركام الجامع..
يقرأ بعد الفاتحة بصوت أثّر في النفوس المتأثرة أكثر وأكثر
((وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُۥ وَسَعَىٰ فِى خَرَابِهَآ ۚ أُوْلَٰٓئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَآ إِلَّا خَآئِفِينَ ۚ لَهُمْ فِى ٱلدُّنْيَا خِزْىٌ وَلَهُمْ فِى ٱلْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ))
********************************************

كان الفريق المتكفل بالقضية مكون من نواف وبدر واحمد وفهد والرئيس متعب..
يتناقشون حيال ما جرى في غرفة العمليات والتخطيط..
نواف مفكرا.. محللا جميع اوضاع مصيبة اليوم.. وقف الى اللوحة التي رسم فيها الزميل فهد خريطة مفاهيم..
-" الحين الارهابي دخل بصفته عامل نظافة.. ولما خلصت الصلاة بدقايق.. بين الي كان لابسه وبسرعة فجر قبل حتى يتصرفون زملائنا؟"
بدر-" نعم هذي شهادة الاحياء.."
متعب-" مين العامل الي ماحضر اليوم؟"
احمد-" طال عمرك.. للاسف حصلوه مقتول في بيته!"
-" نععععععم!!! الوضع زاد عن حده وهذول تمادو.. لازم نحصلهم لازم!"
قالها وهو يضرب الطاولة بعنف وقسوة.. التفت الى نواف
-" اسمع تجيب لي كل من له علاقة بمناحي.. زوج بنته وبنته وعيالها.."
-" عيالها اطفال طال عمرك.. بنته وزرجها والمشكلة نظيفين تماما"
-" اي مو انا عارف هالشيء.. لكن لما يدري مناحي ان الوصل بينه وبينهم انقطع تماما.. راح يخرج ويغلط.."
نواف بقهر-" انا بس ماني عارف كيف مطلعهم منها براء تماما.. بينما كل شيء يدل على انهم مازالو متواصلين معاه"
متعب يهز رأسه بوعيد -" وعشان كذا بنتخلى عن الاخلاقيات وعدم وجود ادلة ووو وبناخذهم عندنا.. ساعتها بيطلع من جحره.. "
وقف وقال مكتفا يديه بقسوة وغضب
-" اشتغلو ليل نهار فكرو بكل حاجة وتفصيلة ممكن توصلنا لهم.. لازم ننتهي منهم قبل لا يتعمقون ونتكبد خسائر اكبر من كذا! هذي البداية واذا سوووها مرة مابتعوق معهم ثانية وثالثة وهالشيء مستحيل نسمح فيه ! قبل سنوات حصلنا معهم ذخيرة تفجر بلد كامل وصادرناها بفضل الله ثم جهدكم.. لكن الي مدهم بكل ذاك مرة يقدر يمدهم بأضعافه.. عشان كذا لازم نتحرك اسرع! فاهمين؟!"
-"فاهمين" ردوا بها بقسوة وغضب.. بصوت واحد.. بصوت فريق واحد على قلب رجل واحد اعظم همومهم.. الوطن والناس..
********************************************

متجها الى سيارته اخيرا بعد هذا اليوم والمصاب الجلل.. يتفقد هاتفه فوجده مغلقا.. وصل سيارته واستقر مكانه ثم امتدت يده الى سلك الشاحن واضعا هاتفه فيه ثم وضعه بجانبه.. اغلق الباب وانطلق..
مفكرا.. وصداع قوي يهاجمه فرك رأسه بقوة.. ثم امتدت يده الى علبة ماء بجانبه.. فتحها ليبلَّ ريقه وان كان ماءا فاترا جدا..
فُتح هاتفه اخيرا.. اثناء توقفه عند اشارة المرور.. اخذه مدخلا رقمه السري فانهالت عليه المكالمات بكمٍ هائل.. دخل الواتساب والحال بالمثل بل أشد.. لم يبقى أحد إلا وأرسل يسأل ويطمئن.. ضرب رأسه بضيق فكيف نسى والديه العجوزين ؟ وعائلته بأكملها؟ لماذا لم يطمئنهم؟ ولكن الحال كان صعبا.. والهلع والقهر مسيطرا عليهم فلم يفكرو بانفسهم.. بل انشغلو تماما.. تحولت الاشارة الى اللون الاخضر فانطلق في طريقه.. هو اساسا لم يدخل مكتبه اخيرا الا في العاشرة ثم امرهم الرئيس باجتماع طارئ وهاهو اخيرا يتمكن من الخروج.. تأمل الساعة المشيرة الى 12:30..
ثم أرسل رسالة لقروب عائلته كاتبا فيها
" أنا بخير واسف انشغلت وماقدرت امسك جوالي حقكم علي"
ثم توجه الى محادثة حنان والذي يقسم بأنها بكت كثيرا وصرخت بصوتها المزعج حين لم يرد عليها بل وغضبت بشدة فهي نارية الطباع تشابهه قليلا.. رغم نقدها الشديد له! دخل مبتسما بخفة شديدة لم تكد ترتسم تلك الابتسامة على وجهه بل ولم تمسَّ قلبه.. حين قرأ ما كتبت له.. بعين على الهاتف وأخرى على الطريق
"خالي"
"طمني"
" خالي وربي خايفة طمني عليك التفجير قريب من مبناك "
" خالي ياشينك ليش كذا رد تكفى رد خلاص راسي بينفجر "
" الكل قام يتصل علي من اهلنا وانا ماعندي رد مدري مين قايل لهم اني اشتغل معاك "
" خالييييييييييييي رد وريحنا تكفى "
" قلبي يقول انك بخير بس احتاج تأكيد توقفت حياتي مو قادرة اركز بشيء ياشينك طلعت غالي "
" والله العظيم ماتستاهل احد يقلق عليك على فكرة مالت مالت مالت ودموعي الي بكيتها عليك فالاخير طلعت حي ؟"
ضحك بخفة دون مرح..
" ايه خالي ناصر تواصل مع واحد يعرفه عندكم وقال له انك بخير بس مشغول.. مصدق حالك ؟ لو رسالة بس تريحنا فيها بيضرك؟ الله يسامحك بس على الاقل كان فكرت بجدي وجدتي"
ارسل لها
"نمتي؟"
ردت مباشرة
"لا اخيرا تكرمت علينا!!"
" بقولك لا تخافين اذا شفتي ملابسي ذا دم المصابين"
ارسلت مباشرة
" انت تعال بس خلني اشوفك خالي حرام عليك !!"
" بالطريق"
" زين"
وضع الهاتف بجانبه مركزا على الطريق الى شقته.. والافكار تموج به والصداع يشتد عليه..
********************************************

