آخر 10 مشاركات
العشيقة البريئة(82)للكاتبة كارول موتيمور(الجزء الثالث من سلسلة لعنة جامبرلي) كاملـــه (الكاتـب : *ايمي* - )           »          بروحي أشمُّ عطرك(81)(مميزة) _حصرياً_قلوب نوفيلا_للرائعة(bambolina) كاملة+الروابط (الكاتـب : bambolina - )           »          أهلاً بكِ في جحيمي للكاتبة الفاتنة: عبير قائد (بيـــرو) *كاملة & بالروابط* (الكاتـب : Omima Hisham - )           »          قيدك الماسي (7) -رواية غربية- للكاتبة المبدعة: Shekinia [مميزة]*كاملة &الروابط* (الكاتـب : shekinia - )           »          321- سهام من حرير - ميراندا لي (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          91- بين ضفتي الحب -كيت والكر -عبير كتاب عربي (الكاتـب : Just Faith - )           »          A Walk to Remember - Nicholas Sparks (الكاتـب : Dalyia - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات القصيرة المكتملة (وحي الاعضاء)

Like Tree16Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-07-20, 04:01 PM   #1

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي أبواب سقر (3) .. سلسلة لؤلؤة في محارة مشروخة *مميزة ومكتملة *





بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين

سننتقل بعون الله إلى الجزء الثالث من سلسلة لؤلؤة في محارة مشروخة والذي سيكون بعنوان ..
"أبواب سقر"





المقدمة

في الفضاء الهادئ.. ذو النسيم الدافئ.. كان عصفور بهيج.. يرفرف فينشر الشذا و الأريج .. بأجنحته البهية.. فوق بلاد هذا الزمن و ربوعها المنسية.. قد يمر ببعضها على خجل.. و قد يطرب في سماء أخرى لأهازيج شجية.. يستهويه أن يستريح إلى نوافذ الزنازين.. كي يهدي قاطنيها حفنة من التباشير.. يقول لهم لا تقنطوا فاليسر قريب.. و الغمة ستنجلي ليزهر الربيع.. و سينبثق فجر جديد يحمل بين خيوطه الحلم الذي ظننتموه بعيد.
نقر العصفور بمنقاره على الحديد.. ينبه الروح المستترة بألا تحيد.. يقول لها : لا تغادري الصمود.. لتجيبه الروح الكسيرة في أرض الغرفة السحيقة : إنَا على العهد بالصبر باقون.. و على الأمل بأحضان الحرية مستبشرون.. .. سنهزم سجننا و الترح.. و نغير على رياض الفرح.. قد حُفرت أسماؤنا السجينة على الجدران المظلمة الشقية.. لكن بعزيمتنا سننحت رسم الحرية على الرواسي الأبية و أبدا لن نستسلم لغول اليأس ينهش منا الأمل و الأمنية..فنحن روح الصمود النابض بالإقدام.. نحن الراحلات عن أرض الأحزان.. نحن المستبسلات في فتوحات الآمال.. فيفرح العصفور .. و يستطنق الروح.. أن اخبريني حكاية الدموع.. حينها لاح ضياء وهاج و صوت كما الهزيم.. ليختض قلب العصفور الصغير.. و تتوه مقله في المحيط الرديم.. ليستزيد من الروح ذات الطرف الحزين : أن جودي بجعبة الحميم.. فدارت الروح حول نفسها.. لتتبدل إلى كل من دخل سجنها.. و برق على الجدران إسمها.. فتقول و هي تمسد سواد ثوبها..
أنا حكاية خمسة عشر.. أنا مجمع النقاء و الشر.. فلتنصت عدلا.. فحكاياتي لم تعبر بخيال بشر..
فسردت الروح.. لينكس العصفور منقاره كاسفاً و هو يستمع لسؤالها المجروح:
أيها الطائر البديع.. أما آن لي الرحيل.. عن أرض الظلام المريد إلى فضاء الضياء المديد.. أم أن لا رجاء لي في غفران قريب.. فأنا القاتل و المقتول.. أنا اليد التي خنقت روح الطهر و أنا نفس اليد التي احترقت بجريرة العهر.
و التفت الروح تخفي دمعة غادرة.. سالت تحرق وجنتها الغائرة.. لتقول : حلق بعيدا عصفوري الجميل.. حرر حكاياتي.. و أرسل إلى السماء أمنياتي.. حتى يأتي الوقت الذي ألتقيها في أرض اطمئناني.

روابط الفصول

المقدمة .... اعلاه
الفصل الأول.... بالأسفل

الفصل الثاني والثالث نفس الصفحة
الفصل الرابع
الفصل الخامس والسادس الأخير






التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 18-07-20 الساعة 11:55 AM
وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-20, 04:04 PM   #2

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الأول


" أوكلَما غطى على شُباكنا ليلٌ من اليأس المعتق و استطال.. تقول دامعة المقلْ: ... هل من أمل؟.. فيقول عصفورٌ يُنقَطُ بالعسل: أجل أجل "
الدكتور أيمن العتوم

