آخر 10 مشاركات
ستظل .. عذرائي الأخيرة / للكاتبة ياسمين عادل ، مصرية (الكاتـب : لامارا - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          قدرها ان يحبها شيطان (1) .. سلسلة زهرة الدم. (الكاتـب : Eveline - )           »          381 - الانتقام الاخير - كيت والكر (الكاتـب : أميرة الورد - )           »          402 - خذ الماضي وأرحل - مارغريت مايو (الكاتـب : عنووود - )           »          وَ بِكَ أَتَهَجَأْ .. أَبْجَدِيَتيِ * مميزة * (الكاتـب : حلمْ يُعآنقْ السمَآء - )           »          عروس للقبطان - كاى دايفز - ع.ق (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          الإغراء المعذب (172) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 2 سلسلة إغراء فالكونيرى ..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          داويني ببلسم روحك (1) .. سلسلة بيت الحكايا *متميزه و مكتملة* (الكاتـب : shymaa abou bakr - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-08-20, 04:34 AM   #1

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile25 اغتيال قلب ، الرواية السادسه للكاتبة/ MeEm.M | مروة " مميزة (مكتملة) "





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعضاء روايتي الغالين نقدم لكم رواية

(( اغتيال قلب ))

للكاتبة/ MeEm.M | مروة







روايات الكاتبه السابقه:

سارتان وأمل ..!،بقلم/ MeEm. M،سعوديه فصحى (مكتملة)
العقاب بقلم/ MeEm. M، سعودية (مكتملة)
طفلة غرام ، للكاتبة / Marwa Mohammed "مميزة"(مكتملة)
واريتُ عن القوم عورة قلبي(1) سلسلة ملامح الغياب للكاتبة/ MeEm.M "مميزة " (مكتملة)

هزائم الروح (2) سلسلة ملامح الغياب *مكتملة *

قراءة ممتعة للجميع ...


ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 29-11-20 الساعة 11:06 PM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 10-08-20, 04:38 AM   #2

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

رابط لتحميل الرواية

هنـــــــــــــــــــــــ ـــــــا



اغتيال قلب


الروايه السادسه للكاتبة/ MeEm.M | مروة


تواقيع الأبطال
























روابط الفصول

الفصل (1 ـ 2 ــ 3 )

( تابع الفصل 3 ــ 4 ــ 5 ــ 6 ــ 7 ــ 8 )
الفصل ( 9 ــ 10 ــ 11 ــ 12 ــ 13 )



التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 29-11-20 الساعة 11:26 PM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 10-08-20, 04:39 AM   #3

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




بسم الله الرحمن الرحيم.


( ملاحظة قبل البداية/ هذه الرواية منفردة، أي.. ليس لها صلة بالروايات السابقة، وليست تابعة لـ واريتُ عن القوم عورة قلبي وهزائم الروح.
ليست ضمن سلسلة ملامح الغياب )



__


قد تبدو حياتنا هادئة على الدوام، وقد تبدو أحداثنا اليومية كما لو أنها عادية.. وتحصل بشكل روتيني لا أكثر.
ولكن أحيانا.. إن جلسنا بمفردنا وأخذنا نفكر بكل هدوء، قد نجد بعض الأشياء حدثت بشكل مفاجئ وغريب، والأغرب أنها مرّت مرور الكرام رغم غرابتها وعدم توقعنا لتلك الأحداث.
قد نجد أن بعض تلك الأحداث الروتينية لها علاقة مجهولة بماضي شخص مقرب منا.
وقد نجد أننا صرنا وبشكل غير متوقع، ندفع ثمن أخطاء أولئك المقربين.
تلك الأفكار تجعلنا أمام خيارين لا ثالث لهما.
إما أن نترك هذه الحياة المملة تسير بتلك الطريقة، ونتجاهل كل ما يحصل حتى وإن كانت تلك الأشياء ضد رغباتنا، ولكنها غير مؤذية إلى ذلك الحد.
أو نختار الطريق الآخر، الأصعب.. الأكثر إيذاء للنفس والجسد.
فنخوض في الماضي، في محاولة إكتشاف ما حصل به حتى تتكون هذه الصورة البشعة للحاضر، صورة مليئة بأكثر أنواع الخيانات خبثا، وأكثر أنواع العلاقات تعقيدا.


أمي.. أطيب امرأة عاشت على وجه البسيطة، كانت تمتلك بصيرة جيدة، ربما كانت معجزة حقيقية ونادرة، حين أخبرتني قصة غريبة لم تستوعبها عقلي وأنا طفل صغير.. فاضطرت أن تأتي إليّ بورقة وقلم، رسمت لي فيها طريقين.
أحدهما كان مستقيما، رغم كل تلك العقبات الموجودة به.
والآخر كان منظره بشعا للغاية، غير مريحا على الإطلاق، بسبب الإعوجاجات ذات المنظر المؤذي للعين.
رسمت في نهاية الطريق الأول ورودا وأزهارا ملونة، منظرها يسر الناظرين.
ورسمت في نهاية الطريق الآخر، سكاكين مليئة بالدم.
التفتت إليّ بعد أن انتهت من رسم تلك اللوحة الواقعية، التي ربما أعيش عليها أنا في الوقت الحالي، وقالت لي ما سردتُ بالأعلى.
حقا.. لم أفهم منها شيئا، إلا أني هززت رأسي إيجابا، كي أتخلص من قبضتها وأذهب للعب مع أصحابي بالخارج.
فقط بعد مرور أكثر من 15 سنة على وفاتها، بدأت أفهم ما كانت تقصده بالضبط.
ولكن أظن أن الأوان قد فات، أنا أسير على الطريق الآخر بالفعل.. الذي أمرتني بالإبتعاد عنه قدر الإمكان!


_____


اللهم أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق.
لا تلهيكم روايتي عن الصلاة وذكر الله.
لا إله إلا الله.


الفصل الأول


____


خوف، قلق، رهبة.
الدموع تتجمع في عيونها من دون ما تحس.
هذه اللحظة الحاسمة، أو الفاصلة اللي راح تغير حياتها تماما.
قلبها اللي تسارعت دقاته وهي تطالع في بنتها الجالسة بهدوء في مكانها المعتاد.
آخر مقعد على يسار الفصل، وجنب الجدار بالضبط.
من كانت في الروضة وهذا مكانها اللي تحبه، دائما في المقدمة، ودائما في اليسار.
دائما(متحمسة)!
إلا الحين!
سكوتها مو غريب، لكن ملامحها الجامدة هي اللي صدمتها.
ليش ما تبين شيء؟ ليش ما توضح شعورها!
ولا قررت تتخلى عنها الحين أو تغير نظرتها لها للأسوأ؟
ما تدري كم مر من الوقت وهي تطالع في عهد، حتى نبهتها وحدة من الطالبات وهي تقول:
- أستاذة إيش كنتِ تبي تقولي لنا؟
ابتسمت لها وهي تزفر حتى تضبط نفسها، وتقول بنبرة حاولت قد ما تقدر إنها تكون ثابتة:
- طبعا الحين هذي السنة الثالثة معاكم، وانتم بعد لكم ثلاث سنين، يعني بتتخرجون وتتركون المدرسة اللي أكيد راح تصير كئيبة من بعدكم، وما يحتاج أقول السبب طبعا.
ضحكوا البنات من تلميحها اللي فهموه على طول، لأنهم معروفين ومشهورين عند الكل انهم أشغب دفعة مرت على المدرسة، كملت بعد ما ضحكت معاهم:
- وأنا مثل ما تعرفون ما أحب شيء اسمه أنانية، عشان كذا أنا بعد حابة أتخرج الحين.
استغرب الكل، وسألتها وحدة من البنات:
- كيف يعني بتنقلين لمدرسة ثانية بعد تخرجنا؟
ردت مشاعل بصعوبة وهي تبعد أنظارها عن عهد:
- للأسف يا بنات، مضطرة أنقل قبلكم، و….. هذا آخر يوم لي.
تعالت شهقات البنات اللي فعلا تفاجأوا وانصدموا، وبدأت كل واحدة منهم تعبر عن حزنها وصدمتها بطريقتها الخاصة.
اللي فعلا شوي وتبكي، واللي تترجاها واللي تكذبها، واللي تقول انه مقلب مو أكثر!
إلا هي، الوحيدة اللي بقت ساكنة وجالسة في مكانها بهدوء.
متكتفة وتناظر الطاولة من دون ما يتحرك فيها ساكن.
الشيء اللي أوجعها صدق.


سألت وحدة من البنات وهي تطالع في عهد:
- يعني حتى عهد بتنقل معك؟ حرام باقي لنا شهرين بس.
مشاعل بهدوء:
- لا عهد راح تقعد معاكم وتكمل إن شاء الله.
كملت بعد صمت قصير:
- هذا اللي حبيت أقوله لكم، هذي كانت آخر جلسة لي معاكم، من الأسبوع الجاي راح تجيكم مرشدة جديدة بإذن الله.
ابتسمت بحزن وهي تشوف ملامحهم اللي تغيرت.
وبدأت تنصحهم وتودعهم وهي تحاول انها ما تبكي.
ودها لو عهد تتكلم، تقول أي شيء.
حتى لو تصارخ وتخاصم ما عندها مشكلة، بس ما تقعد ساكتة كذا!
ما توجعها وتقتلها بسكوتها!
رن الجرس وأعلن انتهاء الحصة.

التفتت تطالع في عهد تعض شفتها بضيق، ثم تناديها أخيرا باسمها:
- عهد تعالي معي.
ظلت عهد زي ما هي وكأنها ما سمعت، إلا بعد ما وكزتها زميلتها اللي جالسة جنبها.
قامت أخيرا بعد ما بعدت عنها الطاولة، اتجهت ناحية أمها بصمت.
مشت وراها لين وصلوا لنص الممر الطويل، تكلمت أخيرا:
- وين بنروح؟
مشاعل من دون ما تلتفت لها:
- جايبة هدايا للبنات أبيك توزعينها عليهم.
كملت طريقها بعد ما غمضت عيونها لفترة حتى ما تبكي وتنهار من هالمشاعر اللي فعلا تعبتها.
لو كان بيدها حيلة ما سوت اللي سوته.
بعد ما ناولت لعهد أكياس الهدايا وشافتها تحاول انها ما تطالعها فيها، أوجعها قلبها كثير.
الحين تقدر تتأكد وتتيقن انها زعلانة منها!
وانها راح تكرهها مستقبلا، هذا إذا ما كرهتها من الحين أصلا.

_____


نزل من السيارة بسرعة وركض ناحية المطعم اللي شبت فيه النار حتى وصلت للواجهة.
وقف قدامه يناظر فيه بعيونه المتسعة على آخرها وهو ماسك رأسه بيدينه.
مستحيل! مستحيل اللي قاعد يصير!
بعد تعب خمس سنين، وخسارات كانت بتوديه للموت، يحترق فجأة؟
حس بصدره بينفجر من القهر والزعل.
وما قدر يسيطر على نفسه أكثر وهو يصرخ بأعلى صوته، ثم يطيح جالس على ركبه.
يطالع في المطعم بكل حسرة وقهر.
لين حس برجال الدفاع المدني يقومونه ويبعدونه عن هالمكان بقوة.
وقف بعيد شوي وعيونه ما تتحرك أبد من المطعم.
النار أكلت حتى اللوحة اللي كانت تخلي الحياة تدب في روحه كل ما شافها.
يتذكر انه كل يوم كان يمر من قدامه حتى لو ما عنده شيء يسويه.
أحيانا يدخل يسلم على موظفينه ويراقب الشغل بنفسه.
أو يروح يجلس مع الزباين اللي يجون لحالهم يسألهم عن أراءهم.
وإذا كان مستعجل مرة يمر بسرعة.
بس أهم شيء يناظر اللوحة اللي فعلا تصنع يومه.
الحين كل شيء راح، اختفى هالمطعم أو بالأصح تبدل وتغير لين تحول لرماد تقريبا.
غمض عيونه بقوة وخرجت آخر دمعة من دموعه اللي نزلت من الحزن والحسرة.
واللي حوالينه من أصحاب المحلات، أو الزباين اللي تعودوا يجونه حتى بهالوقت من الظهر يحاولون يواسونه.


رجع لسيارته وجلس بمكانه، رفع عيونه لحلم حياته اللي تدمر خلال نص ساعة، ثم صار يضحك فجأة وكأنه انجن وفقد عقله من الصدمة!
كانت هي تجلس وراه بهدوء من دون ما تتكلم.
محاضرتها الوحيدة لليوم خلصت بدري.
اتصلت بأبوها يرسل أحد يأخذها، وهو أمر آسر عشان يروح لها.
كعادتها جلست ورى، لأنه ما يحبها أبدا ولا يحب انها تجلس جنبه مهما كان الوضع.
عشان كذا ما حبت انها تزعجه.
كانوا ساكتين طول الطريق لين قربوا من البيت.
لما وصله اتصال من أحد، وانفعل فجأة وهو أساسا كان معصب.
الشيء اللي عرفته من جبينه المجعد.
صرخت بفزع لما لف السيارة فجأة، وساقها بسرعة متجاهل الإشارات والسيارات وكاميرات ساهر!
كانت بتموت وتعرف السبب اللي خلاه يسوق بهالسرعة ويطنش كل المخالفات اللي أخذها خلال أقل من عشر دقايق!
بس ما قدرت تسأل لأنها عارفة انها ان تكلمت راح يعصب أكثر، وقتها أكيد اثنينهم راح يكونون في عداد الموتى.
لين وقف السيارة قدام المحل، وعرفت!
شهقت وهي تشوف المنظر المخيف والمفجع.
نزل هو وراح قدام المطعم، ونزلت هي وراه تطالع فيه وتطالع الحريق بصدمة.
رجعت للسيارة بسرعة لما شافته يرجع.
توسعت عيونها بخوف لما صار يضحك فجأة، الا انها سرعان ما لانت ملامحها تطالع فيه بشفقة.
تعرف قد إيش تعب وجاهد لين وصل هالمرحلة!
أكيد قلبه قاعد يتقطع من الحزن!
ما سمح لها ضميرها انها تطالع فيه من دون ما تسوي شيء.
صحيح خايفة وشوي وقلبها بيطلع من مكانه، إلا انها ما قدرت تمسك نفسها.

لما جلست بنص المقاعد الخلفية وقربت منه، ومدت يدها تجاهه بتوتر تقول بنبرة مرتجفة:
- ما عليه آسر، إن شاء الله ربي يعوضك خير.
هدأ آسر وعمّ الصمت في السيارة، الشيء اللي خلاها تشيل يدها كأنها متكهربة وترجع لورى وهي تبلع ريقها بخوف.
رفع آسر عيونه للمرايا يطالع في عيونها، أشفق عليها للحظة وهو يشوف جفونها اللي ترتجف بوضوح.
إلا انه كعادته لما يكون معاها، دايم يصرخ فيها ويعصب عليها حتى من دون سبب.
بس الحين طبعا في سبب!
في لحظة حست بالسيارة تهتز من قوة صرخته:
- اسكتي انتِ ما أبي أسمع صوتك مفهوم؟
انحبست أنفاسها ودقات قلبها تتسارع، والدموع تتجمع بعيونها.
صحيح دايم يعصب عليها، بس هالمرة هو معذور.
لذلك ما راح تشيل بخاطرها.
أجفلت مرة ثانية لما التفت لها بقوة، وطالع فيها بعيونه المحمرة يقول بنبرة مهددة:
- والله يا بتول لو عرفت انه هذاك الحيوان له يد باللي صار انك ما راح تشوفين بحياتك يوم واحد حلو.
زمت شفتها بضيق وهي ترجع تجلس بمكانها وتضم نفسها بذراعينها.
للحظة تمنت لو انها ما اتصلت بأبوها وطلبت منه يرسل أحد!
كان ما اضطرت تقابل آسر اليوم، ولا انحطت بهالموقف.
صحيح كانت جنبه بالوقت الصعب، إلا أنه ما هو بحاجتها أبدا.
حتى لو كان بحاجتها ما راح يلجأ لها أكيد.
استعاذ آسر من الشيطان واستغفر وهو يمسك بمقود السيارة، يغمض عيونه ويهدي نفسه قبل لا يحركها.
ناظر في المطعم للمرة الأخيرة يهز رأسه بأسف.
هالمرة ساق السيارة على مهله، وهو يحس بتعب في كل جسمه.
إلا يحس به مكسر، وما هو قادر يسوق أكثر.
ضاق صدره تماما وضاقت أنفاسه، حس بشيء زي الضباب يغطي عيونه ويعميها.
وقف السيارة بقوة على جنب الطريق لما تمكن منه الصداع تماما.

بتول اللي رجعت لقدام تلقائيا من قوة الوقفة، شهقت بخوف ثم رفعت راسها بسرعة.
ناظرت فيه بقلق:
- آسر انت بخير؟
ما رد عليها آسر وهو منزل راسه وحاطه على الدركسون.
هالمرة صدق تجاهلت كل شيء وتخلت عن خوفها وهي تفتح الباب من جهة الرصيف وتنزل.
ثم تركب قدام وتطالع فيه بقوة:
- انسى اني بتول بهاللحظة يا آسر، واعترف بضعفك.
رفع آسر راسه وناظرها بقوة، حتى انها ارتجفت من الخوف ورجعت لورى.
مع ذلك حاولت تتجاهل هالشعور:
- أدري اني مو الشخص المناسب بهاللحظة، بس تقدر تعتبرني وحدة من خواتك اللي ترتاح لها يا آسر، أو واحد من أصحابك، بس الحين.
طالع فيها لثوانِ بهدوء، ثم ضحك مرة ثانية بسخرية:
- من وين جايبة هالثقة؟ كيف متوقعة اني ممكن بفضفض لك الحين أو اقول لك اللي فيني، هااه؟
تجهمت ملامحها من جديد وهي مو عارفة بإيش ترد عليه.
قالت أول شيء جا على لسانها:
- ما تقدر تسوق الحين.
لف رأسه يطالع من الشباك، فعلا ما عنده القدرة انه يكمل طريقه لبيتهم.
وش السواة الحين!
سألت بتردد:
- أكلم أبوي، أخليه يرسل أحد؟
آسر بحدة:
- إياك.
كمل بعد صمت قصير:
- أظن اني علمتك السواقة قبل فترة، وإن شاء الله انك ما نسيتِ!
توسعت عيناها بصدمة ونوت تعترض، إلا انه ما ترك لها أي مجال!

