آخر 10 مشاركات
ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          [تحميل] إمــا "شيطـــان" أو شـخـص مــهـزوز الـكـــيان/للكاتبة Miss Julian(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          جددي فيني حياتي باللقاء *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          زوجة مدفوعة الثمن (44) للكاتبة:Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          أشعلي جمر الرماد (4) للكاتبة الرائعة: jemmy *مميزة & كاملهــ* (الكاتـب : حنين - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          هل تغفر لي - باربرا مكماهون (الكاتـب : سيرينا - )           »          269 - قطار النسيان - آن ميثر (الكاتـب : عنووود - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

مشاهدة نتائج الإستطلاع: الثنائي المفضل ليكم لحد دلوقتي ؟ " حابة جداً أعرف رأيكم عشان الفصول الجديدة " 😂
سليم و مليكة 0 0%
عمر و غنوة 1 100.00%
أحمد و ياسمين 0 0%
يوسف و رقية 0 0%
خالد و هديل 0 0%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 1. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-06-20, 08:30 AM   #1

nada diab
 
الصورة الرمزية nada diab

? العضوٌ??? » 102646
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 313
?  نُقآطِيْ » nada diab is on a distinguished road
افتراضي بين ثنايا القلب حكاية ❤




بين ثنايا القلب حكاية
حصرية لمنتدى روايتي









الفصل الاول

تنازع روحه رغبة متوحشة بالقتل يريد الفتك بأحد ما بشيء ما يشعر بطاقة للعنف لا يفهم تحديداً كيف يستطيع حتي الآن التحكم بها .. كانت تتمايل بخفة و غواية يعرفها جيداً يعلم أنها تدرك كم هو مهلك خصرها النحيل ذاك و جسدها السخي تحته كانت قطعة منحوتة بعناية بفستانها الملتصق بجسدها ليصل إلا ما تحت ركبتيها و يتوقف و حذائها العالي و قدميها الصغيرتين بأظافر ملونة بالأحمر الناري أجل هذا هو الوصف الصحيح لها نارية مشتعلة دوماً أو علي تأهب للاشتعال لتهلك كل من ينظر لها عشقاً أو تقتل من يحاول المساس بكبريائها اللعين غضباً حمد ربه أن أحد أبناء عمومتهم جذبها برفق مداعباً إياها بلين لتكف عن ذلك الإستعراض الفج حقيقة لم يكن فجاً تماماً هي تعلم جيداً ما تفعل تريد سبي القلوب و هي تحتفظ بماء وجهها لترد كعادتها مدعية البراءة " هو من فعل .. أنا ماذا فعلت ؟" كانت مدللة الجميع ماعداه لكن دوماً بداخله في أعماق ذلك النابض يسار صدره أراد إشباعها دلالاً و إغداقها حباً و لا بأس من بعض التأنيب و صفعتين يا إلهي مازالت تشاغب خالد مجدداً و تلكزه بدلال في كتفه لتتمايل بوقاحة أكثر الآن في موسيقي صاخبة شعر أنه لابد أن يتدخل مرغماً فهو يعكف منذ سنوات علي تجاهلها ببرود تحاول هي بصفاقتها تذويبه و الغوص في صراعاتهم القديمة ...
إقترب منها علي مهل ليلاحظ إضطرابها المستتر يعلم جيداً أنها تخاشه فقد ظلت في سنين مراهقتها الأولي تعتبره الأخ الأكبر لها لفارق الثمان سنوات بينهم و لأنه لسوء حظه إبن عمها الكبير فمارست بعدها كل تمرد مراهقتها ضده و كان يحجم ذلك التمرد كل مرة بطريقة أو بأخري حتي تصادما و هي بالسابعة عشرة من عمرها فقرر وضع حاجز لتدخلاته مؤقتاً حتي !! لا يعلم هو شخصياً حتي متي أو حتي ماذا .. لكن الآن تحديداً ضرب بكل ذلك عرض الحائط ليخبرها و هو يجز أسنانه بغيظ

- "هل إنتهي العرض أم لديك المزيد من الفقرات ؟"
- "أي عرض !! إنه عرس أختك و بالصدفة تكون أختِ و إبنة عمي المفضلة و الحضور هم عائلتي و أعبر عن فرحتي بالقليل من الرقص .. ماذا في هذا ؟ حتي خالد يشاركني الفرحة .. ماذا بك ؟ " داخلياً كانت ترتجف فرحاً بالحصول علي إهتمامه مجدداً و خوفاً من بطشه كانت تعلم أن عرضها ذاك سيغضبه كما هو الحال مع فستانها لكن والدها حي يرزق و موافق فمن يملك أن يعترض ؟ هو يملك تعلم هذا و تريد هذا أكثر ما ترغبه في هذا العالم هو الإنسحاق علي صدره لكن إمرأة مثلها هل ستحب فعلاً أن تنسحق علي صدر رجلاً ما للأبد ؟
- "مليكة توقفي عن عرضك السخيف هذا فالعرس ليس بحديقة منزلنا و يحضره خالد و أولاد عمومتكِ فقط بل يحضره أصدقائنا جميعاً و صدقيني لم أدعوهم ليشاهدوا إبنة عمي الصغيرة ترقص لتمتعهم .. توقفي و لا تجعليني أكرر تحذيري هذا مجدداً "
- "لكن كل فتيات العائلة يشاركون الرقص و المرح لماذا تأنبني وحدي ؟"
- "لأن نصفهن محجبات فقط يصفقن و النصف الآخر يمرحن بإعتدال و لا واحدة منهم تتمايل بصفاقة بنصف فستان ؟ كفي جدالاً و إعتدلي"
- "لا تصرخ بوجهي هكذا .. لم أعد طفلة"
بتر إعتراضها تدخل والدتها ببرود تام و سحبتها من يدها لجانبها فلم تكن أبداً علي وفاق مع سليم و لا هو كان يطيقها لكن يعاملها بإحترام جم نظراً لكونها زوجة عمه الحبيب و والدة مليكة و اه من مليكة و ذلك السحر المشع المرافق لكل ما يتعلق بمليكة لم تكن جميلة بالمعني الحرفي عيناها عسليتان لكنهما تلمعان دوماً بشقاوة و شغف و مرسومتان بتحدي دائم لكل الأشياء و الأعراف و البشر جمعاء كان يستعجب دائماً كيف يمكن لمثل هاتين العينين أن يشعا أحياناً ببراءة خالصة فيدعوها في سره ساخراً بالحرباء المتلونة لكن جسدها يا الله منحوت بتفاصيله كساعة رملية ممشوقة مع القليل القليل جداً من إمتلاء محبب لا هي بنحافة مفرطة مملة و لا هي سعرات زائدة هي فقط جرامات زادتها إغواء .. كل هذا يزينه شعر بني طويل للغاية كانت سحرية كأنها خرجت من حكاية هي حواء بإمتياز .. من الممكن أن لا يصيبك جمالها بالحب من النظرة الأولي لكنك ما إن نظرت حتي تطيل النظر و قلبك ينسحب من داخلك تلقائياً و يصر خاضعاً علي ركبتيه هناك تحت قدميها يطلب النذر اليسير فقط من إهتمامها لكن هيهات .. كانت تحب اللعب بالنيران لكن لا تسمح هي لنفسها و لقلبها أبداً بالإحتراق ..علي الرغم من حنقه الشديد منها و خاصة بعد تصرفها الأرعن المتوقع هذه الليلة لكنه لا يملك إلا أن يعترف بأنها مزيج غريب و محير فهي الوحيدة فيهم التي تحرص علي مزاولة الأنشطة الخيرية و التطوع لمرتين علي الأقل أسبوعياً و كانت تقضي وقتاً طويلاً تستذكر دروس أولاد حارس بيتهم السابق قبل أن تنتقل بصحبة والديها لمنزل آخر من طابقين يبعد عن منزل العائلة خمس دقائق سيراً علي الأقدام و كانت تغرق هؤلاء الأطفال دلالاً و حلوي و مرحاً .. قطع شروده قدوم أحد أصدقائه لتهنئته فإنضم إليهم ..
- وقف خالد يتأمل أفراد عائلته في فرحتهم الصاخبة كانوا جميعاً أحفاد متحابين علي الرغم من العديد من المناوشات و الحكايا لكنهم في قرارتهم كانوا يحملون الكثير من الحب و الإنتماء لبعضهم و القليل من الغيرة و يرجع الفضل في كل هذا لجدته بهيرة و ذكائها و حنكتها و قوة شخصيتها التي طغت علي أبنائها و أحفادها جميعاً حتي تلك المتمردة المدللة .. كانوا أربعة إخوة و ثلاثة أخوات من زيجة أولي لوالدهم يسكنون بالصعيد و إختلاطهم بالعائلة نوعاً ما محدوداً .. الإخوة يعملون جميعاً كصيادلة كونوا ثروة مكنتهم من إنشاء سلسلة صيدليات في تزايد دائم ... عمه الأكبر كان عدي والد سليم و غنا و رقية العروس كان رجلاً حازماً للغاية و ذكياً علي الرغم من ذلك كان طيباً و محباً جماً لعائلته و أولاد إخوته جميعاً .. يليه مباشرة عمه علي والد مليكة وحيدته و مدللته و مدللة الجميع علي الرغم من أن والدتها لم تكن محبوبة و لا محبة لعائلة زوجها لكن ذلك لم يقلل من حبهم لمليكة و حب مليكة الجارف لهم جميعاً كانت دوماً فخورة بعائلتها و تعشق صحبتهم ..و والده سالم و إخوته سلمي و صبا و أحمد و قصي و الأخير محمد لديه توأم مراهقان عمر و عامر كانوا جميعاً ملتفين حول العروسين فرقية كانت ملائكية الطبع يغلبها الهدوء و الحياء و التهذيب الجم و الطاعة كانت أقربهم لله و أكثرهم تديناً فكانت العلاقة بينها و بين مليكة لغزاً للجميع لمدي قوتها و كم إختلافهم .. اه من مليكة عادت للمشاكسة من جديد و هو يكره أن يؤنبها سليم فيعمد كعادته لجرحها علها تتوقف لكنه يعجب دائماً بشجاعتها في مواجهة تسلطه و تعاملها بقوة مع إهاناته و ردها أحياناً لكنها في أحيان أخري تضعف و تنسحب محمرة الوجه فلا تبكي أمامه أبداً يعترف هو أن سليم علي صواب غالباً فيما يتعلق بتدلل و رعونة مليكة لكنه لا يطيق فيها النسمة كأنها أخته أكثر من إخوته .. هل هي أخته حقاً ؟ نفض التساؤلات الحمقاء تلك جانباً و هرع إليها يلهيها بالتصوير الذي تعشقه حد الثمالة
- "يبدو كلانا رائعاً بتلك الصورة .. أليس كذلك ؟ سأشاركها علي صفحتي "
- "أنتِ تبدين رائعة دوماً يا مليكة .. الروعة خلقت لأجلكِ في الأساس" تبسمت برقة مشوبة بخجل و الكثير من الثقة .. هل يكمن سحر مليكة في ثقتها المفرطة بنفسها أم مثلاً بذكائها فهي علي الرغم من إنخراطها بعمل العائلة و دراستها في العام الثاني من كلية الصيدلة كانت تحب القراءة و الرسم و التصميم و أغلب ما ترتديه يكون من تصميمها لوحدها مما يزيدها تميزاً و فتنة ... إنتهي الزفاف علي خير منتهياً بصورتهم الجماعية المميزة تتوسطهم بهيرة و التي تجاهلتها أمها متحججة بمكالمة مهمة من أختها و هرعت للخارج ...
عادوا جميعاً للمنزل و ما إن نام والدها حتي وجدت أمها تقتحم عليها حرفياً غرفتها
- "توقفي مليكة توقفي عن مراهقتكِ تلك سليم ذاك لا يناسبك أبداً .. ستبهتين بجواره و تظلين تلاحقين ظله لن يطيق توهجكِ هذا حبيبتي لن يحبه أبداً "
بهتت للحظة كيف كشف أحداً ما سرها العظيم ؟ كيف فضحتها أمها و واجهتها بقسوة هكذا أمام نفسها ؟ يا إلهي كم كان هذا مؤلماً !! تمالكت نفسها قليلاً لترد بإندهاش مصطنع
- "ما بالك أمي سليم أخي و لطالما كانت علاقتنا هكذا ؟ هو يكره تمردي و أنا أكره تسلطه ما الجديد لتخبريني بتلك الأضحوكة ؟ "
- " لو خدعتي الجميع فلن تخدعي أمكِ لا أحد منهم يناسبكِ يا صغيرة تستحقين رجلاً أفضل منهم جميعاً .. سحرك هذا أكبر من أن يفهموه و أرقي من أن يدفن في حضن أحد أبناء عمومتكِ"
- "أمي من فضلك كلهم إخوتي و كلهم رجال و لا أروع أنا أحبهم جميعاً و أتقبل عدم تعلقك بعائلة أبي و إن كنت لا أفهمه لكنني لا أتقبل إهاناتكِ المبطنة المستمرة لهم .. أرجوكِ راعي مشاعري و حتي مشاعر أبي لطالما أكرم عائلتكِ و عاملهم بمنتهي الود "
- "لن أناقشكِ مجدداً يا فتاة .. إبتعدي عن سليم و أخرجي تلك الترهات من رأسك الصغير سيطفئكِ و لن تتحملي العيش تحت ظله و ستكرهيه مع الوقت .. أفيقي "
خرجت و تركتها و أغلقت الباب خلفها بعنف تودعه غضبها منها و ظلت مليكة تصارع الذكريات و تلك الكلمات تقرع كطبول أفريقية بصخب داخل عقلها تردد مخاوفها الدفينة .. فسليم لطالما كره تمردها و حاول تحجيم فتنتها دائماً لم يوقفه سوي ما حدث بينهم منذ سنتين
- كانت تصعد سلم عمارتهم متجهة لشقة جدتها لتسلم عليها قبل أن تصعد لتستذكر دروسها فقد كانت عائدة من المراجعة النهائية لمادة الفيزياء فدخلت دون أن تلحظ العاصفة الهابطة للسلم التي لحقت بها للداخل ما إن سلمت علي جدتها و ذهبت لتجلس حتي جذبها بقوة من ذراعيها صارخاً
- "ما هذا المنظر الحقير الذي شاهدته منذ قليل ؟ كيف تسمحين له بلمسكِ ؟ هل جننتي ؟ هل أنتِ صغيرة لا تعي الصواب من الخطأ أم أنكِ لم تتعرضي للتربية قط كبنات الشوارع و لا تفهمين ما هي حدودكِ ؟ "
صرخت بدورها من فرط الإهانة علي الرغم من إعترافها داخلياً أن عبد الرحمن جارهم قد تجاوز بمزاحه قليلاً و شدها من شعرها مداعباً لكنها أنبته بهدوء و وعدها ألا يعيدها مرة ثانية
- "ما خصك أنت ؟ كيف تجرؤ علي سبي ؟ أنا قليلة أدب يا جدتي ؟ إترك ذراعي أنت تؤلمني "
- "ذلك الألم لا يقارن أبداً بما سأفعله بكِ .. و تتجرأين علي الرد بوقاحة أيضاً "
- "لا وقح هنا سواك أنت يا غبي "
رفع يده بعنف ليصفعها لتوقفه صرخة جدته
- "إياك يا سليم فتياتنا لا يضربن و لا تصفع وجههن .. لا تفعلها أبداً كن لها أماناً لا تخذلها و تكن مصدر أذي "
علي الرغم من قناعته الداخلية أنها تستحق تلك الصفعة لكن كلمات جدته لمسته من الداخل لطالما إحترم جدته و أحب فيها أنها تساوي بينهم جميعاً ذكوراً و إناثاً و لا تتقبل الخطأ أيضاً من أياً كان
- "لكن جدتي تلك الغبية كانت تقدم عرضاً سخياً للجيران بمزاحها مع هذا القذر مرتدية ملابس لا تليق سوي بطفلة !! من ترتدي شورت و هي بالسابعة عشر !! أخبريني "
- "حتي لو أخطأت إسمعها أولاً .. مليكة إعتذري لأخاكِ الأكبر علي وقاحتكِ تلك "
- "لن أفعل أبداً لقد أراد ضربي و أنا لم أفعل شيئاً أمي و أبي يعلمون أن عبد الرحمن سيوصلني معه من الدرس أمي أصلاً من طلبت ذلك من أمه و يريان ما أرتدي قبل أن أخرج "
- "حسناً مليكة سأتصرف أنا مع عمي و وقاحتكِ تلك لن أنساها و الصفعة التي منعتها جدتي يا مليكة صدقيني ستكون لكِ الغلطة القادمة دون أن يمنعني أحد فقد إستنفذتي كل فرصكِ معي .. حذاري مليكة من القادم "
و خرج و تركهم بعد أن أرسلت نبرته الحادة المؤكدة رعدة و قشعريرة بداخلها فهو لا ينطق عبثاً أبداً تعلم إنه مهما حدث فالمرة القادمة لن يتهاون معها فجأها صوت جدتها المؤنب
- "لا تستحقين صفعة واحدة بل عشرة .. ما هذا الذي ترتديه في درس ما ! من أخبركِ أن هذا يليق و وجودك مع المغفل عبد الرحمن أمام المنزل تحت عيون الجيران ؟ هل ستخطفين لو عودتي من درسكِ وحدك ؟ و لو كان كذلك لما لم تطلب أمكِ من أحد أبناء عمومتكِ أن يوصلك ؟ و كيف تسمحين لشاب غريب بالتباسط معكِ لدرجة جذبكِ من شعرك ؟ هل جننتي ؟"
- "لقد أنبته يا جدتي و لن يكررها و لن أتعامل معه مجدداً و أنا مخطئة .. هل هذا جيد ؟ "
- "و وقاحتكِ مع سليم الذي يفوقكِ بسنوات ؟ و رفضك الإعتذار له ؟ "
- "لقد أراد ضربي ؟ هل تتخيلي أن تضرب فتاة مثلي و الله لكنت قتلته ! يريد ضربي أنا "
ضحكت الجدة من جرأتها علي الرغم من إرتجافها أمام يده منذ لحظات
- "مليكة إعتذري له فوراً من دون أي إعتراض و لا تكرري ذلك و إلا تصرفي أنا شخصياً لن يعجبكِ .. هيا "
علي الرغم من كل شيء هي نفسها تضايقت من تباسط عبد الرحمن هي تتسلي بإهتمامه كالعادة لكنها لا تحب أن يتخطي أحداً الحدود التي تضعها لنفسها طرقت الباب أمام غرفته و ما أن سمح للطارق بالدخول و رآها حتي هب واقفاً يحتجز ذراعيها مرة أخري
- "أرجوك سليم لقد أتيت لأعتذر عن الموقف برمته لكن لا يحق لك أبداً ضربي لم أعد طفلة تؤنبها و تهددها بالعقاب "
- "فعلاً مليكة لم تعودي طفلة لذا لن أتدخل بكِ مجدداً .. معكِ كل الحق لديكِ والديكِ و هم من يقررون فمن أنا لأعترض ؟ "
ثم تركها متجاهلاً نظراتها الضائعة و أخبرها أن إعتذراها مقبول و نظر مجدداً لكتابه في إشارة منه لتخرج و تغير كل شيء من بعدها لم تعد مشاكلهم كثيرة كالسابق لم يعد يصرخ بوجهها و يؤنبها و لا يهدد بالتدخل عندما تقدم علي حماقة ما أو تنشر صوراً يراها لا تليق علي مواقع التواصل .. ظلت هي بعدها لفترة طويلة تحاول إستفزازه بكل الطرق فكان يلكم الحائط غيظاً في كل مرة يودعه العنف المكبوت بداخله فقد أدرك و هي تعتذر أن تلك الغيرة الجمة التي تملكته لم تكن سوي ولهاً و غراماً محفور في أعماقه لتلك المدللة التي تشاركه إسماً و دماً واحداً .. تركها لتنضج قليلاً ليبدأ رحلة جديدة للوصول لقلبها و تهذيب طباعها الجامحة و هوسها بسبي القلوب و اللعب بالنيران ......
- أخرجها من ذكرياتها صوت هاتفها و خالد يرسل لها صورهم معاً علي هاتفه .. كم تحب خالد و ترتاح لصحبته كان لطيفاً حلو المعشر و جذاباً بشعر أشقر و عيون عسلية يشبه أمه الجميلة .. قررت أن تشارك صورتها مع خالد و صورة العائلة المجمعة لتكتب " عائلتي القلب الكبير" ...
وجد أنه لم يعد يحتمل خاصة مع قربها السخيف من خالد أصبح حتي هذا يثير غيرته و قرر أن فترة العزلة عنها إنتهت سيحاول مجدداً علها تنضج ليضمها لصدره و بيته و حياته ...
******
- "رقية هل إنتهيتِ ؟ "
- "أجل يمكنك الدخول "
كانت تحترق حياءً حتي أوشكت علي البكاء و هو يحاول الإقتراب تلتمع عيناه عبثاً و يغمز لها مشاكساً علها تتجاوب لكن بقيت كما هي جامدة مصدومة ملامحها لا تنم إلا عن خوف شديد
- "ما بكِ يا رقية ؟ و كأنني غريب أنا حبيبكِ و تلك الليلة الأولي التي يسمح لي بضمك و إشباعكِ قبلاً كما أشاء فلما تلك الرجفة الحمقاء ؟"
- "أخجل "
- "لا تقلقي لدينا العديد من الليالي لنكسر ذلك الخجل حتي تهرعين أنتِ لحضني لطلب كل ما يُخجل أما الليلة فدعيني فقط أتذوق تلك الشفاه المدمرة صاحبة السحر العابر للقارات "
زال بعضاً من خجلها و غلبها ذلك العشق العميق الذي تكنه ليوسف لتندمج معه في لوحة ملحمية مليئة بجمالية العناق و علي الرغم من غيظه الداخلي من تلك الفروض التي خطها هو نفسه لتلك الليلة لكنه لم يرد أن يؤذي رقية قط يعلم كم هي هشة و سهلة العطب سيقضي ليالي يعلمها فيها فنون الغرام حتي ينعم بها قريباً كإمرأة كاملة متجاوبة بشوق يملئها حتي الأعماق ...
********
-بمنزل المحاسب/عادل أمين بمدينة المينا تجلس
إبنتيه الشابتين في غرفتهما لتصرخ إحداهن للأخري
- "سمية هل رأيتي صور الزفاف ؟ إنه رائع للغاية و رقية تبدو ملائكية الطلة و فستان مليكة مذهلاً تبدو جميلة للغاية"
- "مليكة ليست جميلة تماماً لا بأس بها لكن جميلة لا أعتقد هي فقط مهتمة كثيراً بنفسها و تجد الكثير من المال في حوزتها لتدلل نفسها .. لو ملكت أنا خضراء العينين صاحبة البشرة الناصعة ربع ما تملكه مليكة لعلمتكِ معني الجمال الحقيقي يكفيها دلال الجميع حتي تتألق هكذا .. ليت لي مثل تلك الحياة"
- "ما بها حياتنا ؟ الحمد لله علي جزيل نعمه لا أعلم لما لم يسمح لنا والدي بالسفر لحضور الزفاف فمهما كانت العروس إبنة خالنا "
- "لأنه يعلم الحقيقة نحن الطرف الفقير المنبوذ لعائلة الشاذلي لسنا كأحفاد بهيرة هانم و لن نكون و الدعوة فعلاً كانت مجرد أداء للواجب لا أكثر "
- "لكنكِ كنتِ تتمنين الذهاب "
- "أجل لكنني لا أكذب علي نفسي و أعتبرني من العائلة .. علي الأقل ليس بعد !!"
********
تأمل خالد صورتهم المنشورة في حنان لطالما أحب مليكة منذ كانت صغيرة و دللها و حماها و حتي لو قومها يوماً فكان يلجأ للحيل و المزيد من التدليل حتي لا يؤذيها بمجرد كلمة كان لا يفهم لماذا كل ذلك الحرص عليها فمليكة لم تكن ضعيفة أبداً حساسة قليلاً نعم لكنها ليست ضعيفة و لا تحتاج لحماية من أحد فقد كانت منذ سنواتها الأولي تتحدي سلطة سليم و سطوته علي كل من حوله علي الرغم من جرحه المتكرر لها لكنها كانت تقف في وجهه حتي لو لم يكن تسلطه ذاك موجه لها هي تحديداً .. كانت دوماً تتدخل بينه و بين رقية و غنا مهما حاول الجميع إثنائها عن ذلك .. كعادة كل أمسية أعد كوباً ضخماً من البابونج ليقرأ رسائلهم كلها و يتصفح مجدداً كل صورهم معاً و مع الأصدقاء و صورها الخاصة و حتي شجاراتهم كان يتأملها بحسرة عجيبة تتجدد يومياً لتحفر عميقاً هوة من الفقد داخل قلبه يغرق فيها ليسكنه الحزن حتي الثمالة .. كان حزنه عليه يسكره حقاً ينسيه كل ما بالعالم و البشر و الحيوات .. كأن بعضاً منه دفن معها هناك في ذلك القبر البارد و بعضاً منها يحيا معه و مع ذكرياته فلا يترك نفساً صغيراً خارجاً من صدره دون ذكراها .. لمس بأنامله ملامحها كلها في صورة لوجهها كان قد إلتقطها لها في إحدي رحلات الجامعة
-" إشتقت إليكِ كثيراً يا مليحة القلب و بهجة الروح .. أنا أتألم يا حلوتي يا كسرة قلبي الأولي و عذابي الأبدي .. يا الله كيف تمكنت من الصمود بعدما غاب نور الحياة عن عينيكِ الجميلة .. يا الله رأفتك بروحي و إلهمني الصبر يا رحمن "
إبتسم فجأة و هو يتأملها مجدداً متعجباً من كل ذلك الشبه الذي يزيد بينها و بين إبنة عمه المدللة مليكة ...
**********
- "لطالما أخبرتكِ بحاجة مليكة لأخ أو أخت تساندها متي رحلنا نحن .. لكن أصررتي بعناد علي أن لا تنجبي مرة أخري حتي لا تفسدي جسدك مجدداً بعد جهودك المضنية لمحو كل آثار الحمل منه .. لقد رفضتي حتي أن ترضعيها حتي لا تفسدي صدرك !! بسببك سنتركها وحيدة"
- "ليست وحيدة لديها عائلتك"
- "عائلتي ؟ تذكرتي الآن أنهم موجودون لأجل إبنتك !! لطالما كانت عائلتي غصة في حلقكِ لكن لو لوجودهم فائدة تخدمكِ يصبحون تحت أمركِ ينفذون مشيئة الملكة "
- "كفاك عويلاً علي ما فات !! لقد وافقتني علي كل قرارتي لم أفعلها عنوة و لم أجبرك يوماً علي الإستمرار هذا إختيارك أيضاً تقبله بشيء من الشجاعة "
- "صدقتي كل شيء تم بموافقتي لقد إشتريت خاطركي دائماً فوق كل إعتبار .. لكن الآن ليس مجالاً للندم علي الأخطاء .. لن نسافر قبل أن أترك مليكة في عهدة سليم و أوصيه بها فإخوتي جميعاً مشغولون بحياتهم و أبنائهم و لطالما أحبها سليم علي الرغم من كل ما يفعله أعلم أن في أعماقه يعشق مليكة "
- "ذلك الهمجي العنيف لن يكون يوماً لإبنتي سيقتلها تحت تأثير غيرته أو يدفن شخصها تحت سطوة غبائه .. مليكة لم تخلق لمثل إبن أخيك هذا و لن يقربها ما دمت حية"
- "لن أسمح لكي أبداً بتدمير حياة الصغيرة أيضاً أفكارك الملتوية تلك تشوهها و تقذفها بعيداً عن طبيعتها الحلوة "
- "تلك طبيعتها هي إبنة أمها"
- "مليكة ليست أنتِ و لن تكون .. علي الرغم من دلالها لطالما كانت ذكية و حساسة و مراعية لمشاعر الجميع و تفعل ما في وسعها لتنفض الظلام عن هذا العالم قضت العديد من عطلاتها الدراسية بالجمعية الخاصة بالمكفوفين تقرأ لهم لساعات و تعود للمنزل لتسجل المزيد من الكتب لهم .. متي فعلتِ أنتِ شيئاً لأحد غير نفسكِ ؟ "
- "كيف تجرحني هكذا قبيل سفرنا !! ماذا دهاك ؟ أفقدت كل ما لي عندك ! أين حبي الذي كنت تنظم القصائد لأجله ! من أين أتتك كل تلك القسوة ؟"
- "و تتسائلين !! عموماً كل ذلك لا يهم سأذهب لأتكلم مع إبن أخي قبل أن نخبرها صباحاً بمفاجأة سفرنا "
- "إتركها لخالد هو أكثر رقة و تفهماً لطبيعتها .. هل يهون عليك ترك مدللتك لأكثر أبناء عمومتها غلظة .. صدقني يا علي مليكة نارية كأمها و سليم يفوقها إشتعالاً لن يرحمها مهما أحبها لن يقبل توهجها بعيداً عن مداه .. أوصي بها لخالد أرجوك "
علي الرغم من قناعته الداخلية أن مليكة تحتاج لرجلاً يفوقها قوة و صلابة و يحبها كثيراً لكن لا يعرف الخنوع لكن سليم غبي فعلاً و أحياناً يسبق لسانه قلبه فيؤذي من يحب و هو لا يطيق في مليكة شيء خاصة و هو يتركها ليرحل غير عالماً متي يعود .. من منهم يستحق مليكة قلبه ؟ من منهم سيصونها و يسعدها أكثر ؟ علي الرغم من تأكيدات أمها و رعونة و غرور مليكة لكن في قرارة نفسه يعلم أن إبنته الجميلة أكثر نقاء و أجمل قلباً من ذلك القالب الملتوي التي تصر أمها علي رميها فيه ..
- "اه يا رب ألهمني الصواب يا رب "
********
كانت تتقلب في فراشها تسمع همهمات والديها كالعادة في شجاراتهم التي لا تنتهي ليصمتا و تجاهد هي لتعود للنوم مرة أخري فتغرق في ذلك الحلم من جديد أيادي كثيرة تتقاذفها و يعتصرها فيض من الألم بكل أنحاء جسدها تضحك تلك الوجوه المقنعة المحيطة بها في شماتة و تتحول الضحكات لصراخ حاد مرعب تحاول الهروب أو حتي البكاء فلا شيء يسعفها يشع نور خافت من بعيد يحاول الإقتراب جاهداً لكنه مازال بعيد كلما إقترب أكثر تصحو من نومها فلا تبصر ماهيته .. كل ليلة يزورها ذلك الحلم حتي إعتادته فأصبح لا يصيبها بالخوف بل بالفضول لمعرفة ماهية ذلك المنقذ و بالألم لذلك التربص لأذيتها الذي يبدو في مستقبل لا تعلم كنهه حتي الآن ....
*********
بباحة فندق في لندن يجلس رجل في آواخر الخمسينات يبدو من هيئته علي قدر من الرقي و الثراء يتأمل الرسالة الغامضة بخليط عجيب من المشاعر أمل ترقب رهبة خوف سعادة غضب العديد و العديد من التساؤل يطرق عقله
- "هل يعقل حقاً أن مليكة إبنتي أنا ؟!!!"


