آخر 10 مشاركات
بأمر الحب * مميزة & مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          لحظات صعبة (17) للكاتبة: Lucy Monroe *كاملة+روابط* (الكاتـب : ميقات - )           »          عواقب إنتقامه (144) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          3-المطاردة العنيفة - ساندرا فيلد -روايات نتالي (حصرياً) (الكاتـب : Just Faith - )           »          دوامة الذكريات - فانيسا غرانت - روايات ناتالي** (الكاتـب : القصايد - )           »          13- حب أم واجب - كاى ثورب - روايات ناتالي (حصرياً لروايتي ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          [تحميل] إمــا "شيطـــان" أو شـخـص مــهـزوز الـكـــيان/للكاتبة Miss Julian(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          جددي فيني حياتي باللقاء *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree566Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-07-20, 10:54 PM   #11

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الأول

أطلق صفيراً منغوماً وهو يغادر سيارته، وابتسم للسائس وهو يقذف له بمفاتيحه ليركنها، ثم أسرع في طريقه إلى داخل الشركة صاعداً السلالم بقفزات سريعة .. لوح بتحية مرحة لموظفة الاستقبال التي ابتسمت له بخجل، ومالت تهمس لرفيقتها بشيء بينما تتابعانه وهو في طريقه نحو المصعد مواصلاً تصفيره الخافت .. توقفت خطواته فجأة حين لمح خيالاً رشيقاً يتجاوزه بسرعة وصاحبته تتجه مباشرةً إلى السلالم دون أن تنتظر وصول المصعد .. لم يكن جسدها ولا فستانها القصير الذي يصل إلى ركبتيها ما لفت نظره ولم يكن ليمانع الاعتراف برشاقتها وربما تمنى بحسرة لو لم ترتد ذلك البنطال الجينز الذي توقف قبل كاحلها بمسافة سامحاً لخلخال فضي أنيق باللمعان على بشرتها البيضاء .. أسرع يرفع عينيه بسرعة إلى ما لفت نظره إليها في المقام الأول .. شلال طويل من الشعر الحريري الأسود مربوط في ذيل فرس طويل كثيف، وانحبست أنفاسه بينما يتتبع طوله الذي وصل إلى منتصف ساقيها .. رباه .. كيف تتركه حراً هكذا؟ .. الا تملك رأفة بالبشر حولها؟ .. لم يشعر بنفسه وهو يتبعها مسرعاً ليقفز السلالم محاولاً اللحاق بها .. حورية في شركة المنصوري؟! .. منذ متى؟ .. ضحك ساخراً من نفسه .. انتظر حتى ترى وجهها يا أحمق .. ربما تكون .. توقفت أفكاره كما فعلت خطواته حين رآها تقف وسط الطابق الذي يحوي مكاتب الموظفين وتتلفت حولها حائرة كأنما تبحث عن شيء .. أو شخص .. راوده شعور غريب بالضيق لمرور الفكرة في رأسه وأسرع يطردها بعيداً هازاً رأسه بسخرية واستعاد واجهته العابثة وهو يتحرك نحوها وعيناه على يدها التي تحركها في الهواء مشيرة بسبابتها نحو المكاتب كأنما تحسب اتجاهها أو خطواتها متمتمة بهمسات لم تصله بينما يتقدم خلفها بهدوء .. خفقات قلبه المترقبة تضطرب داخله بطريقة غريبة تجذبه نحوها .. ما أن توقف خلفها حتى وجد نفسه يردد بعبث
"مرحباً .. هل تبحثين عن أحدٍ يا .."
انقطع سؤاله مع التفاتتها السريعة وهي تطلق شهقة خافتة .. دورانها السريع على كعبيها جعلها تتعثر وبتلقائية وبصدر أكثر ترحيباً كان يندفع ليمنع سقوطها ويتلقاها بين ذراعيه .. عندها فقط توقف قلبه تماماً وعيناه تقعان على وجهها .. حورية .. لم يخطئ .. التقت عيناه بعينيها لتنفجر نبضاته من جديد .. عسليتان مكحلتان برقة ورموش طويلة ساحرة .. تركهما بصعوبة لتنزل عيناه على أنفها الصغير ثم توقفت أنفاسه لاحقةً بقلبه بينما يحدق في شفتيها الورديتين .. قطب وهو يراها تحركهما بكلمات لم يسمعها قبل أن ينتبه لقبضتيها تضربان صدره ووصله صوتها ناعماً كالحرير وهي تهتف
"لو سمحت .. دعني .. ماذا تفعل؟"
بشرتها البيضاء فضحت احمرار خديها لتتعلق نظراته بهما لثوان بافتتان، قبل أن ينتبه لتقطيبتها وتعود عيناه لشفتيها الناعمتين اللتين مطتهما بضيق دون أن تدري أنها بهذا جعلتهما ملفتتين أكثر .. ماذا يحدث له ..
"يا أستاذ .. لو سمحت"
أسرع يفك ذراعيه عن خصرها وابتعد لتقفز هي للخلف سريعاً هامسة بتمتمات حانقة وهي ترمقه شذراً دون أن تفقد حمرتها اللذيذة ووجد نفسه يردد دون أن يقاوم تلك الرغبة في مشاكستها
"هل أنتِ تائهة في شركتنا يا حورية؟"
وهديته لم تتأخر .. نظرة عابسة من عينيها الفاتنتين وحمرة أكثر عمقاً قبل أن تتركه وتبتعد بخطوات سريعة وشلالها الأسود يتقافز خلفها .. نظر لكفيه مبتسماً وهو يتذكر ملمس خصلاتها على كفيه وهمس لنفسه بافتتان
"حورية"
وأسرع يتحرك في الاتجاه الذي اختفت فيه عازماً على أن يعرف من هي ولمن أتت والأهم .. عازماً على ألا يتركها تفلت هاربة مرة أخرى ..

