آخر 10 مشاركات
انتقام عديم الرحمة(80)للكاتبة:كارول مورتيمور (الجزء الأول من سلسلة لعنة جامبرلي)كاملة (الكاتـب : *ايمي* - )           »          الشعلة الأبدية (49) للكاتبة: آن أوليفر .. كـــــاملهــ.. (الكاتـب : silvertulip21 - )           »          [تحميل] ومالي بدجئ العاشقين ملاذ! بقلم/غسق آلليلh "مميزة " (Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          كتاب الف ليلة وليلة النسخة الكاملة (الكاتـب : بندر - )           »          234 - ستيفاني - ديبي ماكومبر (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          واقعة تحت سحره (126) للكاتبة: Lynne Graham (الجزء 3 من سلسلة العرائس الحوامل) *كاملة* (الكاتـب : princess star - )           »          منحوسة (125) للكاتبة: Day Leclaire (كاملة) (الكاتـب : Gege86 - )           »          دموع بلا خطايا (91) للكاتبة: لين جراهام ....كاملة.. (الكاتـب : *ايمي* - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          من خلف الأقنعة (100) للكاتبة: Annie West *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات القصيرة المكتملة (وحي الاعضاء)

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-08-20, 07:33 AM   #81

حزينة جدا

? العضوٌ??? » 365994
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 209
?  نُقآطِيْ » حزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond repute
افتراضي


نوفيلا رائعة من أجمل ما قرأت وسلسلة لؤلؤة في محارة مشروة سلسلة هادفة اتمنى الجميع يقراها



حزينة جدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 08:33 AM   #82

fatima94
 
الصورة الرمزية fatima94

? العضوٌ??? » 462876
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » fatima94 is on a distinguished road
افتراضي

ياربي مشهد المواجهة مؤلم مؤلم مؤلم
شهلاء كانت عم تفتح الجراح و تنثر الملح فوقها
رحيم كان غارق بالذنب و عم يستغفر من قلبه
شهلاء اعماها الانتقام لساعات دفعت تمنها سنين من عمرها


fatima94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 06:00 PM   #83

الكاتبة ايمان جمال

? العضوٌ??? » 476288
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 33
?  نُقآطِيْ » الكاتبة ايمان جمال is on a distinguished road
افتراضي