هل تظنون أن الندم قد ينصفنا يوماً؟ هل تظنون أنه تطهير للنفس و ما سولت به؟ هل هو شفيع لنا يوم نعرض على الرحيم ؟! ليته يكون! فحينها سأتيقن أني من المبشرين.. لكن ماذا إن لم يكن.. كيف الخلاص منه حينها.. بلى أنا أسعى للخلاص من الندم.. لإن الندم يتعانق مع الذكرى.. وأنا .. أنا أبتغي الكفر بتلك الذكرى فلتلك الذكرى طعم صدئ وددت لو بصقته فأنسى.. قد نزفت كل مسراتي .. و ذرفت كل دموعي.. استهلكتها كلها على أمل أن أتخفف من الحمل.. من وجع الذكرى.. لكن دون نفع.. فالذكرى راسخة في العقل كصخرة عنيدة و الندم قد استوطن الروح لا يبارحها.
ندَت عني تنهيدة متأنية ملتهبة تحكي رتوشاً من وجعي.. أرجعت بصري لشاشة الحاسوب أحدق بها.. الوهج المنعكس عنها قد أزعج مقلتيَ وهو يتنافر مع عتمة الحجرة من حولي.. تقترب أناملي من الحروف بلحظة لتفر هاربة بالأخرى.. الخوف يناديني للهرب.. يتوسل إليَ ألا أقترب من تلك المنطقة المحرمة من عقلي مجددا "لن تجدي سوى الهلاك" أظن الخوف يقول.. فجادلته.. قد هلكت من قبل و ها أنا قد بعثت من جديد.. ليقذف بالحقيقة المرة في وجهي دون مواراة.. "هل تسمين هذه الروح الباهتة و الجسد المتهدم بعثاً!".. لأنهي الحوار الجدلي بقولي "هذا ما نجت به سفينتي.. و بالإيمان و العزيمة سأعيد بناء ما تحطم بداخلي فأعرض عني و غادرني فأنا بأشد الاحتياج للشجاعة و لن تزورني إلا برحيلك".

