29-09-20, 10:10 PM | #315 | ||||
| البارت الواحد و الستون هوس و عناد 💞 توحشتكم بزاف و مصبرتش على فراقكم , فسرقت بعضا من وقتي و قررت تنزيل بارت خفيف أرجو أن ينال الاعجاب 💞💞 " اذا أنت لست من هنا ؟ " سألت مريم ملك التي تجلس الى جانب سريرها على أريكة وثيرة , و تحاول وضع برنامج يومي مناسب بمشاركة سارة , محاولة صب كل تركيزها عليه " نعم , أنا من الجزائر " أجابت بصوت هادئ و ببساطة , دون الخوض في أية تفاصيل , هي لا تريد بدء علاقتها مع مريضتها بكذبة . حدقت اليها مريم بعينيها السوداوين , و مطت شفتيها بطريقة لطيفة و سألتها " لكن ملامحك ليست عربية " نظرت ملك ناحيتها و رفعت حاجبيها , و قد استغربت طلاقتها في التعامل معها , و هي التي تعرفت عليها منذ ساعتين فقط برؤية ملامح ملك عضت مريم على شفتها بحرج " أقصد أن ملامحك لا تبدو عربية " تداركت كلماتها خشية أن تزعجها و ابتسمت لها معتذرة حدقت اليها ملك و بادلتها الابتسامة , و قد أدركت الآن فقط أن رنا , هي نسخة طبق الأصل عن والدتها , ليس فقط في تفاصيل وجهها , بل حتى في فضولها و اندفاعها , و حاولت تخفيف ارتباكها بخفة دمها المعهودة " سأخبرك سرا " همست لها و ظهر الحماس , في عيني مريم و على ملامحها , هزت رأسها موافقة و أجابتها ملك بهمس دائما " الكل يقول لي ذلك , لكنني أشبه والدتي كثيرا " ضحكت الاثنتان على المزحة الخفيفة و استمرت ملك في الكتابة على اللوح الالكتروني الذي بيدها , لكن فضول مريم لم ينته بعد " و هل أنت هنا للدراسة أو للعمل ؟ " هزت ملك رأسها بشرود " لا أنا هنا من أجل العمل " أجابت دون أن تشيح عينيها عن اللوح , فيم حدثت مريم نفسها " هل أنت غبية ؟ أكيد هي تعمل , لن يدعك علي في يدي طالبة " رغم أن مريم لم تفهم سبب تعيين ملك بالذات , لأن كل الأطباء الذين اعتنوا بها سابقا , كانوا أكبر عمرا بكثير , الا أنها تثق في زوجها ثقة عمياء , و هي متأكدة أنه لن يدعها في أيد غير أمينة , اضافة الى أنها ارتاحت بالفعل لها . توقفت مريم عن طرح الأسئلة , لكنها بقيت مستلقية تحدق في ملك التي تعمل بكل جدية , و تجيب عن أسئلتها من وقت الى آخر أكملت ملك ما كانت بصدد فعله , و هي تحاول تفادي المزيد من الأسئلة الشخصية , هي لا تريد أن تبدأ بالكذب , كما أنها لا تجرؤ على قول الحقيقة , لذلك حاولت تشتيت انتباهها " مريم سأذكر بعض أصناف الطعام و أخبريني ماذا تحبين ؟ " وافقتها مريم مباشرة , صحيح أن شهيتها سيئة , لكنها تحرم نفسها من الكثير مما تحبه بسبب حالة كليتيها " اللحم ؟ " سألت ملك و هزت مريم رأسها بنفور , فما كان منها الا أن ابتسمت لها و شطبت على اللوح " الموز ؟ " اتسعت عيناها ببهجة كطفلة صغيرة و وافقتها مباشرة , لكنها سرعان ما عبست و أضافت " و الشوكولا أحبها كثيرا , لكنها ممنوعة كما تعرفين ؟ " أشفقت ملك عليها , خاصة أنه بدا واضحا أنها تشتهيها و سارعت لطمأنتها " لا تقلقي سنجد حلا " أشارت لها مريم بابهامها موافقة , و قد أسعدها أن تجد شخصا يجلس و يحادثها . أكملت ملك أسئلتها الكثيرة , و كانت مريم تجيبها بتلقائية كبيرة أشعرتها بالراحة . بعد ساعة تململت مريم قليلا , و كأنها تشعر بعدم الراحة فسألتها ملك " هل تشعرين بالتعب ؟ " ابتسمت لها و أمسكت اليد اليسرى المستكينة , بأصابع اليد اليمنى السليمة , و حاولت تمسيدها كعادة تفعلها حينما تتوتر " قليلا , أنا متعودة على أخذ قيلولة في هذه الساعة , لكنني لم أفعل اليوم " " آه أنا آسفة لم أعرف " " لا تقلقي سئمت أصلا من النوم طوال اليوم , لدرجة أنني أصبحت أتعب من وضعية الجلوس " عدلت ملك من وضعية سريرها , ثم ترددت قليلا قبل أن تسألها " لم لا تحاولين القيام بنشاطات أخرى اذا ؟ " ابتسمت لها مريم بعناء , و قد بدا أنها تسمع هذا الاقتراح للمرة الألف " لا تتعبي نفسك دكتورة , أنا تعودت على نمط الحياة هذا و لن يغيره شيء , أنا لا أستطيع الوقوف على رجلي , و هذا يمنع أي تخطيط لأي نشاط مهما كان بسيطا " " نادني ملك و ليس دكتورة " بددت ملك الجو المحبط الذي حل فجأة , و قد شعرت بانهزامية غريبة في صوتها , لذلك توقفت عن حثها على فعل أي شيء , و عادت لأسئلتها العامة مستغرقة في حديث مطول معها . في المقابل كانت سارة تشعر بانزعاج كبير , و هي تقوم بترتيب الأدوية , فقد كانت هي الآمر الناهي هنا , و الآن عينوا لها مديرا تبغضه بشدة , نظرت الى ملك بحقد بالغ , و صرت على أسنانها بغل كبير , لولا أن علي شدد عليها و على الخادمات , بوجوب ابقاء أمر ملك سريا , لكانت أخبرت مريم الآن بكل التفاصيل , و هدمت السقف على رأس هذه المدعية . " هل يمكن أن نبدأ الآن ؟ " قالت ملك مقاطعة شرود سارة , و قد أنهت ما كانت بصدد فعله " أجل " و أجابت مريم مشجعة ملك على الاسترسال . " حسنا بالنسبة لجلسات التصفية , غيرت أيامها القديمة , ستكون أحد أربعاء و جمعة , كما غيرت توقيتها , بدل الثامنة صباحا ستكون على الرابعة مساء " سألت سارة بنرفزة واضحة " هل أخبرت د .جلال ؟ " نظرت اليها ملك بهدوء و أجابت بجدية " هو أعطاني كل الصلاحيات " مشيرة الى أنها وحدها المسؤولة عن هذه الأمور , و ليس عليها التدخل فيما لا يعنيها . سكتت سارة و لكن زاد لهيب قلبها , و بقيت ملك صامتة تحدق ناحيتها , بنظرات معبرة و زاجرة و ملامح جادة . ملك متواضعة و مسالمة جدا , و لا تحب الدخول في جدالات غير مجدية , لكنها تصبح شرسة و جدية جدا , حينما يتعلق الأمر بعملها , و لا تتراجع مهما كلفها الأمر , قاطعت بعدها مريم وصلة النظرات المتحدية بين الاثنتين , و قد لاحظت التشنج الغريب بينهما , و قالت بصوتها الرقيق منهية الموضوع " لا بأس لا مانع لدي , لا فرق بالنسبة لي " ابتسمت ملك لها مجددا و أكملت " البرنامج اليومي سيكون خفيفا خلال هاته الأيام , لأنك ستكونين متعبة بسبب الجلسات , لكن عموما سنقوم بالاغتسال , تتناولين فطورك تأخذين دوائك , سنقوم ببعض الرياضة ثم الغداء و القيلولة , بعد الظهر سيكون لديك الحرية , لاختيار النشاط الذي تريدينه " طبعا ملك كانت تفكر في الكثير : الخروج للتنزه , قراءة كتب , الاستماع الى الموسيقى , مشاهدة أفلام و مسرحيات , و الأهم من كل هذا , مشاركة رنا الحياة اليومية لوالدتها , ملك كانت قد فكرت كثيرا , قبل طلب الأمر من علي , و لعل أهم حافز كان أن تقرب بين رنا و مريم , فالطفلة تعيش تهميشا عاطفيا سيئا جدا , و هي ستحاول ما في وسعها لتصحيح الوضع , لكنها لن تقول ما يدور في بالها الآن , يكفي الجرعة التي أعطتها لها , و الا سيكون الطرد مصيرها . ضحكت مريم بسلاسة , رغم الشلل الطفيف في الجهة اليسرى من وجهها , الا أن هذا لم يخف جمالها الطبيعي " طيب " قالتها بفضول منتظرة ما ستفعله ملك , لجعلها تقوم بنصف هذه الأمور , فهي لا تريد احباطها من الآن " سنبدأ اذا من الغد " أعلنت ملك بكل حماس , و اكتفت مريم بالصمت و الانتظار . في المساء حضر د .جلال للاطمئنان بنفسه على سير الأمور , فيما كان يجلس مع علي في الصالون يحتسيان القهوة , قدمت ملك تتبعها سارة " مساء الخير " ألقيتا التحية تباعا , و أجاب الرجلان بذوق " مساء الخير " بمجرد أن جلستا باشارة من علي , حتى بادر جلال يسأل ملك " كيف تسير الأمور مع مريم ؟ " " بخير دكتور ، وضعنا برنامجا أساسيا اليوم و سنبدأ غدا " كان واضحا أنها مستعدة جدا للقيام بذلك , و لم يفوت علي نبرتها المتحمسة مما أشعره بالراحة ابتسم جلال برضا , أشار بذقنه الى سارة و سأل مباشرة " سارة قالت أنك غيرت مواعيد الجلسات " شحب وجه سارة و انعقد لسانها , لم تعتقد أن وسوستها للطبيب ستكشف هكذا , بلعت ريقها و هربت بعينيها في الاتجاه الآخر , رفعت ملك حاجبيها باستنكار , و حدقت الى وجه سارة المرتبكة , فيما عبس علي غير مستوعب لما يحدث , منتظرا تبريرا منطقيا , و هو يحدق الى ملك بتأهب لكن هذه الأخيرة أجابت بثقة كعادتها " أجل غيرت المواقيت الى بعد الظهر , فمريم تتبع حمية غذائية مشددة , و لا يتسنى لها أن تأكل ما تحب , الا قبل موعد التصفية مباشرة , لكن الأمر يكون مستحيلا , بما أنها تبدأ في الثامنة صباحا , و لا يكفي الوقت لتناول شيء تقريبا عدا فطور خفيف , اضافة الى معاناتها من الغثيان بسبب الأدوية , خاصة أقراص الحديد الخاصة لفقر الدم , لكن مع البرنامج الجديد , سيكون لديها الوقت الكافي , حتى بعد قهوة المساء لتتناول ما تريد دون مضاعفات محتملة " هز جلال رأسه موافقا دون تعليق , و لم يفوت علي الحركة , أضافت ملك سريعا " لنفس السبب غيرت الأيام الى نهاية الأسبوع , حتى يتسنى لها تناول طعامها مع العائلة , لأن يوم الجمعة هو اليوم الوحيد , الذي يجتمع فيه الجميع على الغداء , ستكون مرتاحة لمشاركتهم الطعام دون ضغط , بما أنها ستصفي لاحقا , و سنحاول بذلك استدراك بعض الوزن على الأقل , فوزنها الحالي غير طبيعي " استغرب علي من الحديث الدائر , هو لم يسمع من قبل مثل هذه المعلومات , رغم أنه قرأ الكثير عن مرض مريم , لكن مثل هذه التفاصيل لم تمر عليه , لكنه اكتفى بالتساؤل بعينيه لدى جلال , الذي ابتسم من تفكير ملك و أثنى عليها " جيد أنا أؤيد أفكارك , صراحة لم أفكر في الأمر على هذا الشكل من قبل , بما أننا في المستشفى نقوم بجلسات التصفية صباحا , فقد استمر البرنامج كما كان هناك , خاصة أن مريم لا تشتكي " أيدت ملك تفكيره " أكيد أفهم الأمر , و لكن مريم هنا في البيت لديها الحرية فلم نقيدها , هي لديها متسع من الوقت فهي متفرغة , و الآلة موجودة في غرفتها , بامكاننا اجراء التصفية ليلا اذا أردنا لا أرى المانع , اضافة الى أنني حركت مواعيد تناول الدواء خاصة المنوم منها , هي لا تحتاج أن تنام طوال الوقت , بامكانها القيام بالكثير من الأمور بدل الاستلقاء , على الأقل سنقلل من خطر بعض المضاعفات بالحركة " قاطعتها سارة بسخرية " و هل تعتقدين أنك ستقنعيها بالنزول , للتجول و تناول الطعام على الطاولة ؟ هي لا تفعل ذلك منذ سنوات , هي حتى ترفض الجلوس على الكرسي المتحرك " امتعض علي من طريقتها في انتقاد مريم , و تذكيره بالحالة الاستسلامية التي وصلت لها , و التي لا يجد لها مخرجا مهما حاول , حدقت اليها ملك قليلا بانزعاج , فهي لم تنس بعد نميمتها مع جلال , لكنها أجابتها ببساطة " سأحاول ما بوسعي " قاطعهما جلال بدبلوماسيته المعهودة " لا بأس سارة , دعيها تتصرف كما تريد , أنا أيضا أرغب في رؤية ذلك " و توجه لملك بنبرة مشجعة " ملك لديك الضوء الأخضر من طرفي " قال مع ابتسامة و نظر اليه علي باستياء " لم يدعوها ملك هكذا دون سيدة أو دكتورة ؟ " و عبس دون أن يدرك حتى تغير ملامحه , مصمما على أن يحرص لاحقا على تحذيره . استدار بعدها علي ناحية سارة لتوضيح الوضع " ملك هي المسؤولة عن حالة مريم أمامي و أمام د جلال , عليك الالتزام بتعليماتها لأنها ستناقشها معنا قبل القيام بها " قالها بلهجة حازمة , مظهرا عدم رضاه عن معارضتها , لأن ذلك لن يكون في صالح مريم , و قاطعا عليها الطريق مستقبلا للتمرد , و فرض رأيها فهي مجرد ممرضة . " حاضر " لم تجد سارة غير هذه الكلمة التي قالتها بغل , و استأذنت الى غرفتها مباشرة , بعدما فشلت في نصب المكيدة لملك كما تأملت , للظهور مظهر المهتمة بحال مريم . أما ملك فقد كانت تنظر بدهشة الى علي , لم تتوقع أن يؤيد قراراتها , هي اعتقدت أنه بمجرد أن يسمع أنها غيرت الأمور , سيثور و يطلب منها التنحي , لم تفهم ان كانت ثقة حقيقية من طرفه , و أنه يعتبرها أملا لتغيير حياة مريم ، أو أنه يريد مراقبتها و هي تفشل في تحقيق كل ذلك . في هذه اللحظات استدار علي و حدق ناحيتها بجدية , مما جعل دقات قلبها تتسارع بشكل غير مفهوم , لأول مرة ينظر اليها دون حقد أو سخرية , و قد بدت عيناه أكثر سوادا من العادة " لم تبدو هذه النظرة نظرة تقدير ؟ " سألت نفسها و قطع عليها علي تأملها " التقارير بخصوص حالة مريم سيستلمها جلال بانتظام , أية مشكلة أنا موجود " " حاضر , عن اذنكم تصبحون على خير " استأذنت ملك هي الأخرى , و قامت باتجاه غرفتها تحت أنظار علي , الذي لم يستوعب حتى الآن , متى انتقل من شعوره بانعدام الثقة تجاهها , الى ثقة كاملة لدرجة أن يستأمنها على حياة زوجته ؟ تنهد بتوتر من أعماق قلبه , و هو يأمل فقط ألا يندم لاحقا . في الثامنة من صباح الغد , قصدت ملك غرفة مريم , حيث كانت رنا و علي قد غادرا البيت , و تفاجأت بمجرد دخولها بسارة و الخادمة تقفان الى جانب السرير , محاولتين اقناع مريم بالاغتسال " سيدتي يجب أن تأخذي حمامك , و علي تبديل الشراشف من فضلك " طلبت الخادمة بيأس , فيما يبدو أنها ليست محاولتها الأولى , و رد مريم كان بعناد أكبر " لا أريد جسمي يؤلمني , سأغسل وجهي هنا " تدخلت سارة محاولة " هيا سيدتي , و الا تأخرنا عن موعد أخذ الدواء " هزت مريم رأسها باستياء " قلت لا أريد " وقفت ملك تراقب الوضع لبعض الوقت ثم تقدمت منهن " و اذا لم نحركك من سريرك , هل ستغتسلين ؟ " حدقت اليها مريم بانهاك و قد بدت نعسة " أجل أنا لا أريد مغادرة السرير , ظهري يؤلمني " فكرت ملك قليلا ثم أشارت لسارة " حسنا لنجعلها تغتسل هنا اذا " نظرت مريم اليها بفضول و لكنها لم تعلق , تريد أن ترى أين تصل حدودها . ردت سارة باستغراب " كيف ؟ " و طمـأنتها ملك " أنا متعودة على فعل ذلك , لا بأس الأمر ممكن " لم تمانع مريم اقتراح ملك , فهي من المفروض أنها هنا للفحص و اعطاء التعليمات , تماما كما كان يفعل أطباؤها السابقون , و ليس للمساعدة في الاغتسال , لذلك التزمت الصمت , تريد أن ترى أين ستصل الأمور , و متى ينفذ صبر هذه الطبيبة الشابة المتحمسة , لتسأم و تغادر كما يغادر الجميع من حولها . لكنها لا تعرف مقدار عناد ملك , التي بدأت بالتنفيذ مباشرة , تحت مراقبة سارة المتحفزة لأية زلة , قامت مع الخادمة بغسل شعرها على طرف السرير أولا , عانيتا قليلا بسبب طوله لكنهما أنهيتا سريعا , غسلتا بعدها أطرافها و غيرتا الحفاظة , مريم تضعها ليلا حتى لا تقوم الى الحمام , و خلال النهار تستخدم الحوض بمساعدة الخادمات , قامت بعدها ملك بقلبها بخفة من الجهتين , لتغيير ملاءات السرير الى أخرى نظيفة , و هذا دون أن تنقلها من مكانها كما طلبت , و دون أن تتسبب لها بأي ألم , مكتفية بتوجيه الخادمة دون احراجها , فواضح أنها تكره الكرسي المتحرك , و ترفض استعماله بشدة لسبب نفسي بحت . كانت ملك منهمكة مع الخادمة في مساعدة مريم , تحت مراقبة سارة التي استغربت فعلا , قبول ملك فعل هذا لا بل اتقانها له , فيما يبدو أنها سبق و أن قامت به عديد المرات , تخمين سارة كان صحيحا , و ملك متعودة فعلا على فعل أكثر من هذا , منذ كانت طالبة متدربة في قسم الانعاش , أين كان يتطوع الجميع لخدمة المرضى حبيسي الفراش , هي لا تعاف شيئا و لا تشعر بالحرج لفعله , لا بل كان هذا أقل بكثير , مما كانت تفعله مع زميلاتها في الجمعية , أثناء تطوعهن للخدمة في مستشفى السرطان , كان الأمر يتعدى مجرد زيارة , مع بعض الأكل و الهدايا , و صور بابتسامات عريضة , هي تعلم ألا شيء أكثر تأثيرا في المرضى مما تفعله الآن , فهي تكسب ثقتهم و تجعلهم يتقبلون علاجهم , نفسيا قبل أن يكون جسديا , و لهذا السبب بالذات لم تعترض مريم على ما تفعله ملك , بل كانت مطيعة جدا كما لم تكن سابقا . بعد انهاء الاغتسال وسط صمت مطبق من الجميع , طلبت ملك جلب الفطور , بعد افطار مريم كانت ملك قد حضرت الأدوية , و هي شبه متأكدة أنها ستناقش عشر مرات قبل أن تأخذها . " تفضلي " أعطتها ملك ما يجب عليها تناوله , عبست مريم و بدأت بالانتقاء كعادتها " لا أريد أكياس الكالسيوم طعمها مر " قالتها باشمئزاز بالغ هزت ملك رأسها و كأنها وافقت " حسنا بامكانك عدم أخذها , لكنني سأعلق حينها محلولا , لن أسمح بتكرر ما حصل سابقا , لك الاختيار " عبست مريم أكثر فهي لا تطيق المحاليل , لأنها تحد من حركتها في السرير في كل مرة تضعها ، فردت بتأفف " لا بأس سآخذها " اختطفت الدواء من يد ملك , و أخذته على مضض متذمرة " هذه المرة فقط " بدت مريم أكثر طاعة , تحت أنظار ملك المبتسمة , و نظرة سارة الحاقدة , بسبب تمكنها من اقناع مريم هكذا بسهولة " يبدو أنها تلقي بسحرها على كل من بالبيت هذه المتطفلة , بداية بصاحبه و انتهاءا بزوجته " كلمت سارة نفسها بغيظ انهمكت بعدها ملك في فحص مريضتها ، و اجراء بعض التحاليل السريعة , ثم تدوين تقريرها اليومي لارساله الى جلال كما اتفقا . بعد الغداء جلست ملك , أمام سرير مريم على الأريكة ، مخيبة ظنها في خروجها سريعا من هنا فالجميع يفسح لها الغرفة , لتبقى وحدها في هذا الوقت , لكن ملك كانت تمسك كتابا و تفتش بين صفحاته , في اشارة واضحة منها أنها ستمكث هنا أكثر مما اعتقدت . " ما الذي تقرئينه ؟ " سألت مريم و هي تحاول ألا تغفو " كتابا في التاريخ " أجابت ملك و أرتها غلافه " هل يمكن أن تقرئي بصوت عال ؟ " سارعت ملك للموافقة , فهذه الأحاديث الصغيرة هي ما يخلق الألفة مع من يحيطون بها , و يساعدها على التعرف على شخصيتهم و التأثير عليهم ايجابا , بعيدا عن علاقة رسمية بين المريض و طبيبه " أكيد أي كتاب تريدين ؟ " " لا بأس بما تقرئينه ، أحب التاريخ " بدأت بعدها ملك فعلا بالقراءة بصوت عال رقيق ، و مريم غارقة في التركيز معها على غير عادتها , ففي السابق كان هذا وقت قيلولتها ، و حتى و إن لم تشأ الخلود الى النوم ، كانت تجبر على البقاء وحدها , بعد انسحاب الجميع تنفيذا لأوامر الطبيب . لكن ملك اليوم لم تدعها للحظة واحدة ، و هي ممتنة فعلا لرفقتها , فقد سئمت الوحدة المفروضة عليها , و ملت الاهتمام الزائد ممن يحيطون بها , بمعاملتها بحرص شديد كقطعة زجاج قد تتحطم تحت الضغط . بعد أكثر من ساعة قاطعتهما رنا ، التي دخلت من الباب ركضا مع ابتسامتها العذبة , و قد عادت لتوها من مدرستها , قفزت أولا على والدتها و قبلتها ، ثم نزلت احتضنت ملك , و قبلتها هي الأخرى بكل دفء , التصقت بعدها بها , و بدأت في سرد تقريرها اليومي عن المدرسة . لم تفوت مريم المشهد الفريد ، فرنا لا تحب الاحتكاك الجسدي مع أحد ، هي حتى لا تقبل خالتيها ، لذلك بدا غريبا أن تتودد الى ملك التي تراها لأول مرة " أليس من المفروض أنها هنا منذ يومين فقط ، و هي غريبة عن الجميع ؟ أليس من المفروض أن تنكر رنا وجودها , و تتجاهلها كما تفعل مع الباقين , أو أن ابنتها تعرفها مسبقا ؟ " كتمت مريم تساؤلها في قلبها ، لكن ظنها صار شبه مؤكد ، حينما بدأت ملك تحدث رنا بلغة الإشارة , و الطفلة تتجاوب معها بسلاسة , لأنه بدا لها ضئيلا جدا ، احتمال معرفة ملك لهذه اللغة صدفة . لكنها لم تعلق بكلمة رغم فضولها الشديد ، و قد وضعت الكثير من الاحتمالات بالفعل ، و قررت أن تسأل ملك عن الأمر لاحقا ، بعدما تتعمق علاقتهما أكثر , سيبدو تطفلا منها أن تخوض في حياتها الشخصية من أول يوم . قضى الثلاثة باقي اليوم في غرفة مريم ، يشاهدون فيلما للرسوم المتحركة اختارته رنا , و قد أصبح المكان أكثر حيوية , بسبب تفاعل الطفلة و ملك مع الأحداث , مر الوقت سريعا دون أن تلاحظن , إلى أن صارت الساعة السادسة , حيث عاد علي من عمله منهكا ، و رغم ذلك مر مباشرة الى غرفة زوجته للاطمئنان عليها , هذا أول يوم لملك في الاعتناء بها ، و هو يريد معرفة أدق التفاصيل . " سلام عليكم " ألقى التحية بصوت دافئ , بمجرد دخوله قفزت رنا ناحيته لاحتضانه , التقطها سريعا و طبع قبلة على وجنتها , هزت ملك رأسها لرد التحية ، و قامت من مكانها مباشرة متجهة الى خارج الغرفة , أولا هي لا تريد أن تتطفل على أوقاته الخاصة مع زوجته ، واضح أنه لم يرها منذ الصباح , و هو أكيد مشتاق لها , ثانيا هي تعرف أنه مجنون متهور ، و هي لا تريد أن تسمع منه أية تعليقات , أو تلميحات تثير شك مريم ناحيتها ، لذلك فالانسحاب كان أكثر أمانا . طبعا رنا بمجرد أن قامت ملك تركت والدها و تبعتها ، فقد حان موعد مراجعة دروسها و انجاز الفروض ، و هي من يفعل ذلك معها , لذلك سارعت و أعطت قبلة دافئة لوالدتها ، ثم تبعت ملك كجرو صغير . راقبتهما مريم تغادران و علقت باستغراب كبير " تبدو رنا متعلقة بالطبيبة الجديدة " قالت قاطعة على علي تأمله حك الرجل رقبته باحراج و أجابها " حسنا يبدو بأنها أحبتها " قال مبسطا الوضع و ابتسم لها , فهو لا يحب أن يكذب على مريم ، و لا أن يكسر بخاطرها ، هو لم يكن يمانع أن يخبرها بحقيقة ملك ، على الأقل فيما يخص أمر مكوثها هنا لوقت محدد ، فهو لا يخاف إعلان أمر قام به , و لكنه مقيد بوعده للعنيدة ، هي يمكن أن تطلق عليه النار إن هو فعل . حاول علي تغيير الموضوع , ألقى سترته جانبا و اتجه ناحيتها " كيف كان يوم مريومتي ؟ " قال و جلس إلى جانبها على السرير ، أخذها في حضنه و بدأ بتمشيط شعرها بأصابعه " عاديا جدا , لكن الطبيبة التي أحضرتها , مزعجة جدا و لا تتراجع " أجابت مريم مع بعض الطرافة في كلماتها متصنعة التأفف . تحرك الشك في قلب علي ، تراجع ليحدق إلى وجهها بين ذراعيه و سأل بجدية " هل أزعجتك ؟ " لكن سرعان ما هزت مريم رأسها نافية ، و قد وضعت يدها على صدره تطمئنه بعد أن تجهم وجهه " لا ليس كثيرا ، و لكنها لحوحة جدا ، الآخرون ينسحبون مباشرة بمجرد أن أقول لا ، لكنها تقترح الحل بعد الآخر , حتى أوافق فقط لايقافها " ابتسم علي و قد هدأ قلبه و تلاشت شكوكه , ضمها مجددا في حضنه بقوة و قال يستفزها " اذا ذلك جيد من أجلك " و ضحك بصوت عال ضربت مريم بخفة على صدره باعتراض و أضافت " تخيل لأنني رفضت الذهاب للحمام ، أجبرتني على الاغتسال هنا ، حتى أنها جففت شعري بنفسها , قامت بكل شيء لدرجة أنني شعرت بالخجل منها ، و لم أعاندها كثيرا " استمر علي في الابتسام ، و هو يمرر أصابعه من خلال شعر مريم الحريري " صحة حبيبتي , فقط اسمعي الكلام ، و أنت ستكونين بخير " طبع قبلة خفيفة على رأسها ، ثم اتكأ على الوسادة خلفه , و هي تستلقي على صدره و سرح بأفكاره هو يعلم كم أن ملك عنيدة ، و لا حدود لما يمكن أن تفعله حينما يتعلق الأمر بعملها , لكن واضح أنها تبذل جهدها و تصاب بهوس ، بمجرد أن تلمس مريضا ، بغض النظر عن هويته . هو رأى هذا بعينيه يوم احترقت يد رنا ، فرغم أنه كان يصرخ في وجهها و يلومها ، إلا أنها لم تتراجع عن فعل ما رأته ملائما , ربما هذا ما طمأن باله أكثر ، و جعله راض عن اختيار هذه المهووسة العنيدة للعناية بمريم , و هو يشعر بالفضول من الآن عمن سيربح في الأخير ، هوس ملك أو عناد مريم . موعدنا الخميس باذن الله 😘💞💞 ........ | ||||
01-10-20, 07:04 PM | #317 | ||||
| البارت الثاني و الستون العلقة 💞 في اليو م الموالي صباحا , كان كريم يقف في مرآب الشركة , يلقي نظرة على سيارته فاتحا غطاءها الأمامي , كما يفعل كل صباح قبل استخدامها , أمر لا يؤجله حتى لو حدث زلزال , يراقب المحرك بيد و يمسك هاتفه باليد الأخرى , متحدثا بصوته الأجش بنبرة جادة " أجل لنلتقي في الحادية عشر في المطعم " صمت قليلا منصتا الى المتكلم ثم أضاف " أجل السيد علي مستعجل لرؤية التقارير , سأكون هناك في الموعد الى اللقاء " كان كريم يكلم الخبير الذي طلب منه علي مقابلته , هو لا يفهم لم يصر الرجل على مقابلته في الخارج , لم لا يأتي الى مكتبه و يتناقشا بأريحية , لكنه فكر أنه ربما يريد ابقاء الأمر سريا كما طلب علي , لم يجد كريم مانعا في الأمر , لا بأس سيستغل الوقت لتناول الطعام , فهو لم يفعل ذلك منذ مدة . فيم هو غارق في تفكيره في غفلة من أمره , شعر بأحدهم يقترب بخطوات حذرة من وراء ظهره , كان الشخص المجهول يتحرك بخفة كبيرة , و كأنه يريد أن يباغته , لكن ليس مع كريم فحسه الأمني دائم , بمجرد أن تخطو حشرة داخل الثلاثة أمتار , و التي تعتبر هالته الشخصية و حيزه الخاص , حتى تتحرك قرون استشعاره الحساسة , و تكون ردة فعله عنيفة و غير محسوبة , مما يجعله شخصا مخيفا طوال الوقت , يتفادى الجميع الاقتراب منه , أو التعاطي معه دون اذنه . أغمض الرجل عينيه , و أخذ نفسا عميقا محاولا التركيز , و بمجرد أن أصبح الجسم المتحرك على بعد خطوة واحدة منه , استدار كريم فجأة , ليمسك بذراع من يقف خلفه , لواها بعنف خلف ظهره بيد واحدة , و ثبته من كتفه الى السيارة باليد الأخرى , و قد اخترقت صرخة حادة جدا أذنيه . لم يلحظ كريم الفاعل فورا , و كان كل ما رآه جسما ضئيلا , بشعر أسود كثيف و حريري و بشرة ناعمة , يلتصق مباشرة بباب سيارته كبطاقة بريدية , دون أية مقاومة تذكر , و هو الذي جهز نفسه لعرض قتالي , معتقدا أن أحدهم يخطط للهجوم عليه غيلة , فيما كريم يحاول فهم الوضع , تفاجأ أن هذا الشخص , لم يكن الا الفتاة الباكية من البارحة , و قد بدأت تئن بصوت عال , بسبب الألم الذي سببه في ذراعها بحركته العنيفة . " أنت ماذا تفعلين هنا ؟ " سأل كريم بصوته الغاضب , متجاهلا أنات المسكينة التي يحتجزها بينه و بين السيارة , و التي بالكاد يصل طولها الى مستوى كتفه . قالت المهاجمة بنبرة مترجية لم تخل من التوجع " أفلتني أنت تؤلمني " كانت الشابة تشعر بأنه خلع كتفها من مكانه , و بدا من أولوياتها التخلص من قبضته الحديدية , قبل الدخول معه في أي جدال . انتبه كريم على طلبها و أفلتها مباشرة , و تراجع خطوتين الى الوراء , ربع يديه على صدره و حدجها بنظرة مستنكرة , استدارت الفتاة مباشرة بعبوس يعلو ملامحها الرقيقة , حدجته هي الأخرى بنظرة منزعجة , ثم صرخت فيه و هي تمسد ذراعها " ما بك ؟ كدت تكسر ذراعي , لم كل هذه الهمجية ؟ " قالت باستياء شديد محاولة السيطرة على دموعها , و قد أشفقت على نفسها من عنفه . رفع كريم حاجبه مستنكرا وصفها له بالهمجي , و أجاب بغضب واضح " أنا ما بي ؟ أنت التي ما بك ؟ لم تسللين كاللصوص خلفي ؟ ثم ماذا تفعلين هنا ؟ " سارع لاسكاتها متمنيا ألا تبدأ بالنواح , لأنه سيفقد عقله هذه المرة . التزمت الفتاة الصمت , و سحبت دمعتيها الى الداخل مجددا , ثم بدأت تحرك يدها , لتتأكد أنها لم تتعرض للأذى , فكريم بحركته البسيطة كاد أن يكسرها , و أجابته بكل بساطة " بحثت عنك في المرآب كله منذ الصباح " "...." " أية جرأة هاته ؟ " حدث كريم نفسه , ثم نهرها دون أن تتغير ملامحه الباردة " و لم تبحثين عني ؟ " قطبت الفتاة حاجبيها بعبوس , معربة عن استيائها من سوء معاملته لها , و أجابته بنبرة لوم " أردت أن أشكرك على البارحة و أعتذر منك , و لكنك أهدرت الفطور الذي أحضرته " ضمت شفتيها كطفل مستاء و أشارت اليه . الآن فقط انتبه كريم الى الحالة المزرية التي آل اليها قميصه , و قد تلطخ بالقهوة المثلجة التي كانت تحملها , و أفلتتها بعدما هجم عليها , ثم جال بنظره في الأرض , أين كان هناك بعض الكعكات ملقاة هنا و هناك , الى جانب كوب القهوة الفارغ . أغمض كريم عينيه بشدة , و أخذ نفسا عميقا محاولا تهدئة غضبه , و هو يضم قبضيته الى جانبه , مانعا نفسه من الانقضاض عليها , و تحطيم رقبتها المجهرية , سيكون الأمر سهلا للغاية , فهذه المتطفلة تبدو بوزن الريشة بعد دقيقتين فتح عينيه بنظرة مجنونة , أخافت غريمته و تراجعت بسببها خطوة الى الوراء , ثم قال بنفاذ صبر مضيفا الى رعبها " أنت هل سلطك أحدهم علي , لم تحدث كارثة كلما رأيت وجهك , أنظري ماذا فعلت بتهورك ؟ " و أشار الى قميصه بتذمر شديد هو كان البارحة قد اضطر لأخذ سيارته الى التنظيف , بسبب الشوكولا التي كانت تغرق الكرسي الخلفي , اضافة الى الصداع الرهيب , الذي عاناه بقية اليوم بسبب نحيبها , و اليوم أتت و أفسدت يومه من بدايته . " من قال لك أن تهجم علي هكذا كالوحش ؟ " لامته هي بدورها محاولة اظهار عدم خوفها منه , رغم أن نبرتها المرتعشة فضحتها دنا منها كريم و هو يرفع أصبعه في وجهها , محذرا من كلماتها اللاذعة , فقد كان همجيا قبل دقائق ليتحول الى وحش الآن " أنت " لكنه صمت مبتلعا كلماته لا يعرف ما يقوله , و قد بدا مستغربا من طول لسانها , و من مجادلتها الصبيانية له . التصقت الشابة بالسيارة خلفها , و قد شعرت بالخوف من تهديده , كيف لا و هو أكثر ضخامة و قوة منها , يكفي طيها مثل الورقة تحت ابطه , و ستلفظ أنفاسها مباشرة دون فرصة للنجاة , و لكنها حافظت على هدوئها الزائف , غير مبدية الرعب الذي تشعر به , أخذت نفسا عميقا بتأن , و رسمت ابتسامتها الدافئة المعتادة التي لا تفارق ثغرها " حسنا سأدعوك على الفطور لأعوضك " اقترحت بصوت رقيق دافئ , و هي تضم يديها أمامها بوجه حالم , مظهرة غمازتيها الجميلتين , اللتين تضفيان سحرا على بشرتها الخمرية , و ضمت شفتيها الى الأمام في ترقب لجوابه . أخذ كريم نفسا عميقا مجددا , و هو يضع يديه على خصره , و يصر على أسنانه مانعا نفسه من خنقها " اللهم أسألك الصبر " تمتم بتذمر كبير و مسح وجهه بيديه , ثم رد على اقتراحها بسخرية بالغة " فعلا دعوة على الفطور ؟ و سأخرج للشارع هكذا ؟ " قالها كريم باستياء شديد , مشيرا مجددا الى قميصه الذي تحول لونه الى البني , و صار لزجا ملتصقا بصدره , و أضاف سريعا قاطعا على هذه الثرثارة طريق الاقتراحات " لا أريد منك شيئا , فقط اذهبي لا أحتاج تعويضا , سأعتبر أنني أعطيتهم لطفل متسول " قال و هو يحاول ازالة البقع بنفضها , محدقا الى ما تلبسه الشابة أمامه , فالبارحة كانت ترتدي فستانا ثمينا مع حذاء بكعب عال , تمشط شعرها بعناية و تحمل حقيبة أنيقة , أما اليوم فهيأتها أكثر شبابية , مع سروال جينز قميص بسيط و حذاء مسطح , تسدل شعرها على كتفيها دون تكلف , هو حتى لا يشم أي عطر عليها كما المرة الماضية . أكيد هي البارحة جاءت للفت انتباه الأمير علي , لاغوائه و اقناعه بالزواج منها , أما اليوم فهي هنا لازعاج هذا السائق النكرة , و لا بأس باغراقه بالقهوة و التصدق عليه بفطور . شرد كريم في أفكاره التي لا يفهم لم تزعجه , فيما عبست الفتاة و ضمت شفتيها ببؤس , و ردت على استصغاره لها , و وصفها بالطفل بسبب قامتها " أنت العملاق و لست أنا القصيرة , هناك فرق , ثم أنا لست متسولة " الفتاة تعرف أنها فعلا قصيرة , و هذه الأحذية المسطحة المريحة , لا تساعد في اخفاء ذلك , و لكن ليس عليه جعل الأمر أسوء , لأنه واضح أن طوله هو الغير طبيعي , و هي لن تسمح له بتعقيدها من حجمها . رفع كريم حاجبيه باستغراب , لطول لسانها الذي يعوض قصر قامتها , خلال خمس دقائق فتحت له قاموسا بأوصافه , لكنه بقي واقفا منتظرا انصرافها بصبر , و بالفعل صمتت الشابة لثانيتين , و لم تصر على نقاشه في هذه النقطة , لكنها سرعان ما غيرت الموضوع , بعد أن زجرها كريم بنظرة حادة " لكنني مصرة لا أحب أن يتصدق أحدهم علي , أريد أن أعوضك عن ثمن الكعكة و التوصيل , في النهاية عملك كسائق لا يدر الكثير من النقود , و ضميري لا يسمح لي باستغلالك " قالتها الفتاة بكل جدية و عزم , فيم استمر كريم بالتكشير في وجهها بعدما سمعه . " يا الهي , لم تعتقد هذه العلقة أنني مجرد سائق , هل هذا مكتوب على وجهي مثلا ؟ أو أن مظهري رث الى هذه الدرجة ؟ " سأل كريم نفسه ثم رد على اقتراحها , محاولا التحدث بعقلانية بين أسنانه " اعتبريني أكلت الفطور بالفعل , فقط غادري لو سمحت , يكفيني حرق أعصابي لغاية الآن , ثم أنا لدي عمل مهم , ليس لدي وقت للهو " حدقت الفتاة اليه بانزعاج , و ضربت قدمها بالأرض بتذمر , و هي لا تعلم لم يصر هذا الضخم على مخاطبتها كطفلة , أتت هنا لتلعب معه و تضيع وقته , فيم هي في الثانية و العشرين من العمر , أو لأنه يملك كل هذه العضلات , يعتقد نفسه أكثر نضوجا منها ؟ لكنها لم تبال بما قاله , ابتسمت له مجددا و كأنه كان يحدث نفسه , متجاهلة طلبه برحيلها شبكت يديها أمامها و دنت منه أكثر , محاولة التحلي بالشجاعة و أضافت " حسنا لا بأس دعنا اذا نشتري لك قميصا جديدا , لا يمكنك أن تعمل هكذا سيعاقبك سيدك , ثم أنا من أفسدته و سأتحمل المسؤولية , و لن أقبل رفضك مطلقا " أغمض كريم عينيه بيأس , أرجع رأسه الى الخلف و قد شعر بالاحباط من جدالها " أستغفر الله العظيم " هو لا يعلم ما مشكلة هذه المتطفلة , لم لا يبدو أنها تفهم الكلام , ما الذي فعله ليستحق عقابا هكذا ؟ في أوج تذمره انتبه كريم أخيرا أنه في ورطة ثانية , فقبل ثانيتين كان قد فكر في الصعود الى شقته , و التي تقع في الدور الأخير من هذا البرج , لتغيير قميصه الى آخر نظيف , لكن هذه المترصدة تعتقد أنه مجرد سائق معدم , و هي مصرة على الأمر بطريقة عجيبة , و هو لن يكلف نفسه عناء شرح الحقيقة لها لأنه لا يهتم , و لا وقت لديه من أجل هذه الغبية , لذلك لو فكر في الذهاب الآن هي أكيد ستتبعه , فهي تلتصق به كالغراء , و هو لا يستبعد أن تتصل بالشرطة , لتبلغ عن اقتحامه لشقة أحدهم . ثم هي تبدو شديدة الفضول , و هو لا يريدها أن تعرف عنه شيئا , اذا كانت تعرفت الى السيارة البارحة فقط , و ها هو لا يعرف سبيلا للتخلص منها , أكيد سيجدها في كل مناسبة تقف أمام شقته , شعر كريم بالرعب بالتفكير في الأمر , سيقدم على الانتحار ان حصل أمر مماثل . استمر كريم في التحديق اليها بريبة , واضعا يديه على خصره بتأهب , و قد أصبح فضوليا بدوره , يريد أن يعرف ما الذي تريده بالضبط ؟ و لم يجدها في كل ركن ؟ هل هذا مجرد تطفل مبالغ فيه , أو أنها من الفتيات المشبوهات , اللواتي يطاردن الشباب , و خاصة الرجال الذين يكبرونهن كثيرا و يوقعن بهن ؟ هل يعقل أنها تعرف من يكون , و هي تمثل فقط للوصول الى غرض ما ؟ ما أدراه , ربما يئس والدها من تعليقها بعلي و قرر تمريرها اليه ؟ بدأت خلايا الشك في رأس كريم بالنشاط , و نسج السيناريوهات المشبوهة , خاصة أن الآخرين يهابونه بشدة , و يتجنبون الاحتكاك به الرجال قبل النساء , و هذه الطفلة تساومه منذ ساعة لتأخذه للفطور . " هل هي مجنونة و متهورة , أو هو من بدأ يفقد هيبته ؟ " سأل كريم نفسه و هو يحدق الى الفتاة , التي كانت تنظر اليه بعيونها المتحمسة بترقب , و قد بدتا كجرتي شوكولا ذائبة بلمعانهما , و زاد فضوله برؤية اصرار الفتاة أمامه على مرافقتها , يريد أن يعرف أين سيصل هذا الأمر , هو يدعو أن تكون هذه لعبة قذرة ما من أحدهم , لأن يديه تحكانه منذ مدة , و ترغبان في ضرب شخص ما , و هو لا يمانع أن يجاريها للعب قليلا , و لكنه سيحرص على أن يلقنها درسا لن تنساه . استعاد كريم رباطة جأشه , نظر اليها ببروده المعتاد و رد عليها " حسنا لا بأس " أغلق بعدها سيارته , استدار للخلف مباشرة بحركة عسكرية آلية , و مشى أمامها بخطوات كبيرة و متسارعة , واضعا يديه في جيبه , و قد بدا أكثر استرخاءا . وقفت الفتاة مكانها تائهة لبضع لحظات , حتى فهمت أنه وافق أخيرا على اقتراحها " أنت انتظرني " نادت عليه و بدأت تلاحقه , بخطوات سريعة شبه راكضة , و هي بالكاد تستطيع التقاط أنفاسها , الى أن أصبحت تسير الى جانبه تحاول مجاراته . كريم طبعا كان يقصد ما يفعله , معتبرا هذا عقابا لها على تطفلها , علها تكف عن اتباعه و ازعاجه , لكن الفتاة كانت تبدو أكثر اصرارا مما اعتقد . خرج الاثنان من البناية , و اتجها الى أحد المولات الكبيرة في الجوار , و دخلا مباشرة الى محل لبيع الملابس الرجالية الفاخرة , بمجرد أن اجتازا الباب , قابلتهما البائعة بابتسامة عريضة " مرحبا بكما , كيف يمكنني مساعدتكما ؟ " ابتسمت الفتاة بمرح و أجابتها مباشرة " نريد قميصا له " و أشارت الى كريم بابهامها بلهجة متسلية , هذا الأخير كان يتجاهلها , و يجول بنظره في الأرجاء مراقبا المعروضات . " آه آنستي تريدين قميصا لخطيبك " استنتجت البائعة الأمر دون تفكير , و رمقها كريم بنظرة زاجرة , كاد أن يتوقف قلبها عن النبض , حدق بعدها الى الفتاة قليلا بنفس النظرة , قبل أن يشيح بوجهه و يتركهما واقفتين هناك . " يا الهي , لم تكلم كل من تقابله و كأنها مذيع ؟ " تساءل متذمرا و هو يتجه الى قسم القمصان . أما الشابة فقد استدارت الى البائعة , التي اختفى الدم من وجهها , و حاولت تطييب خاطرها دون أن تفقد مرحها " لا تهتمي سيدتي بما يقوله , هو طيب جدا في داخله , لكنه يتصرف هكذا فقط حينما يغضب هاهاها " و بدأت بالضحك بصوت عال "....." أراد كريم أن يعود أدراجه , و يعلق هذه العلقة من ياقة قميصها على باب المحل , هي حتى لا تعرف اسمه , فكيف تتكلم عن تصرفاته و شخصيته بكل ثقة ؟ لكنه تجاهلها مجددا و أكمل ما جاء لفعله , اختار سريعا بضع أقمصة , باللون الأسود لونه المفضل , ثم اتجه الى غرفة القياس و هو يتمتم بتذمر " علي أن أخرج من هنا في أقرب وقت , قبل أن تخبرها قصة حياتها , و أجد نفسي متزوجا و أبا لثلاثة أطفال " أثناء ذلك لحقت به الفتاة , و بدأت هي الأخرى في تفحص الملابس المعروضة , محاولة ايجاد قطعة تناسب ذوقها , مرت بالفعل نصف ساعة , و لا أثر لكريم في المحل " لم يبدو و كأنه يختبيء مني في غرفة التبديل ؟ " سألت نفسها بتسلي , محاولة تخيل فراره المستحيل منها لكنها سرعان ما نفضت الفكرة من رأسها , حينما أعجبت بأحد الأقمصة البيضاء بأزرار سوداء , بدا مناسبا جدا للبدلة التي يرتديها ذلك العملاق , بعد أن تأملته مليا , أخذته و انتظرت على باب غرفة القياس مطولا , منتظرة خروجه لاقتراحه عليه , و لكنه كان يأخذ وقته في قياس القمصان , التي اختارها واحدا تلو الآخر , محاولا ايجاد شيء يعجبه . نفذ صبر الفتاة في الخارج , و فيم كان كريم يحاول أن يختار بين آخر قميصين , فتحت هي الباب و دخلت الغرفة دون استئذان , تحمل ما اختارته في يدها , و بمجرد أن لمحته صرخت في وجهه " هل أنت سلحفاة ؟ لم أنت بطيء هكذا , أنت أكثر بطأ حتى من الفتيات ؟ لم تحتاج كل هذا الوقت لتغيير قميص ؟ ثم ذلك القميص الذي اخترته كئيب و بشع , خذ جرب هذا أفضل " صدم كريم مما حصل للتو , لم يتوقع أن تقتحم عليه هذه المتهورة الغرفة , و تقول موشحا في تأنيبه كأنها والدته , و هو يقف هناك عاري الصدر , يحاول وضع قميصه أمامه , لاخفاء نفسه دون أن يفلح . بعد أن أنهت الفتاة كلامها , وقعت عيناها على كتلة العضلات التي أمامها , جسم رياضي و كأنه نحت بسكين , بلون قمحي داكن مغر جدا , مع وشم كبير لنسر على الكتف اليسرى , و لكن ما لفت نظرها , كثرة آثار الجروح على صدره و كتفيه , كانت سحجات كثيرة بطول متفاوت , بلون أفتح من لون بشرته الأسمر و قد بدت قديمة . أمالت الشابة رأسها الى الجانب , فغرت ثغرها و تاهت في وصلة تأملها , متناسية طبيعة المكان المتواجدة فيه , و حاول كريم اخفاء ارتباكه , بأن صرخ في وجهها بسخط " أنت , هل جننت ؟ هاته غرفة تغيير الرجال " كان الغضب يعلو ملامحه , صوته هادر و عيناه تطلقان شرارا , كما أن صدره يعلو و يهبط منذرا بحدوث الأسوء , فهو لم يشعر يوما بأن أحدهم يتحرش به كما يحصل الآن , انتبهت الفتاة أخيرا بسماع كلماته , و خرجت من تحديقها السافر على صوته المدوي , احمر وجهها حتى أصبح كحبة طماطم , و اتسعت عيناها عن آخرها , و قد أدركت الآن فقط ما الحماقة التي أقدمت على ارتكابها , وضعت يدها على عينيها بسرعة , و استدارت الى الجهة الأخرى , معطية ظهرها لكريم المصدوم , لكنها لم تغادر المكان , حيث أبقت يدها ممدودة ناحيته بالقميص الذي اختارته , مصممة على اقتراحها رغم الوضع المحرج , فما كان من كريم الا أن تقدم خطوتين , و أخذه منها بحركة فظة , حتى تعتقه و تعود أدراجها , تفاديا لحصول فضيحة هنا , قد تصل الى حد استدعاء الشرطة , للقبض عليهما بتهمة فعل فاضح . و سارعت هي للاعتذار تفاديا لانتقامه " أنا أنا آسفة لم أقصد , لا داعي للصراخ " و خرجت مسرعة محاولة السيطرة على ارتباكها . داخل الغرفة لم يصدق كريم ما حصل للتو " هل هذه العلقة من النوع الذي يتحرش بالرجال بكل وقاحة ؟ يا الهي هذا أكثر نوع يكرهه من النساء , أو أنها فقط تتصرف بتهور مع الجميع ؟ " تأفف كريم و لم يعرف فيما يجب أن يفكر , فتلك الفتاة أوقفت عقله عن العمل بأفعالها غير المتوقعة , أسرع و لبس القميص الذي أعطته اياه , و للمفاجأة كان مناسبا جدا , راقب نفسه لدقيقة في المرآة , و خرج بعدها سريعا من الغرفة , خشية أن تفعلها المتطفلة مجددا , حينها هو لن يمانع أن يقبض عليها , بتهمة الاخلال بالآداب و يسلمها للشرطة بنفسه . آنذاك كانت الشابة في الخارج , تحاول التقاط أنفاسها و محو حرجها , من الموقف العفوي الذي حصل قبل قليل , كانت تقف تغرس رأسها بين الرفوف كنعامة , و تربت على خديها المتوردين بكفيها و هي تؤنب نفسها " يا الهي سيعتقد أنني قليلة الحياء , و أحاول التحرش به علانية , كيف سأقنعه الآن أنني لم أقصد ما فهمه ؟ " هدأت بعدها الفتاة من روعها , و حاولت التصرف بطريقة طبيعية , متفادية التحديق ناحية العاملة , التي كانت ترمقها بنظرات معبرة , بمجرد أن خرج كريم من غرفة القياس , اتجهت ناحيته مبدية اعجابها , و قد نسيت ما حصل قبل قليل , متجاهلة ملامح وجهه الساخطة " واو يبدو رائعا عليك , كنت أعرف أن ذوقي مميز " و بدأت بالابتسام له برقة مجددا لم يعرف كريم ما الذي عليه فعله , سوى أنه أخذ نفسا عميقا , و تجاهل ما حصل هو الآخر , لن يناله الا الاحراج اذا فتح الموضوع مجددا معها , و قد يضربها فعلا هذه المرة , الا أن ذلك لم يمنعه من ارسال نظرات قاتلة ناحيتها . دنت منهما العاملة مجددا , و أثنت على الاختيار الموفق " فعلا آنستي القميص رائع و مناسب , أهنئك على ذوقك الرفيع " لم يرد كريم بكلمة , رغم أنه كان يرغب أن يوضح أن جسمه الرياضي و المثالي , هو من يجعل القميص مناسبا و ليس العكس , و لكنه لزم الصمت , لا يريد أن ينجر الى ثرثرة النساء . ترك بعدها الفتاة واقفة مكانها ككل مرة , و اتجه الى عامل الحسابات و هي تحاول اللحاق به , بمجرد أن وقفوا أمامه , أخرجت بطاقة ائتمانها لدفع ثمن القميص , و لكن كريم كان سباقا , نحى يدها جانبا واضعا بطاقة ائتمانه مكانها نظرت اليه الفتاة باستغراب " ألم أقل أنني سأدفع ثمنه ؟ " كانت تهمس حتى لا يسمعها العامل تجادله , و تحاول أن تقف على رؤوس أصابعها حتى تطال أذنه , متفادية احراجه باكتشاف الأمر من طرف الشاب . حدق كريم قليلا الى ملامحها , و هو يميل الى الخلف , لا يبدو بأنها كانت تمزح حينما عرضت تعويضه , و أجابها بنفس درجة الهمس " لا , قلتي لنشتري قميصا , و ليس لأشتري قميصا , هناك فرق " ستكون حالمة ان اعتقدت أن كريم الجندي , سيسمح لامرأة بدفع ثمن ما يلبسه . عبست الفتاة باستنكار , ثم دنت منه أكثر و وشوشت له بحنق " من أين لك بهذه البطاقة ؟ " رفع كريم حاجبيه باستغراب " لم تستجوبه هذه العلقة و كأنها زوجته ؟ " ثم أفحمها مباشرة بكلماته الحادة " ما شأنك أنت ؟ هل تريدين أن أقدم لك تقريرا ؟ " شعرت الفتاة بالاحراج , هي لم تقصد التدخل في أموره , و لكن استغربت أن يملك سائق مثله , بطاقة ائتمان ثمينة كتلك , لكنها التزمت الصمت قبل أن تضيف " حسنا بما أنك لم تدعني أدفع ثمنه , فأنا أدين لك دائما , ما رأيك أن أدعوك على الغداء ؟ " كان العامل قد أنهى اجراء السحب من البطاقة , و أعادها لكريم الذي بدأ صبره ينفذ " اسمعي آنستي , أنا لا أريد شيئا منك , اعتبري أنني لم أفعل شيئا , و أننا لم نلتق يوما , و أنا أعدك أنني لن أساعد أحدا مجددا , من فضلك فقط غادري دعيني و شأني " قال مشيرا بيده لها لصرفها من أمامه "....." كانا يقفان في مدخل المحل , و كان كلام كريم قاسيا و نبرته حادة , محاولا التخلص منها بأية طريقة , عبست الفتاة و لمعت عيناها , و كأنها على وشك البكاء بسبب غلظته , و لكنها اكتفت بالتحديق اليه بعتاب دون رد . لكن كريم فعلا لا يفهم , لم تتصرف هذه الطفلة الباكية معه بكل أريحية , و كأنها تعرفه منذ سنوات , و هو حتى لا يعرف ما اسمها ؟ ألا يجب أن تهابه و تخاف منه و لو قليلا , على الأقل هذا ما يفعله الآخرون , فلم تصر على الالتصاق به كعلكة ؟ حاول تبرير تصرفه الخشن معها , لكن برؤية ملامحها الحزينة , لان قلبه لأول مرة في حياته , و شعر بتأنيب الضمير لأنه صرخ في وجهها , لذلك تمالك نفسه و هو يردد " يا صبر " و حاول اصلاح الموقف بطريقته " حسنا أنا آسف , شكرا لكرمك لكن لدي بالفعل عمل مهم , و أنا مدعو على الغداء بعد قليل , أعتذر لا أستطيع مرافقتك " هزت الفتاة رأسها باستسلام , و كأنها قبلت رفضه , و أجابته بنبرة بثت الشفقة في قلبه " حسنا كما تريد , الى اللقاء " و استدارت مغادرة بكل هدوء , دون أن تضيف شيئا . لم يفهم كريم ما ردة الفعل هذه , توقع أن تصر أكثر و تستمر في الثرثرة و المشاغبة , الا أنها استسلمت سريعا , لا ينكر أنه شعر باحباط غريب من تصرفها , لكنه كان ممتنا لأنها تركته و شأنه أخيرا . نظر كريم الى ساعته , كانت تشير الى العاشرة و النصف , لم يتبق الا نصف ساعة على موعده مع الخبير , لذلك قرر أن يقصد المطعم مباشرة , حيث لم يكن المكان بعيدا , فقط عشرون دقيقة مشيا , بمجرد أن دخل وجد الرجل ينتظره , سلم عليه سريعا و جلس الاثنان لمناقشة ما جاءا من أجله , بعد تحدثهما لبعض الوقت أتى النادل و دون طلبهما . استأذن كريم بعدها للذهاب الى الحمام لغسل يديه , لكنه ما أن قام من مكانه أخذ صدمة عمره , فقد لمح المتطفلة تجلس الى طاولة في ركن المطعم , و بمجرد أن نظر ناحيتها , لوحت له بيدها مع ابتسامة عريضة . اندهش كريم من وجودها هناك , هو حتى لم يشعر بها تتبعه , فكيف وصلت الى هنا ؟ ألم تقل أنها موافقة على تركه و شأنه , أو أنها صمتت سابقا فقط , لأنها كانت تخطط للحاق به ؟ و هو الذي استغرب كيف أنها استغنت عن ثرثرتها المزعجة فجأة ؟ " يبدو أنها قرادة و ليست مجرد علقة " علق كريم على التصاقها به , ثم اتجه مباشرة ناحيتها , وقف أمام طاولتها و زجرها " أنت ماذا تفعلين هنا ؟ هل تتجسسين علي الآن ؟ " ردت الفتاة بارتباك ملوحة بيديها أمامها , محاولة نفي تهمة التجسس عنها " لا لا , أنا فقط كنت جائعة , و أردت أن آكل هنا , ثم فكرت أنك اذا أنهيت لقاءك باكرا , قد أدعوك على التحلية " و بلعت ريقها بتوتر , و قد أدركت أن الأمر أزعجه لم يقل كريم شيئا لأنه أصلا لا يأكل الحلوى , و لكنه لم يرفض لأنه خشي أن تتبعه مجددا لاحقا " على العموم هذا مكان عام , بامكانك البقاء اذا شئت , و لكن لا أعدك أن أقبل دعوتك , قد لا أنتهي قبل المساء " قال بحدة لدفعها الى اليأس و المغادرة , و هو يخطط لابقائها هنا الى المساء , سيرى ان كانت ستتحمل . هو لا يريد اعطاءها أية فرصة لأن الأمر قد يتطور , و قد تطلب لاحقا الذهاب معه الى السينما أو الى أي مكان آخر , أو ربما تطلب مرافقته الى شقته ؟ من يدري بم يفكر هذا الرأس الصغير , الذي تحمله تحت شلال الشعر الأسود ؟ . عدنا و العود أحمد 😍💞💞 ........ | ||||
02-10-20, 09:42 PM | #320 | ||||
| البارت الثالث و الستون الحسناء النائمة 💞 وقف كريم يحدق ناحية الشابة بنظرة متوعدة لدقائق , ثم عاد أدراجه الى طاولته بوجه مستاء , تعمد بعدها أن يتجاهلها معطيا ظهره لها , لعلها تسأم و تغادر لتريحه , إلا أن الفتاة لزمت مكانها و طلبت الأكل بالفعل , و جلست تتناوله وحدها بكل هدوء . تناول الرجلان طعامهما على مهل , مستمرين بمناقشة مسألة الخبرة للموقع السكني , و يدونان الملاحظات بدقة آخذين كل وقتهما , بعد مرور أكثر من ساعتين , بدأ الرجل الجالس قبالة كريم ، بالتحديق باتجاه طاولة الفتاة و هو يقطب جبينه . لاحظ كريم الأمر و لكنه تجاهله , فأكيد هي تقوم ببعض الحركات البهلوانية لجلب انتباهه , و هو لن يمنحها ما تبحث عنه , لكن الرجل فاجأه و تكلم أخيرا مشيرا الى الخلف " سيد كريم , الفتاة التي كلمتها قبل قليل " قاطعه كريم بتذمر واضح , دون أن ينظر ناحيتها " ما بها ؟ " أجاب الرجل و هو يشير إليها برأسه " أعتقد أن أحدهم يزعجها " بمجرد أن سمع ما قاله , استدار كريم فورا ناحيتها , لكنه لم يتوقع ما رآه , فقد كانت الفتاة غارقة في النوم , متكئة على الحائط الذي خلفها , رأسها تتدلى على صدرها باعياء , و شعرها يغطي نصف وجهها , و الى طاولتها يجلس شابين غريبين , أحدهما يحتل الكرسي الى جانبها و الآخر مقابلها , و هذين الشابين بالذات , كانا يجلسان في أقصى طاولة على اليمين , و كانت معهما شابتين قبل نصف ساعة , طبعا عادة مسح المكان الذي يتواجد فيه , لم تغب عن كريم لثانية منذ ترك عمله , هو بامكانه أن يعطيك تفاصيل دقيقة جدا , عن مكان دخله لخمس دقائق , كاحدى مهارات القوات الخاصة التي اكتسبها , و هو متأكد أنها لم تكن برفقتهما ، متى انتقلا إلى هناك هو لا فكرة لديه , فقد كان غارقا في حواره مع الرجل . كان الشابان يتهامسان بينهما , و يحدقان ناحية الشابة بنظرات خبيثة , بعدها بدأ الجالس بجانبها في النفخ على وجهها بخفة , و لمس خصلة من شعرها , و صديقه يقهقه كرجل مخبول , أما هي فقد كانت تحرك رأسها قليلا , لتلافي الازعاج ثم تعود الى نومها مجددا , و كأنها دخلت غيبوبة جعلت كريم يستغرب من الأمر . كان واضحا أنهما يحاولان التحرش بها , طبعا فمن ينام في مكان عام هكذا ؟ غلى الدم في عروق كريم و احتقن وجهه , صر على أسنانه بغيظ و عقد قبضته " عن اذنك " خاطب الرجل الذي يرافقه , دون حتى أن ينظر الى وجهه , و قام من مكانه مسرعا , و كأن نارا شبت في ملابسه . بعد بضعة خطوات كان كريم يقف أمام طاولتها مباشرة , و دون أن يعطي المتحرشين أية فرصة , أمسك كرسي الشاب الذي يجلس مقابلها , و أماله فجأة بطريقة عنيفة , فسقط من فوقه و كانت وقعته مؤلمة , و حدق ناحية كريم بعينين غاضبتين , أما الذي بجانبها فبمجرد أن رأى ما حصل لصاحبه , حتى نهض من مكانه محاولا الاستفسار , من الرجل الذي يحاول افساد مرحهما , و قد بدت ملامحه متجهمة بقدر صديقه , لكنه بمجرد أن استقام و تحرى الوضع , لم يجرؤ على قول كلمة واحدة , و قد بدا كقزم أمام كريم , بطوله الفارع و كتفيه العريضين , و اكتفى ببلع ريقه و قد اتسعت عيناه . كان وجه كريم يعلوه السخط بطريقة مخيفة , لكنه اكتفى بتحريك رقبته يمينا و يسارا , محدثا طقطقة عالية تنم عن غضبه و تشنج أعصابه , و لم يحتج أكثر من وضع يده على كرسي الشابة , و الوقوف أمامها معلنا أنها تحت عنايته , حتى قفز الشابين من أمامه بارتباك , و غادرا راكضين الى خارج المحل , متفاديين معركة غير متكافئة مع هذا العملاق , الذي بدا في عينيه استعداده لسحقهما . " سيدي هل هناك مشكلة ؟ " تقدم أخيرا أحد الندل من كريم , بعدما جذب الموقف انتباهه " لا شيء " اكتفى كريم بصرفه ببرود , حدق بعدها مليا في وجه المتهورة التي تورط معها , ليلاحظ أنها تضع سماعات هاتفها في أذنيها , و قد استوعب للتو سبب عدم استفاقتها لحد الآن , عاد بعدها الى هدوئه السابق , قصد طاولته و اعتذر من الخبير , الذي تفهم الوضع و أنهى النقاش سريعا . دفع كريم الحساب ودع الرجل , و عاد للجلوس الى طاولة العلقة , و قد قرر ألا يغادر حتى يجعلها تتخلى عن مطاردته , حتى لو اضطر للصراخ في وجهها , جلس كريم مقابلها بكل صبر , منتظرا أن تستيقظ من سباتها " يا إلهي , هل تعتقد أنها الحسناء النائمة , و تنتظر قبلة الأمير لتستيقظ ؟ " قال كريم باستياء يراقب ملامحها المستكينة , و لكنه لزم مكانه بكل هدوء , شغل بعدها نفسه بالتقليب في هاتفه , و القاء نظرة من وقت الى آخر على وجهها , مانحا اياها كل الوقت الذي تحتاجه للاستيقاظ . بعد ربع ساعة فتحت الفتاة عينيها , و تفاجأت بوجود كريم أمامها , و الذي كان يحدق اليها بكل تركيز , كانت نظرته باردة و كأنه يوشك على قتلها , أغلقت فمها الذي كانت تفتحه و هي نائمة , اعتدلت في جلستها سريعا , و هي تحاول تعديل شعرها و قميصها , و قبل أن تقول أية كلمة , انتبهت الى الرجل الجالس قبالتها , و هو يمد لها يده بمنديل ورقي , مشيرا الى خط اللعاب الذي أغرق وجنتها . شعرت الفتاة بحرج شديد , فمن هي المرأة اللائقة التي تنام في مكان عام , بفم مفتوح و يسيل لعابها كطفل صغير ؟ لكنها أخفت ارتباكها و تناولت المنديل من يده , و همست شكرا قبل أن تحمر وجنتاها خجلا من وضعها , أكيد هو الآن يفكر أنها مجرد فتاة مستهترة لتنام هكذا . بعد بضع لحظات تمالكت نفسها , و وجدت صوتها الرقيق أخيرا " آسفة قضيت الليلة بالمستشفى مع صديقتي ندى , و لم أحظ بقسط وافر من النوم , هل أنهيت عملك ؟ " اكتفى كريم بهز رأسه ردا على كلامها , و هو لا يعرف حتى لم تخبره بهذا الأمر الذي لا يهمه ؟ لم تبدو مرتاحة جدا أمامه , أو أنها تثق في كل غريب تقابله كالبلهاء , و تثرثر مع الجميع دون استثناء ؟ تضايق كريم بالتفكير في الأمر , و هو لا يعلم حتى لماذا . أمام صمته المطبق ملامحه المتجمدة , و عينيه اللتين تحدقان بها بتركيز , كسرت الفتاة الجو المريب , ابتسمت بدفء له كما تفعل كل مرة , و مدت يدها الصغيرة ناحيته " بالمناسبة لم نتعرف , أنا أسيل " نقل كريم نظرته من وجهها الى يدها الممدودة , و حدق لبعض الوقت متسائلا , إن كان عليه أن يخبرها اسمه أو لا , فبالنسبة له ليس من السهل السماح لأي كان , تجاوز حدود المعرفة معه في وقت قصير , هو لا يحتاج أن يتعرف على الآخرين حتى يتعامل معهم , بعضهم احتاج أعواما و لم يعرف حتى اسمه , و هي تطارده منذ ساعتين و تريد التعرف عليه . شعرت أسيل بالحرج للمرة المائة بسبب تسرعها , و قبل أن تسحب يدها منهية الموقف السخيف , مد كريم يده الضخمة و تمسك بها " كريم " عرف عن نفسه باقتضاب و سلم عليها ببرود , بعد أن فكر و لم يجد مانعا في الأمر , في النهاية هي ابنة السيد سالم , و الرجل صار شريكهم , أكيد ستأتي فرصة لاحقا للتعرف عليها . ابتسمت أسيل بدفء و حركت يدها , التي كان كريم يغلفها بيده الكبيرة الباردة " أوه , تشرفت سيد كريم " شعر كريم بالدفء يتسلل من يدها الى يده , رغم صغر حجمها الا أنها ناعمة جدا و دافئة , و لكنه سارع بسحبها و أشار لها بشبه احراج " أين التحلية ؟ أريد المغادرة " قال مذكرا اياها بدعوتها , و محاولا اخفاء ارتباكه الغريب , بعدما تسارعت نبضاته و تشنجت عضلاته فجأة , فهو لم يسبق أن سمح لأحد , بأن يحتك به جسديا خاصة النساء , و لكن هذه العلقة لحوحة لدرجة الجنون , و رد فعل جسمه على ابتسامتها و لمستها بدأ يزعجه . " آه أكيد , أنا آسفة " انتبهت أسيل و طلبت النادل مباشرة , بعد حضوره أشارت الى كريم ليطلب ما يريد , لكنه هز رأسه ناحيتها لتطلب كما تشاء , فهو لن يأكل في كل الأحوال . " كعكتي شوكولا و كأسي عصير برتقال طبيعي من فضلك " طلبت أسيل بكل تهذيب و بحماس ظاهر , دون أن تنسى ابتسامتها الجميلة التي تظهر غمازتيها , و كأنهما تستعرضهما بفخر كبير . حدق كريم اليها بشرود , و علق بينه و بين نفسه " تبدو سعيدة جدا فهي تبتسم باستمرار , و عيناها تشعان تفاؤلا طوال الوقت , أكيد عائلتها تلفها في القطن و الحرير , و لم يسبق لها أن واجهت أية مصاعب , أراهن أنها تعيش في عالم الأحلام الزهري , و تعتقد أن السماء يمكن أن تمطر غزل بنات " لطالما استفز كريم بهذا النوع من الناس , الذين لا يعانون في حياتهم من أية عوائق , فهم أكثر استهتارا و سخافة , و لا يقدرون شيئا في الحياة , لكنه لسبب ما يشعر أن لمعة البهجة , في عيني هذه العلقة مزيفة , و أنها ترتديها كقناع لأمر أكثر سوءا لا يستطيع استبيانه . سرح كريم بتفكيره الى أن استفاق على الشابة تكلمه , بعد انصراف النادل لجلب الطلبات " عن اذنك سأقصد الحمام " " احمم " تنحنح كريم بارتباك لم تلاحظه أسيل , هز رأسه موافقا و قرر البقاء مكانه منتظرا عودتها , دون أن يفهم لم يجاريها كطفل مطيع و ينفذ طلباتها , فقد كان بامكانه المغادرة فعلا , دون أن تعترض طريقه , لكنه بقي دون سبب عقلاني واحد , و قد أدرك أنه كسر عدة قواعد منذ تعرف عليها " الدخول في جدال عقيم مع شخص باك , الامتثال لأوامر شخص آخر , و السماح له بركوب سيارته , و الامتناع عن ضربه رغم استفزازه , التدخل فيما لا يعنيه بالدخول في عراك بسببها , و الجلوس بكل هدوء منتظرا كعكة الشوكولا التي لا يحبها , و الأسوء مراعاة خاطرها حتى لا تحزن , و كأن أمرها يهمه في سابقة هي الأولى من نوعها " " أستغفر الله العظيم " تنهد كريم و حك رقبته بتشوش كبير , و هو يحدق في الأرجاء بانزعاج , مفكرا أنه سيكون في موقف محرج جدا , اذا رآه أحد معارفه يرافق طفلة بعمر ابنته , فهذه المدعوة أسيل تبدو صغيرة جدا بالنسبة له " يا الهي هو حتى لا يرافق النساء الناضجات , رغم العروض الكثيرة التي ترده من الوسط الذي يعمل فيه " لذلك قرر كريم أن يغادر مباشرة بعد قدومها , بعد أن يفهمها أنه لن يسمح لها مجددا باعتراض طريقه . في الحمام اغتسلت أسيل , و رتبت شعرها و ملابسها , و فيما هي تراقب ملامحها للمرة الأخيرة في المرآة , قاطعتها امرأة مسنة كانت في الداخل , و قدمت الى الحوض لغسل يديها " ذلك الرجل الذي معك لديه هيبته فعلا , هل هو خطيبك أم أنكما لا تزالان في فترة التعارف ؟ " لم تفهم أسيل ما الذي تقصده المرأة , و لا سبب تطفلها المفاجئ , فالرجل جلس أمامها قبل دقائق فقط , و هي تريد ربطهما بعلاقة , لكنها لم ترد أن تكون قليلة التهذيب , و أجابتها بلباقتها المميزة " لا سيدتي , نحن مجرد أصدقاء و معارف " لن تخبرها أنها تعرفت على اسمه قبل ثانيتين فقط . " فعلا ؟ أوه مما فعله مع الأرعنين اعتقدت أنه حبيبك , بمجرد أن زجرهما حتى غادرا كفأرين هاربين " الآن شعرت أسيل بالتشوش أكثر , عما تتحدث هذه المرأة بالضبط ؟ " عفوا لا أفهم " سألت بهدوء و أجابتها المرأة بحماس كبير " آه لم يخبرك اذا ؟ كم هو مهذب ذلك الشاب الوسيم " حدثت نفسها بنبرة حالمة كمراهقة مغرمة و استرسلت " هناك حينما كنت تغفين , حاول شابين التحرش بك و استفزني الأمر كثيرا , و في الحقيقة استدعيت أنا و زوجي النادل للشكوى , و لكن حبيبك الأسمر ذاك كان قد أرعبهما حد الموت , يا الهي لم يحتج لأكثر من نظراته المخيفة ليفرا من أمامه " ثم ضحكت بصوت عال , أمام نظرة أسيل المتفاجئة , و استمرت في تطفلها بعد ان دنت منها و هي تهمس لها " نصيحة مني لا تتركيه يفلت من يديك , ليس هناك أروع من الرجل الغيور المتملك , حسنا دون أن أنسى الهيبة و العضلات المفتولة , و كلام العيون بكل رصانة و وجاهة , يذكرني بزوجي حينما كان شابا , آآه " كانت المرأة تثرثر دون انقطاع , أما أسيل فكانت تنظر إليها بدهشة , و وجهها يزداد احمرارا من كلامها , هي لم تعرف ما الذي حصل قبل جلوسه , و هو لم يقل شيئا أمامها , لكن واضح أنها نجت من حادثة تحرش , رغم شعور أسيل بالاحراج من الموقف , الا أنها شعرت بالراحة , فيبدو بأن ذلك الهرقل يخفي تحت ملامحه الباردة , قلبا طيبا و شهامة , هي حدسها لا يكذب أبدا , رغم أنه يحاول أن يظهر بمظهر المخيف حتى يهابه الآخرون , لكنها تشعر لسبب ما أنه لن يؤذيها , و أن كل ذلك مجرد قناع . ابتسمت أسيل مجددا للمرأة , غادرت الحمام متجهة الى الحسابات , و دفعت ثمن ما طلبته مقدما , هي تعلم أنه لن يسمح لها بالدفع لاحقا , تماما كما حصل في المحل , و هي لن تدعه يصرف أكثر بسببها . عادت بعدها و جلست بكل هدوء في مكانها , حيث كان النادل قد وضع الطلبات , و كان كريم يحدق في الكعكة أمامه , و كأنه على وشك قتلها . "...." استغربت أسيل ملامحه قليلا , لكنها تجاهلت الوضع بمرحها المعتاد , و بدأت في التهام ما أمامها بشغف كبير , دون أن تنسى أن تفتح حوارا , مع الرجل الجالس قبالتها كتمثال صخري لا يتحرك , كانت أسيل تخرج من موضوع لتدخل في آخر , عن الدراسة و الطعام و السفر , و عن مواقف مضحكة كثيرة قابلتها , كانت عيناها البندقيتان تتسعان كلما تحدثت عن شيء مبهج , و هي تشير بيديها في كل مكان , لتشرح له بالتفصيل الممل كل ما يجول ببالها , كانت و كأنها دخلت في عالم خاص , مع الكثير من الألوان و الألعاب النارية , تحت أنظار الرجل المنبهر , من قدرتها على التوفيق بين الكلام دون انقطاع , الاشارة الضحك و الأكل في نفس الوقت , و الأسوء هو التهامها الطعام بنهم , دون أدنى اهتمام لرأي من أمامها , و دون أن تلقي بالا لأي شيء غير استمتاعها , حتى أنها كانت تلطخ شاربها بأثر الشوكولا , و اضطر للاشارة لها مرتين حتى تنظفه , لكنها كانت تفعل ذلك بمنتهى التلقائية و تشكره , شيء لم يره سابقا مع أية امرأة . فيما أنهت أسيل أكلها , و بدأت في ارتشاف العصير , لم يكن كريم قد لمس الكعكة التي أمامه , و اكتفى بالتحديق الى الفقرة المسلية أمامه طوال الوقت , بقي صامتا ينتظر أن تنتقل الى المرحلة التالية , أكيد هي ستطلب منه أمورا أخرى , لا يعقل أنها تكبدت هذا العناء فقط من أجل دعوته , و لا يعقل أن تثرثر أمامه بهذه الطريقة دون هدف آخر , هذا ما تعلمه من مراقبة كل تلك النسوة , اللواتي يدرن حول علي في كل مناسبة , صحيح لا واحدة منهن تجرأت و دنت منه شخصيا , لكن علي يعتبر ماركة مسجلة في اجتذاب الحسناوات , و هن لا يتوانين عن القيام بأية حماقة لينلن انتباهه , و أكيد هذه العلقة ليست مختلفة , و هو يريد هاته الفرصة , حتى يفحمها و يحرجها و يعرفها حجمها , حتى لا تعود للبحث عنه مجددا . صمتت أسيل قليلا آخذة فاصلا , و قد لاحظت شرود الرجل الجالس أمامها , ضمت شفتيها بتردد ثم جمعت بعض الشجاعة , و قررت أن تسأله حتى ترضي فضولها " اححمم ، هل يمكنني أن أسألك شيئا ؟ " رفع كريم حاجبه و كأنه توقع الأمر , لكنه هز رأسه بالموافقة ببطء دون أن يقول شيئا , كان فضوليا هو الآخر لسماع طلباتها , لكنها فاجأته بسؤالها الهامس " تلك الجروح التي رأيتها في المحل ... " نظر اليها كريم بحدة و تأهب , كانت نظرته مخيفة و كأنه يزجرها . ارتجف قلب أسيل و صمتت مبتلعة كلماتها , و قد اكتشفت متأخرة أنها تخطت حدودها , و دخلت منطقة محظورة لتوقظ الوحش النائم , فبالنسبة لكريم الحديث عن حياته الشخصية طابو , لا يسمح لأحد بالتدخل فيها و لا حتى علي , فمن تظن هذه الطفلة نفسها , حتى تسأله أمرا خاصا جدا كهذا ؟ أراد أن يصرخ في وجهها لينهرها , لكنه تمالك نفسه في آخر لحظة و لم يرد ارعابها , و اكتفى بضم قبضته التي يضعها على الطاولة بغضب واضح , ثم نهض مباشرة من على كرسيه محدثا صوتا أجفلها . حدقت اليه أسيل بنظرات متأسفة , و لكنها لم تجد ما تقوله و قد فات الآوان . " عن اذنك " قال كريم بصوت غاضب و اتجه الى الحمام , لاحقته أسيل بعينيها المعتذرتين حتى اختفى , دون أن ينظر ناحيتها و لامت بعدها نفسها بشدة " غبية ما دخلك أنت ؟ لم تحبين احراج نفسك ؟ " قاطعها صوت رنين الهاتف و سارعت للرد " مرحبا ندى , أجل أنا في طريقي , حسنا حسنا لا تتوتري , سأكون هناك بعد نصف ساعة " أنهت أسيل المكالمة بتنهيدة , و نهضت من مكانها قصد المغادرة , فكريم تأخر كثيرا في الحمام , و هي لن تستغرب إن هو غادر دون توديعها , له كل الحق فهي أزعجته كفاية ليوم واحد . لكن كريم عاد بعد ربع ساعة الى الطاولة , التي كانت فارغة دون أي أثر للعلقة , بعدما أقنع نفسه مجددا ألا يغادر و يتركها , راقب كريم الأرجاء محاولا ايجادها , و متوقعا وقوعها في مصيبة أخرى أثناء غيابه , و التي أصبحت سمتها المميزة , لكنه فوجئ بأحد الندل يدنو منه , يقدم له ورقة و يخاطبه " تفضل سيدي , تركتها الآنسة التي كانت هنا من أجلك " حدق كريم باستغراب في وجه الشاب , ثم أخذ الورقة من يده و فتحها , ليمرر عينيه على الكلمات التي كتبت بكل عناية " آسفة أيها الرجل التمثال لم أقصد التطفل , أردت فقط أن أعرف إن كانت تؤلم , علي المغادرة بسبب أمر طارئ , رجاءا لا تغضب مني و شكرا لأنك قبلت دعوتي " مع وجه ضاحك في ذيل الورقة نظر كريم إلى النادل الذي لا يزال يقف أمامه و سأله بتشوش " أين ذهبت ؟ " أشار الشاب الى النافذة الزجاجية الكبيرة , التي تطل على الشارع الرئيسي ألقى كريم نظرة في الاتجاه , و رآها تقف على جانب الرصيف , تحاول ايقاف سيارة أجرة , كانت تنظر يمينا و يسارا بتوتر , محاولة السيطرة على خصلات شعرها التي تداعبها الرياح , بمجرد أن لمحته يحدق ناحيتها من خلف الزجاج , حتى ابتسمت له ابتسامة عريضة , و لوحت ناحيته بيدها كأنها تودعه , تماما كطفل يودع والدته , و هو ذاهب الى المدرسة , لم يفهم كريم ما الذي جال في خاطره لحظتها , لكنه شعر بدفء غريب يلف قلبه أمام ابتسامتها , ثم ببرودة مفاجئة بمجرد أن فتحت باب السيارة و ركبتها , و كأنه فقد شيئا مهما للتو بمجرد ابتعادها . حك كريم جبينه بانزعاج و كلم النادل " أحضر الحساب لو سمحت " رد الشاب بابتسامة " الآنسة دفعت الحساب مسبقا , و أوصتني أن أجعلك تأكل كعكتك " نظر اليه كريم بحدة جعلته يجفل , و حاول الا نصراف هاربا لكنه بادره " انتظر " ثم أضاف و هو يحدق في قطعة الحلوى " احححمم , لفها لي لو سمحت " استأذن النادل ليقوم بما طلبه كريم , تاركا الرجل غارقا في تفكيره " هل هذا كل شيء ؟ ألم تكن تريد أمورا أخرى ؟ يعني هي تعلقت بي كقطة منذ الصباح , و تحملت معاملتي الخشنة معها و كل ما قلته , فقط لتجعلني آكل هذه الحلوى ؟ " شعر كريم بالاستياء من نفسه , بسبب سوء ظنه بالفتاة , هو اعتقد أنها ستصر على أن يرافقها للسهر و التعرف مثلا , و هو أراد اعطاءها درس عمرها و لكنها غادرت هكذا بكل بساطة , و لم تطلب حتى رقم هاتفه , أو تحدد معه موعدا لاحقا , هو يعلم أنه متشكك لدرجة كبيرة لدرجة الوسواس , و يسيء الظن بالجميع , و لكن ليس بيده حيلة , فكل من حاول التقرب منه دون استثناء , كان يريد شيئا إن لم يكن منه فمن علي , لدرجة أنه صار لا يأتمن أحدا أبدا , لكن كان عليه افتراض حسن النية مع أسيل , و معاملتها بطريقة أفضل قليلا , فلم تبد شخصا مستغلا من الأساس . عاد كريم الى شقته , غير ملابسه الى بدلة رياضية , قصد بعدها المطبخ من أجل زجاجة ماء , و لكن نظره وقع مجددا على قطعة الحلوى , الموضوعة في علبة بلاستيكية شفافة و معها البطاقة , حدق إليها لدقائق ثم تنهد بعمق , و هو يسترجع ما حدث معه طوال اليوم , أخذ نفسا عميقا و مد يده ليضعها بالمجمد , و هو حتى لا يفهم لم أحضرها هنا , و لا حتى لم يصر على الاحتفاظ بها ؟ لكنه لم يستطع رميها باهمال لم يطاوعه قلبه , بعد أن اشترتها تلك العلقة من أجله بكل ود , شيء لم يفعله أحد معه في حياته . تخلص كريم من الأفكار التي تراوده منذ وصوله , و من صورة تلك العلقة و هي تبتسم و تشاور له , و قصد قاعة الرياضة من أجل جولة ملاكمة مع كيسه الرملي , عله يملأ الفراغ الكئيب الذي شعر به فجأة . . . . في البيت كانت ملك تحاول منذ نصف ساعة , إقناع مريم بالتمارين لكنها ترفض كالعادة " سيدة مريم من فضلك " " نادني مريم فقط " قاطعتها باستياء و حاولت ملك مجددا مكررة كلماتها " طيب مريم , أعرف أن التمارين مزعجة , لكنها لازمة حتى لا تضمر العضلات , إضافة الى أنها تجنبنا حدوث تقرحات " هزت مريم كتفيها بعناد " لا أريد , أنا هكذا جيدة " تنهدت ملك و اقترحت مجددا " ما رأيك أن نقوم بها , في الماء الفاتر أثناء الاستحمام " " لا , جربتها سابقا و لم تعجبني , أعطني الدواء فقط , أريد أن أنام " احتجت ملك و قد بدا على وجهها الانزعاج " و لكنها العاشرة صباحا و قد استيقظت للتو , لن أسمح لك أن تعودي للنوم مجددا , هذا ليس جيدا لصحتك " تدخلت سارة التي تراقب الموقف منذ البداية , و هي سعيدة لأن مريم تصعب الأمر على ملك " أخبرتك أنها لا تريد , فلم تصرين ؟ " نظرت ملك بحدة ناحية سارة , لأول مرة منذ تعارفهما , و أشارت اليها للخروج الى الرواق , لا تريد جدالها أمام مريم , و إلا زاد عنادها و تمردها بمجرد ان ابتعدتا عن باب الغرفة , بادرتها ملك بنبرة محذرة " آنسة سارة أنا أعلم ما يجب فعله , و لكنني لست هنا لأنفذ فقط ما تريده , و إلا ليس لوجودي معنى " ابتسمت سارة بخبث , و ردت عليها بلهجة صارت تستفز ملك في كل مرة " و لكن أليس من الجيد أن ترفض ؟ " حدقت فيها ملك بتحذير مجددا و نهرتها " لا ليس من الجيد أن ترفض , و سأجد طريقة لاقناعها , و لا داعي لأن تذهب أفكارك بعيدا " ملك تفهم جيدا ما ترمي اليه سارة , ليست المرة الأولى التي تلمح فيها , إلى أن ازاحة مريم ستجعل منها سيدة البيت , و يخلو لها الجو مع علي , و لكن ما أغفلته أن ملك نفسها لا تريد ذلك . برؤية إصرار ملك أضافت سارة مبتعدة عن الموضوع " لكن السيد لا يعجبه أن يجبرها أحد , على فعل ما لا تريد و لا حتى د .جلال , ألا يكفي أنك غيرت كل البرنامج ؟ " استنفذت ملك صبرها , من تدخل سارة في كل صغيرة و كبيرة , بطريقة مزعجة و انهزامية و أجابتها " آنسة سارة أعتقد أنني الطبيبة هنا , و لدي كل الصلاحيات لاتخاذ القرارات , السيد و الطبيب من قررا ذلك و أمامك , أو تريدين أن نتصل بهما مجددا لتأكيد الأمر ؟ " جفلت سارة من تهديد ملك المبطن و اختفت ابتسامتها , شعرت بالارتباك لأنها تعلم جيدا , أنها فقدت الكثير من مكانتها مؤخرا مع علي و جلال , و هي الآن في موقف ضعف إن اشتكت ملك منها و من تصرفاتها , لن يوقفهم شيء عن استبدالها , لذلك قررت التنازل مؤقتا " حسنا أنا فقط أردت تحذيرك , أنت حرة " و أشاحت بوجهها متجهة الى الدرج و هي تتمتم بتذمر " لا أدري ما الذي يعجبه في هاته السخيفة ؟ " لم تجد سارة حلا غير الصمت , و هي ترى ملك تأخذ بزمام الأمور , مستغلة مؤازرة علي الغريبة لها , هي تحاول منذ وصلت الى هنا , استمالة سيد البيت بطريقة مستترة , و دون إثارة انتباه أحد , تحاول في كل فرصة أن تفتح معه مواضيع , تتقرب اليه و تبتسم له لتجلب انتباهه لها , حتى أن فاطمة حذرتها عدة مرات من تجاوز حدودها , خاصة بسبب لباسها الكاشف , حيث كانت تتعمد التجول ليلا بملابس نوم فاضحة , متصيدة الوقت الذي يغادر فيه علي مكتبه أو غرفته , و رغم ملامح التجهم التي تظهر على وجهه في كل مرة , و الانذارات التي تصلها منه عن طريق فاطمة , لكنها كانت تخترع الفرص طوال الوقت دون ملل , غير مبالية بما تقوله المرأة الخرفة . لكن ما يحبطها أنها في المقابل , لم تحظ يوما بالضوء الأخضر من طرف علي , فهو لم يمنحها يوما نصف فرصة , رغم أنه يعلم نواياها جيدا , لكنه لا يعلق لأنها تتقن عملها , و لا تتعدى حدودها معه , و الشيء الوحيد الذي يهمه , أنها تبرع في آداء عملها , محاولا المحافظة على استقرار حالة زوجته . سارة من جهتها كانت تتعامل , بكل صبر مع صده و لا مبالاته , على أمل أن تتحرك مشاعره يوما , و يتخلى عن بروده ليبادلها اهتمامها , خاصة أنه رجل وحيد بزوجة عاجزة , و هي لم تلتق يوما بإحدى نسائه سابقا , رغم أنها لطالما تابعت أخباره , و حاولت التعرف على علاقاته المزعومة دون جدوى , و كان أملها يتجدد كلما انطلقت شائعة عن انفصاله عن احداهن , هي حتى تتفانى في خدمة مريم لتنال رضاه , و لأنها الحلقة الوحيدة التي تبقيها هنا , فلو رحلت زوجته لن يكون هناك مبرر لبقائها أكثر , حاولت سارة أيضا منذ وصولها استمالة ابنته , لكنها كانت تنفر منها و لا تتودد اليها كما تفعل مع ملك , خاصة أنها هي نفسها لا تحب الأطفال , و تنزعج من الطفلة البكماء المدللة , و بالتالي ركزت مجهودها مع والدها لتسيطر على هذا البيت , و قد كانت مقتنعة أن خطتها تنجح تدريجيا . لكن مجيء ملك قلب الأمور , فهي أول واحدة من نسائه تخطو داخل هذا البيت , ما جعلها تفقد رباطة جأشها , و تشعر بتهديد مكانتها و فرصتها , في الحصول على سيد البيت و التمتع بكل هذا الثراء , هذا الأخير الذي بدأ يظهر بوادر ميل , ناحية تلك المتطفلة بطريقة غريبة , و كأنه لا يرى غيرها أمامه . لذلك بدأت مشاعر الكره و الحقد ناحية ملك تغلبها , كيف لا و هي تهدد خططها , و أحلامها في الزواج من علي , و أن تتغير حياتها كلية , و هي الممرضة الروسية المنبوذة , التي عانت الكثير للوصول الى هنا , فأي شيء أفضل من الارتباط بثري سخي مثل علي . وصلت سارة الى المطبخ , و أخرجت قنينة ماء تطفيء غليلها " هذا كله بسبب تهوري و غبائي , لولا فضولي المجنون لما حصل ما حصل , لكن لا بأس هي لا تعطيه فرصة و تكرهه , و أنا سأحرص على ألا يتغير الوضع " قالت مطمئنة نفسها و هي ترتشف الماء , و الأفكار الشيطانية تتلاعب بعقلها . 😘💞💞 ......... | ||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ، |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|