الفصل التاسع

سرقوا منزلنا بينما أنا مع بعض منهم في أحد الأماكن.
ضربوا أمي على رأسها و هربوا بأموالنا وبذهب أمي.
بعد أيام وبعد أن خرجت أمي من المشفى علمت أنهم هم من سرقونا، ركضت إلى منازلهم كالمجنون.
لم ينكروا، تبجحوا بفعلتهم مستهزئين بي فلم أشعر بنفسي إلا وأنا أحطم سيارات آبائهم وواجهات متاجرهم قهرا مما فعلوه بي .
ألقت الشرطة القبض عليّ ومكثت في السجن عدة أيام لأخرج بعدها وأعلم أن أمي رهنت منزلنا حتى تستطيع أن تدفع لأصحاب السيارات كي يتنازلوا عن أي بلاغ أو شكوى ضدي، فقد استغلوا الموقف وطلبوا منها أضعاف ما يستحقون.
تملكني الجنون عندما علمت و أردت أن أذهب إليهم من جديد لكني وجدت الشيخ عبد الرحمن أمامي يمنعني.
كتفني رغما عني و أخذني معه .
ادخلني حظيرته و حبسني بداخلها هناك مع الماشية و الخراف.
هجت و جننت
صرخت و هتفت حتى بح صوتي ولم يستجب
أخبرني ' إن جعت عليك بالبقرة يا مدلل فلتختبر بنفسك كيف ستخرج الحليب منها '
كنت أنام مع الماشية ووسط رائحتها
كنت أحلب البقرة عندما يقرصني الجوع
كنت أبكي حالي وما حدث
كرهت نفسي وكرهت رائحتي وكرهت كل شيء .
كنت أتوسله أن يخرجني وكان يرفض .
بعد عدة أيام وجدته يخبرني أنني يمكنني الخروج إن قمت بحفظ جزء كامل من القرآن الكريم .
عاندت و رفضت ولم يستسلم هو .
عندما كان يدلف إلى الحظيرة لإطعام الماشية كنت أدفعه و أتطاول عليه ولم ينفذ صبره.
كنت أتوسله أن يطمئنني على أمي ولم يقبل .
ظللت هكذا حتى استسلمت آخر الأمر وقررت أن أبدأ في حفظ ما قال عليه ،وبعدها تغير كل شيء .
كنت أقرأ القرآن وأتذكر ما فعلته .
أبكى بحرقة وانا أدرك مقدار بشاعة أعمالي وعظم ذنبي.
خرجت من الحظيرة شخص آخر غير الذي دلف إليها.
مكثت في غرفتي لا اغادرها لأيام طويلة .
الذنب يمزقني ولا أعلم كيف لي من خلاص .
خرجت من عزلتي لأجد العائلة كلها تقاطعنا وتنفر مني .
أمي تكاد تموت من قهرها عليّ .
تبيع من أثاث المنزل حتى تستطيع أن تطعمني و تنفق على البيت .
غادرت المنزل لأبحث عن عمل ،أي عمل أحصل منه على المال، لكن لم يوافق أحد على عملي لديه ،الجميع أصبح يتهرب مني ويرفض وجودي.
كرهت نفسي أكثر و أكثر
و كعادته وجدت الشيخ عبد الرحمن بجانبي.
أخبرني أنه يحتاج إلى وجودي بجانبه في العمل ،وكى يطمئن علي وأنا أمامه.
عملت معه و نفذت كل ما كان يخبرني به لكني رفضت أن أعود إلى الدراسة.
لم أكن أريد أن أرى أحد أو اختلط بأحد.
كرهت الحياة بما فيها ."
يحكى بدون أن ينظر ناحيتها.
تستمع دون أن تتطلع نحوه .
الشجن يلفه، و الجمود يحاوطها.
" حياتي بجواره كان لها معنى آخر .
كنت أحيا معه من جديد .
بمرور الأشهر بدأت أعي و أدرك لما حدث وما يحدث .
فكرت في حياتي وقررت أن أتغير..
قررت أن أتوب إلى ربي .
لم أخبر الشيخ عبد الرحمن عن تفاصيل ذنوبي فهو نصحني أن لا أجهر بالسيئة، لكنه أكد لي بأن الله غفور رحيم وسيغفر لي إن أخلصت النية له .
بعدها بعدة أشهر قابلت صديق قديم لي ووجدته يتاجر في العطور.
تحدث معي عن عمله و أحببت ما يفعله وطلبت منه أن يعلمني. "
تغضنت ملامحه بالحزن قبل أن يستطرد
" أصر الشيخ عبد الرحمن أن يقرضني مبلغ كبير من المال ولم أستطع أن أرفض أمام إصراره.
جددت متجر والدى و ملأته بالعطور لأفاجئ بالجميع يقاطعني و يرفض التعامل معي .
أعطيتهم العذر وقدرت موقفهم، لم يسمعوا عني أو يروا مني سوى كل سيء، حتى أن عائلتي نفسها تبرأت مني .
لا يحق لي أن أحزن او أعترض، فذاك كان نتيجة قذارة أفعالي.
أغلقت المتجر واعتكفت بضعة أيام في المسجد لأجد الشيخ عبد الرحمن أمامي يخبرني بأنه وجد لي متجرا جيدا في المدينة، بل وبحث حتى وجد شقة مناسبة لإقامتي انا ووالدتي بجوار المتجر.
لم يقلها بطريقة واضحة لكنني فهمت و اعترفت أنه محق، نعم، كان يجب عليّ أن أغادر البلدة ،لم يعد لي مكان هناك ،أهل البلدة يلفظوني خارجها ومعهم كل الحق.
استخرت الله و بت ليلتي في المسجد أتوسله أن يقبل توبتي.
أن يرفع غضبه عني .
أن يسدد خطاي في تلك المدينة ويجنبني المعاصي.
أن يتولاني برحمته التي وسعت كل شيء .
أن ينعم عليّ برضاه و يذيقني من نعيمه. "
رفع رأسه يتطلع إلى الأعلى.
وجهه و ملامحه ترسمهما اللوعة .
"خطوت إلى المدينة مصطحبا أمي الصامتة الساكنة .
خطواتي مرتجفة كارتجاف خافقي.
أتطلع حولي بخوف أحاول أن أخفيه.
أخشى أن يكون ذنبي مكتوبا على جبيني فيعلم الجميع أي مذنب جهول أنا.
أخشى أن لا يتقبل الله توبتي فأعود خائبا"
غلبته الدموع بقوتها قبل أن يستطرد
" لكني تفاجأت بسيل من نعم ربي يغرقني و يريني كم أنا صغير أمام عظمته و كرمه.
فتحت المتجر و إنهال الرزق الحلال على رأسي.
سددت دين الشيخ عبد الرحمن رغم أن دينه في رقبتي لم يكن مجرد مال أقرضه لي، كانت حياة قدمها لي.
وقتها كنت أقاوم شعورا جديدا يتسرب رويدا رويدا بداخلي ....تجاهك. "
زاد جمود وجهها وتوحش الغضب بداخل عينيها ،بينما يزحف العذاب بتمهل فوق صفحة وجهه
" اضطربت..
خفت..
بل ارتعبت..
خشيت أن تنزلق قدمي من جديد نحو وحل المعصية .
أدركت احتياجي لأنثى في حياتي ،رغم أنني قد قررت أن لا أتزوج أبدا عقابا لي ،لكني 'ومن بعد أن التقيتك ......ويوما بعد يوم ،وجدت انجذابي إليك شيئا لا يقاوم .
لا أعلم لماذا أنت تحديدا .
هدؤك، رقتك ،التزامك، ملابسك المحتشمة أو ملامحك الوديعة، لا أعلم تحديدا ،كل ما أعلمه هو أنك كنت فتاة مختلفة بالنسبة لي .
عندما وجدتك تبحثين عن هاتف مستعمل ،لم أتحمل أن تستخدمي هاتف سبق ولمسه أي رجل غيري، هل تصدقين ذلك ؟!!
أغار على أصابعك من أن تلمس شيئا لمسه غيري!!!!!
صدمت من نفسي ،و تضخمت الصدمة ليلة أن رأيتك تبكين خائفة في المركز الطبي، كدت أن أبكي بجانبك.
لم أتحمل حزنك و هلعك.
صعقتني رغبتي في أن أضمك و أهدهدك حتى تطمئني.
ليلتها استغفرت ربي كثيرا وقررت أن أعف نفسي بالزواج .
لم أجد سوى صورتك أمام عيني .
لم أتخيل غيرك زوجة لي .
لم أستطع أن أتقدم لك .
استحييت أن أخبر والدتي عن رغبتي في الزواج قبل أن أسدد دين الرهان و أسترجع المنزل الذي رهنته أمي بسببي.
قررت أن أؤجل الأمر قليلا حتى أسدد الدين ،لكني جننت وقت علمت بتقدم إبراهيم لخطبتك.
لم أستطع النوم ولم أقدر على الحديث فلا يجوز أن أخطب على خطبته.
في نفس اليوم علمت عن فتاة وشاب يتيمين يريدان الزواج و ضيق الحال يقف أمامهما.
تطلعت نحو الفتاة وتذكرت .......تلك الفتيات في منزل وليد .
شعرت أنها رسالة لي فقررت أن أتكفل بها تكفيرا بسيطا عن ذنبي ،لعل الله يقبله مني ."
ضرب رأسه بقوة في أعلى المقعد من خلفه قبل أن يغمض عينيه ويتمتم بقهر
" وليد كان يتشاجر مع والدته من أجل المال فدفعها دون أن يقصد لتقع المرأة على المقود الأرضي ويحترقا وجهها وكفيها ، خرج مسرعا هاربا من مشهد والدته بوجهها المحترق ،سرق سيارة أحد الجيران وتم سجنه وقتها.
يونس صدمته سيارة ويتعالج حتى الآن من آثار الحادث.
كنت أتساءل عن دوري في العقاب .
لم أتخيل أبدا أن يكن مصابي فيكي أنت ، يا من أحببت أكثر من نفسي ."
صمت أخيرا ،و ظلت هي على صمتها.
مازال لا يتطلع نحوها، ومازالت لا تنظر تجاهه.
بعد صمت طويل همست شهلاء بسخرية تقطر مرارة
" لم تتخيل بالطبع أن يطالك أي أذى أو عقاب ،فأنت قررت أن تتكرم وتتوب ،إذن أنت أفضل منهم ، وإذن أنت بلا ذنب ،أليس كذلك ؟!
يقبل الله التوبة الخالصة لوجهه ويعدنا ' أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له ' لكن أين حقي وحق أخواتي في الدار ؟!
حقوقنا في رقبتك حتى يوم الحساب ."
همس بعذاب وهو على وضعه لا يتطلع نحوها
" أرجوك يا شهلاء ،لم أعد أتحمل"
وكأنها لم تستمع إليه
" بسبب مجونك وفسقك أنت و أصدقائك ذقت أنا و إخوتي علقم الأيام و جحيم الليالي .
ماذا يعلم مدللون مثلكم عن ليالي باردة مكفهرة في غرفة متسخة داخل دار يطبق على صدورنا درجة الموت ؟!
ماذا تعلمون عن الجوع ؟
العقاب ؟
العري ؟
الحرمان ؟
الانتهاك؟؟؟
انتهك كل شيء بنا
طفولتنا
كرامتنا
حقوقنا
آدميتنا
ولم تسلم أجسادنا الصغيرة من الإنتهاك تحت وطأة لمسات حقيرة من شرذمة مريضة من البشر. "
استقامت تقف على قدميها ببطء فالدوار يسيطر على رأسها .
" أنتم فعلتم ما تستحقون العقاب عليه ،لكن ماذا فعلت أنا؟!
ماذا فعلت حتى أتدحرج من الجنة نحو الجحيم ثم إلى الجنة لتقذفني بعدها إلى الجحيم مرة أخرى؟!
ماذا فعلت حتى أذوق كل ذلك المرار و أرى ويلات الحياة ؟!"
همس لها
" أستغفر الله العظيم.
إستغفري الله ولا تقولي "
قاطعته تصرخ بجنون غاضب
" كفففففي
ألم تمل ادعاء الصلاح والتقوى؟!
ما زلت تتصنع الاستقامة؟!
على من تكذب أنت؟!
ألا تستحى من ربك يا رجل ؟!
من أخبرك أن تصنعك هذا سينجيك من غضبه و يمحو ذنوبك؟!"
هتف بمرارة
" لا ترددي تلك العبارات يا شهلاء
أنت لست في حالتك الطبيعية ولا تعين مقدار خطأ ما تتفوهين به .
إستغفري ربك فهو الغفور الرحيم
رحمته وسعت كل شيء "
هتفت بجنون أكبر كجنون نظراتها المستنكرة إليه
" لا أصدق
إصرارك هذا عجيب
حسنا ،فلتذق بعضا مما ذقناه نحن لعلك تعي مقدار ذنبك الذي تستهين به "
أشعلت نار القداحة فرفع وجهه يتطلع إلي وجهها بذهول.
لم يكن خائفا من النار
كان مصدوما من تصرفاتها و الحقد الذي يعتلى ملامحها.
هتف بلوعة صادقة
" لا يا شهلاء
لا تفعليها
ليس من أجلي حبيبتي، لا أريدك أن تتعذبي بذنبي
لن تتحملي عذاب الذنب وأنت تفكرين كل ليلة في روح تعذبت بسببك "
حديثه كان يزيد من جنونها فصرخت بهياج
" كف عن تصنع المثالية
