10-07-20, 01:41 PM | #1 | ||||
| نحنُ و الحُفَر . خدعة . المطر خدعة ، الأرض الباكية صفعة ، ألوان السماء كذبة ، الأسماء لا تختارنا ، الأسماء تجيء معنا ، أينما ذهبنا لحقتنا ، كظلٍ دؤوب الحركة ، لا يكفُّ عن اللحاق بنا . حقل البطاطا فشل ، اللون الأخضر ذبل ، و المرآة الواقفة أمام أرواحنا أنثى . أنثى لا تنتهي ، واسعة كثيفة ، عينيها بلا عسل ، و شعرها عاصفة غبار هائجة ، لا إسم لها ، و لا شيء ينتمي لها أكثر منها ، لا تنتمي للأرض كما لا تنتمي للسماء ، شيء ما بين ذلك انتمى لها ، كقطرة مطر لا زالت تسقط ، كذرة هواء قبل أن تُستهلَك ، أنثى لا بدَّ يصفعها الوقت كي تتجشأ وجودها . قلبها ما كان أحمر ، و جسدها كان مائعًا كطحلب ، في الداخل كانت بؤرة وهم تبتلعْها بينما تبتلعَها ، خواء أصفر يجتذبها من طرف ضفيرتها ، و قرطها اللامع يشدُّ أذنيها إلى الأسفل . إلى الأسفل ، حيث صوت الوهم الذي ابتلعها بينما تبتلعه . كانت ممزَّقة ، ثوبها على شكل قوقعة ، رأسها تحوَّل قبَّعة ، ألوان الحياة دجل . ما كانت لترى ، لتحكم ! ما كنت لتعي ، لتُقسم ! صندوق الأسرار كذبة ، رائحة الحجرة الجميلة خدعة ، و لون الأباجورة الساحر محض انعكاس . ما كنَّا لنبقى ، بكل ذاك الشتات ، بكل تلك الأحلام الهزلى ، بكل تلك السنين الثكلى ، ما كنَّا لنمضي . و عندما تتوه أسماؤنا عنَّا نختفي . نبدو كشيء كان ذكرى . ما كنَّ لنرضى ، أن نسقط في شرنقة ذكرى . عدنا . لنحيا ، بأسمائنا مرَّة أخرى . ( اسم يتأرجح بين هاجس الظهور و جنَّة الغياب ، إسم متردِّد ، مشاع ، يمكن أن يكون أيَّ شيء بطول المسافة الفاصلة بين الوردة و الجيفة ، بين اللقلق و التابوت ، بين الأمير و الضفدع ، بين الأغنية و الدمعة ، يمكنني أن أكون أيَّ شيء ، بل أنا في الحقيقة كل شيء ، و لفرط اتساعي و قدرتي على مزاحمة أي اسم على اسمه فأنا ما أزال أمامي ، غير مرئية ، غير معروفة ، مثل كتلة مائعة من الهلام ) أغيثوني . أين صبَّارتي ؟ التوليب التي قد ذبلت ؟ أصداء المكان تضربني ، لوح وجود ينتصب أمامي كمرآة تفضح هلاميتي ، عيناي بؤرة ضياع ، و في وجهي بقايا شجن . التوليب وهم ، صندوق الأسرار وهم ، كعكة عيد الست و عشرون وهم ، الشخص الذي احتضن قَدَم بكل ذلك الحب كان محض وهم . كانت أسماء واسعة منذ أن جاء معها اسمها ، كبيرة جدًا للحد الذي ترى به أشياء وحدها تراها ، ليس بنوع من الدجل ، بل بنوع مُحكم من الوهم . أسماء تحاول أن تمتلئ ، لكن لا تمتلئ ، و هي تعرف أنها لن تمتلئ ، و هي تدري أنها لن تتوقف عن ان تكون إسمًا لأي شيء ، يمكنها في لحظات أن تكن شيئًا أسطوريًا بالجمال ، و يمكنها بلحظة واحدة أن تصبح كوم دمامة إلى دمامة . أسماء لفرط اتساعها سقطت ، في حفرتها وحدها سقطت ، بداخلها ابتلعت نفسها و سقطت ، كانت تريد أن تملأ نفسها فسقطت ، العالم كان غني عن امتلائها فسقطت ، كانت غير مرئية و سقطت . فيما بين هاجس الظهور و سلام الغياب تمزَّقت ، بثلاث أشياء تهشَّمت ، توليب مُنتحر ثم صندوق أسرار لم يكن ثم روح سبق و أن تلاشت في البعيد . كانت الآن شظايا ، لا تستطيع الإلتقاء عند نقطة ، ما كان الإتساع يومًا شيئًا ، كان بؤرة . و عروس المطر كانت وهمًا كذلك . و وحده الوهم من فاز بحنكته . بثينة العيسى . لقد كتبتِ بقسوة ، مزَّقتِ كل أسماء مرَّت على أسماء ، مجرَّد تساقُط شظايا إلى شظايا ، رُكام . الإتساع هذا الذي ولد معنا حقيقة ، و هذا السبب في أنه كان غريبًا عنا ، نحن أولو الوهم ، من نرى ألوان لا وجود لها ، كلُّنا دجل ، منذ بداية جهلنا الذي استمرَّ . الكون حق ، الروح حق ، وحدها الأشياء ما كانت مُلزمة بالحقيقية ، و كنَّا دومًا على