آخر 10 مشاركات
ديزي والدوق (44) للكاتبة :Janice Maynard .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          القفص الذهبي (68) للكاتبة: أبي غرين (الجزء الاول من سلسلة الشقيقان) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          ينابيع الأمل (43) للكاتبة : Patricia Davids .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          الحب لا يموت أبدا (42) للكاتبة : Rita Herron .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          اللقاء العاصف (23) للكاتبة: Jennie Lucas *كاملة+روابط* (الكاتـب : Dalyia - )           »          حب في الصيف - ساندرا فيلد - الدوائر الثلاثة (حصريــا)** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          حب في الأدغال - ساره كريفن - روايات ناتالي** (الكاتـب : angel08 - )           »          جميع مؤلفات الكاتب الكبير/ نجيب محفوظ جاهزة للتحميل (الكاتـب : بندر - )           »          شيفون أحمر: رمزٌ للأناقة والجاذبية (الكاتـب : منصة سدره - )           »          شيوخ لا تعترف بالغزل -ج3 من سلسلة أسياد الغرام- لفاتنة الرومانسية: عبير قائد *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة

Like Tree849Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-07-20, 04:04 PM   #1

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile25 كمـا رحيـل سهيـل ، للكاتبة الرااائعه/ لولوه بنت عبدالله "مميزه"(مكتملة)





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعضاء روايتي الغالين نقدم لكم رواية

(( كمـا رحيـل سهيـل ))

للكاتبة/ لولوه بنت عبدالله





رواية الكاتبه السابقه

بات من يهواه من فرط الجوى خفق الاحشاءموهون القوى بقلم/لولوه بنت عبدالله(مميزة،مكتملة)

قراءة ممتعة للجميع ...




التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 18-12-20 الساعة 09:35 PM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-07-20, 04:19 PM   #2

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

رابط لتحميل الرواية

هنـــــــــــــــــــــا









تصاميم إهداء من deegoo



















السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سلام عد ماهل المطر وسال المسيل سلام عد ما اشرقت الشمس وطل الهلال
..
سلام كبير .. مني انا لولوه بنت عبدالله .. للكبار جداً والغاليين على قلبي
..
تأخرت ... صحيح
العتب زاد ... ادري
لكن رجعت ... وما اتمنى الا انها تكون رجعة مليئة بالانجازات .. مليئة بالهدايا الحلوة الدسمة 😊

..

4 سنوات مرت صح ؟
اوكي لا تضربوني .. مو لازم العنف 😊

..

4 سنوات مرت علينا جميعاً بخيرها وشرها ... ويت سنة 2020 ما شاء الله محملة من الخاطر
الله يستر علينا ويحمينا جميعاً من شر الاوبئة والامراض ..

..

انزين يا لولو اخلصي شو تبين !
والله ابد سلامتكم
ييت وانا شايلة سهيل في ايدي ... سهيل اللي ما فارقني ولا فارق احبابه
اروح وارجع .. انام وانش وهو في بالي ...
ما قدرت اتجاهله اكثر عن جي .. يحبني واحبه ويا ويل قلب اللي تحب لولوه 😊
..
فلسفة فاضية صح ؟
اوكي اعرف شكراً ..
ندخل في المهم
..

بنبدأ ان شاء الله رحلتنا ... هي مو جديدة .... لكن متجددة .. مختلفة تنتوفة عن النسخة القديمة .... ولا تخافون
الاختلاف ابداً مو في الافكار الرئيسية اللي بنيت عليها اساس الرواية
بل فقط بالاسلوب ... بطريقة السرد .... ببعض الافكار الثانوية ..... فقط لا غير 😊

التغيير حصل لانها 4 سنوات
4 سنوات صار خلالها تطور في الذات .. في الشخصية .. في العقل والثقافة .. امممم في الموهبة بشكل عام .... ف اكيد بعكس هالشي على الرواية .. وانتو بعد اكيد حابين تشوفون اختلافات حلوة بين كما رحيل سهيل وبات من يهواه 😊

..

اخر ثرثرة وبتوكل ادش في الرواية ع طول

سلامي لجميع متابعات كما رحيل سهيل
ماقدر اذكرهن اسم اسم هن يعرفن عمارهن
سلامي للكل . سلامي لـ فيتو لانها من الاشخاص اللي كانوا يتواصلوت دايركت تسأل باستمرار عني وعن سهيل
ووووواعتذاري الحار للكل على تأخري .. 😊


وشكراً لتفهمكم


روابط الفصول

المقدمة + الفصول من 1 إلى 7
الفصل 8 ، 9 ، 10 ، 11
الفصل 12 ، 13
الفصل 14
الفصل 15
الفصل 16
الفصل 17
الفصل 18
الفصل 19
الفصل 20
الفصل 21
الفصل 22
الفصل 23
الجــــزء الأول من الفصـــل الرابــــع والعشــــرون
الجزء الثاني من الفصل الرابع والعشرون
الفصــــل الخامــــس والعشــــرون
الفصـــل الســـادس والعشـــرون
الفصـــل الســــابع والعشــــرون
الفصــــل الثــــامن والعشــــرون (الجزء الأول)
الفصــــل الثامــــن والعشــــرون (الجزء الثاني)
الفصــــل التاســــع والعشــــرون
الفصـــــــل الثلاثــــــــــون

الفصل الواحد والثلاثون


تواقيع الأبطال

مع جزيل الشكر لمصممتنا المبدعه بحر الندى





















************

وسام المشاركه المميزه



تنويه ويرجى تثبيته في الصفحة الاولى

تنزيل الفصول يوم الخميس الساعه 12 ليلا بإذن الله تعالى

والفصل الواحد تبارك الله عن فصلين لهذا شفت فصل واحد في الاسبوع كافي

تحياتي للجميع ..... وووووووالحاضر يعلم الغايب ماوصيكم




التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 19-12-20 الساعة 09:51 AM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-07-20, 04:25 PM   #3

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)


،,



رحلت يا سهيل ..
فرحل معك النسيان .... والذاكرة

قيل في يوم ..
أن أسوء ذاكرة ... تلك التي لا تنسى

أيا نجمي المنطفئ ...
كان رحيلك هو أسوء ذاكرة .... سافرت في اضعف باخرة

فلم يبق بعدك .... أية ذكرى لتنسى .....!



،,



المقدمة



ماضٍ يتحدث



خرّت على الأرض وقد شل الخبر أطرافها حتى باتت رخوة هلامية لا قوة فيها

وصرخت

صرخت حتى وصل صراخها آخر منزل من منازل القبيلة وتعداه الى أن شق عتمة السماء الساكنة:
لااااااااااااااااا ........ ولديييييييه

واخذت تلطم وجهها بـ جنون: ولديييييييه .... لا تذبحوووون ولدييييييييه

امسكتها شقيقة زوجها الكبرى وهي بالكاد تستطيع كبح دموع فجعها .... حاولت مواساتها .... الا انها شعرت


بالسخف !!!


كيف لها بحق الله تهدئة ام مكلومة .... وبهذا الوقت بالذات ...... كيف وهي نفسها تحتاج من يواسيها ... ويخبرها ان الذي تشهده ... مجرد كابوس


جسدها بأكمله ينتفض منذ ان اتاهم الخبر من احد صغار أبناء عمومتهم .... ينتفض .... وتتصاعد فيه حمم كارثية



تشبثت بها المكلومة بقوة صائحةً بجنونها ... وبفاجعتها التي وصلت عيان السماء: دخيلج ريسه .. دخيلج ... ابوس ايدج ورييييلج .... وديني صوووبه


ضربت رأسها وهي تزمجر بـ وجع هستيري: ودددييييني صوووووبه ... أبا ولدددديه ... أبااااااااه


امسكت بذراعيها وهي ترمقها بعيناي باكيتان حمراوتان ... وبصوت تفجر باللوعة .. والرجاء: دخيلج وديني صووووبه .... ابوووس اييييدج وديييني صووووبه




يالله ...... تطلبين المستحيل يا ابنة علي ... تطلبين المستحيل ونجوم الظهر



اغمضت عيناها بـ قوة .... وقالت بحشرجة مميتة: مـ مـ ماروم ..... مـ مارووووم


ضربتها الام بـ شراسة وهي تتلوى بـ وجع وحشي مشتعل: ياللي ما تخااااافووون الله ... ياللي ما تخاااافوووون الله ... تبوون تجتلووون ولديييييه ..... تبون تجتلوووووونه



حاولت ريسة احتضانها ... لكن الأخيرة ابت الا ان تعلن وجعها بأشرس الطرق الممكنة


وحاولت اغلاق فمها كي لا يفتضح امرهما .... لكنها لم تتمكن من السيطرة عليها



رفعت الام عيناها بعنف ... وقالت بنظرة تقدح شراراً: انا اعرف وين ودوا ولديه



وبـ ثانية مسروقة منها العقل ..... اخذت برقعها ... وهرعت للخارج وهي تلبسه فوق غطاءها الكبير والذي يحجب كل جسدها الممتلئ



شهقت ريسه بـ جزع عارم .... ووجدت نفسها تركض نحو نعليها ... وتنتعلهما بسرعة


ثم هرعت خلف زوجة شقيقها بعد ان سحبت في طريقها عبائتها:


نووووورة .... نووووورة صبرررري ... وين ساااايرة الله يهدااااااج



تساقطت دموعها وهي تصرخ بصوت اعلى ... واحد: نوووووورة ... دخيلج لا تفضحينا بين النااااااااس ... دخيلج يا نووووورة ... ردددددي

نووووووووووورة


الا ان نورة لم تلتفت خلفها ... بل وجدت نفسها تهرول بجنون ..... بين الأزقة المظلمة .... والبيوت القديمة .... والدكاكين العتيقة التي مضى عليها الدهر



ولسان حالها يردد بلوعة علقمية .... وبتسول باكي ..... اسم ابنها الوحيد .... ابنها الذي لم تنجب سواه





الى ان وصلت لـ مبتغاها .... لـ وادي بو الين "أبو الجن" ... الوادي الذي لا يجرؤ أي انسي على الاقتراب منه ليلاً



وسرعان ما انكبت على الأرض ما ان أضيء وجهها .. وعيناها ... بـ شعلة النيران الملتهبة



اخذت بعينان هستيريتان .. تنظران الى رجال القبيلة ... اسفل الوادي


وهم يحملون جسداً مغطى بـ "الخيش" ..... ويرمونه في حفرة نارية مهولة شبيهة بالتنور



فغرت عيناها على مصراعيهما ..... ونست التنفس ...... للحظات طويلة



أتت ريسة خلفها وهي تلهث بعنف وبكاء


وما ان أصبحت قرب نورة .... ورأت الرجال اسفل الوادي يبتعدون ويتفرقون عن الحفرة النارية ..... حتى علمت حقيقة ما فاتها


حقيقة انها ابداً لن تراه .... ولن تشتم رائحته


وبلا تفكير ...... صرخت باكية على روح كانت أولى من جعلتها تشعر بالأمومة ...... وبـ امتلاء الروح بعد الخواء





،,



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-07-20, 04:30 PM   #4

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل_الأول






حاضرٌ يتحدث



اندفعت وليست غير اشباح الغضب المجنون المتوعد هي ما ترقص بثمالة فوق ملامح وجهها معدوم التعابير

ما ان همت بفتح باب سيارتها حتى تراجعت بزمجرة خشنة وركلته وهي تتذكر خلو سيارتها من البنزين

لم تترك لعقلها اي مجال للتفكير .. غضبها ... وحقدها .. كانا اضخم من اي تفكير

ثبتت طرف حجابها داخل تجويفة عنقها وخرجت لتوقف سيارة أجرة

بعد ان ركبت اول سيارة وقفت امامها .... لقنت سائقها بصوت قاسي مخيف مكان وجهتها بالضبط


ما هي الا دقائق .. حتى توقفت السيارة امام المنزل الكبير .. رمت النقود عليه من فوق كتفه اليمنى وخرجت بسرعة

عندما اصبحت امام باب المنزل الضخم .. رفعت رأسها بأنفة لا أنفة بعدها .. أنفة أنثى تعرف ما تريد ... وتفعل دوماً ما تريد

ورسمت على وجهها ذلك التعبير الذي تفطن تأثيره .. على الرجال قبل النساء .. تعبير يُحسب له ألف حساب .... ودخلت

تجاهلت همزات النساء ولمزات الفتيات .. وتجاهلت تلك التي هرعت إليها بقلق/توجس وترجوها ان تستعيذ بالله وان تحدر الشيطان ولا تفعل ما لا يحمد عقباه

ببساطة .... اشاحت بوجهها ودلفت المجلس الكبير العامر بالنساء بصخبهن واصواتهن العالية

بدخولها سكنت حركات الأعين .... وانخرست الألسن ... كيف لا وهي بكامل شخصها .. كانت "هي"

ببطء .. بتلكؤ مخيف .. رفعت جانب ثغرها ببسمة لا تكاد تُرى .... وقالت بصوت صافي لا يعرف الاهتزاز/البحات: السلام عليكم

جالت بمقلتاها المظلمتان حول وجوه النساء والفتيات بأذنان تلتقطان الردود المتراوحة بين مقتضبة وهادئة ومستغربة .... وغاضبة

توقفت عيناها على وجهان .. وجهان سببت انتفاضة في روحها لم تظهر تبعاتها على وجهها الجامد ... وببعض خطوات كانت قد توسطت المجلس .... التقطت نظرات احدهم .. نظرات موبخة تخبرها بصمت ان "تقطع حبل الشر" ... الا انها رفعت حاجباً ببرود متجمد .. وتجاهلت للمرة الثانية

حدّقت مرة أخرى بـ الوجهان اللذان ارسلا بتعابيرهما إليها كل أنواع الغل .. الحقد ... والخوف ... وقالت بصوت مرتج لا ينبأ بالخير: بنــت صيــاح

أتاها الرد من الخلف: يا لبيــه
: خبريني عنيه افدا راسج .. يزات اللي ينهش لحم عزوتج من عمام وخوال .. عزوتج ومن تنتخيبه ... شو هي ...؟!

بلا اي تفكير اجابتها المرأة بصوت شديد: انهش عينه قبل لسانه الوصخ .. الا هليه وعزوتيه

ارتفع جانب ثغرها عن بسمة قاسية .. وقالت بنظرة لو كانت سيفاً لقطعت الأعناق: دومج يا امايه ريسة تعيبيني .. بس لا ... انا اقول خل نعطي مخوخهم قدرها المناسب ونقصر الشر

تلكأت وهي تأرجح شفتيها فوق بسمة ساخرة وتابعت: وعسب نقصر الشر نقولهم .... حياكم .... الله

ارتفعت الشهقات وبدأت أعين النساء تبحث عمن يُوجّه لها الكلام المهين ... ولم تجد الأعين سوى الاستقرار على وجهان .. وجهان كانا هما رقعة لعبة رمي السهام .. والسهام هذه المرة كانت منها "هي"

رفعت يدها نحو باب المجلس الكبير وقال بصوت لا يقبل المناقشة: بـــرع

ازدادت الشهقات وبدأ الهمز واللمز بين النسوة يأخذ منحنى أشد خطورة الا انها لم تأبه .. كيف تأبه وهي لا تعرف معنى ان تأبه

كررت بقسوة للإمرأتين: بـرع

سرعان ما أكملت وهي ترى الامرأتين تنهضان بصدمة أخذت مأخذها الكامل من وجوههن المحتقنة بالخزي/الحرج: بيت صياح يتعذركن

.....: ر ريسه .. عايبنج اللي يسسستوي !؟

اجابت ريسة التي بقربها بنظرة لامعة يعلوها الفخر: خلوها .. بنتيه تعرف شو تسوي

.....: ملعونة الصير يا يمول .. محد غيرها اتصلبها وفتت العلوم .. لسانها يباله قصصص

لملمت المرأة الأكبر سناً عباءتها بغضب عاتي وهتفت لأختها الاصغر سناً بقسوة/حرج شديد: نشي فطووم نششششي .... الشرهة عليه اللي سمعت رمستج وييت

وقبل ان تخرجا بأعين منكوسة ملؤها الذل .. تسمرتا بمكانهما والصوت نفسه يقول:
سمعنّي انتي وياها .. وكل من يفكر يتعدى حدوده ويااااايه

رفعت أصابعها وأشرت على سبابتها بإبهامها وصدح صوتها المتوحش ارجاء المكان والمنزل بأكمله:
انا خالي عبدالرحمن بوالشريس علني افداه

واشرت على وسطاها:
وخالي زيد بوالشريس علني افداه

اشرت على بنصرها وهي ترص على حروفها:
وخااااالي مبارك بوالشريس علني افدااه

اشرت على خنصرها:
وانا خااالي سالم بوالشريس علني افداااه

اشتدت ظلمة عيناها وهي تختم تعديدها بإبهامها وحده: وخالي هادف .. هادف بوالشريس علني افداه وافدا عينه

اشتعل المكان بحرارة التوتر ... بلهيب الترقب والحيرة والاضطراب .. كيف لا وهي تقف كالعنقاء تتحدث وكأن الدنيا كلها تدور حولها هي فقط ...!

كيف لا وهي التي ارعبت الرجال قبل النساء بـ "نظرة" ..!

اردفت باحتقار ماجن بعينها الراكدة/القوية:
هالشيوخ خوالي ... خوال العز والطيب .. خوال السند في الرخا والشدايد .... والله ... ان عرفت انكن ترمسن عن هالشيوخ بكلمة وحدة .... ساعتها ما بنهش لسانكن الوصخ .. لا ...... عيونكن بتغدي تيَل ألعب ابهن ... تسمعن !!!


طحنت المرأة الكبرى اسنانها بغضب وبشعورها المتصاعد بالخزي .. قبل ان تمسك بحدة يد شقيقتها وتجرها الى الخارج

اما هي
فالتفتت للجميع واكملت بصوت ارتفع واشتد من القسوة العاصفة:
والرمسة هاي لليميع ...... بيت صياح بن احمد بن صياح مكرم وداره دار عز وخير وحشيمة .. ولو سمع هو روحه اللي ينقال بين يدران داره جان ما برد غيظه الا تفله ع شوارب رياييلكن ... احمدن ربكن انيه بعديها هالمره الكن يا غير والله .. واللي رفع سبع وبسط سبع .. ان انعاد اللي وصلني بخلي علوم كل وحده فيكن علج في حلوج العرب

حدشت الجميع نظرة شرسة خاطفة قبل ان تستدير وتخرج من المكان .... خرجت وهي تدرك تماماً انها حبست نفس كل فرد جالس وواقف .. حبست انفاسهم وشدت من قبضتها بوحشية

ما ان خرجت واختفت من امام الجميع .... حتى سألت احدى النسوة وهي تحمل تعابير منبهرة .. مذهولة .. مرتبكة: مـ مـ منو هاي ؟؟

اجابتها امرأة أخرى بانبهار مشابه .. انبهار تخلله اضطراب بالغ: ما عرفتيها !!!
هاي حــرابــه ...... حــرابــه بنــت ليــث الـ...



،,



بعد خروج الضيوف من منزل صيّاح الكبير



امسكت زند ابنتها التي كانت تضحك بصخب وشقاوة مع صديقاتها وجرّتها بعصبية حتى أدخلت احدى غرف الضيوف السفلية

هدرت بغضب: ياللي ما فيج مخخخخ .. شعنه متصلة بـ بنت عمج ومخبرتنها برمسة الحريم عن عيال بوالشريس ...!! هااااااه ...!!
ما تعرفين حرابة وطبعها الحار يالخبلة ....!
الحمدلله بس ما عفدت عليهن بالخيازرين والنعل

لوت جميلة فمها بتذمر وقالت بعدها بشماتة: احسن ... أصلا ليش خالوه المها تعزمهن ..؟
تعرفين زين ما زين ان حرمة اخوج الملسونة ما بتيوز مول عن لسانها الوصخ .. هي واختها الغبية الدبة

اردفت مغمغمة بصوتٍ خفيض حاقد: زين سوت فيهن حرابة .. عسب مرة ثانية ما يرزن خشومهن في خصوصيات الناس ومشاكلهم
اففففف كريهاااااااااات اعوذ بالله منهن

هدرت الام بغضب من استهتار ابنتها وقلة تهذيبها: يموووول .... اصططططلبي
وسمعيني يا محراك الشر ... آخررر مرة تسوينها وادقين على حرابة وتخبرينها باللي يدور في يمعات الحريم .. ودري عنج قلة العقل والخبال

هتفت ابنتها بحنق طفولي: واللي سوته حرمة اخوج زود عقل منها !!
اللي ما تخيل ... كل ما سلمت على وحده تخبرها بـ السالفة اللي صارت بين خوال حرابة ونزاعتهم على ورث ابوهم الله يرحمه ... وياليت عاده صادقة ..
جذاااااااااااابة الله اكبر عليهااااا .... ما خلت كركم ولا بزار ما حطته في السوالف
تخيلي بس انتي ..... تخيلي شو قالت حق فطوم اخت حمدوه ربيعتي

واخذت تقلد صوت الفتاة بسخرية شديدة: قالتلها ويييي ما عرفتي ..... ولد خلف بوالشريس العود ساير بيت حرمة ابوه المصرية ومهدد اليميع واولهم مبارك اخوه ان ما ظهروا أوراق ملكية بيته وبيت زيد اخوه خليصه بيرفع عليهم قضية ...
حسبي الله عليها يا ربي .... الريال ناقصنه مال وحلال عسب يطالب ببيت جديم اربع في اربع
عنده بدال البيت ثلاث قصور
وهو أصلا قايل ما يبا الورث ..... خلى نصيبه حق خواته الصغيرونات
شو يبا في الورث وهو غارق بالبيزات الله يباركله ويزيده من نعيمه ..... خبريني شو يباااا
اففففففف يالله يا ربي تراويني فيهن يوم هالتافهات اللي ما يستحن

ضربت والدتها كفها الأيمن فوق الايسر هاتفة بصدمة: وشو عرفها حرمة خالج بسالفة الورث !!

هدرت جميلة بانفعال: هاللي انا أبا اعرفه ... بس اكيد اكيد من اختها الصغيرة عهود .. هي ربيعة امينة خالة حرابة .. ويمكن هاييج قالتلها سوالف خربوطية منيه مناك ... الكل يعرف انها تكره اخوانها الكبار بوغابش وبوثابت ... واختها العوده ام حرابة
ومستعده تسوي أي شي عسب تضايق ابهم وتخرب حياتهم
اموت واعرف ... من وين تييب هالحقد كله ... حشى يابوكم لو تنكر ديزل جان خلص

ام جميلة وهي تعقد حاجبيها: لا تحطين في ذمتج حرام

جميلة بثقة غاضبة: اقص اييييدي لو مب هي ورا السااااااالفة

أكملت بمكر وهي ترفع احدى حاجبيها: تصدقين ....!!! جان ما اخبر حرابة ان الطفسة خالتها الحقود هي ورا هالساااالفة

وضعت والدتها يدها على رأسها بجزع وقالت: لا لا دخيلج يا يمول .... يسد اللي سويتيه يالخبلة .... خلج بعيده عن حرابة ولا تظهرين ينونها على البنية وعلينا .. دخيييييلج ...



،,



ظهيرة يومٍ جديد .. ظهيرة تلوي بحزنها الحديد



همست بألم توحش في ذاكرتها كـ توحش نمور الغاب ما ان سقطت عيناها على صورته القديمة: يالله
القلب بعدك مات يا نوره وضياه

اردفت ودمعةٍ حارقة تسقط على وجنتها وتشعل فيها اللهيب: مات واندفن يا حبيبي

عادت ذاكرتها تصرخ بالألم ....... وبالصور المريعة ....... والمرعبة ....... صور عمرها لا يقل عن خمس عشرة سنة !

انتفضت ما ان اقتحم شرودها المظلم صوت طرق باب غرفتها

دخل عليها محمد واحمد التوأمان أبناء شقيقها الأصغر حامد "أبا خليفة" ... وهتفا في ذات الوقت: عموه ريسة يلا حطوا الغداااا

اومأت برأسها بهدوء .... قبل ان تقول بصوت مكتوم: يلا حبايبي نازلة




في الأسفل



حدّقت في المائدة شبه الخالية .... وابتسمت بمرارة

ماذا يا ريسه ......... أتستغربين الآن خلو مائدة الغداء في اليوم الذي من المفترض ان يكون هو اجتماع العائلة بأكملها في منزل والدك ..؟!
هه ... لقد كُتب على هذه العائلة الشتات والشقاء منذ ......

استغفرك يا رب وأتوب إليك .... استغفرك يا رب وأتوب إليك

تنهدت بصوتٍ غير مسموع ثم وقفت باحترام ما ان دخل والدها صالة المنزل

..: وينهم اخوانج ؟

اجابته باقتضاب وهي تساعده على الجلوس: شاهين بعده ما وصل .. وحامد ميهود شوي تقول حرمته ان السكر ارتفع عنده

..: منصور متى بيرد ؟


مع ذكر الاسم الأخير ... تلألأت عيناها بوهج الحب .... فـ منصور هو ابنٌ لها وليس فقط اخ


اجابت بهدوء: ايقول عقب أسبوعين ان شاء الله

عاد والدها يسأل بصوته الغليظ المبحوح: شيخة ما بتيي ؟

هزت كتفيها ببرود وقالت: مادريبها والله

وضعت صنعا "ابنته الأولى من زوجته الثانية الراحلة" صينية الرز الشهي في منتصف السفرة ... واخذت تنادي أولادها وأولاد شقيقتها الصغرى المها

خرجت المها من الحمام وهي تنشف يديها بالمنشفة الصغيرة صائحة بتلذذ: يم يممممي ... تسلم ايدج ام شوق ... البرياني شكله لا يُقااااااااوم

ردت صنعا بنظرة حنونة: يعله بالعافية عليكم .. ان شاء الله يعيبكم عاده .. مسوتنه مخصوص حق ابويه فديته

قالت ريسة ببسمة لم تتجاوز حدود عيناها وهي تغرف لوالدها الرز والدجاج: اكيد بيعيب الشيخ صيّاح بن احمد


...: السلاااااام علييييكم

رد كبير العائلة .... ومن معه: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

قبّل خليفة "ابن حامد" رأس جده قائلاً: شحوالك يالغالي عساك ما تشكي باس ؟؟

رد الجد بحزم هادئ: بخير .. ولله الحمد والمنة

ثم نظر خلف كتف حفيده واردف متسائلاً: وين حرمتك وعيالك ؟

رد خليفة وهو يمشي باتجاه عمته الكبيرة ليقبّل رأسها: ايمان والعيال في دبي .. اليوم عرس بنت اخوها

غضن الجد جبينه وكأن الامر لم يعجبه .... الا انه آثر الصمت


عندما رأت الضيق الواضح على وجهه .. لم تستطع اخماد الشماتة في قلبها

شماتةً اشعرتها ............ بحقارة النفس .......... فلم تجد سوى ان تبتعد عن اعينهم وتذهب الى المطبخ لتخلو بنفسها قليلاً لتتمكن من السيطرة على مشاعرها الحاقدة ............. وعلى ذكرياتها الموجعة

بعد ان هدأت نفسها ..... خرجت ..... ثم سحبت هاتفها ما ان تذكرت شخصاً يجب ان تحادثه

: ألو .. مرحبا حورية

..

: عطيني ماما نورة

..

: راقدة

..

: خلاص يوم تنش قوليلها ماما ريسة تقولج خلج زاهبة على الساعة سبع عشان موعد العيادة .. لا تنسين حورية

..

: مع السلامة


اتاها صوت اختها صنعا المهتم: ما بتيي نورة ؟؟

رفعت ريسة حاجباً بسخرية قاسية .... وقالت: ومن متى نورة اطب بيت ابويه !!

تركتها وهي تضيف باقتضاب: خلوا الحرمة في حالها ... ياها اللي يسدها منكم يا عيال صياح

اتسعت عينا صنعا باستهجان وهي تقول: ريسه خافي الله ... انا شو قلت الحينه ؟؟
وبعدين نحن شو سوينابها !!!
هي اللي مقاطعتنا من سنين ومقاطعه ابويه .... لا تسأل عنه ولا تتنزل تحدر بيته

أغلقت ريسة عيناها بعنف ......... وكتمت قهرها ....... كتمته حتى تمالكت نفسها مرة أخرى

ثم ابتسمت بسمتها المعتادة ... بسمةً قاسية لا تتجاوز حدود عيناها ... وقالت بهدوء ينافي هيجان روحها:
انسي اللي قلته .. لان رمستج هي هي ... ما بتتغير .... وتفكيرج هو هو ما بيتغير .... بس لازم تعرفين بعد

هزت كتفها الأيمن بصقيعية قبل ان تكمل بقسوة: ان الماضي يا بنت صيّاح ما يتغير .. ولا عمره بيتغير

قاطعتها صنعا بضيق عارم: الله يسامحج يا ريسه .. لازم تذكريني باللي صار قبل سنين
جيه تتحريني بليا قلب وما اتضايج من هاك الطاري ..؟
تتحرين انتي روحج اللي مستويعه من ......

غصة حارقة أوقفت سيل كلماتها ..... الا انها اكملت بصوت مختنق: من فراقه

بسخرية لاذعة قالت: من فراق منو ... انطقي اسمه ... خلج قوية لمرة وحده وانطقي اسمه

اشاحت صنعا وجهها بألم: انحلف علينا ما نذكر اسمه بين يدران البيت ... وحلفة صياح ما بكسرها انا على اخر عمري لو على كسر ظهري

وضعت ريسة يدها حول عنقها شاعرةً باختناق يكاد يقتل انفاسها كلياً

بارتعاش أليم .... التفتت مبتعدةً عن اختها الصغرى ذات الثمانية والثلاثون عاماً ... والتي تصغرها بـ عشرون سنة ... وهي تردد كلماتٍ خافتة بعينان جامدتان "مصلوبتان":
بكيتك يا سهيل سماي عمر وضياع .... بكيتك ونعيتك ... ونخيتك وانت بين التراب
لو كنت حي ... يا اصيل ... يا عجيد الفرسان ... ما انظلم مظلوم في دارك ..... ولا ظلم ظالم في في بيت جارك
يا حرقة الفواد عقبك يا ولد نبضي ......... يا حرقة الفواد عقبك .......


همست صنعا بوجع: انسيه يا ريسة .. انسيه واطلبيله الرحمة والمغفرة ... وادعيلنا وياج بحسن الخاتمة

اغلقت ريسة عيناها بألم ...... وقالت بحشرجة: بدعي .... بس بدعي ربي ما يراويكم عذابه لا في الدنيا ولا في الآخرة يا عيال صياح .... اللي سويتوه ما يسويه مسلم يعرف الله ورسوله
ولا تطلبين مني انساه .... انسى عمريه وما انسى اول من نطق في حظني وقالي ماما

عادت صنعا تقول برجاء: عندج بداله خمس .... خمس يا ريسة .... نسيتي عيالج ؟؟
نسيتي ربيّع ..! روزه ..! مدية ..!
نسيتي حبيبة قلبج حرابة .... ومنصور اللي انتي مربتنه على ايدج وعاش كل صغره في حظنج ؟؟

: ما نسيت من ضحيت عمريه كله لجل عينهم .... لكن الغالي يظل في القلب غالي .... اللي انفقد يا صنعا ...

بح صوتها وهي تردف بمرارة لا تضاهى: غـ ...... غالي ........ وماله عوض ........ ابد



ماضٍ يتحدث



ركضت وشعرها الطويل المنفوش يتطاير خلفها ..... صائحة بغضبٍ طفولي: يالحمااااااااار ييب كووووورتي ... ييبهااااا

ريسه: حراااااابة ... حروووووب .. قري مكانج يا بنت صدعتيبناااااا

حرابة بغضب: مامااااااا شوووفي ربووووع ..... صارق كوووورتي

رقص ربيّع حاجباه بمكر محاولاً استفزاز حرابة اكثر .... الا انه سرعان ما صاح بغيظ ما ان اخذت روزة ابنة عمه الكرة ورمتها نحو حرابة

روزة وهي تمد لسانها ببغض طفولي: غبي واحد .. سر انقلع ألعب مع الأولاد ليش يالس ويا البنات !!

زم ربيّع فمه بغضب ...... وصرخ: جب انتي يالخايسة يا ام شعر محروق

حركت بشكل مغيض شعرها البني الفاتح القصير وهي تقول لاويةً شفتيها بحقد: خاست ريحتك .. انقلع انقلع قبل ما اخلي منصور يعلقك في الشيرة

ذهب ربيّع وهو يشمت ببذاءة ابنة عمه روزه ... واخت ابن عمه "بالرضاعة" حرابة

صرخت عمته الكبيرة "وامه" ...... و"مربيته" ....... ريسة: ربيّع خيّل يا ولد ... وودر عنك هاللسان الوصخ ولا بقصلك ايااااااااااه

هزت رأسها بأسف غاضب .... لتضيف مغمغمة: يعلك تكبر يا ولد شاهين .. بوطبيع مايوز عن طبعه

عادت تصرخ مرة أخرى عليه: وين عمك وولد عمك ؟؟

تجاهلها وهو يدخل الحمام ويغلق الباب خلفه بعنف

اجابتها مديه ببراءة وهي تلعب بعروستها الشقراء: عمي منصور وسهيل راحوا ...

انخرس لسانها ما ان أغلقت حرابة فمها فجأة

بعدها اتسعت عينا مديّه عندما تذكرت ان عمها وابن عمها حذراها وحرابة وروزة من اخبار احد بمكان وجودهم الآن

تلعثمت بتوتر وهي تزيح يد حرابة عن فمها: آ آ ..... راحوا الدكان

عقدت ريسة حاجباها بتوجس وسألت: أي دكان ؟؟

ردت حرابة بسرعة: دكان محمد حسن في فريج قوم سعيدان

اومأت العمة الكبيرة رأسها بصمت ثم عادت تنغمس مع "الكجوجة" الخاصة بها مرة أخرى

(الكجوجة/ تُستخدم لعمل التلي الذي يُزيّن به ملابس النسوة والفتيات ... وعمل التلي من الحرف اليدوية القديمة التراثية في دولة الامارات العربية المتحدة)


اقتربت روزة من حرابة ومدية وهمست لهما بخفوت مرتعب: لو ماما ريسة عرفت ان منصور وسهيل راحوا الوادي بتجتلنا من الضرب

حرابة بتمرد: ما بتعرف ما بتعرف انتي بس سكتي ولا تتكلمين

مدية بقلق: انزين شو مودنهم الوادي الحينه .... هاييل مخبّل والله العظيم

غمغمت حرابة بغيظ: سخيفين ما طاعوا يودوني معاهم

فتحت مدية عيناها بصدمة وقالت برعب: من صدقج انتي ..!! انا لو بغوا ينحروني ما سرت الوادي ... اتروع منه والله

: حرااااااااابة

ردت حرابة وهي تقفز واقفة: لبيه مامااااا

ريسة وهي تناولها هاتف المنزل: امج تباج اندوج

اخذت السماعة عن أمها الثانية "ومربيتها" .... وحادثت والدتها عفراء

بعد ان أغلقت سماعة الهاتف سمعت أمها الثانية تقول وهي مندمجة في الكجوجة: ها شو قالت ؟؟

جلست حرابة قربها وقالت بامتعاض طفولي: ليش تخلينها ادق مامااا !!

ريسة بضحك خفيف: هههههههه هي اللي داقه حبيبتي هب اناااا ... جيه هي شو قالت ؟؟

حرابة بذات امتعاضها: قالت بتيي باجر تشلني

مسدت ريسة رأس اصغر ابناءها واكثرهم "قوةّ" و"شقاوةً" .... بحنان بالغ وقالت: انزين ليش زعلانه ؟! ما تبين تشوفين بابااا وماما ويدووه ؟؟؟

حرابة بخشونة طفولية: مابااا .. أبا اتم هنيه معااااج

ريسة محاولةً اقناع صغيرتها الحلوة الخشنة: انا حبيبي في مكاني .. ما بروح مكان ان شاء الله ... سيري سلمي على بابا وماما ويدوه خلاف رديلي

بصمت شديد ... ركضت الى الخارج بوجه عابس ممتقع ..... تعلم ريسة لم ركضت هاربة ........ حاربة ببساطة رغبت بالبكاء ........ وعندما ترغب حرابة بالبكاء فإنها تبتعد عن الجميع ولا يعرف احد مكانها حتى تظهر هي لوحدها !!!

تعترف ريسه انها تألمت الا انها لا تستطيع الرضوخ للصغيرة وفعل كل ما يحلو لها .. هي طفلة ولا تعرف مصلحتها

أهلها وثقوا بها وتركوها تربي صغيرتهم منذ ان كانت بالمهد ...... فهل تجزيهم بأن تحرمهم منها عندما يشتاقوا لها ويرغبوا برؤيتها !!!

لو انها احدى بنات اشقائها لكان الامر هيّن ..... فـ منزل اشقائها ملاصقاً لمنزلها الخاص .... لكن اهل حرابة يقطنون في منطقة أخرى بعيداً قليلاً من منطقتهم

عفراء ...... "ام حرابة" ....... هي في الحقيقة صديقتها وصديقة نورة "ام سهيل" ....... ومرضعة الأخير كذلك ........ وعندما جلبت حرابة الى الدنيا
رغبت ان تفعل كما فعل الآخرون مع ريسة ..... اعطتها إياها وتركتها تربيها ..... وكانت حرابة هي اصغر طفل حازت عليه الأخيرة بعد منصور وربيّع وسهيل وروزه ومديّه

ست نعم انعمها الله عليها بعد ان مات زوجها الحبيب وتركها وحيدة .... بقلبٍ معذب وحياة خالية من طفل يذكرها به

تتذكر جيداً كيف أعطاها والدها اخاها منصور وهو ما زال قطعة بيضاء لذيذة ملفوفة باللحاف السكري المعطر .... وقال بحزم شديد والجميع يسمعه: وهذا منصور ولدج ...... واباكم تسمعوني كلكم ......... منصور من هاليوم ولد ريسة بنت صياح

اشر نحو ابنه شاهين واكمل بصرامة: وولدك ان شاء الله مصيره مصير عمه ...... وانتو شراته

اشر على ابناءه الآخرين ... احمد "أبا سهيل" وحامد "أبا روزة" ..... واكمل:
عيالكم هم عيال ريسة ....... ومحد بيربيهم الا هي ..... تسمعوني !!!

اومأوا برؤوسهم ببسمة رجولية حنونة ...... ليقول احمد بحب اخوي صافي: امره سهيل من صوبها اذا الله كتبلنا شوفته

مرت السنين .... واتاها ربيّع ابن شاهين ربيباً لها .. ومن بعده سهيل ... ومن بعدهم مديّه الناعمة الساذجة ... ثم روزة ... وآخرهم كانت حرابة ........ الخشنة ذات الجمال البري الآسر

جميع الصغار عاشوا معها في منزلها الصغير الملاصق لمنزل عمها جابر .... ولا يذهبون لزيارة آبائهم وامهاتهم في أوقات المدارس سوى نهاية الأسبوع

حتى اتى اليوم الذي بدأ اطفالها يتسربون شيئاً فشيئا .. فـ ما ان بلغ منصور سن الرشد ... حتى عاد لمنزل والده .. صياح الكبير

ثم لحقه ابن اخاه ربيّع الذي عاد لمنزل والده شاهين

ثم سهيل ابن اخاه الآخر والذي ترك امه الحبيبة ريسة وعاد لحضن امه الأولى نورة

وبعده مدية وروزه واللتان عادتا لمنازل آبائهم .. مدية لحقت بـ شقيقها ربيّع .... وروزه لمنزل اباها حامد الذي أصابه الشلل فيما بعد في ساقيه جراء اصابته بالسكري المزمن

وهكذا ...... حتى دخلت حرابة سن صباها وتفتحت ازهارها ..... بعدها أتت والدتها عفراء ..
"والتي تربطها بعائلة صيّاح ليست صداقتها لريسة فقط ولا رابط الرضاعة بل رابط الدم كذلك الذي بين صبحة بنت جابر زوجة اخاها الكبير أبا غابش وبين ريسة بنت صياح ... فالاثنتان بنات عم"

واخذتها من ريسة مع وعد حازم صادق منها ان تجلبها لها كل نهاية أسبوع



حاضرٌ يتحدث



: ريسة .. صنعا .. ما عليكن امارة وحده منكن تزقر البشاكير من برع .. شيخه ياية ويايبة وياها سامان واجياس

همست صنعا بحزن تخلله احترام كبير وما زالت كلمات اختها الأخيرة ترن كـ طبول جهنم في دماغها: انا بزقرهن الغالية .. انتي سيري ريحي عندي ابويه



،,


ليلاً



رفعت جانب فمها بتعبير تجرد من كل شيء الا من الكره الصافي وقالت بحدة: قولوله يوم تحج البقر على قرونها ... ماردله هاللوث لو عطوني مال قارون .. مفتكه من شره سنتين .. تبوني اردله الحين !!! هه يحلم

..: يا حبيبتي يا نور عيني .. بينكم هالياهل المسكين .. لا تظلمينه وتظلمين روحج وتضيعين عمرج .. هو حلف ما بيرد يشرب ولا بيقربه من ثمه ووعدج يسويلج اللي تبينه .. شحقه يباسة الراس !!

ردت بحرقة جوف هتكت روحها هتكاً: غلطانين .. كلكم غلطانين .. انا بظلم روحي لو رديتله وبظلم هاللي ماله ذنب لو خليته يعيش مع ابو شراته .. ان رديتوني له ما بسامحكم وذنبي وذنب هالولد في رقبتكم ليوم الدين

غمغمت العجوز بقلة حيلة: لا حول ولا قوة الا بالله .. من منو وارثه هالعناد وقلة العقل ماعرف

اشاحت بوجهها وردت بصوت متجمد: لو انا قليلة عقل عسب أني مابا أرد لـ ربيّع الردي .. فأنا اعتز بهالشي .. خلوني على عقلي الصغير .. أباه

والدتها بحزن: ما كنتي جيه روزه .. شياج يا امايه .. شمنه هالقهر اللي اشوفه بعينج ؟؟

شعرت بسلك كهربائي يرص على اوردتها رصة قاتلة

قهر !!

اي قهر بحق الله ... لو الذي اشعر به هو القهر لكان الامر هيّن ... لو كان الذي يعتريني محض شعور له معنى وجيز في قاموس اللغة لكان الامر بسيط

انا مقتولة ... مقتولة شر قتلة يا أماه .. تجردت بكل بشاعة من روحي .. من احاسيسي .. من ارادتي

روحي ذهبت ...... ولن تعود

انا .. بخفقاتي .... بكياني كله .. رحلت

رحلت كما رحيل سهيل منذ خمس عشرة سنة



،,



في احدى مناطق براري روسيا الواسعة المخيفة




وضع يده اليمنى على خصره العضلي بينما يده اليسرى كانت تمسك بمقبض سلاحه البني الطويل فوق كتفه بحركة رجولية خشنة
كـ خشونة الحياة التي يعيشها تماماً

حياة لم تكتفِ بالخشونة ... بل شملت الجفاف ... الوحدة ... اليأس ... الهجر ...... والحنين

اشتعلت حواسه واستيقظت ما ان ابصر النمر القادم من بعيد .... وبلا تفكير

رقى جذع الشجرة الضخمة بجواره بعدة قفزات رشيقة

ما ان اصبح في اعلى قمة الشجرة .. حتى انزل سلاحه ووضعه نصب عيناه ببطء وبتروي محترف

هذه لعبته ... ووحده من يجيدها .... ويالهول متعته الخالصة ما ان يدخل حلبتها ويقف منتصباً منتظراً دقة جرس البداية ...... ليهجم
أيعرف هو غير الهجوم والفتك والتلذذ بطعم النصر !!

أسُمِّيَ .... "منصور" .... عبثاً ..!!

ما هي الا ضغطة زناد صغيرة .... حتى خر النمر صريعاً امامه

بنظرته المظلمة ... الفارغة من الإحساس ..... رفع هاتفه اللاسلكي الذي رن وقطع عليه خلوته فجأة

هتف بلكنة أمريكية متمرسة: اهلا سيد مارك

السيد مارك: اهلا بك سيد منصور .. كيف حالك ؟

منصور: بخير شكراً لك .. هل هناك مشكلة ما جعلتك تتصل بي في هذا الوقت ؟!

السيد مارك: لا لا سيد منصور .. فقط اردت ان اذكرك بأنك ستجري مؤتمر صحفي في أمريكا بعد أسبوع واحد .. انت تعلم ان برنامجك قد حطم الرقم القياسي في نسبة متابعات قناة ناشيونال جيوغرافيك ابوظبي
ويبدو ان متابعينك حول العالم اصبحوا شديدو الحماس ليتعرفوا اكثر على الصياد العربي ومصور البراري المحترف

رد بخشونة صوته الطبيعية: لا تقلق سيد مارك ... اني أتذكر كل واجباتي ومواعيدي الرسمية وغير الرسمية ... شكراً على اهتمامك

السيد مارك: على الرحب والسعة .. الى اللقاء

منصور: الى اللقاء

ادخل هاتفها في جيبه ....... ثم قفز لينقذ النمر من اسر ابرة التخدير ... فهو ابداً لم يصطد/لن يصطاد لهدف اللهو برؤية الحيوانات ميتةً امامه !!

