شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء ) (https://www.rewity.com/forum/f118/)
-   -   رواية (باليرينا الشرق) * مكتملة * (https://www.rewity.com/forum/t471467.html)

وسام الأشقر 26-06-20 05:24 PM

رواية (باليرينا الشرق) * مكتملة *
 
[read] بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
على اعضاء المنتدى الكرام لقد اسعدني في المرة السابقة مشاركتكم بوليدة قلمي الأولى (صماء

لاتعرف الغزل)


كمحاولة أولى في فن الرواية واسعدني تشجيعكم وعبارات الثناء عليها فيشرفني مشاركتم

بروايتي الثانية القريبة إلى قلبي [rainbow]باليرينا الشرق[/rainbow] هتكون ذات طابع اجتماعي

رومانسي بتناقش بعض القضايا المهمة و

هيكون نشرها بالمنتدى بشكل يومي,,,,,,,,,,,,,

واتمنى انها تكون رواية خفيفة على قلوبكم وتستمتعوا بيها

دمتم بخير:eh_s(7):::fly::eh_s(7)::eh_s(7)::eh_s(7): :eh_s(7)::eh_s(7)::eh_s(7)::32-1-rewity::32-1-rewity::32-1-rewity::32-1-rewity:
[/read]

روابط الفصول

الفصل 1، 2 .... بالأسفل
الفصول 3، 4، 5 نفس الصفحة
الفصل السادس
الفصل السابع والثامن نفس الصفحة
الفصول 9، 10، 11 نفس الصفحة
الفصول 12، 13، 14 نفس الصفحة
الفصول 15، 16، 17، 18، 19، 20، نفس الصفحة
الفصول 22، 23، 24 ،25، 26 نفس الصفحة
الفصول 27، 28، 29، 30، 31، 32 نفس الصفحة
الفصول 33، 34، 35 نفس الصفحة
الفصل 36, 37 نفس الصفحة
الفصل38، 39 نفس الصفحة
الفصل 40
الفصل 41، 42 نفس الصفحة
الفصل 43، 44 نفس الصفحة
الفصل 45 الأخير



وسام الأشقر 26-06-20 07:48 PM

https://https://www.rewity.com/forum...ictureid=32474https://www.rewity.com/forum/picture...ictureid=32474

وسام الأشقر 26-06-20 07:54 PM

https://www.rewity.com/forum/picture...ictureid=32479

سيلينان 26-06-20 07:57 PM

تواقيع مذهلة بانتظار الفصول👍👍
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

وسام الأشقر 27-06-20 04:28 PM

رواية باليرينا الشرق(الفصل الأول)
 

الفصل الأول
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,


يقف منتظرا فتح باب المصعد بوجه جليدي يرفع يده اليسرى ينظر الي ساعته التقليدية اكثر من مرةذات السوار المعدني فهذه الساعة اخذها من والده الحاج حافظ الذي ورثها

عن ابيه الجعفري منتظرا هبوط المصعد بضيق ..يرفع عينه أمامه يراجع صورته المنعكسة علي الباب المعدني الفضي ليرفع أنامله فوق لياقة قميصه السماوي يضبط وضعهما ...فينتبه لوصول المصعد وفتح ابوابه ليخطو أولى خطواته داخله ويدور يستعد للضغط على زر الطابق المختار كاد بابه ينغلق لينتبه لصوت طفولي صارخا أفزعه :

-هاي ....please,....

ليجد زوبعة تدخل مسرعة لترتطم به فيتراجع من قوة ارتطامها خطوتان ذاهلًا من اندفاع تلك الزوبعة بدون مقدمات فيسمعها تعتذر وسط لهاثها :
Sorry-


ليرفع حاجبه بضيق ويزفر بقوة تنتبه اليها ،ويقوم بضرب الأزرار بقوة لعله ينتهي من هذا الموقف ..فيسمع صوتها الرنان تأمره:
eleventh floor ,please-


(الدور الحادي عشر)

لينظر لها من ارتفاع بضيق يمرر نظره على تلك المراهقة الذي يبدو. على ملامحها صغر سنها فهو يكاد يجزم انها في عمر السادس عشر ليس اكثر وان كان اقل من ذلك

ليقول بصوت خشن باختصار بفم ملتوي:

-يا محاسن الصدف !!!!!

يرجع خطوتين يستند علي جدار المصعد يمد قدمه أمامه يتلاعب بهاتفه لحين وصول الطابق فينتبه لصوت كيسًا بلاستيكيا فيرفع عينيه ليجدها تحمل كيسا من حلوى القطنية البيضاء والوردية بما يسمى(مارشميلو)وتقضم منه باستمتاع ..اثناء ذلك ترك لنفسه الحرية لتفحصها بدقة فتراجع خطوتين ليسند ظهره فتقع عينه على قدميها الصغيرتين التى تنتعلا حذاء رياضيا ابيض ذات أربطة ممتزجة الألوان بين الأزرق والبرتقالي والأخضر من ماركة عالمية مشهورة فتقع عينه علي

سوار فضي اللون يزين كاحلها يتدلى منه بعض الماسات مرورا بساقيها المكشوفين التي تظهر شدة بياضها المختلط بالحمرة لسروالها الجينز القصير الذي يكاد يغطي ركبتها ...فوقه قميصا قطنيا باللون الزهري مكشوف الذراعين

الي شعرها ذات الخصلات المتموجة كامواج البحر الذهبية ..كبريق الذهب الأصفر ..التى لم تمل من نفضه للخلف بسبب تساقطه فوق وجهها فيمنعها من تناول تلك القطع القطنية البيضاء

..يقطع تأمله الدقيق صوت حشرجة مكتوم خرجت منها ليضيق عينيه باستفهام ..ليجدها تنحني للأمام ممسكة عنقها تسعل بشدة تحاول التقاط انفاسها فيتساءل بغباء :

-في حاجة؟...حاسة بحاجة؟

فتشيح بيدها لا تستطع الإجابة وتمسك بذراعه و يحتقن وجهها بالحمرة وتجحظ اعينها فيتدارك عقله سريعا انها تعاني من نوبة اختناق لانسداد القصبة الهوائية بسبب قطعه من قطع الحلوى ..فتجحظ أعينه رعبا عند هذه النقطة ..فما كان منه الا ان يديرها بسرعة ليواجه ظهرها صدره ويضرب عليه بكف يده بقوة ألمتها في محاولة منه انقاذها ..يزداد رعبا عند ملاحظته تحول لونها الأحمر للون الأرجواني فيحيطها بسرعة البرق بذراعيه من الخلف ليلتصق ظهرها بصدره ويمسك قبضتيه معا ليضغط فوق صدرها لعلها تبصق ما ابتلعته ...مرة ...اثنان ..ثلاثة وعند استعداده للرابعة وجد ما يندفع خروجا من فمها يسقط أرضا مع سعالها المستمر وانحنائها تستند بكفيها فوق ركبتيها ...وعندما شعرت بانتظام لنفسها نظرت له بعين دامعة نتيجة نوبة الاختناق :

-....شكرا......

