آخر 10 مشاركات
عذراء في ليلة زفافها (22) للكاتبة: Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          زوج لا ينسى (45) للكاتبة: ميشيل ريد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          بين الماضي والحب *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : lossil - )           »          كُن لي عناقً وسأكون لك ظلاً كُن لي مأوى وسأصبح لك وداد (الكاتـب : تدّبيج - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          ثارت على قوانينه (153) للكاتبة: Diana Palmer...كاملة+روابط (الكاتـب : silvertulip21 - )           »          الطريق المسدود -روبرتا لي -عبير جديدة - عدد ممتاز (الكاتـب : Just Faith - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          سلام لعينيك *مميزة * "مكتملة" (الكاتـب : blue me - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-08-20, 03:57 PM   #1

عفرااء

? العضوٌ??? » 475980
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 16
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » عفرااء is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
افتراضي طيفها في الحُلم يُغني


بسم الله الرحمن الرحيم

مساء الياسمين
أقف بخطى متوترة كعادتي مع معظم مواقف حياتي حين أقدم على خطوة أنا على يقين من أنها ستغير جزء لا بأس به مني .. قد لا ابرع في انتقاء كلمات مناسبة اعبر بها عن مشاعري إنما بقلب مسلوب الأنفاس أقدم لكم على استحياء مولودتي الأولى التي طال دفنها بين ثنايا عقلي حتى دفعتني (أنا) لاتخاذ الخطوة كما يجب .. فأرجو أن تتقبلوها بقبول حسن ..

الرواية من نسج خيال عابر تطلع شوقا للخروج من حيز العقل و ملامسة شعاع الشمس لذا أي تشابه بينها و بين الواقع فهو مقصود تماما.


اهداء
إلى المرأة الوحيدة التي لم تتأخر قط عن النزيف لأجلي
اليكِ وحدكِ يا أمي.


طيفها في الحُلم يُغني
مركز الخليج
الملخص
أيها البعيد عني
البعيد كثيراً!
كشيءٍ لا يُرى!
و القريبُ مني ..
القريبُ جداً ..
كملمسِ يدي!
لا أنتٓ ترحلُ ..
و أنساك ..
ولا أنت تأتي ..
فأجدُك!
(مقتبس)


نلتقي كل يوم خميس الساعة السابعة مساءً بتوقيت السعودية ان شاء الله



روابط الفصول

المقدمة .... بالأسفل








التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 06-08-20 الساعة 06:31 PM
عفرااء غير متواجد حالياً  
قديم 06-08-20, 03:58 PM   #2

عفرااء

? العضوٌ??? » 475980
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 16
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » عفرااء is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
افتراضي