صوت بوق سيارة عالٍ تردد بإزعاج مفيقاً إياه من غرقه في ذكرياته، فقطب وهو ينظر في المرآة للسيارة خلفه وانتبه لحظتها أنّ إشارة المرور انفتحت بينما هو شارد .. تنهد بحرارة وهو ينطلق بسيارته مرة أخرى مردداً
"ها قد عدت لتغرق في ضياعكِ يا ابن المنصوري"
ابتسم بمرارة بينما يلتقط هاتفه ليتصل، وهتف ما أن أتاه الصوت
"يوسف .. أين أنت؟ .. اتصل بك منذ الصباح ولا ترد على هاتفك"
أتاه صوته مرتبكاً
"أخي .. آسف لم أسمع الهاتف"
قطب مردداً
"حسناً أين أنت الآن؟"
صمت لثوان ثم أجاب بتردد
"لماذا؟ .. هل سأل عني جدي؟ .. هل عرف بما حدث و …"
اشتدت تقطيبته وهو يلتقط نبرة القلق في صوت شقيقه الأصغر .. لا يلومه حقيقةً لكنّه يكره هذا، وأكثر من أي وقتٍ مضى .. يكره شعورهم جميعاً بالخوف والعجز .. تمالك أفكاره ليخبره بهدوء
"لم يعرف، ولم يسأل عنك .. أنا من أتصل بك"
تنهد بارتياح ثم سأله
"خيراً أخي؟ .. كنت تريد شيئاً؟"
هتف به
"ماذا دهاك يا يوسف؟ .. ألم أخبرك أمس أنّك سترافقني للمشفى لزيارة .."
قطع كلماته ثم تابع بعد ثوان
"يجب أن تكون موجوداً يا يوسف"
ردد معترضاً
"لكن يا سالم .. لقد قلت أنّك ستهتم بامرهم .. ماذا سأفعل أنا هناك؟"
"تتحمل مسؤوليتك يا يوسف"
أخبره بحزم فصمت يوسف برهة ثم هتف بضيق
"حقيقةً لا أريد الذهاب .. لن يحبوا رؤية من تسبب فيما حدث لابنتهم كما أن .."
سكت ليقطب سالم بتوجس قبل أن ينقبض قلبه ويوسف يردف حانقاً
"كما أنّ تلك المرأة لا تطيقني وأنا لا أريد رؤيتها مجدداً .. أقصد شقيقتها تلك"
أغمض عينيه بقوة بينما يلتقط نبرة الحقد في صوت شقيقه … إذن يوسف تذكر من تكون .. زفر بحرارة وقال
"كما تريد يا يوسف .. إن كان يرضيك تهربك من مواجهة نتائج أفعالك فافعل ما تريد"
"أخي"
ناداه بضيق فتابع سالم بحزم
"أنا في طريقي للمشفى .. إن غيرت رأيك الحق بي"
ولم يمنحه الفرصة ليرد وودعه بتحية مقتضبة ثم أغلق وعيناه تسوّدان في نظراتهما للطريق بينما يضغط على دواسة الوقود مزيداً سرعته .. ليس جده هو عائقه الوحيد نحوها .. ربما أسرته كلها الآن ستكون عائقاً أمام أي علاقة جديدة بها بعد كل ما حدث بسبب حبهما.
هز رأسه بمرارة .. هو السبب في كل ما يعيشه الآن .. لن يلوم أحداً غيره .. هو السبب وعليه تحمل النتائج مهما كانت قاسية ومريرة.
*******************
أغلق يوسف الهاتف متمتماً بضيق
"هذا ما كان ينقصني .. ست رواء وأسرتها"
شعر بحركة جانبه قبل أن يأتيها صوتها مغمغماً بنعومة
"من رواء هذه حبيبي؟"
لم يلتفت نحوها فاقتربت أكثر قبل أن يشعر بذراعيها العاريتين تلتفان حول عنقه لتردف بدلال وهي تحرك رأسها كقطة ناعمة فوق ذراعه
"لا زلت غاضباً مني حبيبي؟ .. لقد اعتذرت"
ومالت تقبل ذراعه مواصلة
"ألم يكف اعتذاري يا يوسف؟"
زفر وهو يقاوم الالتفاف ليأخذها بين ذراعيه متذكراً شجارهما الذي كاد يتسبب في مصيبة ثم تهديدها له هذا الصباح لتجبره على الحضور .. كان غاضباً وبشدة يعترف وحين وصل للشقة كان ينوي أن يفتعل معها شجاراً أسوأ من شجار اليوم الماضي حين فتح الباب لتصله صوت شهقاتها الباكية التي ألانت قلبه في لحظة قبل أن تنتبه هي لحضوره فانتفضت من مكانها على الأريكة حيث كانت منحنية على نفسها تبكي بحرارة واندفعت نحوه لترتمي في حضنه وتعلقت بعنقه مواصلة بكائها وتوسلاتها له أن يسامحها على تصرفها معه .. انتبه على لمساتها لخده وهي تديره نحوها ونظر في عينيها الدامعتين بينما تهمس بألم
"لقد آلمتني بشدة يا يوسف .. لم أحتمل تصرفك ولهذا تشاجرت معك وهددتك"
صمت دون رد متذكراً تهديداتها الحمقاء بتركه كُلياً والسفر بعيداً .. واصلت هي تمسحها فيه، غير مدركة أو ربما مدركة بمكر تأثيرها عليه
"حبيبي .. أمس كنت مختنقة وشعرت بالألم والخذلان .. لقد جعلتني أشعر أنني مجرد نزوة في حياتك و.."
قاطعها وهو يستدير زافراً بقوة وأخذها بين ذراعيه ليشعر بدموعها تلامس صدره
"تعرفين أنّكِ لستِ نزوة أبداً جايدا"
التفت ذراعاها حوله وهي تردد بتحشرج
"لكنني بت أشعر أنني هكذا يا يوسف .. لقد اختنقت من حياة الظل التي نعيشها .. لا أريد أن أكون عاراً تخفيه في السر و .."
وضع سبابته على شفتيها وضمها برفق
"لا تكملي حبيبتي .. أنتِ لستِ عاراً .. أنتِ حبيبتي وكل شيء في حياتي"
دفعته بكفيها في صدره وابتعدت تنظر في عينيها قائلة بلوم
"لماذا إذن أشعر أنّ حياتي معك متوقفة على كلمة من جدك؟ .. تخفيني عنه حتى لا يعرف عن علاقتنا .. حتى متى يا يوسف؟ .. لقد تعبت وسئمت من علاقتنا السرية هذه .. إن كنت تريد أن تنهي كل شيء أخبرني لأعمل حسابي وأخرج من حياتك بهدوء"
زفر بقوة وتحرك لينهض بعصبية من الفراش وهتف وهو يتناول ملابسه
"ستبدأين مرة أخرى يا جايدا .. أرجوكِ .. أنا من بدأت أتعب من هذا الحوار"
نظرت له من مكانها ومسحت دموعها بقوة قبل أن تنهض ساحبة معها المفرش الرقيق لتلفه حول جسدها
"أنا لا أريد الشجار الآن يوسف .. كل ما أريده أن أشعر أنّك مستعد لتواجهه من أجلي .. أنا خائفة من اليوم الذي سيعرف فيه بوجودي ويطردني من حياتك أو ربما أنت وقتها .."
هتف وهو يغلق أزرار قميصه
"لهذا قلت لك اصبري قليلاً معي حتى أرتب أموري .. سأجد حلاً"
رمقته بخذلان آلم قلبه فتنهد وسقطت يداه جانباً .. اتجه إليها ورفع كفيه يحتضن وجهها مردداً برجاء
"تحملي قليلاً جيجي .. أنا أحبكِ تعرفين هذا .. أحبكِ لدرجة أن أخشى عليكِ منه .. أنتِ لا تعرفين ما هو قادرٌ عليه"
غامت عيناها بشدة فأحاطها بذراعيه وشدها إليه يحتضنها بقوة
"لا أريده أن يؤذيكِ أو يجبرني على الابتعاد عنكِ ... في الوقت المناسب سأواجهه .. فقط احتملي هذه الفترة معي وأعدكِ لن يحدث إلا ما تريدين حبيبتي"
رمقته بتعب، وهي تومئ بهزة رأس ضعيفة ومضت لحظات قبل أن تستسلم وترفع ذراعيها لتحيط خصره بهما وتختبئ فوق صدره تاركة دموعها تسيل في صمت بينما تسمعه يهمس بحب
"ثقي بي حبيبتي .. ثقي بي أرجوكِ"
*******************




may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 05-07-20, 10:56 PM   #12