ماكان منه الا ان رفع حاجبه بتعجب لقد ظن انها اجنبية الجنسية فيجيبها بثبات

-لا شكر على واجب...بس خلي بالك المرة الجاية محدش هيلحقك...

تهتز رأسها بتفهم وتحاول فتح سحاب حقيبه الظهر ذات الطابع الطفولي المليئة بالزهور مختلفة الألوان تخرج منها محارم ورقية تنظف فاهها ويديها ولكنه تجاهلها بالنظر لهاتفه مرة أخرى ليجد شئ يمتد أمامه يمنع متابعته لهاتفه وتقول ببراءة:

-اتفضل ...دي حاجة بسيطة عشان ساعدتني....

فيدقق النظر في لوح الشيكولاته الأنيق ويمد يده يقلبه بفضول يمينًا ويسارًا يقول بإنبهار مزيف:

-لوح من الشيكولاته.المستوردة...سويس رية ممتاز.....بس ..اسف مش هقدر اقبل هديتك..أنا مش بحبها.. زي .الاطفال ...

يحمر وجهها غضبا من تلميحه بطفولتها وصغر سنها لتجيبه بحدة:
-l amn't child


عموما....مادام مش عايز ..براحتك أكلها أنا.........

فتقوم بجذبه من كفه بعنف وتضعه بحقيبتها وتغلق سحابها بضيق طفولي وتستدير تواليه ظهرها ليراقب اهتزاز ساقيها كأنها تقف على جمر من النار

وعند لحظة فتح الباب وكاد ان يخرج وجدها اندفعت ترتطم به و تدهس قدمه بعنف عن قصدٍ ليقف فارغ الفاه من تصرفها واتساخ حذائه فتقابله نظرة عينيها الفيروزية بتحدي تقول بصمت

-"ها ...قد نلت منك "...

لم يدرك وقتها بانها نالت منه بالفعل ....

فيغلق الباب وتختفي خلفه وسط ذهوله وغضبه
.............


يعود إلى واقعه عند سماع طرقات الباب الخافتة فيعتدل في جلسته ويضبط عبائته الذي يلتحف بها فوق ملابسه الكلاسيكية التى تلائم مكانته الجديدة بالنجع لقد اصبح كبير عائلة الجعافرة بطريقة عرفية بعد مرض والده نتيجة تقدم السن وطول فترة مرضه

ليقول أمرًا من بالخارج:

-ادخل

تدخل بخطوات متمهلة باضطراب من هالته الذي يحيط.حاله بها التي عاهدتها به مؤخرا فهو على غير ذلك فيما مضى تتعثر في عبائتها الحريرية السوداء التي تغطي جسدها بالكامل لتقف منحنية الرأس بغطاء رأسها ووجهها الذي يخفي وجهها بإحكام ليصعب علي الغير حتى تحديد لون اعينها من خلفه فقد كانت حريصة كل الحرص على اخفاء جسدها ووجهها مثلما امرها الحاج حافظ منذ أعوام...منذ ان وطأت قدمها هذا البيت.. كانت على بعد منه ...يفصل بينهما عدة خطوات فهي لا تستطع النظر بعينيه مثلما كان ...لتنفض الأفكار من رأسها وتسمعه يقول آمرًا بخشونة يلعن تلك الواقفة أمامه ..كيف هي تتقن التمثيل بهذا القدر :

-انتي عارفة أنا طلبتك ليه ؟!..اكيد الحاج بلغك بالعرض السخي .......

تقف كأنها على جمرة من النار تحرك رجلها باستمرار لا تستطع وصف شعورها من عرض الحاج حافظ ..ارادت سد دين برقبتها له ..في بداية الأمر صدمها طلبه الذي كان اشبه بالرجاء ...فهو الوحيد الذي يعرف حقيقتها في هذا البيت وما تعانيه ...لقد كانت بين شعورين متناقضين من الفرحة والبؤس علي حالها التى آلت اليه منذ عدة سنين ..لينتهي بها الوضع خادمة حبيسة ببيت كبير الجعافرة ..مع انه لم يعاملها كخادمة مطلقا ودائما معارضًا لخدمتها بالبيت ...هل هي لعنة اصابتها منذ ان خطت قدماها هذه البلدة ام هو قدر مكتوب عليها ان تعيش مراره قبل ان تمتص حلاوته؟ ..لتقول بخجل :

-ايوه اتكلم معايا بخصوص ...بخصوص الجواز ....

تظهر ابتسامة سخرية واضحة فوق وجهه لم ترها ولكنها استطاعت سماع صوت حشرجة صدرت من حنجرته استهزاء ليقول بصرامة:

-انتي عارفة كويس الجواز ده هدفه ايه !؟..يمكن الحاج مابلغكيش بس احب أنا أوضح بعض الأمور اللي غايبة عنك ..أنا وافقت علي جوازي ومنك لسبب واحد وهو ارضاء للحاج مش اكتر بعد كده هخصص ليكي مبلغ كويس عمرك ماكنتي تحلمي بيه ...تبدأي به حياتك في اي مكان ...الا هنا ......

يؤلمهما قلبها من حديثه ..كيف يكون بمثل هذه الأخلاق ولكنها متأكدة انها ستكون سعيدة إذا لبت له طلبه بالبعد ...فتقول بخجل:

-موافقة ...

-مش مصدق !!!

ترفع عينيها تواجهه ثم تعود لخفضهما سريعًا :

-ايه اللي مش مصدقه ....انت عرضت عرضك وعجبني وكل واحد فينا له ..أهدافه من ورا الجوازه دي ..فين المشكلة؟...

ازداد قبضته فوق ذراع كرسيه ليقول في نفسه(وقحة وبلا اخلاق)ماكان منه ان يطلب الزواج بها الا لغرض إبعاد شباكها عن ابيه كبير الجعافرة .....

