آخر 10 مشاركات
نبض فيض القلوب (الكاتـب : شروق منصور - )           »          لا اجيد العتاب (الكاتـب : الاسود المغرمه - )           »          من أجل أمي (28) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          إفتقادّ *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          فقط.......دعيني احبك (الكاتـب : المســــافررر - )           »          من تكوني ...؟ (الكاتـب : المســــافررر - )           »          نيكو (175) للكاتبة: Sarah Castille (الجزء الأول من سلسلة دمار وانتقام) كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          لماذا الجفاء - آن ميثر ** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          شهم الطبايع يا بشر هذا هو الفهد *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree68Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-08-20, 06:19 AM   #541

shymaa abou bakr

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية shymaa abou bakr

? العضوٌ??? » 355161
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,527
?  نُقآطِيْ » shymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fatma ahmad مشاهدة المشاركة
انا لسه مخلصة الفصل الاول والشخصيات يشدوا جدا وعايزة اولع في راوية وشهيدة الباردة

عائلة غسان وراهم سر مش حاسة ان عبد الله اخوهم علاقة جويرية وخالد عجبتني وعجبني التشجيع اللي بيديهولها مع انه مش شايف مقابل او تشجيع منها
تهاني مالك يا قمر 🙄 بلاش اللهفة اللي علي الجواز دي يا مزة احسن تتخزوقي

تشاي مع انه ما ظهرش الا لقطة بس وصلت لي ابتسامته 😃

فين بقي الاخ صهيب اللي مولع الجروبات 🤔😂
هروح جري علي الفصل الثاني 🏃‍♀🏃‍♀🏃‍♀
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fatma ahmad مشاهدة المشاركة
هاي 🙋‍♀🙋‍♀
خلصت الفصل الرابع وابتدت تظهر بعض الاسرار جويرية فعلا عندها حالة مرضية بسبب انقاذها لفدا ودع يرحعنا ليه فدا كانت عايزة تنتحر وده بيرجعني ان عبد الله ابن فدا 😭 بس ازاي مش عارفة

تشاي تعبيراته سكر وقمر 😂😂 اول ما بقرا مشاهده بضحك اعتقدا جويرية هتتفاجئ لما تعرف انه مسلم

فاضل وام النكد حلويين واعتقد انه هيفضل وراها لما تفك شوية وتطلع اللي جواها

تهاني واضح انها هتقابل صهيب وهي عند اهل ماماتعا وانا منتظرة بفارغ الصبر 💃
وانت يا استاذ خالد نصيبك فين 🤔 معقول ما ظهرش لسه 😂


منورانا والله ياحب
انضمي لجيش الطلائع اللي هتطلع طلائع راوية وشهيدة




shymaa abou bakr غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 11-08-20, 08:03 AM   #542

Faten Farid

? العضوٌ??? » 432211
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 49
?  نُقآطِيْ » Faten Farid is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shymaa abou bakr مشاهدة المشاركة
اتفضل اتفضل اتفضل اتفضل اتفضل
اتفضلت ودخلت برجلي اليمين وعايزة واجب الضيافة واحد صهيب من فضلك


Faten Farid غير متواجد حالياً  
قديم 12-08-20, 10:15 AM   #543

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الورد
تسجيل حضور
بانتظار الفصل


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً  
قديم 12-08-20, 12:30 PM   #544

mayna123
 
الصورة الرمزية mayna123

? العضوٌ??? » 365675
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,279
?  نُقآطِيْ » mayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond reputemayna123 has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الخير
تسجيل حضووور


mayna123 غير متواجد حالياً  
قديم 12-08-20, 12:40 PM   #545

MerasNihal
 
الصورة الرمزية MerasNihal

? العضوٌ??? » 410863
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 252
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » MerasNihal is on a distinguished road
افتراضي

يسعد صباااحك غاليتي
تسجيل حضور
في إنتظار الرمان وصهيب، قصدي الفصل😂


MerasNihal غير متواجد حالياً  
قديم 12-08-20, 12:52 PM   #546

Faten Farid

? العضوٌ??? » 432211
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 49
?  نُقآطِيْ » Faten Farid is on a distinguished road
افتراضي

صباح الرمان يا شيمو .. تسجيل حضور

Faten Farid غير متواجد حالياً  
قديم 12-08-20, 12:57 PM   #547

ام الارات

? العضوٌ??? » 390163
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 588
?  نُقآطِيْ » ام الارات has a reputation beyond reputeام الارات has a reputation beyond reputeام الارات has a reputation beyond reputeام الارات has a reputation beyond reputeام الارات has a reputation beyond reputeام الارات has a reputation beyond reputeام الارات has a reputation beyond reputeام الارات has a reputation beyond reputeام الارات has a reputation beyond reputeام الارات has a reputation beyond reputeام الارات has a reputation beyond repute
افتراضي

ايه ده اول مرة اصحى والاقي الفصل لسه مانزلش عسى المانع خير

ام الارات غير متواجد حالياً  
قديم 12-08-20, 01:04 PM   #548

Amira94

? العضوٌ??? » 428003
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 48
?  نُقآطِيْ » Amira94 is on a distinguished road
افتراضي

صباح الخير
تسجيل حضور😍😍


Amira94 غير متواجد حالياً  
قديم 12-08-20, 01:18 PM   #549

shymaa abou bakr

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية shymaa abou bakr

? العضوٌ??? » 355161
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,527
?  نُقآطِيْ » shymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل التاسع


"لينة...لي لي"
اعتدلت لينة من انحنائها علي كتاب التنمية البشرية الذي تكاد من كثر تركيزها في كلماته... ان تعيش داخله لتجيب أمها بابتسامة ووجه محمر
"نعم ماما"
غمزت لها أمها بمرح وهي تهمس بصوت حاني
"مشرق وعائلته ... هنا"
وقفت لينة بقامتها القصيرة التي لا تدل علي سنواتها الخمسة عشر.. وصدرها يعلو وينخفض بسرعة... تحاول لملمة مشاعرها المنفعلة وهي تلملم شعرها المجعد في كعكة عالية
"حقا يا أمي! هنا ! عندنا!"
ضحكت الام وسعادتها البادية لسعادة ابنتها تنطق مع ملامحها... دوما كانت أمها رومانسية حالمة وقد تشربت لينة بهذا الطبع
" لا يا بلهاء... هنا في البلد.. هيا البسي احلي ما عندك لنذهب لنبارك لهم سلامة الوصول"
يومها ارتدت فستانا اسود زي ورد ملون مطبوع ... وفردت شعرها بالسيشوار ومكواة الشعر كي تخفي تجعيداته... وذهبت مع عائلتها .. إليه
يومها استقبلتها امه وابيه... بترحاب أكبر من كل سنة... وقبلات أكثر واحضان أكثر وهدايا أكثر
أما هو ... فكفتها ابتسامته المشرقة... ووسامته التي تخطفها وتعيدها لروايتها الرومانسية ... إلا أنها هي البطلة اليوم.. وهو أميرها الوسيم
خاصة وهو يهمس لها دون ان يلحظ احد
" السنة القادمة ... الهدايا ستكون هدية واحدة فقط ... خاتم خطبة"