و غادر الخوف.. أجبرته أن يغادر.. لأعود من جديد للشاشة و الحروف.. و بخطى صغيرة مرتجفة أطوف حول الذكرى.. لآخر مرة.. فقط هذه المرة.. سلَمت أمري و عزمت أن أمضي بالأمر حتى لو كنت كارهة.. فذلك جزاء الوعد.. و أنا قد وعدتها و ليتني لم أفعل.. قربت أناملي مرة أخرى.. فرأيت الدم يقطر منها.. صككت أسناني و أنا أذكر نفسي أنها أوهام.. هي وساوس سترحل ما أن أتجاهلها.. سحبت نفساً عميقاً و أنا مغمضة العينين و أخرجته زفيراً ساخنا و أنا أفرق ما بين جفنيَ.. هممت بنقر الحروف لترتسم الكلمات التي تقصص الماضي الذي يجثم في عقلي كوحش قبيح قد وسَع ما بين شدقيه ينتظر لحظة اقترابي من ذكراه لينشب أنيابه في عمق روحي.. لكن لا بأس .. أظنني من القوة أن أتخطى هذا.
عزيزتي وداد.. أرجو أن تلتمسي لي العذر لإعراضي عن لقائك.. فالجروح التي تبتغين فتحها ما زال وجعها يضرب جسدي و روحي.. و لن ينطق بها لساني.. لذا أدعو الله أن تفي بها كلماتي المرسلة إليك عبر أثير الشبكة.
في محادثتنا المرئية اليتيمة التي استفضتِ في التعبير عن شوقك من خلالها لسماع قصتي.. و تفاخرتِ بأنها ستكون وردة ضمن باقة عظيمة من ورود الحكايا.. لكن ولتعذريني على السخرية فأنا أظن أن وردتي ستكون جافة و سوداء كسواد القلوب من حولنا.. لكن إن كنت ما تزالين مصرة فهي لك.. و تلك باقتك فلتجمعي إليها ما أردتِ.
لا أعلم من أي أرض ماضٍ أستهل قصتي! هل أبدأ بالقصاص.. أم بالظلام أم لربما بالبعث؟
البعث.. هو ما أحياه الآن.. لن أخفيكِ أني حفرت بالصخر الجاثم فوق روحي لأصل لنقطة مضيئة.. لم أرتجِ سوى تلك النقطة لأقبض عليها بكلتي يديَ ممنية نفسي أن تنير بضيها الخافت الباهت بعضاً من طريقي إلى حياة جديدة، كان درساً قاسياً.. كان امتحاناً صعباً.. لكن لا بأس.. فعند الشدائد يظهر معدننا الأصيل.. الشدائد تنفض التراب المتراكم فوق معدننا ليلمع و يشتد به عودنا الأصفر الهش.. تلك الشدائد ما تجعلنا نألف الكرب.. و نبتسم في وجه الصعاب و نحن نزيحها عن طريقنا بيد صلبة.
فلنعد إلى القصة عزيزتي و السؤال " أين تكمن البداية؟ "، آآآه بالطبع.. يجب أن ابتدئ بالظلم.. الظلم الذي أنزلته أنا بقلب طاهر.. قلب أحب بطهر و فارق بقهر.. لا تستعجبي عزيزتي.. فكلنا ظالم و كلنا مظلوم.. ليس فينا النقاء الصافي و لا الظلام الدامس.. كلٌ يشوبه بعض من الآخر.. سأرتقي بقصتي من هناك.. من ذلك النهار المديد..أذكره نهاراً ذو شمس دانية تلسع الجباه بأشعتها و تثير الغيظ من شديد القيظ.. و أنا أجلس على مقعد خشبي في ساحة الجامعة مسبلة ذراعيَ على طول ظهر المقعد من الجانبين.. رأسي يتكئ للخلف و استنشق عبق الأشجار المحمَل برطوبة الجو الخانق و خيوطٌ حارقة مضيئة تصلني بعد أن تسللت من بين أوراق و أغصان الشجرة العتيقة التي تظلل المقعد، رنت مني نظرة للقادم نحوي و ابتسامة جذلى تزين ثغره.. يحمل بكل يد قدحاً من القهوة و قد تاهت أبخرتها المتصاعدة مع بخار الجو المشبع بالرطوبة.. اقترب و مدَ يده بأحدهما لألتقطها منه و ابتسامة عاشقة ترتسم على شفتيَ.. نعم قد كنت عاشقة و لربما ما زلت.. لكن الخزي يكبلني فلا أجهر بهذا الحب.. جلس بجواري و التفت نحوي يحدثني:
- قهوة ملوكية لملكة جمال الجامعة.
نظرت له بطرف عيني و انا ألوي شفتيَ بامتعاضٍ أشاكسه:
- فقط الجامعة؟!!
صدم كتفه بكتفي بخفة و هو يغمز مقراً:
- بل ملكة جمال العالم أجمع.. و الأهم مليكتي أنا.
ابتسمت باتساع حتى بانت أسناني المصفوفة بانتظام.. كم كنت أعشق المديح و الغزل.. كنت مدمنةً للكلمات التي تتغنى بجمالي.. و خاصة لو كانت منه هو.. كل كلمة غزل تخرج من بين شفتيه كانت كما السقيا لروحي فتزهر و تزهو.. أعرضت عنه بكبر مصطنع أتطلع للجمع الذي يطوف بالجامعة من حولنا.. أتفحص البشر و ما يظهر عليهم من حركات جسد و إيماءات صريحة و متوارية.. تركزت أنظاري على صديقتي " لبنى " تجالس من تعلم أنه غارق في العشق و الوله.. ابتسمت بتهكم و أنا أفكر أن يا له من سقيم الحظ.. لا يدري أنها تتلاعب بمشاعره الجارفة لها و تقتات على ما يبذخ به عليها من هدايا باهظة.. قد واجهتها بذنبها في حينٍ سابق أنهرها عن أمرها لكن دون نفع.. و حجتها أن الرجال متلاعبون بطبعهم.. هي خصلةٌ بهم لا حيلة لهم بها.. فما الضير لو تلاعبنا نحن أيضا.. أليس هو حقٌ مكتسب ؟! تنهدت بأسى و أنا أعلم مكمن الجرح الذي يثعب بهذا القيح.. حبها الأول أو الصفعة الأولى.. و التي من بعدها أقسمت ألا تنال منها يد الحب المتعاضدة مع الغدر مرة أخرى.. و ها هي الآن.. تنهل من عطاء الحب دون أن تخطو نحوه.. تقف على بعد رمية حجر منه حيث الوهم بالعشق دون أن تطأه بقدميها.. نفخت أنفاسي بأسى و كلمات "يحيى" تأتيني مستفهمة:
- ما بالك شاردة حبي؟
حانت مني التفاتة نحوه و قد رسمت السعادة على صفحة وجهي أجيبه بمواراة:
- شاردة بحبي لك عزيزي.
قبضت كفه على كفي يشد عليها و هو يقول:
- لا حرمني الله منك يا منال.. أكاد لا أستطيع الانتظار حتى ننتهي من هذا الفصل و نتخرج و أبدأ التدريب بأحد أفضل مكاتب المحاماة و من بعدها سيأتي التثبيت.. حينها لن يطول الأمر حتى أصبح قادراً على الزواج و وقتها سيزين خاتمي يدك هذه يا حبي.
ابتسمت بسخرية أكسر أحلامه بقولي:
- هل حقا تظن أنك ستجد عملا فور تخرجك عزيزي.. لربما سيأخذ منك الأمر عدد سنوات دراستك حتى تدخل إلى المحكمة لتترافع عن أول قضية لك.. لا تسمُ بتوقعاتك حبيبي.