وصل اخيرا الى مبنى شقته.. نزل بتعب وارهاق وغضب لم يهدأ ولن.. تنهد حاملا نفسه ودخل بهدوء وثقل.. بمشيته الراكزة وظهره المرفوع عاقدا حاجبيه مفكرا ومفكرا كعادته لا يهدأ له بال ولا تنتهي مشاغله.. فكيف حاله ان واجه يوما عصيبا ومصيبةً كالتي واجهها الوطن هذا النهار؟
خرج من المصعد واخرج مفتاح المنزل.. ما ان ادخله حتى ابتعد مجفلا لصوت فتح الباب الصاخب ولكونه فُتح دون ان يفتحه هو! ثم استقبلته شهقة حنان بقوة وعيناها دامعة تغطي فمها بكفها..
تكتف ينتظرها ان تمر.. بملل ووزفرة.. فمدت يدها وضربت كتفه ثم ابتعدت عن الباب كي يمر.. دخل واتجه مباشرة الى الاريكة امام التلفاز حيث كانت مضاءة.. رمى بجسده بتعب مرجعا رأسه للخلف..
قالت حنان ببكاء وبصوتها المزعج
-" هذا ايش ؟ يمه خالي يمه حسبي الله عليهم.."
-" امين" بهدوء وهو مغمض العينين على نفس وضعيته..
بشفقة تقول.. بعد لحظات صمت عجزت خلالها ان تمارس موهبتها في الثرثرة فشكله متعبا ومهموما بحق..
-" قوم خالي تسبح وبدل ملابسك وتعال اسخن لك العشاء"
بسخرية يجيبها
-" ماشاءالله طابخة اليوم شعندك"
-" عشانك والله قلت اكيد بتوصل جوعان.. والا انا من الفجيعة والرعب عليك ما اشتهيت شيء "
فتح عيناه وابتسم بحنان ثم قال
-" زين اجل ناكل سوى"
ردت ابتسامته ثم عادت تتأمل ملابسه والدم الذي يغطيها.. وقالت بقهر
-" الله لا يوفقهم الي فجرو بيت الله وذبحو الابرياء.. يمه خالي بسرعة قوم بدل ماعاد اقدر اشوف منظر الدم !"
تنهد بلا تعليق.. وقام متجها الى غرفته ليغسل عنه الدم والغبار وياليت مابقلبه من قهر وفي باله من ارهاق وهموم يقدر الماء على ازالتها فيرتاح..
********************************************