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

"ماذا حدث يا شهاب؟"
هتف شاهد بعبارته ناظراً بقلق لوجه شقيقه المتجهم، والذي زاد من سرعة سيارته بطريقة مخيفة
"شهاب .. أنت تقلقني .. من كان المتصل؟"
زفر بقوة ثم أجابه
"أحد الرجال الذين وظفتهم ليتابعوا بنات عمي بدر اتصل وأخبرني أن سيارة صدمت.. "
قبل أن يكمل حتى، هتف شاهد بجزع
"طيف؟ … هل هي طيف؟"
رمقه بنظرة جانبية قادرة على اختراق دواخله ثم رد مقطباً
"سمراء"
خانته تنهيدة وهو يسترخي في مقعده قبل أن ينتبه لنفسه وأسرع يقول
"أعني .. كيف حدث؟ .. هل هي بخير؟ .. هل كان الحادث خطيراً أم .."
سكت وهو ينظر ملياً لتعابير شقيقه الذي أجاب بجمود
"إنّها في المشفى ولا يعرف شيئاً عن حالتها لكنّه قال على الأقل أنّها لا زالت حية"
"الحمد لله"
تمتم بخفوت بينما ينظر خارجاً عبر النافذة دون أن ينتبه لنظرة شهاب الجانبية ثم سمعه يقول بتهكم
"ماذا؟ .. هل وقعت بهذه السرعة؟"
التفت له هاتفاً باستنكار
"وقعت؟ .. ماذا تقصد؟"
ارتفع ركن شفتيه بشبه ابتسامة ساخرة
"عيناك كادتا تخرجان من الرعب عندما ظننت أنّ طيف من أُصيبت"
ابتلع لعابه بتوتر وأشاح بوجهه مقطباً
"كل ما في الأمر أنّها خطيبتي .. من الطبيعي أن أقلق بشأنها"
رفع أحد حاجبيه قائلاً
"ليست خطيبتك بعد"
التفت له بضيق وهتف
"ظننت أنّ الأمر منتهي"
وراقبه قليلاً ثم أتبع
"لا تقل أنّ كلام أمي جعلك تـ .."
قاطعه بهدوء وهو يزيد سرعته أكثر
"كلام أمي لن يغير من رأيي"
وصمت لحظات يتذكر موقف رواء في المرات القليلة التي ذهب فيها لزيارتهم وآخر زيارة التي أصر فيها على مقابلة عمه ليبلغه رسالة جده بنفسه رغم كل محاولاتها منعه .. تمتم بخفوت
"قصدت ابنة عمنا العنيدة"
"تقصد رواء؟"
سأله مقطباً فأومأ
"ومن غيرها؟ .. أخشى أن تفعل شيئاً مجنوناً"
ردد يسأله بتوجس
"مثل ماذا؟"
هز كتفيه وقال
"لا أعرف .. أشعر بالقلق من ناحيتها .. إنّها عنيدة بشكل سيء جداً"
ابتسم ساخراً
"أراها أكثر من تليق بك فيهن إن أردت رأيي"
غامت عينا شهاب قليلاً قبل أن يرد
"لا تناسبني"
إجابته المقطبة لم تعجب شاهد الذي قال ساخراً
"من تناسب إذن؟ .. حسان ابن عمنا؟"
رمقه شهاب بنظرات سوداء ليقول شاهد مستنكراً
"من بين الجميع لم يجد جدي إلا هذا الأحمق؟"
زفر شهاب بقوة بينما يواصل شاهد بحنق
"أنا أعرف أنّها مجنونة وعنيدة وما وصلنا عنها سيء للغاية للكن .. ليس لدرجة أن يعطيها لحسان .. هذا كثير لو أردت رأيي"
سأله ساخراً
"ألم أقل لك أنّك وقعت؟ .. أنت تهتم لها لأنّك تهتم لشقيقتها"
رمقه بحاجبين معقودين ونفخ متأففاً
"لم أقع ولن أفعل، ولا أهتم لها أو لغيرها ... قصدت المشاركة برأيي الذي لا يهم أحداً في هذه العائلة"
مد يده ببطء نحوه، فرمقه شاهد بتوجس حين وضع شهاب كفه خلف رقبته وفي لحظة كان يضغط عليها ممازحاً بخشونة
"افلح في دراستك أولاً ثم تعال واعرض رأيك على كبير العائلة"
زفر بحنق وهو يعتدل مزيحاً كف شقيقه عنه
"سأتخرج قريباً لا تقلق"
ونظر خارجاً متذكراً شجاره الأخير مع طيف في الجامعة ومعايرتها له بفشله الدراسي وتمتم من بين أسنانه
"سأتزوجها فور أن أنهي هذا العام وعندها .. أول شيء سأفعله بعد زواجنا سيكون قص لسانها الطويل ذاك"
هز شهاب رأسه مبتسماً بسخرية قبل أن تبهت ابتسامته وتعاود أفكاره السيطرة عليه .. تُرى هل تقدر على فعلتها يوماً؟ .. عمه يقترب من الموت .. لقد رأى هذا مراراً .. رآه في وجهه كما رآه من قبل في وجه والده قبل أن يموت .. عمه لن يبقى طويلاً على قيد الحياة وبنات عمه لا يجب أن يبقين وحدهن من بعده .. ربما أمه لا تعرف بعد أنّه من فتح الموضوع مع جده وأقنعه بضرورة عودتهن للعائلة بعد أن عرف بمرض عمه .. دحض كل اعتراضات أعمامه الذين لا زالوا يحملون على شقيقهم ما فعله قبل سنوات حين تخلى عن العائلة ووقف ضدهم جميعاً مصمماً على الزواج من فتاة تنتمي للغجر ثم ليهرب معها في النهاية من قبيلتها ومن عائلته .. تنهد بقوة وردد داخله حانقاً .. العشق ومصائبه وما يأتي من ورائه .. لولا فقدان عمه لعقله ما كان كل هذا قد حدث .. ما كان مضطراً الآن إلى خوض كل هذا الجحيم .. طرد أفكاره ليركزها على فكرة واحدة .. بنات الغجرية أم لا .. يبقين بنات عمه وهو لا يمكنه أن يتركهن في الحياة بعد رحيل عمه .. في النهاية هن عرضه وشرفه ودمه .. ما يخشاه حقاً أن تنفذ رواء تهديدها وربما شطح بها جنونها لتهرب بأختيها وأمها بعد رحيل والدها .. عليه أن يكثف مراقبته حولهن ليضمن معرفته بكل خطوة قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه .. ردد داخله حازماً بينما يضغط على دواسة الوقود لأقصى سرعة ينهب الطريق الطويل الذي يفصله عن المدينة.
*********************
"كيف حالها يا رواء؟ .. هل طمأنكِ الطبيب عليها؟"
هتفت طيف بلهفة وهي تنهض من مقعد الانتظار وتسرع نحو رواء التي غادرت مكتب الطبيب المتابع لحالة شقيقتها
"ما الأمر؟ .. لا تصمتي هكذا .. هل الأخبار سيئة؟"
أسرعت رواء ترد عندما تهدج صوت طيف للبكاء
"لا .. إنّها بخير .. علاماتها مستقرة لكن الغيبوبة لا يعرف متى ستستيقظ منها تحديداً .. قال أنّها ربما لن تتأخر"
وصمتت وهي تتلفت حولها
"هل ذهبت أمي؟"
أومأت قائلة
"ذهبت إلى أبي .. لم نستطع إخباره بعد حتى لا تسوء حالته أكثر لكنّه سأل عن سمراء أكثر من مرة .. تعرفين .. لم تكن تتركه يوماً"
تنهدت وهي تلقي بجسدها على المقعد
"ماذا أفعل؟ .. لا أعرف ماذا أفعل حقاً"
فتحت طيف فمها لتنطق حين لمحت عيناها الخيالين اللذين اقتربا من مكانهما واشتعلت عيناها بالنار وهي تنظر لوجه شاهد بالأخص لتهتف بحنق
"ماذا يفعلان هنا؟"
التفتت رواء إلى حيث تنظر وقطبت بشدة حين رأت ابنيّ عمها يقتربان .. نهضت مرددة بضيق
"لم يكن ينقصني إلا هما الآن"
كزت على فكها وهي ترمق ابن عمها الكبير بحنق بينما يقترب بجسده المشدود ونظراته المتحفزة الصارمة وتوقف أمامها قائلاً بخشونة
"السلام عليكم يا بنت عمي"
لم ترد السلام وهي تسأله بجمود
"ماذا تفعل هنا؟"
تنفس بقوة كأنما ليتحكم في أعصابه قبل أن يرد
"ماذا برأيك أفعل هنا؟ .. جئت أطمئن على سمراء"
أغمضت تستدعي قوتها على الصبر وقبضت كفيها ثم فتحت عينيها ترمقه ببرود
"بك الخير والله .. لكن شكراً .. ما كان هناك داع لتعبك ولا لتقطع هذه المسافة لتطمئن على شقيقتي التي لا علاقة لك بها من الأساس"
تدخل شاهد قائلاً وعيناه على طيف التي رمقته بنظرات قاتلة
"كيف لا علاقة له؟ .. من حقه أن يطمئن على خطيبته"
شعرت رواء برغبة في كسر فكه وتهشيم أسنانه كلها، وكادت لوهلة تنفذ رغبتها لولا ان تقدمت طيف هاتفة بشراسة
"خطيبته في عينك"
رمقها شهاب بنظرة صارمة لكنّها لم تعبأ لها وهي ترفع سبابتها في وجهيهما موجهة حديثها لشاهد أولاً
"لقد أخبرتك من قبل"
والتفتت إلى شهاب مردفة بنفس السبابة
"وأنت أيضاً اسمع .. لقد تحملناكم كثيراً وبصراحة لم يعد لي خلق لأتحمل أكثر"
رفع شهاب أحد حاجبيه وهو يواجه سبابتها الصغيرة المهددة باستخفاف ثم نظر لشقيقه نظرة متهكمة ذات مغزى بينما تتابع
"خذ شقيقك الفاشل هذا واذهبا من هنا وإلا وديني وما أ .."
قاطعها شاهد هاتفاً وهو يتقدم خطوة نحوها
"بنت أنتِ .. لسانكِ هذا إن لم .. "
رمقته بحقد بينما قطعت رواء طريقه نحو شقيقتها هاتفة بشراسة
"إياك"
وأردفت ببرود وهي تنظر لشهاب
"كما سمعت شقيقتي الصغيرة .. يمكنكما أن تنصرفا الآن من دون مطرود"
هز شهاب كتفيه وقال ببرود وهو يتجاوزها نحو مكتب الطبيب
"يؤسفني أن أخبركِ أنني لن أنصرف من هنا إلا بعد أن أطمئن بنفسي"
هتفت من خلفه بغضب
"أنت يا بني آدم .. هل أنت أصم؟ .. أخبرتك مئة مرة لا شأن لك بنا"
التفت لها من عند الباب قائلاً ببرود وصرامة
"وأنا أخبرتكِ ألف مرة يا بنت عمي أنّكِ وشقيقتيكِ مسؤوليتي ورغماً عن أنفكِ أيضاً"
اشتعلت عيناها بنار تجاوزت حاجز جليدها بأعجوبة وتجاهلها هو ليطرق الباب مستأذناً الدخول وتبعه شاهد بعد أن ألقى نظرة متوعدة نحو طيف التي ألقت إليه بأخرى مماثلة قبل أن تهتف حين انغلق الباب
"الوغدان .. من يظنان نفسيهما؟"
والتفتت لرواء الواقفة تقبض كفيها بكل عنف وجسدها بدأ يرتجف في نوبة غضب
"أخبرتكِ يا رواء .. لن يستسلموا بسهولة"
رمقت الباب بتوعد ثم تحركت نحو جناح سمراء متمتمة بحدة
"أقسم أن أجعله يندم على إصراره هذا .. لن أكون رواء بنت بدر العزايزي إن لم أجعله يبتلع كلماته اللعينة"
تبعتها طيف بعد أن رمت بنظرة محرقة مماثلة نحو الباب وهي تتمنى لو كانت نظراتها قادرة على اختراق الحواجز لتحرق ذلك الأحمق الذي تقسم هي الأخرى أن تجعله يندم على تحديه لها.
*************************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 05-07-20, 10:57 PM   #13