"صباح الخير"
رفعت لينة عينيها لتواجه تلك التي نست اسمها والتي حينما استيقظت منذ قليل وجدتها تنام جالسة علي كرسيها
(صباح الخير)
قالتها لينة بحرج وهي تريد ان تسألها عن اسمها
وكأن جويرية فهمتها ... فأجابت السؤال غير المنطوق
(انا جويرية... جارتك التي أرسلت لها الرسالة في الفطيرة)
تذكرت لينة كل شيء... حتي تذكرت الصفعات التي كانت تطلق صرخاتها في تلك الشقة ويكتمها مشرق بكفه
لاحظت جويرية تراجع اللون من وجه لينة فسارعت تتحدث وتتحدث
حكت لها عن شعورها بالفزع حين وجدت هي وخالد سترتها الملطخة بالدماء ... ليعرفا في اليوم السابق من تحقيقات الشرطة .. ان الدم عليها كان نتيجة لجروح لينة التي سبقت هروب مشرق بها
شعورها بفقدان الحيلة حين أبلغت الشرطة واجابوا ان عليها الانتظار
شعورها بالسعادة حين هاتفها خالد يخبرها بالعثور علي لينة...
تخبرها عن مشاعر مختلفة ... بنفس الوجه الجامد والنبرة الصامتة...... حالتها العجيبة شتت لينه للحظات عن مصابها فضيقت لينة عينيها تحاول اكتشاف العلة
لتجيب جويرية ثانية وكأنها تقرأها ككتاب مفتوح
(انا مصابة بحالة من التضرر الدماغي تفقدني خمسين بالمئة من قدرتي علي التعبير عن مشاعري سواء في ملامحي أو صوتي أو لغة جسدي)
وكأن الحالة مرت عليها ألف مرة ... هزت لينة رأسها بنصيحة قرأتها في كتاب "كيفية التواصل الصحيح مع الاخرين" ... وهي أن لا تشعر المتحدث أبداً بالدهشة العارمة لما يقول ولا تستنكر أبداً ما يصرح به
لذا سألت بهدوء واهتمام
(وماذا حدث للخمسين الأخرى؟!)
رفعت جويرية كتفيها بلامبالاة شارحة
(حسنا سأحاول الشرح...الخمسين بالمئة خاصتي لا تُصب في مشاعر عن مشاعر... بل وُزِعت علي كافة ردود الأفعال... لتصبح كلها باردة بدلا من منعدمة)
عقدت لينة حاجبيها بعدم فهم...فاستطردت جويرية بإسهاب ليس من طبيعتها
(ردود افعالي ببساطة ابرد كثيراً من الطبيعي... بمعني ما قد تقهقهين انت عليه حتي تدمع عيناك... قد يدفعني فقط للابتسام حتي وإن كنت داخليا اقهقه أعلي منك... ما قد يفزعك ويجعلك تصرخين... لن ينال مني سوي انتفاضة بسيطة)
بالرغم من ثبات الملامح إلا ان لينة قرأت حزنا في عيني جويرية والأخيرة تكمل
(لذا قررت ان الجمود أفضل حل...)
طرقات الباب تلاها دخول فدا...محملة بحقائب ...ارتبكت قليلا وهي تري ارتباك لينة والضمادات علي عدة أجزاء من وجهها ورسغيها وارتبكت أكثر كعادتها كلما ألتقت عيناها بعيني جويرية
(فدا! لما أتيت كل هذا الطريق)
ابتسمت فدا باتساع علي غير طبيعتها وهي تقول بعربية أقل اتقانا من جويرية
(أتيت مبعوثة من السيد غسان للاطمئنان علي لينة)
اقتربت من لينة ... وبحنان أم... حنان لا يعترف بسن والأمومة واحدة مهما بلغت الام من الصغر انحنت فدا تقبل شعر لينة الذي حارب ضفيرته كي يعود لتشعثه وهي تعرف بنفسها بنبرة حميمية
(انا فدا... اخت جويرية... وأختك الجديدة أن سمحتي بهذا)
حنان فدا ورقتها دفعت بالدمع لعيني لينة...التي هزت رأسها لعدم استطاعتها الحديث... دمع حاربته بشراسة كي لا يتعدى الجفن
وقفت فدا عند الباب تهم بفتحه وهي تعلن
(خالد أيضا يريد الاطمئنان عليكِ)
هزت لينة رأسها سامحة... وهي الأن تعرف من خالد ودوره في قصتها
... فدخل خالد بثقته الشديدة سائلا
(كيف حالك اليوم؟ ارجو ان تكوني في تحسن؟)
سأل بإنجليزية بسيطة فردت لينة تشكره...
عض خالد نواجذه والغضب داخله إن تسلل الأن لكان مخيفا علي غير طبيعته المسامحة
فالأن وفي ضوء النهار المتسلل من النافذة
كانت كدمات لينة أكثر وضوحا ودموغا ... ضماداتها المتناثرة وحالة الهزال التي تكتنفها
صورة ذلك الخسيس التي رسمتها جويرية تخبره ان حجمه ضعف حجم تلك الضئيلة
وتمني من كل قلبه... ان يجمعه به يوما طريق ... لكي يلقنه أول دروس الرجولة... لا تتجبر علي من هو اضعف منك
تماسك وكي يخرج من حالته.. مال علي جويرية بغيظ سائلا
(لما لم تخبريني ان السيد تشانج بات ليلته هنا؟)
اتسعت عينا جويرية قليلا مرددة " تشاي هنا!"
وكعفريت العلبة ... ظهر تشاي بابتسامته الواسعة يحيي الجميع قبل ان يسبل عينيه بطريقة مفضوحة جدا
(لقد اتيت معي ...وخفت ان تحتاجي شيئا أثناء الليل ولا تستطيعين الحصول عليه في غياب وجود سيارة)
عضت جويرية شفتها السفلي دون ان تصطنع ... وتفكيره فيها يبهر أنفاسها ويخطفها
لكن الحارس الأمين تدخل بغلظة
(مشكور سيد تشانج .. شهامة ملفتة للنظر)
اتسعت ابتسامة مغيظة علي وجه تشاي وهو يؤكد بلهجة مصرية
(طبعا جانبي المصري يلمع دوما كالألماس)
عض خالد علي نواجذه قبل ان يرد باستفزاز
(وماذا عن الجانب الصيني! معروف عن الصينين كونهم انتهازيين .. ماديين...)
قاطعته شهقة صغيرة من لينة وجويرية... ولكن فدا كانت من قاطعه هاتفة بصرامة.. أم
(خالد... كفي)
صمت خالد علي مضض ... ولكن هل يصمت تشاي! أبداً!
بل وبكل برود وبابتسامة اوسع-إن كان هذا ممكنا-وجه الحديث للينة بالعربية
(لا تشغلي بالك به ... اعتقد أنه مغتاظ لأننا عرب مثل بعضنا وهو الوحيد الاسيوي)
وللتأكيد علي كلامه... شد بسبابتيه جانبي عينه ليزيد من ضيقهما
صدرت عن فدا ضحكة عالية... بينما ضحكة صغيرة صدرت من لينة و... جويرية
فجعلت فدا وتشاي وخالد يتطلعون فيها بصدمة ولكن قبل السؤال عن تلك الضحكة الوليدة... عادت طرقات الباب تقاطعهم... ليدخل الضابط المسئول عن قضية لينة.. الضابط بيكر
(لقد اطمأننت علي حالتك من الطبيب ... لذا اردت سؤالك ان كنتِ تردين الرحيل معي الأن أو اعود لكِ بعد بضع ساعات)
بدا علي الجميع عدم الفهم إلا تشاي الذي شرح بانقباض
( لأنها ضحية عنف أسري وليس لها هنا عائلة.. عليها الخروج من المستشفى لأحد ملاجئ ضحايا العنف الأسري )
كان خالد بطبيعته المدققة يرتكز بعينيه عليها... فرأي شحوب بالغ في بشرتها الخمرية وهي تهز رأسها رافضة بضعف.. لذا وبخفة شديدة لكز جويرية لتنتبه معلنة
(ومن قال أنها بلا عائلة!)
وكأنها قرأت أفكار اختها... وهي تعلن فدا بقوة لا تليق بهشاشتها
(ستعود لبيتنا)
لم تفكر فيما قالت فدا... ولا فيما قال الضابط أو تشاي
واذنيها تتوقف عن السمع ... إلا افكارها اليائسة
( جعلك زوجك ورقة في مهب الريح يا لينة)


