شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   منتدى سلاسل روايات مصرية للجيب (https://www.rewity.com/forum/f28/)
-   -   مسألة مبدأ _ د.نبيل فاروق (https://www.rewity.com/forum/t471978.html)

MooNy87 20-07-20 01:58 PM

مسألة مبدأ _ د.نبيل فاروق
 
مــســألــة مــبــدأ

*+*+*+*+*+*+*

خطيبي أيها السادة شاب غير عادي ..
ربما تظنون أنها مبالغة مني، أو هو حبي الشديد له، وانبهاري به ..
ولكنكم واهمون ..
إنها الحقيقة ..
كل الحقيقة ..
خطيبي فعلًا ليس شابًا عاديًا ..
إنه طيب القلب، سليم الطوية، شديد الحماس, صادق القول، مجتهد، مثابر، مهذب، لبق ..
ولكن لديه مشكلة واحدة ..
كل شيء في حياته مسألة مبدأ ..
ربما يدهشكم هذا القول، أو يبدو لكم كلامًا هلاميًا مطاطًا ..
وربنا ابتسمتم في سخرية/ أو هتفتم في دهشة: "ولماذا تعتبرينها مشكلة؟" ..
والشرح في هذا الأمر يطول ويطول، وربنا لا ينجح أبدًا في إقناعكم ..
ولهذا سأقص عليكم قصة واحدة ..
ثم احكموا بأنفسكم ..

MooNy87 20-07-20 01:59 PM

عندما تخرجنا معًا من كلية الطب، منذ عدة أعوام، كان ترتيب خطيبي الخامس، وكان سعيدًا للغاية، يتقبل التهاني بابتسامة واسعة، وفرحة واضحة، فهنأته من كل قلبي، وقلت:
ـ أعتقد أنك ستصبح عما قريب أحد أعضاء هيئة التدريس في الكلية.
وهنا تنحنح في وقار، وعدل منظاره الطبي الأنيق فوق أنفه، وقال:
ـ لا يا عزيزتي .. لست أحب حياة الأبراج العالية.. سأعمل في مستشفيات الحكومة.
أدهشني موقفه، وأفزعني في الحقيقية، فقضيت ساعة كاملة، في محاولة لإقناعه بالعدول عن رأيه هذا، ولكنه أتحفني بمحاضرة طويلة عن الشعب، والفقراء، وحتمية تقديم يد العون لبني البشر، حتى أخرسني تمامًا، وهو يختم محاضرته قائلًا:
ـ وهذا الموضوع غير قابل للمناقشة .. إنها مسألة مبدأ.
وهكذا ابتلعت لساني، ولم أعد لمناقشة الأمر مرة ثانية، حتى فوجئت به ذات يوم يقول بابتسامة واسعة عذبة.
ـ هل تعلمين؟ .. أستاذ الجراحة معجب للغاية ببراعتي في هذا المضمار .. لقد طلب مني بنفسه أن أتقدم للحصول على نيابة الجراحة العامة في الجامعة.
وبقدر ما أدهشني تراجعه، أظهرت فرحتي وسعادتي، وهنأته على ثقة رئيس القسم به ..
وتقدم بأوراق ترشيحه بالفعل ..
ورفض رئيس القسم ..

MooNy87 20-07-20 01:59 PM

وكانت الصدمة ضخمة بالنسبة لخطيبي، الذي ثار وهاج وماج، وأعلن أنه أحق أفراد دفعته بالحصول على نيابة الجراحة العامة، وانه لن يتنازل أبدًا عن مستقبله، في الانضمام إلى هيئة التدريس!
ولكن رئيس القسم أصر على الرفض ..
ومع حالة الإحباط والانهيار، التي أصابت خطيبي، اقترحت عليه أن يتنازل عن نيابة الجراحة العامة، وأن يقنع بنيابة التخدير أو الأشعة التشخيصية، ولكنه هتف في إباء:
ـ مستحيل .. الجراحة العامة وإلا فلا .. إنها مسألة مبدأ.
ولم يمض أسبوع واحد على حوارنا هذا، وفي آخر يوم من أيام الترشيح لنيابة الجامعة، تقدم خطيبي بأوراقه إلى قسم التخدير ..
وحصل على النيابة ..
نيابة التخدير بالطبع ..
وأثبت خطيبي العزيز تفوق وبراعته، فحصل على (الماجستير) في فترة قياسية، وأصبح أخصائيًا في مجاله..
ثم حصل على شهادة الدكتوراة, قبل زملائه بعام كامل ..
وأصبحت أسعد فتاة في الدنيا كلها ..
ولكن كان ينقصنا أمر هام ..
أن نتزوج ..

MooNy87 20-07-20 01:59 PM

وعندما طرحت الفكرة على استحياء، انهمك هو في تفكير عميق، ثم قال:
ـ هل تعلمين .. لابد لي من زيادة دخلنا قبل أن نقدم على الزواج، حتى أضمن لكِ حياة هانئة، بلا متاعب أو عذاب.
سألته عندئذ في اهتمام:
ـ ما رأيك في البحث عن عقد جيد، في واحدة من دول البترول؟
حدق في وجهي بدهشة اقرب إلى الذهول، وصرخ في لهجة تحار في تحديد مغزاها، ما بين الغضب والاستنكار.
ـ دول البترول؟! .. مستحيل!
قلت في حذر:
ـ ولمَ لا؟ .. ستعمل هناك لعام أو عامين، ثم تعود إلى هنا. و ...
قاطعني في صرامة:
ـ قلت مستحيل! .. ألا تعلمين ما يطلقونه على دول البترول هذه؟ .. إنهم يسمونها بلاد النفط والمهانة .. هل تعلمين لماذا؟ ..
ومرة أخرى ألقى على مسامعي محاضرة طويلة، استمعت إليها في صمت، مكتفية بإيماءات مهذبة من راسي، وأنهاها كعادته بالعبارة التقليدية:
ـ إنها مسألة مبدأ.

MooNy87 20-07-20 02:00 PM

وحاول بالفعل أن يزيد من دخله، بالعمل المتواصل، والمثابرة، والكفاح، والنشاط، والحماس ..
ثم تعلَّم الدرس الأول من دروس الحياة ..
إن كل هذا لا يكفي ..
الله (سبحانه وتعالى) وحده يمنح الرزق لمن يشاء من عباده ..
ثم إن تخصصه مرهق ..
إنه لا يستطيع العمل وحده، ولابد له من التعامل مع جراح متخصص ..
وهذا يقلقه ..
وبعد شهرٍ واحد من العمل المتواصل، منذ الصباح الباكر، وحتى منتصف الليل، اختفي خطيبي بضعة أيام، ثم فاجأني بزيارته، وهو يقول في حماسة:
ـ لقد قدمت أوراقي لمكتب التوظيف السعودي .. إنهم يطلبون أطباء تخدير.
هتفت في سعادة، دون أن أناقشه في أمر رفضه السابق:
ـ عظيم .. خطوة ممتازة ..
ثم سألته في لهفة:
ـ هل ذكروا شيئًا عن الأجر؟
هز رأسه نفيًا، وقال بابتسامة عريضة:
ـ كلا .. ولكني لن أقبل أقل من سبعة آلاف ريال .. إنها مسألة مبدأ ..
ألم أقل لكم: إنه شاب غير عادي؟!

**********

دودي زيتون 22-09-20 04:04 PM

💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞 💞

serenade 22-04-21 10:20 PM

فعلا هى مسألة مبدأ

SHELL 09-03-22 02:51 PM

رائعة ومختصرة كالعادة


الساعة الآن 07:58 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.