امتقع وجهه و أعرض عني.. في الآونة الأخيرة بتُ أُكثر من حديثي الجارح لهمته دون قصد مني.. أو لربما بتحفيز من عقلي الباطن.. كنت أشعر بالذنب ينهشني كلما تفوهت بتلك الكلمات لكنها باتت تسيطر على أفكاري التي كانت تتأرجح فوق الهاوية.
نفضت الأمر عن ذهني و تطلعت إلى ساعتي المتهالكة الملتفة حول معصم يدي لأقول بتقرير يوازيه نهوضٌ عن مجلسي:
- هيا يحيى.. لقد تأخرت على موعد المحاضرة الأخيرة.. سأحضرها و بعدها سأذهب مباشرة إلى المنزل فخالتي ستزورنا اليوم و علي أن أكون متواجدة لاستقبالها.
ألقيت عليه سلاما جميلاً فقابله بابتسامة مهتزة شاحبة لنسير بعدها كل إلى طريقه.. و في طريقي إلى قاعة المحاضرات جاورتني في خطواتي لبنى.. رفعت ذراعها أمامي ليظهر معصمها المزين بساعة ذهبية مرصعة بالحجارة الكريمة لتقول و هي تتلاعب بحاجبيها:
- انظري ما أتى به لي " مؤيد ".. جميلة أليست كذلك؟
قلبت عينيَ بضجر أجيبها:
- بلى عزيزتي هي كذلك.. مبارك عليكِ.
لن أنكر أن وهج الساعة قد خطف بصري للحظة.. لحظة واحدة.. يقولون أن السقوط إلى الهاوية يحتاج للحظة استدارة عن الطريق القويم.. لربما كانت تلك لحظتي.. سجنت غيرتي بداخلي و انا أقارن تلك الساعة بساعتي المستهلكة و شوائب الامتعاض بدأت تتسلسل من قضبان السجن بداخلي لتطفو على السطح.. جاهدت على تصنع التأفف و اللامبالاة حتى وصلنا القاعة ليمضي اليوم بعدها حتى وصلت منزلي.
- مناااال.. اشتقت لك حبيبتي.. تعالي إلى حضني يا قمر.
توغلت في أحضان خالتي راغبة و قد وجدتها تنتظرني حالما ولجت لداخل المنزل.. بدلت ثيابي سريعا و جاورتها في المجلس بينما أمي تعد طعام الغداء في المطبخ.
لم أخبرك عن خالتي من قبل عزيزتي وداد.. كيف أصفها؟؟ لنقل أنها كانت مكمن أسراري للتقارب العمري بيننا.. حياتها كانت بالنسبة لي الحلم الذي أود أن أحياه.. تزوجت من رجل ميسور.. مهد لها طريق العلم و الراحة و الحياة الهانئة المترفة.. أنهت تعليمها العالي في كنفه.. تسكن منزلا ينساب لعابي لمرآه في كل مرة أخطو بداخله.. لديها سيارة حديثة الصنع.. لا ترتدي إلا أحدث الثياب و أثمنها.. أما الحلي و المجوهرات فحدث و لا حرج.. جلست أخبرها عن يحيى و حبنا العظيم.. لأجد منها سخرية لمست نقطة سوداء بداخلي و لغير العجب وجدتها قد توسعت قليلا..
- يا عفو الله منال هل ما زلتِ مع هذا البائس ؟! ألم تقولي أن والده متوفى و هو يعمل و يصرف على دراسته و والدته و أخواته.. بالله عليك متى سيكون جاهزا للتقدم لخطبتك؟ أنا سأجيبك عزيزتي.. عندما يتجمد الجحيم.. أو لربما إن ربح ورقة يانصيب.. أخرجيه من قلبك عزيزتي و امضي بهذه الحياة مرتكزة على عقلك.. الحب لن يجلب لك الحياة الهانئة.. صدقيني عزيزتي بعد الزواج الحب لن يدوم أكثر من سنة أو لربما سنتين على الأكثر و من بعدها.. هه ستجدين الاختلافات و العسر الذي يشوب الحياة يتسرب من بين الشقوق فينغص عليكما الحياة حتى تضحي خانقة كئيبة.. خذيه ميسورا.. خذيه رجلا يمكنه أن يحقق لك أحلامك و انت تضعين الساق فوق الساق و ليس عليك سوى الأمر و هو عليه الطاعة.. انظري لنفسك بالمرآة عزيزتي.. أنتِ فاتنة الجمال.. و لهذا الجمال حق عليك أن تحيطيه بالرغد و الترف.
ارتجف قلبي.. أحسست برجفته.. أشحت بوجهي و أنا ألعق شفتيَ و كلماتها تصل لمسامعي و منها إلى تلك النقطة السوداء لأجد أن النقطة اختفت وقد أضحت بقعة كبيرة قاتمة كالقطران.. نفضت رأسي.. مرة و مرتين و أنا أجيب خالتي بصوت مهزوز:
- أنا لا آبه لتلك المظاهر خالتي.. ما يهم هو القلب الذي سيحتويني و الحضن الذي سأسكن إليه.. أنا واثقة من حب يحيى لي و مؤمنة أن رصيد حبنا لن ينفذ حتى بعد خمسين سنة من الزواج.
ابتسمت الخالة بسخرية تنهي الحديث الذي بلا طائل من وجهة نظرها:
- هذا إن استطاع التقدم لخطبتك عزيزتي.. نحن في زمن يقاس فيه الرجل بجيبه.
بدأ صدري يعلو و يهبط غيظا من حديث خالتي.. حسنا لن أكذب.. كان غيظاً من تأثري بحديثها.. كلماتها كانت كما الغاز السام الذي يتسلل إلى قلبي فتمتلئ حجراته جلها بالسموم.. فهل كان لي من نجاة بعدها؟ ليت البشر يتركونا لمسراتنا! ليتهم لا يلوثون مشاعرنا الصافية بقبيح أفكارهم و حديثهم! و ليتني لم أدع للطعن بحبي من سبيل إلى فكري.. ليتهم و ليتني.. كلمات لا تعيد ما جنته أيادينا.. فهنيئا لنا ما جنيناه جزاء ما آمنا به من وسوسة البشر اللذين هم أدوات الشياطين.
