آخر 10 مشاركات
1 - لمسة حنان - ريبيكا سانتوس - روايات سوفنير (تم التجديد) (الكاتـب : marmoria5555 - )           »          16 - رقم الحظ - آن شارلتون - روايات نتالي (الكاتـب : Just Faith - )           »          15-لا وقت للحب - سو بيترز -روايات نتالي (الكاتـب : Just Faith - )           »          13- حب أم واجب - كاى ثورب - روايات ناتالي (حصرياً لروايتي ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          7-هل يعود الحب -مارغريت كالغهان - روايات ناتالي (الكاتـب : Just Faith - )           »          4- الغريب الغامض - صوفى ويستون - روايات نتالي (الكاتـب : Just Faith - )           »          3-المطاردة العنيفة - ساندرا فيلد -روايات نتالي (حصرياً) (الكاتـب : Just Faith - )           »          8-الأرملة العاشقة (الأرملة والحب) -روايات نتالي (الكاتـب : Just Faith - )           »          2-الحب وقيوده - ستيفانى هوارد - روايات نتالي (الكاتـب : Just Faith - )           »          الحالمة أبدا ~ باتريسيا ويلسون - روايات ناتالي (الكاتـب : angel08 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-03-21, 04:32 PM   #91

شيماء_يوسف

? العضوٌ??? » 474730
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 61
?  نُقآطِيْ » شيماء_يوسف is on a distinguished road
افتراضي


الخاتمة ( الجزء الأول)..

مَا عَالَجَ النَّاسُ مِثْلَ الحُبِّ مِنْ سَقَمٍ
ولا برى مثلهُ عظمًا ولا جسدا
ما يلبثُ الحبُّ أنْ تبدو شواهدهُ
مِن المُحِبِّ، وَإِنْ لَمْ يُبْدِهِ أَبَدَا

_الأحوص..



يبقى الحب بلا إثبات حتى تؤكده المواقف، فالحب الحقيقي ليس عبارة عابرة أو رسالة مزخرفة، وليس سحابة زائلة أو فصل من فصول المناخ المتغيرة....
ولكن الصدق في الهوى هو أن تحمل عن المحبوب ما لا يستطيع حمله من صعاب الحياة، وأن تقف حائلًا بينه وما بين يُحزنه إذا هاجمته الهموم القساة.....
إن تُنير عتمة روحه إذا ما حاوطها الظلام، وتواسيه في أحلك لحظاته البائسة وتكون إرادته إذا ما رغب الاستسلام، بل وتدفع عنه ما لا يُطيقه حتى وإن كنت المُلام....
فمن السهل أن يقول الإنسان أحببت، ولكن من الصعب أن يثبت بأفعاله ذلك الود....

كلمات ظل صداها يتردد بطيات عقلها المتبرم منذ البارحة، تحديدًا مُذ وجدت نفسها تتساءل في تيه عن ماهية الحب، فامتدت يدها في تلقائية شديدة تفتح هاتفها وتُفتش داخل محرك البحث الشهير عن إجابة لسؤالها الحائر، حتى توقفت عند تلك الكلمات المختصرة، ثم بدأ عقلها في عقد مقارنة سريعة بين تلك الحروف المرتبة وتصرفاته وتتذكر.....
كم مرة امتدت يده لها عند السقوط؟!...، كم مرة وقف جوارها وقتما حاصرتها لحظات القنوط؟!...
وكم مرة تمسك بها عندما حاولت قطع ما يربطهم من خيوط!

كم وكم وكم!.... مئات من المواقف التي مرت بذاكرتها وفشلت في عدها ومضت بقوة أمام عينيها، قبل أن يقاطع انغماسها في التفكير به طرقة خفيفة فوق باب الغرفة، يليها صوت ذكوري مألوف يقول في حنان :
-(( أنا عمك أنور يا رحمة.. لو مش هضايقك افتحيلي الباب اطمن عليكي ومش هطول ))..

حاربت حالة الانسحاب التي تريد الاستسلام لها بالنهوض من الفراش وجلب وشاح الرأس وتثبيته فوقها، قبل أن تسير بثقلها نحو باب الغرفة وتفتحه على مصراعيه لاستقباله بابتسامة باهتة، ولم تستطع منع عينيها من مسح الممر بحثًا عنه، وقد خذلتها عزيمتها بعدما أعلنت البارحة صراحةً رغبتها في المبيت بمفردها، ولدهشتها أو ربما إحباطها، لم يجادلها في طلبها مثلما توقعت، بل انسحب بهدوء بعد تقبيله جبينها، وتركها تعاني من الشوق إليه إلى الآن....
تنهيدة يأس خافتة صدرت من حلقها، مقاطعًا تفكيرها الصامت صوت عمه يقول مبررًا في خبث :
-(( قال مش عايزه تشوفيه أو تقعدي معاه فوصلني بالكرسي لحد باب الأوضة ونزل ))..

هزت رأسها في فتور، ثم استدارت تقف خلف الكرسي المدولب وبدأت بدفعه إلى داخل الغرفة، بينما ضربت بقدمها الباب تُغلقه من خلفهم، ثم استأنفت السير إلى أحد الأركان الأربعة حيث الأريكة التي اعتادت الجلوس عليها بجواره، وظل زائرها يجلس فوق سجنه الدائم مراقبًا ذبولها في تعاطف، ثم وبعد أن تأكد من جلوسها في وضع مريح فوق الأريكة، تحدث على الفور يقول في نبرة مشفقة :
-(( مش هلف وأدور وهدخل في الموضوع على طول.. طاهر بلغني أنك عرفتي بالجواب ))..

تشنجت ملامحها وتململت داخل جلستها في تعبير واضح عن انزعاجها ولكن لم تُعقب، بينما أردف زائرها يقول بصوته الدافئ ونظرته الحانية :
-(( ربنا وحده يعلم أنا حبيتك قد إيه.. من أول مرة شفتك فيها.. فكرتيني بيها الله يرحمها.. آه صحيح أنا محبتهاش حب الرجل للست أو حب الزوج لزوجته بس حبيتها كبنتي أو أختي.. شفت فيها نفس براءتك.. الحقيقة أنك واخدة منها صفات كثير يا رحمة.. أولهم الطيبة والحنان والبراءة.. براءة تخلي اللي قدامك عايز يقف يحميكي ويدافع عنك من غير حتى ما يعرفك.. وده اللي حصل معايا زمان.. حسيت أنها مسؤولة مني كطفلة محتاجة حماية.. مش هنكر أن بعد انفصالنا على طول رجعت بيتي ونسيت الحكاية من أولها لأخرها.. بس ده لأني كنت بحب كريمة من كل قلبي وندمت على تسرعي في حل المشكلة بس زي ما قلتلك فيكم حاجة تخلي الشخص عايز يدافع عنكم ويحميكم من غير سبب أو تفكير ))..

صمت للحظات ابتلع خلالها لعابه وتأكد من إصغائها للحديث، ثم أردف يقول في جدية :
-(( وهو ده اللي حصل مع طاهر مع اختلاف الأسباب.. حب يحميكي بطريقته ))..

ابتسم في هدوء وكأنه يطالع صفحة من الماضي القريب، ثم أستطرد يقول في حنين :
-(( مش هنسي يوم ما جالي بعد ما اكتشف اللي جوه الجواب.. أزاي كان خايف عليكي ومرعوب.. ده كان متأثر ولا كأن الجواب يخصه هو مش أنتِ.. ساعتها من قبل ما ينطقها عرفت قد إيه غلاوتك في قلبه.. ولو تشوفيه أتحايل عليا أزاي لو رائف كشف اللي يعرفه أطاوعه فيه.. كنتي وافقتي من غير تفكير.. والصراحة أنا عمري ما فرقت بين طاهر وجواد.. كلهم عيالي وغلاوتهم عندي واحدة.
وهو بشطارته عرف يقنعني أوافق.. مانتي عارفة الواحد مننا بيخاف على عياله أزاي وبيبقي عايز يحميهم من ضله.. ده اللي خلاني أقبل طلب طاهر حتى لو غلط.. وأظن ده اللي خلي فريدة وعز يخفوا عنك الحقيقة حتى ولو غلط برضه ))..

توقف يفترسها قليلًا ويُعطي عقلها مساحة ولو بسيطة لتقبل حديثه قبل أن يُضِيف في فراسة :
-(( كلنا أبهات ووقت ما الموضوع يوصل لأولادنا بيختلط على عقلنا الصح من الغلط.. وده لأن غريزة حبكم دي ربنا خلقها فينا من قبل حتى ماتيجوا على وش الدنيا.. وأكيد أنتِ جربتي خلاص ))..

تحركت يدها تِلْقَائِيًّا نحو انتفاخ بطنها تتحسسه في عشق وتحاوطه، بينما أستطرد الرجل الفطيم حديثه :
-(( بس تفتكري إيه اللي يخلي طاهر وهو مش منك يحاول يحميكي بالطريقة دي ألا لو حبك.. ومش أي حب.. ده حب خلاه يحط راحتك قبل كل حاجة في حياته.. تفتكري اللي زي ده ينفع نزعل منه حتى لو غلط في حقنا بنية سليمة؟! ))..

فتحت فمها للإجابة عليه ولكنها أوقفها برفع إبهامه في وجهها، ثم استأنف يقول في رزانة :
-(( لو جواكي بجد.. من أعماق قلبك زعلانة منه يبقي متستاهليش حب ابن أخويا ليكي.. مش هجاملك بس لازم أقول الصراحة.. لو مفيش في قلبك معزة ليه تنسيكي غلطته يبقي يا خسارة كل الحب اللي شايفه في عيونه ليكي....
ويبقى للمرة التانية معرفش يسلم قلبه للشخص الصح.. بس لو زي مانا حاسس أن قلبك ليه.. يبقي هتتعاتبي وتنسى.. وأوعي تفكري أني جيت هنا بطلب منه.....
لا أبدًا أنا كنت مستني اللحظة اللي هتعرفي فيها عشان أتكلم معاكي الكلمتين دول.. ربنا وحده عالم أنا اتصدمت ازاي لما عرفت اللي جوه الجواب.. عز كان صاحبي ومشفتش منه غير كل خير.. عارف أنك غضبانة ويمكن مش عايزه تسمعي أي حاجة تخصهم الفترة دي بس ده ميوقفنيش عن قولي الحقيقة.. ولولا أني قريت الجواب بنفسي وشفت شهادة ميلادك الأصلية مستحيل كنت أصدق أن ده يحصل منه.... مش هبررله ولا هعذره..
انا جاي هنا عشانك أنتِ وعليه هقولك أن الغضب بيحرق صاحبه فمتخليهوش يظلمك مرتين.. قطعي الجواب وانسيه...
ومتلوميش فريدة لأنها ضحية ولأن اللوم والعتاب مش هيفيد ولا هيحل.. بس هيوجع قلبك.. طبعًا دلوقتي تلاقيكي في سرك بتقولي إيه الراجل المجنون ده اللي جاي يطلب مني أعيش وأنسى ))..

حركت رأسها نافية، قبل أن تُعلنها عالية في تأييد :
-(( لا مش هقول.. أنا شفت كانوا بيعاملوا بعض أزاي.. وشفت الحب والاحترام اللي كان بينهم لدرجة أن عقلي مش مستوعب اللي حصل.. ولا قادرة أصدق أن اللي كانوا قدامي دول.. ماضيهم كان في حاجة زي كده.. ماضيهم اللي رجع دلوقتي عشان يحرقني ))..