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

أسرعت نيروز تنزل السلالم بخطوات سريعة بينما تتحدث عبر الهاتف
"يوسف .. جدي سأل عنك، وعرف أنك لم تذهب للشركة في موعدك .. كان غاضباً للغاية"
توقفت في منتصف السلم مقطبةً تستمع إليه ثم قالت
"إذن لا تتأخر .. وفكر في عذر مقنع تخبره به فلم تقنعني حجتك"
ونفخت بقوة وهي تغلق الهاتف بعد أن ودعته .. وضعت الهاتف في جيب بنطالها مرددة
"كأنّه ينقصنا مصائب في هذا البيت"
عادت تنزل السلالم لتتجه إلى غرفة الطعام حيث سيتناولون الغداء خلال دقائق في موعد صارم لا يعجب جدها أن يتجاوزه أحدهم دون عذر قهري .. سمعت صوت قفزات خلفها مع هتاف طفولي شقي
"نيرو .. لقد عدت"
التفتت بابتسامة واسعة أخفت وراءها كل مشاعرها السلبية وقالت
"انتبهي لي لي ولا تقفزي هكذا على السلم"
اندفعت الصغيرة إليها بوجه متحمس وقالت
"ذهبت لغرفتكِ أول ما وصلت لكنني لم أجدكِ"
ابتسمت بشحوب وانحنت تقبلها بحنان ثم قالت وهي ترفع رأسها لأعلى حين سمعت صوت كعبين يتحركان
"حقاً؟ .. ربما كنت في الحديقة وقتها"
رأت زوجة أخيها أسامة تظهر أعلى السلم وتابعتها وهي تنزل برشاقة على كعبيها العاليين اللذين لا تعرف حتى اليوم كيف تتمكن من المشي فوقهما بهذه المرونة .. تأملت فستاتها، الذي تجاوز ركبتيها بقليل وعانق منحنيات جسدها بأناقة وشعرها مجموع في تصفيفة راقية .. رباه .. تكره أناقتها المبالغة وكعبيها هاذين .. تعترف بهذا، لكنّها تعترف مرغمة أنّها رائعة واختيارها في الملابس راقي .. تعترف بهذا رغم ملابسها الصبيانية التي لا تنوي تبديلها يوماً لكن لا مانع من الإعجاب كل حين بتلك الأشياء المبالغ في أنوثتها .. قطبت وهي تلتقط نظراتها الهادئة وهي تتابع طريقها في صمت حتى وصلتها لتقول بصوتٍ متوازن بوتيرة واحدة
"مساء الخير نيروز"
تمتمت باقتضاب
"مساء الخير تارا .. حمداً لله على سلامتكما"
أومأت لها متمتمة باقتضاب
"شكراً نيروز"
التقطت لي لي كف أمها وتقافزت هاتفة
"هيا ماما أنا جائعة كثيراً"
أومأت تارا وتحركت معها لتهتف لي لي مشيرة لها
"هيا نيرو"
تنهدت بقوة وتبعتهما نحو غرفة الطعام لتقابلها ابتسامة أمها الحانية وهي تستقبلهن، واندفعت لي لي نحو جدتها لتعانقها
"اشتقت لكِ تيتا سمية"
ضحكت سمية وهي تحتضنها
"وأنا اشتقت لكِ أكثر يا روح تيتا .. كيف كانت زيارتكِ لتيتا يسرا؟"
زمت شفتيها وهي تختلس النظر نحو أمها التي اتجهت بهدوء لتأخذ مقعدها على المائدة بعد أن ألقت تحية مقتضبة على الموجودين ثم غمغمت
"لا بأس"
ابتسمت لها بحنان ومسحت على شعرها
"حسناً .. اجلسي الآن لتتناولي طعامكِ وفي المساء نتحدث سوياً، ما رأيكِ؟"
هزت رأسها بحماس وأسرعت تأخذ مقعدها الذي يتوسط أمها وعمتها .. زفرت نيروز بحرارة وهي تنظر في ساعتها تدعو لتنتهي جلسة التعذيب هذه على خير .. لم تمض دقائق حتى كان يوسف يندفع للداخل لاهثاً .. لمحته يقف عند باب الغرفة بنظرات متسائلة، فأشارت إليه أن يسرع ليبدل ثيابه ويعود قبل أن ينزل جدهما، ليختفي من أمامها في لحظة متجهاً لغرفته .. نظرت إلى الساعة المعلقة تشعر بxxxxبها البطيئة تزحف على جلدها هي .. اختلست النظر إلى تارا التي كانت ترد على لي لي المتحمسة، تنصحها أن تجلس بهدوء احتراماً للطعام .. نظرت للخدم الذين تابعوا وضع الأطباق وأمها تشرف عليهم، وعادت تنظر للساعة بملل .. ما كان يجب أن تنزل من غرفتها باكراً هكذا .. بعد أقل من خمس دقائق دخل يوسف وقد بدل ثيابه واتخذ مقعده بملامح هادئة .. من يراه الآن لن يصدق أنّه من دخل قبل قليل بوجه شاحب متوتر .. رمقته مقطبة وهزت رأسها له بإشارة فأومأ لها خُفيةً يطمئنها في اللحظة التي هتفت أمهما فجأة بحبور
"سالم .. حبيبي لقد عدت"
قطبت نيروز بضيق وهي تلتفت حيث تنظر أمها ووجدته هناك أمام الغرفة يدير عينيه في الموجودين قبل أن يردد تحية خافتة بينما اتجهت أمها نحوه بسرعة لتحتضنه .. عضت على شفتيها وهي تتأملهما وانتبهت لنظرته لها فأسرعت تشيح بعينيها .. شدتها لي لي من كمها ومالت نحوها هامسة
"نيرو .. هل هذا أخوكِ وأخو بابا فعلاً كما قالت تيتا؟"
رمقتها بحنق، ثم تمتمت بغيظ
"نعم يا لي لي هانم .. إنّه أخي الكبير وعمكِ"
مطت شفتيها بحسرة طفولية
"أنا ليس لي أخ كبير"
والتفتت لأمها مرددة بضيق
"ماما .. لماذا ليس لي أخ كبير؟"
رفعت نيروز عينيها إلى وجه تارا البارد بينما ترد برفق
"لأنّكِ أتيتِ أولاً لي لي"
لوت شفتيها وتمتمت
"لو كنت أعرف كنت سأنتظر داخلكِ قليلاً حتى يأتي هو قبلي"
ابتسمت نيروز مرغمة ولمحت طيف ابتسامة باهت على شفتيّ تارا التي نظرت أمامها في صمت وأصابعها الرشيقة تتحرك فوق الطاولة بحركة تكاد تكون غير ملحوظة .. عادت هي تنظر إلى أمها التي كانت في تلك اللحظة تقطب باعتراض عندما أخبرها سالم أنّه متعب وسيتجه لغرفته ليرتاح
"لا بني .. هذه أول مرة نجتمع على المائدة منذ عودتك"
ونظرت لوجهه باشتياق أُمٍ غاب عنها ابنها لسنين طويلة وتمتمت
"اشتقت لوجودك أمامي بني"
وسحبته من كفه مواصلة بابتسامتها الواسعة
"ألم تشتق لتناول الطعام وسطنا؟"
ابتسم لها بشحوب وهز رأسه وهو يتحرك معها إلى حيث كان يجلس قديماً هامسا بتمتمات لم تصلها
"كأنني سأشتاق لجلسة التعذيب هذه"
جلس لتقع عيناه على شقيقته المتجهمة التي رمقته شذراً فابتسم لها بحنان جعلها تقطب أكثر وتشيح وجهها عنه فتنهد بتعب .. رائع .. سينتظر طويلاً كما يبدو حتى يحصل على غفرانها هي الأخرى .. حانت منه نظرة إلى الجالسة قربها والتي التقاها مرة واحدة بعد عودته أثناء حضورها حفل خطبته على وتين، وقدمتها أمه إليه .. زوجة أسامة .. رفعت عينيها في نفس اللحظة لتلتقي أعينهما ولوهلة شعر سالم أنّه يرى عينيّ رواء .. باردتين ثلجيتين .. هزت رأسها بتحية باردة فرد بالمثل وأشاح وجهه لتقع عيناه على الوجه الصغير الذي يرمقه بفضول شديد، قبل أن تخفض وجهها في طبقها فابتسم هو مرغماً بينما يراها تختلس النظرات إليه كل لحظة .. صوت خطوات جعلته ينتبه وقطب وقلبه يتشنج رغماً عنه ورائحة عطر جده تسبقه إلى داخل الغرفة .. كان قادراً على الشعور بالتوتر الذي يسري في المكان ما أن يحضر جده .. التفت كما فعل البقية ورآه يدلف بخطوات صارمة وعصاه بالكاد تمس الأرض كأنّه لا يحتاجها أساساً .. مجرد منظر مكمل لهالته المسيطرة .. يعترف .. لا زال جده رغم سنواته التي تجاوزت الخامسة والسبعين قوياً كما عهده .. لم تهزمه السنون .. التقت عيناه بعينيّ جده الصارمتين الذئبيتين وعادت قشعريرة تسري في جسده رغماً عنه .. كم يكره هذا .. يكره العودة لذلك الشعور أنّه تحت سيطرته كما الجميع .. تذكر لقاءهما في الغربة حين فاجأه جده بزيارته عارضاً عليه العودة إلى العائلة بشروطه .. والعرض الذي قدمه كان مغرياً جداً وكافياً ليحزم أغراضه ويعود للوطن .. فاجأته رؤيته بعد كل هذه السنوات ولا زال محتفظاً بهالته وعنفوانه وداخله شعر أنّه ازداد قوةً وسيطرةً .. السنوات العشر التي غابها لم تضعفه كما كان يتوقع ..