المقدمة


أمسكت زينب بورقتها و للمرة الأخيرة سلطت عيناها الناعستين فوق جميع إجاباتها على أسئلة الإمتحان .. سؤالا سؤالا .. دون أن تمنح تسرعها الفرصة لنسيان سؤال ما من بين السطور المتقاربة كما حدث معها المرة السابقة فانخفضت درجاتها في المادة و لم تنم ليلتها من البكاء ..
لا تمتلك الرغبة في الحاق السبب إلى ضعف النظر الذي ضرب رأسها بقسوة مؤخرا بسبب كثرة تركيزها في قراءة الكتب -الإنجليزية خاصة- على شاشة الحاسوب القديم و تكثيف ساعات الدراسة فهذا سيزيد من احباطها و شعورها بأنها أقل شأنا عن غيرها من بنات صفها و هي حتما ليست كذلك ..
لاسيما و أنهم دون شيء ينصبون لها الفخاخ و يتنمرون عليها مثيرين لها المشاكل فكيف الحال عند ايجادهم لثغرة حقيقية في حياتها قد تدمر مستقبلها و تفتت احلامها إلى قصاصات صغيرة تتناقلها الرياح عبر مر العصور ..
أغلقت عيناها تتنفس الصعداء ممتنة لرحمة الله بها و اقتصر ضعف نظرها على الأشياء الدقيقة فقط ..
أزاحت خصلة شاردة من جديلة شعرها إلى ما وراء أذنها و عيناها تنطقان بما لا ينطق به لسانها حفاظا على هدوء الصف .. لم يتبقى على زمن انتهاء الإمتحان سوى بضع دقائق و كانت معظم الطالبات خرجن بالفعل لكنها غرست في داخلها مبدأ الانتظار حتى اللحظة الأخيرة و ان لم يعجب هذا المراقب !
ففي التأني السلامة و في العجلة الندامة .. لعل ساعة الاستجابة تأتي في آخر لحظة كما يرددون .. فرغت من تدقيقها و ارتفع رنين جرس المدرسة تزامنا مع التقاطها لقلم الرصاص و آخر أزرق جاف و ممحاة وضعتهم في حقيبة ظهرها الرخيصة إنما مميزة الشكل و اللون حيث اشتراها لها والدها كهدية من سوق البالة في يوم ميلادها السابع عشر ..
إنها أجمل ما اقتنته في دولابها المتواضع يوما .. كلما حاد بصرها بحرمان طفولي إلى مقلمة وردية لاحدى الطالبات ممتلئة بمختلف أنواع الأقلام الملونة أو تلك الاحذية الرياضية الجميلة و الحقائب النسائية الفاخرة تذكر نفسها بان تنظر للجزء المضيء و المتوهج من حياتها مما يعني ليس كل إنسان يمتلك رفاهية التعلم في المدارس بمتطلباتها الكثيرة .. ليس الجميع يمتلك ذكاءها و تفوقها الدراسي أو عائلتها الصغيرة السعيدة رغم ضيق الحال و أجواءهم المسائية الساخرة، كم هي محظوظة بوجودهم في حياتها لولاهم لما استطاعت المضي قدما للقتال في معركة ظنتها خاسرة و يا أسفاه لا زالت تلك الظنون مدفونة في عمق عقلها الباطن ..
لاجلهم تخوض معاركها اليومية بشجاعة للوصول إلى الصورة المثالية التي رسموها لها منذ نشأتها ..
أصدرت تنهيدة طويلة أودعت فيها المشاعر السلبية التي تنتابها بين الحين و الاخر و أغلقت الحقيبة .. ارتدتها في كتف واحد و وقفت تمشي في هدوء لتسلم الورقة للمعلمة التي طالعتها بنفاذ صبر .. إلا إنها ببساطة لم تهتم ..