روابط الفصول

الفصل الأول .... اعلاه
الفصول 2، 3، 4، 5 .... بالأسفل

الفصل 6، 7، 8 نفس الصفحة
الفصل 9، 10
الفصل 11
الفصل 12, 13 نفس الصفحة
الفصل 14, 15 نفس الصفحة
الفصل 16
الفصل 17
الفصل 18 ج1
الفصل 18 ج2
الفصل 19
الفصل 20





التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 23-06-21 الساعة 02:08 AM
nada diab غير متواجد حالياً  
قديم 15-06-20, 10:46 AM   #2

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي

اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...

للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html


هل المشاركة هي مقدمة او فصل اول؟ نرجو منك فضلاً ترقيم المشاركة حتى يتم تنسيق روابط المشاركات مرقمة
واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا73, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء


قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

قديم 20-06-20, 07:39 PM   #3

nada diab
 
الصورة الرمزية nada diab

? العضوٌ??? » 102646
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 313
?  نُقآطِيْ » nada diab is on a distinguished road
افتراضي

بين ثنايا القلب حكاية
❤الفصل الثاني ❤
كانت ضائعة تتقاذفها أمواج الخذلان و الحيرة و الدهشة جردتها من كل أقنعتها و دفاعاتها فكانت كطفلة صغيرة يتركها والدها للمرة الأولي علي أبواب المدرسة لتواجه العالم بمفردها دون يداه .. هربت الشقاوة المحببة و فر الكبرياء صريعاً من تلك العينين ليسكنهما ظلال من الألم.. كان قلبه يدمي لرؤيتها علي هذه الحال من الوجع فهو ذاته لم يفهم موقف عمه من عدم توديعها
- " هل من الطبيعي أن أستيقظ علي رسالة هاتفية تخبرني فيها أمي أنهم رحلوا في رحلة حول العالم إحتفالاً بتقاعد أبي و فور إنتهاء سنتي الدراسية يمكنني اللحاق بهم .. هل هذه تصرفات متزنة !! لم يودعوني أبي حتي !! لم يخبرني .. هل اختطفهم أحداً ما مثلاً أم كانوا مخدرين لا يدركون ما يفعلون بي "
صرخت متألمة في نهاية جملتها و حاولت دمعة أن تهرب من عينيها الساحرتين لكنها تماسكت و هي تغمضهما بقوة كطفلة معاقبة دون ذنب تتمسك بالكبرياء سلاحاً حتي لا تنهار .. كان قلبه ينسحق ألماً فلم يتمالك نفسه ليضمها بقوة لصدره مهدئاً أراد أن يخبرها بأرق و أدق و أقصر الطرق أنه هنا موجود لأجلها حتي لو خذلها العالم هو سيظل دوماً شامخاً خلفها لا يسمح لموجة ما أن تكسرها أبداً .. لتشهق هي بقوة باكية بصراخ أودعته كل صدمتها فأبيها الحبيب هرع بعيداً دون أن يكلف نفسه حتي عناء إخبارها .. كان يمسح بيديه بحنان جارف لم يصدق أنه موجود أصلاً بداخله و موجه بالكامل نحو المدللة نحو مليكة قلبه .
- " توقفي يا مليكة كفاكي بكاءً حبيبتي .. هي مجرد رحلة و أنتِ لستِ طفلة و سأساعدكي حتي تجتازي السنة الدراسية سريعاً دون معوقات و تلحقين بهم كفاكي حبيبتي "
للمرة الأولي يراه خالد متعاطفاً هكذا مع تدلل مليكة أو إحقاقاً للحق لم يكن دلالاً كانت متألمة بحق تشعر بالنبذ و الهجر و بالتسفيه من والدين رحلا في نومها دون أن يكلفا نفسيهما حتي عناء الشرح تركاها لخالد و سليم ليخبراها بقصة رحيلهم في شقة جدتهم التي شعرت هي الآخري بعدم التقدير و أرجعت ذلك الأمر كله حتماً لرغبة زبيدة فهي تعلم جيداً كم تستطيع تلك الحية تطويع ولدها ليحقق كل ما تريد و هو مقتنع تماماً أن هذا أيضاً ما يريد لكنها آثرتها في نفسها فيكفي مليكة وجعاً فعلي الرغم من كرهها الحقيقي لزبيدة و التي تعلم علم اليقين أنه متبادل فالقلب للقلب رسول لكنها لم تذكرها بسوء أبداً أمام إبنتها فلم ترد يوماً أن تمزق حفيدتها بينهما و تلقي علي كتفها الرقيق حمول سنين الماضي البشعة فبكل دلال و شقاوة و تمرد مليكة و ثقتها التي تصل حد الغرور أحياناً كثيرة كانت فتاة ناصعة البياض من الداخل لا تحمل حقداً و لا تستطيع تحمل عبء الكراهية ...
لا أحد يفهم تماماً كنه تلك الرحلة الغامضة و الجميع يشعر في قرارة نفسه أن شيئاً ما مفقوداً و أنها لم تكن مجرد رحلة ترفيه و حسب ...
الغوص داخل عمق ذراعيه متشبعة بطاقة حنان و دعم جارف لا ينضب حملها لسنين مراهقتها الأولي فقد كان دوماً هناك حتي لو لذعتها قسوته و عانت الأمرين من تسلطه لم تكن تخاف أبداً تقلب الحياة تعلم إنه هناك يقف كالصقر يراقب أي أذي يحاول اللحاق بها ... لم تنسي و هي في عامها الأول الثانوي ذلك الفظ القذر الذي لحق بها بهدوء طوال طريق عودتها للمنزل متخفياً خلف الأشجار تارة أو مستخدماً الشارع الموازي تارة أخري حتي باغتها قبل منزلهم بأمتار ليجذبها من ذراعيها بنظرات مقززة و يحاول بصفاقة لمس مفاتنها ليظهر سليم من العدم محدثاً صوتاً جهورياً بسيارته لتصرخ هي باكية فور ظهوره ليحتضنها بعد أن أشبع ذلك الحقير ضرباً كان يستحقه تماماً ...
- " أريد العودة لمنزلنا .. أن أبقي وحدي قليلاً"
- " لا يمكن أن تعيشي هناك بمفردكِ مليكة .. سنجهز غرفتكِ هنا و تعيشي مع جدتي لطالما أحببتي المكوث معها أصلاً تندمجان دائماً فأنتِ حفيدة السيدة بهيرة المفضلة "
تبسمت مليكة لمداعبة سليم و حاولت الإنجراف معه في مزاحه فهي لم تحب يوماً أن تكون محل شفقة و لو حتي أمام نفسها
- " ماذا ؟ أنت يا حبيبي الحفيد المبجل .. جدتي تقضي الساعات و الساعات تعدد مزاياك الرائعة و وسامتك الخطيرة و جاذبيتك الساحرة و تدافع عن تسلطك البغيض ضدنا جميعاً .. أنت لم تحضر جلساتها النسائية بالنادي لتستمتع بكونك بطلها و كل صديقاتها يجاملونها طمعاً في أن تكون إحدي حفيداتهن عروس المستقبل "
- " كفاكما صراعاً فأنا أحب جميع أحفادي المذهلين لكن لو لي مفضل سيبقي خالد الوسيم الرائع فهو علي الأقل لم يزعجني يوماً بمشاغباته فمنذ كان طفلاً كان هادئاً و ناعماً و مراعياً للآخرين "
- " السيدة بهيرة تقصف جبهة المدللة و المتسلط من أجلي جرعة غرور في طريقها لتغزو طباعي "
تبادلوا المزاح مع جدتهم وسط ضحكات الجميع لينسحب كلاً منهم لأحواله فحاولت للمرة المئة التواصل مع والديها دون جدوي لتصلها رسالة آخري من أمها أن تكف عن التذمر كطفل لم يتم فطامه و أن تدعهم يستمتعون بعطلتهم حتي تلحق بهم فتوقفت عن المراسلة فقد كانت والدتها دوماً جافة لم تكن حازمة كانت جافة فالمرات التي قامت بإحتضانها فيها طوال حياتها معدودة تدللها معنوياً و مادياً لكن عاطفياً التواصل ذاك كان مفقوداً نوعاً ما بينهما و تعاملت مليكة مع ذلك البرود بالمزيد من الإندفاع عاطفياً نحو والدها و عائلته المغرمون ببعضهم دوماً ...
حاول كلاً من خالد و سليم التخفيف عنها بالأيام الأولي فجهزوا غرفتها بمنزل جدتها بطلاء مختلف تشاركوا جميعاً في صناعته و قاموا بنقل ممتلكاتها الخاصة الثمينة من منزلهم و جهزوا كل ما يلزم لتشعر بأن الأمر عادياً و لا مجال لحزنها أبداً
- *********
- " لماذا وافقتي يا سمية ؟ أعلم جيداً أن الفتي لا يناسبكِ و لا يرضي تطلعاتكِ .. لما فعلتي ؟ "
- " أبي يحبه كثيراً أردت إرضائه فحسب .. لماذا تستغربين ؟"
- " أنتِ !! سمية ترضي أحداً غير نفسها !! و خاصة بزيجتها المستقبلية !! لا أصدق ذلك أبداً .. ماذا تخططين لا أفهم حقاً ؟ "
- " حالياً لا شيء سوي إسعاد زوجي المستقبلي حبيب القلب و قرة العين "
ناهد الصغيرة تعلم جيداً أن أختها لا يمكنها أن تتزوج بتلك الطريقة أبداً و لا رجلاً بسيطاً هادئاً كسمير حتي والدهم رغم إعجابه بالرجل كان مرتاباً للغاية من موافقة سمية السريعة و كالعادة أمهم لا تستوعب كل تلك التعقيدات و فرحت للغاية أن إبنتها ستكون عروساً دون أن تمنح الموضوع قليلاً من التفكير سوي بالنواقص التي تحتاجها لعزومة علي العشاء للعريس و أهله لا شيء زيادة عن ذلك أو ربما إحتارت هل تقديم الحمام و البط معاً بصحبة الأرانب يعد مبالغاً فيه !!!
*********
هدأت الأمور نسبياً و تناست الجدة و الحفيدة شكوكهما مؤقتاً و إستقرا معاً في المنزل فقد كانتا دوماً علي وفاق محبب و حوارهم ممتع لكلتاهما
- " أستغرب دوماً جدتي كيف وافق والدكِ بمكانته تلك أن يزوجكِ من جدي المتزوج مسبقاً و لديه ثلاث بنات أصلاً و يسكن بالصعيد ؟ كيف أحببته بظروفه تلك ؟"
- " يا الله لقد أحببت جدكِ كثيراً كان رائعاً يجذبكِ من النظرة الأولي شامخ كالصقر لم يكن وسيماً بالمعني التقليدي لكن كل حركاته حتي الصغيرة منها تحمل خشونة رجولية محببة تدغدغ أنوثتكِ فتنجرفين في تياره عاشقة دون حتي أن تشعري "
- " جدتي لا تنفعلين في وصلة هيام طويلة تتغزلين بجدي رحمه الله .. أريد تفاصيلاً كيف وافق والدكِ ؟ و كيف تقبلتي أنتِ زواجه الأول و تصرين دوماً علي تجاهل تلك الحقيقة و وجود بنات و أحفاد آخرون له "
- " عندما ظهر جدكِ بحياتي كان شبه منفصل عن زوجته الأولي يسكن هنا بالقاهرة و هي ببناتها بالمنيا يعولهم مادياً و يراعي تفاصيل بناته لكن لا علاقة فعلية بينهما و قبل حتي أن يصارحني بشيء طلقها فوراً فقد أخبرني أنه أراد أن يكون وحيداً قبل أن يسمح لنفسه حتي بالتفكير في .. لقد أحبني من النظرة الأولي و شعر أنني المنشودة و أنني أستحق أن يشعل حروباً من أجلي "
- " لا تبالغي يا حسناء طروادة حروباً ماذا الذي سيشعلها جدي ؟ هل قامت معارك بين القاهرة و الصعيد لأجلك يا هيلين المصرية المدعوة مجازاً ببهيرة "
- " إحترمي ذاتكِ يا فتاة .. لن أكمل طالما تتجرأين علي السخرية من جدتكِ العجوز و جدكِ المغفور له "
- " حسناً أعتذر كنت أمازحكِ فقط .. لكنني فعلاً لا أفهم جدتي لماذا مثلاً لا يختلط أعمامي بأخواتهن و العلاقات رسمية تماماً مجرد واجهة باردة ؟ هل يرون فيكي زوجة ثانية ؟ لا أفهم "
- " اه يا فتاة تسألين في حوادث كثيرة كلها تصب هناك في ذلك الماضي البعيد فدعيها معه و هيا لتنامي لديكِ محاضرات بالغد "
- " لم تجيبي عن سؤالي بعد ؟ كيف وافق جدي ؟"
- " حسناً يا مزعجة حاولت الإنتحار مرة و أضربت حرفياً عن الطعام لأربعة أيام فوافق مرغماً لكنه أحب جدكِ فيما بعد و إعتبره إبناً له رحمهم الله جميعاً .. هيا لسريرك ليلة سعيدة يا صغيرة "
**********
تصفح خالد الرسالة للمرة الخامسة مبتسماً لقد تذكرها كانت زميلة لهم بالجامعة و جارة سارة منذ الطفولة علي الرغم من أنها لا تدرس نفس تخصصهم لكنها كانت تتواجد كثيراً بصحبة سارة خاصة أثناء ذهابهم و قدومهم للجامعة لكنها تغيرت للغاية بدت أكثر إنفتاحاً و جرأة عن تلك الفتاة القصيرة الخجولة التي كانتها يوماً ما
- " خالد أنا هديل هل تتذكرني زميلتكم من الجامعة و جارة سارة .. كيف أنت ؟ و ماذا فعلت بك الحياة ؟ دمت بخير "
تردد قبل أن يجيب و فكر في رفض الصداقة و تجاهل الرسالة أيضاً فالمزيد من القصص و الحكايات من ذلك الماضي سيكون أكثر ألماً من قدرته علي التحمل لن يتمكن من التعامل مع شخص ما كان مقرباً لهذه الدرجة من حب حياته النائم للأبد بسكون تام تحت التراب .. الأمر أكبر من طاقته و الأكيد أنه أعظم من كل مباديء الزوق و الإحترام لكنه عاد بعد ساعتين ليقرر الرد علي الرسالة فلقد مرت سنوات و هو يتجاهل كل أصدقائهم المشتركين حتي بات شبه وحيد و غارق في رتابة العمل و دراما العائلة فوجد تلك الرسالة تنعش روتينية يومه فلما لا يجرب تأثيرها علي حياته ؟
- " أهلاً هديل لقد تذكرتكِ طبعاً رغم إختلافكِ الكلي عن فترة الجامعة .. كيف هي حياتك ؟ "
تعالت نبضات قلبها و بلغ الترقب أقصاه و توترت لدرجة أنها كتبت الرد مرات عديدة لتمحوه و تفكر في رد مختلف لكنها شعرت كم هي خرقاء فالرد الطبيعي أفضل كثيراً من ذلك الإنتظار الأحمق
- " الحمد لله كلها بخير .. كيف أنت ؟ حياتك و عملك و عائلتك .. هل تزوجت ؟ "
تعلم طبعاً كل تلك التفاصيل منذ سنوات عن طريق صفحته علي موقع التواصل و أيضاً الأصدقاء المشتركين لكنها أرادت أن تقلل حرجها بأن رسالتها كانت من قبيل الصدفة و لم تقضي سنوات تفكر في كيفية للتواصل معه من جديد صدمها رده علي الرغم من توقعها له
- " العمل في محيط العائلة و العائلة كلهم بخير و الحمد لله لكني قلبي معلق و مازال مسكون بها فكيف أتزوج هديل .. أين تعملين أنتِ لأني أري من صفحتكِ أنكِ لم تتزوجي بعد أيضاً "
- " أنا أعمل مدرسة بدوام كامل و مترجمة لعدة مواقع و أكتب أحياناً .. لم أتزوج و أخاف حتي الإقتراب من أي زي أبيض حتي لا تزوجني أمي غصباً "
نغزة صغيرة في قلبها المفتون لكنها تجاهلتها لترد بما يفتح مجالاً للحديث علها تفعل يوماً المستحيل و تسكن هي هناك كجارة من جديد لسارة أو تبني مكانها الخاص لها وحدها بداخله .....
- **********
- " هل أخبرتكِ جدتي أنها ستتأخر ؟"
- " لقد بعثت لي برسالة الساعة الرابعة أنها ستتناول الغداء مع صديقاتها فلا أنتظرها فلم أقلق لكنها قاربت التاسعة و هاتفها مغلق "
تدخل خالد محاولاً تهدئة جدته و إمتصاص غضب سليم الذي سيجد متنفساً له في المسكينة لو ظهرت معافاة و لم يصيبها مكروه فسيصيبها هو بحمم غضبه يعرفه جيداً كما تعرفه تلك المتمردة الرعناء و تتعمد إستفزازه لكنه إطمأن أنها تخطت حزنها لرحيل والديها و عادت مشاكسة تهوي اللعب .. فتحت الباب بهدوء و كأنها تتسلل للداخل حتي فجأها صوت سليم الغاضب
- " هل كانت وجبة غداء ؟ أم قررتم تناول الوجبات الثلاث خارجاً حتي تتسابقوا من سيصاب أولاً بالتسمم و من سيؤلمه فقط القولون ؟ هل كانت منافسة علي لقب الأشد مناعة ؟ "
- " هل تدرك أنك تتحدث كأم تعنف صغيرها علي عدم أكله للبروكلي و الجزر ؟ تبدو مضحكاً للغاية "
- " مليكة لا شيء يثير الضحك إطلاقاً في لا مبالاتك و إهمالكِ و عدم تقديرك لجدتكِ و إثارة قلقنا جميعاً بهذا الشكل ؟ "
- " إنها التاسعة ليست الواحدة بعد منتصف الليل لتقلقوا هكذا عموماً سأخبرها لو تأخرت مجدداً .. أسفة جدتي تصبحون جميعاً علي خير "
كان غيظه قد بلغ أشده من بروده ذاك لكنه تحامل علي نفسه حتي لا يتصادم معها سريعاً فهو لا يريد معاداتها في تلك الفترة أبداً لكنها تصر علي إستفزازه و للأسف تفلح بذلك دائماً كالقردة ...
- " و لا تغلقي هاتفكِ مجدداً و أنتِ بالخارج و تراعي شحنه بإستمرار .. هل هذا مفهوم ؟ "
لتجيبه بإنحناءة مسرحية مؤدية بعدها تحية عسكرية " عُلم و يُنفذ سيدي الضابط .. هل من أوامر أخري معاليك "
لتفلت ضحكات خجلة من جدتها و خالد يتجاهلها سليم غاضباً و يترك المكان مغلقاً الباب بعنف ....
********
جلست تتوسط عمر و عامر ليشاهدوا معاً فيلماً جديداً كعادتهم ليلة الخميس من كل أسبوع منذ إنتقلت مليكة لشقة الجدة ليمر بهم سليم خلال عودته من لقاء أصدقائه ليجدهم مندمجين في فيلمهم الأحمق ذاك و ينهض ليصعد لتوقف مليكة الفيلم وسط تذمر الشابين
- " سليم سنذهب جميعاً للنادي صباحاً لكن متفرقين فجدتي لديها الإجتماع الشهري مع هؤلاء الشمطاوات و أريد مفاجأتها بإحتفال عيد ميلادها هناك "
- " ما هذه السخافة ؟ لما نفتعل عرضاً علنياً لنفعلها هنا غداً مساءً "
- " لا لا جدتي ستفرح أكثر هكذا تحب إرضاء غرورها أمام هؤلاء السيدات صدقني سيحكون في هذه القصة لأسابيع سنتمتع نحن فيها برضي جدتي التام و بهجتها "
- " مليكة دعيني بعيداً عن خططكِ الهادفة للكيد تلك خذي عمر و عامر يكفيان و يوفيان "
- " أريدنا جميعاً معاً سلمي و صبا و رقية و غنا و أحمد و قصي و خالد طبعاً .. عموماً سنفعلها في الواحدة ظهراً لو أردت تغيير رأيك "
رتبت كل التفاصيل صباحاً لكن ما أصار حنقها حقاً أنها كانت من سيوصل جدتها النادي صباحاً فإضطرت لإرتداء فستاناً صباحياً قطني و حذاء رياضي لا يليق بالمناسبة لكنها كانت جميلة و البساطة التي إعتمدتها مع جمالها صنعا لوحة تبهج الناظر حتماً ...وقف من بعيد يتأملها كانت جميلة حقاً بطريقتها الخاصة دوماً كانت تنتقل هنا و هناك بمرح لترضي غرور الجدة و تصنع لها إحتفالاً يثير حسد غريماتها الشمطاوات كما يحلو للمدللة وصفهم ....
- " سليم !! ما الذي جاء بك للنادي في تلك الساعة علي غير عادتك ؟ اه هل ستنضم لعائلتك فعلي ما يبدو لديكم إحتفالاً ما فقد قابلت خالد و أحمد برفقة مليكة منذ قليل "
لم يكن يريد الإنضمام لهم في ذلك الإحتفال المفتعل و كان سيعطي جدته هدية لطيفة و باقة ورد مساءً و إنتهي الأمر لكن ظهور محمد في تلك اللحظة أفسد خططه لينضم للعائلة بتوتر نافياً عن نفسه تهمة مراقبة مليكة .. دون أن يفكر أحداً في إتهامه بها من الأساس ...
تحركت برقيها المعتاد بين الجميع و ما إن إنتهوا من قالب الحلوي و تلك التفاصيل الملونة بالوردي إنتحي جانباً بمحمد لقليل من الدردشة لتبحث مليكة بحقيبتها بالقرب منهم فيقع كتابها أرضاً ليعلق محمد بإهتمام
- " رسائل غسان كنفاني لغادة .. لماذا ؟ "
- " لماذا ماذا ؟ "
- " أترين الحب حالماً تعبيرياً هكذا ؟ أفلاطونية لا تناسب شخصك أعتقد يا مليكة ؟ "
- " أنا أبعد ما يكون عن الأفلاطونية محمد .. أعتقد أن حبيبة أفلاطون لم تكن مغوية كفاية ليرغبها فقط لا رجل يحب دون أن يكتوي بنار الإحتياج "
- لتستعر نظرات سليم من ردها الجريء العفوي هذا لتجد نفسها تتلعثم لا تفهم تحديداً بما أخطأت ممكن أن يكون غضبه من لفظة مغوية أم ماذا ؟ لتكمل ردها دفعاً للحرج أمام محمد
- " لكن سر إعجابي بالكتاب أنني أردت معرفة غسان كنفاني الإنسان بعيداً عن هالة الشهيد بطل القضية و في كلتا الحالتين أحببته و عشقت قلمه "
- " و غادة تشبهكِ .. لديها الشجاعة لتفشي أسرار عشاقها ؟ "
- " لا أشبه أحداً .. جدتي تحتاجني يجب أن أذهب "
- لتتسلل هاربة من وابل نظراته لا تفهم حقاً ما فعلت لكنها تدرك أنه كان سيئاً لدرجة تجعلها عاجزة عن مجابهة غضبه بإستفزاز آخر ...
- وجدته يلحق بسيارتها للمنزل مما آثار تحفزها لمعركة قادمة لتنظر لجدتها الغارقة في محادثاتها
- " أحمد الله كثيراً علي أحفادي فجميعهم ناجحون مخلصون و يحبون بعضهم و مهوسون بي يقولون لدينا أعظم جدة بالعالم فلما لا نتفاني لنسعدها " و هي تهمس بالذكر منعاً للحسد أثناء المكالمة لتزفر بضيق فهي لا تحتمل التنافس المتصابي لجدتها و صديقاتها و هي في إنتظار حمم غضب سليم ...
*******
وقفت فاغرة فمها بصدمة لا يستوعب عقلها البسيط هذا مخطط إبنتها العجيب الملتوي لا تصدق أن رحمها قد أنجب هذا القدر من الخبث الذي لا تفهم أسبابه و لا مصدره
- " لماذا يا إبنة بطني ؟ تتلاعبين بوالدكِ و بالرجل الطيب ذاك دون أدني شعوراً بالذنب .. لتكوني لاجئة هاربة ببيت أخوالك و ليتهم أخوال .. نحن و أبناء بهيرة نتشارك فقط بجزء من شهادة الميلاد لا شيء آخر .. لم يحضروا عرسي سوي لعشر دقائق عشر دقائق حرفياً لحفظ ماء الوجه فقط !! ليتبجحوا كالعادة بأنهم أولاد الأصول من نسل بهيرة هانم .. سيعاملونكِ كحشرة لما كل هذا ؟"
- " حشرة في بحرهم الواسع أفضل من قطة في بركتنا الموحلة تلك !! أنا لن أتراجع و أنتِ ستدعين أبي يتركني و شأني ليتبرأ حتي مني و لو فشلت حتي لن أعود لا تخافي فأي بؤرة ستكون بالتأكيد أفضل من الحياة هنا "
- " و لو تبرأنا منكِ من سيتزوج أختكِ ؟ من سيعاملنا في العائلة مجدداً ! ستحنين رؤوسنا جميعاً للأبد"
- " لا حاجة بكِ لكل ذلك النواح تعلمين جيداً أنني متي قررت فسأفعل .. يمكنكِ تفادي الكوارث بتهدئة أبي ليعيد لسمير شبكته الوضيعة تلك حفظاً لماء الوجه أو دعيه يقتلني لا يهم الأمر كله بيدكِ سأفعلها غداً فكري جيداً كيف ستنظفي من ورائي كالعادة أماه "
- خرجت في هدوء لا يليق بتلك القنبلة التي ألقتها بقلب أمها لطالما أذت تلك الفتاة سلامها الداخلي و سكينتها كانت أفعالها جريئة تتخطي التمرد كانت وقحة لا تلقي بالاً لاي أعراف و لا إعتباراً لأي مشاعر كل ما يهمها كان فقط سمية ..تنهدت بألم لتقتل نفسها تفكيراً كيف ستتفادي عواقب تلك الكارثة .....
**********
- " لا تصرخ بوجهي أبداً إياك أن تفعلها مجدداً لقد كان مجرد رأي لا يحق لك تعنيفي هكذا .. أنا لا أفهمك أبداً لو كنت جاهلاً أحمقاً لكنت تفهمت تلك الثورة لكن ما مبررك أنت ؟ "
- " رأيكِ أن إمرأة أفلاطون لم تكن مغوية كفاية لتغريه قولاً طبيعياً يصدر من فتاة لرجل لا يخصها أصلاً ؟ ألا تعرفين الحياء أبداً .. أم تقصدين أنها ليست مغوية مثلك ؟ هل تتعمدين كالعادة سبي الأنظار حولكِ "
- " صدقني سليم أنا لا أتعمد ذلك الأنظار تخر راكعة تحت قدماي دون جهد مني .. إنها هبة من الطبيعة يا إبن العم "
- كالعادة عمدت لإستفزازه بحماقة و عنجهية لا تفهم من يمدها بها فقد كانت منذ دقائق قليلة ترتجف من دخوله الغاضب خلفهم و تتسائل في وجل بما أخطأت و أغضبته .. لكن تسلل إليها هاجس مضحك أنها تهوي إغاظته بطريقة لا تمكنها من فهم العواقب و تدفعها تلقائياً لتشعل المزيد من الحمم بداخله فبركانه مثير يدغدغ أنوثتها .. قطع إسترسالها الأحمق هذا طرقاً صاخباً أفزع جدتهم ليسرع سليم فاتحاً الباب بلهفة ليفاجأ بفتاة مكدومة الوجه باكية لديها جرح بارز بشفتيها يوضح مقدار العنف التي تعرضت له
- " أنا سمية أرجوكم أنقذوني "


nada diab غير متواجد حالياً  
قديم 29-06-20, 08:07 PM   #4

nada diab
 
الصورة الرمزية nada diab

? العضوٌ??? » 102646
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 313
?  نُقآطِيْ » nada diab is on a distinguished road
افتراضي