في جانب اخر.. كان تيم جالسا في صالة جانبية في بيت جده لامه وبجانبه اخوه الصغير ذو الاربعة اعوام سامر وابنة خالته الصغرى مي.. مركزا في فيلم بينما والدته وخالته وجدته ايضا في الصالة الرئيسية..
قام متجها الى المطبخ الواسع ودخل قاصدا الثلاجة يريد شيئا باردا يشربه فسمع حديث والدته..
-" يقول ابوي نقلو المصابين للمستشفى العسكري"
جدته -" اي اكيد كلهم جنود الي تصاوبو.. والي توفوا بعد رحمة الله عليهم.."
-" امين يارب.. اجل ولد المجد لاهي اشوى ان الولد اخذناه الليلة عندنا.. بدال لا يتركه لحاله"
ارهف السمع..
قالت خالته سهى
-" تحسسيني انه مهمل الولد ! ترى عندهم مربية مرة تهبل نسيتيها ؟"
بقهر وحقد تجيب امه
-" ياليت انسى اتمنى انسى كل شيء مريت فيه معاه الكريه ذكرى سوداء بحياتي الله يسامح ابوي بس"
تنهرها الجدة
-" كم مرة قلت لك احكي عنه بخير لانه ما عاملك الا بخير! خافي الله ذا ابو ولدك"
-" ولدي الي جاء غلطة ! حتى سبحان الله من زود حظي القبيح الولد نسخة ابوه!"
اختها تقول -" قسم بالله ياسارة انك ما تستحين على وجهك ولدك ذا حرام عليك لا يسمعك! "
-" واذا سمع " تقولها بلا اهتمام..
تهز اختها رأسها بقلة حيلة ثم تقف قائلة
-" الصغار سهرو بقوم انومهم احسن .."
بذات لا مبالاتها
-" وصلي ولد يوسف لغرفته على دربك"
بعنف تجيب اختها
-" اسمه تيم ولدك مو ولد يوسف وبس! استغفري ربك شفيك اليوم ! "
انسحب تيم مسرعا.. متجها الى غرفته فيكفيه ما سمعه! ولأول مرة! لم يتوقع ان والدته تحمل له هذه المشاعر! ليست كره ولكن هي لا تهتم له ايضا.. هو غلطة ؟! انا غلطة! ماذنبي في كل هذا؟ وماذنب والده ؟ ثم هي الم تحصل على ماتريده زوجا وابنا ؟ ان والدي محق!
يالحزن قلبي ان كانت امي لا تهتم لامري..
جلس بتفكير وعينان تلمع من قهره! كم اغضب والده كثيرا وكم كان محقاً..
ولكن مالداعي لان تقول امه كل هذا الحديث ؟
سقطت دمعة فمسحها بكبرياء مراهق.. ثم قرر سريعا ان يهرب من هنا.. والده في خضم الفوضى والجرحى بعد انفجار ظهر اليوم.. عليه ان يتصل به ليطمئن عليه.. ويخبره ان يأتي لأخذه الى بيته.. ضاقت عليه جدران هذا القصر !
********************************************

وفي الاسفل.. كان النقاش محتدا بين سارة وسهى.. تصرخ سارة بأسباب نقمتها اليوم..
-" بعدت عن الولد سنة ونص ارجع الاقيه نسخة من ابوه يمه نسخة الولد يذكرني فيه وانا ما ابغى اتذكره"
-" وش سوى لك يوسف سؤال بس ! والله العظيم انه ما يستاهلك وعسى ربي يعوضه بالي احسن منك"
-" نعمممم؟ انا اختك ترى وبعدين مين تعيسة الحظ الي بترضى فيه بنصحها انا عن تجربة" تقولها باشمئزاز
وقفت الجدة بقوة منهيةً جدلا عقيما فلا فائدة من افكار سارة الناقمة لكون زواجها بيوسف تم بغير رضاها متحسرة على عمر ضاع برفقته بينما سهى والتي تقف معها منصفة ومحقة فيوسف رجل بحق ولكنه النصيب والقلوب.. القضية الآن كون ابنتها لم تقتنع وتنقم بشدة على فترة عاشتها بدلال ودلع واهتمام يوسف بل وبثراء فاحش.. عليها ان تحفظ اسمه وذكره ان برضاها او بالاجبار فهذا الواجب وما يستحقه رجل مثل يوسف..
-" اسمعي يابنت!! يمين بالله اسمعك فاتحة سيرة يوسف بشيء شين اقص لسانك واخبر ابوك بعد يكسر راسك! عنبوبليسك وش تبين الحين؟ مو اخذتي الي تحبينه؟ وهذاك عايشه معه؟ وعندك ولد منه؟ انشغلي بنفسك وحياتك وخلي ولد الحلال بسبيله على الاقل عشان ولدك اجل تيم غلطة! خافي ربك لا يحرمك منه وتعرفين ساعتها قدره ! استحي على وجهك واحمدي ربك على ماعطاك من نعم وخلاص ارضي.."
صمت.. وسارة غاضبة بوجه محمر ولكن لم تقدر على الرد فأمها محقة ولكن ماذا تفعل مع كرهها له!
اضافت الجدة..
-" روحي تطمني على ولدك لا يصير سمع شيء بس .. ويله يكفي سهر كلكم روحو نامو"
توجهت الى المصعد كي تنام في جناحها..
بينما سهى تتأملها بامتعاض وسارة غاضبة فزفرت في وجه اختها
-" خلاص انقلعي فهمنا لا تجلسين تطالعيني كذا"
هزت سهى رأسها بضيق وذهبت ترى الاطفال في تلك الصالة الجانبية حيث التلفاز كي تحثهم على النوم..
********************************************