**************
ضحكتها بالأمس مع خالد... جعلته ينتظر
حتي بعد ان أخبره خالد ان علاقته ببنات غسان... علاقة صداقة وأخوة... لازال إحساسا مزعجا وتساؤلا أكثر إزعاجا يلح عليه
" ألم تكن علاقته بسهى ... علاقة أخوة بحتة حتي بعد الخطبة ومع ذلك كان علي استعداد للزواج منها!"
رأي سيارة غسان تصل ... فتبدل شيئا في صدره.. شعوراً حلوا اعتراه... وتلاشي بسرعة أو تبدل لخيبة أمل... لن يبحث خلف أسبابها ... وهو يري غسان وعبدالله يغادرون السيارة مقبلين عليه
ابتسم... ثم اتسعت ابتسامته ردا علي ابتسامة عبدالله المعدية وهو يقترب منه محيياً بانطلاق
(فاضل... كيف حالك؟ هلا لعبت معي قليلا قبل ان اذهب للمدرسة الصيفية؟)
ضحك غسان وهو يوبخ عبدالله برفق
(يا ولد... انتظر حتي يرد السلام حتي!)
قلب فاضل يميل بشدة لعبدالله... ليس لأي شيء يخص فدا .. ولكن لميله القوي لطفل عاش هو نفس ظروفه... الاب والام منفصلان ... فتصبح اشبه بمشروع قومي .. الكل يدلو فيه بدلوه
لا يلوم أو يشتكي.. لقد ربته عمته وزوجها كأحسن ما يكون .. ولكن تبقي في القلب غصة وفي الروح نقصان.. يراه متمثلا في عبدالله
لذا أجاب بحماس وتأكيد
(بكل تأكيد سنلعب... دعني فقط انهي رص باقي الصناديق)

أتي سؤال ناجي -الذي يأتي يوميا للإفطار معهم بحجة كونه عازب -من خلفه يريح عقله من التفكير في سبب غيابها
( أين فدا؟ ذهبت للاطمئنان علي الفتاة؟)
أجاب غسان شارحا غير مدركا لوقع كلماته علي فاضل
(نعم... اتي خالد في الصباح الباكر ليأخذ بعد احتياجات جويرية ويوصلها لها في المستشفى.. فأصرت فدا ان تذهب معه قبل ان تنشغل باقي اليوم )
ثم استطرد بلهجة مهمومة
(هاتفتني للتو واخبرتني أنها وجويرية اصرتا علي لينة والضابط ان تأتي المسكينة لتسكن معنا مؤقتا بدلا من ان تصبح مشردة أو تأوي في ..)
قاطعه رضا الذي قد خرج لتوه فلم يسمع من البداية بقوة

(لا .. انت تعرف ما يحدث في تلك الملاجئ من مصائب... لتأتي وتقيم مع امي وانا اذهب للمبيت في بيت ناجي)
والكل محق في قلقه وخوفه من تلك الملاجئ..
فبالرغم من محاولات الحكومة والشرطة تأمينها وإبقاء عناوينها قيد الكتمان الشديد...
إلا ان كثيراً ما يحدث تسريب لتلك العناوين... وهنا تقع الكوارث
فمعتدي العنف الاسري لا يميزون في كثير من الأحيان... من يأذون

فشرح له غسان أن لينة ستقيم معهم كي تكون وسط بنات من سنها .. فتخرج من ازمتها أسرع
الحوار الدائر كله .. برغم من أهميته ... لم يخفف إحساس الضيق الذي ملأ قلب فاضل منذ عرف ان فدا ذهبت مع خالد... فتمتم لنفسه بغيظ وهو يعود لرص الصناديق الثقيلة
" يجب ان احصل علي رخصة القيادة... كنت لأكون مكانه الأن"
( سيضع كل منا مبلغا من المال .. فبالتأكيد الفتاة ستحتاج ملابس وهاتف محمول )
كانت تلك الجملة من ناجي... ليرد فاضل بسرعة
(نعم.. فقط اخبروني بالمبلغ المطلوب مني)
ابتسم له رضا بتقدير ولكن أجاب مطمئنا
(لا تشغل بالك يا فاضل.. لازال وضعك غير مستقر كما أن الكل يعرف أنك ترسل لأخيك كل اموالك)
تغيرت ملامح فاضل لتصبح صورة للعزة والإباء وهو يقسم
(قسما بالله لولا معزتك عندي لكنت قاطعتك يارضا... والله ان قطعت من قُوُتي وأعطيتها ليس بكثير... فهي أخت في محنة)
ما إن انهي كلماته حتي سمع عبارات التشجيع والاعجاب من رضا وناجي.. أما غسان فقد اثارت نظرته له عجبه... فنظرته حملت.. تمني !!
لا يدري ان غسان فعلا يتمني... يتمناه ابنا... أو سند
انهي فاضل عمله وبدأ في اللعب مع عبدالله ... مستمتعا بتلك الدقائق الثمينة التي تعيده لقبل مرض عفيف حين كانا يمضيان ساعات في لعب كرة القدم
ولكن رغما عنه... كان فاضل لأول مرة يركز طويلا بين اللحظة والأخرى في ملامح عبدالله ... يحاول أن يري أو يجمع صورة لوالده
ملامح عبدالله لم تكن تختلف عن ملامح فدا في شيء.. وكأنها توأمه... وكأنها رفضت ان يكون له من ابيه شيء... إلا من شعر شديد الشقرة ... هاتفا داخله يحادثه أنه لا يليق بفدا التي يتخيلها بشعر بلون الليل