هو يصطاد الحيوانات المريضة او المسعورة التي تحتاج للعلاج .... والحيوانات القابلة للإنقراض لإجراء الفحوصات والتجارب عليها



،,



بعد يومان آخران (الاحد)
تحديداً في شركة أبوالشريس الوطنية لزراعة الأسماك



أغلق الهاتف مسترجعاً الحديث الذي اجراه منذ ثوانٍ فقط
رغم استغرابه وحيرته من طلب صديقه .. الا انه هز كتفيه ببرود وامر سكرتيره عبر مكبر الصوت ان يأتي في الحال

بعد ان رمى عليه بعض الأوامر والأشغال الاضافية قال: ابا رقم منصور بن صياح بن احمد الـ...

السكرتير: رقمه مخزن عندي في قائمة العملاء الدائمين من كبار الشخصيات .. في الحال بيكون عندك ان شاء الله يا بوعبدالرحمن

رغم كرهه مناداته بالاسم الأخير ....... الا انه قال بجمود: تسلم راشد

خرج السكرتير ببسمة مهنية صامتة تاركاً مديره الشاب يدور حول نفسه بمقعد مكتبه كـ حلقة دائرية لا نهاية فيها

اول تفكيره انصب على صاحب المكالمة .. وثاني تفكيره انصب على من كان سبباً للمكالمة ... اما ثالث تفكيره ..... فكان منصباً على "ذاك"

على من كره حتى الارتباط باسمه من فرط حقده وتحامله عليه

والده


نظر لنفسه من انعكاس مرآة مكتبته الضخمة .. لوجهه الذي لم يكن الا وجهاً مصغراً من الحامل الرسمي لجيناته

ثم غمغم بخفوت مقتضب: الله العالم يا بوالشريس شو هي خطوتك الياية ... سكوتك ما يبشر بالخير ابد

رنين هاتفه اخرجه من شرود ذهنه الساخن

"الشيخة ام غابش"

ابتسم بحنان جارف واستل هاتفه بسرعة من غير صبر

قال بنبرةٍ لا تخرج الا لها هي: مرحبا مليون في ذمتيه

...: غابش يا ولد عبدالرحمن .. ان ما ييت الساع بزوالك .. عنبو دارك اسبوعين ما رينا شيفتك ولا روحنا ريحتك .. الحينه الحينه تيي ولا والله ما يطب لساني على لسانك شهر كامل

انفجر ضاحكاً بمرح قبل ان يقول بخبث وقد علم ان والدته وصلت حدها الاقصى من الغضب ... فهي ما ان تربطه بوالده يعلم انها غاضبة .. لانها دوماً ما كانت تربطه بها لفخرها الشديد بذاتها وبدمها العريق: افا .. الغوالي محرجين من الخاطر
(محرجين = غاضبين)


أكمل بمكر عابث وهو يستمع لصوت أنفاس والدته المتلاحقة الغاضبة: صبوحتي ...... صبحبح

: صبحبح في عينك يالهرم

غابش: ههههههههههههههههههههههههه هههههه وافديت صبحبح يا عرب
بنت يابر ... يالنصخ ... ما يهون عليه زعلج والله ... دقايق وبتحصليني جدامج ان شاء الله

هتفت والدته بسعادة: احللللف

غابش ببسمة رجولية واسعة: ما بجذب عليه طويلة العمر .. يلا زهبيلي الغدا الحين بظهر من الشركة

صاحت والدته ببهجة أمومية مضحكة: واااااايه يعلني افدا غابش ولد صبحة بنت يابر .... يعلني افدااااه وافداااا عيييييينه
يلا يلا سايرة أزهب السفرة .. مع السلااامة

قهقه غابش بقلبٍ ينبض عشقاً وحناناً: ههههههه مع السلامة فديتج .. شوي شوي على روحج عن أطيح الصياني عنج من الفرحة

ام غابش: اقول عن الهذربان الزايد وحرّك موترك بسرعة .. اترياك

واغلقت الهاتف بوجهه وهو ما زال يضحك عليها

وما هي الا دقائق حتى خرج من شركته متوجهاً لمنزل والده .. المنزل الذي ترك العيش فيه منذ ........ سنين طويلة ..!



،,



ادخلت حقيبة الصغير داخل السيارة .. قبل ان تبتسم بسمةً كبيرة لا تناسب شخصاً وقف تحت الشمس الحارة نصف ساعة منتظراً في الخارج: يلا يا بطل ادخل

دخل الصغير بكسل قبل ان تغلق الباب بحرص خلفه .. ثم دارت حول سيارتها وجلست مكانها ... خلف المقود

قالت له وهي ترمقه من مرآتها الأمامية بمزاج عالي جميل: عبودي .. عادي لو خطفنا على اخوك محمد وشليناه من مدرسته ؟

جفلت قليلاً عندما صرخت أختها الصغيرة بضجر/استنكار: وشعنه تطلبين اذنه الشيخ !!!! قسم بالله متفيجة .... تحركي تحركي خسنا من الحرررر ساعتين ونحن نتريا الحبيب يلين ما ظهر

رفعت كلتا حاجبيها بتعجب اخرق وقالت محافظةً على نبرتها الهادئة الرقيقة "المستفزة لأعصاب الغير بشدة": لازم اطلب منه ... يمكن تعبان يبا يرد البيت بسرعة

نظرت للصغير ذو الأربعة أعوام وتابعت غير آبهة لأختها التي تستعر غضباً من مزاجها العالي دوماً وبرودة طبعها التي لا يضاهيها برودة: حبيبي عبودي .... ممكن نخطف على اخوك ولا تعبان وتبا ترد البيت بسرعة ؟

رد الصغير وهو يصارع دخوله عالم النوم بقوة: عادي خالوه

ردت عليه وهو تحرك المقود بمحبة شديدة: شكرًا حبيبي .. ارقد بابا ارقد .. ارتاح فديتك

رمقتها اختها بدهشة مستنكرة قبل ان تجبر نفسها على الصمت ... فأختها الكبيرة لم ولن تتغير ... لن تغير ابداً طبعها "غير المعقول" في معاملة الجميع وكأنهم فازات اثرية ستنكسر بين يديها ان لم تمسك بها بعناية وحذر ... الجميع بلا استثناء .... الصغير والكبير ... القريب والغريب .... الرجل والمرأة

لم تستطع كتم تهكمها اكثر ... فغمغمت بانزعاج: قصوره يقول لا .. جان علقته على النخله في عز هالقايله

حركت يدها اتجاه اختها وصوتها يحتد غيظاً: ام المسك ... لا تيلسين تسوين لعيال ريلج راس وتتعاملين وياهم بهاللين الماصخ ... والله ين باجر بيركبون على ظهرج وبيخلونج مطنزة الهم

غضنت ام المسك جبينها باستنكار وقالت بصوتها الذي مازال محافظاً على رقته وهدوئه وبرودته التامة: وي يا عويش الله يهداج .. من وين تيبين هالافكار الشينة ..!!! ما يسوى عليّه سألت الفقير لو يبا يرد قبل ولا لا .... الله يهداج بس ... ياهل هذا لا تخلينه يسمع هالكلام الجاسي

حركت عائشة فمها وكلام اختها يستمر في اثارة غيظها ... وفضّلت الصمت على ان تتعب احبالها الصوتية من غير فائدة

اختها ... ان صح القول انها اختها ... فهي تتعامل الجميع على انها والدتهم ... حتى زوجها

منذ ولادتها وهي طيبة فوق اللازم .. خانعة فوق اللازم ... رقيقة فوق اللازم .. حذرة ومحافظة على مشاعر الاخرين فوق اللازم والضروري والواجب
حتى زوجة زوجها ... تتعامل معها وكأنها احدى صديقاتها المقربات .. وليس كأنها فتاة اعمت قلب زوجها وسرقته منها بدهاء وخبث

اخذت تحدّق بها بطرف عيناها بتمعن يعلوه الشفقة والحزن

متى ستستفيقي يا انتِ وتنظرين الى العالم بصورته الحقيقية والبشر فيها بصورتهم المختلفة بشرها وخيرها ؟؟؟؟
متى ؟؟؟؟؟ ماذا تنتظرين ؟؟؟

أتنتظرين صحوة متأخرة من يد قاسية تنتشلك اسوء انتشال من أحلامك الوردية ؟؟؟؟

أتنتظرين شيطان خبيث يصرخ قرب أذنيك ويخبرك انك لازمتي أحلامك الطفولية الساذجة طويلاً وحان الوقت لتتعاملي مع الواقع المجسد بصورته الخبيثة ؟

عقدت حاجباها بقلق .. ما ان لمحت عينا اختها تهربان نحو شاب ما يمشي على الرصيف مولياً اياهم ظهره .. ولا يظهر من وجهه الا جانب انفه وفكه ....

ما اقلقها حقاً هو رؤية عينا اختها تتلألآن بضبابية معتمة ... وسماعها تهمس بنبرة سحيقة آتية مع ذكريات غابرة مضى عليها زمن طويل:
يشبـــــهه

نظرت عائشة نحو ظهر الشاب الماشي ... وهتفت بتساؤل: منو ؟

ابتسمت ام المسك ابتسامةً بالكاد ظهرت ... ابتسامة غرقت ببحر الحزن الصافي .... وردت بصوت مكتوم خفيض متروي وكأنها تتفنن بكتابة اسم مهيب .. غالي ...... "محظور":

سـهـيـل ....



،,



بعد ساعة وبين شوارع العاصمة المزدحمة في هذا الوقت من النهار
اتاها اتصال سرعان ما أجابت عنه ما أن قرأت الاسم الذي يعتلي شاشة الهاتف

: ألو

: هالو رورو

ابتسمت ابتسامة ثقيلة لتلك المرحة على الدوام: يا مسا الورد على الحلوين

: اوب اوب اوب اليوم منطوقهم حلو وذرب شعندهم !!

رفعت جانب ثغرها مبتسمة بشكل باهت وقالت:
ابد .. المزاج حلو ولله الحمد

: سمعنا علوم يا بنت ليث .. الخبر يقول ان ماشي ضحايا لين الحينه .... صدق !!

ابتسمت بسخرية وقالت: هيه صدق

: هههههههه الحمدلله الحمدلله ..... رورو

تنهدت بخفة لتقول بعدها بجدية: ام المسك .. اسمي حرابه هب رورو

ام المسك بغيظ ناعم: اقول بس انطبي ... قسوتج ورسميتج الزايدة عن حدها على غيري هب عليه انا اختج العوده ...... ولا نسيتي بعد اني اختج

برقت عيناها ببريق حارق: لا ما نسيت .. بس الظاهر الله كتب علينا التناسي في كل يوم يمر علينا

ام المسك: شو تقصدين !!

قبضت على يدها حاقدة على اعصابها التي انفلتت من غير ان تشعر ... لتقول بصوت جامد بعيد: ماشي

: حرابه

ردت بضيق داخلي عميق: لبيه مديه

ام المسك: احم .... لا ....... ماشي

حرابة بحزم: شو ام المسك قولي

بعد صمت مختنق من ام المسك ....... قالت بحشرجة:
متولهة عليه

خرس لسان حرابه وجعا واسى

فـ أكملت ام المسك حديث قلبها بشجن ... وشفافية أليمة: اليوم شفت واحد ذكرني به

ظلت حرابة أسيرة الصمت التام !

فـ شعرت ام المسك بغبائها وتهورها ........ فشرعت بالقول مغمغمة بخفوت: الله يرحمه ويسكنه فسيح جناته

حرابة باقتضاب: مديه ... برايج

ام المسك بندم شديد: اسفة يا قلبي ادريبج ما تحبين حد يذكرج به

زفرت حرابة من انفها لتقول باقتضاب مرة أخرى: مديه

قاطعتها ام المسك بدموع عالقة: حرابة ....... يـ ...... يدي صياح ..... يبا ......... يبا يشوفج

تأوهت حرابة بأعصاب منفلتة .. لتهتف من بين اسنانها بحرقة: يدج صياح ما يرحم ......... ما يرحممممم

ام المسك برجاء حار: عشاني حرابه سيري عليه ..... مهما كان هو بحسبة يدج .... بنته هي امج الثانيه واللي مربتنج سنين

: محد كاسر ظهري إلا بنته

ام المسك: فديتها امايه ريسه ....... ها شو قلتي !!

حرابة بضيق: إن شاء الله

ام المسك بفرحة عارمة: يعني بتسيريله !!

قالت حرابة بنفاذ صبر وهي تشعر بالندم انها اجابت على اتصال ام المسك وفي هذا الوقت بالذات: إن شاء الله يا ام المسك إن شاء الله تامرينا على شي ثاني !!

ام المسك: روري

حرابة: يالله تصبرني ...... عاد هالصوت يقول ان وراج شي بيعصبي زوووود

ام المسك بحنق: عاد ما عليه منج جان بتعصبين .. المهم عندي اريح ضميري

: خير .... ارمسي يلا

أغلقت ام المسك عيناها وهي تستعد لهجوم حرابة الكاسح: روزه

انفجرت حرابة غاضبة: مددددديه

فتحت عيناها وهي تقول بتوسل: دخيلج حرابه .. دخيلج لا تعصبين خلينا نسولف بهدوء

حرابة بعينان تقدحان شراراً: يوم انج تعرفين اسم هالخايسة يرفع ضغطي ليش تقولينه !!!!

ام المسك باستنكار شديد: وابوي وابوي .... خاست ريحة عدوج يا ربي ....... اختج هاي اختج عيييييييييييب

: تخسسسسي .. لا ابوها ابوي ولا امها امي

ام المسك: حرااااااابه

حرابة بقسوة: اقولج ...... بنت عمج لا ابا اعرفها ولا تعرفني
عندج طاري غيرها يبيه ... ما عندج مع السلامة
ام المسك: اه منج بس ... يلين متى بتمين محاربتنها !!!

: ما أحارب آدمي ميت بالنسبة لي

ام المسك بصدمة تشوبها القهر: كل ها عشان خذت اخويه ربيع !! ولد عمها وبغاها ليش حارقه يوفج جيه !!!

: لا حول ولا قوة الا بالله .... قسم بالله طيرتي ام المزاج الحلو .... أم المسك ربي يحفظج مع السلامة

ام المسك باستهجان: حراااابه

صرخت حرابة بوحشية: مع السلاااااامة قلت

زمت الأخيرة فمها لتغمغم بضيق: مع السلامة


أغلقت حرابة الهاتف بحدة لتزفر بحرقة وهي ترميه بجوارها

تباً .... تلك المديه قد أثارت بحق اعصابها ....... لولا انها تحبها لكانت قد أغلقت الهاتف بوجهها منذ أن ...........
أن ............

آآآهه

استغفرت ربها بغضب ووجهت انظارها نحو الشارع علها تركز قليلاً في دربها

لكن اسم واحد فقط عاند تركيزها

صياح
صياح
صياح
صياح



،,



احكمت روزة اغلاق قنينة العطر بعد ان تأكدت من وضعها كل المقادير العطرية فيها بالتساوي .... ثم وضعتها داخل كيس كبير مع باقي القنينات الزجاجية الطويلة

تنهدت بإرهاق وهي تحك عينها شاعرة بالنعاس

لكنها لن تنام "وهي التي لم تنم طيلة الليلة الماضية" قبل ان تقنع والدتها بالسفر الى سيريلانكا لإتمام مشروع عطرها الجديد

خرجت من غرفتها عابسة ..... لكن العبوس اختفى ما ان لمحت اباها امامها ... جالس كعادته على كرسيه المتحرك .... ويشاهد الاخبار المحلية على التلفاز: مسيتوا بالخير والعافية

رد والدها بحب ابوي بالغ: هلا هلا ..... وينج ما ريتج من الصبح

ابتسمت له بـ حب متبادل لتقول: كنت مشغولة مع الدفعة الأخيرة من العطور

وضع جهاز التلفاز قربه ليقول بحزم: خلاص لازم تيبين وحده تعاونج ... شغلج زاد والطلبيات ما شاء الله تزيد يوم عن يوم

قالت موافقة: ان شاء الله ... بس مب لاقيه وحده زينة لين الحينه

أبا خليفة: بتلاقين ولا يهمج يا مكثر المحتايات للشغل

اومأت برأسها .... لتقول بخفوت: بابا .. أبا اقنع امايه بالسفر .... دخيلك خلك ويايه

أبا خليفة: بعدها مب راضيه !!

روزة باستياء/قهر: لا ..... ما تباني اسافر وانا بعدني ما تراضيت ويا هذاك اللي ما ينطرا

قال اباها بعدم مبالاة: شعليج من امج .. دام اني موافق توكلي على الله وسافري ... خالج فهد عندج .... توه مخلص امتحانات واجازة

روزة بضيق: ما تهون عليه بابااااا .... دخيلك اقنعها ويايه

حرك يده ببرود ليقول: اسميج انتي



،,



دخل المنزل فـ وجد امامه والده

بلا شعور ... اكتسى وجهه الجمود ... وألقى السلام: السلام عليكم

رفع والده حاجباً ..... ورد ساخراً بقسوة: يا مرحبا يا مرحبا ... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

قبّل رأسه ....... وقال متسائلاً باقتضاب: امايه وين ؟؟

: والله انا بخير الحمدلله انت شعلومك ؟؟

لم يتمكن والده من اشعاره بالحرج .. وقبل ان يتكلم ويرد كانت امه قادمة نحوه بلهفة ..... وربكة

: هلا حبيبي

قبّل رأسها وقال بدفئ: شحالج الغالية ؟؟

ام غابش بلهفة: بخير وعافية يا عمري انت شخبارك .. شو صحتك ؟

غابش بصوت هادئ متباعد: بخير دامج بخير فديتج

همست له وهي تبتعد عنه: ايلس ويا ابوك شوي يلين ما خلص من المطبخ

سألها بسرعة .... وبحدة: وين الباجي ؟!

استدارت نحوه لتقول معاتبة بصرامة: غابش ... أقولك ايلس ويا ابوك شوي

سكت على مضض ......... وجلس امام ابيه صامتاً

بعد دقيقة اتاه صوت ابيه ساخراً: يقولون ربحت مناقصة مواني دبي

اجابه وهو يعبث بهاتفه: اللي قالك صدق في كلامه

: ويقولون قدرت تشتري خمس الأسهم فيها

غابش بذات نبرته وجلسته ......... فـ هو ابداً لن يشعر والده بما يعتري حناياه: هيه نعم .... الفضل لله سبحانه

: ويقولون .....

وقف بحدة .............. وقاطعه: طويل العمر ... لوين تبا توصل !!

قال اباه عبدالرحمن بوالشريس ببرود بالغ: تعرف زين شو اللي يدور في خاطري

غابش بحاجب مرفوع: قلتلك التمويل مني ومن ربيعي ..... النص بالنص ... كفرنا !!!! تعدينا حدود رب العالمين لا سمح الله !!!!

: منو ها ربيعك !!!

غابش بقسوة: ربيعي يا بويه .... ربيعي

ارتجف داخله من كلمة "ابويه" التي لم يسمعها منه منذ مدة طويلة .... لكنه وكعادته مثّل البرود واللامبالاة
وقال لبكره: ماله اسم ربيعك ؟ ... ولا امتسح اسمه من مخك شرات ما امتسح في أوراق المناقصة والأسهم !!

هدر مستهجناً: تنبش من وراااايه !!

وقف والده ليقول بجبروت: لا ترفع حسك ..... وانا اسوي اللي اباه وما عليه منك

كز على اسنانه بقهر جنوني

والده لم/لن يتغير

بعد ثوانٍ طويلة من نظرات التحدي بينهما ..... قال غابش وهو يجلس بهدوء على مقعده: مب مجبور ارمس عن شغليه

رفع يده ليقول: ارمس الحينه عبدالرحمن بن خلف بوالشريس ..... هب بوغابش

رفع حاجباً ..... وقال: تبا تحط رويسك ...... براسي !!

(رويس = تصغير رأس وتقال للاستصغار)


تأمل والده لحظات .................. قبل ان يقف مرة أخرى ليقترب منه بهدوء ........... ويلثم رأسه بنظرة معتمة

قال بصوت هادئ ............ اخفى خلفه سخرية من نوع خاص .............. وهروب ذكي:
ما عاش اللي يحط رويسه .......... براسك يا بن خلف
سمحلي بسير اتغدى يوعان

: غابش

اجابه بهدوء مستفز: سم

قال والده بثقة مؤكداً: بعرفه ...... منك او من غيرك

ابتسم غابش ببرود ليقول: موفج الغالي

(موفج = موفق)


،,



مساء يوم الخميس



هتفت بلعثمة متوترة وهي ترى زوجها يدخل المنزل بغضب: هـ هزاع .. حبيبي .. شبلاك جيه !! جنك متواجع مع حد

صرخ وهو يقترب من زوجته سعاد: وينهاا ؟؟

عقدت حاجبيها بعد ان قفزت هلعة من صرخته المفاجئة .... فـ هزاع نادراً ما يفقد السيطرة على حلمه: مـ منووه !!

عاد يصرخ من جديد: منو بعد .... مديه ... وينهااا !!

اتسعت عيناها بذهول شديد .. هذه المرة الاولى التي ينادي فيها هزاع "زوجته الاولى" بإسمها المجرد !

هو ولشدة احترامه لها "لابنة عمه التي تكبره اربع سنوات" لا يناديها الا كما يناديها بقية رجال ونساء العائلة ... "ام المسك"
لا ... بل في الحقيقة ..... مناداته لها كانت خاصة
خاصة جداً ....
يناديها فقط "المسك" !

و"حجته المفترضة" هي انه يختصر الاسم لطوله ..... لكن هي وحدها من يعلم ما هي أسبابه الحقيقية... تعرف كل شيء الا انها صامتة كي لا تفتح على نفسها ابواباً لن تجلب لها الا القهر والغضب والغيظ والغيرة ..

اجابت بتوتر: مـ ماعرف .. ليش شو مسوية ؟!

صرخ بغضب أعمى وأشد من ذي قبل: مااااالج خصصصص .... سألتج سؤااال ردي عليه ... وينهااا !!!

قفزت مرة اخرى بخوف شديد: قـ قـسم بالله ماعرف .. قـ قسم بالله ... شـ شـ.....

قبل ان تكمل كلامها كان هزاع يستدير بحدة ويشق الارض غضباً نحو احدى غرف النوم الفخمة في الطابق الارضي .... تحديداً نحو غرفة ام المسك

صاعقة صادمة اخرى ضربت قمة رأسها !

متى تجرأ هزاع واقترب من حدود غرفة "ضرتها التي ليست بضرتها في الواقع" !!

إلهي .... زوجها بدأ يتجاوز المحظورات وبشكل غريب مثير للريبة !!

لا تعرف لمَ شعرت بالخطر فجأة ولا تعرف أيضاً لمَ التقطت هاتفها المحمول بسرعة لترسل رسالة الى ام المسك وتخبرها ان تتأخر قليلاً في العودة الى المنزل

حقاً لا تعرف

ألأنها لا تريد للاثنان ان يجتمعا في غرفة نومٍ واحدة !!

اجل ... هذا هو السبب
والويل لها ان سمحت باقتراب النار من البنزين



،,



: ربيّع .. حووه ازقرك انا

جفل الرجل بقلبٍ وَجِلَ لمجرد "ذكرى" ... وقال بشرود فاض بالغضب: ها شو تبا !!

رمقه صديقه بنظرة خبيثة وقال: منو شاغل فكرك يالحبيب !! أكيد المزه الايديده

اشاح بوجهه الممتقع بنفور وهو يغمغم: افففف ريحتك خايسة من متى مب متسبح انت !!

ضحك صديقه ببرود مستفز غير مبالي جاعلاً من ضحكاته صدى قبيح لصور ما زالت تترنح كالاشباح بمخيلته المغبرة

مخيلته المغبرة كـ غبار سماء داكنة اختفى منها نجم سهيل في ليلة ...... لن تُنسى ابداً ....!




ماضٍ يتحدث




: مات !!

اجابه ابنه الكبير بوجهٍ جامد حد الصقيع: هيه

: شو تم منه !!

هز الثاني رأسه بالنفي ليقول: ولا شي

: خبرتوه باللي وصيتكم عليه !!

ابنه باقتضاب اسود لا حياة فيه: خبرناه ... قلناله يدك غضبان عليك في حياتك ومماتك وان عليك لعنة الله لين ما تتلاقون يميع بين أيده سبحانه .... وانك ...........
وانك بتمحيه من صفحة العايلة والجبيلة كلها شرات ما يمحي هبوب وادي بو الين كل إنسي يدوسه


اشتدت انحناءة ظهر المُسن "الذي لم يكن يوماً الا جباراً" ..... ولم يعلم احد ان هذه الانحناءة لم/لن تستقم البتة .... وانه "معها" قد هدم آخر حصون هامته المنيعة !

وهو كان حاضراً .. بعيداً عن أنظار جده الا انه معهم .. بقلبه وجميع حواسه

جزء منه ما زال يرتعد رعباً/اضطراباً .. وجزء كبير منه يرتعد .......... سعادةً شيطانية قصوى !






نهــــاية الفصــــل الاول




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-07-20, 04:41 PM   #5

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)






الفصل_الثاني




،,



حاضرٌ يتحدث



ارتدت حجابها بإحكام .... وعبائتها المغلقة والتي لا تزينها أي شيء البتة ...... ثم خرجت من غرفتها

نزلت السلالم وهي ترتدي ساعتها الرصاصية الرجولية .... قبل ان ترفع رأسها تلبية عفوية لنداء والدتها عفراء الرقيق:
ها على وين يا حلوة ؟!

اجابتها بهدوء وهي تقف امامها: امايه ريسه عازمتنا انا وام المسك على مطعم في السعديات
(السعديات = احدى الجزر الصغيرة التابعة للعاصمة)

ام حرابة: اهااا ... سلمي عليهن عيل ... وقولي حق ميمي امايه عفرا متولهة عليج خطفي صوبها شويه

حرابة بسخرية لطيفة: ميمي ! ؟؟ لا تسمعج بس ...... تعرفينها ما تحب حد يزقرها الا ام المسك

قهقهت والدتها برقة لتقول متعجبة: هههههههههههههههههههههه ماعرف شو سالفة هالاسم

هزت حرابة كتفيها لتقول بهدوء: ولا انا

تسائلت أمها بعفوية: ما بتخاويكن روزه !!

اجابتها حرابة باقتضاب اخفت خلفه قسوة مريعة: لا ....... يلا في امان الله

ام حرابة عفراء: في وداعة الرحمن

ثم سرعان ما نادتها ما ان تذكرت امراً مهماً: حرابة

: لبيه

تلعثمت بربكة وقد جبنت فجأة خوفاً من ردة فعل ابنتها المخيفة: آآآ

قالت حرابة بـ حزم ودود: شو الغالية ارمسي

عندما تقول لها "الغالية" تتأثر ...... تعلم ان حرابة قوية ....... وصارمة ....... ولا تقبل الا الجدية التامة في حياتها ......... لكن حتى بصرامتها لا تستطيع الا اللين في الحديث مع امهاتها .... عفراء وريسه ونورة ام المرحوم سهيل !

وعفراء بشكل خاص .. لأنها عاشت اغلب طفولتها بعيدةً عنها .... هذه طريقة غير مباشرة منها لتعويضها وارساء اسس البر اكثر معها ووالدها ليث ..
رغم ان عفراء هي من أعطتها لـ ريسه بكل طيب خاطر

تنحنحت الام بسرعة لتقول بشجاعة: ياينج خطّاب

ببرود بالغ ولا مبالاة تامة .... استدارت حرابة على عقبيها وهي تقول: تعرفين رايي .... صرفيهم

: بـ ... بس حرابة

حرابة بصوت لا يقبل الجدال: تعرفين رايي امايه .... يلا مع السلامة

وخرجت من المنزل

تنهدت والدتها بضيق ........... وتتسائل للمرة الألف ............. لمَ ابنتها ترفض الزواج تماماً !



،,



تقدمت منهما وهي تحمل على كتفها جهازة تصويرها الذي لا يفارقها البتة: هاااااااااااي

الام ريسه وحرابة بردود متفاوتة

: يا هلااا
: اهلييييين وسهلييييين

قالت ام المسك بصوتها المعتذر الرقيق: سوري بطيت عليكن لجني كنت موديه حمودي حبيبي العياده حق ضروسه
(لجني = لكني)

وضعت حرابة ساق على ساق وهي تقول بحزم: هب جنج شاله مسؤولية عيال ريلج بزود يا ام المسك
(جنج = كأنكِ)

ام المسك بحنان فيّاض: فديتهم والله ..... عسل على قلبي

الام ريسه: ما قلنا شي .... بس امهم وين !!
ما تسوي شي موليه
(موليه = ابداً)

وضعت يدها على ذقنها لتقول بنظرة تبرق انتعاشاً/لطفاً: عادي برايها .... انا مستانسة جيه

اردفت بطيبتها الساذجة: وبعدين هي حليلها تعبانة يالله يالله تشل عمرها ..... الأسبوع الياي المفروض تربي

الام ريسه: الله يقومها بالسلامة



: السلام عليكم


ما ان اتاهم الصوت حتى ارتفعت اعينهم ........ الا حرابة .... التي لم تنتظر لترفع عيناها حتى تعلم هويتها

انتفضت واقفة وهي تهدر بقسوة: امايه

وقفت امها ريسة وهي تقول بحزم اخفت خلفه قلقها: يلسي حرابة

اقتربت روزه اكثر ....... وقالت تدافع عن امها التي علمت منها مسبقاً عن موضوع التلاقي في المطعم: امايه مالها خص .... انا عزمت نفسي بنفسي

قالت ام المسك محاولةً تخفيف جو التوتر: استهدن بالله يا بنات ..... حرابة يلسي ولا تفضحينا بين الناس طاعيهم كيف يطالعون
(طاعيهم = انظري إليهم)


حملت حقيبتها السوداء العملية وهي تقول بنظرة فرغت من الإحساس: السموحه مب مجبورة اتم في مكان مع اوادم ماباهم

اوقفتها روزه بمرارة: حرابه .......... انا اختـ......

زمجرت بـ نظرة مرعبة جعلت روزه تتراجع وتقبض على صدرها بخوف: مـــب اخــــتي

اقتربت منها بهجوم: مب اختتتتتتي ......... تفهمييييييين !!!!

مع هديرها المرعب ....... سارت بخطوات عنيفة غير آبهة لأحد لكنها توقفت عندما شعرت بساعة يدها الكبيرة تنزلق من معصمها وتسقط

قبل ان تنحني لتأخذها ........... كانت روزة تسبقها

لكن قبل ان تلمسها كانت حرابة تهدر بشراسة: لا تزخينها

اعتدلت روزة بوقفتها بارتباك ولم تلتقط الساعة

بعدها استلتها حرابة بصمت ........... قبل ان تستدير وتخرج من المطعم

وكلمات اخيها الغالي سهيل تتردد بجنون في ذاكرتها المغبرة


"

: احبها حرابة ........... حبها تمكن فيّه ......... وما قمت ارقد الليل الا وانا اعد الدقايق عسب أشوفها من ايديد

"



قبضت بقوة على الساعة وروحها تغمغم بغضب لم يهدأ يوماً

من احببتها يا سهيل خانتك ......... خاااانتك وتزوجت من ذاك الوغد النجس



،,



تنهدت بألم وجلست لتقول معتذرة: انا آسفة خربت عليكم يلستكم ... بسسس

وتلألأت عيناها بالدموع غير المذروفة: بس بغيت اشوفها ...... تولهت عليها وايد

طبطبت أمها ريسه على ظهرها برقة وقالت: مصيرها بتعرف غلطتها .... وهي روحها بتيي وتستسمح منج يا قلبي

روزة: ما تنلام يا امايه .... هي ..... هي كانت متعلقة ... بـسهـ ..
قطعت اسمه على لسانها لتكمل: بـ اخوها ....

رغم حرقة قلبها قالت ريسه: حتى لو ..... ها مب عذر .... وانتي ما اخطيتي ولا اذنبتي .... عرستي وخذتي ولد عمج ..... ما فيها شي

همهمت ام المسك بخفوت وهي تقف: السموحه بسير الحمام

وذهبت باتجاه حمام النساء

روزة بضيق: حتى مدية تبغضني وما تبا تيلس ويايه

ريسة: اختج ما تبغضج ...... هي من تسمع بطاري المرحوم تخنقها العبرة وما تقهر تيوِد صيحتها عسب جيه سارت الحمام
(تقهر= تتحمل) ( تيود = تمسك)

روزة: انا آسفة ... والله آسفة .... ييت وخربت يلستكم

ريسة برفض رقيق: يلا عاد روزة اذكري الله .... ما صار الا كل خير ... وبعدين فرصة حلوة من زمان ما يلست وياج وسولفت
خبريني شعلومج وشعلوم حامد فديته

تنهدت الأخيرة بعمق لتقول بخفوت: الحمدلله بخير ...... بسافر وياه هو وخالي سيريلانكا عسب اخلص مشروع عطري اليديد

ابتسمت حبوراً لأجل خاطر ابنتها الطيبة .......... وقالت بـ دفئ: ما شاء الله .... تروحون وتردون بالسلامة غناتي

روزة: الله يسلمج يالغالية



،,



بعد ساعتان



اقتربت منهما وهي تلقي السلام ببسمة كبيرة لطيفة: السلام عليكم

ابتسمت ضرتها ببرود: وعليكم السلام

وقف زوجها هزاع ليقول بغلظة: وين كنتي !!

ام المسك: طرشتلك مسج ... قلتلك امايه ريسه عازمتني انا والبنات وو......

قاطعها بأعصاب منفلتة: شحقه ما دقيتي !!

اجابته ام المسك بقلق ........... فهذه اول مرة يتحدث معها هزاع بهذه الطريقة الغريبة الفجة: دقيت عليك وايد بس ما رديت عليه

ابتعد متحركاً نحو غرفتها وهو يأمرها بجفاف: تعالي

وقفت زوجته الثانية محاولةً التصرف قبل ان ينفرد بـ ام المسك .... ثم تأوهت بألم زائف: آه بطططني

شهقت ام المسك بخوف ...... واقتربت منها هاتفةً بقلق: شبلاج سعاد !!

: آآآه بطني ..... هزاع إلحق عليه

اتاها هزاع هاتفاً بخوف وقد نسيَ تماماً غضبه من ام المسك

ام المسك التي ستسبب له الجنون يوماً ما لا محالة ........ هذا اذ لم يجن حقاً ............. خاصةً وان الوضع قد وصل حد ان الرجال يأتون إليه ليخطبوها معتقدين انها ما زالت عزباء بعد طلاقها الأول !

تباً لهم !
تباً لكل رجل يظن انه يستطيع امتلاكها
هي له ...... له وحده فقط
حتى لو كان زواجهما صورياً ولم تكتمل اركانه بعد !


امرها بقسوة وهو يمسك بخصر زوجته الثانية سعاد: ييبي عباتها ووقايتها
(وقايتها = حجاب رأسها)


هتفت بهلع وهي تهرول نحو غرفة هزاع وسعاد في الطابق العلوي: ان شاء الله



،,



صباح يوم الجمعة



رباه .... ابنتها اخذت طبعها الحامي الصارم ممن !!

هه

وممن يا عفراء سوى من "سميتها الكبيرة" زوجة ابيك الأولى رحمهما الله

الشيخة حرابة .. ام عبدالرحمن بوالشريس !


رغم ان الجينات لا تجمعهما الا جينات خوالهما عبدالرحمن وزيد ..... لكن الاسم لوحده يكفي !

تتذكر جيداً سبب تسميتها حرابة على زوجة والدها الأولى ... كانت تحترمها اجل ... لكن ليس الاحترام من جعلها تسمي ابنتها "وعمرها ما زال يومان" ... عليها بدل ان تسميها على والدتها شخصياً

الشيخة حرابة انقذت ابنتها من الموت .... وانقذتها من السقوط في نيران الوجع بعد ان فقدت قبلاً ابناً كان بعمر سهيل "الابن ذاته من ارضعته مع الأخير وهما صغيران في المهد الا انه مات جراء عين حاسدة من رجل مُسن

كادت احدى نوق جد زوجها ان تبرك على حرابة من غير علم احد ... لكن الشيخة حرابة كانت موجودة في المكان وتمكنت من انقاذها في آخر لحظة !

واكتشفوا فيما بعد ان احدى بنات الجارة التي كانت تزورهم في ذلك الوقت حملتها بشقاوة وسذاجة ووضعتها حيث كانت تلعب على الرمال بين البيوت القديمة المتلاصقة ببعضها البعض

وفوراً أسمتها على اسم الشيخة ..... امتناناً ومعزةً لها


نظرت لها بطرف عينها لتقول راغبة بفتح موضوع مسلي عل ابنتها الصامتة اغلب الأحيان تتحدث معها بتفاعل وحماس:
شرايج نسير غاليريا مول !!

قالت وهي تنظف سلاحها بحاجبان معقودان: شعنه !!
(شعنه = لماذا)

هتفت أمها موبخةً بهلع: عقي هالسلاح روعتينااااا

عقدت حاجبيها تقول بصوت هادئ متعجب: امايه شو فيج !!

قالت أمها بضيق/ضجر: يا بنتي طفرانة أبا اظهر ... نشي يلا خل نسير الغاليريا .... يقولون المول حلو وهادي أبا اشوفه من داخل
(طفرانة = اشعر بالملل) (نشي = انهضي)

عادت تنظف سلاحها وهي تقول ببرود: شفته ... عادي ما فيه زود ... مثل كل.......

: حريبي ..... تراج ما تستحين .... اقولج طفرانة ..... المفروض من غير ما ارمس تنشين وتظهريني

نظرت لها بعيناها السوداوتان وقالت: ان شاء الله

ابتسمت أمها بسعادة وهي تقف: وبنتشرالج ملابس ايديدة ومكياج

قالت حرابة بنبرة قاطعة: لا

فـ قالت أمها بعناد: هب على كيفج

: امااااايه

اسكتتها امها بحنق وهي تلبس عبائتها: اص اص .... عنبوه انا عمري ما شفت بنية ما تحب التسوق والمكياج .... انتي حتى جحال ما تحطين
(جحال = كحل)

حرابة بغضب: انا ماحب

قالت لها بحزم بالغ: حرابة

حرابة بحدة: ملابس ومكياج لا .. من الحينه اخبرج

: امشي امشي ما باخذ على رمستج انا

رفعت سبابتها وهي تقول بتهديد: ترى والله ماروح

أمها عفراء بعصبية: لا حول ولا قوة الا بالله .... زين خلاااااااص اففففففف
حشى شو هالبنية هاي
الله ايعين اللي بياخذج

أمها لن تترك هذا الطبع المزعج وهذه الادعية النسوية المعتادة ... ولا تنام الليل الا وهي ترسم احلامها الوردية عن ابنتها العروس مع عريسها المبجل الغبي

مسكينة .. تظن ان بمقدورها تغيير رايها بشأن الزواج بطريقة او بأخرى ... لكنها مخطئة ... هي لن تغير رأيها ابداً !

لذا آثرت الصمت وذهبت لتلبس عبائتها المغلقة وحجابها من غير ان تكلف نفسها وتغير بيجامة نومها القطنية

لبست نظارتها الشمسية ثم نزلت

غمغمت والدتها بغيظ امومي: خاطري تودرين هالنظارة لو يوم وتخطِين عويناتج بالجحال

فـ غمغمت حرابة بخفوت: إن الله مع الصابرين

دفعتها أمها بغيظ ......... لتقول بعدها وعيناها تبرقان بالحماس .. وابتسامة واسعة تلألئ ثغرها: حريبي .. عندي لج وظيفة .. انما ايه

استدارت نحوها بحدة لتقول: اعرف انج امي ..... واعرف انج تبين مصلحتي ..... بس احترميني واحترمي رغباتي .... انا الحينه الرائد الطيار الحربي حرابة بنت ليث ..... تبيني عقب التعب والترقيات والكراف اغير وظيفتي عسب بس ارضي امي اللي تباني على قولتها شرات باجي البنيات !!!

ابتعدت أمها عنها وهي تهدر بقسوة: الرائد الطيار الحربي حرابة بنت ليث نااااااسيه عمرها .... هاااااامله نفسها ...... ما تشوف جمالها وانوثتها وهي تذوي جدام عين امهاااا .... ما تشوف عمرها اللي يضيع بليا ريل ولا عيااااااال

حرابة بقهر: بدينا الموال

صاحت والدتها مغاضبة: حراااابه

اتاهما صوت أبا حرابة ليث مستغرباً الجدال الحامي بين الام وابنتها: شو السالفة !!

اشرت ناحية والدتها وهي تقول بقسوة: بدت ام حرابة موالها

رمت أمها حقيبتها بعنف لتقول بحرقة: تعرفين شو ......... زولي ودوري غيري يظهر وياج
(زولي بمعنى اذهبي الى الجحيم)


تنهدت حرابة لتناديها بضيق شاعرة بالندم: امايه

لم تجبها أمها ..... واكملت سيرها نحو غرفتها

جلست حرابة على الاريكة بانزعاج وهي تذكر الله

جلس والدها قربها وهو يتسائل بحزم: شبلاكن !!

حرابة بضيق: كالعاده لازم تفتح لي طاري الوظيفة

: تبا مصلحتج

هدرت حرابة بحدة: ومصلحتي في شغلي اللي ماروم أعيش بليااااااااه ... افهمووووني

ثم وقفت وهي تلتقط حقيبتها ... ليسألها والدها باهتمام: وين سايرة !!

: بسير ايلس عند امي نورة شوي ..... برد على المسا ان شاء الله

اومئ برأسه ليقول متفهماً حالة ابنته وانزعاجها الدائم من والدتها التي تصر على تركها وظيفتها لتستبدلها بـ وظيفة "تلائم طبيعتها كأنثى" كما تقول: سلمي عليها

اجابته بصوت خفيض متباعد: يوصل ان شاء الله



،,



ماضٍ يتحدث



خرّت على الأرض وقد شل الخبر أطرافها حتى باتت رخوة هلامية لا قوة فيها

وصرخت

صرخت حتى وصل صراخها آخر منزل من منازل القبيلة وتعداه الى أن شق عتمة السماء الساكنة:
لااااااااااااااااا ........ ولديييييييه

واخذت تلطم وجهها بـ جنون: ولديييييييه .... لا تذبحوووون ولدييييييييه

امسكتها شقيقة زوجها الكبرى وهي بالكاد تستطيع كبح دموع فجعها .... حاولت مواساتها .... الا انها شعرت


بالسخف !!!


كيف لها بحق الله تهدئة ام مكلومة .... وبهذا الوقت بالذات ...... كيف وهي نفسها تحتاج من يواسيها ... ويخبرها ان الذي تشهده ... مجرد كابوس


جسدها بأكمله ينتفض منذ ان اتاهم الخبر من احد صغار أبناء عمومتهم .... ينتفض .... وتتصاعد فيه حمم كارثية



تشبثت بها المكلومة بقوة صائحةً بجنونها ... وبفاجعتها التي وصلت عيان السماء: دخيلج ريسه .. دخيلج ... ابوس ايدج ورييييلج .... وديني صوووبه


ضربت رأسها وهي تزمجر بـ وجع هستيري: ودددييييني صوووووبه ... أبا ولدددديه ... أبااااااااه


امسكت بذراعيها وهي ترمقها بعيناي باكيتان حمراوتان ... وبصوت تفجر باللوعة .. والرجاء: دخيلج وديني صووووبه .... ابوووس اييييدج وديييني صووووبه




يالله ...... تطلبين المستحيل يا ابنة علي ... تطلبين المستحيل ونجوم الظهر



اغمضت عيناها بـ قوة .... وقالت بحشرجة مميتة: مـ مـ ماروم ..... مـ مارووووم


ضربتها الام بـ شراسة وهي تتلوى بـ وجع وحشي مشتعل: ياللي ما تخااااافووون الله ... ياللي ما تخاااافوووون الله ... تبوون تجتلووون ولديييييه ..... تبون تجتلوووووونه



حاولت ريسة احتضانها ... لكن الأخيرة ابت الا ان تعلن وجعها بأشرس الطرق الممكنة


وحاولت اغلاق فمها كي لا يفتضح امرهما .... لكنها لم تتمكن من السيطرة عليها



رفعت الام عيناها بعنف ... وقالت بنظرة تقدح شراراً: انا اعرف وين ودوا ولديه



وبـ ثانية مسروقة منها العقل ..... اخذت برقعها ... وهرعت للخارج وهي تلبسه فوق غطاءها الكبير والذي يحجب كل جسدها الممتلئ



شهقت ريسه بـ جزع عارم .... ووجدت نفسها تركض نحو نعليها ... وتنتعلهما بسرعة


ثم هرعت خلف زوجة شقيقها بعد ان سحبت في طريقها عبائتها:


نووووورة .... نووووورة صبرررري ... وين ساااايرة الله يهدااااااج



تساقطت دموعها وهي تصرخ بصوت اعلى ... واحد: نوووووورة ... دخيلج لا تفضحينا بين النااااااااس ... دخيلج يا نووووورة ... ردددددي

نووووووووووورة


الا ان نورة لم تلتفت خلفها ... بل وجدت نفسها تهرول بجنون ..... بين الأزقة المظلمة .. والبيوت القديمة .... والدكاكين العتيقة التي مضى عليها الدهر



ولسان حالها يردد بلوعة علقمية .... وبتسول باكي ..... اسم ابنها الوحيد .... ابنها الذي لم تنجب سواه





الى ان وصلت لـ مبتغاها .... لـ وادي بو الين "أبو الجن" ... الوادي الذي لا يجرؤ أي انسي على الاقتراب منه ليلاً



وسرعان ما انكبت على الأرض ما ان أضيء وجهها .. وعيناها ... بـ شعلة النيران الملتهبة



اخذت بعينان هستيريتان .. تنظران الى رجال القبيلة ... اسفل الوادي


وهم يحملون جسداً مغطى بـ "الخيش" ..... ويرمونه في حفرة نارية مهولة شبيهة بالتنور



فغرت عيناها على مصراعيهما ..... ونست التنفس ...... للحظات طويلة



أتت ريسة خلفها وهي تلهث بعنف وبكاء


وما ان أصبحت قرب نورة .... ورأت الرجال اسفل الوادي يبتعدون ويتفرقون عن الحفرة النارية ..... حتى علمت حقيقة ما فاتها


حقيقة انها ابداً لن تراه .... ولن تشتم رائحته


وبلا تفكير ...... صرخت باكية على روح كانت أولى من جعلتها تشعر بالأمومة ...... وبـ امتلاء الروح بعد الخواء






حاضرٌ يتحدث



التفتت للخلف وقد اخرجها صوت العصا من شرودها.. فـ رأت ام اخيها الراحل تقترب منها بهدوء

لانت نظرتها الصارمة بشكل جلي ووقفت لتسلم عليها وتقبّل رأسها

لو ان الأخيرة تبصر وليست بعمياء ..... لكانت قد لمحت بسرعة بريق الحزن بعينا حرابة
حزن عميق .... عميق جداً

: شحالج خالوه ؟

اجابتها خالتها نورة "ام سهيل" بهدوء: بخير يعلج بخير وعافية غناتي .. انتي شحالج ... وشحال امج وابوج ؟!