في الأعلى.. كان تيم يدور واضعا الهاتف على اذنه ينتظر صوت والده..
بينما في المستشفى.. كان يوسف مجهدا ومرهقا بحق خاض اكثر من عملية جراحية وفات موعد خروجه فجلس الى مناوبة ليلية لم يكن اليوم دوره فيها.. كان اليوم فوضويا وحزينا بحق توفي الكثير والكثير في حالة حرجة.. جلس اخيرا في مكتبه يتنفس بعمق وتعب وحسرة.. ثيابه ملطخة بدم المصابين والشهداء.. دعا الله بقلب محترق ان ينتقم الله ممن يقتل الابرياء ويعثو في الارض فسادا..
هم بالخروج مغلقا المكتب خلفه.. فرن هاتفه.. اخرجه ثم عقد حاجبيه يتأمل الساعة المتأخرة وبقلق رد مسرعا على ابنه
-" تيم! عسى ماشر يبه فيه شيء الوقت متأخر"
بلع الفتى ريقه.. وقال بصوت لا مبالي وكاذب فكان يبكي منذ قليل..
-" مافيه شيء انت شلونك؟"
باستغراب لسؤال ابنه في حد ذاته ولكونه في هذه الساعة المتأخرة! يمشي خارجا مسلما بكفه الحاملة لمفاتيحه على بعض الزملاء الباقين.. ثم خرج فلفحه هواءا حارا متجها الى سيارته في المواقف
-"تيم شفيك؟ وليش مانمت للحين؟"
-" انت بالبيت؟"
بانفعال قال
-" ولد اخلص فيه شيء صاير شيء خوفتني ترى!!"
-" ليش تصارخ الحين ماصار شيء وش بيصير بس .. بس ابي ارجع للبيت"
يعقد حاجبيه في دهشة
-" ليش ؟ وهالوقت ؟ مامداك رايح لها في النهار بس ! " وبلهجة تحقيقة
-"صاير شيء ياولد؟"
-" اوووف ماصار شيء بس ابي ارجع شكلك بسيارتك صح؟ خلاص مرني على دربك والا بصحي العم مصلح يجيبني "
كان منطلقا في طريقه مفكرا ان شيئا ما قد حدث بالتأكيد.. فأجاب ابنه..
-" خلاص اهدى ولا تصحي العم حرام شايف الوقت انت! الحين امرك جهز حالك"
-" طيب"
اغلق من ابنه.. يضرب الهاتف على دقنه مفكرا.. ثم شعر بغضب شديد فبالتأكيد سارة البغيضة ضايقت الولد بكلمة! وابنه حساس جدا وذو كبرياء ولكن كيف ومهمتها في الفترة الاخيرة ادعاء المثالية وتحريض تيم عليه هو!
بحث عن رقمها وارسل رسالة لها ولولا ان الوقت متأخرا لكان اتصل عليها..
********************************************