وكأن الصغير قد سمع أفكاره... فأعلن وهو يجلس علي احد الصناديق في استراحة من اللعب
(حين يأتي ابي .. سنلعب ثلاثتنا.. وربما ناجي معنا.. لكن رضا وجدي لا يجيدان اللعب اطلاقا)
منع نفسه من ان يسأل أو يستفسر ... فأخلاقه لا تسمح ان يتلصص عليها -من دافع الفضول لا أكثر- من خلال طفل
ولكن عبدالله استطرد بحماس طفولي قبل أن يسارع للداخل لتناول الحلوى
(ابي سيعود بعد شهر أو أقل)
هز فاضل رأسه مصطنعا الحماس... وداخله تعود الغصة التي لا يريد تسميتها غيرة
" إن غرت عليها يافاضل... ستكون الخطوة الاولي في طريق وعر"
وكأن هناك من أراد السخرية منه ومن ادعاءاته .. وصلت فدا في تلك اللحظة بسيارة خالد الفارهة المزعجة .. وكانت..
" تضحك له ثانية!"
قبض فاضل علي كرة عبدالله المسكينة حتي كادت تنفجر بين أصابعه.. وهو يراها تترجل من السيارة بأثار ضحكة علي شفتيها
أشار له خالد من بعيد محييا .. فرد التحية وانحني بسرعة يحمل صناديقا يضعها في غير أماكنها... يعطي لنفسه دقيقة كي يتغلب علي ضيقه حتي لا ينفجر بمجرد اقتراب " أم النكد"
التي تخلت عن هيئة ام النكد ثانية لترتدي بنطالا ازرقا واسعا بنفس قصة الأخر الأبيض " الذي لازال محفورا في ذاكرته لسبب ما" وفوقه بلوزة واسعة بلون نيلي رائق.. والحجاب بلون البنطال .. زرقته تبرز عسل عينيها
(صباح الخير يا فاضل)
لقد أصبحت اجرأ معه فجأة... تناديه باسمه بلا جزعها المعتاد
أراد ان ينتقم ... فرفع حاجبا شريرا وابتسم ابتسامة سخيفة وهو يرد
(والله وكبرنا ولم نعد نخجل من نطق " فاضل")
قالها كما تقولها بلكنة اجنبية... اتسعت عينيها حرجا وتلونت وجنتيها.. ولكنها اجابت ببرود مغيظ
(حسنا.. لن انطقها ثانية)
لم يجب بل ظل علي سخافته وهو يرمي بملاحظة أخري مشيراً لملابسها
(كما أنك بدلتي ملابس الحداد)
حين لاحظ ان ملاحظته جعلتها تبدو فزعي ولا يدر أن تعليقه اثار خوفها المعتاد من أمها
..سارع شارحا
(اعني... ستتسخ ملابسك أثناء عملك بالمطبخ)
اجابت بطبيعية وقد ادهشته قدرتها علي أن تنسي الإساءة
( لا فأنا لن اعمل اليوم... اتيت لأصطحب عبدالله للمدرسة الصيفية ثم اذهب انا لمعهد"....." كي اري جدول هذا الفصل.. الدراسة ستبدأ بعد يومين)
ثم هزت رأسها برسمية وهي تبتعد للداخل.. تاركة إياه مغتاظا من رسميتها المفاجئة.. سعيداً بخطة ابتكرها في لحظة
لذا دخل بعدها بدقيقتين.. ليجد الجميع يتحدث عن لينة.. بينما فدا تلملم أشياء عبدالله المبعثرة في حقيبته وتستعد للرحيل .. فسأل مصطنعا الحرج مدعيا الارتباك
(اعذريني فدا... هل تسمحي أن آت معك للمعهد كي أسال إن كانت هناك كورسات لمن هو مثلي؟)
فما إن نطقت فدا اسم المعهد .. حتي تذكر كل معلوماته عنه... وهو معهد اغلب مرتاديه من حديثي القدوم للبلاد مثله
وأنه يعرض مجموعة واسعة من الكورسات في كل المجالات والتي تساعد المغتربين علي إيجاد فرص عمل
تبرع ناجي بتأكيد وهو يشرح للجميع الصورة الواقعية
(أي والله... شهيدة لا تتوقف عن الزن فوق رأسه كي يدرس)
مصمصت لُطف شفتيها تعلق
(وهل تجيد شهيدة سوي الزن؟)
ثم لعبت حاجبيها لناجي متجاهلة فاضل وهي تقول بصوت لم يسمعه سوي ناجي وفدا
( صحيح يا ولد... هل تجيد شهيدة أي شيء سوي الزن؟)
ضحك ناجي بصخب وهو يبادلها الهمس بينما فدا تزداد احمرار
(والله يالُطف .. بالرغم من مرور سنوات... إلا أن مواهبها لازالت تحتل المقدمة)
قاطعهم فاضل وهو يري فدا تكاد تتلاشي خجلا ... فظنهما يتحدثان عن.. شاب
(اذن ما رأيك يا أم عبدالله؟)
هل أخطئ دون أن يقصد؟!! حاول مداراة هلعه المتصاعد وهو يري عيني فدا المسمرتين عليه تلتمعان بالدمع... قبل ان تهمس لتبدل هلعه بعدم فهم
" طبعا"
شرح ناجي ما إن عادت للمطبخ .. تأخذ من رضا سندويتشات لعبدالله
(نقطة ضعف فدا.. ان تناديها ام عبدالله... تحب تلك الكنية جدا)
حتي هذه المعلومة عنها... اصابته بالتخبط
لم يقابل في حياته لغزا يشبهها
تشعره في لحظة أنها مثقلة بهم شديد وأنها مرت بكرب عظيم .. ترك بصماته عليها
ثم في اللحظة التي تتلوها... يراها أم قوية.. تلعب علي وتر نقصان عنده
وهو رجل شرقي جدا... لا يحب أن يعترف ولو لنفسه باحتياجه لأنثى قد تعوض نقصانه.
لذا استأذن الجميع ودخل لحمام المطعم كي يرتب من مظهره قليلا وقد استبدل تيشرت العمل الملطخ بالأتربة.. بأخر اشتراه من المتجر الضخم " بثلاث دولارات لا أكثر"
كان تيشرتا بسيطا جدا...أزرق زي علامة اعجبته بلونيها البنفسجي والازرق الزاهي .
حين خرج للجراج كانت فدا تساعد عبدالله علي وضع حزام الأمان في المقعد الخلفي... فأنتظرها حتي تدخل السيارة أولاً
حين اعتدلت.... تسمرت فدا أمامه وعينيها تنتقل من التيشيرت لفاضل بسرعة وارتباك... وقد غزا اللون الأحمر وجهها بشكل غير طبيعي
رفع فاضل حاجبه بغرور ذكوري وهو يردد داخله " والله ثمنك حلال.. اربكت ام النكد"
تنحنحت فدا عدة مرات ولم تتحرك والصراع الذي بدأ يظهر علي ملامحها.. أوجسه
تنحنحت مرة أخري وهي تبعد نظرها عنه وتركز في نقطة خلفه
(هل... هل انت واثق من رغبتك في ارتداء هذا التيشرت؟)
تفاجئ مما قالت... وازدهر الغرور في نفسه أكثر وهو يظنها ... تغير
لذا فرد ذراعيه علي اتساعهما سائلا بزهو
(وما به التيشرت!)
اغتاظت من غروره وزهوه لكن ... شفقتها عليه من موقف قد يوضع فيه عن طريق الخطأ... جعلها تتنحنح ثانية
وتتمتم بحرج شديد
(التيشرت يحمل علامة ال*** وأخشي ان يفهمك احدهم بطريقة..)
لم تكمل الجملة وهو ينزع عنه التيشرت كما لو كان موبوءاً وهو يصرخ
(الله يلعن اليهود)
وكانت فدا في حالة غير طبيعية... ارادت ان تضحك بمليء فِيها... ولكن هل تنكر ان فاضل بفانلته الحمالات الزرقاء.. كان له تأثير ما عليها كأنثى!
سارعت فدا تدخل للسيارة... بينما فاضل يرتدي جاكت العمل ذي اللون النيون ويغلق السحاب حتي ذقنه ... ثم يرمي التيشرت في أقرب سلة مهملات
في سيارة غسان .. ظل فاضل يتبادل الحديث مع عبدالله ويمازحه سعيدا بضحكات الطفل العالية
أوقفت فدا السيارة واستأذنت كي تُدخل عبدالله للمدرسة ..وانتظرها فاضل فقرر العبث بالراديو حتي تأتي
سعد كثيراُ وهو يصل لمحطة الأغاني العربية التي تبث من قلب سيدني... خاصة وهو يسمع واحدة من اغنياته المفضلة
أغنية حب.... سمعها ألف مرة
ولكن للمرة الأولي يتذوقها
هل فدا السبب!
ومع الكلمات رغما عنه... سرح بخياله... يتمني رغما عن كل تحذيراته لنفسه.. أن تمر تلك التساؤلات والتخبطات بها كما تمر به
تركته امنياته وكلمات الاغنية... خفيف الروح مشاغبا علي غير طبيعته..
لذا ما ان دخلت السيارة ... حتي سأل بلهجة جادة بالرغم من ملامحه اللينة
(لماذا تضحكين مع خالد ولا تضحكين معي؟)
بدا وكأن سؤاله اخذها علي حين غرة... فأجابت متلجلجه
(لقد عرفت خالد طوال حياتي)
مغتاظا غيورا... أجاب ساخرا
(اذن فقد كل من لم يقابلك وانت " بالبامبرز" ميزة عظيمة وفرصة لا تعوض في أن تضحكي في وجهه ليوم الدين)
اجابت مغتاظة من سخريته منها غير مبالية بصوتها الحانق الذي ارتفع قليلا
(لا ... انت فقط.. لأن دمك كما يقولونها بالعربي " يلطش")
اتسعت عيناها مصدومة لجرأتها وتطاولها... ثم لضحكته الرجولية التي تدغدغها دوما حين تكون في محيطها
أمال رأسه وهو يتطلع فيها بمليء عينيه قبل أن يقول بابتسامة جانبية
(ستضحكين لي يوما رغما عن انفك الكبير هذا)
شهقت وهي تلمس انفها ناسية عجلة القيادة للحظة... ولم تنتبه إلا مع صرخته باسمها فعادت تمسك العجلة بيد... بينما كفها الأخرى تغطي انفها وهي تخرج عن طورها غاضبة لأول مرة منذ سنوات
(انا انفي كبير !!! لا تنظر الي وإلا تركت عجلة القيادة ودخلنا معا في حادث)

