آخر 10 مشاركات
جددي فيني حياتي باللقاء *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          منطقة الحب محظورة! - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة::سارة عاصم - كاملة+روابط (الكاتـب : noor1984 - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          [تحميل] حصون من جليد للكاتبه المتألقه / برد المشاعر (مميزة )(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          وإني قتيلكِ ياحائرة (4) *مميزة ومكتملة *.. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          طريقة صنع البخور الملكي (الكاتـب : حبيبة حسن - )           »          كما العنقاء " مميزة ومكتملة " (الكاتـب : blue me - )           »          في بلاط الماركيز(71)-غربية-للكاتبة:منى لطفي(احكي ياشهرزاد)[حصرياً]كاملة بالرابط -مميز (الكاتـب : منى لطفي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree4Likes
  • 1 Post By رانيا الطنوبي
  • 1 Post By Safaa abousamra
  • 1 Post By رانيا الطنوبي
  • 1 Post By رانيا الطنوبي
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-09-21, 08:20 PM   #1

رانيا الطنوبي

? العضوٌ??? » 492082
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 4
?  نُقآطِيْ » رانيا الطنوبي is on a distinguished road
افتراضي رواية بيدي لا بيد عمرو \ رانيا الطنوبي


إهداء..
إلى أولئك الذين أدركوا معنى أن يتغيروا دون أن تتبدل قلوبهم، فظلت نفوسهم أفضل ما بهم..
إلى أصحاب القلوب المحبة ببساطة دون فلسفة..
إلى البساطة نفسها لأنها أجمل النعم..
وإلى أول من قرأوا لي وصدقوا ما أكتبه..
كل الشكر، كل الحب





أول الحكاية






على الهامش..
صوت دقات عقرب الثواني وهو يتحرك ببطء كان كفيلا بتشتيتها عن غفوتها بعد نوم صغيرتها منار بنت العامين، ولأنها أدركت أنها لن تعود للنوم؛ قررت القيام من سريرها وإضاعة الوقت بأي شيء حتى لو كانت رؤية البرامج المعادة حتى دقت الساعة التاسعة ورن هاتفها فالتقطته متلهفة لترد على زوجها الذي ما إن وصل لعمله حتى هاتفها كعادته:
- وحشتيني يا سارة
ولا تدري لماذا شاركتها عيناها الدموع وهي ترد: وحشتك؟ عشان كده بقالك تلت أيام مش عايز تيجي
- آسف يا سارة حقك عليا، انشغلت في الشغل ومعرفتش أجي، مش عايزك تزعلي مني.
- صدقني أنا مش زعلانة ومقدرة ظروفك، بس حاول متغيبش عليا.
- غصب عني، أنتِ عارفة، بس ليكِ عليا يا ستي أجيلك بكرة أشوفك وأشوف منورة لأنها وحشتني جدا.
- بجد جاي بكرة؟
- أنا عمري كدبت عليكِ؟
- خلاص يا حبيبي هستناك من دلوقتي، اوعى بقى تتأخر علينا زي عوايدك.
- هو أنا أقدر، وحشتيني جدا جدا
وكانت كلماته كفيلة بإسعادها رغم بساطتها، لتكمل يومها مدعية التغافل عن التفكير بحالها كونها زوجة ثانية لرجل متزوج، رغم أنها فقط في الثامنة والعشرين من عمرها..
والمؤلم أنها تعرف أن اللحظة المناسبة لاعترافه بزواجه منها لن تأتي، وإن أتت فهي التي تخشى تبعاتها كونها لا تضمن رد فعل زوجته ولا نظرات الناس لها ومعايراتها بأنها خطفت رجلا من بيته.
(1)
صباح اعتيادي لبيت مصري أصيل، علا فيه صوت غليان الماء بالإبريق متوازيا مع رائحة طبق فول بالليمون والطحينة، جلبة رافقت صوت أم تنادي من مطبخها:
"يلا قبل ما أتوبيس المدرسة يفوتكم"
قابله من "المنور" صدى صوت لما يحدث في الشقة المقابلة:
"الاسكيتش ده بتاعي، يا بابا، يا بابا"
كانت مديحة قد انتهت من صلاتها عندما توجهت لإيقاظ ابنتها "علا"، والتى ما إن قامت من سريرها حتى أسرعت في تجهيز حالها، ثم شاركت والدتها الفطور، منت نفسها صباحا خاليا من الملاحظات لكن مديحة منحتها أهم ملاحظاتها سائلة: مش لابسة دبلتك ليه؟
تضايقت من السؤال لكنها أرجأت الجدل، ودون مناقشة عادت لغرفتها وتناولت دبلتها من على التسريحة وارتدتها وعادت تكمل فطورها، لاحظت والدتها تعابير وجهها المحتقن لكنها تغاضت عنها وتابعت الأسئلة: هو كريم مش هيعدي عليكِ في الكلية النهاردة؟
أدهشها الظن فردت ساخرة: وهو من متى بيعدي عليا
- ما أنتِ يا علا اللي معامتك معاه واقفة، ده مهما كان خطيبك، ومن قبلها ابن عمك
اتسعت ابتسامتها الساخرة وكادت تعقب بأنهما فقط مخطوبان إرضاء لعائلتهما لكن والدتها ألجمت تعقيبها قائلة: عارفة اللي هتقوليه، بس أنت فاهمة كويس قصدي، عامليه بذوق واحترام، وصدقيني الحب بيجي بالعشرة الطيبة والمعاملة الكويسة سيبك من كلام الأفلام، أنا كل اللي عايزاه منك لما يجي هنا الجمعة قابليه كويس، وابتسمي في وشه، واقعدي معاه مش تسبينا وتقضي اليوم كله مع ميار وريم، صعبة؟
- وهو صعب عليه يجي في أيام تانية غير الجمعة
جاحدتها مديحة بنظرة غيظ ثم تابعت: كتير عليا حاضر لازم مجادلة؟
- حاضر يا ماما، أي تعليمات تانية؟
لم تجبها فقط مصمصت شفتيها، آثرت السكوت فشعرت علا بالراحة لأن كلامهما انتهى؛ ودون شهية أكملت فطورها، إنها (علا حسين السويفي) آخر عنقود العائلة التى لا تنسى بسهولة جديتها كمعيدة بكلية صيدلة أو هذا هو تفسير والدتها للطريقة التي اعتادت التصرف بها مع خطيبها.
******
كانت البناية مميزة
بيت عائلة يجمع الأخوة الخمسة لعائلة السويفي بحي الدقي..
بطابقه الأول كانت الشقة الأكبر والتي تعيش فيها مديحة برفقة علا، وقد اعتادوا التجمع بها كل جمعة
وبالطابق الثاني هناك شقتين متقابلتين هما شقة علاء وشقة عليّ بينما الطابق الثالث شقة عبير على اليسار وشقة عمرو على اليمين.
كعادة كل صباح استيقظ علاء على رنة المنبة المضبوط بهاتفه، والتقط منشفة كانت موضوعة على مقبض باب غرفة بناته التي أصبحت غرفته التي ينام بها، بطريقه للحمام داس على قطعة مكعب كانت متروكة على الأرض من ألعاب ابنته أروى ذات الأربع سنوات فكاد يصرخ ولكنه كتم غضبه وتوجه للحمام وهو يلعن الزواج وحياته، ثم خرج متوجها لغرفة النوم التي لم يعد له بها مكان ليخرج ملابسه من الخزانة لكن صوته رغم حرصه ألا يضيء إضاءة الغرفة كان كفيلا بإيقاظ صغيرته ابنة العام والنصف، وعلى صوت بكائها قامت ريم وهتفت فيه: ميت مرة أقولك خد بالك، جنى بتنام الصبح، عجبك كده أهي صحيت.
حاول تمالك أعصابه واكتفى بزفرة طويلة وهو يرد: يعني ماروحش شغلي عشان حضرتك تنامي، ده بدل ما تقومي تحضريلي فطار زي أي ست ما......
- خلاص خلاص، أنت هتتخانق، وأروى كمان تصحى
- طيب أنا خارج، نامي براحتك
"عيشة تقصر العمر"
تمتم بجملته الأخيرة وهو يعد لنفسه بالمطبخ كوب شاي ويتناول رغيفا وقطعة جبن ليفطر، محاولا بصعوبة تجاهل شعور الضيق من كونه أصبح على الهامش عند زوجته بعدما انصب كل اهتمامها ببناته، إنه؛ علاء حسين السويفي الأخ الذي يكبر علا بعشر سنوات، متزوج منذ ست سنوات من ريم ابنة عمه والتي تصغره بخمس سنوات، صاحب البشرة الخمرية والشعر الأسود، والأنف المدببة التي لطالما كانت أكثر ما يميز وجهه.
*******
بالشقة المقابلة لعلاء كانت ميار زوجة عليّ قد استيقظت مبكرا عن موعد زوجها بساعة، بدلت ملابسها وصففت شعرها البني المموج، ووضعت بعض الزينة الخفيفة على وجهها ولم تنس وضع العطر بيدها ثم وضع يدها تحت صنبور الماء البارد وبعدها تسللت على أطراف أصابعها وجلست بجوار زوجها مقررة وضع يدها على وجهه وهي تهمس في أذنه: قوم يا علوة ناموسيتك كحلي
نفذت رائحة عطرها المميز لأنفه فابتسم وهو يجيبها: صباحك فل يا ميورتي
- حضرتلك الفطار، يلا يا باشمهندس هتتأخر على شغلك
- بصراحة مكسل بافكر اقضي اليوم معاك يا جميل
- كل يوم تدلع عليا كده
- حد يلاقي دلع وميدلعش، مش قايم غير لما....
ثم أشار إلى خده، فهمت ووضعت قبلتها فمازحها وهو يشير للآخر: وده عشان مايزعلش من أخوه
عقدت حاجبيها رغم ابتسامتها وردت: مفيش فايدة فيك يا علي، كل يوم على كده، أنا رايحة المطبخ.
واختفاؤها من أمامه هي الطريقة الوحيدة التي ستفرض عليه النزول من سريره كي لا يفوت عمله، أنه علي حسين السويفي؛ الأخ الذي يكبر علاء بثلاث سنوات ومتزوج من ميار ابنة التاسعة والعشرين ربيعا منذ سبع سنوات وليس لديهم أولاد.
كان أوسم أخواته رغم بشرته الخمرية لأن عيونه العسلية ورموشه الطويلة منحته شكلا مميزا وقد بدا الأكثر شبها بأخيه الأكبر.
****