بين ثنايا القلب حكاية
الفصل الثالث

تقذفنا الحياة دائماً بمفترق طرق و معارك تختارها بعناية لكلاً منا معركته الخاصة عله ينجح و يتخطاها حتي لو فقد في سبيل ذلك جزءً من قلبه و شيئاً من إتزانه لكن كل مر سيمر هي الحياة أردنا ذلك أم تمنعنا ستفعل بنا ما تريد .. لكن ماذا عمن يختار حروباً لا قبل له بها و طرقاً لن تكون يوماً ممهدة له فسمية ألقت براحة بالها أرضاً لأجل أن تحظي بالكثير فهل ستخضع الحياة صاغرة لرغباتها أم سترد لها ذلك التحدي السافر الصاع صاعين مرت خواطر كثيرة ببالهم جميعاً في تلك الثواني الأولي لظهورها علي عتبة منزل بهيرة التي ما إن سمعت إسمها متبوعاً بصفة وجودها حتي توجس قلبها قلقاً هي وحدها تعلم سببه و إعتلي النفور وجهها دون أن تلاحظ لتأمر من فورها مليكة بتجميع أعمامها خاصة عدي فهو الوحيد المفوض للبث في تلك الأمور فجميعهم يوقرونه حتي إخوته و أولادهم ...
شرعت سمية في سرد قصتها المليئة بالإدعاءات بداية من خطبتها لسمير غصباً و تطاوله عليها و تحرشه بها و تكذيب والدها لشكواها و إصراره علي إتمام الزواج و لما صممت علي الإعتراض شرع في ضربها بقسوة بالغة لدرجة أنها فكرت في الإنتحار لكنها خافت من الله و دعت كثيراً فألهمها أن تلجأ إليكم .. بكت والدة خالد تأثراً بقصتها فقد كانت إمرأة رقيقة مليئة بالحب و العطف لذلك كانت أكثرهم إنجاباً فهي خلقت لتكون أم أولاً و ثانياً و إمرأة ثالثاً و حاولت دعم الفتاة بنظراتها الحنونة صمت الجميع ترقباً لقرار عدي ..
" لكننا لا نستطيع إبقائكِ هنا رغماً عن والديكِ يا إبنتي .. ذلك لا يجوز و لا نرضي طبعاً بما حدث معكِ سنرحل كلانا غداً للصعيد و نتفاهم مع والدكِ و ننهي تلك الخطبة لا تقلقي "
صرخت خائفة من أن ينهار فوق رأسها كل شيء لكنها حذرت أمها و تعلم جيداً أنها ستحل الأمر خوفاً من الفضيحة و والدها المسكين سيخضع للأمر الواقع أسفاً علي تربيتها و لكنه سيحتقرها للأبد نفضت تلك الأفكار عنها فهي عزمت الأمر و إنتهي سيكون هذا المكان من الأن فصاعداً منزلها أياً كانت الصفة و نظرت حولها لأولاد عمومتها مؤكدة لنفسها أنها ستسعي لجعل تلك الصفة رسمية لتبقي بأساس متين لا يزعزعه أحد ...
" لا أرجوك خالي لن أعود لهناك أبداً صدقني والدي سيقتلني أنا متأكدة أنه تبرأ مني لهروبي لكنني خفت لم أعد أحتمل لقد لجأت لك خالي لا تلقيني للتهلكة لا أريد العودة لذلك الجحيم أبداً دعني هنا سأعمل بجانب دراستي و لن أكلفكم شيئاً فقط دعني بحمايتك "
" أستغفر الله يا إبنتي لكن لا يصح إلا الصحيح يمكنكِ أن تظلي ببيتي يا حبيبتي كيفما شئتِ لكن يجب أن أصلح الأمر مع والدكِ أولاً "
تفاجأ هو بعدها بإتصال بدرية باكية تخبره بلجوء إبنتها لداره تاركة رسالة وداع و أن زوجها قد أقسم أن يقتلها متوسلة منه المساعدة فأخبرها أنه سيتحدث مع زوجها حالاً و سيحتفظ بسمية جانب أولاده هذه السنة .. أنهي والدها الإتصال سريعاً ليخبره أنه لا يهتم بالفتاة و لا يريد أن يسمع عنها خيراً أو شراً هي إنتهت من حياتهم و هو المسئول عنها منذ الآن حتي لو تزوجت أو ماتت لا يكلف أحداً منهم نفسه بإخباره حتي .. تعجب عدي من قسوة الرجل و صمم بداخله علي أن يحتوي تلك الصغيرة كبناته لعله يعوضها عن ما عانت إكراماً لذكري والده فمهما كانت هي حفيدته ...
إحتضنت بدرية زوجها في ألم ليبكي كلاهما في حسرة علي حياة ضاعت منهما في تربية إبنتين و بذل كل نفيس و ثمين من أجلهما فكان يعمل بدوامين ليلبي إحتياجاتهم كل ذلك لم يمر ببال إبنتهم قبل أن تقرر أن تلقي بحبهم و حياتهم و منزلهم و كرامتهم تحت الأقدام فقد ذلت والدتها لإخوتها و أحنت رأس والدها و إدعت عليه بالكذب قسوة لم يمتلكها أبداً .. أُدمي قلب هناء لأجل والديها كارهة و لاعنة ضيق الحال و التطلع للغير اللذان ألقيا بأختها في المجهول ...
يعلم عدي جيداً أن والدته لن ترتاح لوجود الفتاة بينهم فعلي الرغم من تكتمها لموضوع زيجة أباه الأولي إلا أنه يعلم جيداً أن هناك الكثير من التفاصيل المبهمة لتجعل والدته رقيقة الإحساس علي ذلك القدر من الجمود و التصميم علي جعل علاقتهم مع إخوتهن سطحية و رسمية للغاية ..
" حسناً يا صغيرة سأعطيكِ غرفة رقية .. فقد غادرتنا عروس منذ أيام لتمكثي مكانها بيننا "
هبت مليكة مدافعة عن صديقة عمرها و أقربهم لقلبها مندفعة في حدة
" لا يا عمي غرفة رقية ستظل لرقية و زيارات رقية و أطفال رقية في المستقبل لن يمسها أحداً غيرها .. فلتعطها غرفة الضيوف أو ...."
لتقطع كلامها حرجاً من ردها السخيف علي عمها الأكبر و نظرات التأنيب من سليم و نظرات التوسل من الفتاة الصعيدية لكنها تقسم لنفسها أنها رأت نظرة غاضبة حد القتل في عيني سمية لم تلبث أن تداركتها لتقول في تذلل مستعطفة الجميع
" لا يا خالي يمكنني المكوث بأي غرفة صغيرة حتي لا أزعج أحداً " ليرد عدي في قوة مشدداً و موجه نظراته لمليكة
" لا يا صغيرة أصبح هذا منزلكِ أيضاً .. مليكة فقط تدافع بطفوليتها عن غرفة صديقتها لم تتأقلم بعد علي مغادرتها لمنزل الزوجية .. أليس كذلك يا مليكة ؟"
أومأت برأسها مؤكدة كلام عمها مبتسمة في مجاملة باهتة لدرجة أن البسمة لم تقبل أن تظهر بعينيها لتقطع أم خالد الجدل مصممة علي أن تقيم سمية معهم فهم أيضاً سينتقلون لمنزل جديد في الشارع الموازي و سيجهزون غرفة خاصة بها فيه و سيبيعون منزل العائلة القديم بالكامل لعمها عدي
" حسناً يا أم خالد ليبارك الله لنا في قلبكِ الجميل يا زوجة أخي "
لتنسحب مليكة مسرعة لغرفتها قبل أن ينتهي الجدل و يتذكرها سليم لتواجه المزيد من التأنيب من جديد لكن عيناه كالعادة كانت تركض ورائها فقد لحقها في سرعة و خفة قبل أن تغلق حتي باب غرفتها .. لتتبعهم زوج من العيون الخضراء في فضول و غضب و نوع من الحسد ...
" هل وصلت بكِ الوقاحة حد إعتراض قرار أبي بذلك الأسلوب "
" غرفة رقية لرقية لن تسكنها تلك القروية السخيفة أبداً و لو علي جثتي "
" الفتاة في مأزق حاولي و لو قليلاً التفكير بعيداً عن هالة مليكة مدللة الجماهير "
" أنت تتعمد دائماً ظلمي و التقليل مني و ترمي بكل شخصي في ركن واحد فقط الفتاة المدللة العابثة فاضحة الثياب لكنني أكثر من ذلك بكثير يا سليم و أنت تعلم لكن لا أفهم ما غرضك من ذلك ؟ هل تقنع نفسك لتبرر معاملتك السيئة لي؟ "
" أنا أعاملكِ بسوء ! هل إعتراضي علي وقاحتكِ أحياناً و تصرفاتكِ الرعناء و ملابسكِ التي لا تناسبنا بكل حال من الأحوال يعد معاملة سيئة .. حسناً مليكة سترين كيف هي المعاملة السيئة بحق و لن أتغاضي مجدداً و لن أنزوي في الركن أكاد أنفجر غيظاً من طيشك لقد إبتعدت حتي لا أؤذيكي لكن عمي بذاته أوصاني بكِ و سأفعل ما يناسبني و يناسبك ليتطابق أسلوب حياتكِ و هيئتك مع تلك الشخصية الرائعة التي تملكينها و تدعين أنني أتعمد تجاهلها أنا أحب جوهركِ مليكة و سأعمل جاهداً علي إخراجه للعلن سواء أردتي أم لا "
" لا يخصك "
" بلا مليكة يخصني .. ألم يخبركِ عمي بنفسه أنني أتحمل مسؤليتك حتي عودته فالفرصة سانحة لتقويمك يا إبنة العم "
" هل تظنني أخافك سليم ؟ لن أرضخ "
" تعلمين في داخلك أنكِ تخافين يا مدللة لكن كل تلك التفاصيل لا تهم الأن وقاحتكِ في الرد لن تتكرر مجدداً و إلا ستعاقبين في نفس اللحظة "
" هل ستضربني سليم ! هل جننت ؟ من ..."
ليقاطعها ضاحكاً من سقوط قناع الشجاعة و الهدوء المزيف و ذلك الجبن الذي يظهر علي صفحة وجهها علي إستحياء فملكة التناقضات خاصته تحمل الكثير من التفاصيل التي إمتزجت بمنتهي الحرفية في إمرأة واحدة
" علي الرغم من أن ذلك الحلم يراودني كثيراً لدرجة أنني أتخيل أن يدي ستهرب وحدها مرة لتكسر عظامكِ لكن لا قدرة لدي لأستقوي علي إمرأة لا أحبذ أن أوصف أبداً ضارباً للنساء .. لكنك ستعاقبين طوال الأسبوع بالمنزل لدي جدول محاضراتكِ لتنتهي و بلمح البصر تكونين هنا بغرفتكِ و إلا ستخسرين رحلتكِ لقري الصعيد مع جمعيتكِ الحبيبة "
" لا سليم أنت لن تفعل هذا لن تقف في وجه خير أبداً سأخبر عمي عن مساومتك الحقيرة تلك "
" جربيني يا مليكة عاندي و شاهدي كيف سيكون الرد .. و سأفضل طبعاً أن تخبري أبي و أباكي كيف كنتِ تصفين لصديقي عدم قدرة إمرأة أفلاطون علي ترغيبه بها "
" كان مجرد رأي و لم يكن أسلوبي فجاً هكذا " كانت تعاند كعادتها حين تكون مخطئة رغم أنها أدركت أن ردها كان نوعاً ما جريئاً لكنها لا تتحمل فكرة أن تعاقب حتي من والديها فالمدللة لا يليق بها ذلك خاصة من ذلك الفظ المغرور فلديها مخزون من عقابه بسنين مراهقتها الأولي يكفيها عمراً ...
" أعتقد أنني أوضحت كلامي .. لو فكرتي في التأخير عن مواعيدك سندريلا سيكون ردي وخيماً و سأنزع عنكِ السحر يا حلوة و ليس فقط رحلة الجمعية فإحذري "
زفرت بضيق بالغ و هو يتركها ليذهب لشقتهم لاحقاً بالجميع فتدخل جدتها في أثره لتقابلها مليكة بعتب
" لما لم تظهري قبل دقائق جدتي فأنا أعلم أنكِ تستمعين لصراخه بوجهي منذ فترة .. هل أعجبكِ ذلك ؟ مدللتكِ تُعاقب "
" تستحقين عقاباً أشد فمحمد صديقه هذا كتلة من السماجة لما تحدثتي معه من الأساس .. لا يساوي ربع العقاب الواقع عليكِ "
" ماذا تقولين جدتي ؟ لا أفهمكِ حقاً ستقتليني يوماً ما هل تعلمين ذلك ؟ أريد حلاً ؟ لا تتركيه يتحكم بي هكذا سأموت غيظاً "
" مليكة لا تستفزيه أكثر من ذلك فأنت تعلمين مدي عناده و غبائه أحياناً و عمكِ عدي أكثر تحفظاً من والدكِ و حتماً سيتدخل لصالح سليم في وجهة نظره لا تفتعلي مشاكل ستقع فوق رأسكِ أولاً "
" يا الله لا أصدق تلقين بي تحت ضرسه تماماً "
قاطعتها جدتها مجفلة من مستوي حوارها متجاهلة حنقها ضاحكة بداخلها و متسلية من غضبها الطفولي
" يا إلهي أصبحتِ كأبناء الشوارع كفاكِ جدلاً و قولي لي ما رأيك بسمية ؟"
" سخيفة و فضولية و لم أرتح لها أبداً "
" أنا لا أريدها بينكم مليكة لقد حاربت طويلاً لأحافظ عليكم بجانبي و بعيداً عن ذلك الماضي بمرارته لكنني لا أملك أن أكسر كلمة عدي في نجدة ملهوف لا يهون عليّ إبني أبداً .. إحذري مليكة لكنني لا أريد ظلمها يمكن أن تكون مختلف عن جدتها ستثبت لنا الأيام "
لتتنهد مليكة في ضيق فموضوع سمية رغم غرابته لا يشغلها كذلك الإنتصار الذي حققها عليها سليم ليعود بها 3 سنوات للوراء كانت تبلغ السادسة عشر تقريباً لآخر مرة إرتدت بها بذلة سباحة في حياتها فقد إعتادت العائلة السفر معاً غالباً لمنزل صيفي يملكونه جميعاً شراكة بالساحل الشمالي فقد كان ذلك التجمع اللطيف بالمكان الساحر و الطبيعة المتأنقة من حولها تثير حماستها دائماً فتجهز للعطلة و أزياء العطلة من قبلها بشهر علي الأقل فارتدت ثوب سباحة من قطعتين باللون الأسود تزينه فراشة واحدة صغيرة علي قطعته العلوية باللون الأحمر مع حقيبة و حذاء صيفي بلون أحمر و نظارة شمسية سوداء و تركت شعرها الطويل مجعداً قليلاً و منسدلاً علي ظهرها فأعطاها مظهراً خادعاً لعمرها ليقابلها أحمد مصفراً في إنبهار
" لطالما أجزمت أنكِ عارضة أزياء أو نجمة سينمائية تشهر لقب العائلة في مجال آخر غير الصيدلة مجال يحتفي بالجمال مدللتنا الجميلة .. هل يمكنني إصطحابكِ للبحر بنفسي سموك " لتضحك هي من مزاحه اللطيف و تعبث بشعرها في شموخ مازحة بغرور لتقابلها فجأة عينان غاضبتان تقبضان علي ذراعها العاري جاراً إياها للداخل و هي تحاول الفكاك من قبضته و هو لا يجيب عن إستفساراتها و لا يبالي بالنظرات المتابعة لهم من العائلة ليدخلها غرفة البنات عنوة و يغلق الباب من خلفهما
" هل جننتي تماماً .. هل تظنين أنني سأسمح لكِ بالسير شبه عارية و الله لن يحدث و لو كان أخر يوم في عمري يا مليكة سأسلخ جلدكِ هذا قبل أن يصبح فرجة للعيون سأخرج لخمس دقائق إن لم تنزعي ذلك الرداء الوقح لو صحت تسميته برداء من الأساس و ترتدي شيئاً مناسباً سترين مني وجهاً لم تعرفيه من قبل .. أسمعتي ؟ "
لينتبه لنفسه و هو مازال قابضاً علي معصمها في عنف دفع نبضات من الألم لها ظهرت جلية بعينيها
" سيؤلمكِ رد فعلي أكثر لو لم تمتثلي لما أخبرتكِ في الحال "
لتصرخ في وجهها و هي علي وشك البكاء كطفلة
" لكن أمي قد إختارته لي و وافقتني علي إرتدائه فلما تعنفني هكذا لا حق لديك يدي تؤلمني رجاءً " لتظهر أمها و عمها عدي و والدها علي عتبة الباب أمراً سليم بفتح الباب
" و الله لو تجمعت العائلة بأكملها بما فيهم جدي رحمه الله لن أسمح لها بالخروج بهذا الشكل أبداً .. من في مثل عمرها يفكرن في الإلتزام بالحجاب و هي ترتدي زي سباحة من قطعتين .. عذراً عمي لن أستطيع "
لتهب زبيدة صارخة بوجهه عندما رأت تخاذل عدي و زوجها عن الرد علي سليم
" لا يحق لك التدخل فيما ترتديه إبنتي مارس تسلطك علي إخوتك فقط سليم .. إبنتي لديها والدان يقرران ما يناسبها "
" حسناً قلت علي جثتي و لن أتراجع " ليغلق الباب من جديد بالمفتاح في وجههم جميعاً لتبدأ هي في الإرتجاف قلقاً فهو مصمم و لا أحد هنا لينجدها لقد عاند الجميع لتصبح بلا دعم تقريباً فلتكبت روحها المتمردة حتي لا تهان أكثر من ذلك لكن الصراع بداخلها كان محتدماً رافضاً الرضوخ رغم نداءات عقلها أن معركتها تلك خاسرة تماماً خاصة عندما سمعت نقاشهم الحاد بالخارج و دعم والدها لرأي عمها عدي مقابل أمها أنها قد كبرت علي مثل ذلك الرداء
" هل سنقضي النهار كله هنا ؟ أم ستتعقلين ؟ "
ردت كاظمة غيظها لا تريد الإعتراف حتي لنفسها أنها تخشاه
" ليس لدي رداء آخر للبحر هذا العام صدقني لن ألبسه مجدداً سليم أرجوك هذه العطلة فقط "
" الرجاء لا يليق بعينيكِ يا مدللة تلتمعان تمرداً دوماً لكن لسوء الحظ لديكِ إبن عم مصمم علي أنه لو رآكي بمثل ذلك الشيء الفاضح مجدداً و لو بعد سنوات و لو بعد زواجكِ و خروجكِ من منزلنا سيمزقكِ و يطرب و هو يستمع لصوت تكسير عظامك كطرقعة قضم الجزر .. لن ترتدي هذا بحياتكِ مليكة و تذكري تحذيري و تأكدي سأفعلها بكل سرور "
لترد بإرتجاف من ملامحه المصممة و المسترخية في ثبات في الوقت نفسه و كأنه يخبرها عن نتيجة مباراة ما !!
" هل أضيف لقائمة عيوبك أنك سادي مهوس بتعذيب النساء "
" لا حبيبتي مهوس بتعذيب بنات العم المتمردات .. هيا بدليه و سأهديكِ وحداً آخر نشتريه معاً الآن .. ما رأيك بهذا كبادرة صلح؟"
" بالنسبة ليدي المتألمة و حماقتك التي ستخلف بقعة زرقاء عليها .. كيف ستصالحها ؟ "
" حسناً .. أفرغي ما بجعبتكِ .. ماذا تريدين ؟"
" أن تسمح لي بقيادة سيارتك للسوق .. و أن تقنعهم بأن أقضي الليلة فقط مع ياسمين في قريتهم "
" المحتالة الصغيرة لا تخضعين أبداً دون تدليل .. حسناً موافق علي السيارة لكن لن تبيتي عند ياسمين طبعاً سأدعكِ تقضين معاها النهار و سآتي في التاسعة ليلاً مثلاً لإصطحابكِ و إياكي أن تجادلي هذا عرض لمرة واحدة "
" موافقة .. فلتخرج لأحضر نفسي "
" حسناً لا تتأخري "
" سليم "
" نعم "
" أنت الأقرب لقلبي دوماً رغم عيوبك و تسلطك .. كن واثقاً من ذلك للأبد "
لا تدري كيف طاوعت نفسها لتخبره هذا ببساطة لكنها أحست ما تقول بداخلها عميقاً لدرجة أنها لم تتمكن من ردع لسانها عن النطق به فسليم أكثرهم إهتماماً بها و بدراستها و ملابسها و نشاطها علي حسابات التواصل حتي ضحكتها كان يهتم بإظهارها كلما قست عليها الحياة أو ألم بها مرض حتي لو كانت نزلة برد أو تقويمها عندما ترتفع مجلجلة بأنوثة خلقت خصيصاً لتناسب مليكة .. أما هو فكان في وادٍ آخر فهو قبل تلك اللحظة كان لا يعتبر مليكة سوي طفلة لا يدري لما دغدت مشاعره كلماتها و لمست نظرات الإنبهار بعيني أحمد وتر الغيرة لكن فجأه هو نفسه أنها كانت غيرة همجية تشعل المراجل في صدره غيرة رجل عاشق علي إمرأته .. نفض ذلك الغباء بعيداً هازئاً من نفسه ليعتذر لوالده و عمه علي وقاحته و يخبرهم بإقناعه لمليكة و لم يوجه كلمة واحدة لزبيدة فكره تلك المرأة بقلبه يزداد يوماً بعد يوم و لا يريد أن يستسلم لإستفزازها له حتي لا تكون عواقب المواجهة وخيمة وخيمة للغاية علي المنزل بأكمله ...
" ماذا ؟ لا أفهمك .. نحن نختار ثوب سباحة لا رداء صلاة .. كما أنه للمحجبات .. لن أرتديه لا تمزح "
" لا شيء مناسب غيره هل يعجبكِ أم تنسين السباحة بالبحر للأبد "
" لماذا يا سليم تتعمد مضايقتي فذوقه بشع و لونه مستفز .. أرجوك هذا الأسود لطيف و يغطي نصف ذراعي و نصف قدمي أكثر حتي من نصفها أرجوك سليم "
" و النصف الآخر مفتوح لكي لا يترك مجالاً للناظر للتخمين "
" أنا أرتدي فساتين تماثله طولاً لا تبالغ أرجوك "
" كل هذا سينتهي مليكة لكن سأعطيكي وقتكِ .. لنشتريه و أوصلكِ لياسمين "
وصلت لمنزل ياسمين لتجد العديد من صديقاتهم هناك فزادت بهجتها ليتشاركن السباحة و الغداء و يحاولن إقناعها بالمبيت معهم لتؤكد علي إستحالة ذلك لتلمع عيون سمر في شقاوة
" حسناً دعونا نخلد تلك الليلة و نجرب السجائر للمرة الأولي "
ليضحك الجميع في خفوت يدفعهم الفضول و تمرد المراهقة للتجربة
" لن أفعل طبعاً سيأتي سليم لإصطحابي بعد ساعتين و لو شم رائحة سجائر بي سيقتلني بلا ذرة شفقة "
" إبن عمكِ هذا رغم تسلطه و تعمده إزعاجكِ كما تقولين لكن النظرة في عينيه تكفي لو كان لدي مثله لكنت مكثت في المنزل لا أبرحه أبداً وسامته مذهلة "
قالتها بميوعة مازحة لتغيظ مليكة فتقذفها بوسادة بجانبها لتسرق ياسمين علبة سجائر أمها خلسة ليجربوا للمرة الأولي محاولين إقناع مليكة المرتابة لكن كلما تمثلت أمامها صورة سليم لو كشفها تبعدهم بسرعة كأن حية تلدغها تشبعت رائحة الغرفة بالسجائر ليشغلوا بعدها العديد من الأغاني و يتشاركوا الرقص المرح و في طريق العودة كانت حانقة لأنها لم تتمكن من مشاركتهم الليلة و لا تجربتهم الأولي للسجائر .. ظل سليم يرهف حاسة شمه بعجب هو لا يدخن و لا أحد قد ركب معه السيارة اليوم غيرها ليقترب منها ليتأكد من شكه العجيب فيوقف السيارة فجأة مفزعاً لها
" أريد مبرراً حالاً لرائحتكِ تلك و إياكِ و الكذب "
" لقد لقد ... "
ترددت خائفة من نظرته الشرسة لتضع يديها علي وجهها بعفوية إتقاءً لعنف محتمل ليهدأ قليلاً مشفقاً عليها من ردة فعلها تلك ممسكاً بيديها يكبت جزءً من عصبيته