____


تنزل من الدرج بكل دلع وثقة، وصوت كعبها يصدح في الصالة.
مع انها في الشهور الأولى من حملها وحذرتها أمها من لبس الكعب ألف مرة، إلا انها ضربت بكل هالتحذيرات عرض الحائط.
الحين هي لازم تحتفل!
أو تبين منزلتها في عيون عيال زوجها.
بما انها صارت صاحبة البيت الوحيدة بعد ما راحت مشاعل.
رسمت ابتسامة واسعة على شفايفها لما انفتح الباب ودخل زوجها.
كملت نزولها بخطوات أكثر دلع وبطء.
حتى وصلت له ورفعت يدينها تحاوط رقبته بغنج:
- يعطيك العافية حبيبي، أكيد تعبت كثير من الشغل وتوصيل الأولاد.
وائل اللي فعلا ذاب من دلعها، وحركاتها اللي يشوفها كل يوم الا انه ما يمل أبد:
- تعب أولادي راحة يا بدور.
- أكيد يا روحي، الحين بخلي الشغالة تحط الأكل.
التفتت تناظر للباب لما دخلوا بنات وأولاد زوجها الأربعة.
بنتين وولدين.
ابتسمت لهم، بس هم ما ردوا الابتسامة.
خاصة عهد اللي كشرت بقوة ومسكت يد أختها الصغيرة وطلعت لغرفتها بصمت.
الحركة اللي ضايقتهم اثنينهم، ووائل أكثرهم أكيد.
باس جبين بدور لما طلعوا العيال:
- طيب أنا بروح أبدل ملابسي.


تركها وطلع لفوق، وقف عند باب غرفة البنات بارتباك.
عهد اللي كانت ساكتة طول الطريق، لكن عصبيتها كانت واضحة.
أكيد انها كاتمة الكثير في قلبها، واللي راح تفجره بوجهه هو وزوجته بأي لحظة!
التفت يطالع وراه لما خرجت عهد من غرفة اخوانها.
وناظرت فيه شوي ثم كملت طريقها لغرفتها وهي ساكتة.
طالع فيها بقلة حيلة ثم دخل الغرفة بعد ما منعها من انها تقفل الباب.
وقفت في مكانها:
- بغيت شيء يبه؟
دخل وائل ووقف بنص الغرفة يسألها بصراحة:
- إيش فيك اليوم بعد؟ ما عرفت ليش انتِ معصبة.
هزت عهد كتوفها:
- من قال لك اني معصبة؟
- ما في داعي تقولين شيء انتِ ولا غيرك، وجهك يتكلم.
مدت عهد شفايفها وحركت كتوفها:
- مدري، انت تشوف انه في شيء صار اليوم يستاهل عصبيتي؟
وائل بعد صمت قصير:
- أمك نقلت؟
رفعت عهد رأسها تناظر أبوها بعد ما لمت الأشياء اللي كانت على الأرض.
ثم ضحكت تحرك يدينها كأنها تعبر عن قلة حيلتها:
- يعني عارف؟ كنت عارف من زمان بس ما علمتني؟
سكتت شوي تحاول تضبط نفسها:
- وخليتني أنصدم كأني وحدة من الطالبات مو بنتها! لا انت ولا هي علمتوني، ليش لهالدرجة صرنا مهمشين؟ صرنا أشخاص ثانويين في حياتكم؟
قرب منها وائل وكلامها أوجعه:
- لا تقولين كذا عهد، انتِ………..
قاطعته عهد بقهر:
- بقول، بقول ألف مرة.. صرنا مجرد مكملات لحياتكم، وصرنا ضحايا بسبب خلافاتكم، لا تنكر يا ابوي، لو سمحت.
وائل اللي صار تأنيب الضمير يلازمه طول الوقت، وتزيد عليه عهد بحركاتها وكلامها الجارح، وقف قدامها بضعف:
- صدقيني يا بنتي أنا حاولت، حاولت قد ما أقدر اني أتمسك بأمك بس هي ما سمعت كلامي، ما تمنيت أبدا يجي مثل هاليوم اللي تلوميني فيه وتقولين اني أهملتكم.
جاتها رغبة قوية بالضحك وهي تسمع هالكلام، الا انها مسكت نفسها عشان تحافظ على الشيء اللي أمها ضحت بهم عشانه، وبعدت يدين أبوها بلطف:
- تمام يبه الحين أمي ما هي فيه، إذا فعلا ودك تثبت لنا انك مهتم فينا دور على وظيفة ثانية تليق فيك، وتليق فينا احنا كعيال مشاعل، لو سمحت.
طالع فيها وائل وهو حاس بالعجز، بالضعف اللي تمكن منه أكثر من لما تركته مشاعل وراها، وراحت بكل برود حتى من دون ما تلتفت ولا شوي.
انتبه من سرحانه على كلام عهد:
- والحين لو سمحت أبي أنام.
- ما تبين تتغدين؟
- لا، شبعانة.
طالع فيها وائل برجاء انها تسامحه وتريحه من هالشعور اللي يحسسه ان السماء تنطبق عليه حتى يصير هو والحضيض واحد.
إلا انها وبكل قسوة أعطته ظهرها ودخلت لدورة المياه.
خرج من غرفتها وقفل الباب وراه.

أما هي فخرجت من الحمام بعد ما بدلت ملابسها وجهها محمر تماما.
دليل على انها حبست دموعها لوقت طويل.
غطت أختها الصغيرة بالبطانية ثم طفت النور وقفلت الباب بالمفتاح، قبل لا ترقد وتتلحف وتترك الحرية لدموعها.
غطت فمها تبكي بهدوء ومن دون ما تطلع أي صوت.
الشيء اللي قاعد يصير حاليا فوق طاقتها، فوق قدرتها على التحمل.
حتى اللي صار من شوي، كلامها لأبوها.
أوجعها قبل لا تنطقه.
بس كانت مضطرة، ما تقدر تسكت أكثر من كذا.
ما تقدر تسمح لأبوها يثبت في مكانه ولا يتحرك أو يحس بأي ذنب على اللي سواه بسبب بدور.
هي عارفة إيش راح يصير إذا سكتت.
وعارفة من هو أبوها من دون مشاعل.
وعارفة بعد كيف راح تصير العايلة إذا هي ما قوّت نفسها على الأقل.
عشان كذا ما سمحت لدموعها انها تنزل قدام أمها.
ما تدري إذا اللي سوته صح ولا لا، لما ما أبدت أي ردة فعل بعد اللي سمعته منها، وانها راح تنقل لمنطقة ثانية، مدرسة قريبة من بيت أمها.
بس كان كل همها تظهر لأمها وتبين لها انها قوية، وانها تقدر تتطمن على باقي عيالها.
صحيح حست بقلبها يتقطع من كثر الألم اللي حست فيه والحزن.
إلا انها ما تلوم أمها أبدا.
أساسا هذا الشيء اللي مفروض يصير من زمان.
أمها تأخرت كثير!

_______


تسند راسها على الشباك، تطالع السماء اللي كان منظره جميل جدا.
والجو بعد كان حلو بهالأيام، نهايات الشتاء وبدايات الربيع.
انتبهت على صوت أخوها اللي وطّى صوت المسجل وقال:
- إيه ما قلتِ لي، وش قالت لك عهد؟
ابتسمت بألم وهي تعتدل بجلستها:
- ما قالت شيء.
استغرب زيد:
- كيف يعني؟
تنهدت مشاعل بضيق:
- ما طالعت فيني حتى، ما ودعتني.. وما تنلام.
أوجعه قلبه وهو يسمع نبرتها الحزينة، وده لو يقدر يخنق وائل وينهي حياته.
بعد كل شيء سوته مشاعل طول هالسنين، تجرأ يجرحها بهالطريقة البشعة؟
مد يده ناحيتها وربت على كتفها بخفة:
- ما عليه يا قلبي، مع الأيام راح تفهم وتحس وراح تعذرك أكيد.
- عهد أكثر وحدة تتفهمني وتعذرني يا زيد، وهي ما هي زعلانة على تركي لهم بالعكس هي أكثر وحدة حاولت تقنعني، بس الظاهر انها كانت متطمنة من ناحية انها بتشوفني كل يوم بالمدرسة، لكن صدمتها يوم تركتها.
هز رأسه بإيجاب وما قدر يقول شيء ثاني.

وقف السيارة عشان الإشارة، أخذ جواله يتصفح مواقع التواصل.
دخل على الواتس أب لما وصلته رسالة في قروب أصحابه.
وانصدم وهو يقرأ المكتوب ويشوف الصورة اللي مع الكلام.
سألت مشاعل:
- إيش فيك؟
زيد والصدمة مسيطرة عليه:
- آسر.
- وش فيه؟
- مطعمه احترق.
شهقت مشاعل بصدمة وسحبت منه الجوال، وتوسعت عيونها وهي تشوف الواجهة المحترقة تماما.
والمطعم اللي كأنه فعلا تحول لرماد.
تنهدت بحزن وهي تلمس الصورة:
- المسكين قد إيش تعب عليه.
زيد بغيظ:
- ما هو مسكين أبد، يستاهل اللي جاه.
ضربته مشاعل على كتفه بعصبية:
- اسكت.
نوت ترجع له الجوال، الا انها انصدمت أكثر لما شافت اشعار لرسالة جديدة!
ومن مين؟
صرخت فيه بعصبية:
- انت لسه تتواصل معاها؟
زيد باستغراب:
- من هي؟
رمت عليه الجوال بعصبية:
- شوف مين.

وقف زيد السيارة على جنب وأخذ الجوال هو مستغرب من عصبية مشاعل المفاجئة، إلا انه لما شاف الرسالة بلع ريقه بتوتر وما عرف بإيش يرد عليها.
مشاعل:
- اترك البنت في حالها يا زيد، ما أبي لا آسر ولا بتول ينضرون بسبتك.
طالع فيها بجمود:
- ينضرون بسبتي؟ ولا هم اللي ضروني يا مشاعل.
هدأت مشاعل شوي وهي تشوف هالملامح على وجهه:
- تدري انه غصبا عنهم يا زيد، لو سمحت اتركها.
زيد بهدوء وهو يفتح الجوال:
- لا تشيلين هم أنا تركتها من زمان، وهي اللي أرسلت لي بنفسها الحين.
عقد حواجبه بغضب لما شاف محتوى الرسالة، نفس الصورة كتبت تحتها:
( لك يد باللي صار؟).
طالع في الرسالة لعدة ثواني، قبل ما يضحك بسخرية ثم يقفل الجوال ويحطه على جنب ويكمل طريقه.
طالعت فيه مشاعل بطرف عينها والفضول يقتلها، ودها تعرف وش أرسلت بالضبط عشان تخلي أخوها مجروح بهالشكل!
ما تدري مين دعا عليهم، هي وأخوها عشان يواجهون الخيانة بنفس الوقت، ومن أفراد عائلة وحدة!


_____


دخلت البيت بعد ما فتحت الباب بمفتاحها، وهي تحس بالصداع يزيد أكثر وأكثر.
اتجهت للمصعد على طول، وقبل لا تضغط الزر وقفتها أمها:
- تعالي يا بتول.
نزلت بتول طرحتها على كتفها والتفتت لأمها الجالسة في الصالة تشرب شاي:
- هلا يمه.
- وينك من الصباح؟ اللي أعرفه انه الخميس ما عندك غير محاضرة وحدة.
بتول اللي ما تحركت من مكانها:
- إيه مو انا اتصلت على أبوي يرسل أحد لأني ما أدري انتِ وين مرسلة السايق بوقت طلوعي، وهو الله يحفظه كلم ولد أخوك العزيز، العزيز هذا صارت معاه مصيبة واضطريت ألف الدنيا معاه، تونا خلصنا يا أمي.
وقفت أمها وقربت منها:
- سمعت عن اللي صار، وينه الحين؟
بتول بتعب:
- بيوقف السيارة ويجي الحين، عن اذنك بروح أنام تعبت مرة.
- ما تبين تتغدين؟
بتول وهي تضغط على زر المصعد:
- إذا قمت إن شاء الله، بس آسر بيأكل لأنه من الفجعة حتى المويا ما شربها.
اختفت عن عيونها في غضون ثوانِ وطلعت لجناحها.

التفتت هاجر ناحية الباب لما فتحه آسر ودخل.
ابتسم لها بتعب:
- سلام عليكم.
ردت هاجر السلام وهي تتفحص ملامحه:
- وعليكم السلام، معوض خير يا آسر.
اكتفى آسر بابتسامة وهو يدخل الصالة ويرمي نفسه على الكنب.
جلست هاجر بعد ما طلبت من العاملة تحضر الغدا بصوتها العالي:
- إيش اللي صار بالضبط؟
آسر اللي كان منهك تماما وما فيه حيل حتى يفتح فمه ويتكلم، رد بصوت واطي:
- يحتاجون وقت عشان يعرفون السبب.
طالعت فيه بحزن تهز راسها:
- ما عليه إن شاء الله خيرة، المطعم ولا روحك.
ضحك آسر:
- وإذا كان المطعم هذا روحي.
عجزت هاجر عن الرد، ما تدري كيف تواسيه ولا تخفف عليه.
واكتفت بدعوة بسيطة:
- الله يعوضك باللي أحسن منه إن شاء الله.

وقف آسر لما شاف العاملة خارجة من المطبخ بصينية الأكل:
- لا تشيلين همي، فكري في بنتك الحين وكيف بيصرف عليها زوجها المفلس بعد الزواج.
طالع في العاملة:
- على غرفتي.
وقفت هاجر تقول بكل ثقة:
- بنتي أوريدي راح تكون عندي يا آسر، يعني ما في داعي أشيل همها وأبوها موجود.
وقف آسر في مكانه، ثم التفت ببطء يقول بنبرة تحذيرية وهو يدخل يدينه بجيوب ثوبه:
- إذا صار هالشيء استعدي للي راح أسويه، وخلي بنتك تستعد للطلاق بعد.
قالها وخرج من الباب اللي يودي لساحة المنزل الخلفية، واللي فيها ملحق يسكن فيه هالفترة.
دخل غرفته وقفل الباب وراه، فسخ ثوبه ورماه على الأرض بعد ما خرج جواله والمفاتيح.
جلس على الأرض بتعب، وهو يحاول يستوعب كل شيء صار اليوم.
كيف انهدمت احلامه بهالطريقة؟
كيف انتهت بغمضة عين!
بعد ما تعب وكدّ لين قدر يبنيه ويفتتحه!
فعلا مثل ما قال لبتول، لو عرف إنه زيد له يد باللي صار ما راح يرحمه أبد.

بتول اللي دخلت غرفتها وهي كمان تعبانة ومصدعة.
إلى الآن مو مصدقة انه اجبرها تسوق السيارة لين البيت!
كيف وثق فيها وخلاها!
بعد ما خرج من السيارة ثم لف وجا وفتح الباب من جهتها، وقف يطالع فيها ينتظرها تنزل.
رفعت هي راسها تطالع فيه بخوف وتوتر:
- ما أقدر.
رد عليها بهدوء:
- تقدرين، ولا تفضلين اني أسوق بهالحالة ثم أسوي حادث؟ تكفيني الألف مخالفة اللي أخذتها من الصباح، يلا.
زفرت بعمق وهي تنزل من السيارة بتردد، وتركب من الجهة الثانية.
طالعت فيه مرة أخيرة برجاء، تتمنى لو يقول لها انه كان يمزح.
لكن لما شافته يرخي المقعد ويتكتف ويغمض عيونه مستسلم للنوم، مسكت الدركسون بيدين مرتجفة.
وظلت على هالحال عدة ثوان وهي مغمضة عيونها وتقرأ الأذكار.
لين نبهها هو بصوته اللي يخلي قلبها يرتجف كل مرة:
- بننام هنا؟
التفتت له تترجاه بنظراتها، إلا انه طنشها وغمض عيونه مرة ثانية.
سمت بالله وحركت السيارة بكل حذر وخوف.
لين وصلوا للبيت بعد ساعة إلا ربع بالتمام!
نزلت عبايتها وجلست على السرير، خرجت جوالها من الشنطة.
دخلت لمحادثتها مع زيد، واللي كانت فاضية أصلا.
ظلت تناظر الشاشة بتردد، قبل لا تكتب بأصابعها اللي ترتجف ( لك يد باللي صار؟)
أرفقت الصورة اللي أوجعت قلبها كثير.
واللي وصلتها من قريباتها يسألونها عن اللي حصل.
أرسلت الرسالة أول ما شافته متصل.
استغربت لما طول وما فتح الرسالة!
إلا خرج من دون ما يقرأها.
تأففت من دون ما تحرك عيونها من على الشاشة، فجأة قلبها صار يدق بسرعة لما تحولت الصحين للأزرق.
خرجت من المحادثة بسرعة وهي مرتبكة.
رقدت وهي تحضن الجوال، تنتظر رده.
غمضت عيونها بتعب، ونامت من دون ما تحس.

______


فتحت عيونها على صوت الباب اللي نست تقفله بالمفتاح.
عقدت حواجبها من قوة النور ورجعت تقفل عيونها، لما فتحتها احمرّ وجهها وهي تشوفه يقرب منها ويرفع البطانية عشان يغطيها:
- ما أدري كيف ارتحتِ بنومتك وانتِ فاتحة الأنوار ومو متغطية.
كمل وهو يطالع فيها:
- والجوال بيدك، كنتِ تنتظرين أحد؟
جلست بسرعة لما تذكرت اللي سوته قبل لا تنام، حتى طاح الجوال على الأرض.
ارتبكت وهي تناظره وتهز رأسها بالنفي:
- لا.. كنت أقرأ.
نزلت رجولها على الأرض بشويش وأخذت الجوال.
لما رفعت راسها شافته يتأملها، رفعت يدها تلقائيا تعدل شعرها ولبسها، تقول بتلعثم:
- بغيت شيء؟
قرب منها أكثر وهو مدخل يدينه بجيوب بنطلونه، الحركة اللي تعود عليها من هو صغير.
رفع يده ومسك شعرها:
- متى صبغتِ شعرك من جديد؟
ارتبكت بتول من قربه منها لهالدرجة:
- أمس.
رجع يده لجيبه:
- ما تطفشين انتِ؟ أخاف أصحى بكرة وألقاك صابغته أخضر.
ضحكت بتول وهي تتخيل نفسها بالشعر الأخضر:
- لا مو لهالدرجة.
رفعت عيونها مرة ثانية مستغربة من سكوته، وهزت كتوفها بتساؤل.
- صلي فروضك والحقيني تحت بالحديقة، أنتظرك.

توترت بتول من نبرته الجادة.
ليش يباها تجلس معاه الحين؟
معقولة يبي يكلمها عن زيد من جديد؟
عضت شفتها وهي تتأفف، وتشتم نفسها على الحالة اللي تكون فيها عنده.
تتوتر وترتبك حتى لو ما كان في شيء يستاهل تتوتر عشانه.
يمكن وجوده لوحده يفرض عليها تكون ضعيفة، أو السبب اللي خلاه يرتبط فيها؟
فتحت شاشة جوالها وشهقت وهي تشوف الساعة، 7 ونص بعد المغرب!
معقولة نامت كل هالساعات؟
من بعد الظهر للحين؟
مشت بسرعة لباب الغرفة، خرجت واسرعت للدرج، رفعت صوتها لآسر اللي كان بيخرج:
- آسر بنزل لك بعد ما أصلي العشا، مو باقي شيء على الآذان.
هز راسه وخرج من دون ما يقول شيء.