كفى كفى "
قربت القداحة المشتعلة من ذراعه
تريد أن تحرق جلده كما أحرقت لمساته براءة أجسادهن
تتمسك بالقداحة بكل قوتها تحاول أن تسيطر على رعشة كفها.
سكونه يغضبها
تقبله لما تفعل يثير جنونها
رجفتها توجعها حد الموت
تقترب بالقداحة تكاد تلمس النيران بشرة ذراعه لكنها لا تستطيع الاقتراب أكثر.
انفجرت فجأة في البكاء.
ضربت كفها الممسكة بالقداحة بكفها الآخر.
قذفت القداحة بعيدا بقهر
تبكي وتنتحب بحرقة شديدة.
تضرب كفها بهيستيرية غاضبة فيهتف فيها رحيم بأن ترأف بنفسها، فيدفعها صوته نحو المزيد من الجنون .
صرخت بهياج
" أصمممممت
لا أريد أن اسمع صوتك
انا جبانة
جبانة و ضعيفة
لم أستطع أن آخذ بثأري و ثأر اخوتي
أنا جباااااانة "
تبكي وتنتحب
كفاها على وجهها الغارق بدموعه
ظلت تبكي حتى هدأ النحيب فرفعت وجهها تتطلع إلى ملامحه المعذبة
كأنه قد هرم فجأة و بدأت شيخوخته
أخذت حقيبتها الصغيرة و اتجهت نحو باب الشقة ،فقد قررت أن تذهب
منحنية الهامة فقد جبنت وضعفت و أعلنت خسارتها أمامه.
هتف يناديها بلوعة
" شهلاء ،لاااااا
لا تذهبى
لا تفعليها "
لم تتوقف
فتحت الباب وغادرت رغم صراخه
لحظات و.......دلفت إلى الشقة من جديد
يتطلع نحوها بذهول لا يصدق أنها عادت
عادت بكتفين منحنيين
سقطت الحقيبة على الأرض وسقطت هي بجانبها
دفنت وجهها في كفيها وهمست بانكسار وضعف
" إلى أين سأذهب يا رحيم؟"
بكت بنعومة شديدة بينما يجيبها هو بلهفة حارقة ونبرة باكية متوسلة
" لا تذهبي الى أي مكان
لا تفعلي يا شهلاء
ابقي هنا
هذا هو بيتك
سنجد حلا لنا "
رفعت وجهها تنظر إلى وجهه لأول مرة منذ أن بدأت المواجهة .
أمالت رأسها تتأمل ملامحه بقهر بائس.
همست بعذاب ونبرة مرتجفة متقطعة
" أنت لمست اخوتي "
اتسعت عيناه بخفر
وطأة كلماتها قاسية موجعة
استطردت هي
" أنت انتهكت زهراء أختي مرة بعد مرة بعد مرة "
أغمض عينيه بإنهاك فقد خارت كل القوى
صوتها كسياط من نار مشتعلة تكويه رغم نبرتها الخافتة
" أنت ليلتها كنت تحاول أن......أن...."
صمتت
لا تستطيع أن تصف تلك الليلة
الكلمات تقف عاجزة على طرف لسانها
تطلعت إليه تسأله بتوسل
" لماذا كنت أنت؟
إلى من سألجأ الآن؟
ماذا سأفعل بحالي يا رحيم؟
أي جحيم آخر ينتظرني؟"
بكى مع بكائها
توسل كما توسلت
" إنزعي عني تلك القيود يا شهلاء و سأخبرك ماذا سنفعل "
لم تجبه
ظلت تتطلع إليه بصمت
تنقل نظراتها بين وجهه وبين القيود التي تكتفه
مسحت دموعها ببطء كبطء نهوضها
تطلعت حولها قليلا قبل أن تتوقف بنظراتها على مفاتيح السيارة
التقطت المفاتيح وإقتربت منه بنظرات تقدح مرارة و حقدا.
همست له بفحيح بنبرة غريبة
" سأخبرك شيئا قبل أن أغادر.
وليد زيتون صديقك العزيز كذب عليك
لم تكن الأول "
صرخ رحيم بنبرة متعذبة
" لااااااااااا
أصمتي بالله عليك
أتوسل إليك الرحمة "
همست بنبرة أكثر خفوتا و أقوى فحيحا
" ولم تكن الأخير بالطبع "
أرادت أن توجعه
أرادت أن تنتقم منه
جبنت أن تحرقه بشعلة القداحة، فقررت أن تحرقه تحت وطأة كلماتها
الهلع على وجهه
اللوعة في نظراته
العذاب على جبينه
لم تهدأ إلا بعد أن رأتهم على وجهه
........ركضت تغادر الشقة دون أن تتطلع خلفها رغم صراخ رحيم
يناديها و يستحلفها البقاء.
.................................................. ..............................
غرفة السجن
الوقت الحالي..
" لا أعلم كيف وصلت إلى السيارة
كيف قدتها
وكيف .....صدمت الرجل ."
بكت بتأثر و الذنب يلون محياها
" أخبروني أنني كنت أقود بسرعة كبيرة رغم تحذير الجميع لي.
هتفوا
لوحوا
صرخوا في بأن أتوقف و أحذر لكني لم أستمع أو أشعر بهم.
صدمت الرجل وتسببت في بتر ساقه.
أنا، من ذقت الظلم و دهستني أخطاء الغير ، دهست ساق أحدهم وحرمته منها !!!!
جنيت عليه وعلى قوت أطفاله.
أذنبت في حقه ذنب لا يغتفر.
الأيام القليلة التي تلت ذلك لا أتذكرها أو أتذكر تفاصيلها.
كنت تائهة وكأنني غائبة عن الوعي.
كأن أحدهم ضربني بقوة على رأسي وأفقدني اتزاني وإدراكي.
ما أتذكره جيدا هو رفضي لمقابلته .
كنت أرفض أن أغادر زنزانتي المؤقتة هناك في قسم الشرطة .
كنت أصرخ وأعترض متمسكة بوجودي حبيسة بداخلها.
لم أكن أغادر سوى من أجل التحقيق
كنت أشعر بوجوده من حولي
أحضر لي أكثر من محامٍ
حاول مع الرجل و أسرته كما اخبرني المحامي
فعل الكثير لكن .....أفعاله كانت تزيدني جمودا و .....خواءا.
ظل الوضع هكذا حتى أخبروني أن العم عبد الغفور أتى لزيارتي وسوسن معه.
شعرت بالروح تدب في من جديد .
دلفت بلهفة إلى غرفة الضابط
لا أصدق أنهما هنا من أجلي
حضرا رغم أنني مسجونة.
لم يقاطعاني وينفرا من التعامل معي .
دلفت إلى الغرفة لأتفاجأ بوجود رحيم معهما.
.................................................. .....................................
مركز الشرطة
منذ خمس سنوات..
دلفت إلى غرفة الضابط بلهفة شديدة ،سعيدة بأن أحدهم يتذكرها ولا ينفر منها ومن فعلتها .
دلفت لتقع نظراتها على عبد الغفور و سوسن بجانبه، لكنها وجدته هو أيضا معهما.....رحيم .
في لحظة كان شخص آخر.
وفي اللحظة التالية كانت الذكرى تضربها بقوة ،ذكرى لهيئته مربوطا ومقيدا للمقعد.
هاجمها الدوار فجأة فترنحت قليلا قبل أن تتمسك بالباب بكف مرتجف وعينين مغمضتين.
هب رحيم يندفع نحوها ،القلق ينهش ملامحه.
تراجع قبل أن يلمسها تاركا المجال أمام سوسن التي أسرعت تحتضن صديقتها وتهتف باسمها بجزع .
لم تعِ شهلاء جيدا لما يحدث حتى وجدت نفسها تجلس على الأريكة تتوسط صدر صديقتها التي تربت على ظهرها بحنو .
تستمع إلى حديثها و حديث عبد الغفور بصمت كصمت الرابع الذي يشاركهم الجلسة.
تشعر أنها في عالم آخر
كابوس طويل مازالت تعيش فيه ولا ترى منه أي منفذ للنجاة.
بداخلها فوضى غريبة
لا تستطيع إلا أن ترى رحيم بهيأتين
اللقطات تتزاحم في عقلها بين رحيم الذي كان، ورحيم الآخر الذي تزوجته .
لم تتركها الشخصيتان طيلة الأيام الماضية.
ستجن .
تشعر أنها ستفقد عقلها ،ويا ليتها تفقده حقا لعلها ترتاح من العذاب الذي تحياه .
لا تستوعب أن يفعل رحيم ما فعله حقا .
كيف ؟
انتبهت على صوت عبد الغفور يسألها
" ألم يخبرك رحيم بما حدث ليلة الحادث؟
لقد أصابتكما أعين الحاسدين يا ابنتي .
وجدنا رحيم مقيدا إلى المقعد في شقتكما، و أخبرنا أن بعض اللصوص هجموا عليه ليسرقوا الشقة فقيدوه و أفقدوه الوعى .
لا أصدق حتى الآن أن يفعلوها هكذا دون أن يشعر بهم سكان البناية.
ما كل ذلك الشر و الوقاحة؟!"
أغمضت شهلاء عينيها قليلا قبل أن تسأل عبد الغفور بنبرة باكية معذبة متجاهلة ما قاله للتو
" ما أخبار الرجل الذي صدمته يا عم عبد الغفور؟
لا أستطيع النوم، الذنب يقتلني "
تغضنت ملامح الرجل ببعض الألم قبل أن يجيبها
" بخير يا ابنتي ،هو بخير "
بكت تسأله بمرارة
"كيف يكون بخير ؟!
أخبروني أنني تسببت في بتر ساقه
لا أصدق أنني فعلتها "
أسرع يواسيها
" هوني عليك يا بنيتي
حادث سير ويحدث كل يوم
ما حدث كان مقدر له . رحيم لم يتركه
ظل بجواره وتكفل بكل مصاريف الجراحة والمشفى، بل و أتفق مع الطبيب أن يحضر له أفضل و أحدث طرف صناعي. "
التفت يوجه حديثه إلى رحيم الصامت تماما
"أخبرها يا رحيم ، أحكى لها حتى تستريح قليلا "
لم ينتظر الرجل أن يتحدث رحيم ،أسرع يستطرد بحماس
" اتفق معه رحيم على أن يعمل لديه في المتجر فور أن تتحسن حالته الصحية.
أخبره أن العمل في المتجر و تركيب العطور لن يحتاج إلى الوقوف لفترات طويلة .
الرجل وأسرته أبدوا سعادتهم لما فعله رحيم لكنهم ...رفضوا أن يتنازلوا عن الدعوى"
أنهي حديثه بنبرة حزينة لكنه تفاجأ بها تهتف بقوة
" ومن قال أنني أريده أن يتنازل عن الدعوى ؟!
أنا أريد أن أتلقى عقابي كاملا.
انا أخطأت، بل أجرمت في حق الرجل ."
علا صوتها قبل أن تكمل
" يجب أن يعلم الرجل أنني أسدد دين ما فعلته به .
لن أخرج و أعيش حياتي، أتزوج و أسعد و أحيا، و أتركه هو يتعذب ويميته القهر"
لم تتطلع تجاه رحيم لكنها لمحته بجانب عينها ، رأته يغمض عينيه للحظة قبل أن يلتفت عبد الغفور نحوه ويهتف
" يا إلهي، كيف لم أنتبه، لقد أخذنا الحديث و نسينا أن نتركك مع زوجتك يا رحيم ،لا تؤاخذنا "
اهتز جسدها
اضطربت بشدة بمجرد أن غادرا وتركاها معه بمفردهما .
شعرت بأنفاسه تقترب منها .
صوته الذي أحبته يوما سمعته قريبا منها
يهمس بهدوء
" شهلاء "
التاعت معدتها من جديد .
اهتزت الأرض من تحتها.
اختنق الصدر و احتبست الأنفاس..
همست بنبرة مختنقة
" إن كنت تحمل شيئا من الرحمة التي يحملها اسمك فلتدعني و شأني.
ترفق بي ولا تسمعني صوتك .
بسببك كنت أتأرجح بين الجنون والمعصية .
بسببك كدت أن أزهق روح عبد من عباد الله، كدت أن أقتلك، بل وكدت أن أقتل نفسي لأنال وقتها كامل غضب ربي .
معدتي لا تتحمل وجودك بجواري.
ارحمني و ابتعد عني .
لا أريد مساعدتك
أتركني أنال ما أستحق
لا تسعى لأن تسعدني و تساعدني، فقط ابتعد، فوجودك يؤذيني. "
.................................................. .............................
غرفة السجن
الوقت الحالي..
الدموع تغرق وجهها
النبرة المذنبة تغلف حديثها
" ما يوجعني حقا و يحرق قلبي .
ما يجعلني أكره نفسي و أرغب في أن أشق صدري قهرا، هو أنني كنت .....كنت أشعر بالخجل من أن أتطلع نحوه وأنظر إلى عينيه بعد أن علم عني وعن ما كان .
هل تصدقين ذلك ؟!!!!!
هل تتخيلين مقدار ما كان يحدث بداخلي وقتها؟!!!
ثورة من الغضب ،الاحتقار، القهر ،الانتهاك ،الوجع.
بجانبها كان هناك شعاع قوي من حياء