قرّبت حرابة صينية الفوالة من خالتها نورة .... ثم رفعت فنجاناً لتصب لها القهوة بنفسها وهي ترد بـ ود:
كلهم بخير ويسلمون عليج

امسكت يدها لتعطيها الفنجان وهي اخذته من غير ان تنبس ببنت شفه

ظلت وحرابة يرتشفان القهوة بصمت ... حتى قاطعتها نورة قائلة: شو هاللي سمعته من امج ريسه

سألتها حرابة وهي تعلم الاجابة: شو سمعتي !!

نورة بحزم: اللي صار في بيتهم يوم عزيمة ولد شهاب والمها

حرابة ببرود اخفت خلفه سخريتها: ما سويت الا الواجب

: حرابة بنتيه ... منقود اللي سويتيه ... المفروض تحترمين خطار هل البيت وما تتعدين في الرمسه وياهم
(خطَار=ضيوف)


حرابة بالبرود ذاته: اللي يمسني ولا يمس هليه بكلمة اقص لسانه مب الا اتعدى في الرمسة وياه .. ولو يديه صياح عرف جان هو روحه ما سكت



على اسمه

ارتعش فم المسنة العمياء حقداً مريعاً ............. لتقول مغمغمة بسخرية مريرة: وانتي بتعلميني الحينه على الشيخ صياح !!

وقفت وهي تتحرك بعصاها وتضيف متوجهة للحمام: نعرفه ............... نعرفه زين ما زين يا بنت ليث


رباه .............. لا تصدق انها نطقت للتو بإسم "واتر نورة"

استغفرك ربي واتوب إليك

أأتت لتزيد من حزن الثكلى المسكينة ام لتفعل واجب صلة الرحم وترفه عن روحها قليلاً !

أغلقت عيناه وهي تستند برأسها على الاريكة

ومن غير ان تشعر ذهبت افكارها لذلك اليوم .... يوم ان طردت النسوة الثرثارات النمامات من منزل الجد صياح بسبب ما تفوهن به بحق اخوالها عبدالرحمن وزيد

تعترف انها قد دافعت عن اثنان لا تعرفهما .... ولا تعرف أي احد من ابنائهما

وليس بالضرورة انها تعرف كذلك اخوالها من زوجة جدها الأخيرة .... مبارك وسالم وهادف

لكن لم تفوهتي بكل تلك الكلمات الفخمة الفاخرة المليئة بالفخر/الاعتزاز يا حرابة !

أنطقت بها روحك المتلهفة للغاية لمعرفتهم عن قرب !

ام نطق بها قلبك الذي لم يعرف معدنهم الأصيل وافعالهم الطيبة وسيرتهم الحسنة سوى من حديث الناس وحديث الأقارب المقربين منهم !

هي تعرف الخالة شيخة "زوجة خالها زيد" ..... فـ الأخيرة هي اخت أمها ريسه ..... لكن لا تعرف عن قرب أبناء خالها ...... وبكل تأكيد لم تعرف أبناء خالها الكبير عبدالرحمن ...... ولا تعرف زوجته التي هي "فقط" ابنة عم ريسة وشيخة ..

جدها خلف بوالشريس بعد طلاقه من حرابة الكبيرة "لأسباب مجهولة تماماً" ..... ابتعد عن الجميع وذهب للكويت للتجارة

وعندما عاد ..... تزوج من ام عفراء عائشة "جدة حرابة الصغيرة" ....... وعندما علم بعد ليلة واحدة انها لم تتزوجه سوى ليكون محلل لها لتعود لزوجها السابق ... انتفضت كرامته ورجولته وطلقها صباح اليوم التالي

لكن بعد ان زرع بذرته في رحمها

وبعد مرور الأشهر ... تزوج من صبية حلوة مصرية الجنسية اسمها حميدة ...... واتاه منها مبارك وسالم وهادف وصالحة وفاطمة وامينة

ومرت السنوات .... حرص خلالها جدها خلف بوالشريس الا يجمع ابداً بين ابناءه ..... ناهيك عن الصغيرة عفراء "ام حرابة" التي نفاها تماما من حياته وكأنه "من غير لفظ رسمي منه" تبرأ منها بسبب فعلة والدتها به

أبناء حرابة الكبيرة "عبدالرحمن وزيد" عاشوا صغاراً في ابوظبي بعد ان تزوجت الاخيرة برجل آخر وانجبت منه ولداً اسمته حسن

وابنة عائشة "عفراء" عاشت مع عائلة أمها بعد ان عادت الأخيرة لزوجها السابق

اما أبناء حميدة فـ عاشوا في كنف ابوهم وامهم في الشارقة بعد ان تركوا منزلهم في منطقة وادي أبو الجن


: مدام

اجابت حرابة نداء الخادمة بنظرة غائمة: هلا

الخادمة حورية: ماما نورة يريد انتي داخل غرفة

اومأت برأسها قبل ان تزفر ضيقاً خاصاً لا يعرفه سواها

خالتها نورة كالعادة ومع كل زيارة لها ...... ستهديها اسوارة او خاتم ذهب
معتقدة انها تلبس هذه الأشياء كباقي الفتيات
لو انها تبصر وترى هيئتها الآن لشهقت رعباً من وجهها الشاحب والعيناها المزغللتان والمحاطة حولهما الكثير من الهالات السوداء المخيفة

هي كل شيء في هذه الدنيا ..... عدا ان تكون انثى جميلة

انوثة .......... جمال

كلها مصطلحات تشعر بالقرف منها .... وبالاشمئزاز !

هي ... الرائد الطيار الحربي حرابة ............ وكفى !



،,



بعد أسبوع



: فهد يبت جوازك ؟!

استدار خالها الصغير نحوها وهو يقول مؤكداً: هيه ...... حامد تعال عندي

اقترب حامد "ذو العامين" منه بحماس ... بخطواته الطفولية المتعثرة الى الامام ليجلس في حظن خاله فهد قرب السائق

ابتسمت بحنان جارف لمنظر خالها وطفلها سوياً ....... لكن صورة والدتها الغاضبة منها ومن سفرها الذي أتى قبل ان تتصالح مع زوجها امحت ابتسامتها بقسوة وسببت لها الحزن الشديد

يا امي .. تطلبين المستحيل ..... لن اعود لذلك الوحش السكير حتى لو قمتم بشنقي !

فجأة قهقهت بحب ما ان خرج وجه صغيرها من خلف المقعد الامامي وهو يغمغم بأصوات طفولية لذيذة محببة لقلبها

اشر الصغير خلف والدته وهو يصيح بحماس

عندما التفتت رأت سيارة سوداء ذات دفع رباعي خلفهم ...... السيارة عادية الا ان ضخامتها مقارنة بسيارتهم الصغيرة قد غطت المنظر بعينا صغيرة فـ شعر بالرهبة والحماس في آن واحد فـ صاح مسروراً

عاد وجهها نحوه وهي تبتسم برقة وتقول: تبا سيارة كبيرة ؟! ها يا حبيب ماما ؟!
ان شاء الله يوم تكبر وتغدي ريال وتاخذ ليسن بشتريلك

واشرت بيداها الاثنتان مردفة بسعادة امومية حنونة: سيارة كبيييييييييييييييرة

ضحك الصغير جذلاً وقفز من فرط حماسه لحظن أمها تاركاً إياه تقبله بتلذذ وضحك ناعم




بعد نصف ساعة



كان عامل المطار يخرج حقائبهم من السيارة

خرجت وهي تحمل بين ذراعيها ابنها فـ استوقف ناظرها السيارة السوداء ذاتها التي كانت خلفهم في الشارع ... كانت تقف خلف سيارتان متوقفتان خلف سيارة منزلها

لم تعرها أهتمام ... وأكملت سيرها نحو بوابة المغادرون مع الصغير وخالها فهد



،,



بعد انتصاف الليل بساعتين



دخل الى المنزل وهو لا يبصر امامه من الظلام

فـ اخذت أصابعه تتسلل ببطء على الجدار يمينه حتى تمكن من اشعال انوار الصالة

: صباح الخير

انتفض بذعر ما ان اتاه صوت والده من خلفه

يجلس في الجلسة العربية الصغيرة التي في زاوية الصالة كعادته

لكنه الآن ........... وكأن بجلسته الغريبة تلك ........... كان في عالم آخر

حك شعره المشعث بنعاس وكسل ... وسأل من غير ان يجيب اباه: شو ميلسنك هنيه روحك !!

فـ قال والده باحتقار من غير ان يجيب على سؤاله: حرمتك سافرت

اتسعت عيناه الحمراوتان بصدمة ليهدر بحدة: شوووه ! سافرت ! على ويييين !!!

شخر والده بسخرية وقال: مثل ما ظنيت .... مسافره من غير ما تخبرك .... ونعم الريل والله يا ولديه

كـ كيف !!! ووين مسافره .....!!! :

هدر بصوت غليظ ملؤه الغضب وصورة أخيه حامد "أبا خليفة" الذي رمى عليهم الخبر بشكل بارد غير مبالي ما زالت تزعجه وتثيره حنقه: ريت عمك اليوم في بيت يدك وخبرنا ... مسافرة سيريلانكا

صاح مغاضباً: وشحقه ما خبرتنننني .. وعميييه شقى يخليها تسافر رووحها !!!
(شقى=كيف)

قال اباه رافعاً حاجباً بقسوة: شحقه ما خبرتك هاي اسأل روحك بها .... وهي ما سافرت روحها .... سار وياها خالها فهد وشلت حامد وياها

خرج زئير خافت من اسفل حنجرته ............ يشتم ويحطم بخطواته الأرض متوجهاً نحو غرفته

تلك الـ روزة .. يالجرأتها ووقاحتها
السافلة .. سافرت من غير اذنه واخذت معها ابنه .............. لكن الويل لها ولـ عناد رأسها الذي سيتحطم فوق رأسها يوماً ما



،,



يوم جديد



قبل أسبوع ادعت الألم كي تلهي هزاع عن الخلو بـ ام المسك .... لكن بعد يومان فقط اتاه ألم الولادة الحقيقي

وها هي تنظر لابنتها الصغرى بحنان يشوبه بعض الكآبة/الضيق .... كآبة ما بعد الولادة على ما يبدو

فـ اخذت شياطينها توسوس لها عما فعله زوجها مع ام المسك طيلة الأيام الماضية

هي لا تكره ام المسك .... لأنها تعرف تمام المعرفة ان الأخيرة لا تحب زوجها الا محبة اخوة وصداقة لا اكثر

لكنها تكره بريق الحب/اللهفة بعينا زوجها ..... حب ليس اخوياً البتة

تكاد تجن من القهر والغيرة ....... لم يكن هزاع يحب ابنة عمه بهذه الطريقة ... فما الذي غيّره الآن وابدل مشاعره نحوها !!

هي حتى لا ترى ام المسك تلمسه او تصافحه او تقبّل خده الا في الأعياد والمناسبات

كزت على اسنانه غلاً/غضباً ما ان تذكرت وجهه الذي شحب وعيناه اللتان برقتا بالمشاعر الحارة يوم ان عايدته ام المسك في عيد الأضحى قبل أسابيع قليلة مقبلةً خده بارتباك خجول

رباه ................. تقسم بالحي الذي لا يموت انها رأت امنية واحدة تبرق بعينا هزاع تلك الساعة !!

هي ان تطيل ام المسك قبلتها على خده حتى الممات ....!

لا .... هزاع لها هي فقط ..... لا تستطيع تحمل فكرة ان تتركه لغيرها ... لا تستطييييييع

هي حبيبته ورفيقة دربه حتى قبل ان يتزوج بـ ابنة عمه المطلقة ... ولم يكن زواجه بها الا صورياً ولأجل عمه وجده
والدليل انه بعد خمسة اشهر فقط عاد إليها وتزوجها بعد ام المسك

اذا هو يحبها هي فقط .......... ولا احد سواها



ظلت سعاد على هذه الحالة العصيبة حتى سمعت طرق باب ... فأذنت بالدخول بخفوت مبحوح ..... وليتها لم تأذن ولم تسبب لنفسها الانهيار النفسي

كانت ام المسك ............ وبأجمل طلة واعذب صورة

لا لا .......... يجب عليها ان تخرج من هذا المستشفى الكريه بسرعة وتحجز اقرب موعد في مركز التجميل .... لن تحتمل ان تكون قبيحة امام هذا الجمال كله طيلة أربعين يوم ..
هزاع نفسه لن يتحمل وسيتركها بقبحها ويذهب لأم المسك

إلهي ....... سـ تجن من الغيرة ........ سـ تجججججن


: السلام علييييكم

ابتسمت بمجاملة وهي ترد على سلام ام المسك المتحمس اللطيف: وعليكم السلام

ام المسك بسعادة فائقة: وه وه وه شو هالجممممممال شو هالفتننننننننة ......... واااااااي حبيييييبي
سعووووده البنوتة قمرررر ما شااااااء الله ...... عممممممري والله فديت عيووووونها

ابتسمت سعاد هذه المرة بصدق ............. فـ الانسان رغم كل احقاده ........... يعجز ان يظل عابساً امام لطافة ام المسك وقلبها النظيف مدة طويلة: سميتها اسمهان ........... على اسم امايه الله يرحمها

ام المسك: اووونه ........... الله محلاة الاسم .... بدلعها سوسوووو ههههههههههههههههه
(اونه = كلمة شعبية تستخدم عند التعجب وعدم التصديق)


سعاد: ههههههههههههههههههههههههه هههه

هزاع: السلام عليكم

اقتربت ام المسك من هزاع وهي تحمل بين ذراعيها الصغيرة: هلا بابااااا .... سلم علي .... انا اسمهااااان

عقد حاجباه وهو يحمل ابنته: اسمهان !!

ابتسمت سعاد وهي تشعر بالفخر انها من انجبت لزوجها البنين والبنات وليست اخرى .. ثم قالت مؤكدة: هيه

قال هزاع ببرود بعد ان لثم جبين ابنته: بس نحن متفقين على اسم ثاني

سعاد باقتضاب: لا ..... انا أبا اسمهان

هزاع باستنكار: سعاد

فـ بكت .... بكاءاً تمثيلياً ماهراً

شهقت ام المسك بذهول ...... واقتربت لتحتضن سعاد بتعاطف: حبيبتي سعاد ليش الصياح انزين !!

ثم وقفت لتقول لهزاع بعتاب رقيق: هزاع حلو اسم اسمهان

بقوة شديدة .. سيطر على رعشة روحه مع اسمه الذي خرج من شفاهها الكرزية .. ليهتف بحزم: المسك انا وياها متفقين قبل على اسم

ام المسك بعتاب حزين: بس هي تبا تسمي على أمها الله يرحمها

: بسسس

توسلته ام المسك بفم مزموم رقيق: يلا عاد هزاع .... لا تكسر بخاطرها

اخفض اهدابه بمشاعر عاتية .... ليقول باقتضاب وهو يضع ابنته على سريرها ويخرج من الغرفة:
مثل ما تبون

صفقت ام المسك ببهجة بالغة وهي تقول: يا سلااااااام اقنعناه سعوووده

واستدارت نحوها
لتتجمد مكانها .... بابتسامة كانت قد تجمدت كذلك ..... ما ان رأت الحقد الناضح من عينا الاخيرة

خافت ............. بل فزعت ..... فقالت بقلق/خوف: شبلاج سعاد !!

عندما استوعبت سعاد تحديقها المطول بـ ام المسك ... نفضت رأسها وقالت ببسمة زائفة: لا ماشي .. الحمدلله وافق .. مشكورة لانج اقنعتيه

: ولوووو ...... لعيونج ولعيون سوسو الحلوة ........ الا ما خبرتيني ... هو شو كان يبا يسمي !!

توترت .......... وقالت متلعثمة: ا ا ا نـ .... نسيييت

رفعت ام المسك حاجبيها بتعجب وقالت: نسيتي شو كان يبا يسمي !!

سعاد: ا ا ا هو كان في خاطره وايد اسامي نسيت شو كان يقصد قبل شوي

ام المسك: اهاااا

"مديه" ......... هذا ما كان يرغب بتسمية ابنته به ......... لكن لن تخبرها حتى لا تتولد أفكار في مخيلتها .... وحتى لا تتكون مشاعر من نوع آخر نحو زوجها


تسمي ابنتها مديه !! ........ هذا ما كان ينقصها
مسك أخرى في حياته !


،,



شركة نورين للجرافات البحرية - هولندا



لبست نظارتها الطبية على عجل لتتفحص ملف اعطتها إياه للتو سكرتيرتها مارجريتا

بعد ان تأكدت من صحة البنود المدونة ... قالت بـ "هولنديتها" .. وهي تنزع نظارتها وتسير خارجة من باب المصعد:
جيد مارجريتا ..... البنود كاملة ولا تنقصها الا نظرة سريعة من الرئيس .... فلتذهبي الآن وتأخذي قسطاً من الراحة فأنتِ منذ ليلة البارحة تعملين

قالت السكرتيرة بنصف عين: هل انزع عن وجهي قناع السكرتيرة واعود لطبيعتي ... صديقتك المفضلة

: هههههههههههههههههه انزعيه فـ هو لا يليق بك على كل حال

صفقت مارجريتا بشقاوة لتقول بمكر محبب وهي تضع ذراعها تحت ذراع مديرتها: اذا ايتها القزمة الفاتنة ... فلنذهب الى البار ونحتفل
وقبل ان ترمي علي حمم غضبك وتعطيني محاظرة عن قيمك العالية واخلاقك ....... وعن رفضك التام للشرب .... سأوفر عليك الوقت وأقول لا
لن اشرب الليلة ..... سنشرب سوية مشروبان خاليان من الكحول

رمقتها بطرف عيناها باسمة .... وقالت محذرة: وخاليان من السكر .... لا تنسي ان صديقتك ما زالت تريد انقاص بضعة باوندات من وزنها

مارجريتا: آه منك جوجي ... ليتك تعلمين كم ان جسدك مثير وجذاب ..... وسائل الاعلام الحديثة لا تكسب أموالها الا من خلال تشويه صورة المرأة الطبيعية بأعينكن أيتها النسوة المجنونات

قالت جواهر ببسمة ساخرة: وكأن التي تحادثني هي امي

: أوه خالتي لوسي .... لقد اشتقت لها كثيراً .... يجب ان نذهب للريف في عطلة الأسبوع لرؤيتها عزيزتي

جواهر بـ دفئ: اجل بالتأكيد

مارجريتا: هيا الآن ..... سأسرقك عن عملك قليلاً ونذهب لنرتاح

نظرت جواهر لهاتفها بتردد: لكن

مارجريتا: لا عليك ..... الرئيس الآن في عطلة في جنوب افريقيا ولن يضيّع وقت استرخائه ليتصل بموظفيه ويسأل عما يفعلوه بغيابه

جواهر بجدية: اوه مارجريتا .... انك تتحدثين عن ديدريك .... وديدريك لا ينسى عمله حتى في منامه

مارجريتا باستغراب: ياله من رجل اعمال صارم غريب الاطباع .... انه حتى لا يثق بأحد ..... لا احد فعلياً
حسناً .... لا يهم ... هيا جوجي فلنذهب

اخفضت جواهر اهدابها مطولاً بطريقة مبهمة غريبة .......... لترفعهما فيما بعد ببسمة خفيفة وتهمس وهي تدخل خصلة من شعرها ظهرت من اسفل حجابها المحكم: هيا




في البار



مارجريتا: حسناً ايتها الحلوة ... اخبريني ما هي مشاريعك القادمة ... ألن تسافري في اجازتك السنوية لمكان ما

جواهر: امممممم سأسافر ..... انما هذه المرة للوطن .... ولهدف العمل اكثر من هدف زيارة العائلة في دبي

ارتشفت مارجريتا مشروبها الشفاف لتقول بتعجب: عمل !!! اية عمل !!

: اجتماع مع شركة الجرافات الإماراتية الوطنية والبلجيكية كذلك لنخطط سوياً لـ مشروعنا القادم في افريقيا

مارجريتا: اهاا ... هل استطيع الذهاب معك ..!! اريد بشدة رؤية دبي ... سمعت انها جميلة للغاية

برقت عينا جواهر بـ الحنين لتقول باسمة: وهي كذلك ....... لكن من سيمسك زمام الأمور بغيابي ..!! تعلمين انني لا اثق بأحد غيرك

وضعت يدها على خدها بضجر وهي تغمغم ببؤس: اوووه ايتها المديرة المتجبرة .... انا اريد كذلك إجازة قصيرة

جواهر: اعدك بأطول إجازة لم تحلمي بها في يوم .. لكن بعد اجازتي ههههههههههههه

دفعت مارجريتا كتف صديقتها بفم مزموم ثم ابتسمت بعدها بخفة ....... لتكمل ثرثرتها المعتادة معها



،,



ما ان رأى ارض العاصمة من زاوية نافذته في الطائرة .... حتى اشاح بعيناه بضيق متنهداً من غير صوت

هذا حاله منذ سنين طويلة ...... ليس كرهاً لـ وطنه ........ بل كرهاً لـ رؤية الناس الذين ينتظرونه في وطنه

عدا واحدة .... امه ريسه ........ اخته الكبيرة الحبيبة الغالية .... ولأجلها فقط انهى عمله بسرعة في روسيا وعاد




بعد ساعة ونصف





كان يحتضن جسدها الضئيل بـ دفئ ويقبّل رأسها ... مجيباً على كلماتها المشتاقة ببسمة رجولية خفيفة: الله يسلمج يالغالية ... شحالج امايه شو صحتج ؟!

اجلسته قربه وهي ترد بعينان تتلألآن باللهفة/الحب: بخير دامك بخير ومرتاح يا عيون امايتك

وضعت يدها على وجهه وهي تردف بقلق مرتعب: منصور شحقه ويهك غادي جيه مصوفر ومصفوق !!
ما تاكل انت !!
(مصوفر=اصفر) (مصفوق=شاحب)



وقبل ان يجيبها كانت تضرب ركبته وتكمل بتوبيخ: الا من هالزقاير اللي تشفط فيهن كل ساعة
ادريبك يا الهرم

ابتسم بمودة .. ليقول مبرراً: مب راقد من 3 ايام .... وفي الطيارة ما رمت اغمض عيني ... شي يهال كانوا ورايه اذوني بحشرتهم وزعيقهم

(حشرتهم=ازعاجهم) (زعيقهم=صياحهم)


: ويدييه .... شحقه مب راقد من يومين !!

حك عينه بسبابته ..... وقال ببسمة مرهقة: كنت اراقب شبل ابيض آخر أربعة أيام يلين قدرت ازخه

برقت عينا ريسه بحماس المغامرة ..... وقالت جملتها المعتادة وهي تقف لتحضر له شيئاً يأكله: راوني كل شي صورته هناك وانت تاكل ...... دقيقة والاكل بيكون عندك حبيبي ... اصبر

ابتسم بشحوب واومئ برأسه ...... قبل ان يفسخ جواربه ويرميها ارضاً بإهمال ...... وينبطح بجسده الضعيف فوق الاريكة

ومن فرط ارهاقه وتعب جسده
غط في نوم عميق



،,



حملت حقيبتها وهي تصيح بـ اسم العاملة الواقفة خلف مكتب المحاسبة

: دينااااا

ردت عليها الموظفة برقة: أي مدام

وضعت هاتفها داخل حقيبتها بسرعة وهي تهتف بلسانها الالثغ الناطق حرف الياء بدل حرف الراء: دينا حبيبتي انا بطلع الحينه .... بيوح اجتماع أولياء الاموي في مديسة ضي ... انتبهي على الصالون بغيابي

هزت العاملة رأسها باحترام وقالت: ولا يهمك مدام ... تيك يور تايم

خرجت من مركز التجميل الخاص بها للطريق الخارجي المعبد ... ولسان قلبها يهمس بـ الدعاء
اللهم اني استوعدك نفسي ومالي وعرضي وخواتيم اعمالي يا رب العالمين .......... اللهم اني استودعك طفلتي الصغيرة فـ عندك لا تضيع الودائع ابداً يالله

آه ....... تعلمت العيش وحيدة مع طفلة صغيرة .... في هذه المدينة الكبيرة ..... بالطريقة الصعبة

الصعبة جداً

اول قوانينها ...... لا للرجال !

لا لذلك الصنف الآدمي الذي حاول عدة مرات هدم حياتها .......... لا لذلك الصنف الآدمي "البشع على حد قولها" الذي كان السبب الرئيسي في سلب طفولتها ....... وروحها !

لا لذلك الصنف ....... الذي كان السبب في جعلها تعاني .... وتبكي .... وتنوح على ضياعها !

تنهدت بعمق واستمرت بالسير فوق الرصيف متجهةً بأقدامها نحو المدرسة القريبة من مركز التجميل

تغضن جبينها غضباً وهي تتجاهل تحرش بعض الشباب الامريكان لها وتغزلهم الوقح البذيء لما تحت لباسها المكون من بنطال واسع وجاكيت جلدي يغطي جسدها بمنحنياتها الانثوية المغرية

وبعد ان كادت تختنق من حبسها لأنفاسها انفعالاً وتوتراً ..... وصلت اخيراً للمدرسة فـ تنفست الصعداء بسرعة حادة


: قود مويننغ سالي

اضيئ وجه المعلمة بالبهجة وهي تقول: اوه سارة قود مورننغ ... كيف حالك اليوم ؟!

اعطتها ابتسامة ناعمة .... لتقول: بأحسن حال .... وماذا عنك ؟!

المعلمة سالي بتذمر ضاحك: اوه كالعادة اركض وراء الطلاب المشاغبين وأأمرهم بأنفاس متلاحقة ان يدخلوا صفوفهم ولا يلعبوا في الرواق

سارة: ههههههههههههههههه يا لك من شخص صبوي يا سالي ....... ليتني املك يبع صبيك هذا

المعلمة سالي: ههههههههههههههههههههه انك تمتلكينه حقاً بوجود ابنتك النارية ضي ..... لكن رغم نارية هذه الصغيرة الا انني اعترف انها ماهرة في كل شيء ... وذكية في كل موادها الدراسية .. انتي محظوظة بها

سارة: ههههههههههههههههههه وانا محظوظة بها كذلك

المعلمة سالي بإعجاب: كم تشبهك عندما تبتسمين .... لكن يجب ان اعترف انها لا تملك ابداً عيناكِ الخضراوتان كـ عشب مندى بماء المطر


" انها لا تملك ابداً عيناكِ الخضراوتان "


رغم التوتر الذي شع بعيناها .. الا انها ابتسمت بمجاملة .... لتقول وهي تسير باتجاه قاعة الاجتماعات: شكياً لك ..... هل بدأ الاجتماع ام اتيت متأخية !!

المعلمة سالي: لا لا تقلقي لم يبدأ بعد .... تفضلي عزيزتي







نهــــاية الفصــــل الثــــاني


وكان likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-07-20, 04:46 PM   #6

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




هلا والله بـ كل متابعين سهيل



هذا الفصل الثالث مثل ما وعدتكم قبل



قراءة ممتعة جميعاً

وهالله هالله بالتعليقات المربربة الحلوة



،,






(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)



،,



الفصل_الثالث




سيريلانكا – العاصمة كولمبو



ضحكت بخوف وهي تحذر خالها الصغير من القرد خلفه: فهد ...... السبال بيعفد عليك انتبه
(بيعفد = سيقفز)

فهد: ادريبه هههههه روزه فريلي موزة ثانيه

اعطته الموز وهي تقول: ها اندوك

اخذ منها كمية من الموز ...... وذهب ليطعم القرود الأخرى في الناحية المقابلة

روزة وهي تخفض عيناها للأسفل: هههههههه ...... حامد إندو...


شهقت عندما لم تجد صغيرها الذي كان منذ لحظات يقف قربها


: حاااامد


أخذت تتلفت بفزع باحثة عن الصغير الذي كان لثواني فقط عند قدميها
ووجدته اخيراً من بعيد

هرعت هلعة نحوه والذي كان يسير نحو الشارع المكتظ بالسيارات
وقبل أن تصل إليه ..... حمله بسرعة أحدهم "وكان شبه متلثماً" ......... وعاد للرصيف مرة أخرى

وضعه بين ذراعي روزه وهو يقول بصرامة تشوبها قسوة غريبة:
ياهل ها مب لعبة ..... جانكم بايعينه ودوه ميتم بيهتمون به أكثر عنكم

اتسعت عيناها على مصراعيهما مفجوعة من كلامه المسموم بالعنجهية والقسوة

ولم تتحكم بنظرة الاحتقار بعيناها وهي تشيحهما بحدة عنه ...... قبل ان تقول بصوت لاذع:
أخلاقي ما تسمحلي ارد على كلامك التافه بس ما بنسى اقولك شكرا لانك لحقت على ولديه قبل لا يستويبه شي ....... مشكور ويزاك الله خير

التفتت وعادت نحو خالها وهي تستشيط غضباً من وقاحة الرجل وقسوة لسانه ...... وعندما وصلت نحو خالها استدارت لتراه بطرف عيناها الحادتان

لكنها لم ترى سوى الهواء بدلاً عنه ................ اختفى وكأنه لم يكن !



،,



هذا اللقاء سيكون ثالث لقاء بينهما بعد الأول والثاني

الأول كان في احدى السنين الغابرة بمنزل والدها عندما أتت لتبرّ بالاخير وتعايده بالعيد رغم كرهه لها ولأمها ... ورغم إصراره الا يتواصل احد ابناءه معها

والثاني في اول يوم عزاء والدهما

والآن الثالث

لكن السؤال الذي ينهش قلبها

هل حقاً أتت مضطرة لأجل ذلك السبب ام انها وجدت الحجة المناسبة لتلتقي بأخاها الكبير مرة أخرى وتكحل تلابيب قلبها بوجهه الرجولي المهيب


لا تعرف !

الحيرة والخوف والشوق اجتمعوا كلهم عليها/على مقلتاها المرتعشتان

ليتها طلبت من ريسه ان تأتي معها وتساندها في هذا الموقف

على الأقل ريسه هي ابنة عم زوجته ....... والاثنان تقابلا عدة مرات في المناسبات العائلية والاعياد

هه
صديقتها "فعلياً" هي اقرب منها لأخيها الكبير

أهناك حرقة اشد من هذه !!

وقفت ما ان دخل مجلس الضيوف وألقى السلام بصوت الرجولي الغليظ: السلام عليكم

رغم حيرته من زيارتها المفاجئة ...... رغم قلقه من ان مكروهاً أصابها اجبرها على القدوم إليه ..... رغم عينا والده الغاضبة اللتان تلاحقانه بوحشية تلومانه لانه كسر كلمة الاخير والتقى بأخته حتى بعد وفاته !

الا انه لم يستطع إخفاء اللهفة بعيناه ................ والسعادة الجامحة !

قبّلت خده بخجل يشوبه الكثير من الارتباك/التخبط ........ لترتعش بأكملها ما ان احست بكفه تحوط ذراعها الضئيلة ........ وسمعته يقول باهتمام ...... وقلق ............. بنبرة تمنت وبشدة سماعها قبلاً من والدها رحمه الله: شي فيكم ختيه .... ريلج وعيالج فيهم شي ؟؟

اخفضت اهدابها تأثراً .... لتقول وهي تهز رأسها نافية: آ آ لا ... احم .... انا

عندما شعر بتوترها وارتباكها .... وقف وقال: صبري بخلي البشاكير اييبون الفوالة ..... ام غابش الله يهداها ما بغت تسير السوق الا الحينه

شعرت بحرجها يتصاعد .............. ان تفوهت بالحق .................... فهي من أتت فجأة وبتوقيت غير مناسب لـ اخيها وعائلته .............. حتى انها لم تتصل به مسبقاً لتعلم ما اذ كان متفرغاً لها

ويبدو من هيئته الرسمية وثوبه الأبيض وشماغه انه كان يهم بالخروج لولا قدومها المفاجئ

لذا قررت إلقاء ما في جعبتها والخروج في اسرع وقت

امسكت يده وقالت له بشجاعة .... ونبرة مباشرة: يعل عمرك طويل اخويه تسلم ... انا مب مشتهية شي ييت عسب اقولك اللي في خاطريه واروّح

رمقها باستغراب .... ليقترب منها بعفوية ويقول باهتمام: اسمعج ام حرابة

جلست على الاريكة مرة أخرى ....... ليجلس قربها

وبعد تردد منها .... وتجميع قواها الكاملة ............ قالت بنبرة مباشرة وهي ترمق عيناه:
اخويه ما قد طلبت منك شي في عمري .. ولا لعمري

رغم قوة نظرتها وجمودها الا انه تمكن من رؤية الجرح القديم بمقلتاها

ومن غير ان يشعر ...... تذكر ما حدث قبل سنوات طوال ....... ما فعله اباه عندما اتاهم خبر قرب عقد قران عفراء على ابن عم اخوتها من أمها ...... ليث

تذكر قسم والده على جميع أبناءه الا يحضروا عقد القران ولا الزفاف بسبب كرهه البالغ لأمها عائشة

لم ينسى ما فعلته به حتى مات
تسائل كثيراً ..... ما ذنب عفراء من هذا كله !

فعلة والده تلك جعلته يكره نفسه ...... عجزه وضعفه
فعلة والده جعلته يتعذب بـ حس الاخوة المقتول فيه !

ويعلم ان زيد شعر بذلك مثله وقتها ... لكن زيد يجيد مهارة قتل اي احساس يولد فيه ضد والده خلف بوالشريس
تحت مسمى "طاعة الوالدين واجبة"

اما اخوانه الثلاث من زوجة ابيه الثالثة "مبارك وسالم وهادف" .. فلم يبدوا اي اهتمام وقتها
لانهم بالمختصر كانوا مراهقين ولا يفقهون شيئاً بالامور الحاصلة


وسط دوامة افكاره ..... وجد نفسه يهتف بحرارة لأخته:
روحي لج يا ختيه

ارتعش قلبها للصدق النابض بين كلماته ................. لذا وجدت نفسها تبتسم بتخبط لتقول متلعثمة خجولة:
حرابه ....... بنتيه

عقد حاجباه بحيرة ليهمس خافتاً:
حرابه !!


يعرف حرابه
كيف لا يعرف ابنتها التي لم يرها رؤى العين حتى الآن !

حرابة التي تصدرت صور الصحف والمجلات والوسائل الإعلامية العربية والعالمية لأنها اول طيار حربي امرأة قصفت مواقع الإرهابيين في العراق !

حرابة ...... التي تصدرت ألسن الشيوخ وأعيان البلاد في مجالسهم ومنازلهم ومكاتب أعمالهم

يفخر بأنثى حققت المستحيل لكن الماضي البشع الذي تسبب به والده لأبنائه وعائلته كان الحائل بينه وبينها .. كما بين أخيه زيد وبينها ... وبالقياس على ذلك
بينها وبين منزل والده الثالث

زفر قلبه حزناً سرمدياً .. قبل ان يترحم والده .. وعلى أمه حرابة في جوفه ... ثم قال:
شبلاها بنت ليث !!

حركت اصابعها على ظاهر كفها .. لتقول بسرعة: اباها تغير شغلها

رمقها باستغراب بداية الامر ..... ليقول بعدها متذكراً امراً ما:
السموحة لو بقاطع رمستج ..... بس حرابة كم عمرها ؟!

اردف مقهقهاً بحرج:
ههههه السؤال غريب بس حاب اعرف

ابتسمت بحزن .... وحب ..... وقالت: 29 ... أصغر من اخوها راشد الله يرحمه بـ 4 سنين .. واكبر عن اختها ظبية بـ 9 سنين

وضحت اكثر وهي ترى بريق اللهفة بعيناه لمعرفة اقل تفاصيل حياتها وعائلتها: ظبية فديتها فيها توحد

اومئ برأسه بادراك ... ليقول بعدها بنظرة معتمة: ما كنت ادري ان كان عندج ولد وتوفى

ام حرابة: توفى صغير ..... ما كمّل السنة .... كنت اسبحه هو واخوه سهيل في الطشت .... مر جدام البيت ريال شويبه
عطى جلمة يا خويه سدحته امره على الماي ومات
راشد الله يرحمه كان مربرب وابيضاني حلو .. وهذاك الشويبه ما عطانا خير .... شاف الولد من هنيه ..... وطاح من هنيه

اتسعت عيناه صدمةً ليقول: عوذ بالله ..... يعني من عينه !!

: هيه

أبا غابش بخفوت: الله يرحمه .. طير في الجنة ان شاء الله

ام حرابة: آمين يا رب العالمين

هتف بتساؤل وهو يشعر انه يعرف صاحب الاسم: ومنو سهيل ؟؟

ابتلعت ريقها بمرارة ..... لتهمس بخفوت: اخوه بالرضاع .... رضعته من صدري

ثم اضافت هامسة: الله يرحمه ويغفرله

: آمين .. ويرحم موتى المسلمين جميعاً

عقد حاجباه قبل ان يردف مسترجعاً بعض مقتطفات الماضي وحكاوي الناس حوله: جني ذكرته يا ام حرابة .. هو اللي انحكم عليه قصاص لانه جاتل واحد ولا انا غلطان ؟

هزت رأسها بقلبٍ منفطر ... فـ هذه الحقيقة الوحيدة التي تعرفها ... حقيقة لم تدخل عقلها ابداً .... فـ كيف بشخص كـ سهيل ان يقتل !
قالت بصوت متأثر: هيه يا خويه .... آآه يوم أتذكر اليوم اللي وصلني فيه خبره آنس فواديه يصيييييح

عندما رآى الالم بملامحها واختناق كلماتها لانت ملامحه تعاطفاً معها فبرغم ان الشاب قد اخذ جزاءه فقط ... فإنه سيظل ابن قلبها الى الابد ..... قال هامساً: الله يرحمه ويغفرله ما تجوز عليه الا الرحمة يا ام عفرا

ثم تنحنح بثقل ........ ليضيف بحزم وقور:
انزين ختيه ... نرد لسالفتنا احسن من السوالف الجديمة اللي تضيّج الخاطر ..
بخصوص حرابة .. هي ما تبا شغلها ولا انتي اللي ما تبينه !!


تنهدت ...... وطيف نجم سهيل ما زال يحوم حول ناظريها ...... ثم قالت باستياء شديد وهي تعود لموضوع ابنتها الذي يؤرق مضجعها:
ماباه يا خويه إلا ماداااانيه موليه .... كله خطر في خطر ... غير ان البنية من دخلت الجيش وهي ناسيه عمرهااا .... لا طاعت تعرس ولا تفرح خاطريه بياهل ... تعبت وياها وهي عنيده امررره ما تسمع الرمسه
ورمست ابوها ..... وقلتله شغل واسطتك عسب ينقلون على الاقل البنية لمكان ثاني بس هو ما طاع قال دامها تبا شغلها فـ انا ما بسوي حاية ما تباها

مسكت كتف اخاها ........... وأضافت بحرارة: بوغابش انا ابا فزعتك
انت ما شاء الله عندك معارفك ... تروم تخلي واحد منهم ينقلها ...... وما بتعرف انك انت ورا السالفة

تاهت نظرته ارتباكاً لمطلبها ....... ليقول بتعقل جاد بعدها:
انزين يمكن نروم نقنعها بالهداوة بدال ما نسوي حاية ما تباها وما بتزيدها إلا عناد

عبس وجهها يأساً وضيقاً .... لتقول بصوت لا حول فيه ولا قوة:
انت ما تعرف حرابه ......... حرابه بنتيه

سكتت اثر الرنين الذي قطع كلماتها فجأة ...... رنين آتٍ من هاتفها المحمول

نظرت للشاشة لتقول بسرعة: هاي هي بنت حلال

.....: ابا اشوفها

اتسعت عيناها مندهشة وقالت: تشوفها !!

اومئ رأسه بجدية وقال: هيه والحينه

استغربت من إصراره على رؤية ابنتها وفي هذا الوقت بالذات الا انها وجدت نفسها تمسك الهاتف .. وتطلب من حرابة بحزم هادئ ان تأتي لمنزل خالها الكبير عبدالرحمن



،,



لثم يده وهو يقول بنبرته الجافة "المعتادة مع والده":
شحوالك ابويه ؟!

رمقه اباه صياح بقسوة لا تتفرد بمعانيها الا ان خرجت منه هو ... من عيناه المشيبتان:
انت تهوم من بلاد لبلاد وعقبها تيي وتقول شحوالك ابويه .... زين يوم انك تذكرت عندك أبو

ابتلع سخرية كادت تخرج من فاهه وتخبر الرجل الطاعن في السن انه لم يعد لأجله ..... بل لأجل أمه ريسه: تعرف شغلي يا بويه .... ماخذ كل وقتي

زفر من انفه وهو ينظر للمنزل الكبير حوله ليردف متجاهلاً نظرات والده الحادة: وين عيل اليهال !!


منزل والده الكبير .... منزله الذي بناه في ابوظبي بعد ان انتقل جميع عائلته من وادي أبو الجن الواقع في المنطقة الشمالية من البلاد ....... منذ سنين طويلة قاربت أربع عشرة سنة وبضعة اشهر !

لا يسكن به سواه وابنته المها وزوجها شهاب وابناءهم ...... لرغبة الابنة الا تترك والدها يعيش بمنزل كبير لوحده رغم ان اختها الكبيرة ريسه تعيش بذات المكان في منزل متوسط الحجم جواره تماماً ومعها بالطبع منصور الذي لا يستطيع مفارقتها

ورغم ان صنعا والمها هما شقيقات منصور من الاب والام الا ان الأخير لا يوكل شؤونه الخاصة ولا احتياجاته اليومية من تنظيف غرفته وحمامه وملابسه ومأكله ومشربه الا لـ ريسه

اجابه الجد بنبرة جافة: راحوا بيت يدهم يابر

تباً ..... اليوم هو خروج عمه جابر بن احمد من المشفى "كما سمع من امه ريسه"
وهو الى الآن لم يزره بعد عملية القلب المفتوح !

كان يريد زيارته في المشفى لا في منزله

رحمةً بقلبه ........ ورأفةً لروحه الملتاعة .. لا يريد دخول ذلك المنزل "الذي جمع كل ذكريات وطفولته واوجاعه"
ليت عمه جابر لم يبتعه من والده بعد انتقالهم الى ابوظبي

ليته



،,



هل حقاً سترى بعد قليل خالها الكبير !!

اعترفي حرابه .. قلبك الذي لا يخفق رعباً عند مواجهة الأعداء

خفق الآن رعباً لمجرد انك سترينه

لمَ !!

اتخافين الحزن والخيبة إن اكتشفت انه لم يكن وفق الصورة المهيبة التي صورتيها له السنين ال 29 الفائتة !!

ام تخافين الوقوع في لج المرارة أن شعرتي انك غير مرغوبة منه مثلما شعرت امك قبلها !!

اجل ............ انت تخافين الا تري بعيناه الحب الحقيقي والقبول الصادق من قلبه .... كما لم تريه ابداً بعينا جدك خلف بوالشريس !

