آخر 10 مشاركات
رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          اسبانيا الســـــــوداء *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : CFA - )           »          229 - كذبة بيضاء - ديانا هاميلتون - أحلام الجديدة ( كتابة / كاملة ) (الكاتـب : وهوبه - )           »          لحظات صعبة (17) للكاتبة: Lucy Monroe *كاملة+روابط* (الكاتـب : ميقات - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          منحتني السعادة (2) للكاتبة: Alison Roberts .. [إعادة تنزيل] *كاملة* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          هدية عيد الميلاد (84) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          رواية نبــض خـافت * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree68Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-09-20, 12:55 PM   #841

shymaa abou bakr

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية shymaa abou bakr

? العضوٌ??? » 355161
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,527
?  نُقآطِيْ » shymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond repute
افتراضي







الفصل الخامس عشر

مرت ثلاثة أيام منذ تلك اللحظة التي نطقتها فيها
" برضاي"
لا لم يمروا علي فاضل كما لو كانوا لحظة خاطفة... بل مروا كما لو كانوا ألف عام
كان ناجي الذي لم يدعه لنفسه ... بل ظل يحوم حوله حتي لا يختلي بنفسه ويغرق في الهم .... هو الوحيد حوله بعدما اصر فاضل علي البقاء في بيته

ما لا يعرفه ناجي أنه غارق في همه وكمده حتي وإن لم يبد ذلك
" علينا التحدث عما حدث"
حك فاضل وجهه في ذلك الصباح التالي لمعرفة ناجي لقصة فدا ورغبة ناجي في التحدث تتجدد كل لحظة
"دع الأمر يا عمي ... لقد انتهيت منه"
توقع فاضل ان ينهره ناجي ويطالبه ان لا يتخلى عن فكرة الارتباط بفدا بهذه السرعة... لذا أخذه إعلان ناجي علي حين غرة
"أعرف هذا ولن أطالبك ان تعود إليها.. لكن لازال الحديث معلق"
وضع فاضل كفيه في جيبي بنطاله وهو ينهر نفسه لشعور مقيت بالخيبة اجتاحه مع تأكيد ناجي انتهاء فكرة طلبه لفدا للزواج
لا يدرى ان تلك الكلمات لم تكن هي الكلمات التي يتمني ناجي الإعلان عنها ولكنه مدرك ان فاضل لازال في مرحلة الهشاشة التي تأتي بعد الكسر... بحاجة لبعض الترميم
وبعض الأحيان ... يأتي الترميم في الابتعاد
"أخبرني غسان بالقصة كلها يا فاضل... وأعتقد ان عليك سماعها"
اسم غسان يجعل الغضب يغلي في صدره ربما أكثر من فدا نفسها
لذا رد بغل
"كان لهذا الرجل مكانة عالية في نظري"
قبض ناجي علي ذراعي كرسيه حيث يجلس أمام فاضل وسأل بصوت هادر
"حقا؟ كان؟ وماذا فعل غسان كي تهتز مكانته عندك؟!!"
خبط فاضل كفا بكف وقد سمح لبعض الغضب ان يتسلل في كلماته
"ماذا! ماذا فعل! أتسأل بحق؟ أواها وأوي ابنها؟ والله لكان الاشرف ان..."
الكلمة تعانده... لسانه الاحمق لا يقو علي نطقها
يقدر ناجي حالة فاضل ... يقدرها ويعذره وهو يتفهم شعور الجرح العميق الذي يغرق فيه فاضل
ولكنه يرفض ان يدعه يغرق في تلك الأفكار السوداء... لذا هتف عليه بصرامة
"ماذا ؟ يقتلها؟ وكأن الأمر بهذه البساطة؟ لن اتحدث عن القانون وضياع أسرة بأكملها أن كان استسلم لتلك الفكرة الشيطانية ولكن دعني أسالك عن الأبوة"
استطرد بصوت هادئ يحمل لمحة وجع أثرت في فاضل
"نعم انا لست أبا يا فاضل ولكن... لكني لا أتخيل ان يفعلها أب ابدا في طفلة في الرابعة عشر"
ارتسمت علامات الصدمة علي وجه فاضل وهو يغمغم من تحت أنفاسه
" الرابعة عشر"
لم يتوقع فاضل للحظة ان فدا كانت في هذا العمر حين حدث ما حدث
بل ان الشيطان يصور له كلما اغمض عينيه.. فدا بين ذراعي أخر... في هيئتها الأن

استغل ناجي ارتباك أفكار فاضل المرسوم علي وجهه واستطرد شارحا
"لا ينفي غسان ولو للحظة تهمة التقصير الذي أدي لتلك الكارثة عنه وعن أمها! ومن معرفتي بفدا أفهم الأن سر حزنها الدائم ورغبتها الشديدة في انعزال العالم ولكنه أب... ومن أفضل الإباء اللذين مروا علي بحياتي... أب قوُّم خطئه واعترف به... أب داوي ويداوي"
زفر نفسا عميقا وهو يقترب من فاضل الصامت أمامه... يربت علي كتفه مكررا
"لن أطلب منك تجديد طلبك أو ان تعود نظرتك لفدا لفكرة الزوجة المستقبلية... لكن أطالبك ان لا تجعل الشيطان يغرقك في خيالات مريضة أو اتهامات لا تحق لك"
ضرب فاضل كفا بكف... كي يخرج ولو قليلا من غضبه في نفسه...و في غل حقيقي من دفاع ناجي... أو ربما من قلبه الغبي الذي يوسوس له
( صغيرة جدا... طفلة لا يمكن ان تدرك مغبة ما ارتكبت)
"لا حول ولا قوة الا بالله !! تتحدث وكأني المخطئ.."
قاطعه ناجي بحدة
" لا انت المخطئ ولا غيرك يا فاضل"
هنا فقد فاضل ما تبقي من تعقله صارخا
"ماذا تقول يا عم ناجي؟ لا غيري؟ ألم يخطئا كليهما ؟ ألم يخطئ ذلك الحقير الذي والله إن كنت أعرف مكانه لكنت ذهبت إليه وكسرت عنقه علي فعلته !!!"
بادله ناجي الصراخ بأعلى منه
"لا لم يخطئا في حقك يا سيد فاضل...لقد اعترفت لك الفتاة في نفس ساعة طلبك للزواج منها بالرغم من أنها كانت أكثر من قادرة علي الاخفاء... اخطئا نعم... وتابا وأنابا ... وأستعذ بالله من الشيطان الذي يصور لك أنك في مكانة الاله وعليهما طلب السماح منك"
اختار ناجي تجاهل ما قاله فاضل عن راجي كي لا يؤجج غضبه وعصبيته
قبض فاضل علي كفيه معترفا بينه وبين نفسه ان ما يقوله ناجي حقيقا ودون شعور تسلل سؤالا مبحوحا من بين شفتيه
"اذا لم تخطئ في حقي.. لما كل هذا الحريق بداخلي؟"
لم يجيب ناجي برغم من وضوح الإجابة... ولكنه ...
صمت
ومن مثله يعرف الإجابة!!!!
إنه العشق الذي دعي ناجي الله يوما ان لا يقرب فاضل
العشق الذي يكرهه العاشق
وفاضل عاشق حتي وإن نفي...
لذا صمت...وداخله يقين ان الأمر لم ولن ينته بسهولة
فإن انتهي.... إن ...
سينتهى بجرح عميق

وكأن شخصا يومها... سلط ناجي علي فاضل.. فلم تمر ساعة هدوء علي حديثهما إلا وكان ناجي يعلن بوجه جامد
"هيا لتعود لبيت امك"
اتسعت عينا فاضل وهو يهز رأسه رافضا كطفل يتهرب من المدرسة
"بالله عليك يا عم ناجي ... ليست بي الطاقة لمواجهة مخلوق ... فما بالك إن كان المخلوق هو شهيدة"
وبالرغم من ان قلبه تحرك بشدة لتوسل فاضل... إلا ان ناجي كأب ربط علي قلبه وهو يعرف ان عليه ان يكون الموجه
" والدتك اسمها " امي" وليست مجرد "شهيدة" يا فاضل... كما ان قلبها في هذين اليومين انفطر علي ابتعادك أكثر من العشرين عام السابقة"