شفا سقوط هائل ، إلى الخارج كي نبتلعه ، و إلى الداخل كي يبتلعنا ، نحن في غمرة ، غمرة بعيدة نبحث عنا و عن حقيقة شيئًا ما كان حقيقة . إن الحُفر كثيرة و هذا مرعب ، تنظر حولك بهلع ، تبحث عن لغم لن تراه ، على الأرجح أنت تقف عليه ! الكثير من الأسماء تتساقط . بعضهم إلى الداخل كي يبتلع نفسه ، أو إلى الخارج كي يبتلع الأشياء من حوله . و أما يا كلُّ . يا كُلُّ ما كَلَّ من كُلِّه . و سقط دائمًا في كُلِّه . و ابتلع الكُلَّ بكَلِّه . أما كان لك أن تكلَّ السقوط ، و التمرُّغ في البُؤَر ، هيا انهض يا أيُّها الكُلُّ ، انهض من بؤرتك إلى نفسك ، عليك أن تُسقِط كُلِّك في بؤرة الوجود ، هناك حيث يمكنك أن تمضي . و أمَّا يا عزيزي ، فالأشياء حولك وهم ، الحفرة بداخلك حقيقة ، لكنَّها وهم إن سقطتَ بها قبل أن تُسقطها على العالم ، فرصتك الوحيدة هي أن ترمي نفسك في خضم الحقيقة ثم تتوهَّم كغالب الأشياء التي تدبُّ هناك ، كلُّها وهمٌ زائل ، مجرَّد ذكريات . هل تتذكر الأشجار التي ما عادت قبَّعات في " أخضر قاتم " ؟ أولئك الذين سقطوا في حفرهم قبل أن يُسقِطوا أنفسهم على الواقع . تيبَّسوا في أماكنهم ، و غرقوا بداخل أنفسهم ، نسوا كيف يحيون ! كانوا واقع في وهم . و هل تعرف من كان القبَّعات في الحقيقة ؟ كانوا هم من سقطوا في الواقع بدون أن يسقطوا في حفرهم . مشوا بلا هدف ، أهدافهم كانت بداخل حفرهم التي تخلَّوا عنها ببساطة ، و مضوا في مسيرهم الطويل بجدٍّ أبله . كانوا وهم في واقع . كدتُ أسقط بداخل حفرتي ، كدتُ أصبح شجرة ، لكنني في اللحظة الأخيرة و قبل أن أهب إلى حفرتي ، لفتتني ذهبية .. كل شيء كان قاحل أمامي ، واسع و يكاد يبتلعني ، بيد أن حفرتي أوسع بنفسجية لامعة أكاد أسقطُ في غيِّها كل مرة . أجلس . أتأمَّل . الواقع القاحل ، و حفرتي البنفسجية .. لو أنني أبقى دائمًا على هذه الوضعية ، ما بين وهم روحي الحُلو و شبح الواقع ، لو أنني أبقى دومًا بهذا الإتزان . | ||||
11-07-20, 11:50 PM | #2 | ||||||||
نجم روايتي ونبض متألق بالقسم الأدبي وبطلة اتقابلنا فين
| هنا أرى الألوان جميعاً, تخبو مرّة و تشتعل أضعافاً ضعتُ في جمال النّصّ, أكثر من مرّة و عجزت عن وصف شعوري بأسفٍ شديد المعنى وجدتُّ هنا الكثير من الرّزانة و الإتّزان و وجدتُّ ما يشبه التّخبّط كغريقٍ غرق في مشاعره فـفقد قدرته على التّنفّس العميق هناك شرخ بين الوهم الشّاحب و الحقيقة الواضحة, أو ربّما تمزّق و أنين روحٍ شريدة و قد يكون الأنين في الحقيقة راحةً و سكينة. كتبتِ فأبدعتِ مرّة أخرى غاليتي آس و لكم أعجبتني كلماتك و وصفك المتلألئ الرّائع, دمتِ و دام قلمك خاطف الأنفاس❤🌺 | ||||||||
12-07-20, 11:48 AM | #3 | |||||
| اقتباس:
عزيزتي عائشة الجميلة ، بالفعل كما قلتِ تمامًا هنا غريق لكنَّه وجد طريقه للنجاة ، نسيتُ أن أضيف تنبيه على أن ما بين القوسين في الخاطرة اقتباس من رواية عروس المطر لبثينة العيسى ، رواية مذهلة بالفعل بيد أنها غرق ، غرق مُحكم . لو تعلمين كم أحبُّك لكلماتك اللطيفة هذه و كل هذا التشجيع ، كوني سعيدة يا حبيبة💚 | |||||
15-07-20, 11:56 AM | #4 | |||||
| اقتباس:
كلماتك منسوجة بمعان وصور بديعة وتعبيرات متناسقة وراقية راقتني جدا زادك الله من فضله | |||||
17-07-20, 10:00 AM | #5 | ||||||||||
مشرفة الأدبي،المجلة الشبابيةوعالمي خيالي وشاعرة ،نبضٌ متألّق ومميز وحي الكلمة ومحررة ورئيسة الجريدة، كاتبة،قاصة ،مدققة وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام ،راوي القلوب،ملهمة كلاكيت
| سلمت سوسو وسلمت يمناك ياقمراية | ||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|