هز رأسه مستحسنًا حديثها، ثم قال في فطنة :
-(( طب يعني هما دفنوا الماضي ورا ضهرهم.. وأنتِ دلوقتي اللي المفروض تتحرقي بناره!.. ده مش عدل.. مش لازم تدفعي التمن مرتين.. وكده يبقي عنده حق طاهر في اللي عمله ولو كنت أنا مكانه كنت يمكن هعمل أكتر من كده .. عمتًا هسيبك تفكري في كلامي.. وافتكري أن الغضب سم بيقضي على صاحبه أول حاجة.. غير أنه سلاح الجبان.. ومعتقدش أن اللي قاعدة قدامي بعد كل اللي مرت بيه فيها الصفة دي.. وأخر حاجة لو قبلتي اعتذاري وانك تسامحيني وتسامحي جواد والغلبان التاني اللي هيتجنن من خوفه عليكي.. فيشرفني أكون والدك.. بلاش والدك اعتبريني حماكي.. اسمحيلي بالفرصة دي وخلي الأيام تثبتلك حبي واحترامي ليكي.. وصدقيني لو هتمني بنت جنب علياء مكنتش هتمني أحسن منك يا رحمة ))..

شعرت وكأن كلماته ماء، سقطت على نار الغضب الثائرة داخلها فأخمدتها، ونزلت كالبلسم على جروح قلبها فأبرأتها، ربما لم تُشفي بشكل كامل ولكنه استطاع بحديثه الحاني إطفاء شموع الحقد المقتدة بروحها وتذكر ما بين يديها من نعّم، والأهم تذكر ما تنتظره...
فهكذا أثر الكلمة الطيبة، كبذرة شجرة مورقة، إذا وقعت في القلب أحييته.



**************************



زوجي وعزيزي ونبض وجداني....
( الليلة يمر بخاطري ذكرى لقاءنا الأول، ليس لقاء المقهى ولكن ذلك الأخر وقتما كنت أعيش أسوأ أيامي وكنت أنت ألد أعدائي...
ثم رحت أتأمل حالنا وأتسائل متى صرت أقرب أقربائي!.. ربما لست قريبًا بالدم ولكنك رفيق الروح وأوفي خَلَانِي!!..
فلم أملك سوي التمسك بك كطفلة تاهت عن خطاها الدروب، ورأت في ظلك الوطن والعنوانِ...، متمردة نعم، وطائشة قليلًا ولكن هل تراني يومًا أنساك وحبك واحة سلام داخلها نامت كل أحزاني؟!، البارحة والليلة التي سبقتها رقدت داخل فراشنا بدونك ولو تعلم كيف هجر النوم أجفاني، أعلم جيدًا بأنه أعدل عقاب لي ولكني أتوسلك أن تزورني الليلة وتبقى بين أحضاني )..

بقلب مثقل بالشوق قبل الهموم دونت تلك الكلمات العاشقة ثم أغلقت دفترها ووضعته فوق الطاولة المجاورة للفراش، ثم استلقت متعبة بحملها الذي يزداد ثقلًا مع مرور الأيام، بينما يجافي النوم مضجعها، وهل لمثلها أن ينام قرير العين، وكأن الراحة لم تُخلق لها، حتى متنفسها الوحيد في الحياة نجحت بتهورها المعتاد في دفعه بعيدًا عنها!!...
تنهيدة حسرة حارقة خرجت من جوفها المشتعل تزامنًا مع دمعة حارة سقطت من جفنها المنسدل، قبل أن تلتقط أُذنها حركة أقدام خافتة يليها صوت فتح الباب ثم إغلاقه في هدوء، فانفرج ثغرها بابتسامة ارتياح وكأنه قلبه سمع نداءها فهرول ملبيًا!.....
وكم أسعدتها تلك الفكرة حتى وإن كانت ساذجة، فلتنسي كل شيء ولو للحظات وتستمتع بها هي وعطره المحبب الذي مليء انفها وتخلل غامرًا كل حواسها قبل أركان الغرفة، يليه شعورها بثقل جسده فوق الجانب المجاور لها من الفراش، الآن تستطيع النوم في سلام.....

هذا ما فكرت به بابتسامة خافتة في الظلام، ثم كتمت أنفاسها مترقبة شعورها بملمس يده على خصرها كما يفعل في العادة، قبل أن تستأنف ذراعه طريقها نحو باقي جسدها، ثم أخيرًا يجذبها نحوه فتركن إليه في سكون، هناك بالقرب من دقات قلبه ولكن...،
طال انتظارها وطال معه صمته، فقررت التحدث وقطعه متسائلة في وهن :
-(( هو ممكن في يوم.. يعني لو.. لو رفضتك.. تعمل زيه؟! ))..

عضت فوق لسانها فور تفوهها بذلك السؤال المُلح والذي لا يبارح عقلها منذ يومين، وكلما نجحت في وأده يقفز أمامها من جديد وها هو خرج الآن دون أدنى قدر من التفكير، وللوهلة الأولى عندما لم يأتيها الرد منه ظننته نَائِمًا فحمدت الله سِرًّا على الفرصة الثانية التي وُهبت لها، قبل أن تتفاجئي به يجيب بصوته الأجش الخافت :
-(( أنتِ عارفة أنا عايزك من أمتي؟ !.. تقدري تقولي من أول زيارة لينا في بيت عمي.. ويمكن من قبلها.. أمتي بالظبط صدقيني لو قلتلك مش قادر أحدد.. بس اللي عارفه أني طول الوقت عايزك.. وقت فراقنا ووقت مصالحتنا.. حتى دلوقتي عايزك ورغم كده محترم مساحتك وقبلهم طلباتك.. فاطمني أنا مستحيل أكون زيه ))..

كان صوته هادئًا، ليس حاد وليس غاضب، ناعمًا إلى الحد الذي يُشبه الحرير، ولكن لاذعًا كالسوط، باترًا كالسيف، وبين طياته يكمن العتب، فاستدارت بجسدها على مهل تستلقي على الجانب الأخر وتصبح بذلك مواجهة له، ثم عدلت من وضع رأسها بالقرب من كتفه وانتظرت، وللمرة الثانية لم يحرك يده نحوها، بل لم يحرك ساكنًا من الأساس عند رؤيته لها قريبة منه بهذا الشكل، إذ ظل على وضعه، يطوي أحد ذراعيه خلف رأسه، بينما راحة الأخر مفرودة في استرخاء فوق قفصه الصدري، وعندما لم تجد بُدًا تحركت تُزيح بكفها ذراعه وتستبدل مكانها رأسها، ثم همست تقول في حزن وكأنها تشكي إليه :
-(( عمو أنور فاكر أني مش بحبك ))..

لم يأتيها منه الرد، فقط صوت أنفاسه الرتيبة ولو يعلم كم تاقت لسماع صوته يتدفق بالقرب من قوقعة أُذنها لما توقف عن الكلام، ولكن بالنظرة الأولية للموقف، يبدو أنه فضل الإصغاء كعقاب؛ لذا أردفت تسأل مستنكرة في عتب :
-(( معقول أنت كمان فاكر كده؟! ))..

شعرت بجسده يتشنج تحت لمستها وكأنه يُجاهد حتى لا يُجيبها، أو ربما يجاهد حتى لا ينطق بما يُحزنها، فهمست اسمه تستجديه في نبرة مختنقة :
-(( طــاهــر!! ))..

كرد فعل مبدئي على صوتها المشبع بالدموع حرك ذراعه سريعًا يحاوطها ويضمها إليه أكثر تاركًا أصابعه تموج في حرية فوق جانب جسدها، ثم رد ولكن بنبرة باردة عكس الحرارة المنبعثة من لمساته :
-(( لو سؤالك عشان عمي أنور فمتشغليش بالك بيه.. لأن مش من حقه يدخل في حاجة زي دي بيني وبينك ))..

حركت رأسها صعودًا وهبوطًا فوق صدره دون رفعها، فنتج عن ذلك احتكاك خفيف بينهم أجفل على أثره جسده، ولكن سرعان ما تجاهله وعاود إسدال أهدابه ونظراته الجائعة نحوها، بينما همست هي تقول في خفوت :
-(( أنا زعلانة.. وزعلي منك الحاجة الوحيدة اللي بتعجزني.. عشان وقتها بحس أني مخاصمة نفسي.. طاهر أنت لازم تفهمني.. أنا حاسة أني اتجرحت مرتين واتخدعت مرتين.. واتيتمت مرتين.. والأسوأ أني مضطرة أشرح لك ده.. من ساعة ما عرفت وأنا بفتكر يوم القضية.. أزاي بصتلي وكأني خذلتها.. أنت عارف كرهت نفسي قد إيه بسبب النظرة دي.. دلوقتي بس فهمت سببها.. عذرتها متأخر ويمكن لو كنت عرفت بدري كنت رحمت نفسي من تأنيب الضمير وفكرة أني خذلتها..
أنت عارف طول اليومين مش بعمل حاجة غير أني بفكر فيهم وفيك... وبعد ما فكرت كتير اكتشفت أني مش زعلانة منك.. بس زعلانة أكيد من تصرفك.. وفي عز مانا زعلانة من تصرفك وطلبت منك تبعد عني.. لقيت نفسي زعلانة عشان أنت مش جنبي!.. أنت فاهم حاجة؟! ))..

في تلك اللحظة، تحركت ذراعه الأخرى كي تحاوطها ويصبح بذلك محاصرًا لها من جميع الجهات، ثم قام بطبع قبلة مهدأة فوق شعرها ولم يُعقب، بل اكتفى بالاستماع إليها، ففيما يبدو من حركة جسدها أسفله، لازال في جعبتها المزيد للإدلاء به، وبالفعل أردفت تشرح في حيرة دون النظر إليه ودون التفكير في إشعال ضوء المصباح، وكأنها تعمدت ترك الظلام يبتلعهم سَوِيًّا إلا من شعاع فضي بسيط ينير عتمة طريقهم في النهاية :
-(( أنا مستغربة نفسي أوي.. معرفش ليه حاسة أن عندي تبلد مشاعر.. وكأن بمعرفتي الحقيقة دي لقيت إجابة لكل سؤال كنت بسأله ومبلقاش ليه رد.. ولما لقيت الرد هديت ))..

صمتت لوهلة ابتلعت خلالها الغصة التي أصابت حلقها ثم استطردت تقول بتنهيدة عميقة :
-(( أنا الحمدلله راضية.. بس كنت دايمًا بسأل ليه بيحصل معانا كده.. ليه بابا يضحك عليه ونخسر كل فلوسنا وحياتنا؟.. ليه اتورطت في قضية زي دي وليه رائف بيكرهني كده؟.. ليه كل حياتنا متلخبطة!.. ليه اللي حصل في مصطفى بالذات.. وفجأة كل الإجابات اكتشفت بكشف الجواب.. عشان حياتهم اتبنت على باطل.. على غلط وعلى ظلم.. فطبيعي لا هما ولا ولادهم يرتـ.....))..

هتف يقاطعها في صرامة بعد أن وضع سبابته أسفل ذقنها ودفعها نحوه فمالت على أثر حركته رأسها للخلف :
-(( رحمة متكمليش.. لا أنتِ ولا مصطفى الله يرحمه ليكم ذنب في اللي حصل زمان.. كلها أقدار ومكتوبة.. كل اللي نقدر نعمله أننا نرضى بيها.. مصطفى بطل وشهيد.. وأنتِ متقليش عنه في الظلم اللي اتعرضيله.. ذنبه هو يخلص منه يوم القيامة.. مش منكم ))..

مالت برأسها أكثر نحوه حتى لم يعد يفصل بين وجهيهما سوي إنش واحد، ثم همست تقول في إنهاك حقيقي :
-(( طاهر أنا تعبت.. مش عايزة أزعل تاني.. عايزه أنسى كل حاجة.. حقيقي جوايا رغبة أني أنسى كل الماضي اللي اخد من حياتي كتير.. حاسه كأني عايزه أبدأ من دلوقتى.. مبقاش عندي طاقة حزن زيادة.. عايزة أربي أبننا أو بنتنا اللي جاي في هدوء من غير زعل وخصام ومشاكل.. مش عايزه أقوم يوم اكتشف أن لسه في حقايق تانية مستخبية.. والأهم مش عايزة أعيش مع تهديد أننا ممكن نتخاصم.. أو أنك تتخلى عني...
يمكن أكون مجنونة.. ويمكن أندم على قراري ده قدام.. ويمكن تقوم الصبح تلاقيني مغيرة رأيي.. بس دلوقتي.. وحالًا.. مش عايزة أقضي اللي باقي من حملي في قهر.. عايزة أجرب أفرح بيه معاك.. ينفع؟! ))..