كانت سارة على نفس جلوسها تفكر وتحلل وتعظَّم كرهها وحقدها.. فجأة طل عليها ابنها تيم بوجه شبيه بوجه والده.. الفرق انه اصغر واقصر والطف وبلا لحية خفيفة ! يا الهي !!
بلعت ريقها ثم حين رأت حقيبته اعتدلت تنصب ظهرها قائلة بحدة
-" خير على وين؟؟"
تيم ببرود وعناد وعينان حمراوان يكتف يديه ثم يجيبها
-" بروح لابوي"
بدهشة
-" الحين؟؟! وانا؟ "
-" عادي بجيك بكرا وكل يوم بس مارح انام الا عند ابوي .."
بغضب تقف وتجيبه
-" عشتووو ياولد يوسف !!! وتوك تقرر!!! "
-" اسمي تيم شكلك نسيتيه لما سافرتي " قال لها بعناد وتحدي ووجه مازال متشبثا بلمحة طفولة..
بصدمة تتأمله.. وبغضب يتأملها.. ثم صوت رسالة قطع نظراتهما
قالت تنفض الشرود عنها.. وتمد كفها تستوقفه ان اراد النطق او الحراك
-" اصبر "
رفعت هاتفها القابع في كفها الايسر.. وبصدمة ترى اسم يوسف ينير شاشته برسالة " وش مسويه في الولد انتي ؟!"
رفعت رأسها تتأمل تيم بتدقيق ثم سألته
-" وش قايل لابوك انت؟"
بلا اهتمام يوزع نظراته في كل مكان عدى عيناها..ويقول
-" قلت تعال خذني "
انزلت عينيها تكتب بسرعة بأسلوب هجومي ثم تنهدت ومسحته وردت بعلامة استفهام فقط..
اجابها مباشرة "دقيقتين وخلي الولد يطلع لي.. وحسابي معاك بعدين"
توسعت عيناها وهمست بوعيد " حسابي انا معاك والحين " توجهت الى الاعلى تحضر حجابها وعباءتها مسرعةً وقالت لتيم اثناء صعودها
-" انتظرني شوي واجي"
باستغراب يتأملها ثم انزل عيناه منتظرا بملل.. قليلا وظهرت خالته سهى من غرفة بعيدة تتأمل تيم بدهشة
-" على وين حبيبي ؟!"
ابتسم ابتسامة صغيرة لخالته الطيبة وقال
-" رايح لابوي خالتي وبجيكم بكرا ان شاءالله "
همت بالرد ولكن استوقفها نزول اختها كالعاصفة بعباءة زرقاء وحجاب ابيض تضعه كيفما كان ثم صاحت بتيم
-" يله قدامي!"
-" وين ؟! سارة؟!"
التفتت بعنف تجيب اختها وهي مازالت على سيرها تسحب تيم من ذراعه
-" رايحة اتفاهم مع يوسف "
-" هالوقت !!!!! " تصيح خلفها سهى ولكن لم تعرها اي اهتمام بل خرجت بعنف فوقف تيم جارا ذراعه وصائحا
-" ااه عورتينيييي ليش تسحبيني "
-" تستاهل ياولد ابوك!!"
بلع تيم غصته ومشى امامها الى ان قطعو الحديقة الكبيرة ففتح تيم الباب بعنف اجفل يوسف الذي كان متكئا على مقدمة سيارته.. فاعتدل مسرعا يتأمل بدهشة ركوب ابنه واغلاق الباب بعنف بصدر يعلو وينزل.. ولكن مازاد دهشته خروج والدته كالريح العاصفة ثم وقوفها امامه ترفع سبابتها وتصرخ في وجهه
-" مو انت الي تحاسبني ! ماصدقت اخلص منك جاي الحين مسوي وصي علي وولدك ماقلت له شيء الا انت الي مسمم عقله !!"
بسخرية يتأمل اصبعها الممدود قريبا من عينه.. فرجع خطوة الى الوراء
ثم قال
-" شايفة الوقت انتي طالعة في الشارع تصارخين؟ ادخلي بس ادخلي وعقب نتفاهم"
بحدة وانفعال محاولة اخفاض صوتها بالرغم من غضبها الذي اشتد من سخريته
-" مارح نتفاهم اصلا مافي شيء نتفاهم عليه روح انت وولدك ما احتاجكم اصلا ! "
اشتد وجهه بحدة فقال مقتربا يهمس بفحيح بعد ان القى نظره على ابنه والذي كان مكتفا يديه ينظر الى الاسفل
-" اشششش اسكتي تيم لا يسمعك ! بعدين خذيها مني كذا على بلاطة ولا احنا محتاجينك عمرنا اصلا ما استفدنا منك وانتي بيننا بنستفيد منك وانتي بعيدة ! بس وقفي وقفي تحرضين الولد وقفي تضيقين خلقه "
تبلع ريقها وتقول
-" ماقلت له شيء ! انت الي تحرضه والله والا كيف بنص الليل قرر يهرب مني !"
تنهد يتأملها.. جميلةٌ هي.. جميلة جداً.. ولكن لسوء معشرها وطباعها لا يرى الآن الا القبح ..
ثم قال بهدوء منهيا جدلا عقيما
-" اسألي نفسك.. يله ادخلي بس الوقت متأخر وبعدين نتفاهم"
تتأمله بحدة يمشي برشاقة وهيبة.. ملابسه تحمل بقعا من الدماء الآن انتبهت عليها..
بلعت ريقها.. ثم حين وقف ممسكا بباب السائق محركا عينيه بمعنى (ادخلي!!)
تنهدت تمسك حجابها الذي انحل معاودة لفه بدون انتباه ثم دخلت مغلقةً الباب..
ركب يوسف اخيرا يتأمل تيم المطرق بعينيه يتأمل كفيه.. محاولا التماسك بأنفاس مضطربة..
فانطلق في طريقه مركزا انظاره امامه.. مقررا تأجيل الحديث.. كي لا ينفجر ويبكي هذا الصغير المدعي للرجولة..
********************************************