استقبلته شهيدة كما لو كانت تراه للمرة الاولي... كما لو أنه وصل استراليا الأن
وفاجأته بطعام الغداء المعد علي طريقة تقليدية كما طعام عمته
ولكن للأسف ولا شيء من هذا كان قادرا علي إحداث ولو ثقب صغير في الغشاء الأسود الذي غلف روحه
لذا بابتسامة مرسومة هم فاضل بالوقوف معلنا
" حسنا اعذروني سأدخل للاستحمام والخلود للنوم..."
ثم ألتفت لأمه التي تغضنت ملامحها مبررا
"مرهق جدا والله... سأخذ كل هذا الطعام للعمل غدا"
يريد الهروب... قبل ان تسأل ... قبل ان تنطق باسم الأخرى
ورغما عنه تمتم بينه وبين روحه ( فدا ) وكأنه بحماقة يتمم علي اسمها وأنه لازال هناك .. قابعا في روح معذبة كروحه

ولكن ناجي كان أول المتحدثين بأن أعلن بحزم
"اعذرني يا فاضل أعرف كم انت مرهق ولكن علينا التحدث فيما يخصني انا وأمك"
فجأة تكهرب الوضع كله بكلمات ناجي.. فاضل رفع حاجبا متفاجئا ان ناجي هو من يسع للكلام ... لا للتهرب كالعادة
وشهيدة.. شهيدة شحب وجهها بشدة وقد شعرت بكل ثقتها المزعومة بالنفس تتلاشي أمام خوفها من كلمات ناجي الاتية

هو نفسه كان في قمة الارتباك.. والتوتر لذا رفع ناجي كوب الماء لفمه يرتشف بضع رشفات يداوي بها جفاف حلقه قبل ان يتنحنح كمن سيلقي خطبة ويبدأ في الحديث. الذي أعده مسبقا... فدوما كانت شهيدة هي من تجيد الحديث بينهما... تجيد هزيمته في جدال الكلمات
" حين تزوجتك يا شهيدة... كنت لي حلم ..
حلم بالرفقة التي حُرمت منها بمعرفتي أني غير قادر علي الانجاب...
حلم بالونس في غربة فرضت طوقها علي نفسي ولم استطع منه فكاكا..
نعم كنت ولازلت في نظري أجمل من رأت عيني... ولكن جمالك كان ولازال أخر همي"
ثبت عينيه ذات اللمعة الحزينة علي وجهها الذي ينطق عشقا له
وجه مهما مرت عليه من سنوات... سيظل ممسكا بزمام قلبه وهو يسترسل
" وتزوجنا واكتشفت ان الأهداف مختلفة... بينما كنت ابحث فيكي عن ملجأ .. كنت انتِ تبحثين في عن مفر...
لم أعترض .. بالعكس رحبت بطموحك وحلمك ببناء الأمان المادي الذي لم تفكرين في سواه ولكن..."
رفع كتفيه بابتسامة حزينة مستسلمة
" ولكن العمر يركض ركضا يا شهيدة... لم أعد ابن العشرينات الذي يفتح صدره متحديا المصائب... انا الأن خمسيني رأيت من الدنيا ما رأيت وأريد قليلا من الراحة"
كلماته كانت تحز في قلبها كسكين ثلم.. فسارعت تضع كفها علي ركبته تشد عليها وعبراتها تخنقها
وهي عاجزة عن النطق... ليستطرد هو
" راحتي يا شهيدة لم أجدها في المال ... ولا في أحضان النساء...
راحتي يا شهيدة في تلك اللحظات التي كنت تسرقينها من يومك المشحون كي تجلسين معي أو تقبلين دعوتي لنزهة... هذه الراحة هي ما انشدها يوميا من الأن فصاعدا... لذا.."
تبدلت هيئته للحزم ثانية وهو يعلن
"أرسل الله لنا فاضل كأبوين في شيبهما يريد الله ان يرفع عنهما مشقات الحياة... ولذلك ففاضل سيتولى من الأن فصاعدا كل أعمالك وستكونين انتِ للإشراف فقط"
في لحظة تبدل الوضع وشهيدة تنتفض واقفة بصدمة ممزوجة بغضب
"ماذا؟ تريد ان تسلبني كل ما عملت لأجله وضيعت عليه سنين عمري؟!!"
وقف أمامها ناجي عاقدا ذراعيه أمام صدره بتجبر زائف
نعم زائف وقلبه يزداد وجلا ان ترفض بتكبرها وتهد كل ما بينهما في تلك اللحظة التي لم يعد هو قادرا فيها علي البناء
"ومن قال أنكِ ستتنازلين؟ انتِ ستظلين المالكة لكل شيء ولكن ابنك هو من يدير ... ابنك يا شهيدة... لم أقل غريبا... ابنك الذي صدعتي رأسي لسنوات أنه لو كان موجود لحمل عنكِ الكثير"
يضعها في موقف مستحيل... يلجم لسانها الذي يريد قول الكثير وهو يضع فاضل في الصورة
أما فاضل الذي نزل عليه الاقتراح كمفاجأة مرفوضة... رفض بسرعة
"عمي ناجي انا لا أفهم أي شيء عن عمل امي... ولا أفهم أي شيء عن إدارة عمل في تلك البلد ... انا حتي لم يمر علي هنا أكثر من خمسة أشهر"
اجابه ناجي ببساطة
"ستتعلم ... امك ستعلمك كل شيء ... ستخصص يومين في الأسبوع للنزول للمحلين القديم والجديد ومتابعة كل شيء... كما انك تعيش معها تحت بيت واحد ... فستتابعان كل جديد يوم بيوم... وبإمكانك الذهاب للمعهد لتعلم قوانين التجارة"
بكل ما فيها من غل نطقت شهيدة
"لقد اعددت كل شيء مسبقا"
هز ناجي رأسه ببساطة مجيبا بكلمة
" نعم "
قبل ان ينظر لفاضل وبلهجة مختلفة تماما يسأله وكأنه لم يلق لتوه بقنبلة فتاكة
"هل ستستحم أولا أو أستحم انا يا فاضل لأني أريد الخلود للنوم"
أراد ناجي ان يخر علي ركبتيه من فرط الضحك علي منظر فاضل وشهيدة وفمهما المفتوح في عدم فهم...
لكنه تماسك واستطرد
"لقد عدت لبيتي ولزوجتي كما نصحتني كثيرا يافاضل"
تخصرت شهيدة وهي حرفيا تتقافز كحبة فشار في وعاء من الغيظ
"هذا اسمه لي ذراع يا ناجي"
هز ناجي رأسه نافيا وهو يربت علي خدها بقليل من الحزم
وكثير من العشق الذي إن لم يقف شفيعا بينهما الأن... فلا قيمة له
"لا يا شهيدة... هذا اسمه تقويم الاعوجاج"
ثم انطلق للحمام... وانطلقت هي لغرفتها
تاركين فاضل خلفهم... ولازال فمه مفتوحا بعدم فهم أو استيعاب