أخذت عدة أنفاس عميقة قبل أن توقف سيارتها أمام منزل خالها

أغلقت هاتفها بعد أن تأكدت من صحة الاحداثيات التي أرسلتها امها بها مسبقاً على برنامج المحادثة




بعد دقائق


فتحت لها الخادمة الباب .. لتدخل الى الداخل وهي تلقي السلام بصوت جهوري خشن:
السلام عليكم على هل الدار

وقف خالها وامها وهما يردان السلام عليها: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


اقتربت منهما بشكل عادي
عادي جداً
بشكل لا يُظهر البتة ............ العواصف الهائجة بروحها
لا تعرف حرابة انها بكل خطوة كانت تخطيها ... كانت تخطو خطوات نحو عرش المحبة في فؤاد خالها



وهو ....... ظل يتأملها لحظات منبهراً ..... متعجباً ..... متأثراً بصمت حد صمت الخناجر في غمدها !

ما ان أصبحت امامه ..... حتى قالت بصوت هادئ لا شعور فيه:
شحالك خالي ؟!

قالت والدتها لها ببسمة مرتبكة وتعلثم رقيق: ا ا ا حبي راسه حرابة

رمقته بنظرة معتمة قبل ان تقول وهي ترفع قدميها لتصل الى جبينه: اكيد فديتج بحب راسه

عندما شعر بملمس شفتيها على جبينه اغلق عيناه بوجع



يالله
لم يكن يتوقع ولا في اجمل أحلامه انه سيلتقي اخيراُ بـ ابنة اخته .. بـ تلك التي سمع عنها الكثير ولم يتمكن من رؤيتها !
كان صعب عليه ان يسمع بـ سيرتها المدججة بالمجد والطيب .. ولا يفتخر كونها ابنة اخته امام الناس !
صعب جداً !


فتح عيناه وهو يقول بصوت رجولي رنان اخفى خلفه اختناق مشاعره/مرارة ماضيه: بخير يا بنت ليث ما نشكي باس
انتي شحالج ........ وشحال اختج ظبية ؟

: طيبين بصحة وعافية تسلم

تراجعت بحرج ما ان شعرت بيده تلمس خدها العذري المخملي

لتسمعه يهمس بصوت خافت ....... آتٍ من مكان بعيد: شراتها

نظرت لأمها بحيرة ... ليجيب هو من غير ان تسأل: امي حرابة

قهقهت ام حرابة بربكة ..... وقالت: لا عاد حرابة نسخة امايه ربي يحفظها والكل يشهد على هالشي

: لا .............. أقصد

حرابة من سألته هذه المرة بنظرة تغيمت بمشاعر لا حصر لها: شو

سكت ..... ولم يقل لهما ما تفوه به قلبه

ذات القوة المشعة ... قوة تشعر معها ان المكان كله مُحاصر مُحصَن مهيمناً عليك بظلال جدرانه !

ذات قسوة الأنثى التي تشعر دوماً بالخطر يحوم حولها !

ذات نظرة الجبروت التي لا تنكسر ولا تلتوي

قلب طاولة الحديث ليدخل مع الصبيتان احاديث متنوعة متشعبة .... لينتهي اللقاء بيقين اشتعل نفاثاً بعينا بوالشريس

انثى كهذه الحرابة
بلباس القوة .. وبـ حنايا الفخر والعزة والشموخ !
لا يجب التفريط فيها ابداً !!


،,



وضعت يدها على معدتها شاعرةً بألم فظيع ... تباً انه هذا الوقت من الشهر ... كيف ستستطيع حمل حقيبة التصوير الضخمة بمعاداتها لوحدها .... والذي زاد الطين بلة ان مساعدتها اخذت إجازة منها اليوم لأنها مريضة

سمت بالرحمن وحملت الحقيبة بجهد وهي تذكّر نفسها انها يجب الا تتأخر عن موعد جلسة تصوير الام وصغيرها في منزلهم الخاص

ابتسمت برقة ما ان تذكرت انها بعد قليل سترى طفلاً سيغير يومها الكئيب الى سعيد ...... وهل هناك اجمل من الأطفال ورؤيتهم التي تسعد الخاطر !!

مشت بحقيبتها الثقيلة جداً حتى خرجت من غرفتها ووصلت صالة المنزل

هنا لم تتحمل

تأوهت بألم وهي تنزلها عن ظهرها ..... شاعرة ان الألم انتشر من معدتها الى سائر جسدها


: مسك

شهقت برقة ملؤها الشحوب وهي تستدير للخلف وترى صاحب الصوت

كان هزاع

اقترب منها بقلق وهو يسألها: شبلاج ؟!

ابتسمت بـ دفء ........ وردت محرجة: لا ماشي أبا اودي الشنطة الموتر بس ثقيلة شوي ههههههههه

عقد حاجباه بحنق وهو يهتف متسائلاً: ووينها كاتي !! شحقه ما تشل هي الشنطة !!

ام المسك بارتباك: كاتي مريضة وخذت إجازة اليوم

: وانتي بعد مريضة ... ومب ملزومة تسيرين جلسة التصوير اليوم

ام المسك باستغراب مرهق: انا مب مريضة

هزاع بجدية بالغة: لا مريضة ولا تخليني احرجج واقولج من شو تشكين

اتسعت عيناها خجلاً ودهشة

إلهي ......... أيعلم انها تعاني من آلام الدورة الشهرية !!

لكن ............... لكن كيف علم !!

تلعثمت بوجه احتقن كلياً وهي تقول بسرعة: ا ا ا بروح الجلسة ماقدر اكنسلها والعرب يتريوني

قال هزاع بحزم حاد: لا مسك .... يلسي وانا بتصلبهم وبستسمح منهم روحي

قاطعته معترضة بخجل: لا ..... مايوز هزاع حرام يتريوني

مع نظرتها التي لا يقاومها ... رضخ وهو يقول مستديراً للخلف متوجهاً للأعلى: دام مصرة عيل انا بوديج .. ما بخليج تسوقين وانتي ميهودة ... اصبري دقيقة وراد

عدلت حجابها وهي تشعر بالحرارة من الحرج والارتباك ....... وما تزال تتسائل كيف علم هزاع انها مرهقة من ذلك السبب

عندما عاد هزاع .... وجدها ما تزال تقف بمكانها وساكنة لا تتحرك فقط وجهها هو من يتلون حرجاً

ابتسم بداخله وهو يتذكر كيف كانت تأكل في الصباح بنهم وعصبية البطاطس الحارة المقرمشة مع اللبنة الحامضة

سبع سنوات ونصف قضاها بأيامها وشهورها معها .... كيف لا تريده ان يكتشف انها لا تأكل البطاطس الحارة مع اللبنة الحامضة الا في فترة معينة من الشهر ... وهي التي نادراً ما تأكل هذه الاكلات الطفولية باقي أيام الشهر !!

والسبب الآخر ان المسك "خاصته" لا تظهر العصبية الشديدة على وجهها وهي تأكل بنهم ...... وان اظهرتها فـ هو من ذلك السبب ..!

اووووف كم يستلذ بـ خجلها

وضع يده على كتفها فـ انتفضت مكانها متراجعةً بارتباك

انزل يده بسرعة بمشاعر متناحرة

نسي لوهلة ان ام المسك ما زالت تنتفض ان لمسها أي رجل ..... حتى والدها شاهين او اخيها ربيّع او حد اخوتها

لكن سرعان ما تبتسم بارتباك وتقول كلمتها المعتادة التي اشتهرت بها بعد كل نفضة جسد بحجة انها كانت شاردة الذهن: روعتنيييييي ههههههههه


يعلم ان مخاوفها تتجاوز كلمة خرجت بعفوية "زائفة" من فمها .... وما يثير نيران روحه اشتعالاً ..... انها الى الآن لم تتمكن من مصارحته واخباره بما فعله بها طليقها الحقير وما جعلها تصل الى هذه الحالة المقلقة بعد طلاقها منه

تنهد بصوت غير مسموع قبل ان يبتسم لها بحنية ويأشر لها بهدوء ان تتقدمه ...... حاملاً حقيبتها بخفة
ثم خرجا معاً من المنزل



،,



بعد مرور ساعتين



هتفت بغيظ وهي تجلس قرب زوجها أبا غابش: ليتني ما سرت ويا ختيه بخيتة السوق ... جان حضرت لقاك بـ ببنت اختك

تحدث بـ شرود وكأنه يحادث ذاته: شفت فيها الشيخة حرابة بنت حسن يا صبحه

اشر بيده منبهراً مذهولاً: بـ نظرتها ..... بـ قوتها ...... بـ سكوتها اللي يقول الف كلمة وكلمة
شي لا على البال ولا على الخاطر
الشيخة حرابة بنت حسن كانت مجابلتني مب حرابة بنت ختيه


برقت عيناها انبهاراً ووهي تقول بحماس: ادري .... عسب جيه بغيتك من زمان تشوفها .... انا ما شفتها الا مرتين وحسيت باللي حسيتبه انت ... مرة وهي ياهل في بيت بنت عمي ريسه ..... ومرة وهي عوده عقب ما توظفت .... وشكثر بغيتك تشوفها وتتعرف عليها يا عبدالرحمن

نظر إليها بشروده ذاته ... بوجعه المتأصل ... بمرارته التي لم تنضب الى الآن ... وسأل: ليش !!

اكمل وهو يقبض يده بغضب عميق عميق عميق: ليش جيه سوا فينا !!

اخفضت اهدابها ........... وهي ترى ألم خليل قلبها المنبثق من عيناه

هي الوحيدة التي تعلم مأساته ..... وتعلم وجعه السرمدي من والده الذي تسبب في شتات عائلته وابنائه

تسبب في تفريق الأخ عن اخته والاخت عن اخيها

اهمله هو بالذات .... وترك لغيره مهمة تربيته وزيد بعيداً عنه

ربما زيد كان صغيراً ليجهل احاسيس الفتى المراهق المنبوذ من والده

لكن عبدالرحمن كان واعياً كفاية ليشعر بالألم والنبذ والفقد واللوعة

كان كبيراً كفاية ليؤمن ان والده لم يحبه كفاية ليأخذه تحت كنفه ويربيه بحب كما ربى باقي ابناءه من زوجته الاخيرة " مبارك وسالم وهادف "

كان مدركاً كفاية ليشعر ان عفراء ليست البذرة المكروهة الوحيدة بالنسبة لـ والده ........ بل هو كان قبلها

هو عانى وتوجع كمداً قبلها


دائماً ما تسائل مقهوراً

لم ترك غريباً يربيه !!!!! رغم ان الغريب "زوج امه" كان اطيب رجل عرفه في حياته

لم ترك الرجل الآخر يأخذه وامه واخيه الى مدينة أخرى من غير احتجاج او اعتراض او حتى مبالاة !!

لطالما كنّ عبدالرحمن الحقد والغضب لوالده ...... لطالما كانت له تلك الدمعة المختبئة خلف جفنه والتي لم تنهمر يوماً لأجل والده وبسببه كذلك !

حتى يوم وفاته

عبدالرحمن تعذب وما زال يتعذب ...... وهي فقط من تعلم هذا

وياليت ابنها البكر يعلم ليفهم بصدق لمَ والده يعامله على الدوام بجفاء وبرود

والده من غير ان يشعر ... يعامله كما عامله والده من قبل ... متربعاً على عرش المقولة الشهيرة

"فاقد الشيء لا يعطيه"

هو بكر ابيه وفقد حنانه ..... لهذا ومن غير ان يشعر ...... هو يخطو خطاه ويفقد ابنه البكر غابش حنانه الابوي الخاص ..... هو وباقي ابناءه "غيث ورحمة" كذلك الا ان غابش بالاخص ... هو من يتلقى الضربات الأقوى والاقسى والاشد مرارة


هو لا يكرهه
بحق الله ... كيف يستطيع كره أبناءه الذين خرجوا من صلبه !

لكن طفولته كونت في روحه عقد غريبة لا نهاية لها ..... عقد تجسدت كلها بصورة الجد خلف أبوالشريس!


قالت برقة حانية وهي تمسد لحيته الخليطة من السواد والرمادية: ترحم عليه يا عبدالرحمن ولا تذكره الا بدعاك
وانتبه ........ لا تتمادى وتسوي شراته

اغلق عيناه وجعاً ..... ليغمغم بخفوت: شو تقصدين !

: تعرف شو اقصد ... انتبه يا عبدالرحمن ... انتبه

همس باختناق غلف صوته ونظرته المهيبة: ماروم..... ماحس على نفسي يا صبحه ... بليا وعي الاقي عمري اعامله بقساوة
يربت وايد اتحكم بتصرفاتي .... بس ما رمت

قربت رأسه من صدرها وهمست له بخفوت دافء حزين وكأنه طفل صغير لا رجل قارب عمره السبع والخمسون سنة:
ادريبك فديت قلبك ..... بس حاول مرة ومرتين وثلاث .... صدقني في الأخير بتروم تتعامل وياه بشكل طبيعي ..... انت تحبه وغلاته مصبوب صب في فوادك
بتروم انا اعرف هالشي

تشهد بخفوت قبل ان يرفع رأسه عن صدرها ويقول بعينان شاحبتان:
بغيت وقفتج معايه

هتفت بحرارة: كلي فداك .... آمرني

قال بنبرة مباشرة ثابتة: حرابة

عقدت حاجبيها بغرابة لتقول متسائلة: شبلاها !!

نظر لعيناها مباشرة وقال: أباج تقربينها منا .... لازم اوصل حبل الرحم اللي ابويه قطعه من سنين

قالت بـ بريق جذاب: وهذا عين العقل .. خل هالشي عليه

بتلهف هتف: اباها اتم حولي دوم .. هي وامها واختها

: الظاهر نسيت ان عندهم ابوهم هههههههه

زفر سريعاً ليهتف بصدق: ولا يهون ليث .. بـ بس ..

: احسك متخربط يا بوغابش ومش على بعضك ..... شبلاك خبرني


قال بما يعتري خاطره المجروح: ابا ارد الشمل يا صبحة .... تعبت من هالحياة تعبت والملامة تاكل فواديه اكل
وتبين الصدق .. حرابة بالذات .. اباها حولي
ابا الشيخة حرابة بنت حسـ...
ا ا اقصد حرابة بنت ليث حولي دوم


رعشة يده لا تعكس ابداً قوة النظرة الصارمة بعيناه
أيكبح احساسه المغدور !
أيحاول جاهداً منع اظهار "عبدالرحمن الطفل الضائع المشتت المنكسر" !

رحمك الله يا خلف بوالشريس .. ما الذي جنيته الآن من جبروت افعالك !
ما الذي جنيته !


شعرت بقوة عظيمة .. واصرار كبير ... على حماية "الطفل عبدالرحمن"
وعلى تحقيق بريق الامنية المشعة بعينا زوجها الحبيبتان


لتقف فجأة وتقول بثقة: خلها عليَه يا بوغابش



،,



اتصلت بها سعاد كاتمة غضبها بقوة بالغة: وينه !!

رفعت حاجبيها ببراءة نقية وهي تتسائل بتعجب:
منو !!

هدرت بانفعال:
ريللللي

صدرها يعلو ويهبط من الانفعال والغيرة ... اردفت بعد ان تمالكت اعصابها: وين هزاع

هزت ام المسك كتفيها بحيرة وقلبها الأبيض لم يفقه بعد سبب انفعال سعاد عليها: ماعرف والله ... هو وصلني بيت العميلة وسار

غمغمت من بين اسنانها: وشعنه ما تسيرين روحج !!! ... عندج سيارة

اجابتها وهي تشعر بالذنب/الحرج ...... جاهلةً سبب ذلك:
ما طاع ... شافني تعبانه وقال هو اللي بيوديني

نادتها العميلة لترتشف معها القهوة فاضطرت ان تعتذر بلطف من سعاد:
برايج سعاد .. الحرمة تزقرني

شعرت سعاد انها تكاد تموت غيظاً ...... أغلقت الهاتف وألف شيطانة صغيرة ترقص بشكل مخيف فوق رأسها

وأخذت تفكر بأشياء مريعة لا أساس لها من الصحة

أيكون منجذب جسدياً لـ ام المسك ..... فقط مع ظروف حملها ودخولها النفاس !!

ام تكون ام المسك هي من تغريه وتجذبه بكيدها ورقتها نحوها !!

رباه

كيف تبعده عنها ........ كيففففف !!!!



،,



مساء اليوم التالي



خرج من منزل اخته الذي يعيش فيه ... ليسير مشياً على اقدامه باتجاه منزل والده ... الى ان اقترب من باب المنزل الداخلي

حتى استوقفه صوت ساخر من احدهم: ها ........ يقولون عمي منصور هنيه !!

نظر من خلف كتفه ببرود وهو يعرف صاحب الصوت ....... لينظر امامه مرة أخرى ويقول باقتضاب:
هلا

اقترب من عمه حتى اصبح امامه بالضبط .... وقال بمكر مستفز: سلم انزين عليه من زمان ما شفتك

حرك منصور شفاهه بقرف من رائحة الخمر المنبعثة من فم ربيّع ...... ليدفعه بعيداً عنه ..... ويغمغم من بين اسنانه: سر تغسل يالوصخ ....... ريحتك سقم
الله يلوع جبدك


وابتعد عنه ليكمل دربه الا ان الآخر لحقه بلا مبالاة

عقد حاجباه وهو يلتفت إليه ..... هادراً بغضب: وين تبا .... اقولك انقلع سر تغسل

حرّك عيناه بضجر وقال: يديه زقرني مابا اتأخر عليه

دفعه عمه منصور بقسوة وهو يوبخه بذات غضبه المتصاعد: تبا تجابل يدك يالوصخ بريحتك هاي ... لا والله تهبي
زول من جدامي لا اييك كففففففف على ويهك هذا
زووووووووول

رفع كلا حاجباه بسخرية وقال: ترمس وجنك مب انت اللي علمتني على الشرب يالعم

تراجع منصور بقرف متذكراً تلك الأيام السوداء ..... أيام التهور والطيش واللعب مع الشياطين !

لتنكمش رغماُ عنه اضلعه ........ وجعاً ............. ومرارةً

ابتسمت عيناه خبثاً واردف: ولا نسيت !!!

عاد بانظاره نحو المنزل وهو يأمر بجفاء/قرف: زول ربيع ..... زول قبل لا تظهر شياطيني عليك

ضحك ربيع ساخراً ........ وذهب مبتعداً عن عمه .. فـ وجد امام باب منزل الجد الخارجي فتاة تدخل


عرفها

ارتفع جانب فمه بخبث .............. وهو يقول مقترباً منها: يا هلا ومرحبا بـ الرائد الطيار حرابة بنت ليث

ولأنها لا تجهل البتة صوته النشاز الشيطاني ........... تجاهلته وكلماته المستفزة .......... واكملت سيرها نحو منزل الجد صياح

: وينه لسانج .... كلاه القطو ... مياو مياااووو هههههههههههههههههههه



منذ خمس سنوات لم يرها

منذ ذلك اليوم الذي حاول فيه لمس يدها بوقاحة ........... والذي على اثره نام بالمستشفى وفي رأسه خمسة غرز
حادثة لا يعلم بها الا هما الاثنان فقط

قالت وهي تمر من جانبه: راسك يحكك وشكلك تبا غرز مرة ثانية

ابتسم بشر ..... وقرر اللعب بالنار قليلاً

ليتغزل بها بشيطنة صرفة: يا عويد البان يا خلّي

انتفض عرق في عنقها

استدارت نحوه بحدة ........... ولوهلة فقط ندم على ما تفوه به .... تباً ..... الشراب هو السبب

تقدمت منه وشر مستطير يسبقها


: حرابه

توقفت وهي تعض كل شبر من وجهه بنظراتها المتوحشة

كانت ستقتله

ستقتلللللللللللللله

الا ان الصوت ايقظها من خدرة الغضب

لمحت القادم بطرف عينها .. فـ اخفضت اهدابها والتزمت الجمود

هدر منصور بقسوة نحو ربيّع: ما قلتلك تسير
شو موقفنك هنيه !!!

حك ربيّع ذقنه بلامبالاة ... قبل ان يشيح بيده بفظاظة ويخرج من المنزل بأكمله


بعد ان خرج .... تنهد منصور بصوت غير مسموع ..... ثم التفت لحرابة ......... قبل ان يبتسم بأخوة لطيفة ويقول: شحالج حرابة ؟؟

ردت عليه باقتضاب وهي تكمل سيرها نحو المنزل: بخير

قال بسرعة قبل ان تختفي من امامه .. شاعراً بعبق الماضي الحلو يحوم حوله مدغدغاً حناياه: عاش من شافج حرابه

لم تبتسم مجاملة لكلماته ..... بل حتى لم تنظر نحوه .......... فقط هتفت بصوتها المقتضب وهي تمسك مقبض الباب:
يايه اشوف يديه صياح

لم يستغرب جمودها او قسوتها ... فـ لطالما كانت حرابة هكذا ... صحيح انها ازدادت قسوة وجفاءاً وصمتاً بعد وفاة سهيل رحمه الله الا انها منذ الصغر كانت تحمل تلك الهالة العجيبة من القسوة والقوة والجبروت: حياج اقربي

ردت بنبرة ذكورية اكثر مما هي انثوية: حي نبااك ... تسلم



،’



عندما لمحها تدخل من باب منزله .... برقت عيناه بلهفة غريبة ......ولم يلتقط ذلك البريق سوى ابنته الكبرى

ريسه

التي كبتت سخريتها وحافظت على جمودها وهي تستقبل صغيرتها حرابة

تعلم سبب محبة الجد صياح لـ حرابة .. سبب لا يريد لأحد معرفته

صياح يريد ان يرى صورة نجمه الراحل في عيناها ... صورة اخيها

فـ ليس هناك من يذكره به سواها

ابنه احمد "أبا سهيل" توفى حتى قبل ان يشهد فاجعة موت ابنه الوحيد

ونورة .... حرمت الرجل الطاعن في السن رؤيتها او الدخول لمنزله منذ تلك الحادثة المريعة

لم يبق الا حرابة ........... اخت سهيل بالرضاع !

أرأى احد في الدنيا رجل يقتل اعز ما يملك ..... ثم يشحذ رؤية طيف من يملكون ادنى صلة بمن قتله !

اجل
انه صياح
القاتل القتيل ... الذي ندم اشد الندم على رحيل سهيله
عدا على قتله إياه بدمٍ بارد !
هذا هو التناقض بأغرب صوره ...!



جلست قرب أمها ريسه لتقول بصوت هادئ مقتضب: شحالك يديه !!

ربت على المكان الواسع قربه وهو يقول بصوت الوقور المبحوح:
تعالي حذاي يا عين ليث تعالي

خبأت بقوة نظرتها المليئة بالجرح/الأسى .. الا انها لم تخب ظن الرجل الذي عاملها منذ الصغر كـ فرد من عائلته

: ريسه .... منصور ...... خلونا رواحنا شويه

بصمت تام ..... التفت منصور وخرج من المنزل ...... حامداً الله ان الامر اتى من والده .. فوجوده هنا لا يزيد روحه الا ضيقاً ونفوراً

اما ريسه فـ اومأت برأسها وذهبت لتكمل تنظيف غرفة والدها في الداخل


قالت باقتضاب تام قبل ان يشرع بالكلام: شو في خاطرك يديه ؟!

لمحته وهو يحدق بغموض لمعصمها ....... تحديداً للساعة

فـ امسكت بها ...... وكأنها تريد حمايتها من بطش الجد

سألها وعيناه لا تبرقان الا جموداً وقسوةً: ما نسيتيه !!

ردت بصرامة وجرأة بالغة: محد نساه

ابتسم نصف ابتسامة .. حرابة الوحيدة التي لا تتكلم بتحفظ معه

جريئة .. مغامرة .. قوية .. مستفزة .. متحدية .. شرسة .. صادقة

كلمة الحق تخرج من لسانها حتى لو كان السكين على عنقها

هي بالذات لا تخشاه ...... وياللغرابة ...... هذا بالضبط ما يعشقه فيها !


اخفض اهدابه نحو ساقيه ليقول بشكل صدم روحها: انا اشهد


رغم ذلك حافظت على جمود ملامحها وقالت بهدوء: شو في خاطرك يديه اسمعك

بعد صمت جاف دام ثوانٍ ............ قال بصوت مبحوح مقتضب: وديني صوبه

قفزت من مكانها بعنف ... جدها صياح ليس بوعيه

ليس بوعيه البتة

مالذي يتفوه به بحق الله !!!

قالت ونظراتها غدت كالسهام السامة عليه: اوديك قبره !!!

: هيه

قالت بقسوة عاتية: لا

حدشها بنظرة قوية ........ ليقول بجبروت: حرابه

انفجرت وهو تهدرت بوحشية احرقتها قبل ان تحرقه هو: ليش الحينه ........... لييييييييشش
انت قررت تمحيه من الوجوود .... وتقطع كل عرقٍ ربطك فيييه
ليش الحينه تبا تزور قبررررررره



سعاله القوي قطع هديرها المشتعل

أغلقت عيناها بقوة .............. لتستغفر الله بصوت غاضب

تنحنح بحدة بعد سعاله ليقول بصرامة بعيناه الجاحظتان الحمراوتان: انا ما اطلب منج

انتظرت لتعد للعشرة في جوفها ............ ثم عضت شفتها السفلية بانفعال مكتوم ........... لتقول مشيحةً وجهها: أوامرك على العين والراس يالشيخ صياح
متى تباني اوديك !!!

: الخميس .... عقب ما تخلصين دوامج

هتفت بصوت متباعد جاف: ان شاء الله ..... على امرك




بعد ساعة



دخلت سيارتها بملامحها الجامدة ... وتحركت بها حتى خرجت من منزل آل صياح وأصبحت في الشارع العام

فجأة توقفت بجانب الطريق بحدة

وضعت يدها على صدرها واخذت بنظرة هستيرية تفركه بظاهر كفها ....... بشكل دائري بطئ مرتجف

الاكسجين في جسدها اصبح صفراً !

عيناها غدتا كالبركان

شفتاها ترتعشان كالزلزال

وروحها تصرخ ........... حتى خرج صراخها من حنجرتها بطريقة مرعبة عاتية:
ما بصيييييييح
ما بصييييييييييييح
ما صحتك يا سهيل وانا اشوووفهم يعقونك في التنور شروا الحيواااااان
ما صحتك وانا اشوفك بعيييييييييييييني تحترق بالناااااااااار
وما صحتك في عزااااااااااااااااااااك
ولا بصيحك الحيييييييييينه


تنفسها اصبح كأنين هو اقرب لزئير مخيف .........!

اليوم اخذت كفايتها فعلياً

بدايةً من ربيّع

ونهايةً من صياح

رباه .............. رحمااااااااااااااااك


أغلقت عيناها بقوة شاعرةً بالحرقان فيهما

بعد دقائق
فتحتهما ............. لتتنفس آخر نفس ضعف لليوم ............. وليعود وجهها للجمود الصقيعي كما المعتاد

قبل ان تنطلق بسيارتها من جديد ............. وكأنّ شيئاً لم يحصل !



،,



بعد أسبوع
في مطار دبي الدولي



استلت هاتفها واجابت المتصل ببسمة حلوة ..... وبـ "هولنديتها المحترفة": اهلا بك أيها المتشرد

رد عليها بصوته الجاد "الهادئ على الدوام" وهو يتصفح الجريدة امامه: أأصبح الاستجمام قليلاً في جنوب افريقيا تشرداً أيتها السنجابة !!

كشرت عن انفها بغيظ باسم .. لتقول: اياك ومناداتي بهذا الاسم ديدريك .... والا قتلتك

نزع عن جسر انفه نظارته الخاصة بالقراءة ...... ليقف ويقابل النافذة الطويلة الفخمة .... والتي يصل طولها من اول سقف غرفة المكتب الى أرضيته المغطاة بالسجاد الفاخر ..................... قبل ان يقول بملامح تخلو من التعابير: اقتليني بعد الانتهاء من عملك أيتها السنجابة

ابتسمت بأمل ضائع ............ ثم قالت وهي تؤشر لأحدهم من بعيد:
كم انت ماكر ديدريك ..... حسناً لقد اتصلت وقمت بالاطمئنان علي ... فلننهي المكالمة الآن

لم ينفي كلماتها السابقة فـ هي قد اصابت بها عين الصواب لكنه لم يعقب ......... فقط ودّعها بصوته الهادئ ...... واغلق الهاتف ليتركها تبتسم هذه المرة بحزن رقيق

بعدها سارت نحو الرجل الذي يستقبلها .... والذي سيقوم بمهمة ايصالها الى الفندق






نهــــاية الفصــــل الثــــالــــث






معاني اسماء الابطال


حرَابة: من الحربة ... اداة الحرب والمعارك المعروفة وهو اسم قديم غير متداول بكثرة حالياً
غابش: الطفل الذي وُلد في الصباح الباكر (من الغبشه)
هزاع: بمعنى الاسد الذي يكثر من تكسير عظام فريسته
مديّه: حدة السكين او السكين نفسه
روزه : الوردة
ربيّع : الياء عليها شدة مب "ربييييييع"
رَيسه: اسم قديم بمعنى المرأة القائدة الرئيسة "والياء مسكونة"



وكان likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-07-20, 04:54 PM   #7

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



،,


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباح الورد
شحالكم شخباركم عساكم بخير ؟
جمعة مباركة على الجميع .. صلوا على نبينا محمد
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
....
اممممم حابة انوه على شي قبل لا ندخل في الفصل بنوتات
بخصوص جملة "ماضٍ يتحدث"
عندما اذكر الماضي يا بنات
مو شرط الذكر يكون ع لسان حد من الشخصيات
مرات يكون ع لساني انا الكاتبة (اذكر احداث قديمة تناسب الموقف الحالي وذلك لتوضيح بعض الغموض والأسباب والخ)
ومرااات ع لسان الشخصية اللي تسترجع الذكريات
فـ مرة هيك ومرة هيك ... وصلت الفكرة يا جميلات ؟ 



،,


شي ثاني .. احم ..
هاذي خاطرة بـ قلم صديقتي شهد (باتمانه) دخلت صمصومة قلبي وحبيت تشاركوني رايكم فيها 

..

إلى : من يُنبتون زهورا/حُبًا في أرجاءِ العالم البائس !
أنتم ابتسامة هذه الحياة المكفهرة ، ومُسكن لآلامها المُستمرة . تلك التي أندلعت من الحروبِ في البلدانِ .
فخلّفَتْ من قصفها مئاتُ الجِيث المترامية علىْ الطُرقاتِ !
ودمائِهَا التيْ وَسمَت مبانيِهَا، فهنا يقطن الشهيد!
وهناك عنوان فقيد الرجل المُسن ، دموعه لم تنضبْ منذ أن رحل . يسامر جدرانه ويقُصّ عليِهم حكايات لم تكن !
أنتم ابتسامته فقولوا له حُسنى .
،
أنتم يا من تنبِتون زهرًا / حبًا هدهدة على أكتافِ عجوزِ ثكلى لم يُعطِهَاْ الله ولدًا ! تجد في قصةِ زكريا بارقة أملٍ
فلربما يآتيها " يحيى " على استحيا وهي عجوز عقيم !
أنتم ابتسامتها فقلوا لها حُسنى .
،

أنتم يا من تنبِتون زهرًا/ حُبًا حنان ليتيمةِ فقدَتْ أباهَا وودعت معه كل ما تتمناه . أنتم منديل دمعتها التي تفر من عينيها عندما تجيب أحدهم وهي تشير للسماءِ " ماما تقول : أبي عند ربي لأنه يحبه " !
أنتم ابتسامتها فقولوا لها حُسنى .
،
أنتم ابتسامات كل هذه الوجوه البائسة
فاسيروا في الأرضِ وازرعوا من حولِكم أزهارا ينتشر عبيرها
بين الأرجاءِ لِيمحُو كل هذه الآلآم .

#شهدْ_الديحاني ♥️
٢٠٢٠/٦/٢٤م


ووووويلا ع البارت
(ماوصيكن بالتعليقااااااااات)

قراءة ممتعة



،,



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)



،,



الفصــــل_الرابــــع




نظر للأسفل نحو يديها اللتان تلاعبان بدلال صدره الأسمر العاري ........ ثم قال بصوت خافت هادئ: ليش ما بغيتي تقضين الأربعين في بيت هلج ؟

رفعت اهدابها إليه لتثيره كما اعتادت دوماً بلون عدساتها اللاصقة التي تضعها في عينيها الحلوتان ..... وهمست برقة: ليش حبي ...... ما تباني ؟!

حرّك كتفاه ببراءة وقال: لا بس مستغرب ... ظاريه تقضين الأربعين عند هلج
(ظاريه=متعودة)


اقتربت منه وهي تحرك عيناها للأعلى: امممممم بس جيه ..... مابا اخلي البيت واسير عنكم

قال بذات نبرة الاستغراب/البراءة: ترى المسك هنيه

ثارت اعصابها .......... ومن غير ان تشعر كزت على اسنانها وهي تقول: ها بيتي مب بيت مديه

فـ زمت فمها بحنق ما ان قال بحزم جاد: ها بيتج وبيتها وبيتنا يميع

ردت وهي تسبل اهدابها وتحدّق بأصابعها الراقدة على صدره: بس انا ام عيالك ... يعني ها بيتي انا

انزل يدها عن صدره وهو يهتف بقسوة ..... وبنظرة مشتعلة: اسمع منكر ايديد يا سعاد

: ها الصدق .... مب انا ام عيالك !!

قاطعها موبخاً إياها بنظرته الصارمة المشتعلة: على عيني وعلى راسي لجنها هي حرمتي قبل لا تصيرين انتي حرمتي وام عيالي

انفعلت وهي تهتف بحقد عارم: وانا حبيبتك قبل لا تكون هي حرمتك ولا نسيييييت !!!

زجرها بغلظة: سعاااد

انخرس لسانها وهي تتنفس بعنف .... باستياءها وغيرتها وغضبها ومكانتها المُهددة بالتضائل والزوال !

سألها بحاجبان معقودان وهو يرفع ذقنها له: سعاد شو اللي جالبج مرة وحدة !!

اشاحت وجهها عنه بـ ضيق شديد .... ليهتف مستنكراً: سعاد ارمسج انا

قالت بحدة: ماشي

واستدارت لتتركه لكنه امسك بمعصمها يمنعها من الذهاب

ليسألها هذه المرة باهتمام صادق: شبلاج ..... حد مزعلنج !!

اجابته بنبرة مباشرة متحدية: هيه ... انت مزعلني

رفع حاجباه قائلاً بدهشة: ليش انا شو سويت !!

لا تريد ان تخبره انها ترى العشق بعيناه لـ ام المسك ........ رغم وضوح مشاعره لها الا انها تقسم انه هو ذاته لم يلاحظها الى الآن بالشكل الجاد الجلي المثير للجنون ..!
لا تريد ان تخبره كي لا تقحم نفسها بأمور لن تجلب لها الا مزيداً القهر والحزن !

ابتلعت ريقها بصعوبة لتقول مغاضبة ومقهورة: نسيتني من يوم حملت .. لا قمت ادلعني ولا اطلعني شرات قبل

هزاع باستنكار رقيق: افاااا انا نسيتج يا ام عبدالله

: هيه

لمس وجنتها بنعومة .. ليقول بـ صوت صادق حنون مُحب: ما عاش من ينساج .... انتي الخير والبركة والغلا كله

رمقته بـ عدم تصديق .... لكنها تنهدت برقة بعدها وقالت تتسائل بوجع: صدق ؟

ابتسم لها تلك الابتسامة التي تذيبها على الدوام .... ثم قال مؤكداً بقوة: هيه نعم

عضت على شفتها السفلية بخجل .... وقالت بدلال: اثبتلي

: على هالخشم .. اللي تامرين به يصير

هتفت بعد تفكير قصير: أبا اسافر

هزاع ببسمة حانية: حاظرين ... خلصي الأربعين وفالج طيب ... نسافر انا وانتي والمسك والعيال

تراجعت وهي تهتف بصدمة تفجرت بالغضب: شو انا وانت والمسك والعيال !!!!! .. اقولك أبا اساااااافر ... يعني انا وانت بسسسسس

رمقها ببرود وقال: ماشي سفر رواحنا ......... تحيديني مرة سفرتج روحج بليا المسك والعيال

قالت بملامح عابسة منزعجة وهي تكاد تنفجر بكاءاً: بس انا أبا هالمرة اسافر رواحنا هزاااااع حرام عليك

: رواحنا !!

ردت بعناد مقهور: هيه

رفع حاجباً ليقول بنبرة لاذعة مستفزة: انزين مثل ما تبين ..... لكن الشهر اللي عقبه بسفر المسك روحها وبخلي العيال عندج

شهقت بحدة وقالت: نعممممم !!!

فـ اسكتها فجأة بزمجرة قاسية: سعاااااااااااد ......... من كانت له امرأتان فمال إلى احداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل .......... تعرفين هالحديث الشريف ولا ما تعرفييييييينه !!!

اشرت بيدها بانفعال وهتفت بجرأة بالغة وتحدي عاصف .. تريده ان ينطقه .. تريد ان تمشي به الى حافة الاعتراف وينطقه عل الذي سيقوله ينافي مخاوفها ويطفئ ما يتلظى في روحها: اعرفه ........ شرات ما اعرف انك مايل لي انااااا .. بكل نصخ فييييك مايل لي انا من قبل حتى ما تااااااخذها

انخفض صوته الا انه حافظ على صرامته: في المشاعر بسسسس ..... ولا الأمور الثانية حد الله ما بيني وبينهم

قالت بنبرة ساخرة وهي تحاول اكثر سبر اغواره: في المشاعر بس !

اشاح بوجهه عنها وكأنه لا يرغب ان يريها ما يظهر على وجهه من مشاعر هوجاء

: بكل شي هزاع ... بكل شي ........ حتى الليل

سار باتجاه فراشه ليغلق الموضوع فـ قد وصل بهما النقاش لـ طريق لا يرغب بسلكه ابداً: شحقه هالرمسه الحينه !! صكي السالفة ابرك

اشتعلت النيران بجوفها وهي تقول من بين اسنانها: انت تباها ............ تموت وتخليك تلمسها

أكملت بحرقة رغم انه اصبح الآن تحت لحاف الفراش غير مكترث "ظاهرياً" لما تتفوه به بجنون وفي هذه اللحظة الغريبة من الصراحة:
ولولا انها تعاملك شرات اخوها الصغير وما تشوفك اكثر من اخوها ربيّع جان من زمان يايبه منك ياهل .. هي ما تباك ..... بس انت تباااااااااها ...... واشوف هالرغبة المينوووونة بعينك كل يوووووم

ظلت تتأمله ساكناً تحت الفراش ... وعندما لم يعقب على ما تفوهت به ...... أغلقت أضواء الغرفة بغضب ومن بعدها الباب من خلفها بحدة

لتتركه اسفل اللحاف يبتلع غصة رجل تذوق الصد المرير بأنعم صوره
بصورة الحسناء ابنة عمه "مديه" !




في الخارج



ضربت فخذها بقوة وهي تشتم نفسها بعد ان فقدت سيطرتها على انفعالها واعصابها

تباً
ما كان عليها التفوه بكل ما كان يجيش في صدرها ... لقد "بطَت الجربة" رسمياً !

اوففف .. ليتها ارتضت بفكرة السفرة الجماعية ولم تحتج بتلك الطريقة النسوية الثرثارة الغيورة !



،,




ماضٍ يتحدث



سمعت بسبسة ماكرة من بعيد ... من خلف احدى أشجار الغاف المتيبسة المتينة: بس بس يا عويد البان يا خلي

شهقت بحدة طفولية لتهتف بإسمه مذعورة: سهيييييييل

ركضت نحو اخيها وعمه بارتباك خائف: سهيييل منصووور ... انخشوا انخشوووا ...... يديه صياح عرف انكم سرتوا وادي بو الين ومتحلف فيكم بيصلخكم بالعسوووو ويخليكم تقيلون تحت الشمس الحارة

منصور بهلع: منو خبر ابوووويه !!!

اجابته بغضب حاقد: ربيّع الحمااااااااار

غمغم منصور بحقد مشابه: الكككككلب

اشر نحو ابن أخيه وهو يلومه بحنق: كله منك انت ..... شحقه تخبرررررره !!!

سهيل بقهر: خليته يحلف ما يخبر يدييه

: منصوروووووووووه ......... سهيلوووووووووووه


انتفض الثلاث ما ان سمعوا صوت الجد وهو يصرخ منادياً منصور وسهيل

ربطت ثوبها "المتسخ من اثر اللعب" حول خصرها النحيل بصبيانية ...... ليظهر سروالها الطويل الأبيض الساتر لساقيها ....... قبل ان تصيح هلعة وهي تركض بجنون: الشرررررررررررررده

واخذ الثلاث يتراكضون مبتعدين عن الجد وغضبه الناري ..... حتى اختبأوا داخل احدى البيوت المهجورة

منصور بلهاث: شو بنسوي الحينه !!

سهيل بلهاث مشابه: ماشي الا انتم هنيه يلين ما يقيل يديه الظهر

حرابة: اففففف حر هنيييييه

منصور بغيظ: وشحقه أصلا تيين ويانااااا !!

وضعت يدها على خصرها وهي تلسعه بلسانها السليط: ماييت ويااااك ييت ويا اخووويه

سهيل بعتاب: ليش لحقتينا حرابه الحينه يديه بيهازبج ويانا وانتي مالج ذنب

حرابة بغضب/بمشاعر حارة: عاااااااادي .... المهم أكون ويااااااااك

: حراااااااااابة

اتسعت عيناها وهي تقول: ها صوت مديووووه

منصور باستهجان: يا حبيبي كملت

دخلت مديه المنزل المهجور ومعها روزه

برقت عينا حرابة بحماس: ورووزه بعد !!! ياهوووووووووو اكتملت الشله

مديه ببراءة ... وسذاجة: ربيع مب هنيه كيف اكتملت !!

حرابة بحقد: لا تيبين طاري هالكلب ... هو اللي فتّن على منصور وسهيل وقال حق يديه انهم ساروا الوااادي

روزه بذهول غاضب: الفتّاااااااااااااان ..... اكررررررررررهه

هو ...... كان يحدق بها بافتتان غريب ..... يحدق بكل نظرة تخرج من مقلتاها

بكل حركة تصدر من شفتيها الغاضبتين

بكل احمرار ينضح من وجنتاها الطريتان كحلوى القطن الشهي

ولا يعلم ان نظراته كانت مفضوحة تماماً لعمه منصور ............. واخته الصغيرة حرابة



،,



حاضرٌ يتحدث



انتصف الليل في سيريلانكا



غضنت جبينها بنعاس ما ان صدح رنين هاتفها يعلن قدوم اتصال في وقت غير مناسب ...... الا انها ما إن رأت الاسم ... علمت ان أوقات الاتصالات غير المناسبة تأتي فقط من الأشخاص المزعجين !

: خير

: الظاهر حلى لج اللعب الماصخ مع ريلج

نزعت عن ساقيها اللحاف لتعتدل جالسة وتقول بسخرية متهكمة: أي لعب ماصخ واي ريل ....... لا يكون تقصد روحك ؟؟

: بعدني ما طلقتج

قالت بنزعة تحدي وقوة انثوية جبارة: بطّلّق ...... غصب طيب بطلق يا ربيّع

ربيّع: محد يروم يغصبني على شي ماباه

روزه بازدراء: خلك مع نفسك المريضة ... ان طال الزمن ولا قصر ... بطلق يعني بطلق

قال مقاطعاً ازدراءها غير مبالياً لكل ما تتفوه به: ليش مسافرة بليا شوري !!

روزة باستهزاء: هاللي خلاك ادق عليه واتوعيني من رقادي !!

هتف من بين اسنانه بحدة: رووووزه

أبعدت هاتفها عن اذنها وهي تقول بحدة اشد من حدته: وصمه ان شاء الله ... صميتي اذنيه

صاح مزمجراً: ليش مساااافره بليا شوووووري !!!!

: انا مالي رمسه وياك .... ول عن ويهي وسر جابل خمرك وخياسك ولا والله بخبر يدي صياح عنك وبقوله انك تحشرني بتلفوناتك
(ول = اذهب لكن بأسلوب محتقر غاضب)

بعد آخر مشاجرة كبيرة حدثت بينها وبين زوجها ..... حكّمت جدها بينهما واخبرته بكل ما يفعله ربيع بها من ضرب واذلال واهانات
فـ اجبره الجد ان يبتعد عنها والا يقترب منها الا برضاها .. والا يحاول مضايقتها كيفما كان

لو انها طلبت من الجد تطليقها من ربيع لكان قد طلقها منذ زمن بعيد الا ان أمها هي من اجبرتها عاطفيا الا تفعلها

مسكينة أمها .......... ما زال لديها امل ان يتغير ربيع في يوم من الأيام


قال وقد شعر بالإهانة من تهديدها واستصغارها من شأنه: لا انتي ولا يدج ترومون عليه تسمعين

حركت فمها بكره لتقول ساخرة باستفزاز واضح: يالله .... خفت منك يا اسد .... أقول ........... مالت عليك وعلى ويهك .... زول يعلك السقمممم


وأغلقت الهاتف بوجهه


الوغد
ألا يكفيها عذاباتها الماضية معه !
ألا يطمح قليلاً ان يضع بعض الرأفة بقلبه ويعتقها لوجه الله تعالى !