تناولت مع خالها القليل ثم نهضت تلملم السفرة وترتب المكان.. ثم توجهت الى الصالة حيث جلوسهما سابقا تأخذ هاتفها لتذهب الى غرفتها وتنام قليلا قبل الفجر.. ولكن ما ان استقامت حتى نظرت بتدقيق الى الاوراق التي نثرها نواف على الطاولة ممسكا بقلم ودفتر ملاحظات يتأمل ملفا ضخما و على عينيه نظارة قراءة بينما ملامحه جادة وقاسية.. استوقفتها صورة فمدت يدها بفضول تسحبها.. نهرها نواف قائلا بلا تركيز
-" بنت لا تحوسين "
شهقت تضع يدها على فمها.. فشدت انتباه نواف تماما فعقد حاجبيه وجر الصورة من بين اصابعها..
تنهد ثم وضعها مكانها دون أن يتكلم وعاد إلى عمله..
جلست بجانبه ثم سألت بلا تصديق
-" هذا هذا مو منا مناحي؟ "
-" الا هو"
-" شلون؟ هو مو طلع من السجن صح ؟"
-" حنان لا تكثرين اسئلة روحي نامي تأخر الوقت"
-" الله يخليك جاوبني خالي!! تعرف عنه شيء هو بالقرية الحين ومتخبي والا اساسا مو فيها؟!"
-" حنان.. هو كان مسجون ل3 سنوات طلع ورجع للقرية فترة وبعدها اختفى.. ماندري وينه للحين "
-" طيب هو اساسا وش كان مسوي عشان ينسجن والحين ليش صورته عندك ؟! وش سوى بعد ؟!!!"
بانفعال اجابها
-" حنان قلت لك لا تكثرين اسئلة روحي غرفتك يله"
بترجي ومازالت الدهشة تغمرها
-" خالي جاوبني الموضوع مايخصني لوحدي ابغى اعرف كل شيء عنه !!"
بنبرة مرعبة وعينان قاسيتين ونبرة خافتة خطرة
-" وش.. تقصدين ؟"
بلعت ريقها.. ثم نهضت مسرعة تتراجع الى غرفها
-" ولا شيء.. "
قبل دخولها غرفتها سمعت صوته يقول
-" ارهابي"
التفتت مصعوقة
-" نعم؟؟؟!!!"
القى عليها نظرة ثم عاد الى انشغاله
حدثت نفسها بصوت مسموع
-" واحنا الي كنا نقول يشتغل بمخدرات.. والا مثلا متحرش بأحد لانه كلب ومسعور.. بس توصل فيه المواصيل انه يقتل الناس؟؟؟؟؟!!"
مسد جبهته ثم قال بحدة
-" حنان خلاص يكفي روحي نامي ولا تفكرين كثير.."
-" يعني خالي التفجير هذا له يد فيه"
-" غرفتك حنااااان "
-" طيب طيب!!"
ثم سمعها تدعو وتتحسب عليه وتنعته بأصناف شتى من الحيوانات.. فتنهد ووجد ابتسامة خفيفة تتسلل الى وجهه..
ارجع رأسه الى الخلف مغمضا عيناه ومفكرا.. بمعنى ماقالت حنان.. " الموضوع ما يخصني لوحدي " تقصد صاحبتها بالتأكيد.. هل هذا يعني أنها مازالت تخاف من ذكراه ؟!
لن يهدأ له بال حتى يراه يُشنق أمامه ذلك النجس..
********************************************

وصلو منزلهم في الباحة الخارجية وفي مكان ايقاف السيارة المعتاد.. اطفأ يوسف السيارة فنزل تيم بهدوء يحمل حقيبته والتي كانت بين اقدامه طوال الطريق فلم يمهله الغضب والضيق ان يضعها في الخلف.. بينما يوسف يتأمله ثم حمل نفسه وهاتفه ونزل يغلق الباب وعيناه مسلطة على ظهر ابنه.. وقف بجانبه يفتح باب المنزل الكبير فسبقه تيم فاتحا اضاءة صفراء قرب المدخل أنارت البهو بضوء خفيف.. توجه الى السلم ويوسف مازال واقفا يتأمله.. ثم نادى بهدوء
-" تيم"
ألتفت تيم.. ثم بدهشة وعيناه تتأمل ملابس والده
-" وش هذا ؟!"
تنهد ملقيا نظره على قميصه ثم عاد بانظاره الى ابنه
-" دم المصابين.. والشهداء.. الله يرحمهم"
-" امين.. وانت كيفك شكلكم تعبتو كثير"
تحرك يوسف جالسا على اقرب اريكة واضعا يديه اسفل ذقنه ناظرا للأسفل
-" تعبنا لكن الحمدلله على كل حال والله ينتقم من الظالمين.."
تأمل تيم منظر والده الذي يوحي بالوحدة الشديدة.. وبحزن يغمر قلبه قرر أن عليه توثيق اواصر العلاقة والصداقة بينه وبين والده فلا احد لهما بعد الله الا هما!
اقترب ثم مال مقبلا رأسه وبتردد جلي يشبك يديه ويفركهما بشدة
-" اسف يبه "
بدهشة يتأمله يوسف.. ثم عقد حاجبيه وقال مدققا في ملامحه الحزينة
-" شفيك يبه؟ وش صاير ؟ ماودك تحكي لي ؟"
بلع ريقه.. ثم قال..
-" طلعت صادق"
-" صادق بايش؟"
-" امي.. امي ماتهتم لي ابد ! ولا تحبني ! لو اموت مافرق معها "
وسقطت دمعة حزينة.. فشده يوسف من كفه ليجلس بجانبه وملامحه متأثرة يمسك وجه ابنه وفلذة كبده وكل عائلته..
-" لا يبه مو كذا الموضوع.. هي تحبك بس مشكلتها الي واجهته قبل مازال مضايقها.."
وضع كفه على كف والده الدافئة محاولا ابعادها عن وجهه بكبرياء.. ولكن يوسف شده بل وقبل رأسه.. ثم قال بجدية
-" لا تضيق خلقك صدقني هي تحبك"
-" مو مهم.. المهم الحين ابغاك تسامحني لاني سويت اشياء غلط كثير وصرخت عليك اسف يبه"
قبل رأسه مجددا مجيبه بمداعبة كعادته مبتسما بشوشا يأسر القلب بروحه الطيبة
-" قلتها لي مرتين ياحظي وش هالرضى الي نازل علي "
ابتسم تيم ولم يجب..
فقال يوسف
-" شوف تيم يبه.. امك تحبك ومابي الي سمعته ايا كان يأثر على علاقتك فيها وحتى كلامي لك قبل.. تبقى امك ولها عليك حقوق وواجبات انا بس كل الي كنت ما ارضى عليه انك تخاصمني عشان ايا كان هالاحد.. وبرضو ما ابغاك تخاصم امك عشاني انا ! الام والاب اهم الناس فحياة الانسان فاهمني؟"
-" فاهمك"
-" وحتى لو ما كانو زي مانحب لازم نصبر عليهم.. طيب؟ "
-" طيب "
-" يله روح نام مرة تأخر الوقت.."
-" مارح اداوم بكرا عندنا يوم مفتوح"
-" لا ياشيخ"
-" اي والله ليش اداوم مافي دراسة"
-" خلاص كيفك.. بس روح نام شوي واصحيك لوقت الصلاة زين "
-" زين.. تصبح على خير"
صعد تيم حاملا حقيبته وانظار يوسف تشيعه بأسف وقهر من تلك الحمقاء مالذي قالته هذه المرة؟ ولكن الحقيقة مصائب قوم عند قوم فوائد فهاهو ابنه يلين ويفكر بعقل..
هذه الحسنة الوحيدة التي قدمتها له سارة !
********************************************