جلس رضا في الغرفة الخلفية في المطعم... سارحا ووجهه ذي الملامح الثابتة لايشي بما يعتمل في نفسه من ضيق واضطراب
ثلاثة أيام مروا منذ زيارتهم لبيت رامية ومنذ طالبت
" دعوا لي فرصة للتفكير "
ولم يصله من وقتها أي خبر منها او من والدها
قلة ثقته الغبية في نفسه تؤكد له رفضها
وهو لم ينصت في اليوم الأول او الثاني... ولكن اليوم انصت للثقة المنعدمة وتأكد من رفضها
(ما بك يا ولد!)
هتفت لطف بإبنها وهي تقرأ ملامحه وخبايا نفسه ككتاب مفتوح
ويوجعها حزنه وقلقه فتؤكد
(والله ستأتي... أقسم لك ستأتي)
فيبتسم رضا لأمه ابتسامة ضعيفة مع هزة رأس... ولا يجيب بكلمة
خرج لصالة المطعم حيث الزبائن المتراصين يشغلون اغلب الطاولات
وقف رضا بطبيعته الودود يحي هذا ويجامل ذاك ... ولا يدر انه مراقب
من خلف زجاج المطعم وقفت رامية تراقبه... تراقب الود والطيبة في تعامله... وتراقب تلك الابتسامة الطفولية التي تستهويها
استجمعت شجاعتها وسمت بالله وولجت للمطعم
كان رضا للحظ يقف خلف مكتب صغير في الركن البعيد للمطعم يتلاعب بأزرار الاستيريو لأجل أغنية معينة يشعر بقلبه يناشد بندورته بها
" بعدك علي بالي
يا قمر الحلوين
يا زهر تشرين
يا دهب الغالي"
وكأنها استجابت في تلك اللحظة لرجاء فيروز الرقيق.. فوقفت امامه
لم يكن رضا.. ولا يعتقد انه سيكون ابدا.. بارعا مع النساء ... لكنه صادق صدق يجعل كلماته مؤثرة وإن كان لا يدرك... لا يدرك ان رنة التمني المخلوطة بترقب في لهجته لمستها بعمق
( هل افسر وجودك امامي الان علي انه موافقة منك؟ او انك أكرم من ان ترفضيني علي الهاتف؟)
سارعت بحمية أم وهذا الطفل الكبير يداعب فيها ذاك الشعور
(انت لا تُرفض يا رضا)
اتسعت عينا رضا بسعادة لاحقتها رامية وقد غلبها التحرج والتخوف
( لكني..)
قاطعها رضا بحماس وفرحة وتعشم طفولي
(انت قلت لا اُرفض فلا تغيري كلامك )
غلبت الابتسامة التوتر... وهزمت طيبته التخوف .. فأخذت نفسا عميقا وأجابت بإستسلام
( لا يا رضا لن أغير كلامي... )
كان خبر زيارتها قد وصل للطف فخرجت لاستقبالها
بعد تحية حارة شدتها لطف للغرفة الخلفية بود بالغ....
بعد ما يقل عن خمسة عشر دقيقة.. كانت لطف وغسان قد غادروا الغرفة للمطبخ يتحججوا بأي حجة كي يتركا رضا ورامية وحدهما
وجهه يؤلمه من وسع الابتسامة لكنه غير قادر علي لملمتها وهو يراها هنا في مطعمه.... خاصة وهي تنظر لعينيه تبحث فيهما عن الصدق في إجابة سؤالها الذي خرج كتقرير
(رضا... انت لا تحبني..)
وكالعادة تخونه العبارات المنمقة التي يعتنقها الرجال في محادثة النساء ... فيسأل ببساطة ويجيب نفسه
(
هل يحب الطفل امه ما إن يولد ولكنه لا يدرك؟ ام انه يحبها مع الوقت ويدرك بعد حين؟ هل نشعر بالأمان ما إن نعود لبيتنا لاجل الحوائط أم ان من يسكن هذا البيت معنا هو الأمان!)
رفع كتفيه ببساطة
(لا اعرف... لان الحب.. الأمان.. الثقة كلها مشاعر لا يمكن قياسها بإجابة من كلمة)
كلما ينطق رضا بكلمة.. يغرقها ببساطته في مشاعر كلها حلو
نظراتها الثابتة عليه جعلته يظن انها لم تفهمه... فاستطرد شارحا وهو يظن نفسه لا يجيد الكلام
(اعني انني... انني انظر اليك الان فأعرف اني أحبك .. او ما إن اصل اليك فسأشعر بالأمان.. اواني ما إن أكون زوج رامية حتي تنتفي صفة الوحدة للابد)
زفر بضيق وقلة صبر لظنه ان كلماته متخبطة غير مفهومة..
ولا يدر ان كل كلمة ينطقها.. تمحي من قلبها غصة قديمة... حتي لم تبق الا غصة الخوف من المستقبل... فسألت
(ماذا إن...)
لكنه لم يدعها تستطرد...مقاطعا بصلابة تراها للحظة
(لا تفكري في الفشل... لا تدعي من خدعونا ويعيشون في سعادة وهناء.. ونحن من لم نظلم مخلوق نعيش في ظلمة الخوف )
كلماته تطمئنها ... وشيطان خوفها ينغزها
وضعت رامية قبضتها تغطي بها فمها... كأنها لازالت تقاوم النطق بموافقة
مد رضا كفه يزيح قبضتها عن فمها.. ويبقيها في كفه للحظة ثم تركها.. فأحمر وجه رامية وخجلت
اتسعت ابتسامة رضا ثانية وهو يري علامات القبول علي وجهها.. ولكنه يريد الإجابة الواضحة والتي لا تعيده لخانة القلق
(اذن هل تقبلين ان تكونين عوض رضا ابن لطف عن سنين الوحدة!)
وكانت هزة رأسها الصامتة تنطق بأمل غير مسموع
(بل اقبل ان تكون انت عوضي من الله)




حك فاضل كفيه في بعضهما وبرودة الفجر تصفعه...
من أكثر ما كره في تلك البلد هو جوها العجيب
يذكره بامرأة تتلاعب بها هرموناتها
الليل منتهي البرودة والنهار منتهي الحرارة... ينتفي عندهم مبدأ الفصول الأربعة علي مدار السنة... لتجد ان الفصول الأربعة في استراليا تكون علي مدار اليوم
شد فاضل جاكيت المطر البلاستيكي حول جسده ليوقي ملابسه من الامطار المنهمرة ثم اتجه لمحطة البنزين عند أول شارعهم ليشتري قهوته الصباحية
ابتسم فاضل بلون من الاسي الساخر وهو يخاطب نفسه
(أتذكر يا فاضل أول مرة احتسيت تلك القهوة وكدت تبصقها ... ها انت الأن اعتادتها كما اعتدت غربتك)
اعتاد غربته وتقبلها... والله تقبلها إلا من تلك السويعات ما بين طلبه الزواج من فدا وكلمة
" برضاي" من بين شفتيها...
كلمات ناجي التي وجهها لأمه كانت تنغزه كرمح ونفس الكلمات يوجهها هو لفدا


( كنت لي حلم.. حلم الرفقة ... حلم الونس..
حلم ان أكون جزءا من عائلة لا يملك احد طردي أو استبعادي منها إن أثقلت.. لأنني أنا صاحب تلك العائلة"
حلم ان أكون جزءا من عائلة لا يملك احد طردي أو استبعادي منها إن أثقلت لأنني أنا صاحب تلك العائلة...ولكنك يا فدا سرقت الحلم بكلمة" برضاي")
اخرجته تهليلات بعيدة من سواد أفكاره ليكتشف أنه كما لو كان إنسان آلي ... سار وركب الاتوبيس ووصل لمقر عمله