اتجه للطاولة القريبة من غرفته وجلس على واحد من الكراسي.
صب لنفسه قهوة وبدأ يشرب وذهنه شارد.
يفكر بحل للمصيبة اللي طاحت عليه من دون سابق انذار.
إلى الآن ما خرج من البيت يرجع يشوف المكان، يعرف السبب اللي خلى الحريق يندلع.
يحس انه مخنوق وما يقدر يروح للمكان وهو بهالحالة!
انتبه على صوت رنين جواله، أخذه واستغرب من المتصلة:
- هلا مشاعل.
- أهلين آسر شخبارك؟
- بخير الحمد لله انتِ شلونك؟
- تمام، سمعت عن اللي صار، الله يعوضك خير.
آسر وهو يمسح وجهه بملل:
- هذي المرة المليون اللي أسمع فيها هالعبارة، صدقوني انتم تجرحوني أكثر ما تواسوني.
ضحكت مشاعل:
- ما عليه عاد احنا مصدومين ومتضايقين عشانك مو عارفين ايش نقول.
- الحمد لله.
- طيب وش سويت؟ أو ايش ناوي تسوي؟
- والله يا مشاعل الصدمة خلتني أقعد في مكاني، مو عارف كيف أتصرف.
- أنا بساعدك.
- شلون؟
- خلني أرممه لك، واذا مرة ما تبي اساعدك تقدر تعتبر اللي بعطيك إياه دين.
ابتسم آسر:
- ما في داعي لا تتعبين نفسك، قبلك عمي عرض علي مساعدته بعد بس أنا ما أبي، مشكورين.
مشاعل بحدة:
- أنا ما أدري انت كيف تفكر بالضبط، ليش ترفض أحد يساعدك؟
آسر باقتضاب:
- ما أبي أكون مدين لأحد، كفاية انحطيت بهالموقف لأني ساعدت أحد وظل ممتن لي لين صار اللي صار.
مشاعل بضيق:
- مو كل الناس زي بعض يا آسر، ولا الزمان هو نفس قبل.
آسر برفض تام:
- أرجوك مشاعل لا تحاولين تقنعين، ما أبي منك شيء.
تنهدت مشاعل بصوت مسموع وهي كانت متوقعة هالرد منه:
- تمام براحتك، بس اذا احتجت شيء لا يردك إلا لسانك.
- مشكورة.

قفل منها وهو معصب، يكره هالشيء.
يكره لما يشوف أحد يحزن عليه ويتضايق.
ويشيل همه ويراعي خاطره.
لأنه يدري ان كل هالمشاعر نابعة عن شفقة!
غمض عيونه وهو يستعيذ من الشيطان ويستغفر ربه لما سمع صوت الآذان.
قام وتوجه للمسجد يصلي صلاة العشاء.
لما رجع لقاها جالسة على الكرسي.
أنيقة زي العادة، جميلة وتاخذ العقل.
بس مو عقله أكيد!
كانت مشغولة بالجوال لدرجة انها ما انتبهت له لما دخل.
وقف جنبها:
- صاير شيء؟
فزت من الخوف وطيحت جوالها للمرة الثانية وهي تبلع ريقها:
- لا، خوفتني.
مشى من عندها وجلس على كرسيه:
- مو ذنبي انك ما انتبهتِ لي لما دخلت.
شالت جوالها من الأرض ووقفت تصب له القهوة.
سألته لما جلست:
- تبي تقول لي شيء؟
قطب جبينه:
- أبي أجلس وأسولف معك، فيها شيء؟ ولا ممنوع أجلس مع زوجتي؟
بتول بتوتر:
- لا طبعا.
استغرب لما صبت لنفسها قهوة:
- تشربين قهوة؟
بتول:
- هااه؟ لا أقصد اشتهيت الحين.
هز كتوفه بلا مبالاة، اللي يعرفه انها أبدا ما تحب القهوة.
طالع فيها بطرف عينه وكتم ضحكته من شكلها بعد ما شربت القهوة.
عرف انها مرتبكة، وما كانت متوقعة انه ممكن يطلب منها تجلس معاه لمجرد السوالف مثل ما قال!
حط الفنجال على الطاولة وطالع فيها بعد ما شبك أصابعه فوق الطاولة:
- تمام بقول لك اللي عندي على طول ومن غير لف ودوران.
حطت هي فنجالها تطالع فيه بتساؤل:
- قول.

آسر بنبرة خوفتها صدق وخلت أطرافها ترتجف:
- بعد الزواج وين بنسكن؟
ردت بارتباك وبصوت يا الله ينسمع:
- ما أدري.
قرب منها أكثر يطالع في عيونها:
- الجناح اللي قاعد يجهزه أبوك فوق لمين؟
ارتبكت أكثر وهي تطالع في عيونه، وتحس بأنفاسها تختنق.
ما قدرت ترد عليه.
فزت لما ضرب بيده على الطاولة يسأل بنبرة مخيفة أكثر:
- سألت الجناح لمين يا بتول.
لمعت عيونها من الدموع اللي تجمعت فيها، وعضت باطن شفتها السفلية:
- لنا، أنا وانت.
بعد كم ثانية رفعت عيونها تطالع فيه بخوف من سكوته، وارتجفت وهي تشوف وجهه القريب وعيونه المحمرة، وكأن الشرر تتطاير منها!
همس آسر وخلاها ترتجف أكثر:
- مين سمح؟
بلعت بتول ريقها وهي ماسكة دموعها بالقوة.
كرر آسر العبارة بحدة أكثر:
- مين سمح يا بتول؟
تكلمت أخيرا بنبرة غير ثابتة:
- أنا ما لي دخل آسر، أبوي هو اللي قرر.
صرخ آسر وهو يوقف بغضب ويضرب الطاولة بيدينه:
- مين سمح له يقرر في حياتي؟

صارت بتول تشهق وتبكي بصمت وهي تضم يدينها وتطالع فيها.
كمل آسر بنفس النبرة اللي تخليها ترتجف فعلا:
- إذا لهالدرجة ما يقدر يفارقك خلاص اقعدي عنده طول عمرك، وخليني أنا أطلع من هنا.
رفعت راسها بقوة تطالع فيه بضعف.
ما لها ذنب، وهو يدري هالشيء ليش يعاملها بهالطريقة؟
وليش جاب سيرة الفراق الحين؟
عض آسر شفته ومسك جبينه يستغفر لما شاف نظراتها وحزن عليها.
قرب منها وهو يحط يدينه على الطاولة:
- ليش ما علمتيني؟
مسحت بتول دموعها:
- هم قالوا لي ما أعلمك.
آسر بسخرية:
- واذا ما علمتيني وصار الجناح جاهز، بقبله بكل سرور يعني؟ هذا اللي كنتوا متوقعينه؟

غمضت بتول عيونها ومسكت بطرف الطاولة بقوة.
ما عاد تقدر تتحمله ونبرته اللي تخليها تحس انها ولا شيء قدامه.
وانها كانت مجرد شيء شكلي.. وجائزة استخدمها أبوها عشان يكافئ آسر حبيب قلبه!
وقفت بعصبية:
- يكفي آسر قلت لك أنا ما لي دخل ولا لي ذنب، إذا زعلان روح عاتب أو هاوش أصحاب القرار، لكن لا… انت دايم تحب تتقوى عليّ وتستفرد فيني لأنك تدري إني ضعيفة وما أقدر أرد عليك، أو لأني بالنسبة لك مو أكثر من مجرد مكافأة.
خلصت عبارتها وبعدت عنه تضرب الأرض برجلها، حتى وصلت غرفتها وهي حاسة إنه راسها بينفجر من الصداع.
تعبت منه، تعبت كثير بس مضطرة تتحمل.
وما تدري إلى متى راح تكون مجبورة تسكت على شخصيته السيئة جدا، ومزاجه الحاد اللي مستحيل أي أحد يتحمله، غيرها طبعا!

خرج آسر من البيت وهو ضايقة فيه الوسيعة.
ما يدري وين يروح ولا إيش يسوي.
كلام بتول اللي قالته تو صحاه شوي وخلاه ينتبه ويحس باللي قاعد يسويه في هالمسكينة.
إيه مثل ما قالت هي، ما لها ذنب باللي صار.
ليش دايم يعصب عليها هي؟
ليش ما يواجه أبوها على طول!
وبتول ما قد بينت انها فعلا ملّت من الوضع.
وان كانت ضعيفة على طول تبكي وترتجف وما تتجرأ ترفع عيونها إلا أحيانا.
كأنها بنت صغيرة في الإبتدائي مو شابة على وشك التخرج!
بس اليوم عبرت عن اللي تحس فيه للمرة الأولى.
اليوم تكلمت للمرة الأولى.
غمض عيونه ومنظرها ما يفارق خياله لما راحت من قدامه معصبة.
الحين أكيد انه المفروض يراضيها!
بس كيف؟
وهو اللي ما يبيها تتعلق فيه أو تتأمل منه خير؟

_______


يتبع..




التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 13-08-20 الساعة 03:42 AM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 10-08-20, 04:41 AM   #4

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



صباح اليوم الثاني..


وقفت قدام المرايا بعد ما لبست مريولها، فتحت شعرها المرفوع.
واللي انسدل على ظهرها حتى وصل لخصرها.
ضفرته بسرعة حتى ما يروح عليها الباص.
لبست عبايتها بعد ما خلصت وحطت شنطتها على ظهرها.
كانت مجهزة أختها الصغيرة قبل لا تتجهز هي.
واللي نزلت تحت عشان تفطر مع أبوها وزوجته.
نزلت بسرعة وهي تسمع صوت ضحكات زوجة أبوها، كشرت بضيق حتى وصلت لين عندهم:
- صباح الخير يبه، يلا أنا بطلع تأخرت.
وائل:
- اقعدي افطري قبل.
- أخذت فطوري معي، بتأخر.
تكلمت بدور وهي تطالع في وجهها:
- تراها أمس لا تغدت ولا تعشت، بتموت على هالحال.
طالعت فيها عهد بكره ثم قالت:
- تعشينا في غرفتي، طلبت من المطعم، عن اذنك يبه.
خرجت وهي تلف طرحتها وتسمع صوت بدور اللي تكرهه من دون أي سبب:
- البنت طالعة على أمها ما شاء الله.
أول ما طلعت انصدمت وهي تشوف الواقف قدام الباب، مستند على سيارته ولابس نظارته الشمسية.
ضحكت وهي تقرب منه وتوقف قدامه وتشيل النظارة من عينه:
- يا شيخ ما في حتى نص أشعة للشمس وراك لابسها؟
أخذها منها ورجع لبسها:
- خفت على عيوني من نورك الساطع، يلا اركبي بسرعة.
ضحكت عهد وهي تفتح الباب وتركب، ثم تسأله:
- وش جابك؟
طالع فيها زيد يمثل الصدمة:
- يعني وش قاعد أسوي الحين؟ بوصلك أكيد.
- ما عندك شغل؟
- إلا بس عندي كم سؤال وأبي أجوبة.
رفعت عهد حاجبها وهي تريح ظهرها على الكرسي:
- تمام، اسأل.
- أول شيء قولي لي كيف الأحوال في بيتكم؟ كيفكم مع هاللي ما تتسمى، تمام ولا أجي أنتف شعرها؟
ضحكت عهد:
- يا ليت والله لو أحد يقدر ينتف لها شعرها ويشفى غليلي، بس ماشي، ما دام أبوي مرتاح معاها احنا ما لنا دخل.
زيد بحدة:
- أنا ما لي دخل في أبوكم، أسأل عنكم.
عهد بصراحة:
- إلى الآن ما صار شيء، كافيتنا خيرها وشرها ولا تحتك فينا ولا نحتك فيها إلا قليل.
- طيب زعلانة من أمك انتِ؟
التفتت له عهد باستغراب:
- لا، ليش تسأل؟
- عهد أمك خايفة ترى، تقول انها تحسك معصبة منها ولا زعلانة، يعني شوي وتقرر ترجع لأبوك وانتي تدرين اني مستحيل أرضى بهالشيء.
عضت عهد شفتها بحيرة:
- ما ني زعلانة، بس.. المفروض تعلمني من قبل انها بتنقل ما تصدمني كذا!
زيد بحزن على مشاعل:
- يا عهد الموضوع صعب عليها ترى مو مثل ما تتخيلين.
تنهدت عهد بصوت مسموع:
- أدري يا خالي، عشان كذا حبيت أبين لها اني أقدر أتعامل مع الموقف، وانه عادي حتى لو بعدت راح نكون بخير، واذا فعلا فهمتني غلط وتوقعت اني زعلانة فطمنها انت لو سمحت.
زيد بعد صمت قصير:
- ليش ما تكلمينها انتِ؟
عهد اللي خنقتها العبرة من شوقها لأمها، مع انها شافتها أمس:
- ما أقدر يا خالي، أدري اني راح أضعف، أمي لازم ترتاح الحين.
هز زيد راسه بتفهم وسكت.

عمّ السكوت للحظات، وهي مريحة راسها على المقعد تطالع من الشباك.
وهو يسوق بذهن شارد يفكر في رسالة بتول أمس.
لما وقف السيارة فجأة وبقوة ارتدّ لقدام إلا انه ما صار له شيء كونه رابط الحزام.
أما عهد فضرب راسها بقوة باللي قدامها وصرخت من الفجعة.
رفع زيد رأسه بصدمة والتفت لها على طول:
- انتِ بخير؟
حطت يدها على راسها:
- لا، بس تعورت شوي، إيش صار؟
قبل لا يرد انتبه للي نزل من السيارة وتوجه ناحية سيارته.
احمرت عيونه وهو يفتح باب سيارته وينزل ومو شايف شيء من العصبية.
تفاجأ بصاحب السيارة الثانية يقرب منه ويمسك ياقة ثوبه، ويدفه حتى لصق جسمه بالسيارة:
- انت قدها؟ قد اللي سويته أمس؟
دفه زيد بقوة وبعده عنه وهو يصرخ:
- يا مجنون وش تقصد؟
صرخ آسر وكأنه فاقد للوعي:
- وش أقصد؟ انت عارف وش أقصد، حرقت مطعمي عشان تنتقم؟
توسعت عيون زيد قبل لا يضحك فجأة بسخرية وهو يأشر لنفسه:
- أنا؟ حرقت مطعمك؟
آسر اللي كان فعلا تعبان بسبب سهره وتفكيره الطويل:
- طبعا انت، مين غيرك ممكن يحقد عليّ؟
قرب منه زيد حتى وقف قدامه، وقال بهمس:
- وليش ممكن أحقد عليك يا صاحبي؟
ارتبك آسر من السؤال، إلا انه ما سمح له يضعفه:
- ما علي من السبب يا زيد، لكن صدقني ما في أحد غيرك ممكن يحقد علي ويتسبب بهالحريق.
دفه زيد بعصبية:
- حتى لو حقدت عليك ما راح أقطع رزقك يا غبي، والحين روح عني وخلني أكمل الطريق لا يصلون عليك الظهر.
ضحك آسر بقهر وهو فعلا مو قادر يفكر بأي أحد ممكن يسبب بالحادث غير زيد!
- ما راح تروح لأي مكان قبل لا تعترف وتتعاقب يا زيد.

عهد اللي صدعت من قوة الضربة وطفشت وهي تنتظر، نزلت من السيارة معصبة حتى وقفت جنب خالها:
- وبعدين يعني بتطولون وانتم تتهاوشون عشان بنت؟
توسعت عيونهم بصدمة من كلامها، وعصب زيد:
- عهد وش هالكلام؟
التفتت له تقول بحدة:
- إيش اللي وش هالكلام؟ تتوقعون اني ما اعرف سبب خلافكم؟ السبب التافه اللي كل العالم تعرفه إلا انتوا؟
رجعت تطالع في آسر اللي صنم في مكانه، بما انه ما كان متوقع يكون في أحد مع زيد بهالوقت:
- ممكن تـأجل هالهوشة لبعدين؟ لو سمحت يعني بتأخر على المدرسة.
وقف يطالع فيها لعدة ثوان قبل لا يقول:
- انتِ بنت مشاعل؟
ناظرته بقهر وركبت السيارة من دون ما ترد عليه.
لحقها خالها بعد ما طالع في آسر بحدة وكأنه يتوعده.
حرك السيارة ومشى من الجهة الثانية.
التفت لعهد لما قالت وهي تكشف وجهها وتأخذ منديل تمسح وجهها:
- يعني الحمد لله انه ما كان طريق عام ولا كنتوا فرجة للرايح والجاي.
طالع فيها بغموض وهو يقول بعصبية وبهمس:
- مرة ثانية ما تطلعين وتتكلمين بهالشكل عند ناس غريبة يا بنت مشاعل.
التفتت له باستغراب ثم تكتفت وسكتت.
باين انه معصب مرة، وممكن يقط عليها أي كلمة من دون ما يحسب حسابه.
بما ان الموضوع فيه بتول من جهة، وآسر من جهة!

رجع آسر لسيارته وجلس في مكانه.
مسك الدركسون بقوة وحط راسه عليه وهو مغمض عيونه بقوة.
يحس انه مو بخير أبد.
وانه في شيء صار بداخله من شافها، شاف بنت مشاعل!


__________


في جهة ثانية.

كانت راقدة على سريرها تطالع السقف بعيون واسعة وفارغة.
وجهها ما فيه حياة.
إلا تحس كل شيء حولها خالي من الحياة!
ما هي ندمانة ولا تحس بالشوق لوائل، بالعكس.. تحس انها فعلا فكّت نفسها من شيء ثقيل مرة.
بالرغم من العشرة الطويلة اللي كانت بينهم.
تقريبا 20 سنة إذا مو أكثر!
تزوجته وهي ببدايات الـ٢٠، والحين بمنتصف الـ 40.
إلا انه قلبها خالي تماما، من حبه أو حب أي أحد ثاني غير عيالها وأهلها أكيد.
هي بنفسها مستغربة من هالشيء.
كيف طلعت من هذيك العلاقة فارغة وخالية؟
صحيح توجعت من اللي صار، بس لأنها ذاقت طعم الخيانة والخداع، بس الموضوع كعلاقة زوجية انهدمت!
أبدا تحسه عادي.
وهالشيء غريب مرة.
يمكن لأنه ما مر وقت طويل على طلاقها من وائل؟
تحس انها ما خسرت غير عيالها، ولا كل شيء ثاني غيره باقي مثل ما هو.
تتذكر ذاك اليوم قبل خمس شهور تقريبا، رجعت البيت من المدرسة وهي متوقعة انها بتلقى زوجها موجود كالعادة.
لكن تفاجأت كثير، خاصة لما اتصلت كم مرة وما رد.
وهي تعرف انه مو مشغول، أو بتعبير أصح، ما عنده وظيفة!
وظيفة تشغله وتأخره عن البيت.
رجع مع آذان العصر، يوم سألته قال انه كان مع أصحابه.
وهي تدري بعد ان أصحابه قليلين جدا، ومستحيل يكونوا فاضيين بهالوقت!
إلا انها مشت الموضوع، بالنهاية هو رجال وما تقدر تقيده كأنه ولد صغير.