خيالها الذي ارتسم أمامه جعله يرفع رأسه مواجهاً عينيّ جده بقوة .. لن يعود ذلك الأحمق الذي كانه قبل سنوات .. كل هذا يجب أن يتوقف .. أدار عينيه في وجوه الجميع الذين توتروا في جلستهم مع دخول سالم الكبير .. لم يتغير شيء .. لم يتغير ولن يتغير ما لم يتصرف هو .. كل هذا يجب أن ينتهي .. لا بد.
حافظ على تعابيره بينما جده يمر من جواره ملقياً تحية مقتضبة عليهم ويتخذ مجلسه على صدر المائدة .. نظروا إليه جميعهم عدا تارا التي واصلت النظر في طبقها ببرود .. استرخى في مقعده ويده ممسكة بعكازه المنقوش المطعّم بالعاج بينما يدير عينيه في وجوههم قبل أن يوقفها على يوسف الذي تشنج فكه حين سمعه يقول
"يوسف .. أريدك في مكتبي بعد الغداء"
ابتلع ريقه بتوتر وهو يومئ وتبادل مع نيروز نظرات متوترة بينما قطب سالم بضيق مفكراً في شيء ليخلص يوسف من الاستجواب الذي يعرف نتيجته الحتمية .. لا يريد لجده أن يعرف بما حدث .. لا يريده أن يعرف بظهورها من جديد .. زفر بقوة مفكراً بمرارة .. ربما سبق وعرف .. لن يخفى الأمر عنه طويلاً .. سمعه يردد بحزم مشيراً لهم أن يبدأوا في تناول الغداء فتحركوا بآلية .. راقبهم سالم ملياً وقلبه يزداد اختناقاً وإصراراً .. ماذا فعل؟ .. وماذا فعلت بهم السنون الماضية وأين كان هو .. قطب فجأة وعيناه تمران على المقعد الفارغ قبالته حيث اعتادت أن تجلس واعتدل هاتفاً
"أين فلك؟ .. ألن تأكل معنا؟"
لم تفته توتر نظراتهم ولا تشنج جسد جده بقربه ووجه أمه الذي شحب بطريقة أقلقته … ضحكة ساخرة قصيرة أوقفت أفكاره القلقة تلاها صوت نيروز تردد بتهكم
"هل تذكرت الآن أن تسأل عنها؟"
المرارة في نبرتها زادت توجسه وانقباض قلبه فنظر إلى أمه التي قطبت هاتفة اسم نيروز بحدة، وعاد ينظر لوجوههم بقلق وفتح فمه ليقول
"أمي .. ما الـ .."
انقطع سؤاله عندما هتفت لي لي فجأة بسعادة
"بوب"
ارتفع رأسه والتفت بحدة إلى الباب الذي نهضت لي لي سريعاً تجري نحوه مندفعة إلى الجسد الطويل الذي ظهر أمام عينيه .. كز على أسنانه ونظراتهما تلتقي لتلمع نظرات الأخير بسخرية اختفت سريعاً وهو يلتقط الصغيرة ويرفعها بين ذراعيه محتضناً إياها بقوة
"عروستي .. اشتقت لكِ"
وطبع قبلة قوية على خدها قبل أن يداعبها بلحيته القصيرة لتضحك هاتفة
"توقف .. ذقنك تشكني يا بوب"
تقدم بها إلى الداخل وعيناه تتحركان على الجميع وقطب سالم وهو يسمعه
"ما هذا؟ .. تأكلون من دوني .. فعلاً لغائب ليس له نائب"
ردد جده بصرامة
"أوقف هذا العبث يا إيهاب واجلس في مقعدك إن كنت تنوي تناول الغداء"
ابتسم بسخرية وقال وهو يرمق سالم بنظرات جانبية بينما يتجه إلى الجهة التي تجلس فيها نيروز وتارا ولم تفت سالم النظرات النارية التي رمقته بها نيروز
"بالطبع جدي .. سأتناول الطعام .. تعرف .. لا أحب طعام الطائرات، ولم أضع لقمة منه بفمي وأكاد أسقط من الجوع"
وضع الصغيرة في مقعدها وقبل رأسها بحنان قبل أن يعتدل متابعاً وهو يسند إحدى كفيه لمقعد تارا رامقاً نيروز بتحد لتزداد نظراتها الكارهة حدةً بطريقة أثارت استغراب سالم الذي انتقلت إليه نظرات إيهاب وهو يتابع بتهكم أكبر
"اشتقت حقاً لهذا التجمع العائلي الجميل"
واشتدت قبضته على المقعد لحظة قبل أن يحلها، وتحرك نحو مقعده على الناحية الأخرى مواصلاً
"صحيح .. ينقصنا أسامة"
سأله الجد بصرامة
"ولماذا لم يأت معك؟ .. كان من المفترض أن تصلا معاً"
رد بابتسامة باردة وهو يهز كتفيه
"ما أدراني أنا يا جدي؟ .. قال أنّ عنده أموراً أخرى مهمة .. نزل في منتصف الطريق وتركني أكمل إلى هنا"
أخذ مجلسه وتابع وهو يلقي نظرة تجاه تارا الصامتة ببرود مستفز
"ربما يأتي في المساء"
قالها ثم بدأ يتناول الطعام بهدوء كما الجميع في صمتٍ قطعه الجد بعد لحظات
"إلى متى يستمر هذا الحال تارا؟"
انتقلت أبصار الجميع نحوها، لتتوقف يداها عن حركتهما لحظة قبل أن ترفع عينيها نحوه متمتمة بجمود
"عفواً سيد سالم؟"
أخبرها بصرامة
"قلت إلى متى يستمر هذا الحال .. لا تظني أنني لم ألاحظ ما يحدث بينكما منذ فترة"
أخذت نفساً عميقاً مغمضة العينين ثم قالت وهي تضع شوكتها وسكينها
"عندما يعود أسامة يمكن لحضرتك أن تسأله وتستفهم منه"
كز سالم الكبير على فكه يرمقها بنظرات كانت قادرة على إثارة رعب أي شخص لكنّها لم تهز نظراتها الباردة التي واجهته بها قبل أن تقول
"ولو أنّي أعتقد أنّ هذا الأمر خاص بنا كزوجين ولا يحق لأحد التدخل لكن ..."
خُيل لسالم أنّه رأى لمحة سخرية في عينيها قبل أن تعودا لبرودهما وهي تقول
"بالطبع أنت لست كأي أحد .. يحق لك التدخل كما تريد"
ومسخت شفتيها بمنديل المائدة، قبل أن تتراجع بمقعدها بحركة راقية لتنهض مردفة بدبلوماسية
"لقد شبعت .. بالهناء والشفاء للجميع"
شعر سالم أنّ كلماتها لم تخص الطعام وربما في ظرفٍ آخرٍ كان ضحك مدركاً أنّها تقصد جلسة التعذيب النازية هذه .. تابعها بنظراته تغادر الغرفة كما فعل الجميع قبل أن يلمح الصغيرة تنهض من مقعدها بعد أن رمقت جده بتقطيبة طفولية حانقة وقالت
"الحمد لله .. أنا أيضا شبعت"
وتحركت بسرعة تتبع أمها .. كز على أسنانه بقهر قبل أن يسمع شقيقته تتمتم بنزق
"إذا حضرت الشياطين"
وهذه المرة أيضاً لم تفته نظرتها الناقمة التي وجهتها نحو إيهاب الذي كان مقطباً بشدة ويداه تقبضان على شوكته وسكينه بقوة بينما يواجه نظرات نيروز بتحد لتعود وتطرق بوجهها في طبقها بينما سالم ينقل بصره بينهما متسائلاً عما حدث وجعلهما عدوين هكذا بعد أن كانت تلتصق به قديما وتعتبره أعز أصدقائها .. عاد يدير عينيه في وجوه الجميع ليتأكد أنّه بات غريباً بالفعل .. هناك الكثير تغير بينهم في غيابه .. الكثير وربما المرعب أيضاً .. خفق قلبه بعنف بينما تتوقف عيناه قبالته على المقعد الخالي الخاص بفلك .. وهذه بالذات كانت أكثر من يرعبه تفكيره فيما أصابها.
*********************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 05-07-20, 10:58 PM   #14