عادت التهليلات لا تتركه لأفكاره المتلاحقة
رسم ابتسامة ليست حقيقية تماما لسامان الذي ظل يهلل بالعربية وكأنه رأي نجم شهير
"وصل نجم الشباك في المواعيد المنضبطة... العامل المجتهد الذى يظهرنا جميعا في صورة سيئة"
كان ذلك أول فجر يذهب فيه فاضل لعمله في السوق التجاري بعدما تملص تماما من العودة للعمل مع رضا... كي لا يراها
كان سامان مختلف تماما عن فاضل.. بأذنيه المثقوبتين وفيهما قرطين من الماس اللامع وشعر طويل يلملمه في كعكة مبعثرة وذراعين مزينتين بالوشوم التي يتقزز منها فاضل..
فعلي الساعد الأيمن موشوم بخط عربي منمق " الليل وسماه" وجوارهما رسم صغير للقمر والنجوم
وعلي الساعد الأيسر وبنفس الخط " دوق معايا الحب"
وشمين بالعربية في بلد اغلبها لا يفهم سوي الإنجليزية
وحين سأله فاضل عن السبب... أجاب سامان بغمزة وقحة
" لأن الفتيات ينجذبن للغموض فيسألن.. فأجيب وأشرح وأستفيض..)
وحين شرح له سامان ما المعني الكامن وراء الاغنيتين... صُدم فاضل في اخلاقيات " ام كلثوم" التي ظنها دوما" مؤدبة"
وبالرغم من اختلافهما جملة وتفصيلا إلا ان سامان هو الوحيد الذي يعتبره فاضل شبه صديق
كان سامان بجسده العضلي وطوله الذي يزيد عن فاضل بعشرة سنتيمترات علي الأقل... لازال يعمل باجتهاد في حمل الصناديق الثقيلة وهو يهتف علي فاضل ممازحا
" سأبدو في مظهر المتكاسل الأن مهما فعلت بسببك يا فضفوض"
تغضنت ملامح فاضل للقب التدليل الذي اخترعه سامان الذي استطرد غامزا
"ولكن ذلك لن يهمني... فاليوم عيد مولدي وانت مدعو لحفلتي كي تتعرف علي رفيقتي الكولومبية"
رفع فاضل حاجبه سائلا
"ظننتها برازيلية!!"
ضحك سامان بصخب مؤكدا بعربية ذات لهجة قوية
"لا يا فضفض.. تلك القديمة انفصلنا الأسبوع الماضي.."
هز فاضل رأسه مستنكرا.. فبالرغم من أنهما عربيان مع اختلاف البلد... إلا ان سامان منذ أتي لأستراليا بفيزا دراسة وقد اعتنق الحياة الغربية بكل مساوئها
حفلات... خمور.. رفيقات
لذا هز فاضل رأسه رافضا وهو يؤكد
"عافانا الله من حفلاتك"
تشتت انتباه سامان عن فاضل مع وصول رسالة لهاتفه.. قبل ان تتسع ابتسامة تفاخر علي شفتيه وهو يلف الهاتف لفاضل الذي اتسعت عيناه وهو يري المبلغ الذي حوله له والده كهدية لعيد مولده
خبط فاضل كفيه ببعضهما متسائلا بدهشة
"اذن لم تعمل في ذلك العمل المتواضع؟"
مسح سامان بظهر كفه حبات العرق عن جبينه وهو يشرح مبدأه العجيب ببساطة
"لأني لا استخدم أموال ابي في خمور أو غيره...فالرجل علي الجانب الأخر من العالم لا يستحق ان يحمل اوزاري"
قبل ان يناقشه فاضل أو يحاجيه .. قاطعه تنبيه علي هاتفه هو.. لتطبيق الفيس بوك
وفي منشور مبهج رأي صورة سهي وياسر جنبا لجنب في صالون عمته يمدان كفيهما بدبلتي الخطوبة
وما حرك حنان قلبه ورسم ابتسامة رضا علي وجهه كانت صورة اخري لسهى وياسر وبينهما... عفيف
لازال علي هزاله وقد غطي رأسه بقبعة حتي يخفي شعره المتساقط
ولكنه في حال احسن
وفجأة تبددت الرضا والسعادة ... وهاجمه الظلام كصفعة اعادته للخلف حرفيا وهو يري في قائمة
( اشخاص قد تعرفهم)
( أم عبدالله )
هكذا سمت نفسها علي الفيس بوك
( هكذا! بمنتهي البساطة! تمرح وتتسلي وتبحث عن أصدقاء جدد!
هكذا وكأن بكاؤها في الحديقة عند قدماي كان مجرد عارض عالجته بسهولة وبساطة!
نعم يافاضل هذا انت في نظرها كما يبدو... مجرد عارض)
لذا بتحد لا يعرف لمن موجه بالضبط.. ربما يتحداها ويخبرها أنه مثلها يراها عارض
وربما يتحدى نفسه
لف لسامان الذي عاد لعمله سائلا بلهجة قوية
"ارسل لي عنوانك وموعد الحفل"

******************

"لا أحب فكرة الفيس بوك تلك... أشعر بها مستفزة"
ردت تهاني في رسالة علي رسالة فدا بسرعة وكأنها حضرتها مسبقا
"لمن؟ لأمك؟ قلنا مع الاحترام الشديد لرواية لكن توقفي عن التفكير فيها الأن..
لقد أنشأت لك الحساب خصيصا كي تتعرفي علي عائلتك في الوطن... حقيقي سيفرق هذا معكِ كثيرا"
رسالة من جويرية علي ذلك الجروب الخاص بثلاثتهم موجهة لفدا
"هلا لاحظت يافدا ان بلاد ابوينا أصبحت عند توني اسمها ( الوطن) بسبب شخص اسمه ( صهيب) "
امطرتها تهاني بالوجوه الضاحكة والصور الساخرة ثم أرسلت سائلة
"وماذا عن السيد شحاتة الذي جعل المسمار يلف حول نفسه؟ "
تبعتها برسالة أخري
"شحاته؟ هل هذا اسم .. فعل.. أم صفة؟"
ظلت تهاني علي مشاغباتها وجويرية تتابع انفعالات فدا الرزينة رغم الابتسامة
لقد حاولت جويرية خلال الأيام السابقة ان تقنع فدا بأن يخبرا تهاني بما حدث مع فاضل
لكن فدا رفضت بإصرار صارم معلنة لها ولأبيها
(تهاني أخيرا تعيش فرحة تمنتها طوال حياتها... فلا داع لتنغيصها عليها)
وكما تحتفظ فدا بسرها.. تفعل تهاني المثل وإن اختلفت الأسرار
فتهاني لم تخبر مخلوق بعد ولا حتي جويرية بطلب صهيب الصريح
لازالت في مرحلة التخبط والتفكير
ولكن خبر حضور عائلة تشاي للزيارة الليلة كان كافيا كي يخرج العائلة من حالة الحداد التي دخلوها بعدما حدث بين فاضل وفدا

أصرت لينة علي جويرية وفدا ان لا يصحباها للعمل وهي تحثهما علي الاسترخاء في البيت وعمل اقنعة للوجه كما المتبع في بلادها
توكلت علي الله وخرجت من المنزل بعدما خططت لرحلة الذهاب للعمل بالمواصلات العامة..
ما إن خطت لينة من بوابة المنزل.. حتي رأته يقف أمام المنزل مستندا علي سيارته كمشهد من فيلم غربي
ابتسمت لينة بخفة دمها المحببة للنفس في وجه خالد هاتفة
"جويرية لن تذهب للعمل اليوم"
بادلها خالد الابتسامة بأختها.. وإن كان لسبب لا تعرفه لينة كانت ابتسامته أكثر اتساعا
"انا هنا لأجلك"
تبدلت ملامح لينة وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها وفي التو واللحظة رأي خالد الشرارة الكهربية تمر بين موجات شعرها شديدة الهياج
وقبل ان يشرح... سمعا غسان من خلفها معلنا بصلابة
"انا من هاتفته يا لِينة كي لا تذهبي للصالون بالمواصلات العامة... أخشي عليك ان يراك ذلك الحقير ويحاول التعرض لك"
الدفء الذي احتواها باهتمام غسان بها لفها كمعطف في ذلك الصباح البارد
خاصة وهو يحذر خالد ممازحا رغم لمعة الحزن التي سكنت عينيه منذ ذاك اليوم
"لا تؤخرها في العمل... ولا تتأخر.. يجب ان تجد عائلة تشاي الكل في ظهر جويرية"
هز خالد رأسه وهو يضع كفه علي صدره ويحني رأسه قليلا فيتبعثر شعره المغيظ
بينما استطرد غسان بصوت خفيض حزين
"وارجوك اطلب من والدتك ان تأتي قبل الموعد حتي تتحدث مع فدا قليلا عل نفسيتها تتحسن"