" مليكة وضحي بهدوء لا تخافي "
" الرائحة علقت بي من الغرفة و الله لقد رفضت مشاركتهم و الله لم أجرب شيئاً لم تلمس فمي يمكنك أن تشمه " لتفتح فمها في وداعة مغرية مقربة إياه من وجهه في براءة ليتفحصه و كان لحركتها تلك أثراً بالغاً في نفسه و كأنها تختار اليوم بالذات كل الأفعال التي من شأنها أن تعريه أمام نفسه تماماً ليعترف في هدوء أنه يحمل مشاعراً لإبنه عمه المراهقة المتمردة ...
" حسناً مليكة لقد فهمت و خيراً فعلتي كنت سأقتلكِ بكل سرور .. و أعتقد يجب عليكي تقييم علاقتكِ بياسمين بعد هذا التصرف "
" لا سليم ياسمين صديقتي الأقرب و الأحب و لا أريد أن أقاطعها لا تخبر أبي من فضلك "
" حسناً حبيبتي لن أخبر أحداً لكن عديني أن لا تنجرفي وراء أهواء غيركِ و لو حتي كانوا أقرب أصدقائكِ .. وعد ؟ "
" أعدك .. شكراً لأنك موجود سليم "
لتنام بعدها بوداعة كطفلة تعبت من اللعب و ما إن رأت والدها حتي إستكانت و غفت في ظل أمانه ...
قابلتها أمها بالمزيد من اللوم و الإستهزاء لأنها خضعت له و قبلت باستبدال رداء سباحتها الأنيق بتلك القطعة المشوه علي حد قولها ...
جذبها من ذكريات الماضي رسالة جديدة من والدها فقد عاد للتواصل معها لكن بحدود فهو يحاول الإستمتاع برحلته بعيداً عن إزعاج هاتفه المحمول
" أرسلت لكِ هدايا حلوة مثلكِ يا حبيبة قلب أبيكي .. أرجو أن تحبيها و تدفعكِ كالعادة للتفوق هذا العام أيضاً .. أحبكِ كثيراً يا صغيرة "
مر يومان و الحال كما هو عليه فقط كانت الفتاة تقتحم حياتهم بهدوء أحياناً و باندفاع أحياناً أخري جلست في المساء هي و أحمد و جدتها يتبادلون الحديث في مودة و الفتاة تجلس في ركن تحاول مشاركتهم مرتدية منامة قطنية و تضع حجاباً صغيراً غير مهندم علي رأسها ..
" أحمد لا أحب مشاركة خضراواتي الورقية مع الآخرين "
" أنا أحب المشاركة يا أرنبة لا تكوني طماعة مزعجة كالعادة "
ليقطع كلامهم رنين جرس الشقة لتفتح مليكة متأففة لوجود سليم فقد أرهقها بشدة كبت تمردها حتي يمر ذلك الأسبوع السخيف علي خير .. ما إن دلف حتي عدلت سمية من هندامها و وضع حجابها في سرعة بخجل تقر مليكة بأنه مفتعل .. دخلت المطبخ في سرعة لتجلب شوكة ليشاركها أحمد وجبة السلطة المفضلة لديها علها تصرف نظرها عن تصرفات ذلك المزعج و تلك القروية ...
تأملها مفتوناً حتي في تلك المنامة الطفولية و شعرها المرفوع حول وجهها في فوضوية تبدو في قمة الأنوثة فمصدر سحرها لم يكن يوماً جمالها الآخاذ و لا شخصيتها الآثرة كان شيء ينبع من داخلها يغدق عليها جاذبية لا تنضب تهلك كل من يقترب منها فيفقد عقله ولهاً بوريثة أمها حواء هي حواء بإمتياز قادرة علي غواية جيوش بمنامة تحمل رسماً لسبونج بوب .. ليقطع سيل إنبهاره و تركيزه مع نظراتها الحانقة صوت سمية الهاديء
" سليم أتأذن لي بأن أذهب غداً للجامعة للسؤال عن أوراقي المحولة "
لترفع مليكة شفتيها مع حاجبيها في سخرية و تسعل بتمثيل مقصود
" مدعية فضيلة " و تتبعها بشوكة ممتلئة لآخرها بالخضار جمعته من الصحن في غيظ لتسعل بعدها مرة آخري
" متملقة " لتفلت ضحكة من أحمد المولع بمقالب و شقاوة إبنه عمه لطالما كانا صديقين كانت تعامله بندية تريحيها و يحبها هو كانت مليكة صديقه و صديقته لتماثلهما سناً و توافقهما في بعض الميول و الأصدقاء المشتركين ليزجرها صوت سليم في غضب
" مليكة "
" ماذا ؟ لقد أضفت الخل بكثرة في سلطتي فأصابني بشرقة و سعال " لتكمل بوداعة لا تمتلكها و لا تتقنها
" عذراً يمكنكم إكمال حديثكم "
لينخرط هو مع سمية في حديث رسمي مقتضب من جانبه و مليء بالإهتمام الفاضح و الإدعاء المدروس من جانبها .. ليركز سليم مع حوار مليكة و أحمد ممتعضاً
" لنجتمع غداً مع ياسمين و عمر لم نرهما من فترة و أفتقد مزاحنا معاً "
" و أنا أيضاً لكن...."
ليقطع سليم جملتها في تصميم و عناد
" لكنها معاقبة يا أحمد لن تخرج هذا الأسبوع "
" ستكون معي سليم لا تكن متشدداً هكذا فالفتاة تعاني دوماً من تسلطك علي الرغم من أنها مثال للإنضباط و الأخلاق العالية و الطاعة "
لتردد مليكة جملة سليم في صوت مفخم ساخر و تقلب عينيها للأعلي غاضبة
" أعتقد أن أسبوعاً ليس كافياً أحمد لنجعلهم أسبوعين ؟ "
" أنت أسوء إبن عم علي وجه المجرة لتعلم ذلك جيداً و تتقنه و تندمج معه هذه حقيقتك و أنا و أنا ... " لتقطع كلماتها و هي تدب بقدميها أرضاً مثل الأطفال !! و توجه غضبها لسمية التي تعرضت للمهانة أمامها
" بالمناسبة نصيحة لكِ سم - ية سليم لا يملك في أمركِ شيئاً وفري التملق ذاك لعمي عدي فهو الأحق به أنا وحدها من تعاني من تسلط هذا ال ال المستبد أنا ضحيته المفضلة و أحياناً رقية و كثيراً ما يُغضب غنا و صبا و قليلاً ما يُعطي سلمي تعليقات سخيفة علي ملابسها لكنهم مقبلات أنا الوجبة الرئيسية له يتمتع بإغضابي و إستفزازي و التدخل السافر في حياتي و مؤخراً بسبب والدي سامحه الله و أعاده سالماً عقابي !! أنا أُعاقب كطفلة منه هو !! طبعاً لا تتخيلين مدي سوء هذا و أنتِ تطلبين إذنه !! "
كانت سمية عاجزة فقط عاجزة لا تعلم كيف ترد و لا كيف تتصرف خاصة مع طريقة نطقها لإسمها لتجز أسنانها علي المقطع الأول فتبدو و كأنها تدعوها بسم و بعدها ياء و تاء مربوطة لكنها إختارت كظم كل غيظها و إبتلاع تلك الإهانات الصريحة و المبطنة و قصفها لها أمام الجميع ..
" كان ما فعلته إحتراماً لأن سليم أكبرنا هذا ما تربيت عليه و تقديري له نابع من إحساسي بأنه شخص يستحق الإعتماد عليه و .. "
لتشهق مليكة قاطعة وصلتها المبتذلة تلك في غضب ناري
" يا الله توقفي عن ذلك النفاق .. و ما أكبرنا هذه هل أصبحتي بثلاثة أيام منا تضيفين النون في كلمة تجمعنا !! أنتِ ... "
ليهدر سليم بها فقد فاض الكيل من غضبها الأهوج ذاك و وقاحتها المتعمدة ضد تلك اللاجئة ببيتهم
" لا أريد سماع المزيد من وقاحتكِ .. إعتذري الأن أو لغرفتكِ فوراً "
" لا لن تفعل هذا بي لأجلها .. أنت "
كانت متألمة مصدومة و مشوشة حتي أحمد الذي يختار دائماً البعد عن دراما العائلة و المشاحنات بينهم رق قلبه لرؤيتها هكذا فعلي الرغم من كل تلك الشرارات كان واثقاً بأن ما في قلب مليكة لسليم أكبر كثيراً مما يدركه هو نفسه و مما يظهر للجميع بالطبع فحاول تهدئة الموقف
" سليم ترفق بها قليلاً .. فمليكة لا تقصد أن تؤذي أحداً هي فقط تغضب و تنفعل بسهولة خاصة عندما تتعمد مضايقتها "
" لا تتدخل أحمد .. فتلك المدللة ستعتذر أو ستلحق بنفسها عقاباً أشد فلن أمرر سلوكياتها السخيفة تلك مجدداً .. هيا مليكة ننتظر إعتذاركِ أو ذهابكِ لغرفتك و تأكدي أن لا خيار ثالث لهما و تعلمين جيداً أنني متي قررت أمراً سأحرص بكل طاقتي علي أن يكون نافذاً فلا داعي لأي تمرد سيضعك في موقف أصعب بكثير "
" لن أعتذر و لو كان هذا آخر يوم بحياتي و لو حتي حرمتني رؤية الشمس مجدداً لن أعتذر أبداً .. و أنتِ منذ تلك الدقيقة لا توجهين لي أي كلمة و لا تتعاملين معي من الأساس سأعتبركِ هواء "
ليصرخ بها سليم من جديد بحدة تعلم جيداً أن نهايتها لن تكون خيراً لو لم تمتثل لأمره و قد كانت أضعف من المقاومة تريد فراشها حالاً لتحرقه بكاءِ
" لغرفتكِ حالاً "
فرت لغرفتها صافقة الباب بقوة شديدة مودعة فيه غضبها لتتلقي غرفتها ذلك القدر من الألم بداخلها فسليم قد نهرها و أذلها أمام تلك المتملقة التي تلتهمه بعيناها علي الرغم من تأنيبها لنفسها علي إهانتها للفتاة و تعمدها التقليل منها و هي رغم عدم إرتياحها لها ضيفة مكرمة بمنزلهم و تقربهم لكنها لم تتحمل تقربها الفاضح من سليم و شخصها الهاديء المطيع الخاضع .. كانت خائفة من أن يهوي سليم إختلافها ذاك و تأنس ذكوريته بخنوعها و يفكر فيها !! يفكر فيها كحبيبة كزوجة أو حتي !! يا الله إنها تفكر كأنثي غيور بتفاهة و غضب مؤذي لكنها لا تعرف شجاعة الإعتذار رغم إحساسها بالذنب الرهيب لا تستطيع أن تعتذر من إمرأة معجبة بحبيبها !! أجل مليكة واجهي ذاتكِ بشجاعة سليم حبيبكِ رغم تحذيرات أمكِ و رغم تسلطه و سطوته و عقابه السخيف لكِ و تعمده أحياناً إيلامكِ تحبينه تعشقين حركاته الصغيرة و تهفو روحك للعبث في شعره و شم رائحته تحبينه بقوة ليثير وجوده فيكي قشعريرة قبل أن تريه .. كنتي تراهنين نفسكِ منذ سني مراهقتكِ الأولي أن ذلك الإضطراب المفاجيء لكِ معناه أن سليم سيظهر الآن .. تحبين حتي نظراته الساخرة و الغاضبة و بسمته يا الله يهتف قلبكِ بالعشق حين يبتسم تعرفين تفاصيل البسمة العابثة و البسمة الحانية و حتي البسمة المجاملة .. أنتِ تحبين سليم لدرجة تجعلكِ متمردة دوماً علي كل قرارته لخجلكِ الرهيب من مواجهة نفسكِ بحقيقة أن مليكة المدللة واقعة بحب مجنون يسري مع دمائها لا قدرة لها علي نزعه و لا سبيل لوصله فهي في نظر سليم إبنة عمه الصغيرة المدللة !! ليقطع أفكارها دخول جدتها لتستفزها من جديد بظهورها المتأخر ذاك
" جدتي أهلاً و سهلاً و الله مننتي علي حفيدتكِ التي تتلقي الإهانات و العقاب بزيارة .. أين كنتِ و حفيدك المتسلط ذاك يحبسني بغرفتي كطفلة في العاشرة "
" حبيبتي لنعترف بيننا أنكِ لم تتركي العاشرة إلا من فترة قليلة "
" لا تستفزيني جدتي أنا أكاد أبلغ العشرين .. أين كنتِ ؟ لما لم تدعميني ؟ "
" حسناً أنا لا أحب معارضة سليم فهو يشبه جده كثيراً وسيماً حازماً غيوراً لديه ... "
لتقاطعها مليكة في نفاذ صبر شبه صارخة
" لا أنتِ لا تفعلين هذا جدياً ؟ لا لا .. هل تغازلين حفيدك و زوجك رحمه الله رحمه الله فعلاً مما تفعلينه !! أقول لكِ أذلني و حبسني هنا !!"
" لا تبالغين لقد بعثرتي كرامة الفتاة بسببه و قد حاول فض المشكلة و أرسلكِ لغرفتك .. لنكن منصفين كنتِ قاسية معها علي الرغم من أنني لا أريد حفيدة تلك المرأة ببيتي لكن قلبكِ أطيب من هذا بكثير يا مليكة لا تدعي الغيرة تعبث بكِ "
" غيرة .. أنا أغار من سم-ية !! أنا مليكة جدتي لا أحد يمكنه هز ثقتي بنفسي "
" لا تغارين منها هي لكن تغارين لأجله "
توترت للغاية كيف يمكن أن تكون مستباحة هكذا من الجميع .. يا الله هل يعلم سليم بهوسها ذاك به .. هل يضحك منها و من حبها ؟ هل عشقها له مجال لسخريته فالمدللة الصغيرة تهيم به و هو لا !! لتوقف ذلك السيل المضني من الأفكار المؤلمة و تواجه جدتها بسخرية ضاحكة
" جدتي يبدو أن تجاوزكِ السبعين قد أثر عليكِ بشكل سيء و أصبحتِ تهذين "
" أنتِ فعلاً قليلة أدب و تستحقين الصفع كما يقول سليم هو وحده يعرف ما يليق بكِ "
" حسناً سأعود لبيتي و إشبعي بحفيدك المبجل يا بهيرة "
" لا أطيق بعدكِ يا جميلتي رغم حاجتكِ الماسة للتهذيب "
هدأ مزاحهن من توتر مليكة و إضطرابها عاقدة العزم غداً علي مراضاة سمية و ليس الإعتذار ...
*****
" لا أستطيع حبيبتي صدقيني أفتقدكِ أكثر منكِ بكثير أكاد أشم رائحتكِ تحوم حولي لتحاصرني في زاوية و تضحك مني هازئة أنني سأظل أسيركِ للأبد "
" أنا أعلم وضعك و لا أشتكي و لا أعترض حبيبي لكنني فقط إشتقت "
" سأحاول صدقيني فحاجتي لرؤيتك تضاعف حاجتكِ أنتِ .. كوني دوماً بخير لأجلي "
" يوسف .. هل إنتهيت ؟ "
لتغلق الأخري فور سماعها النداء الحاني المكالمة من ناحيتها متجنبة أي حرج له ليتنهد بأسي و يقاوم شعور الوحشة بداخله
" أجل رقية سأنضم إليكِ حالاً "
" لقد تهيأ لي صوتك من الداخل .. هل تحدث نفسك بالحمام ؟ "
ليجيبها ضاحكاً علي مزحتها ليغطي ذلك التوتر الذي غلف محياه
" لقد أخبرتكِ مراراً أنكِ تزوجتي مجنوناً و لم تصدقيني .. لم أخدعكِ "
" الحق يُقال لم تفعل يا إبن الأكرمين .. أنا من رضيت و يجب أن أتحمل "
" هل تحبين أن نزور أهلكِ غداً "
" سيكون ذلك رائعاً .. شكراً يوسف .. أحبك يا حلو "
تأملها للحظة كانت بريئة ذات طلة محببة و حضور يجلب للنفس الراحة تشعر بشيء خفيف يجتاحك ليلطف ما يعتمل بصدرك .. يمكن وصفها تقليدياً بفتاة كالبلسم تطيب جروح النفس .. حتي جمالها يريح عين الناظر يجلب لعيناه إبتسامة رضا و هدوء و سلام
" لو كان قلبي معي لأحببتكِ حقاً رقية لكني وهبته منذ الأزل و لم أستعده قط .."
********
ظهرت رقية بوجهها البشوش و هدوئها المريح لتنشر بهجة علي محيطهم المتوتر فالوحشة التي تركتها أثرت في قلوبهم جميعاً دون أن يدركوا ..
كان نقائها و طهارتها سحر هاديء يغلف بيتهم متسللاً لقلوب الجميع خاصة مليكة كانت رقية نصفها الملائكي الوحيدة التي تكبح جماح تمردها و تأسر قلبها دون أي معوقات ..
" كل هذا حدث في أيام .. يا الله أخاف أن أغيب عنكم أسبوعين سفر فأعود لأجد منزلنا مليء بالأحفاد "
" هل تمزحين حقاً ؟ لقد إفتقدتكِ بشدة كنتِ حليفي الوحيد في هذا المنزل ليك لي إلاكِ "
ضحكت بخفة و هي تقرص وجنتيها
" أنتِ مدللة الجميع يا مليكة كفاكي مبالغة .. حسناً ليس الجميع بالطبع يوجد سليم "
" أجل يوجد سليم أخاكِ المستفز ال...."
" توقفي مليكة تعلمين مدي تعلقي بكلاكما و للإنصاف كنتِ قاسية للغاية علي الفتاة و تعترفين بذلك فلما لم تنهي الموقف حتي الآن "
" هو من إستفزني و تعمد إذلالي أمامها و أمام أحمد كأنني طفلة "
" أحمد ليس غريباً مليكة و لا جديد بالنسبة له فيما يخص معارككم المستعرة و الفتاة علي الرغم من عدم راحتي أيضاً لها لكنها ضيفة و لجأت لنا في ضيق فلا داعي لجرحها .. قلبكِ أطيب من أن يتحمل هذا الذنب "
" حسناً سأحاول كبت غيظي منها و التغاضي نوعاً ما "
تجمع الجميع و دخلت سلمي برفقة سمية التي قصت ليلة موحشة تقرع بأذنيها إهانات مليكة لا يهدئها سوي كسبها لتعاطف سليم و زيادة المشاحنة بينه و بين تلك المتفاخرة لتفاجأ بمبادرة مليكة فجأة
" سمية هل تعرفتِ علي رقية ألطف إبنة خال ستقابلينها في حياتك ؟ "
" اه أهلاً رقية مبارك عرسك "
" شكراً حبيبتي "
لتبادرها مليكة مجدداً في محاولة منها لجذب أطراف الحديث معها
" يمكنني أن أوصلكِ و أنا في طريقي للجامعة لو كنتِ ستسألين عن التحويل ؟ ألستِ بالسنة الأخيرة تقريباً .. بالمناسبة أمس لم يكن لكِ دخلاً بالحوار لقد إستفزني سليم و كانت شحنة غضبي موجهة ضدك بغباء لا تحزني لم أقصد أذيتكِ "
لتتسأل سلمي في فضول عن ما حدث هناك تاركة سمية تفكر في رد مناسب لقد أرضاها ذلك الإعتذار الغير صريح أو لنقل جبر خاطرها المنكسر نوعاً ما لكن مليكة مازلت تحتقرها و تعاملها كفئة أدني منها و تمتلك كل ما هي حرمت من إمتلاكه يكفيها أنها تشعر بأن وراء قناع الغضب ذاك تملك قلب سليم .. لتندهش من تفكيرها ماذا يهمها من يملك قلب سليم ؟
ليدخل خالد بعد نحنحة تعلن عن قدومه مهللاً بوجود رقية بينهم من جديد
" ها قد ظهر ملاك هذه العائلة الحارس .. نفتقدكِ رقية كلنا فإحداهن فاقدة أعصابها منذ زفافكِ و تثير الزوابع هنا و هناك "
" و أنا أيضاً إفتقدتكم بشدة "
" بعد العشاء أريد الحديث معكِ بأمر ما وحدنا بعيداً عن إحداهن "
" لا تخف يا لطيف إحداهن أصلاً لا تتحدث معك فقد تركتها وحيدة تحت براثن الوحش "
" حسب ما سمعت أنكِ المخطئة "
" مخطئة !! حسناً لا تتحدث معي مطلقاً خالد .. أنت تعلم جيداً كم هو متبجح و مغرور و متسلط و قاسي و أحياناً عنيف يا إلهي إنه يستطيع أن يكون مخيفاً حقاً و لديه لزوجة غير طبيعية تدفعه ليتدخل بكل تفاصيل حياتي معلقاً بسخرية جارحة أو حانقاً بكلمات غاضبة مريعة و صوت عالي إنه يرفع صوته في وجهي أنا مليكة "
لتجد رقية ترفع حاجبيها مشيرة لها لتصمت و ظلت تتجاهلها في وصلة غضبها لتفهم أخيراً الإشارة بعد فوات الأوان ليطالعها وجهه سليم حب العمر و وجعه ..!
********
" أسف رنا أسف حبيبتي يجب علي الذهاب فلقد تركت رقية بمنزل عائلتها و لن أستطع الغياب عنها أكثر من ذلك "
" حسناً حبيبي أنا أتفهم لا تقلق .. كن بخير و نحن هنا سنظل دوماً ملجأك الدافيء و في إنتظارك متي سمحت ظروفك "
" يا إلهي كم أحبكِ رنا أرجوكِ سامحيني كل ما يحدث لم يكن بإرادتي .. لم أرد يوماً لمس إمرأة غيرك أو حتي سماع إسمي من بين شفتي أنثي سواكي لكن ... "
قاطعته في هدوء و هي توصله للباب
" لا عليك حبيبي لقد تحدثنا في ذلك مراراً .. هيا لا تتأخر "
و قبلت وجنته مودعة و تركت لدموعها العنان محتضنة في أثناء ذلك صغيرها عل حنانه البريء يضفي علي روحها القليل من السكينة ..
*********
" أشعر أنني سأموت يا زبيدة سينتهي عمري هنا و لن أراها من جديد .. لا تبعديها عن أهلي و لا تقفي في وجه زواجها من سليم لقد خطبها مني قبل سفري و أخبرته أن ينتظر حتي أفاتحها حين نعود للوطن لكنني أشعر بدنو أجلي لا تؤذيها و لا تكسري قلبها هي تحبه لا تؤذي صغيرتي زبيدة "
ليهدأ صوته مستسلماً للنوم و تمسح هي عبراتها فعلي الرغم من أنها لم تحبه يوماً مثلما أحبها لكنه لم يجرحها و بذل جهداً كبيراً لجعلها تقع في غرامه و لإنجاح زواجهم لكن من قال أن لنا علي قلوبنا سلطان ...
تركته و في طريقها للفندق أجابت علي هاتفها بتوتر لتتفق مع المتصل علي مقابلة سريعة ببهو فندقها ليباغتها بهجومه الغاضب
" زبيدة لا تتلاعبي بي هل هي إبنتي حقاً ؟ "
" لست أكيدة من أنها إبنتك لكنها تحمل منك الكثير و تلك الليلة التي كنا فيها معاً لم نتخذ أي إحتياطات و قد إكتشفت حملي بعدها بشهر "
" يا الله إبنتي الوحيدة قضت عمراً بعيداً عني .. لقد جردني علي من حب عمري و إبنتي إستولي علي كليكما "
" لا تظلم علي هو لم يكن يعلم بوجودك في حياتي قط لقد ظلمني أبي و فرض عليّ زواجاً كان في شرعه مناسباً وضامناً لسعادتي أحاول جاهدة مسامحته لكنني لم أستطع لقد جعل مني خائنة لا تعلم من والد إبنتها حقاً و زوجة تشتاق كل ليلة لرائحة رجلاً غير زوجها .. كلما لمسني كنت أشعر كأنني أخونك أنت علي فراشه هو "
*********
للقبور رهبة تدمي قلوبنا لوعة علي أحباء تركونا و لا يربطنا بهم سوي ذلك المكان و تضعنا أمام الحقيقة الوحيدة المؤكدة بالحياة الموت .. وقفت هناك شبه مرتجفة تقرأ الفاتحة في ألم لصديقة عمرها و جارتها الأحب
" سامحيني سارة لقد قاومت كثيراً و حاولت ألا أقترب لكن قلبي خذلني أنا أيضاً أستحق السعادة أستحق فرصتي مع خالد .. أرجوكِ سامحيني "