أما في الطابق الثالث فالوضع قد اختلف
ففي الشقة اليسرى كان زعيق الأخوة
- عندي محاضرة الصبح ومش هالحق أشتري، قولتلك هاجيبلك غيره
- يا سلام وأنت من امتي بتحضر محاضرات؟ ده على اعتبار إنك فالح
"اصطبحوا وقولوا يا صبح أبوكم لسه نايم"
هتفت بهم عبير لكن صوت مصطفى قاطعها وهو يهتف: أبوهم صحى خلاص
صمت طارق وسلمى ونكسا وجهيهما، أما مصطفى فضرب كفا بكف وعلق: بتتخانقوا ليه ع الصبح
تركتهم عبير وتوجهت للمطبخ لتعد شطائر المدرسة والفطور ولا زال صدى الشجار نافذا بأصواتهم لمكانها فعلا صوتها ترد على سلمى: خلاص يا سلمي كبري أنتِ مخك
زفرت بشدة فابتسم طارق شامتا فقرر مصطفى نصرتها فمنحها ضعف ثمن الكشكول وهو يؤكد: هاتي بدل الاسكيتش أحسن منه وخليله هو اللي أخده
فأخرجت لأخيها لسانها فهتف مغتاظا: بقا كده يا سي بابا عجبك كده؟
- اه عجبني
- بقى كده، نحضر محاضرات مش عاجب منحضرش برضو مش عاجب
"كفاية غلبة بقى"
هتفت عبير فنظر مصطفى لكليهما وأكد: لازم تجيبولنا الكلام ع الصبح
كتما ابتسامتهما بينما عبير تابعت: صحي منة يا مصطفى
- حاضر يا ستي
لكن صوتا نائما أتاها من خلفها وهي يتثاءب قائلة: هو الواحد بيعرف ينام في البيت ده؟
- طيب يا لمضة، اجهزي يلا عشان باص مدرستك قرب يوصل.
وبين جذب وشد مر صباحهم الاعتيادي، إنه بيت عبير حسين السويفي الأخت التي تكبر علي، والأقرب في الملامح لوالدها، أم في الثالثة والأربعين من عمرها متزوجة من مصطفى جلال بيومي صاحب التسعة وأربعين عاما منذ عشرين سنة، ولديهم ثلاثة أبناء هم طارق تسعة عشر عاما وسلمى سبعة عشر عاما ومنة ثلاثة عشر عاما
******
وآخر الشقق بيت كبير العائلة
الأكثر انضباطا بحكم أن العادة جرت على نعت عمرو بأنه كالساعة يضبط عليه الوقت من فرط تنظيمه
عند السابعة كان يقف عابسا أمام مرآته يربط رابطة عنقه ويصفف شعره الرمادي ويضع القليل من عطره ويتجه ليتناول الفطور مع أسرته
لن يعنيه شجار النصف ساعة السابقة وصوت شيرين عاليا وهي تهتف بيوسف لتوقظه
ولا زعيق يمنى وهي تطرق باب الحمام ليخرج يحيى حتى لا تفوت حافلة المدرسة ولا هتاف يارا وهي ترجو من والدتها تجديل شعرها ستة جدائل مثل تسريحة صديقتها المقربة
بل؛ سيجلس صامتا يتناول القهوة التي أعدتها له شيرين كما يحبها - بالحليب بدون سكر وقد ضاعفت كمية البن - ثم يتناول بعدها عدة لقيمات من الأطباق المرصوصة أمامه وهو يسأل يحيى:
- عندك محاضرات النهاردة؟
- عندي سكشن وهاخلص على الساعة واحدة
- ربنا معاك
في العادة لن يشاركه غير يحيى الفطور لأن شيرين بالمطبخ على الدوام، يسمعها تتجادل مع يوسف: مش بأكل أنا الجبنة ومش عايز بيض بالبسطرمة
- بابا قايل اللانشون لا
- ماشي بس أنا كده كده بابدل السندوتشات مع صاحبي
بفراغ صبر زفرت وهتفت: ماشي لما أشوف آخرتها معاك يا يوسف.
فيكتفي بابتسامة دون تدخل، فهو رغم عبوسه لكنه لم يكن يوما فظا معهم ولا يتذكر أنه زعق أو تشاجر مع أحدهم وكأنه وبشكل ضمني وكل لزوجته كل مهامهم.
إنه عمرو حسين السويفي الرجل الذي تخطى الخمسين من عمره بعام، متزوج من ابنه عمه (شيرين رشاد السويفي ) أخت ريم وكريم والتي تبلغ من العمر واحد وأربعين عاما، ولديهم أربعة أبناء هم يحيى تسعة عشر عاما - يمنى سبعة عشر عاما - يارا أربعة عشر عاما ويوسف إحدي عشر عاما
ورغم كبر سنه إلا أنه لايزال به قدر من الوسامة، أزمته أنها متوارية خلف قناع من الوقار والهيبة، إذ أنه دوما يلعب الأدوار التي لا يريدها تلك التي فُرِضت عليه في بيته وعائلته وعمله - الكبير القدوة وصاحب المسئولية - زفر وهو يسحب حقيبته الخاصة بعمله وخرج من الغرفة مناديا شيرين قائلا: أنا نازل
- مع السلامة
رد ثلجي كعادتها هكذا ينعت ردودها، لكنه يتجاهلها، فتح باب شقته فقابله مصطفى حياه ثم تجاورا نزول الدرجات يسبقهما علاء ثم من بعده عليّ ليجمعهما كالعادة بيت مديحة ليتباركوا بدعواتها قبل أن تغادر علا برفقة عمرو لإيصالها لكليتها وبعدها كل منهم يتوجه عمله
ليبقى بيت السويفي على هدوئه المؤقت ولو نسبيا إذ أن أسرار رجاله لم تُكشف بعد وعلى رأسها ذلك المتزوج من سارة سرا.
*********
بمنزل أخر يطابق بيت السويفي وينتمي للعائلة ذاتها لكنه لأولاد رشاد السويفي بحي الهرم
وتحديدا بالطابق الأول حيث الشقة الأكبر كانت سعاد تعد الفطور بانتظار كريم كي يجهز حاله قبل الانصراف لعمله كمعيد بكلية هندسة جامعة 6 أكتوبر..
هتفت وهي تضع الأطباق على السفرة وعادت لتجلب الشاي من المطبخ لكنه كان شاردا فلم يسمعها
ما أن انتهى من هندمة هيئته أمام المرآة حتى أمسك بدبلة خطبته بين سبابته وإبهامه وظل يطالعها مهموما،
نادته أمه فلم يرد ولم يسمع
"كريم يا ابني البيض هيبرد وهتسيبه زي عوايدك"
"يا كريم"
- يا ....
التفت حتى شعر بوجودها خلفه وهي لم تكمل نداءها حين لمحت الدبلة بيده وقد وضعها بجيبه وخرج دون كلمة ليجلس قبالتها على السفرة، لكنها بحسم سألته: وآخرتها؟
زفر دون رد وبدأ يتناول فطوره حتى شعر بها ساهمة لا تأكل فقال: أنا وأنتِ عارفين أخرتها بس بنكابر مسألة وقت مش أكتر وصية أبويا وعمي ولازم تتنفذ حتى لو على حسابات رغبتنا
- يعني أنت مش عايز علا؟
- هي عايزاني؟!
- اسألها
- من غير ما اسألها أنا شايف وحاسس
- متأكد؟!
زفر لأنها حاصرته فلن يجيبها وتظاهر بانشغاله في تناول فطوره ثم همهم: هيحصل حاجة لو كلمت عمرو في فسخ الخطوبة
- تاني يا كريم، وماقولتش الكلام ده ليه لأبوك الله يرحمه من الأول؟
زفر فتابعت: بقالك سنة كل يوم جمعة تقول الجمعة دي هاتكلم مع عمرو في فسخ الخطوبة وبعدين لسانك يأكله القطة، لحد ما عمرو بقى ناوي هو اللي يفاتحك في تحديد ميعاد الفرح أنت مستوعب
- المرة دي هاتكلم
رجته بهدوء: فكر كويس، في النهاية أخواتك متجوزين أخواتها أنت ناسي إن شيرين مرات عمرو وريم مرات علاء يعني لو زعلوا على أختهم ممكن تسببلهم مشاكل في بيوتهم
- ده على اعتبار أنهم عايشين مبسوطين قوي وأنا اللي هاخرب حياتهم مش كفاية هما، كمان أنا وعلا
- خلاص يا كريم اللي شايفه صح اعمله، أنا تعبت من الكلام معاك
زفرت ثم صمتت لثواني قبل أن تتابع وقد بدا له حزنها في عينيها: أنا كل اللي يهمني متظلمش علا معاك، ربنا يعلم غلاوتها عندي، وأنت عارف أنك لو لفيت الدنيا مش هتلاقي زيها بس القرار ليك، ولأخر مرة هاقولك فكر كويس وراجع نفسك وخليك مستعد لمواجهة دكتور عمرو وربنا يستر أنت عارف علا عنده إيه كويس.
ألجمه خوفها وحزنها فآثر الصمت وقرر المغادرة، وطوال طريقه لعمله بسيارته تكاثفت على عينيه الصور
امرأتان
خطيبتان
وخطبتان
وهو...؟
واحدة يُريدها وأخرى تريده وبينهما تاه لا يعرف بأي طريق قد سار وكيف أفلت زمام حياته من يده؟
وبعد ساعة من المكوث بمكتبه متظاهرا بالانهماك في عمله قاطعه صوت طرق الباب بزيارة كان يحسب حسابها، حين وجد داليا أمامه فحاول الابتسام وهي تجلس قبالته، يعرف أنها مهما بدت ودودة بالنهاية هي لم تأت إلا للاستفسار عن شيء واحد
"فسخ خطبته من ابنة عمه"
وكالعادة لم تسمع سوى نفس الإجابات المماطلة لكنها هذه المرة هتفت فيه محتدة: أنت عارف إن الكلية كلها هنا عارفة إني خطيبتك وإن بينا ارتباط رسمي وعارف إني أقدر أعرف عمرو ومن قبله علا.
توارى غضبه أمام اضطرابه فقال راجيا: والله أنا عارف كل ده يا داليا بس متأكد إنك مش هتعملي كده، عشان أنتِ أكبر من كده، وعشان حتى من غير ارتباطنا أنا كنت هافسخ الخطوبة فليه نخسرهم أو نعمل مشاكل لأخواتي، يا داليا أنا بس محتاج شوية وقت.
- سنة كاملة؟! ولسه محتاج وقت؟
وقف في مكانه ثم خطا نحو مقعدها وجلس قبالتها وقال: أنتِ فاكرة الوضع ده سهل عليا
- أنت اللي مصعب الأمور عليك، واجه علا، ليه عمرو؟ الموضوع هيخلص في ثانية، لو قولتلها أنك بتحب واحدة تانية.
شعرت بنبرة صوته وقد زاد فيها التوتر وهو يؤكد: ماقدرش أعمل كده
- أنت بتحبها؟
- لا طبعا
أمسك بيدها ونظر في عينيها وتابع: ممكن تثقي فيا يا داليا، وتدني شوية وقت، هانت أوعدك
- أنا لو مش واثقة فيك مكونش صبرت، بس عارف لو طلعت بتكدب عليا أنا ممكن أعمل إيه؟
- عارف، ده أنت بنت محمود المليجي
- لا مش عارف، لكن بلاش نسبق الأحداث لما نشوف أنت هتعمل إيه.