ابتسم حتى ظهرت تلك الابتسامة في صوته عندما تحدث يجيبها ملاطفًا، بينما أنامله تعبث بخصلات شعرها المنسدل على جانب وجهها :
-(( وأنا إيه اللي رجعني الأوضة النهاردة من نفسي رغم أنك طلبتي تفضلي لوحدك ألا عشان مش عايز أسيبك أو أتخلى عنك!.. رحمة أنا بحبك.. يمكن بأسلوبي وعلى طريقتي الغلط بس خليكي عارفة أن أي خطوة هخطيها هتبقي عشان مصلحتك.. حتى لو هتزعلك مني.. حمايتك أنتِ واللي جاي منك هتبقي دايمًا أولوياتي.. خليكي عارفة ده كويس ))..

حركت رأسها موافقة في هدوء، ثم سألته في خجل بعدما عضت طارف شفتها السفلية :
-(( مجاوبتش على تاني سؤال سألتهولك على فكرة ))..

تنهد في حرارة، ثم قال بعدما أحنى رأسه نحو فمها وطبع قبلة خاطفة فوقه :
-(( إجابته عندك أنتِ مش أنا ))..

تجعدت ملامحها وتململت بجسدها دون الابتعاد عنه، هامسة في ضيق:
-(( ده بجد!.. معقول تفكر أني مش بحبك!!.. مستحـــيــــل.. أنت خلاص بقيت عايش في روحي.. حبك أناني يا طاهر.. مقبلش غير لما خلاني كلي ليك.. بروحي وعقلي وأخرهم جسمي.. أنت الأول والوحيد ))..

ألصقها أكثر لجسده ماحيًا حتى فراغ ذرات الهواء من بينهم، بينما طاف فمه وجهها وصولًا إلى فمها مُسْتَقِرًّا عنده وقد تدفق داخل جسده بركان من فيض المشاعر المحمومة عند سماعه إجابتها، محررًا بعد لحظات فمها، فأردفت تُتمتم في حرج :
-(( أنا آسفة على السؤال الأول مكنش قصدي.. لأن ثقتي فيك أكبر من أني أسأله.. ولأن اللي بينا مختلف.. محدش هيفهمه ويقدره غيرنا ومينفعش يتقارن بحد.. وأنت بالذات مينفعش تتحط في خانة واحدة معاه ))..

حرك رأسه متفهمًا في بساطة، بينما يداه تمارس فوق جلدها كل فنون العبث والإغواء، قائلًا من صميم قلبه الهادر :
-(( وأنا كمان أسف.. تعرفي أني مخفتش في حياتي من حاجة قد ما خفت من الجواب ده.. كنت خايف يفرقنا عن بعض.. وكل ما كنت أنوي أقولك الحقيقة واشرحلك موقفي أخاف تبعدي عنه أو تزعلي مني فأسكت.. بس لازم اعترفلك اني محسبتهاش صح.. ومفكرتش ان كدبتي هتوجعك مرتين غير لما أنتِ نبهتيني دلوقتي.. عشان كده بعتذرلك.. أسف أني كنت سبب في جرحك من جديد ))..

طبع قبلة معتذرة فوق جبهتها، ثم أردف يقول في نبرة مبحوحة متحشرجة :
-(( وأسف أني خالفت كلمتي معاكي بعد ما وعدتك أعوضك عن الحزن اللي شفتيه ))..

أنهى جملته بطبع قبلة أخرى داخل راحة يدها، ثم استطرد يقول بنفس النبرة الحريرية المغرية :
-(( وأسف عشان خيبت ظني فيكي.. بس بوعدك من النهاردة مش هخبي عليكي أي حاجة.. مهما يحصل هنواجه سوا ))..

ختم اعتذراته ووعوده بإعادة نثر قبلاته فوق كل ما سبق ناهيًا رحلة شفاه عند ثغرها الذي انفرج تلقائيًا لاستقبالهم، بينما همست متأوهة من ضغط أصابعه فوق خصرها :
-(( طب بالنسبة.. لإجابة سؤالي.. الأول.. لسه محترم.. مساحتي؟! ))..

رأت في عينيه القريبة منها الإجابة وسمعتها من لهاث أنفاسه، وأيقنتها من نبض قلبه الصارخ مطالبًا بها.....
نعم سمعتها بوضوح وكلما أرهفت السمع أكثر كلما اشتعلت دواخلها تجاوبًا وتفاعلًا معه، وقد أدركت فجأة أنها تشعر به بكل حواسها وليس فقط بفؤادها...
ومثلما تآلفت القلوب واتحدت الأرواح، امتزجت وتعانقت الأبدان ترتوي من نهور العشق وتطفىء جمرات الشوق المتقدة.

***************************


يقال إن العبرة بكمال النهايات، لا بنقص البدايات، ولطالما آمنت وعلى عكس الجميع بأن النهايات دائمًا ما تكون فرصة لبدايات جديدة حتى وإن استصعبت طريقها في بادئ الأمر، وأن أفضل طريقة لفتح صفحة جديدة هي بالعفو عمن ظلمك، والامتنان لربك، والحفاظ على ما وهبك....
تنهيدة حالمة صدرت من فمها المغلق، بالتزامن مع التهام عينيها لملامحه الغافية جوارها، أو لتكن أكثر دقة، ملامحه الملاصقة لها، ودون أن تعي ما تفعله وجدت فمها يقترب منه واضعة في حذر قبلة وداع فوق وجنته، قبل أن تنسحب من أحضانه خارجة، وعندما قاربت على النجاح في التسلل من فراشه شعرت بيده تجذبها نحوه أكثر، متسائلًا في نعاس :
-(( رايحة فين يا أستاذة؟! ))..

همست تُجيبه في حرج وذكري جنون وصالهم البارحة لازالت تطاردها وتشعل وجنتيها بحمرة الخجل :
-(( هقوم ألبس حاجة مناسبة أحسن لينة تدخل الأوضة علينا زي ما متعودة ))..

تحرك يُخفض جسده للأسفل فأصبح وجهه مقابلًا لتجويف عنقها، بينما ذراعه تشدها من خصرها حتى يُعيدها إلى موضع نومها الأصلي داخل أحضانه، متتبعًا بشفاه أثار ما طبعه البارحة فوق بشرتها البيضاء، فارتجفت بشعور حلو غريب ثجاوبًا مع نعومة لمسته، وقد بدأت دماؤها تفور داخل أوردتها عندما وصل صوته المكتوم إليها يقول مطمئنًا من بين مداعباته المدروسة :
-(( متخافيش.. قفلت باب الأوضة بالمفتاح.. لو حاولت تدخل مش هتعرف هتخبط الأول.. وبعدين طلبت من ماما بليل تخلي بالها منها لحد ما أقوم.. يعني اطمني ع الأخر.. محدش هيزعجنا ))..

شهقت في عدم تصديق، قبل أن تهتف متذمرة في حرج :
-(( كده يا جواد!!.. طب مامتك هتقول عليا إيه دلوقتي.. أكيد هتفهم ليه لينة مش بايتة معانا.. خصوصًا بعد طلبك ده ))..

رفع رأسه ينظر إليها مستنكرًا بزاوية حاجب مرفوع، ثم تشدق يقول في حنق :
-(( ومفكرتيش هتقول عليا إيه لما لينة تنام معانا كل ليلة!.. ولا مش همك غير نفسك ))..

نطقها بمنتهى الجدية وكأنها مسألة حياة أو موت بالنسبة إليه، فلم تستطع تمالك نفسها من جوابه الساخط وانفجرت ضاحكة دون القدرة على كبت ضحكاتها العالية، بينما أردف هو يقول في نبرة أقل حدة :
-(( عجبك الوضع دلوقتي!!.. قال لينة قال!!.. مش كفاية بقالي شهرين بتنام بينا لما تلاقي البيت كله قطع في فروتي! ))..

همهمت تسترضيه من بين ضحكاتها المتفرقة :
-(( لا يا حبيبي محدش يقدر يقول عليك حاجة.. خلاص اللي أنت تشوفه.. بس في كل الأحوال عندي اجتماع في الجمعية محتاجة اتحرك كمان شويه عشان ألحقه ))..

زمجر مستفسرًا وهو يلف بعضًا من خصلات شعرها الثائرة على أصبعه ويجذبها منها ببعض العنف الظريف :
-(( اجتماع إيه ده إن شاء الله.. أنا واخد النهاردة إجازة ومش ناوي أقضيه معاهم تحت سمعاني ))..

تأوهت في خفوت رغم علمها بمشاكسته لها، ثم قالت على مضض :
-(( ده اجتماع يا جواد كان متحضرله من أسبوع وهيبقي شكلي وحش لو محضرتش ))..

صمت قليلًا يتفرسها في تركيز، قبل أن يميل برأسه جانبًا يتفحصها ويتأمل احمرار وجهها وقد تبدلت ملامحه في الحال، ثم سأل مستفسرًا بنبرة عذبة متحشرجة، بينما يده تشق طريقها نحو الرداء الحريري القصير الذي ترتديه :
-(( طب مينفعش حد يحضره غيرك ))..

قفز قلبها بداخل أضلعها تأثرًا بحلاوة نبرته ونعومتها، وارتعش جسدها من وقع أنفاسه الدافئة اللافحة ترقوتها، واضطربت جوارحها من قربه دون أن يقترب حقًا، بل كان يحاول إقناعها بأسلوبه الخاص، فهمست تستوقفه في مقاومة وهنة :
-(( جواد.. خليني....... ))..

سألها مستفسرًا من بين مداعبات شفاه لبشرة وجهها :
-(( أخليكي إيه ))..

همست تُجيبه بعدما أغمضت عينيها باحثة عن مقاومتها الهاربة، بينما امتدت يدها الخائنة نحو خصلاته واختفت بداخلها :
-(( خليني أروح.... ))..

همهم رافضًا قبل أن يبتلع اعتراضها بداخل فمه، وتستسلم هي لإرادته ولجنون ما حدث بعد ذلك، ففي قوانين العشق يقال أن العناق حياة، وما يليه هو منتهى لذة تلك الحياة.




**************************



الناس في فتن المحن نوعان، أما رافض وقانط، وأما صابر مرابط، والعهدة على قوة الإيمان...
فالبعض يري البلاياxمنحة ربانية، عظة، وفرصة للتغيير، وآخرون يعتبرونها نقمة ويسلكوا نهج التدمير...، والبداية من تدمير الذات ثم الإنكار والحجود، ونسيان أن الرضا والصبر أفضل من رسم الخطط، وأن القبول هو الخطوة الأولى في طريق الجبر...
فكم من امرىء ظن العباد به خيرا، نكص على عقبيه ساقطًا في وحل الضغينة والكراهية، وكم من شخص تخلي عن مبادئه وقت الشدائد، فإذا به ينقلب حليفًا لأهواء لشيطان، ومنفذًا لرغباته....
فالشدائد دائمًا ما كانت كاشفة لقيم المرء ومدى صدق فضائله، وفي النهاية لا يصحُ إلا الصحيح ولا ينجح الإنسان ألا بسلكه الطريق المستقيم....