شعور بذل و انكسار أمامه خجلا من علمه بما حدث معي.!!!!
كنت أحيا في جنون
كنت أرغب في أن أحطم رأسي حتى أرتاح.
تم الحكم عليّ و انتقلت إلى هنا .
النار في صدري ظلت تشتعل و تتوغل.
صور اخوتي في الدار كانت تتوالى أمام عيني ليلة بعد ليلة .
وجوههن لم تكن تفارقني أبدا.
رائحة الثوم والبصل ظلت تلازمني لعدة أيام.
أحداث تلك الليلة تطبق على صدري كالحجر الصوان .
الإثنان رحيم كانا يتبادلان الظهور أمام عيني كل ليلة .
اخترقا رأسي ولم يتركاني.
لم أستطع الحديث أو الطعام
معدتي رفضت أي شيء وأعلنت العصيان .
الدوار كان يفتك برأسي بطريقة مميتة .
لم أشعر بأي شيء سوى وأنا في مستشفى السجن و سيادة اللواء أمامي.
أخبرني بما لم أتوقعه أبدا...
بما زلزل كياني..
بما أعاد ترتيب الكون أمام عيني..
أخبرني أنني حامل .
أنا أحمل طفل رحيم؟!
إثبات حي على أنني حقا تزوجت من تحرش بي و بفتيات الدار !!
أنا شهلاء 'سكنت و استجبت واستسلمت لصاحب لمسات قذرة !!
.....
مرضت
أخبروني أنني احتجت إلى عدة أيام حتى استطعت أن أتخطى صدمتي.
كما أخبروني عن زوجي الذي تقدم بعدة طلبات حتى يتم علاجي في مستشفى آخر 'تحت الحراسة بالطبع لكن سيادة اللواء أخبره عن استقرار حالتي.
تحسنت وتخطيت مرضي .
عدت إلى السجن .
طلبني سيادة اللواء و تحدث معي كثيرا .
أخبرني أنني احمل روح بريئة بداخلي .
أخبرني أنني اتعرض إلى نوبات اكتئاب متتالية وأن الحمل يتعارض مع علاجها.
عنفني بشدة و وضع مسؤولية الطفل فوق كتفاي.
أخذ مني وعدا بأن أحافظ عليه وعلى نفسي .
كان يظن أنني أكرهه و سأرغب في أن أتخلص منه وأجهض نفسي "
سألتها وداد بهدوء
" وهل كنت تريدين ذلك حقا؟
هل كنت تكرهينه؟"
أجابتها شهلاء ببساطة وصدق
" لم اكن أكرهه كما لم أكن أحبه.
لم أجد بداخلي أي مشاعر تجاهه وقتها سوى الصدمة والنفور .
لا أعلم كيف أصفها لك .
كنت أشعر بأن جزء حي من رحيم يحتل أحشائي، وذلك ما كان يشعرني بالنفور ويزيد من وجعي، لكني خفت بعد حديث سيادة اللواء.
شعرت بالمسؤولية تجاهه
كنت أتعامل معه وكأنه أمانة بداخلي حتى حين.
خفت أن يثقل حسابي و ذنبي أمام الله ،فبدأت أهتم بطعامي و أستمع إلى كلمات الطبيب لكن بعد أن توسلت سيادة اللواء في أن يسمح لي بنشر رواية جديدة.
احتجت إلى الكتابة .
أردت أن أطرق باب كل كاتبة تكتب عن فتاة تحب مغتصبها، أسألها كيف تجرأت وكتبت ذلك .
بأي منطق ،و بأي قلب كتبت ذلك ؟!
هل جربت ما تكتب عنه ؟!
رحيم لم يغتصبني
لم أكن أعلم أنه هو من تحرش بي ،ورغم ذلك النار في صدري لا تخبو ولا تهدأ.
نفوري منه يسيطر عليّ ويزهق روحي رويدا رويدا.."
صمتت طويلا فسألتها وداد
" لم يقم رحيم بزيارتك في السجن ؟
وكيف علم بأمر الحمل ؟"
تحركت شهلاء لتجلس على الأريكة مرة أخرى
" كان يأتي كل زيارة لكني لم أكن أقابله.
حتى عندما كان يأتي العم عبد الغفور لزيارتي كنت أرفض الزيارة إن كان رحيم معه .
لا تسأليني عن السبب فلن تجدى أي إجابة لدي .
لم أرغب في رؤيته، فلم أوافق على أن أقابله. "
تنهدت طويلا قبل أن تستطرد
" علم بأمر الحمل وأنا في مشفي السجن .
سمعت الطبيب وهو يخبره .
كانا أمام غرفتي، فأنا لم أوافق على أن يدلف إلى الغرفة .
سمعت إجابته المصدومة.
أخذ بعض الوقت حتى يستوعب.
بكيت بحرقة وقتها ،أتخيل حالنا إن كنا علمنا بالخبر قبل كل ذلك .
تخيلت نفسي أعد طعام يحبه ،أرتدى قميص النوم الذي يحبه ويطلب مني أن ارتديه دائما، أضع العطر الذي أعده بيديه من أجل لحظاتنا الحميمية، أحدد عينيا بكحل ثقيل كما يحب و.....أتحمم بالصابون العطري الذي يحضره لي .
تخيلتني وأنا أجهز نفسي من أجل ليلة دافئة بيني وبين رحيم زوجي وحبيبي، لتهاجمني فجأة ذكرى ليلة أخرى في غرفة صغيرة مظلمة بين ذراعي رحيم آخر متحرش منتهك.
انتحبت أبكي و أصرخ
لم أعِ ما حدث بعد ذلك .
فقت لأجد الممرضة بجواري تخبرني عن انهياري وفقداني للوعي مرة أخرى.."
صمتت تمسح دموعها بهدوء .
تتأملها وداد بتركيز ..
تتعجب بكائها.
تسأل نفسها لماذا لم تبكي سوى مع آخر الأحداث، حتى أنها لم تبكي وهي تحكي أحداث ليلة انتهاكها!!!
طال صمت شهلاء قبل أن تهمس بشرود
" كنت أحاول أن أنسى أنني أحمل طفله حتى بدأت بطني تكبر و تجبرني على الاعتراف بوجود من بداخلها.
كنت أعمل كثيرا .
أردت أن يكون لي مالي الخاص .
أخبرني سيادة اللواء عن المال الذي يتركه لي رحيم لكنه كان يزيدني إصرارا على العمل وجمع نقودا أكثر ."
عندما صمتت مرة أخرى سألتها وداد
" و أنجبت الطفل ؟"
تقوست ملامح شهلاء بشكل غريب قبل أن تجيبها
" شعرت بآلام الولادة قبل الفجر مباشرة ،ولم ألد سوى بعد آذان العصر ."
رفعت وجهها تنظر إلى وداد بألم
" هل تصدقين أنني قد قررت أن أعطى الطفل لرحيم يوم الولادة ؟!
قررت أنني حتى لن أراه، سأعطيه لوالده دون أن أراه أو ألمسه!!!"
هزت رأسها قبل أن تهتف باستنكار
" كيف كنت أفكر بهذه الطريقة؟!
كيف طاوعتني نفسي وانا أقرر مثل ذلك القرار الظالم القاسي؟!!
لا أعلم ماذا كان يحدث معي وقتها ؟!
هلاوس و قناعات غريبة عني تماما !!
أنا بنفسي طلبت من سيادة اللواء أن يهاتف رحيم عندما تحين ساعة الولادة .
طلبت منه أن يسلمه الطفل ، هل تستوعبين ذلك ؟!
أنا نفسي لا استوعبه."
صمتت قليلا ثم أضافت بشجن
" كل ذلك تغير وتبدل يوم الولادة "
.................................................. .............................
مستشفى السجن
يوم الولادة .
انطلق صراخ الصغير يشاطر والدته صراخ آلام الولادة .
ابتسمت الطبيبة تقربه تجاه شهلاء هاتفة بأنه يريد الترحيب بأمه.
رغما عنها تطلعت شهلاء إلى وجهه الصغير .
لا تصدق أن ذلك الصغير ابنها هي !!
نظراتها بداية الأمر كانت جامدة بعض الشيء ،لكنها 'وعلى عكس ما توقعت ' لم تتذكر رحيم .
لم ترى ملامحه في وجه الصغير.
بل نسيت رحيم نفسه للحظات وهي تتأمل طفلها .
ظلت تتطلع نحوه وهم ينظفون جسده و أنفه الصغير .
يلبسونه تلك القطع الصغيرة التي أحضرها رحيم ' نعم فهي لم تصنع له أي ملابس .
تحيك يوميا العديد من قطع الملابس الخاصة بالأطفال لكنها تعمدت أن لا تفعل شيء من أجل صغيرها هي ..
أعطوها الصغير بعد أن انتهوا.
وضعته الممرضة على صدر شهلاء ورفعت ذراعها تلفه حوله .
.................................................. .............................
غرفة السجن
الوقت الحالي..
" لن أستطيع أن أصف لك ما شعرت به وقتها .
التصاقه بجسدي له سحر غريب .
بكيت .
أتطلع إلى وجهه وأبكى بدون أي سبب مفهوم .
قبلته.
حركت رأسي لألصق شفتي على وجهه و قبلته.
خفق قلبي بقوة و ارتجفت احشائي ترحيبا بلمسته.
لم أجد نفسي إلا وأنا اضمه إلى صدري بتملك شديد!!"
مسحت دموعها و أخذت تحرك ذراعيها في الهواء تحاول أن تصف الموقف
" اقتربت مني الطبيبة تهمس بالمباركة وتخبرني أن أرضعه فور أن أستريح قليلا وألتقط أنفاسي.
تطلعت إليها ثم إلي الصغير .
كنت أنظر إليهما بذهول .
لا أصدق أنني كدت أن احرمه من حقه .
كنت سأعطيه لوالده و أحرمه من حقه في حليب أمه!!
أنا ' من ذقت جحيم اليتم و مرارة الحرمان ' كنت سأحرمه من أمه و أيتمه بيدي!! "
صمتت فحثتها وداد بحديثها
" وقررت أن لا تعطيه لوالده "
أومأت شهلاء
" نعم ، قررت أن يبقى معي.
بعدها بقليل وجدته أمامي في الغرفة .........رحيم .
رأيت الدموع في عينيه.
ينقل نظراته بيني وبين الصغير .
بكيت مرة أخرى.
كانت لحظة ضعف مني .
لا أعلم لماذا ضعفت يومها.
ضعفت فنسيت للحظات ،فقط لحظات ،تطلعت إليه باحتياج "
شهقت تبكي بتأثر قبل أن تستطرد
" كنت أحتاج إلى صدره و دفء حضنه .
أردته أن يضمني أنا و طفلي معا .
همس باسمي فانفجرت هالة الاحتياج و تبدد الضعف..
اقترب يأخذ الصغير فسطع الجمود وعاد الوجع.
تحجرت نظراتي وأنا أراقبه يؤذن في أذن الصغير ويقيم الصلاة في الأخرى.
يقبله ويضمه بحنو .
أغمضت عيني برفض و استنكار لما يحدث كله ."
أومأت وداد بتفهم .
شهلاء كانت ومازالت تتأرجح بين العقل والقلب .
الاتهام و الغفران.
القسوة واللين .
القوة والضعف .
ما هي أكيدة منه أن من تجلس أمامها الآن تحمل مشاعر حب تجاه زوجها ،تخزنها في مكان ما بداخلها، تخنقها و ترغمها على أن لا تظهر أو تؤثر عليها .
انتبهت على صوت شهلاء
" كانا أسعد عامين مروا عليّ في حياتي .
لم يفارقني عبد الله ولا للحظة واحدة "
سألتها وداد مبتسمة بلطف
" اسمه عبدالله؟"
همست شهلاء تجيبها
" نعم.
والده من سماه. "
عاد الصمت ليطول فسألتها وداد مرة أخرى
" طيلة العامين لم يره والده ؟"
أجابت الأخرى بهدوء شارد
" لا ،لم أكن لأسمح بذلك "
ضيقت وداد عينيها تحاول أن تفهم معنى العبارة فواتتها شهلاء بالإجابة
" بعد الولادة بيومين ' بعد أن بدأ ذهني يصفو قليلا ' فكرت في عبد الله و مصلحته.
سألت نفسي ' ماذا إن مل رحيم من كثرة الجفاء و قرر أن يتوقف عن زيارتي فأنا لا أقابله كل مرة ؟!
ماذا إن نسي ابنه؟!
سأكون أنا السبب وقتها، و سأحرم ابني من والده و أجني عليه ،لذلك قررت أن لا أترك المجال أمام رحيم لأن يبتعد متعللا بجفائي ..
كنت أرسل طفلي مع الحارسة في كل زيارة لتأخذه إلى والده ويبقى معه حتى ينتهي وقت الزيارة لتعيده لي بعدها ومعها كل ما أحضره رحيم لي أنا والطفل .
كنت أحتفظ بما يرسله لابنه و أعطي ما أرسله لي للفتيات في السجن .
رفيقاتي هنا في السجن كن يحكين لي عما يفعله رحيم مع عبد الله أثناء الزيارة
كيف يقبله ويهدهده، كيف يضمه ويلاعبه
عندما كبر عبد الله قليلا كانت الفتيات تخبرني عن رحيم وهو يجلسه على قدمه و يطعمه مما أحضره له .