رانيا الطنوبي غير متواجد حالياً  
قديم 14-09-21, 09:13 PM   #2

Safaa abousamra

? العضوٌ??? » 443268
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 3
?  نُقآطِيْ » Safaa abousamra is on a distinguished road
افتراضي بالتوفيق

مبارك أولى روايتك على المنتدى❤️❤️

Safaa abousamra غير متواجد حالياً  
قديم 14-09-21, 11:51 PM   #3

رانيا الطنوبي

? العضوٌ??? » 492082
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 4
?  نُقآطِيْ » رانيا الطنوبي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة safaa abousamra مشاهدة المشاركة
مبارك أولى روايتك على المنتدى❤️❤️
الله يبارك فيكي يا صافي


رانيا الطنوبي غير متواجد حالياً  
قديم 19-09-21, 12:24 PM   #4

رانيا الطنوبي

? العضوٌ??? » 492082
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 4
?  نُقآطِيْ » رانيا الطنوبي is on a distinguished road
افتراضي الفصل التاني

(2)
بخطوات مهيبة تقدم عمرو السويفي ليدخل المدرج ببدلته السوداء ورابطة عنقه الرمادية، ساد الصمت أو ربما الخوف، حين نظر لطلاب الفرقة الرابعة بكلية طب جامعة القاهرة كأنه يتوعدهم وهو يقول: صباح الخير
- صباح النور يا دكتور عمرو
أغلق النور من أجل إضاءة البروجيكتور وبدأ بوضع الslides الخاصة بالمحاضرة، وما إن بدأ، حتي بدأ الطلبة خلفه، عساهم اللحاق به قبل سحبه لكل شريحة غير عابئ بمن كتب أو فهم.
ولسوء حظها كان قد سحب الشريحة الأخيرة ووضع أخرى فاضطرت إسراء رغما عنها سؤال زميلتها:
- (the majority of the brain is separated from the blood by ) إيه
- بس يا إسراء
لكزتها في ذراعها دون أن تنظر ناحيتها وقد صدمت أنها تجرأت وسألت وسط محاضراته، ولم تكتف بل تابعت: ملحقتش والله يا دينا قولي بقى
- by BBB
- إيه ال BBB ده
- blood brain barrier
توقف عن الشرح والتفت خلفه فجأة فصمت الجميع مترقبين لما سيفعل، نزل باتجاه بنشات الطلبة ثم توقف أمام البنش الثالث بعدما أشار بيده باتجاه إسراء ثم سألها غاضبا: كنت باقول إيه؟
وقفت وكأن دلوا من الماء البارد قد سكب عليها وردت: ماهو......
- كنت باقول إيه؟
قالها متقطعة بهدوء بارد فتلعثمت ولم ترد فنظر لزميلتها فوقفت فأعاد عليها السؤال ورغم معرفتها الإجابة عجزت عن النطق فقال بذات الهدوء البارد: قولت 100 مرة محدش يتكلم أثناء الشرح قولت ولا لا؟
- ما يا دكتور ............
أخيرا استطاعت النطق فكادت تبرر لكنه باغتها غاضبا: بره، أنتم الاتنين بره
بقيت إسراء لثوان تطالعه بغيظ فنظر لساعته وقال: لو مخرجتوش خلال دقيقة اعتبروا المحاضرة ملغية
تعالى صوت الطلاب فلم تملك إسراء إلا الانصياع لأمره فحملت حاجاتها وقد زادت حدة نظرتها فطالعها متشفيا ومبتسما ثم عاد لمكانه يكمل شرحه وما إن خرجتا وكأن شيئا لم يكن.
اتجهتا للكافيتريا فقذفت إسراء كتبها على الطاولة بينما جلست دينا تبكي ثم عاتبت إسراء: كان لازم يعني تسألي في المحاضرة عجبك اللي حصل هنعمل إيه دلوقتي؟
كانت شاردة وغيظ يأكلها فلم تنتبه لكلمة صديقتها حتى هزت دينا كتفيها وزعقت: إيه.. هنعمل إيه باسألك
انتبهت وهتفت: هو حد عارف يعمل حاجة مع عمرو السويفي، أقول إيه ربنا ع الظالم
- دكتور عمرو بياخد الغياب آخر المحاضرة واللي بيحل من ورق الكورسات بيسقطه
- متقلقيش حتى اللي بيحضر محاضراته برضو بيسقطه، يعني كله ساقط
- أنتِ فايقة تهزري بجد؟
- أعملك إيه طيب
- قوليلي إنك هتتصرفي
- أوكى يا دينا أنا هاتصرف.
****
أمام باب شقتها زفرت شيرين وهي تضع الأكياس التي جلبتها من السوق ثم فتحت الباب، استوقفها صوت عبير وهي تغلق بابها وتحييها وبعد تبادل السلامات نزلت عبير لتساعد مديحة بإعداد الغداء بينما حملت شيرين ما جلبته للمطبخ، ثم بدأت بإفراغ محتويات الأكياس بالثلاجة، ثم جلبت قاربا بلاستيكيا لتضع فيه السمك، غمرته بالماء ثم نحته جانبا، واتجهت أخيرا لتبدل ملابسها، أخرجت جلبابا فضفاضا أبيض بنقوشات بنفسجية وإيشارب زهري قديم عصبت به رأسها عله يخفف من صداع ألم به واضطرت لتفاديه بابتلاع قرص مسكن.
افترشت الأرض وبدأت تنظف السمك، تعرق جبينها قليلا فمسحته بظهر كف يدها فالتصقت بعض قشور السمك على وجهها دون قصد منها وظلت تعمل بهمة حتى انتهت فغسلت يديها ثم ألقت نظرة خاطفة على فوطة المطبخ ولكنها لم تكن بمكانها فأوفى جلبابها بالغرض فمسحت يديها فيه ثم قررت، ستصلي الظهر وتكمل تحضير الغداء.