لسبب لا تفهمه غمرتها الراحة وهي تتأكد ان خالد يعرف بما ألم بفدا...
بالتأكيد يعرف أكثر مما تعرف هي لأنها لم تسأل اصلا... ولكنها لا تهتم.. لا تهتم سوي بأن خالد في ظهر عائلة غسان
ركبا السيارة الفارهة والتي لا تعتقد أنها ركبت مثلها يوما فرددت بصوت عال
"ما شاء الله اللهم بارك"
ابتسم بسخافة ووجودها في سيارته وإعجابها بها يجعله منتفخا بفخر رجولي سخيف
"إياكِ وان تحسدي سيارتي"
قالها وهو يعيد شعره بأصابعه للخلف في حركة لا إرادية جعلت لينة تتمتم بغيظ تحت أنفاسها وبلهجة بلادها صعبة الفهم
"والله لو حسدت سأحسد شعرك حتي تصبح رأسك كالبطيخة اللامعة"
ثم ابتسمت له بسخافة لأنه لم يفهم طبعا ما تقول
قبل ان يطالب بشرح لما قالته ... تعالي صوت هاتفها معلنا اتصالا من ابيها
تبدلت ملامحها الصبيانية أمام عينيه لأخري تحمل الشجن والحنين
"صباح الخير يا ابي.. اقصد مساء الخير بتوقيتكم"
صوت والدها كان جهوريا بدون عدوانية .. فالتقط خالد بعضا مما يقوله وتجيبه هي
"لا يا ابي لم أعد لمشرق بعد.. نعم هاتفني بالأمس ولكني رفضت التحدث معه... ارجوك يا ابي انت وعدتني ان لا تهاتفه ... والله لا أحتاج المال ونعم انا بأمان فأنت بنفسك تحدثت لعمي غسان وبناته ... في حفظ الله مع السلامة"
صمت مطبق لف الفراغ بينهما.. لقد عرف من غسان أنها علي اتصال دائم بأبويها واخبرتهما أنها في خصام مع مشرق وتعيش حاليا مع جارتها جويرية
لم تخبرهم بما حدث حقيقة خوفا عليهما ... وكأنها سمعت أفكاره
رددت لينة بصوت حزين
"لم أتمكن من كي قلبهم خوفا وفزعا علي... لن اخبرهم بما حدث إلا حين أقف أمامهم معافاة وقد تخلصت من كافة عللي وكدماتي"
ود لو ينهرها ويخبرها أنه لا يري فيها أي علة... وحتي كدماتها … كدماتها تحكي قصة محاربة دخلت في معركة وخرجت منها رابحة
ولكنه لا يريد الخوض في كل هذا كل ما يريده هو ان يخرجها من حالة الشجن التي لفتها منذ تحدثت مع والدها
لذا سأل خالد أول ما خطر بباله
" اخبريني ماذا تفعل الفتيات في كل هذا الوقت الذي يقضينه في البيت ... بلا سهر أو مقهي ...."
شتت انتباهها قليلا عن حزنها وهي تتطلع فيه بعدم فهم لسؤاله ..جعله يستطرد مبررا
" دوما سحرني بيت غسان وبناته... وانا أري كيف يجدن ما يسلين نفسهن به.. كيف يقضين أياما في البيت دون خروج ومع ذلك تسمعين قهقهاتهن... واذا حضرت لبيتهن دون موعد... إما تجدينهن يرقصن ويغنين في حفلة خاصة بثلاثتهن فقط.. أو يعدون الكعك والحلوى ووحدهن من يأكلها"
يرسم صورة قديمة... صورة ماضي بالرغم من كونه جزء ثانوي فيه إلا أنه يتمني عودته لأجلهن... لأجل اخوات لم تلدهن امه
لمحت نظرته المشتاقة لشيء لم تفهمه ... فأجابت ببساطة وهي تخفي امنية حمقاء تظهر كلما رأت خالد
"اعتبرني اختك"
لم تجلب له الفكرة ولا العرض شعورا مريحا.... خاصة وأفكاره نحوها تأخذ منحي لا يعجبه.. ابدا.. بل هاجمه شعور مغتاظ جعله يهز رأسه برفض
" كيف تكونين اختي؟ انظري لشعرك ولشعري"
شهقت لينة مستنكرة ما قال وهي تمرر أصابعها في شعرها المشعث عدة مرات... وهي توشك علي ان تسبه بكل اللغات علي فظاظته

لكنه لاحقها مشتتا انتباهها مشيرا وهما يلجان بالسيارة للجراج
"ها هو تشاي في انتظارنا"
ترجلت من السيارة بحماس... فبالرغم من المرات القليلة التي رأت تشاي فيها... إلا أنه اصبح من اشخاصها المفضلين
ولكن قبل ان تحيه أو تبارك له خطبة اليوم... انحبست أنفاسها
وهي تري مشرق يقف موليا إياها ظهره علي بعد عدة خطوات منها...من ظهره ولكنها عرفته بطوله المديد وطاقم رياضي لفريقه المفضل دوما يرتديه

شعرت لينة في تلك اللحظة بألم حاد في صدرها كما لو ان رصاصة قد اخترقت صدرها وألقت شعورا حارقا فيه ... حتي عظام صدرها وكأن شخصا قد لكمها بكل قوته فكسرها مع ضلوعها...
وأما الأنفاس.... فتتلاشي

لا تدرك ان هيئتها كانت مرعبة للناظرين.... وصدرها يعلو ويهبط بسرعة عجيبة.. ووجهها قد اصبح في بياض مريض
خاصة وهي تنزل علي ركبتيها راكعة وقد خانتها ساقيها

سارع تشاي لحيث تهاوت راكعة... أما خالد فكان في شحوب الموتى وقلة حيلة طفل لا يقو حتي علي الحركة وهو يصرخ
" ما بها !! ما بها!!!"
أجاب تشاي وهو يدفع لينة بحزم كي تجلس بطريقة طبيعية بدلا من الركوع
" نوبة فزع .."
ثم أمرة بلهجة حاسمة
"تحدث اليها... انا لا اعرف عنها الكثير"
ثم عاد للينة يمسك كفها بقوة ويضعه فوق صدرها مشددا
"اضربي علي صدرك... ألطمي صدرك"
ثم صرخ علي خالد المنخرس
(هيا)
جلس خالد أمامها القرفصاء وهو يري تشاي يمسك بكفها كي تضرب علي صدرها كما يأمرها بصلابة لم يعرفها فيه..... أما هو فتحدث أخيرا بصوت مرتعش لا يشبه خالد
(( انا لم ار في حياتي أغرب من شعرك ..
يذكرني... يذكرني بزوجة فرانكشتاين ذات الخصلة البيضاء ...وشعرها مشعثا مثل شعرك وتمر خلاله الصعقات الكهربية... هكذا أري شعرك... هل اذا لمسه أحدهم قد يموت مصعوقا؟ هل كل تلك القوة فيكِ سرها شعرك؟ هل انتِ مخلوق من دم ولحم مثلنا؟ أم انكِ شحنة من طاقة لا تنضب؟ طاقة مهما تحاول السلب منها تعود للتجدد!))

توقف عن الكلام يلتقط أنفاسه المتلاحقة لتقابله عيني تشاي المتعجبة لكلماته بينما لينة كانت لازالت مضطربة الأنفاس مرتجفة ...ولكنها أكثر تماسكا وهي تضرب علي صدرها ضربات متلاحقة وعينيها علي خالد لا تفارق وجهه
لا يدر ان كل شيء حولها كان لازال مشوشا يهتز... إلا وجهه
أما هو ... فقد سيطر أخيرا علي اختلاجاته المرتبكة وطمئنها بصوت هادئ رخيم
"هُيئ لكِ أنه هو يا لينة... لم يكن هو ذلك الحقير... لم يكن من رأيته في صور الشرطة"
يبدو ان أصواتهم وهيئتهم جذبت انتباه البعض... وأولهم من ظنته لينة مشرق... اقترب رجل بدا عن قرب في الخمسين من عمره سائلا باهتمام
"هل الانسة بخير!"
أجاب تشاي وهو يري بعين خبير ان حالة خالد أسوء من لينة
"نعم... مجرد نوبة فزع.. شكرا لك"
لكن الرجل لم يتحرك وهو يلمح كدمة لينة المتلاشية والثلاثي الغريب من وجهة نظره.. صيني وباكستاني.. وعربية
"هل انتِ بخير يا انسة؟"
للحظات حاولت لينة التحكم في ارتعاشها قبل ان ترفع ابهامها مشيرة ان كل شيء بخير