حتي بعد أن وصلا للمعهد .. واصطحبته للمبني الرئيسي حيث وجد كافة المعلومات عما قد يستفيد منه... ظلت علي غضبها .. تغطي انفها بكفها
(كنت امزح... والله كنت امزح)
قالها للمرة الألف وقد جرب كل الوسائل لمراضاتها.. حمل عنها أوراقها... اشتري لها قهوة ومافن.. حتي أنه تركها تتحدث لدقيقتين لذلك الزميل اللزج والذي فهمه من حوارهما أنها من أفضل الطالبات

ولكنها لم ترد... بل تجاهلته تماما وهي ترشف قهوتها .. ثم تترك الفنجان وتمسك المافن تقضمها.. كي تستخدم يد واحدة والأخرى تغطي انفها
(علي فكرة... انفك من أحلي ملامح وجهك..)
احمر وجهها قليلا وكادت ملامحها أن ترتاح وتنزاح يدها عن وجهها.. إلا أنها أعادتها بجزع وهي تسمعه يتمتم
( استغفر الله علي الكذب)
فسارع يبرر باندفاع ليس من شيمه وهو يضع كفه علي كفها فوق وجهها
(لا والله لم اقصد هذا... اقصد ان كل ملامحك جميلة.. إنكِ كلك علي بعضك مثل القمر .. تأخذين العقل)
للحظة تسمر كلاهما... هو لا يصدق أنه قال كل تلك الكلمات بلا تفكير أو ترتيب... كأنها كانت هناك دوما... علي طرف لسانه وفي قلبه... تنتظر فقط لمحة تشجيع منه
أما هي فبسرعة انتفضت للخلف واقفة.. فسقط كفه أخيرا عن كفها ووجهها..
( انا.. انا راحلة)
ورحلت تاركة فاضل خلفها دون أن تسأله كيف سيعود
فحالة فدا لم تكن طبيعية أبداً... شعرت أنها.. تموت.. تختنق وكلمات أمها تعود لها .. تقتلها
" انتِ حقيرة... انتِ لستِ أهلا للثقة.. كالكلبة.. ما إن يلوح لك احدهم بعظمة.. ستلعقين حذائه"
ودون تفكير ركبت سيارتها... وعادت للمستشفى حيث جويرية ولينة
تهرب بعيدا ... أبعد ما يكون عن فاضل وعن مشاعر وليدة لا تستحقها .




لا تدري كيف وصلت دون أن تتسبب دموعها في حادث مميت... ولكنها وصلت
جرت في الممر المؤدي لغرفة لينة... لتفاجئ بخالد أمامها هو وتشاي... فتقف مكانها تمسح دموعها سريعا
شد خالد علي مرفقها بجزع سائلا
(ما بك؟ لما تبكين؟؟ عبدالله بخير؟)
صوته كان يشتد جزعا وتشتد قبضته علي مرفقها حتي تنبه علي شد جذب تشاي لمرفقه ليهدئه... بينما فدا تتمالك نفسها بسرعة وتجيب بارتعاش
(لا تقلق... كلنا بخير... انا فقط حزينة لأجل لينة؟ لما عدت انت؟)
فزفر خالد بارتياح ولكن القلق داخله لازال خبيثا يسكنه وهو يعلن
(هاتفني الضابط ليخبرني أن زوج لينة خرج من الاحتجاز علي ذمة القضية.. وقد ادعي محاميه أن إصابات لينة لم تكن بسبب عنف أسري وإنما حادث السيارة..)
استطرد بعد زفرات قلق أخري
(اتيت مسرعا كي اظل مع تشاي جوارهم مخافة أن يحاول التعرض لهم قبل الرحيل)
في هذه اللحظات خرجت جويرية معها لينة من الغرفة.. وقد كانت الأخيرة ترتدي ملابس جويرية فبدت كطفلة متشردة تستجدي الكسوة ممن يعطف عليها ... وفارق الطول والهيئة يجعل الملابس متهدله عليها
وصل الضابط ومعه شخص أخر عرف بنفسه أنه " طبيب نفسي".. ودعاهم لمكتبه
جلست لينة علي الكرسي الوحيد ووقف الباقين ماعدا الطبيب بعدما أصرت بعينيها قبل الكلمات أن يبقي الكل" فدا وجويرية وخالد وتشاي"
(لينة..)
تحدث الطبيب بالعربية
( انا فقط اردت الاطمئنان علي حالتك إن لم تمانعي؟)
هزت رأسها بضعف ... وكلمات الطبيب واسئلته تضرب وتراً حساسا في قلب .. جويرية وفدا
فتهمس الأولي وهي تلف اختها بذراعها... اختها المرتعشة بالذكري المخزية
يوم وصل يأسها لأن تفكر في إنهاء حياتها
(يطمئن أنها لا تنوي العودة له أو إيذاء نفسها)
فجأة تبدلت ملامح لينة... تبدلت تلك الهشاشة التي لم يروا سواها فيها... لقوة مهيبة وهي تقول بصوت ثابت
(هل تظن اني قد أعود للص.. لص سرق سنوات مراهقتي ثم سرق فرحتي وايامي!)
وكأنها تجيب سؤالا غير منطوق... أو ربما هيئ لها أن أحدهم سأله قالت
( لقد أحببته منذ كنت في الرابعة عشر.. أحببت الفارس الأنيق الذي لا يشبه أحدا ممن يحيطون بي... ذلك الراقي الذي يتحدث بلغات لا أعرفها ويحكي عن عالم واسع لم آراه..
أحببت شخصا ورسمت عمراً معه... فأكتشف مع أول يوم زواج أنه سرقني من أمان عائلتي ودفء بلادي ... لبرودة قارصة أعيشها هنا... برودة تأتي مهاجمة بعد سخونة صفعاته)
ثم ضحكت ساخرة وهي تعيد خصلات شعرها المجعد لخلف اذنها وهي تزأر
(وهل تظن أني قد اقتل نفسي حزنا عليه؟
انا عنقاء... سأبني نفسي واتغلب علي مصيبتي ولن ألتفت له ثانية.. لست انا ممن ترمين أنفسهن تحت قدمي رجل لا يملك من الرجولة شيء...
ربما لم أصرح بهذا في وجهه خوفا من عقاب دامي... لكنني احتقره وأحتقر أمثاله... أحتقره احتقاراً يجعلني أقسم علي أن لا أعود... أقسم علي أن ابني نفسي وأرممها بعيدا عنه)