انهى المحاضرة فسحب حقيبته وخرج، كان على يقين من انتظار الطالبتين له عند باب المحاضرة لكنه استغرب عندما وجد دينا وحدها فأسرع خطواته مبتعدا بينما هي ركضت تلحق به وهي تناديه لكنه لم يقف ولم يلتفت حتى وصل مكتبه وبعدما توسطته جلب له الساعي قهوته وخرج، تناولها شاردا في الفراغ حتى قاطعه طرق باب مكتبه فانتبه وقال:
- ادخل.
كانت إحدى طالباته تريد سؤاله عن أجزاء لم تفهمها بمحاضرته، نظر عمرو إلى من أتت لتقف أمامه وهي ترتدي أضيق بنطال جينز رآه في حياته وبادي مفتوح وجاكت قصير، ولم يحاول تفادي النظر لها بل تفحصها حتى أنه ميز عطرها واسمه وهمهم: شرقي
لم تنتبه لما قال واستندت بجذعها على المكتب وهي تشير للصفحة فقال هو: دي بسيطة قوي
استفاض في الشرح قرابة نصف ساعة وما إن انتهى حتى قربت وجهها من وجهه ثم أشارت لصفحة أخرى وقالت: ودي كمان يا دكتور.
زفر وكأن شيء بداخله أشعره بكونه مكشوفا لدى طالباته فانقلب وقال حازما: هاعيد شرحها في المحاضرة المرة الجاية
استغربت حتى أنها رفعت حاجبها دهشة وانتابها قليل من الخوف اتجاهه فسحبت دفتر محاضراتها وخرجت.
زفر وأغمض عينيه ثم دفع ما بقى من قهوة لفمه دفعة واحدة ووقف فجأة، اتجه ناحية النافذة ووقف يتابع طلابه وهو يشعر أن ضربات قلبه تعلو وتهبط، وذكرى زوجته ما إن لاحت له حتى دفعت بغيظه للتجلي - الباردة التي لا تشعر - ولم تعد لديه طاقة ليكمل يومه فغادر لبيته.
زكمت أنفه رائحة السمك ما إن فتح باب شقته فلم يحتج سؤال شيرين عما أعدته على الغداء، دلف للمطبخ فوجدها منهمكة أمام الموقد ومن جلبابها تفوح الرائحة ذاتها فسخر وهو يقول لنفسه: شرقي، شرقي أصلي.
سمعت تمتمته فانتفضت والتفتت وهتفت: أنت رجعت؟
ولم تكتف بسؤالها الثلجي بل سكبت عليه المزيد من البرود وهي تتبعه مستفسرة: إيه جابك بدري؟
لم يجبها ودار بعينيه في المطبخ الذي بدت رائحته منفرة ونظر لبقايا تنظيف السمك بسلة المهملات وسألها: ليه مشتريتهوش معمول وخلاص.
- ما أنت عارف إني باحب أعمل كل حاجة بإيدي
- وايه لازمة التعب ده مش فاهم؟
- ده بدل ما تقولي متشكر
- على إيه؟
سأل بضيق وصدق وزفر وهو يعرف أن لا فائدة فيها، طالعها محبطا وآسفا بينما هي ردت: أنا مهما اعمل مفيش حاجة عجباك
لم يعلق على كلامها وقال وهو يخرج من المطبخ عله ينشد بعض هواء لم يختلط بعد برائحة السمك: اعمليلي فنجان قهوة.
أولته ظهرها لتقلب الأرز على المقعد وقالت: ما أنا قولتلك بلاش القهوة والشاي الكتير دول غلط على اللي في سنك.
فاض به فهتف محتدا: سنك سنك سنك مش هتخلص الاسطوانة دي، أبدا.
اتجه ليبدل ملابسه وهو على يقين من أنها لن تأتي خلفه، فنزع رابطة عنقه بعصبية وقذفها على السرير ثم أسند كلتا يديه على المرآة وظل يطالع انعكاس وجهه..
كلما اقترب منها عليها تذكيره أنه تخطى الخمسين من عمره
هل عليه أن ينتظر الموت لترتاح؟
أن يأن ويصمت أكثر مما هو عليه، بل يبتلع لسانه ولا يتفوه بكلمة فقط لأن رجلا في الخمسين وامرأة في الأربعين في قاموس شيرين السويفي لا يستحقان أن يحيا كزوج وزوجة..
شعر بالأسى؛ وهل يملك إلا الأسى على نفسه، حتى ظن أن صورته في المرآة تسخر منه
"عمرو يا......... يا عجووووز"
****
بظهيرة اليوم التالي مرت على شقة والدتها كعادة كل يوم لمساعدتها بتحضير الغداء، واليوم جلستا حول طاولة بالمطبخ وأمامهما آنية تحوي خلطة الأرز وبجوار أوراق ورق العنب والكرنب، كانت مديحة ساهمة وهي تلف الأوراق بسرعة ومهارة ولم تنتبه لكلام عبير إلا عندما قالت بصوت أعلى: يا ماما أنت مش سامعاني.
ما فهمته عبير من شرودها هو استياءها لما تراه هو يضايقها بدورها فقالته بوضوح: شايلة همهم وهما ولا على بالهم، ولا بنشوف وش واحدة منهم إلا يدوب الجمعة تقضية واجب وبعدين تجري على شقتها، صدق اللي قال ربي يا خايبة للغايبة.
زفرت والدتها ولم تعلق فأكملت: طيب بذمتك يا أم عمرو فين ميار ولا ريم من مساعدتك دلوقتي، طيب أم البنات واهي ملخومة بيهم، إنما اللي من غير عيال دي بتعمل إيه في شقتها؟ ولا هي مش فالحة في حاجة غير الزواق وياريته بفايدة.
مصمصت شفتيها فألجمتها مديحة قائلة: خليكِ في حالك
- ما أنا في حالي، وأنا قولت حاجة
لفت أوراق الكرنب ورصتها متجاورة وتابعت: هو اللي خايب، هو يعني اللي خلق ميار مخلقش غيرها.
- يا الله يا ولي الصابرين، كفاية فرك في الموضوع ده يا عبير
- خلاص هاسكت
ولكنها لم تستطع وعادت: هو احنا لينا بخت مع حد، جت عليها الغريبة إذا كانوا ولاد عمنا يسدوا النفس إن كانت الست ريم ولا سي كريم، إلا ما شوفته مرة داخل على علا بهدية ولا عزمها على خروجة
- يووووووووووه يا عبير
- خلاص خلاص سكت، خلينا في مصطفى ولا ده كمان بلاش أتكلم عنه
- ماله مصطفى يا عبير
زفرت ثم مصمصت شفتيها بمزيد من الامتعاض ودون رد شردت في الرجل الذي لطالما شعرت به أدنى من كل إخوتها، على الرغم من استطاعته التوسع بعمله حتى أصبح واحدا من أكبر تجار الموبيليا إلا أنها لاتزال تراه الرجل الذي لم يعمل بشهادته الجامعية والتحق بورشة أبيه ليكون نجارا، ولم تقل منذ زواجهما لنفسها دوما إلا جملة واحدة
"أخت دكتور واتجوزت صنايعي"
- عبير قولي الحمد لله
- ما أنا باقول، أنا بس مش عارفة كان هيجرى إيه لو كنت اتجوزت دكتور ولا مهندس، راجل كده يبقى له شخصية زي عمرو أخويا، مش مصطفى اللي لا بيهش ولا بينش، يلا الحمد لله
- تصدقي يا بت، أنا خلصت فيكِ الكلام والله، بقالك عشرين سنة بتعيدي وتزيدي في نفس الكلام، يا عبير حرام عليكِ ده أنتِ عيالك بقوا طولك
- عيالي اسكتي يا ماما وبلاش تفكريني بخيبتي التقيلة في عيالي بقى ابن عمرو يدخل هندسة وطارق تجارة، صحيح وهو هيفلح لمين
- بت يا عبير أنتِ بتقري على عيال أخوكِ قدامي
بدا الاضطراب واضحا على ملامحها فتداركت نفسها قائلة: حسد إيه يا ماما بسم الله ما شاء الله على يحيى، أنا قولت حاجة
زفرت مديحة واكتفت بقول: استغفر الله العظيم يا رب
- خلاص اكتمت اهو
فعلتها على مضض حتى أنهت مساعدة والدتها فصعدت لشقتها، نظرت للساعة في هاتفها فكانت الواحدة ظهرا، فاغتاظت وأمسكت هاتفها واتصلت بمصطفى
كان بالمعرض يتناول قهوته حين طرق "عبد الرحمن" أحد العاملين معه باب مكتبه وقال: عربيتين العفش وصلوا من دمياط دلوقتي وراحوا على المخازن يا حاج، هتحتاج منهم حاجة هنا في المعرض؟
- هاخلص قهوتي وأروحلهم يا عبد الرحمن
استدار ليخرج لكنه التفت وفرك رأسه ثم تنحنح فسأله مصطفى: في حاجة تانية يا عبد الرحمن؟
أومأ رأسه وقال: زكي مراته عيانة وكان محتاج يعني ..
فهم وابتسم وسأله: طيب مجاش يكلمني ليه؟
- صراحة هو مطلبش حاجة هو اتكلم قدامنا وقال محتاجة عملية
- لا حول ولا قوة إلا بالله، طيب ابقى قوله الحاج عايزك
اتسعت ابتسامة عبد الرحمن بامتنان بينما دق هاتف مصطفى فاستأذنه وخرج كان اتصالا من عبير وما إن رد حتى انهالت عليه كلماتها بغضب: فين الطلبات اللي قولتلك تخلي حد يجيبها يا مصطفى الضهر أذن من يجي ساعة وزيادة هاطبخلكم إيه دلوقتي؟
ضرب جبينه بيده متذكرا قائمة الطلبات التي كتبتها زوجته ثم قال موضحا: اليوم كان مشحون كنت مستني عربيـ......
- يا أخي وأنا مالي، ابعت أي حد من عندك يجيب
- يا عبير العمال كلهم في المخازن، وبعدين أبعت ليه، اطلبي اللي أنتِ عايزاه بالتليفون بعد كده وبتوع التوصيل يبعتوه ع البيت
- هو ده اللي ربنا قدرك عليه، ماشي يا مصطفى
- خلاص يا عبير هاتصل أنا وابعتلك الحاجة، ساعة وتكون عندك
- ساعة؟!
أبعد الهاتف عن أذنه فسمع صوت تتابع الكلمات من فمها بين تأنيب وزعيق بينما أخرج الورقة من جيبه ثم أنهى معها المكالمة دون أي رد سوى: طيب مع السلامة
ثم طلب لها ما كتبته وأوصى بتوصيله للمنزل، ممنيا نفسه ألا يسمع تقريعا عندما تجمعهما طاولة الطعام عصرا، لكنها لم تستطع أن تفعل أو ربما كان لوقع جملة طارق على مسامعها استفزازا أكبر وهو يعلن عن رغبته في نزول الورشة والوقوف بالمعرض مع والده
شقهت بينما مصطفى قال: والله يا ريت يا طارق واهو تبقى عارف .........
- نعم!!!، يعني أنت موافق، أنت عايزه يخيب في الكلية مش كفاية دخل تجارة كمان عايزه زيك
قاطعته فلم تدع له فرصة ليكمل ورغم شعورها بثقل ما قالت وصدمة مصطفى من كلماتها إلا أنها استمرت وأردفت: هو ده اللي ربنا مقدرك عليه دايما، بدل ما تدور يبقوا أحسن؟
ساد الصمت لدقيقة قبل أن تقطعه سلمى لتخفف من وقع الكلمات وأثرها بقولها: خيبة إيه بس يا ماما، ده هيدرس ويشتغل يعني أحسن من ناس كتير في سنه وأكيد هيتعلم من بابا كتير وده هيفيده حتى لو ما اشتغلش في المعرض
- تعرفي تتنيلي، خليكِ في الثانوية العامة بتاعتك لما نشوف هتعملي إيه السنة دي
صمتت ولم ترد فعقب طارق متململا: ما احنا مهما نعمل طالما مش زي عيال خالنا نبقى فشلة
"طارق"
هتفت فيه عبير محتدة فدفع بملعقته وقام من مكانه لغرفته، شعر مصطفى وكأن دلو ماء بارد انسكب فوق رأسه فقام من مكانه دون أن يكمل طعامه، فهتفت فيه: عجباك عمايله؟ شايف التربية؟ بيرد عليا الكلمة بكلمة.
وقف بمكانه ثم نظر لها شزرا دون رد واتجه لغرفته، نظرت سلمى لوالدتها معاتبة ثم وقفت فسألتها غاضبة: على فين أنتِ كمان؟
- شبعت
ودون أن تأبه جلست تكمل غداءها بينما اتجهت سلمى لغرفة طارق، كان يجلس على سريره يولي باب غرفته ظهره، فجاورته وقالت: متزعلش
- احنا مابقيناش صغيرين عشان كل شوية تكسفنا قدام حد، وكل شوية تقطم فينا، والله أنا مش عارف بابا مستحمل كل ده ازاي
- هووووش
اضطربت من كلماته فأسرعت ناحية باب غرفته وواربته وعادت لتجاوره وقالت: إيه يا طارق الكلام ده، أنت اتجننت ولا إيه، بعدين ما دي طريقة ماما من زمان، واحنا أخدنا على كده واهو بابا بيطيب خاطرنا، فكبر مخك، اسمع من هنا وطلع من الناحية التانية
- ما ده مش حل يا سلمى، عشان ماما بتفهم من سكوتنا أنها صح، عايزة الحق لولا سكوت بابا ماكانش ده بقي حالنا، أنا لما أتجوز عمري ما هاسمح لمراتي تعاملني كده أبدا.
وكلماته فرضت على يد مصطفى التوقف قبل أن يطرق بابه ليدخل إذ قرر ألا يزيد من إحراجه لنفسه فتظاهر وكأنه لم يسمع.
******
صباح اليوم التالي بالنسبة لها كان حافلا كعادة كل يوم ثلاثاء، إذ بدأته صباحا بامتحان "الفرقة الأولى" بسكشن "4" ثم أنهته بالمرور على دكتور مجدي ومناقشته حول رسالة الماجستير خاصتها فلما جاءت الساعة الثالثة قررت المغادرة.
أمسكت بهاتفها وطلبت "سيارة" لتقلها لمنزلها بينما كانت تهبط الدرج حتى ساحة الكلية ومع انهماكها لم تشعر بمن ركض خلفها إلا حينما استوقفها نداؤه: دكتورة علا
التفتت فوجدت أمامها دكتور مؤمن زميلها فحيّته فقال: كويس إني لحقتك يا دكتورة
- خير يا دكتور
مد يده بأحد الكتب وقال: ده الكتاب اللي كنتِ بتدوري عليه النهاردة في المكتبة، لقيت عندي منه نسخة، أنا عارف إنك محتاجاه عشان الرسالة بتاعتك فقولت ألحقك وأديهولك.
ابتسمت وهي تمد يدها لتأخذ الكتاب وأسعدها كونها وجدت منه نسخة فهتفت بحماس: أنا متشكرة قوي
بادلها الابتسامة وقال: على إيه بس، أنتِ لو محتاجة أي حاجة عرفيني
وقبل أن ترد باغتهما رد فاجأهما حدته ما إن وجدت كريم يتوسطهما قائلا: علا شاطرة ومش محتاجة مساعدة حد
- إيه قلة الذوق دي؟ حضرتك مين؟
هتف مؤمن فيه محتدا، فبادله الحدة بغيظ بينما علا تدخلت وقالت: ده كريم ابن عمي
ولم تزد فهتف هو: وخطيبها
بدا واضحا ارتباك ثلاثتهم وضيقهم.. موقف فرض على مؤمن الحرج فقال بهدوء مصطنع وقد تلاشت ابتسامته: فرصة سعيدة
فبادرت علا قائلة: دكتور مؤمن أستاذي في الكلية
ثم وجهت حديثها لمؤمن: تعبت حضرتك معايا قوي، متشكرة لاهتمامك يا دكتور
- تعبك راحة يا دكتورة
استشعر مؤمن أن وجوده قد يسبب له المزيد من الحرج فاستأذن وانصرف، عندها عقدت علا يدها أمام صدرها ونظرت لكريم وسألته: أنت مقولتليش ليه إنك جاي؟
- كنت فاكر إنك هتتفاجئي، متوقعتش إن أنا اللي هتفاجئ بحضرته
ثم هتف محتدا: مين ده؟
- دكتور مؤمن
قالتها هادئة ومبتسمة فزادت استفزازه ثم تابعت بنفس الهدوء موضحة: كان بيديني نسخة من كتاب سألت عليه الصبح في مكتبة الكلية وملقتوش عشان الماجستير، أخدته وشكرته والموضوع انتهى، بس كده.
صدقها وهدوءها وبساطة توضيحها فرضوا عليه الصمت لم يجد ما يقوله وهو يسير بجوارها حتى وقفت هي وطالعته وعلقت: وبعدين اللي يشوفك منفعل ومتضايق من موقف بسيط حصل ميشوفكش وأنت بتنزل صورك على الانستجرام، وكل التعليقات لبنات عندك في الكلية، وكلها تعليقات بايخة بالمناسبة
- أنتِ بتقريها؟
سأل وابتسامة منزوية على شفتيه لاشتها هي قائلة: مش من حقي؟
كانت جادة وهي تكمل: المفروض كل واحد فينا يراعي تصرفاته وميتعمدش يضايق التاني، ولا أنا غلطانة؟
- دي أول مرة تقوليلي إنك بتتضايقي
- يعني هيفرق؟
- أكيد
ابتسم فارتبكت وتذكرت السيارة التي طلبتها فهتفت: يا خبر أنا نسيت
أسرعت خطواتها نحو الخارج فلحق بها وقال: علا أنا هاوصلك
- لا أنا هاروح مع كريم
- هو في كريم غيري؟
- قصدي الأبليكيشن
- هو كريم الإنسان كان قصر معاكِ في حاجة؟
ضحكت رغما عنها ولكنها سرعان ما عبست وقالت: مش هينفع عشان أنا مقولتش لعمرو وممكن يتضايق
زفر وقال: برضو عمرو، بجد مينفعش أجيلك وتسيبيني وتمشي دي مش أول مرة تعملي معايا كده؟
وصلت السيارة ووقفت بجوارهما فحدق بها وكأنه ينتظر قرارها فبدت حيرتها جلية لدرجة فرضت عليه أن يفتح هو باب السيارة ويركب بجوار السائق فلم تنطق وفتحت الباب الخلفي وجلست خلفه مباشرة.
سأل السائق عن وجهتهما فأملاه كريم العنوان ثم نظر ناحية النافذة، عينيه التقت بها عبر المرآة الجانبية بينما كانت تستند على مرفقها الأيمن وتهرب من عينيه بالتظاهر بالنظر للطريق فجأة التفت خلفه ونظر لها غاضبا ثم نظر أمامه بعدما عقد ذراعيه أمام صدره.
اضطربت من نظرته فانتبهت لإصبعها الخالي من دبلة خطبتهما، أدركت أنها قد نسيت ارتدائها إذ لم تذكرها مديحة فنكست رأسها آسفة وظلت تفكر في تبرير
بينما هو دار بعقله ألف سؤال، وشعر أن قرب مواجهتهما محسوم وأن سؤال واحد عليه سؤاله.
وصلت السيارة لوجهتها فوقفت ونزلا منها، استبقته علا بخطوة ناحية بوابة البيت بينما هو كان خلفها مباشرة وقبل أن تقول شيء قال: أنا هاستأذن عندي كورس بعد ساعة فلازم أمشي
- طيب على الأقل تشرب حاجة
- خليها الجمعة
التفت ليغادر فاستوقفته قائلة: كريم أنا ....
فقاطعها قبل أن تتظاهر بالصدق معلقا: ودي كمان مش أول مرة يا علا
أشار ليدها ففهمت مقصده فتابع: وأظن دي كمان مواقف بتضايق
- آسفة
قالتها بضيق وفراغ صبر فعلق: مش مستاهلة اعتذار أنا بس عايزك تعرفي أنك مش مضطرة تكوني مرغمة على حاجة
- أنت ليه بتكبر الموضوع كده؟
- يعني هو مش كبير؟
سأل محتدا فقررت الرد غاضبة: أيوة
قبل أن يباغتها سائلا: علا أنتِ عايزاني؟
صدمها سؤاله فظلت تطالعه مندهشة قبل أن ترد سؤاله بسؤال: أنت عايزني؟
"كريم"
لم يسع سؤال أي منهما إجابة ما إن شعر بوجود عمرو وقد صف سيارته واقترب ناحيتهما مصافحا كريم وسائلا: إيه اللي موقفكم على باب البيت كده؟
فبادر كريم بالرد: مفيش أنا أصلي كنت معدي بالصدفة من ناحية كلية علا ووصلتها
- طيب ما تدخل
- خليها مرة تانية يا عمرو، يدوب ألحق مواعيدي.
صافحه وغادر فاستغرب من طريقته ولما بدأ السير سأله: امال فين عربيتك؟
- عند الميكانيكي
تابعه وهو يخرج من الشارع ناحية الطريق الرئيسي ثم نظر لعلا وسأل وهو يفتح بوابة البيت بمفتاحه: أنتم متخانقين؟
استبقها ودخل فردت وهي تلحق به: لا أبدا
- عليا برضو يا علا
تنهدت فربت على كتفها وقال: لو مش مرتاحة، لو مزعلك، لو في أي مشكلة، أنا موجود يا لولو
ابتسمت لدعوته لها باسم تدليلها المحبب لها وطمأنته: صدقني مفيش حاجة
- يعني أحدد ميعاد الفرح بقلب جامد
انزوت على شفتيها ابتسامة بقدر ما أراحته بقدر ما أرهقته، أدرك من عينيها ما يحمله قلبها بينما لسانها قال: اللي تشوفه يا أبيه.
دفع مصطفى الباب برفق فوجد عمرو أمامه فابتسم وهو يلقي السلام بينما مديحة فتحت باب شقتها ووقفت عنده وقالت: حمد لله ع السلامة يا ولاد، راجعين في مواعيدكم النهاردة يعني على غير العادة
كلهم ابتساموا بينما عمرو اقترب منها مقبلا جبينها وهو يقول: الشغل بقى يا ست الكل
بينما مازحها مصطفى: هو أنا أقدر اتأخر على أم طارق
- ومين سمعك
ضحكوا جميعهم بينما علقت علا: امال لما تشوفي علاء هتقولي ايه؟
سمعها وهو يدلف من البوابة فسأل: ماله علاء بس مقطعين فروته ليه؟
- شكلك مزعل الحاجة يا أستاذ
علق عمرو فقال بآسف وهو يسخر من حاله: والله مفيش أغلب من علاء في البيت ده
- يا سلام يا أخويا
قالتها علا فتابعت مديحة: كويس إنك جيت بدري واطمنت عليكم كلكم
- هي كده مترتحش ولا تتغدا إلا لما تتمم علينا
لكزته في كتفه فتابع: حتى بعد ما جوزتينا مش قادرة على بعدنا يا ديحا، اعترفي
- أنت بورية منك أنت
ورغم ضحكاتهم لكن عمرو لم يستطع موارة ضيقه حتى إن مديحة شعرت به بينما استأذنهم مصطفى ليسبقهم لشقته وبعده علاء بينما ظل عمرو بمكانه لثواني قبل أن يحسم أمره ويدخل لشقة والدته بعدما دخلتها هي وعلا وأغلقت بابها وهي تعلق: عليّ اللي اتأخر قوي ومش عوايده يتأخر
تجاهل قلقها وقد جلس الأريكة المقابلة للتلفاز فجاورته وسائلته: في حاجة شغلاك
طالعها قلق ثم قال وكأنما يمني نفسه حسم أمرا يعذبه: علا وكريم
- مالهم؟
سألت قلقة فأجابها بما زاد قلقها: أنا قررت أعيد النظر في مسألة جوازهم ولو مش عايزين يكملوا، هانهي الخطوبة.