دخلت علينا أمي تجاورنا و علامات الإنهاك تنضح عن وجهها و جسدها الذي يصرخ ألما.. لتبادرها خالتي بقولها المشفق ظاهراً لكن متشفٍ في الباطن:
- ألن يحن قلب زوجك عليك يا " سمية " و يأتي لك بخادمة تزيح عنك حمل المنزل و قاطنيه!!
ابتسمت والدتي بوهن تجيب بصفاء نية:
- قلب زوجي حنون دوماً.. لكن الحال هو من يفتقر للحنو علينا.. بإذن الله سيمضي العسر و يأتي الفرج قريبا بإذن الرحمن و وقتها أعلم ان " أحمد " لن يقصر معي و مع أهل بيته بشيء.
هزت خالتي " ميادة " رأسها للجانبين ..
- تعيدين على مسامعنا نفس الإجابة من يوم زواجك.
تجاهلت والدتي الرد لتحول دفة الحديث تجاهي ..
- حبيبتي منال كيف كان يومك؟
أجبتها بعينان زائغتان كما زيغ الفكر:
- بخير أمي بخير.
التمعت عينا خالتي بمكر تقول و هي تحرك كفها أمامها:
- هل رأيتِ يا سمية خاتم الألماس الذي أهداني إياه زوجي.. قد جلبه لي في آخر رحلة لنا لباريس.
ربتت والدتي على فخذها تدعو لها:
- فليدم الله بينكما المحبة عزيزتي.
توترت حدقتا خالتي.. و أنا التقطت تلك الارتعاشة في عينيها.. لم أعلم معناها حينها و لم آبه.. لأعود الآن لكلمة " ليتني ".. ليتني علمت.. لكنت تيقنت أن كل حديثها ما كان منبعه سوى الغيرة و الحسد.. لا تعجبي.. لقد كانت حاسدة و قلبها يضج بالغيرة من أي متحابين.. فكما يقولون عزيزتي وداد " ليس كل ما يلمع ذهباً ".
في مساء ذلك اليوم أرجأت مذاكرتي لدواعي انشغال البال و الفكر.. تمنيته انشغالا بمالك القلب و الروح.. لكن حتى تلك الملكية بدأت التشكك بها.. كل ثوابتي أضحت متهلهلة.. شعرت أن أي هزة أخرى قد تطيح بكل شيء.. جلت بأنظاري في حجرتي العتيقة.. أتأمل الدهان المتشقق عن الجدران.. الخزانة مشرعة الأبواب لأنها ببساطه قد اهترأت و سقطت متهاوية.. تقلبت على سريري إلى الجانب ليصدر صريراً يدل على قِدمه يقشعر له بدني كما كل مرة.. أخرجت تنهيدة من عمق روحي الحائرة لأنهي ليلتي السرمدية بإغلاق جفنيَ على أمل أن يحط النوم رحاله لدي.
في صباح اليوم التالي استيقظت.. و صداعٌ قاتلٌ يشج رأسي شجاً.. الوساوس التي زُرعت في فكري ما زالت تعيث به فساداً.. لكني كنت قد حزمت أفكاري و قضيت في الأمر..أخذ مني التجهز وقتاً ليس بقليل لتذمري بحجة افتقاري لأي ثياب جديدة.. وصلت الجامعة لأجلس بتكدرٍ ظاهرٍ على محياي.. سقطت دمعة حائرة من عيني اليمنى لتتبعها أخرى مقهورة على الحال من اليسرى.. أخرجني من غفلتي صوت يحيى القلق و هو يحتضن كفيً قسرا:
- ما الأمر حبيبتي.. أخبريني يا حبة القلب.
وجمت و الذنب يأكل مني كذئب يرتع بين الأغنام الضالة عن أرضها.. أصبحت أنفاسي عسيرة النفاذ إلى صدري و انا أناظره و ألف فكرة تتصارع بداخل رأسي و ألف فوقها من مشاعر تتناطح بداخل قلبي.. أخذت نفساً متقطعاً و حبسته بين جنبات صدري.. لم أطلقه لبرهة.. شعرت أن بإطلاقه سينطلق معه سيل الرصاص عديم الرحمة بهذا المحب القابع أمامي الذي يناظرني بخوف و رأفة.. لكني بالنهاية كنت مجبرة على تحريره..و كما توقعت.. انطلقت معه كلماتي كوابل من الرصاص..
- يحيى.. لربما علينا أن نفكر جديا بوضعنا الراهن.. أعني نعم نحن نحب بعضنا بعضا.. و يشهد الله أن حبك راسخ بقلبي كالشجرة العتيقة.. لكن.. لكن الظروف التي نحياها لربما لن تعطي هذا الحب الفسحة للاستقرار إلى المرسى الذي نطمح إليه.
رفعت طرفي إليه لأجده يحدق بي كمن تلقى صفعة لتوه.. برق حزن ساطع في عمق مقلتيه و هو ينأى بوجهه عني متحدثاً بصوتٍ فارغ:
- ما ألفت هذا الحديث منك يا منال.. حتى مع تلميحاتك لعسر الحال بالآونة الأخيرة فأنت لم تتطرقي لسطوة الأمر على حبنا.. أنت تعلمين تلك الظروف التي تتحججين بها الآن منذ البداية.. أنا لم أكذب و لم أغش.. تعلمين قدري الذي يكبلني.. و قد أخذت مني وعدا أن أجاهد و أقاوم متحديا هذا القدر.. بأن أركض و أركض حتى لو انقطع نفسي و تقطعت عصب ركبتيَ فقط كي أصل بنا للحظة التي أضع بها خاتمي في إصبعك.. أليس هذا كافيا؟