غادرت الفصل صعودا إلى الدرجات القليلة المؤدية إلى ساحة المدرسة و تلقائيا نكست رأسها أرضا تسرع في خطواتها إلى البوابة الحديدية كي لا يراها أحد فتطالها شتيمة و استهزاء صريح إما بمهنة والدها أو لمظهرها و نحافتها المثيرة للشفقة .. كادت .. كادت أن تمر عبر البوابة و تغادر بسلام إلا أن فتاة ما قطعت عليها الطريق و على وجهها اسمى امارات الاستفزاز و الاستحقار .. حاولت المرور من جانبها تنشد السلام لكن الأخرى ابت إلا أن لا يمر هذا النهار على خير فهتفت ضاحكة في سخرية
"انظرن من جاءت لتقديم الامتحانات .. ابنة الزبال بلحمها و شحمها"
ليس مجددا .. نظرت حولها قلقا و توترا من افتعال مشكلة ككل يوم .. ربما البعض منشغل في الدراسة لكن مؤكد البعض الاخر متفرغ لاثارة النميمة بين الجميع .. هنا أو حتى خارج المدرسة .. لقد بدأن الفتيات نسيان إسمها و تذكر (ابنة الزبال) فقط من كثرة مناداتها به و كما توقعت انضمت لتلك الفتاة صديقتها و هتفت بضحكة صفراء
"هل استحممت جيدا بالماء و الصابون قبل الاختلاط بنا يا .. ابنة الزبال "
استشعرت اذناها الحساستين طنين ضحكات السخرية من حولها رافضة النظر اليهن فهتفت احداهن
"ماذا يطعمك والدك اذا كان يعمل في جمع الزبالة ؟"
عاد الضحك يصم اذناها فارتفعت يداها بلا شعور تغطيهما بينما أخرى تجيب بضحكة مائعة
"واضحة لا تحتاج ذكاء يا لارا .. يطعمهم الزبالة التي يجمعها طوال يومه"
علت هذه المرة الضحكات أكثر فأغمضت زينب عيناها تستعيد تمارين الشهيق و الزفير التي دأبت عليهم منذ طفولتها ثم فتحتهما كابحة رجفة التوتر التي عصفت بها .. أنزلت يداها و ضمتهما إلى جانبيها ثم نظرت في وجوههم بنظرات مهملة غير متأثرة و كانها تستخف بعقولهم ..
بلا تفكير ضحكت هي الأخرى ضحكة قصيرة و هزت رأسها باستصغار لهن قبل أن تعود لاكمال طريقها للخروج دون أن تجرؤ إحداهن على إيقافها .. تعلمت أن التجاهل سلاح فعال لأي هجوم تتعرض له و هكذا كانت تمضي أيامها في الثانوية دون شجار ..
ركضت زينب باقصى سرعة في الشارع العام و لم تعطي بالا لنظرات المارة الفضولية المتساءلة و يديها الرقيقتين تمسحان باستماتة ما ذرفته عيناها من دموع الألم و المهانة ..
ظلت تركض حتى توقفت قليلا تلتقط أنفاسها و تنعطف يسارا قرب شجرة ضخمة تطل على بحيرة كبيرة لتستظل تحتها .. كانت تلهث منهكة القوى فلم تتاخر في سقوطها بجوار جذعها و رفع كفيها إلى وجهها لتشرع في البكاء بقوة آلمت قلبها .. تفكر بتعاسة أنها لن تصمد أمام حروب الحياة الطاحنة ، تعرف نفسها جيدا إنها أضعف من أن تفعل .. برفق بدأت تربت فوق خفقات قلبها العاصفة .
كان ممددا فوق غصن الشجرة واضعا باطن يده اليسرى خلف رأسه أسفل سترة اتخذها كوسادة و بالأخرى يمسك عنقود من العنب يدنيه من شفتيه كلما فرغ من التهام ما في فمه .. كل يوم ينتظر فترة استراحته من المقهى للقدوم إلى هنا و التمتع بهدوء المكان و استنشاق الهواء النظيف بعيدا عن ازدحام الحي .. لا يمانع استراق النظر مرات إلى فتيات الثانوية العامة و التمتع بأحاديثهن عن الحبيب الأول و الثاني و القائمة تطول!
أو عن امور نسائية لا تخصه لكنه لا يستطيع اغلاق اذنيه في وسط الكلام .. عليه أن يستمع ببسالة إلى النهاية فمنهم يستفيد .. و هذا حقا خارج عن إرادته فالمدرسة لا تبعد عن هنا سوى عشر دقائق ان اخذتها هرولة ..