رانيا الطنوبي غير متواجد حالياً  
قديم 21-09-21, 10:34 PM   #5

رانيا الطنوبي

? العضوٌ??? » 492082
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 4
?  نُقآطِيْ » رانيا الطنوبي is on a distinguished road
افتراضي الفصل الثالث

على الهامش...
ليلة ليست كمثيلتها، تذكرتها فابتسمت وأمسكت بهاتفها وكتبت عبر واتس آب..
"بحبك"
تنهدت واستثقلت القيام من سريرها، واتسعت ابتسامتها وهي تتذكر كيف جمعهما القدر بفرصة اضطرته لزواجهما ثم تكللت بفوزه بقلبها ومحبتها.
تلاعبت بخصلة من شعرها ظلت تلفها حول سبابتها حتى سمعت صوت الرسائل بهاتفها فسحبت هاتفها من على الكومود المجاور لسريرها وأسعدها رده..
"وأنا بحبك أكتر منك"
دق الهاتف وكان صوته: وحشتيني
كانت أول كلمة قالها فضحكت وردت: أنت لسه ماشي من شوية لحقت أوحشك؟
- اه يا سارة لو تعرفي إنك دايما بتوحشيني حتى وأنتِ معايا؟
- سيدي يا سيدي
تنهد وبدوره اتسعت ابتسامته ثم سألها: منورة صحيت؟
- لسه، مستنياها تصحى عشان أوريها اللعب اللي اشتريتهالها
صمتت لثواني وسألت: هنشوفكتاني امتى؟
- ولو إني كنت بافكرأخليها مفاجأة لكن هاقولك، الأسبوع الجاي كله هكون عندك
شهقت فرحة وهتفت: بتهزر
- أبدا
- الأسبوع كله؟!
كادت عيناها تدمع وقد وصلته سعادتها فضحك ومنى وتمنت أسبوعا ينعمان فيه بحياة طبيعية يجمعهما فيه بيتهما.
*******