nada diab غير متواجد حالياً  
قديم 01-07-20, 01:09 AM   #5

ع عبد الجبار

? العضوٌ??? » 460460
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 260
?  نُقآطِيْ » ع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond reputeع عبد الجبار has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رواية جميلة جدا وجذابة واسلوبك سلس ورائع ابدعتي برسم الشخصيات مليكة المتمردة وسليم المتسلط والجدة بهيرة الحكيمة المحبة لعائلتها وخالد الطبب واحمد المشاكس لقد اوقعتني بحب شخصيات الرواية وابداع اسلوبك المتميز في السرد اقل مايقال عنه رائع ومشوق جدا بانتظار الفصل القادم على نار🔥🔥🔥 فعليا😉
فلا تطيلي الغياب دمتي بود وخير 🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸


ع عبد الجبار غير متواجد حالياً  
قديم 11-07-20, 09:11 PM   #6

nada diab
 
الصورة الرمزية nada diab

? العضوٌ??? » 102646
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 313
?  نُقآطِيْ » nada diab is on a distinguished road
افتراضي

بين ثنايا القلب حكاية
الفصل الرابع
تأسر قلبه دائماً تجيد العزف علي أوتاره حتي و هي تقف هناك بمنتهي الوقاحة تتهمه و تسبه و تضرب بقدميها الأرض في غضب طفولي لكنه ممزوج بأنوثة لا تخلو منها كل أفعالها فهي حتي في قمة برائتها أنثي خُلقت من شغف يحيطها بهالة تجعلك تتمني أن تغفو يوماً متوسداً كتفها و يداها الجميلتان تمسدان شعرك في حنان .. ترسم بحماسها للأشياء و الأشخاص و المواقف و الكتب أيات من الحسن فلا تملك سوي أن تفتح فمك في ذهول من قدرة شفتيها و هي تحكي عن مأساة عائلة أوفقير بعد محاولة والدهم إغتيال الملك علي تغذية عقلك بأشد الأفكار مجوناً فمن يحلم بإقتناص قبلة من فتاة تبكي قهراً و تمتنع عن الأكل حزناً علي أشخاص يفصلها بينهم بلاد و سنوات .. كانت علي الرغم من زهوها الدائم و هوسها بتدليل نفسها بداية من أخمص قدميها لخصلات شعرها الملساء مليئة بالتعاطف و مستعدة دوماً لتقديم الدعم ، معنية بالعالم و الناس قلبها مأسور بكل ما يدور حولها .. كانت تقبع في غرفتها لأيام تبكي ضرب غزة و تتقيأ لساعات لو شعرت بوقوع الظلم علي أحداً ما و هي عاجزة عن ردعه ..
كانت مزيجاً حلواً و حامضاً يملئك باللذة و يمكنه بسهولة أن يذيقك الألم .. تثير فيك شتي المشاعر العاصفة فهي تلقيك من قمة غضبك لمنتهي ولهك .. يا إلهي كيف يمكنها دفع رجل بمثل عنفوانه بالرغبة القاتلة في مزج عظامها بصدره في تلاحم تام و هي واقفة تسبه علناً و تشكي ظلمه ؟ هز رأسه في سرعة ليجد الجميع يحدقون به في إنتظار رد فعل علي وقاحتها تلك لتهرع هي لجانبه ترمش بعينيها في براءة مصطنعة و هي تقرصه في خده في تحبب كأنه طفل صغير
" حللت أهلاً و نزلت سهلاً يا أوسم من أنجبت عائلة سالم .. أترين يا سمية كم هو رائع إبن العم ذاك .. لذيذ و لطيف كقطعة الشوكولا و الله "
ليمحو بصعوبة بسمة عابثة لملامستها اللطيفة تلك علي ذقنه الخشن و يدعم الحزم في صوته
" تعلمين جيداً أنني أفكر جدياً في قص لسانكِ أو بتره تماماً ؟"
" أعلم لكنني لا أهون عليك طبعاً فأنا مجرد طفلة فوضوية تهذي .. هل يُحاسب الأطفال أحباب الله .. أنت الكبير فتحمل "
" الكبير اليوم و أنتِ وديعة كالرضيع و غداً أنتِ كبيرة لا تحتاجين لتقويم و لا تقبلين ملاحظات و صوتك صوتك المرتفع ذاك مليكة الذي سيدفعني يوماً لخلع حنجرتكِ و تهذيبه قليلاً "
كان الجميع مستمتعاً كالعادة بالمناوشات اللطيفة بينهما طالما مليكة لا تبكي و تصرخ و هو لا يجرحها و يتوعد بعقابها فالوضع بينهم يكون في منتهي الجاذبية كقطبين متنافرين يقاومان تجاذبهما في مناغشة محببة
" يا إلهي و أنا من كانت تظن أن عرقنا الصعيدي الأصل لا يظهر فينا طالما لم تطأ أقدامنا الأرض هناك لكنك خير مثال أن العرق دساس يا إبن العم "
" حسناً مليكة سأتغاضي عن وقاحتكِ تلك لأنني في مزاج جيد لا أريد إفساده بالجدال معكِ الأن "
" الله الله من حسن مزاجك المتعكر غالباً و عقدة حاجبيك إنفرجت ما شاء الله "
" لن أرضي فضولك أبداً .. مزاجي جيد و هذا يكفي .. ممكن لوجود رقية من بيننا من جديد أو شيء آخر ما خصك ؟"
" أنت دوماً ما تتدخل بكل ما يخصني كل التفاصيل فلما لا توضح بدلاً من المناورة "
كانت تبدو كإمرأة غيور حانقة فضولية تلتمع عيناها بالشر و التوعد لكن هل تغار من هي مثلها من أخري أبداً ؟ حسناً هي لا تشعر بالتهديد لا تفكر يوماً فأن هناك من تضاهيها أو تفوقها لكي تشعر بالتهديد منها لكن أن يجذب أحدهم إهتمام سليم بعيداً عنها هي و لو حتي لثوان أن يتدخل أحدهم رجلاً كان أو إمرأة في مؤشر مزاجه حتي لا تنجح هي في إغضابه متي شاءت من يملك هذا القدر من السطوة عليه غيرها ؟ من سليم ! صمتت حفظاً لكبريائها و إندمجوا جميعاً من جديد في أحاديثهم المتنوعة لتتركهم رقية للشرفة يصحبها خالد ينشد سلاماً من الحديث معها كذلك الذي تشعه رؤيتها في النفس ..
" خالد لا أفهمك أنت و سارة لم تكونا حتي مخطوبان حتي تخونها أعلم كم أحببتها و لكن من حقك أن تعيش و تعشق من جديد و .. "
قاطعها مجفلاً من صراحتها تلك
" وجود خاتم بإصبع سارة كان كافياً بالنسبة لكِ لأعيش لذكراها لكن عدم وجوده معناه أن أنسي .. لا أفهمكِ حقاً رقية "
" خالد لا تغضب و تتمسك بكلمات أنت تفهم مقصدها الحقيقي علاقتك بسارة كانت دائمة المنحنيات كنت متحفز دوماً و مترقب لردات فعلها و تصرفاتها كنتما من صنفين مختلفين من البشر حقاً و مع ذلك لا أنكر حقك في الحزن فلا تنكر أنت علي نفسك حقك في الحياة الحب يهديء أرواحنا و يهذبها المفترض أن يجعلنا الحب نقابل أزهي ما في الكون يدعم سلامنا يجعل من وجوده حصناً وردياً ناعماً لكن منيعاً في الوقت نفسه ضد ألم الحياة و تقلبات الدهر .. دع لنفسك الفرصة لتتعرف علي الفتاة و إترك الوقت يوضح لك ماذا سيكون عنوان وجودها في حياتك .. سارة فقط من تغمدها الله برحمته لا أنت و لا قلبك أنت هنا معنا و أدامك الله في خير و بيننا دوماً يا إبن العم هون علي قلبك الرائع ذاك و دعه يتألق عشقاً من جديد "
" أنتِ حقاً نسمة هذا البيت و صباحه الندي لها حق مليكة أن تغرم تماماً بكِ و تنكسر رعونتها أمام سلامكِ ذاك .. دمتِ نعمة هذا البيت يا جميلة سأحسد يوسف علي حظه حقاً "
" حسناً تكفيني تلك الجرعة من الترحيب منكم جميعاً كيف سأخطو خارج هذا المنزل يا تري بعد كل هذا الحب لأعود معه مجدداً "
" لا تعودي كلنا نفتقدكِ كيف سمحنا لأنفسنا بتزويجك لا أفهم "
لتضحك في خجل و خفة فطالما كانت صديقة الجميع و بئر أسرارهم لينضموا للجميع بعدها ضاحكين من عمر و عامر و عبث مليكة بأعصابهم عندما إقترح عمهم محمد أن يساعدهم سليم في دروس الفيزياء كما فعل سابقاً مع مليكة
" يا الله سيمزقكم حرفياً لا تقبلوا بذلك أبداً لقد جعل من ذراعي خريطة ملونة بالأزرق و الأحمر و رأسي الصغير الجميل ذاك عاني من ضرباته حتي ظننت نفسي سأفقد بصري قبل إمتحان الفيزياء .. أتعرفون لقد ظننت نفسي معتقلة في تلك الأربعة شهور التي كان فيها مدرسي للفيزياء .. ماذا سيفعل بكما أنتما الفتيان سيلقي بكما من النافذة أو لكمة ثلاثية الأبعاد لكل غلطة عفوية "
" دائماً ما تهدفين لجعل سمعتي وحشية ..أنتِ كاذبة لم أفعل بكِ كل هذا كانت مرة أو مرتان فقط عندما كنتِ تتعمدين الغباء فكنت أنبهكِ لتعيدي التركيز ألم تحصلي بسببي علي الدرجة النهائية يا عديمة التقدير "
" مرة أو مرتان !! كم أنت مدعي ؟ لقد جعلتني مهوسة حتي في نومي كنت أحلم بمذاكرة الفيزياء حتي لا أسمع تأنيبك المستمر و أحتفظ بذراعي سليماً من قرصاتك المؤلمة .. لا تفعلوا ذلك بأنفسكم نصيحة أخوية "
" ناكرة الجميل .. لقد أنقذتكِ بعدما هرب مدرسكِ تاركاً إياكي من تدهور مستواكِ "
" لا أفهم حتي الأن لم فعل ذلك لقد كنت دائماً دودة كتب أنا أصلاً أعشق المذاكرة و كنت متجاوبة للغاية معه لا أفهم فعلاً سر ما فعله "
ليهمس بداخله أنها ستقضي عمراً طويلاً قبل أن تعرف أنه هو السر وراء هروب ذاك الأستاذ ليقضي علي ساعات شوقه الطويلة لها و هي معتكفة في غرفتها تستذكر دروسها دون أن تطفأ ظمأ روحه لرؤيتها يومياً فما كان منه إلا أن إتفق مع أستاذها أن يهرب و عرض نفسه كمساعد بديل بعد أن سمع ندبها بأن الأستاذ تركها في منتصف الطريق و أنها ستسقط حتماً و يضيع مستقبلها .. تصبح لذيذة للغاية و هي تندب حظها في مأساوية مبالغ بها لا تناسب الحدث بأي حال من الأحوال .. كل ما فيها شهي مغري عفويتها و حتي إفتعالها مدمران قناصة قلوب بإمتياز .. فهل جن من الغيرة سوي لأنها التجسيد الحي للفتنة و البهاء ؟!
كانت سمية جالسة في صمت تدرسهم جميعاً و تراقب بإبتسامة مجاملة مدي قربهم و تفانيهم من أجل بعضهم البعض كانوا متناغمين و هي العنصر النافر الوحيد الفرد المستحدث عديم الذكريات و الأصدقاء لا حليف لها بينهم و لا أنيس .. لكنها تتعلم و ستصنع لنفسها مكاناً جبراً و لو سقط العالم عند قدميها لما سمحت له أن يثنيها عما تنتويه .. هي ستنتمي لتلك العائلة عاجلاً أم آجلاً ...
" حسناً سليم من الواضح أنكما قد تصالحتما فلتسمح لها بالخروج معنا أنا و ياسمين و عمر لم نرهما منذ فترة "
قبل أن يجيب أحمد إنطلقت هي في عصبية كعادتها مستفزة من كلماته تلك لتصيح
" يسمح لي !! تستأذنه من أجلي .. ماذا يحدث في العالم يا ناس ؟ هل جننتم ؟ " لتنتبه فجأة أنها كالعادة تعمد لإستفزازه دون وجود أي دعم فجدتها أصبحت حليفاً خفياً له ظاهرياً لها فتلونت نبرة صوتها بتنحنح مفتعل في وداعة
" أرجوك يا سليم إسمح لي و أنهي ذلك العقاب السخيف لن أكررها أعدك "
" كم أنتِ متلونة يا صغيرة .. لكنني سأسمح لكِ لأنني و لسوء حظكِ مليكة أصبح لدي كل الصلاحيات يا حبيبتي لم أعد إبن العم الدخيل الذي تهرعين باكية لوالدكِ من تقويمه .. بارك الله في عمي علم أنني المناسب ليوصيني برعايتك أكرمني بأغلي هدية اليد الطولي في حياتكِ حلوتي "
" يا الله كم أنت مستفز مستفز و تثير بداخلي زوابع غضب لولا بنيتك تلك التي تفوقني حجماً بمراحل لكنت إنقضضت عليك ممزقة إياك من شدة غيظي "
" سأكون أكثر من سعيد يا حبيبتي أن تفعليها فيمكنني وقتها معاملتكِ بتلك المساواة التي تطالبين بها دوماً بلا هوادة "
" حسناً سأتركها لوقت لاحق أكون أكثر قدرة فيه علي هذه المواجهة "
ليبتسم هو جاذباً كل إنتباهها حسناً هذه بسمتها المفضلة تلك التي يعطيها إياها و هو مستمتع بجدالها معه و مرتاح فيه ليس غاضباً و لا مندفعاً بل مناوشاً في خفة تعزف علي أوتار قلبها الذي يبدو دوماً علي أهبة الإستعداد للإدلاء بما يسكنه منذ سنوات و لا يجرؤ علي البوح به حتي لأقرب الأقربين .. ليقاطعها صوت نشاز يزعجها و ما قالته يجذب اللعنات البذيئة عليها كتمت بداخلها العديد من المسبات الشائنة لتنظر للمتحدثة تلك في برود ساخر ..
" علي ذكر سيرة الخروج هل يمكنك أن تصطحبني سليم لشراء بعض المستلزمات فكما تعلم جئت بدون حتي ملابسي "
لتنظر في الأرض في حياء و حزن لتحلف مليكة بداخلها أنهما مصطنعان لكنهما بالطبع سيجذبان تعاطف سليم و حميته
" لا مانع لدي يا سمية لكن أعتقد سلمي ستساعدكِ أفضل مني فأنا لا أفهم بمستلزمات الفتيات " لتحبط سمية جاذبة الراحة لروح مليكة المشتعلة .. حسناً هي تغضب جدياً من محاولات تلك الفتاة الملتوية لجذب إنتباه سليم هل أولاد عمومتها كلهم أغبياء و هي فقط من تلاحظ تلونها ذاك أم أنها الغيرة !! لا لا مليكة لا تغار كرريها لنفسكِ مليكة أنتِ المدللة إياكِ أن تنسي لتنهي همسها الداعم لنفسها و تتركهم لتكمل مذاكرتها في هدوء ..
********
ما إن عادا للمنزل حتي وجدته كعادته شارداً لكن الوجوم يظلل وجهه تماماً .. لا تنكر أن ما جمعها مع يوسف كانت زيجة مدبرة لعائلتين تجمعهم صداقة لكنها منذ اللحظة الأولي علمت أنها ستغرم به دون سبب فعلي فهي كانت تتمني رجلاً أكثر إلتزاماً مثلاً أو يشاركها شيئاً من إهتماماتها رجلاً أقل غموضاً من يوسف و أكثر إندماجاً مع عائلتها لكنها طوال فترة الخطوبة كانت تقع في حبه دون أن تفهم يوماً لماذا ؟ هي فقط تحب يوسف و قربه و وجوده و تفهمه و غموضه حسناً بات الغموض مزعجاً حالياً أصبح أحياناً تباعداً فهي أكثر خجلاً من أن تجلس مثلاً بحضنه لكنها تتمني أن يفعلها هو .. علاقتهم الخاصة كانت رائعة يفهم هو جيداً كيف يتعامل ببطء و مراعاة لخجلها حتي يذيبها معه تماماً بعدها في حنان غامر لكن الحياة بينهما كانت كصديقين أو زملاء سكن مثلاً كان الحديث قليلاً لا تلامس غير رسمي كأن يقبل وجنتها مثلاً عند عودته فهو لم يحتضنها قط و هما يشهدان فيلماً معاً لم يحكي معها عن أصدقائه موقفاً ما أو حتي عن يومها هي مع عائلتها ماذا حدث به ؟ لم تكن يوماً مبادرة خاصة مع الجنس الآخر كان خجلها يقيدها و لكنه زوجها حلالها و من حقها أن تستمع به كيفما تريد و تخبره بذلك هي تريد حميمية أكثر تريد أن تتحدث معه لساعات أن يشاركها القهوة متغزلاً في بديع صنعها لها لكنه عاجزة عن تلك المبادرة للأسف ...
" ما سبب شرودك حبيبي .. هل من جديد عند عائلتك ؟ "
" لا كل شيء بخير .. سأحاول النوم "
" هل تريد شيئاً ساخناً يساعدك علي الإسترخاء و النوم ؟"
" شكراً لكِ رقية .. تصبحين علي خير "
حتي محاولتها للمبادرة فشلت تاركة إياها تتخبط بين خجلها الشديد من عدم تجاوبه و بين رغبتها الكبيرة في الحصول علي المزيد منه تناغم أكبر من رغبتهم ببعضهم البعض ...
دخل لسريره في إحباط لإحراجه إياها فهو يحبها رغم كل شيء من يملك ألا يحب رقية ؟ تلك الوديعة البشوشة الخدومة من أول لحظة لوجودها وسط عائلته وقع الجميع صريعاً لطيبتها تلك كانت تساعد من يحتاج دعماً أو خدمة أو حتي مواساة هي رائعة بحق معه هو شخصياً لكنه لا يعشقها .. هل في قلبه بقية أصلاً تصلح لعشق إمرأة غير رنا ؟
رنا و اه من رنا تفاحته المحرمة التي كاد بسببها أن يخسر أهله و إكتوي قلبه بالعديد من النزاع معهم لإثبات أحقيته في الحصول علي الشريكة التي نزعت قلبه من جوفه إنتزاعاً لولا مرض أمه لما كانت تلك الفترة مضت أبداً و لا تزوج رقية .. لم يكن ليفكر أبداً في جعل رنا إمرأته بالسر كانت جميلة أجمل من أن تذبل في إنتظار نصف رجل يأتي لها متخفياً من بيته و زوجته العلنية ..
يشعر أحياناً بحقارة شديدة كونه يظلم رنا المستسلمة كونها مولعة به و ممنونة أبد الدهر لما أنقذها منه و أيضاً يؤذي رقية التي لا ذنب لها علي الإطلاق أن تعلق في مثلث الحب البائس هذا ؟ لكنه ليس ذنبه وحده ذنب عائلته جميعاً لرفضهم رنا بعنجهية شديدة و إبتزازه عاطفياً حتي يخطب رقية دون مراعاة لما يسكن في قلبه !! حسناً هم أذنبوا في حق الجميع و هو شاركهم ! شاركهم في ظلم إمرأتين لا ذنب لهما سوي حبه !
*******
كعادته ليلاً يتصفح صورهم و رسائلهم و ذكرياتهم معاً لتكون آخر ما تقع عليه عيناه قبل النوم لتقرع كلمات رقية بذهنه لقد كان فعلاً دائم الإختلاف مع سارة فقد كان والدها يعمل بالخارج و مكثا معه هناك لسنوات ثم عادت مع أمها كمراهقة إعتادت حياة الحرية و اللاحدود و كانت عائلة أمها أكثر إنفتاحاً عن عائلته .. أمها نفسها تختلف كلياً عن أمه كان ذلك التباين يؤذيهم و كلاهما رغم الحب متمسك بقناعاته
" ردي علي هاتفكِ سارة كفاكي دلالاً دعينا نتفاهم "
" أنا لا أتدلل و لا أري أن هناك مجال للتفاهم نحن مختلفان تماماً خالد و لا داعي لجرح بعضنا أكثر من ذلك "
" سارة أنا أحبكِ لا تحملي المواضيع أكبر من حجمها أنت تعلمين جيداً أن مزاحكِ معه كان متخطي لكل الحدود "
" حدودك أنت لا حدودي أنا .. أنا أختلف عنكم تماماً حتي مليكة التي لا تنفك تشبهني بها لا تماثلني في شيء إعتباركم لها متمردة من الأساس يضحكني الفتاة لا تطالب إلا بأبسط حقوقها و إنتم لا تفعلون سوي محاولات لتخلصيها من جهل و تسلط إبن عمك ذاك .. كيف تريدني أن أكون في محيطك مع كل هذا الإختلاف "
" أنا لطالما إحترمت إختلافكِ لكن لدي طاقة و حدود لا أملك تخطيها و إياكِ أن تنطقي بكلمة إساءة واحدة لعائلتي مجدداً فهم خطي الأحمر الوحيد شأنكِ معي أنا لا دخل لكِ بهم "
" و هم سيتقبلون وجودي بينهم .. أنت تحب عائلتك و تؤمن بطريقة حياتكم تلك و أنا أحب كل تفاصيلي و لن أغيرها "
" حسناً سارة كما تشائين "
يومها حاولت هديل أن تصلح الأمور بينهما كالعادة ليهرع لمنزلها فور علمه ببكائها كان لا يتحمل فيها وخزة و لو كانت مخطئة و علي الرغم من حرجه الدائم لإقتحام منزل عائلتها إلا أنها كانت تدعوه هي و أمها دوماً للغداء و قضاء يوم العطلة معهم ...
هديل الصغيرة رغم أن ما يفضلهم عنها مجرد عام لكن لطالما ساعد خجلها في رسمها بذهنه كهديل الصغيرة و اه من تلك الوردة التي تفتحت فجأة و كبرت لتنزع شيئاً من رداء الخجل و التلعثم القديم و تتألق كانت رائعة بحق صورها كلها بها مسحة من ثقة تزيدها بهاءً ليست بحياء رقية و طيبتها الشديدة و ليست ثقة حادة تكاد تصل للغرور و التمرد الشديد كمليكة كانت تقف في المنتصف لديها ذلك الحضور الذي تحسبه عادياً لكنه مهلك بعفويته و بساطته و دخوله المحبب للروح لا ترهقك كثرة تفاصيلها هي فقط تتناغم مع روحك لتشعر نفسك أمام صديقة دوماً حتي لو كانت المرة الأولي التي تقابلها فيها .. لطالما أحبها و داعبها كلما تواجدت بمنزل سارة كان يعتبرها كإخوته الصغار حتي إنه كان يجلب لها الشوكولا مما أغضبها مرة لتتبعثر شعراتها البنية حول وجهها في غضب لكن حتي غضبها كان لذيذاً ليس مندفعاً و لا متسامحاً بسلبية كان غضبها آسر لا تملك أمامه سوي الإعتذار بهدوء أملاً في رؤية بسمتها الخجلة تلك من جديد .. زادها الحجاب راحة علي الرغم من شوقه لرؤيتها كما عهدها منذ زمن ليس ببعيد تماماً .. تصفح موقع التواصل الخاص به عله يجد منها رسالة جديدة بات مدمناً علي رسائلها تلك تخبره بأطفالها في المدرسة و صورها معهم و مشاكلهم أو شيئاً عن الشركة التي تعمل معها كمترجمة و المشاحنات المستمرة لها معهم لأنها تترجم بطريقة أدبية مقالات علمية بحتة يحلق عالياً بإندماج مع تفاصيلها بات يعرف أدق تفصيلة بيومها حتي كم ملعقة سكر تحبها في الشاي و كم مقدار اللبن المضاف لقهوتها .. بدأت تتغلغل كطوفان في نهر أيامه الراكد منذ زمن ... طوفان يغرقه بالدفء ذلك هو وصفها تماماً الحلوة الدافئة تشبه كوباً من الكاكاو الساخن تضمه بين يديك بصحبة كتاب في ليلة ممطرة دفئها يسري بروحه يجذبه مجدداً للحياة و عيناها اه من عيناها تلك تنغلقان تماماً كلما ضحكت في تحبب و تنظران لكل العالم حرفياً لكل شيء في العالم بالكثير من الحب .. يحسد أحياناً تلاميذها يرون كل ذلك الحسن يومياً و يسمعونه و يمكنهم تقبيله ! اه يا خالد في أوائل ثلاثيناتك تحسد أطفالاً لا يتعدي عمر الواحد منهم 7 سنوات لأنهم يظفرون بقبلة من حبيبتك ! هل أصبحت حبيبته بالفعل ؟ هل يستطيع قولها لها و للعالم و لسارة ! تمزق مجدداً بين جزء مدفون من قلبه و جزء آخر يريد أن يصلح العطب و يحيا مجدداً كما مزقته سارة دوماً بين مبادئه و أفكارها !
ليسمع صوت رسالة فيصدر تأوه محبب من تلك البهجة التي شاعت في ثناياه
" كيف كان يومك ؟ "
سؤالاً بسيطاً عادياً لكنه يحمل إهتمام العالم كله