هذا ما اكتشفته مؤخرًا، بعد كل ما قطعته من أشواط في الدروب الخاطئة، ها هي تعود إلى نقطة البداية، تجلس أمامه والخجل يأكل داخلها، حتى أنها لا تقوى على رفع عيناها في وجهه ومواجهته، ولكن.....
إذا أرادت بدأ صفحة جديدة وجبت عليها المصارحة، حتى وإن كانت زوجته تجلس جواره بعد أن رفض رفضًا قاطعًا الاختلاء بها؛ لذا وبعد أن سحبت نفسًا عميقًا تستجمع به شجاعتها الزائفة، همست تقول في خزي، بينما رأسها مطأطأ للأسفل :
-(( أنا عارفة كويس أني مش مُرحب بيا هنا بعد أخر مرة.. بس الزيارة دي لازمة.. اعتبرها كرامة لخالك الله يرحمه ))..

أومأ يحيى برأسه للأسفل كأنه يحثها على الاستئناف وقد استنفرت كل حواسه استعدادًا لهذا اللقاء الملغم، في حين ذراعه امتدت تبحث عن يد زوجته حتى وجدها فسارع باحتضانها والضغط فوقها يؤازرها ويبث الطمأنينة إليها في صمت، وقد جلس كلاهما فوق الأريكة يستمعان إلى "جيداء" وهي تستطرد على استحياء :
-(( قبل أي حاجة ورغم أني متأكدة أني اتاخرت.. بس عايزه اعتذر من علياء على أخر موقف حصل مني.. صدقيني معرفش أنا عملت كده أزاي.. بس كل اللي طلباه منك أنك تسمعيني للأخر يمكن تعذريني....
معرفش ممكن يكون يحيى حكالك أو لأ فأنا هقولك مختصر لمأساتي والحاجة اللي وصلتني للوضع ده.. مش هخوض في تفاصيل لأن الذكرى لوحدها بتوجعني.. فباختصار.... أنا كان عندي طفلة واتخطفت مني في باريس.. صرفت فلوسي زي ما صرفت عمري وأنا بدور عليها....
هتقولي اللي راح مبيرجعش هقولك قلب الأم ملهوش في المنطق.. فضلت عايشة على أمل ألاقيها لدرجة ان الموضوع قلب عندي هوس.. مانا رافضة اعترف أني فقدتها للأبد.. لحد ما وقعت في طريق رجل أعمال.. جالي وفهمني أنه محتاج مساعدتي في المقابل هيدلني على طريق بنتي بحكم شغله في المجال ده.. وأكدلي أن رجوعها ليا سهل بسبب علاقاته الكتير مع المافيا والناس دي.. كل اللي مطلوب مني أساعده في حاجة صغيرة.. تخيلي لو أنتِ مكاني وأم محروق قلبها على بنتها وجاتلك فرصة تجتمعي بيها من جديد هتعملي إيه؟! ))..

ابتسامة باهتة لم تصل لعينيها الدامعة اعتلت ثغرها، ثم أردفت تعترف على مضض :
-(( مش لازم أعرف ممكن تكون إرادتك أقوى مني.. لأني في لحظتها قدمت كل فروض الطاعة والولاء من قبل حتى ما اعرف طلبه.. اللي كان أنت يا "يحيى".. ))..

في تلك اللحظة وفور نطقها باسمه، شعر بكف علياء يرتجف تحت قبضته، فبدأ يمسح بابهامه ظاهر كفها دون تعقيب، فالأمر كان أقرب إلى جلسة اعتراف منه إلى لقاء عائلي، بينما استمرت الزائرة المذنبة في تعرية روحها والاعتراف بخطاياها :
-(( طبعًا مش محتاجة أقول رجل الأعمال ده مين.. هو أبو المجد الزفت.. كان طلبه بسيط.. محتاج أوراق منك ومش عارف ياخدها.. فكل اللي عليا أني أرجع مصر وأحاول أقرب منك وادخل بيتك أجبله الأوراق.. ولما تخلص مهمتي هيجبلي لارا لحد عندي.. وفعلًا بدأنا ننفذ واكتشفت أنك خاطب وهتبدأ حياة جديدة.. النار ولعت في قلبي.. ومش حب متقلقش.. بس حقد عليك ما لولا زيارتي ليك مكنتش لارا ضاعت مني.. يعني أنت السبب في اللي حصل وكان أقل حاجة أعملها انتقامًا منك هي أني ابوظ حياتك زي ما حياتي باظت.. ولما معرفتش أقرب منك مكنش قدامنا غير حل الحادثة.. واتنفذت صح ولتاني مرة بعد ما شفت حبكم لبعض الحقد عمي قلبي وقررت افرق بينكم بكذبة انك ردتني وأني مراتك ))..

هنا تدخلت علياء تهتف في ضيق بعدما تململت في مقعدها بنفاذ صبر :
-(( عارفين يا جيداء أنها كذبة.. يحيى رجعلته الذاكرة من فترة.. وحكالي كل حاجة متقلقيش.. وحياتنا مباظتش ولا حاجة اطمني ))..

أومأت الأخرى رأسها موافقة في حرج وقد وصلت إليها كافة الذبذبات الغاضبة، ثم أردفت البوح بخطاياها بابتسامة ساخرة :
-(( عمتًا نفذت طلباته واكدتله أن مفيش نسخ أوراق في بيتك وآخر حاجة ساعدته فيها أنه ياخد الأوراق من بيت غفران.. في المقابل يجبلي البنت.. بس محصلش.. فضل يماطل ويماطل لحد ما اتقبض عليه للأسف.. والنهاردة لما زرته في الحجز قالي أنه ميعرفش مكان بنتي.. وإنها مستحيل تكون عايشة كل الفترة دي.....
حسيت أن ده عقابي.. أنا كنت أنانية وحقودة وطماعة.. مفكرتش للحظة واحدة أني أحمي البنات من آذاه زي مانت وغفران حاولتوا يا يحيي.. كان أهم حاجة عندي رجوع بنتي وبس.. ونسيت أن البنات دول كمان من لحم ودم وواجب عليا حمايتهم والوقوف قصاده.. وفهمت أن تصرفاتي هي اللي خلتني وحيدة وكل الناس بتكرهني.. وبعد كل ده طلع مفيش لارا......
وعشان كده أنا جتلك النهاردة يا يحيي.. أنا محتاجة أتعالج.. لازم أخف وأتقبل موتها ومحدش غيرك هيقدر يساعدني.. عارفة أني غلطت في حقك بس خليك أحسن مني وعالجني..
أنا قررت أتبنى بنت من بنات الملجأ وأتكفل بيها يمكن أكفر عن ذنوبي وأبدأ من جديد.. بس مش عايزه أخد الخطوة دي غير لما أتعافى من هوسي بـ لارا.. فأبوس أيدك يا يحيي أقبل أنك تساعدني.. وقبلها تسامحني.. صدقني أنا مساعدتهوش في أي حاجه تاني والله العظيم.. اتفاقنا كان عليك وبس ))..

أنهت توسلها بالركوع علي ركبتيها ومد كلا ذراعيها نحو يده، فسارع بسحب كفه بعيدًا عنها، قبل أن ينتفض من جلسته وَأْدًا محاولتها تقبيل يده، بينما تحركت علياء تجلس هي الأخرى على ركبتيها مقابلًا لها، ثم بدأت تمسح على ظهرها مواسية وقد أمتلئت مقلتيها بالدموع تأثرًا بحالها، خاصةً بعد اكتشافها في الصباح أمر حملها، لذا فهي باتت تعلم معنى الأمومة، والعشق الذي يحتله في قلبك من قبل حتى رؤيته، أما عن جيداء فقد ارتمت في أحضان من كانت تراها يومًا غريمتها، تنتحب في البكاء عله يُريح ويطهر داخلها، وعلها تبدأ من بعده عهد جديد.

**************************

بعد مرور أربعة أشهر........

من أسوأ الجرائم التي قد يرتكبها الإنسان في حق ذاته البشرية، هو إقناعها بأنه المخول بتصريف أمورها، وهو الوحيد القادر على تسيريها وفقًا لهوي رغباته الشخصية، فالأحمق هو من يعتقد أن خيوط اللعبة بيده، متناسيًا أن الكون بأكمله يخضع لقوة أقوى وأعظم منه، يمكنها تحويل أعظم لحظات انتصاراتك الخاصة، إلى أكبر الهزائم......

نفس الألم الضارب أسفل ظهرها في كل مرة، نفس ذلك الوجع الذي يعتصر رحمها فجأة وعلى حين غرة، ونفسها ذات الحسرة التي تُزهق روحها حتى الأعماق، وهو ذاته الشعور بالخواء والفراغ عند علمك بموت جزء داخلي منك وفقده إلى غير رجعة....
كل تلك الأحاسيس المؤلمة عادت تختبرها من جديد بكافة تفاصيلها، وكأنها حُبست داخل حلقة زمنية مكررة، فكل ما تفعله هو معايشة ذلك اليوم مرارًا وتكرارًا دون وجود أمل في المخرج!....
صرخت فدوت صرختها المستنجدة بداخل إحدى أروقة المشفى، حيث يركض جوارها زوجها، بينما يتابع بهلع الدماء المتدفقة من أسفلها :
-(( آاااااه.. بموت يا بدرررر.. اتصرف أبني بيروح مني تاني ))..

كان عاجزًا عن النطق كما هو عاجز عن فعل أي شيء آخر، وقد تيقن هو الأخر من فقدانه جنينهم بعد رؤيته كل ذلك الكم من الدماء فور وصوله المنزل، فكل ما استطاع فعله هو التواصل مع طبيبها الخاص وأخباره بما حدث، والذي أمره بسرعة إحضارها إلى مشفاه دون تأخير لفحصها والوقوف على ملابسات الموقف، وها هو يركض جوارها مقطوع الأنفاس وكل ما يأمله حدوث معجزةً ما تحمي طفلهم، وتُحيي الأمل داخل قلوبهم!.....
ولكن... طال انتظاره بعد إيصالها إلى غرفة الفحص، وطال معه ترقبه، وبعد حوالي نصف ساعة مرت عليه كنصف دهر كامل، خرج الطبيب المشهور يقول في أسى :
-(( للأسف يا أستاذ بدر مفيش في أيدي حاجة تتعمل.. وصلت المستشفى والجنين ساقط.. البقاء لله ))..


شيماء_يوسف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-03-21, 04:34 PM   #92

شيماء_يوسف

? العضوٌ??? » 474730
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 61
?  نُقآطِيْ » شيماء_يوسف is on a distinguished road
افتراضي

الخاتمة ( الجزء الثاني).. ..
اتمنى تكون الروايه نالت إعجابكم وهستني أرائكم فيها ❤️..

مُزِجَت روحُكَ في روحي كَما

تُمزَجُ الخَمرَةُ بِالماءِ الزُلالِ

فَإِذا مَسَّكَ شَيءٌ مَسَّني

فَإِذا أَنتَ أَنا في كُلِّ حالِ.

-الحلاج.



يقول أحد الشعراء... "لا يصح الحب بين اثنين إلا إذا أمكن لأحدهما أن يقول للآخر: يا أنا".....

"يا أنا"... هكذا قال قيس لـ ليلى، وهكذا يصف الصوفيين الحبيب... فـ "الأنا" دلالة عميقة على ما لا نبوح به من مشاعر ومذاقات الحب، فإذا قال المُحب لمحبوبه يا "أنا"... فإنها تشير فيما تُشير إلى الفناء به، والذوبان، التتُيم، الفتون، والتوهان....
فلا حدود للمحب في عشق المحبوب، كما أن الحب الصادق ليس به رتابة ولا تكرار، بل هو غرق في غرق، وسفر في سفر، واكتشاف يليه اكتشاف، يفنى فيه المحب وجوده ووجده ووجدانه فداءًا لعين المحبوب التي بسحر لقاءها يحلو كل مر.....
وليست "يا أنا" هنا تعبر عن الذات الأنانية بشكلها المعروف المرفوض، بل هي في تفسير أهل العشق والتصوف نداء سامي، فما بين حرف النداء "يا" و"الأنا" التي تلحق به مسافة خاصة، ينصهر بداخلها الأنا " كناية عن المحب"، وآناها "أي المحبوب" بلا حد أو قيد....
لذا كان أعظم تفسير لنداء "يا أنا"... هو أن" الأنا" تستجدي" أناها" الساكنة داخلها والممتزجة بها.