كلماتها الهادرة ترج الغرفة... وترج معها القلوب
قلب جويرية تتسأل... هل من عودة للحياة!
وقلب فدا يتسأل... هل لها من تلك العزة نصيب!
وقلب أخر... نهر الخافق بين ضلوعه... وهو يرتبك إعجابا بقوة العنقاء


***********

لأكثر من ساعة ظل فاضل جالسا علي المقعد الخشبي في تلك الحديقة التي يعشقها
حديقة ضخمة علي مد البصر... فيها ركنين مجهزين بألعاب الأطفال الأمنة.. ملعب كرة سلة ... ومساحة خضراء واسعة للاسترخاء أو حتي التمدد علي العشب الأخضر والنوم...
تمني لو في بلادنا العربية حدائق كتلك.. يمرح فيها الأطفال في أمان ويتجمع فيها المراهقون تحت أعين الأهل
تذكر الحديقة الكبيرة في بلدته... وتخيل نفسه هناك ينعم بجو بلاده الرائع... وهي جواره
ها هي فدا كدأبها منذ تركها... تستعمر أفكاره وتتلبد فيها
لازال غير قادرا علي إيجاد الإجابة.. لما يشعر معها بما يشعر؟ وكأن كل مشاعره مثارة ومهتاجة علي غير طبيعته
ولا يقصد الإثارة بمعناها الواضح... بل الإثارة داخله اعمق
يشعر فاضل مع فدا وكأنه يريد التوغل لعمق مشاعرها وجذبها لتصبح في قبضة يده... يريد ان يقرأها ويحفظها كظهر يده
ويريد أن... أن يلمسها في مواضع.. النكد
يمرر اصبعه ما بين حاجبيها فيمنعها من التقطيب.. علي طرفي عينيها فيمسد تلك التجعيدات.. و....
و شفتيها المذمومة.. ماذا ستفعل يا فاضل بشفتيها المذمومة!
" انت جننت رسمي"
حادث فاضل نفسه بضيق لمسار أفكاره الذي ينحرف دوما حتي اكتسب سمعة سيئة
" لم أكن يوما ناسكا لن انكر ... ولكني تركت تلك الحماقات كلها لنزيه... اذن ما بي! "
زفر ثانية بصبر نافذ وكلماته لنفسه تخنقه
" انت لن تستطيع الزواج منها يافاضل... هي ست البنات وفوق الرأس ولكنك لن تستطيع الزواج ممن سبق لها الزواج وانت تعرف هذا.. ستعاقبها دون أن تدري علي خطيئة شهيدة... اذن..!"
قاطع تسلسل أفكاره الغير متسلسلة... اتصالا من ناجي.. جلب لوجهه الابتسامة الفورية فأجاب ثم وضع الهاتف ما بين كتفه واذنه ليتطلع في كفه التي لمست " أم النكد" كما لو كان يتطلع في صورة الأخيرة
( يا هلا بشيخ الشباب)
وصلته ضحكة ناجي العالية وهو يصارحه بسر اتصاله
(اريد الذهاب لزيارة خطيبتي وقد اتصلت كي استأذنك عمي فاضل)
ضحك فاضل بمليء صدره ..، فلفت انظار مجموعة من الفتيات الاجنبيات اليه ليضحكن ويلوحن له ... فأزاح عينيه عنهم سريعا وهو يجيب ناجي مؤكدا
(حسنا اسمح لك بذلك ولدي ناجي بشرط أن لا تُطيل البقاء ولا تحاول إلهاب مشاعر ابنتنا شهيدة بالكلام المعسول)
جلجلت ضحكة ناجي علي الطرف الأخر وهو يؤكد
(امك سيدة أعمال ... والله لو غنيت لها علي الربابة لن تهتز لها شعرة)

انتهت المكالمة بينهما علي اتفاق باللقاء في البيت بعدما ينتهي فاضل من عمله الثاني وتناول الغداء سويا...
هم بالمغادرة... حين اقتربت واحدة من الفتيات منه تتهادي بملابس فاضحة من وجهة نظره... طبيعية من وجهة نظر المجتمع ..
وقفت أمامه للحظة... ازاحت شعرها الأشقر عن كتفيها المرمريتين.. وللحظة جذبته ملامحها البريئة وقدر أن سنها لا يزيد عن السادسة عشر أو أقل
(مرحبا... اسمي جوانا ... هذا رقم هاتفي... راسلني)
لم تنتظر اجابته وهي تضع الورقة الصغيرة في كفه وتبتعد بتمايل
هل ينكر أنه انتفخ بغرور ذكوري مما فعلته الفتاة!
لن ينكر... ولكنه سينكر بشراسة أن كل ما تمناه في تلك اللحظة أن تراه بنت غسان في وضع المرغوب فيه


وصل البيت بعد طول نوبة عمل مرهقة ورأي سيارة صغيرة وردية مصفوفة.. فلم يستعمل مفتاحه.. وإنما رن الجرس تنبيها بوصوله
قبل أن يدخل.. كان الباب يُفتح وتخرج منه طاهرة بملامح مقلوبة ووجه مع بياضه تحول للقرمزي وأثار البكاء دامغة عليه
حيته بسرعة وابتعدت بينما امه لازالت تناديها ملحة أن تبقي للغداء..
(ما خطبها؟)
سأل فاضل امه التي أصبحت جواره عند باب البيت تراقب طاهرة تنحشر بطولها الفارع في سيارتها وتقودها بعيدا...
أجابت شارحة بلهجة حزينة
(المسكينة تعاني من صعوبة العيش وحيدة بعدما تخلت عنها عائلتها لاعتناقها الإسلام)
سأل فاضل وقد انقبض قلبه لحال طاهرة
(ألم تقولي لي حين عرفتني بها أن عائلتها اعتنقت الإسلام)
هزت شهيدة رأسها مؤكدة
(نعم .. قصدت اخويها... ولكنهما رحلا بحثا عن العمل في مدينة اخري... بينما والديها لازالا علي ديانتهما.. بل وقطعا كل علاقة لهما بها أو بأخويها)
رأف فاضل لحال طاهرة وتمني لو في إمكانه مساعدتها وقرر بحث الأمر أكثر مع امه ولكن وصول شاحنة ناجي الكبيرة في نفس اللحظة.. فتهمس شهيدة لفاضل بنفس مضطرب أثار عجب فاضل" فيما بعد" وعجبه سببه واضح وبسيط...
إن كان الحب بين امه وناجي لهذا الحد... فلما الانفصال!
ولا يعرف أنه سيفهم قليلا عن ذاك السبب بعد دقائق