**********
" أشعر بدنو النهاية يا زبيدة و أريد أن تعرف مليكة كل شيء ، أريد توديعها لا أحتمل فكرة أن أرحل و هي تغص بالشوق لي ، سأشد من أزرها الأيام الباقية لي كي تتحمل الفاجعة ، أوصيكِ بها خيراً يا زبيدة لا تقسِ عليها مجدداً أبداً فلن أكون موجوداً لأراضيها فتاتي معتادة علي الدلال فإياكِ أن تحرميها لقد كتبت لها كل حصتي و أعمامها جميعاً يعرفون ذلك و البيت أيضاً و نصيبك تركت ما يعادله نقداً بحسابكِ "
علي الرغم من كل ما حدث أو ما سيحدث لطالما كان علي طيباً معها و متحملاً لمزاجها السيء غالباً و محاولاً رأب أي صدع في علاقتهما و علاقتها حتي بمليكة لم يختلف معها يوماً أو يعنفها إلا لو تطاولت غاضبة علي أمه أو إخوته فجاهدت مع السنوات علي الإبقاء علي علاقتها بهم فاترة باردة و أحياناً قليلة مجاملة و تبقي القلوب مغلقة علي ما بها حتي لا تجلب لنفسه غضب الحليم كما يقولون ، لا تعلم هل أحبته يوماً يا تري ؟ أم أن قلبها كان دوماً ملك صادق يعبث في ثناياه كيفما شاء
" حبيبي إهدأ قليلاً الكلام يرهقك لا تفكر هكذا سنعود لها معاً بإذن الله "
" أنا أريد إبنتي أرجوكِ "
" حسناً حبيبي لقد شارفت علي إنهاء إمتحانات الفصل الأول و سأرتب لسفرها لا تخاف "
" لو لم ألحقها أريد منكِ وعداً يا زبيدة لا تجرحي صغيرتي قط و لا تهينيها و دعيها تختار ما يريح قلبها سواء كان سليم أم غيره دعي الإختيار لها وحدها و لا تبعديها عن عائلتي أبداً فهم جزعها في الأرض تبقي ثابتة أبد الضهر طالما هي بينهم "
" حسناً حبيبي لا ترهق نفسك أكثر سأفعل "
" إنها أمانتي لكِ أمام الله إياكِ أن تخذليني "
عم الصمت المتعاطف منها و شردت تماماً لم تفكر يوماً جدياً في أن مليكة ليست إبنته سوي منذ سنة بعدما ماتت زوجة مروان و إبنه في حادث و لم تملك نفسها و قررت مواساته علي الرغم من قطيعتهما لسنوات بعد تلك الليلة الحقيرة التي إستسلما فيها تحت تأثير الشراب و مارسا الحرام قولاً و فعلاً فقد كانت هي إمرأة متزوجة و هو خاطباً لإبنة خالته التي رُبيت ببيتهم منذ طفولتها كلاهما كان نادماً مصدوماً فإبتعدا لكن بداخلهما كان ذلك العشق المر مازال حياً كان حباً ملوثاً جعلت الخيانة من نكهته علقم و رائحته بشعة تبعث فقط علي الغثيان و الألم لكن موت عائلته جعله جائعاً لأي بادرة حب حتي لو كان بمثل هذه القذارة .. منذ حملت بمليكة كان لديها خوف رهيب من أن لا تكون إبنة علي لكنها علي مر السنوات و هي تراها تكبر و تشبه عائلة والدها و تتعلق بهم و تظهر بوضوح عاطفة الدم علي كل تعاملاتها معهم سكن هذا الخوف و هدأ لكن عقلها المريض عاد للعبث مجدداً و مع موت عائلة حبيبها و مرض علي عاد الأمل لذلك الحب القديم أن يحيا من جديد .. لا تعرف تحديداً كيف سيحيا لكنها عادت مراهقة مولعة به و تهمس بإسمه و هي نائمة في فراش فندقها و زوجها يرقد يعاني من المراحل النهائية للسرطان الخبيث ..!!
**********
كانت رقية مشوشة و تلتمس حب عائلتها فكانت تزورهم يومياً تقريباً و لا تملك الحديث تشعر في قرارة نفسها بأن هناك حاجزاً بينهما سداً منيعاً يقف أمام إقتحامها التام لقلبه حصوناً و قلاعاً تغلق أبوابها أمام مبادلته لها ذلك العشق الذي أصبح يحتل كيانها كله فقد كانت دائماً خجولاً لا علاقات لها و لا حتي معارف من الجنس الآخر لكنها ضبطت نفسها مرات عديدة و هي تتأمل ثعره متأوه بهمس أنثوي جذاب مشتاقة لتقبيله و تنظر لأصابعه الأرستقراطية تلك و هي تتخيلها تحيط خصرها ليلاً بتملك و نهم .. الوحيدة التي يمكنها الحديث معها و لو تلميحاً هي مليكة لكن ما خص تلك المشاعر بإمرأة غير متزوجة كمليكة هل ستفهمها أصلاً ؟ و خاصة و هي تنتقد يوسف غالباً و تجدها أغلي منه بكثير و تستحق من هو أفضل و أن تعيش قصتها الخاصة لا أن تقبل بخطبة العصور الوسطي تلك علي حد قولها .. حاولت الإندماج مع أحاديث مليكة المتشعبة فهي قادرة علي الثرثرة لساعات دون توقف و دون أن تشعر لحظة واحدة بالملل منها فكان الجميع يحبون صحبتها و يدفنون أعمق أسرارهم بصحبة رقية فكانا ثنائي لا يقهر علي حد قول الجميع ...
" سيصل الطرد اليوم أنا متشوقة لتجربة كل تلك الألبسة يا إلهي لقد أنفقت الكثير لكن أبي لم يعترض حتي يريد تعويضي عن سفرتهم العجيبة تلك بشتي الطرق حتي أنه أصر علي أن أقضي نصف العام معهما و أعود للدراسة بعدها .. رقية هل تسمعيني ؟ بما شردتِ "
" نعم معكِ لا شيء .. لكن ألا تعتقدين طلبكِ ذلك من كريم فيه رفع كلفة مبالغ فيه ؟"
" إطلاقاً كريم صديقي منذ سنوات و عمل فور تخرجه بإحدي صيدلياتنا قبل سفره لأمريكا و العائلة كلها تعرفه و ينشدون بأخلاقه و ساعدني مرتين في بحوث للجامعة و نتحدث في شتي مناحي الحياة فما المشكلة ؟ و قد دفعت ثمنها كلها "
" لا أعلم يا مليكة الأمر لا يعجبني و بالتأكيد لن يعجب سليم "
زفرت بغضب كالعادة و وقفت مهتاجة تخبط قدميها بالأرض في طفولية
" هل ولدتني أمي لأكون كبش الفداء المفضل لغضب أخيكِ يتدخل في كل أموري و حتي عندما قلت أنني إرتحت منه لسنتين كان يلقي بكلماته الجارحة ليدفعني عدة مرات للبكاء دمعاتي الغالية تلك ذرفتها من أجل تدخلاته الذكورية السلطوية الحمقاء .. لقد مللت لي والدان يا ناس لست لقيطة ليتحكم في هكذا "
لتنظر رقية في ملل من تلك المحاضرات المعادة مراراً و تكراراً حتي أصبحت سخيفة و هي تخبرهم بها و تبدو أمامه كمن أكلت القطة نصف لسانها لا تنطق إلا ربع ما تتفوه به الأن و أحياناً لا تقدر علي نطق شيء .. كانت تستغرب دائماً تركيز سليم الشديد حول تصرفات مليكة خاصة رغم أن سلمي تماثلها شقاوة تقريباً و إن كانت سلمي قد تغيرت نوعاً ما بدعم من خالد و أحمد و قد واجهته يوماً بعد أن أسمعها تقريعاً حاداً لنشرها صورة لها غامزة بعينيها في شقاوة علي صفحتها بموقع التواصل مرفقة بعبارة من أغنية ما " بإشارة توقع ميه رجالة حلوة بشنبات " !!!!
" أعلم يا سليم أنها أخطأت لكن مليكة طفلة مدللة لم تبلغ السابعة عشر بعد كان كلامك قاسياً للغاية أبكيتها "
كان يزفر بغضب كالعادة فعلي الرغم من كونه سبب بكائها لكنه كان يمزق نياط قلبه و يقلب نفسه عليه فتستمر في تأنيبه طوال الليل كيف كان متوحشاً و أبكي الحبيبة مليكة قلبه الوحيدة ليجيب رقية مشدداً علي أسنانه
" ألا ترين وقاحتها و ردها !! ما هذا التدني أصلاً ؟ كيف يمكنها نشر شيء بهذه الوقاحة ؟ لم تري كم التعليقات المشيدة بغمزتها في عشر دقائق فقط حتي أجبرتها علي إزالتها ؟ لديها عدد أصدقاء يفوقنا جميعاً و ترد عليهم كلهم بحميمة الجيران كأنهم يسكنون فوقنا الله وحده يعلم كم أجاهد نفسي حتي لا أكسر رأسها ذاك و أنتهي من عناده "
" حسناً سليم والديها موجودان و هما أصحاب الرأي في ذلك لو كان لديك إعتراض أبلغ عمك و هو من لديه القرار "
ليسب و يبصق جانباً بإزدراء واضح و ملامحه تضج بالعنف للحظة و من ثم تدارك نفسه أمام أنظار رقية المندهشة من تلك الحركات التي لا تصدر عن سليم أبداً في المنزل و خاصة أمام إخواته البنات !!
" العيب كله في أمها تلك هي السبب في كل ذلك الغباء لا توجهها أبداً لطريق قويم و لكنني هنا سأظل هنا و لن أسمح يوماً لتلك ال... " ليبتر كلمته البذيئة تلك فجأة ثم يعاود الحديث هادراً بصوت جهوري
" لن أسمح لها أن تجعل مليكة نسخة منها أبداً لن أتوقف يوماً عن دعمها بشتي الطرق حتي تبقي علي معدنها الأصيل و روحها النقية دون أن تشوهها تلك الساحرة المقيتة لن أسمح لها أبداً و لو تحدوني جميعاً و لو إضطررت لضرب صديقتكِ المستفزة تلك يومياً .. بالمناسبة هل توقفت عن النواح أم مازالت تبكي ؟ هل هي بخير ؟ "
علي الرغم من توترها الشديد من عنفه و سبابه لزوجة عمها لكنها ضحكت لسؤاله الرقيق ذاك فجأة عن حالها بعد كل ما هدد به
" لا تقلق يا حنون ستجدها تحاول الترفيه عن نفسها فهي لا تستطيع تحمل الكأبة طويلاً غالباً ترقص في غرفتها بعنف مزهوة بنفسها لتستعيد مرحها و صلابتها من جديد "
ليزمجر هو في غضب من جديد
" أخبريني بالله عليكِ هل تفكر في إمتهان الرقص مع الصيدلة فلا مناسبة كانت بالعائلة لو حتي عيد ميلاد طفل حتي تطلق خصرها الفاتن ذاك للنغمات الشرقية .. هل أقتلها من الآن قبل أن تجلب لنا عار صورتها بشارع الهرم ؟ "
لتضحك مجلجلة من منظره بتلك اللحظة متأففاً و مغتاظاً و مستفسراً في جدية واضحة عن مهنة المدللة مستقبلاً
" لا تخاف هي تتخذه فقط كهواية .. هواية تمسكها أنت بها كل مرة كما لو قبضت علي مجرماً متلبساً .. ترهب الفتاة حقاً رغم عنادها "
" و هل تتعظ ؟ هل تتعلم يوماً ؟ إذهبي إليها رقية و راضيها و حاولي أن تحشري برأسها اليابس ذاك بعض القيم نحن من الجنوب لسنا من لبنان "
" حسناً أعدك بالمحاولة من جديد لكن لا أضمن النجاح "
ليزفر هو بضيق فور خروج رقية و ذكري سوداء بطلتها زوجة عمه المصون تلوح في عقله مسببة له طاقة من العنف و غلالات سوداء من الغضب !!!
ليرن جرس الباب في لحظتها لتنهض مليكة من فورها بحماس شديد لتجد عيون سليم المشتعلة برفقة عامل شركة التوصيل ينتظر توقيعها علي الطرد لتنظر لرقية في وجل منتظرة الحمم البركانية في وجهها .. ألا تعرف يوماً واحداً من الراحة يا رب من هذا التعذيب ؟ ليلة واحدة دون تأنيب و تهذيب و تقريع و صراخ ؟ ماذا فعلت يا ربي لتبتلي بذلك الفظ ؟ و تقع غارقة في حبه ؟ ماذا تحب فيه من الأساس حسناً طوله الشاهق و عيناه الساحرتان تلك بلون القهوة المثير شعره تريد أن يتحسس وجنتيها كما لو كان فرشاة لوضع الزينة من فرط جماله ! هل هي متخلفة كما يقول دوماً يا تري ؟ أتتغزل به بداخلها في تلك اللحظة بالذات ؟ ليفزعها صوت هادراً في عنف و غيظ معاً
" وقعي حالاً "
لتنفذ الأمر دون لحظة تأخير و تستلم الطرد راكضة للداخل كمن يساق لإعدامه
" قبل أن تصرخ .. " ليقاطعها ممسكاً ذراعيها مكبلاً إياهما ليهزها في عنف
" لا يا حلوة لن يكون صراخاً فقط هذه المرة سأسلخ جلدكِ تماماً ستؤدبين من جديد .. هل ... "
لتقاطعهم رقية و تهرع جدتهم خارج غرفتها فزعة من صراخه
" صدقني سليم لا يذهب عقلك بعيداً لقد طلبت بعض الأشياء من أحد المواقع و لا خدمة توصيل لهذه المنتجات لمصر فطلبهم هو و بعثهم لها و قد دفعت ثمنهم كاملاً .. أليس كذلك يا مليكة ؟ "
لترد بقوة و عبراتها متجمعة في عينيها من فرط الألم و الإهانة لإمساكه بها بهذا الشكل أمامهم و خاصة لظهور تلك الحية فجأة برفقة سلمي خارجتان من شرفة غرفة جلوس جدتهم لم تتعرض للإهانة من قبل أبداً فما بالها بالإهانة العلنية أمام سمية الفضولية التي تقضي ساعات بشقة جدتهم بلا رغبة منهم و لا ترحيب و لا تخجل
" و الله دفعت ثمنها كاملاً و لدي إيصال الإيداع بحسابه في البنك .. و أنت تعرف كريم جيداً ؟ هو صديقنا و .. ااه "
ليشدد من قبضته علي ذراعيها هادراً من بين أسنانه
" صديقنا !! يكبركِ بأعوام و كل صلتنا به كانت عمله بالصيدلية الأقرب لمنزلنا من السلسلة و إنتهت الصلة .. ماذا يمثل لكِ لتشتري أشياءً عن طريقه .. ردي حالاً إنطقي "
لتجيب مانعة دموعها بمشقة شديدة يكفيها ذلاً أنها تعنف هكذا و لكنها كانت أضعف و أكثر رهبة من أن تعاند
" و الله لا شيء سوي صديق منذ سافر أضافني لصفحته و كنا نتبادل الأراء و زميله مدرساً لي بالجامعة و أوصاه بي و فكرت أيضاً في السفر بعد إتمام دراستي كتجربة و عرض علي لو أردت شراء شيئاً فإن الحقائب و الملابس من ماركاتي المفضلة تباع أرخص كثيراً يمكنه الطلب لي و أحاسبه .. صدقني لا شيء غير ذلك و يمكنك أن تري الطرد بنفسك كاملاً "
" سأراكِ ترتدين كل ما فيه يا مليكة .. ستريني ماذا جعلتي ذلك التافه يشتريه لكِ ؟ أريد أن أري فيه ما يستفزني لتذوقي معني العقاب الحقيقي للمرة الأولي بحياتك "
ليتركها فجأة ممسكاً بالطرد في غضب يقلب محتوياته الكثيرة في عنف لتحيد عيناها للحظة لزوج من العيون المحدقة بها في شماتة لا تقدر علي إخفائها رغم المحاولات المضنية لإظهار تعاطف أو شفقة مفتعلة إمعاناً في ذلها فقط !!
و كأنه إنتبه فجأة لنظرتها تلك و لم يستطع تجاهل الرجاء الصامت بعينيها فصرخ بفظاظة
" سمية و سلمي هل لكما دخل بما يحدث هنا ؟ أم وجودكم الفضولي هذا سينتهي حالاً و تعودون لبيتكم فعلي ما يبدو أن هناك أمراً خاصاً نتحدث به "
لتحرج سلمي خجلاً رغم علمها أن الكلام موجه لسمية فلطالما أنبها سليم أمام مليكة و العكس و لكن هالها أن سمية تحركت بتكاسل تحاول إلتقاط المزيد قبل أن يخرجا .. كانت تحاول جاهدة معاملة تلك الدخيلة بالأصول و مراعاة وحدتها لكنها كانت فضولية و تسترق السمع و نظراتها بها شيء حاد شيء سيء يخيفها و ما إن أغلقا باب الشقة خلفهما حتي صرخ بها من جديد و هو يري فستاناً أبيضاً قصيراً و مرفق به رسالة " عسي أن يأتي يوماً و أراكِ بالأبيض تزفين فيه لبيتي يا جميلة "
" هل دفعتِ ثمن هذا أيضاً ؟ "
لم ترد لأنها فوجئت به و تعرف جيداً أن الكذب طريق موحل سيوقعها في المزيد ليضيف هو مع صمتها بعد أن تركت العنان لدموعها و شهقات بكائها
" يريدكِ أن تزفين لبيته ! أترين تهاونكِ و بساطتكِ و غبائكِ المنقطع النظير كيف يجعل الناس يتجرأون عليكِ "
لتقاطعه صارخة بحدة لكن نبرتها غير مرتفعة فلم تكن تملك القوة الكافية لرفعها بعد ما عانته ليبتر جملتها ممزقاً الفستان تماماً و لتحاول جمع نفسها للرد من جديد
" لقد قال مجرد أمنية أن أزف لبيته .. أمنية أكاد أجزم أن أغلب من يراني يحلم بها .. فهو لم يعرض خطفي و الهرب بي بعيداً "
لقد فتحت علي نفسها جحيمه من جديد من تظن نفسها لتخبره و هو المتمزق غيرة دوماً من حسنها المثير ذاك أن الأغلب يرغبها من تظن نفسها حقاً لتتجرأ علي قلبه هكذا ؟! حسناً يا غبي لها كل الحق فمليكة قلبك يبدو أنها تعلم عميقاً بداخلها كم أن لها مكاناً ثابتاً بأعمق نقطة في روحك لن تغيره مهما فعلت ليصرف كل ذلك بعيداً هادراً من جديد لتشفق جدتهم بملل علي أحبالهم الصوتية
" الأن ستحظرينه أمامي من كل حساباتكِ و حتي رقمه ستقومين بمحوه و إضافته للقائمة السوداء " كانت الكلمة المناسبة تماماً القائمة السوداء لكل من يتجرأ علي جذبكِ بعيداً عني يا مليكة
" لا أرجوك يا سليم لن أفعلها مجدداً لكنني محرجة من فعل هذا به أرجوك و الله لن تتكرر "
" الأن يا مليكة دون أي كلمة إعتراض أخري فقد وصلتِ للحد الأخير "
" لا أستطيع "
ليضرب بقدميه محتويات الطرد بغضب كاشفاً عن المزيد مما فيه صارخاً بها في حدة من جديد
" من سيسمح لكِ بإرتداء ذلك من الأساس .. من مثلك ترتدي حجاباً لا فستاناً لا يغطي حتي ركبتيها .. من تظنينا أخبريني لنقبل بهذا ؟ هل جننتي و تدعين رجلاً يشتريه لكِ أيضاً ؟ ماذا أفعل فيكِ ؟ "
ليقول جملته الأخيرة جاذباً إياها من ذراعها من جديد لتنتفض الجدة أخيراً
" كفي يا ولد صراخك أصم أذننا جميعاً مزقت حتي ذراع الفتاة نعم أخطأت لكن لا تعاملها هكذا لا يليق "
لينظر لجدته بجنون من لا يتحكم في نفسه بعدما أثارته أكثر بكلماتها الباردة و دفاعها الغير مبرر لصالح مليكة مما يدفعها للتمادي أكثر في دلالها الغبي من وجهة نظره
" جدتي أنا لم أعد ولداً أرجوك .. و هذه المدللة خاصتكم لن تنجو بتلاعبها مجدداً أبداً لن أترك ذلك الأمر يمر بصراخي و يمضي كالعادة .. تلك التصرفات لن تتكرر منها أياً كان ما سيتطلبه الأمر "
لتنتابها الشجاعة مجدداً غير عابئة بما يحدث فلا شيء أكثر مما فعل
" أولاً والدي يعلم بعلاقتي بكريم و أمي إختارت معي تلك الفساتين و أمي و خالاتي غير محجبات و والدي متقبل طبيعتنا تلك لا دخل لي بقناعاتك و لا دخل لك بي "
ليغرز أصابعه بذراعيها صارخاً من جديد غير عابيء بنظرات الألم المرتسمة جلياً في عينيها اللامعتان
" أنتِ تنتمين لنا تنتمين لي لعائلتي أنا لا عائلة أمكِ .. أنتِ مليكة سالم و ستلتزمين بكل ما يحمله هذا الإسم ستكونين تحت عيني دوماً ككل فتاة في تلك العائلة و قد أوصاني عمي بكِ و أوصاكي أمامي بالهاتف علي طاعتي .. من سينقذكِ يا مليكة من ؟ "
لتبكي صارخة من ذلك التحكم السافر بحياتها لم تعتد ذلك الطغيان علي الرغم من تاريخهم معاً لم يكن يوماً بمثل ذلك الغضب و لم يهينها أبداً أمام أحد و لم يكن بذلك العنف تشعر به علي وشك الإنفجار مدوياً في أي لحظة .. كانت تعلم إنه سيغضب لكن ليس لذلك الحد أبداً .. أيغار ؟ سليم يحبها مثلاً و يغار ؟ طردت الفكرة من ذهنها سريعاً و نفضت أحلامها الوردية تلك بعيداً .. سليم ليس سوي إبن عم متشدد يهوي إغاظتها لأنها لا تملك مقومات خنوع الفتيات المحبب لأمثاله .. ليقذفها بسعيره مجدداً ممسكاً بهاتفها
" الأن ستحظرينه الأن يا مليكة .. و ستعاقبين لدرجة تدفعك دوماً للتفكير خمسون مرة قبل الإقدام علي تلك الحماقات مجدداً و الله لو لم تكوني قد كبرتِ و أصبحتِ إمرأة لكنت كسرت عنقكِ من وابل ضرباتي "
ليدخل خالد بعدما أخبرته سلمي بما حدث فور دخوله للمنزل فقد أدركت أن سليم لن يمرر الأمر بسهولة أبداً فما إن رأته مليكة حتي بكت بتشنج و هي تهرع لأحضانه طلباً للحماية
" ماذا فعلت بالفتاة تحديداً لتنهار هكذا ؟ أنا لا أفهمك حقاً ! لما كل هذا العنف فيما يمكنك أن ... "
ليبتر سليم كلماته و مراجل الغيرة الحارقة تغلي بداخله قاسية تبتز كل ذرة رجولة بأعماقه يشعر بإرتجاف لا يقوي علي إخفائه من شدة الغضب .. أصبحت فتاته أكبر كثيراً من أن يسمح حتي لنفسه بإحتضانها و تلك الغبية لا تفهم لا أحد يخبرها شيئاً عن الأصول أبداً المدللة العنيدة .. رق قلبه لإنهيارها ذاك و ألمه أن يكون المتسبب فيه هو و ترمي بخوفها منه علي صدر آخر حتي لو كان خالد !! تبرعت رقية بحكي التفاصيل لخالد حتي لا تحتدم الأمور بينهم جميعاً بينما تتابعهم بهيرة صامتة منذ صرخ سليم بوجهها بمنتهي الصفاقة !!
" حسناً يا حبيبتي ذلك في مطلق الأحوال لا يصح كنتِ أخبريني برغبتكِ تلك و كنت تصرفت فلدي أكثر من صديق بالخارج و الأفضل أن يكون ذلك عن طريقي .. أن يتبضع لكِ رجل رفع كلفة محفوف بالخطر خاصة من الواضح أنه معجب بكِ و أنتِ تعرفين ذلك ؟ "
لتمسح دمعاتها بظاهر كفها كطفلة معنفة و ترد بنشيج بسيط في صوت متألم
" لم أكن أعلم أن الأمر له كل تلك الأبعاد كان مجرد صديق و نعرفه كلنا و لم يلمح لي عن مشاعره تلك من قبل .. لقد لقد أهانني تماماً أمام سمية يا خالد هل تتخيل؟"
ليرد سليم هازئاً منها من جديد
" كل ما يهمكِ هو صورتكِ البراقة أمامها "
" تهمني كرامتي يا سليم .. أما الصورة البراقة فمنذ دلفت بيتنا و هو تراك تمزقها بصراخك المتكرر بوجهي أمام الجميع .. لقد أدركت خطأي يا خالد و رغم عدم إقتناعي التام بوجهة نظرك لكن الفستان الهدية و رسالته أوجدا لي عذراً قوياً لأخبره بردي واضحاً و أحظر حسابه.. أستأذنكم "
دلفت لحجرتها في هدوء يناقض تماماً تلك الزوابع المنطلقة في الأجواء لترتدي من جديد في عزة حلة الكبرياء المفضلة لها حسناً هي تحبه كبرت علي ذلك العشق كان حاميها و هي طفلة تجري له باكية شاكية بدلال إزعاج أحمد لها أثناء لعبهم و كانت تتخيله مراهقة في كل فيلم و أغنية و حتي رواية تشكل ملامح البطل من جديد ليتقمصه هو أدركت للمرة الأولي أنها إمرأة من تلك القشعريرة التي سرت في كيانها و هو يقبل جبهتها في فخر بنتيجتها بالثانوية كانت دغدغة الأنوثة الأولي منه هو وحده رسم خريطة إدراكها لنفسها كإمرأة لكنه بعيد لا يعلم لا يشعر أو حتي لعله يتجاهل يقسو و كأنه يعلم .. تعلم جيداً أن سليم لا يحبها أو لعله أحبها و قرر أن الإبتعاد في حالتهم أنسب أو هي مجرد إبنة العم الصغيرة التي لم يستطع سماع قلبها يوماً .. كانت طيراً جريحاً مدمنة للرقص علي أحزانها ترتدي أجمل ثيابها في ثبات و تتزين مكحلة عيناها كجدودها الفراعنة و ترقص بإنسيابية علي أنغام إنت عمري للست أم كلثوم و سرعان ما تتحول للأغاني الصاخبة تودعها الغصات العنيفة التي تعتمل بذاتها فترقص بعنف حتي تنام بخصر منفعل و جسد مجهد و عقل يحاول الإسترخاء بمنتهي القوة .. لكن ما إن بدأت الأغنية حتي أطفأتها و حملت حقيبتها و مفتاح السيارة و خرجت لتقابلها جدتها مندهشة
" حبيبتي ما بالك ؟ إلي أين ؟ هل أنتِ بخير ؟ "
" بخير حال جدتي سأخرج قليلاً أحتاج الهواء "
" لكن الوقت متأخر و ملابسكِ ... "
لتقاطعها مليكة في حدة بالغة لكن بصوت خفيض هاديء كانت نبرتها حازمة مؤنبة أكثر منها غاضبة
" جدتي لا دخل لأحد بما ترتديه مليكة أبداً حتي لو خرجت بلباس البحر .. لقد مللت كل التعليقات مللت كل شيء لا أريد لأحد أن يلتفت أصلاً لحياتي .. ليتني ذهبت مع أبي و عشت كل حياتي بعيداً عن هذا المنزل بكل ما فيه "
" حسناً حبيبتي لن أغضب منكِ أدرك جيداً أنكِ غاضبة أنا فقط قلقة من خروجكِ وحدكِ متأنقة هكذا بهذه الساعة "
" من جمالية القدر أن لدي سيارة تمنحني حرية التنقل وحدي و أنوي الليلة التمتع بها .. دمتي بخير "
علي الرغم من قناع الكبرياء المتألق و الأحب و الأقرب لقلبها جزء منها خاف أن يلتقيه مصادفة و هي في قمة الإجهاد حتي تنازع من جديد فهي علي حافة كرهه أو الإعتراف بكل تلك السنوات التي قضتها مولعة به و مغمورة بفيضان هواه ..
********
كان صوتها متوتراً مخنوقاً بالبكاء و هي تقص عليه ما حدث في يومها المدرسي كالعادة و قلبه يدمي من ذلك الألم التي تتحدث به
" لم تكن المرة الأولي التي أري بها تلك الكدمات بذراع الولد و عندما واجهت أمه أول مرة كانت مندهشة للغاية و أرجعت الأمر لوقوعه بالحديقة .. لكن صدقني ليست تلك كدمات وقوع الفتي يُعنف بالمنزل لقد كان مرعوباً ما أن تفحصته "
" حسناً يا هديل إهدأي قليلاً .. يمكنك إخبار الإدارة و إستدعاء الأم من جديد .. ما بيدكِ غير ذلك ؟"
" لو حدث للطفل شيء سأكون مسئولة .. الأثر النفسي لذلك العنف فقط أذي كبير .. حبيبي ذلك الطفل جميل كالملاك يؤلمني بشدة أن يتعرض لذلك العنف و الخوف لا أحتمل مجرد التفكير في ذلك .. أرجوك ساعدني خالد "
" لا تخافي يا حبيبتي .. غداً تحدثي مجدداً مع أمه و حاولي التقرب من الولد لتعرفي محيطه يمكن أن يكون ذلك الأذي من أحد الأقارب مثلاً في غفلة من أبويه "
كانت رقيقة لكن ليست هشة يؤلمها كل شيء تقريباً لكنها تعاود التفاؤل و الإيجابية و تؤمن بالأمل في اللحظة نفسها التي تمسح بها دموعها السابقة كانت شعلة من عطاء سخية المشاعر و كريمة كانت مختلفة تماماً عن سارة حتي أنه ليستغرب كيف كانتا صديقتين مقربتان هكذا .. كم تعلق بوجود هديل بحياته و كم يشتاق رغم كل ما مر لسارة ..!!
*********
لم يتمكن من النوم بعد كل ما جعله تعانيه اليوم يعلم جيداً كم هي غالية علي ذاتها معززة دوماً و جميلة يا الله كم هي جميلة حتي دموعها المنتحبة أبية لا تملك أمامها سوي الإعجاب .. كان يتمزق من كل شيء حالياً يغار من تقاربها و تفاهمها مع خالد و حنوه الدائم عليها رغم علمه بأنها لا تمثل له أي شيء سوي أخته المدللة .. و يفقد عقله كلما تشاركت مع أحمد مزحاتهم السمجة تلك أو حديثهم الخافت المتأمر أو خروجهم المتكرر مع أصدقائهم المشتركين حتي أنها سافرت في رحلة مرة بمفردها معهم كل ذلك كان يؤلمه و يقتله غيرة كانت حدة سابقاً ثم تحولت لسنتين لتباعد و لا مبالاة و رغبة دائمة في جرحها و إيلامها علها تحمل بعضاً مما يعتمل في صدره و تحولت من جديد لنار جشعة تنهش دواخله كلها فلا يبقي شيئاً و لا أحداً قادراً علي تهدئة ما يعانيه من الهوي من ذلك الحب الذي يحيا دوماً في أعمق نقطة بقلبه .. حبه لمليكة ...
ظل يتقلب متصفحاً صورها و مزاحها و أرائها كانت صفحتها علي موقع التواصل دوماً مليئة بالكثير بالكثير الذي يتمتع بمعرفته عنها و يؤلمه أن يشاركوه به الآخرون .. يا الله هل يراها أحدهم كما تبدو هي في عيناه ؟ هل يعشقها أحداً ما كما يهيم هو بها ؟ هل يهذي إمرأة مثلها كيف لا يقدم لها الرجل قرابين الحب من اللحظات الأولي ؟ لم يتحمل أكثر لن يتركها تنام و هي تشعر بالغضب منه سيراضيها لو وصل الأمر لأن يعتذر لها أمامهم جميعاً !!
********
تفاجأت بأحدهم يمد يده في إتجاها صارخاً
" أنزلي من السيارة حالاً يا .... "


nada diab غير متواجد حالياً  
قديم 11-07-20, 09:20 PM   #7

nada diab
 
الصورة الرمزية nada diab

? العضوٌ??? » 102646
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 313
?  نُقآطِيْ » nada diab is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ع عبد الجبار مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رواية جميلة جدا وجذابة واسلوبك سلس ورائع ابدعتي برسم الشخصيات مليكة المتمردة وسليم المتسلط والجدة بهيرة الحكيمة المحبة لعائلتها وخالد الطبب واحمد المشاكس لقد اوقعتني بحب شخصيات الرواية وابداع اسلوبك المتميز في السرد اقل مايقال عنه رائع ومشوق جدا بانتظار الفصل القادم على نار🔥🔥🔥 فعليا😉
فلا تطيلي الغياب دمتي بود وخير 🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
حبيبتي عيونك الحلوين ❤ يا رب بقية الأحداث تعجبك ❤


nada diab غير متواجد حالياً  
قديم 12-07-20, 01:10 AM   #8

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

بدايه جميلة واسلوب سرد ممتع اتمني لك التميز جارى القراءة

modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

قديم 13-07-20, 03:20 AM   #9

nada diab
 
الصورة الرمزية nada diab

? العضوٌ??? » 102646
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 313
?  نُقآطِيْ » nada diab is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة modyblue مشاهدة المشاركة
بدايه جميلة واسلوب سرد ممتع اتمني لك التميز جارى القراءة
شكراً يا جميلة .. قراءة ممتعة ❤🙈


nada diab غير متواجد حالياً  
قديم 22-07-20, 01:24 PM   #10

nada diab
 
الصورة الرمزية nada diab

? العضوٌ??? » 102646
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 313
?  نُقآطِيْ » nada diab is on a distinguished road
افتراضي