(3)
أذن الظهر فتثاءبت وفركت وجهها لتقوم من نومها لكنها أحست بشيء أقرب لللزوجة يغطي وجهها فقفزت بمكانها، ونظرت حولها فلم تجد لا أروى ولا جنى بجوارها فصرخت: أرواااااااااااااااجنااااا ااااااااااااااا
قفزت من السرير فدعست بشيء رطب على الأرض فأدركت أن مصيبة من مصائب صغيراتها بانتظارها، ركضت تبحث عنهما وهي تتمتم: ربنا يستر
وجدتهما بالمطبخ، باب الثلاجة مفتوح وعلى الأرض ثلاث بيضات كسروهن وافترش صفارهم سجادتها، فوقهم علبة زبادي وبقايا جبنة بيضاء، وبيد كل واحدة من بناتها ملعقة وقد دهنوا الحوائطوباب الثلاجة وملابسهن بينما جنى كانت تضع الملعقة بفمها.
وعندما لامست وجهها مرة أخرى أدركت أن بناتها أردن إطعامها معهن فسكبن على وجهها وهي نائمة بعضا من خلطتهما.
- إيه القرف ده؟
كانت ترى شعرة بالمعلقة التي ترفعها جنى لفمها وكادت تتقيأ لكنها اكتفت بضرب نفسها قلما كمن تريد التأكد أنها لا تحلم وهي تهتف: يع
تعالى ضحك الفتاتين ظنا منهما أنها تمازحهما بينما هي جلست بجوارهما عاجزة حتى عن استيعاب فوضتهما، عندها ملأت أروى الملعقة بالبيض والزبادي وقربتها من فم والدتها وهي تضحك وقالت بفخر: كلي احنا اللي عملنا الأكل ده
لكنها صدمت بزعيق والدتها فيها فتلاشت ضحكتها: بس كفاية
تزامن زعيقها مع دق جرس الباب فوقفت عاجزة عن التصرف لكن أروى ركضت وفتحته.
كانت ميار وقد صدمتها هيئة أروى فسألتها: فين ماما يا رورو
- جوه في المطبخ بتضرب نفسها على دماغها
قلقت فدخلت خلف أروى مسرعة وما إن رأت ريم بجوار جنى حتى انفجرت في الضحك وعلقت: ايه اللي أنتِ عاملاه في نفسك ده؟
- بتضحكي؟
رغما عنها وقفت أمام ميار تضرب كفا بكف وهي تضحك ولكن بعد أقل من دقيقة بكت، جلست أرضا وأسندت ظهرها للحائط ثم دفنت وجهها أمام ساقيها ونحبت
ودون أي مقدمات هتفت: أنا بس عايزاه يجي يشوف بنفسه عشان أول كلمة بيقولهالي أول ما يرجع أنتِ كنتِبتعمليإيه طول النهار يعني؟
- خلاص اهدي
جاورتها أرضا وقد أشفقت عليها فقالت مهونة عليها: طيب والله ولادك دول زي السكر.
ثم وقفت ومدت لها يدها لتستند عليها وتقف وأردفت: قومي لما نشوف هنعملإيه في المسخرة دي، ده ولا ماسك البروتين بتاع الشعر
ضحكت ريم ضحكة امتزجت بدموعها وهي تتطلع حولها ولا تعرف من أين تبدأ، كان اقتراح ميار أن يبدآ بتنظيف ابنتيها، حممتهما ريم بينما حملتهما ميار منها لتبدل لهما ثيابهما
لحظات تحيي بداخلها حنينها التواق لأمومة تنشد قربها وتمتن لريم كونها الوحيدة ببيت السويفي التي تمنحها المؤازرة وحبا خالصالبناتها؛ إذ أن أغلب صديقاتها حتى المقربات منهن يخشون قربها من أولادهن
امتنان متبادل لكون ميار الوحيدة التي تعرض المساعدة أو تتواجد بجوارها ولو بربتة على كتفيها تشعرها بأن هناك شخص على الأقل يشعر بمعاناتها شخص ليس من دمها، أخت اختارت أن يجمعها بها أخوة حقيقية غير تلك الجوفاء التي تحملها لها شيرين منذ جمعهما اسم أب واحد في البطاقة الشخصية.
********
قبل ساعة
بمكتبه المغلق وجد فرصته السانحة للانفراد بهاتفه، هنا سيتفادى تقريع ريم له واتهامه المتواصل بإهمالها، على انفراد مع صور شتى لنساء بمعنى الكلمة..
لا مقارنة، لا وجه للمقارنة بينهن وبينها
تنهد آسفا على حاله للحظة قبل أن يشعر بالأسي عليها، يتذكر كيف كانا وكيف أصبحا، ما إن حاله القدر لأب فتناست هي أنه لايزال زوجا
زوج يأن لغيابها وكأنه يبدو لها غير مرئي، يشتاق عطرها وكلامها، يفتقد دلالها وتدليلها.
زفر وأغلق هاتفه بعدما حذف الصور كلها وبداخله أقسم ألا يعيد تنزيلها
حاول الانهماك بعمله - كمحاسب بإحدى الشركات الاستثمارية عله ينسيه ضيقه لكن ما إن طرقت "سهيلة" سكرتيرة مكتب مديره بابه ووقفت أمامه حتى انتابه الضيق من نفسه لأن ابتسامة واسعة ملأت وجهه، لكنه حاول ألا يبدي اهتمامه فتظاهر بانهماكه في بعض أوراق بينما هي قالت: أرجع لحضرتك بعد ساعةتكون خلصت الحسابات كلها
- أوكى يا سهيلة، هاخلصهم وأرن عليكِ
- أوكى
ومع خروجها زفر وأمسك هاتفه مقررا الاتصال بريم، عدة مرات دون رد فأدرك أنها لاتزال نائمة.
*******
ومثله ما كان يوما يليق به الشرود
لطالما كانت ضحكته هي خير شاهد على سعادته، استكثروها على رجل يحب زوجته أم أن ما بين الزواج وسعادة تضاد بلا معنى.
كان ممسكا بقلمه الجاف الأبيض المغلف باسم شركته، يطالع الفراغ وهو يضغط على نهايته فتارة يتقدم سنه ثم يعاود الضغط فيتراجع السن منسحبا ومتواريا داخل القلم وكأنه نسخة من صاحبه..
كل نهار، كل ليل يدفع ضميره ليتكلم بما يخفي فيضغطه حبه لميار ساحبا الكلام عن لسانه ومنسحبا من أمامها
أما له أن يعترف أنه ما عاد قادرا على تحمل سره وحده؟
"اللي واخد عقلك"
لكز ماجد كتفه فانتبه أن سؤالا قد فاته فمسح وجهه وسأل زميله: كنت بتقول حاجة يا ماجد؟
- ده أنت مش معايا خالص يا عليّ
فرك جبينه بأنامل يمناه ولم يعلق فتابع ماجد: على العموم أنا كنت باسأل على شغل الـ g.r.c اللي في واجهات الفلل الرئيسية خلص ولا لسه؟
- اه خلص
أجابه وتظاهر بالانهماك في بعض الأوراق بينما طرق باب مكتبه الساعي مناديا إحدى زميلاته التي كانت تجلس منذ ساعة بالمكتب المقابل لمكتبه لمقابلة المدير، وقفت مي بمكانها تجمع بعض الأوراق ثم خرجت ومع خروجها علق ماجد والذي عاد ليجلس على مكتبه المجاور لمكتب علىّ: شوفت المهندسة الجديدة أنا سمعت إنها قريبة باشمهندسشاكر، يعني واسطتها المدير ذات نفسه، لا بس ....
ولأن عليّ دون قصد منه عاد لشروده لم يكمل جملته وقال متأففا: يووه ده أنت مش هنا
- معلش يا ماجد أنا مش فايق النهاردة خالص
- برضو موضوع الولاد؟
ولأنه يعرف زميله الفضولي زاد ضيقه بينما ترك ماجد مكتبه وجلس بالمقعد المقابل لمكتب عليّ مستغلا أنهما وحدهما بغرفة المكتب وقال: صدقني والدتك معها حق
- أنت عارف إني مابحبشأتكلم في الموضوع ده يا ماجد
ــ يا ابني العمر بيجري وميار لازم تفهم كده وأنت مش أول واحد يتجوز على مراته
انزعج من مجرد طرح الفكرة وهتف : أتجوز إيه يا ابني أنت اتجننت
ــ وليه لا يا عليّ
ــ ماجد الله يكرمك اقفل على الموضوع ده ولو سمحت متتكلمشمعايا فيه مرة تانية
حسم لم يعتده من عليّ فرض عليه ابتلاع بقية نصائحه بينما عليّ تابع: أنا محتاج أفصل من كل حاجة، الكلام والضغوط، أنا هاخد الأسبوع الجايأجازة
- أجازة؟!
- هاسافرأنا وميار اسكندرية يومين عند مامتها، منه تشوفها ونغير جو.
فاضت ملامحه بالإرهاق وكأنه لم ينم من أيام، أشفق عليه ماجد فقال: طب حاول تكلمباشمهندس شاكر النهاردة، على الله يوافق واهو قبل ضغط بداية شغلنا في الموقع الجديد.
- يا ريت يوافق، يا رب يوافق.
*******
تراقبه من آن لآخر دون أن تسأله، حاله تبدل وكأن مطارق الكلمات تطحنه.
كلمات مديحة، تقريع عبير ولمز البقية، لتدرك أنهما مهما امتلكا من محبة قوية فلا ضمانة لصمودها في بيئة سامة
فكلهم يرجوه حسما إما بإرواء فضولهم وسكب خصوصيات حياته بينهم أو اختصار المشقة والزواج بأخرى، وما كانت لتبالي لولا صمته.
الحزن الدفين بعينيه يقتلها، يشعرهابعجزها وبأن حياتها برمتها على حافة هاوية..
كانت حائرة لدرجة أن عينيها تلألأت بالدموع، اليوم سمعت عبير تتحدث لوالدتها عن عروس ونهرتها مديحة لأنها لا تكف عن التدخل في حياة إخوتها، وحذرتها من عليّ وردة فعله لكن من يضمن أن الإلحاح لن يستميل زوجها يوما..
ملأت رائحة بسكويت الزبدة الشقة فأعدت كوبين من الشاي بالحليب بجوارهما وارتدت فستانا ورديا قصيرا لركبتها وتركت شعرها حرا على أكتافها ثم حملت الصينية وما إن أطلت وتأملها حتى زاد بريقها في عينيه غمه وبعينيها هي بريق عجزه
جلست بجواره تشاهد التلفاز، حوط كتفيها بذراعه ووضع رأسها على كتفه ومال برأسه على رأسها وهمس: إيه الروائح اللي تجنن دي يا ميورتي
- قولت اعملك البسكوت اللي بتحبه
- أنا باتكلم على البرفان اللي باحبه
قالها وغمز فابتسمت وقد شدد قبضة ذراعه على كتفها وتظاهر بمتابعة التلفاز.
بادرت ووضعت قطعة بسكوت بفمه، تناولها سعيدا وهو يقول: امــــــم يا سيدي على الدلع، تسلم إيدك يا قلبي
تجاهلت الحزن الذي سار ضيفا ثقيلا بينهما وسألته: سلمتواآخر وحدة صحيح؟
- اه يا حبي
ناولته فنجانه ورشفت من فنجانها بينما تابع هو: وباشمهندس شاكر طلب مني أسافر في شغل تبع الشركة في العاصمة الإدارية الأسبوع جاي
- على طول كده؟
- هاعملإيه، ظروف الشغل
- ولا يهمك يا حبيبي
أكملت تناول شايها بينما هو تأملها، لم تكن أفضل حالا منه رغم أنها لم تتخل يوما عن زينتها لكن الحزن كسى عينيها فقفز السؤال المُر لعقله وسأله: ميار، أنتِ سعيدة معايا؟
سهمت وصمتت فتابع: موضوع الخلفة مش كده؟
انتظرت مراوغته لكنه سكت فباغتته: أنت ليه مش عايزنا نحاول تاني يا عليّ؟
- عشان مفيش أي داعي يا ميار مادامت كل تحاليلنا كويسة، كل الدكاترة قالوا مسألة وقت، الصبر طيب.
إجابة حفظتها وعلمتها اليأس عوضا عن الصبر فبكت رغما عنها فمسح دموعها وقال راجيا: طب عشان خاطري بلاش عياط يا ميورة
اعتدلت ومسحت بقايا دموعها وردت: خلاص يا علىّ لو كده، يبقي بلاش تظلم نفسك معايا
وقف فجأة محتدا وهتف: عايزة تسيبيني يا ميار؟
- أنا مش عايزة أظلمك يا عليّ، لو قدر ربنا .......
- كفاية ومن اللحظة دي مش عايزأسمع كلمة في الموضوع ده، ممكن؟
شعر أن الأجواء بينهما توترت فجلس وجلست بجواره فأمسك بيديها ورفعها لشفتيه وقبلها وقال مبتسما: أنا حياتي لو لها معنى فده عشان أنتِ فيها يا ميورتي، عايزة تحرميني من وجودك جنبي، يا ميار أنتِ مش بس بتعملي الحلو، ده أنتِ الحلو نفسه.
ابتسمت رغم غصة احتلت حلقها وقلق داهمها، لم تعد تشعر بصدق كلماته ولكنها لن تستطيع مواجهته أما هو فلعن ضعفه فلولاه ما اختار الكذب ضمانة بقائها.
****
حتى الثالثة لم تكن هناك خيارات واضحة للغداء، تفحصت ثلاجتها فوجدت بالمبرد "سجق" ثم طلبت من السوبر ماركت المجاور لبيتها "معكرونة" و"صلصة"
وأعدت الطبقين ولما انتهت تذكرت أنها لم تتناول فطورها فلم تستطع انتظار علاء وأكلت..
عند الخامسة سمعت مفتاحه يدور بالباب ثم أتاها صوته: ريمو أنا جيت، ريمووو
انتظر فلم يجد لندائه صدى، فنادى أروى فجرت ناحيته فحملها وقبلها بفتور واتجه لغرفة نومه فوجدها فارغة فوضع حقيبته أعلى خزانته كما علمته الأيام حتى لا تطالها فتياته فتبعثر محتوياتها ثم شرع في تبديل ملابسه..
وأخيرا سمع صوت ريم تخرج من الحمام وتلف جنى بمنشفة وتركض ناحية السرير لتضعها وهي تقول لعلاء: ناولني كريم الحفاضات من فوق الدولاب بسرعة..
- هو كمان مكانه بقى فوق الدولاب
- بناتك
مد يده بما احتاجت وانتظر منها سلاما أو استدارة لتراه عوضا عن كونها تتحدث إليه وهي توليه ظهرها لكنها لم تفعل فزفر وترك لها ملابسه فوق السرير وقال محتدا: علقيهم بعد ما تخلصي.
فاغتاظت لكونه ألقى فوق كاهلها مهامه بدلا من معاونتها، ثم خرج وهتف من منتصف الصالة: في غدا ولا زي العادة
اجتمع عليها إرهاقها وإحباطها لكنها تماسكت وقالت: في المطبخ
اخترقت أذنيه جملتها فبدت أقرب لسبة منها لإشارة بإعداد طعام فزعق: هو إيه اللي في المطبخ مش فاهم، ما تقومي تحضريلي الأكل زي البني آدمينالطبيعيين يا ست ريم ولا حتى ده كمان مبقاشهاينعليكِ
- أنت بتزعق ليه دلوقتي؟
خرجت للصالة بعدما علقت ملابسه واتجهت للمطبخ فسار خلفها ورد: أنا أزعق زي ما أنا عايز، ما هو مش كل يوم أرجع ألاقي الوضع كده، أنا جبت آخري
- عايزني أعملك إيه يعني؟
- اعملي الأكل من بدري، خلصي اللي وراكي قبل ما أرجع، أنت بتعمليإيه طول النهار مش فاهم؟
- ولا عمرك هتفهم ولا هتحس، عشان كل اللي يهمك نفسك وبس
- كل ده عشان سألت على الغدا، خلاص يا ستي مش عايز اكل، دي بقت عيشة تقرف
تركها بالمطبخ ودلف لغرفة النوم فتح خزانته وأخرج ملابسه وشرع في تبديلها وهو يلعن الزواج وحياته ويوم أنجبته والدته، بينما هي بكت.
سمع صوتها فوقف أمام باب شقته وانتظر أن تأتيه ترجوه ألا يرحل غاضبا بينما هي أسندت جانبها الأيسر للحائط وقد علا صوت بكائها فتوقعت مجيئه معتذرا..
لكن بعد لحظات تسربت فرص المبادرة، صفع هو الباب ووقفت دموعها.