ليسمعها تقول :

-بس في طلب لازم تسمعه مني قبل الجواز

ليرجع إلى ظهره ويرفع أنامله فوق شفاه يتفحصها ..اول مرة يكتشف ضآلة جسدها وقصر قامتها ليقول بجدية واضحة:

-بتتشرطي كمان !!!....ابعدي فكرة ان اعمل فرح والكلام الفارغ ده ....انا......

تقطع استرساله بعبارته الصادمة:

-مش هتشوف وشي .....

يضيق عينيه لايعلم هل هو إقرارا منها ام طلبا ..فيؤكد سؤالها حديثها:

-مش عايزاك تكشف وشي ..على ما اعتقد كل واحد ليه هدفه ..وهدفك بعيد عن انك تعتبرني زوجه حقيقية ليك ..اعتقد وشي مش هيعطل اهدافك...

لتسمع صوت ضحكة ساخرة خرجت من فاه فيقول متسائلا:

-اكيد انتي مخبية حاجة ورا نقابك ده اصل اللي يلبس نقاب ياما جميل اوي يا ........ على كل حال موافق على طلبك ..زي من ما قولتي وشك مش هيعطل اهدافنا ....ليكمل

انتي من وقت مارجعت ولقيتك بالبيت هنا ما أعرفش ليكي نسب ولا أهل زي مايكون السما انشقت وحدفتك علينا.....



تبتلع غصة مؤلمة في حنجرتها ليتها تستطيع البوح ..ليتها تهرب من قدرها وتكتشف في يوم انها كانت تحارب كابوسًا لتعود مرة اخري لحياتها ولكن هذا من المستحيلات السبع...

يجدها شاردة كأنها تقلب افكارها فيقول بصرامة:

-سرحتي في ايه ؟..ايه رجعتي في كلامك؟....

_لا مافيش......ما رجعتش ولا حاجة...

فيأمرها بجفاء للانصراف علي ان تعد حالها لعقد القران لتنسحب أمام نظراته الخارقة لها .تحتمي بغرفتها الصغيرة التي خصص لها منذ حضورها لهذا البيت حجرة صغيرة بها فراشًا صغيرًا وخزانة صغيرة تحتوي علي عبائتين حريريتين سوداء اللون مع بعض الملابس الخاصة بالنوم كثيرة الألوان الزاهية ذو أكمام ...تدخل حجرتها لتحكم إغلاقها خلفها وتستند بظهرها تلتقط انفاسها المتسارعة لعلها تسيطر على ضربات قلبها المتزايدة ..ترفع غطاء وجهها ليظهر وجه ابيض كبياض الثلج متشبع بالحمرة يظهر عليه الإرهاق والضعف وعيون سوداء ....لا تصدق انها ستكون زوجته مثلما حلمت منذ سنين ...ولكن ماذا عن زوجته غادة ؟!..هل تعلم بذلك ؟!...ام سيتم الأمر دون علمها ؟!.....
...............


يطرق باب الحجرة منتظرا سماح والده له بالدخول ...ويدخل بعد سماعه صوته ليجده مستلقي بالفراش بيده التى يظهر عليها العجز سبحة بنية اللون مطعمة بالفضة ليواجه هذا الوجه الصافي المملوء بالتجاعيد يقول بأدب معتاد

-السلام عليكم ياحاج ...اخبار صحتك ايه انهاردة

يهز حافظ رأسه براحة وهو مغمض العينين ومستمر في تحريك حبات سبحته :

_الحمد لله ياولدي ...في نعمة والحمد لله

فيجلي مالك صوته يقول :

-أنا نفذت اللي طلبته مني ..واخذت موافقتها بنفسي ..بس في شئ لازم تعرفه هو طلب خاص من ابنك الوحيد

ينتبه حافظ لنبرة صوت ولده فيحثه علي الحديث بعينيه فيكمل مالك بإصرار:

_غادة ماتعرفش بموضوع جوازي من خديجة ...أنا مش حابب اجرح مشاعرها ...هي في الأول والآخر مراتي ..الموضوع ده هيفضل سر بين أفراد البيت ده

يهز حافظ رأسه بعدم رضا ليقول بإرهاق:

-وإما خديجة تحمل وتولد هتقولها ايه ساعتها ...لا يابني مرآتك لازم تعرف ...ده حقك وحق البنت اللي هتجوزها ...

وكمان هبقى بظلم البنت لما اخفى جوازك منها ..لانها ليها حقوق عندك زيها زي غادة ...

يصمت مالك يفكر في حديثه كيف يواجه والده بنواياه اتجاه خديجة ..نعم قرر الزواج منها ؟..ولكن ابيه لا يعلم بما طلبه منها ...بأنه سيطلقها بعد مدة محددة لقد قرر ذلك ....

يقطع صمته صوت والده المتسائل:

-ساكت ليه يابني ؟....

_ها ...لا أبدا بس سيبني يا حاج امهد الموضوع لغادة واوعدك اعرفها ....في الوقت المناسب.......

يبتسم والده بغير رضى ويسأل عنها :

-هي لسه مش عاجبها تيجي تعيش معاك هنا ؟!...أنا مش فاهم ازاي سايب مرآتك تسافر هنا وهناك من غيرك

-ياوالدي هي مش بتسافر تتفسح ده شغلها اللي حلمت طول حياتها بيه ومش هينفع امنعها منه ....

يشيح حافظ بيده معترضًا علي تفكير ابنه

-ماانت تخليت عن حلمك ؟!...اشمعنى !!!..

-أنا ماتخليتش عن حلمي أنا مقدم اجازة مفتوحة أما حسيت انك محتاجلي ..أنا معنديش اعز منك ياحاج

-معناه ايه الكلام ده ؟...انت ناوي تسافر تاني وتسيبني يا مالك ...كفاية بعد يابني ....

يقترب مالك من والده ليجلس بجواره يربت علي يده بحنان :

-أنا معاك دايما ومش هسيبك ...أنا ماليش غيرك

-ربنا يحفظك يابني ويكتبلك الخير في جوازتك الجديدة....

يضيق مالك من اصراره الغريب بزواجه من تلك النكرة ليسأله لعله يصل لإجابة ترضيه:

-قولي ياحاج ...انت ليه مصمم على جوازي من خديجة بالذات ....لو عايزني اتجوز ...البنات كتير عندنا واصل ونسب وكلهم يتمنوا ان كبير الجعافرة ياخد من بناتهم ويناسبهم ..إسمح لي يعني احنا مانعرفش اصلها وفصلها ...

فتزداد ابتسامة والده التى شقت فاه ويربت علي كتف مالك بحنان يجيبه:

-لعل الخير يكمن في الشر يا ابني ...اتكل علي الله ماتترددش ......