كرر الموضوع اليوم الثاني، واللي بعده.. واللي بعده لين صارت تشك فيه وغصبا عنها.
لما صارت تلقاه يسرح في أغلب الأوقات، ما يقعد مع أولاده كثير زي دايم، ما يفز لحضورها مثل المعتاد.
حست انه في شيء غلط، في شيء قاعد يصير.
بس كيف تتأكد!
بعد أسبوعين تماما، فضلت انها تغيب عن المدرسة وتشوف بالضبط إيش اللي قاعد يصير.
تظاهرت انها خارجة ورايحة للدوام، ركبت سيارتها وبعدتها عن البيت بمسافة بعيدة نوعا ما.
فعلا خرج وائل بعد خروجها بربع ساعة.
لحقته وقلبها يدق بعنف من الخوف.
كل ما بعد عن البيت واتجه لطريق ما يودي لأي شيء يخصها من محلات وxxxxات، كل ما زاد الخوف في قلبها.
في لحظة تطمنت وارتاح قلبها وهي تشوفه يوقف السيارة تحت واحدة من عمايرها، واللي كانت أبعد شيء عن بيتها.
قالت يمكن جا يشوف الأوضاع!
ما قدرت ترجع، حدسها يقول انه في شيء!
وقفت سيارتها ونزلت، اتجهت لحارس العمارة اللي رحب بها وهو متوتر ومرتبك.
مظهره وحركاته خلى الخوف يزيد في قلبها، وسألت:
- وائل إيش يسوي هنا؟
ما رد عليها الحارس على طول، وهو يطالع فيها بخوف وحذر.
كررت سؤالها:
- سألت وائل إيش عنده هنا يا عم حمدي.
رد عليها الحارس بارتباك يحرك يدينه بقلة حيلة:
- والله ما اعرفش، تقدري تشوفيه بنفسك يا ست مشاعل.
هنا حست بقلبها يتوقف عن النبض، بلعت ريقها بخوف وهي تمد يدها ناحيته:
- وينه؟ بأي دور ولا أي شقة؟
علمها برقم الدور والشقة، وركبت هي المصعد بعد ما مشت ببطء.
كأنها تجبر نفسها.
وكأنه قلبها يمنعها من انها تروح ولا تنصدم.
كانت دموعها عالقة بعيونها وهي واقفة في المصعد متكتفة، لين وقف ونزلت منه.
واتجهت للشقة وهي حاسة بالصداع.


وقفت عند الباب للحظات مغمضة عيونها، قبل لا تمد الكرت وتفتح الباب.
صنمت في مكانها لما وصلها صوت وائل وهو يضحك، معاه صوت بنت!
حست بالنار تشتعل بقلبها، ووجهها يحمر من الغيظ والقهر والشعور بالخيانة.
قادتها رجولها للغرفة اللي جاية منها الأصوات، واللي كان بابها مفتوح.
أول ما وصلت له صدم جسمها بجسم اللي خرجت منها.
واللي كانت تكلم وائل وهي خارجة، بس اصطدمت بمشاعل التفتت لها وشهقت وهي ترجع لورى وتطيح الكاسة اللي بيدها.
وائل اللي استغرب من حركة بدور، قام من مكانه وراح لها.
نشف الدم بعروقه وتوسعت عيونه، جسمه ثبت في مكانه.
ما قدر لا يتكلم ولا يتحرك ولا يسوي شيء.
مثله مثل بدور!
وفي خلال ثانية وحدة اختفت مشاعل عن عيونهم.
الشيء خلى بدور تنقهر، وتصرخ على وائل اللي نوى يلحق مشاعل:
- وين رايح أحسن انها عرفت من دون ما تزعج نفسك عشان تعلمها.

ما تدري إيش صابها بالضبط ذاك اليوم.
حالة من الجمود والبرود واللامبالاة!
رجعت للبيت وصارت تنظفه وترتبه وتطبخ الغدا.
خلت العاملات اللي عندها ينامون ويرتاحون، وهي قامت بكل شيء من البداية للنهاية.
ما تتذكر انها نزلت دمعة وحدة من القهر أو الحزن.
إلا لما ودعت عيالها أكيد.


الآن..
انتبهت على صوت تلفونها لما رن.
ابتسمت وهي تشوف اسم المتصل، وردت على طول:
- هلا آسر.
فاجأها باللي قاله:
- عطيني واحد من مشاريعك، بأديره بنفسي، إذا للحين ودك تساعديني.
سألتها باستغراب:
- ليش فجأة غيرت رايك؟
- بس كذا، ودك ولا ما ودك؟
هزت كتوفها بحيرة:
- تمام، بشوف إيش اللي يناسبك وبعطيك خبر.
قفلت منه وهي مستغربة تماما، نبرته وطريقته في الطلب!

_______

عند بتول..


اللي قامت متأخرة من نومها، بما انها نامت في وقت متأخر أصلا.
وما عندها محاضرات اليوم.
نزلت تحت ووجهها منتفخ ومحمر من البكاء والنوم.
دايم تختلف مع آسر، وتكون هي الطرف الأضعف كل مرة.
وتكون راضية وتعذره.
إلا هالمرة.
صحيح مر بموقف صعب، بس هذا ما يسمح له انه يستغل ضعفها كل مرة ويعاملها بهالطريقة.
تدري انها المرة الأولى والأخيرة اللي وقفت فيها بوجهه، مع ذلك تحس بشيء من الإنتصار لكرامتها اللي يهدرها هو يوميا من دون ما يحس بأدنى شعور من الذنب وتأنيب الضمير.
جلست على طاولة المطبخ بعد ما طلبت من العاملة تحط لها الفطور.
طالعت في جوالها بتردد، إلى الآن ما فتحت رسالة زيد.
اللي رد عليها أمس، وشافت الاشعار قبل لا تنزل لآسر.
بس خايفة تفتحها، خايفة تضعف وتهون الموضوع.. وتخون آسر!
حتى لو كانت بينهم مليون مشكلة، يظل هو زوجها.
فتحتها بتردد وهي تبلع ريقها، كان الرد قصير جدا وحيرها زيادة ( واذا كان لي يد وش بتسوين؟).
ادمعت عينها وصار صدرها يعلو ويهبط مع انه رد عادي جدا.
إلا انه نقل لها الألم الكبير اللي هو يحس فيه، والوجع اللي سببته له.
ردت هي بعد تردد ( جاوب على قد سؤالي أرجوك).
شهقت بصدمة لما وصلها الرد.
صورة سيارته المعدومة شوي من قدام، مع ( ما عليك أنا وياه نتفاهم بطريقتنا).
معقولة؟ آسر وصل فيه انه يروح يخرب سيارة زيد؟
ليش ما فكر بمنطقية؟
وليش سوى كذا أصلا؟ يعني زيد فعلا تسبب بالحادثة؟
كانت هي الأسئلة التالية لأول سؤال بادر في ذهنها وخلى قلبها يخفق بسرعة، وكتبته من دون ما تحس (صار لك شيء؟ تأذيت؟).
الرد الأخير منه صحاها وخلاها تنتبه لنفسها (اعذريني ما أبي أخون صاحبي يا بتول، بحظرك).
ادمعت عيونها وهي تعض شفتها بضعف وتقفل شاشة الجوال.
زفرت تحاول تخرج الضيقة اللي كاتمتها فعلا.
نقزت في مكانها لما سمعت صوته من ورى:
- كويس مثل ما توقعت، ما أفطرتِ لسه.
مسحت دموعها ووجهها بقوة وهي توقف وتواجهه.
طالع فيها وتأمل وجهها شوي ثم قال:
- روحي البسي عبايتك.
سألته مستغربة:
- وين بنروح؟
- نفطر برة، يلا لا تطولين.
مسكته من ذراعه وهو خارج من المطبخ ووقفته:
- على ايش تبي تعاتبني الحين ولا توبخني؟ أمس موضوع الجناح واليوم إيش؟
التفت لها آسر بهدوء وطالع في عيونها، لين ارتبكت هي ونزلت يدها:
- تمام بروح ألبس عبايتي.
راقبها آسر بغموض حتى اختفت عن عيونه.
ثم تنهد بضيق واتجه لغرفته، هذي البنت تعبته.. وراح تتعبه أكثر!

وصلوا للمقهى بعد أقل من نص ساعة.
واللي كان راقي وهادئ لأبعد حد، جميل يبين ذوقه صاحبه الفخم جدا.
وباين انه جديد.
كان كل شيء جاهز لما وصلوا.
كانت بتول منحرجة وهي تجلس، وتشوف مثل هالمبادرة الحلوة من آسر للمرة الأولى.
دايم كانت هي اللي تعزمه.
أحيانا يحضر، وأحيانا يرفض ويحرجها.
سألته وهي تنزل الطرحة على كتفها:
- إيش المناسبة؟
ابتسم آسر وهو يحط مرفقه على الطاولة ويحط قبضته تحت ذقنه:
- حبيت أعتذر لزوجتي الحلوة، ولا ما تستاهل؟
حست بوجهها يحمر فجأة ويصير حار كأنه البخار حولها.
والدم يتجمع في خدودها اللي فعلا صارت حمرا.
نزلت راسها بخجل وما عرفت بإيش ترد.
ضحك آسر ومد يده ناحيتها، حطها تحت ذقنها ورفعه:
- طالعي فيني.
حطت عينها بعينه ويدها ترجف من الحيا، خاصة لما سحب يمينها وباسها:
- أنا آسف، أمس خليتك تمرين بوقت صعب معي، غير كذا رفعت صوتي عليك وعصبت، أنا صدق آسف.
بهاللحظة نست بتول كل شيء سواه فيها من يوم عقد قرانه عليها.
كل مرة صرخ فيها عليها.
وكل مرة عصب وغلط عليها.
كل مرة زعلها وخلاها تنام وهي تبكي!
فتنها بأسلوبه، ومظهره الرسمي اللي خلاه وسيم جدا.
ابتسمت بخجل:
- ما كان في داعي تكلف على نفسك آسر، وأنا مو زعلانة منك.
اتسعت ابتسامته:
- أدري انك مو زعلانة، لأنك لو كنتِ من النوع اللي يزعل على طول كنت أنام برة البيت الحين.
ضحكت بتول من دون ما تقول شيء.
بدأت تأكل بصمت، وهو بعد كان ياكل وهو يطالع فيها وسرحان.
مو فيها، لا بأمور كثيرة.
قطع الصمت فجأة بسؤاله:
- تدرين هالمكان لمين؟
هزت راسها بالنفي تطالع فيه بفضول:
- لا.
ابتسم:
- لي، أنا صاحب المقهى الحين.
رفعت حاجبها بدهشة:
- شلون؟
- مشاعل قررت تساعدني لين أوقف على رجولي من جديد.
توترت وارتبكت من تأثير اسم مشاعل.
الشيء اللي ما غاب عن آسر.
رفعت كوبها بيد مرتجفة:
- مبروك، وإن شاء الله تكون بداية خير عليك.
- آمين.
ضحكت تحاول تخفي توترها:
- أعجبني المكان، مرة رايق.
- تقدرين تجين على طول لو تبين.
هزت راسها بالإيجاب وهي تبعد أنظارها عنه.

_____


في غرفة اخوانها..


كانت تساعد الصغير ( إياد) يختار لبسه، بعد ما جهزت أختها كالعادة.
وأخوها الثاني جالس يلعب بجواله بعد ما تجهز.
كشرت بضيق وهي تسمع صوت كعب بدور يقرب منهم.
حست فيها وهي توقف عند الباب، إلا انها تجاهلتها وكملت تشوف الملابس تختار اللي يناسب إياد، اللي صرخ فجأة بحماس:
- هذا هذا، بلبس هذا لأنه أمي تحب هاللون.
ابتسمت عهد وهي تنزل اللي أشر عليه، لما سمعت صوت بدور تقول بسخرية:
- عجيب يا إياد، إلى الحين تشوف إيش تحب أمك وإيش ما تحب وهي تركتكم وراحت؟
طالعوا فيها كلهم بحقد وعصبية، وصاح فيها إياد:
- ما لك دخل انتي يا ملقوفة، ليل نهار تحطين 10 كيلوات مكياج تسوين نفسك حلوة.
كتمت عهد ضحكتها، لكن الصغيرة ميس وأخوها الأصغر منها سامر ضحكوا بصوت عالي، تلون وجه بدور من العصبية والاحراج:
- إيش قلة الأدب هذي؟ أمك علمتك تكلم اللي أكبر منك بهالطريقة؟
سامر وهو مشغول بجواله:
- لا تجيبين طاري أمي كل شوي تحاولين تكرهينا فيها، فعلا انتِ تحطين مليون كيلو مكياج عشان أبوي لا ينفجع من بشاعتك ويطلعك برة.
رفعت بدور حواجبها بصدمة:
- اسكت انت الثاني، ما تشوفين اخوانك يا عهد؟ يقلون أدبهم وانتِ ساكتة ومبسوطة؟
عهد بهدوء:
- حقك علينا يا شمس الشموس، بأدبهم ما عليك.
ارتفعت ضحكاتهم من جديد وهم يطالعون في بدور اللي كانت لابسة فستان أصفر.
ناظرتهم بغيظ وهي تتكتف وتتوعدهم:
- هين، أنا بوريكم، بس خلوا أبوكم يرجع وشوفوا وش راح يصير.
نوت تروح لكن عهد وقفتها:
- لحظة.
قربت منها بكل جرأة ووقفت قدامها:
- ما تعلمين أحد ولا تقولين شيء لأحد، أمي ربتني أنا وأخواني أحسن تربية، لكن بس تجيبي طاريها على لسانك بخير أو شر ما تشوفين شيء طيب تمام؟ ثاني شيء انتي اللي بدأتِ، جيتِ تحارشين على الفاضي وتدورين مشاكل، ما توقعتِ نرد عليك صحيح؟ تحترمين نفسك نحترمك، ولا بتشوفين اللي ما يعجبك.
بدور بقهر:
- تهدديني يا عهد؟
عهد بكل هدوء وبملامحها الجامدة اللي ما تتبدل ولا تتغير أبد:
- لا، بس أنصحك تحترمين نفسك، لأنه هذا مو بيتك.
قاطعتها قبل لا تتكلم:
- ولا بيت زوجك، هذا بيت مشاعل، وبيت عيالها.

طالعت فيها بدور من فوق لتحت بقهر ثم راحت تضرب الأرض بكعبها العالي.
الشيء اللي تتعجب منه عهد صدق.
كيف تقدر تقعد بالمكياج طول اليوم؟ وكيف تقدر تلبس الكعب طول اليوم كمان؟
رجعت لغرفة اخوانها وسكرت الباب بعصبية:
- إيش اللي سويتوه تو؟ سامر وإياد؟
طالعوا في بعض باستغراب ثم التفتوا لها:
- إيش سوينا؟
عهد بحدة:
- صح هي غلطانة بس ما ترفعون صوتكم عليها ولا تضحكون قدامها بهالشكل، نسيتوا وش قالت أمي؟ ما نزعج أبوي ولا نزعله؟
سامر ببرود:
- قالت أبوي ما قالت بدور.
- واللي يزعل بدور يزعل أبوي.
طالعوا فيها بصدمة، وهي بنفسها انصدمت من اللي قالته.
لما وقف سامر بعصبية:
- انتِ شكلك مبسوطة منها وحابتها؟ جاية تدافعين عنها وهي السبب في الحال اللي احنا فيه؟ ومو راضية من اللي سويناه.
زفرت عهد أنفاسها بضيق:
- معليش مو قصدي، بس فعلا لا تعطونها فرصة تنتقدكم ولا تنتقد تربية أمي لأنه ما لها حق ولا نبي نعطيها مجال، أصلا هي هذا اللي تبيه، تبانا نغلط عليها وتروح تعلم أبوي وتفرقنا عن بعض أو تدخل المشاكل بيننا، عشان كذا أقول لكم تصرفوا على طبيعتكم، مثل ما ربتنا أمي يا سامر وإياد وميس، لا نخلي الحقد والعصبية تسيطر علينا ونضيع كل شيء، مفهوم؟
ابتسم سامر بسخرية وحزن بنفس الوقت، وهو يحس بالضغط حتى بدال أخته.
اللي يشوف كيف تحاول تتحمل المسؤولية حتى وهي مو قدها!
الصغار هزوا رؤوسهم بإيجاب، أما هو فالتزم الصمت.
ورجع يلعب بجواله.
تنهدت بضيق بعد ما طالعت فيه، وخرجت بعد ما قالت:
- يلا يا إياد، بلبس عبايتي وأجيك، ألقاك جاهز؟
خرجت وتوجهت لغرفتها وهي بتموت من القهر من بدور.
بس ما تقدر تسوي شيء.
دخلت الغرفة وأخذت عبايتها من الشماعة، لبستها وهي ترد على خالها اللي اتصل.

خلال نص ساعة كانوا يجلسون في أحد المطاعم، مع أمهم وخالهم زيد.
مشاعل اللي أول ما شافت عيالها بكت زي كل مرة وهي تحضنهم.
مع انها تشوفهم في كل خميس وجمعة، إلا انها تظل تشتاق لهم وتفتقدهم كل يوم وكل ساعة.
ارتاحت وهي تشوفهم مبسوطين والابتسامة على وجيههم.
الا عهد اللي كانت عيونها تقول شيء ووجهها يقول شيء ثاني.
شهقت وهي تشوف أثر ضربة على جبينها:
- يمه عهد وين طحتِ وش فيها جبهتك؟
حطت عهد يدها على جبينها وهي تطالع في زيد، اللي كان يهز رأسه ويأشر لها تسكت، إلا انها طالعت فيه بزعل:
- اسأليه، اسألي أخوك المدلل أمس وش مسوي، قال جاي يأخذني ويوصلني للمدرسة، سوى حادث.
كان زيد يطالع فيها بتهديد وبعيون واسعة.
أول ما التفتت له مشاعل وهي مصدومة أخذ جواله وسوى نفسه مشغول.
حتى ضربته على يده:
- وأسأل وين سيارتك تقول واحد من أصحابي مأخذها.
رفع زيد راسه وابتسم لها بغباء:
- حادث بسيط والله يا سيدتي، يعني بخوفك على الفاضي؟ على شيء ما يستاهل؟
مشاعل بجدية:
- حتى لو كان بسيط ما تخبي عليّ شيء يا زيد.
زيد بأدب:
- أبشري.