لم يتحرك ثلاثتهم ولا حتي لينة التي لازالت تسند ظهرها علي سيارة خالد وتمد ساقيها علي أرضية الجراج لبعض الوقت ... ولم يتحدث أي منهم
حتي اخذت لينة نفسا عميقا ووقفت
وقفت... تضع كلتا كفيها علي بطنها ... وتأخذ أنفاسا مدروسة عدة مرات ... ثم مررت أصابعها في شعرها ورسمت علي وجهها ابتسامة ثابتة
وهي تعلن
"هيا للعمل"
اعترض خالد الذي كان في حاله أسوء من حالتها هي نفسها
"أي عمل تتحدثين عنه؟!! ستعودين للبيت حالا"
عقدت لينة ذراعيها أمام صدرهاً مقرة ببساطة من يعلن حقيقة غير قابلة للشك
" بل للعمل "
لبساطة ردها مع رنة الإصرار المغيظة فيه بدا علي خالد أنه علي حافة الانفجار فيها ... خوفا عليها
حين تنحنح تشاي مقاطعا
"أري ان لينة علي حق... من الأفضل ان تظل منشغلة بالعمل بدلا من البقاء في المنزل... صدقني نوبات الفزع تتطلب الانشغال لا التفرغ"

رضخ خالد لسببين أولاهما اقتناعه ان تشاي فعلا أكثر دراية منه بالأمر وثانيهما...
أنه أرادها أمام عينيه
جلس ثلاثتهم في إحدى المقاهي المتناثرة في السوق التجاري
طلب خالد له ولتشاي قهوة وطلب للينة عصير البرتقال الذي جلست تحتسيه بهدوء ولازالت الرعشة الداخلية تحتويها
"هلا شرحت لي بالضبط ما حدث لها؟!"
سؤال خالد المشدود ... كانت الإجابة عليه من تشاي الذي استعاد ابتسامته الواسعة رغم القلق الذي ظل ساكن عينيه التي تعود بين الحين والأخر للينة
"كما قلت... نوبة فزع بسيطة"
(بسيطة!!)
(فزع!!)
أجاب تساؤل كلا منهما المستنكر بنفس الهدوء والابتسامة
"نعم ياخالد... تلك مجرد نوبة بسيطة جدا... نوبات الفزع قد تصل بصاحبها لانعدام القدرة علي التنفس والوصول لاحتياج أجهزة داعمة للتنفس"
ثم التفت للينة مجيبا بوضوح
"نعم يا لينة... نوبة فزع"
رفعت كتفيها نافية بعند ...له كل أساس من الصحة لأنه يعود لثقتها بقوتها
لكني لا اخشي شيء"

أجاب تشاي بهدوء يبعث في نفس لينة السلام
"ما حدث منذ دقائق يدل علي العكس.. ويدل أنكِ ان لم تزورين استشاريا نفسيا قريبا سيسوء الوضع"
صمتت لينة ولكن خالد هو من انبري سائلا وهو يلوح بكفيه بعدم صبر
" انت استشاري نفسي اجتماعي اقتصادي تسير علي الحائط .. لماذا لا تعالجها انت؟"
هز تشاي رأسه رافضا ملتمسا العذر لذلك الثقيل
"لا يمكنني لأنني تربطني بها علاقة شخصية وهذا ضد ابسط قواعد العمل الاجتماعي والنفسي... ولكن لا داعي للقلق بإمكاننا البحث عن استشارية سيدة ومن أصول عربية... كما ان الحكومة الاسترالية هي من تتكفل بالعلاج "
رفضت لينة بغيظ
"لا ... انا لست بحاجة لاستشاري ولا طبيب نفسي .. انا لست بمجنونة"
تقبضت ملامح خالد وهو يلتفت لها بكل جسده مواجها إياها ولغته تقطر صدقا وحزنا
" لينة ارجوك"
كلمة ارجوك منه بتلك الرنة .. ألجمتها...
" لا تقولي تلك الكلمات.. لقد مررنا بتجربة مريرة سببها عدم فهم المرض النفسي وأبعاده... لا تعيدينا لهذا الطريق ثانية"
كلماته... ما أقوي أثرها عليها
كلمات زلزلتها بقوة وهو يشملها معه ومع عائلة غسان دون تفرقة ... وكأنها منهم
وكأنها.... منه

لفت لينة كفيها حول كوب العصير تستجلب من برودته ما قد يبرد قلبها الذي يتقلقل بين ضلوعها رافضا ان تعيش دور الضعيفة
شعر خالد بما يجول في خاطرها فقرر ان يفعل ما في وسعه لمساعدتها
وأول ما يفعل هو ان يشغلها في تلك اللحظة عن التفكير
بأن سأل تشاي بصوت عال كي يجذب انتباهها
"ماذا تريد مني يا سيد تشانج "
ثم عقد ذراعيه أمام صدره مادا جسده بلغة تنطق تحدي علي المقعد سائلا
"هل اتيت لتخبرني أنك ستذهب لخطبة جو اليوم وتطالبني ان اقطع كل علاقة لي بها؟"
بابتسامة متسلية أجاب تشاي السؤال بمثيله
"وصدقا... ما سيكون رد فعلك إن طالبتك بمقاطعتها !"
انحني خالد للأمام مقتربا من تشاي تحت أنظار لينة المراقبة وأجاب بثقة
" إن أثبت لي أنك تستحقها بحق.. سأقول سمعا وطاعة"
ثم استطرد بلهجة صادقة لمست لينة فيها استجداءا خفيا
" فقط ارعاها وراعيها...ولا تجعلها في حاجة لمخلوق سواك"
اغمضت لينة عينيها تخشى ان يريا لمعة دمع حمقاء بسبب صدق كلمات خالد تجاه جويرية وعادت للتساؤل الأكثر حماقة
( ماذا لو كنت اخته !!)
قاطع حديث النفس إجابة تشاي
"لا يا خالد.. انا لن اطالبك بإنهاء صداقتك بجو صداقة استمرت لعشرين عام ... ولكن اطالبك ان تراعيني... تتجاهل العرق الصيني وتتذكر أني شرقي وبالرغم أني ولدت في استراليا... لكن لازال بداخلي رفض عفوي لصداقة وطيدة بين رجل وامرأة.. "
بدا وكأن مجرد التفكير في الوضع يصيبه باليأس من لهجته المتسارعة فقاطعه خالد مادا كفه يمنعه من الاستطراد
"كفي... كفي... "
ثم اخذ نفسا عميقا وهو يعلن بلهجة المترفع
"سأحاول ان اجعلك صديقي... حتي اطمئن عليها منك.. لن اتوقف عن التحدث اليها أو مساعدتها ان احتاجتني ولكن قبل ان انبري للتدخل.. سأحاول التواصل معك وجعلك انت من تري احتياجها أو علتها وتسعي لحلها...
سأكتفي بدور المراقب من بعيد... وأدعك تحتل مرتبة الصديق المفضل حتي تسكن مرتبة الحبيب وانت مطمئن"
ولكنه عاد يعقد ذراعيه أمام صدره وهو يعلن بنبرة تهديد مبطنة
"ولكني لست من الاخوة اللذين قد ينصحون الزوج مرة واثنين وثلاثة ويتوسطون... أخرك معي إن احزنتها رسالة تحذيرية"
كل كلمة ينطق بها خالد تملئ قلبها بنفس الأمنية المستحيلة
(ليتني اخته... ليتني من بنات غسان وعرفته عمري كله.. )

*******************

في بيت غسان...
كانت فدا تعمل بكل كد واجتهاد بعدما أصرت علي جويرية بالذهاب لمصففة الشعر...
ووالدها بأن يصحب عبدالله لشراء حلوي لتقديمها لعائلة تشاي
انحنت فدا راكعة كي تمسح أسفل الأريكة.. ثم اعتدلت لتمسح باقي الأرضية
لا تدري متي بدأت في التمتمة لنفسها بتشف
"ها هي يا أمي جويرية تتزوج بلا حاجة لمقابلات مشبوهة"
وكأن تلك الكلمة فتحت بابا للذكريات التي طالما تناستها فدا