خمس سنوات قضتها بكل مرارتها معه
وها هي السنة السادسة والسابعة تقضيهما مرتبطة به "بالاسم" معتقدة انها سترتاح بعيدة عنه الا انها آمنت ان الطلاق هو الحل النهائي لخلاصها منه

في اول ثلاث سنين ............ كانت غير مستعده لإنجاب الأطفال وكانت ممتنة لله انها لم تحمل خلالها لأنها كانت مشغولة مع آخر شهور تخرجها ونيلها شهادة البكالوريوس ثم دخولها مرة أخرى الجامعة لتنال شهادة الماجستير ...... وايضاً كانت تعاني تقلبات الزواج مع ربيّع حيث انها ذلك الوقت لم تكتشف بعد انه يشرب الخمر من وقت لآخر

بعد الثلاث سنوات ........... بدأ الهمز واللمز من حولها يتصاعد حيث ان الجميع كان يتوقع من روزه انجاب الحفيد الأول لابن صيّاح الأكبر شاهين "أبا ربيّع"

ولشدة إصرار والدتها وقلقها المستمر عليها قررت ان تفحص الا ان الفحوصات اكدت سلامتها من أي عيب

وعندما طلبت من ربيّع ان يفحص هو الآخر استشاط غضباً وصرخ بوجهها مؤكداً بوقاحة انه تام الرجولة وان العيب بالتأكيد ليس منه

بعد اشهر طويلة ... وفي احدى الليالي الكئيبة ..... اكتشفت تعاطيه الخمر ما ان لمحته يدخل المنزل وهو يترنح ويضحك بشكل مريب مقزز

عندها علمت ان العيب منه .... خاصة وانها قد قرأت في احدى المجلات الطبية ان شارب المسكرات يكون عرضة بنسبة كبيرة للصعوبة في الانجاب

وتأكدت من هذه المعلومة من طبيبتها الخاصة

بالطبع ...... وبعد اكتشافها موضوع شرب زوجها قررت ان تأجل الحمل ...... قررت الا تسمح بوجود رابط بينهما الا عندما تتأكد ان الأخير قد تاب مما يفعله

وواجهته ................. واجهته بالمعنى الحقيقي والقوي .... وهددته ان لم يترك الخمر ستذهب الى جدها وتخبره .... وانها ستخبره كذلك ان عيب الانجاب منه لا منها

خاف وارتبك ..... ووعدها ان يترك الشرب ..... وبالفعل تركه لكن فقط لعدة اشهر لا تتعدى السنة

وبعد ان اكتشفت روزه انها حامل .... اصبحت المشاكل بينهما أصبحت لا تُطاق

حتى وصلت للضرب والشتائم وقذف اللعنات هنا وهناك

في شهرها الأخير حملت نفسها ببطنها الكبير وذهبت لمنزل والدها

الى ان ولدت الصبي

والى الآن


ولم يجبرها احد على العودة إليه حتى والدها وعمها شاهين خاصة بعد كلمة ابيهم الشيخ صيّاح للجميع واجباره ربيّع على الا يتعرض لها الا بعد ان ترضى عنه ويترك معاصيه وافعاله المقرفة المشينة

أقفلت عيناها رافضةً تذكر تلك الأيام البغيضة ....... حتى سطع وجه احداهن امام عيناها

" مـــب اخـــــتي "
" مـــب اخـــــتي "
" مـــب اخـــــتي "

ارتعش فكها لوعةً .................... ووجعاً

اشتاقت لـ تلك التي كانت تتقاسم معها روحها مع روح مديه "ام المسك"

هي .... ومديه ..... وحرابة

كن ثلاث أرواح في جسد واحد لا يفترقن

رغم ان حرابة كانت تصغرها سنة كاملة وتصغر مديه سنتان ....... الا انها بـ قوتها وجديتها وعقلها الفذ كانت تنافس الكبار بالحديث والافعال

صحيح ان حرابة تغيرت كثيراً بعد وفاة سهيل الا انها كانت لا تزال محافظة على الاخوة معهما ..... تقوم بزيارتهما ولم تفكر في يوم بالانقطاع عنهما

لكن بعد زواجها من ربيّع

آآآآآآآآآآآه

لا تريد تذكر ذلك اليوم

كان يوماً مريعاً بحق

رأت وجهاً بشعاً من حرابة لم ترغب في يوم برؤيته

ولن ترغب برؤيته مجدداً !



: ماماااااااا

التفتت بقلق نحو صوت صغيرها حامد .... اقتربت منه وهي تقول بصوت امومي حنون: ما نمت حبيبي !!

قال الصغير وهو يحك عينه بقوة: خالي فهد سكّر الليت

نست ان تخبر خالها فهد ان ولدها يخاف النوم في مكان مظلم ........... وحتى ان اُطفئ النور بعد ان نومه فإنه ينهض مفزوعاً يبكي الى ان تُشعل أضواء الغرفة

يبدو انه التجأ اليها مفزوعاً بعد استيقاظه من النوم واكتشافه ان المكان حوله اصبح مظلماً

: تعال حبيبي نام عندي

غرق جسده الصغير بين جنبات جسدها الحنون ونام بعمق

ويا ليته اعطى والدته حينها قليلاً من نومه هذا ولم يتركها أسيرة الارق طوال الليل

صباح اليوم التالي .... تلقت اتصال من والديها يطمئنون عليها وعلى من معها ثم تلقت بعدها اتصالان احدهما من خليفة شقيقها الأكبر والثاني من هزاع شقيقها الأصغر الذي يصغرها بـ ثلاث سنوات

وعند المساء تلقت اتصالاً من أمها ريسه ..... والتي اخذت تنصحها عدة نصائح تساعدها على إتمام مشروع عطرها الجديد بـ شكل جيد وسلس ..... اذ ان أمها ريسه لديها خبره كافية في هذه الأمور لأنها تهواها شخصياً وتهوى ممارستها من وقت لآخر



،,



يوم الخميس



قالت وهي تنزع برقعها عن وجهها بعد عودتها من الخارج: كوتشي طاعي منو يدق الباب

تقدمت الخادمة من الباب ... وفتحته ليطل ربيّع بثوبه الأبيض ونظارته الشمسية من خلف الباب

كوتشي: ماما هذا بابا ربيّع

قال ربيّع بفظاظة للخادمة: خوزي خوزي حرقتنا الشمس

وقفت امه ريسه وهي ترمقه بجفاء ولوم ......... وما ان لمح تلك النظرة بعيناها حتى لانت ملامح وجهه "بحزن زائف"

وقال يلومها يثير عاطفتها: بعد انتي بتروغيني !!

مع نبرته الرقيقة ونظرته التي ذكرتها بـ ربيّع الطفل ..... تنهدت بإرهاق عاطفي ..... وقالت بحدة ناعمة: ما يروغونك الا بسبة فعايلك يا ربيّع

: امايه انا ياي اريّح عندج

عند كلمة "امايه" ............ لان قلبها ورقت نبضاته: دش فديتك دش

بعد ان جلس قربها .... سألته باهتمام صادق: شبلاك .... منو مضايقنك ؟؟

نزع عن عيناه نظارته هاتفاً بقهر محافظاً على توازن صوته: عايبنج اللي تسويه روزه فيه

قاطعته موبخة بقسوة: ما هو انت ما تعطيها فرصة تشوف منك شي زيييييين

رمى هاتفه على الطاولة امامه وهو يهتف مغتاظاً: ما معطتني جيمة يا امييييييه .... تخيلي ما عرفت انها مسافره الا من ابووويه

زفرت من انفها باستياء ...... لتسمعه يردف بحدة: منو الغلطان الحينه انا ولا هي !!

قالت بصرامة وهي تأشر بسبابتها ووسطاها: انتو الاثنينه غلطانين

هتف بغضب حارق: انا سنتين مخلنها على راحتها ... سنتين امايه
لين متى يعني خبريني !!!

غمغم وهي تهز رأسها بقلة حيلة: لا حول ولا قوة الا بالله

اكمل وهو يضرب ظاهر أصابع يده اليمنى على باطن يده اليسرى: وفوق ها تفضحني جدام اليميع وتسافر بليا شوري وشاله وياها ولديه وخالها

قالت محاولةً تهدئته: خلاص انت هد الحينه وانا بفكر بحل لهالسالفة

قال زافراً أنفاسه بعصبية بالغة: ما صرت اتحمل امايه دخيلج رمسي يديه

رفعت سبابتها ...... لتقول بحزم شديد: برمسه ..... بسسسس

: بس شو

ريسه بريبة: الشرب .......... ودرته !!!!

ارتبك ...... لـ تضطرب اعصابه ونظراته

فـ علمت الحقيقة ........ فـ قالت بنظرة قاسية مستهجنة: وتباني اسعالك عسب ترد حرمتك يا ربيّع !!!!

قال وهو يشيح عيناه عنها: أحاول اودره .... والله أحاول

وقفت ريسه لتهتف بنبرة عاصفة: مافي تحاول ............. اقطعه مرة وحده ولا انا اللي بخليك غصب اطلقها

قال برضوخ ...... وغيظ متراكم في الروح: ان شاء الله

رفعت ذقنه بحدة نحوها ...... قبل ان تقول امام عيناه بنبرة مباشرة قوية: اوعدني

ربيّع: خلاص اوعدج ما بشرب مرة ثانية

: احلف

انزل يدها عن ذقنه وهو يقول بـ عصبية خفيفة: والله يا امايه خلاااص ما بشرب مرة ثاااانية

رمقته بريبة مطولة ملؤها الشك ...... قبل ان تومئ برأسها بهدوء وتقول: زين ......... انت سر شوف يدك لان البارحة زقرك وما شافك وانا هاليومين بحاول ارمسه على سالفتك انت وروزه



،,



قالت بنبرة خالية من المشاعر وهي تخفض رأسها من خارج سيارتها ...... لتهتف الى الجد الصامت طيلة الدرب الطويل من ابوظبي الى الوادي المنشود: ما بتحوّل !!
(ما بتحوّل = ألن تنزل)

ظل الجد يحدق امامه ممسكاً بعصاه الواقفة بين ساقاه

ألف شعور يعتريه الآن ....... وأول شعور ترأس صفحة قلبه هو ...... "الاختناق"

رباه ...

يختنق بفاجعته التي لم تمت

ينغمس بوحل مأساة لم تكتمل اركانها الا بعد اشارة من يده !!

ينهمر مع سقيا عذاب كانت بلاءاً له ولقلبه الموجوع

يتلوى كمداً ..... وكلماً ......... مع صوت ريح الوادي الخافت .... بـ رمله الحار ......... وبـ جنّه المتطايرين من أعلاه الى اسفله

اختناقه زاد ............ والصوت الذي كان يجري في صدره بدأ يثير صداه في اذناه .... يحاول صده لكنه لا يستطيع

لو كان يستطيع ..... لاستطاع صده منذ خمسة عشر سنة !

" اذبحوووووه ...... اذبحوووووه ولا تخلون الشيطاااان يوقف بينكم وبين شرررررع الله ورسووووله .......... اذبحووووووه"





ماضٍ يتحدث



اقترب منه حفيده الذي اصبح يخطو نحو سن الشباب "والذي يرى به ابنه المتوفي احمد"

: سم الشيخ

قال الشيخ آمراً بهدوء: سهيل خذ صندوق الربيان ووده بيت عمك خلف بوالشريس

قفز ابنه منصور وهو ينوي المساعدة: ابويه انا بوديه .... سهيل ما يعرف بيتهم

خدش الجد جلد ابنه بنظرة قاسية ووبخه: انا ارمس سهيل ما ارمسك

اومئ الشاب برأسه ليقول مطيعاً: ان شاء الله يديه

ثم نال هو الآخر من نظرته جده الخادشة الذي قال بنبرة ذات معنى: ما بتسألني وين بيتهم !!

ابتسم له حفيده بـ دفء وقال: اللي يسأل ما يضيع انت ارتاح ولا تستهم بشي امره

ثم حرك يده فوق جيوب ثوبه باحثاً عن مفتاح سيارة المنزل القديم ولم يلقاه .............. فـ قال لجده بعفوية: يديه عطني سويج موترك

رفع الجد حاجباً ليهتف بحزم: لا .... سر مشي

منصور بارتباك: ابويه بيتهم بعيد كيف بيسير مشي

نهره اباه بقسوة وقد ذاق ذرعاً من تدخلاته المستمرة بينه وحفيده: والله يا منصور ان ما صخيت الساع بييك صطااااار يلف ويهك لف

اعطى سهيل نظرة مطمئنة لـ عمه الذي لم يكن ليتدخل الا لمحبته له وقلقه الطبيعي عليه ..... ثم قال لجده بهدوء: ان شاء الله تامر يديه

اشر الجد نحو قدماه وهو يقول بصوت مرعب مهيب: اباك عندي قبل اذان المغرب تسمع يا سهيل

: ان شاء الله الغالي


لكن يومها لم يعد الا بعد آذان المغرب ...... ورأى جده ينتظره امام الباب يجلس فوق مقعده الخشبي الضخم الذي يعتاد دوماً الجلوس عليه ويشرب القهوة متأملاً الجبال والنخيل حوله لكنه هذه المرة كانت ينتظره ولم يكن يجلس لمجرد التأمل والتفكر بمخلوقات الله

سأله بعيناه المظلمتان المرعبتان: جيه تحيرت !!

لثم رأسه جده قبل ان يقول: مساك الله بالنور طويل العمر ....... ريت مريض ووديته الدختر

رفع الجد حاجباً وهو يقول بنبرة لاذعة: منو الاهم يدك ولا الغريب !!

اجابه سهيل بسرعة ومن غير تردد/خوف: يدي ....... بس يدي يعل عمره طويل ما بيستويبه شي ان تحيرت عليه شوي
بس الغريب يمكن يموت وهو طايح بدمانه

أعطاه نظرة من اسفل اهدابه وهو يقول بمكر غير ظاهر: منو قال ............ ودوا القلب !!

انتفض حفيده بصدمة ملؤها القلق .... وقال مشتعلاً: محد عطاك اياه !!!

هرع باتجاه الباب وهو يردف برعب: وصيتهم قبل لا اظهر ان تحيرت يعطونك إياه

اشر جده للأسفل وهو يأمره بالجلوس ويحاول قدر الإمكان كتم ابتسامته الحانية الساخرة: ايلس ايلس عطوني إياه

وقف امام جده وهو يقول بصوت ما زال مرتعباً قلقاً: يديه ليش تروعني الله يهداااك !!

: هههههه
علوم الريال الحينه !!


تنهد بصوت غير مسموع ...... وقال: الحمدلله بخير باجر بسير ازوره

سأل الجد باهتمام: شبلاه !!

حرّك سهيل شعره الى الخلف وهو يهتف بنبرة تشوبها بعض التعب: حد داعمنه وشارد

اومئ الجد رأسه بتفهم ..... ليقول بعدها بصوت حازم ملؤه الدفئ/الود: سر تسبح وتغسّل ... بيحطون العشا عقب شويه

: ان شاء الله

سأله الجد قبل ان يختفي من امام ناظره: سهيل صليت ؟!

ابتسم الشاب وهو يقول: هيه الحمدلله ... الله يتقبل منا ومنك ان شاء الله

الجد صيّاح: اللهم آمين






في ليلة أخرى



فتح باب السطح الخشبي العتيق باحثاً بعيناه عنه .... الى ان وجده

يقف هناك حاملاً بيداه منظاره الأسود .... يراقب كما اعتاد كل سنة موعد ظهور نجم سهيل

لمحه يزيح عن عيناه المنظار ...... ويتثاءب بنعاس شديد

قبل ان يحك شعره بإرهاق .... ويقرر الجلوس ليكمل دراسته على ضوء المصباح

كل هذا يحدث امام الجد من غير ان يحاول اظهار نفسه

لطالما عشق تأمل سهيل وتأمل حركاته ...... حماسه ......... شغفه ............ واعماله القريبة من النفس

بعد دقائق من تأمله ............. اكتشف ان حفيده دخل في سبات عميق فوق كتابه

ابتسمت عيناه بحنان فيّاض واقترب منه بهدوء وحذر ........... بعد ان نزع من فوق حبل الغسيل غطاء صوف كبير ناشف دافئ ..... ويغطي ابن ابنه بها .......

جثى على ركبة واحدة امامه وهو يمسد شعره الغزير بـ محبة خالصة ....... مغمغماً بخشونة صوته المبحوح:
يالله يا مفرج الاكراب .... تفرج ابنا بـ طلة سهيل ... وتسعد خواطرنا بـ نسيم براده




يدعو رب العباد للعباد بطلوع نجم سهيل ......... اما هو فـ كلا
هو لديه سهيـلـ (ـه)
لديه من يسعد خاطره ويشعر ان اكرابه كلها تنجلي بمجرد الإحساس بطيفه
هو لديه سهيل بن احمد
ومن لديه سهيل بن احمد ............ فـ أيامه كلها غنّاء بـ المطر والبرد الجميل والهواء العليل !






حاضرٌ يتحدث



: يالشيخ .............. تسمعني ؟؟

نظر نحوها بجمود ............. بقلب يصرخ بالألم/العذاب !

: ما بتنزل !!!

اومئ برأسه بصمت ........... ونزل من السيارة

اما هي ظلت واقفة قرب باب سيارتها حتى انها لم تلتفت لترى القبر

رأفةً بقلبها الذي ما زال بجراحٍ طرية لم تندمل .......... ولن !
مخافة الا تمسك جماح مشاعرها وتصرخ ..... وتنوح
اجل ... سهيل هو المُستنثى في كل شيء في حياتها
هو فقط من يستحق "ان رغبت بسماع آهٍ من فؤادها" ان تبكي لأجله !
لكن ليس هنا .... ليس عند قبره ابداً !




وهو ... في كل خطوة يخطوها بعصاه ..... كان يخطو خطوةً نحو الجحيم

خطوة يقبر معها من جديد ضحكات سهيل ... ولمعان عيناه .... وقرب روحه

وخطوة تليها يقبر معها كل ذكرى جمعتهما معاً .... في هذا الوادي الضخم

يقبر معها وجه احمد الذي لطالما رآه بعينا حفيده

عند بزوغ اسم احمد ارتعدت اوصاله وتوقف ... لم يكمل رغم ان القبر المقصود اصبح قريباً منه عدة امتار فقط


اتاه صوتها الخشن من بعيد: يديه

قال بصوت متحشرج ...... جامد ......... موجع حد القسوة: مـ ..... ماروم


اختناقة صوته عند كلمته الأخيرة اربكت حصونها لكنها الآن هي ابعد ما يكون عن التعاطف والرحمة

جدها لم يرحمها فـ لمَ هي سترحمه الآن بتعاطفها معه ...... لمَ !!!

قالت باقتضاب وهي تنظر له بنظرة خاطفة وترجع انظارها للأرض الخاوية امامها: قبره جريب ... ما بقى شي تحمل

تعلم انه قصد ألم روحه لا ألم ساقاه لكنها تعمدت اشعاره انها لم تفهم ما يقصده بكلامه

ربما قسوة
او ربما .......... حقد دفين على فعلته التي لا تُغتفر !


اخذ عدة انفاس صعبة عنيفة ..... واكمل ...... حتى وقف امام القبر

ظل يحدق به لدقائق طويلة جداً

رفع كفوفه المتجعدة المرتجفة ... وامنيته فقط الدعاء لساكن القبر بالرحمة

بملاقاته في جنات النعيم بعد الممات ... بـ التسامر معاً على سرر متقابلين في الفردوس الأعلى

لكن لم يستطع ....... الماضي هو من حال بينه وبين همسات قلبه الملتاعة

انزل يداه خائباً بائساً ..... ليعود ويقبض بشدة على عصاه ....... ثم يعود ادراجه الى سيارة حرابة

قبل ان يدخل للسيارة من جديد ..... قال بجمود: روّحنا

لكنه وقف ما ان سألته وهي توليه ظهرها: ليش !!

عرف ماذا عنت بـ "ليش" ..... ليقول بصوت بعيد ..... بعيد جداً وشديد الظلمة:
غلط

: غلطته تستاهل هالموتة الشنيعة !!


اغلق عيناه برعشة تكاد لا تُرى ...... اجل
لقد علم انها رأت ما حدث ليلتها !
فقد رآها وهي تنظر لما يحدث خلسة وسط الظلام .... ويالشدة جبروته .... لم يكترث حينها بنتاج ما حصل وما سيحصل في روحها الهشة من عُقد ومشاعر منفصمة غير سويَة !
هذا كان سرهما الصغير ..... والاكبر !


هتف ببحة كانت ستخرج مرتجفة لولا القسوة التي ظهرت فجأة بصوته: وزود

: شو سوى !! ولا تردون تقنعوني بسالفة انه جاتل واحد واستحق الموت

رد عليها باقتضاب: رمستج هاي ما تودي ولا تييب الحينه

نظرت له من فوق كتفها ... وقالت ساخرة بمرارة: اذكرك يا الشيخ !! لأنك الظاهر نسيت

مع استمرارية صمته المعتم ..... اردفت بحرقة: اذكرك انك انت اللي هددتنا ما نسألك عن أي شي صار واللي بيسأل بتتبرا منه !!
صح انا مب من صلبك ........... بس خفت تمنعني عن شوفة امايه ريسه وامي نورة


عند آخر اسم نطقته حرابة .... ساد الظلام كل كلامها السابق الغاضب بعيناه ولم يبق منيراً ساطعاً الا اسمها هي .... همس بشوق غريب: نورة

حرابة بنبرة خلت من الرحمة والشفقة: هيه .... امي نورة اللي لين يومك ها تصيح ولدها الوحيد .... امي نورة اللي فقدت بصرها من زود حزنها على ظناها

سألها بذات مشاعر الشوق الجياشة: شحوالها !!

رفعت اعلى شفتها باستهزاء ..... وردت بجفاء: عايشة بعدها

انزل عيناه لثوانٍ ...... بينما اردفت حرابة بانفعال ..... بقلب يبكي كمداً وروح تنوح فقداً: عنده قبره اسألك .... ليش جتلتوه !!

تردد السؤال برأسه كـ تردد ألسنة النيران

ليتردد شريط مشوش طويل امام عيناه المشيبتان المرهقتان

شريط يحوي صورة جثة صغير ميت امامه ... بدمائه واعضائه المقطوعة بشكل متوحش مخيف

يحوي صورة أخرى لـ اب يبكي بلوعة على ابنه المراهق الذي أصيب بمرض نفسي متأزم

وصورة كذلك لـ اخ يهدد بصراخ ووعيد بـ قتل الذي يهدد حياة شقيقه المُعاق

وصور كثيرة ....... مشينة ........ تعذيبية حد الموت !


اهتزت عصاه وهو يشعر بروحه تتصلب من جديد على حبال الموت ..... ليقول بصوت مبحوح مكتوم: روّحنا يا بنتيه .... روّحنا


أكانت تتوقع غير رده هذا !
يالسذاجتها !





في السيارة



اشر بعصاه نحو اليسار وهو يقول: وديني صوب عمج يابر بسلم عليه

رمقت الجد صياح ببرود ......... لتقول: يديه بيت عمي يابر على يمينا مب يسارنا

غضن جبينه وهو يرص على عيناه بـ حيرة .......... وقال مغمغماً بخفوت: ها !!

حرابة: اقولك بيت عميه يابر على يمينا مب يسارنا

قال مؤكداً بثقة: لا بنتيه على يسارنا

رمقته بنظرة مظلمة هادئة وقالت بثقة: لا الغالي على يمينا

بعد مرور خمس دقائق قالت وهي تؤشر بأنفها نحو الخارج: هاذوه ها

هز الجد رأسه بتوتر وقال: صدقج بنتيه

رمقته باستغراب بارد وقالت: يلا وصلنا



،,



عند احدى البحيرات في نوراليا (سيريلانكا)



كانت تحادث خالها الصغير فهد على الهاتف: حبيبي فهد انتبه على حامد ولا تخليه يشرب كولا اوكي !!

..

: هيه هيه خله يلعب قد ما يبا إلين ما اخلص اجتماعي مع صاحب المصنع

..

: لا تخاف عليه يا قلبي .... ان بغيتك بتصلبك

..

: الله يحفظك .. حط بالك على روحك وعلى حامد
مع السلامة



مشت على طول خط الطريق المحاط بالحدائق الخضراء الجميلة والبحيرة الصافية المنعشة للفؤاد ..... الى المصنع

احبت ان ترى طبيعة نوراليا المعروفة بالجمال الأخاذ وهي تمشي بدل ان تراها من وراء نوافذ السيارة

حركت عيناها بريبة وهي تشعر بأحدهم يتبعها
سرت قشعريرة على ظهرها اثر إحساس يخبرها ان احدهم خلفها يرغب بلمسها .... بل بالانقضاض عليها !

ومن غير ان تشعر استدارت للخلف بحدة ... بحركة دفاعية عفوية !

لترى في نهاية المطاف .. رجل يعطي ولد صغير مثلجات وهو يبتسم له

زفرت بتوتر واكملت سيرها بعد ان شخرت بقهقهة مرتبكة تسخر من نفسها

يبدو ان نتائج فلم الرعب الذي شاهدته البارحة بدأت تظهر بوادرها الآن !

وقبل ان تلتقط أنفاسها بعد ان آخر جملة هتف بها عقلها .... شعرت بقبضة تنكمش حول ذراعها وتجرها بشراسة وتدفعها الى زاوية مظلمة اسفل جسر صغير للمشاة يقع امام البحيرة تماماً

قالت بهلع خاص والرؤية امام تتشوش بسبب سرعة من يجرها خلفه: مـ منوو...

: اششش

بما تبقى من قوة لديها ... دفعت يد الرجل عنها وهي تصرخ برعب .... بغضب ...... بارتباك بالغ

وتراجعت عنه حتى اصطدم جسدها بصخور الجسر الصلبة


صدرها يعلو ويهبط بهلع عاصف .... وبسبب نظارته الشمسية .......... وظلال الجسر التي تغطي اغلب تقاطيع وجهه

لم تتمكن من رؤيته بوضوح

قالت بشراسة وهي تحاول العبور من امامه كي تخرج للنور .... متحدثةً بالعربية من غير شعور فـ رعبها حينها انستها الإنجليزية تماماً: انت منووووو .... خوز عنننننننني

شهقت بصدمة ما ان سمعته يقول بـ صوت جاف غليظ: لا تظهرين ولا بيجتلونج

الصوت تعرفه ....... وتعرف عن يقين نبرة التسلط والغلظة المستفزة فيها

قالت بحدة .... وشراسة عاتية: انننننننننننت

اتسعت عيناها بقوة لتردف مقهورة من وقاحته وتجرأه على لمسها:
انتتتت .... انتتتت ما تستححححي
وبعدين ليش تلاحقني ... انت منووو !!

نزع عن عيناه نظارته وهو يجثو قرب نبع ماء عذب اسفل الجسر .......... اخذ بكفوفه بعض الماء ورشه على وجهه ومسح بها رأسه وشعره الأسود الفاحم .... ثم مرر يده المبتلة على لحيته ...... كل هذا يحصل امام ناظرها وهي تشاهده بغضب عات واستنكار

وقف بعدها ليلتفت إليها ويقول بصوت ثلجي خشن: ماقدر اخليج بعيدة عن عيني
لازم اتمين معاي يلين ما تردين البلاد



طنين ...
هذا ما اخذ يتفجر بـ جسدها واذنيها
طنين جبار مريع !
هل ما تراه حقيقة ....... ام تتوهم !
انه ..... انه ..........


قطع تسلسل افكارها المضطربة .... وكسر نظرتها الفاغرة المتسعة ....... وهو يحرك عيناه بضجر ويقول ساخراً: هيه نعم
انا محمد






نهايــــة الفصــــل الرابــــع


وكان likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-07-20, 04:57 PM   #8

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




،,



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)



،’



الفصــل الخامــس




اشرت نحوه وهي تقول بصدمة تخللها ارتباك واضح: ا ا محمد ما غير ولد الإمام عبدالكريم

رفع بطاقة امام عيناها بحركة مهنية سريعة .. لم تلمح خلالها الا اول كلمتين "الملازم اول" : هيه نعم

سألته وعقلها يحاول جمع الأمور المشتتة امامها: انت تلاحقني !!
ردد كلمتها ساخراً: الاحقج !! هاي تنقال حق الشباب الشوارعية مب حقي يا .... ام حامد

برقت عيناها بالذهول ...... ويعرف اسم ابنها ايضاً !

عيناه لم تحيدا عن تقاطيع وجهها ذو الجمال الغريب عن بنات بلدته القديمة ... جمال كان لن يلاحظه لولا ثرثرة والدته المضحكة وهو مراهق "روزه تشبه بوسي ايام شبابها"
سألها حينها ببلاهة المراهقين الجامدين في حياتهم "منو بوسي !!"
لتجيبه امه بضحكة مجلجلة وهي تدعو الله الا يسمعها زوجها الامام كي لا يقتلها " بوسي حبيبة نور الشريف هههههههههههههههههه"


رجع لأرض الواقع وقال محيداً بعيناه مرغماً:
ماقدر ادخل في التفاصيل الحينه .... بس بقولج شي واحد افهميه ولا تخلين الصدمة تشل تفكيرج ..

اكمل وهو ينظر لعيناها مباشرةً: شي ناس يبون لج الأذية

وعندما لمح آلافاً من علامات الاستفهام حول وجهها .... اردف بعدم صبر: صدقي ... ولو ما بغيتي تصدقين برايج

شخرت باستهتار لتقول بصوت احتد رغماً عنها: مينون يتكلم وعاقل يسمع

عندما تأكد ان المكان قد خلى كلياً من الناس .... قال مولياً ظهره لها ووجهه كذلك: بطوّف لج الاهانة هالمرة

اشتعلت روحها قهراً/استنكاراً: لا والله ..... شوفو منو يتكلم !!
ما جنك اهنتني وقللت من جيمتي يوم زخيتني وتعديت الادب معايه
ما تعلمت يا آدمي الاخلاق والأصول !

أعطاها نظرة خاطفة كالصقيع ........... وقال: لا ما تعلمت ولا علموني ... ابويه طول عمره انشغل بخدمتكم وما لقى وقت يفضى يربي عياله

شهقت بـ صدمة من وقاحته الشديدة وانحطاط سلوكه ... لتقول بعدها مستهجنة: خدمتنا !!!! انت ما تستحي ترمس عن ابوك جيه !!
ابوك الله يرحمه ويبيحه كان امام مسيد الوادي ..... لو خدم الله يرحمه في حياته فـ هو كان يخدم بيت من بيوت الله وضيوفه

تأملها هذه المرة بتمعن .... وحذر ......... واشياء أخرى لم يفهمها !

لأول مرة منذ سنين طويلة يقف امامها بهذا الشكل الجلي ويتأملها دون خوف او قلق ..... ليس هي فقط بل كل أبناء آل صياح

سنين قضاها يراقب من بعيد أبناء آل صياح وهم يلعبون ويمرحون قرب الوادي ولا يتجرأ على الاقتراب منهم بسبب منع والده له بحجة انه ولد فقير شقي وسريع الغضب ..... فـ ان حدث ولعب معهم وأصاب احد ابناءهم بسوء فإنه لن يسلم من شر آل صياح وجبروتهم

روزه ........ ومن لا يعرف روزة ذات البشرة البيضاء وشعرها البني الفاتح كـ حقول القمح المشرقة .... شعرها المختبئ الآن اسفل حجابها الأبيض المحكم ...... من لا يعرف روزة الطفلة المنتعشة التي ما ان تخرج من المنزل حتى تسبقها رائحة الورد الطائفي والياسمين


ذات يوم فكّر في لحظة ذهول مستنكر وغضب طفولي

هل الفتاة تستحم داخل بركة عطور كل يوم !!

خرج من بحر تأمله آثراً السكوت متعمداً متجاهلاً كلامها السابق
فـ هي كالجميع ............ لا تعرف حقيقة اباه !

قالت وهي تشيح عيناها عنه بازدراء: انا بطلع ولو فيك خير وقفني

وبالفعل خرجت من تحت الجسر وقلبها يشتم اشنع الشتائم لما فعله بها قبل قليل

اوقفها كلماته الصارمة: انا ماقدر اخليج
انتي في خطر ...... وولدج بعد

استدارت نحوه بعنف لتقول صائحة بهيجان: اللي يلمس ولديه بججججتله



ترتجف .... ولا تكاد تستوعب كلمة واحدة !
مالذي يحصل معها بحق الله !
من هذا الشخص الذي امامها ... لا تكاد تعرفه بهيئته المظلمة هذه ! ومن هم الذين يريدون اذيتها والحاق السوء بها وبأسرتها !
ام ان هذا الرجل ليس بأكثر من مجنون !!!



من فرط ذهولها وهلعها لم تشعر بنفسها وهي تدفع كتفه بشراسة وتردف من بين شرار عيناها:
خوز عن ويهي مابا اسمع خبالك زوووود

واخذت تمشي بغضب حتى تجاوزت الجسر والشارع الصغير قربه الى ان وصلت امام بقالة صغيرة

من امام البقالة رأت امرأة يظهر على هيئتها اثار الفقر المدقع ..... تحمل بين يديها فتاة صغيرة ويبدو انها ابنتها

منظرهما البائس المثير للعاطفة أثر بها وازال بعض من غضبها ...... فأخذت تبحث في حقيبتها عن بعض المال لتعطيها إياه

وهي تبحث .... كانت تعبر الشارع الصغير لتصل إليها

لكن صرخته من افجعتها وجعلتها تصرخ قبل حتى ان تشعر بقبضته حول جسدها وتزيحها بعنف من الشارع



،,



صباح يوم الاثنين



دخل شركة ابوالشريس بـ حلته الرجولية الأنيقة
يلبس سترة سوداء وبنطال اسود .... وقميص قطني ابيض تحت السترة تظهر تفاصيل خصره النحيل العضلي ومعدته المسطحة الصلبة

هو ليس من الذين يهوون لبس الثوب الاماراتي التقليدي الا في المناسبات والاعياد .. وهذا الامر بالذات ما يبغضه اباه صيّاح منه ويثير استنكاره على الدوام

بعد دقائق كان امام مكتب السكرتير ويطلب الاذن بالدخول

عندما دخل ألقى السلام بصوت رنان رخيم: السلام عليكم ورحمة الله

وقف غابش له وهو يجيبه بابتسامة اخوية لطيفة: هلا هلا مرحبا السلاع .... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

تبادل الاثنان سلام الانوف ..... قبل ان يؤشر له غابش يطلب منه الجلوس ويقول: حياك حياك ايلس

منصور مجيباً بفخامة: الله يحييك ويبقييك يا بوعبدالرحمن ... يطولي بعمرك

جلس غابش امامه وهو يهتف: عمرك اطول ... شحالك منصور وشحال هلك وشيبانك ؟!

: كلهم بخير وسهالة ربي يعافيك ويسلمك .. ومن جداك يا خويه ؟!

غابش: امرره طيبين وما نشكي باس الحمدلله

رفع هاتفه ليقول لسكرتيره بحزم: القهوه والفوالة يا راشد

بعد شرب القهوة والتلذذ بأكل الرطب الشهي .... قال منصور لـ غابش مستفهماً:
آمرني غابش بغيتني في حاية

غابش بثقة: هيه نعم ..... سمعت بمسابقة ناشيونال جيوغرافيك للفلم القصير .. وسمعت بعد انك ناوي تدخل فيها

رمقه منصور بتعجب فـ اردف غابش موضحاً: اخبارك تارسة الجرايد المحلية والسوشيال ميديا ما شاء الله

اومئ برأسه متفهماً ليجيب وهو يهز كتفاه: والله ناوي بس حالياً اظن السالفة هاي صعبة شويه

غابش: افا ليش !!

منصور: اولا مالي ذيج الخبرة في البحر والسمج والنباتات البحرية .... لان مثل ما تعرف الفلم عن الحياة البحرية
وانا ريال عشت اغلب سنيني بين اليبال والبراري والغابات ... ثانياً ما لقيت البيئة المناسبة للتصوير

غابش: بس الفلم ها لو فزت فيه بيوديك فوق .... اللي اعرفه ان الجايزة بتكون برنامج واقعي كامل يبثه الاعلام الامريكي ووسام تميز تستلمه من مدير جامعة جنوب فلوريدا

منصور بجدية وبنبرة واقعية: هيه نعم .... بس شرات ما قلتلك ناقصتني الخبره في مجال تصوير البيئة البحرية ... رحم الله من عرف قدر نفسه

اردف وهو يؤشر نحو غابش بحزم: شو خص هالموضوع بالحاية اللي طلبت شوفتي عشانها !!

زم غابش فمه بشكل جانبي وهو يفكر قبل ان يرد على منصور: حاب اساعدك في هالمسابقة .... ولا تحاتي الخبره عندنا ناس مختصين مواطنين يقدرون يساعدونك

منصور باستغراب: وشو تستفيد انت !!

ابتسم غابش بثقة وقال: سمعة وبزنس ... غير انك شخص ناجح وانا من عادتي احب اتعامل مع اللي يسعى للنجاح ويقدر جيمته

عندما شعر بالحيرة وهي تشتعل شيئاً فـ شيئاً بـ عينا منصور ..... اردف وهو يمعن النظر به على نحو مبهم: ها شو قلت !!

منصور: خل افكر

غابش: فكر وخذ راحتك

اومئ منصور برأسه .... ليهتف بعدها متسائلاً بنبرة اخوية ودودة: انزين خبرنا ....... شحوال الوالد والوالدة ؟!

غابش: كلهم بخير وعافية ... وبنت عمك ام غابش ترى تتنشد عنكم وتتشره
ابتسم بـ ود لذكر اسم ابنة عمه التي هي بمثابة امه لفارق السن الكبير بينهما: ههههههههه على العين والراس بنت العم وباذن الله لي زيارة خاصة صوبها


فجأة ظهرت صورة امرأة على شاشة التلفاز الذي كان على الوضع الصامت

همس منصور بعفوية ..... وببسمة خفيفة: والنعم بـ بنت ليث ... يعل بطنٍ يابها الجنة

رمق غابش شاشة التلفاز بنظرة خاطفة غير مكترثة ..... ليسمع منصور يقول مجدداً: اكيد انتو فخورين بها

سأل غابش وهو الآن لم يستوعب سؤال منصور: منو هي !!

اشر منصور بأنفه نحو الشاشة ليقول: بنت عمتك .... حرابة

هز غابش رأسه بذات مبالاته المعدومة الباردة وقال:
عادي

رفع منصور كلا حاجباه وقال: شو عادي !! هاذي حرابة بنت ليث

طرق بقلمه الفخم الطاولة الصغيرة امامه وقال متسائلاً بصوت فيه من الحذر الكثير: تعرفها !!

منصور بعفوية: رابي وياها ... شرات اختي وزود
ختيه ريسه مربتنها بحسبة بنتها ويانا ..... وهي تكون ......... ا ا ا .....
احم .... تكون اخت ولد اخويه الله يرحمه بالرضاع

غابش: اهاا

منصور بتعجب: يعني ما تعرف ؟!

غابش بنبرة ثلجية: لا ... توني اسمع منك

منصور بذات تعجبه واستغرابه: بنت عمتك هي .. كيف ما تعرف !!

كتم غابش سخريته بجدارة ليقول بصوت هادئ "ظاهرياً":
انا ما عرفت ان عندي عمة اسمها عفرا الا من كم سنة بس

منصور بصدمة: في ذمتك !!

غابش بابتسامة مقتضبة: والله .... على العموم ..... فكر باللي قلتلك عنه وردلي خبر

اومئ منصور برأسه وقال: ان شاء الله



،,



ألقى التحية العسكرية عليها ... ثم قال: سيدي ... اجتماع طارئ مع القيادة العليا بعد ساعة

اعطت نظرة سريعة لـ مساعدها قبل ان تقول بصوت هادئ تتعمد بث الخشونة به في مكان عملها: عندي علم مسبق ... تقدر تروح تكمل شغلك

: حاضر سيدي ..... بعد اذنج

بعد دقائق طويلة في كتابة المسودة الأولية للدورة التي ستقوم بالاشراف عليها الشهر القادم ....وضعت القلم على طاولة مكتبها وهي تمسد ظهرها بإرهاق

تنهدت بخفوت .... ثم حملت قبعتها وهاتفها

وخرجت متجهةً لغرفة الاجتماعات

بعد ما يقارب النصف ساعة

خرجت ومعها زملائها من أصحاب الرتب العالية

سألها احد زملائها باهتمام: ها حرابة .... بتخاوينا اليمن !!

حركت كتفيها بـ برود .... وقالت: لين الحينه ما وصلتني الأوامر ... بس ماعتقد لأنهم سلموني دورة الشهر الياي

قال زميل آخر قربهم: سمعت ان شي أوامر عليا تمنع العنصر النسائي يشترك في تحالف اليمن

وقفت وهي ترفع حاجباً .... وظهر عليها الغضب البارد

رفع يده بارتباك .... وقال بصدق: هاللي سمعته حرابه لا تفهميني غلط

أكملت سيرها وهي تقول بغلظة: سواء اشتركت معاكم ولا ما اشتركت .... بإذن الله منصورين على من يعادينا ويعادي اخواننا اليمنيين

بعد ان ابتعدت عنهم .... قال الثاني للأول بحنق متوتر: يا ريال هالحرابة ما تساعد الواحد يفتح معاها حوار ولا يناقشها بشي ..... تزيّغ اعوذ بالله

قال الأول بقهقهة خافتة: خلها انزين في حالها ... انت مب مجبور ترمسها



،,



نوراليا ............ في احدى مشافيها الحكومية




هرعت نحو محمد وهي تحمل الصغيرة بهلع: شو صاار !!!

محمد: للأسف توفت

صاحت بصدمة موجعة: شوووووو !!!

محمد: ما قدروا ينقذونها ... ياها نزيف داخلي قوي من الدعمة

من غير ان تشعر .... انهمرت دموعها وهي تحتضن بقوة الصغيرة التي لا تفهم أي شيء يحدث امامها يا ربيييييه .... كله مني اناااااااااا كله منيييييييي

غضّن جبينه مستنكراً ..... ليقول بصرامة: استغفري ربج يا روزه ... ها اجلها ... ولو ما خوزتج عن الموتر جان انتي رحتي فيها

حركت رأسها يمنةً ويسرة وهي تقاطعه بحرقة متحشرجة: محمد انا السسسبب ..... الحرمة يوم شافتني امشي صوبها عسب اعطيها البيزات من فرحتها حطت بنتها على الأرض ويت تربع صووووبي
ولو تميت مكاني جان الموتر ما دعمها هي بدااااااالي

زفر من انفه بـ قهر داخلي عاصف ...... ليقول مهدئاً إياها قدر المستطاع: اذكري الله ... اذكري الله .... لا منج السبب ولا منها .. ها امر الله سبحانه

سألته وعيناها غدتا بلون الدم من اثر الدموع: عرفتوا منو الريال ؟؟

محمد بقسوة: قلتلج إياها قبل وارد اعيدها .... شي ناس يبون لج الأذية

صرخت به بوحشية من غير ان تشعر ..... فـ حزنها على الام المسكينة المتوفاة جعلها تشعر بسوء عظيم وهستيرية موجعة: كل السبه مننننننننك .... منك انننننننننت ..... مابا اشوووفك عقب اليوووم تسمممممعني !!
وهالناس اللي ترمس عنهم لو فكروا يأذوني او يأذون ولديه وخالي بحط كل الذنب عليييييييييك

وتركته وهي تشتعل بغضب ناري ومعها الصغيرة بين يديها

لكنه لم يأبه لها ولا لصراخها وغضبها ....... ذهب خلفها وهو يهتف بنبرته القاسية التي لا تلين بسهولة: شو بتسوين في الياهل !!!

صاحت به حاقدة غاضبة وهي تكمل سيرها بسرعة وهيجان: ماااااالك خصصصص

أمرها بزمجرة مرعبة: اوقفي روووزه ورمسيني

صرخت به للمرة الثالثة وهي تكاد تشوه وجهه بأظافرها الطويلة: خوز عن ويهي مابا اشووووفك قلت

: يا روووووزه

التفتت نحوه وهي ترمي نيرانها عليه بحدة: وين بوديها يعنننني !!!
بخليها عندي يلين ما ايون أهلها وياخذونهااا

انتفخت اوداجه غضباً ..... ليقول بعدها بصوت لاذع قاسي: لو معطتني فجه ارمس جان قلتلج ان ما عندها اهل

اتسعت عيناها بصدمة وهي تقول: شوو !!

: الضابط اللي كان في موقع الحادث حقق في هوية الام المتوفية وقال انها يايه من بلدة بعيدة وهي وحيده في نوراليا ... محد وياها الا بنتها

مع آخر كلمات محمد ...... اخذت دموعها تتساقط مرة أخرى ... نظرت للطفلة التي من فرط تعبها توشك ان تنام بين ذراعيها: وهالمسكينة وين بتروح الحينه !!