سرحت عهد على هالطاري، وهي تتذكر الموقف.
ونظرات آسر لما خرجت من السيارة، كيف انصدم وكيف سألها إذا كانت بنت مشاعل أو لا.
دايم تسمع عنه، سواء من خالها ولا من أمها.
إلا انها المرة الوحيدة اللي شافته فيه قدامها.
فعلا.. آسر كان آسر صدق.
ما تدري إذا هي مشاعر المراهقة ولا شيء ثاني، بس فعلا شيء غريب اللي يحصل معاها.
مو قادرة تنسى الموقف، ولا راضي يغيب عن بالها دقيقة وحدة.
صدقا، ممكن يكون هو الشخص اللي كل بنت تتمناه مثل ما يقولون!
يا حظ خطيبته!
بس معقولة هي خانت خالي زيد عشانه؟
لأنه أوسم وأجمل من خالها؟
جذاب أكثر منه؟ لأنه فعلا آسر!
أكيد، ولا إيش السبب اللي يخليها تترك الغني والتاجر واللي سمعته معروفة وتأخذ الحافي المنتف اللي ما عنده ريال واحد، حتى المطعم اللي كان عنده خسره؟
هل ممكن المظهر الخارجي للشخص أو جماله يطغى على الحب؟
معقول؟ لا مستحيل.
فزت في مكانها مفجوعة لما صرخ فيها إياد:
- يا صمخا أمي تناديك من ساعة ما تسمعين؟
التفتت له بعصبية:
- اسكت فجعتني.
وناظرت أمها بإحراج:
- آسفة يمه ما سمعتك، آمريني.
مشاعل:
- سرحانة بإيش يا قلبي؟ في شيء مضايقك؟
هزت راسها بالنفي وهي تبتسم:
- لا أبد.
- متأكدة؟
ابتسمت أكثر عشان تطمن أمها:
- والله ما فيني شيء.
تأملتها مشاعل لعدة ثوانِ قبل ما تتنهد بضيق وتكمل أكلها، انتبهت عليها عهد، اللي مسكت يد أمها وباستها:
- حياتي أمي والله اننا بخير الحمد لله، وبالنسبة للي صار بالمدرسة أنا بس كنت مصدومة مو أكثر، لا تشيلين همنا، تمام؟
هزت مشاعل راسها ثم قالت:
- أنا آسفة إني خليتك تتحملين مسؤولية اخوانك والبيت وانتِ بهالعمر.
ضحكت عهد:
- وش هالكلام يمه؟ عادي ما فيها شيء هذول أخواني.
كمل عنها سامر يبي يخفف على أمه:
- إيه يمه لا تشيلين هم، تركتِ وراك أم ثانية لنا واللي ما تقصر معانا أبد.
طالعت فيه عهد بغيظ:
- يعني قصدك اني مقصرة صح؟
رفع حواجبه بصدمة:
- إيش فيها هذي شبكة اللغة عندها معكوسة؟
ضحكت مشاعل وهي تطالع فيهم بفخر.
تحمد الله مليون مرة انه عيالها كلهم يحبون بعض، وعلى قلب واحد.
سامر أصغر من عهد، لكن فعلا تقدر تعتمد عليه.
ذكي وواعي وعاقل، ما راح يسمح لأحد يغلط على اخوانه أكيد.
وعهد بعد بنت ذكية وقد المسؤولية.
لو انها ما تثق فيهم ما تركتهم ولا خلفتها وراهم يهتمون بإخوانهم الصغار!

______


وقف سيارته قدام المبنى الصغير نوعا ما، أو بيت صغير من دورين.
وجلس فيها متردد قرابة الربع ساعة.
يحس بروحه مهزومة، وهي تعرفه.. تعرفه أكثر من أي شخص بالدنيا.
تقدر تقرأه وتفهمه من حركة رمشه الخفيفة.
كان وده لو يختفي كم يوم ولا يجيها، لين يروح الهم من قلبه ويحس انه مرتاح.
لكن ما قدر، ما يقدر يغيب عنها أكثر من يوم واحد.
نزل من السيارة أخيرا، وشال الأكياس من المرتبة الخلفية.
اتجه للباب بتردد، حتى صار قدامه.
فتح الباب بمفتاحه، وابتسم وهو يسمع صوتها.
رزان اللي بس سمعت صوت المفتاح فز قلبها وصرخت بسعادة:
- آسر.
دخل وقفل الباب وراه، ضحك وهو يشوفها جاية عنده وفاتحة يدينها:
- يا عيون آسر.
ضمته رزان بقوة، ثم صارت تبكي فجأة.
انفجع آسر وهو يبعدها عنه بلطف ويطالع بوجهها:
- بسم الله عليك يا قلبي، مين مزعلك؟
رزان بزعل:
- أمس ما جيتني ولا اتصلت فيني حتى، صاير تحب بتول أكثر مني.
ضحك آسر وهو يمسح دموعها:
- عمري اللي يغارون، الحين هذا اللي مزعلك؟
اتسعت ابتسامة آسر لما أومأت رأسها بالإيجاب كأنها طفلة.
قبل جبينها بحنان:
- خلاص يا روحي ولا يهمك أنا آسف، اليوم طول اليوم بقعد معك.
رفعت رأسها تشهق بفرح:
- صدق؟ آسر بتقعد معي اليوم كله؟
عوره قلبه وهو يشوف تعابير وجهها، ويسمع هالنبرة منها.
قد إيش انتظرته؟ وكم مرة حست بالغيرة من بتول أو زعلت من تأخيره؟
كتم تنهيدته بصدره وهو يرفع الأكياس قدام وجهها:
- شوفي إيش جايب لك.
نطت رزان بفرح:
- الله آسر، أنا مرة أحبها.. شكرا.

مسح على شعرها بحنان لما جلست على الأرض تفرغ الأكياس وتطالع فيها بسعادة ما لها مثيل.
مسكينة، قد إيش تفرحها هالأشياء البسيطة مثل الشيبسات والحلويات؟ كأنها طفلة صغيرة.
جلس جنبها على الأرض وريح ظهره على الكنب.
وهي مشغولة تماما ولا هي حوله.
وسرح بعقله لموقف أمس، لما نزلت بنت مشاعل من السيارة بكل قوة وجرأة.
الجرأة اللي ما قد شافها إلا في مشاعل!
يحس بالقهر، يحس بالحقد.
النار تشب فيه.
مشاعره مختلطة.
كيف مبسوطة ومرتاحة وعايشة ولا كأنه في شيء صاير حولها؟
ما في شيء مضايقها؟
كيف لا؟ وهي عندها هالبنت اللي ما يدري حتى متى كبرت!
عمره ما قدر يخليها ضعيفة، يشوف نظرة الضعف والخسارة بعينها.
ولا يعتقد انه راح يقدر بسهولة.
انتبه من شروده على صوت رزان لما قالت بحزن:
- انت حزين، مانت مرتاح يا آسر.
بلع آسر ريقه من وجهها القريب من وجهه، هذي طريقتها لما تبي تعرف إيش فيه، وهل هو مبسوط ومرتاح ولا لا:
- ماني حزين يا رزان، أنا مبسوط الحمد لله.
هزت رأسها بالنفي:
- لا، حركة جفونك والتجاعيد اللي حول عينك، هذي كلها تقول انك مو بخير.

طالع فيها بضيق، وده يفضفض لها ويطلع اللي بخاطره.
لكن هي ما تحس نفس احساسه، ما راح تقدر تشاركه حزنه.
غير انها راح تنسى كل شيء خلال دقايق!
ابتسم وهو يمسح على شعرها:
- يتهيأ لك يا روحي، أنا بأفضل حالاتي الحين بما إني معك.
احمرّ وجهها من الإحراج وهي تطالع في يدها.
رفع رأسه لما طلعت غزل من غرفتها وبيدها المشط وربطات شعر، ناظرت آسر بجمود ثم قربت وجلست على الكنب:
- وأخيرا شرفت! أطلقت سراحك الست بتول؟
طالع فيها بحدة:
- وش دخل بتول الحين؟
غزل بنفس نبرتها:
- إذا تبي تمدحها وتطلعها الواو تقدر تطلع.
تنهد آسر:
- وش فيك زعلانة إنتِ؟
رفعت يدها بعد ما بعدت الكم عن ذراعها، وشهق وهو يشوف آثار عض عليها.
واحمرار غير طبيعي.
وقف بسرعة وقرب منها، مسك يدها وسأل بصدمة:
- وش صار؟
سحبت يدها ورجعت غطتها بالكم:
- زعلت لأنك ما جيت.
غمض عيونه بقلة حيلة ثم مسك يدها ووقفها:
- تعالي.
دخل الغرفة قفل الباب وراه ثم التفت يطالع فيها بضيق، حط يده على خصره ثم قال:
- أدري اتصلتِ فيني كثير وما رديت عليك، ما كنت أدري إنه في شيء مهم، حسبت انه رزان هي اللي كانت تتصل.
تكتفت تطالعه بقهر:
- وإذا رزان؟ مو رزان هي اللي تحتاجك أكثر مني يا آسر.
- أقصد يمكن كانت تلعب.
- آسر! ممكن تأخذ وضعنا بجدية أكثر شوي؟
آسر بهدوء:
- وأنا أسوي كل شيء عشانكم أصلا، اصبري يا غزل كلها كم يوم وراح ترجع حياتنا مثل قبل.
- بترجع مثل قبل وانت رايح تسكن في بيت زوجتك بدال ما تجيبها هنا؟

آسر اللي حاول يكبت انفعاله قد ما يقدر، لأنه غزل ما هي غلطانة أبد ومعها حق، بس ما تدري عن الحقيقة:
- غزل أنا ما جيتكم أمس ولا رديت لأني كنت في مصيبة، وكنت تعبان حيل، ما قدرت أجيكم وأنا ضعيف.
غزل باهتمام:
- إيش صار آسر؟
غمض عيونه وهو كاره يقول لها عشان ما يضيق صدرها:
- مطعمي احترق، تحول لرماد.
شهقت غزل وهي تغطي فمها بصدمة:
- احلف.
حرك يدينه بقلة حيلة:
- للأسف يا غزل.
ناظرته بحزن:
- يا عمري ياخوي، أنا آسفة والله آسفة ما كنت أدري.
ابتسم لها بحنان ومسح على شعرها:
- ما عليك.
ضمته بقوة تقول بحزن:
- ليتك علمتني جيت أوقف معاك، ما تكون وحيد بهالمحنة.
وبعدت عنه تقول بشقاوة:
- ولا بتول أغنتك عنا؟
قرص أنفها بمزح:
- تدرين وش تعني لي بتول يا غزل.
زمت شفتها:
- ترى كاسرة خاطري البنت، تستاهل من يحبها ويقدرها مو مثلك.
ضحك آسر:
- كنتِ بتذبحيني قبل شوي تقولين أطلقت سراحي.
غزل:
- معليش كنت مقهورة والله إلى الآن تحرقني يدي.
مسك آسر يدها وباس مكان العضة:
- آسف يا روحي، وإن شاء الله ما تنعاد.
- إن شاء الله.

فتحت الباب وخرجت قبله، شهقت بصوت عالٍ وهي ترفع يدينها وتمسك راسها:
- آسر لا عاد تجيب لها هالأشياء.
ضحك آسر وهو يشوف الحلويات منتشرة على الأرض بطريقة فظيعة.
أخذ المشط من يدها:
- أنا بمشط لها شعرها انتِ لمي الأشياء هذي.
غزل اللي شوي وتبكي:
- بلمها ومين يلمها غيري يعني؟
ضحك آسر وهو يمسك يد رزان ويوقفها:
- تعالي يا قلبي بضفر شعرك الحلو.
ضحكت رزان بسعادة وهي تقرب منه وتجلس جنبه.
فتح ربطتها ونزل شعرها الطويل على ظهرها، بدأ يضفره بصمت وهي مسترخية.
وقفت لما خلص وقربت من المرايا تطالع في نفسها وتضحك، تمسك خدودها وتقول:
- أنا حلوة صح؟

وقف آسر جنبها وأدمعت عيونه فجأة:
- أكيد، ما في أحد أجمل منك بهالدنيا كلها.
غزل اللي انتهت من تنظيف الصالة، وقفت تطالع فيهم.
لاحظت إنه حالة آسر تغيرت، ما غابت عنها لمعة عيونه.
تنهدت هي بضيق، تأمن على دعوات آسر اللي ماحد يسمعها غير الله.
لكن هي تعرف إنه دائما وأبدا يدعي لرزان عشان ترجع طبيعية مثل ما كانت قبل!
نفس أمنيتها أكيد.


____


انتهى.



____


اللهم ارحم مارية وأعمامي وأجدادي وجميع أموات المسلمين، اغفر لهم وعافهم واعفُ عنهم، برد قبورهم وأرِهم مقاعدهم في الجنة يارب العالمين، اللهم آمين.
اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.




التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 13-08-20 الساعة 03:44 AM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 03:45 AM   #5

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أسعد الله أوقاتكم بكل خير.
كيف حالكم؟ إيش أخباركم؟ إن شاء الله تكونوا كلكم بخير.
وحشني المنتدى حيل، ووحشوني قارئاتي.

مثل ما تعرفون، ما كان عندي نية أرجع بعد وقت قصير من ختام روايتي الخامسة ( هزائم الروح ).
لكن الحجر عمل عمايله فيني، والفراغ كان ممل جدا.. عشان كذا لقيت نفسي أكتب هالرواية.
كتضييع للوقت، وتسلية للنفس.
كنت حابة إني أخليها حبيسة للأدراج، بما إنها بعيدة تماما عن أسلوبي اللي تعودتوا عليه.
لكن قارئاتي بالإنستقرام نصحوني أنزلها، وبديت أنزلها هناك فعلا.. بعد عيد الفطر.
والحين بما إني تقريبا قربت أنتهي من كتابتها، ورسمت خطوط النهاية في بالي.. قررت أنزلها هنا.
على أمل إنها تعجبكم وترضيكم.
وإذا أعجبتكم فعلا.. أتمنى ما تبخلوا عليّ بكتابة آرائكم وتوقعاتكم.
طبعا هذا فصل تمهيدي، وراح أوضح كل شيء بالتدريج من خلال الفصول القادمة.

هذي ثاني رواية لي بالسرد العامي، اللي قرأوا رواية طفلة غرام شافوا قد إيش جبت العيد فيها هههههههه.
أتمنى سردي يكون تحسن بهالرواية.


قراءة ممتعة للجميع.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 03:46 AM   #6

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بدايه أكثر من رااااااائعه مروه وبارت طويل مشبع من طوله قرأته على دفعات
كل مافضيت قرأت جزء
تسلم يمينك مروه مثل ماتوقعت مميزه دائما سواء فصحى أو عاميه

نأتي للبارت وأحداثه وأبطاله

مشاعل واضح أنها محبوبه من طالبتها وتعاملها معهن راقي
ماتنلام مشاعل في تركها لوائل يعني بعد عشرة عمر يتزوج بدون مايقول لها

عهد من كلامها تأيد ترك أمها لأبوها وواضح إنها عاقله طالعه لأمها خساره
ياوائل فرطت في مشاعل

بدور حسب مافهمت هي الزوجه الثانيه لوائل زوجته الأولى مشاعل
كيف قدر يتزوج وهو ماعنده وظيفه وبكل وقاحه جايبها في بيت مشاعل

آسر واحتراق مطعمه وضياع تعبه هل كان قضاء وقدر أو هو بفعل فاعل وياسر شك بزيد
الذي يعتقد إنه هو السبب في احتراق مطعمه رغم زيد واضح من صدمته إنه ماله يد
في الموضوع الا إذا كان يمثل على أخته
أخوات آسر الظاهر مالهن غيره مالذي تعاني منه رزان ماهو مرضها

((طالع في الرسالة لعدة ثواني، قبل ما يضحك بسخرية ثم يقفل الجوال ويحطه على جنب ويكمل طريقه.))

مالومه شيء يقهر لما يشك بك شخص قريب منك وله مكانه في قلبك

زيد وبتول الظاهر كانوا يحبون بعضهم أو زيد خاطبها لكن والدها كان السبب
في بعدهم عن بعض زوجها لآسر رد جميل لماذا ؟ آسر شخصيته ماهي ضعيف
إذا ماله رغبه في بتول ليه وافق وتزوجها

بتول تقبلت الوضع لكن آسر مايحاول يساعدها بالعكس ينفرها منه

صعب التحليل والتوقع لأن الروايه في بدايتها وللآن فيه أشياء نجهلها
مثل علاقة زيد ببتول و آسر وعلاقة آسر بمشاعل هل تربطهم صلة قرابه
ماهي العلاقه التي جعلتها تكلمه وتعرض عليه المساعده
ولماذا غير آسر رأيه بعد أن التقى بزيد وعهد وطلب مساعدة مشاعل
هل للآمر علاقه برؤيته لعهد أو حتى يتخلص من العيش في ظل والد بتول
لم تتضح لنا بعض الأمور وصعب نتوقع

منتظرين باقي الأحداث يعطيك العافيه
ولا خلا ولا عدم منك يارب



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 11:51 PM   #7

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أسعد الله أوقاتكم بكل خير.
شكرا لكم جميعا على التفاعل الرائع، اللي ما توقعته صراحة.
بس أسعدتوني كثير والله.
وأتمنى التفاعل يبقى كذا أو يصير أفضل بإذن الله.
الحين أترككم مع الفصل الثاني، قراءة ممتعة للجميع.

____

لا تلهيكم روايتي عن الصلاة وذكر الله.
لا إله إلا الله.

الفصل الثاني.


____


في غرفتها اللي تقضي فيها طول يومها تقريبا، إلا أوقات الأكل وأوقات دراستها.
راقدة على سريرها وتطالع في السقف بشرود.
الهدوء يعم المنزل، اللي بهالوقت يصير موحش جدا.
دايم موحش، لكن بعد العشاء أكثر وحشة أكيد.
حتى صوت حشرات الليل تكون مسموعة بوضوح.
هذه الحياة اللي تعودتها من وهي صغيرة، تكون في مكان هادئ طول اليوم، موحش بالليل!
ما كان يقطع عليها هالوحشة والهدوء المزعجين إلا أخوها اللي ما هو موجود جنبها الحين.
واللي دايم تدعي إنه يرجع لهم سالم.
صحيح ارتباطها بآسر ما أسعدها، لكن انتقاله لبيتهم فرحها شوي.. ظنت إنها وأخيرا راح تلقى من يسليها.
لأن والدينها دايم مشغولين بأعمالهم وبعلاقاتهم اللي تجزم بالمليون إنها كلها قائمة على مجاملات بسبب المصالح!
لكن اللي صار عكس اللي توقعته تماما، صارت تضطر تحبس نفسها بغرفتها أكثر من أول!
غمضت عيونها بضيق وهي تتذكر الأشياء اللي صارت خلال الأربعة وعشرين الماضية.