بين ثنايا القلب حكاية
❤الفصل الخامس❤

تفاجأت بأحدهم يمد يده في إتجاهها صارخاً
" أنزلي من السيارة حالاً يا حقيرة و إياكِ و الصراخ سأشوه وجهكِ الجميل هذا "
لم يستوعب عقلها لأقل من الثانية ذلك الرجل المشرد ذو السكين اللامع بنصل حاد و هو يهددها لتخرج من السيارة لكن فجأة بعدما هددها بالتشويه وجدت نفسها فجأة تغلق زجاج السيارة علي يده المستعدة للهجوم فصرخ في ألم رهيب و هو يقذفها بأقذر الألفاظ و هي تبكي بهستيرية و لا تعلم ماذا يمكنها أن تفعل لو حررته و صراخه المقيت ذاك يكاد أن يصيبها بالجنون ظلت تصرخ في فزع مماثل حتي ظهرت من العدم سيارة شرطة .
*********
" شادية هل تناولتي حبوبكِ ؟"
لترد شادية في نبرة حزينة ساخرة لا تعرف تحديداً ما نوعها لكنها مليئة بالقهر المؤلم المستتر خلف قناعاً مقيتاً من الهدوء الخانع
" نعم تناولتها في موعدها لا تقلق "
ليضمها بحنان محاولاً السيطرة علي سخافة ذلك السؤال المعتاد
" أنا أثق بكِ يا حلوتي لكنه سؤال من باب العادة لا أكثر "
تبريره جعل شعلة غريبة من التمرد تنهش داخلها لترد في حدة غريبة حتي علي مسامعها هي
" كيف تكون العادة بين رجل و زوجته قبيل كل مرة يبثها فيها غرامه أن يسأل عن حبوب منع الحمل ؟ عادة غريبة و مريرة يا عدي "
ليحرقها بنظراته الغاضبة صارخاً في غضب
" تكون العادة بيننا يا شادية لأن هذا إتفاقنا منذ البداية لا أطفال أنا رب أسرة من شاب و فتاتين و لن يكون لي المزيد من الأطفال و خاصة من زوجة أخري .. لقد كان كلامي واضحاً و شرطي نوراً لتلك العلاقة و أنتِ وافقتي و أكدتي علي ذلك فلا مبرر أبداً لغضبكِ ذاك و لا أطيقه صراحة "
" أنت رجل تعرف الله يا عدي .. كيف تحرمني هكذا ؟ أشعر بحاجتي للأمومة أنت منعتني من العمل و أقضي اليوم كله وحيدة بتلك الشقة الواسعة دون ونيس أريد طفلاً واحداً فقط أرجوك و لن أطالبك بأي شيء "
تزايد غضبه مما أخافها كالعادة .. كانت تحب عدي للغاية كان يمثل لها ذلك الأب الذي فقدته دائماً رغم وجوده علي قيد الحياة كان عدي والد سليم زميلها بالجامعة و ذات يوم عرض علي أصدقائه فرصة للتدريب بسلسلة صيدلياتهم و هناك قابلته للمرة الأولي كان حنوناً بشكل لا يصدق مسئولاً عن الجميع متحدثاً لبقاً و وسيماً وقعت أسيرة لشيب شعره بعد إنتهاء التدريب فجأها بعرض زواج واضح للغاية لا أطفال و لا عمل و لها شقة و رصيد بنكي جيد و مصروف شهري لم يكن لديها ما تخاف عليه فوالدها لا يهتم و لو تزوجت الشيطان و أمها أضعف كثيراً من أن ترفض طلباً أو تقاوم رغبة لها و مع ذلك رفضت الإنتقال معها لشقته رفضاً قاطعاً و بالمقابل لم تخبرها شادية عن شرط عدم الإنجاب كانت صفقة تقليدية بين رجل موشك علي الستين و إمرأة جميلة لم تبلغ حتي الثلاثين .. عقداً تخلله الحب و العاطفة الخالصة من جهتها بحثاً عن أمان أب خطفه الزمن منها و عاطفة أخري من جهته لا يمكن فعلياً إدراجها تحت مسمي الحب ..
لم يرد عليها و وجدته يستعد للذهاب فجأة لتنهمر دموعها في غضب شديد منه و من نفسها و من كل تلك العلاقة الآسرة التي لا تملك منها فكاكاً و رغم ألمها المتزايد لا تريد سبيلاً للهروب
" حسناً عدي أرجوك لا تذهب أرجوك لن أتكلم في ذلك الموضوع من جديد .. لك ما تريد لكن لا تتركني أرجوك أسفة "
" سأترككِ لتراجعي نفسك و تفكرين في أسس و شروط تلك العلاقة بعدها يمكننا التفاهم من جديد "
كلما تركها سواء كان غاضباً أو حتي راضياً تنهار تشعر بغيوم من الذل تحيط بها و كأنها دمية للهو لكن بعقد زواج شرعي ...
كان حانقاً للغاية فقد كان زواجه من شادية الفعل الأكثر جموحاً في حياته ينفض به عن نفسه غبار السن و المسؤلية و العائلة و الأطفال تزوجها ليمنح نفسه إكسير الحياة و كأنه شاب صاخب لاهي من جديد .. لكنه لا يطيق الحرام و لم يعد بإمكانه إدراج المزيد تحت ظله لا يريد طفلاً جديداً و هو علي قناعة تامة أنه لم يظلمها فقد تعاهدا منذ البداية علي كل التفاصيل بمنتهي الدقة لكن لا يعرف لما دموعها المتوسلة اليوم قد أصابت قلبه و لو للحظة بالندم !!!
قرر أن يطمئن علي أمه و مليكة عله يغير ذلك المزاج المضطرب قبل أن يصعد لشقته
**********
" لقد تماديت كثيراً يا سليم .. صرخت بوجهي و تتوعد الفتاة مرة أخري و كأنك لم تشاهد نفسك و لا تعي ما فعلت بها .. لقد إكتفيت منك و من أسلوبك ذاك توقف عن معاملتها بتلك الطريقة تحكم بأعصابك قليلاً فجدتك نفسها لم تسلم من صراخك "
لتلين ملامحه القلقة بمسحة من الذنب فهو عاشق لجدته و يعلم جيداً كم تحبه و كم هو مميز عندها لشبهه الواضح بجده و كونه حفيدها الأول من عدي إبنها الأكبر الذي قضي أياماً كثيرة و هو رضيع نائم في حضنها هي ليقبل يدها مراراً في إعتذار ملح
" لقد تسببت الحمقاء تلك في العديد من الكوارث أفظعها أنها دفعتني لتصرفي الغبي ذاك لا عشت و لا كنت لو كررتها يا حبيبتي .. أنا أسف "
" أطال الله عمرك يا حبيب جدتك أنت .. لكن الخطأ ليس منها هي غبية و متهورة و مدللة لكنك غاضب دوماً متحفز للفتك بها في كل لحظة .. أنت تنتقدها بضراوة يومياً في أمور عادية لولا حب تلك الفتاة لك لما كلمتك مجدداً .. أنت مزعج بطريقة لا تتخيلها يا سليم .. عليك مراعاة مشاعرها فمليكة لم تعتد تلك الخشونة المفرطة ستتسبب في نفورها منك مع الوقت "
ليتوقف ذهنه نوعاً ما عند كلمة " حب تلك الفتاة لك " هل يا تري يوماً ما سيكون حب تلك الفتاة لك جارفاً حاراً يشعلها و يسيطر عليها كما هو حبك لها !! هو حطب قابل تماماً للإشتعال و هي شعلة نار متوهجة متألقة جميلة هي جميلة تلك النارية الحمقاء جميلة لدرجة تلقي بكل تعقله جانباً يريدها له وحده يغار حتي من مداعبة النسيم لشعرها لكنه لا يستطيع يوماً أن يعترف فيكون رقماً في لائحة عشاقها يعلم جيداً أن تلك المغرورة لن تنحني سوي لو بادلته عشقاً أضعاف عشقه .. هل يوجد سقف لعشقه لها أصلاً كي تتخطاه هي ؟
" سليم "
لينتبه لجدته بعيداً عن أفكاره تلك متأملاً الساعة في حنق من جديد
" تقولين لي أن أخفف من ضغطي و هي ستصيبني يوماً بذبحة صدرية الساعة تخطت الثانية عشر و مدللتك السخيفة لم تظهر بعد "
قاطعهم صوت الجرس ليفتح سليم الباب بتحفز كامل ليجد والده متعجباً من وجوده كذلك
" لم تنم بعد ؟ لديك إجتماع في الإدارة غداً ! "
" مليكة لم تعد بعد و هاتفها مغلق "
" ماذا ؟ أمي "
" لقد ضغط عليها سليم للغاية و أهانها أمام الجميع حتي أن يداه تركت علامات علي ذراع الفتاة دون مراعاة لوجودي و كانت منهارة و سمحت لها بالتنزه قليلاً في سيارتها .. ستأتي لننتظر قليلاً فقط و بعدها نتصرف .. اللهم إحفظها و إحفظنا يا رب "
بعد ما إستبد بهم القلق جميعاً و تجمع أغلب أفراد الأسرة ليبدأ البحث عنها في مجموعات كانت تفتح باب الشقة و هي تطرقه في نفس ذات الوقت منادية جدتها و هي تبكي في صمت و ملامح الهلع مرتسمة بوضوح علي وجهها لتركض من فورها محتمية كالعادة وراء خالد تحتضنه في خوف فقد سليم كل ذرة سيطرة بداخله و أقسم أن تكون تلك المرة الأخيرة التي يصمت فيها أمام ذلك العرض المخزي .. ألا تفهم تلك الغبية أبداً في الحدود و الحرام ؟ كيف تصلي فروضها بدقة تتنافي مع كل أفعالها الغبية ليركز الجميع جل انتباههم لضابط شاب يبدو وسيماً ذو شعر أسود فاحم و ملامح ذكورية لكن حدتها مقبولة تزينها دوماً إبتسامة صغيرة لكنها باهرة التأثير و كأنه ممثل في فيلم ما لا ضابطاً حقيقاً يتعامل يومياً مع الحثالة من المجرمين و القتلة ..
" أنا النقيب / عمر صالح عذراً علي وجودي في مثل تلك الساعة لكن بالمصادفة كنت الضابط الموجود وقت حادث مليكة و ما أن رأيت الإسم حتي قررت إصطحابها بنفسي فوالدي رحمه الله كان صديقاً مقرباً لعمي عدي و لطالما حمل له كل الود و التقدير فأردت أن أوصلها بنفسي آمنة "
" يا إلهي أنت إبن صالح ! أذكر أنك كنت بالسنة الثانية بالكلية عند وفاة والدك رحمه الله و أدامك يا حبيبي عمله الصالح .. تفضل "
" ما حادث مليكة ذاك فعلي ما يبدو أنها بخير .. هل أصابت أحداً لتنهار هكذا ؟ "
" لقد حاول أحدهم سرقة سيارتها بالقريب من هنا و كانت في منتهي الشجاعة و الذكاء فأغلقت زجاج السيارة علي يديه حتي ظهرنا نحن مصادفة و الحمد لله هي بخير تماماً لم يمسها أبداً لا تقلق "
كان رد سليم بارداً مقتضباً سخيفاً مجرد إيماءة مجاملة مما جعل عدي يزيد في شكر عمر علي موقفه
" شكراً يا بني لا أعرف كيف أوفيك حقك يكفي أنك قد أوصلتها بنفسك إبن أصل كريم و نبتة مشرفة لصالح رحمه الله "
" الشكر لك يا عمي فأبي طوال عمره يذكرك بالخير و لن أنسي وقفتك يوم وفاته و أسف لكوني لم أتواصل معك طوال تلك السنوات فالحياة و طبيعة عملي لم تترك لي الكثير من الفرص لتواصل إجتماعي لكن سيرتك دوماً في ذهني بكل خير "
" أعانك الله يا ولدي "
لتنتهي شهقات مليكة و تبتعد عن خالد في هدوء لتبتسم بمشاغبة كعادتها محاولة السيطرة علي الرجفة بداخلها كلما تذكرت نصل السكين و إبتسامة ذلك المقزز
" عمر هلا تعيد علي مسامعهم قصائدك في مدي شجاعتي و بسالتي و ذكائي و أن أعتي الرجال كانوا ليقعوا في فخه بسهولة علي عكسي "
ليضحك أغلب الموجودين في خفة خاصة عمر لتتواجه عيناه في تحدي صامت مع سليم للحظة فقط قبل أن يحول كلاهما عيناه لتلك الساحرة ذات العيون الشقية
" كنتي شجاعة كهرقل مليكة خارقة للغاية "
" سأعتبرها مدحاً لا سخرية لأنني إستنفذت كل طاقتي اليوم لا قدرة لي علي أي جدال أبداً "
ليعبث خالد مبعثراً شعرها في مداعبة ضاحكة
ليقول خالد بإمتنان حقيقي و شكر من أعماق قلبه
" شكراً لإنقاذها فهذا البيت لا يتحمل جرح إصبع في هذه المدللة "
" توقف خالد لقد كبرت علي ذلك ثم هو ساعدني لكنني من أنقذ نفسي من الأساس "
" ناكرة جميل للغاية و الله لا أنكر شجاعتكِ لكن كنتي علي وشك الإصابة بأزمة قلبية عندما وصلت "
" حسناً لست معتادة علي المجرمين مثلك يحق لي الإنهيار "
ليقلد صوتها مازحاً
" سأعتبره مدحاً لا سخرية لأنني إستنفذت كل طاقتي اليوم "
لتبتسم في خجل واضح لمناغشته الظريفة غافلة عن عيون سليم المتلونة بأعتي أنواع الغضب
ليلتفت عمر لعمها يستأذن في الإنصراف و معتذراً عن تواجده في ساعة متأخرة كهذه لا تصلح أبداً لزيارة لتودعه مليكة عند الباب شاكرة بجدية حسن صنيعه لها و يطمأن عليها الجميع بصدق عدا سمية فلم يكن ما يشغلها حقاً سلامة مليكة بل شيء آخر أكثر عمقاً مما ظنت .. رحل الكل لغرفهم تاركين المنزل لمليكة المستلقية بحضن جدتها و سليم الذي لم يتحرك بعيداً عن الكرسي الذي إتخذه منذ ظهور عمر علي عتبتهم
" لتنامي بحضني الليلة يا حبيبتي فأنا لا أصدق ما حدث حتي الأن أريد أن أطمأن أنكِ بجواري و بخير "
" جدتي أنا بخير صدقيني لا داعي لكل ذلك .. ثم أنكِ لا تحبين أي ضوء بالغرفة و أنا لا أستطيع النوم دون قراءة و أحتاج اليوم تحديداً للكثير من القراءة لأنام دون تفكير بما حدث "
" حسناً يا حلوتي سأذهب للنوم ، و أنت تحديداً إياك و القسوة عليها إياك يا سليم فهي لا تحتمل يكفيها ما فعلته سابقاً "
" حسناً يا جدتي لا تخافي علي مدللتك لن يلتهما الوحش "
لتتركهم الجدة مرسلة نظراتها المهددة لسليم و هي تشير بإصبعها لعينيها في إشارة معناها أنا أراقبك ليندهش كلاهما
" هل أنتِ من علم جدتكِ تلك الحركة ؟"
" أبداً هذا اجتهادها الخاص ، ألذ جدة بالعالم و الله "
لتصمت بعدها مبتسمة في حذر مترقبة لما يريد الحديث بشأنه مطمئنة أنه لن يصرخ بها فسليم لا يستطيع كتم صرخاته و لو كان العالم أجمع ضيفاً ببيتهم
" لما ركضتي لحضن خالد مليكة ؟ "
أجفلها السؤال البسيط كما أدهشه قدرته علي المضي في ذلك الحديث
" كنت خائفة أحتاج دعماً "
" لماذا يكون هو الداعم الوحيد دوماً تركضين له .. هل تحملين مشاعر لخالد ؟"
وقفت مجفلة من الفكرة خالد من يا غبي أنا مولعة بحبك أنت لسنوات أشعر حتي أنني أحببتك منذ وعيت لوجودك و نطقت إسمك للمرة الأولي بحياتي
" كيف تفكر هكذا ، لا طبعاً خالد أخي الكبير أحبه فعلاً لكن كأخ تماماً "
" حسناً لما تركضين لحضنه هو دائماً و ليس لي مثلاً ؟ "
حاول كتم مشاعره ليظهر سؤاله عادياً لا يكشف ما يعتمل بصدره من الألم
" أتريد الحقيقة أم ستغضب ؟ "
" الحقيقة فقط رجاءاً "
لتواجهه بعيون مرتبكة مما يزيد ترقبه لإعترافها ليهمس بداخله أرجوكِ مليكة لا تقتليني لا تحبي خالد أبداً أرجوك لا تكسر قلبي بهما يا الله
" خفت أن تصرخ بي أو تبعدني أو تستجوبني كنت في حاجة للضم فقط و خالد دوماً يحميني و يدعمني "
" و أنا يا مليكة ألا أفعل ؟"
" حسناً كنت تفعل قديماً لكنك تغيرت أصبحت لا تجيد معاملتي أبداً إما جفاءً و إما صراخاً أحياناً أشعر أنك علي وشك ضربي حتي أنني بت أتوتر من وجودك كي لا أخطيء بكلمة فتسمعني تقريعاً طويلاً "
" تتحدثين و كأنكِ فتاة صغيرة مهذبة لا تجادل و لا ترد الكلمة بعشرين مثلها "
" أنا لا أفعل يا سليم أحياناً أرد و أصرخ بالمثل و أحياناً تؤلمني لدرجة العجز ، أنا أحترمك لكنك تصر علي التقليل مني و أنا لست بفتاة تتقبل هذا و لن أكون القيود المبالغ فيها تلك لم تخلق لي "
" ليست قيوداً أنتِ من لا تودين الفهم أبداً أنكِ كبرتي و أصبحتِ سبحان الخالق بهجة للنظر شعلة أنوثة ناعمة تتسلل في إنسايبة و هدوء لتسكن القلوب ، أنتِ صيادة ماهرة للب و قلب و كامل ولاء الجميع ، يدفعني كل ذلك للخوف عليكِ بشدة و مع تمردكِ و طيشكِ و عدم إلتزامكِ بالكثير من التعاليم الشرعية أجد نفسي بمثل ذلك العنف معكِ "
" أنا لا ألتزم بالحجاب لأنني لم أشعر به بعد و ذلك يخصني و لا تملك أن تجبرني عليه "
" لا أقصد الحجاب فقط ، إحتضانكِ لخالد ذاك حراماً و لا يجوز أبداً ، أعلم أنه أخاكِ لا أكذبكِ لكن ذلك خطأ و أنتِ تمررين الكثير من الأمور بنفس المنطق "
" حسناً لن أكررها لكنني كنت خائفة فقط و لم أستطع فعل ذلك مع عمر فهو غريب "
ليحمر وجهه تماماً متذكراً ذلك الدخيل الذي لم يرح قلبه أبداً بل أثار فيه مشاعراً بدائية للغاية كرجل يريد أن يهرب بحبيبته للكهف حامياً إياها من خطر محيط !!
" يا إلهي تعاتبني علي صراخي و هي لا تتفوه أبداً سوي بالحماقات ما هذا الذي لم تستطيعي فعله مع عمر تحديداً ؟ ما هو عمر ذاك أصلاً ليكون طرفاً في حديثنا الخاص ذاك ؟ هل تريدين قتلي أم تريدين دفعي لضربك لهدف ما بداخلك لا أفهمه "
" أتري ؟ هذا ما أتحدث عنه ، هيا إصرخ و هددني و عاقبني و نادي سمية لتشاهد هذه المرة إجذبني من شعري ليصبح المشهد أكثر إثارة للجمهور "
" أنتِ كتلة إستفزاز ، أعان الله زوجكِ مقدماً "
" لا تقلق أنت عليه فسيحسده نصف رجال العالم علي الأقل فهو ظفر بكل الحلا بينما هم لا يرون خارجاً إلا النذر اليسير منه "
" و الله سأقتلكِ يوماً ألا حدود للسانكِ ؟ "
" لا حدود كما لا حدود لغضبك ، عموماً أحتاج للنوم أغلق الباب خلفك "
و ركضت لغرفتها في غرور يليق تماماً بها صنع في الأساس من أجلها ليناديها بأرق نبراته حسناً هذه الإبتسامة المشعة تبرق عيناه في لمعان لطيف محبب و هو علي وشك أن يقول لها شيئاً جميلاً علي الرغم من جمالية تلك الإبتسامة و رقتها لكن تظل مفضلتها إبتسامة الجدال الخرافية الحسن تلك
" مليكة ، أسف ، لا تحزني و أرجوكِ لا تخرجي مجدداً في مثل ذلك الوقت فقد كاد قلبي أن يتوقف قلقاً و الله أنتِ حبيبتي لا أتحمل فقدانكِ "
لتسري دغدغة لذيذة بكامل جسدها لقد قالها ( أنتِ حبيبتي ) لا يعلم ذلك الأحمق أن وجوده في حد ذاته هو قمة هرم السعادة لها
" حسناً سأفعل ، أحلاماً سعيدة "
" أحلامي السعيدة كلها أن تكوني دوماً بخير "
نظرت للخلف مرتابة قليلاً بينما هو يترك الشقة صاعداً لشقتهم هل يعقل أن سليم يتناول مخدراً ما و يهذي ؟ حسناً كان منظره غريباً فور أن لمح عمر لكن ليس لهذه الدرجة لا لا سليم لا يفعلها لتحاول عبثاً القراءة لتشتيت ذهنها لكنها لم تلبث أن نامت من فرط الإرهاق ...
**********
دلف عمر لشقته و ما أن أغلق الباب حتي سمع رنين هاتفه كالعادة
" هل أحضر لك العشاء ، هل تريد شيئاً قبل النوم ، أنت بخير أليس كذلك ؟"
ليتنهد بإبتسامة هادئة كانت دوماً رفيقته كلما رآها أو سمع صوتها تلك الصغيرة كانت الركن البريء الناصع بحياته كانت تنتمي لعائلة جدته لأمه بقرابة بعيدة مات والدها و تزوجت أمها و هي بسن العشر سنوات و في زيارة لجدته للقرية وجدتها تجلس باكية مكدومة الوجه فقد طردها الحقير زوج أمها لأنها سكبت قليلاً من اللبن علي ملابسها و لم تنبس والدتها ببنت شفة دفاعاً عن الصغيرة و عرضت جدته في إنسانية أن تتكفل بالصغيرة في منزلها بالمدينة و تنفق علي تعليمها لتؤنس وحدتها راجية الثواب من الله و في شهور كانت الجدة مغرمة تماماً بالصغيرة ليلحق والده بوالدته في وفاة مفاجئة في السنة الثانية له بكلية الشرطة لينتقل للشقة المقابلة لشقة جدته من يومها حتي الآن أُغرم بالصغيرة من اللحظة الأولي كانت حلوة هادئة بإبتسامة تشع حياء دوماً كانت برائتها تهذب روحه و تسكن أوجاع نفسه من ذلك الكم من المآسي و الجرائم و الظلم و الألم و شتي الكوارث الذي يضطر لمواجهتها يومياً بعمله كانت نوع من التوازن لنفسه برائتها تضيء تلك العتمة التي تسيطر علي ربوع قلبه تدريجياً .. كانت الأخت الصغيرة الذي حرمه مرض والدته من أن تكون في حياته .
" ألم أخبركِ مراراً ألا تسهري لساعة متأخرة لديكِ محاضرات صباحية و لو إحتجت لشيء سأطلبه من أم محمود "
" أنام ساعتين بعد محاضراتي و أخبرتك مراراً أنني لا أستطيع النوم تماماً إلا عندما أطمأن أنك بالبيت سالماً "
" حسناً لدي شعور قوي بأن لديكِ طلب ما و تحاولين إستغلال أنني متعب و سأحاول التخلص من إلحاحكِ بالموافقة "
" هل أنا متوقعة لتلك الدرجة ؟"
لتتسع إبتسامته قليلاً مع نبرتها المترقبة لإجابته
" حسناً ليس للجميع لكنكِ بِسكُويتتي المملحة أعرفكِ كنفسي تماماً ؟ هاتِ ما عندكِ ؟ "
" حسناً لكن لا تغضب أرجوك فأنت متعب بما فيه الكفاية ، كنت أفكر في زيارة أمي لهذا الأسبوع لقد طلبتني مراراً و لا أعرف ما الحل ؟ و هي في النهاية أمي و سأحاسب علي عقوقها ؟"
ليزفر بضيق لا يخفيه كلما جاءت سيرة أمها
" أمكِ عاقة بكِ منذ سنوات و مع ذلك أسمح لكِ بزيارتها في كل عطلاتك الدراسية ، لا أري داعي من الزيارة الآن إقضيها بالمذاكرة أفضل لنا جميعاً "
لتجيبه في حزن لتذكيرها بمدي تقصير أمها معها فهي عملياً تركتها لهم كخادمة لولا حبهم لها لما كانت تربت كواحدة من العائلة ، لم تملك أمامه كالعادة سوي الطاعة بكل طيب خاطر
" كما تريد سأعتذر منها "
ليتنهد في نفس منتظم نادماً علي تذكيرها بقسوة أمها بتلك الطريقة الجافة
" حسناً ربحتي كالعادة يا بسكويتة لدي واجب عزاء لزميل في قرية تبعد حوالي 40 دقيقة عنها سأوصلكِ لعندها تقضين ساعتين مثلاً و أعود لإصطحابكِ .. هل رضيتي ؟"
" أنا دوماً راضية لا أعرف الغضب منك أبداً ، شكراً "
" سأنام كوني جاهزة صباحاً حتي نرجع مبكراً فلدي عمل بعدها ، مساءكِ سكر يا سكرتي "
لتحمر وجنتيها لكلماته اللطيفة و تهمس مساء الخير و تغلق المكالمة لتفترسها الأفكار كالعادة فكم ستظل تستمع بحمايته و وجوده و دلاله و إبتسامته و بهجة كونه هو و ما أجملها من بهجة ! منذ خطت بقدميها ذلك المنزل للمرة الأولي و رأته مرتدياً بذلته العسكرية و يقبل يد جدته لتشرح له عن وجودها و هي تنظر للأرض في خجل لتفهمها لوضعها رغم سنواتها الصغيرة فما كان منه إلا أن خلع قبعته فجأة ليلبسها إياها في مزاح
" ستكونين الشرطي المساعد لي و عروسي الصغيرة من الآن فصاعداً يا بسكويتة ، هل تقبلين أم أبحث عن آخر ؟"
لتبتسم في حياء و يسكن هو قلبها الأبيض الصغير متربع علي عرشه في سيطرة و تمد السنوات جذور عشقه بقلبها حتي بات إقتلاع ذلك العشق يعني نهايتها شريان الحياة لها متصل دوماً بكينونته هو
لكن أين هو من كل ذلك الهوس الذي يسكن أعماقها فهو لا يراها سوي الصغيرة التي ربيت ببيته و علي يديه يحكي لها عن صبايا يعرفنه و آخريات يعرفهن و يفكر في إحداهن و يبتعد عن أخري كانت قصصه كثيرة علي الرغم من إلتزامه إلا أنه كان دائم البحث عن حكاية عمره و لطالما أرادت الصراخ لما لا أكون أنا هي المنشودة يا غبي حسناً ليس غبياً لا تجرؤ حتي بداخلها أن تدعوه بغبي فعمر ملاكها الحارس قبل كل شيء مالك قلبها و حبيبه ..
صباحاً بعد إفطار سريع إنطلقا في الطريق للقرية
" أرجوك يا عمر لا تفسد صباحنا لو حدث أي شيء سأتصل بك فوراً لا تقلق و هو لن يتجرأ علي أذيتي مجدداً لقد فهم درسه جيداً "
" أنا لا أصدق أنني أسمح لكِ أصلاً بزيارة بيت ذلك الحقير مرة بعد مرة "
" ليس بيته وحده يا عمر هو بيت أمي دوماً تتناسي ذلك "
" تناسي تلك الحقيقة أفضل من مواجهتها فهي تستفزني أكثر منه لا تجادله أبداً و تتقبل بصدر رحب كل قذارته "
" حسناً عمر حسناً أرجوك لا تزيد أرجوك لنغير الموضوع من فضلك "
ليبتسم في مداعبة ليمحو عن وجهها الجميل آثار الحزن
" حسناً يا بسكويتة لنتكلم في قصتي المفضلة الفتيات ، لا تنظري لي هكذا أشعر أنني وجدت المنشودة فعلاً "
يا إلهي نصل حاد رفيع يعبث بالنقطة الأدق في أعماق روحها يوشك علي أن يدميها و هي تقاوم عبثاً و تحاول رسم بسمة علي محياها بدلاً من البكاء بألم ..
" مبارك لك من هي هذه المرة ؟ "
" هذه المرة مختلفة تماماً ، إسمها مليكة و هي فعلاً مليكة ، تعرفين سلسلة صيدليات سالم تملكها عائلتها تعرفنا البارحة في حادث اه يا بسكويتة لو رأيتي مدي جمالها أنيقة و شامخة و لديها شجاعة عشر رجال أنقذت نفسها و ما أن شعرت بالآمان حتي إنتصرت برائتها و أنوثتها و بكت كالأطفال و هي تدب قدميها في الأرض و تسب السارق ، مزيج مميز ما بين القوة و شدة اللطف ، و عمها كان صديقاً مقرباً لوالدي رحمه الله فأوصلتها لبيت عائلتها و سلمت عليه "
ابنة عائلة كبيرة تليق به قوية و حلوة و يبدو أنها ذكية كل المقاييس تناسبه تماماً و تعريها هي أمام الحقيقة الوحيدة في عالمها الوردي أنها ليست سوي اليتيمة المرباة بمنزله عوضاً عن منزل زوج أمها الحقير
" في ساعات فقط أوصلتها لمنزل عائلتها و تفكر جدياً أنها المنشودة ، سرعة أدائك أصبحت تبهرني حقاً "
ليحكي لها تفاصيل تلك الليلة بدقة شديدة متغزلاً مرة بحلاوتها و معجباً مرة بشجاعتها و مندهشاً مرة من شدة أناقة فستانها و جرأته في الوقت نفسه ، حسناً كانت زيارة والدتها ثقيلة و ها هي تذهب إليها بقلب متألم أيضاً ألا يكفيها هم التعامل مع زوجها الفظ ذاك ، كانت تريد الصراخ فيه أن يرجع بها للبيت لتسكب الدمع و تشتكي ألم الغيرة كالعادة لجدران غرفتها .
***********
" لماذا لم تخبريني يا أمي أن إبنه يزوركم كنت أتيت في يوم آخر ؟ "
" هل تريدين تقريراً بمن يزورنا حتي تأتي لأمكِ ؟"
" لا يا أمي العفو لكنكِ تعلمين جيداً أنه شخص غير مريح و متجاوز و عمر لو علم بوجوده سيغضب بشدة و أنا لا أحتمل ذلك "
لتمد فمها في حركة إعتراضية سوقية
" و هل عمر هذا سيتحكم فيمن تقابله إبنتي داخل جدران منزلي ؟ يمكنني أن أمنعه من اصطحابكِ لمنزل جدته مجدداً "