رفع الطبيب ذراعه كي يربت على كتفه مواسيًا، ثم أردف يقول آمرًا في عملية معتادة من كثرة معايشته للمواقف المشابهة :
-(( مدام أفنان نزفت كتير جدًا ووضع الرحم من أسوأ ما يكون.. محتاجين تدخل جراحي فوري عشان ننقذه.. ودلوقتي محتاج منك موافقة كتابية على العملية عشان نبدأ فورًا.. وبعدها هبعتلك ممرض يرشدك للمعمل تحت.. عايزك تعمل فحص متقدم شويه نعرف منه سبب الإجهاض المتكرر.. معلش هو هكون مكلف عن العادي بس أنا لازم أعمل فحص كامل لجينات حضرتك وللمدام أفهم بيهم السبب.. دي خطوة محبتش أعملها من البداية بس بعد اللي حصل أظن أنها ضرورية ))..

حرك رأسه موافقًا قبل أن يسير في تيه، يترنح بجسده هنا وهناك داخل الرواق على أهواء الممرض الذي حضر في الحال ليرشده الطريق، فكان كالعاجز، أينما يوجهه الرجل يسير بلا مقاومة أو رفض.


**************************



يقول الشافي... "الدهر يومان ذا أمن وذا خطر..... والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر".

كلمات لو تأملها العاقل لحفظ نفسه من أهوال المستقبل، ولكنها النفس البشرية، وما أدراك ما النفس البشرية، كانت ولاتزال العدو الأول للإنسان، وإن لم تجد من يُذكرها بالخير الكامن بها، غلبتها الأمارة بالسوء ومالت به إلى طريق الهلاك!.

حرك ساقيه في عصبية شديدة، بينما هو جالس داخل غرفة وكيل النيابة يتابع بعينان كالصقر كل حركة تصدر عن المحامي الخاص به، وكلما تعمق في تفرسه أكثر، كلما ازدادت الشكوك بداخله، فأنفه بعد كل تلك السنون من التعامل مع الأشرار تستطيع شم رائحة الخيانة من على بعد أمتار؛ لذا تحدث يسأل في احتقار :
-(( بعتني بكام ليه يا نعيم؟!! ))..

رفع المحامي ذراعه يمسح من فوق جبهته بضعة قطرات عرق وهمية، ربما يُخفي خلف فعلته تلك بعضً من الارتباك الذي أعتلي قسماته، وظهر واضحًا في نبرته عندما تحدث يُنفي عن نفسه التهمة، قائلًا في تعلثم واضح :
-(( هبيعك لمين بس يا نادر باشا.. أنت عارفني أهم حاجة عندي مصلحتك ))..

ضرب نادر سطح المكتب براحة يده في عنف أجفل على أثره جسد الخائن الجالس أمامه متشنجًا، ثم قال بحزم بعدما أنتصب في وقفته :
-(( وأنا اللي عندي قلته.. بلغ اللي اشتراك قدامه ٤٨ ساعة يخرجني فيهم من هنا وألا....... قسمًا بالله هجيب سيرته هو واللي أكبر منه وكله بالفيديوهات وعلى عينك يا تاجر.. أنا قلتها من قبل لو وقعت مش هقع لوحدي ))..

أنهى تهديده، ثم صاح يستدعي المجند المسؤول عن حراسته ويطلب منه إعادته إلى زنزانته الخاصة، حيث استطاع الحصول على زنزانة مرفهة بالمال كما هي العادة، بينما تابع المحامي بأجفان مرتجفة انسحاب موكله، وبعد أن اطمئن وتأكد من ذهابه، أخرج هاتفه يبتغي بذلك التواصل مع من أرسله، هاتفًا فور سماعه الإجابة من الطرف الآخر :
-(( مصمم على رأيه يا باشا.. معرفتش أقنعه يسكت بالفلوس.. وفهم أني معاك فبعتلك على لساني رسالة.. بيقول لحضرتك قدامك مهلة ٤٨ ساعة.. يا تخرجه من الحبس يا أما هينشر فيديوهاتك مع البت إياها وفيديوهات الناس الكبار )).

هتف الرجل ذو المكانة العالية، متسائلًا في عصبية فالمسؤولية كاملة تقع على عاتقه :
-(( يعني إيه مرداش!!.. هى وصلت الكلب ده يهددني كمان!.. بقولك إيه نفذ الخطة البديلة على طول متضيعش وقت ))..

سأله المحامي مماطلًا في نبرة مرتجفة، وقد هاله ما هو مُقدم عليه ومشارك به للمرة الأولى في حياته :
-(( يعني إيه؟! ))..

هدر به عضو مجلس الشعب المرموق مُعنفًا :
-(( أنت لسه هتسألني يعني إيه وتستغبى!!.. مادام مش راضي يسكت بالفلوس.. نكتم نفسه خالص.. بلغ الراجل اللي دخلناه معاه السجن من كام يوم ينفذ ويخلصنا.. وزي ما قلت.. عايزها تبان انتحار.. وبلغه الفلوس هتكون في حسابه على أخر اليوم.. مقدم يعني ))..


**************************


طالما كان الانتظار مؤلم، وخاصةً عندما يتعلق بشيء مصيري في الحياة، فكما قال أجدادنا... الأنتظار يشبه الجلوس على صفيح ساخن "......

شهيق دون زفير، يتبعه بعد لحظات من تبديل نظراته بين والدته الجالسة كالأسد المرابط من جهة، وفريستها المضجعة فوق فراش المشفى في الجهة الأخرى، زفير أخر دون شهيق وهكذا.....
استمر حاله لمدة يومين كاملين، يقف في المنتصف كحائط صد ضد بركان غضب والدته الثائر في أعينها، على أهبة الاستعداد للتحرك في أي لحظة وحماية زوجته من صب جام حنقها عليها، ناهيه عن بكاء رفيقته المستمر ونحيبها كلما ألقت والدته ببعض العبارات المؤذية على مسامعها، وما بين ذلك وذاك، يترقب في لهفة استلام نتائج الفحوصات التي طلبها الطبيب منه قبل أمس، خصوصًا بعد ظهور نتيجة فحوصات شريكته هذا الصباح وقد جاءت جميعها سلبية، الأمر الذي لم يمنع والدته من الهتاف في سخط مستفسرة :
-(( وأنت يا حبيبي هتفضل قاعد في المستشفى دي كتير وكل يوم بالشيء الفلاني؟!.. كفاية مصاريف لحد كده خلاص عرفنا أنها كويسه ومعندهاش موانع وربنا ستر.. يمكن العيب من عندي أنا!.. عمتًا لما الدكتور يجي أسأله صراحة ينفع تكمل علاجها في البيت ولا لأ.. كتر خيرك كفاية وجع قلب.. مش هيبقى وجع قلب وفلوس كمان!! ))..

فرك جبهته في عصبية بعد أن زفر حانقًا، ثم قال في عدائية واضحة :
-(( مصاريف إيه يا أمي بس اللي بتتكلمي فيها دي.. المهم أفنان تقوم بالسلامة ونطمن عليها.. وإن شاء الله ربنا هيعوض علينا.. يمكن وقت الفرح لسه مجاش ))..

حركت والدته زوايا فمها يمينًا ويسارًا في استهجان، قبل أن تتشدق ساخرة :
-(( عوض إيه يا أخويا ما الجواب بيبان من عنوانه.. لو كان هيحصل كان حصل.. يلا خير خليها قاعدة تحب فيك وتحب فيها مش ممانعة.. بس بعد التحاليل بتاعتك ما تطلع هتصرف أنا بمعرفتي خلاص أنا استويت.. واديك سمعت بودنك الدكتور بعد العملية قال إيه.. الرحم حالته صعبة وصعب أنها تحمل قبل سنتين قدام.. مين عنده صبر يستنى! ))..

كانت تتحدث في اريحية وببساطة دون مراعاة للشعور وكأن المعنية بحديثها لا ترقد أمامها واعية وقد خرجت للتو من عملية حرجة أوشكت بها على فقدان رحمها!....
وقبل أن يصدر عنها رد فعل معادي تعبر به عما يجول بخاطرها، دلف الطبيب المتولي أمر رعايتها الغرفة، موجهًا حديثه مباشرةً إلى "بدر"، بينما يده تقبض على مغلف أبيض كبير :
-(( أستاذ بدر بعد إذنك ينفع نتكلم سوا شويه لوحدنا.. عندي كام سؤال محتاج أعرف إجابتهم منك ))..

هوي قلبه أرضًا فور سماعه نبرة الطبيب الجدية الجامدة، بينما هتفت والدته معترضة بعدما انتفضت من مقعدها واقفة وقد تشنجت كافة عضلات جسدها :
-(( يروح فين يا دكتور.. أنا والدته.. أتكلم قدامي عادي ))..

حرك الطبيب رأسه في نفاد صبر، حيث لاقى هو الأخر الآمرين من حديث واعتراضات وتدخل تلك السيدة في عمله مُذ وصولها، ثم سأله في جدية :
-(( أستاذ بدر.. هل حد من الأطباء السابقين اللي تابع حالة مدام أفنان طلب منك قبل كده التحاليل دي؟! ))..

أجابه بعدما ازدرد لعابه في قوة، وكأن هناك حجر عثر يحول دون سلكان ريقه لطريقه المعتاد :
-(( لا.. أول مرة الدكتورة معملتش أي حاجة غير عملية الإجهاض وبعدها ماتبعناش معاها تاني.. والمرة اللي فاتت لما وصلنا المستشفى بالجنين متوفي قالوا إن السبب ولادة قبل الميعاد وبرضه محدش طلب مننا أي تحاليل أو فحوصات غير تحليل عادية.. اهتمامهم الأكبر كان بأفنان.. لكن الفحص اللي حضرتك طلبته ده أول مرة أسمع عنه أساسًا ))..

حرك الطبيب رأسه متفهمًا، ثم قال علي مضض :
-(( فعلًا الفحص ده متقدم ولسه مُكتشف من فترة قصيرة.. قبل كده كنا بنعتمد على التحليل العادي زي ما قلت من شويه.. بس للأسف يا أستاذ بدر الطريقة التقليدية ممكن تبقى مضللة ومتظهرش المشكلة زي ما حصل مع حضرتك بالظبط.. يؤسفني أبلغك أن نتيجة فحص مادة "اليوبيكويتيين UBIQUITIN " عندي مطلعة نسبة تشوهات ما تقارب ال٩٩.٩٪.. ومعاها طبيعي جدًا حدوث الإجهاض.. أساسًا حمل المدام منك كذا مرة ورا بعض ووصوله للمرحلة دي في حد ذاته يعتبر معجزة ))..

سقط الخبر على رأسه كالصاعقة، حتى أن الأرض مادت به أسفل قدميه وقد فقد القدرة على التعقيب، بينما هتفت والدته تُنفي مستنكرة في صدمة :
-(( تشوهات إيه وتخاريف إيه اللي بتقولها يا دكتور!!.. أنا أبني زي الفل.. تقولي معجزة ومعرفش إيه!!... طب على فكرة تحليلك اللي غلط.. لأن اللي أنت متعرفهوش أن بدر كان متجوز من قبل وطليقته عملت حقن مجهري كذا مرة وحملت.. يعني لو كان عنده حاجة كانت ظهرت!.. لا احنا كفاية علينا قعاد هنا ونشوف لنا دكتور تاني.. يلا يا أفنان قومي اتحركي!.. يلا يا بدر واقف عندك مستني إيه!!! ))..