منذ سنوات عدة .. كانت علي اعتاب المراهقة ... في الثالثة عشر ربما ... وفي الحصة الأخيرة من اليوم الدراسي تجلس جوار جيسيكا وفاري تدردشان بصخب
مع معلمتها ..دخلت الممرضة ومدرب كرة القدم
بدأت الممرضة في الحديث بينما المعلمة لا تنزل عينيها عن البنات والمدرب يقف أمام صف الأولاد في ترقب لأي همسة
" اليوم يا تلاميذ سنتحدث عن الصحة الجنسية.. كيف تمارسون العلاقة الجنسية إن أردتم دون ان تأذون صحتكم"
اتسعت عينا فدا وسارت الهمسات والضحكات في الفصل ولكن الممرضة استمرت في الشرح المباح بطريقة عملية هادئة
وما إن انتهت حتي نظرت لفدا مؤكدة
"طبعا هناك ثقافات تمنع ممارسة العلاقة الجنسية قبل الزواج ...لذا علي الجميع العودة للبيت والتحدث في هذا الموضوع بصراحة مع ابويكم"
عادت فدا يومها.. تريد ان تتحدث.. ان تفهم...
سعدت بشدة وهي تري سيارة جويرية مركونة أمام البيت
فأختيها تدرسان في الجامعة في العاصمة ولا تراهما إلا كل شهر مرة
لذا سارعت لتدخل البيت بسعادة وترقب
ولكن توقفت عند الباب وهي تسمع صوت أمها عال غاضب
"ألن تتوقفي عن غبائك وحماقتك؟ كم عمرك الأن؟"
رأت فدا من زجاج الباب الشفاف جويرية تلملم شعرها الطويل في ذيل حصان عال وهي تجيب أمها بملامح تنطق غيظا
"عمري مئة سنة ولكني لن أقبل ان أقابل هذا وذاك في الحانات"
ضربتها أمها علي ذراعها بغل
"من هذا وذاك؟ انتِ تقولين أنه شاب عربي مسلم! الشاب طلب مقابلتك كي يتعرف عليكِ أكثر؟ هل تظنين أنك في عصر جدتي ستتزوجين بالخاطبة"
زفرت جويرية واستغفرت وهي تدلك موضع الضربة
"يا امي تتحدثين كأنك تعرفينه وتعرفين أهله... إنه مجرد شاب من الجامعة يريد ان يتسلى"
لتجيب تهاني التي لم ترها فدا ولكن سمعت صوتها الساخر
"ومن هذا الشاب الذي يريد التعرف لأجل الزواج فيأخذ الفتاة لحانة ليلية يا راوية"
ثم استطردت تهاني بلهجة خبيثة
"ربما علينا انتظار ابي لسؤاله"
تبددت الذكري كما الدخان ولكن ما تذكرته فدا أنها.. لم تسأل أمها عما سمعت في المدرسة
تذكرت فدا ان.. جويرية لم تقبل ابدا ان تدخل في علاقة عاطفية مهما شجعتها أمها بدافع الزواج وتذكرت... تذكرت الكثير مما تناسته طويلا كي تظل في دور الخاطئة .. وكي تنفي احتمالية أنها ربما... ربما لم تكن المخطئة الوحيدة
طرقات هادئة علي الباب... دفعت فدا لأن ترمي كل هذا من رأسها... مؤقتا وتعدل حجابها وتسارع للباب
الذي ما إن فتحته... حتي عادت طفلة ترتمي في حضن الخالة مريم وتبكي بحرقة... تبكي فاضل
عكس المتوقع.. لم تجلسها وتقول ( فضفضي وابكي)
بل حضنتها مريم حتي هدأ نشيج فدا ثم ابتعدت مطالبة
"هيا نستعد لخطبة اختك"
لم تتحدث مريم في أمر فاضل... لكن وجودها وتلك الابتسامة الهادئة المحبة
كان كافيا ليغير من شعور فدا الطاغي بالفقد.. فيواريه للخلف قليلا ويعيد للأمام فرحتها بجويرية
حتي نست فاضل تماما... أو ادعت ذلك
(فيدو)


نادتها مريم برصانتها ورقيها... فتركت فدا ما بيدها تتطلع في مريم التي ترتب ازهارا أحضرتها معها في احد الأركان
لتلتفت لها الأخيرة معلنة بحزم حنون
"أخر مرة يا فدا تخبرين فيه شخصا عن الماضي.. لا تجهري بذنب نسأل الله الغفران عليه"
بطاعة سببها الاحترام.. الحب .. والشعور العميق ان مريم فعلا تهتم بها.. هزت فدا رأسها متمتمه كأبنة مطيعة
(حاضر)

في خلال ساعة كانت جويرية وغسان وعبدالله قد عادوا من الخارج والكل انصرف بروح مرتاحة للاستعداد
وأمام الباب وقفت لينة تخلع حذاءها وجواربها التي قد يكون قد علق بها الشعر من العمل بينما خالد يصف سيارته
فتح الباب لتقف أمامها فاتنة من فاتنات بوليود الاربعينيات..
وقفت أمام لينة الحافية ذات الشعر الكهربي والتي لازالت بزي العمل الأسود... مريم ببذلة بيضاء موشاه بالذهبي وقد رمت علي شعرها الأسود الحريري حجابا ابيضا غطي منتصف شعرها بينما تدلت ضفيرتها الطويلة علي ظهرها
تحديق لينة المستمر في مريم دفعها للابتسام سائلة
"مرحبا.. مرحبا .. ألم تعلمك ماما ان التحديق عيب"
جملة مريم المازحة جذبت لينة من دوامة الانبهار بها لتخبط جبهتها ثم تسارع شارحة بحرج شديد
"اسفة سيدتي ... لم اتخيل ان ام خالد بهذا الجمال ابدا"
ضحكت مريم ضحكة راقية... والتفتت لينة علي زمجرة من خلفها
" لماذا! هل انا قرد مسلسل مثلا؟"
ثم انحني علي امه معانقا ومقبلا...
أرادت لينة انتهاز الفرصة والهروب للداخل ... لكن جسد خالد العريض سد عليها الطريق.. فوقفت تشعر بضآلة بالقرب من ذلك الضخم
كانت تنظر لقدميها الحافيتين بانتظار.. حين سمعت خالد يعرفها لأمه التي لم تحتاج لتعريف وقد تعرفت ضمنيا علي هويتها
" لينة يا امي "
طريقته كانت عجيبة...حتي ان كلتاهما تطلعتا فيه بدهشة طفيفة
لم يقل ( امي هذه لينة... لينة هذه امي) كما المعتاد حين التعريف
أو (امي اعرفك بلينة)
بل فقط ( لينة يا أمي)!!
وكأنه ينبهها اليها ... يلفت نظرها لتلك الضئيلة... يخبرها دون ان يدرك هو نفسه
(لينة يا أمي...انتبهي لوجودها.. أعرفي أنها... مهمة)
هزت مريم رأسها محيية ولكن نظراتها للحظة قصيرة تعلقت بخالد.. ثم عادت للينة تسألها
"هل أنتِ من ** أو من**؟"
معلنة اسمي بلدها والبلد الشقيقة لها... وكالعادة يرتبك الكثير بين البلدين
فأجابت لينة بابتسامة فخر
"انا***" معلنة عن جنسيتها
هزت مريم رأسها بتفهم وابتسامة معلنة وهي تلتفت لتدخل عائدة للمنزل أخيرا
"من يراك علي بعد ألف ميل سيعرف أنك لست باكستانية"
لم تفهم لينة المغزى مما قالت مريم... ولكن داخلها تساءلت بغيظ
( هل تسخر هي الأخرى من شعري كأبنها!!)
أما خالد... ففهم

وصل تشاي وأهله... والدته ووالده واختيه
وعم الصوت البيت...عمت الضجة الحلوة
عبدالله يجري مع امينة هنا وهناك يريها بيته وألعابه ...فدا تتعرف علي اختي تشاي كليوباترا وهاميس
وام تشاي لا تتوقف عن المزاح
وهي... هي خلف بابها تختبئ
أمام مرآتها... مرتعبة
كيف ستقابلهم!
هل ستدعي الابتسام!
وإن ادعت الابتسام ... كيف سترسم ملامح الخجل!
لمست جويرية وجهها بغل... تقرصه ... تلطمه
كما لو كان مريضا بالإغماء وسيستيقظ مع اللطمات
وفجأة أصابها الجبن... لن تخرج لهم بهذا الوجه
لا لن تخرج بوجهها الاسمنتي في مواجهة عائلة ملأ صوت مرحها وضحكها الحي الكئيب