صباح جديد.. تدخل إلى مكتب والدها فلديهم اليوم اجتماع مهم كملاك للشركة.. دخلت بهدوء تلقي السلام فوجدته جالسا على طاولة الاجتماعات بينما والدها يقف أمام النافذة الزجاجية يكلم في هاتفه..
بلعت ريقها حين التفت والقى عليها نظرة باردة ثم رد السلام واعتدل يتأمل شاشة الجهاز اللوحي بين يديه..
عضت شفتها السفلى بخفة وغيظ منه.. ثم تحركت ترتدي قناع البرود وبغرورها الفطري تجلس امامه بعد ان امسكت ذراع والدها فالتفت اليها وابتسم ثم عاد لمكالمته المهمة..
وضعت ملفا كانت تحمله وفتحت جهازها اللوحي ثم ببرود تكتفت توزع انظارها في المكتب الواسع..
-" دريتي عن احداث امس؟"
نبرة مبحوحة لا تشيء بأي شيء.. التفتت تركز عينيها في عينيه والتي تتأملها بنظرة.. غريبة..
-" اي احداث؟"
بسخرية طفيفة.. كمعنى (انك لا تهتمين سوى بذاتك)! يقول
-" التفجير "
مالذي يقصده بسخريته هذه ؟! بالتأكيد تعرف الاخبار من حولها وليست عديمة اهتمام لهذه الدرجة! بل هي تهتم وكثيرا وجدا ولكنها تخفي وتكتم..
-" اكيد دريت .. الله ينتقم منهم ويرحم من توفى.."
قالتها وانزلت عينيها الى هاتفها تحمله بكلتا يديها بينما اصابعها الملونة بالاحمر الداكن والخاتم الذي يستقر في اصبع يمينها الاوسط.. تبدو.. رائعة..
صَمَت.. منزلا عينيه وتنهيدة تخرج من صدره.. مالعمل مع هذا القلب بين أضلاعه ؟
لا يفهم ولا يعقل حجم الحواجز والظروف بينهما، دعني أتنفس براحة.. خفف انتفاضتك اللعينة حين تراها.. أصمِت ضجيجك إن نظرت إليك بعينيها الزرقاوين.. وإن حكت؟ أكبح دموعك ياقلبي وتجلدْ..
********************************************