يستقيم مالك بضيق حاول السيطرة عليه أمام والده يقول:

-ربنا يكتب اللي فيه الخير يا حاج ...ريح انت وأنا هروح امر علي الأرض ...نشوفهم وصلوا لفين في جمع المحصول ....

وعند خروجه توقف علي طلب ابيه الغريب :

-ابعت لي خديجة ...تقعد معايا شوية ....

يعقد حاجبه بضيق من تعلق والده الغريب بهذه الفتاة ليقول بضيق واضح:

-عايزها ليه ياحاج ؟!..قولي عايز ايه وأنا اعمله

_اعمل اللي طلبته منك يامالك ...ابوك الحاج حافظ ماعجزش ولا خرف لسه ...مالكش دعوة عايزها ليه .....



ليزفر مالك بقوة ويخرج من الباب بضيق ...لما والده متعلق بتلك الفتاة ...في بداية الأمر عند رجوعه من السفر تفاجأ بوجودها بالبيت ...ليجد اهتمامها بالحاج اكثر من اللازم لتأتي الأفكار وتذهب بانها تنسج شباكها حول هذا الرجل الكهل ..ليصدم عند طلب ابيه منه بان يتزوجها ..وعندما عارضه بشدة رافضا الزواج للمرة الثانية وإذا فكر بالزواج لن يتزوج خادمة لدي الحاج حافظ فهي غير مناسبة له اجتماعيًا وثقافيًا ليست مناسبة للطيار (مالك حافظ الجعفري) ...ليجد رد والده علي رفضه بانه إذا عصى أمره سيعقد عليها هو ...فيجد نفسه بين اختيارين اسهلهما مر ......واصعبهما علقم......
..........


جلس الحاج حافظ ينتظر وصولها ..كعادته معاها منذ ان وطأت قدماها بلدته ...تلك الفراشة التي حلت على بيته منذ خمس سنوات يرعاها تحت سقف بيته ..لايعلم نهاية ما قرره ولكنه يدعو الله ان يسدد خطاه ..استرجعت ذاكرته يوم مر عليه (عندما كان ذاهبا لصلاة الفجر بصحبة فزاع عامل الإسطبل وكاتم أسراره ويده اليمني وأثناء سيرهما بين الزراعات قال:

-قولي ياواد يافزاع الفرسة اللي اشتريتها من أسبوع أخبارها ايه معاك "قالها الحاج حافظ بثبات ووقار معتاد عليه ان يحاول ازالة الحواجز بينه وبين من يعمل لديه

ليجيبه فزاع بضيق واضح من معاناته مع هذه الفرسة

-الفرسة دي صعبة اوي ياحاج ماشوفتش ولا هشوف زيها أبدا ..جامحة ومحدش عارف يسيطر عليها ولا يروضها ...دي حتى وقعتني ورفضت ان أركبها ......

يهز رأسه بوقار اثناء سيره يقول برزانه:

-مش كل الفرس ياولدي تقدر تسيطر عليه في فرس ممكن تسيطر عليه بالقوة وفرس باللين ....زي الحريم عندنا ..

يتلفت "فزاع" حوله اثناء سيره يقول بعدم انتباه:

_عند حق ياحاج الستات دول بيرهم غويط بس كله بالشدة يهون

يفشل الحاج في إفهامه مايقصده ليقول مستنكرا:

-مافيش فايدة فيك هتفضل طول عمرك بقرة .....

فيلاحظ الحاج حافظ تباطؤ خطوات "فزاع "وتلفته ليعقد حاجبه :

-ماتهم ياولدي خلينا نلحق صلاة الفجر مالك بتتلكع ليه ؟

يحك فزاع رأسه يقول بخوف:

-احنا من ساعة ماعدينا علي الزراعة وسامع صوت ياحاج .....لا تكون النداهة ياحاج!!..بسم الله الحفيظ

ليضربه خلف رأسه معاقبا وموبخا إياه يقول بجدية

-نداهة ايه يابقرة ؟!....ياريتها امك بركت عليك لما ولدتك

ليقول فزاع برعب عند سماعه الصوت مرة أخرى :

-اهو ياحاج سامع ...الصوت اهو أنا مش بخرف ..

فينتبه حافظ للصوت الذي بدأ يخترق سمعه بوضوح مع سكون الليل الا من صوت صرير صراصير الليل :

-ايوه فعلا في صوت ياواد يافزاع ..لا يكون في حد متصاب هنا...

يرتعب فزاع من هذه الفكرة ويحاول إقناع الحاج بالابتعاد والعودة حتى لا يتورط مع احد العائلات بالبلدة يكفيه النزاعات والخلافات التي تحدث في الفترة الأخيرة ليترجاه بالابتعاد:

-ملناش دعوة ياحاج ...خلينا نروح نلحق الفجر ...

فيوبخه حافظ بقوة ويتقدمه بصرامة بجلبابه وعبائته التى تطير خلفه بسبب سرعة خطواته اتجاه الزراعات فيضطر فزاع الخضوع لرغبته متضررا ليهرول خلف وسط الزراعات ينغرس قدمه في الأرض الرطبة ...

فيلاحظا شئ ساقط أرضا لايظهر ملامحه وسط الظلام وكلما اقتربا ازداد اقتراب صوت الأنين. بوضوح ....ليثبت الحاج حافظ مكانه بصدمة لتلك الشئ الملقى ارضا بصدمة)

نهاية الفصل الأول



Mini-2012 27-06-20 10:30 PM

🌺❤🌺❤🌺🌺❤🌺❤🌺🌺❤🌺❤🌺🌺❤🌺❤🌺❤🌺❤🌺
🌺❤🌺❤🌺🌺❤🌺❤🌺🌺❤🌺❤🌺🌺❤🌺❤🌺❤🌺❤🌺

وسام الأشقر 28-06-20 05:08 PM

الفصل الثاني
 

الفصل الثاني
’’’’’’’’’’’’’’’’� �’’’’’’’’’’’