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

أسرعت رويدا بخطواتها تعبر الطريق المظلم وكل خلية من جسدها ترتجف بخوف بينما تشعر بتلك الخطوات تتسارع بالتبعية .. لا تتوهم .. هناك من يسير خلفها وهذا الأمر يحدث منذ فترة .. تسارعت أنفاسها بينما تدور في الشارع بسرعة ولمحت لرعبها ظلاً يتجسد على الأرض .. تحولت خطواتها للركض محاولة عبور الشارع الضيق الذي يفصلها عن حركة الناس حين امتد الظل فجأة وأحاط عنقها وجذبها نحوه كاتماً فمها بكفه .. شهقت وهي تنتفض بعنف قبل أن يصدم النور الساطع عينيها .. غطتهما بذراعها وهي تأن بألم .. ماذا أصابها؟ .. صداع شديد في رأسها ومطارق تضرب داخله بقوة .. مضت برهة وهي تحاول التأقلم مع الألم قبل أن تنتبه فجأة للفراش الوثير الذي استقر جسدها فوقه .. لم يكن فراشها .. تحركت يدها فوق المفرش الحريري بذهول قبل أن تعتدل شاهقة بفزع .. تطلعت حولها لتتسع عيناها عن آخرهما وهي تنظر في الغرفة الواسعة ذات الأثاث الثمين والديكورات المبهرة الغالية .. تسارع نبضها وهي ترفع كفيها إلى رأسها تمسك بصدغيها مرددة
"مهلا .. ماذا حدث؟ .. أين أنا؟"
توقفت عيناها فجأة على المرآة المقابلة لها وصرخ قلبها بجنون وعيناها تقابلان انعكاسها، لتخفض عينيها سريعاً تنظر لما ترتديه، وأسرعت قافزة من الفراش كأنما لدغتها أفعى .. نظرت للفراش الكبير بمفارشه الثمينة قبل أن تخفض يديها تلامسان الروب الحريري الذي كانت ترتديه وفتحته بيد مرتجفة لتشهق حين رأت نفسها ترتدي قميصاً من نفس اللون .. أسرعت تلف الروب حولها بإحكام وبأصابع مرتجفة أغلقت الحزام وشدته حول وسطها بعنف
"ماذا يحدث هنا؟ .. ماذا حدث؟ .. لا أفهم"
أسرعت تجري إلى الباب وقبضت على أُكرته .. قطبت عندما عاندتها ولم تنفتح وكررت حركتها بعصبية لتضرب الباب بقدمها في عنف .. لا يمكن .. إنّها محبوسة .. أسرعت تجري إلى الشرفة التي كانت ستائرها تتطاير مع النسيم القادم من الخارج .. فتحتها واندفعت داخلها لتشهق بعنف وهي ترى ما حولها .. كانت في طابق مرتفع عن الأرض تحيط بها أشجار عالية من كل جانب لكنّ ما صدمها كان الشاطئ القريب ومياه البحر الممتدة أمام عينيها على اتساع الأفق .. تراجعت بشحوب للخلف حتى صدمت قدماها مقعداً وثيراً قرب الشرفة فسقطت فوقه متمتمة وهي تمسك رأسها الذي يكاد ينفجر من شدة الصداع
"يا إلهي .. ماذا حدث؟ .. كيف أتيت هنا؟ .. لا أتذكر شـ .."
توقفت فجأة وقطبت وهي تتذكر .. لحظة .. آخر ما تذكره أنّها كانت وحيدة في تلك الشقة الصغيرة بعد اتصالها بسالم ثم استنجادها بجون الذي أتى بسرعة عندما انقطعت الكهرباء و .. رفعت رأسها تحدق أمامها بصدمة .. لم يكن حلماً .. ذلك الرجل لم يكن في حلمها .. لقد كان هو من فاجأها .. هل هو من كان يتعقبها إذن؟ .. هو من كان يقف أسفل نافذتها .. أمسكت صدغيها وهي تميل للأمام محاولة التذكر .. عاد المشهد يتمثل أمام عينيها حياً .. حين صدمها وجوده وتراجعت بفزع وكادت تصرخ لولا كفه التي كتمت فمها بينما يشدها مرة أخرى لتلتصق به وجُن جنون نبضاتها وأعصابها بينما تضربه بقبضتيه في صدره واخترق صوته القوي بتحيته العابثة بلغتها الأسبانية .. همهمت وهي ترمقه بعينين مشتعلتين اتسعتا أكثر وهي ترى ابتسامته العابثة تتسع بينما يواصل بنفس اللغة
"حبيبتي .. لا داعي لمقاومكِ هذه .. كلما قاومتِ كلما سارعتِ بالخسارة أمامي"
توقفت فجأة عن المقاومة ترمقه بحقد .. إنّه ذلك الوغد الذي أوقف مشروع أحلامها بتدخله اللعين .. عادت إليها ذكريات لقائها الأول به وتوحشت نظراتها لترفع ساقها وتنزل بها على قدمه بكل قوتها لكنّ الوغد أسرع يحرك قدمه للخلف لتسقط قدمها هي على الأرض بعنف جعل عينيها تجحظان بألم ليضحك هو مزيداً من غضبها ونقمتها قبل أن تبهت ابتسامته لكنّ نظراته ظلت على عبثها قبل أن يسكنهما شيء لم ترتح له وجعل كل الشعيرات الصغيرة في جسدها تنتصب بخوف بينما يمر بنظراته على وجهها وشعرها ثم على ثيابها لتنتبه برعب أنّها كانت واقفة أمامه بقميص نومها .. صحيح أنّه كان محتشماً عن فساتين كثيرة سبق وارتدتها في عروضها وحفلاتها لكنّه يبقى قميص نوم .. احمر وجهها وعادت تقاومه بشراسة ازدادت وهي تسمعه يردد
"لا أعتقد أنّ ملابسكِ هذه مناسبة لمقابلة مدير أعمالكِ"
وألقى نظرة نحو الساعة المعلقة على الحائط ليردف بسخرية
"ولا هذه الساعة المتأخرة من الليل أيضاً مناسبة للقائه"
عادت عيناه تتحركان على جسدها بحسية جعلتها تقاومه بكراهية وتضرب ساقيه بكل قوتها لكنّها لم تهز شعرة منه .. شهقت داخلها عندما شدها أكثر وضاقت ذراعه حولها مغمغماً بعبث
"على مهلكِ يا فراشة"
لم يدر كم كان محقاً في وصفه، فإحساسها القاهر الآن بينما تقاومه دون جدوى كان شعورها أنّها فراشة مسكينة سقطت في شباك عنكبوت ضخم .. كفاها المحاصرتان فوق صدره نبهتاها لأفكارها الحمقاء ليعدل عقلها .. حسناً .. إن جاز وصف ذلك الجاكوار المفترس بالعنكبوت .. اللعنة عليه .. همهمت بشتائمها التي زادت من لمعة عينيه لا أكثر بينما يردف قائلاً بأسف مصطنع
"لا أعرف رأي سالم بهذا الموضوع"
وانقلبت نظراته لأخرى سوداء جعلتها تتوقف وهلة عن المقاومة قبل أن يردف مستعيداً عبثه
"بالنسبة لي .. لا أحب لامرأتي أن تقابل الغرباء بهذه الثياب ولا في هذا الوقت المتأخر، اتفقنا فراشتي؟"
لم تحتمل ما فهمته من كلامه فحركت فمها بعنف لتتمكن في النهاية من غرس أسنانها في كفه .. تأوه وهو يرفعها عنها وتراجع مرغماً فدفعته بكل قوتها في صدره هاتفة
"اللعنة عليك أيها الوغد .. ماذا تظن نفسك فاعلاً؟"
ضحك وهو يلوح بكفه في الهواء قبل أن يلامس أثر أسنانها ويقول بسخرية
"فراشة مفترسة كما توقعت"
ثم غمز بوقاحة وهو يتحرك نحوها
"وكما آملت في الحقيقة"
ومط شفتيه متمتماً بأسف
"لا أحب الصيد السهل لحسن حظي وحظكِ"
تراجعت بحذر تختلس النظر إلى هاتفها
"ابتعد .. إياك والاقتراب .. سأصرخ والجيران سوف .."
ضحك ساخراً