بعد رسالة وصلتها من حنان منتصف النهار تسألها ان كانت متفرغة ام لا.. نهضت من مكتبها وتوجهت الى الخارج حيث حديقة لطيفة صغيرة.. جلست على احدى الكراسي مرسلة الى حنان بانها متفرغة.. اتصلت حنان فردت مباشرة..
-" اهلين حنان"
-" هلا موجعة شلونك "
-" الحمدلله احنا بخير انتم شلونكم عقب احداث امس؟"
تنهدت حنان تمسد جبهتها ثم قالت بابتسامة طفيفة تشاقي صاحبتها
-" الحمدلله احنا بخير انا والي تقصدينه"
بتوتر وخد محمر
-" حنان بلا استهبال قسم بالله انتي بجيحة"
-" ههههههه طيب طيب.. اسمعي بقولك شيء"
-" وشو ؟!"
-" تذكرين.. مناحي؟"
تعقد حاجبيها ثم بتوتر غامر تنهض تمشي جيئة وذهابا
-" وش .. جاب طاريه؟"
-" تخيلي.. امس حصلت صورته مع خالي! يقول انه مختفي وجالسين يدورون عليه"
-" ل ل ليش ؟ وش مسوي؟ "
تقولها وهي تحرك كفها الايمن بانفعال وضيق
-" تخيلي احنا نحسبه مخدرات والا تحرش والا شيء طلع ارهابي !"
-" نعععععم؟؟! ارهابي؟!!"
-" اي الحقير"
-" يعني.. يعني امس له يد فيه؟"
-" شكلها ايه الله ينتقم منه! مدري وش هالمرحلة الي وصلها من السوء الله يعين بنته بس"
-"....."
تعقد حنان حاجبيها.. ثم تنادي بقلق
-" موجعة.. موجعة ليش سكتي بنت"
بصوت يرتجف.. بعد ان عادت تجلس تضع يدها على رأسها
-" حنان.. تدرين للحين احلم فيه ؟ "
-" ادري.. بس لا تخافين هو صح منحاش الحين بس بيحصلونه باذن الله ومارح يرجع للقرية"
-" الفترة الي رجع فيها للقرية ماتتخيلين الرعب الي عشته كنت ابكي وادعي يارب ما اصادفه.. وماصدقت قالو انه سافر.. الحين تقولين انه مختفي ومحد يعرف وينه.. وان كان قريب مني؟؟! وانا ما ادري؟!!!!"
-" بنت موجعة هدي ماقلت لك عشان تخافين كذا توكلي على الله واستودعي الله نفسك بعدين اقولك الي سواه مارح يعدي بسهولة الدولة تدور عليهم.. لا تخافين"
تساقطت دمعاتها تشرح صعوبة ما تقاسيه.. رغم السنوات ورغم السجن الذي آل إليه حاله.. ألا أنه يزورها أحيانا.. بابتسامته المشوهة وكرشه العظيمة وصوته الذي يثير فيها القرف والرغبة بالموت..
اللهم اكفني شرّه..
قالت بعد برهة بصوت يرتجف
-" حنان لازم اسكر.. انتبهي لنفسك.. سلام"
-" انتي الي انتبهي لحالك تكفين موجعة خصوصا بالطريق.. استودعكم الله"
-" بحفظ الله"
قالتها شاردة.. تعتدل في جلستها ترجع ظهرها إلى الكرسي خلفها.. وتهيم بذكريات سوداء مع ذلك النجس.. خصوصا تلك الذكرى التي ظهر فيها منقذها.. يا الهي تشعر بها كالأمس..
بلعت ريقها.. وتنفست بعمق تطرد نوبة الهلع التي أصابتها لذكره هكذا على مسامعها..
-" ارهابي!!!!"
همست بها لنفسها.. ثم نهضت بعد دقائق طويلة.. محاولة ابعاده عن نطاق تفكيرها..
وعادت الى عملها بذهن مشغول وقلق يغمر قلبها..

.
.
نهاية الفصل العاشر


يامور__ غير متواجد حالياً  
قديم 10-07-20, 08:12 AM   #48

Sooooo2

? العضوٌ??? » 420794
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 101
?  نُقآطِيْ » Sooooo2 is on a distinguished road
افتراضي

ماشاء الله الفصل العاشر افضللللل فصل كتبتيه
الله يوفقك يارب ويسهل امورك واختباراتك وعقبال الفل مارك والامتياز بجميع المقررات
القفله حماسيه ...
عجبني كلام يوسف لابنه، دائماً يصير فجوة بين الابناء و الوالدين في حال الانفصال ..


و عجبني نواف ووقفته مع حنان .. و حبه المخفي لموجعه

التفجير حسبي الله في من وقف خلفه واللي اكيد مناحي و شلته ..

موجعه بترجع تخاف من مناحي ويهدد حياتها..

ادم ومسك اعجابهم لبعض اصبح واضح للجميع .. خصوصاً ادم غيرته تفضحه واخيراً البارد حس بنفسه وعبر بالقليل من شعوره..

الجاي حماس اكثر.والغموض يحير💔

دعواتي لك بالتوفيق والمزيد من التقدم.. استمري في الكتابة ولا تقطعينا..


Sooooo2 غير متواجد حالياً  
قديم 19-07-20, 06:49 AM   #49

Sooooo2

? العضوٌ??? » 420794
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 101
?  نُقآطِيْ » Sooooo2 is on a distinguished road
افتراضي

اهلاً صباح الخير
كيف حالك يا كاتبتنا العزيزة ؟ وماهي اخر المستجدات؟ انتهيتي من اختباراتك؟
اشتقنا لقلمك😔.


Sooooo2 غير متواجد حالياً  
قديم 24-07-20, 02:20 AM   #50

Sooooo2

? العضوٌ??? » 420794
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 101
?  نُقآطِيْ » Sooooo2 is on a distinguished road
افتراضي

كل يوم وكل بعد كم ساعه احدث الصفحه ، يامور طمنينا خلصتي اختباراتك؟

Sooooo2 غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:39 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.