(((((فيلاحظا شئ ساقط أرضا لايظهر ملامحه وسط الظلام وكلما اقتربا ازداد اقتراب صوت الأنين. بوضوح ....ليثبت الحاج حافظ مكانه ذاهلًا ناظرًا لتلك الشئ الملقى بصدمة
أرضا يظهر على وجهها وجسدها الكثير من الاصابات والحروق فيردد بصدمة :
-لا حول ولا قوة الا بالله ..لاحول ولا قوة الا بالله
يخلع عباءته بسرعة وينحني بجوارها يغطي جسدها المنتفض من برودة هذا الوقت ..حيث سيبدأ الصباح في البزوغ ..يلتفت لفزاع الذاهل يوبخه:
-قرب يافزاع بسرعة شيلها معايا ياولدي على المستوصف
يعترض فزاع قائلا:
-ياحاج لو شلتها ..عقبال ما نوصل هيكون الفلاحين كلهم طلعوا علي أراضيهم واحنا مش عارفين قصتها ايه ؟...أنا هجري رهوان اجيب العربية علي الطريق قبل ما أهل البلد يصحوا وننقلها فيها...
فيوافق حافظ على اقتراحه فهو يجهل متسبب وجودها وسط الزراعات بهذا الشكل فيأمره ان يسرع:
-بسرعة يافزاع ..بسرعة ياولدي ...
فيراقب جري فزاع حتى اختفى تحت ناظره فيلتفت له يدقق النظر بملامحها يحدث نفسه:
-يا ترى ايه حكايتك يابنتي ...؟!.....شكلك غريبة مش من أهل البلد دي......))))))
................
طرقت الباب بعد علمها بانصراف مالك وطلب الحاج في رؤيتها وتدخل برأس منحية بعد ان أذن لها بالدخول وتخطر خطواتها الرقيقة لتواجه ابتسامته الحنونة تقول برقة معتادة:
-حضرتك طلبتني ياحاج ؟!!!...
-ايوه يابنتي ..طلبتك ...أما لقيتك مطنشاني انهاردة وماطلعتيش من نفسك ...بعت مالك يطلعك ....
يلاحظ توترها وصمتها عند ذكر اسم ابنه دائما ....فهو يعلم جفاء ابنه معها وعدم تقبله لها فمنذ عودته من الخارج ومعرفته بوجودها لم ينفك من إطلاق الأسئلة عنها وليته يحصل على اجابة تريحه من قلقه ...يشعر بما يجيش به قلبها الصغير ..يشعر بحزنها ومشاعرها ولكن مابيده حيلة ليته يستطع العودة بالزمن للوراء وينتشلها من ضياعها ..ضياعها في مجتمع ليس مجتمعها وعادات ليست عادتها وحياة ليست حياتها.....يحاول غرسها في تربة ليست تربتها فهل مع محاولته بغرسها لتكون واحدة منهم ..هل ستثمر نبتة يرضى عنها؟ ...ام ستثمر نبتة شاذة عنهم ؟؟؟....
أما عنها فتراقب عينيه التي يحيطها خطوط التجاعيد وشعره الأبيض يذكرها كثير بوالدها رحمة الله عليه مع اختلاف الطبقات بينهما تخفض عينيها اللتان يظهران من خلف غطاء وجهها ..نقابها الأسود التي تحتمي خلفه ..تخفضهما علي يديه التي تتلاعب بهدوء بحباتها البنية لتسمعه يقول بمداعبة لها:
-هتفضلي مخبية وشك اللي زي البدر في تمامه عني ...أنا عايز يومي يكمل بشوفته .....
تخجل من مداعبته لها فهو دائما حنون معاها رقيق المشاعر رغم صلابته وصرامته التي شاهدتها بضعة مرات مع احد العمال بالمحلج عندما شاهده يدخن السجائر بالمخزن المملوء بالقطن فتقوم الدنيا بعدها ويقوم بالتهجم عليه وضربه بقسوة ...كانت هذه اول مرة تشهد فيه صرامته ولكن داخل هذه القشرة الصلبة قلب رخو ..لين ....
فترفع أصابعها لتمسك بطرف نقابها الأسود وتزيحه عن وجهها ليظهر من خلفه وجه صغير كوجه الأطفال وبشرة بيضاء كالحليب متشربة بالحمرة التي تظهر عند إحساسها بالحرارة العالية التي لاتعتادها او عند شعورها بالخجل الزائد ....أما عن عيناها واهدابها الشقراء حكاية أخرى ..لقد حكم عليها الحاج حافظ بتغطية وجهها المختلف عن أهل البلدة خوفا عليها من كل مطمع خبيث وأيضا لحمايتها من سبب اخر تعلمه جيدًا .......
يقول حافظ براحة في صوته:
-بسم الله ماشاء الله ..ايوه كده أنا انام وانا شايف اخر وش وش الملائكة ده ...ها الفراشة بتاعتنا ايه طلبتها ...اللي هتطلبه ينفذ في الحال....
تبتلع ريقها وتخرج صوتها مهزوزًا:
-ربنا يخليك ليا ياحاج ...ماليش طلبات ..كفاية انك حميني بقالك سنين جوه بيتك لولاك كان زماني م.........
-اسكتي يابنتي الله يرضى عليكي ...ليه مش عاوزة تنسي وتعيشي ...ده نصيب ان الاقيكي واحميكي في بيتي ..عشان تشوفي مالك ويبقى جوزك.....
ترفع اناملها البيضاء تحك جبيناها المتعرق :
الموضوع ده بالذات موترني ..ليه مش قابل ان ارجع ...أنا كان لازم ارفض الجواز منه ...أنا كده هبوظ له حياته اللي...اللي .....
تنحبس الكلمات في حنجرتها بسبب بكائها فيهدئها بعبارته الوقورة :
-كل شئ نصيب يابنتي ..وماتفقديش الأمل ...قومي قومي هاتي المصحف انتي عايزة تضحكي عليا وتنسيني التسميع اللي عليكي قومي هاتي المصحف ..
فتبتسم وسط دموعها ووجهها الأحمر وتتحرك من فوق فراشه بخفه معتاده لتتجه لمكان تحفظه جيدا تحمل من فوقه كتاب الله وتتجه لتجلس أمامه فوق الفراش وتقول بخوف:
-اتفضل حضرتك المصحف..
فيفهم من نظراتها الهاربة انها تحاول اختلاق اعذارفيقول:
-شكلك كده ماحفظتيش اللي طلبته منك ..اللي شاغل عقلك ياست خديجة ..
فتخجل من تلميحه لها فتجيبه علي سؤاله مدافعة عن حالها:
-ابدا والله اصل انشغلت مع "ام سعد " في الخبز كانت بتحاول للمرة العشرين تعلمني ...ورسبت كالعادة...
فتصدح ضحته بقوة اسمعت من بالخارج يقول لها بمشاكسة:
-مافيش فايدة في شقاوتك ...ههههه..أنا قولتلك ان الايدين الناعمين دول ملهمش بشغل الغفر بتوعنا هنا ..وانتي مصممة تساعديها ههههه...
تزم شفاها بطفولة وتكتف ذراعيها أمام صدرها :
-كده ياحاج ...طيب مخصماك ...ومش هجبلك طبق الرز بلبن اللي بالقشطة اللي جهزتهولك ......
كاد ان يجيبها وسط ضحكه العالي ليتفاجأ بفتح الباب بقوة دون طرق عليه فترتعب وتسرع في اخفاء وجهها بنقابها لتواجهها نظراته الكارهة لها.....فيتعجب من جلوسها بأريحية بجوار والده وكشف وجهها الذي لم يهمه ان يتأمله بسبب كرهه لها وضيقه منها فيقول من بحدة لها:
-انتي ايه اللي مقعدك لحد دلوقت هنا اتفضلي روحي شوفي شغلك تحت ..سايبة ام سعد لوحدها وقعدة تتمسخري هنا....
يصمت الحاج حافظ ويفضل الا يتحدث بحضورها ليطلب منها بهدوء مداعبًا إياها :
-انتي مش وعدتيني بطبق رز بلبن من أيدك ...أنا مستني ومش هاكله الا لما تطلعيه بنفسك....
شعرت بانها ستنهار ببكاء من حدته معها ولكن ما جعلها تمالك حالها انها ارادت عدم إظهار الضعف أمامه فهي تعذره علي جهله :
-حاضر ياحاج ...عن إذنك ..
كادت تخرج من الباب اوقفها صوته الحاد :
-ابعتي الحاجة مع ام سعد مافيش داعي نتعب سيادتك...
تخرج مكسورة الخاطر جريحة من اقرب شخص لقلبها ..كيف اصبح بمثل هذه القسوة؟؟؟ ...تلك القسوة لم تعهدها عليه مسبقًا ...
..........
فيوبخه ابيه بقسوة شديدة علي افعاله ليقول بحدة:
-ممكن افهم ايه اللي صدر منك ده ...انت فاكر أني عجزت وهسيبك تعمل اللي انت عايزه ..أنا سكت بس عشان ما ينفعش اكسر صورتك قدامها ......
-أنا مش فاهم انت متعلق بالبت دي ليه ....
-عشان أنا عندي قلب وبحس بألام الغير ...لكن انت موت قلبك من سنين ومش عارف تحس بغيرك ...حتي مرآتك اللي انت رحت اتجوزتها ..عايش معاها من غير قلب ...انت فاكر أني مش شايف اللي بيحصل .....
-يا حاج ... أنا .......
يقطع حديثه بصرامة غير معتاده مع ولده الوحيد:
-هي كلمة هتنزل ترضي خاطرها ...وتراعي ربنا فيها ..في بنات الناس يا مالك....بنات الناس!!
يسخر مالك من جملته الأخير ولكنه لم يعلق ...ولم يفت علي والده سخريته فيكمل:
-راعي ربنا فيها يامالك ...عشان ماتندمش علي اي تصرف بعد كده صدر منك ...اتجاهها ...فاهم!!!
.............
دخلت حجرتها تحتمي بها كالعادتها تخلع حجابها ونقابها بعنف لتلقيه أرضا وترتمي فوق فراشها تخفي وجهها بوسادتها بقوة شاهقة وسط نحيبها تريد الصراخ لتسمع الكون صرخاتها فتصرخ بقوة ...ليخرج صوت صراخها مكتوما بفعل الوسادة ..هذه هي طريقتها الوحيدة للتحرر من الشحنات السلبية والكبت العصبي التي تعانيه ..
عند انتهائها من تفريغ صرخاتها استقامت في جلستها لتواجه صورتها بمرآة الخزانة الصغيرة تري وجهها الأحمر وعينيها المنتفخة الحمراء التي تغطيه خصلاتها الطويلة ....الناعمة ......البنية !
..........
وقف متأملًا سكون الليل من حوله يشتم نسائمه العليلة لقد جفاه النوم كعادته من سنوات ..ينتظر نوم الجميع ليخرج من بيت ابيه يجلس فوق حاجز الخيل الخشبي المستدير علي اتساع كبير يغمض عينيه يتقبل هواء البارد الذي يداعب وجهه ويعبث بخصلات شعره السوداء يبعثرها ..يختلي بنفسه ويخرج مايجيش به قلبه من ضمير متألم يعذبه يمزقه أربا وذكريات حالمة لاتختفي أبدا ..بل يخاف نسيانها فيحاول مرارا ومرارا رويها لتنمو وتزدهر حتى لاتختفي ..فهو يخشي نسيانها واختفائها من ذاكرته..يشعر بان قلبه مازال حيا ينبض بتذكرها...تلك الجنية الصغيرة التي ظهرت في حياته فجأة لتختفي فجأة ..ليعلم بعدها بفقدانه لها للأبد ... رغم قصر مدة معرفته بها الا ان تكونت بينهم علاقة يصعب شرحها ..تخللت بعروقه ودمائه ..تملكت منه ..لاتريد تركه ..هل هذا بسبب ذنبه الذي اقترفه في حقها ..يقسم لنفسه يوما بعد يوم انه ماكان ليتخلى عنها أبدا ..مطلقا ...كما ظنت هي ...ماكان ليتخلى عنها بعد ماحدث بسببه ....يتمنى ضمها لمرة واحدة واحدة فقط ..يريد الصفح والسماح لتهنأ حياته ......يفتح عينيه فيراها بعينيه اليقظتين بفستانها الناعم الأبيض وشعرها الأشقر وجسمها الصغير تدور وتدور حول نفسها بسعادة ليتطاير فستانها وينحصر ويكشف عن ساقين مرمريتين يضيئان بالظلام تدور دورة كاملة تختمها بالوقوف علي انامل قدمها الصغيرة مع رفع ذراعيها لاعلى بحرية ..كالباليرينا ...يتكرر دورانها مرة بعد مرة فتثبت فجأة تنظر اليه بشغف وابتسامة حالمة مع تطاير خصلاتها حول وجهها ..يزداد ضربات قلبه يزداد عشقًا وعذابا ..ينفرج شفتاه ينطق اسمها بتوسل الا تختفي كما تفعل دوما يخرج اسمها من بين انفاسه الساخنة بطريقة متألمة فيهمس:
-شيراز!!!!