اجابها ببساطة: بنعطيها الشرطة وهم بيتكفلون فيها

شهقت مفجوعة وهي تهدر: تخلي ياهل صغيره عند الشرررطة !!! ما تخاف الله !!!

سألها ساخراً: وين تبين تودينها يعني !

روزة بـ ذهول مستنكر وخوف امومي بحت: ما بخليها عند الشرطة حرررررام ..... هاي ياااهل

: لا تسوين فيها مصلحة اجتماعية الحين .... انتي في بلاد مب بلادج ... وما تعرفين حد هنيه .... كيف تخلين ياهل غريبة اتم وياج !!

رفعت الطفلة التي رغم نعاسها كانت تشعر بالهلع الفظيع والضياع المثير للبكاء: حرام طاع كيف خايفة وماسكة فيني محمد .... ماقدر اخليها قلبي بيعورني

امرها بقسوة: روزه طالعيني

لم تنظر نحوه بل ظلت تهدأ من روع الصغيرة التي ترتجف بين يديها كالطير الصغير الجريح

: اقولج طالعيني

نظرت نحوه بخوف ..... بشتات ..... برعب حقيقي !

محمد بحزم هادئ متعقل: ما بنعطيها الا حق ضابط كفو وزين وبنخليه يوعدنا انه يرجعها لأهلها ..... وعشان تطمنين اكثر بناخذ رقمه ومتى ما وصلت عند أهلها يعطينا خبر
شو قلتي !!

تأملت الصغيرة المرعوبة بحزن وحنان مليئ بالقلق ........... قبل ان تومئ برأسها برضوخ وترضى بالأمر الواقع



،,



في احدى مكاتب شركة موانئ ابوظبي الكبيرة
بعد صلاة الظهر



دخل مكتب والده بعد ان فتح له مدير المكتب الباب طالباً منه الدخول بتهذيبٍ جم

: السلام عليكم

اجابه اباه وهو ما زال غارقاً في دراسة الأوراق التي امامه: هلا غابش وعليكم السلام .... ايلس ايلس
شوي وبخلص الأوراق اللي بإيديه

هتف غابش ببروده المعتاد ..... وهو ينزع عن عيناه نظارته الشمسية: خذ راحتك ما ورايه شي

بعد دقائق ..... نزع عن عيناه نظارته الطبية وقال: شحالك ؟!

غابش: الحمدلله


أبا غابش بحزم مهني: وشو الشغل وياك ؟!

غابش: تمام .... آمر طويل العمر ..... شو بغيت مني ؟!

رمقه اباه بتمعن مطولاً وهو يتذكر النقاش الذي دار بينه وبين زوجته على الهاتف قبل سويعات ..... قبل ان يخرج صورة من درج مكتبه ويضعها فوق الطاولة امام ناظر غابش

فتاة بلباسٍ عسكري وبجانبها اثنان احدهما وزير والآخر عقيد في الجيش

سألها بنبرة تشوبها الكثير من الحذر: تعرفها ؟!


اخفى غابش ذهوله من غرابة اليوم ..... قبل ان يرص على عيناه ببرود ساكن ويقول بهدوء ومن غير لفٍ او دوران:
هيه .... حرابة بنت ليث الـ....
بنت العمة

برقت عيناه بسخرية باردة واكمل: العمة اللي ما جد شفتها لا هي ولا عيالها

سأله والده متجاهلاً بتعمد سخريته الواضحة ........ ابنه بكلماته السابقة يلومه من غير ان يشعر وكأنه كان السبب في تشتيت العائلة: شو تعرف عنها !!

رد رافعاً حاجباً: مثل أي مواطن عادي
ماعرف الا انها الطيارة الوحيدة اللي قدرت تقصف الإرهابيين في العراق مع التحالف العربي

قاله له محاولاً فحص نبضه، وما يدور في خلده: ماياك فضول تعرفها عن قرب ؟!

شخر بصوت غير مسموع ..... ليرد بقسوة: خل اييني فضول اعرف امها اول عسب اييني فضول اعرفها

رمقه والده متسائلاً مخفياً حزنه العميق في جوفه .... ليسأل سؤالاً غير متوقع: ما تحب عمتك !!

رفع حاجباً وقال: سؤالك غريب وانت اللي تعرف الحوى وعروقها .... انا لا أحبها ولا اكرهها .... يوم اعرفها اسألني هالسؤال

ظل ابوه قابعاً في محراب الصمت الموجع ...... ليردف ابنه بنفاذ صبر:
بوغابش شو تبا تقولي بالضبط خلك صريح ما عليك امر

نطق اباه فجأة امام عيناه وبنبرة مباشرة حازمة، فالخطة التي رسمها مع زوجته يجب ان تبدأ والآن: أباك تاخذها

اتسعت عينا غابش مندهشاً ليقول: منو !!

: منو بعد .... حرابة

رمقه مطولاً بطريقة مظلمة مبهمة ثم وضع اصابعه على ذقنه وحركها فوق جلده ذهاباً وإياباً
قبل أن يقول محدقا بالصورة: تعرف زين اني مابا اعرس
ولو نويت ما باخذ وحده شرات بنت اختك

أعطاه والده ابتسامة قاسية .... وقال: ترمس وجنك واثق انها بتوافق عليك

تغيمت عيناه وهو ينظر إليه .... ثم قال ساخراً: وشو اللي يعيبني .... مب قد المستوى ولا شو !!

اسند أبا غابش ظهره على ظهر كرسيه وقال بمكر غامض: لو شفتها بعينك ... بتعرف شو قصدي

ترك غابش صورتها فوق طاولة المكتب .... ليسأل والده فجأة:
عمتي عفرا كم عندها !!

تجاهل سؤال ابنه الذي أتى في غير وقته ...... ليجيبه بصبر تام "نادر ما يظهر منه نحوه": حرابة وظبية .... وكان عندها ولد قبل حرابة بس توفى الله يرحمه

سأل محاولاً ربط اوراق النقاش ببعضها: مسمتنها على يدوه الله يرحمها !!

أبا غابش: هيه

وقف غابش بعدها .... ليسمع اباه يسأله بعيناه المعتمتان: شو قلت !!

حرك جانب فمه ببرود .. وقال: خلني افكر

كتم ابتسامة خبيثة كادت تتسع فوق شفتاه ليسأله بعفوية "ظاهرية": غيَظت يوم شككت بكفائتك جدامها !!

طرق على مكتب والده عدة طرقات خفيفة قبل ان يقول بصوت هادئ رخيم تخلله بعض الغرور الفطري:
مع السلامة بوغابش



وتحرك متوجهاً نحو الباب

هنا ..... ابتسم والده بخبث واخذ كل راحته معها

سيلتفت
سيلتفت الان



التفت غابش لوالده فجأة .......... وقال:
ابا رقم عمتي عفرا

اخفى ابتسامته بسرعة .... وقال: بطرشه لك على الواتس

اومىء غابش برأسه بهدوء وخرج من المكتب



،,



ليلاً



لا تعرف أفعلاً سيساعدها اخاها في تغيير وظيفة ابنتها او سيتجاهل مطلبها الوحيد منه

تنهدت بخفوت وهي تتوسل الله الا تعلم حرابة بما فعلته ... فإن علمت ستقلب الدنيا عليهم فوق رؤوسهم ولن يسلموا من نيران غضبها

لكن لا ........... لن تتراجع .......... ابنتها يجب ان تغير وظيفتها كي تتمكن من الالتفات لنفسها والاهتمام قليلاً بحياتها الشخصية وانوثتها الضائعة

زمت فمها بتفكير وقررت الاتصال بـ ريسه كي تخبرها عما حصل معها عند اخاها الأكبر عبدالرحمن

بعد السلام وتبادل الحال والأحوال .......... قالت لها ريسه بصوت جاف: عرفتي شو صاار !!

ام حرابة: لا ... خير ان شاء الله

ريسة بنبرة ميتة: الشيخ صيّاح ....... خلى بنتج توديه قبر المرحوم

شهقت ام حرابة مذعورة مصدومة: حللللللفي

: والله

ام حرابة بذهول: حرابة ما خبرتني

ريسه: ولا خبرت حد ...... تعرفين كيف عرفت !!

ام حرابة: كيف !!

: خديجة يارتنا في بيتنا الجديم عطتني العلوم ... تقول شافت ابويه وهو واقف عند القبر يوم كانت تمشي صوب الوادي عسب اطرش غدا حق ابوها في السوق الجديم

ام حرابة: شو وداه هناك !!

ريسه: الله العالم

ضربت ام حرابة فخذها وهي تندب بقلق وخوف: يا ويلي عليج يا بنتيه .... ثرج حاطه في فوادج وسااااكته

فجأة ... همست ريسه بقلب ينوح وروح تصرخ وجعاً: حرابة تحترق من داخل يا عفرا ... دخيلج ان قدرتي تريحينها شوي من اللي هي فيه لا تقصرين

ام حرابة: سايره اشوفها الحين

ريسه برجاء: وطمنيني عقب

ام حرابة بتحشرج: ان شاء الله

بعد ان أغلقت الهاتف .... همست بـ وجع خالص على ابنتها التي كانت تعشق اخيها المرحوم سهيل: يا عمري عليج يا حرابه ... يعل الويع يقطع فوادي ولا يجيس نبضن فيج
خل اسير اشوف شبلاها





في الطابق العلوي



طرقت الباب بهدوء وهي تنادي:
حرااااابة ...... حروبه امايه فجي الباب

عندما سمعت صوت رشاش الماء القادم من الحمام علمت انها تستحم

فـ قررت الدخول وانتظارها في الداخل

خرجت حرابة بعد خمس دقائق من الحمام وهي تنشف شعرها الأسود الغزير بمنشفة كبيرة غامقة اللون كـ باقي الغرفة بـ لون حائطها واثاثها البسيط البعيد كل البعد عن لمسات الانوثة/انتعاشة الصبا

قطبت حاجبيها متسائلة: خير امايه

تلألأت عينا والدتها بالدموع ..... وارتمت بحضن ابنتها بقوة

اتسعت عينا حرابة بارتباك .. وقلق .. لتسمع أمها تهتف بحشرجة وبكاء: فديتج يا روح امج .. فديتج .... داسه كل الويع في فوادج وساكتة

توترت وشعرت بالخوف على أمها .. فـ سألتها بحيرة:
امايه فديتج شو صاير ؟؟؟

: انتي وديتي يدج صيّاح قبر المرحوم !!!

تجمدت عينا حرابة وتراجعت وهي ترمي المنشفة فوق سريرها ...... لتقول باقتضاب: هيه
منو خبرج !!

ام حرابة: ريسه ... تقول وحده من الحريم شافتكم هناك عند قبره

حرابة بصوتها الجاف الغليظ: هالحريم ما يصكن حلوجهن موليه

سألتها أمها بوجع يشوبه القهر: ليش ما بغيتينا نعرف !!!

ردت بنبرة ثلجية جافة: لأنه مب شي مهم

: سهيل مب شي مهم ؟!

أغلقت عيناها بقوة ..... ثم همست بسرعة: امايه دخيلج

: طلعي اللي في فوادج يا قلبي .. انا امج ... لو ما رمستي وظهرتي اللي في فوادج حقي ... حق منو بتظهرينه !!


لانت تقاطيع وجهها بأسى مريع ............ مريع حد الموت !

ثم اقتربت من النافذة لتقف امام السماء الداكنة الخالية تماماً من النجوم ..... حتى من القمر المختبئ خلف الغيوم

همست بـ صوت خافت ........ أليم حد العذاب: هزرج بييني قلب اشوف سهيل هالسنة وهو يبرق في السما !!
(هزرج= أتعتقدين)


وضعت يدها على كتف ابنتها ولم تقاطعها ........ فـ همس ابنتها المعذب يعتبر من النوادر وستخسر الكثير ان قاطعت هذه اللحظة

: 15 سنة .....


صوتها غدا مختنقاً .......... غليظاً ............ قاسياً: 15 سنة وانا أحاول اشوفه
بس قلبي ما يطاوعني ............ ما يطاوعني موليه
تـ .... تعرفين متى آخر مرة حاولت اشوف نيم سهيل !
(نيم = نجم)


بلعت ام حرابة غصة كبيرة ..... لتسألها بخفوت: متى !!

: ليلة موته

وضعت أمها يدها على فمها كي لا تشهق ألماً

اردفت هامسة بنظرة مظلمة جامدة "ميتة": كنت اترياه اييني عشان نشوفه مع بعض .... كنت اترياه أيي ومعاه المنظار عسب يراويني النيم منه
بس هو ما يه ....... وانا ما شفت النيم هاييج الليلة
ما شفت سهيل ...... ولا مطلع سهيل



من غير ان تشعر ام حرابة بنفسها ... كانت دموعها تتساقط بشكل جنوني فوق وجنتيها

ثم همست بصوت مختنق باكٍ: الله يرحمه

: تعرفين امايه

نغزت قلبها بذات جمودها ..... الا ان سبابتها كانت ترتعش !

: سهيل .......... نار في قلبي ما بتنطفي


عندها .......... لم تتحمل أمها الحوار المؤلم والاعترافات المؤذية للفؤاد/الوجدان ......... خرجت بسرعة من الغرفة وهي تكتم شهقاتها الحادة المرتجفة

فـ قبل كل شيء ....... من كانت تتحدث عنه ابنتها هو ابنها الذي ارضعته من حليبها وسقته الحنان من وريدها ..



،,



نوراليا
امام بوابة الفندق



هتفت ببرود موشحةً وجهها عنه: شكرا اخوي محمد تقدر تروح الحينه

قال باصرار استفزها حد اللامعقول: تذكري ان عيني ما بتفارقج يا ام حامد

رفعت عيناها الى السماء وهي تزفر مقهورة .......... ثم قالت بحدة: يا رب صبرني .... ممكن تفهمني ليش هالمحاتاة اللي مالها داعي .... ياخي اعتقنننني
والله ما ايوز هاللي يستوي جدام رب العالمين ... انا حرمة معرسة وام عيال وقبل كل شي بنت عرب وناااااااس واخاف الله .... ترضاها على اختك يا محمد ترضاااااها !!

رفع حاجباً بغضب بارد وقال: نحن ما نسوي حايه تخالف شرع الله .... وبعدين قلتلج اسبابي ... شي ناس يبون لج المضرة .... تبينهم يمسونج بسو واسكت !!
لا والله

زفرت من انفها وقالت محتدة: شدراك ان حد يبا يضرني
شو السبب خبرني !!! الحمدلله ما من عداوة وكره بيني وبين حد

: مب لازم تعرفين
ثم اردف بصوت صقيعي مستفز: بتاخذين وتعطين معاي وايد ام حامد !!

غضنت حاجبيها وقالت ساخرةً بعصبية: لا والله .. حلوة هاي ملاحقني من مكان لمكان وعقب يستنكر اذا سألته شسالفة

لم تكن تشعر بنفسها وهي تتكلم بصوت عالي ... حتى ادركت ان الناس من حولها بدؤوا يحدقون بهما
فخافت ان يكون من بينهم احد يعرفها آتٍ من البلاد ... فتظهر بمنظر مشين امامه

امسكت جماح غضبها ... ثم اشرت بيدها نحوه وهي تقول بسخرية لاذعة: اشكر فيك نبلك واخلاقك بس ما بيصير شي لي ولهلي لو ربك مب كاتبه .... خل قلبك يستريح

: ماماااااااا

شهقت برقة ما ان اتاها صوت ابنها من بعيد

مشت نحو خالها والصغير ...... حتى وقفت امامهما وهي تهتف براحة .... فـ بعد كل شيء لم يمس احد خالها وابنها بسوء: حبايبي تولهت عليكم

فهد: ونحن بعد

نظر خلف كتف روزه ليضيف متستفهماً: منو الريال اللي كان وياج !!


"كان!!"


التفتت للخلف مستغربة وادركت ان محمد قد اختفى فجأة

عادت انظارها نحو خالها وهي تجيب متلعثمة: أ أ ها واحد مضيَع .... يسأل وين اقرب مصرف هنيه ... جان ادله على المصرف اللي سرناله انا وانت البارحه

فهد: اهااا


دخلت الشقة .. مع ابنها وخالها ......... واعدت لهما بعض شطائر الجبن الخفيفة قبل ان تقرر النوم علّها تُبعد كل ما حدث معها اليوم عن بالها

فتحت عيناها وحدقت بالسقف مطولاً ....... لا تعرف لمَ انقبض قلبها فجأة على تلك الصغيرة

يا ترى ما حالها الآن !!!

صحيح انها في الشرطة الآن ومن المفترض انها آمنة مع مأكلها ومشربها الا ان شيئاً ما يجبرها على القلق

تذكرت ملابسها المهترئة والمتسخة ... فـ زادت مشاعرها سوءاً وضيقاً

ظلت على هذه الحال دقائق طويلة جداً ... قلقة خائفة مرتبكة ... وتشعر بالمسؤولية نحو طفلة كانت سبباً غير مباشراً بيتمها اليوم

لا ارادياً ... نهضت حاملةً حقيبتها وحجابها ........ قبل ان تخرج متسللة كي لا يراها خالها او صغيرها





اخذت تتمتم بخفوت آيات السكينة بقلبها وتدعو الله ان يحفظها من ايدي السكارى المجانين والمتسولين المخيفين .... تعلم ان خروجها في هذا الوقت خاطئ لكن ما الحيلة وقلبها يصرخ رعباً على تلك الصغيرة المسكينة !!


بعد دقائق من السير على الاقدام وصلت لمركز الشرطة الذي كان يبعد عن الفندق عدة شوارع فقط

ابتلعت ريقها بسرعة واحكمت حجابها على رأسها ... ثم اقتربت من الباب الكبير للمركز

تراجعت متسعة العينان وهي تنظر من بعيد للشرطي الذي يمسك بالصغيرة ويدفعها بقسوة لشرطيٍ آخر

وضعت يدها على قلبها وألف فكرة مرعبة تسيطر على دماغها

اقتربت اكثر حتى يصل لها حوارهما ....... وانفجعت مما سمعت

صحيح انها لا تعرف الا القليل من اللغة السيلانية .... والتي تعلمتها في الحقيقة من خادمة المنزل العجوز قبل سنوات طويلة مضت ومن العمالة المساعدة في المحلات الشعبية والتي كانت تستعين بهن لاتمام مشاريعها العطرية

الا انها التقطت بعض الكلمات المفهومة هنا وهناك ..... وبعض الكلمات الإنجليزية البذيئة التي لا ينطق بها سوى الحثالة والمنحرفين اخلاقياً !!

وضعت يدها على فمها ما ان ترتبت الجمل بعقلها شيئاً فشيئاً

رباه

يريدون بيع الصغيرة لـ احدى دور البغاء !!

ويلي ............ ماذا سأفعل الآن !!

محمد ..... اجل محمد

لكن كيف سأجده بحق الله ........ كييييييييف !!!

تباً له ..... ألم يقل انه لن يبعد عيناه عني !!

اين هي عيناه الوقحتان المتلصصتان الآن !!




: يعني سويتي اللي كنت متوقعنه منج

قفزت بهلع ما ان اتاها صوته من الخلف .... هرعت نحوه وهي تهتف بأنفاس متقطعة: الحمدلله انك ييت ... إلحق على الياااهل يبون يبيعونها حق بيت دعااارة

هتف مصدوماً: شدراج !!!

: سمعتهم والله بذنيه هاييل .... إلحق محمد عليها دخيللللللللك

نظر محمد حوله وهو يسأل: وين ساروا !!! من أي درب !!!

اشرت نحو بوابة صغيرة كانت على يسار المركز مجيبةً برعشة: شفتهم يطلعونها من هاك الباب

توسلته مضيفة: دخيلك محمد ... دخيلك لا تخليهم يودووونها

امرها محمد بقسوة: خلج هنيه ولا تتحركين .... تسمعين !!

هزت رأسها هلعة وهي تهتف خائفة: ا ا ان شاء الله



،,



دفع الرجل برقة كتف ابنته آمراً إياها بحزم ناعم: شهد سلمي على عمج منصور ... قوليله السلام عليكم عمي منصور

قالت الصغيرة بخجل طفولي لذيذ لصديق والدها: السلام عليكم عمي منصوي

تأملها بافتتان ....... وتأمل فيها تلك البراءة المتفجرة بالرقة/الدلال الفطري

سخر منها اخاها الذي يكبرها بأعوام قليلة: ههههههههههههههه انطقي الراء زين فضحتينا

تلألأت عينا الصغيرة بالدموع واختبأت خلف ساق والدها غاضبة

نهره والده بحدة: سعيد يوز عن اختك عيب

لكن الأوان قد فات ... فـ الصغيرة قد دخلت في موجة بكاء مقهور حاد

حملها منصور مشفقاً عليها واخذ يهدأها بصوت هادئ حنون: لا لا ما يصيحون حبيبي .... ما يصيحون

اخذت تتذمر ببكاء وهي تغطي عين واحدة بظاهر كفها: كله يعيب عليه سعّود ... والله بخبر عليه مامااااااااااا

رمق منصور اخاها سعيد بتأنيب ... قبل ان يقول لها مشجعاً: انتي عيبي عليه بعد

شهد بذات بكاءها وغضبها الطفولي: هو يتكلم زين بس انا ما أتكلم زين

كتم ضحكته بقوة لأنها ختمت جملتها وهي تحاول ضرب شقيقها

بعدها امر منصور ابن صديقه بحزم كتم معه ابتسامته المتفكهة: سعيد قول حق شهودة آسف

ابتعد سعيد وهو يصيح بنبرة مغيظة ضاحكة: ماباااا هههههههههههههههههههه

زاد من حدة عيناه وهو يأمر الفتى بالاعتذار: سعيد

: خلاص خلاص آسف

شتمته بحقد: حماي واحد

نهرها والدها: شهوده عيب

عض منصور شفته السفلى وهو يتأمل المشاحنة بين الأخ واخته ........ وتذكرها

رغم عن كل شيء تذكرها ......... هي فوق النسيان ......... فوق الذاكرة .......... هي فوقه بكل نصخ فيها وفيه





ماضٍ يتحدث

أمريكا – ولاية فلوريدا





طرقت نافذته بقوة: يا اخ يا اخ

انزل نافذته قاطباً حاجباه بتعجب

: يا اخخخخ

رمقها بغباء مصطنع ليقول ساخراً: ايوه يا اخت

سألته وهي تؤشر بيدها بحدة: وين يايح ؟؟؟

هتف باستنكار: نعمم ؟؟

كررت بصبر نافذ حاد: وين يايح بسيعه قووووول

احتدت نظرته وهي يقاطعها بقسوة: انتي منو عسب ....

قاطعته وهي تتذمر بصوت عالي:
استغفي الله العظييييم

ومن غير ان تعيره اهتمام قفزت داخل سيارته ..... في المقعد بجانبه .... وأضافت آمرة بوقاحة:
ودني شايع 33 بسييييييعه

اتسعت عيناه بذهول مستنكر وقال:
يااا

توسلته بعيناها الخضراوتان الفاتنتان: الله يخليييييك بسييييعه قبل لا يزخوووووني

وتحرك ..... مجبوراً بطريقة متوترة حائرة خرقاء

امرته بغضب يشوبه الخوف: بسيعه بسيييييعه

اخرسها وقد ثارت اعصابه واحقاده عليها .. فمن هي لتدخل سيارته عنوةً وتأمره بوقاحة ان يفعل ما تطلبه:
جب انزين خليني اركز

: انت ايييه ليش تقولي جببب

التفت نحوها بحدة هادراً باستهجان: حادرة موتريه غصب وتزاعقين عليه !

شهقت وهي تلتفت للخلف ...... ثم هتفت بصوت غاضب متوسل خائف: بسييييييعه

هتف بقهر ماكن: لا حول ولااااا...

قطع كلامه صوتها الخافت وهي تلتفت حولها برعب: يا يبي يا يبي شو اسووووي

لم يتحمل ...... انفجر ضاحكاً عليها ولم يشعر ابداً بالحرج من انفلاتة ضحكته

اشرت لليمين بتوتر شديد: لف يمين لف يمييييين


اخرسها حينها بعنجهية وما زالت بقايا ضحكته تسود تقاطيع وجهه: اعرف الدرب صخي

صاحت محذرة إياه: في سيايه جدامك شووووف

منصور بعصبية: جججججب

سكتت ... ليس لأنه امر بذلك ..... انما لأنها كانت لاهية كلياً عنه وعقلها بأكمله مع الرجال الذين يلاحقونها في الخلف

امرته ان يتوقف امام احدى العمارات ...... فـ توقف بحدة وترجلت من السيارة بسرعة

دخلت العمارة .... وهو ...... ولسبب لم يعلمه ...... تحرك مبتعداً عن العمارة الا انه توقف بمكان آخر وظل يراقب الوضع من بعيد !

رآى رجال مفتولي العضلات يدخلون العمارة ..... فـ زاد استغرابه وفضوله



بعد ربع ساعة ...... خرج الرجال من العمارة .......... وبعد خروجهم بخمس دقائق خرجت هي !


زم فمه بتفكير .... قبل ان يخرج من سيارته ويسير باتجاهها ...... حتى وقف امامها بجسده الطويل

ناداها كما نادته هي اول مرة: يا اخت

تهلل وجهها وهي تهتف بعفوية: اوووه انت بعدك هنيييه !!

سألها ببرود: ليش كنتي شاردة عن هالناس !!

استفزها بنبرته المتسلطة الوقحة فـ زجرته بحدة: وانت شو يخصصصصصك !!!

: لي خص دام حدرتي موتريه غصب وخليتيني ادخل في سالفه انا مالي خص فيها

قالت مستنكرة: نعممم !!!!
ما دخلتك في اي ساااالفه .. اللهم بغيت منك توصيله بس

مد يده نحوها فسألته متعجبة:
شو ؟؟؟

: فلوس التوصيلة

شهقت برقة لتقول باحتقار:
ما تستحي تطلب فلوس على توصيلة بنت
وين اليجوله وين الشهامة !!

حرك يده غير آبهاً لأي كلمة قالتها:
الفلوس

زمت فمها بغضب ...... ثم تذكرت انها لا تحمل في جيبها الآن اية نقود ...... فقالت بحدة: ماعندي شي الحينه .... ولا حتى فلسسس

رفع حاجباً ببرود وقال: مب مشكلتي

زفرت بقهر وهي تهتف بنفاذ صبر: يا اخخخ

أكملت وهي ترفع حاجبيها بتعجب: الا تعال .... شو اسمك انته ؟؟

ذهل من جرأتها فقال مشمئزاً: انتي ما تستحين ؟؟

قالت وهي تضع يدها على خصرها: مب قاعده اغازلك اناااا ....... شو اسمك ؟

أجاب بغطرسة ..... وضجر: منصور

: يا اخ منصوووووي ....... شوف ....... بعطيك يقمي وعقب دق عليه عشان نتفاهم

منصور برفض ساخر: لا ابويه .... لا ابا يقمج ولا ابا اتفاهم
عطيني بيزاتي الحينه وخليني اتوكل

: والله العظيم مب ناوية اسيق بيزااااااااتك
خذ يقمي وانا اوعدك اكلمك ... سايه يوم توعد توفي

نطق الاسم بتعجب اخرق محاولاً ترجمة الكلمة بداية الامر: سايه !!!

تجاهلته وهي تفتح حقيبتها وتخرج منها ورقة وقلم ... كتبت اسمها الكامل عليها ورقمها

"سارة عبدالرزاق الـ.."

ثم طوت الورقة ووضعتها في يده بخشونة

قبل ان تبتعد عنه مهرولة وملوحة بيدها له .... وتصيح بشقاوة: سي يووو منصووووووي



حاضرٌ يتحدث



: عمي منصوووووووي

هتف بشرود للصغيرة: لبيه حبيبتي

سحبته من يده وهي تقول: تعال ألعب معانا في اليمل وسولي قصي

ابتسم بـ حنان عبق لها .... لينجر خلفها طواعية من غير معارضة

الأطفال هكذا ..... يجعلونك "بـ فتنة السماء فيهم" تنجر خلفهم وتعود سنين طويلة للوراء متذكراً اياماً هي الاغلى والاجمل والاطهر في روحك



،,



مساء اليوم التالي



في وقت فراغها "النادر" تحب الاختلاء بنفسها والذهاب الى السينما ومشاهدة فلم ما ... وبالفعل انهت آخر اشغالها واتجهت لأقرب مركر تجاري على طريقها

هناك ... اشترت تذكرة لها .... ثم علبة ماء دافئة وفشار بنكهة الكراميل ..... ودخلت قاعة السينما

بعد عشرة دقائق من جلوسها ........... شعرت بأحدهم يجلس قربها .... كانت امرأة الا انها لم ترى ملامحها ابداً فـ الظلمة المحيطة في المكان حال بينها وبين ذلك

: السلام عليكم

ردت حرابة بـ تهذيب: وعليكم السلام

: ان شاء الله الفلم يسوى اشرد عن ربيعاتي وادخله غصبن عنهن ههههههه

رمقتها حرابة باستغراب بارد ...... لكن وما ان ابصرت بسمة الفتاة المشعة البريئة الظاهرة بسبب ضوء الشاشة الساطع حتى وجدت نفسها تبتسم بـ لطف نادر ما يخرج منها ... وقالت: ان شاء الله

ثم صمتت

: اممممم يقولون الفلم مقتبس من قصة حقيقية

حرابة لا تحب الثرثرة ..... تكرهها في الحقيقة .... خاصةً من الاغراب ............. لكن الفتاة اجبرتها على الالتفات نحوها مرة أخرى وتقول بـ هدوء تام بعيداً هذه المرة عن الابتسام: هيه ... احداثها صارت صدق قبل اكتشاف النفط

: اهااا

وصمتت الفتاة مما جعل حرابة تحمد الله وتشكره في قرارة نفسها

عند منتصف الفلم ...... صرخت الفتاة فجأة: واااااااااااااي

انتفضت حرابة وهي تقول بعفوية مرتبكة: شبلاج ؟

: ما شفتي الحوت كيف ضرب المركب ! .... يخووووف

اعتدلت حرابة بجلستها رامقة إياها بضجر .... لتصمت بعدها ولم تعلق

بعد انتهاء الفلم ..... اضيئت الانوار ........... التفتت الفتاة نحوها قبل ان تقول منبهرة: ما شاء الله .. انتي حلوة وايد

رمقتها ببرود خاطف وهي تحمل حقيبتها السوداء الا ان لسانها توقف عن الإجابة

فـ من كانت تتكلم عن "الحلاوة" ...... تحمل كل جينات الجمال والفتنة !

يكفيها عيناها الكبيرتان واللتان تقريباً تحتلان معظم تقاطيع وجهها الأبيض الدائري

انزلت حرابة اهدابها وهي ترد هامسة بمجاملة: تسلمين من ذوقج

وابتعدت عنها متجهة نحو الخارج الا ان الفتاة لحقتها وهي تهتف بلهفة: لحظة لحظة ممكن سؤال ؟

رمقتها بغرابة وتوقفت لأجلها

سألتها الفتاة بضحكة خجولة: شو اسمج ؟
هههههههه الصراحة ارتحت لج واباج تساعديني بشغلة ضرورية

ردت حرابة بصوتها الخشن المعتاد: حرابة ليث

فـ اردفت وهي ترفع حاجباً بنظرة متمعنة: انتي مب من هل البلاد ؟

: ليش ؟

ردت بعفوية انما حازمة متشككة: مب غروراً او تكبراً مني لا سمح الله ..... بس الصغير والكبير في هالبلاد يعرف منو انا

: لا انا إماراتية بس عشت كل حياتي في هولندا

مدت يدها لتضيف ببسمة حلوة: جواهر سعود الـ...

بادلتها حرابة سلام الكفوف وقالت: تشرفنا اخت جواهر

جواهر: ما بعطلج .. بس ممكن تساعديني بشغلة دام انج اعلم بالبلاد اكثر عني

حرابة: آمري

: ما يامر عليج ظالم .... ممكن تخبريني كيف اروح شارع الدفاع من هالمول ؟

هتفت حرابة موضحة: شارع الدفاع داخل مدينة بوظبي .... وهالمول برع المدينة ..... عشان ما تتخربطين بطرشلج اللوكيشن احسن

استلت هاتفها وهي تكمل بصوت هادئ: عطيني رقمج

اعطتها جواهر رقمها ... لتصلها بعد ثوانٍ موقع الشارع التي ترغب بالذهاب إليه

شكرتها جواهر بامتنان: تسلمييين والله ما تقصرين .... انا باجر عندي مؤتمر في فندق على الكورنيش بس قبلها أبا اشوف كمن محل في هالشارع بس ما ادله

هتفت حرابة بشبه ابتسامة: ولا يهمج جواهر .... عيال البلاد كلهم في خدمتج

جواهر: من طيب اصلكم والله .. يلا مع السلامة

لوحت لها وذهبت

رمقتها حرابة عدة لحظات ..... قبل ان تهز كتفيها ببرود ....... وتكمل سيرها للخارج



،,




خرج من منزل عمه "منزله السابق القديم" واضلعه تتعارك حول صدره مرارةً وعذاباً
دخوله هذا المنزل كان لابد منه
فـ كم سينتظر اكثر لزيارة عمه المريض وهو الذي لم يره منذ مدة طويلة !
لكن ................... لمَ العذاب لا يعتقه لوجه الله !!
لمَ يالله !!

كان يسير وعيناه على الأرض ..... لا يريد ان تقع عيناه على أي شيء مس قديماً رائحة ذلك الغالي
ذلك الراحل القابع بالوجدان
ذلك القتيل "الذي قتلهم برحيله !

آه يا انت
رحيلك كسر وآه
رحيلك فقد وبكاء
رحيلك عمراً نسى الاحساس وتبنّى الخواء




لكنه ... وعند مشارف الوادي ... توقف

مرتجفاً ... تائهاً .......... وصريع موتٍ لم يمس عظامه الى الآن !

كان يرتجف فعلياً .... يمشي ولا يعرف أيكمل خطواته نحو الجحيم ام يعود ادراجه ويتناسى كل شيء كما حاول بقسوة تناسيه 15 سنة كاملة !
لكنه ظل يمشي ..... ويمشي

تارة يسمع ضحكات سهيل

وتارة اخرى صرخات

ولعنات




انتفض فجأة بمكانه خارجاً من شروده الظلم ..... وهو يستدير للخلف

ليرى رجل طاعن في السن .... مرعب الشكل حد السماء/الأرض

علامات الشقاء والضنك تغزو محياه بوحشية

حتى ان منصور من غير ان يشعر همس:
اعوذ بالله .... ها انسي ولا يني !!


اقترب الرجل منه وهو يسأل بعيناه الجاحظتان الزرقاوتان "ازرقاق شمل كل عينه وليس القصد انه صاحب عينان زرقاوتان": وينه

تلعثم منصور وهو يبتعد عن الرجل بريبة والى الآن يشك ان كان آدمياً او من الجن: منو !!


فتح الرجل فمه ليخرج منه دماء كالسيل ....... وكرر سؤاله على منصور وقد تقدم اكثر فـ اكثر: و...ويييييينه !!

وقف منصور بقوة وأبى التراجع اكثر ........... فـ ان كان الذي امامه جني ......... فـ هو قد تعامل مع الكثير من الجن في صغره ........... أليس هو ابن وادي ابوالجن قبل كل شيء !!

ركز ناظره على الرجل ثوانٍ معدودة ........ عندها شعر أنه رآه بمكان ما لكن لا يتذكر اين بالضبط !!
غير ان هيئته المرعبة المريعة وتصرفاته المشككة بآدميته جعلاه يشك هو شخصياً بما جال في باله

قال بنبرة حادة: شو انت ! انسي ولا يني !



: ويييييينه


فجأة ركض نحوه ... ظن منصور انه سيهاجمه فأخذ وضعية الدفاع الا انه انصدم ما ان انكب الرجل الكبير على الأرض مقبلاً رجلاه بجنون


اخذ يتوسل لمنصور بنبرة هستيرية مرتعشة لا تمت للعقل بصلة: قوله يسااااامحني
قوله يحللني دخيلك
قوله يحررني من هالعذاااااااااااااااااااا ب
انا اموووووت
امووووووت

دفعه منصور مرعوباً .... ف الرجل كان بحق كمن خرج للتو من جهنم !!

بلا ايّة مبالغة


سأل ووجهه اصبح شاحباً مصفراً: مـ منوووو !!!


لم يجبه الرجل بل ظل يضرب برأسه الأرض ويصرخ ملتاعاً متعذباً: انا امووووت
اموووووووووووت


قال منصور بعصبية تشوبها الحيرة والتوتر والضياع: يا بويه اذكر الله اذكر الله
خبرني شبلاااك


اخذ الرجل بعدها يصرخ بهستيرية وبكلمات غير مفهومة .... وهو يتقلب كالمجنون امامه

ظل على هذه الحال ثوانٍ حتى استكان .............. ثم قام بجمود وابتعد وكأنه اصبح آدمياً غير الذي كان

منصور ............ ومن هول ما رآه ........... شعر ان دمه قد جف من جسده تماماً

رن هاتفه فجأة ........... فـ كانت مديه ابنة أخيه شاهين

ام المسك: منصووووري

: احم .... هلا فديتج

ام المسك: وينك ابا اشوفك ...... انا الحينه عند امايه ريسه

رد عليها بلعثمة ..... واختناق: اناا .... ا ا ياي ياي في الدرب

سألته بقلق: شبلاه حسك ؟؟

اكملت متسائلة وشعور القلق فيها يتزايد: انت وين ؟

: قريب قريب ... يلا مع السلامة

رفعت حاجبيها بحيرة ... قبل ان تقول بخفوت: مع السلامة




نهــاية الفصــل الخــامــس




،,





هالله هالله بالتعليقات بنوتات والتحليلات الكونانية
فرحوني شوي ... انتو كرماء وانا استاهل



وكان likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-07-20, 05:01 PM   #9

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صلوا على سيدنا محمد
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وآل محمد



،,



وهذا نص جميل نفتتح به بارتات اليوم يا عسولات ...



في داخلي .. شيءٌ عميق .. يتربع على عرش كبير في منتصف قلبي .. يملك تاجًا مُبهرًا يتلألأ في عتمة صدري .. تخرج منه فراشات صغيرة فيفتح لها شراييني .. شريانٌ شريان .. و تحلّق إلى النور بعد طيات من الظلمات .. أراقبها من ركنٍ قصي ، أرغب باللحاق بها .. اتوق للتحليق بعيدًا عن شرنقة الظلام التي تحيط بي .. ولكنه قد قام بتكبيلي سلفًا .. و أصبح يتحكم فيّ كيف يشاء .. تارةً يرخي الخيوط من حولي حتى أرى النور فأرغب في أن أسيرُ إليه .. حينها يعود فيطبق عليّ مجددًا و يشد وثاقي حتى لا أرى سوى الظلام الحالك .. أراقب رفرفات جنحان الفراش .. و اشعر بها تضرب في أضلعي بقوة موجعة .. ولا استطيع اللحاق بها .. فإلى أين المصير ؟؟

#طعون




،,




(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)



الفصل_السادس





متوترة ... حائرة ... مضطربة ....... أصبحت في هذه الحالة البائسة منذ ان اتصل بها ابن اخيها الكبير يلقي السلام عليها ويطلب مقابلتها

كان لطيفاً معها في الحديث ..... مهذباً ..... راقياً بصورة مبكية !

يالله .................. أكانت قد حلمت بهذا أيام عز خلف ابوالشريس ومجده العتيد !

بالطبع لا ...... وابداً

هي كانت فقط تحلم بمقابلة ابيها بوجهه البشوش وتقبيل رأسه وهي تسمعه يتمتم بكلمات الحب/الفخر لها

الا ان حلمها كان ولا يزال ينوح حسرةً في لب روحها المخدوشة !


غابش ........................ اسمه فاخر

أيكون لقاءه فاخراً كذلك ام سيخيب ظنها كما كان والدها يفعل على الدوام !

لا لا ..... لمَ يخطو خطى جده ان كان سيطلب مقابلتها .... وفي منزله !! .... لكن لمَ منزله بالذات ؟!

هو حتى لم يسمح لها بدعوته الى منزلها ؟!

غريب هذا الغابش ..... واتصاله اليوم اغرب ...... الا انه الاجمل


التفتت لخادمتها وقالت بهدوء اخفت خلفه توترها الطبيعي ولهفتها العظيمة: شيري .. خلج مع الدريول انا نص ساعه ورادتلكم

نزلت من السيارة "الواقفة في وسط باحة المنزل" ما ان لمحت شاباً طويل القامة عريض المنكبين يفتح باب منزله بنفسه

ويقترب منها ببسمةٍ مشعة تعلو تقاطيع وجهه

إلهي .............. وكأنها ترى اخاها عبدالرحمن قبل خمسة وعشرون سنة امامها

اقترب منها وهو يسلم بصوت رجولي مجلجل فخم: حيهممم وسهلا ..... حييييهم وسهلاااا

قبّل رأسها بتهذيب جم ... ليكمل تحت نظراته الساقطة على عيناها المتلألئتان بالدموع: يالله انك تحيي هالشوفه في ذمتيه

همست بـ صوت خرج مختنقاً رغماً عنها .... منبهراً رغماً عن قلبها الملتاع: غـ غابش

لمست صدره بأصابعَ مرتعشة ............... لتسمعه يردف ببسمة كانت كابتسامة البدر ليلة اكتماله: بشحمه ولحمه ..... غابش بن عبدالرحمن بن خلف بوالشريس




لم تستطع التفوه بكلمة من هول المشاعر الهائجة في روحها/وجدانها ........ ومن غير ان تشعر ... وضعت برقة رأسها على صدره
وانخرطت في بكاء رقيق موجع حد العذاب !


احتضنها برفق ... ورغماً عنه تأثر ... والدته قصَت عليه منذ زمن بعض ما حدث لعمته في صغرها وصباها وشبابها ..
جده خلف بوالشريس قد خلّف رمادات من القلوب المحترقة خلفه !
رحمك الله واباحك يا من اصبحت تحت التراب ..


ادخلها منزله وقد كان سبب دعوته لعمته في منزله فقط ليتجنب العزائم والرسميات وذبح الذبائح .... كان يرغب برؤيتها في مكان هادئ ولوحدهما .... على الاقل كـ بداية للتعارف واخراج تراكمات النفس وحساسية سنين البُعاد ..



،,



قالت لجدها بحنق ناعم .... حنق لا يصل حتى لمعناه الحقيقي من طريقة كلامها الساذجة الطيبة: ليش دوم تهازبني يدي ترى ما استاهل !!

رمى علبة الدواء بعيداً .... امام ناظرها وناظر خادمه الهندي عبدالله ...... ليهدر بحدة: لأنج صدعه .... خوزي مناك خوزي مابا الابرة هوَنت

رمقته بحزم ..... وقالت معترضة بأسلوب استفزه اكثر واثار اعصابه:
لا يا تاج راسي لا ..... غلط اللي تسويه .. ابره الانسولين لازم تاخذها يومياً ولا نسيت رمسة الدكتور !!

صرخ مغتاظاً حد اللامعقول:
طهف يشلج انتي وعبود ودكتورج ... قلت ماباها خلاص زووووولي

حركت رأسها بـ استنكار بارد بشدة ........ وهي تهمس بنبرة ناعمة:
يا ربيييي .... كل ها عشان سألتك وين سرت ويا حرابة هاك اليوم ؟!
ترى عادي مجرد فضول لا اكثر

احتدت نظرته بشكل مرعب وهو يقاطعها بغلظة:
اللقافه مادانيها مديوه

وضعت يدها على خصرها وهي تقول:
اسمي ام المسك

حرك يده بعصبية ليقول باستهزاء قاسي:
مديوه ووايد عليج

هتفت بصوت حاولت إخراجه بحزم اشد الا انها فشلت فـ نعومة صوتها ورقته لا تساعدانها ابداً: يدي

الجد صيّاح بنفاذ صبر جلي: وقفعه ..... ريسه تعالي شلي بنتج تراها قذذذذذذذى
(قذى = مزعجة)


قالت متجاهلة هديره الغاضب/شراسة طبعه: لو خذيت ابره الانسولين بخليك تاكل تمر قوم بن فهيم

وكأن ارنباً صغيراً كان يشتهي قطعة من الجزر اللذيذ ............. هتف بفظاظة رغم ان قلبه يرفرف سعادةً:
ريسه دسته

حركت حاجبيها بشقاوة وهي تقول:
انا اعرف مكانه


صاح مغتاظاً وهو يأشر نحو الخادم بالاقتراب نحوه واعطائه ابرته المعتادة: يلا انزين زولي وخلي عبود يشوف شغله

ضحكت بغنج شقي وهي تخرج من غرفة جدها:
ههههههههههههه رجاله ما تجيش الا بالعين الحمرا



ما ان خرجت من الغرفة حتى سمعت صوت محرك سيارة تقف داخل باحة منزل جدها

شهقت بسعادة وهي تخمن انه بالتأكيد عمها منصور

رباه كم اشتاقت إليه ... ولم يخب ظنها


عدلت حجابها على رأسها وهي تقفز بطفولية امام باب المنزل وتناديه بحماس: منصووووووري

اقتربت بخفقاتِ مشتاقة عندما تأخر عن النزول من السيارة

فتحت بابه وهي تنادي بدلع: عمي منصووووري

انتفضت متراجعةً خطوة كاملة ما ان رأت وجهه الشاحب كـ شحوب الأموات

وضعت يدها على قلبها وهي تهمس بعفوية قلقة: عـ عمي ..... شـ شبلاك !!!