ارتج العسل في عينيَ و استحكم التلعثم بلساني.. أطرقت رأسي لتنزل خصلات شعري الكستنائية تحجب جانبي وجهي:
- لا أعلم يحيى.. صدقا لا أعلم.. لكن ما أعلمه أن مشوارك طويل.. طويل جدا.. و لا أعلم إن كان لي قبلٌ بالصبر و الانتظار.. المستقبل بيننا ضبابي و الضفة الأخرى تكاد لا تُرى من بعدها.
و توحشت ملامحه و هو يزأر بي:
- مناال.. هل ما فهمته من حديثك صحيح.. هل تنوين الفراق؟
لأصمت حينها صمت القبور.. و الصمت أحيانا أبلغ الردود.. ندَت عنه قهقهة خافتة.. لتعلو أكثر فأكثر حتى صدحت تطرق سمعي بنغمتها الحزينة الذاهلة.. لفظت الضحكات أنفاسها الأخيرة و مسح وجهه بكفه متطلعاً إلي بلوم.. بخيبة.. بحب تيقن أن مجيبه في قلبي قد تخلى.. ثم أومئ بتفهم يصرح بسخرية بطعم الحنظل:
- فعلا.. أنا و أنت بنفس العمر.. سنتخرج هذا الفصل سوية.. سيأتيك طلاب القرب من كل حدب و صوب.. ينثرون الحرير و الياسمين تحت قدميك.. قد وصلوا مستقرهم و لم يتبقَ لهم سوى الزوجة التي ستزين حياتهم و بيوتهم.. و أنا.. أنا أمامي طريق طويل مليء بالشوك و العثرات.. طريقي ليس مبثوثا بالورود عزيزتي.. و لك كل الحق بألا تمضي فيه معي.. صدقت يا حبي.. صدقت يا عشق العمر.. يا جرحا لن يبرأ.. يا طعنة نفذت إلى القلب و استقرت لسائر دهري أنا.. أنا أحررك من العهد منال.. لن أقبلها على رجولتي أن تبقي بجانبي شفقة أو لوعد قطعتِه على نفسك ذات طرب بنشوى الحب.. حتى لو كان فيها مقتلي يا حبي.
ثم نهض و استقام.. لم تكن ككل استقامة شهدتها له.. هذه المرة شابت استقامته انحناءة طفيفة لظهره.. قد أحنيت له هامته.. و كسرت له قلبه.. أهداني ابتسامة أخيرة.. متعثرة.. متألمة.. نفرت الدموع من عينيَ و أنا أهز رأسي رفضاً.. بينما سكنت الدموع سجينة عينيه يأبى سكبها بركام كبرياء هو ما تبقى له.. و غادر.. مضى بدربه بعيدا.. من تشنج عضلات ظهره أيقنت أنه يتجاسر ليصمد.. و يبقى الصمود عزيزاً حين تنزل بأرواحنا هروات الغدر و الخذلان.
------------------------------------------
تشوشت الرؤية و دموعي شكلت حاجباً منعني من استبيان الحروف التي أنقرها..ها أنا أبكي و أشهق و أنا أخط هذه الذكرى.. أجرح سكون الليل من حولي بنحيبي المقيت.. تلك دقائق لن أنساها ما حييت.. تلك دقائق أهب عمري فقط للعودة إليها.. لأنحر أفكاري السوداء في معقلها العفن.. و أهدي حبيبي الابتسامة العاشقة التي عهدها مني دوماً.. و أضع بين كفيه الطمأنينة أنني سأبقى معه أمد الدهر.. و سأخوض غمار حرب الأيام إلى جانبه.. لا أرجو منه سوى حضنه الدافئ و قلبه الذي يتغنى بحبي مرارا و تكرارا.. رفعت كتفيَ فما جدوى الندم و قد مات ما فات.. لن أستطيع الالتفاف و العودة لذلك المفترق.. لقد اتخذت الطريق الخاطئ الموحش بعدما أبهرتني بدايته الخضراء دون أن أعلم أنها تخفي سواداً سيبتلعني و يمضغني و من ثم يبصقني بقايا أنثى، صفقت شاشة الحاسب لأنهض عن مجلسي و أخطو لخارج حجرتي.... وصلت المطبخ فالتقطت كأسا من الماء أتجرعه مرة واحدة ممنية نفسي أن يغسل طعم الصدأ من فمي.. أسندت الكأس و أنا أشعر بالتخاذل يجتاح جسدي.. فجررت قدميَ إلى حجرتي من جديد لأرمي بثقلي فوق السرير و أغط في سبات يقيني جحيم أفكاري.. علها فقط لا تهجم على أحلامي فتحيلها لكوابيس ظننتها غادرتني.
-------------------------------------
يوم آخر أسعى فيه الذود بنفسي عن الجنون.. استجلب فيه الصلابة و ثبات الاعصاب و أنا أمرر بصري كما ذهني على الكلمات المخطوطة في التقارير الجاثمة أمامي.. قضايا و حكايا مغموسة بالبؤس و الحزن و الأمل المحفوف باليأس.. كلٌ منا له نصيب من الحزن و اليأس.. و بعضنا له نصيب الأسد منه.. في بعض القضايا أشير بسبابتي إلى الظالم و المظلوم و في أخرى أقبض على كفي بعجز و قد تاه الحق بين الخصمين.. وحده الله الشاهد على كل شيء.. حركت رأسي للجانبين بمحاولة لإزالة التيبس الناتج عن الإنهاك.. حاد بصري للباب حيث دخلت مساعدتي الشخصية تضع المزيد من الملفات المتخمة أمامي.. تنهدت بإعياء و أنا أتذكر أن هناك مراسلات علي إنهاؤها لصالح الصحفية وداد فور وصولي المنزل فلن يكون يسيرا أن آخذ معي بعضاً من هذه الملفات لدراستها في المنزل.. رميت رأسي للجانب مسندةً إياه على ظهر المقعد الجلدي لتقع عيناي على إسمي المحفور بالخشب فوق مكتبي " منال أحمد ".. منقوصاً منه لقب محامية.. حلم سنين بالغيث وجدته أخيرا رذاذ سحابة صيف.. لكن.. لله الفضل بتصريف الأمور.. مع أنه حلم مبتور غير كامل.. لكنه يكفيني و يفيض.. عادت بي الذكرى لليوم الذي تقدمت فيه للعمل في الجمعية النسائية التي أعمل فيها الآن.. سردت عليهم حكايتي و تأثروا لها أشد التأثر.. و بعد دراسة لمؤهلاتي حصلت على فرصتي في أن أخط التقارير و أدرس القضايا التي لن أصل بها يوما إلى قاعات المحكمة.. فما أن تخطوها يوما كمتهم.. ليس لك العودة إليها مدافعا عن الحق.. حتى لو كان جرمك مبررا.. حتى لو امتلكت كل الذرائع التي قد تشفع لك.. إنه القانون.. و هو نافذ على الجميع.. لربما هذا الوضع أيسر.. فأن أخطو إلى المحكمة يعني أن أصادف أحد إثنين.. القاضي الذي حكم علي بتلك السنين الخمس أو الملاك الطاهر الذي مد يده إلي في حين أفلتتني كل يد أخرى.. حتى بعد ما أفلت أنا يده في سابق عهد.. فبعض البشر.. البعض القليل فقط.. ينتفضون لحق المظلوم حتى لو لسعتهم سياطه ظلماً في يومٍ غابت شمسه.