... وصل ناجي بابتسامة مشرقة لحيث وقفتهما.... محملا بالأكياس الممتلئة بالخيرات
دفع الأكياس بطريقة مضحكة لفاضل وعينيه علي شهيدة وهو يلاعب حاجبيه
(اذهب يا فاضل ياحبيبي ..ألعب مع أولاد الحارة لساعة وعد)
ضحكت شهيدة علي ما يقوله ناجي... بينما فاضل يزوم بغضب مصطنع
(أعتقد أننا سننام الأن... عد غدا)
قضي ثلاثتهم بضع لحظات أخري في مزاح ..قبل أن يدخلوا للبيت
جلس فاضل في انتظار الطعام ... بينما وقفت شهيدة وناجي أمامه عند المطبخ المفتوح يفرغان الطعام الذي أحضره ناجي من حاوياته
(موضوع الخطبة هذا مسل جدا)
قالت شهيدة وهي تبتسم بوله لناجي الذي بادلها الوله بشوق يطل من عينيه وهو يهمس بحرارة
(ربما علينا أن نطلب من عمي فاضل أن نقفز لمرحلة عقد القران... ...)
كتمت شهيدة ضحكتها بعضة مغرية لشفتها السفلي ... ثم رفعت كتفيها باستسلام مصطنع
(الأمر أمركم ... وانا مستعدة للتنفيذ)
سحبت كلمتها الأخيرة سحبا ممطوطا ... أثار أعصاب ناجي المنهكة لمرأها
(سأموت جوعا)
شهقت شهيدة وهي تتحرك بسرعة وقد رمت عنها دور الإغراء لتتلبسها روح الام مع كلمات فاضل
(قلب امك... تعال ياحبيبي الطعام جاهز)
تاركة ناجي خلفها مشتعلا.. مشتاقا... آخذا القرار في مناقشة الماضي المعلق مع شهيدة... كي يبدآ صفحة جديدة
وقبل أن يجلس قاطعه اتصال هاتفي... استأذن لثوان كي يستقبله
أمامهما... حيا ناجي المتصل بحرارة
(السلام عليكم... حمدا لله علي سلامتك أبو كاظم)
ارتفع حاجبي فاضل بريبة وهو يري هيئة امه تتبدل للارتباك الشديد حتي أن شوكتها سقطت علي الطاولة .. ولم تستردها
فألتفت ليراقب ناجي... ويري ما ألم به هو الأخر ... فيري الابتسامة تتلاشي ... والنظرة تتسع بغضب ثائر وهو يقول بصوت ثابت
(طبعا معي خبر... بالتأكيد سأحضر انا وفاضل ابنها)
فهم فاضل أن الحديث عن امه التي ازدادت شحوبا... وهتفت بصوت رفيع مرتبك وناجي ينهي مكالمته
(كنت سأخبرك ولكني نسيت)
أجاب ناجي بصوت هادئ بشكل خطير
(متي؟ توقيع العقود غدا... والاتفاق كان دائرا بينكما لخمسة أشهر)
سأل فاضل بصبر نافذ
(انا لا افهم شيء.. اشرح من فضلك يا ناجي)
بنظرة جليدية ولهجة أشد صقيعا شرح ناجي
(والدتك اتفقت مع صديقي أن تشتري منه محلا دون أن تخبرني... لها خمسة اشهر تذهب وتجئ معه لمنطقة تبعد أكثر من ساعة لتتفق علي المحل وتجهيزاته... دون أن تخبرني !!)
ألتفت فاضل ليهتف بأسنان مطبقة
(أخطأتِ يا أمي وصغرتِ زوجك )
بحمية غبية وغرور متأصل صاحت شهيدة كي تأخذهم بالصوت
(ولما؟ هل لازلنا في القرن التاسع عشر ؟ لا استطيع التحرك إلا بإذنه؟)
أغتاظ فاضل من تبجحها.. ولكن توتر دون تدخل وهو يري ناجي يقطع المسافة بينه وبينها في خطوتين ليتحول جليد صوته لانهيار صارخ وهو يقبض علي ذراعها
(أذني؟ متي أخذتي اذني يا شهيدة؟ متي احترمتني وعاملتني كزوجك لا كعشيقك؟)
تقبضت ملامحه ما بين ألم وجرح ... و أسف قبل أن يرمي ذراعها من قبضته ويلتفت لفاضل معتذرا
(أعذرني يا ولدي علي انفلات لساني.. انا راحل)
لقد أصبحت من عاداته أن ينادي فاضل بولدي حين يكون موجوعا من امه... لذا سارع فاضل خلفه
(انتظر يا عمي ناجي... سآتي معك)
هز ناجي رأسه رافضا وعينيه لا تلتقي عيني فاضل
(اعذرني يا ولدي... اريد البقاء وحيدا الليلة.. وداعا)
راقبه بوجوم وهو يرحل... ورغما عنه عادت كل مراراته من امه للسطح .. فعاد للداخل ينتوي إسماعها رأيه فيها بصراحة... ليعود للصمت والوجوم وهو يراها في جلستها المفضلة عند البكاء منذ كان طفلا... راكعة أمام الأريكة تسند رأسها عليها وتبكي بحرقة مرددة ما أكد له أن العلاقة بين ناجي وأمه ... متدمرة
" للمرة الألف تجرحيه ياشهيدة... في إحدى تلك المرات .. لن يعود"
أما ناجي المنطلق بسيارته لملجأه الوحيد بيت رضا ... استرجع أولي صدماته من شهيدة

(ابنة خالتك تبتزني)
لم يكن ناجي مثله مثل كثير من شباب المغتربين ... سافر بحثا عن مكسب مادي...بل سافر هربا بعد فشل زيجته الأولي والتي لم تستمر إلا لأشهر حين اكتشف أنه عقيم لا ينجب..
ولسنوات عاش غربته وتأقلم معها...حتي هاتفته ابنة خالته والتي تعيش في بلد عربية شقيق تزغرد في الهاتف
(لقد وجدت لك عروسا لقطة... مطلقة مسكينة ... تتمني السفر هربا من سطوة عائلة طليقها..)
ثم استطردت بحنكة
(كما ان عندها منه ولدين وترفض فكرة إنجاب غيرهما)
الفكرة اعجبته... أن يتزوج مطلقة وعندها أطفال... يعني أنه لن يظلمها ويحرمها من نعمة الأمومة
ووقع في غرام الفكرة... حين أرسلت له ابنة خالته صورة العروس الفاتنة
تم الزواج في وقت قياسي... لأن ناجي لم يحتج أكثر من سويعات ليخر صريع هوي الفاتنة
لم يبحث خلفها.. خلف أسباب الطلاق ولا خلف عائلة الطليق المستبدة
حتي حين أعلنت شهيدة بعد الزواج بشهرين وهي متخصرة بكل تجبر
(ابنة خالتك تبتزني... وها أنا أحرق لها الكارت الذي تبتزني به... انا شهيدة ... لا يلوي ذراعي أحد)
يومها كانت أولي صدماته من شهيدة وهي تعلنها بوقاحة
(حين أرسلت لك صورتي معها... كنت لازالت في شهور العدة... وقد دفعت لها مبلغا ماليا محترما كي تسعي في تزوجي منك)
انحشرت يومها الكلمات في حلقه إلا كلمة " لماذا"
لتجيب بكتفين ترفعهما بإقرار
(لأني قررت السفر... وكنت انت تذكرتي الوحيدة)