يفيق من خياله بسبب سماع صوت الخيل بداخل الاسطبل فتصدر منه إلتفاتة اتجاة الإسطبل المضاء أنواره فيعود للنظر لساحة الخيل الفارغة ليكتشف اختفائها من خياله كالمعتاد فيزفر بضيق للمتسبب في اختفائها ...وتصدر منه سبة من بين أسنانه فهو يعلم من بداخله في ذلك الوقت المتأخر ...
يقفز برشاقة خارج الحاجز ليدب الأرض أسفله بخطواته الواسعة اتجاه الإسطبل حتى وصل اليه ليسمع صوت همسات كدندنة غريب غير واضح المعنى ولكنه يشعر كأن لحنها سمعه من قبل ليوئد هذا الشعور سريعا ..فيجدها امام المهرة العاصية كما سماها من سنين فهي صعبة المراس ..تهمس خديجة بآذانها بكلمات غير واضحة مع تمرير يديها فوق شعرها الأبيض فيصدر صوت صهيل الفرسة البيضاء مع إراحة رأسها علي كتفها باستسلام غير عادي ليلاحظ تحرك يدها التي تقبض علي شئ ما وتقربه لفكها مع الاستمرار بتحريك يدها فوق رأسها بنعومة فتستجيب الفرسة لها وتلتهم ما بكفها بنهم ،....فهي دائما مستمرة علي هذه العادة منذ ان وطأت قدمها هذا البيت ..كان من الصعب عليها الاقتراب من المهرة العاصية ولكن رويدا رويدا تعمقت علاقتهما فأصبحت اقرب شئ لها بهذا البيت ...هي الوحيدة التي تستطع كشف وجهها أمامها ..وينطلق لسانها بالتحدث عن اسرارها دون توقف او خوف من ان توشي بها ومن العجيب سكونها عندما تبدأ بالحديث لتقص لها عن أحلامها وشقاوتها التى وئدت قبل ميلادها ..كأنها تفهم آلامها لتنتفض عند سماع صوته تشعر بكهرباء تسري بجسدها لوجوده في مثل هذا الوقت ليقول بصرامة:
-مين سمحلك تدخلي الإسطبل ؟!...
كان يقف يراقب ظهرها وجانب وجهها غير الواضح التي اخفضته عند سماع صوته كوسيلة للهروب لن يكذب علي حاله ويقول انه لم يحاول اقتناص نظرة لوجهها ففضوله يقتله ..يعلم انها اشترطت عليه ان لا يرى وجهها ..ليعود ينهر نفسه علي اهتمامه برؤيتها ..فيسمع صوتها البارد الواثق الذي يخلو من الدفء :
-أنا مسموح لي أتحرك في البيت زي ما احب ...بأمر الحاج ...
يغتاظ من محاولتها اخفاء نفسها عنه ليقترب خطوة خلفها وعند شعورها بذلك مدت يدها سريعًا تخفض نقابها ليختفي وجهها عن عينيه الفضوليتين فيقول بضيق يتخلله بعض الحدة من تصرفها الأخير وردها الواثق ...فهو يشعر دائما انها تحاول تحديه او التقليل منه :
-مين بقى أداكي الأذن ده ؟!...وانا مانع اي حد يدخل الإسطبل وخصوصا للعاصية ولا حد يديها سكر ....
يبدو عليها كأنه لم يحدثها مستمرة في ملامستها مع إطعامها لتسأله بفضول
-أنت ليه بتتعامل معاها كدة ؟...إسمح لي شكلك ماتعرفش ازاي تتعامل معاهم
يغضبه ثقتها وتعديها بالحديث معه من أين تأتي بمثل هذه الثقة فيخرج صوتًا ساخرًا من حديثها :
-أنا معرفش اتعامل معاها؟!..وانتي بقى اللي هتعلميني اتعامل مع فرسي ازاي ؟
تجيبه بثقة وهي تمد يدها له ببعض قطع السكر :
-ليه لا؟...الإنسان عايش عشان يتعلم
تبقى يدها مرفوعة منتظرة ان يلبي دعوتها في إطعام فرساتها بتحدي فيخرج صوت الخشن معترضا :
-مش معنى ان الحاج سايبلك حرية التصرف يبقي تخرجي في نص الليل زي ماتحبي ..في حاجة اسمها أصول ولو ماتعرفيهاش اعرفهالك ؟!....
تخفض يدها وتستمر في إطعام فرستها تقول بهدوء:
-بتعرف تهرب كويس من الحوار ..عموما احب اعلمك ان الفرس من أنقى الحيوانات وهو حساس جدا فياريت بلاش القسوة معاها ..وياريت ماتقولهاش المهرة العاصية تاني عشان فعلا هتبقى عاصية عليك...
يرفع حاجبه بذهول من تلك الواقفة التي تملي علي كبير الجعافرة تعليماتها لم يشعر بنفسه الا هو يندفع يجذبها من ذراعها بقوة آلمتها فيسقط من كفها قطع السكر وترتعب من تحوله ..يهزها بقوة ارعبتها يصرخ لوجهها:
-بت انتي ..عوج مش عاوز...كلامك يبقى بحدود هنا ...انتي هتنسي نفسك ...أنت هنا خدامة في بيت الحاج حافظ ..هتيجي تعلميني اعمل ايه؟!.....
يشعر باهتزاز جسدها ورعبها التي حاولت إخفائه بصعوبة لتقول بثقة مزيفة:
-لو سمحت شيل أيدك ..مايصحش كدة ..
ينفض يده عنها بكره لتتراجع خطوتان من قوة دفعه لها فيكمل بضيق:
-الي اهلك معرفوش يعلموه ليكي ...مالك حافظ هيعلمهولك ياست الحسن والجمال .......
ينصرف بغضب من أمامها تلعن غبائها على تحديه ..ماكان عليها إشعال فتيل غضبه فالأيام آتية وستكون لها ...لاعليها ...وقت الضعف ولى ......
.................
امام شاشة التلفاز جلست تشاهد فيلما رومانسيا ترتشف كوبا من الشاي فتخرج منها تنهيدة عميقة من المشهد المتفجر من الرومانسية المبالغ فيها لتقول بنزق لنفسها :
-ايه الرومانسية الأوڤر دي ...ده مش حب ده فقع مرارة للمشاهدين والله ....
فتشاهد اقتراب البطل من البطلة يحملها بين احضانه لشعورها بالدوارفتعلق باعتراض:
-ايه حرقة الدم دي ؟!...يابني دي دايخة عادي يعني مش قصة عشان تشيلها ...أنا ايه اللي خلاني اتفرج علي الفيلم ده ...مش كنت شوفت فيلم رعب احسن ....