كانت كلماتها الأخيرة تتخذ منحني تصاعدي نحو الصراخ، خاصةً وقد مدت كفها نحو ساعد وحيدها تدفعه وتحثه على التحرك، فوجد الطبيب نفسه يتعاطف معها تِلْقَائِيًّا رغم سخطه على أفعالها، وعليه تساءل مهاودًا إياها :
-(( وهل في أي عملية منهم نجحت؟!.. هل الأستاذ بدر عنده أي أطفال؟! ))..

أجابته ناهرة في نبرة شبهه هيستيرية، بينما حرك بدر رأسه نافيًا في انهزام :
-(( لا أنا مش هاخد وادي معاك في الكلام.. يلا يا بدر من هنا بقولك ))..

مرر الطبيب نظراته بين الواقف أمامه كالثمال الحجري لا شيء يعمل به سوي رمشة عيناه، وبين زوجته التي تحركت داخل فراشها تجلس في وضع أكثر تأهبًا، وقد شعر أن من واجبه توضيح الصورة كاملة؛ لذا قال شارحًا في ترو :
-(( يا مدام اسمعيني من فضلك.. النكران مش هيحل المشكلة.. في بعض الحالات زي حالة الأستاذ بدر التشوهات مش بتظهر بتحليل السائل المنوي العادي وكان بيفضل سبب العقم مجهول.. بس دلوقتي العلماء اكتشفوا تقنية فحص جديدة بنقدر نحدد الخلل من خلال البروتين اللي أنا ذكرته فوق.. البروتين ده بيرتبط بس بسطح الحيوانات المنوية المشوهة وكل ما زادت النسبة المشوهة زاد العدد.. واللي عادةً مش بتظهر بطريقة الفحص العادية وصعب الاستدلال عليها من غير التقنية دي .. عشان كدة مظهرتش لما عمل الحقن لأنهم بيعتمدوا على طريقة الفحص التقليدي المضلل.. ولنفس السبب لما مادام أفنان ورتني تحاليل الاستاذ في أول زيارة ليها لقيتها سليمة ))..

هنا تدخلت أفنان تسأله في نبرة مرهقة، وقد شحب وجهها أكثر مما كان عليه وظهرت لمعة غريبة بداخل عينيها :
-(( قصدك إيه يا دكتور!.. مفيش أمل أن بدر يخلف؟! ))..

تنحنح الطبيب ثم أجابها في حرج مشفقًا على حالهم :
-(( مفيش حاجة مستحيلة.. بس لما بتزيد نسبة التشوهات عن ٩٧٪.. بنعتبرها حالة عقم صريحة.. بس كل ده تكنهات علمية وفي الأخر كله بإيد ربنا.. لو الأستاذ بدر مستعد نبدأ علاج والأمل في الله.. بس من غيره للأسف أه مفيش أمل هنفضل نعاني من مشكلة الإجهاض المتكررة ))..

لم تُرضيها تلك الإجابة أو تُقنعها فملامح وجه الطبيب توحي بعدم اقتناعه هو الأخر بما يتفوه به، وكأنها أسطوانة مسجلة يُمليها على كل من يُشبه حالتهم لتسكين الألم!....
أما عن الطبيب فقد شعر بتوتر الجو من حوله فقرر الانسحاب قائلًا في تعاطف :
-(( عمتًا لو الأستاذ حابب يستفسر أكتر أنا في مكتبي.. وبالنسبة لحضرتك العملية زي الفل والرحم طبيعي محتاجة راحة مش أكتر والبعد عن أي حمل لحد ما يستعيد وضعه الطبيعي ويتعافى.. عن إذنكم ))..

ما أتعس تلك التي ظلت تبني القصور العالية، وتضع الخطط الدامية، تظن بذلك أنها تحمي أحبائها من الريح المفاجئة العاتية، ثم وفي لمحة عين تهب الرياح بما لا تشتهيه السفن الجارية، ناكسة أعلام ما شيدته يداها وتتركها مفقرة خاوية!!..
همهمت والدته بنبرة أقرب إلى الهذيان منها إلى اليقظة والإدراك :
-(( يعني إيه!!.. ابني مبيخلفش!.. طب واسم العيلة.. وأحفادي!!.. وتعبي كل السنين اللي فاتت!.. كله راح؟! ))..

ارتفع جانب فم أفنان بابتسامة شامتة، وقد تذكرت حديث والدته منذ دقائق عن نيتها في جلب عروس أخرى له، بل تذكرت حديثها مُذ إجهاضها الأول، وجال بخاطرها كل ما عانته من ويلات بسببها، كل ليلة خاصم النوم جفناها وهجر مضجعها بسبب تلميحاتها!، كل تلك الكوابيس التي عانت منها بسبب تهديدها، مئات ومئات المواقف التي عاشتها كالذليلة تظن أن العطب منها ومحاولتها البائسة إرضائه وإرضائها، وها هي الحقيقة قد ظهرت واتضح أن لا فائدة تُرجي من وحيدها كما كانت تتفاخر به دائمًا، فوجدت نفسها تقول بصوت مسموع مليء بالتشفي والغل :
-(( عايزه تسافري تشوفي حالك ها!.. دلوقتي وريني هتشوفيه أزاي بعد ما المشكلة طلعت منه!.. وأنا اللي جيت على نفسي بدل المرة تلاتة عشان أحافظ على بيتي.. طلع أصلًا بيت خربان مفيش منه أمل!! ))..

كان حديثها بمثابة المُنبه الذي احتاجه عقله للعودة إلى العمل، فاستدار نحوها يسألها من بين نظراته المترقبة المذهولة :
-(( قصدك إيه يا أفنان؟! ))..

قاطعته والده تصيح في هياج :
-(( قصدها واضح يا عين أمك.. الك*** بتعايرني بيك!!.. بعد ما اكلتها وشربتها وعلمتها ولبستها وعيشتها عيشة مكنتش تحلم بنصها بتشمت فيا وفيك!!.. فكراني هغلب ولا هسكت.. لا ده أنا اخليك تطلقها وترميها برة رمية الكل***.. واجبلك ست ستها!.. أخس عليكي طلعتي قليلة أصل بصحيح! ))..

استدار بدر بجسده المتشنج يضع يده فوق فم والدته كي يمنعها بذلك من الاسترسال، وقبل أن يدير رأسه نحو زوجته وفي نيته الاعتذار منها، صدمته قائلة في امتعاض :
-(( ومين قالك أني هقعد مع واحد مبيجبش عيال!.. هعيش معاه ليه وعشان إيه!.. أنا اللي مش هضيع عمري اكتر من اللي راح بسببكم.. كفاية كنت هضيع رحمي من تحت كدبكم!.. تلاقيكم كنتوا عارفين من الأول أن العيب منه مش من غفران وضحكتي عليا وفهمتيني أن العيب منها عشان أوافق بيه.. بس لأ.. لحد هنا وكفاية.. أنت تطلقني وتديني مؤخري وحقوقي وتسبني أرجع بلدي أشوف حالي ))..

خيانة، طعن، جرح، كسر، والحرق حيا، مجموعة من المشاعر المتباينة داهمته جماعة عندما سقطت كلماتها الجارحة فوق أذنه دون رحمة وكأنها بحديثها ذلك نزعت الحياة من أحشاء روحه، إحساس لا يوصف بالخذلان، وقد نجحت في شنقه بحديثها وتركته صريعًا يحاول جاهدًا عدم الاستسلام لتيار اليأس الذي يلوح له مغويًا، ثم ودون جدال وبعد فترة طويلة من الصمت المطبق إذ لا مفر من المواجهة ودفع ثمن سوء الاختيار، همس يقول في انكسار بعدما نكس رأسه لأسفل واستدار نحو باب الخروج :
-(( انتِ طالق! ))..

صاحت والدته اسمه تستوقفه متوسلة وهي تهرول من خلفه، إذ دفع باب الغرفة بعد نطقه اليمين ثم اندفع هاربًا، فصرخ يقول في كره صريح :
-(( أبعدي عني.. مش عايز اعرف حد فيكم تاني.. وأنتِ بالذات كفاية خربتي حياتي.. سامعة!!.. حياتي باظت بسببك وعمري ما هسامحك طول مانا عايش ))..

راقبته يبتعد عنها بأعين دامعة متحسرة، وقلب تشب به النيران المتأججة، فإذا كان للهزيمة وصف، فهو رؤية الكره في أعين من أحببته وأفنيت عمرك من أجله ثم تراه ببساطه عن طريقك يّعَزُفَ!



******************************



في صباح اليوم التالي...

انتهى من تريضه في ساعة مبكرة لذلك اليوم على عكس العادة، مقررًا بعدها العودة إلى زنزانته الخاصة والاستراحة داخلها بعيدًا عن ضوضاء الجميع، بالطبع لم يكن ذلك التساهل بالأمر الشائع أو المعتاد عليه داخل السجون المصرية، ولكن بنفوذه وقوة ماله استطاع الحصول على كثير من الاستثناءات فيما يتعلق بفترة محبسه، فكان الأمر أشبهه بنزهة ترفيهية أقرب منه إلى انتظار محاكمته على كل جرائمه التي ارتكبها في صغار السن، وما قام به من خروج عن القانون كل تلك السنوات المنصرمة...

وقبل وصوله إليها شعر بحركة ما آتية من خلفه، حيث باغته القاتل على حين غرة بوضع القناع الأسود الخانق فوق وجهه بعد أن راقب الممر ما يقارب الساعتين منتظرًا الاختلاء به، ثم ومن بعده لف الحبل الغليظ حول عنقه واستمر في شنقه بيد، بينما يمنع بالأخرى صراخه عن طريق وضع كفه فوق فم الضحية، وما بين مقاومة المغدور التي آخذت تتضاءل بسبب منع الأكسجين عن رئتاه، وصلابة قبضة الغادر التي تزاد اشتدادًا حول عنقه كلما خارت قوي المعدوم، لفظ أنفاسه الأخيرة، وقد دفع ثمنًا لخطاياه قبل تحقيق العدالة.

وبعد ساعة من الواقعة.....

دلف المجند الزنزانة لاستدعاء ساكنها وقد أتى محامي المسجون لزيارته والتأكد من نجاح المهمة كما هو المتفق عليه، فاصطدمت عيناه بساق القتيل أولًا وصولًا إلى جسده المُعلق في سقفها عندما تتبعته عدستاه، بينما عنقه متدليًا على صدره وجسده يترنح يمنة ويسرى، وقد فارق الحياة، فصرخ الموظف متراجعًا للخلف وراكضًا بداخل الممر كي يستعدي مرؤوسه ويُخبر الحرس الخارجي بالحادثة، ثم استكمال باقي الإجراءات الروتينية المعتادة في تسجيل حالة الانتحار والتي دائمًا ما تحدث داخل السجون خاصةً بين الشخصيات المعتادة على الحياة المترفة مثله، بسبب الاكتئاب!.


****************************



بعد مرور أسبوع.........

قال العقاد..... إذا ميز الرجل المرأة بين جميع النساء؛ فذلك هو الحب... وإذا أصبح النساء جميعًا لا يغنين الرجل ما تغنيه امرأة واحدة؛ فذلك هو الحب... وإذا ميز الرجل المرأة لا لأنها أجمل النساء، ولا لأنها أذكى النساء، ولا لأنها أوفى النساء، ولا لأنها أولى النساء بالحب، ولكن لأنها هي هي بمحاسنها وعيوبها.....
فذلك هو الحب....