حتى أن والدة رحيم كانت تأتى معه في بعض الزيارات لترى الصغير وتحتضنه وتقبله هي أيضا "
دمعت عيناها وهمست
" كم كنت أتمنى لو أرى ذلك بعيني أنا.
أرى طفلي ووالده يدلله.
أراه ينهل من حنان أبيه، فأنا لا أتذكر شيئا عن والداي. "
تطلعت إلى وداد تخبرها بنبرة حزينة
" أنت لا تعلمين كيف يشعر اليتيم عندما يرى طفل صغير في حضن والده .
لا نحسده او نحقد عليه كما يظن الكثيرون، لا ، نحن نقف ونتأمل ما يحدث فقط كي نحيا بعدها على التخيل .
نضع أنفسنا مكان ذلك الطفل ونتخيل والدنا هو من يربت على ظهورنا و يدلل طفولتنا.
لا نحقد على أحد، أقسم لك أنني لم أفعل يوما ،نحن فقط نريد أن نرى مشاهد لم يسبق لنا أن اختبرناها أو شعرنا بها "
تحكمت وداد في تأثرها بقوة جبارة.
تقسم أن أول شيء ستفعله بعد أن تغادر السجن اليوم هو أن تبحث عن أقرب دار أيتام وتذهب إليها .
الآن فقط فهمت الحكمة من أن يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكم الهائل من الحسنات التي ستأتينا فقط إن مسحنا بكفنا على رأس طفل يتيم .
يرى البعض أنها حركة بسيطة للغاية مقابل هذا الكم من الحسنات، لا يعلمون قيمة وروعة تلك الحركة بالنسبة إلى طفل يتيم ' كم أنت جميل يا رسول الله ' ..
انتبهت من شرودها على صوت شهلاء الحزين
" أتمم عبد الله العامين وكان يجب عليه أن يغادر السجن مادامت فترة رضاعته الطبيعية قد انتهت.
طلبت من سيادة اللواء أن ينهي الأوراق ويسلمه إلى والده بنفسه كي يوصيه عليه .
كدت أن أموت ليلتها وهو يفارقني لأول مرة.
كاد أن يعاودني الاكتئاب وأنا أفكر في أنني لن أراه حتى أخرج من هنا ،لكن الصدمة الحقيقية كانت يوم أن أتت الحارسة مبتسمة بسعادة تخبرني أن رحيم قد أتى للزيارة كعادته ومعه .....عبد الله .
لم أصدقها أول الأمر، كنت أتطلع نحوها بذهول ،وعندما أقسمت لي أنها تقول الحقيقة ركضت نحو الساحة المخصصة للزيارة "
.................................................. .............................
ساحة الزيارات
منذ عامين ..
دلفت راكضة .
تسمرت مكانها للحظات تتطلع إلى وجه الصغير جالسا على ركبة والده .
هبطت دموعها دون أن تشعر و أسرعت تخطفه من بين يدي رحيم ،تحتضنه بقوة بينما تشهق بالبكاء بصوت عالي .
ظلت تحتضنه وتقبله منفصلة عما حولها حتى أخرجها صوت رحيم من عالمها الخاص بها هي وطفلها
" اشتقت إليك يا شهلاء "
أغمضت عينيها تدفن وجهها بين طيات ملابس ابنها.
'ليس الآن …ليس وهي بكل هذا الضعف '
هكذا همست لنفسها قبل أن تستغرق بعض الوقت كي تتسلح بدرع الجمود الذي سيطر على ملامحها ونظراتها وهي تتطلع نحوه أخيرا بعد طول فراق .
رأت الألم يختلط بالشوق في نظراته قبل أن يهمس بوجل
" أنا.......آسف ."
أغمضت عينيها مرة أخرى و الغصة تتضخم لتتحكم بها بشدة.
همست بجمود رغم بعض التوسل الذي شاب نبرتها
" أصمت يا رحيم "
لكن لم يصمت رحيم
سألها هامسا بلوعة
" ماذا أفعل يا شهلاء .
اخبريني كيف أكفر عن ذنبي في حقك و ....حقهن؟"
تحولت ملامحها إلى صورة مجسمة من الوجع والقهر وهمست بخفوت
" أصمت يا رحيم "
لم يصمت، بل همس بعذاب
" حاولت أن أبحث عنهن.
لم أستطيع أن أصل إليهن.
علمت طريق واحدة منهن لكني وجدتها متزوجة فخشيت أن أقترب منها فتتدمر حياتها مرة أخرى بسببي.
ذهبت لأسأل وليد إن كان يعرف شيئا عنهن لكني صدمت بأنهم وجدوا جثته في إحدى الأركان بعد عدة أيام من موته مقتولا ..
ماذا أفعل؟
ساعديني يا شهلاء .
كيف أصل لهن، وإن وصلت ،ماذا أفعل ليسامحنني؟"
لم تجبه.
ظلت تلاعب طفلها و تتحدث معه بخفوت حتى انتهى وقت الزيارة فقبلت الصغير بلهفة حارقة قبل أن تناوله لوالده وتقف لتغادر، لكنها التفتت بوجهها تخبره بخفوت جامد
" ماذا يفيد الشاة بعد ذبحها سيد رحيم ؟
صك غفرانك الذي تبحث عنه باستماتة لن تجده معي أبدا "
و......غادرت .
.................................................. ..............................
غرفة السجن
الوقت الحالي..
عندما لاحظت شهلاء صمت وداد وملامحها، همست لها
" قولي ما تريدين قوله يا أستاذة، لن أغضب "
تحدثت وداد بهدوء حذر
" كنت قاسية معه يا شهلاء "
أجابتها شهلاء بمنتهي البساطة
" نعم ولما لا ؟!
ألا يحق لي بعض القسوة ؟!
أتستكثرون حتى القسوة علينا ؟! "
صمتت وداد قليلا قبل أن تسألها
" لماذا لم تطلبي الطلاق منه يا شهلاء ؟"
اتسعتا عينا شهلاء متفاجئة من السؤال .
ارتبكت و لاحظت وداد ذاك الارتباك.
أعطتها كل الوقت وانتظرت بصبر حتى اعترفت شهلاء بشجاعة حسدتها وداد عليها
" خفت .
أنا أضعف من أن أطلب الطلاق.
لا أعلم لماذا
كل ما أعلمه أنني .....لم أتجرأ على التفوه بها ."
بعض الانكسار شاب نبرتها وكم احترمت وداد صراحتها، كما احترمت صمتها حتى سألتها بهدوء
" وظل رحيم يأتي لك بعبد الله في كل زيارة؟ "
ابتسمت شهلاء من بين غيوم انكسارها تومئ برأسها
" نعم .لم يترك موعد زيارة واحد إلا وآتاني به.
سيتم الأربع سنوات بعد عدة أيام.
لقد أصبح رجلا صغيرا شديد الوسامة.
لا أستطيع أن امنع نفسي من البكاء كلما أراه أمامي وكلما يناديني ب أمي.
يخبرني أنه يقضي معظم النهار مع والده في المتجر ،ويذهب معه الى المسجد .
يحكى لي عن غرفته و عن الطعام الذي تحضره له تلك السيدة التي أحضرها رحيم من أجل التنظيف و إعداد الطعام ورعاية والدته .
يسألني عن موعد خروجي حتى أعيش معهم ،وهذا تحديدا أكثر ما أحمل همه ."
وجمت فسألتها وداد
" ماذا قررت أن تفعلي بعد أن تنتهي مدة السجن ،لم يبقى فيها سوى بضعة أسابيع، أليس كذلك؟"
أومأت شهلاء بقنوط
" نعم . سيادة اللواء أخبرني عن تاجر كبير يريدني أن أستمر في العمل معه بعد خروجي مقابل مبلغ مالي جيد جدا كل شهر .
ذات مرة صنعت عروسة من خيوط الصوف ،عندما رآها الرجل في معرض مشغولات السجن طلب من سيادة اللواء أن أصنع المزيد و اشتراهم كلهم .
يريدني أن أستمر في صنع العرائس وملابس و احذية من أجل العرائس أيضا. "
همست وداد مبتسمة
" نعم ،رأيت مثل تلك العرائس، رائعة و تحبها الفتيات للغاية. وأين ستقيمين؟"
سألت وانتظرت الإجابة بترقب حتى همست شهلاء
" لا أعلم. أظن أنني سأستأجر شقة صغيرة بجوار السوق، فأنا لن أبعد عبد الله عن والده .عندما أتت السيدة نبيلة تزورني منذ بضعة أسابيع أخبرتها عن أمر العرائس ووافقت أن أعود للعمل في متجرها لصنع العرائس .
قررت أن يبقى عبد الله معي وبذلك سيبقى مع والده طيلة النهار ،لأن متجره أمام متجر السيدة نبيلة "
صمتت وداد ،فهي لن تخبرها الآن أن ما تقوله صعب للغاية .
هل تتخيل شهلاء أنها ستتحمل ذلك الوضع خاصة وأنها لم تتعالج بعد من تلك الرواسب النفسية التي تملؤها..؟!
اعتدلت وداد في جلستها تتحدث بجدية صادقة
" حقيقة أنا لا أعلم كيف أشكرك على هذه الفرصة التي منحتني إياها يا شهلاء .
صدقا ،وبدون أي مجاملة ،أنا سعدت وتشرفت بمقابلتك اليوم وبالحديث معك .
رحلتك في الحياة غنية بالعبر و الدروس، وأنت قوية لدرجة تثير الإعجاب حقا ..
سأبدأ في تنفيذ شروطك من الغد بإذن الله، لكني أحب أن اخبرك أنني سأكتب في نهاية الجزء الخاص بقصتك أن ' القصة لم تنتهي بعد ' ،فمن وجهة نظري أن الرحلة الحقيقية لحياتك لم تبدأ بعد.
أنا أطلق على كل قصة من قصص الكتاب اسم ' اللؤلؤة ' وأنت ستكونين صاحبة اللؤلؤة السادسة بإذن الله.
أرجو أن تسمحي لي بأن أظل على تواصل معك من حين لآخر حتى أطمئن عليك وعلى عبد الله. "
فكرت شهلاء قليلا قبل أن تومئ موافقة فتشجعت وداد لما تريد أن تقوله
" شهلاء ..
من واجبي أن أخبرك بعدة أمور قبل أن أنصرف، أرجو أن لا تقاطعيني، و أرجو أن تفكري جيدا فيما سوف أخبرك به .
أولا وقبل أي شيء، يجب أن تذهبي إلى طبيب نفسي يا شهلاء.
أنت تحتاجين إلى ذلك بشدة .
بل إنك تأخرت كثيرا في هذا الأمر، أنت تحتاجين إليه منذ تلك الليلة البعيدة .
صدقيني سيفرق معك الأمر بشكل كبير وستجدين النتيجة مذهلة ."
أخذت تقنعها بالأمر، وعندما قرأت بوادر الاقتناع على وجهها انتقلت إلى النقطة التالية
" أريد أن أخبرك أن هناك فرق كبير للغاية بين أن تحبي من اعتدى عليك وأنت تعلمين أنه اعتدى عليك ،وبين أن تحبي شخصا تجهلين كونه هو من تسبب لك بالأذى.
أي أن حبك لرحيم ليس ضد مبادئك التي تستنكر أن تحب الفتاة مغتصبها أو منتهكها، شتان ما بين الأمرين "
رغم جمود ملامحها إلا أن وداد استطردت
" أيضأ هناك فرق بين أن يخطئ ابن السابعة عشر المدلل مفتقر رقابة الوالدين ،وبين أن يخطئ رجل كبير ناضج متزن.."
لم تهتم لملامح شهلاء المعترضة النافرة و أكملت
" حاولي أن تفكري قليلا ' ماذا إن علم المذنب أنه مهما تاب أو استغفر أو حاول أن يصلح خطأه، لن يسامحه البشر مهما فعل، هل تتخيلي شكل العالم وقتها؟!
لماذا سيحاول المذنب أن يتوب ويكفر عن ذنوبه إن علم بأن الناس لن تقبل ولن تغفر مهما فعل ؟!
لن أجبرك على أن تعودي إليه، لكن أريدك أن تفكري جيدا .
تخيلي عبد الله مكانه وفعل ما فعله والده.
اخبرني عن شعورك إن أصر هذا الرجل الذي صدمته على أن لا يسامحك أبدا، كيف سيكون حالك وقتها ؟! "
صمتت قليلا حتى تستوعب شهلاء الحديث ،ثم استطردت بثقة
" و آخر ما سأخبرك به و أوصيك عليه هو أنت يا شهلاء ."
رفعت الأخرى رأسها تنظر إليها بصمت
" أحبي نفسك يا شهلاء فهي تستحق أن تحب.
إبحثي عما يسعدك ويريحك وإفعليه.
لا تحملي نفسك أكثر مما تستطيع وتحتمل.
إفتحي صفحة جديدة مع نفسك .
لا تفعل شيئا إلا وأنت راضية و متقبلة."