حظرها زيد عشان آسر، وآسر آخذها للمقهى الجديد، واللي ما كان غير ملك لمشاعل.
جلست بقوة وهي تزفر بملل.
وقفت ورفعت شعرها بعشوائية، قبل لا تخرج من غرفتها.
عضت شفتها بضيق لما طاحت عيونها على الدرج المظلم، اللي يودي للدور العلوي.
وقفت في مكانها للحظات تتأمله وهي تبلع ريقها، من بدأ أبوها يجيب العمال عشان يرممون الشقة اللي ناوي يعطيها إياها، ما راحت لها أبد.
ما كانت متحمسة ولا كان عندها فضول تشوفها.
لكن بعد اللي قاله آسر صار عندها فضول فجأة.
اتجهت للدرج بخطوات بطيئة، وشغلت فلاش جوالها وهي تصعد.
حتى وصلت قدام الشقة، وشغلت الكهرباء بتردد.
فتحت الباب اللي ما كان مقفل بالمفتاح الحمد لله.
توسعت عيونها وهي تشوف هالمنظر اللي ما توقعت تشوفه أبد!
الصورة اللي كانت في بالها جدران نظيفة مطلية بطلاء جديد، غرف نظيفة، أرضية من الرخام الأبيض اللامع.
لكن اللي شافته مختلف تماما!
صدمها صدق.
الصالة اللي كانت مليانة تراب وأغراض مستعملة، وأشبه بمستودع.. تحول لصالة منظرها يسر الناظرين.
من الجدران المطلية بالألوان الفاتحة، والأثاث اللي ألوانه معاكسة لألوان الطلاء.
أثاث فخم وفاخر، تذكر إنها قد شافتها بمكان!
بمحل راحت له مع أمها قبل فترة، يوم راحت تغير غرفة نومها.
سألتها عن اللي عاجبها.. والحين كل اللي اختارته قدامها!
دارت بالشقة كلها وهي مذهولة ومصدومة، من غرفة النوم والمطبخ والمجلس البسيط.. حتى ركن القهوة كان جاهز.
جلست على واحد من الكراسي بالصالة وهي تضحك بغير تصديق.
آسر معاه حق يوم عصب عليها بهالطريقة.
كيف ما يزعل وما يحس بالإهانة وهو يشوف عمته وزوجها يجهزون بيته من دون علمه، ومن دون استشارته، وبدون ما يسألون هل هو عادي يسكن معاهم ولا لا!
عضت شفتها وهي تناظر حوالينها من جديد، جدا أعجبها التصميم، والأثاث.. كل شيء، الشقة بما فيها جميلة.
كل شيء موجود فيها يناسب ذوقها أكيد.
ابتسمت لما لمعت في بالها فكرة، ووقفت بعد ما شغلت الكاميرا.

بدأت تصور فيديو من عند الباب لداخل، لين وصلت للمطبخ، طاح الجوال على الأرض بقوة وهي تسمع صوته الهادئ فجأة:
- وش تسوين؟
التفتت له وهي تصرخ من الفجعة، تحط يدها على صدرها:
- آسر فجعتني الله يسامحك.
ضحك من شكلها وانحنى يأخذ جوالها من الأرض:
- مندمجة مرة وانتِ تصورين بيت المستقبل؟
أخذت منه بتول الجوال وهي منحرجة:
- ما أصوره لنفسي.
جلس على واحد من الكرسي وهو يطالع فيها ببرود:
- أمس عصبتِ لأنك ما تدرين شيء، والحين تصورينها ومبسوطة، لدرجة انك ما انتبهتِ لي، دخلت من بديتِ تصورين.
دخلت بتول الجوال بجيبها:
- قلت لك ما أصور لنفسي، أول مرة أشوف الشقة وعاجبتني، قلت أصور لمحسن عشان يتحمس ويرجع لنا بسرعة.
رفع حاجبه:
- أشك انه راح يرجع.
تغيرت ملامحها وهي تلمس نبرة السخرية في صوته، شهقت فجأة وهي تشوف يده اليمنى ملفوفة بشاش أبيض، قربت منه بخوف:
- وش فيها يدك آسر؟
- رزان، ضربتني بفازة.
زمت شفتها وهي تمسك يده وتطالع فيه بحزن:
- تعورك؟ تعورك كثير؟
وقف وهو يبتسم:
- عسل على قلبي، بس خايفة على غزل، أخاف تأذيها، تقول شغالة هالأيام ضرب وعض.
- صحيح، الله يكون بعونها.
ناظر آسر عيونها يقول:
- آمين، ويكون بعونك بعد كم شهر.
رفعت عيونها له باستغراب:
- وش قصدك؟
حرك كتوفه:
- الشيء الطبيعي والبديهي اللي المفروض يكون في بالك، إنه البنت بعد زواجها تنتقل لبيت زوجها، مو الزوج هو اللي يجي يسكن في بيت أهلها.
ظلت تطالع فيه بصمت، لما رفع يده ورجع خصلة شعرها ورى أذنها:
- يعني يا زوجتي العزيزة راح نسكن مع رزان وغزل، في بيتي، بيت أبوي.. مو هالشقة الفخمة، تمام؟
بلعت ريقها بخوف من فكرة العيش مع رزان في بيت واحد، وما تدري كيف قدرت تقول اللي قالته بحدة:
- يعني قدرت تتركهم وتجي تعيش في ملحق بيتنا قبل الزواج، ليش ممنوع بعد الزواج؟
ضحك آسر:
- غصبا عني، عشان أمك الحنونة لازم تعرف تقيمني صح وتثق فيني قبل لا تسلمك لي، وتسمح لك تعيشين معي طول العمر.
بتول بغيظ:
- يعني تتوقع انك كسبت ثقتها الحين؟ وانت ما قد احترمتها ولا تكلمت معاها بأدب؟
دخل يده السليمة بجيب بنطلونه:
- والله هي مو هامتها طريقة تعاملي معاها، أهم شيء عندها اني أعامل بنتها كويس.
ضحكت بسخرية وأعصابها بدت تتلف:
- وتعاملها كويس؟
- برضوا هالشيء مو مهم، لأنها ما تدري.. المهم انه زوجتي قاعدة تنقل عني صورة حلوة، وتقوم بالمهمة على أكمل وجه.

طالعت فيه بذهول، وفتحت فمها تبي ترد عليه بقسوة زي ما يسوي هو، بالنهاية فضلت تترك هالجدال اللي راح تطلع منه خسرانة ومجروحة.
رفعت يدينها بقلة حيلة واختفت عن عيونه بسرعة البرق بدون ما تقول شيء.
نزلت لغرفتها وقفلت الباب وراها.
جلست على كرسي مكتبها وهي تمسك رأسها بيدينها من الصداع اللي داهمها من مجرد تفكيرها انها راح تضطر تعيش مع رزان!
طبعا غزل ما هي هينة، بس رزان ما هي طبيعية، رزان مريضة وممكن تأذيها بأي لحظة!
توه يقول انه خايف على غزل لا تأذيها رزان، وهي متعودة عليها وترعاها طول الوقت.
كيف يفكر يأخذها؟ وهي ما عمرها تعاملت مع ناس غريبين.
غير كلامه اللي يسم البدن.
فعلا تبي تعرف آسر من وين جايب كل هالقسوة؟
كيف عايش وهو ما يحس بالناس ولا يراعي شعورهم أبد؟

______

صباح الأحد..

أمس بالليل ودعت أولادها بالدموع، بكت كأنها ما راح تشوفهم مرة ثانية بنهاية الأسبوع.
ضمت عهد بكل قوتها، واللي كانت متعودة تشوفها كل صباح بالمدرسة، لكن من هالأسبوع الوضع مختلف، ما عاد راح تشوفها يوميا.
صحيح ما تفرق بين أحد من عيالها، ولا قدر عهد عندها أكبر من قدر باقي عيالها.. لكن هي الوحيدة اللي كانت تشوفها يوميا.
لذلك شعورها كان مختلف تجاهها، أو يمكن لأنها كانت خايفة تكون الثانية زعلانة منها؟
تحمد الله مليون مرة إنه عهد بالرغم من صغر سنها، إلا انها عاقلة وذكية جدا.
تقدر تتعامل مع كل الظروف، مهما كانت صعبة.
ما تنسى اللي قالته قبل لا تطلع من البيت ( ثمرة تربيتك لنا يا أمي راح تبان الحين واحنا لوحدنا بدونك، راح أثبت لك إنك خلفتِ عيال نادرين جدا، ومو مثل أي أحد، راح أثبت لك إننا قد المسؤولية، كلنا مني لإياد، وراح أثبت لك إنك ما غلطتِ أبد بأي شيء، عشان كذا ريحي بالك وارتاحي، لا تعوري راسك بالتفكير ولا تشيلي همنا أبد).
بس خلصت عهد عبارتها بكت أكثر.
حتى لو كانت واثقة بعهد، وواثقة بتربيتها لهم.. طبيعي راح تكون خايفة وشايلة هم ومعاهم إنسانة غريبة، دخلت في بيتهم تبي تستغل ضعف وائل؟
خاصة لو كانت هالإنسانة هي بدور، الخوف أكبر وأعظم.
بنفس الوقت متطمنة من ناحية إنها خلتهم يحسوا بالمسؤولية من هم صغار.
خلتهم يعتمدوا على نفسهم.
لأن والدهم أبدا ما يُعتمد عليه.
بنفس الوقت لو كان هو ما يفرط في حبهم ما تركتهم أكيد.

وقفت قدام المرايا تتأفف وتتذمر من تفكيرها الزايد اللي صدعها.
قعدت على كرسي التسريحة تطالع في وجهها بإحباط، لما شافت خط هالات بسيط تحت عيونها من التفكير، والأرق اللي حرمها من النوم طول الليل.
حطت شيء بسيط على وجهها تخفي التعب.
ثم سرحت شعرها بطريقة أنيقة.
خلال ربع ساعة كانت بالمطبخ، بيدها العباية والشنطة:
- صباح الخير حميدة.
- صباح النور ماما مشاعل.
جلست مشاعل تتأفف:
- يا بنتي أنا ماني أمك، قولي مشاعل وبس.
- تقولين بنتي وما تبين أناديك ماما.
مشاعل بضحكة:
- تمام ما راح أقول بنتي، بس تكفين ما تناديني ماما.
- طيب.
- أمي أفطرت؟
- الحين بحط لها، هي وزيد.
- تمام بسرعة، لازم تأخذ الدوا من بدري.

قامت واتجهت لغرفة أمها بالدور الأرضي، دقت الباب بشويش قبل لا تفتحه وتدخل:
- وش نومك هنا يا البزر؟
زيد اللي كان وجهه منتفخ من النوم، قرب من أمه وحضنها:
- اشتقت لحضنها.
ابتسمت مشاعل وهي تقرب من أمها وتبوس جبينها:
- صباح الخير يمه.
- صباح النور يا بنتي.
فاجأها زيد باللي قاله بحدة لما جلست:
- أمس رحت للكوفي الجديد حقك بشارع الــ………..، أبد ما بغيت أموت من الصدمة.
عضت مشاعل باطن شفتها ثم ابتسمت:
- لو ما كانت بعيدة كنت أخليك تديرها بنفسك.
- بلا كذب، ما خليتيني أدير حتى أقرب فرع من هنا.
مشاعل بهدوء:
- اهدأ زيد، أنا أبيك تتعلم الشغل زين، لو صرت عارف كل شيء وصرت جاد مثل آسر بعطيك أكثر من محل تشرف عليهم، لكن انت أبد مانت مهتم، كل اللي تبيه الإسم والاحترام من العاملين، صح ولا أنا غلطانة.
احمر وجهه من الغيظ:
- ما أدري مين أقرب لك منا، أنا ولا آسر، ومو عارف إيش ناوية عليه بالضبط وانتِ تفضلين عدوي عليّ.
ضربته أمه على رأسه:
- وين الاحترام يا زيد؟
- أنا محترمها يا يمه بس فعلا أفعالها مو مبررة، شلون تسوي كذا؟ كيف تخلي آسر يتصرف في المقهى كأنه هو المالك وبنى المكان بدم قلبه!
مشاعل بحدة:
- زيد لا تكبر الموضوع، أنا بس حبيت أساعده لأنه خسر شغله، المطعم اللي قعد سنين يبنيه وتعب عليه، بس يرجع يفتحه بعد الترميم راح يرجعه لي.
ضحك بسخرية:
- متأكد مليون بالمية انه راح يستغلك كويس ويخليك تفلسين ثم يروح.
أخذت مشاعل علبة المناديل اللي كانت على الأرض وقذفتها عليه:
- تأدب زيد، وبلاش دراما.
قام معصب:
-أجل خليه ينفعك، هاللي ما يتسمى، وإذا فات الأوان قولي زيد قال.

ابتسمت بألم وهي تشوف هالتصرف السيء منه، والتفتت تناظر أمها بقلة حيلة.
- مو محزنني إلا تعلقه ببتول، وإنه مو قادر ينساها حتى وهي على وشك الزواج.
أمها بهدوء وصدق:
- اللي مزعلك شيء ثاني يا مشاعل، تزعلين لما يرفع صوته وينسى نفسه قدامك.
تنهدت بعمق وعضت شفتها تكتم احساسها بالجرح.
أمها صادقة، أكثر شيء يزعلها لما زيد ينسى نفسه ويقلل احترامه لها.
حتى لو كان الموضوع يستاهل عصبيته وقلة أدبه.
ما تحب تشوفه كذا، لأنه ما عاد صغير.. ولا عاد الطفل اللي يجهل طبيعه علاقته معها.
انتبهت من شرودها على صوت حميدة:
- زيد ما راح يفطر؟
مشاعل:
- خليه بكيفه إذا يبي ينزل.
أمها بعد ما حطت حميدة الصحن وخرجت:
- وانتِ بعد خفي عليه يا بنتي، لا عاد تقهريه بآسر، صدمته ما كانت عادية.
مشاعل ببرود عكس اللي تحس فيه:
- لازم يتجاوز هالمرحلة عشان يصير انسان قوي، ما راح أسمح لبنت مثل بتول تطيحه بهالشكل.
- ما راح يصير مثل ما تبين إذا قهرتيه وزعلتيه.
بلعت مشاعل لقمتها بصعوبة.
كانت متوقعة زعل زيد وعصبيته من الموضوع، لكن ما كانت متوقعة انها راح تتضايق بهالشكل.
بعد ما خلصت فطورها قامت تحمد الله، سلمت على أمها وخرجت وهي تتصل بزيد.
اللي رد عليها على طول وقال بجمود:
- أنتظرك بالسيارة.

_____


من البداية وهي تحاول تتقبلها، أو تتقبل الوضع عشان اخوانها على الأقل.
أو عشان أمها اللي وصتها على أبوها، وصتها إنها ما تقلل احترامها له بسبب زواجه، أو تأذيه بعقوقها.
عشان كذا كانت تتحمل حركات بدور الغير مقبولة، حاجات كثيرة سوتها عشان تستفزها من أول يوم دخلت فيه هالبيت، حتى لو كانت هالحاجات بسيطة.. طبيعي ما راح تتقبلها بما إنها صادرة من زوجة أب، ومن إنسانة دخيلة على حياتهم اللي كانت جدا هادئة!
لكن بما انها بطبعها صبورة وتقدر تكظم غيظها، زيادة على محاولتها لإقناع نفسها إنه مو كل زوجات الآباء شريرات مثل ما يصور لنا الإعلام، أو مثل القصص اللي تسمعها.
كانت تسكت وتتحمل.
والظاهر هالشيء هو اللي استفز بدور.
قهرها صبر عهد!
توقف قدام أبوها ووجهها محمر من الغيظ، تمسك يد أختها الصغيرة اللي تبكي.
ابتسمت بسخرية بعد الصمت الطويل اللي ساد المكان إلا من صوت بكاء ميس:
- يعني إيش يا يبه؟ مانت قادر تتكلم؟ تفتح فمك تقول شيء لهذي الواقفة جنبك ولا كأنها مسوية شيء؟
فتحت بدور فمها بترد، لكن عهد سكتتها بصوت عالِ:
- أصص انتِ ولا كلمة، ما أبي أسمع صوتك.
توسعت عيون بدور بصدمة، ورفعت هي صوتها أكثر:
- لا والله صمخت، وائل تسكت بنتك ولا أسكتها.
عهد بغيظ:
- تبيه يسكتني ويسوي فيني اللي سويتيه بأختي؟ ما عندك رحمة انتِ؟ ما عندك قلب؟ طفلة صغيرة وش فهمها؟ ما كانت متعمدة تطيح المويا، كيف قدرتِ تمدين يدك عليها وتضربين؟
رفعت عيونها لأبوها بقهر، واللي كان واقف وساكت يناظر فيها بنظرات غامضة.
كأنه محتار ومو عارف، هل لازم يوقف معاها عشان بنته الصغيرة ولا لا!
بدور:
- إيه الحين طفلة صغيرة، يوم تقلون أدبكم عادي صح؟
قربت منها عهد كم خطوة:
- ما قد قلينا أدبنا معك، تجين تحارشين ونرد عليك، ليش مقهورة؟ ولا تبين تطلعين أي علة علينا عشان تخلين أبوي يقطنا برة.
وطالعت في أبوها وهي مو حاسة بنفسها من البركان اللي بصدرها:
- طبعا ما راح يتردد يسوي هالشيء إذا تبليتِ علينا راح يصدقك على طول وراح يحاول يخرجنا، بس تخسين والله ما نسمح لك تحققين مرادك يا عديمة الحيا، هذا بيت أمي، انتِ تطلعين مع زوجك وولدك، واحنا راح نقعد.

بدور اللي فقدت أعصابها تماما من كلام عهد اللي ما توقعته، بنفس الوقت حاسة بانتصار.
كانت فعلا تبيها تطلع عن طورها عشان تلقى فرصة تبين فيها لوائل إنه بنته مو هينة، وإنها مستقبلا راح تحاول تطلعها من هالبيت بأي لحظة.
كانت محظوظة هالمرة، محظوظة حيل لأنه وائل موجود!
قربت من عهد من دون ما تحس ورفعت يدها، إلا انها وقفت في الهواء، وصرخت لما لوتها عهد بقوة ووجهها كأنه على وشك الانفجار من كمية الدم اللي تجمعت فيه.
التفتت لوائل بعصبية:
- إيش واقف تتفرج؟ سوي فيها شيء خليها تعقل، كيف تجرأت ورفعت يدها؟
تكلم وائل أخيرا بعد ما حلّ صمت قصير، ونزلوا سامر وإياد من غرفتهم لما وصلتهم الأصوات:
- أنا من البداية قاعد أحاول أمسك نفسي يا بدور، اطلعي غرفتك لا تطلع عصبيتي عليك؟
احمرّت عيونها من الغضب:
- ليش ما شاء الله؟ ليش أنا؟ هم يقلون أدبهم وتعصب عليّ أنا؟
وائل بحدة ما توقعتها منه:
- أول شيء مديتِ يدك على ميس وسكتت، بعد كذا رفعتيها على عهد.. وهذي المرة الأولى والأخيرة اللي ترفعين فيها يدك على أحد من عيالي، مفهوم؟
حست بالكتمة من القهر والعصبية، خاصة لما نزلت دمعتها ورفعت يدها بسرعة تمسحها تحت أنظار الكل، الشيء اللي تمنت لو تموت ولا يصير!
التفتت عنه وطاحت عينها على عهد اللي ميلت فمها بسخرية وتكتفت.
توعدتها بداخلها وهي تحس بنار في صدرها من الغيظ.
ابتعدت عنهم وصعدت لفوق وصوت كعبها يصدح في البيت كله.
تنهد وائل بضيق ثم طالع في بناته، تفاجأ من ناظرته عهد بعتاب ومسكت يد أختها وطلعت هي الثانية.
تألمت عهد لما شافت نظرته المصدومة، يمكن توقع انها بتوقف تشكره على بطولته اللي أظهرها قدام بدور، وعلى انه دافع عنهم هم دون بدور!
صحيح أسعدها هالشيء وحست بالانتصار، لكنه هو قهرها بسكوته الطويل قبل لا يقرر إيش الصح!
الحقيقة واضحة وضوح الشمس من البداية، ليس كان محتار؟
ليش كان صعب عليه يدافع عن بناته قدام زوجته الثانية؟

دخلت غرفتها وقفلت الباب وراها بعد ما دخلوا وراها اخوانها.
ساعدت ميس ترقد، واللي لا زالت تشهق بصوت واطي خوفا من عهد اللي إذا عصبت ما تعرف أحد.
صحيح ما تعصب إلا نادر، لكن عصبيتها عمياء.
عقدت حواجبها بضيق لما سمعت سامر يقول:
- شفتِ؟ عطيتيها وجه وخليتِ رأسها يكبر لين صارت تمد يدها عليكم.
اكتفت بالسكوت وهي تجلس على كرسي التسريحة وتفتح شعرها تمشطه.
انقهر سامر من برودها:
- أنا أكلمك.
عهد بهدوء:
- إيش تباني أسوي الحين؟ أصفق لك عشان كلامك طلع صحيح؟
طالع فيها بقهر من دون ما يقول شيء.
التفتت له عهد تكمل بنفس النبرة الهادئة:
- بغض النظر عن اللي صار، قدرت أقلب الوضع لصالحي يا سامر وخليتها هي الغلطانة، هي طبعا غلطانة بس على الأقل أبوي دافع عنا احنا، ما في داعي نقلق أو نخاف من شيء.