"اصرخي "ميا آمور" .. لا يوجد أحد على بعد أمتار من هنا سيستطيع سماعك للأسف"
ابتلعت لعابها بصعوبة ولفظة التحبب الأسبانية زحفت على جلدها بطريقة أثارت أعصابها أكثر، لترتكب أكثر أخطائها غباءً حين أعطته ظهرها تريد الوصول لهاتفها .. شعرت بحركته خلفها وقبل أن تلتفت خيّم خياله فوقها قبل أن تحيط كفه بفمها وأنفها وتسللت إلى صدرها رائحة نفاذة .. آخر ما شعرته كان اختفاء الأرض من أسفل قدميها وارتفع جسدها في الهواء قبل أن تتسلل لمسامعها نبضات صاخبة اخترقت صدره إلى أذنيها قبل أن يبتلعها الظلام تماماً.
رفعت رأسها متنفسة بقوة .. الوغد .. الحقير اختطفها .. أسرعت مرة أخرى إلى الشرفة وخرجت ليصفعها الهواء القادم من البحر أو ربما هو المحيط .. لا تعرف .. ما تعرفه أنّها مخطوفة ومحبوسة في مكان ربما بعيد كثيراً عن جون و .. سالم .. اتسعت عيناها بجنون وهي تغرس كفيها في شعرها .. هل عرف باختفائها .. كم مر أصلاً على وجودها هنا .. ربما أفقدها الوعي لأيام .. عادت تنزل بعينيها على ملابسها ليخفق قلبها بخاطر مخيف .. هل .. هل اقترب منها أثناء تغبها عن الوعي؟ .. كزت على أسنانها ونار حقد رهيبة اشتعلت بقلبها لتندفع مرة أخرى للداخل .. ضربت الباب بقبضتيها بكل قوتها وواصلت ركلاتها صارخة فيه بكل لغاتها ولعناتها قبل أن تتهالك قوتها وخذلتها ساقاها فسقطت أرضاً محدقة أمامها بذهول .. لقد ضاعت .. لن يعرف أحد بوجودها هنا .. بالتأكيد لم يترك دليلاً يقودهم إليه .. أطرقت دافنة رأسها بين كفيها تفكر في مصيبتها باختناق ورعب وعقلها يرسم عشرات الاحتمالات لما يريده منها وما يخطط له ولأجله أتى بها هنا.
********************
اندفع سالم بخطوات عنيفة ضارباً الأرض بقدميه قابضاً على كفيه بكل قوته .. لا يصدق .. لا يصدق ما سمعه من أمه .. كيف يحدث كل هذا؟ .. وهو .. الغبي الأناني .. تخلى عنها وعنهم جميعاً وهرب بنفسه من جحيم جده ومن جحيم قلبه المكلوم وعذاباته بخيالاتها مع رجل غيره .. تركهم وحدهم في الجحيم ونفذ بجلده .. الآن بات متأكداً أنّ ما يحدث له عقاب على كل جرائمه في حق أسرته قبل أي شخص آخر حتى رواء .. عودة رواء لحياته هي العقاب الذي تقرر لحسابه على أنانيته اللعينة .. لقد هرب .. هرب كجبان ملعون .. توقف بقلبٍ ينزف عند باب الغرفة التي أخبرته أمه عنها ومد يداً مرتجفة نحو أكرة الباب بينما غصة رهيبة تقف في حلقه .. حسم تردده وعشرات الصور المرعبة تتمثل في خياله لما يمكن أن يجده بالداخل ... فتح الباب ليتوقف مكانه مفكراً باختناق .. الباب مفتوح .. ولا فائدة لباب مفتوح إن كان سجن الإنسان يقبع داخله .. لا يهم إن كانت تجلس في حديقة البيت دون أسوار أو حراسات .. هي مسجونة داخلها ولن تغادر أبداً .. قاوم مرارة أفكاره ودلف للغرفة ودارت عيناه بسرعة داخلها بحثاً عنها، متأملاً في رحلتهما، محتوياتها القديمة بأسى قبل أن تتوقف عيناه عليها .. كانت تجلس فوق كرسي خشبي ورأسها ملتفت نحو الشرفة المغلقة بقضبان حديدية تسمح بنفاذ النور، والهواء فقط .. اقترب بخطوات مرتجفة ليتوقف مكانه مع صعقة جديدة تسقط على عقله وقلبه معاً وعيناه تصطدمان بشعرها الأسود القصير جداً .. قصة صبيانية أعادت لذهنها شعر رواء الذي اجتزته من حياتها وذكرياته .. إنّها عقابه .. ما يراه الآن يؤكد له أنّ رواء عقابه .. فلك .. همس اسمها بخفوت وعيناه تغيمان بالدموع دون أن تفارقا شعرها القصير .. كانت هي غائبة عن كل شيء .. لم يبد أنّها شعرت بدخوله من الأساس .. عاد يهمس اسمها وهو يقترب ليجلس أمام مقعدها على ركبتيه وأخذ شهيقاً مرتجفاً آلم صدره بقسوة وهو ينظر لوجهها الباهت وعيناها الميتتان تتطلعان للخارج بصمت قتله ومزق قلبه إرباً بينما ينزل بعينيه على جسدها الذي فقدت أكثر من نصف وزنه .. هزلت كثيراً أكثر مما يتذكر .. اقترب أكثر ومد كفه يلامس خدها هامساً بوجع
"لوكا .. هذا أنا .. لقد عدت"
لم تلتفت نحوه فعاد يهمس
"حبيبتي .. أنا سالم"
قطب عندما لامست كفه خدها الآخر فأدارها لتصعقه الندبة التي شوهت جمالها .. ندبة لجرح قديم شوه وجه القمر .. احتضن وجهها هامساً
"فلك .. هذا أنا يا وجه القمر .. لقد عدت"
تحركت عيناها بعد لحظات لتتوقفا على وجهه لبرهة طويلة زادته اختناقاً فعاد يغمغم
"سامحيني .. أنا آسف .. كنت أنانياً .. سامحيني"
لم يعرف إن كانت دموعها ترقرقت في عينيها أم أنّ دموعه هي ما شوشت رؤيته لكنّه تأكد عندما انتفضت فجأة مبتعدة عنه وملتصقة بكرسيها .. ارتفع قليلاً على ركبتيه هاتفاً
"اهدأي لوكا .. هذا أنا سالم .. ألا تتذكرينني؟"
مد يده نحوها لتتوقف في الهواء عندما تراجعت هي برعب أكبر وأخفت وجهها خلف ذراعها تحتمي بها من ضربة ظنت أنّها ستتلقاها .. لم يحتمل كل هذا .. سبّ نفسه بجنون وهو يمد يديه ليلتقط جسدها الضئيل رغم مقاومتها التي ازدادت شراسة وهتف متوسلاً
"انظري إليّ لوكا .. انظري لي هذا أنا سالم .. لقد عدت ولن أترككِ مرة أخرى .. أقسم لن أترككِ"
ضربت صدره بكفيها في شراسة وعيناها كانتا ضائعتين لا ترياه .. ضمها بقوة هاتفاً بتوسل أكبر
"أقسم لكِ لن أغفر له ما حدث .. سأعيد لكِ حقكِ حبيبتي .. سأقتص منه"
وتمتم عندما استكانت حركتها فجأة
"وسأقتص لكِ مني أنا أيضاً فلك .. سأفعل"
رفعت عينيها الضائعتين له أخيراً ولوهلة خُيل إليه أنّه يرى داخلهما فلك القديمة قبل أن تعاود ضرب صدره بقبضتيها الضعيفتين فعاود شدها إليه لتصدمه صرخاتها المبتورة وهي تواصل ضربه .. لا كلمات .. فقط أصوات مختنقة بدت له كعواء حيوان جريح .. صوتها الضائع المبحوح وصرخاتها وضرباتها .. استسلم لها كلها يقتص لها من أنانيته وجبنه .. مدركاً باختناق أنّه كان محقاً عندما أدرك أنّه لا يستحق فرصة أخرى من القدر .. هو الآن في مرحلة الحساب .. هو الآن يتلقى عقابه وسيفعل بكل رضا ودون أي اعتراض.
**********************
انتهى الفصل الأول
قراءة ممتعة
إن شاء الله ينال إعجابكم
أرق تحياتي