شارف على الانتهاء من عنقود العنب و العودة إلى المقهى لأخذ الدور عن فؤاد فهو لا يحبذ الانتظار الطويل و لن يتورع عن إغاظته ليوبخه والده .. كان في طريقه للنزول حين اقتنصت عيناه كيان أنثوي ضئيل و قصير يتجه بالصدفة إليه .. ليس بالتحديد و لكن إلى مكان خلوته التي نادرا ما رأى فيها مخلوقا .. صوت بكاءها انتزع أي حس بالسخرية منه و هو يحسه شبيها بصوت حيوان ضعيف تعرض لافتراس الاقوى ، اعتدل في جلسته و انزل ساقيه عن غصن الشجرة ليتخذ نقطة أقرب .. لم يتبين منها شيئا عدا عن خصلات ناعمة تجمعت في جديلة صارمة متوسطة الطول استقرت على كتفها و من تنورتها و سترتها خمن أنها طالبة في مدرسة الحي لكنها لم تبدو مألوفة لديه و هو نوعا ما يحفظ وجوه فتيات الحي كراحة يده ..
الطريقة الأمثل له في التصرف هي النزول و التغزل بها قليلا ثم المغادرة إلا أن انزواءها لمكان خال في الظهيرة للبكاء أوضح حاجتها للبقاء وحيدة .. اليست صغيرة قليلا على حمل هموم الدنيا فوق كتفها .. في الواقع هو لم يرضخ لأي صوت محتج لفكرة الاحتكاك بها بينما ينتزع سترته من جانبه و يقفز من مكانه أرضا ليسقط أمامها تماما ..
أطلقت زينب صيحة مفزوعة و هي ترفع رأسها من بين كفاها هلعا للنظر إلى عينا الدخيل الراكع أمامها مباشرة .. كان شابا جذابا ينظر إليها بعينين واسعتين شديدتي الخضرة و لم يكن كأي دخيل رأته قبلا أو ستراه بعدا .. كل شيء فيه متناسقا حتى خصلات شعره مصففة إلى الخلف بعناية مما لا يدع لأي خصلة مجالا أن تتحرك من موضعها .. راقبته كيف يتفحص ملامحها المتخشبة دون خجل فبدا من مظهره شديد الثقة بنفسه .. في الداخل كانت معدتها متشنجة و متقلصة بسبب نظراته لإنها المرة الأولى التي تتواجه فيها مع شابا وسيما بهذا القرب بل و يمتلك هذا التأثير عليها ..
التصقت قدماها أرضا و لم تطاوعاها للتحرك هربا من أسر عيناه تاركة له حرية تأمل ملامحها عن قرب و على راحته .. و هو استغلها ايما استغلال بتفحص عينيه من أعلى راسها حتى ادنى بروز ذقنها الصغيرة إلى أن استقرت أخيرا على شفتيها الشاحبتين الصغيرتين ككل ما فيها .. هل جاء أحد السياح إلى هنا و سقطت من حقيبته هذه الدمية دون أن يشعر و غادر تاركا إياها وراءه ..
كانت زينب أول من تكلم و هي تنفض عنها توترها و خوفها بينما تقف بغير اتزان تمسح دموعها و تتمتم بارتباك بصوت مبحوح من أثر البكاء
"من أنت و ماذا تفعل فوق الشجرة؟"
نهض هو الاخر و فتح ذراعيه على وسعهما قائلا بصوت مغوي
"عمران الخولي .. أصطاد فتيات الثانوية التائهات"
عمران الخولي .. لقد سمعت كل الخير عن هذه العائلة من والدها لكنها لم تسمع باسمه من قبل .. هل يسكن في نفس الحي الذي تعيش فيه؟.. رمشت أكثر من مرة و تلاحقت أنفاسها فألقت نظرة عابرة من فوق كتفه تراقب الطريق و قالت باضطراب
"هل إستمعت إليّ؟"
تلاعبت ابتسامة صغيرة على شفتيه سلبت أنفاسها عالما مقصدها من السؤال لكنه اجابها مراوغا بأسف