و مع هذا لم أسمح لليأس و البؤس أن يتسللا لداخلي.. فقد كان الحماس يتملكني لمساعدة النساء اللاتي وقعن ضحية لبراثن البشر من حولهم.. زوج ظالم.. أهل نزعوا الرحمة التي فطرت عليها قلوبهم.. و أحيانا يأتي الظلم من أغراب قادتنا عثرات الحياة لأن ننحني تحت سقف ظلمهم المتعفن..كل القضايا التي مرت علي و كل التي ستمر.. هي حكايا تعينيي على التناسي.. على الانشغال عن الشرود فاستعادة الذكرى.. اللذين يعلمون قصتي و يرون صورتي من خارج الإطار.. يقولون أنظروا.. قد تجاوزت جحيمها و استعادت حقها بحياة كريمة.. لكنهم لا يعلمون.. فالجحيم ما زال بداخلي.. فقط انا من اعتدت عليه بعد أن اعتاد علي.. ألفته و ألفني حتى ظننته جنتي في الدنيا.. جنتي الملتهبة التي ما زلت أجتهد لأُطرد منها، تنهدت أزفر أنفاساً حرَى و ألقيت بنظرة إلى ساعتي لأتيقن أنه قد حان موعد العودة إلى المنزل لألملم حاجياتي و ألتقط حقيبتي مغادرةً مقر عملي.
------------------------------------------------
عزيزتي وداد.. عذرا على التأخير في الرد على رسائلك.. أقدر لك تفهمك لطبيعة عملي الحالي و التي تأخذ حيزاً ليس ببسيط من يومي.
قد أعدتِ علي طلبك باللقاء الشخصي حتى بعد تصريحي بالرفض مسبقا.. و أبديتِ عجبك من كوني لا أستطيع سرد قصتي وجها لوجه و انا أعمل كمحامية تدفع النساء ليصدح صوتهن بالدفاع عن قضاياهن في معاقل المحاكم.. سأجيبك أني تعبت.. تعبت من حديثي عنها.. تعبت من دموعي التي تغرق وجهي و من شهقاتي التي تجرح حنجرتي و انا أسرد.. و تعبت من نظرات الشفقة التي أنالها في كل مرة .. فآخر مرة نطق فيها لساني يحكي قصتي كانت للجان التعيين في الجمعية النسائية التي أعمل بها.. و للحق.. كادت نظرات الشفقة الجمة أن تغرقني ببحروها.. للكلمات المخطوطة صدى آخر.. صدى مختلف.. حين يقطر الحزن من المقل نغمس قلمنا بتلك القطرات فتتشكل الكلمات التي ترسمنا بالصورة الصحيحة.. الصورة العادلة.
فلنعد عزيزتي إلى حيث انتهينا في المرة السابقة..
بعد أن هزمت فرحه.. مضيت إلى منزلي و العبرات تتساقط من عينيَ تتسلسل بين شقوق الشوارع التي أعبرها.. لا أعلم ماذا كنت أنعى؟ لربما الحب الذي اغتلته بيديَ.. بلى هو كذلك.. في قرارة نفسي كنت أعلم أنه سيأتي علي يوم أتذوق فيه مرارة الندم على ما اقترفته في هذا اليوم بحقه و حق نفسي.. لكني مضيت و لم أبالي لنبوءاتي.. و في المساء حادثت خالتي و زففت إليها الخبر و الحرقة تأكل من قلبي.. لتهلل و تنهر في ذات الوقت.. طربت لفك الوثاق الذي بيني و بين يحيى.. أو كان بيني و بينه و نهرتني عن الشعور بأي ذرة ندم.. و أودعت في عقلي كلماتها التي تحثني على المضي.. و أن ما حدث هو السياق المفروض و الطبيعي و جاهرتني أنه إن تعارض العشق مع ترف العيش.. على العشق أن يتقهقر للخلف و على الرغبة بالحياة المترفة أن تنتصر و تمضي نحن و إياها.. ركنت أنا إلى الصمت.. حديثها كان جارحاً للسمع كما النفس.. لم تستمرئه جوارحي.. فلفظته مع كلماتي:
- لا يا خالتي.. أنا أرفض هذا الاعتقاد.. الحياة لا تكون مطمئنة دون الحب.. لكني فعلت ما فعلت لأن طريق يحيى طويل.. طويل جدا.. و لديه ما يكفيه من أحمال تثقل كاهله.
أرسلت طرفي للبعيد و أردفت كمن يهذي:
- لا أريد أن أكون حملا آخر فوق كتفيه.. أخاف أن يصبح ناقماً على حياته لإنه لن يستطيع توفير متطلبات الزواج و لا حتى في البعيد المأمول.. لربما أمثاله عليهم ألا يشرعوا صدرهم لسهام الحب قبل أن يبنوا دعامات صلبة لحيواتهم.
وصلتني اللهجة المضمخة باللؤم واضحة من خالتي و هي تؤكد على الجزء الأخير من حديثي:
- صدقت عزيزتي.. من الأفضل له أن ينسى مهاترات الحب قبل أن يؤمِن نفسه و عائلته بوظيفة مرموقة تدر له دخلا يغطي التزاماته و يزيد.
لم أشأ بالاستمرار في الحديث فتعللت بالنوم لأنهي الاتصال و أرمي بثقل جسدي على السرير.. ثبتُ بصري على السقف ذو الطلاء المهترئ أمرره على الشقوق التي بدت كأنها لوحة جدارية عبثية تحكي ضيق المثوى و عسر الحال.. أفكر فيه.. بابتسامته الحنون.. بعينيه الحالمتين و العشق المنهمر منهما.. تقاذفتني الافكار.. كنت أريد الاطمئنان لقراري.. أردته بشدة.. فبداخلي كان هناك ضجيج قارة من الندم و الشوق.