صوتها وصل لشيرين عبر نافذة المطبخ فشعرت وكأن قبس من نار الماضي يعيد نفسه، وكأن لزاما على عائلة السويفي ألا تتعلم من أخطائها
كانت منهمكة في غسل الأطباق، لا فارق بين جريان الماء بين يديها أو بعينيها..
فصوت زعيق عمرو بسنوات فائتة يتقاطع وصوت علاء وكأن صوت القسوة دوما يحمل نفس النبرة، يُحيي بجسدها رعشة استجدت ما إن سمعت سعال عمرو وأدركت أنه استيقظ، وقبل أي شيء ناداها وطلب فنجان قهوته..
وظل بسريره ممددا لدقيقة يحاول الاستفاقة قبل أنيسحب نظارته الدائرية الكبيرة ذات الإطار الذهبي الرفيع ثم ارتداها وأمسك بهاتفه..
فوجد مكالمة فائتة كان ينتظرها فانزوت ابتسامة على شفتيه قبل أن تقاطعه طرقات خفيفة على باب الغرفة ليجد يمنى قد جلبت له قهوته فسألها: أمال فين ماما يا يمنى؟
ولم تكن بحاجة لإجابته فصوت صنبور المياه ورص الأطباق قد تولى إخباره فسخر وأجاب سؤاله بنفسه: طبعا في المطبخ.
ضحك هازئا وهو يفكر؛ لا يظن أنه رآها يوما خارجه، وربما لولا احتياجهاللنوم كبقية البشر ما تركته أو لو كان أكبر بقليل لطلبت منه وضع سرير لتعتكف عند الموقد.
ابتسمت له ابنته ووضعت قهوته بالكومود المجاور لسريره وجلست على الطرف السرير أمامه وقالت: بصراحة أنا اللي قولت لماما إني هاجيبلك القهوة واهو أقعد معاك شوية، ما حضرتك الظاهر نسيتنا يا دكتور في زحمة العيادة وعمليات المستشفى.
تنهد وقد ابتهج لجلوسها معه فانفرجت ابتسامته ثم وجدها تسأله مهتمة: عندك عمليات النهارده؟
ابتسم لرؤية الحماس في عينيها وأكد: أيوه
صوته وهو يتحدث ليمنى استحث بقية أبنائه فتوافدوا واجتمعوا حول سريره، عندها قال يحيى: بصراحة أنا مش عارف يا بابا ازاي تقدر تفتح مخ واحد وتشتغل فيه كده؟
تناول عمرو قهوته وقال: ما أنت روحت هندسة عايزإيه من طب يا سي يحيى؟
علقت يمنى عندها: طيب أنا نفسي قوي يا بابا أشوفك وأنت بتعمل عملية
- أنتِ اللي فاهماني يا يمنى، أنا أصلا حاطط الأمل فيكِ.
عقد يحيى ذراعه امام صدره وقال ممازحا: يا سلام يا بابا يعني أنا خلاص راحت عليا؟
جاور يوسف والده وقال: ما تسيبوا بابا يشرب قهوته عشان يعرف يفوق بدل ما العيان يروح فيها بسببكم
تعالت ضحكاتهم بينما حوطت يارا كتفي والدها وردت على يوسف: اطلع أنت بس منها، ده دكتور عمرو السويفي يا أستاذ يعني مش أي حد.
ثم قالت لوالدها وهي تقبل خده: عارف يا بابا أنا دايما أكلم صحابي في المدرسة على حضرتك، وكتير عارفينك وكشفوا عندك ودايما يقولوا إن حضرتك أحسن دكتور راحوله

كانت تسمعكلامهم وصوت ضحكاتهم والحسرة تمزق قلبها لاعتزاز أولادها بصورة الأب العظيم التي حافظت ألا تنالها أي شبهة ولكنها وبين حسرتها جال بخاطرها الغضب بوجهه
"ازاي قدرت تعمل كده فينا يا عمرو"
"ازاي هان عليك تهين نفسك بالشكل ده"
أفلتت من يدها طبقا كانت تجليه فانكسر وصوت كسره دفع أولادها وزوجها للهرولة للمطبخ..
بدت باكية من حمرة عينيها والدماء تسيل من كفها وكأنها تشارك عينيها الحزن بطريقتها ورغم الوجع لم تصدر منها ولو آهة تعلن عن آلامها
- مش تخلي بالك يا ماما
وقبل أن ترد زعق عمرو فجأة: يا ستي سيبي اللي في إيدك ده شوية وارحمي نفسك.
أغلق صنبور المياه وسحبها من ذراعها وأخرجها من المطبخ إلى غرفة نومها، أجلسها على السرير ثم أشار ليمنى: هاتي شنطة الإسعافات من الحمام
أغرقت دماؤها يده، فطالع وجهها وقال غاضبا: أنا مش فاهم هو شغل البيت هيطير
خشى يحيى غضبه فتدخل ليهدئ بينهما: ما أنت عارف ماما يا بابا، بالراحة عليها
جلبت يمنى ما طلب فأخرج زجاجة المطهر وعقم الجرح وضمده ثم قال بجدية بعدها: من فضلك ارتاحي بقى، مفيش حد عايش حياته كده.
تركها وبدل ملابسه وخرج وهو يعرف وهي من قبله أن لولا وجود أولادهما لهشم كل أطباق منزله علها ترتاح وتريحه.
******