تخرج الأم من حجرتها ترى ابنتها الوحيدة التى اقتصرت حياتها بين العمل كمدرسة للمرحلة الابتدائية ومشاهدة التلفاز ليس الا لتنادي عليها بلوم معتاد:
-انتي لسه صاحية يا امينة ..مش عندك مدرسة الصبح ؟!....
تنتبه الابنة لوالدتها فتتجه اليها بعد وضع كوبها فوق الطاولة تضع يدها في جيب بنطالها الخلفي :
-والله يا ام امينة بفكر أغيب بكرة او استقيل خالص ...ايه رأيك بقى ؟
فتؤيد الأم فكرتها لتربت بملل على كتف ابنتها:
-عين العقل يابنتي ..أنا قولت مالكيش في الشغل وتقعدي في البيت تستني عدلك ونخلص منك ....
ترفع أمنية عينيها للسقف ملل تعلم مجرى الحديث إلى ماذا سينتهي فهي المقدمة المعتادة لوالدتها ..الان ستذكر اسم ابن خالتها الهمام ..واحد... اثنان
لتقول أمها بضيق من ابنتها:
-أنا مش عارفه فيكي ايه ؟..مش عارفة تقربي ابن خالتك ليكي ...شاب زي الفل البنات بيجروا وراه من هنا الصعيد
تضيق أمنية من حديث والدتها التي لا تمل منه يوميًا:
-اكيد سارق منهم حاجة...
تزجرها والدتها على قولها بضرب كتفها تقول بضيق من طيشها:
-مالك سارق ؟..عيب يابنت تقولي كدة عليه ده كبير الجعافرة بس انتي اللي خايبة...
عدت الأيام وهي تحاول إقناع أمها ان لايوجد شئ يربطها مع مالك فهو بمثابة اخيها الكبير الذي كان يرعاها دوما ولكنه منذ سنين عدة ابتعد عن الجميع بسبب ألمه ووجعه ...لما تتعجب من تغيره ؟..وهي أيضا تغيرت منذ فقدها لها ...
-سرحتي في ايه يا أمنية ؟...فيها بردوا ....
قالتها أمها بحزن واضح فهي تعلم مايعانيه مالك رغم عدم تصريحه بذلك وما تعانيه ابنتها منذ سنين مضت....
فتكمل وهي تربت على كتف ابنتها بحنان :
-ادعي لها يا أمينة ..هي راحت اللي خلقها اللي احسن مننا كلنا ....
تنحسر الدموع بأعينها لا تعلم لما كل ما تذكرتها تشعر بالضيق الشديد والاختناق ليؤل الأمر لارتمائها فوق فراشها تبكي على فقدانها تلك الفراشة الناعمة التي دخلت حياتهم فجأة لتخرج منها فجأة وتتركهم لألام ذكراها....تهمس بشرود
-الله يرحمك يا شيراز !!!!!..
..................
ارتمى فوق فراشة يظهر على وجهه الوجوم والإرهاق بسبب ماحدث بينهما بالاسطبل يقسم ان يحسن تربيتها تلك الخديجة التي حلت عليه من حيث لايعلم ..يجهل كيف سيحل مشكلته مع خطيبته غادة .. إذا علمت بما قرره والده من المؤكد ستثور ولن يمر الأمر مرور الكرام ..فهو يعلمها جيدا لن تتخلى أبدا عما تملكه من اجل أخرى ..من يهدد أهدافها تزيحه بطريقة او بأخرى من أمامها لتحقق أهدافها ..حتى الان لايعرف لما اقدم على تلك الخطبة لأي شئ كان يريد ان يهرب ..يعلم ان كلاهما يجد في الآخر ماينقصه ...هو يجد فيها القوة والإصرار وعدم الضعف ..الشراسة في بعض الأحيان وتلك الأشياء افتقدها مع معذبته من قبل كانت هشة ضعيفة كالفراشة سهلة الكسر وهذا ماكرهه بها ..لا انه لم يكرهها أبدا لقد احب كل تفاصيلها كل همسة تصدر منها ..عشق تشبثها به..توسلها له في لحظات ضعفها بان لا يتركها ...ولكنه كان نذلا كالكثير مثله كان يستمتع ببكائها وتوسلاتها وضعفها كأن ضعفها يعطيه القوة ليقسو علي صغيرته لتنتهي توسلاتها للأبد كأن الموت كان ارحم منه عليها لتنتهي وينتهي عذابها منه .....
تخرج من صدره تنهيدة حارقة فيمسك هاتفه المحمول يحاول الاتصال بخطيبته ولكنه يجده خارج نطاق التغطية ليعلم انها في فترة عملها كمضيفة طيران دائمة التنقل من بلد لأخرى وهذا ما لايعجب الحاج حافظ ويعارض تقاليده وعاداته ....منذ ان علم بخطبته منها الذي حضرها مجبرًا ....هذه الخطبة التي استمرت اربع سنوات تقريبا يخشي ان يتخذ خطوة جديدة في امر زواجه هناك شئ يمنعه ..
يتصفح هاتفه فيضغط على ملف سري يظهر من خلاله بعض الصور الخاصة له بمفرده وصور لها وصور أخرى تجمعهما معًا يتوقف عند صورة لها وهي تقف بجواره على أطراف أصابعها كعادتها
تحاول الوصول إلى طوله محتضنة بيدها دمية قام بشرائها لها عندما اجتازت اول اختبار لها في اللغة العربية التى كانت تصعب عليها بسبب تعليمها الأجنبي ولكنها لاتنظر للكاميرا لا تهتم بشكلها تهتم بشي واحد سلب عقلها وقلبها تهتم به فقط تنظر له بشغف مجنون ..مع ظهور ابتسامتها المشرقة...تنتقل عينه على صورته وهو يقف بجوارها بثقة واضعًا يديه بجيبيه غير مباليًا بمن تنظر له ..ثقته تنبع من عشقها المؤكد له ..ثقته بانها موجودة باقية لا محالة ولكنه لم يحسب حساب غدر أيامه بها ....
نهاية الفصل الثاني



اللؤلؤة الوردية 28-06-20 07:06 PM

جميلة ومشوقة تسلم ايديك

منتظرة القادم 💖💖💖

مليكه مالك 28-06-20 09:11 PM

جميله تسلم ايديكي متشوقه لباقي الروايه

مي زغب 29-06-20 04:21 PM

وسام حبيبتي تسلمي يا رب الروايه حلوة... حبيت انه كل يوم رح تنزليلنا فصل بس اي وقت بالزبط رح يكون تنزيل الفصول


الساعة الآن 08:27 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.