تحركت بقدر ما سمح لها ثقلها وقد بدأ الانتفاخ يظهر جليًا على بطنها معلنًا عما تحمله بداخلها لكل من يراها، وكيف لا وقد أتمت شهرها الخامس للتو وها هي تقف على أعتاب السادس متلهفة، وكل ما يفصلها عن اختبار شعور جديد من السعادة أقل من مائة يوم.....
نعم ثلاثة أشهر أخرى وسترى ثمرة عشقهم متجسدة أمام عينيها وسوف تحملها بين ذراعيها، تمامًا كما ستفعل صديقتها وزوجة ابن عمها اليوم....
مجرد التخيل جعل الابتسامة الناعمة تُزين محياها، قبل أن تتنهد في وله وتسير حالمة إلى غرفة نومهم تجلب منها هاتفها كي تتواصل مع زوجها وقد تأخرا بالفعل على "طاهر" الذي ينتظر في المشفى وصول مولدته بعد ساعة من الأن، مقاطعًا بحثها عن الهاتف صوته يهتف اسمها مدللًا وقد وصل للتو :
-(( عالية.. يا لولي.. يام سدرة.. أنتِ فين! ))..

طلت برأسها من خلف إطار باب الغرفة تُجيبه مقطوعة الأنفاس كعادتها منذ بدأ ذلك الحمل الذي يستنفد قواها مع أقل مجهود تقوم به ويتركها شاحبة :
-(( أنا هنا يا يحيي أتاخرت ليه كل ده؟!... ماما كلمتني كذا مرة تستعجلني وقالتلي لو يحيى هيتأخر ناخدك معانا على الطريق قبل ما نطلع على المستشفى.. بس أنا قلتلها لا هستناك ))..

حاوط خصرها بذراعيه فور وصوله إليها، ثم أجابها بعدما طبع قبلة مرحبة فوق جبينها، وأخرى فوق بطنها كتحية لصغيرته القابعة بالداخل في أمان، قائلًا في اعتذار :
-(( معلش الطريق كان واقف شويه.. وبعدين أنا اتفقت معاكي هنروح سوا وإن شاء الله هنلحق الولادة في وقتها وهنكون معاهم.. ثواني بس أغسل وشي وأغير هدومي بسرعة ونتحرك على طول ))..

زمت شفتيها معًا للأمام، وضيقت جفناها فوقه، ثم سألته متوجسة في اندفاع وهي تنحني برأسها نحو قميصه تستنشقه :
-(( تغير ليه إن شاء الله!!.. أنت مخبي عني إيه مرحبا بقي؟!.. هى حاولت تقرب منك تاني صح؟!.. وعهد الله يا يحيي لو عملتها المرة دي لهروح اجبها من شعرها.. أنا حذرتك أهووو.. وياريت بقي جلساتها دي تخلص وترجع تسافر وتحل عني ))..

طغى شعور السعادة بغيرتها عليه وحبها له عن أي شعور أخر قد يُعكر صفو حياتهم، خاصةً مع هرمونات الحمل التي تجعل مزاجها يتغير عدة مرات في الدقيقة الواحدة، وكل ما يملك فعله هو إرضاءها حتى تنتهي تلك المرحلة الهامة من حياتهم بالشكل المثالي المطلوب؛ لذا همس يقول مداعبًا وجنتها بذقنه الخشن :
-(( وعهد الله ما حصل.. وهو أنا برضه هسيب حد يقرب مني غير أم سدرة الجميلة اللي بين أيديا دلوقتي.. وبعدين أنا كنت هغير هدومي عشان أليق بالقمر اللي هخرج معاه ))..

ارتخت ملامحها على الفور وتبدلت تقطيبة جبينها إلى ابتسامة خجلة، وقد نجح في احتواء نوبة غضبها قبل أن تتسع، قائلة بعدها في دلال ورضا :
-(( يا سلام اضحك عليا بقي وسكتني بكلامك عمتًا هعديها عشان متأخرين.. بس قبلها عايزه أفهم إيه حكاية أم سدرة دي إن شاء الله.. من دلوقتى هتنسي أسمى وتبطل تقوله.. أومال لما بنوتك تشرف هتعمل فيا إيه ))..

أجابها وهو يوزع قبلاته فوق وجهها وفمها يسحب بذلك تركيزها إليه :
-(( هعمل كل خير يـا....... ))..

هتفت تقاطعه محذرة بزاوية حاجب مرفوع، بينما رفعت كلا ذراعيها ووضعتهم فوق ساعديه استعدادًا لدفعه إذا لزم الأمر :
-(( هاااا يا إيه!! ))..

قال في عشق قبل التحام ثغريهما معًا في شوق :
-(( يا عالية الروح.. يا أنا..... ))..


****************************



ليس هناك ما يُعرف باسم الفرصة الأخيرة، لأن دائمًا ما يعقبها فرصة أخرى تُسمي بالفرصة ما بعد الأخيرة، وهكذا.....
يستمر القدر في وهبنا فرص لتصحيح مسار حياتنا حتى نلتقط أخر أنفاسنا، وقتها حقًا يمكننا الجزم بأنها كانت فرصة الإنسان الأخيرة، أما ما يُطلق على ما قبل ذلك فهو محض تُرهات اختلقها البشر كذريعة للهرب...

جلست بأنفاس ثقيلة فوق حوض الاستحمام وقد بدأت بعض حبات العرق تتجمع فوق صدغيها من شدة التوتر، بينما أنظارها مسلطة فوق كفها الأيمن القابض على علبة مُغلقة يوجد بداخلها جهاز منزلي لكشف الحمل كانت قد ابتاعته أمس مَسَاءَا من إحدى الصيدليات القريبة من مقر الجمعية، بعدما فقدت وعيها للمرة الثانية في يوم واحد، وقتها أصرت زميلتها في العمل على اصطحابها إلى المشفى أو أقرب معمل تحاليل لإجراء الفحص، خاصةً بعدما سردت عليها "غفران" باقي العوارض المعروفة، فما كان من الأخيرة إلا أنها اقترحت هاربة إجراء واحد منزلي في وقت لاحق، ولم يكن مُقترحها لشيء ألا لمهاودة زميلتها التي صمتت على مرافقتها إلى الصيدلية وحرصت على ابتياع أفضل الأنواع مؤكدة بأن ما تشعر به هي أعراض حمل واضحة، أما بداخلها لم تكن تُريد السير وراء أمل زائف....

ولكن في الصباح وبعد أن انتابتها نوبة غثيان قوية قررت التخلي عن عنادها وتمسكها بالفرار، فحتى وإن كانت النتيجة عكس رغباتها!؛ يكفيها شجاعة المواجهة، وعليه... وبعد الانتهاء من ارتداء ثيابها والذهاب للوقوف جوار صديقتها في لحظتها الهامة، سحبت الكاشف من حقيبتها ودلفت به إلى الحمام وها هي تحاول جاهدة السيطرة على الارتعاشة التي أصابت جسدها حتى تبدأ في استخدامه.....
وبعد فترة من شخوص بصرها نحو الأرضية أسفلها تشجعت وأخرجته من العلبة الكرتونية واستعملته، ثم جلست في صمت مطبق تنتظر!...

مرت اَلثَّوَانِ كالساعات، ومرت الدقائق كألايام، وهي لازالت جالسة ترتجف دَاخِلِيًّا وَخَارِجِيًّا في انتظار تغيّر لونه، وقد أصبح فجأة رؤية اللون القرمزي هو أقصى أمنياتها في الحياة!....
ولم يُخيب اللون ظنها إذ بدأ يظهر على مهل ويزداد قوة مع مرور اَلثَّوَانِ مؤكدًا لها بما لا يدع مجالاً لإنكار، وجود نطفة ما تنمو بداخلها....
وبقلب يخفق بعنف رهيب اندفعت خارجة من الحمام، بينما يدها تقبض بقوة على الكاشف وكأنه كنزها الثمين، متمتمة بارتجافة أصابت صوتها، بل إصابتها كلها من مقدمة رأسها حتى أخمص قدميها :
-(( جواد!! ))..

استدار بجسده نحوها وقد دلف الغرفة للتو كي يبحث عنها، متسائلًا في لهفة :
-(( محصلتنيش ليه يا غفران زي ما قلتي؟! يلا أتاخرنا على طاهر ورحمة.. ماما وبابا سبقونا ع المستشفى من بدري! ))..

رفعت رأسها إليه بالتزامن مع رفع جهاز الفحص أمام وجهها، هامسة بخفوت مرتعش، بينما الدموع تتجمع في عينيها :
-(( جواد.. أنا...... ))..

قطب جبينه في عدم فهم، ثم سألها مستنكرًا في قلق بعد قطع المسافة الفاصلة بينهم ووقف أمامها يمد ذراعيه إليها كي يدعمها :
-(( مالك يا غفران!.. وإيه اللي في أيدك ده؟! ))..

فى تلك اللحظة كان كامل جسدها يختض تحت لمسته من فرط الانفعال، بينما الدموع تهطل من خلف جفنيها بسخاء، ثم وبعد فترة من الانهيار بلعت لعابها في قوة وهمست في نبرة أقرب إلى الهلوسة منها إلى الواقعية :
-(( جواد... أن.... أنا.....أنا حامل ))..

تمهلت في نطق كلمتها الأخيرة وكأنها تتشربها، تشعر بها وتصدقها، فهي حامل!، دون منشطات!، ودون الشعور بمئات من الإبر الطبية التي توخز جلدها، ودون مرور آلاف من أقراص الدواء من بلعومها!، دون معاناة، ودون مغالاة.. فقط حامل كأي أنثى طبيعية!....

حركت رأسها يمينًا ويسارًا تنفضها في قوة، وقد امتدت يدها نحو بطنها تتحسسها في عدم تصديق حتى أنها نست وجود زوجها جوارها، ولم يذكرها بوجود سوي يده التي جذبتها إلى أحضانه ثم بدأ في نثر قبلاته فوق شعرها ووجهها وعنقها، يعبر عن سعادته بها بطريقته الخاصة، متمتمًا من بين قبلاته الحارة :
-(( ألف مبروك يا عمري.. ألف مبروك يا أنا..... ))..


***************************



هذا تحديدًا ما يفعله الأفراد الذي يهتمون لأمرك، يقفوا جوارك، يحبوك ويدللوك، يشجعوك ويساندوك، تراهم دائمًا معك في لحظات الفرح قبل الحزن، ويحرصون على التواجد دائمًا من أجلك، سمهم عائلة، أصدقاء، معارف، أيا كان المسمى لا يهم، المهم هو ذلك الشعور الرائع الذي يخلقونه بداخلك كأنهم بتلات ورد تزين لحظاتك الخاصة وقتما وجدوا..

ألقت نظرة أخيرة ممتنة على وجوه كل من حضروا، عم زوجها وأبناءه وبجوار كل واحد منهما يقف رفيقه في الحياة، وقد آتوا جميعًا لمشاركتها تلك اللحظة الخالدة، وفجأة أدركت وهي تطالعهم أن العائلة الحقيقة ليست بالدم، بل بمن حَقًّا بنا يهتم....
وبابتسامة مشجعة لاحت للجميع مودعة، قبل أن تختفي داخل غرفة العمليات حيث اللحظة التي انتظرتها تسعة أشهر كاملة، بينما يسير جوارها صاحب الدرب ومالك القلب وقد أصر على الدخول معها وعدم تركها، هامسًا جوار أذنها في حنان :
-(( جاهزة لمقابلة بنتنا؟! ))..

تنهدت مطولًا قبل أن تقول في شجاعة، بينما دموع التأثر تتلألأ داخل مقلتيها :
-(( طول ماحنا سواء جاهزة لأي حاجة ))..

مال يقبل كفها ثم استأنفا سيرهم على مهل نحو الفراش الطبي استعدادًا للقاء، فهما على موعد مع اكتمال بناءهم بعد نصف ساعة أو ربما أقل، ويا له من شعور!!، كان الترقب والتوجس هما سيدان الموقف فيه حتى صدحت صرخة طفلتهم الأولي داخل الغرفة معلنة عن حضورها سالمة، وقد أتم الله نعمته عليهم وملئت مولدتهم أركان حياتهم بالسرور والبشر، بينما من خلف الزجاج تتراص أفراد العائلة منتظرة في لهفة وعلى رأسهم السيد "أنور"، والذى هتف فور رؤيته ملامح المولودة الناعمة مرحبًا في حبور :
-(( فريدة.. فريدة الصغيرة وصلت يا ولاد..... ))..