"عايزاني؟"
"أنت عايزني"
ألا يستحق سؤالها إجابة؟
سأل نفسه وهو لا يرى إجابة لسؤاله أو للدقة يخشى إيجادها.
يمسك بين سبابته وإبهامه دبلته يتأمل اسم علا المحفور بقلبها ويهزأ من وقاحته وهو يسألها عن دبلتها بينما هو لا يرتديها إذ يستبدلها بأخرى يتوسطها اسم داليا!
كيف فعلها؟
لو سُئل عن البداية فلن يتذكرها، فكل مبرراته كان مكمنها أمرين اعتاد أن يسكن بهما ضميره، في كل خطوة كان يخطوها باتجاه داليا كان يقر أن أمر تقربه منها لن يصل لحد خيانته لعلا، وكل خطوة كان يبعدها عن علا يؤكد لنفسه أنهما لن يكملا زيجة فرضت عليهما ولم يختاراها بإرادتهما والنتيجة؟!
خطب داليا ولم يتركها
خان علا ولن يتركها
أحقا كانت تستحق أحلامه كل ما فعله بقلبه وبقلوبهن؟
لا يرى نفسه بوضيع لكنه لم يغلق أي البابين ولا كليهما..
عين بالجنة وعين بالنار..
ولا نعيم لضمير يحرقه، ما ذنب علا؟ وما ذنب داليا؟
عايزاني؟
ترقرقت بعينيه دمعة، وعصف برأسه صداع، أفكاره تتلاحق، عليه الحسم..
علا؟!
داليا؟!
دق هاتفه فاعتدل في جلسته، كان بمكتبه بالكلية بعدما أنهى محاضرته في الحادية عشر، ودون اهتمام أخرج هاتفه من جيبه فإذ باسم "علا" يتوسطشاشته، فرد من فوره وقال مندهشا: علا؟!
تنحنحت وارتبكت وقالت دون ترتيب: عطلتك؟ أتصل وقت تاني؟
- أبدا، ليه؟
بدوا وكأنهما يتخبطان، لم تجد علا ما تقوله، فخشى كريم أن تنهي المكالمة فباغتها قائلا: إيه المفاجأة الحلوة دي، صباح الخير
- صباح النور ......... أنا ........، بصراحة ...... حبيت أعتذرلك عن أول امبارح
صمت صاحبته تنهيدة ثم تابعت: أنا عارفة إنه كان موقفبايخ، أنا ........
صمتت فلم ينتظر استكمالها وقال: لسه فاكرة من أول امبارح يا علا؟
بُهتت وظلت على صمتها فتدارك جملته وقال: على العموم يا ستي حصل خير، هو أنا صحيح زعلان جدا بس ده ميمنعش إني ممكن أتصالح.
- ما أنا اعتذرت
- بس كده؟!
تنحنحت فضحك ثم سألها: أنتِ فين دلوقتي؟
- في الكلية باقيليسكشن، وأنت؟
- في الكلية وباقيليسكشنبرضو
وبشيء من حسم لم يعتده سألها: طيب إيه رأيك، لو أعدي عليكِ ونخرج سواالنهاردة، ولو على عمرو أنا هاكلمهأقوله؟
طال سكوتها فتضايق من تسرعه كونه أيقن رفضها فاستدرك: لو مش حابة بلاش
- بالعكس
قالتها عفوية ثم استدركت: يعني الساعة تلاتة مثلا؟
- ماشي
- تمام، هاستناك
ولم يدرسببا لابتسامته التي ظلت تكسو وجهه حتى بعد نهاية المكالمة لكنها تلاشت مع تزامن دخول من طرقت باب مكتبه وأطلت برأسها قائلة: مستعد للمفاجأة اللي محضرهالك
وقف ما إن رأى داليا وارتبك، دخلت وجلست قبالته وتابعت: مش هتصدق، أونكل عادل شريك بابي رجع من دبي من يومين، وبابي كلمه على المشروع بتاعك واتحمس جدا للتنفيذ وبابي قالي كلمي كريم وقوليلهإننا مستنيينهالنهاردة، إيه رأيك؟
اصفر وجهه وكأن الخيارات تثأر منه فتبادله تلاعبه تلاعب اختار؟
- النهاردة؟
- أيوة
يعتذر لعلا؟!
يعتذر لداليا؟!
زفر وقال: مينفعش نأجل المقابلة ليوم تاني؟
غابت ابتسامتها وعقدت ذراعيها حول صدرها وطالعته سائلة: ليه؟
ولا سبيل إلا المراوغة، فكر ثم قال: هاخد ماما عند الدكتور، تعبانة شوية
- هو حصل حاجة؟ أنت اتكلمت في موضوع علا؟
- تقريبا
لانت ملامحها وبدت متفهمة بينما هو تابع: الفترة دي صعبة قوي عليا يا داليا، أنا واثق إنك هتفهميني
- طبعا يا حبيبي
قالتها وهي تربت على كفه بيديها فبادلها ابتسامتها بابتسامة ممتنة عندها رحلت مطمئنة إذ اتفقا على موعد بديل لمناقشة مشروعه مع والدها واتفاق آخر أتاها ضمنيا بظنها حسمه لفسخ خطبته.
*********
كثور في ساقية يشقى ولا سبيل لكلمة شكر واحدة، كان يمشي ذهابا وإيابا في مكتبه وهو يضع يده في جيبه وبالأخرى ممسكا هاتفه..
أعاد تنزيل الصور ولا كفارة لقسم لا نصيب له في بر صاحبه، يقلب بينها ويشاهد معها مواقع وصفحات تعرف عليها مؤخرا، يطالع محادثة بدأها مع إحداهن والحيرة تتلقفه يكمل أم يتوقف؟
اختار التوقف؛ أغلق اتصال هاتفه بالانترنت، فقابلته صورة الخلفية لشاشة هاتفه "ريم وبناته" فزفر وعاد جالسا على مكتبه..
"وآخرتها؟"
سؤال يطرحه على نفسه كل يوم ولا سبيل لإجابة شافية، دائرة مفرغة تساءل معها لمن يشتكي؟
فكر بزوجة عمه علها تنصحها لكنه تراجع خشية أن تقلب عليه الطاولة انتصارا لابنتها..
ثم فكر بعمرو أو شيرين لكنه بالنهاية أقر ألا أحد قادر على مساعدته، فعاد لهاتفه وأعاد الاتصال بالانترنت، فوجد عدة رسائل من إحدى المحادثات ففتحها بكثير من الفضول وابتسم
- نتعرف؟
زادت ابتسامته وأمسك هاتفه وكتب:
- نتعرف قوي!!
********
ترجل إلى المعرض "المصطفى" للأثاث، وقف يتطلع للمكان ولأمنيته بالعمل مع والده أثناء دراسته متذكرا كلام أمه الذي دوما ما يعكر صفوهم..
توقع وجود والده بمكتبه لكن لم يجد من العمال إلا
"عبد الرحمن" ذراع والده اليمين كما اعتاد نعته حتى أنه له غرفة صغيرة ملحقة بغرفة مصطفى بها مكتب صغير معد له، وقف طارق قبالته، حيّاه ثم سأله: أمال بابا فين يا عبد الرحمن؟
- أنت مش جاي بداله النهاردة؟
- بداله، هو بابا مش في المعرض؟
- لا والله ده حتى مجاش خالص من الصبح
- غريبة؟!
استغراب فرض نفسه على كليهما لكن عبد الرحمن اقترح: كلمه على تليفونه طيب
أخرج طارق هاتفه واتجه ليخرج من المعرض لكنه تراجع قبل مهاتفته وعلق: زمانه في البيت بس أنا اللي لسه مروحتش
- طيب اتفضل نشرب شاي سوا
- مرة تانية يا عبد الرحمن
غادر عائدا لمنزله وعند مقدمة الشارع لبيته لمح يحيى فأطلق صافرة ميز صوتها يحيى فالتفت وأشار له وانتظره، عبر الطريق فتجاورا وسارا سويا وعندها بادره يحيى: فينك يا ابني، أنت نزلت مع باباك المعرض ولا ايه؟
- لا
- ليه لا
- عمتك قفلتها، ووقفت لبابا وأنت عارف كلامها
- طيب وعمي مصطفى
- ما أنت عارف اللي فيها يا يحيى، آخره هيطيب خاطرنا بكلمتين ويعمل اللي يرضي ماما وخلاص، مفيش فايدة.
زفر وقد بدا الضيق على ملامحه فعلق يحيى عندها: ودي حاجة تضايقك؟ يا أخي احمد ربنا إنه بيطيب خاطرك، إنه واخد باله إن له ابن، خالك ميعرفش حتى احنا في سنة كام إلا بالصدفة.
وهو من زفر فأمعن طارق النظر لوجهه وحزن، لطالما شعر ككُثر أن الكل يحسد عائلة خاله على حياتهم لكنه كلما اقترب لفحه صقيع يستشعر أنه يلفهم، أسعفته كلماته وقال مواسيا:
معلش يا يحيى هو وراه مسئوليات كتير قوي، الشغل والمستشفى والعيلة، إنما عارف أنا دايما حاسس إن خالو عمرو من جواه طيب قوي عكس ما احنا متخيلين
ابتسم يحيى هازئا وأجابه: أتمنى، ....... الحقيقة أنا معرفوش عشان أفيدك
وصلا للبيت لمح يحيى سيارة كريم فعلق: إيه ده، هو من امتى خالو كريم بيجي يوم غير الجمعة؟
- شكل الفرح اتحدد
- بكرة، سمعته بيكلمتيتةوبيقول الجمعة
صعدا سويا، فوجدا كريم يقف أمام شقة جدتهما مودعا بينما علا عند الباب
- أشوفك بكرة يا علا
وقبل أن ترد باغتها نحنحة يحيى وطارق بأعلى صوتهما ويحيى يقول: الظاهر جينا في وقت مش مناسب
- طيب نرجع نجيب حاجة ونرجع كمان تلت ساعات كده.
تعرفهما علا فلا تملك إلا الضحك فكل مرة يجتمعان فيها لابد لهما من التفكه على كريم فيثيران غيظه بمرح يستوقفها
فبرغم ما يجمع شيرين بأخواتها إلا أنهما دوما يبدوان بعلاقة وتيدة مع أبنائها خاصة كريم ويحيى
- أهلا يا خفيف منك له
قالها كريم وهو يضحك ثم نظر ليحيى وأكمل: يعني أنا أقول النهاردة باباك رحمني تطلعي أنت
- دكتور عمرو السويفي فكرة والفكرة لا تموت
قالها طارق وتابعه يحيى: بس ممكن تستحدث من عدم زينا كده، اللي هو تبقى واقف مع لولو العسل دي وتلاقينا طبينا عليك زي القضا المستعجل
- أنا اللي جيبته لنفسي أنا عارف
ثم أشار لهما بيده: يلا بيتك بيتك يا أستاذ منك له
- أنا باقول نقصر الشر عشان خالك ممكن يحدفنا من هنا دلوقتي.
- كده مكنش العشم يا خال
أسرعا خلف بعضهما يركضان بينما كريم يتوعدهما: ماشي بكرة
وعندما نظر لعلا وجدها تضحك ضحكة بريئة لدرجة فرضت عليه تأمل عينيها خلف نظاراتها البيضاوية ذات الإطار الأسود السميك، وظل على حاله حتى قالت: هو في حاجة؟
فانتبه لشروده وقال مودعا وهو يغادر مسرعا: تصبحي على خير يا علا
- وأنت من أهله.
*********
فتح طارق باب شقته بمفتاحه ودخل فوجد والدته تفترش الأريكة المقابلة للتلفاز وبجوارها أطباق اللب السوري والسوداني..
جلس بجوار منة وقال وهو يضع في يده حفنة من اللب ويقول: هما ماعندهمش إلا المسرحية دي كل خميس؟
- أيوة مفيش غيرها وحتي لو في ماما ومنة مش هيسيبونا نشوف غيرها
أكدت سلمى فصمت ثم سأل والدته بعدها: هو بابا نايم ولا إيه؟
- أبوك لسه في المعرض كلمته من شوية أفكرهيجيبلنامعاه هريسة على الله بس مينساش زي عوايده
- في المعرض؟!
صمت وهز كتفيه مستغربا وتابع معهم "سك على بناتك" حتى سمع صوت مفتاح والده فوقفت منة وهتفت: بابا رجع
ثم جرت ناحيته سائلة: جبت الهريسة؟
- أحلى هريسة وبسبوسة لعيون الست منة
حملتهم من يده وأعطهما لعبير فقامت من مكانها واتجهت للمطبخ لتقطيعهم بينما اتجه مصطفى لغرفة نومه ليبدل ملابسه فتقدمت نحوه سلمى مرحبة: حمد لله علي السلامة يا بابا
- الله يسلمك يا سمسمة
- تحب أعملك حاجة؟
ابتسم مصطفى أكثر وهو يضع ملابسه في دولابه وقال: تسلميلي يا سمسمة
ثم تنهد وأكمل وهو يبتسم في وجه ابنته: والله وكبرتي يا سلمى
احتوى كتيفيها بذراعه بينما وقف طارق عند مدخل باب غرفته وقاطعهم سائلا: وأنا مكبرتشأنا كمان؟
- كبرت ونص يا سي طارق
ولف كتفيه بذراعه والآخر فسأله طارق وهم يخرجون من غرفته: هو حضرتك كنت فين؟
- هاكون فين يعني يا طارق، في المعرض
- أصلي عديت عليك وعبد الرحمن قالي إنك مروحتشالنهاردة
بهت وجه مصطفى وتدارك كلامه قائلا: أنا لما باكون في المخازن باقولكم إني في المعرض
ثم نظر لسلمى وسألها ممازحا: قوليلي بقى ماما جابت موز مع السوداني.
ضحكت بينما منة باغتت طارق بإزاحة ذراع والدها عن كتفيه لتضعه على كتفيها هي ثم اتجهوا لغرفة المعيشة لمشاركة عبير السهرة.
****
يتابع صمتها وتغلبه حسرة، ومهما تظاهرت بأن كل شيء على ما يرام سيبقى لأثر الكذب دلالة..
للقلب المجروح صاحبه بحة صوت لا تخطئها أذن وكأن كلماته تقطر مرارة ..
سمع صوت الغلاية الكهربية فوقف عند مدخل المطبخ وسألها: لسه صاحية؟
التفتت فوجدت يوسف أمامها فسألته مستغربة: أنت إيه اللي مصحيك لدلوقتي؟
- يحيى عنده امتحان السبت فحكم عليا أطلع من الأوضة عشان يسهر يذاكر، قولت أقعد على الموبايل شوية، ويارا بتتفرج على التلفزيون.
أومأت رأسها متفهمة فرجاها: ما تيجي تقعدي معانا
- تعبانة يا يوسف هادخل أنام
نظر للمج الزجاجي الذي توسط رخامة مطبخها وسأل: والشاي ده هتشربيه في الحلم؟
قالها راجيا المزاح فلم ير منها بسمة، فتبادلا النظرات، لمس بعينيها دموعا تناوشها وتستجديها الهطول لكنها تستكبر، ليس غرورا بل رحمة..
- ماما
- أيوة يا يوسف
لم يرد، اقترب من الغلاية وأمسكها وسكب لوالدته الماء المغلي بالكوب ثم سألها: أحطلك نعناع؟
ابتسمت أخيرا فتناول برطمان النعناع ووضع عدة وريقات جافة وجهز شايها وقال: ادخلي ارتاحي وأنا هاجيبلك المج لحد عندك.
خطواتها التي سبقتها استمدت ثقلها من شعور دفين بأن سر زوجها لم يعد حكرا عليها، يشاركها أولادها مشاعرها بالقهر وإن غادرتهم التفاصيل..
تمددت على سريرها ثم وضع يوسف المج على الكومود المجاور لسريرها وسألها: مش عايزة حاجة تانية يا ست الكل؟
- اطفي النور واقفل الباب يا يوسف
ولما كرر مطالعة عينيها هربت من نظراته فأذعن لرغبتها وتركها، ظلمة غرفتها لم تمنعها من رؤيته رأي العين.
يصف سيارته على مبعدة من عيادته ثم يصعد ويفتح بابها ويتركه أقرب للإغلاق دون أن يؤصده منتظرا خليلته
تغمض عينيها علها تُعمى الرؤى..
لكن بصيرتها تنتصر لتتابع الصور..
تراها وهي تنزل من سيارة الأجرة وتصعد درجات السلم يطرق كعب حذائها الأسود اللامع بالأرض بخطوات يملأها زهو، تدفع باب العيادة برفق وتغلقه خلفها دون أن تحدث له صوت وتشهق ما إن يسحبها عمرو ليطوق جسدها بذراعيه
تضحك..
يضحك..
- وحشتيني قوي
- أنت أكتر
تعبئ رائحة عطرها الغرفة، تشمها شيرين حتى تملأ صدرها حد الاختناق وكأنها تبدل ذرات الأكسجين لتحتله
تطالع فراغها وتقسم لنفسها؛
ليست هنا..
ليست معها بنفس الغرفة..
لكنها تراها، تشم عطرها، وتسمع صوت ضحكتها وأنفاسها..
تشهق..
تبكي..
وتخشى أن يتجاوز صوتها حدود غرفتها المغلقة عليها فتكتم فمها بيدها، تفتح عينيها علها لا ترى لكن رؤيتهما تظل حاضرة.. أظلمت الغرفة أو أضاءتها لا فرق..
أغلقت عينيها أو فتحتها لا فرق..
هي صورة واحدة لا ترى سواها طوال الوقت، زوجها ووضيعة، أي وضيعة وثالثهما العشق، تروي ظمأه دون هوادة أو مواربة.
ضحكات تتابع ضحكات يتبعها شبع..
أمام
دموع تنهمر خلف دموع يتبعها ألم..

هنا والآن
ينسى عمرو السويفي كل شيء حتى نفسه، لا هيبة ولا وقار ولا أقنعة، إنما رجل وجد ضالته وإن ضل الطريق نفسه.







رانيا الطنوبي غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:17 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.