الكاتبة ايمان جمال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 06:04 PM   #84

الكاتبة ايمان جمال

? العضوٌ??? » 476288
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 33
?  نُقآطِيْ » الكاتبة ايمان جمال is on a distinguished road
افتراضي

الخاتمة

بعد مرور بضعة أسابيع..
مكتب عبد العظيم .
السجن ..
ابتسم بأبوية و وقار قبل أن يتمتم برزانة
" حان الوقت يا شهلاء ؟"
أومأت بحزن
" نعم ،حان الوقت سيادة اللواء، رغم أنني حقا لا أريد أن أغادر ."
عبس عبد العظيم و سألها بنبرة لائمة
" على ماذا اتفقنا يا فتاة ؟!"
أجابته بحياء
" أعتذر من سيادتك، لكني أخبرك عما أشعر به حقا .
لا أقصد بحديثي أنني حقا أريد أن أظل هنا ، على العكس، أتوق للغاية لأن أخرج كي لا أبتعد عن طفلي مرة أخرى.
أنا فقط....أشعر بالتخبط. "
حركت كفيها بحيرة قبل أن تكمل
" أشعر بالتشوش.
لا أثق في صحة قراراتي و لا ......"
صمتت قليلا ثم استطردت بقنوط
" أنا خائفة "
ابتسم عبد العظيم بأبوية
" جيد . الخوف شيء جيد كي نأخذ حذرنا ،لكن لا تدعيه يتمكن منك ،كوني أقوى من خوفك .أنت امرأة قوية وشجاعة وذكية .
و ذلك كاف للغاية حتى تطردي ذلك الخوف بعيدا عنك .
بالإضافة إلى كل ذلك، تذكري دائما أنني هنا في أي وقت إن شاء الله.
ووداد أيضأ ،لا أعلم ماذا فعلت لها ،فهي لا تكف عن السؤال عنك كل بضعة أيام. "
ابتسمت بامتنان عاجزة عن الرد بما يليق .
لم تجد سوى بضع كلمات
" أشكرك على كل شيء "
...............................................
أمام قسم الشرطة.
بعد أن أنهت إجراءات خروجها..
خرجت من الباب لتجد رحيم أمامها.
كانت تعلم بوجوده، أخبرها الضابط أن أحدهم ينتظرها، وبالطبع لن يكون أحدهم ذاك شخص آخر غير رحيم .
ارتجف جسدها قليلا برؤيته ككل مرة ،وكالعادة لم تبذل أي جهد حتى تحلل سبب تلك الرجفة..
همس لها بصدق
" حمدا لله على سلامتك "
بادلته الهمس
" أين عبد الله؟"
تنهد لكن بصبر
" ينتظرك يا شهلاء ،كما ينتظرك .....والده ،وينتظر غفرانك "
توقفت خطواتها دون أن تلتفت نحوه .
أخذت نفسا عميقا قبل أن تتمتم بصعوبة
" ليس الآن من فضلك .
لا تجبرني على حديث يؤلم كلانا.
أنت و أنا نعلم أن الأمر أعظم من أن نتحدث عنه بهذه البساطة .
لكن ما دمت تصر على ذلك ،و ما دمت لا تريد أن تنتظر فلتعلم أننا إن تحدثنا سيكون حديثنا حول الغفران ،أما ما يخص..... انتظارك لي فهو أمر محسوم بالنسبة لي ،لن أقبل أي حديث يخصه"
نطقتها و تحركت تغادر البناية بخطوات تبدو ثابتة على عكس رعشة أحشائها القوية ..
.................................................. ..............................
بعد مرور عدة أيام..
ناولتها الطبيبة محارم ورقية عندما هاجمتها الدموع مرة أخرى..
انتظرت حتى هدأت ثم أخبرتها بابتسامة هادئة مشجعة
" إن كنت لا تقدرين على المواصلة يا شهلاء ،سنكمل في المرة القادمة .
عادة ما تكون أول جلسة هي الأصعب. "
التقطت شهلاء المحارم تومئ باضطراب
" نعم ،فلنكتفي بهذا القدر أرجوك، أو على الأقل نكتف اليوم بما حكيناه عن الماضي ،أريد أن أتحدث عن الحاضر أرجوك، فأنا لم أعد أحتمل "
سجلت الطبيبة بعض الملاحظات بينما تسألها بهدوء
" قولي ما تريدين يا شهلاء "
انطلقت شهلاء تحكي باندفاع
" لا أتحمل رؤيته كل يوم .
الأمر أصعب و أقسى مما تخيلت .
كنت أظن نفسي قوية لكنني اكتشفت أنني أضعف مما تخيلت ."
أغمضت عينيها تستطرد بألم
" حتى عملي في المتجر لا أعطيه كامل تركيزي .
كلما فكرت في أن أبتعد أتذكر طفلي و أخبر نفسي أن بقائه بجوار والده هو الأفضل له .أشعر بأنني أجبن من أن أبتعد .
أشعر بالخوف من مجرد الفكرة ،وفي نفس الوقت، وكلما أراه، أتذكر وجه زهراء ،بل وأتذكر هيئة الفتيات وقت عودتهن صبيحة يوم الجمعة من منزل تلك المرأة.
أسهر ليلا أفكر أن ' ماذا إن سامحت و نسيت أو تناسيت؟!'
أقنع نفسي أنه تغير ،و أن رحيم الجديد شخص جيد للغاية ،يكفي أنه انتظرني لسنوات وأنا في السجن .
يحاول أن يكفر عن ذنوبه ويبدو أنه يتعذب من أجل ذلك.
أخبر نفسي أن ' ماذا إن نسيت أنني اكتشفت حقيقته ،ونكمل حياتنا بشكل طبيعي؟!'
لكن ، وفجأة بدون أي مقدمات ، تنهار كل ثوابتي و يشق الألم صدري بخنجر ثلم عندما أتخيله يلمسني من جديد .
تثور معدتي ويهاجمني شعور القيء.
يتملكني النفور ،و تهاجمني تلك الرائحة القديمة.
عندما يأتي إلى شقتي ليحضر عبد الله أو ليحضر أي أغراض ، أقف أمامه أتصنع الثبات والقوة واللامبالاة ،لكني أكاد وقتها أن أذوب و أتلاشى مما أشعر به، فأنا أشعر أمامه وكأني....عارية .
لا أعلم لماذا أشعر بذلك لكنه شعور بشع ،أريد أن أتخلص منه .
أرجوك ساعديني.
أنا جئت هنا فقط من أجل ذلك ."
سألتها الطبيبة بنفس الهدوء
" من أجل ماذا يا شهلاء ؟"
هتفت شهلاء بتوسل
" من أجل أن تجدي لي حلا.
أريد أن أقدر على تحمل رؤيته.
كيف سأكمل حياتي هكذا ؟!
طفلي يجب أن يكبر بجانب والده، لن أجعله يتيما بيدي انا ووالده حي يرزق. "
سألتها الطبيبة مرة أخرى
" تريديني أن أساعدك على تحمل رؤيته فقط ،أم أيضا على تحمل....لمساته لك وتعود حياتكما الزوجية لتكون طبيعية ؟"
تقوست ملامح شهلاء بنفور شديد فسألتها الطبيبة باهتمام
" أخبريني عما يدور بعقلك في هذه اللحظة تحديدا يا شهلاء .
ماذا قفز إلى خيالك الآن وأنا أسألك؟"
همست شهلاء بنبرة متألمة موجوعة
"تذكرت زهراء و بقية الفتيات .
تذكرت هيئته وهو مقيد للكرسي يحكي ما كان ."
همست الطبيبة تتصنع الحيرة ،بينما نظراتها حول شهلاء تراقبها بحذر
" غريب ، الذكرتان متناقضتان من وجهة نظري .
الأولى ،كان رحيم فيها أقوى ما يكون .
بينما في الثانية كان ضعيفا .!!"
ضيقت شهلاء عينيها لا تستوعب ما تقوله الطبيبة ولا تفهم ما تقصده ،لكن تلك الكلمات ظلت تدور بداخل عقلها طويلا حتى فاجأتها الطبيبة بسؤال آخر..
" هل مازال الرجل يعمل لدى رحيم في متجره؟"
رفعت شهلاء وجهها تتطلع نحو الطبيبة بتيه ،فاستطردت الأخيرة توضح أكثر
" ذلك الرجل الذي صدمتيه بالسيارة "
أخفضت شهلاء رأسها تهمس بخفوت حزين
" نعم، مازال هناك "
صمتت فسألتها الطبيبة
" هل رأيته وحدث بينكما أي حوار ؟"
أغمضت عينيها قليلا قبل أن تهمس بألم
" رأيته..كنت أقف أمام المتجر أنتظر عبد الله.
عندما تأخر اقتربت من متجر رحيم لأفاجئ بالرجل يخرج منه "
سألتها الطبيبة باهتمام شديد
" هل تعرفت عليه من أول نظرة ،أم "
قاطعتها شهلاء
" تعرفت عليه بمجرد أن وقعت نظراتي عليه .
وجهه لم يفارقني لليلة واحدة طيلة تلك السنوات."
سألت الطبيبة
" ماذا فعل معك ؟"
أشاحت الأخرى بوجهها قبل أن تجيب بشرود
" لم يتعرف عليّ أول الأمر لكنه توقف عندما رآني لا أبعد نظراتي عنه .
أخفضت وجهي أتطلع إلى ساقه اليسرى، تبدو لمن لا يعلم ساق طبيعية ،لكني أنا أكثر من يعلم عما حدث لتلك الساق .
يبدو أن نظراتي أثارت انتباهه فتعرف عليّ و ألقى السلام ."
صمتت طويلا هذه المرة قبل أن تستطرد بألم
" يلقي عليّ السلام بعد ما فعلته به !!!!!
ظهر رحيم فجأة فرحب به الرجل بشدة قبل أن يستأذن وينصرف "
سألتها الطبيبة بهدوء
" لم يوجه لك أي كلمة ؟!"
حركت شهلاء رأسها بالنفي
" لا ،لم يتفوه إلا بالسلام .
لكنه ابتسم لوجه رحيم باحترام شديد وامتنان صادق ..
غادر مبتسما يهتف لرحيم بأنه سيكون في المتجر غدا مبكرا كما وعده كي ينهي كل العمل المتراكم عليه ."
همست الطبيبة بإقرار
" أي أنه متقبل لوضعه وحالته "
أجابتها شهلاء بقنوط
" وماذا أمامه سوى ذلك ؟!
لم يختر أن يفقد ساقه ،أنا من أجبرته على ذلك ."
دمعت عيناها فهتفت بوجع
" لم يستطيع أن يتطلع نحوي سوى للحظات فقط ثم أشاح بوجهه بعيدا وكأنه لا يطيق وجودي .
ما آلمني أكثر هو أن رحيم هو من رمم ما دمرته أنا..
سعيدة لأن الرجل وجد راحته مع رحيم في العمل ولم ينقطع رزقه بسببي، لكن كل ذلك كان على يدي.....رحيم، وكأنه يقسم على أن لا يترك شيئا في حياتي بدون ان يكون له علاقة به "
.................................................. ......
بعد مرور عدة أيام..
تعد الطعام بسرعة فكلها بضعة دقائق ويصل عبد الله، فهو يبقى مع والده في متجره طيلة النهار قبل أن يحضره إلى هنا و يغادر كعادته كل يوم.
سمعت الطرقات على الباب فأسرعت تفتح بعد أن إرتدت أسدال الصلاة.
حاولت أن لا تنظر إلى وجه رحيم، تركز بنظراتها على وجه ابنها فقط رغم أن الطبيبة نصحتها بالعكس، أخبرتها أن تحاول أن تعتد على رؤية وجهه لكنها حقا لا تستطيع ..
مازال عقلها عاجز عن الدمج بين الرحيمين، رحيم القوى الفاسق ،ورحيم الضعيف التائب..
لم يغادر رحيم كعادته كل ليلة .
تفاجأت به يدلف إلى الشقة ويغلق الباب .
ارتجفت ورفعت وجهها تتطلع إلى وجه بصدمة .
همس رحيم بنبرة حزينة
" لا تخافي ،لن أؤذيك، أقسم على ذلك "
همست هي بخفوت بعد أن تخطت صدمتها
" ماذا تريد يا رحيم ؟"
أجابها بثبات
" أريدكما معي يا شهلاء .
لقد استأجرت شقة أخرى منذ سنوات .
تعالي و أقيمي بها ،ستكون لك غرفة غير غرفتي .
لا تتحدثي معي أبدا إن أردت.
سنتعامل كالأغراب إن شئت، لكن ونحن معا في بيت واحد.
أرجوك لا تعترضي يا شهلاء ."
أجابت بحزم
" لا "
عاجلها رحيم
" شهلاء ،أنت "
قاطعته
" هل نسيت ما حدث يا رحيم ؟
هل حقا ترى الأمر بسيط هكذا؟"
أجابها بصدق
" أقسم أنني لم أنسى ولو للحظة .
أنا أحيا في جحيم ،حتى أنني كدت أن أغضب ربي وأنا أطلب منه أن يقبض روحي لأرتاح. طلبت منه الموت حتى يحاسبني و أرتاح. "
صمت طويلا بعد أن اشاح بوجهه للجهة الأخرى.
طال صمته حتى هدأ قليلا والتفت يخبرها بهدوء
" أريدك أن تأتى معي غدا صباحا ،سآتي لأصطحبك أنت و عبد الله "
هتفت بالرفض فقاطعها
" سننهي بعض الإجراءات المهمة فأنا حجزت لنا في رحلة عمرة "
اتسعت عيناها تتطلع إليه بغير تصديق
" ماذا؟؟"
رقت ملامحه يجيبها بهدوء
" ذهبت انا و أمي إلى الحج منذ بضعة سنوات ، وكم ارتحت وقتها و شعرت بصفاء ذهني.
أشعر أنك تحتاجين إلى مثل ذلك ،وأنا أيضا أحتاج لأن أذهب إلى هناك مرة أخرى "
اغرورقتا عيناها بالدموع لا تصدق أنها ستذهب لقضاء العمرة ..
كان حلم لها .
كم تمنت أن تذهب إلى هناك، تجلس في الروضة الشريفة وتبكي .
أقصى أحلامها أن تبكي أمام قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وتشكو له.
تطلعت إلى رحيم ثم أغمضت عينيها بألم.
لا تريد أن تذهب بأمواله.
لا تريد منه أي شيء.
وافقت على أن ينفق على طفلها لأنه حق ابنها ولن تفرط فيه ،لكنها ترفض أي نقود منه لها هي .
قرأ حيرتها وعذابها فهمس بألم ..و أمل
" أنت زوجتي يا شهلاء .
من حقك عليّ أن آخذك إلى العمرة او الحج إن كنت أستطيع. "
زاد وجعها و ظهر البؤس على وجهها وهي تتذكر كلمات السيدة نبيلة عن الحقوق ..
"لا يا شهلاء ،لن اسمح لك بأن تغضبي الله.
عندما رأيناك تستأجرين شقة وتقيمين فيها مع ابنك ظننا أن رحيم طلقك ،لكنه أوضح للجميع أنك ما زلت زوجته حتى لا يتحدث أحد عليك بالسوء عندما يراه يدلف إلى شقتك ليلا ،و لأنني أعرف رحيم جيدا و أعلم كم هو رائع، فأظن أنك أنت من تمنعين نفسك عنه ،وهذا خطأ كبير يا شهلاء .
رحيم زوجك وله عليك حقوق .
حقوقه الزوجية سيحاسبك الله عليها ،لا تنسى ذلك .
أمامك حل من بين إثنين ،إما أن تتقى الله في زوجك الذي انتظر وصال زوجته خمس سنوات ،أو أن تطلقا ويبحث كل منكما عن حياته مع شخص آخر "
تقوست ملامحها وهمست لنفسها بسخرية مريرة
" نعم ،كيف لهم أن يروه سيئا؟!
هو الملاك البريء بالنسبة لهم ،وأنا هي المذنبة .
لم يروا غير رحيم واحد ،لا يعلمون أي شيء عن رحيم الآخر بالطبع..
والآن، أصبح له حقوق عليّ ويجب أن يأخذها كاملة وإلا أكون مذنبة و أستحق العقاب !!!!!!!!! "
خرجت من شرودها على صوت رحيم يهمس باسمها
" شهلاء، سأمر عليكما غدا في التاسعة صباحا بإذن الله "
كان سؤالا ينتظر إجابة، و أجابته شهلاء بعد صمت طويل بإيماءة من رأسها..
تنهد رحيم و ابتسم لوجهها ولوجه طفله قبل أن يغادر ويتركها على جمودها .
.................................................. ....
بعد مرور بضعة أسابيع..
في الطائرة بعد أن أديا العمرة ..
استجمعت شجاعتها ' وقد أصبح ذهنها أكثر صفاءا و روحها أكثر اطمئنانا بعد أن أدت كل مناسك العمرة ،وبعد أن بكت أمام قبر الرسول كما تمنت وحلمت '.
فتحت حقيبتها و أخرجت مجلد صغير وصل لها عن طريق البريد قبل أن تذهب إلى العمرة .
مدت أصابعها تلمس الحروف الصغيرة المخطوطة على غلاف المجلد.
إبتسمت بشجن شديد وهي تقرأ الكلمات
***اللؤلؤة السادسة ....وطأة اللمسات***
لم تكن اللؤلؤة السادسة فقط ما وصل إليها عبر البريد ، فقد أرسلت لها وداد أيضا العديد من المجلات والصحف التي تحدثت عن الحملة الصحفية الضخمة التي تقودها الصحفية وداد العهد ،والتي تطالب من خلالها بأن يكون لدور الأيتام نصيب ثابت كل عام من موازنة الدول المالية ،و أن يتم بناء مدينة كاملة لهم في كل دولة تخضع للرقابة و يكون لها موارد مالية ثابتة ..
...
أرسلت لها وداد أيضأ خطابا صغيرا تخبرها فيه أنها لم تنسى بقية الشروط وأنها أبدا لن تهدأ حتى تنفذها كلها ..
...........................
دمعت عيناها بتأثر شديد وهي ترى جزءا مما حلمت به يتم تنفيذه بالفعل ..
انتبه رحيم 'الجالس بجوارها يفصلهما مقعد الصغير ' لدموعها فتطلع نحوها بحزن ..
أدركت أنه يظن دموعها بسببه وبسبب وجوده بجانبها ،لكنها تجاهلت الأمر ومدت كفها بالمجلد الصغير تناوله إياه..
التقطه منها ينظر إليه ثم إليها بتعجب ،فأخذت نفسا عميقا قبل أن تهمس بشجاعة
" إن أردت أن تقرأه فستجد بداخله كل شيء عما حدث قديما منذ أن فتحت عيني ووجدت نفسي طفلة صغيرة في دار أيتام وحتى لحظة خروجي من السجن "
أظلمت ملامح رحيم و اهتز المجلد بين أصابعه قبل أن تستطرد هي بهدوء
" وإن لم تشأ أن تقرأه فيهمني أن تعلم أنني.......كذبت عليك ."
تطلع لها فتابعت بشجاعة
" لم يلمسني .....غيرك "