سامر اللي ما له خلق يفكر بالمنطق، ولا يقدر يستوعب مثل هالمواضيع مثل أخته.
تأفف وجلس جنب الصغيرة:
- من وين ضربتك؟ يعورك شيء؟
ميس:
- ضربتني على يدي بقوة، تعورت شوي.
مسك سامر يدها وانقهر وهو يشوف البقعة اللي احمرت من قوة الضربة.
وقف بعصبية، قبل لا توقفه عهد وهي تقول:
- اهدأ ما صار شيء، أنا أعرف كيف أتعامل معاها، الحين روح تجهز لا تتأخر على المدرسة.
طالع فيها سامر بقلة حيلة قبل لا يخرج ويقفل الباب وراه بقوة.
تنهدت هي الثانية وعضت شفتها بزعل.
مسكت راسها لما وقفت وحست بالصداع.
سكتت سامر وهدأته، لكن هي من يهديها ويخفف هالقلق اللي تحس فيه؟
ماحد يدري شكثر حست بالخوف لما سمعت صوت صراخ ميس الجاي من تحت، وهي عارفة انه ما في أحد هناك غير ميس وبدور.
كأنها وهي نازلة تسمع بأذنها هالعبارة ( بداية العاصفة- بداية الصراع)!
من شافت وجه بدور والملامح الماكرة والحادة اللي تميزها عرفت انها مو هينة.
لذلك ما قدرت تتقبلها.
كل يوم تأكد لها بتصرفاتها المتعالية انها فعلا ماكرة ومو هينة، لكن اليوم أيقنت وبقوة انها خبيثة.. وما راح تتركهم يتهنون.
أبوها أضعف من انه يقدر يخوف بدور أو يوقفها عند حدها بمجرد نطقه كم كلمة، ينتظرها هي واخوانها الكثير في الأيام الجاية.


______



مهما حاول يفكر ويلقى سبب منطقي للي سواه ما يشوف شيء يخليه يقتنع.
غباء، وشيء من التهور!
أو يمكن.. خطوة جديدة أكثر خطورة من سابقتها، وما قد مرت على باله من قبل.
شيء ممكن يضعف خصمه ويخليه يعيش المعاناة صدق!
تأفف من حس بالجوع يقرص بطنه، آخر شيء أكله كانت خفايف طبختها غزل عشانه، وما قدر يتعشى لأنه كان شبعان.
واليوم أول ما صحي جا هنا.
اعتدل بجلسته لما انفتح باب البيت اللي وقف سيارته بعيد عنه شوي.
كان وائل زوج مشاعل، شايل بنته الصغيرة ميس.
وراه سامر اللي مشاعل كانت تحكيه عنه، وانه أخذ هو الثاني من تصرفاته كثير، عصبي ومزاجي وما يبتسم إلا قليل.
بعده الولد الصغير إياد، يتذكره كويس.. زيد ما كان يروح لمكان أيام صحبتهم إلا ويأخذه معاه حتى وهو طفل صغير، يحبه بشكل مو طبيعي.
استغرب لما قفل الباب وراه وهي ما خرجت!
ما بتداوم؟ ولا تنتظر زيد زي هذاك اليوم؟
طبعا إذا جا زيد وشاف سيارته راح يصير هو في عداد الموتى.
تحركت سيارة وائل وابتعدت، وتنهد هو بملل.. تأفف بسبب المشوار اللي ضربه عشانها بالنهاية ما شافها.

عدل جلسته وشغل السيارة، أول ما نوى يحركها تفاجأ بباص كبير يوقف قدام البيت ودق الهرن.
انفتح الباب مرة ثانية وخرجت هي..
تأملها من دون ما يحس بنفسه، كان طولها متوسط، بس هذا اللي قدر يميزه من مظهرها بالعباية.
غير مشيتها الواثقة اللي ذكّرَتَهْ بمشاعل.
أكيد البنت ما تختلف عن أمها!
حرك السيارة أخيرا بعد ما اختفى الباص عن عيونه، وأخذ جواله اللي كان يرن.
تأفف وهو يقفل الخط بعد ما خبره عمه إنه بتول ما عندها من يوصلها الجامعة قبل الساعة 8.
كان ناوي يمر على اخواته يتطمن عليهم حتى لو شافهم أمس.
لكن لما عمه يأمره بشيء ضروري يقول له سمعا وطاعة، حتى لو كان كاره هالشيء.
اتصل عليها لما قرب من بيتهم، ونزلت هي فورا.
ألقت السلام بصوت خافت أول ما ركبت، ورد هو بصوت أخفض.
كان واضح من صوتها إنها زعلانة، وكثير!
بس طبعا زعلها آخر همه.
ممكن تحرك فيه شيء بسيط أحيانا، ويعتذر هو فعلا إذا حس إنه زودها.
لكن أبدا هي ما تشغل حتى حيز صغير من قلبه عشان يعتذر على كل شيء يسويه.
يمكن هذا الشيء اللي خلاها تبغضه دايم.. بنفس الوقت مضطرة تتحمله.
له دين كبير على عاتقها هي وأهلها كلهم.
فجأة حن قلبه ولان، لما مر من الشارع اللي فيه المقهى الجديد.

ابتسم وهو يوقف السيارة ويقول بهدوء:
- يمدحون قهوة الصباح عندنا.
استغربت بتول من حركته، الا إنها قالت:
- أي قهوة الحين؟ بتأخر.. محاضرتي بعد نص ساعة.
- راح توصلين قبل المحاضرة بخمس دقايق، انتظري ما راح أطول.
قالها ونزل.
تأففت بتول وهي تحط يدها على خدها وتسند رأسها على الشباك تنتظر بملل.
عواصف من المشاعر المختلطة اجتاحتها وهي تشوف اللي ما توقعته قدام عيونها.
شوق وحنين وخوف وإحساس بتأنيب الضمير!
كل هالأشياء خلتها تعتدل بجلستها وتفتح الباب وتترجل من السيارة من دون ما تحس.
عدم إحساسها هذا خلاها تناديه بإسمه، وتوقف الكون حوله هو الثاني:
- زيد.

زيد اللي جا للمقهى مرغم وغصبا عنه لما مشاعل طلبت منه تمر عليه.
وهو كاره المكان جدا بعد ما سمع انه صار لآسر.
دخلت مشاعل لداخل من عشر دقايق، وظل هو ينتظر بالسيارة.
حتى شاف سيارة آسر تتوقف ورى سيارته وينزل منها ويدخل المقهى، على وجهه راحة عجيبة ما شافها زيد فيه من مدة طويلة.
هالشعور خلاه هو الثاني يحس بالقهر وينزل، فيه طاقة غريبة تحثه على ضرب آسر وإن كان يكره يسوي هالشيء في رفيق عمره.
لكن فعلا الخذلان اللي خلاه يحس فيه، الخيانة العظمى اللي تركه يتجرع مرارتها، الشعور المؤلم بعد العشرة الطويلة.. كل هالأشياء مو قادر يتخطاها.
غير قهره من مشاعل واللي سوته لما فضلت آسر عليه هو أخوها.
لكنه أول ما نزل وخطى أولى خطواته ناحية المقهى، حس بالدنيا تتوقف وكل شيء يختفي من حوله، إلا صوتها!
اجتاحته صدمة قوية وهو يسمع اسمه بصوتها بعد هالفترة الطويلة.
التفت لها بملامح جامدة، وحس قلبه يعوره وهو يشوفها واقفة جانب السيارة، تضم كفوفها ببعض بقوة.
الوقفة الضعيفة الخاصة ببتول، واللي مستحيل تتغير.
كان وده يتكلم، يعاتب، يخاصم يقول أي شيء يريحه، لكن حرفيا لسانه انعقد وما قدر ينطق بحرف واحد.
وجات المبادرة منها مرة ثانية، لما قالت بصوت واطي:
- زيد أنا……..
سكتت، مو عارفة بإيش تكمل.. إيش كانت ناوية تقول، أو أساسا ليش نزلت من السيارة ونادته ما تدري.
كل اللي تعرفه انها مشتاقة له بشكل ماحد يتخيله.
ابتسم بسخرية لما طال صمتها:
- انتِ إيش؟ هل انتِ آسفة؟ طبعا لا، والدليل انك واضح جدا مرتاحة مع رفيقي الخاين، وتتهميني بحرق محله، توقفين قدامي الحين بكل وقاحة بعد ما خنتيني، ناوية تخونين صديقي بعد؟ اعذريني يا اختي أنا ماني قذر زيكم عشان ألعب بطريقتكم، ارجعي للسيارة ولا عاد أشوفك مرة ثانية، ما ودي انك توجعين صديق عمري.
حست بسكاكين تنغرز بصدرها وهي تسمع هالكلام المسموم منه.
تدري انه يستهزئ فيها هي وآسر، يبي يوجعها بأقسى طريقة ممكنة على اللي سوته.
لكن حلال عليه، اللي شافه منهم مو هين.
حبيبته وصديق عمره على قولته.

رجع زيد لسيارته بدال لا يدخل المقهى، وهو حاس بألم غير طبيعي.
حتى رأسه أوجعه من ذكرى هذيك الليلة اللي خسر فيها كل شيء حلو بحياته، صديقه آسر ومحبوبته بتول.
رجعت بتول لسيارة آسر وهي تحاول قد ما تقدر إنها تمسك نفسها ولا تبكي من الضيق اللي تحس فيه.
ما تبي آسر يرجع ويعرف انها كانت واقفة مع زيد قبل شوي.
حتى زيد ما يبي مشاعل ولا آسر يدرون انه كان واقف معاها.
لكن اللي ما يعرفوه هم الاثنين، انه الاثنين اللي بالداخل كانوا شاهدين للموقف.
آسر من الدور السفلي من الواجهة الزجاجية، ومشاعل اللي كانت في الدور العلوي تشوف التغييرات البسيطة اللي أجراها آسر في المكان كله.

______

يتبع..



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 11:52 PM   #8

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



في مكان آخر بعيد عن الشخصيات المذكورة..


خرجت من المصعد وبيدها الكثير من الأكياس الثقيلة اللي أحنت كتوفها وظهرها، مشت بسرعة لناحية باب شقتها حتى وصلت وحطت الأغراض على الأرض.
غمضت عيونها تتنفس بعد هالتعب.
من السوبر ماركت للعمارة، ومن المصعد لباب شقتها.. المسافة ما هي بعيدة أبدا، لكن الأغراض مو قليلة.
فتحت الباب بمفتاحها، وما استغربت من الهدوء اللي يعم المكان الشقة بالرغم من أن الوقت حاليا بعز النهار.
فتحت جزمتها عند الباب ودخلت تاركته مفتوح، تناديه بصوت عالِ وهي متأكدة انه صاحي لكن مشغول مثل دايم:
- محسن الأغراض عند الباب، ووالله اني مو مدخلتها ولا مقفلة الباب حتى لو دخلوا الحرامية.
محسن اللي كان جالس بالصالة وممدد رجوله على الكنبة الطويلة، رفع عيونه عن البحث اللي بيده:
- بالله؟
طالعت فيه بغيظ:
- إيه، يكفي اني رحت أجيبها كلها من السوبر ماركت وراعيت انشغالك، دخلها على الأقل، ظهري بينكسر والله.
رمت شنطتها الصغيرة على الأريكة الفاضية ودخلت غرفتها تتذمر.
رفع حواجبه باستغراب من عصبيتها، واللي المفروض يكون متعود عليها بما انها دايم كذا، إلا انه أبدا ما يتوقع ولا يعتقد انه تصرفاته ما تعصب أحد!
قام من مكانه بملل وتوجه للباب، دخل الأغراض وقفل الباب وراه.
التفت لها لما خرجت من الغرفة بعد ما فكت حجابها:
- يا ليت ترتبهم بعد، لأني تعبانة وبنام لبكرة الصبح.
دخلت قبل لا يرد وتركته واقف في مكانه محتار.
صحيح إنه مزاجها غالبا ما يكون معكّر، لكن اليوم واضح فيها شيء.
قطب جبينه لما طاحت عينه على شنطتها المفتوحة، بداخلها ظرف عليه طابع.
ابتسم بسخرية وضحك وهو رايح صوب الشنطة، مين الحين يرسل رسائل ورقية؟
أخذ الظرف وقلبه بيده، استغرب لما قرأ المكتوب خلف الظرف الأنيق ( دعوة زواج ).
خرج اللي بالداخل بسرعة، الحين عرف ليش هي معصبة كذا.

اتجه للغرفة وما استغرب لما لقاه مقفل بالمفتاح.
رفع يده يدقه بخفة:
- افتحي يا عبير.
ما جاه أي رد، ظل يدقه بنفس الوتيرة لعدة دقائق، حتى خرجت له ووجهها محمر ومنتفخ:
- نعم، قلت لك بنام اتركني.
تأملها شوي قبل لا يضحك ويرفع الظرف:
- هذا السبب؟
طالعت فيه بصدمة وسحبته:
- انت مين سمح لك تفتش شنطتي؟
تكتف وسند كتفه على طرف الباب:
- ماحد، هو طاح بنفسه من الشنطة.
ناظرته بغيظ ورجعت للسرير، رقدت وتغطت:
- تمام ما فيه داعي نتناقش ونتكلم عن الموضوع، دامني عارفة رايك من البداية.
تقدم محسن بخطوات بطيئة:
- حرام ليش تتوقعي مني أحرمك من عرس أخوك؟
فزت عبير وجلست تناظر فيه بصدمة وفرح بنفس الوقت:
- تتكلم جد؟
تغيرت ملامحه الهادئة وصارت حادة فجأة، لدرجة انها خافت:
- هذا اللي توقعتِ تسمعيه مني؟ أنا أدري يا عبير تعمدتِ تسوين هالحركات وتخلي الشنطة مفتوحة عشان أنتبه وأجي أقول لك بنفسي اني أسمح لك تروحين، لكن تحلمين.
أدمعت عيونها غصبا عنها، الا انها قدرت تمسك نفسها بطريقة عجيبة.
لما ما ردت عليه ورجعت ترقد وتتغطى، حس محسن بشيء من العصبية.
إلا انه هو الثاني قرر يسكت ولا يكبر الموضوع زيادة.
بما انها سكتت ورضت، أو مغصوبة انها ترضى.. ما يبي يجرحها ويزعلها أكثر.
جاها منه اللي يكفيها طول سنوات زواجها منه.
خرج من الغرفة وقفل الباب وراه، حمل الأكياس وأخذها للمطبخ.
راح يرتبها لها زي ما طلبت، وراح يطبخ لها العشا كمان.
حاس بالذنب وتأنيب الضمير، لكن فعلا مو بيده.. ما يقدر يطاوعها ويخليها تسافر الحين.


في الغرفة..
كانت شادة على طرف اللحاف وتبكي بصمت.
حاسة بالصداع يفتت خلايا مخها من الإنفعالات اللي كبتتها.
ودها تصرخ وتبكي بقوة، تهاوشه وتلومه.
لكن مو من حقها هالشيء، هي اللي عودته يتحكم بمثل هالقرار من زمان.
وعدته ووعدت اهلها ما تسافر لهم إلا برضاه ومعاه هو، وهي كانت عارفة انه مستحيل يترك هالمكان قبل لا يكمل فيه عشرين سنة على الأقل.
كل هالسنين تكسر الظهر وتهد الحيل.
لكن الغلط أبدا مو غلطه، غلطها هي اللي طاوعته بكل غباء وراحت وراه لآخر الدنيا، بس عشان ترضي نفسها وغرورها اللي خلاها تغدر بصديقة عمرها، عشان الشخص اللي حرمها من أهلها ومن حياتها الطبيعية، لسنين طويلة !


___


تجلس على الأرض بتعب وترفع ذراعها تمسح العرق النازل من جبينها، غمضت عيونها للحظات قبل لا ترفع اليد الثانية وتشوف الساعة.
تأففت والدموع بعيونها من الملل والتعب اللي تحس فيه.
عضت شفتها بقلة حيلة وهي ترجع تمسح الأرضية بكل جهدها علها تخلص بسرعة.
تقريبا لها ساعة كاملة وهي تشتغل محنية ظهرها.
ظهرها اللي تحس انه بعد كم يوم راح ينكسر فعليا من كثر ما تمسح هالأرضية بالمعقمات، يوميا من الصباح.
أحيانا تضطر تمسحها مرتين أو ثلاث باليوم.
خلصت أخيرا، ورفعت يدها تناظر الساعة مرة ثانية.
رمت القماش القطني بالحوض وهي تقول:
- ساعة و13 دقيقة تماما يا غزل، ساعة و13 دقيقة كمان راحت من حياتك وانتِ ما حققتِ حتى جزء بسيط من حلمك! ساعة و13 دقيقة!
نزلت عنها المريلة وعلقتها في مكانها المخصص، قبل لا تتجه لغرفتها.
وقفت قدام غرفة أختها وهي تهمس وتدعي بداخلها:
- يا رب تنامين نومة أهل الكهف يا رزان وتريحيني شوي، آمين.
دخلت لغرفتها ووقفت قدام المرايا تمسح العرق عن وجهها.
ابتسمت لنفسها وهي تتخصر وتتمايل بوقفتها ثم ترسل لنفسها قبلة على المرايا:
- قمر يا غزل والله قمر، بس متى بيجي الفارس على الجواد الأبيض، هف.