"جئت لاراحة عقلي قليلا كما أفعل يوميا إلا أني أخطأت بالمجيء إلى هنا في هذا التوقيت على ما يبدو .."
وجدها تحيد بنظرها إلى يده فتبسم مشهرا أمام ناظرها بقايا عنقود العنب قائلا ببراءة
"هل تشاطريني ما تبقى منه؟"
استطاع ملاحظة اتساع حدقتاها اللتين لم يستطيع تمييز لونهما حتى اللحظة لكن عيناها المسحوبتان عطفتا على وجهها بلمحة من البراءة و النقاء .. بدت حائرة إنما بصلابة همست تضغط على حروفها تنظر لكل شيء عدا عيناه المتربصتين بها متجاهلة ظرافته
"منذ متى و أنت فوق .. الشجرة؟"
أمال رأسه ليجتذب بصرها إليه فتنعش مزاجه بنظراتها الصريحة بالاعجاب فيقول بنعومة
"كنت فوق الشجرة سلفا و منذ اللحظة الأولى لقدومك"
شهقت بخيبة و خبأت وجهها بكفيها تهذر بكلام غير مفهوم تبين منه فقط قولها اللذيذ .. يا حظي الحلو أنا .. حينها لم يتمالك نفسه و انطلق في سلسلة لا نهاية لها من الضحك اما زينب فأنزلت كفاها بالقدر الذي يسمح لعيناها النظر إلى هذه الفتنة المتجسدة بكائن حي يمتلك أجمل عينان خضراوان على الإطلاق .. شردت بعيدا مبهورة بشفتيه الجذابتين كيف ترسمان الضحكة على وجهه فتنيره كوجه القمر .. ودت لو تمد اناملها عبر خيوط الشمس لتلامس قوة فكه الصلب .. اتشحت وجنتيها بالاحمرار دون وعي شاعرة بالاختناق .. ماذا يحدث معك يا زينب أنت ممنوعة من كل هذا .. لم تخلقي للحب أو الزواج .. و حتما لا للعبث مع شاب ربما يريد تسلية نفسه على حسابها .. لم تنتبه إلى تقدمه منها إلا حين دوى صوته الاجش متساءلا
"ما إسمك؟"
أطلقت شهقة مكتومة و جحظت عيناها متراجعة بخطوات متعثرة إلى الوراء قبل أن تنظر حولها بخوف غير مفهوم لتستقر عليه في نهاية المطاف و سؤاله عن اسمها ذكرها بنفسها و بما تفعله .. أحنت رأسها تبصر ساعة يدها الرقيقة بذعر و ما أن تحركت تنوي الجري حتى قاطع خططها ملتقطا ذراعها .. صاحت معترضة بغضب و لخفة وزنها كان من السهل أن ارتدت بقوة إليه فوضعت غريزيا كفها فوق صدره تبعده عنها و ما لم تحسب حسابه هو تأثير حركتها الخرقاء تلك عليه .. رفعت عيناها المذعورتين تنظر إليه فكان لاهث الأنفاس و شفتاه منفرجتان ،بدا مصدوما أكثر منها حتى إنه تراجع محررا مرفقها ناظرا اليها طويلا و كفاه مرفوعتان باستسلام و أسفل قدميه كان يستريح قميصه الذي سقط أثناء اختراقه لقوقعتها .. جذب نظره ارتفاع و انخفاص صدرها اللاهث .. الخوف و الدموع النازفة من عيناها .. فما كان منها إلا الاستدارة و الركض من جديد و هذه المرة لن تتوقف إلى أن تصل إلى بر أمانها ..
بعد قليل عاد عمران إلى المقهى بذهن شارد و التف حول طاولة التقديم يقف دون حركة .. استطاع النفاذ من توبيخ والده لكن ليس فؤاد حتما فكان مشغولا بتقديم مغلف ورقي مطبوع عليه شعار المقهى لاحد الزبائن و تمنى له يوما سعيدا و فاحت منه الرائحة الزكية التي تنتسب إلى المخبوزات الفرنسية أستجابت لها معدته باستغاثة .. التفت إليه فؤاد مرتكزا بيده إلى الطاولة و قال بهدوء
"تأخرت و أنت تعلم جيدا أن المكان يزدحم بعد الظهيرة"
شخر عمران و قال رافعا حاجبيه الكثين