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 05-07-20, 11:05 PM   #15

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ساهرية مشاهدة المشاركة
مساءُ الخير يا جميلة
مُبارك نشر روايتك الجديدة :heeheeh:
مقدمة جميلة جداً يكتنفها الكثير من الغموض والأسئلة - ربما لأنني لم أقرأ الأجزاء السابقة -
وأسلوبك متميز وسردك سلس وجميل
أتمنى لكِ كل التوفيق
كوني بخير

الله يبارك فيكِ يا جميل
سعيدة إنّ أسلوبي وسردي نالا إعجابكِ
ههههههههه فعلاً أحداث الجزء مرتبطة ببداية الأحداث بالجزء الأول .. أتمنى ياخد فرصة وتقرأيه في يوم ويعجبكِ
تسلمي كتير وسعدت جداً بمروركِ


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 05-07-20, 11:06 PM   #16

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ذهب مشاهدة المشاركة
أهلًا من جديد
ما بعد قرأت الجزء الثاني بس أتمنى الجزء الثالث يكون فيه طارق وريناد وقصتهم كنت حابتهم كثير بالجزء الأول وانتظرت قصتهم بالجزء الثاني
بإذن الله ألحق على فصول الجزء الثالث بالتوفيق 💜💜

أهلا يا قمر ونورتيني من تاني .
إن شاء الله تستمتعي بقراءة الجزء الثاني وتنوريني في الجزء الحالي

طارق وريناد هتعرفي آخر أخبارهم بالجزء الثاني لما تقربيه لنهايته

إن شاء الله تلحقينا يا جميل


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 05-07-20, 11:07 PM   #17

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mansou مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مبروك حبيبتي ماي لو الجزء الثالث من السلسلة وموفقة بإذن الله إن شاء الله اكون من المتابعين لها

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الله يبارك فيكِ يا قلبي
وإن شاء الله تنوريني من تاني في الجزء الجديد ويعجبكِ أكثر من الجزئين السابقين


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 05-07-20, 11:09 PM   #18

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت سعاد38 مشاهدة المشاركة
بداية جميلة مشوقة سلمت.يداك بالتوفيق حبيبتي
تسلمي يا قمر وسعيدة جداً بمروركِ
إن شاء الله يعجبكِ الفصل الأول وتستمتعي بقراءته


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 05-07-20, 11:14 PM   #19

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Gezel مشاهدة المشاركة
موفقة ميوش حبيبتي 😘😘😘😘😘
منتظرين البدء بالرواية بكل شوق ❤❤❤❤❤❤❤❤
تسلمي كتير يا قمر
نزل الفصل الأول وإن شاء الله تستمتعي بأحداثه كلها
منوراني دايماً


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 06-07-20, 02:16 AM   #20

عبير سعد ام احمد
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبير سعد ام احمد

? العضوٌ??? » 351567
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,136
?  نُقآطِيْ » عبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond repute
افتراضي

مبروك ياميوش
أنا حابسة أنفاسي من الوقتى
بس زعلت أن شاهى مش من ابطال الرواية


عبير سعد ام احمد غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:50 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.