" حسناً يا أمي ذلك الخيار غير مطروح أصلاً فحياتي و دراستي كلها هناك لا أعرف بيتاً غيره و أرجوكِ دعينا نجلس في هدوء حتي لا تنقضي الساعتين في الجدال الغير مجدي "
" لديكِ خاطب لهذا ألححت في طلبك و المفاجأة أنه سيقربكِ مني و زوجي راض تمام الرضا عن الزيجة و لن يضايقكِ أبداً فتأتين لي يومياً من جديد "
" ماذا تهذين يا أمي ؟ أي زيجة تلك ؟ و ما دخل زوجكِ بحياتي أصلاً ؟ و من أخبركِ أنني أنوي ترك حياتي و دراستي و العودة للقرية ؟ لأكون بجانبكِ ! أمي لولا عذاب الله لما نظرت لوجهكِ مجدداً لقد تركتيني باكية علي قارعة الطريق بوجه مكدوم و وافقتي علي إرسالي كخادمة تحيا بلقمة الطعام لمنزل جدتي لولا شفقتها و شهامة عمر لكنت العمر كله مجرد خادمة لا طالبة بكلية الهندسة تحيا في رفاهية و بكرامة ، هل تتخيلين أن يهمني رأي زوجكِ السكير ذاك في زواجي ؟ "
" إياكِ أن تذكريه بسوء يا ناكرة الجميل أنا قبلت بعدكِ عني حتي تحظي بكل ذلك الذي ذكرتيه و تخبريني الأن بكل صفاقة أنني تخليت عنكِ ، حسناً سأعيدكِ لمنزلي عل ذلك يوضح لكِ تمسكي بكِ "
" الزيجة من إبنه يا أمي ، أليس كذلك ؟"
لتحيب بصوت تحاول أن تجعله عادياً لكنها كان متوتراً مفتقداً للمصداقية
" نعم ، ما به شاب مثل الورد "
لترتسم ملامح القهر عميقاً في ملامحها الطفولية فلم تكتفي أمها ببيع طفولتها بل و تحاول القضاء علي شبابها أيضاً في زيجة مدبرة كريهة عفنة و فاسدة الرائحة
" يا إلهي لا أصدق ذلك بعد كل تلك السنوات و كل ذلك البعد و كل ما فعله بكِ تريدين ذبحي قرباناً من أجله ، تريدين أن أترك دراستي و جامعتي و حياتي كلها لأتزوج من إبنه الذي لم يكمل تعليمه و الله وحده أعلم من أين يأتي بكل تلك الأموال و هو لا عمل حقيقي له ، تضحين بي بمنتهي الوقاحة لأجل إرضاء ذلك الصعلوك ضارب النساء من جديد "
لتباغتها أمها بصفعة قاسية جاهلة تودعها فيها عجزها عن الرد و جبنها عن المواجهة و لو حتي أمام نفسها أنها فضلت أنوثتها الباهتة عن أمومتها لغنوة .
" ماذا فعلتِ تحديداً يا أمي ؟ سيراها عمر و سيقلب الدنيا و لن تنتهي الليلة علي خير أبداً ، كيف أخفيها يا ربي ؟ هل لديكِ هنا ثلج أو مستحضرات أي شيء يغطي تلك الكارثة سريعاً ، لما تبدين مندهشة هكذا أنا لم أهتم و لو للحظة لصفعكِ إياي فقد ألمتني أضعاف ذلك مرات و مرات ولي زمن وجعي منكِ يا أمي منذ سنوات ، لكنه لا يطيق في خدشاً واحداً و لا أعرف الكذب عليه ، ماذا أفعل تصرفي ؟ "
أحياناً يكون الصمت أدباً أو حرجاً أو حتي عجزاً لكن في حالتهم كان الصمت قهراً فمن فرط القهر الممتزج بكلماتها تجد نفسك عاجزاً أمامه عن أي فعل سوي الصمت !
قامت بتغطية وجهها بطبقات من أدوات تجميل أمها الرخيصة فكانت فجة بشكل لا يصدق علي ملامحها الرقيقة و وجهها الملائكي الذي لم تلمسه الزينة إلا مرتين ! و قامت بتعديل ربطة حجابها محاولة إخفاء إحمرار وجنتها الظاهر بشدة أمام أذنها اليمني ، أما أمها فقد أدركت عمق الكارثة بعد خبرتها مع بطش عمر في غضبه ..
" لن تخبريه أليس كذلك ؟ لا نريد مشاكل يا حلوتي ، أمكِ و غضبت قليلاً و صفعتكِ "
" قبل أن تبحثي عن حقكِ في صفعي فكري في واجباتكِ ناحيتي و لو لمرة يا أمي مرة واحدة اجعليني أولوية "
لتتنهد أمها في ضيق من عتاب غنوة المستمر و تزم شفتيها في سخرية
" تطلقين لسانكِ في جرأة و وقاحة أمام أمكِ و لا نسمع لكِ حرفاً واحداً أمامه ، لا تستطعين حتي زيارتي إلا بسماحه و رضاه و إقتناعه و شروطه ، طالما أنكِ مجرد كتكوت لما تلعبين دور الحدائة طويلة اللسان أمام من ولدتكِ "
لتندفع في صوت جهوري لا يناسب رقتها الدائمة و حيائها و رزانتها أمام الاستفزازات
" هل تقارنين ما فعله و يفعله و سيفعله عمر لي بكِ أنتِ لقد ألقيتِ بي حرفياً تحت قدم عائلته كخادمة لكنه جعلني أميرة أنا حرفياً أميرة بفضل الله ثم فضله هو وحده يا أمي لو قضيت عمري كله أطيعه و أوقره لما كان ذلك يعبر عن ذرة من إمتناني له ، أنا صنيعته يا أمي المهندسة غنوة أحمد ستشكر القدر يوم تخرجها لأنه زرع في طريقها عمر و جدته كوني واثقة من ذلك و لا تجادليني أبداً في تقديري له ، و عموماً كل ما يُهمكِ ألا أخبره حسناً لن أفعل لا تقلقي "
وصل لبابهم خلال دقائق ليطرقه في عنف مقصود فقد كان يحتقرهم بطريقة لا يحاول حتي تهذيبها و لولا حرص الصغيرة علي أن لا تعوق تلك المرأة المسماة والدتها لمنعهم من الإتصال بها حتي للأبد
" أرجوكِ حبيبتي حتي لا يؤذي عمكِ "
" بل من أجل ألا يغضب لشيء تافه كهذا لا من أجل أحد آخر ، وداعاً أمي "
ركبا السيارة و هو يتفحصها بدقة خاصة عندما لمح ذلك القذر إبن زوج والدتها بالمنزل و تبادلا نظرات لم يفهمها
" هل كانت تريدك أن تقضي الليلة معها و إبنه بالمنزل ؟"
" لا لا لقد آتي فقط عندما أبلغتها أنني سأذهب "
" و لما يأتي و أنتِ هناك من الأساس ؟ أنا لا أحب أن أري أي أحد ينتمي لذلك الحقير حولكِ ، مفهوم ؟ "
" حسناً في المرة القادمة سأخبرها "
" لحظة لحظة ، لما تضعين تلك المستحضرات الرخيصة منذ متي تزينين وجهكِ ؟ تبدين غريبة و نوعاً ما مرعبة ، ما هذا ؟ "
" أمي أحبت أن تجربه لي و لم أحب أن أكسر خاطرها "
ليبستم في غيظ فلغة جسدها فاضحة دوماً يعرف توتر فكها و نظراتها التائهة العاجزة عن المواجهة كلما حاولت الكذب
" سنصل أسرع مما تتوقعي و هناك سنعرف فعلياً لما تكذبين و صدقيني لن أكون متهاوناً أبداً في سبب كذبك كوني واثقة "
" أليس لديك عمل؟"
ظل صامتاً المتبقي من الطريق و هي تدعو همساً أن لا تترك صفعة أمها القوية أثراً طويلاً ليظهر فور وصولهم
" حسناً ما الأمر ؟ ما الذي حدث هناك لتكوني بهذا الغباء و تكذبين في وجهي بمنتهي الوقاحة ؟"
" أنا وقحة يا عمر "
" أنتِ كاذبة يا صغيرة و الكذب في حد ذاته وقاحة " ليأمرها في حنق أن تزيل زينة وجهها المقيتة تلك لترتجف و هي تعلم جيداً كيف ستكون موجة غضبه عميقة عاتية تبتلع معها صبره و تفهمه و عقلانيته أحياناً
" من ضربك ؟ أريد إسماً فقط دون حجج و لا أعذار و لا مقدمات ، من منهم فعلها ؟"
من بين شهقات بكائها إختارت البوح فهو الأقل وطأة معه دائماً
" أمي "
" لماذا؟ "
لتبكي فاطرة قلبه كالعادة تحاول ملاحقة الكلمات فشعورها بالخذلان يمزقها ، لما تصر تلك المرأة دوماً علي وضعها بكل ذلك الحرج أمامه ؟ تلك اللحظة فكرت فيه كعمر الرجل الذي تحب ضابط الشرطة الوسيم سليل العائلة العريقة ، كيف لها أن تتناسب مع هذا و هي تقف أمامه ببيته ملجأها الوحيد مضروبة لأنها رفضت زيجة بأمر من الصعلوك ذاك زوج أمها
" سأحكي كل شيء لكن أرجوك يا عمر لا تؤذيها فهي أمي "
" لا يخصك ماذا سأفعل بها أو بغيرها أو بالعالم أجمع ، إهتمي فقط بما سأفعله بكِ أنتِ شخصياً لخداعي طوال الطريق أن شيئاً لم يحدث هناك ، أتظنين أنني غير قادر علي الرجوع هناك و كسر أعناقهم جميعاً "
" أرجوك يا عمر هم لم يتدخلوا من الأساس ، القصة تخص أمي فقط و لا أعتقد أنك ستضرب إمرأة صفعت إبنتها "
ليهدر بها في غضب يرعبها ، فنادراً ما ينظر لها ذلك الوجه دون إبتسامة
" لا تكرري علي مسامعي أم و إبنتها تلك لأنها تستفزني ترقص الشياطين أمامي بتلك اللحظة توقفي عن المهاترات و أجيبيني حالاً ، ماذا حدث تحديداً ؟"
حكت له كل القصة دون أن تغفل تفصيلاً واحداً علي الرغم من خوفها من رد فعله إلا أنها لا تشعر بالأمان و لا بالراحة سوي بصدقها معه و رميها لكل ما يؤرق ذهنها في جعبته هو .
" هل تظنني سأسمح بزواجكِ من ذلك الحيوان ؟ هل جننتم جميعاً ؟ لقد فاتحني صادق زميلي في رغبته للتقدم لكِ و رفضت أجدكِ أغلي من الجميع و تستحقين فرصة كاملة لتنهي دراستكِ و أنا من سيختار الرجل الذي أسلمكِ له ، أنا وحدي لتضع أمكِ و الجميع بما فيهم أنتِ ذلك ببالكم ، إتصلي بها حالاً و إفتحي مكبر الصوت ، لا تنظري لي هكذا لقد كذبتِ من أجلها إتصلي حالاً "
" غنوة ؟ "
" إسمعيني جيداً هذه هي المرة الأخيرة التي تمتد فيها يدكِ عليها و المرة الأولي و الأخيرة التي تفكرين فيها في فرض زيجة أو التدخل حتي في زيجة تخصها و المرة الأخيرة التي ستأتي فيها لبيت زوجك عندما تشتاقين لها إن كنتِ فعلاً تعرفين الشوق لإبنتك ستزورينها هنا ببيتها أمام عيناي ، هل كلامي واضح أم تريدين زيارة مني ترسخ الكلام بذهنكِ و ذهن المحروس زوجك "
لترد أمها في صوت واهن متخاذل
" واضح "
" جيد ذلك أفضل للجميع "
ليتركها صافعاً الباب خلفه في غضب و يذهب لعمله لتحاول بعدها مراراً مرضاته فهو لم يقسو عليها يوماً سوي لأجلها و هي لم تطق يوماً إلا أن تكون بسكويتته غنوة الأيام العذبة ذات النغم المسكن لألم روحه ..
*********
" خيراً يا سليم ما هذه الزهور الجميلة صباحاً ؟ هل أنت في طريقك لمقابلة إحداهن ؟"
" و هل هناك من تستحق الزهور سواكي يا جدتي أنتِ و مليكتنا المدللة ، سيداتي الجميلات "
لتفتح مليكة فمها علي إتساعه في دهشة و تضيق عينيها في ريبة ثم لم تلبث أن همست لجدتها في صوت مسموع
" جدتي هل تلبسه جن ما ؟ أنتِ تؤمنين جداً بتلك الأشياء ؟ هل ترين علامات اللبس ؟"
" حبيبتي أري عليه الكثير من العلامات مراراً فغضبه وحده كفيل بمليء قلبي بالشكوك لكن زهور و لكلتانا صباحاً ، حالة لبس واضحة اللهم إحفظنا "
ليبتسم هو في سماجة ساخراً من مزاحهم السخيف
" حسناً هل إنتهت وصلة الاستظراف تلك ؟ أقصدها هي بالطبع جدتي ؟ أم أذهب بزهوري لمن يقدرهم ؟"
لتنظر كلاً منهما للآخري بإبتسامة شاكرة
" حبيب جدتك الغالي أنت ، الحلو لا يجلب سوي كل حلو يا حبيبي ، زوقك هائل كالعادة "
" شكراً سليم أعجبتني للغاية نوعي المفضل بالمناسبة "
" أعرف ، هل جهزتِ للسفر ؟ "
" نعم بدأت بالإجراءات و سأسافر إن شاء الله بعد آخر امتحان "
ليصدر هاتفها صوتاً معلناً عن وصول رسالة
" أتمني أن يكون صباحكِ أفضل من مساءكِ يا بطلة المدينة الخارقة "
لتبتسم أمام عيون سليم الفضوليتين ثم تسارع لمحوها تحت وطأة نظراته المتفحصة
كانت دوماً شغوفة بالأشخاص تحب الناس و عشرتهم و العبث داخل أدق تفاصيلهم و معرفة قصتهم المكنونة بالعمق الأدق في أرواحهم ..
" صباحي سكر مليء بالورود ، شكراً لإهتمامك روبن "
" ترقيت من رتبتي لمساعد باتمان لم أرتقي حتي لمنصب البطل الأول "
" حسناً يليق بك باتمان طبعاً لكنك ساعدتني بعد مجهودي و شجاعتي و ليس بعدهم فلست سوي روبن أعتذر "
" أنتِ لذيذة "
لتبتسم في خجل أمام عيون سليم الفضولية بمسحة من الغضب ، يهاب كل ما لا يعرفه عنها كل غموض يظهر فجأة أمامه يغذيه بالجنون
" ما سر الإبتسامة ؟ "
" مزاح أصدقاء لا تشغل بالك ، ألن تذهب للعمل اليوم ؟"
" لدي إجتماع لا يمكنني التأجيل ، حمداً لله علي سلامتك ، بالمناسبة ما وضع ذلك الضابط ألا تجدين الأمر مبالغاً فيه أن يوصلكِ بنفسه ؟ "
" أنت لن تتغير أبداً ، أليس كذلك ؟ "
" ليست تلك الإجابة التي أنتظرها "
لتزفر في ضيق
" الرجل أنقذني و أوصلني لبيتنا سالمة بمنتهي الزوق و الشهامة علي الأقل لنشكره "
" حسناً مليكة سأسأل عن رقمه لأشكره بنفسي "
لترد متسرعة في بلاهة
" لدي الرقم هل أبعثه لك ؟ "
لتبتر جملتها من التعبير الشيطاني المرتسم علي ملامحه في تلك اللحظة تحديداً
" سنكمل ذلك الحديث بإستفاضة ليلاً "
و خرج لعمله صافقاً الباب بغضب واضح للأعمي
" حبيبتي هل تضعين كل ذكائكِ في دراستك و تلتزمين في حياتك بقصة الحمار المتهور التي كانت مفضلتكِ في الطفولة "
" كنت غبية للغاية و وقعت في فخه أليس كذلك ؟"
" ألم أخبركِ للتو يا حبيبتي حماراً متهوراً أهوجاً مشعث الشعر ؟ ما هذا المنظر صباحاً ؟"
" ماذا أردت تجعيده كنوع من التغيير فالأملس دوماً موضة الستينات جدتي تطورنا "
" تطور قميء أصبح الشعر الكث موضة تسعون للتغيير بها ، أحياناً لا أفهمكِ ، ما علاقتكِ تحديد بذلك الضابط ؟"
لتزفر في ضيق و توتر تودعه كله في صراخها
" جدتي عرفته صدفة البارحة و قد تتطوع بتسجيل رقمه علي هاتفي ليطمئن علي ، ذلك كل الموضوع لقد كان لطيفاً بحكم معرفته و تقديره لعمي عدي لا شيء يستدعي كل ذلك التوتر من سليم إنه يشعرني بالإرتباك و كأنني مرتكبة لجريمة و أحاول إخفائها ، ثم أن سحري فعلياً رائع لكن ليس من أول مقابلة هكذا "
لتعبس جدتها مجيبة في جدية
" أنا لا أمزح يا مليكة لقد كبرتي علي طريقتكِ تلك و بساطتكِ مع الآخرين أعلم جيداً أنها عفوية لكنها تعطي الأخرين مساحة زائدة عن حجمهم في حياتكِ و رغم غلظة سليم و تشدده لكن أغلب أرائه صحيحة "
لتقفز في غضب عارم
" كالعادة ستذهبين تلقائياً لصفه دون مراعاة لمشاعري أبداً "
*********
بعد تحركهم معاً و وصفها لمعالم الطريق لوجهة لا يعلمها ما إن وصلا حتي أخبرته بحقيقة الوضع تماماً
" ستراقبين منزل الطفل ؟ هل جننتِ ؟ "
لتجيب هي بحماسة متناهية مدافعة عن فكرتها
" هل تريد مني تركه يواجه ذلك العنف وحده ؟ "
" و ما خصكِ ؟ أنتِ حتي غير متأكدة من أنه يتعرض للتعنيف عن عمد من الوارد أن يكون قد وقع "
" وقع ! إنه بالكاد يتحدث مع الآخرين باكي أغلب الوقت و رغم ذلك غضبه عنيف لا يناسب طفلاً طبيعياً في عمره ، لو كان ضميرك يسمح لك بالتغاضي عن كل ذلك فضميري يأبي "
" لماذا تهاجميني لا أفهمكِ حقاً "
" لأنك لا تشعر بكل ذلك الذي يؤلمني لرؤيته يعاني هكذا لن أتخلي عنه أرجوك إدعمني "
ليقضوا ساعات أمام منزل الولد رغم عدم إقتناعه بجدوي ذلك أبداً و إحساسه بأنه يقتحم كمراهق خصوصية الآخرين لكنه لم يملك أمام رجائها و قلقها و خوفها ذاك سوي أن يدعمها ، كانت سلسة إمرأة تشعرك دوماً بالألفة تستطيع أن تحكي معها لساعات عن الخير و الشر و العالم و الزمن و الأكوان و لا تمل و لا تنتهي ، هناك نساء لا تستطيع أن تراها سوي وطن و هديل منهم هديل في طريقها لتصبح وطنه الوحيد ..
" خالد إنظر أعتقد أنها خالته إنظر كيف تجذبه من ذراعه إنظر "
" و من أين تعرفين أنها خالته ؟"
" هويتها مسجلة بالمدرسة لأنها تصطحبه أحياناً ، لكن سيكون من الصعب إن لم يكن مستحيلاً أن تصدقني أمه ، يجب أن أتحدث معه عله يخبرها ، أم أنها لن تصدقه هو الآخر ، ماذا أفعل خالد ساعدني ؟"
كانت علي وشك البكاء توتراً و هلعاً علي ذلك الصغير المعرض لوجع لا يناسب برائته أبداً .
" إهدأي قليلاً ، و حاولي إستمالة الصبي و تأكدي منه و حينها سنتصرف ، لا تقلقي يا حبيبتي سيكون بخير "
لتبرق عيناها للحظة و هو يهمس حبيبتي لتستقر نبرته الحانية في هدوء بداخلها راوية لسنوات و سنوات من الظمأ ، أخيراً قالها حتي لو لم تكن صريحة واضحة في إعتراف مبجل لكن قالها شربة ماء روت عطشها ذاك و هي في وضع الإستعداد لتنهل من أنهار حبه للأبد .
" لنتعشي سوياً ثم سأعيدكِ لمنزلكِ ، حسناً ؟"
" لا أشعر بنفسي قادرة علي تناول أي طعام "
" لأجلي ستفعلين ، الطعام برفقتك لذة لا أملك مقاومة لها "
لتحمحم في خجل مطرقة رأسها متوردة الوجنتين ترافقها ضحكته و صوت حركة السيارة ، و ما إن وصلا لمطعم للوجبات السريعة حتي صرحت بعفوية في سرعة لم تستطع معها ضبط كلماتها
" لم تكن تحب مثل تلك الوجبات أبداً و تحرص علي تناول السمك و المشويات فقط بالخارج أو السوشي فيما ندر "
ليضحك في زهو و روحه تتشبع من كل ذلك الإهتمام الذي تغدقه به أو لنقل كانت دوماً تغدقه به لكنه لم ينتبه فقد كانت سارة هناك واقفة في المنتصف تمنع الرؤية ، هل تحركت سارة يوماً من المنتصف فعلاً ؟!!
" الزمن يغير و كثيراً ، حسناً إختاري لنا ...."
***********
" صباح الخير أم محمود ، هل أساعدكِ بشيء ؟"
" لا يا حبيبتي لقد أنهيت الفطور و تناولته جدتك ، هل توصلين طعاماً لعمر فقد وصل لتوه يريد أن يأكل و ينام لساعتين "
" حسناً سأفعل "
لتطرق باب شقته في هدوء منتظرة السماح لها بالدخول لتفتح بابه بمفتاحها آملة أن تتمكن من وضع الطعام علي طاولته دون النظر لعينيه الغاضبتين فهي لا تتحمل أبداً رؤية أي شيء سوي الحنان بداخلهما .
كان متعباً مازال مبلل الشعر يحاول تجفيفه بمنشفة و ما إن رآها حتي احتدت ملامحه و تلونت بالغضب
" أين أم محمود ؟ أليس ذلك عملها ؟"
" كانت تحضر الإفطار و طلبت مني و ..."
ليبتر كلماتها بقلة زوق
" حسناً إذهبي أحتاج للنوم "
لتواجه عيناه في رجاء
" عمر ، ألن تسامحني ؟ أنا لا أطيق الكذب عليك لا أستطيع أصلاً لكنها أمي ، ماذا كنت سأفعل ؟ و مع ذلك سألتزم بقرارك و لن أزورها ببيته مجدداً "
" سواء سامحتكِ أم لا ، ستلتزمين تماماً بقراري و لا مناقشة حتي في ذلك الموضوع ثانية "
" يا الله كم يمكنك أن تكون متشدداً ، حسناً ليس خياراً مطروحاً أن لا أنفذ قرارك ، لكن أرجوك عمر لا أحتمل مجافاتك لي ، و الله لا طاقة لي علي خصامك أبداً "
ليبتسم في حنان غامر كعادته كلما نظر لها فهذه الجميلة ذات العيون الصغيرة الملونة بهجة حياته الخالصة برائتها و سكينتها ينشرا الهدوء علي صخب حياته منذ كانت تناديه " أبيه عمر " حتي هذه اللحظة
" حسناً يا بسكويتتي المملحة لكن و الله لو تكررت يا غنوة سألقنكِ درساً سيحرمك التفكير مجرد التفكير في الكذب بحياتكِ كلها "
لتجيبه في تحية عسكرية أصبحت تجيدها من فرط التدريب
" عُلم و ينفذ معاليك "
" و إياكِ و وضع تلك المستحضرات أبداً كنتِ مريعة "
لتزم شفتيها في غضب طفولي
" كنت أحاول إخفاء كدمتي فقط ، لا داعي لفظاظتك أعلم أنه لا يليق بي "
ليشرد لبرهة ترافقه إبتسامته الحانية
" حسناً يليق بكِ ذلك الكحل الأسود الفاحم الذي ظللتي به عيناكي يوم عقد قراني و ملمع الشفاه الشفاف اللامع ذاك كنتِ فتنة في حد ذاتك "
لتضرب كلمة عقد قراني علي ذلك الجرح الذي لم يندمل بعد و تلك الجراح العديدة المتوالية علي جدار قلبها كلما إقتربت منه امرأة أو تغزل هو بأخري .
" لقد أجبرتني يومها علي إزالة كل زينتي معنفاً إياي حتي بكيت و قضيت اليوم كله أشعر بالإضطهاد "
ليبتسم في مرح فعلي الرغم من كرهه لذكري ذلك اليوم لكن الجزء الخاص بها في أي يوم من أيام حياته يبقي حلواً
" كنتِ طفلتي الصغيرة المحببة ما إن رأيتكِ هكذا تشعلين النيران في قلب كل من يراكي حتي جننت لم أكن لأسمح لكِ أبداً أن تحضري و أنتِ متعة للعين كلوحة منمقة لفنان محترف "
" حسناً سأعتبره إطراءً ، سأجهز نفسي للجامعة ، شكراً يا عمر "
" علي ماذا ؟ "
لتحمل عيناها فيض من المشاعر أكبر مما تستطيع البوح به
" شكراً لأنك أنت فقط ، أنت حياة "
********
" لا تخافي يا بهيرة الله وحده الحافظ لا أريدكِ أن تضعي تلك الترهات ببالكِ حتي لو مزجت لها أمها سحر العالم الأسود كله لن تغير قيد أنملة في حبي لكِ "
" أشعر بالرعب من كل تلك الكوابيس مذعورة عليك و علي أطفالي ، أرجوك تصرف لا تدعها تؤذينا بلدتك كلها تتحدث عن قدرات حماتك الأولي المبهرة في الأعمال أنا خائفة "
لينفخ بضيق و هو يستغفر الله ليهدأ قليلاً
" كل الأمر من الله يا حبيبتي لن يؤذينا شيء إلا بإذنه ، إستغفري و إدعي بالهداية لكِ و لها و ليحفظ الله أولادنا "
لتنتبه من ذكرياتها علي صوت سلمي لكن عيناها تتجه تلقائياً لسمية تلك الدخلية الحاملة معها ذكريات الماضي الأليم كلها ، فالفتاة رغم محاولاتها مساعدة الجميع و التقرب منهم و تواضعها و خجلها في الطلب لكنها تنفر منها و تكاد تقسم أن نظراتها تحمل خبثاً شيطانياً و إعجاباً ملحوظاً بسليم ، و خاصة بعد عرضها مساعدته في عمله بتفاني مبالغ فيه
" جدتي خالد و أحمد موافقون فلتقنعي أبي رجاءً بعيداً عن علم سليم حتي لا يفسد كل خططي أرجوكِ ، لولا سفركِ مليكة لكنتِ أتيتي معي السفر من دونك غالباً ممل "
لتضحك مليكة في سخرية
" كم أنتِ متملقة مدعية فكل أصحابكِ موجودون بالرحلة تقريباً فلن تفتقديني حقيقة "
" بلي و الله سأفعل "
لتضحك مليكة من جديد
" إدعي الله أن لا يعرف هادم اللذات و مفرق الجماعات مضطهد بنات العم الحسناوات بالموضوع فهو كفيل بسحب كل الموافقات المعطاة لكِ و تسخين الأجواء حتي يعينوا لكِ حارساً علي باب غرفتك "
لتفزع في مرح من فكرة أن يعرف و تقوم بلف يداها حول رأسها في حركة دائرية كأنها تدور حولها بالبخور
" اللهم إحفظنا ، اللهم إحفظنا "
" اللهم إحفظني أنا ، فبإنتظاري استجواب طويل ، هل ستحضرين سمية أم أسجله لكِ أعلم كم تحبين متابعة شجاراتنا "
لتجفل سمية من كلماتها الساخرة اللاذعة تلك لتقرر أن ترد الصاع صاعين فقد ترسخ وجودها هنا و يجب علي مليكة أن تراعي هذا منذ الآن فلو كانت هي مدللة الجميع ستصبح سمية كنة هذا البيت قريباً و لها وضعها لن تترك مكانها مهزوزاً هكذا يمكن لريح بسيطة أن تطيرها بعيداً ..
" و الله لست وحدي المتابعة أعتقد أن الجيران نفسهم يستمتعون بصراخه اليومي عليكِ "
لتزم الجدة شفتيها في غضب واضح فتلك الدخيلة التي تثير مخاوفها بدأت تظهر أنيابها بوضوح حتي علي المدللة فماذا عن باقي العائلة لتتمتم بدعوات الحفظ و البركة لهم جميعاً و تنبري مدافعة عن مفضلتها
" حبيبتي سليم يصرخ بها حباً و إهتماماً و غيرة علي إبنة عمه من فرط جمالها يخاف من كثرة من حولها لكنني أتفهمك و لا ألومك لو لم تجربي ذلك من قبل "
ليظهر إحمرار الغضب واضحاً علي وجه الفتاة العاجزة عن الرد فلا قبل لها بمواجهة غريمة جدتها السابقة فبهيرة خط العائلة الأحمر ستطرد بلا شك لو فكرت في تخطيه
" لا أقصد جدتي لكن الغضب ليس دوماً دليل غيرة بل الأقرب أنه دليل شك لو كان يثق بأخلاقها لما كانت ثورته عارمة هكذا دوماً "
" أيتها الساقطة القذرة ! كيف تجرؤين علي التفوه بذلك في بيتي بيتي أنا ، أنتِ هنا مجرد دخلية متلصصة متنصتة علي الأبواب بوقاحة متملقة لمجرد ألا نلقي بكِ في الشارع الذي إرتميتي أمام بابنا متوسلة ملجأ منه ، الشارع الذي يناسب أمثالكِ يا حثالة "
كان مذهولاً فمليكة عصبية المزاج و لا تسكت عن حقها أبداً و تعمد لجرح من يخدشها ! لكنها ليست بسليطة اللسان و لا تتلفظ بتلك البذاءة أبداً ! حسناً مليكة يبدو أن دربنا معاً طويل للغاية لأنظف لسانكِ هذا أولاً و بعدها ضمة عميقة تلحم صدركِ بين ضلوعي و بعدها ننظف عقلكِ و خزانة ملابسكِ الفاضحة تلك ليصرخ بها و هي توشك علي إستكمال السباب
" مليكة إخرسي ، ما هذه الوقاحة ؟ كيف وصلتي لمثل ذلك التدني ؟ ردي "
لتنظر له و هو يهزها مستفهماً لكن عنف كلماته كان واضحاً فهي كالعادة في نظره المتهمة المخطئة المتهورة ، أحقاً يشك بها كما صرحت تلك المعتوهه
لتتدخل سلمي مدافعة عن إبنة عمها
" لا تخاطبها بتلك الطريقة فسمية إستفزتها و ..."
لتبتر مليكة كلماتها في تحدي سافر راسمة كل ملامح التحفز و التحدي بعيناها
" إنتظري سلمي ، أجل أنا وقحة و أتعمد إهانتها و لا أحب أن أراها ببيتي أنا و جدتي ثانية يمكنك ممارسة دور إبن الخال الشهم ذاك هناك بغرفتها بمنزل عمك أو بمكتبها المتواضع بإدارتك لكن ليس عن طريقي أبداً ، و هي لم تفعل شيء يا سليم أنا مجدداً المخطئة و لا أمل في إصلاحي إبتعد عني بعد أيام تحدد سفري و مسؤليتك تجاهي إنتهت تماماً ، مفهوم "



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 22-07-20 الساعة 05:53 PM
nada diab غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
حكاية عشق غيرة إنتماء عائلة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:06 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.