"بالكاد تدعى العشر دقائق تأخير يا فؤاد! ها أنا هنا الآن تستطيع أخذ استراحتك"
صمت فؤاد و لم يعجبه رد أخيه فعاد إلى تغليف طلبية أخرى من كراواسون الفراولة و قال بنبرة عادية
"اليوم تأخرت عشر دقائق .. من يدري غدا كم دقيقة ستكون"
زفر عمران نفسا عميقا و لم يجبه بشيء و سرعان ما بدأ بالانشغال و الاندماج في خدمة زبائن المقهى و نظرات عينيه لم تترك فؤاد إلا للضرورة .. منذ زواج اخاهم الكبير مصطفى و هو مشتت أكثر هدوءا من طبيعته المشاكسة و دائم الخروج فلا يعود إلى البيت إلا للنوم و مع أول إشعاع ذهبي على شباك غرفتهم الجميع يعرف أن فؤاد غادر لفتح المقهى .. هل افتتحت نفسه على الزواج؟ ففؤاد أصغر من مصطفى بعامين و سيتم التاسع و العشرون بعد أيام ان لم يتزوج الآن فمتى سينوي؟ أم أن تلك الفتاة تضيق الخناق عليه بطلبها للزواج لكنه لا يحبها فلم يتركها تتحكم في حياته ..
وضع كوب القهوة بالحليب أمام فتاة تجلس مع صديقتها نظرت إليه باعجاب و هو بادلها نظرة مهذبة على غير العادة قبل أن ينصرف إلى داخل المطبخ ليخمد معدته و فكره منخرط في الفتاة المجهولة ..
في الشقة العلوية للمقهي كانت أم مصطفى تنهي إعداد طلبية ضخمة من توزيعات المواليد لإحدى زبونات المقهى و قريبة زوجة ابنها في آن واحد .. بينما تضع عجينة السكر التي شكلتها كطفل صغير بجناحين زرقاوين فوق قطعة الكب كيك همست نسيم بجوارها
"خالتي .."
وضعت خولة القطعة التي انهتها في كرتونة بيضاء و أغلقتها سعيدة بهذا الإنجاز .. ثم استدارت إلى كنتها الصغيرة و قالت بمودة
"أخبريني يا نسيم كيف تسير الأمور مع مصطفى؟"
توترت نسيم و تضرج وجهها الأبيض بالاحمرار فنظرت أرضا و بدأت تفرك كفيها ببعضهما البعض لتقول على استحياء
"نحن بخير الحمد لله لكن"
تركت خولة ما بيدها و اعارت الفتاة جل اهتمامها .. احتوت ذقنها بأصابعها لتنظر إليها و ما إن فعلت حتى قالت هي بقلق
"لكن ماذا؟ ألا يراعيك إبني أم أنه يهملك"
اتسعت عينا نسيم و رفعت كفاها تهزهما أمام وجهها حرجا هاتفة بتلعثم بوجنتين متوهجتين
"لا لا لا يا خالتي ما ما هذا الذي تقولينه؟ مصطفى .. إنه حلم أي فتاة"
تبسمت حماتها بانشراح و أضاءت عيناها تقديرا لمن اتخذتها زوجة لبكرها .. ربما مصطفى حلم أي فتاة لكن نسيم حلم لأي أم أيضاً .. طالما أنها اطمأنت أن شؤونهما الزوجية ممتازة كل شيء يهون بعدها فقالت باهتمام
"إذن ما الذي يقلقك حبيبتي؟"
عادت نسيم لفرك كفيها حائرة كيف توصل المعنى لحماتها دون أن تفهمها خطأ ،لقد فكرت كثيرا حتى أنها استخارت لربها تطلب منه الهداية للطريق الصحيح و ها هي هنا تحاول اطلاعها بما يفتك برأسها و قلبها ليال طوال .. سحبت نفسا طويلا ثم عضت على شفتها السفلى الغليظة و تكلمت بخفوت
"منذ زواجنا و مصطفى يخرج ليلا بانتظام دون علمي .. يتركني نائمة و يغادر و حين أحاول السهر إما يجد طريقة ما لتنويمي أو ينتظرني لأنام بالفعل"