تجمد بنظراته عليها وكأنه تمثال من حجر ،فاستطردت بهدوء
" أردتك أن تتألم ويقتلك القهر فكذبت عليك.
لم أدلف إلى تلك الغرفة القذرة سوى مرة واحدة فقدت وعيي فيها لأستفيق وأجد صاحبة المنزل أمامي تصرخ في وجهي .."
أغمض رحيم عينيه وظل هكذا طويلا حتى رأت دمعة صغيرة تتدحرج على وجنته بهدوء ..
رأته يتمتم بكلمات لم تسمعها جيدا ولم تهتم لأن تعرفها من الأساس.
.........................
عندما طال صمته وفقدت الأمل من أن يتحدث قررت أن تخبره عما قد قررته..
" أريدك أن تطلقني "
فتح عينيه والتفت يتطلع إليها بذهول
سألها باستنكار شديد
" ماذا؟؟!!!
تمدين كفك لي ببستان زهور ،و بالكف الأخرى خنجر قاتل؟؟!!"
مسح بكفه على وجهه قبل أن يهمس بحزم
" لن أطلقك يا شهلاء، فلا تتعبي نفسك "
همست تخبره بهدوء
" يقولون أن لك عليّ حقوق ،وإن لم تأخذها سأكون أنا مذنبة في حقك أنت؟؟!!!!!!
هل تستوعب ذلك ؟؟!!!
لا أريد أن يكون لك أي حقوق عندي .
أريد أن يبقى الحق لي ،وفوق عاتقك أنت، ولا تقلق ،لن أبعد عبد الله عنك ،من أجله هو وليس من أجلك، سأظل في شقتي "
استغفر رحيم ربه بهمس قبل أن يخبرها بنبرة جادة وهو يضغط على كل كلمة
" لن أطلقك يا شهلاء .
حقوقي التي تتحدثين عنها أنا أعفيك منها.
أشهد الآن أمام الله أنني أتنازل عنها ......حتى تعفين عني.
كما أشهد أنني لن أكف عن المحاولة مهما طال الوقت يا شهلاء، لكني سأدعو ربي ليل نهار أن يهديك لي عاجلا وليس آجلا "
.................................................. ..........................
بعد مرور بضعة أسابيع..
عيادة الطبيبة النفسية..
تطلعت شهلاء نحو الطبيبة قليلا ثم سألتها
" أنت غاضبة مني أليس كذلك؟"
أجابت الطبيبة بهدوء
" ولماذا قد أغضب منك ؟!
هذه هي حياتك أنت ، وأنت الوحيدة القادرة على تحديد ما في صالحك.."
تعمدت الطبيبة أن تتركها لحساب نفسها .
أكثر ما يفيد المريض النفسي او حتى الشخص العادي، هو أن يجلس هكذا أمام نفسه يسألها ويسألها ويظل يسألها حتى يصل معها وبها إلى بر أمان مقبول لكليهما..
هتفت شهلاء بألم
" ماذا كنت أفعل؟!
كيف ينتظر مني الغفران ؟!
كيف يظنها سهلة أو هينة ؟!
كيف يتخيل أن النسيان سهل هكذا؟؟!!!
ألأن حياته كانت أسهل و أجمل من حياتي المظلمة ؟!
النعم كانت ومازالت تحاوطه من كل جانب ،لذلك هو يظن أن كل شيء سهل ، ينتظر الغفران والنسيان بسهولة حياته !!!!"
تحتفظ الطبيبة بصمتها حتى تخرج شهلاء كل أسئلتها الذاتية ، بينما تتطلع شهلاء نحوها وهي تخبرها بألم أكبر
" هل تعلمين أنني ذهبت إلى ذلك الرجل الذي ....صدمته بالسيارة ؟!
ذهبت إليه مرة أخرى لأطلب الغفران ،فأنا في المرة الأولى وقفت أمامه عاجزة عن الحديث أو التفوه بأي كلمة .."
هبطت دموعها قبل أن تستطرد
" اعتذرت منه .
لم أستطع أن أتطلع في عينيه لكني طلبت منه أن يسامحني "
عندما صمتت طويلا سألتها الطبيبة
" وماذا كانت إجابته؟"
رفعت الأخرى وجهها تخبرها ببؤس
" رفض..
أخبرني أنه راض بقضاء الله وقدره.
أخبرني أنه سعيد لأنه مازال يعمل و يطعم أطفاله لكنه كلما يأتي المساء و يخلع الطرف الصناعي حتى ينام ،وقتها يتذكر الحادث.
يحمد الله لكنه لا يستطيع أن ينسى ما فعلته به ."
تركتها الطبيبة تبكي كما تشاء حتى انتهت و هدأت..
تناولت الطبيبة دفتر وقلم ووضعتهما أمام شهلاء على المنضدة .
نظرت لهما شهلاء ثم تطلعت الطبيبة بتساؤل.
" أكتبي هنا يا شهلاء.
فكري جيدا ثم دوني النعم التي انعم الله عليك بها لكن مع الترقيم ، أعطي كل واحدة منهن رقم ."
تركتها الطبيبة وعادت لتجلس على مقعدها تراقب بصمت .
مرت لحظات قبل أن تمسك شهلاء القلم وتبدأ بأول رقم .
انتظرت الطبيبة حتى انتهت ،فالتقطت الدفتر وقرأت.
كما توقعت تماما، شهلاء كتبت عن نعمة الإسلام، عددت نعم جسدها من الصحة، النظر ،السمع وغيره، وبعدهم مباشرة كتبت ولادة عبد الله، وكان ذلك آخر ما كتبته ...
تطلعت الطبيبة بهدوء نحو شهلاء التي تتطلع إليها هي الأخرى لكن بحذر مترقب .
التقطت الطبيبة القلم و بدأت تكتب وهي تتحدث
" أنا إن كنت مكان شهلاء كنت لأكتب أشياء كثيرة بالإضافة إلى كل ذلك..
مثلا كنت سأكتب عن نعمة أن يضعوني في دار أيتام بينما المئات من الأطفال مشردون في الشوارع. "
اتسعت عينا شهلاء تستمع بشعور غريب بينما تستطرد الطبيبة
" كنت سأكتب عن السيدة بهجة ، امرأة جميلة للغاية وضعها الله في طريقي في مرحلة مهمة من مراحل حياتي.. كنت سأكتب عن حديث زهراء الذي نبهني لحدوث شيء خاطئ قبل أن أذهب إلى ذلك المنزل ، الإغماء الذي أصابني قبل أن يكمل الشاب ما بدأه، عن فكرة أن أغرق نفسي برائحة الثوم والبصل والتي كانت سبب في نجاتي من مرات تحرش أخرى، عن العم محروس الذي ترك حياته كلها و استمع إلى توسلي ورافقني إلى حيث أريد، عن وجود أشخاص مثل نبيلة، سوسن ،عبد الغفور ،نجوان ووالدتها في حياتي."
صمتت الطبيبة قليلا قبل أن تستطرد بنبرة مختلفة
" عن وجود رحيم.."
تجمدت ملامح شهلاء بعض الشيء فلم تهتم الطبيبة وأكملت
" شخص مثله ساعدني ووقف بجواري في مواقف صعبة .
قرر أن يتزوجني رغم أن غيره رفض .
زرع الله حبي في قلبه .
رمم ما خربته أنا عندما صدمت الرجل و تسببت في بتر ساقه.
لم يمل و ظل بجواري طيلة خمس سنوات طويلة رغم وجودي في السجن ..
لم يبتعد وينفر بعد أن أصبحت صاحبة سابقة إجرامية.
اعترف بابنه مني ولم يتنصل من مسؤوليته عنه وعني. "
شردت شهلاء فتركتها الطبيبة قليلا في شرودها قبل أن تستطرد متعمدة أن تبتعد بحديثها عن رحيم
" اللواء عبد العظيم ووقوفه بجواري ..
فترة وجودي في السجن ،فبالطبع لا تمر سنوات السجن على المسجونات بشكل جيد و هادئ كما حدث معي ، هناك من يخرجون من السجن بعقد و ميول انحرافية أكثر من ذي قبل ، بل وهناك من ينهار تماما ولا يستطيع أن يتحمله ،بل وجدت نفسي مرتاحة في السجن و جمعت بعض النقود ..
سأكتب أيضا عن التاجر الذي أصر على أن يظل على التعامل معي و شراء ما أصنع رغم أنني في نظر الكثير من الناس مجرد.....صاحبة سابقة إجرامية..
وهناك ذلك الرجل الذي صدمته، يجب أن أتحدث عنه ،فمجرد أن يقف ويتحدث معي ويخبرني أنه راض بما حدث ،ذلك نعمة كبيرة من الله، ففي أحوال أخرى كان من الممكن أن يسعى للانتقام مني .."
رفعت الطبيبة نظراتها تتطلع إلى شهلاء
" ما رأيك يا شهلاء؟
هل أخطأت فيما كتبته؟"
لم تجبها شهلاء فأسرعت الطبيبة تضرب على الحديد وهو ساخن
" هناك شيء آخر أريد أن أسألك عنه "
حاولت أن تقلد صوت شهلاء وتعيد نفس كلماتها
" إحم إحم، كيف تقفين أمام الرجل الذي صدمته وتطلبين منه الغفران بعد أن تسببت في بتر ساقه؟!
هل تظنين الغفران سهل ؟!
هل تطلبين منه أن ينسى بسهولة ؟! "
عادت تتحدث بصوتها الطبيعي
" تستكثرين على رحيم أن يطلب غفرانك بينما تطلبينه من رجل تسببت له في عاهة مستديمة يا شهلاء !!"
.................................................. ...............................
بعد أن عادت شهلاء من عيادة الطبيبة ..
دلفت إلى شقتها وأغلقت الباب من خلفها..
صوت وصول رسالة أخرجها من دوامة الأفكار التي ادخلتها إليها الطبيبة بحديثها..
فتحت الرسالة لتجدها من رحيم
**شهلاء ،لا تقلقي على عبد الله فهو أصر أن يأتي معي لزيارة جدته ،سأحضره لك بعد صلاة العشاء **
ظلت تتطلع إلى الهاتف قليلا قبل أن تغلقه وتتهاوى جالسة على الأرض تستند برأسها إلى الحائط.
تتذكر حديث الطبيبة ..
تتخيل لو أنها حقا لم تحصل على كل تلك النعم !!
لو لم تأتيها فكرة الثوم والبصل وأرسلوها إلى هناك مرة أخرى..
لو لم يوافق محروس على أن ترافقه.
لو لم تجد اناس طيبين كعبد الغفور و أسرته، أو كسوسن ونبيلة .
لو كان السجن بشعا ولم يساعدها أحد بداخله ..
لو لم تقابل ......رحيم ؟!!!
لو كان شخصا سيئا لم يتحملها ويتحمل ما مرت بها حتى وإن كان مذنبا ؟!
'كان من الممكن أن يتركني ويبتعد و ينسى كل شيء بدون أن يهتم لتوبة أو لتصحيح أخطاء..
ماذا كنت سأفعل إن لم يوافق على استقبال طفلنا ؟!
ماذا كنت لأفعل إن لم يظل بجانبي؟!
سألني عما يمكنه فعله لينال الغفران، وبدلا من أن أساعده ،صرخت في وجهه وقسوت عليه !!!'
هتف صوت بداخلها ينبهها
" لا تنسى يا شهلاء أنه هو من جني عليك وعلى اخوتك في الدار ، انتهك زهراء بأبشع الطرق يا شهلاء لا تنسى "
انتحبت تبكي وتضرب رأسها للحائط من خلفها، تهتف بمرارة شديدة
" لم أنسى، ولا أظنني سأستطيع أن أنسى في يوم، فلتصمت أيها الصوت اللعين "
سألت نفسها بوجع
" ماذا سنفعل يا شهلاء ؟!
كيف سنستمر في حياتنا بهذا الشكل؟!
إن كنت ترينه مذنبا فلتخبريه بما يفعله كي يكفر عن ذنبه، لماذا تقفين صامتة تشاهدينه يتعذب هكذا ؟!"
هتف الصوت مرة أخرى
" نعم ،يتعذب كما تعذبتن بسببه هو و رفاقه الحقراء .."
صرخت تهتف بقوة
" قلت أصمت ...
كفى ...كفى ..
لم أعد أستطيع التحمل أقسم بالله.."
وظلت تبكي وتبكي حتى هاجمها النوم..
.................................................. ..................................
بعد مرور عدة شهور ...
شقة شهلاء..
ركض عبد الله نحو والدته للمرة السابعة حاملا جهاز ' الآي باد ' الخاص به يسألها عن شيء يقف أمامه في تلك اللعبة الجديدة التي قامت شهلاء بتنزيلها له عبر الإنترنت.
استقبلته شهلاء مبتسمة و وجهته كيف يتعامل مع الجهاز لينهي تلك المرحلة من اللعبة.
وضعت سوسن كفها على وجنتها تهتف بتذمر بعد أن ابتعد الصغير .
" لن نستطيع أن نجلس معا ونتحدث طالما يقاطعنا ذلك ' الفصعون ' كل بضعة دقائق. "
ابتسمت شهلاء تهددها بمزاح
" لا تصفينه بالفصعون يا سوسن حتى لا أعضك، ابني رجل صغير ،و أروع طفل في العالم كله "
هتفت سوسن باعتراض
" أي رجل هذا ؟!
لقد فاق أطفالي في هوايتهم المفضلة في مقاطعتي و تصديع رأسي بأسئلتهم التي لا تنتهي .
حقا لا أعلم من أين لك بكل ذلك الصبر يا شهلاء !
أنا أصرخ في وجوههم إن سألوني مرتين متتاليتين وأنت تجيبينه في كل مرة بمنتهى الهدوء ،بل وتبتسمين في وجهه ؟!!!
ثم أنا لا أفهم كيف تشترون له ذلك الجهاز اللوحي في هذا السن الصغير ؟"
ابتسمت شهلاء تجيبها ببساطة
" عبد الله هو كل ما املك في هذه الحياة.
مرت عليّ بعض الأوقات كدت أن أموت من القلق وأنا أفكر إن كنت سأصلح في دور الأم أم لا ..
أنا تربيت يتيمة ولا أعلم كيف يتصرف الآباء مع أطفالهم.
خفت إن تتبعت فطرتي فقط أن أفشل و أقصر معه .
أحاول أن أقرأ دائما و أستمع إلى برامج تتحدث عن التربية و أصولها.
أحاول بكل طاقتي و أدعو الله أن يوفقني في ذلك فأنا أخشى التقصير"
همست سوسن بتعجب صادق
" عن أي تقصير تتحدثين يا شهلاء ؟!
ابنك ذو الخمس سنوات يتحدث عنه أهل الحي بأكمله.
الولد ' حفظه الله من عيني و أعين الحاسدين ' يسبق سنه في كل تصرفاته.
شيخ المسجد يتباهى بما يحفظه عبد الله من القرآن الكريم وهو في هذا السن الصغير الولد يذهب مع والده إلى المسجد في كل صلاة ،حتى في صلاة الفجر !!
أنا نفسي أرى أنك تزيدينها في أمر صلاة الفجر ذلك ، فالولد مازال صغير للغاية على أن يستيقظ مبكرا هكذا .."
أجابتها شهلاء بهدوء
" عبد الله هو من يصر يا سوسن .
حاولت معه كثيرا لكنه يرفض ،يريد أن يذهب مع والده إلى أي مكان يذهب إليه .
أنا اخلد للنوم مبكرا كما تعلمين و أستيقظ على آذان الفجر وهو يستيقظ معي وينتظر والده يأتي ويأخذه..
كنت أخاف عليه أول الأمر و أخشى من أنه لا يأخذ ما يكفيه من النوم لكني استسلمت في النهاية و فكرت أن ذهابه للمسجد ليس بالشيء السيء ،وأن الله سيبارك له في نومه ."
همست سوسن بصدق
" حماه الله و بارك لك فيه يا حبيبتي، يعلم الله أنني أحبه كحبي لأطفالي "
أومأت شهلاء تجيبها
" أعلم حبيبتي، رحيم حكى لي عما كنت تفعلينه مع عبد الله وأنا في السجن .
لا حرمني الله منك أبدا "
........
بعد بعض الوقت وبعد أن غادرت سوسن ..
نهضت شهلاء لتفتح الباب بعد أن نادت ابنها تحثه على أن يسرع وينهي ارتداء ملابسه، فقد حضر والده ليصطحبه معه لأداء صلاة المغرب ..
فتحت الباب لتجده رحيم بالفعل كما توقعت .
" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كيف حالك يا شهلاء "
همست ترد على سلامه
" وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،بخير نحمد الله، لحظات وسيأتي عبد الله، تفضل بالدخول حتى ينتهي "
ابتسم لوجهها كعادته كلما تقابلا، يثبت نظراته على وجهها لتهرب هي من سطوة عينيه بطريقة تبدو طبيعية .
همس بنفس الابتسامة
" أشكرك ،كنت اتمنى أن أدلف و أجلس قليلا معك لكن لن يتسع الوقت قبل الآذان "
أومأت بتفهم ونظراتها هنا وهناك بعيدا عن عينيه..
وجدته يقرب رأسه منها يهمس بخفوت ومازال يحاول بكل طاقته أن يلتقط نظراتها الهاربة
" عبد الله يريد أن يذهب إلى مدينة الألعاب التي قاموا بافتتاحها الأسبوع الماضي، وعدته أن آخذه إلى هناك ،ما الموعد الذي يناسبك حتى أعد نفسي ؟"
ظلت صامتة للحظات قبل أن تجيبه بهدوء شديد للغاية وكأنها تمارس على نفسها أقصى درجات التحكم
" يوم الجمعة القادم بإذن الله بعد الصلاة مباشرة "
تنهد رحيم ووافقها قبل أن يأتي عبد الله مسرعا ويقطع حديثهما..
غادر مع والده فأغلقت الباب ووقفت تستند عليه بظهرها.
تتطلع إلى الأعلى بصمت بعد أن تنهدت .
لحظات وظهرت ابتسامة رضا على وجهها فها هو العلاج النفسي يؤتي ثماره معها فيما يخص تعاملها مع رحيم .
أبدا لم تكن لتتخيل أن تقف تتحدث معه هكذا بطريقة عادية وبدون أي اضطراب أو نفور ..
استطاعت أن تنجح مع نفسها في أن تفصل بين الرحيمين.
تتعامل الآن مع رحيم الجديد الذي لا يستحق منها سوى الاحترام و المعاملة الطيبة كما يفعل معها ومع طفلهما..
رحيم القديم لا يظهر في عقلها سوى عندما يفتح معها رحيم الجديد أي حديث يخص عودتها إليه، وقتها فقط يعود إليها الاضطراب و يظهر النفور ..
لم يعد يزعجها الأمر.
تفعل كما تخبرها الطبيبة، تتجاهل الأمر و .....تتركه للزمن لعله يداويه إن استطاع ..
....تمت بحمد الله.....