كان يرتجف

بل لا يزال يرتجف ......... ارتجافته لم تهبط وتهدأ حتى بعد قضاء عدة ساعات في السيارة عائداً من وادي ابو الجن الى العاصمة ابوظبي

كررت وهي تقترب منه بخوف عاتٍ: مـ منصور ... شـ شوو

شهقت هذه المرة بحدة عندما لمحت دمعة حارقة تنزل على خده ...... دمعة ترافقت مع ارتجافته الغريبة غير المفهومة وعيناه الجامدتان الميتتان !!!

ما به عمها بحق الله ......... لمَ وجهه وكأنه والعياذ بالله رآى ابليس بأم عينه ولمسه بيداه الاثنين !!

لم تعرف مديه ان منصور كان ما يزال تحت تأثير ذلك الرجل المجهول وتحت تأثير حضوره المرعب/كلامه الأكثر رعباً !

زمليني يا ابنة اخي ...... زمليني يا من كنتِ لي الأخت قبل المهد ......... والرفيقة قبل تشربك الروح بالجسد ....
زمليني واخرجيني مما انا فيه

عرفت ان مصيبة حلّت على رأس عمها والا لما بكى ......... إلهي .............. أيبكي منصور بعد هذا العمر !

احتضنت رأسه بحنانها المتفجر وهي تهمس بصوت مكتوم متهدج خائف: عمي حبيبي شبلاك !! شو مستوي !!!

لم يجبها ...... بل امال جسده نحوها واحتضن خصرها بقوة شديدة !

رباه .... ويبادلها ايضاً الحضن !
لا لا ......... الامر تعدى العقل ...... ما به يا رب البشر/الشجر !


تساقطت دموعها من غير ان تشعر ............ إلطف به يالله .... وارفق بروحه الباكية فإنها نصف روحي



،,




بعد ثلاثة ايام
وقت العصر تحديداً



كان يشرب الشاي الأحمر مع والداه ............... قبل ان ينزل كوبه ويقول بهدوء: وين غيث ورحمة ؟!

اجابته والدته: ساروا قبل شوي دبي ... رحمة تبا تتشرى كمن غرض من وافي مول

اومئ برأسه متفهماً قبل ان يقول لوالده مباشرةً: الوالد

نظر له والده بردة فعل عفوية بينما اردف هو بنبرة مظلمة مبهمة: موافق

: على ؟!

غابش وهو يضع كوبه على الطاولة: على موضوع زواجي من بنت اختك

اتسعت عينا امه صبحة وهي تقول مذهولة: صددددق !!

قال بحزم بارد: بس على شرط

أبا غابش بحاجب مرفوع: شو

هتف غابش وهو يرفع جانب فمه بسخرية مبطنة:
الظاهر تغليها من الخاطر بنت اختك

أبا غابش بتعجب فخم كـ جلسته الرجولية الوقورة: شعنه !!

غابش: لانك مب بالعادة تكون هادي ومتساهل ان شرطت عليك حايه

أبا غابش وهو مازال محافظاً على اناقة وفخامة نبرته: قول شو عندك

قال فجأة بوقاحة باردة وعلى نحو اثار صدمة والداه:
بنت اختك حلوة

فغرت امه فمها بنظرة مضحكة وهي تسأله مندهشة: ها !! ...... وين شفتها انت !!

: في محطة البترول

سأله والده ببسمة خافتة فيها الكثير من اللهفة "المُخبّأة": عيبتك !!!

: إن قلت هيه جذبت وان قلت لا بعد جذبت

أبا غابش: المعنى ؟

هز كتفاه بلامبالاة ليقول: مثل ما يقولون .... مثيرة للاهتمام

حدقت ام غابش نحو زوجها بنظرة ذات معنى ثم سألت ابنها: انزين شو شرطك ؟!

قدّم ظهره الى الامام وهو يسند ذراعاه على فخذاه ويشبك أصابعه ببعضهما البعض: الزواج بيتم بطريقتي انا وبس

هتف أبا غابش بنبرة مريبة فيها الكثير من الحذر: ما فهمت

التمع بريقاً قاسياً امام مقلتاه .......... وقال مجيباً بأعصاب صقيعية حد النخاع: بنفهمك يالشيخ عبدالرحمن



،,



هولندا
في احدى ضواحيها الخضراء المتشربة بجمال رباني لا يُضاهى





يطفو بجسده اللامع على سطح الماء .. مغلق العينان ملتقطاً أنفاسه بشكل عميق كي يهدأ نبضاته التي تسارعت من ممسارته السباحة ساعة كاملة من غير توقف

ببطء شديد .... فتح عيناه وهو يلتقط بسرعة همس خادمته العجوز: سير


ورآها تمد الهاتف للأمام لتخبره من غير كلمة إضافية ان مكالمةً تنتظر الرد منه


قال وهو يغلق عيناه بذات بطءه السابق:
بعد قليل ليتا

اومأت ليتا برأسها بإجلال بالغ وذهبت مبتعدةً عن سيدها الذي ما زال يفترش سطح الماء بتملك سادي فطري

فكل ما حوله هو ملكُ له ..... حتى الضاحية التي يقطن فيها والتي اختارها منذ زمن بعيد ليبني عليها قصره المهيب الضخم !




بعد دقائق طويلة



التقط هاتف المنزل من الخادمة بعد ان رن من جديد للمرة الثالثة ليقول بصوته الغليظ الهادئ:
مرحبا انجلينا

: اهلا بالمتواضع الصامت على الدوام

قال واصابعه تكتب رسالة لأحد موظفيه من هاتفه الشخصي: اختصري الحوار عزيزتي انجلينا

ابتلعت غيظها من برودها وفظاظة أسلوبه لتقول بابتسامة مصطنعة: امممم اعزمني الليلة على عشاء لن انساه

: الليلة لدي عمل مهم لا يقبل التأجيل

سألته بفضول مستفز: ما هو ؟!


رفع حاجباً ..... ليقبل ان يعدّي فضولها وتجاوزها للحدود بمزاجه فقط ....... ثم قال:
سأذهب مع التوأمان لمنزل الجد

تأوهت بحرج زائف: اوووه المعذرة


: لا مشكلة


انجلينا: هل استطيع ان انضم إليكم ؟!


نظر من نافذة مكتبه ...... لتوأماه اللذان يلعبان في الحديقة ..... وفكّر ساخراً

يكرهونها حد اللامعقول فـ كيف يستطيع دعوتها بسهولة لمنزل جدهما !!

قال لها بصوت حازم مباشر: في وقت آخر انجلينا

قالت انجلينا وغيظ داخلي يموج بين عروق جسدها: اوه حسناً


هرع ابنه آدم "الأكبر من الثاني بدقيقة واحدة فقط" نحو والده وهو يصيح بحماس مبتهج: من هذه ابي !! أهي جوجي !!

خرجت نيران من فتحات انفها وهي تسمع ابنه يهتف باسم تلك الفتاة التي تكرهها حد النخاع لكنها سكتت مخافة ان تتفوه بكلام يثير غضب ديدريك منها


أجاب ديدريك ابنه بصبر حنون: لا عزيزي انها انجلينا

عبس ابنه بوجهه متقززاً وهو يصيح مبتعداً: يععععععع

رمق ابنه بذهول شابه الحرج ....... وفتح فمه كي يعتذر من انجلينا الا انه سمعها تضحك برقة وتقول بلطف: لا عليك عزيزي ديدريك

تنحنح بذات حرجه ............ ليقول بعدها بهدوء: الى اللقاء انجلينا

: الى اللقاء

هرع جاكوب ابنه الثاني نحوه ..... وهو يهتف متلهفاً/مشتاقاً:
اريد ان احادث جوجي يا ابي .... اتصل بها...... ارجوك ....... ارجوووووك


تنهد بقلة حيلة ........ واتصل بها مرغماً

رفعت الخط بعد ثوانٍ ....... هاتفةً بنبرة مشاغبة: أهلا بالمتشرد

: مرحباً

وقبل ان يدعها تفهم سبب اتصاله بشكل خاطئ ... اردف بسرعة:
الاطفال يرغبون بمحادثتك

همست رغماً عنها بلغتها الأم: وه وه فديييييتهم

: ماذا قلتي !!

عندما استوعبت ما قالته ..... قهقهت بنعومة لتقول بعينان تلتمعان بالخبث: لن اخبرك ..... هيا دعني احادثهما بسرعة .... فلقد اشتقت لهما كثيراً

،,



ثلاثة ايام وهي ماكثة بجانب عمها ولم تعد لمنزلها ..... ثلاثة ايام وهي بعيدة عن عيناه كما هي بعيدة منذ سنين عن ملمس يداه

رغم هذا كان يأتي يومياً عندها ليطمئن عليها/على عمه منصور

قديماً كان يستغرب حبها الشديد للعم منصور الا أنه فيما بعد قد تفهّم هذا بسبب ارتباط الاثنان ببعضهما البعض منذ مرحلة الطفولة كما ترابط اخته روزة بهما

هو وخليفة شقيقه لم يتربيا على يد ريسه كـ روزه الا ان محبتهما في قلب العمة الكبيرة ليست بأقل من محبة ربيّع .. منصور .. روزة .. مديه في قلبها

ولا ينسى ذلك الراحل الحاضر

سهيل ابن عمه رحمه الله

كان اصغر من ان يعرف أسباب المصائب التي حلّت على العائلة في الماضي
فـ اصبح كبيراً جداً على التساؤل بنفس تلك الأسباب .... فما ان يهم بالسؤال حتى يسكته والداه ... لا لشيء ... فقط رعباً وخوفاً من ردة فعل الجد صيّاح !

ام المسك ... آهٍ منها
ظلّت قرب عمها الذي سقط ضحية حمى شديدة غير مفهومة الأسباب .... حمى جعلت الجد صيّاح يتنازل ويأتي له حتى باب غرفته ليطمأن عليه

الجميع ارتعب
الجميع أصابه الذهول

كيف غدا منصور بهذا الشكل البائس المزري وهو الذي قبل ثلاثة أيام كان كالخيل الجامحة !

سمعوا انه كان في زيارة للبلدة القديمة ... لـ وادي أبو الجن

لكن ......... لكن مالذي أصابه هناك بحق الله !!



تنهد بصوت غير مسموع .... ووقف ما ان اقتربت منه ام المسك وبيدها كوباً من القهوة الكريمية

: تفضّل هزاع ... سويتلك كابتشينو

اخذ منها كوب القهوة الذي يستلذ بطعمه خاصةً ان كان من عمل يدها ..... وهو يتمتم بهدوء: تسلمين

: الله يسلمك

جلس وهو يسألها باهتمام: شو صحته الحين ؟

هزت رأسها بعينان مرهقتان لتقول: الحمدلله اليوم قدر يتغدا من غير ما عزك الله يرجع اكله

تأتأة بحركة تظهر تماماً استياءه وقلقه .... ثم قال: الله يشفيه ويعافيه

بلعت غصة مريرة قبل ان تهمس بصوت شفاف حزين: عمره ما كان جيه

هزاع بيقين: ماجور ماجور ان شاء الله ... ما خبرج شو صار له يوم كان عند يدي يابر ؟

حركت رأسها بالنفي وقالت: ولا طاع يرمس

صمت على مضض ...... ليهتف اخيراً بالجملة التي كانت تطبل في قلبه منذ أيام: بتردين اليوم البيت !!

: ماقدر

كان يريد ان يخبرها بقهر ملؤه الشوق ... ان العمه ريسه بجانب منصور فلمَ يجب ان تظل هي بجانب وتهتم به ... لكنه آثر الصمت كما يآثر كبت مشاعره الحارقة في روحه .. وقال باقتضاب: على راحتج

ابتسمت له برقة حنونة وقالت: روح عند حرمتك وعيالك هزاع .. انت من الصبح هنيه

تتحدث معه بغرابة رغم العفوية الظاهرة في صوتها ....... بإرهاق رغم ابتسامتها المسكية !

ابتسامتها مسكية ....... الا انها باااااااااردة
عديمة اللون/المذاق
مستفزة بشكل يثير اعصابه ويجعله يقفز عليها ويجبرها على التصرف معه بالشكل الذي هو يريده

يريدها حارة ... نارية
ارتعشت جنبات قلبه وهو يتخيل ويتمادى بتخيله ...... رباه لكم يريدها مشتعلة .... جامحة .... عااااتية

يريدها ان تنفض عن نفسها رداء السكون والصقيع لتغرس في صدره خنجر حارق يحرقه ويلهب عواطفه الرجولية التملكية نحوها ....


شعر بالعرق يتجمع على جبينه وبين عروق باطن كفيه .... ربااااه ....... ان ظل اكثر امامها فسيفعل المحظور لا محالة

رحماك يالله ....



همس بإحساس رجولي مجروح: انتي بعد حرمتيه

اتسعت ابتسامتها بصورة بلهاء ............ وقالت: شكراً على تذكيرك لي بالحقيقة المرة هههههههههه

بس انا اختك الكبيرة وبتم

رفعت سبابتها له وهي تنهره برقة باسمة: لا تنسى هالشي

وقفت واكملت: يلا يلا جدامي روح عند حرمتك وعيالك ولا تنسى بوس لي اسمهان على خدودها ... اسميني متولهة عليهااااا


: مدددددددديه


صاحت بصوت عالي كي تسمعها عمتها ريسه: هلا امااااااايه ... يايه يايه

نظرن لـ هزاع وقالت بسرعة: هزاع هاذي امي ريسه تزقرني ... تباني اساعدها في ترتيب حجرة منصور .... يلا اشوفك على خير



لم يكن معها
عقله توقف عن التفكير عند جملة "شكراً على تذكيرك لي بالحقيقة المرة"








وهي ............... ما ان أصبحت في الطابق العلوي

حتى توقفت مرتعشة
لتضع يدها على قلبها النابض بجنون ........ ولتمحو تلك الابتسامة البلهاء عن وجهها

ثم همست بصوت مكتوم ........ مختنق: لا تضعفين ام المسك ........... لا تضعفين



،,



داخل مطار كولومبو بانداراناياكا الدولي



هتف خالها فهد بعدم رضا: روزة عقب الكل بيهزبني ان شافوج رديت بلياج

طمأنته وهي تضع يدها على كتفه: لا تخاف انا خبرت ابويه اني بطوّل هنيه ... وما رمت اخليك اتم ويايه اكثر عسب ما اطوّف عليك رحلة جامعة تكساس
يعني حرام فوق ما انك تعبان على المشروع العلمي اطوّف عليك الجايزة والرحلة المجانية
وحامد ماروم اخليه ويايه بيمل المسكين

نظرت لـ ابنها الذي يرمق الصغيرة بحقد وغيرة وكتمت ضحكتها بقوة

ابنها "ومنذ ان تمكن محمد من انقاذ الصغيرة واصبح مضطراً ان يوافق على مكوثها مع روزة" حتى بدأ رحلة جديدة من مشاعر لم يذقها فيما سبق

الغيرة وحب الامتلاك !!!


وضعت الصغيرة على الأرض لتحمل ابنها بعدها وتقبّله بقوة على خده: منو حبيبي انا !!

اشر على صدره بعنف وهو يهتف بغضب: انااااا

: ههههههههههههههههههههههههه ههه نعم انا اشهددددد .... شوف حبيبي حامد لا تلعوز خالك في الطيارة ..... ويوم توصلون بوظبي كلمني زين !!


هز رأسه واغلب كلمات امه لم يفهمها بل لم يسمعها فـ هو مشغول بإشعار الصغيرة ان امه هي امه هو فقط وليست أمها ... وانها له هو فقط !
بينما الصغيرة كانت تائهة في عالم آخر فهي لا تفهم العربية ولا تفقه لغة الناس الموجودين حولها !



بعد توديعها للأثنان ................. اتاها محمد وهو يهتف ببرود فهو كان رافضاَ فكرة ان يعود خالها وابنها للوطن وتظل هي هنا مع الطفلة: وعلى شو مخططه الحينه مدام روزة !!

رمقته بتجاهل ولا مبالاة بردة فعل طبيعية على بروده ......... ثم قالت بحزم شديد: اول شي لازم نحصل رقم اهل البنت او على الأقل نعرف اسم ابوها ولا حد من قرايبها

: وان ما حصلنا شي من اللي قلتيهم

حملت الطفلة وقالت بصرامة رغم قلقها المستمر من الشرطة الذين يبحثون عن الطفلة ..... معتقدين انها خُطفت: ما برد البلاد يلين ما اسلّم هاليتيمة لهلهاااا بيدي .... ولا تقولي نعطيها شرطة كولومبو لأني مستحيل اخليها عقب اللي صار وشفته في نوراليا ....... وها آخر كلامي يا محمد




،,



وقف رافضاً كل كلمة تفوه بها ابنه للتو: لا ............. لا مكانتي ولا ضميري ولا انسانيتي بيخلوني أوافق على شرطك المينون

هتفت ام غابش غير مستوعبة الى الآن ما قاله ابنها: انت صدق ترمس ولا تمزح

: ما بمزح بهالأمور امايه

عاد بأنظاره الى والده واردف بحزم بالغ: انت اللي بغيتني آخذها من البداية .... شحقه الحينه معترض على الشرط الوحيد اللي بيخليها توافق عليه


أبا غابش هادراً: وشحقه مزهّب الدوا قبل الفلعة .... انت خطبتها وقالت لا !!
يمكن تواااااااافق وبليا شرطك الغريب هاااا

اجابه بثقة عالية وأنفة فخمة: ما بتوافق .... مب انتقاص من شاني اقولها ...... لا ابد ........ بس عرفت صنف بنت اخوك وعرفت انها ما تشوف في الرياييل الا سلعة مالها لزمة ... عسب جيه اقولك من الحينه .... لو تباني آخذها لازم توافق على الشرط

رمقه والده بحدة كحدة السهم السام ...... ليهدر بنبرة مرتابة متشككة: وانت شو مصلحتك ..... شو تبابها لو هي ردتك وما بغتك !!! شو اللي مخلنك اتعب روحك وتربع ورا وحده ما تبا العرس !!

رد على والده بصوت هادئ انما لاذع: وانت اساساً ليش رمستني عنها وطلبت مني آخذها !!

اشر أبا غابش نحوه بقهر هاتفاً بغضب/باستهجان مما يسمعه: لأن البنية دشت خاطري بشخصيتها ومكانتها ورزانتها ... وفوق ها بنت عمتك .... وانا بغيت لك الزين ... وبتغدي حظيظ ان صارت حرمتك يا ولد صبحة

ابتسم غابش ساخراً ........... ليقول بعدها بشموخ وعزة نفس أبية: خلاص عيل وافق على الشرط وخلني حظيظ في دنياي

ام غابش باستنكار بالغ: اللي تسويه غلط يا غابش ... الزواج ما بيمشي بهالطريقة

هز كتفاه ببرود بالغ وقال: ان ما بغيتوا خلاص ..... نسحب كل كلامنا الاولي ..... وبلا عرس وبلا عوار راس

وقف ليترك والداه ... وقبل ان يخرج من المنزل ....... أوقفه والده بقسوة شديدة: ايلس يا ولد ما خلصنا رمستنا

نظر لوالده بنظرة معتمة وقال بنبرة مباشرة مسيطرة لا تقبل النقاش: دام ما تبون شرطي ... فـ انا ما أبا هالخطبة بكبرها

وقف اباه ..... ليتقابلان الاثنان بقامتهما امام صبحة

حدّق اباه به بتمعن ..... بتخوف دفين في روحه ........ وقال مكرراً سؤاله بريبة: شو مصلحتك يا غابش جاوبني ...... انت تخطط على شي ما يعيبني واقدر اشوف هالشي بعينك اللي تبرق مكر الحينه
شو تبا من حرابة ............ شو مصلحتك تاخذها بشرطك المينون هذاك !!!

ابتسم غابش بقسوة ....... ببريق غريب اثار قلق والداه ....... ثم قال ببساطة تفجرت بالسخرية/الاستهزاء:
ولا شي ابد .... بس أبا اكمل نص ديني يالغالي ..... ولا ما يحقلي !!

قاطعه اباه بحدة: تجذب .... اللي بيكمل نص دينه ما بيقول اللي قلته

غابش بنفاذ صبر: الوالد ..... اظنتي قلت اللي عندي ..... غير جيه لا

شربك أبا غابش ذراعاه امام صدره وقال: وانا مب مرتاح لهالشرط وماباه

رفع غابش ظاهر كفاه وهو يقول ببساطة باردة: على هواك ... امرره ما بعترض ... بس تذكر انك انت اللي بغيتني آخذها من البداية

استدار وهو يردف بخفوت: في امان الله

: غااااااابش

كتم بقوة ابتسامته المنتصرة وقال بصوت غليظ جاد عائداً بوجهه لوالده الغاضب: لبيه


رص على اسنانه بقوة

ابنه مجنوووون .... مجنوووووون .... وسيصبح نفسه ان وافق على شرطه

هدر بغضب شديد وهو يوجه كلامه الى زوجته المغلوبة على امرها: عااايبنج اللي يسوييييه ولدددددددج يا صببببحه !!! عااااااااايبنج

وقفت لتقول لإبنها مؤنبة: غابش ترى اللي تسويه ما يرضي حد وقبلها ما يرضي الله ... كيف تباها توافق تغدي حرمتك بجذبة !! ما ايوز يا ولديه ما ايوز
وابوها وامها !! ما حطيت اعتبار لهم !!!

تنهد غابش بصوت لم يتعدا جوفه ...... هو لن يخفي اسبابه عن والديه لكن ليس الآن ... قطعاً ليس الآن
قال بهدوء اخفى خلفه اعاصير من الافكار اللامتناهية: واللي ما بترضونه ما بسويه ..... اعتبروا المسألة منتهية ..... بنت اخوك يا بويه في درب وانا في درب .... وبلا هالعرس بكبره .... مع السلامة


وتركهما خارجاً من المنزل بعد ان اثار حد اللامعقول اعصابهما واغرقهما في حيرة قاتلة وتساؤلات لا تنتهي


ما ان دخل سيارته .............. حتى تذكر ما حصل صباحاً ... في محطة البنزين تحديداً



"



سيارة كبيرة ذات دفع رباعي تقف امامه في المحطة وهو ما يزال ينتظر انتهاء رقم مؤشر البنزين

امرأة بلباسٍ عسكري تخرج من السيارة وتأمر بصوت رنان العامل ان يعبئ سيارتها وتعطيه نوع التعبئة وهي تشيح بوجهها وتذهب بخطوات ثقيلة رجولية نحو مركز التسوق الموجود في المحطة ذاتها

قبل ان توليه ظهرها .. لمح اسمها المكتوب على لباسها

حرابة ليث الـ.....


فـ رص عيناه بحركة غامضة براقة !

وقرر النزول والذهاب خلفها بخفاء !

لمحها امام احد العسكريين في الداخل ........ فـ وقف قرب ثلاجة العصير مدعياً الانشغال الا انه يسمع بوضوح الحوار بينهما

: ا ا سيدي كـ كـ كنت عطشان و و ومريت اخذ ماي بس

اشرت بقلم كان بيدها وحركت به شعره الطويل باستهزاء قاسي: وطبعا بتييني بشعرك المهفهف ها !!

: ا ا لا لا والله كنت بسير الحلاق واحلقه زيرو ... قـ قسسسم بالله سيدي

قاطعته بقسوة لا رحمة فيها: عماااار ...... مليت وانا امشي تسيبك وتأخرك واهمالك للقوانين
بتصطلب وتغدي شرات باجي زملاءك ولا برفع فيك تقرير يعقك ورا الشمسسس !!!

: لا لا ..... والله ماعيدها ..... والله

اشرت بأنفها نحو باب مركز التسوق وهي تأمره بصوت مرعب: جدامي سر رتب شكلك ... واباك في مكتبي قبل لا اوصل انا

هرع نحو الخارج وهو يهتف متلعثماً: ا ا ان شاء الله

غمغمت وهي تقترب من غابش من غير ان تراه فعلياً ... فالاخير كان مولياً إياها ظهره:
رياييل آخر زمن


تصادمت قبل ان تصبح قرب غابش .... بامرأة سمينة

هتفت المرأة بفظاظة: ما تشوفيييين !!!! عمى ان شاء الله

عندما رأت حرابة تلعثمت بخوف:
ا ا حرااابه !!!

رفعت حاجباً ببرود وقالت: هلا بأم حسين

هتفت ام حسين "احدى جارات ام حرابة النمامات" بخوف/ارتباك: ا ا احسبج وحده ثانية والله

: انتبهي لدربج مرة ثانية

ام حسين بلعثمة: ا ا اسفه ... اسفه يا بنتيه ...... العتب على النظر كبرناااا

حرابة بفظاظة: لا ما كبرتي ما شاء الله بعدج في عز شبابج ولسانج يصلخ الرايح والراد


فـ ابتعدت الجارة المرعوبة عن حرابة وهي تعد المئة كي تخرج من المكان من غير ان يُغمى عليها !


رآى كل شيء ..... وسمع كل شيء ...... من غير ان يسمح لها برؤيته

ثم خرج من المكان بعد الجارة ..... متسائلاً بفضول !

هل تعرف هذه الانسانة التي تُسمى حرابة ...... معنى كلمة ........ "انوثة" !

"


،,



مساء اليوم التالي



اجبر ابنة أخيه ام المسك على العودة الى منزلها ...... خاصةً بعد ان تمكن اخيراً من النهوض والتحدث بشكل اسهل من ذي قبل


آه
ليته لم يتبع خطوات قلبه ويذهب للبلدة القديمة
لم يتوقع ان رؤية ذلك الشقي الآتي من جهنم ستفعل به كل تلك الافاعيل
ليس الخوف منه هو السبب ...... وليس هو من يخاف من الجن او شياطين الانس يالله !

يعرف نفسه حق المعرفة ليأكد ذلك .. لكن شيئاً ما معذّب في روحه .... يخبره ان حديث ذلك العجوز المرعب يصل خيوطه الى شخص واحد فقط

سهيل !

رباه ................ طيلة الدرب الطويل من البلدة الى العاصمة وطيف سهيل لم يفارقه

كل شيء تشربك في عقله واصبح كغمامة سوداء امام عيناه

تذكر طفولته معه

مراهقته

شبابه

وووو


وتذكر ذلك اليوم الأسود





ماضٍ يتحدث



انهار بهستيرية مريعة فوق جثته وهو يبكي كـ طفلٍ صغير ملتاع: ما بتحرقوووووووووونه ..... على جثثثثثثثثتي تحرقووووووونه .... سهيل برررررررررريء ........... قسم بالله برررررررررريء .... سهيل ما يسوييييييها يا نااااااااااااااس ....... ورب الكعبة ما يسوييييييييييييهااااااااا ا


صرخ احد الرجال بقسوة لا تُضاهى: شلوووووه عن الككككككلب ....... ويلااااا خلونا نخلص السااااااالفة قبل لا تظهر الشمس ويعرفوون الناس وننفضح امبييييييييينهم ......... يلااااااااااااااا

عاد يصرخ بجنون وبصوت متحشرج متقطع ...... ودموعه قد غطت وجهه كله: خافوووووووا الله تبووووون تجتلوووونه وهو بررررري !!!!! خاااافوا الله حرااااام علييييكممممم

هتف اخاه الكبير شاهين بنظرة تبرق بالجبروت/الطغيان: إلتعـــــــــن ........ خوز يا منيصيييير قبل لا نعقك وراااااااااااه

وبعد جهد جبار من خمس رجال ........ تمكنوا من ابعاده عن جثة ابن أخيه الهامدة وهو يصرخ ويصيح بلوعة/مرارة متفجرتان بالغضب الجنوني

آخر شيء تمكّن من رؤيته .. رجال القبيلة وهم يحملون سهيل ويتوجهون للتنور الكبير ....... لم يتحمل الفاجعة

لم يتحملها

سقط مغشياً عليه ... وكأن بإغماءته تلك كان يرغب بالموت قبل العزيز الغالي ....!





حاضرٌ يتحدث



تنهد بوجع خالص ....... ما كان يدري ان الذكريات ستنهكه هكذا ............. ما كان يدري ان تذكر ذلك اليوم سيجعله طريح الفراش عدة أيام

سنين طويلة وهو يدعس برجلاه على كل ذكرى تذكره بـ نجم سهيل .... بـ حكاويه الشبيهة بحكاوي ألف ليلة وليلة

بـ قهقهاته الطيبة ...... وطرافة صحبته العطرة !


لكن على ما يبدو ان هذه المرة .... كان وقع الذكريات عليه عظيم ....... عظيم حد النخاع !


لهذا قرر ان يبتعد ....... يجب !!


بعد ثلاث ساعات ........ وبعد ان تأكد من نوم امه ريسه

خرج من المنزل واتجه نحو سيارته المركونة تحت المظلات

رمى حقيبة سفره الخفيفة على المقعد الايمن وهمّ بدخول سيارته والتوجه نحو المطار ... فـ في الساعات الماضية اتصل بالمسؤولين واختار مهمة له في تنزانيا كان قد طلب تأجيلها قبلاً لكنه ألغى تأجيلها الآن

لكن سرعان ما التقطت حواسه ظرف كبير فوق مقدمة سيارته

التفت حوله بتوجس حانق .. فـ من هذا الذي تجرأ ووضع ظرفاً فوق سيارته وهي مركونة داخل المنزل !

التقط الظرف بسرعة ..... قبل ان يدخل سيارته ويفتح محتواها

دقيقة حتى انتفضت يداه مذهولاً

وهو يرى امامه امرأة شابة تحمل بين يديها فتاة صغيرة لا يقل عمرها عن التاسعة

من تسبَب بنفضة روحه ليست الصغيرة ..... بل الشابة التي تحملها

كانت ...................... سارة !



،,



كان يمشي حول مكتبه و
يريد رؤيتها ... فقط رؤيتها

يريد اشباع ناظره بوجهها المليح الفاتن

لم يصدق عيناه عندما رآها تدخل من باب المنزل وتلقي السلام عليهم بحماسها واشراقة ابتسامتها العذبة

ولم يصدقه حتى وهي تقترب منه وتقتل روحه التواقة برائحة عطرها وشذاها المغري

اخذ يمشي بـ توتر .. واضطراب .. بـ هيجان على طول غرفة المعيشة الواقعة قرب غرفته


بعد صراع عاطفي هائج ...... خرج من الغرفة ونزل للطابق السفلي


وقف بتردد امام باب غرفتها

رفع يده ... وارتعشت أصابعه ..... هل يستطيع طرق الباب عليها !

هل يستطيع كسر المحظور الليلة ..... ويتمكن فقط من احتضانها !


شكراً على تذكيرك لي بالحقيقة المرة
شكراً على تذكيرك لي بالحقيقة المرة
شكراً على تذكيرك لي بالحقيقة المرة



غصةً حارقة وقفت وسط بلعومه

تقبّل الحقيقة يا هزاع

هي لا تحبك ..... ولا ترى فيك اساساً سوى اخٍ عزيز


فـ ولى الباب ظهره وهمّ بالعودة للأعلى بمرارة .... وحسرة

لكن صعقة كهربائية سرت على طول عاموده الفقري وهو يشعر بـ باب غرفتها يُفتح

التفت بتوتر نحو الباب ........ ليراها تقف امامه




بكامل انوثتها

بلا مبالغة

كانت اشبه بـ حور العين ... عيناها مرسومتان بزينة محترفة خفيفة ... شفتاها تبرقان بلون الزهر الناعم
شعرها ...... آه من شعرها السلسبيلي


من هول ذهوله ........ وصدمته

تراجع خطوتان متوترتان للخلف

المسك .......... تقف امامه بهذا اللباس الأبيض ............... المثير !


المسك ...... التي لا تخرج امامه سوى بـ ثوب طويل وواسع وساتر ........ تتجرأ وتخرج امامه هذه الليلة ....... بـ لباس يحث على الخطيئة المباحة والفساد اللذيذ !!

فغر فاهه مذهولاً منبهراً مضطرباً
ومرتعشاً


بنظرةٍ ساحرة ناعسة مثيرة منها .......... امسكت ثوبه وجرّته نحوها ............ اصطدم صدره بجسدها الغض الطري

فـ ازدادت ارتعاشته ....... وهيجان عاطفته !


لثمت "تحت سيطرته المعدومة واحساسه المنبهر" ...... شفاهه الفاغرة .... بجبروتٍ انثوي جامح

ثم جرّته بقوة الى داخل الغرفة ....... واغلقت الباب خلفهما



: هزززززززززززززاع

قفز بهلع من مكانه وهو يهتف بهذيان مرعوب: مسسسسسسسسسك

صدره يعلو ويهبط بفزع

عرقه يتصبب من جبينه وعروق عنقه المنتفضة .... حتى شعيرات صدره الناعمة

لم يستوعب الحلم .............. الى ان انفجع مرة أخرى من صوت انثوي غاضب حد اللامعقول: وحلماااااااان فيها بعددددددددددد !!!!!
والله ما ايلس دقييييييقة وحده ويااااااك يا هزااااااااااااااااع ..... ووووووالله




سعاد

اجل هذه سعاد

فـ لمَ يرى المسك امامه !!



نفض رأسه يريد ازاحة وجهها البدري من عيناه ... لينهض من سريره وهو يحاول التحدث وسط نعاسه وبقايا حلمه الأبيض الجميل ... وسط ارتباكه واضطرابه الشديدان

هتف بلعثمة .... بارتباك شديد ..... بتركيز معدوم: مسـ.... ا ا ا سـ سعاااااااد .. انتي .. انتـ....

سعاد بأعصابٍ منفلتة تماماً: انا شوووو !!! فهمتك غلط ..... صمخة وما سمعت شو كنت تهذي في رقااااادك !!!
هااا !!!
ما سمعتك وانت تنطق باسمها يوم نشييييييييت !!!!

رفع يده نحوها وهو يحاول افهامها بين تركيزه المبعثر/لسانه العالق المتلعثم: سـ سعاااد استهدي بالله ... حلم هاااا حلللم

لكنها ظلت تصرخ وتلعن وتزبد وتشتم حظها الذي اسقطها عليه ..... وهي تلبس عبائتها وحجابها وتبحث عن حقيبة يدها

وهزاع ...... ومن فرط ارهاقه العاطفي/النفسي ..... جلس على سريره ولم يحاول اكثر اقناعها بالتعقل والحكمة

في الحقيقة ...... كان ما يزال تحت تأثير ذلك الحلم !

خرجت سعاد من الغرفة بغضبها ووجعها وغيرتها المشتعلة

فـ اسقط جسده بلا حولٍ ولا قوة منه ..... على الفراش وهو يغطي عيناه ..... ويهتف بصوت مقهور مكتوم وحاد: ياااااااهي بلشششششششه
استغفر الله العظييييييييم
اففففففففففففففففففففففف







نهايــــة الفصــــل الســــادس




وكان likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-07-20, 05:03 PM   #10

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



،,




(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)



الفصل_السابع



بعد مضي عدة أيام
ظهيرة يوم الأحد بتوقيت سيريلانكا




غضنت جبينها وهي تبعد الهاتف عن اذنها متأذيةً من صراخ أمها الناري .... أمها التي ما ان وصل حفيدها حامد لأحضانها "لوحده" حتى استشاطت غضباً واتصلت بها منتصف الليل تصيح وتشتم لامبالاتها وقلة اهتمامها بواجباتها وحقوق طفلها وزوجها عليها

رغم انها تحججت بعملها الذي لم ينتهي بخصوص مشروع عطرها القادم الا ان والدتها لم تستكن وتهدأ .. رغبت روزه بإخبارها بأمر الطفلة ... تعلم ان قلب والدتها سـ يحن ويرق ان فهمت الموضوع بصورته الحقيقية ..... لكنها خافت ان اعلمتها ان يصل الخبر الى اباها وربيّع .... ويأتيان الاثنان الى سيريلانكا ويحلان موضوع الطفلة بطريقة مأساوية

وان أتوا فـ سيعلمون بشكل او بآخر بأمر محمد عن طريق الشرطة ... فـ محمد هو من استطاع انقاذ الصغيرة من ايدي رجال شرطة نوراليا ... الذين ومن مخافة انتشار فضيحتهم ... اعلنوا ان الصغيرة قد اختطفت على ايدي احدهم !

هي تريد حل الموضوع لوحدها .... فـ من جانب آخر .... إحساس داخلي فيها يأنبها ويثير فيها اللوم ... لأنها تشعر انها من اقحمت محمد بتهمة الاختطاف .... اصبح الأخير متورط مع الشرطة السيرلانكية ... لكن الغريب انه لا يبالي البتة بهذا .... وكأنه.....!
تذكرت ما قرأته على بطاقته (الملازم اول محمد عبدالكريم)
اوف يا روزة منك ومن ثقل فهمك ..... يعني انه من السلك العسكري اساساً ومعتاد حتى النخاع !
حولقت بتعب حقيقي واخذت تغرق اكثر في تفكيرها ... رباه ... من كان يظن ان مشروع عطر مرتقب سينقلب لـ مشروع خطف طفلة !

بعد حديث مطول مليء بالعتاب والتذمر والتوبيخ ........... أغلقت أمها الهاتف لتترك ابنتها ضحية هم لا يعلم به سوى الله

اندفعت خائفة وهي تخرج من غرفتها .... الصغيرة كانت تبكي بصوت عالي مخيف

ما بها ............. منذ دقائق تركتها تلعب امام التلفاز بحماس

حملتها وهي تهتف بصوت امومي عذب: حبيبي شو فييييييج ؟!!
شي يعورج مااماااا ؟!!

لكن الصغيرة ما زالت تبكي بشكل حاد غريب

من غير ان تشعر ... حملت هاتفها واتصلت بـ محمد الذي أعطاها مسبقاً رقمه الخاص لتتمكن من التواصل معه .... في البداية لم تقبل وهي تشعر بالحرج الشديد والغضب الأشد ........ الا انه اجبرها عندما استل هاتفها بحزم وخزّن رقمه في هاتفها بنفسه

: ا ا محمد

: هلا ام حامد .... فيكم شي ؟!

روزة بحرج شابه القلق والتوتر: ا ا الياهل ... الياهل تصيح بصوت عالي حتى ما تروم تأخذ نفس ..... أخاف شي يعورها

واصبح صوتها متحشرجاً من التأثر

هتف بسرعة وبنبرة صارمة مباشرة: خلج زاهبة بيي اشلج انتي وهي الحينه .. بنوديها العيادة اللي عدال الفندق

روزة: بـ بس بيسألون الدكاترة عن بطاقتها وعن أهلها

بعد صمت وجيز من محمد ............. قال: خلاص خلكم مكانكم .... الدكتور بيي يلين عندكم

: كـ كيـ ...

وقبل ان تكمل سؤالها ... اغلق الهاتف .............. ليتصل بأحدهم وهو يشعر بغضب شديد

مهمة سيريلانكا ستفشل لا محال ....... والسبب كله يعود لتعاطفه الشديد مع الطفلة ..... ومع تلك
"شبيهة بوسي" !



،,



جلس قرب أمه وألف شيطان يحلق فوق رأسه ... بجانب ان الأخيرة لا تساعده في تناسي شوقه المجنون لها: قلتلك يا ولديه ..... بيوزك شيختها وشيخة اللي يابوها .... بس انت ما تبا اطاوعني

قال بنزق: امايه ..... لو أبا اعرس ما بتريا حد يقولي .... بس انا مابا

ام ربيّع بقسوة: وليش ما تبا تعرس !!!! عرّس يا ولد عرّس واكسر خشمها المتعطنزة بنت عمك ..
والله يوم بتسمع انك ناوي على الثانية بتييك تربع مثل الخبلة وبتحب ريلك عسب ما تسويها .... الضرة مرة يا ولديه اسألني اناااا

رمق أمه التي تعاني بالفعل من "مرارة الضرة" ..... باستخفاف ....... ليقول بعناد ... وفظاظة: صكي هالطاري

أضاف مغمغماً بدناءة/وقاحة بالغة: الله يلعـ... الحريم وطاريهن ... اييبن الهم

لوّحت بيدها له بسخرية فظة .... فاقدةً الامل من ابنها الذي رغم كلامه الأخير الا ان شوقه الجنوني لـ روزه يكاد ينطق من عيناه الحادتان

بعد دقائق ..... حرّكت فمها بامتعاض وهي تهمس غاضبة حاقدة: عمتك مسويه فيها الطيبة اللي مواصله الكل

ربيّع بتساؤل بارد: امايه ريسه !!

اجابت باستهزاء اخفت خلفه الكثير من الأحقاد الخفية .... فـ الذي لا يعرفه احد ... ان ام ربيّع كانت رافضة بشدة موضوع تربية ريسه لابنها ربيّع لأنه كان بكرها .... لكن من هذا الذي يستطيع كسر كلمة صيّاح عند خروجها من فمه !

العجيب .... والمثير للسخرية ..... انها عندما انجبت مديه ..... كانت هي من طلبت من ريسه تربيتها وكأنها كانت تنتظر الفرج كي تزيح عن ظهرها هم تربية الفتاة
لكن الامر انتهى بعد مديه .... عند انجابها راشد وعائشة

: منو غيرها ..... عمتك المها كاتبة في القروب ان ريسه سايرة بيت نورة وما خبرت حد

عند كلمة "نورة" انتفض قلبه ..... انتفض بحق

الا انه تنحنح بتوتر .... ليسأل باضطراب: ليش ؟!

ام ربيّع باستهزاء قاسي: ما تبا حد يسير وياها ...... قال شو ... نورة ما تتحمل تشوف حد من عيال صيّاح ... مادري عاده هي بنت منو !!



نورة

نورة

نورة

نورة



اسم تردد بكل حنايا جسده كـ سعير جهنم


ام ربيّع بريبة: ولديه شبلاك صخيت مرة وحده !!

رد بشحوب: لا ماشي

وقف بتعثر واسرع الخطى خارجاً من المنزل ...... وكأنه يرغب بالهروب من شيء ما يشبه الشيطان

ما ان اصطدم بوجهه هواء ابوظبي الدافء ...... حتى فتح فمه ليتلقط اكبر كمية من الاكسجين قدر المستطاع





ماضٍ يتحدث



بعد مضي ثلاث أيام على موت سهيل



دخلت بعين واحدة تنزف دماً
بـ خطوات ثقيلة .... مهيبة ..... متعرجة
حتى وقفت امام صيّاح ورجال القبيلة ومن كان قد شهد مقتل سهيل بأم عينه !

حدقت بالجميع ... من اليمين الى اليسار ...... ببطئ ...... بتمعن

قبل ان تبصق كلماتها بوجوههم .... بـ كره مغلي .... بـ حرقة فؤاد وصلت عيان السماء ..... بشيطنة خاصة لا تخرج الا من روح امٍ مكلومة ذاقت مرارة الظلم بأبشع انواعه:
ما ييت اوَلولْ ... ولا ييت اصيح على ولد بطني اللي جتلتوه ... ييت اقولك يا صياااااح ..... انت مع هالظلاااام الملتفين حوووولك
بييكم يووووم ...... وربي في سماااااه بييكم يووووووم

ضربت صدرها بعنف ثم اشرت عليهم وهي تزمجر بـ كمد: النار اللي فيّه بتحرقكم قبل مووتكم .... الدم النازف من عيني بينزف بداله ألففففففف من عيوووونكم ........ الدموع اللي طاحت على خدي وانا اشوفكم تعقون حشاشة يوفي في التنور شرا الحيوااااااان ..... بطيح هماليل من قلوووووبكم

ابتسمت عيناها بجنون قاتل ......... وهي تصرخ بإسمه وترفع سبابتها الى الاعلى: صيّاااااااااااااااح ....... شكيتك لله ......... تعرف شو يعني شكيتك لله !!!!

ضربت يمينها بيسارها بقوة ....... لتكمل بصياح حارق جبار: يعني تبشر بالشقى والحزززززن باجي سنين عمرررررك ....... لين ما ياكل الهم فواااااااااادك ..... ولين ما تفقد اغلى ما تملك ............. نفسسسسك
وانتووووو......

اشرت عليهم بعينها النازفة ............ ووجهها الميت من أي لون يوحي بالحياة/الروح .... ثم اكملت مزمجرة بصوت تعظّم به الكره/المرارة:
وانت ......