نجح في تجنبها طوال فترة الصباح... وقد نجح في ذلك...ظاهريا
ظاهريا... لان صورتها وهي تغني بالأمس في الحفل.. لا تفارق خياله
تذكره بصورة أخري ... عاش عليها لشهور وهو في السابعة عشر
لم يتحمل يومها انتظار وصول ساعي البريد بموعد الطرد الشهري من خالته... بل ذهب لمركز البريد الرئيسي في البلدية .. وما إن حصل علي حرزه الثمين ..
لا لم يعد للمنزل... بل لمنزل اخته الكبيرة وردة
فبيتها في هذا الوقت من الصباح يكون خاليا.. إلا منها
رحبت به وردة بحرارة وحب لأخيها الوحيد ولم تنس أن تستفسر عن سبب زيارته في توقيت غير معتاد .. فأجاب
( احتاج للاستذكار في هدوء ... واخواتك البنات اليوم حولن البيت لعنبر مجانين)
وطبعا سارعت اخته تعد له إفطارا ثم تترك البيت كله وتذهب لأمها كي تهيئ له الجو ... للاستذكار
خلا البيت ... وجلس صهيب يجهز نفسه لرؤياها.. بعدما فض محتوي الطرد ...شريط فيديو لأول مرة
في الصورة .. ظهرت خالته بملامحها الجميلة وابتسامة اسعدته علي وجهها وجوارها تجلس فدا ذات الثمان سنوات تلف ذراعها حول أمها وتريح رأسها علي جنبها... وهي تحتضن دميتها
حيت خالته امه... وارسلت السلام لهم فردا فردا... وتحدثت عن الكثير من الأشياء وشاركت كثير من الاخبار
وهو ينتظر..
حتي زفرت خالته بصبر نافذ ... ثم هتفت بغيظ
(تهاني لا تتوقف عن التلويح لي من خلف الكاميرا أن اناديها... تعالي يا مزعجة)
لم تظهر برغم انتظاره وتسارع دقات قلبه المراهق... ولكن صوتها العالي وصل واضحا
(كيف حالك خالتي... لقد تعلمت رقصة جديدة وأريد أن اريكِ إياها)
انطلقت موسيقي ناعمة من الخلفية... ثم خرجت هي علي اطراف اصابعها ترقص ببراعة وقد ارتدت ملابس راقصة الباليه الناعمة... بيضاء تلف جسدها المراهق ... فتثير صخب أفكاره ورجولته الوليدة... فيوقف الفيلم المنزلي علي صورتها... وينهض مسرعا ... يسير في دوائر مغلقة في الغرفة الواسعة.. مرة بعد مرة
حتي هدأ وعاد يشاهدها... لم يعد بجسد المراهق
بل عاد بقلب المحب... يشاهدها تتحرك بنعومة وبراعة... ثم تنحني برشاقة مع انتهاء الموسيقي... لينتهي الفيلم علي ابتسامتها وهي تعتدل
ابتسامة اضافها لمخزونه من اللحظات التي لم يعيشها معها... ولكنه عاش عليها
هل هو مراهق في جسد ناضج؟
عاد صهيب بعقله النبيه الذي يستعمله في كل مواطن حياته... إلا ذاك الموطن المسكون بها
يحاول بعد سنوات من إدمانها.. أن يقنع نفسه أن كل تلك المشاعر ما هي إلا رغبة مراهقة في أن يعيش قصة حب.. حتي وإن كانت من طرف واحد .. بينما الطرف الأخر عنده " مرشحين" كثر

وأقتنع صهيب فعلا... لمدة خمس عشر دقيقة كاملة
ثم طلت عليه وهو يغادر بيت اخته لأرضه بعد الغداء
تقف مستندة علي بوابة بيت ابيه.. ترتدي رداء الصلاة الخاص بوالدته
وكأنها تريد الاثبات له بالبرهان الدامغ ... ان استجاباته الرجولية لرؤياها لا علاقة لها بما ترتدي
تلك الاستجابات سببها الأوحد.. هي
(صهيب... هل تخاصمني؟)
يبدو أنها حدثته طويلا ولم ينتبه وهو يقف عاقد الحاجبين أمامها كعادته ... فظنت أنه يقاطعها
(لا يا تهاني.. لا أكره في حياتي أكثر من الخصام)
الجملة نفسها سمعت ابيها يرددها علي مسامعها هي واخواتها وامها أكثر من مرة
بمشاغبتها الفطرية ورغبة عميقة في ارباك ذاك الذي تراه ثابتا كصنم ... تدللت بطفولية
(اذن تحدث الي)
عقد ذراعيه وهو يتطلع فيها فتخطف نظراته ولون عينيه المتغير في الشمس أنفاسها قبل أن يغمغم بصوت رجولي خفيض
(عما قد اتحدث؟)
رغبة ملحة في أن يغازلها صهيب وحده... رغبة لا تجد لها سببا وشعورا قويا يغمرها.. فتطالبه بتغنج
(قل لي أني جميلة..)
لقد سمعتها مئات المرات من أفواه مختلفة.. لكنها تشعر أنها منه ستختلف .. ولأول مرة تتمناها ... ولا تحصل عليها.. وهو يلف متجها لحقله وهو يتمتم بالسلام

شعور بالخيبة والمرارة... لم يدم مع تهاني وهي تحوله لغيظ وغضب مشاغب
لا تدري... والله مسكينة لا تدر
أنه لم ينطق بهاتين الكلمتين... لرغبته الغير بريئة ان يثبت لها جمالها... بقُبلة
ولكن تلك الرغبة تلاشت بسرعة وهو يشعر بها تطارده حرفيا وقد وضعت طرف رداء أمه في فمها كي لا تتعثر فيه
تسمر صهيب مصدوما مما تفعل وهو ينتظر وصولها إليه والذي لم يتأخر
وقفت أمامه تاركة طرف الرداء ثم عاقدة ذراعيها أمام صدرها وهي تأمر بغيظ
(أريد رمان... حالا)
تلاشت الرغبة في التقبيل... الرغبة في الغزل
وحلت محلها رغبة في تهذيب تلك المتكبرة..
لذا بأعين بارقة تحت حاجبين منعقدين وذقن مرفوع
هتف
(هل انتِ مجنونة؟ كيف تتحدثين الي بتلك الطريقة؟ هل تظنيني الجنايني الخاص بكِ؟)
ملامحه مع صوته ارهبتها بشده فسارعت تبرر بلهجة متمسكنة مستعطفه
(لا والله لا اقصد.. انا فقط جائعة ولا رمان بالبيت.. وكما تعرف صهيب لا أجيد التحدث بالعربية... فخانني التعبير)
نطقت أخر جملتين بالإنجليزية وهي تبتسم وترفرف برموشها
رفع حاجبه بملامح أجاد إغلاقها...فإن كان الأمر بيده.. لاستغرق ضاحكا للذاذتها... أو مال عليها قارصا خديها مدللا... لكن كي لا تعيد تصرفها ذلك أبداً
(حسنا... سأمررها هذه المرة.. لكن والله إن تكررت..)
سارعت تضع عينيها أرضا بمبالغة وهي تقلد كل مشهد رأته في السينما
(لن تتكرر أعدك)
قالتها بالعربية فسأل ساخرا
(تذكر لسانك اللغة العربية ثانية)
ضحكت تهاني بمشاغبة وهي تراقص حاجبيها مبتعدة هاتفة
(أريد الرمان)
ثم ثنت ركبتيها قليلا كتلميذة مدرسة مستطردة
(ارجوووك)
ولنؤكد أن صهيب لم ينم ليلته إلا بعدما جمع لها سلة ضخمة من الرمان ووضعها أمام بيت امه .





سبحانك اللهم وبحمدك




التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 12-08-20 الساعة 01:35 PM
shymaa abou bakr غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 12-08-20, 03:17 PM   #550

Mummum

? العضوٌ??? » 441364
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 462
?  نُقآطِيْ » Mummum is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك شيموو فصل جميل كالعادة حبيبتي مبدعة

Mummum غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:28 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.