نعم شهلائي
انا المذنب الحامل للإثم
وانا من ناجا ربه وطلب العفو
انا مُدنس النفس والجسد
وبإثمي دنست غيري
انا من عاث في الارض فساداً
ومن تاب وعاد وأناب عن الذنب
انا من رسم منحني جسدك بالإثم
وانا من تذوق مبلغ الحلال بين يدكِ
انا الفاجر التائب من الذنب
ورب الكون يغفر الذنب
وقال من تاب من ذنبهِ فلا ذنب له
فهل اطمع في مغفرتك؟
اسألك بحق سلوي ايامنا ان تغفري ذنبا كدا ان يقتلني
فلترحمي ولتمحي ذكري دنسي
وتنسي فجري
وبين يدك رحيم خُلق من رحم التوبة
من بين انقباضات ومخاض الالم
فكان مولدي متعسرٍ
تُجلدني ذنوبي وتستجير روحي من صراخات القُصر
وآتي الي الدنيا رحيم اخر ولم اعلم ان ذنبي لم يمهلني
وبانه مدركي لا محال ورضيت لعلي انال صك الغفران
فأنا الغريق ان لم تنتشلاني يداكِ
وانا المهاجر ان لم يكن فؤادك موطني
وانا الشريد ان لم تكنا عيناكِ ملجئ
فهل تترفقي بضعفي, فهل تمحي ذنبي
او تغلقي علي الماضي المحيق باب الستر
حروف سلوان
*******************
الوردة الجارحة! هي نفسها من سقتها يداك وهنٌ و ألم.
فلا تتذمر إن جرحتكَ أشواكها، وملئت طريقُكَ للغفران سقم.
بدايتُنا كانت وطأتُهَا ألم، بصمتها قهر و ظُلم.
حُبُنا بحرٌ من الأوجاع و الخطايا، والتسامح في بعض الحكايا وهم.
و التعايش فيها كالعيش على قاعدةً من هُلام.
حُبُنا يا هذا الاقتراب و الفراق فيه وهنٌ و ألم.
............الترياق........كلمات ترياق الألم أمل


الكاتبة ايمان جمال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 07:23 PM   #85

الكاتبة ايمان جمال

? العضوٌ??? » 476288
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 33
?  نُقآطِيْ » الكاتبة ايمان جمال is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 2 والزوار 4)
‏الكاتبة ايمان جمال, ‏hopehopa


الكاتبة ايمان جمال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 07:45 PM   #86

fatima94
 
الصورة الرمزية fatima94

? العضوٌ??? » 462876
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » fatima94 is on a distinguished road
افتراضي

مبارك الختام 💝💝💝💝💝💝💝

fatima94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 07:45 PM   #87

fatima94
 
الصورة الرمزية fatima94

? العضوٌ??? » 462876
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » fatima94 is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 3 والزوار 2)
‏fatima94, ‏yasser20, ‏الكاتبة ايمان جمال


fatima94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 07:46 PM   #88

fatima94
 
الصورة الرمزية fatima94

? العضوٌ??? » 462876
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » fatima94 is on a distinguished road
افتراضي

حقيقة عاجزة عن وصف احساسي و مو عارفة من وين أبدا
كلماتك اخترقت قلبي و ابكتني جدا جدا


fatima94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 07:49 PM   #89

fatima94
 
الصورة الرمزية fatima94

? العضوٌ??? » 462876
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » fatima94 is on a distinguished road
افتراضي

بداية شكرا لك لتغيير الصورة النمطية عن البطل العابث الضال الذي يتوب قلبه حين يرى فتاة و تتمنع عنه و كأن عمره بيده ليؤجل توبته حتى حين
شكرا لك لأنك جعلت رحيم المذنب الذي تاب بعون الله و بعون يد بيضاء امتدت له
رحيم اعترف بذنبه و استفاق و لم يطرق باب الزواج حتى بنى نفسه و ذاته و حاول رد المظالم عبر مساعدة الفتاة اليتيمة في زواجها و عبر افعاله الخيرية


fatima94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 07:50 PM   #90

fatima94
 
الصورة الرمزية fatima94

? العضوٌ??? » 462876
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » fatima94 is on a distinguished road
افتراضي

الجميل انه حتى في عز الصراع بين قلب شهلاء و عقلها كانت تراعي ربها و تطلب من رحيم الطلاق لتقصيرها في ما شرعه الله
حقيقة مشهد أثلج صدري


fatima94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:58 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.