سيسأل ابوه.. فتهمس امه في اذنه
ستضحك اختيه عليها
لا... لن تخرج
في نفس اللحظة فتحت فدا باب الغرفة.. تطلعت فيها وخرجت ثانية
تشتتت للحظة ثم عادت للمرآة ..
لتسمع طرقات خفيفة علي نافذتها..
ألتفتت جويرية مفزوعة للطرقات علي نافذتها التي تطل علي...ممر ضيق جدا بين النافذة والسياج
وقف تشاي مزنوقا ما بين السياج والنافذة... وجهه يلتصق بالزجاج بشكل مبالغ فيه
سارعت جويرية تفتح له النافذة وهي تهمس بفزع
"ماذا تفعل يا مجنون؟!!"
لم يدخل تشاي الغرفة بل أدخل ساقيه وجلس علي الاطار وابتسامته الواسعة لا يستطيع التحكم فيها وهو يراها بفستان منقوش ما بين الأزرق والأبيض
وكأنها كعادتها تتلبسها روح المحيط
" لقد تأخرتِ حتي ظننتك لن تخرجي.. فتحججت أني علي إجراء مكالمة هامة.. وأرسلت فدا كي تتأكد أنك محتشمة..."
ثم صمت للحظة مستطردا بصدق
" مع أني والله لا يفرق معي"
لم تنتبه لوقاحته وهي تسأل بخوف
"هل سيتقبلني اهلك بلا تنمر!"
داري وجع قلبه عليها في ابتسامة مؤكدا
"انسة فيزيا.. لقد تقبلتك حماتك وبعد الحماة كل شيء سهل... ما بالك إن كانت الحماة مصرية صميمة!"
لم ترفع عينيها لعينه.. ووجهها المحني حتي مع انكشاف رقبتها التي تقتله... زاد من حنينه لتطيبها
وازن نفسه علي الاطار ثم مد كلتا كفيه يحتضن وجهها ويرفعه لوجهه هامسا بصوت اجش
"جويرية انتِ أكمل من رأت عيني.. انا المحظوظ أنك وافقت بي... أو حتي الأن وافقتِ علي إمكانية القبول بي..
مع احترامي لأهلي... لا يهمني مخلوق..
انا بإمكاني قرآة ملامحك كما الكتاب المفتوح... بإمكاني ترجمة صوتك الذي يمر بقلبي وعقلي.. فأشعره... فلا تترددي لسبب فيك لأنك خالية من كل عيب "
ثم ليؤكد علي ما يقول سألها بجدية
"هل تريدين معرفة ما تقول ملامحك في تلك اللحظة؟"
هزت جويرية رأسها وكلماته قد سلبت لبها تماما
فهمس لها تشاي بصوت خفيض وعينيه تترك عينيها لتنتقل لشفتيها القريبة منه
"تقول... ارجوك يا شحاته قبلني قبلة (مشبك)"
اتسعت عينا جويرية خاصة مع اقترابه ولم تدر إلا بأنها دفعته بكل قوة... فأختل توازنه ساقطا في الحيز الضيق ما بين سور البيت والنافذة...
كتمت جويرية ضحكة من ضحكاتها النادرة وهي تمد يدها له كي تساعده علي النهوض...
نهض تشاي ينفض عن نفسه الأتربة وأوراق الشجر وهو يهتف بأسنان مغلقة
"مجنون من يمزح معكِ... هيا... هيا للخارج"
سمت جويرية بالله وخرجت في نفس اللحظة التي دخل تشاي منها من الباب
وكأنه يراها لأول مرة... تخطفه في كل مرة بملامح تحمل رسائل سرية ... لعينيه فقط






سبحانك اللهم وبحمدك استغفرك واتوب اليك




ندوش28, ru'a and noor elhuda like this.


التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 23-09-20 الساعة 01:20 PM
shymaa abou bakr غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 23-09-20, 01:36 PM   #842

لولا عصام

? العضوٌ??? » 424393
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 87
?  نُقآطِيْ » لولا عصام is on a distinguished road
افتراضي

رووووووعه شحاته دهمزاااااج

لولا عصام غير متواجد حالياً  
قديم 23-09-20, 02:02 PM   #843

مامى ساره

? العضوٌ??? » 436212
?  التسِجيلٌ » Dec 2018
? مشَارَ?اتْي » 23
?  نُقآطِيْ » مامى ساره is on a distinguished road
افتراضي

الفصل تحفه يا شوشو الحكايات بتتعقد اكتر وبقت مشوقه اكتر سلمت يداكى

مامى ساره غير متواجد حالياً  
قديم 23-09-20, 02:17 PM   #844

nesrine la alegria

? العضوٌ??? » 454775
?  التسِجيلٌ » Sep 2019
? مشَارَ?اتْي » 231
?  نُقآطِيْ » nesrine la alegria is on a distinguished road
افتراضي

عيني عالجمال تسلمي و ربي يحفظلك احبابك ❤❤❤
حوارات لينه و خالد متعه
مريم نعم الصديقه رغم انحيازها لبنات بلدها 🤭ليه احنا ما نعجبش و الا ايه
نصيحتها لفدا في محلها لشو تحكي شي ستره الله و ما يحق لحتى انسان الحكم عليها (واضحه و صريحه مريم )
فاضل مسكين زي الي كان طاير في السما و وقع في اسفل الارض
ناجي اثبت رغم انو ما خلفش اولاد لكنه يحمل صيفات الابوه اكثر من الكثير من الاباء
و اخيرا قدر يحط شهيده على الخط و الكره في ملعبها
شحاته و جويره ❤❤❤❤ شو قيمت ردات الفعل لو مالقين ناس تفهمنا يكفي انو شحاته قادر يقرا ملامحها الصامته و يحسي بردات فعلها الجامده ❤❤❤
تسلمي و برشا قلوب


nesrine la alegria غير متواجد حالياً  
قديم 23-09-20, 02:29 PM   #845

Shaimaa Zayan

? العضوٌ??? » 463449
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 57
?  نُقآطِيْ » Shaimaa Zayan is on a distinguished road
افتراضي

ايوه كده خلي تشاي يطري علي قلبنا بعد نكد فاضل وفيدو

Shaimaa Zayan غير متواجد حالياً  
قديم 23-09-20, 02:44 PM   #846

Asmaa mossad

? العضوٌ??? » 429548
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 810
?  نُقآطِيْ » Asmaa mossad is on a distinguished road
افتراضي

مبدعه سلمت يدااااك

Asmaa mossad غير متواجد حالياً  
قديم 23-09-20, 02:45 PM   #847

وعد ومكتوب

? العضوٌ??? » 358750
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 260
?  نُقآطِيْ » وعد ومكتوب is on a distinguished road
افتراضي

الفصل جميييييييييل يا شيما جمييييييييييل❤❤❤❤❤❤❤

وعد ومكتوب غير متواجد حالياً  
قديم 23-09-20, 03:07 PM   #848

Mummum

? العضوٌ??? » 441364
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 462
?  نُقآطِيْ » Mummum is on a distinguished road
افتراضي

جميل شيمو تسلم ايدك حبيبتي فصل روعة روعة روعة

Mummum غير متواجد حالياً  
قديم 23-09-20, 03:35 PM   #849

راما الفارس

? العضوٌ??? » 386178
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,037
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » راما الفارس is on a distinguished road
افتراضي

رووووعة الفصل

أما شحاتة نهفة هههههه يا ويلي ما أخف دمه
وفدا المسكينة بتحرق القلب

يسلمو اديكي يا رب


راما الفارس غير متواجد حالياً  
قديم 23-09-20, 03:41 PM   #850

MerasNihal
 
الصورة الرمزية MerasNihal

? العضوٌ??? » 410863
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 252
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » MerasNihal is on a distinguished road
افتراضي

مساء الخير يا شيموو
تسجيل حضور متأخر
تعالي هنا ايه ده عايز يبوس قبلة مشبك😏
بسهولة وببساطة كده؟؟
لالالالااا مش قبل ما يتسحل شوية
مش احسن من فاضل وصهيب😒
الفصل جمييييل جداً، تسلم ايدك حبيبتي 🧡


MerasNihal غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:25 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.