اشّرت على ربيّع الذي كان بالكاد يستطيع الوقوف امامها من فرط هلعه

: يا عضيييييده ...... يا ولد عممممممه ...... يا اخووووووووه ..... يا من كلت العيش والزاد ويااااااااااه
ترقب وشوف العقاب من شديد العقاااااب ........ يوم لا ينفع مال ولا بنووون


اشرت نحو ريسه التي بالكاد تستطيع مسك دموعها ....... واكملت بشراسة: واشهدي عليّه يا ريسه .... ما احللهم .... ولا احلل أي واحد كان ورا التهم اللي طاحت على راس ولديه بالظلم ....... ويعل ربي يقطع النسم من صدري ...... ان خليت لـ حد يدق باب بيتي يطلب السمااااح والعفووو ....


"



حاضرٌ يتحدث




فتح فمه بارتعاش ...... يريد التقاط المزيد من الهواء ولا يستطيع

كلمات نورة كانت الجدار التي تمنع هذا بقسوة ...... بجبروت صرف !

يعترف ............ انه ابداً لم ينسى ما قالته ذلك اليوم

حرّك رأسه بجبين متغضن ...... وادخل يده في جيبه كي يخرج مفتاح سيارته ....... يريد الابتعاد عن هذا المنزل .... وعن والدته التي ذكرته بأبشع الذكريات وابلغها سوداويةً ورعباً



،,



منزل ابا غابش



يمشي حول مكتبه ذهاباً وإياباً ووحده الله من يعلم ما يدور في خلده العميق
عندما قرر هو وزوجته المضي في مسألة خطبة غابش لحرابة لم يتوقع هذه التعقيدات
ليسن تعقيدات .... انما اشياءاً غير متوقعة بل غير معقولة البتة !
هناك امر لا يفهمه ... امر كبير هو غافلٌ عنه ويجب ان يعرفه
تساؤلات كثيرة تطير كالدبابير بين اروقة رأسه ....
جلس على مقعده الجلدي بفخامة شخصه .... شخص مثله لا احد يتخطى فطنته الفذة بسهولة
عبدالرحمن بوالشريس الذي تعلم العيش في هذه الدنيا بدايةً من البادية والجبال حتى الحضارة وناطحات السحاب ... وبالطريقة الصعبة جداً .... لا يُمرر الامور من طرف انفه الا بمزاجه
ولسوء حظهم .... هو ليس بمزاجه الآن ..!

قطع حبل افكاره مستلاً هاتفه بخفة ..... وبعد عدة رنات ..... اجاب الآخر بصوته الرخيم والذي لا يظهر ما يجيش بداخله: مرحبا الغالي

هدر ابا غابش بصرامة لا تقبل الجدال: غابش بوالشريس ... الحينه بتخبرني شو اللي يدور في مخك ... رضيت ولا انرضيت



،,




شركة أبوالشريس الوطنية لزراعة الأسماك
قرب آذان العصر



يقف قرب التلفاز الضخم ويقرأ بعيناه شريط الاخبار المتحرك اسفل الشاشة ..... حاملاً بيمينه الهاتف ويقول للمتصل: لو ما خذت الموافقة قبل ما يتصل ابويه جان ما خبرته ... هي نعم ... لانها مسؤولية يا خويه مع ان والله اخر همي ادخل هالفترة في مشاكل عائلية وصدعة راس
ورايه شغل ومشاريع لابد انها تخلص قبل راس السنة ... بإذن الله تعالى
..
: ماعليه ان شاء الله خير لا تشل هم انته ..

رفع معصمه لينظر للوقت .... ثم اضاف بسرعة: برايك عيل .. بسير ألحق على المسيد ... وورايه مشوار بعد لازم اخلصه وخلاف بمر على الوالد اكمل وياه نقاشنا ..
..
: في امان الكريم الله يحفظك



،,




رن هاتفها وهي تحاول اصلاح جهاز التسجيل المتصل بـ تلفازها الخاص في غرفتها ...... استلته بانهماك متجاهلةً الرقم الغريب: ألو

: السلام عليكم

حرابة: وعليكم السلام ورحمة الله .... منو معايه ؟!

: انا جواهر

حرابة بحاجب مرفوع: جواهر !!

جواهر بنبرة لطيفة: شكلج ما تذكرتيني ... انا اللي كنت عدالج في السينما هاك اليوم وطلبت مساعدتج عقب ما خلص الفلم

حرابة بعد مضي ثوانٍ تتذكر فيها اين سمعت باسم الاخيرة: جواهر ........... ايوه جواهر

جواهر بحماس: شحالج حرابة ؟

حرابة بصوت خالٍ تماماً من الحرارة: بخير ربي يعافيج ويسلمج ... ومن صوبج ؟

جواهر: الحمدلله بصحة وعافية

ترددت قليلاً لما ستقوله فسألتها حرابة باستعجال: بغيتي شي جواهر ؟!

جواهر: لا لا بس ..... امممممم دقيت عشان اشكرج على مساعدتج لي ..... وعربون شكري لج عزيمة متواضعة على العشا ..... أتمنى تتقبلينه

: عزيمة !! بس انـ....

قاطعتها جواهر بنعومة: بليز مابا اعذار .... يشهد ربي علي اني حبيتج من كل قلبي .... ويعز علي ارد هولندا قبل لا اعزمج على عشا بسيط اشكرج فيه على مساعدتي ... ومنو يعرف يمكن نصير صديقات عقب

استفزتها ثقتها وصراحتها البالغان ...... يبدو ان ابنة هولندا الجريئة لا تعرف مع من تريد تكوين صداقة !
تربد تكوينها مع ملكة الثلج .... وعدوة التواصل الاجتماعي

بمجاملة باردة ردت: ما بنردج يا جواهر .. اختاري الوقت المناسب والمكان المناسب



،,



بعد يومان - صباحاً
في إحدى جامعات ابوظبي الخاصة



هرعت بسرعة نحو القاعة وكلها امل الا يطردها الأستاذ الجديد من المحاضرة بسبب تأخرها ..... واخذت تتوسل الرحمن الا يضعها في موقف محرج امام زملائها ..... فهي لا تستحق

تأخرها كان رغماً عنها بسبب أبناء هزاع
بالعادة ..... تكون مهمة ايقاظهم في الصباح على امهم خاصةً بعد ان ابتدأت هي في الشهران الفائتان اكمال دراستها الجامعية .... لكن سعاد منذ عدة أيام في منزل أهلها ولا تعرف سبباً لذلك

يبدو ان مزاج الأربعين المتقلّب تفجّر فيها ورغبت بالابتعاد عن الجميع !!

حسناً ... ان كانت سعاد في مزاج متقلب ........ ما به هزاع ليدخل جو من المزاج المتقلب هو الآخر !!

أهو حال جميع أزواج "النساء اللاتي انجبن للتو" ! ... لكنه كان طبيعياً عند ولادة عبدالله ثم محمد

عندما وصل تفكيرها الى نقطة شديدةَ الحساسة احتقن وجهها خجلاً ونفضته بخفة .. واكملت سيرها الى حيث مرادها


بعد دقائق ... طرقت باب القاعة ودخلت


: السلام عليكم

رد الجميع بردود متفاوتة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

واكملت سيرها وهي تعتذر بخفوت عن تأخرها ...... لتتصنم مكانها عندما رد اخيراً الأستاذ على إلقاءها السلام بتروي شديد: وعليكم السلام والرحمة




لا


لا


ليس صوته ...... ليس صوته يا مديه

رباه ....... لا تجعله صوته ......... لا تجعله "هو" بحق وجهك الكريم

من فرط هلعها ....... خافت ان تلتفت ويصبح خوفها الذي سرا بكل جسدها ....... حقيقة !



لكن لا ....... الحقيقة كان لابد ان تظهر !


استدارت بوجهٍ غدا شاحباً ممتقعاً ....... للوراء ......... لتبصر بعيناها آخر شخص رغبت برؤيته الآن


طليقها ...... مروان !



،,



اتصلت به ليلة البارحة كي تذكره بموضوع نقل وظيفة حرابة ... الا انها لم تعلم ان الاتصال سينتهي بترحيبها له للقدوم اليوم لمنزلها للتعرف اكثر عليها وعلى زوجها وابنتها الصغرى ظبية ... ترحيب آتى بعد طلب منه شخصياً !

التقى بها وبزوجها ..... وتعارفا الرجلان اكثر على بعضهما وبشكل قريب حميمي دافء .. ثم تعرّف على ظبية التي كانت اغلب الوقت تجلس في زاوية المجلس وتلعب ألعاب خاصة بأصحاب التوحد الذين تعدوا مرحلة الطفولة ..
وعرف انها ولشدة حبها لمدرستها الخاصة .. تخرج منذ الفجر إليها ولا ترضى بالخروج من المدرسة الا بعد الساعة السادسة مساءاً

محبةً وجدتها أم حرابة لصالح ابنتها ذات العشرون سنة .... فـ بعد ان عانت الأخيرة من سنوات من العزلة والخوف والاضطراب من مقابلة الاغراب ..... أصبحت الآن مع جو المدرسة والأصدقاء اكثر حباً للمشاركة والتواصل والتعلم

بعد وجبة غداء عامرة وفيرة "بلا وجود حرابة" وهذا كان تقصداً من أبا غابش وام حرابة .. رمى الرجل على اخته وزوجها ما كان يجول بارتباك في جعبته وكله امل الا يفهم الاثنان مقصده بشكل خاطئ مهين

والآن ... هي تقف امام زوجها وتسأله للمرة الثانية ما رأيه بما قاله أبا غابش لهما: ليث ..... ما قلتلي شو رايك باللي قاله اخويه ؟!
استرجع ابا حرابة ما قاله ابا غابش على الغداء وهو يشعر بالقلق يفتك عظامه .... المسألة صعبة جداً ولا يمكن التقرير فيها بسهولة !

تنهد أبا حرابة بضيق عارم ليقول: اسمحيلي يا عفرا .... اخوج يا انه يستخف بعقولنا .... او انه هو نفسه مستخف ... كيف يباني اجذب على بنتيه واعطيها لواحد خبل وهو في الأصل عاقل وواعي .... خبريني !!!

قالت ام حرابة بهلع شديد وهي مقتنعة تماماً بكل ما قاله اخاها اليوم: بس انت سمعت السالفة كلها يا ليث وعرفت شو اسبابهم .... والله اني خايفة على بنتيه واحاتيها ..

أبا حرابة مقاطعاً باستنكار/ثقة: انا واثق ببنتيه وواثق بقيادتنا ... وبعدين يا عفرا الي ربج كاتبه بيصير ... ما خفتي عليها وهي توايه المجرمين والارهابيين تبين تخافين عليها وهي في وسط دارها وبين اهلها !!
: أه يا ليث .... الله يعلم شو اللي في قلب الام ... خوف وحسرة وضيق وتعب ..... خلني في همي دخيلك

اكملت وهي تشعر ان حديث ابا غابش ينغرس اكثر في قلبها .. وكأنها تتعلق بقطعة خشب وسط بحر عاتٍ اهوج:
ما عندي شي اقوله اكثر عن اللي قاله اخويه .... واظن عطاك الدلايل الكافية على رمسته .... وعطاك رقم الريال اللي يعرف التفاصيل عسب تتصلبه وتتأكد .... اكثر عن جي شو اقدر اقول !!!
اسند جسده على الاريكة وهو يشعر بالحيرة ..... ما هذا الذي يحدث بحق الله !!!
أوصل الحال لأن يضطر ان يكذب على ابنته ويزوَجها من رجل معتوه هو غير معتوه من الاساس !
ولأسباب مريعة كتلك التي سمعها منذ ساعتين !

قالت ام حرابة وهي تحاول اكثر اقناعه خاصةً وهي تلمح طيوف القلق تتزايد على مقلتيه: خل نجرب .. مو خسرانين شي .... شو بيكون احسن من انك تشوف بنتك معرسة عندها ريل وعيال وبيت ... بعيد عن الخطر والموت ...
وبعدين خل نكون واقعيين .... يمكن هاي هي الحركة الوحيدة اللي نروم فيها نجبر حرابة على العرس ..

اكملت بنظرة تبرق حماساً: نحن جربنا معاها كل شي بس سهينا عن شي واحد ..... نثير عاطفتها وحنيتها ... يمكن ان شافت اللي خاطبنها بنص عقل تحن وتوافق

هتف بانفعال وهو يأشر بيده نحوها: انتي مستوعبة اللي تقولينه عفرا .... ها زواااااااج ... الزواج لازم يكون على بينة في المقام الأول ....... كيف اجذب عليها وأقول ان اللي خاطبنج معتوه وهو مب معتووووه .... وبعدين تعالي

اكمل بتعجب شديد: اخوج وولد اخوج من وين يابوا هالفكرة ... اسميهم دواااااهي

كتمت ابتسامتها وهي تقول: تبا الصدق ..... حرابوه بنتك ما يبالها الا جيه ..... ولا صدقني ما بتشم ريحة الحفيد لو يلست اطاوعها على أي شي تباه

هز ابا حرابة ومازال يشعر بعد الراحة: لا لا ... انا مب راضي ... ما تهون عليه حرابة مهما كان

قالت بحزم وهي تحاول إقناعه واستمالة عاطفة الابوة نحوها: يا رياااااال اسمع مني .. والله حرابة ما تيي الا بهالطريقة ... مب في خاطرك تشوفها بنت شرات باجي البنيات تتعدل وتتزين وترمس برقة ووو....

قاطعها بسخرية: منو !!! حرابة !!! ما ظنتي الريل يخليها بنية شرات باجي البنيات

بثقة باسمة ردت: بيخليها وزوووود ..... انت بس طاوعني واسمع كلامي ..... وصدقني ما تمر سنة الا وهي تمشي جدامك بكرشتها وتتريا ولدها

ضحك فجأة وهو يتخيل منظر ابنته الحامل: ههههههههههههههههههههههههه هههه ما اتخيل والله حرابة حامل

ام حرابة بضحك مشابه: ولا انا يا زوجي العزيز بس خل نتخيل ... في الخيال نعمة وسعادة ههههههههههههههههههههههههه

ثم اضافت وكلها امل ان يوافق زوجها على المخطط: ها شو قلت ؟!

تأمل زوجته ببسمة مكتومة عدة ثوانٍ قبل ان يقول بخيبة مضحكة: الحينه لو بنتج طالعة عليج فرفوشية ومزوحية ما بنكون نحن بألف خير !

رفعت انفها بغرور .... وقالت بغمزة شقية: شفت كيييييييف !!!! بس شو نقووول ..... امر الله يا ليثي

قهقه بخفوت ...... ثم قال متسائلاً بحذر/ارتياب: وان عرفت عقب ان جذبنا عليها ..... والله يا انها بتهد البيت كله على روسنا

ام حرابة: تهبي .... لو هي حرابة ... فـ انا عفرا

سأل ساخراً: وشو بتسوي عفرا !!!

هزت كتفها بحيرة .. لتقول متوترة: ماعرف والله بس يقولون الشردة نص المرجلة

اشرت بيدها وهي تسمع زوجها يضحك على خفة دمها ......... وقالت بسرعة: ماعلينا ماعلينا .... لين هاك اليوم ربك بيرزقنا بحلولٍ من عنده ..... المهم الحينه نبدا بالسالفة وما نتأخر فيها زود

سأل بحاجب مرفوع: انزين تخيلي قد هي شافته وعرفت اشيا عنه ! ساعتها شو بنسوي !

لن تخبره انها و"باتفاق مسبق بينها وبين اخيها" كانت قد سألت حرابة عن الامر وتأكدت من انها لا تعرف أي احد من أبناء خوالها عبدالرحمن وزيد ولم تلتق بأحد منهم مسبقاً ..
اجابت بسرعة: ما طافتني هالنقطة ..... قبل ما اييك كنت عندها .... ومن السوالف والاخذ والعطا .. عرفت منها انها ولا مرة في حياتها شافت غابش او واحد من اخوانه .... لا هم ولا عيال زيد اخويه

رمقها بإعجاب وقال: مب ناقصنج ذكا يا بنت خلف

ابتسمت بشحوب وهمست: الحمدلله

عندما استوعب كلمته السابقة "بنت خلف" .... واستوعب انه ذكّر زوجته الحبيبة بماضٍ اسود من الفحم واقسى من الجلمود ...... اعتذر لها متوتراً: عفاري السموحة والله ما قصدت اضايقج

هتفت بصوت مكتوم: لا لا عادي

تنهدت بحرقة ..... لتضيف هامسة بخفوت: الله يرحمه ويجعل مثواه الجنة

أبا حرابة: آمين يا رب العالمين



،,



الساعة الخامسة عصراً



كانت ما تزال في مقر عملها ... تراجع بعض التقارير التي يجب تسليمها للقيادة في الحال ...... لكن اتصال مفاجئ من والدتها اخرجها من انهماكها وانشغالها

: السلام عليكم

حرابة بحزم دافء: وعليكم السلام والرحمة

: حرووووبتي وحشتيني

ابتسمت رغماً عنها .... والدتها لطالما كانت هكذا ... منتعشة رقيقة ولا تحب ابداً كتم مشاعرها واحاسيسها نحو الغير ... عكسها تماماً

قالت لها وهي تعلم سبب كلمتها الأخيرة "وحشتيني": السموحة يالغالية ما صبحت عليج اليوم .. من الحمام عزج الله يلين الموتر على طول .... كنت متأخرة على اجتماع مهم

: حرابة متأخرة !! اوب اوب شو صاير في الدنيا !!

ابتسمت عيناها بشحوب مستاء ....... اجل هي لأول مرة تتأخر عن عملها والفضل يعود لنومها الذي لم يحن عليها ويزورها الا بعد آذان الفجر فقط

حرابة: نص ساعة بس متأخرة

ام حرابة: ووووي ما عندج سالفة ... وانا اتحرا متأخرة ساعة ساعتين .......... المهم شو بغيت أقولج .. اممممممممم

حرابة: قولي الغالية ... اسمعج

ام حرابة: خالج عبدالرحمن

حرابة بحيرة: خالي عبدالرحمن !!! شبلاه !!!

وقالت ام حرابة ما في جعبتها ببراءة ظاهرية ...... بدهاء ماكن ...... وبحذر شديد

بعد دقائق من الحديث .. سألت حرابة مستغربة تماماً: معاق !!

ام حرابة: من سنة صارله حادث سيارة المسكين .... واغلب الإصابة يت في راسه .... الدكاترة قالوا حق ابوه ان ياه تلف في الدماغ تسبب بـ إعاقة عقلية بسيطة يقدر يتشافى منها مع الأيام ..... وقدر الحمدلله يتشافى بس مب 100 %

هتفت حرابة بتساؤل عفوي: كيف يعني ؟

ام حرابة: صار معتوه

رفعت كلا حاجبيها وهي تردد كلمة امها: معتوه !!

ام حرابة: ياه عته ..... ا ا ا ماعرف كيف افهمج .... يعني ما قام يحس باللي يسويه .... ما قام يميّز بين الصح والغلط ... بين الزين والشين
بين الواجب والمحظور

حرابة باستفهام: يعني مينون !!

ام حرابة: مب مينون .. بس بعد الحادث وبسبة التلف اللي في مخه صار يتصرف مثل اليهال ..... يضحك على أي شي ..... يعصب ان طلب شي ومحد عطاه ...... ومن هالامور وفهمج كفاية

قالت حرابة مستنكرة من رغبة الوالدين بتزويج المعاق المسكين الذي اثار شفقتها: وليش يبون ايوزونه !!

ام حرابة موضحة بدهاء خفي: هو ما شاء الله كان قبل الحادث راعي حلال ومال وشركة لها وزنها في السوق ... هله خايفين وحده من هالبنات الطماعات تقص عليه وتبلع اللي له واللي عليه ..... عسب جيه يبون ايوزونه وحده يعرفونها ويعرفون اخلاقها ومرباها ... تهتم فيه واداريه وتحافظ على فلوسه


بعد ان دققت اكثر بـ فحوى كلام أمها .... وسبب تطرقها المفاجئ "ذو التوقيت الغريب" لموضوع ابن خالها واعاقته وتزويجه .... شكت بسبب الاتصال .... فـ سألتها بصوت حذر متشكك: رمستج فيها إنّ .... طلعي اللي في يوفج ومباشرةً ما عليج امر

ام حرابة: احم .............. يبون يخطبونج له

ارتفع حاجبيها ببرود تام للأعلى وقالت: يخطبوني له !!

لو كان الرجل بوضعه الطبيعي لاتخذت جانب السخرية بصوتها ... لكن عندما وجدت ان الامر يتعلق بـ معاق وعاجز شعرت بأنه من الحقارة الاستهزاء بالامر ... فأكملت وهي ترفع كتفيها بصوت هادئ مسترخي: بس انا وين والتعامل مع هالامور وين !!

لم تعلن رفضها ...... نقطة تحسب الى الآن لصالح ام حرابة ..... كتمت ابتسامة تأمل وفرحة كادت تفلت من ثغرها ... قبل ان تقول بنبرة حاولت إخراجها مثيرة للعاطفة/الشفقة: اعرف .... انتي ما بتتحملين ريال كامل بعقله .... وين فيج تتحملين معتوه ما يعرف وين الله عاقنه

تنهدت بشكل تمثيلي متقن أظهرت فيه كمية لا بأس فيها من البؤس الصادق ........... واكملت: الله يروف بحاله ..... ولا وحده بترضابه .... لو تشوفينه يا حرابة ..... طول بعرض ... عليه ذاك المحيى صليت به على النبي محمد ..... يوم خالج راواني صوره قبل الحادث صحت صياح عليه ... عور قلللللللبي .... كان هيييييييبة .... هيبة تمشي على الأرض يا بنتيه.... سبحان ربج مغير الأحوال ... شوفي كيف غادي الحينه

تسائلت رغماً عنها بضيقٍ بريء على حاله: الصراحة حرام ايوزونه وهو بهالحالة !!! يعني لا هو بيعرف يرضي بنت الناس ولا بنت الناس بتعرف تتصرف وياه وترضيه بالشكل المطلوب .... حالته خاصة يباله وحده متعلمة مثقفة وواعية على شو هي مجبله عليه

هزت ام حرابة رأسها بالنفي وقالت موضحة "بصدق ظاهري": كل ما يخطبوله وحده ترفض .... واصلا ما يلقون الا الصغيرونات الخفيفات اللي مالهن حاية في الدنيا غير السوق والمكياج ومجابل التلفونات

اكملت بنبرة تزيّفت باليأس: عسب جيه بغوج ..... انتي ما شاء الله متعلمة وواعية ومب شرات بنات هالايام
غضنت جبينها بـ آسى كاذب ............ واردفت: بس انتي ما تبين تعرسين ..... وقلت حق خالج هالكلام

توسعت عيناها وهي تقول: قلتيله اني مابا ولده !!

برقت عيناها بالنشوة ............... لتكمل تمثيليتها باتقان تام: قلتله البنت ما تفكر بالعرس موليه

قالت بسرعة موضحةً لوالدتها قبل ان تفهمها بشكل خاطئ: انا صدق مابا اعرس .... بس ليش تقوليله في ويهه ... بيتحرا اني مابا ولده عسب انه في عقله شي

عضت شفتها السفلية بابتسامة ماكرة ...... وقالت: لا خالج عاقل وما بيفكر جيه

حرابة بانزعاج: ليش رديتي عليه قبل لا تسمعين ردي شخصياً

قالت ببراءة ظاهرية: وليش اسألج سؤال اعرف جوابه

حرابة: حتى لو ..... على الأقل سأليني قبل لا تردين عليه

ام حرابة: وشو اللي بيتغير .... لين الحين انتي رافضة العرس

حرابة بنفي حازم: لا

ام حرابة: شو لا !

اشاحت بوجهها وكأن أمها تقف امامها الآن ............. لترد بخشونة: لا مب رافضة .............. ومب موافقة بعد .............. أبا افكر

شهقت أمها مصدومة وهي تقول: تفكرييييييين !!!

: هيه

تلعثمت ام حرابة اثر سعادتها القصوى .............. وقالت منتشية مصدومة حد اللامعقول: يـ يـ يعني ممكن توافقين على ولد خالج المينون !!

قاطعتها ابنتها بنبرة لاذعة تذكّرها بكلامها السابق: مب مينون .... معتوه ............ فرق بين الينون والعته

ام حرابة بارتباك: ا ا صدقتي صدقتي ... بـ بسسس يعني

: بس شو !

سألتها أمها بحيرة اخفت خلفها ضجيج روحها المبتهجة: انتي رديتي اللي احسن عنه بألف مرة ... وبكامل قواهم العقلية ... من غير ما تفكرين .. شعنه ولد خالج بالذات قلتي تبين تفكرين !!

ابتسمت ساخرة واجابت ببساطة واثقة: ولد خالي صح معتوه بس ايوز ايكون احسن عنهم كلهم

ثم وقفت .... واتجهت نحو نافذة مكتبها ........ لتردف مغمغمة امام انعكاسة صورتها عليها: على الأقل بضمن لو وافقت على هالزواج .... اني على ذمة واحد ناقص عقل بس ...... مب ناقص عقل وذمة وضمير وانسانية



،,



نعود بالزمن قليلاً للوراء .. للصباح تحديداً



خرجت من القاعة بسرعة .... قبل ان تفكر بافتعال أي حركة تفضح مشاعرها المتصارعة المجنونة بداخلها

ليلحقها هو بكل وقاحة متجاهلاً نظرات الطلاب المتأرجحة بين المذهولة والمستنكرة والفضولية

: مديه

لم ترد على ندائه .... بل اسرعت بخطواتها اكثر .. ووجهها يصبح في كل ثانية تمر اصفر واشحب من ذي قبل

: مديه اوقفي واسمعيني

لم ترد عليه للمرة الثانية حتى اصطدمت من غير ان تشعر بإحداهن

همست بصوت مختنق متلعثم للفتاة: سـ سوري

اكملت طريقها لخارج الحرم الجامعي ......... معتقدةً انه فقد الامل وعاد لطلابه الا انه في الحقيقة استمر بملاحقتها


هتف بانفعال: مديه أبا ارمسج ..... دخيلج لا تشردين مني

كلمته الأخيرة هي من اوقفتها الآن

الوغد .......... الحقير ........... يتحدث عن الهروب ...... وهو من تربع على عرش الجبروت والجُبن والحقارة !

الحقير ...... الجباااااااااان

استقامت بظهرها حتى شمخت وظهرت مدية آل صياح ... اخذت نفساً عميقاً

لتهتف بصوت حاد وهي ما تزال توليه ظهرها: نعم

قال بقلب ينبض بالشوق/السعادة ... وهو يقترب منها: أبا ارمسج

ردت بنبرة جامدة جافة: وراك محاظرة سر إلحق عليها

قال بحرارة وهو يقترب اكثر واكثر: طز .... دامني شفتج ما يهمني أي شي ثاني

قاطعته بقسوة آل صياح: احترم نفسك وتذكر اني وحده معرسة الحينه

شعر بالغضب والثوران ....... والغيرة القاتلة المجنونة ........ فـ هدر وهو يلوح بيمينه بجرأة تثير الاستفزاز: وبتطلقين منه وترديلي .... هالعرس ما كان المفروض يصير ..... تاخذين ولد عمج الياهل من عقبي يا مديه !!! هاااااااه !!!!

لم تجبه .... كانت تحارب هلعها الشديد كلما احست به يقترب منها ..... وانفاسه تقترب منها !

كانت تحاول الإمساك بأكبر قدر من القسوة والقوة والثبات

هي لم تكن تسمعه بالمعنى الحرفي ... كانت تسمع صراخه وشتائمه المقززة وهو ينهال عليها بالضرب بالسوط في ذلك السرداب الضيق القديم المظلم !
كانت تسمع مروان المختل عقلياً وهو يغتصبها مراراً وتكراراً تحت رداء الزواج الشرعي ..

قال وهو يحاول لمس كتفها: خلينا نطلع من هنيه .... ا ا ااخخخخخخخخخخ

حقيبتها "التي اصطدمت بعنف على وجهه" هي من اعطته الإجابة المناسبة !

مديه بغضب بالغ ..... وهلع لا يعلم به سوى ربها: حيوااااااااان ......... زول عن ويهي قبل لا اشتكي عليك الإدااارة

تأوه بغلظة وهو يدعك وجهه بوجع ........ بينما عيناه ترمقانها بتوتر ..... بحيرة ....... بغضب

هذه ليست مدية الناعمة ... مدية الساذجة .... مدية التي كانت تبتسم له بسبب ومن غير سبب ..... هذه ليست التي كانت حتى في قمة حزنها ....... تعامله كما تعامل الأطفال وكأنها امه الحنون وليست زوجته فقط
قال بقهر ... واضطراب: مـ مـ مديه لا تفهميني غلط .... انا بس ككـ...

: أستاذ

تراجع بحدة ...... ليلتفت للطالب الشاب الذي كان يناديه

قال الطالب وعيناه تنتقلان بفضول من مديه الى مروان: الطلبة يتريونك

استغلت مديه الفرصة ........ فـ استدارت بسرعة وهرولت خارجة من الجامعة بأكملها !

قبض مروان بشدة على يده وقلبه يهذي ويزبد قهراً وعشقاً

انتي لي مدية ..... لي وحدي فقط ........... وستعودين لأحضاني

عاجلاً ام آجلاً



،,



بعد خروج مديه من الجامعة بـ نصف ساعة




كان في مهمة رسمية خارج عمله التابع مباشرةً للهيئة العامة للطيران المدني .. بلباس مهندسي الطيران المتعارف عليه

عندما انهى عمله الشاق ... قرر العودة للمنزل واخذ حمام ساخن سريع قبل العودة من جديد للمطار

لكن فجأة ... وهو وسط اندماجه امام برنامج استوقفه في التلفاز ..... دخلت ام المسك البيت بحدة

شهقت بردة فعل عفوية ما ان رأته امامها ....... الا انها أكملت طريقها بسرعة نحو غرفتها ..... وهي تلقي السلام بصوت بالكاد يُسمع

شعر هزاع بالريبة ......... فـ اوقفها بسؤاله المهتم القلق: مسك ...... شو رادنج الحينه !!! المفروض تخلصين الساعة ثلاث

اجابته وهي تأبى النظر إليه ومواجهته بوجهها الشاحب وعيناها المهتزان الهلعتان: ا ا ماشي محاضرات .. لغوها كلها

التلعثم .. والاختناق .. والتوتر بصوت "مسكه" اثاروا ريبته وقلقه اكثر ..... فـ سار نحوها حتى وقف امامها ليحدق بها باهتمام حاني ...... قبل ان يسألها من علو قامته التي تفوق قامتها بكثير: مسك ..... شي فيج ؟!

هزت رأسها بالنفي بسرعة وهمّت بتعدي مستوى جسده والاتجاه لغرفتها الا انه اجبرها على الوقوف وهو يمنعها بجسده من غير ان يلمسها فعلياً ......... ليقول بإصرار ..... وثقة عالية: تقصين علي مسك ؟؟

من فرط انفعالها المكتوم ..... هتفت بحدة وهي تشيح بوجهها عنه: لا ... ما اقص عليك .... صدق ما فيه شي


كانت غاضبة .......... ولأول مرة يرى هذا الوجه منها

فـ خاف ................... عليها لا منها !

فـ من هذا الذي سيجعل مدية غاضبة ...... وهي التي لا تظهر غضبها/احزانها ابداً

أكملت طريقها نحو غرفتها ... فـ تبعها غاضناً جبينه بشك وقلق

عندما دخلت لم تغلق الباب خلفها .... فـ قال بحزم وهو على عتبة بابها ينتظر: ممكن ادخل ؟!

هنا .... شعرت ام المسك بالحرج ..... فـ سكتت ..... وظنّه دليل موافقة ....... فـ دخل للداخل

كانت للتو قد خلعت حجابها فـ ظهر شعرها القصير الغليظ المقصوص بطريقة كاريه فرنسي اظهر طول عنقها الأبيض ونقاء بشرتها الحلوة

ابتلع ريقه وصدره ينفث حرارة عاتية

تذكر الحلم ذلك

رباه .... كم هي شهية .. شهية حد انها تُغمَس في وعاء مليئ بكريمة الشوكولا

كـ حبة فراولة طازجة !

لكن لم الحزن بعيناها ... حزن وغضب ومرارة !


وقف امامها مقاوماً بقوة توقه المريع .... محافظاً على تعقل روح الأخ فيه .. قبل ان يرفع ذقنها برقة

وكما توقع مسبقاً ...... ابتعدت عنه بردة فعل اعتادها منها طيلة السنوات السابقة

فـ لم يُعلّق ... تكفيه اللمسات الصغيرة التي تحصل بينهما ... يكفيه الوصال المهترئ والذي لا ينفك ان ينقطع بسرعة بسبب هلعها غير المفهوم

همس امام وجهها بأنفاسه الدافئة المدغدغة: منو مزعل مسكي ؟!

شعرت بحرقة بعيناها ... تريد ان تبكي .... لكن ليس امامه ... ليس امام هذه القنبلة الموقوتة من الحنان/الدفئ

تنحنحت باختناق ..... قبل ان تجيب متلعثمة بصوت مكتوم مبحوح: احم ... ولا شي ... ا ا السموحة فلتت اعصابي قبل شوي وعليت حسي عليك ... ما قصـ...

قاطعها وهو يرمقها بنظرته الرجولية القوية: خلج مني ... سألتج سؤال .... منو مزعل مسكي ؟!


إلهي .... فليبتعد قبل ان تنفجر محاجرها بسيل لن يتوقف من الدموع

: ما ... ما



رن هاتفها .... فـ رمق الاثنان شاشته لا ارادياً

الرقم مجهول ...... لكن وجه مديه الذي ازداد امتقاعاً وهلعاً اثار شكه ..... فـ قطب حاجباه بنظرة مظلمة قبل ان يمد يده نحو الهاتف ويجيب


اتاه صوت رجولي مرتبك منفعل

: مديه ............... مديه يالغالية ...... والله ما قصدت ألمسج قبل شوي

ارتعشت يده ...... وانقبضت روحه بجبروت صرف

كهرباء قاتلة سرت على كامل جسده

أيسميها كهرباء .......... او جنون على هيئة كهرباء صاعق

ناااار ..... نااااار تقتلع بجنونها الاعين قبل حرق الانفس !


اغلق الهاتف بجمود بعد سيل من اعتذارات مرتبكة خرجت من فاه المتصل ..... وصورة واحدة تأرجحت امام عقل هزاع ........ صورة طليقها ....... مروان


سألها وهي ترتعش كـ طير جريح امامه: مروان !!!

هزت رأسها بسرعة ..... ليس خوفاً اكثر مما هو فطرة طبيعية فيها ........ حتى وهي خائفة لا تعرف اللف والدوران حول الحقائق .... حتى وهي خائفة تظهر فطرتها الحلوة الساذجة معها

عاد يسألها ووجهه يصبح كـ حجر دامس الظلمة: وينه !!

: ما ما ....

قفزت مرعوبة من صراخه المفاجئ: ويييييييييييييييينه !!!!


ردت بسرعة بهلع حقيقي: كان فـ فـ في .......... في الجـ .... الجااامعة

وقبل ان تستوعب وتُبصر الهستيرية الناضحة من وجهه .......... كان يوليها ظهره ويخرج من الغرفة بسرعة



،,



بسرعة البرق ... ومع عشرة رادارات إلتقطت سرعة مركبته المهولة !
كان امام الجامعة ..... ثوانٍ فقط حتى رآه يقف امام البوابة الخارجية يحادث احد الطلاب باندماج


استل خنجره الخاص ....... الخنجر الذي يُصنع خصيصاً لأبناء آل صياح ...... شكله شبيه بشكل السيف هو ان صح التعبير أطول من الخنجر واقصر من السيف العربي

اول صنعة لهذا الخنجر الفريد كان للجد صيّاح الأول "جد الجد صيّاح"
اهداه له احد امراء السعودية قبل اكثر من مئة سنة .... وكل الخناجر المصنوعة بعده كانت شبيهة له .... مزخرفة بنقوش عثمانية إسلامية جميلة وفضة لامعة بصنعة مميزة تبهر الناظر

كسر تجمهر الطلاب امام البوابة بخطواته النمرودية المدججة بالوعيد ...... والشر الكامن بعيناه بخنجره المرعب جعل احدى الطالبات تصيح بهلع وهي تؤشر نحوه محذرةً الجميع منه

وقبل ان يلتفت مروان ليعرف سبب صراخ الطالبة المحذر ..... كان رأسه محاصراً بذراع هزاع وخنجره اللامع

صرخ مرعوباً قبل ان يزمجر هزاع من بين اسنانه بنظرة تقدح شراً/شيطنةً صرفة: تعرف في جبيلتنا يا ابن الـ...... شو نسوي باللي يتعدى حدوده ويانا ويقرب من محارمنا !!!!


شهق وهو يلف رأسه بشكل جانبي لينظر لوجه الرجل ..... فـ عرفه ....... وسرعان ما هتف هلعاً خائفاً متذكراً ما فعله اليوم مع مدية: ا ا هزاع نحن في جامعة وبين الناااااااااس ..... ما يصير اللل

قاطعه وهو يصم اذنيه/حواسه كلها بزمجرته الوحشية وغضبه الجنوني: نقصصصصصصصصه

تلعثم محاولاً تهدئته وهو يستوعب ما يقصده بالضبط: هـ هـ هزااااااااااااااع

: تباااااني اقصصصصه لك يا الـ...... جدام الناااااااس كلهم الحيييييييييينه

: هـ هـ هزاع استهدي بالله والله ما ما ااا...


حاول مجموعة من الرجال مساعدة مروان لكن رعبهم من كلمة " نقصه" جعلهم يتوترون ويضطربون ... وشكوا لوهلة بعقل هزاع الذي كان ناراً مشتعلة في تلك اللحظة

لكن رجل كبير في السن اقترب وهو يهتف محاولةً تهدئة الوضع بحكمته ورجاحة عقله: يا ولديه ... يا ولديه اذكر الله وصل على النبي

صرخ بجبروت متجاهلاً كل الناس الملتفين حوله ........... فـ برز وجه صيّاح المرعب بدل وجهه الأسمر اللطيف: مب عيال صيااااااااااح اللي ينداااااس لهم على طررررف يا ولد الللللـ...



شتم هزاع امه الأجنبية .... فـ شعر مروان بالغضب ...... ودفع هزاع مصارعاً خوفه وحرجه وكل مشاعره المهتاجة بداخله

الا ان هزاع وبحركة محترفة تعلمها صغيراً من ابيه حامد ...... قلّب الخنجر بيده بسرعة وجرح خد مروان طولياً من جبينه لأسفل خده ..... فـ سال دم الاخير بغزارة

صرخ مروان وهو يغطي وجهه متألماً

قال من بين شرار عيناه الهستيريتان: هالمرة ويهك ...... لكن والله ........ واللي خلقهن بليا عمد يا ان الثانية تحت يالكلب الاجرب


بصق على وجهه متقززاً ..... ثم التفت وسار عائداً نحو سيارته ..... والطلاب ومن رعبهم الشديد منه ..... اخذوا يتراجعون مبتعدين عنه/عن مرمى خطاه المتوحش



،,



في السيارة وفي طريقه نحو المنزل اتصل به ربيّع ابن عمه ... فـ علم بديهياً ان مديه ومن فرط خوفها مما سيجري اتصلت مستنجدةً بأخيها كي يساعدها ... وها هو يتصل به

لكنه لم يجب ........ فـ هو بالاصل لا يحب ربيّع ولا يحب الاحتكاك به كي يقحمه في الأخير في شؤونه الخاصة

رمى الهاتف بعنف ولم يقلل من سرعة سيارته العالية الا عندما دخل منزله ووقف بحدة امام باب المنزل الداخلي مصدراً صريراً عالياً


هرع نحو الداخل بخطوات عنيفة .......... حتى لقيها تستقبله امام الباب تماماً .... بخوفها ووجهها الشاحب القلق

وقبل ان تتفوه بكلمة كان يمسك وجهها بعنف هادراّ باشتعال: شو سوابج !!!
ارمسسسسي

انهمرت دموعها فرحةً لوجوده اخيراً امامها ..... الا ان بعضاً من دميعاتها الرقيقة الشفافة كانت ألماً كذلك

هتفت بتحشرج .. بألم عميق في جوفها: ما ما سوابي شي بسسس

: بس شوووو .... لا اطلعين زياريني زود مسسسسك

لمست كتفه بارتعاش وهي تحاول تهدأته بتوتر شديد: انت ... انت هد ..... وانا والله .. والله بقولك شو صااار

هدر وعيناه تقدحان شراراً ..... كذلك أنفاسه المتلاحقة الغاضبة: ما بهددددددي ......... ارمممسسي مسسسك

توسلته وهو يلاحق بناظره دمعة متلألأة تسقط من عيناها اللؤلؤيتان: عشاني هزاع ..... هد اول .... دخيلك


دموعها اضعفته ........ بل انهكته حد الرمق الأخير



دلف للداخل حتى وقفا هما الاثنان وسط الصالة ..... فـ قال وهو يعاود امساك وجهها بقوة: هديت ... ارمسي اشوف ... اسمعج

بلعت ريقها بصعوبة من بين بكاءها الناعم .... فـ اضطربت معدتها عندما اخذ هزاع "وهو في قمة ترقبه الغاضب" يمسح دموعها بحرارة تفجرت بالقلق

طالبها بالتحدث بقهر انما بصوت خفيض ارق من ذي قبل: شو سوااابج مسك !!


اخذت عدة انفاس عميقة قبل ان تقول بصوت اخرجته اكثر سيطرة وثبات: طلع هو دكتوري اليديد في الجامعة

شتمه بغضب عاتٍ .... ليتركها تكمل من غير ان يقاطعها: يوم شفته في القاعة طلعت ..... وهو لحقني .... وحاول يلمسني بس انااا

قبض على كتفها وهو يقاطعها بغلظة: انتي شووو

رمقته بنظرة خاطفة محرجة ثم عادت بـ انظارها للأرض ... وهمست: ضربته بشنطتي على ويهه

رغم شعوره بالراحة لأنها لم تقف عاجزة امام طليقها .... الا ان نيران الغيرة كانت اكبر من كل شعور وتمنى لحظتها انه لم يكتفي بمجرد جرح وجهه ذلك الحقير الدنيئ

هدر من بين اسنانه: من وين ياب رقمج !!!

: ماااعرف

مسح دموعها وهو يأمرها بانفعال ... بـ مشاعر حارة: لا تصيحين

هزت رأسها وهي تمسح باقي دموعها بظاهر كفها .. لتقول بعدها بنبرة مبحوحة خافتة: شو سويت ؟!

اجابها بنبرة قاسية غليظة: عطيته المقسوم

لم تسأله اكثر فـ اردف بعدها بجبروت: وباجر بسوي اتصالاتي عسب ينقلونه الكلب لـ بقعة ثانية

: هزاع ... لا

اتسعت عيناه بحدة: شو لااا !!!

قالت وهي تحاول افهامه موقفها الحساس: انا مابا اشرد من الواقع ... دام هو صار استاذي فـ ما...

قاطعها بنبرة مخيفة .... مخيفة حد انها توترت منه شخصياً: مابااااااه ويااااااج في مكاااااان واااااااحد

: هـ هزااع

أكملت تحت وطأة أنفاسه الحارة المتلاحقة .... مهدئةً اياه بربكة عاصفة: افهمني دخيلك يا ولد عمي .... انا أبا اعالج اللي في داخلي وبطريقتي

صدمها بأن قال بقسوة ساخرة ملؤها المرارة والغضب: شو في داخلج !!!
بقايا حب وشووق ووله !!!

شهقت بإسمه مصدومة مستهجنة: هزااااااااع

: ولا اشتقتي له وتبيـ


أغلقت فمه بيدها وهي تهز رأسها نافيةً بحنق ... ناعمة بشكل لا يوصف .... حتى بحنقها ناعمة:
عيب تقول جيه هزاع ... تظن هذا تفكير ام المسك !!!




كانت قريبة .....قريبة جداً

وهو غاضب
ومشتعل
ومستنفر ..... و
ورااااااااااااغب

همس بصوت مكتوم امام وجهها الفاتن الشاحب: عطيني شي يبرهن لي رمستج هاي مسك

سألته بنظرة تائهة حائرة: ابرهن اني ما عدت احبه ولا اشتاقله !!

اومئ برأسه وهو يشعر بالخدر من رائحتها القريبة جداً .... وجسدها الذي يكاد يلاصق جسده المتصلب


همست بحيرة رقيقة وهي تحاول بث الثقة/القوة من جديد في علاقتهما الغريبة جداً: ما يسد اني خذتك وانا اللي عديتك دوم شرات اخويه ؟!!

ابتسمت له بحنان فيّاض ...... واكملت بسذاجتها العفوية: مب ها اكبر برهان

زمجر من بين اسنانه وقد فُكَ عقال صبره
مكتسحاً حدود الحظر بجنون لا قبل له ولا بعد ........ اكتفى ....... اكتفى بحق من هذه الترهات المستفزة البغيضة: لاااااااااا
لااااااااااا
مب برهااااااااان
مب برهااااااااان مووووووليه
هذا البرهااااااااااااااان




وانقض على شفتيها ... بعنف ... بأنين اسد يعتد حد السماء برجولته ... بثمالة تعدت الزمان/المكان

قابضاً خصرها الناحل بكلتا يداه





نهايــة الفصــل الســابع



وكان likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:57 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.