ساد الصمت بينهما قليلا و خولة تفكر في كلامها على محمل الجد بعد أن ظنتها تقول دعابة مضحكة .. لم يمضي على زواجهما شهرين بعد ليفكر مصطفى بخيانة زوجته بخلاف أنه يعشقها و إن لم يظهر هذا أمامهم فيحتفظ بشغفه لنفسه فقط .. فما الذي يدور بعقلك يا مصطفى بعد أن رزقت الحلال كما اشتهيت طوال عمرك؟
قالت خولة بهدوء
"متى علمت بالأمر؟"
همست نسيم و الدموع تنهمر من عيناها
"إستيقظت ذات مرة أشعر بالعطش و لم أجده في الغرفة بحثت عنه في أرجاء الشقة كلها و النتيجة واحدة .. قلقت عليه كثيرا حتى أني عاتبته في صباح اليوم التالي لكنه تبسم مقبلا رأسي ثم تأسف و احتضنني و كأن شيئا لم يكن"
لم تمسك نسيم دموعها من الانهمار و هي تشهق باكية فتأخذها خولة بين أحضانها تهمس لها بكلمات مواسية
"إياك أن تشكي للحظة أن مصطفى قد يجرؤ على خيانتك يا نسيم .. ليس أولادي من يقومون بأفعال شائنة كهذه"
اهتز جسد نسيم بين أحضانها و هتفت بلوعة
"أنا أحبه يا خالتي إنه كل شيء في حياتي و لن أحتمل إن فعلها"
أغمضت خولة عيناها و هتفت تربت على خصلات شعرها بحنان
"و هو يموت فيكِ عشقا يا ابنتي .. حاولي أن تتخذي له مبررا حتى تواجهيه بنفسك مرة أخرى، و لا تتركي نافذتك مفتوحة للشك لعله يقضي لياليه عند أقرانه في المنتجع مثلا"
أومأت نسيم بغير اقتناع و هي تبتعد بسرعة عن خولة تمسح دموعها و تلتقط وشاحها فتضعه على رأسها بعجلة بعد أن سمعتا صوت عمران قادما يستأذن الدخول إلى المطبخ .. دخل ملقيا التحية عليهما فتقول خولة بتقطيب منزعج
"أين بقية إخوتك؟ لمن أتعب نفسي في طهو الغداء؟"
مشط عمران خصلات شعره بيده ثم زفر أنفاسه مللا و تعبا و قال بتكاسل
"زوجك قادم ورائي و ها أنا موجود ألا نكفي يا حبيبتي؟"
تبسمت نسيم لطريقة عمران في التأثير على والدته التي لم تتأخر في الاستجابة قائلة بحنق ملتوي
"تكفون بالطبع و أنتم على قلبي كالزبدة و لكن فؤاد هذا الولد يشعرني أن لا أهل له يطمأن عليهم .. لولا أني أشيد على مهارته في الطبخ كأي سيدة بيت مجتهدة لكنت جررته من أذنه إلى هنا بالغصب ليتناول طعامه معنا كالبشر المتحضرين"
ضحك عمران واضعا يده على قلبه غير قادر على تخيل المنظر إطلاقا فيوجه كلامه إلى نسيم الخجولة يشركها في الحديث دون أن يشعرها بالحرج أنه رأى دموعها
"كوني شاهدة على هذا يا أم فؤاد فربما تتجرأ أمي و تفعلها مع مصطفى"
ضربته خوله على كتفه في امتعاض بعد أن تذوقت النكهة الجديدة التي تعمل عليها و نسيم تضحك عليهما بنعومة فتقول بصوت خفيض
"لا إلا مصطفى أنا لن أسمح لها بأن تضع إصبعا واحدا عليه"
ضرب عمران كفيه ببعضهما البعض و ضحكاته ترتفع مع ضحكات والدته التي رمقتها برضا أمومي قبل أن تقول بتوعد مصطنع
"هذا الكلام لي يا نسيم؟لقد أثبت أنك لا تستحقين الوقوف في جانبك لقد أكل عقلك هذا الولد"
عضت نسيم على شفتها كعادتها و قبل أن تفتح فمها للرد كان فؤاد دخل إلى المطبخ يخاطب والدته حول طلبية ما و عيناه تتجنباها كالطاعون .. ليست المرة الأولى لكن مؤخرا هي بدأت بالملاحظة ،حين يكون متواجدا مجبورا للتعامل معها يتصرف بلباقة و احترام على عكس عمران بطبيعته المشاكسة اللطيفة .. هل صدر منها ما يدفعه لتجاهلها و معاملتها على هذا النحو المحرج؟