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-20, 11:26 PM   #3

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

الف مبرووووك حبيبتي... رواية رائعة وان شاء الله تنزليها على خير
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 05-07-20, 11:30 PM   #4

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي



**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 05-07-20, 11:39 PM   #5

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

منال غلطت بسماع كلام خالتها وللاسف حتندم يوم لا ينفع الندم... 🥵🥵


**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 06-07-20, 10:03 AM   #6

kaj
alkap ~
 
الصورة الرمزية kaj

? العضوٌ??? » 143539
?  التسِجيلٌ » Nov 2010
? مشَارَ?اتْي » 803
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » kaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
¬» قناتك action
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

ممكن اعرف،اسماء الجزئين السابقين

kaj غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 06-07-20, 10:32 AM   #7

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** مشاهدة المشاركة
الف مبرووووك حبيبتي... رواية رائعة وان شاء الله تنزليها على خير
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
الله يبارك فيك يا قلبي، جزيل الشكر لجهودك معنا ربي يحفظك


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-07-20, 10:33 AM   #8

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** مشاهدة المشاركة
منال غلطت بسماع كلام خالتها وللاسف حتندم يوم لا ينفع الندم... 🥵🥵
الانزلاق نحو الهاوية يحتاج زلة واحدة لتتوالى بعدها الزلات


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-07-20, 10:35 AM   #9

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة kaj مشاهدة المشاركة
ممكن اعرف،اسماء الجزئين السابقين
الأول للكاتبة منى لطيفي بعنوان أثير الضحى والثاني للكاتبة ديدي بريتي بعنوان سمرا


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-07-20, 10:36 AM   #10

عاشق الكتب 1
عضو موقوف

? العضوٌ??? » 433015
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,194
?  نُقآطِيْ » عاشق الكتب 1 is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

عاشق الكتب 1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:25 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.