**************************

في المساء.. بعد منتصف الليل.....

وبعد الانتهاء من كافة الخطوات والإجراءات اللازمة، استلقت "رحمة" فوق الفراش الطبي تتابع بأعين لامعة وابتسامه مشرقة التفاف الجميع حولها، تستمع إلى ضحكاتهم وتسامرهم دون القدرة على المشاركة، وليس لشيء سوي لاختناقها بدموع السعادة والامتنان وقد صار كل شيء على ما يرام، بل وأفضل... حتى ولادتها كانت من أسهل ما يكون إذ حرص زوجها على اختيار أفضل أطباء المدينة وأمهرهم، فلم تشعر بالألم المعتاد الذي تعاني منه كافة السيدات في نفس وضعها، بل كانت ولادة سهلة يسيرة وإلى الآن يتم الاعتناء بها والاطمئنان عليها كل عدة دقائق من قبل الطاقم الطبي، الأمر الذي جعل الدموع لا تغادر عينيها كلما تذكرت فضل الخالق عليها، جاذبًا انتباهها صوت السيدة كريمة تهتف ضاحكة :
-(( بجد يا أنور.. مش مصدقة أنك أنت اللي سميت البنوتة وصممت على رأيك.. واللي مستغرباله أكتر مطاوعة طاهر ورحمة ليك ))..

هنا تدخل طاهر يقول منتفخًا الأوداج ولمعة السعادة في عينه لا تقل عن زوجته :
-(( بصراحة أنا كنت بفكر من مدة أعملها مفاجأة لرحمة وأقترح كده يوم الولادة.. بس عمي سبقني ))..

ربت جواد الواقف جواره على كتفه، قائلًا في حسد :
-(( أه يا حبيبي.. مانت طالعله أكتر مني.. والله يابني ساعات بحس أنك أنت اللي ابنه ))..

ابتسم أنور في رضا على حديث أطفاله، قبل أن يتمتم قائلًا في منة موجهًا الحديث لزوجة ولده الأكبر :
-(( كلكم واحد عندي.. ألف حمد وشكر ليك يارب.. فرحتنا النهاردة فرحتين بخبر حملك يا غفران.. عقبال ما اطمن عليكي أنتِ وعالية واشيل ولادكم بين أيديا زي ما شلت فريدة النهاردة.. الحمدلله الصبر دايما اخرته جبر.. وانتوا يا ولاد صبرتوا كتير.. ربنا يخليكم لبعض ))..

ابتسمت الثلاث فتيات على حديثه، بينما أمن الجميع على الدعاء، قبل أن يقول يحيى في إنهاك :
-(( طب إيه الساعة عدت ١٢.. مش هنروح بقي ونسيب رحمة ترتاح بعد اليوم المجهد ده؟! ))..

حركت علياء رأسها موافقة، ثم سألت موجهة حديثها لطاهر :
-(( أنا كمان تعبت ومحتاجة أروح أرتاح كتر القاعدة بقت بتتعب رجلي أوي.. بس قولي يا طاهر الدكتور قال هتخرجوا أمتى؟! ))..

أجابها ولازالت الابتسامة تُزين محياه غير قادرًا على السيطرة عليها :
-(( بكره الصبح إن شاء الله بالكتير.. لسه سأل الدكتور لما نزلت اطمن على فريدة في الحضانة ))..

أومأ الجمع برأسه إيجابًا مستحسنًا، بينما سألت غفران في اهتمام جلي بعدما سارت إلي رحمة وانحنت بجذعها تحتضن كفها :
-(( محتاجة مني أي حاجة يا رحمة؟! ))..

قالت رفيقتها مؤكدة في صرامة :
-(( محتاجة أنك تروحي وترتاحي.. وعشان خاطري تخلي بالك من نفسك ))..

حركت غفران رأسها موافقة قبل أن تميل نحوها وتعانقها، وقد هطلت دموع أحدهما على الأخرى من فرط السعادة، ثم حذى حذوها باقي أفراد العائلة مودعين وبقت هي بمفردها في الغرفة، حيث أصر زوجها على إيصالهم حتى الطابق الأرضي، منتهزة هي الفرصة في إخراج دفترها، إذ حرصت على اصطحابه معها، ثم بدأت تدون في شغف......

( مذكرتي العزيزة......
اليوم تخونني الحروف وتهرب مني الكلمات ولا أقوى على التعبير، ففي الحقيقة ومنذ علمي بحملي وأنا أتخيل شعور النظرة الأولى لطفلتي وأرتب بداخلي الوصف المناسب، ولكن فور رؤيتي لها، بل فور سماعي صراخها تبخر من عقلي كل شيء وتاهت الأبجديات من قاموسي...
أو ربما شعرت بضآلتها أمام هذا الشعور الذي لا يوصف وفقدت معه الرغبة في التوثيق، فهو مجموعة متباينة من المشاعر الغريبة التي اجتاحتني في آنً واحد، وكأني اختبر نوع جديد من الحب مختلف عن ذلك الذي أحمله بداخلي لوالدها؛ لذا سأكتفي بكتابة بضعة كلمات لها علها تقرأها في الوقت المناسب،x وتعلم كيف بدأت قصة وجودها...

صغيرتي وحبيبتي.. أميرتي والهبة التي أتت في أحلك أوقاتي...x
اليوم أود أن أسرد عليكي قصة غريبان التقيا في ظروف غير عادية، فكان الكره والحقد في علاقتهم هما السمة الطاغية، حتى أنهما كانا يتجنبان النظر في وجوه بعضهم البعض أو إلقاء كلمة السلام العابرة، ولكن... يبدو أن القدر أصر على جمعهم وجعلهم روح واحدة، وفجأة أو ربما مع مرور الوقت تحول هذا الكره إلى أنهار عشقًاًّ جارية، نبع دائم لا ينضب ولا يقل بل يزداد مع مرور الأيام القاسية، افترقا ثم التقيا ثانية، ثم أوشكا على الضياع من بعضهم البعض داخل موجات الحزن العاتية، ولو تعلمي كيف وقف والدك جواري وحارب من أجلنا وكيف اكتفيت به عن الجميع حتى أصبح كل عائلتي، عشيرتي، وقبيلتي الحامية...
ثم أتيت أنتِ أخيرًا فكنتِ ثمرة وجوهرة تاج قصة عشقهم الأبدية.. )..

قاطعها صوت توأم الروح يهمس في عشق جوار أذنها، وقد عاد للتو من الأسفل :
-(( بتكتبي إيه؟! ))..

رفعت كفها تحاوط شطر وجهه، مجيبة في وله :
-(( بكتب لفريدة أزاي بدأت قصتنا.. وأزاي كنت محظوظة كفاية بيك.. عشان لما تكبر تعرف قد ايه باباها استحمل والدتها.. وقد ايه هو عظيم ))..

انحني يقبل وجنتها، وطارف انفها، وأخيرًا راحة كفها، هامسًا في فتون :
-(( لو كنت عظيم فده عشان حبك صالحني على نفسي.. وبقيتي أنتِ الأنا ))..

همست تسأله في استفسار وقد أثارت الكلمة فضولها واستحسانها :
-(( الأنا؟! ))..

حرك رأسه مؤكدًا، قبل أن يضيف مفسرًا جملته :
-(( الكاتب صادق الرافعي بيقول في كتابه "السحاب الأحمر"... “لا يصح الحب بين اثنين إلا إذا أمكن لأحدهما أن يقول للآخر: يا أنا”... وهو بفلسفته شاف أن اللي بيوصلوا للمرحلة دي من الحب مستحيل الفصل بينهم.. لأنهم امتزجوا ببعض زي الجزيئات.. مينفعش تكتمل غير في وجود بعض ))..

فرغ فاها في انبهار، ثم قالت في تتيم وهي تمد ذراعها نحو شفاه تتتبع ببنانها حدود ابتسامته الساحرة :
-(( ربنا يخليك ليا.. يا أنا. ))..

**************************

كانت البدايات كالنهايات نيران مستعرة تكوى الوجدان
قدر ساقنا وربت على قلوبنا بعد أن سقانا طويلًا الخذلان
لهيب أحرقنا..ضمنا ثم فرقنا..و فيض من عشق أخمد النيران
لتشتعل من جديد جذوتها، ولكنها لم تحرق الكيان
بل صارت دافئة كلمسة أم على وجنة طفل يحتاج لحنان
كشعاع شمس فى نهار بارد يبعث في النفس الدفء والأمان
لولا التقينا لصار الكون رمادي اللون، تغيب عنه باقي الألوان
لولا إلتقينا لما عرفنا العشق، ولا مس القلب طول الزمان
رحمة ترجى من قلب طاهر، وهوى ليس لنا عليه سلطان
قلب الله القلوب فصار العشق قدرنا وأسكننا الجنان
لن نضيع أبدا طالما الهوى بيد الله يمنحه لكل قلب حان.


تمت بحمد الله...

x بدأت في
3/11 2019
x وانتهت في
1/12/2020.

x x شيماء يوسف.


شيماء_يوسف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-05-21, 01:52 PM   #93

Sahar Sidawi

? العضوٌ??? » 421557
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 783
?  نُقآطِيْ » Sahar Sidawi is on a distinguished road
افتراضي

متشووووووووووووووووووووقة لقراءتهااااااا متشووووووووووووووووووووقة لقراءتهااااااا روووووووووووعه

Sahar Sidawi غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-05-21, 04:56 PM   #94

Sahar Sidawi

? العضوٌ??? » 421557
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 783
?  نُقآطِيْ » Sahar Sidawi is on a distinguished road
افتراضي

متشووووووووووووووووووووقة لقراءتهااااااا متشووووووووووووووووووووقة لقراءتهااااااا

Sahar Sidawi غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-06-21, 10:51 PM   #95

شيماء_يوسف

? العضوٌ??? » 474730
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 61
?  نُقآطِيْ » شيماء_يوسف is on a distinguished road
Rewity Smile 4

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sahar sidawi مشاهدة المشاركة
متشووووووووووووووووووووقة لقراءتهااااااا متشووووووووووووووووووووقة لقراءتهااااااا
إن شاء الله تعجبك وهستني رايك ❤️


شيماء_يوسف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-07-21, 11:23 PM   #96

ياراولارا

? العضوٌ??? » 447411
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 159
?  نُقآطِيْ » ياراولارا is on a distinguished road
افتراضي

حلوووووووووووه اوي

ياراولارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-01-22, 10:00 AM   #97

أم أحمد حسسن

? العضوٌ??? » 495708
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 37
?  نُقآطِيْ » أم أحمد حسسن is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رواية جميلة جداً


أم أحمد حسسن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-03-22, 01:01 PM   #98

dalela

? العضوٌ??? » 55117
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 170
?  نُقآطِيْ » dalela is on a distinguished road
افتراضي

لا اله الا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير


dalela غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-22, 12:52 AM   #99

أمينه عبدالعزيز

? العضوٌ??? » 499221
?  التسِجيلٌ » Feb 2022
? مشَارَ?اتْي » 172
?  نُقآطِيْ » أمينه عبدالعزيز is on a distinguished road
افتراضي

❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

أمينه عبدالعزيز غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-23, 01:42 PM   #100

سلمى سعد

? العضوٌ??? » 472767
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 328
?  نُقآطِيْ » سلمى سعد is on a distinguished road
افتراضي في لهيبك احترق

اللهم صل على سيدنا محمد صل الله وعليه وسلم

سلمى سعد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
زواج، حزن، مكيدة، جريمة، غيرة، حب، رومانسية، ألم،انتقام

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:32 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.