"نسيم أين وصلت يا ابنتي؟"
رفعت عيناها بانتباه إلى عمران الضاحك لتلاحظ أنهم يحدقون بها منذ وقت فاستعادت حمرة الخجل و هي تطرق رأسها هامسة
"أسفة لم أكن في وعيي ماذا قلت مجددا يا عمران؟"
رددت خولة بأن لا بأس فيما قال عمران مشاكسا
"ساعديني في حمل هذه الكراتين لننزل بهم إلى المقهى"
حينها استدارت خولة إليه بغضب و قالت موبخة
"أنزلهم أنت و أخيك و لا تدخلها في أمور شاقة كحمل كراتين و ما شابه .. إن أراد ربي ربما تكون حاملا الآن يا مجنون"
سقطت إحدى الكراتين من يدي فؤاد المهتزتين بانفعال مما جذب انتباههم ليسود الصمت بينهم متفاجئين متسائلين ماذا حدث؟ لم يظهر على فؤاد أي ردات لفعله عدا عن تصلب باهت لعظمة فكه و اهتزاز بسيط بين حاجبيه ينتابه مع هياج مشاعره و عصبيته .. بغير ثبات دون أن يرفع عينيه لهم قال بخشونة مفرطة مشيرا للكرتونة
"أهتم بها أنت يا عمران أنا سأخرج"
شعرت نسيم بالحرج أكثر بسبب أفعاله و خولة تنادي عليه مشدوهة لما أصابه دون أن تتلقى منه أي إستجابة إلا من صوت صفعه للباب بكامل قوته مجبرا إياها على الانتفاض فزعا و قلبها تتآكله الظنون .. أما عمران رغما عنه وجه نظرة متهمة لنسيم لم تتفهمها مطلقاً.





عفرااء غير متواجد حالياً  
قديم 06-08-20, 06:27 PM   #3

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي طيفها في الحُلم يُغني

اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...

للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html




واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا73, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء



قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

قديم 06-08-20, 07:27 PM   #4

عفرااء

? العضوٌ??? » 475980
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 16
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » عفرااء is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قصص من وحي الاعضاء مشاهدة المشاركة
اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...

للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html




واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا73, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء

شكرا جزيلا لاستقبالكم و للتنبيه سأطلع على اللينكات ان شاء الله


عفرااء غير متواجد حالياً  
قديم 25-08-20, 04:31 PM   #5

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي


تغلق الرواية لحين عودة الكاتبة لانزال الفصول حسب قوانين قسم وحي الاعضاء للغلق

عند رغبة الكاتبة باعادة فتح الرواية يرجى مراسلة احدى مشرفات قسم وحي الاعضاء (rontii ، um soso ، كاردينيا الغوازي, rola2065, ebti ، رغيدا)
تحياتنا

اشراف وحي الاعضاء


قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:53 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.