بعد مرور بعض الوقت كانت توقف قدام المرايا مرة ثانية تمشط شعرها المبلل وتدهن يدينها بمرطب معطر.
قطبت جبينها باستغراب لما سمعت صوت الجرس، ناظرت الساعة، كانت 10 ونص صباحا.
آسر بيكون مشغول الحين!
خرجت من غرفتها وهي تسأل بصوت عالِ:
- مين؟
تأففت لما سمعت صوتها:
- عمتك هاجر.
كشرت بقرف تهمس لنفسها:
- أمحق عمة.
فتحت الباب وهي راسمة ابتسامة واسعة:
- يا حيّ الله عمتي هاجر، أخيرا قررتِ تنورينا وتزورين بيتنا المتواضع؟
ابتسمت لها هاجر ابتسامة صغيرة وهي تسلم عليها.
انقهرت غزل لما حست انها تسلم بترفع كأنها مجبورة.
- من زمان ودي أزوركم يا بنتي، بس تعرفين الاشغال واجتماعات الشغل نفسها ما تخلص.
غزل بوزت ومدت شفايفها بسخرية وهي تقفل الباب بما انه هاجر وراها.
ابتسمت لها لما سألت:
- إيه يا غزل وين أجلس؟
دخلت غزل للصالة وأشرت بيدها للكنبة الفردية:
- تفضلي هنا، وتطمني تراني توني معقمة كل البيت من شوي، ارتاحي.
حركت هاجر حاجبها وناولت اللي بيدها لغزل.
قبل ما تجلس بهدوء وتحط رجل على رجل، تمرر أنظارها على البيت كله.
فعلا كان مرتب جدا، تفوح منه ريحة النظافة اللي تشرح الصدر.
ولا كأنه في البيت في إنسانة مجنونة!
أخذت غزل الأغراض وحطتها على طاولة المطبخ البسيطة قبل لا تكش بيدها ناحية الصالة:
- الحين أنا فاضية أضيف هاللي شايفة نفسها بعد؟ الواحد ما يرتاح! أوف.
حضرت القهوة خلال لحظات ورتبت الحلويات اللي جابتها هاجر على صحن صغير، رتبت لبسها وشعرها وشالت الصحن.
خرجت للصالة بنفس الإبتسامة المصطنعة:
- يا حيّ الله عمتي هاجر، نورتِ بيتنا.
ابتسمت لها هاجر بتكلف وعدلت جلستها:
- وين رزان ما لها حس؟
جلست غزل تتنهد بتعب:
- توها نامت قبل ساعتين تقريبا.
طالعت فيها هاجر من رجلها لرأسها وهي تحس بشيء من الشفقة تجاهها.
حتى ارتبكت غزل وابتسمت:
- ما عرفت سبب زيارتك، شوق ولا في شيء ثاني؟
هاجر وهي تتأمل فيها وتنزل فنجال القهوة من فمها:
- صراحة جاية أتطمن عليك انتِ وأختك، آسر بعد اللي صار له أكيد انه مشغول وما قدر يجيكم كثير.
رفعت حواجبها وهي تتحاشى النظر فيها، حست بشيء غريب في قلبها، إلا انها تظاهرت وكأنه الموضوع عادي، وهو مو عادي أبدا بما إنه الكلام طالع من فم هاجر:
- لا تشيلي هم، آسر يجينا كل يوم، حتى أمس كان هنا.. وأعتقد راح يجي بعد شوي بعد.
ابتسمت هاجر:
- كويس، الصراحة عندي موضوع أبي أكلمك فيه.
- تفضلي أسمعك.
هاجر وهي تمثل التردد قبل لا تقول:
- اختك رزان، ليش ما تتعالج بمستشفى المجانين؟
ناظرت فيها غزل بصمت لعدة ثوانِ، قبل لا تتوسع عينها ثم تغطي فمها وتضحك:
- نعم؟ وش قلتِ عمتي؟ عفوا يمكن سمعتك غلط!
ابتسمت هاجر بهدوء وهي كانت متوقعة ردة فعل أسوأ:
- خليني أكون صريحة معك يا غزل، رزان لها وقت طويل على هالوضع، آسر اهتم فيها لفترة، وانتِ من عرفتِ نفسك وانتِ تخدمينها ليل نهار، لا دراسة ولا حياة مثل باقي البنات بعمرك، يعني تقريبا شبابك بيروح وانتِ قاعدة في البيت عشان اختك اللي ما في أمل انها تتحسن أو ترجع طبيعية في وقت قريب.
كملت وعينها بعيون غزل:
- أكيد تتمنين تعيشين حياة حلوة تكونين حرة تجين وتروحين وتدلعين نفسك مثل العالم، وأكيد عندك أحلامك الخاصة كمان، وانتِ تستحقين هالشيء، حتى لو رزان راحت للمستشفى ما راح يكون ظلم لها لأنهم ما سووا مثل هالمستشفيات إلا لأمثالها، ولا أنا غلطانة؟

تأثرت غزل كثير وارتبكت وهي تسمع مثل هالكلام لأول مرة من انسانة غير نفسها هي، إلا انها ردت بهدوء عكس الشعور اللي تحس فيه والرغبة القوية اللي تحتاجها عشان تطلع برة هالبيت وتعيش بحرية:
- بس أختي مو مجنونة تماما يا عمتي، تعرفين انه في أوقات ترجع فيها لحالتها الطبيعية، يعني ما هي بحاجة للمستشفى أصلا.
حركت هاجر حاجبها:
- طيب يا غزل إلى متى؟ بتتركين حياتك على جنب عشانها؟ أدري انها اختك الوحيدة وانك تحبيها وتتمني لها الخير، بس لنفسك عليك حق، وهالشيء كان المفروض يصير من زمان.
عدلت جلستها بعد ما تنهدت تقول بكل خبث أمام نظرات غزل اللي لانت وملامحها تغيرت من التأثر:
- آسر كان مهتم كثير ولسنين طويلة، لكن شوفيه الحين خطب بنتي وعايش حياته، مهتم بشغله لدرجة انكم صرتوا ما تشغلون غير جزء بسيط من يومه، يجي ويروح بعد ما يقضي حاجاتكم، حتى مشاعل.. صحيح تطلقت بس حياتها زي الفل، صارت سيدة أعمال لها مليون شيء تستثمر فيه، يعني تقريبا بس انتِ الوحيدة اللي قاعدة بمكانك وما غيرتِ شيء.
أخرس كلامها لسان غزل تماما للحظات، وعيون هاجر مصوبة عليها.
وهي مبسوطة انها قدرت تأثر عليها.
سألت غزل من دون ما تطالع فيها:
- ممكن أعرف سبب هالكلام؟ وليش الحين بالضبط؟
رفعت رأسها تناظرها بحدة:
- طول عمرك انتِ وعمي وكل العايلة ما طالعتوا فينا، ليش فجأة جيتِ الحين تقولين هالكلام الغريب؟ طز في آسر وفي مشاعل خليهم يسوون اللي يبونه، لو صاروا انجح اثنين بالعالم وظليت أنا في الحضيض أخدم أختي وأنظف وراها لين ينكسر ظهري ماحد له دخل، خاصة انتِ وعايلتك.
هاجر باستغراب:
- أفاا يا غزل، ما جيتك ولا قلت هالكلام إلا لأني أتمنى لك الخير، يعني تتوقعين لي غرض ورى دخول أختك للمستشفى غير اني أبيك ترتاحين وتعيشين حياة طبيعية؟ صحيح لهينا بحياتنا عنك وعن أختك لفترة، لكن صدقيني أعتبرك مثل بنتي بتول.
ضحكت غزل بسخرية وتكتفت:
- مثل بتول ههههههههه عموما عمتي سواء كنتِ صادقة ولا لا، جزاكِ ربي خير على اهتمامك فيني وزيارتك سليتيني صراحة، وجوابي الصريح جدا.. اني ما أقدر أفرط بأختي ولو شوي، لأني مو آسر، ولا مشاعل.
وقفت متكتفة تقول بكل ثقة:
- والحين لو سمحتِ يا عمتي، لو ما عندك شيء مهم، هذا الوقت الوحيد اللي أقدر أريح فيه نفسي قبل لا تصحى رزان.
ناظرتها هاجر بتعجب، ما توقعتها تكون بهالوقاحة، ضحكت بغير تصديق:
- تطرديني يا غزل؟
ابتسمت لها باستفزاز:
- أي أحد ممكن يشك بنواياي وحبي لأختي، أو ممكن يتوقع اني بحاول أتخلى عنها بعد هالعمر والوقت الطويل، أو يحاول يغير نظرتي للموضوع بعامله بطريقة أسوأ من كذا، لكن انتِ مميزة شوي لأنك عمتي وحماة أخوي.
وقفت هاجر تلف طرحتها وهي تضحك من الصدمة:
- ما ألومك يا غزل، يمكن عقلك ضرب من كثر ما تخدمين وتقعدين مع اختك المجنونة.

كتمت غزل غيظها باعجوبة، ومسكت نفسها عن لا تشد شعر هالعجوز لين طلعت من البيت بكل غرور وثقة، وسكرت الباب وراها.
طاحت غزل على الكنبة جالسة ورجولها ما تتحملها من المشاعر اللي عصفت بها في هاللحظات القليلة.
غمضت عيونها بقوة وتنهدت، تبللت خدودها.. وصارت تبكي بهدوء.
ما تعرف وش تسوي أو كيف تتصرف حتى تتخلص من هالشعور السيء!
جزء كبير من عقلها يوافق كلام هاجر تماما، لكن قلبها يرفض!

_____



وقف قدام باب غرفتها بتردد.
يرفع يده وينزلها، كرر الحركة أكثر من مرة.
حتى هو ما يدري وش حاس فيه بالضبط.
بس عنده رغبة قوية في انه يشوفها.
كذلك رغبة في انه يبرد حرته بعد اللي شافه اليوم في الصباح.
كيف ما يدري، بس قهره يروح!
دق الباب بشويش بعد تردد، كالعادة ما سمع منها أي رد.
بتول تنام بأي وقت، ما يهمها إذا نومها يكون متعدل أو لا.. أهم شيء تأخذ كفايتها من النوم.
الشيء الثاني اللي يستغرب منه، إنها دائما وأبدا تخلي باب غرفتها مفتوح.
فتح الباب بملامحه الجامدة، دخل وقفله وراه.
كانت الغرفة مظلمة وباردة، ما فيها إلا صوت المكيف.. وإضاءة خافتة جنب سريرها.
كانت هي نايمة ومتلحفة، مو باين غير وجهها وشعرها.
مشى بخطوات بطيئة وهادئة لين وقف عند راسها، تغيرت ملامحه وعقد حواجبه وهو يشوف وجهها المعرق خاصة جبينها من عند منابت الشعر، وملامحها باين عليها الإنزعاج كأنها تشوف كابوس.
جلس على طرف السرير ومد يده على وجهها ينبهها.
فزّت وفتحت عيونها بقوة تمسك يده بيمينها.
كانت تلهث بتعب كأنها بذلت مجهود بدني من شوي.
ناظرته بضياع وتعب وهي مو عارفة إيش اللي قاعد يصير بالضبط.

حتى نبهها مرة ثانية يقول بصوت واطي:
- إيش فيك؟ ليه معرقة كذا؟
بلعت ريقها وغمضت عيونها بضعف وهي تترك يده، فتحتها بعد ثوانِ ثم جلست ببطء.
ريحت ظهرها على المخدة بعد ما عدلتها وراها، قالت وهي ترفع شعرها:
- شفت كابوس مزعج، انفجعت يوم حسيت بيدك.
ناظرها لعدة ثوان قبل لا يسأل مرة ثانية بهدوء:
- وش كان؟
لانت ملامحه لما شافها تحاول تمسك دموعها وتقوي نفسها.
لكن التوتر والإرتباك واضح عليها جدا.
رفعت أنظارها له بقلة حيلة كأنها ما تبي تتكلم، إلا انها لما شافت الإصرار بعيونه ما قدرت تسكت:
- هذي مو المرة الأولى يا آسر، من زمان وأنا أشوف مثل هالكابوس.. أشوف، أشوف الحريق اللي صار ببيتكم.
رفع حواجبه باستغراب ثم قال:
- يعني.. وش تشوفين بالضبط؟
بتول وهي تمسح وجهها بتعب:
- ما أذكر التفاصيل، بس أشوف النار.. وأسمع صرخات كثيرة، أشوفك وانت جاي تخرجني من هناك، أنا وغزل ورزان.
سكتت شوي ثم كملت بصوت خافت:
- أحس اني صدق أنخنق، أحس اني لسه هناك وأمر بنفس الموقف.
قالتها ومسحت وجهها مرة ثانية تبتسم ابتسامة باهتة:
- بغيت شيء آسر؟

آسر اللي بهاللحظة نسى كل شيء، قهره وعصبيته من اللي صار اليوم في الصباح، ونسى انه جاي يحاسبها، سألها:
- أكيد يتعبك هالشيء؟
مدت شفايفها بحيرة:
- صحيح، بس خلاص هذا مو واقع اليوم، بفضل الله ثم انت قدرت أعيش إلى هاليوم.
طوّل وهو يناظر فيها ويتأمل عيونها بطريقة غريبة.
لدرجة انه اطرافها ارتجفت من الارتباك.
فاجأها لما رفع يده لجبينها وأبعد شعرها، ثم قبّلها بعمق.
بلعت ريقها بتوتر وعيونها متوسعة من حركته اللي صدمتها مو بس فاجأتها.
حاوط وجهها الصغير بيدينه ثم قال:
- أنا آسف.
بتول اللي تجمعت الدموع بعيونها وحبستها، إلا انه لمعتها كانت واضحة خاصة انه آسر قريب منها جدا:
- على إيش؟
- على كل شيء، هذاك اليوم… لما احترق محلي، أكيد.. كنتِ متأثرة؟
بلعت ريقها مرة ثانية وهي تتذكر، ثم بعدت عيونها عنه تحرك كتوفها بحيرة.
حضنها آسر برقة وحنية وضمها بقوة وسط ذهولها وصدمتها.
أرخت ذقنها على كتفه، وأطلقت العنان لدموعها.. وهي فعلا بحاجة للي يواسيها ويطبطب عليها ويخفف عنها شعورها بالذنب.
كانت تظن انه حزين بس عشان سالفة الحريق.
ما تدري بالمشاعر اللي عصفت بقلب آسر وآلمته.
حتى انه قرر ما يحاسبها ولا يسألها عن وقفتها مع زيد.

______


مشاعر صادقة ونقية وطاهرة.
نظيفة ما تشوبها شائبة، كيف لا وهو طفل؟ وهي بعد طفلة!
صحيح الحب مو معقول بسنهم، لكن مشاعرهم لبعض كانت صادقة.
على الأقل من جهته هو، كانت كذابة ولا صادقة ما يدري.. ولا عاد يهمه هالشيء.
الجرح اللي جاه ما كان هين، والألم فظيع.. خلاه يتبلد تماما.
ما يحب يسمع عن السالفة ولا يتكلم، حرفيا من الوقت اللي سمع فيه عن ملكة آسر وبتول ما اهتم أبدا.
ما سوى شيء غير انه قاطع آسر، ما يقدر يطالع فيه.. ما يقدر يشوف وجهه ويتذكر الخيانة بكل مرة.
القصة اللي بدأت وهم صغار، انتهت بأبشع صورة.. قبل خمس شهور.
آسر صديقه المقرب وأخوه اللي ما جابته أمه، عاشوا وكبروا مع بعض حتى وصلوا لهالعمر.
قُربه من آسر.. قرَّبه من بتول، بنت عمته الصغيرة.
اللي كانت تلفت انتباهه دايم بخجلها وحيائها، هدوءها وشخصيتها.
صحيح كانت ضعيفة من زمان ويقهره ضعفها.
إلا انه هالضعف هو اللي خلاه يهتم فيها.
لما يزعلها أحد ولا يبكيها يدافع عنها، ينجن لو شاف دموعها.
كانت بيوتهم كلها قريبة، بيت مشاعل وأمها وبيت أبو آسر وأبو بتول.
يصحون مع بعض ينامون مع بعض يلعبون كلهم بحوش واحد.
كأنهم عائلة واحدة.
لين صارت المشكلة اللي خلت مشاعل تفترق عنهم في البداية.
ورغم كل المشاكل اللي صارت بهذاك الوقت إلا انه صداقتهم استمرت، وظل هو وآسر يجون ويروحون عند بعض، الشيء اللي خلى علاقة زيد ببتول تتوطد أكثر، وخلاها هي تتعلق فيه زيادة.
كان هو الوحيد اللي علاقته حلوة بعائلة آسر، أما مشاعل كان الكل يكرهها ويحقد عليها.
إلا انها كانت قوية وما تخاف من أحد، ولا يهمها رأي أحد فيها.. طول عمرها بقوة الحجر وأقسى.
إلا في موضوع واحد، كانت ضعيفة.. ضعيفة حيل.
وكان هالموضوع يخصه هو.
ابتسم بسخرية وهو يرتشف من قهوته ويقول في نفسه ( ما تضعف إلا بالمواضيع اللي تخصني ).
رفع راسه لما سمع صوت خطواتها، ناظرها شوي ثم رجع يتفرج التلفزيون.
تنهدت مشاعل وهي تشوف هالملامح اللي تنطق بالضيق وبوضوح.
جلست على نفس الكنبة من دون ما تحرك عيونها من عليه، ابتسمت تقول بهدوء:
- ما بتقهويني يا زيد؟
عوره قلبه أكثر وهو يسمع نبرتها هذي، نبرة مليانة حنية وحب.. إلا إنه ما يقدر يتقبلها منها، يحسها ثقيلة حيل على قلبه.. خاصة بعد ما شاف بتول.
كتم تنهيدته بصدره وهو يحط فنجانه على الطاولة الصغيرة ثم يصب لها.
أخذت منه الفنجان وصارت تشرب منه والصمت يعم المكان، ودها تتكلم وتسأله عن أي شيء، عن اللي ضايقه بهالشكل وخلى وجهه أسود من الهموم.
تدري عن السبب، لكن ودها لو يتكلم ويفضفض عله يرتاح!

قطع هو الصمت أخيرة بنبرة ساخرة:
- شفتينا أنا وبتول.
تفاجأت من اللي قاله والتفتت له:
- وش دراك؟
ضحك:
- عرفت من حركاتك، صايرة تبين تراعين شعوري، لأنك تدرين اني مظلوم، واني قاعد أتألم من ورى الشيء اللي صار.
تنهدت بداله وهي تحط فنجانها:
- زيد يا حبيبي أرجوك، حاول ما تفكر بالموضوع أكثر، أدري انك……………
قاطعها ببرود:
- ماني مهتم، هي جاتني بنفسها وأنا صديت عنها، انتهى الموضوع، قلت لك هالكلام عشان لا تفكرين كثير ولا تحسين بالذنب، تدرين اني ما أرضى لك الحزن والضيم يا …… مشاعل.
ضحكت مشاعل وهي تتجاهل ألم قلبها وتقول:
- راح تأخذ الأوسكار في الدق بالكلام يا زيد.
حرك زيد حاجبه:
- ما عندي إلا لساني، ولا قلبي ما هو مثل قلب آسر الحمد لله، تدرين وش قلت لبتول؟ قلت لها اني ما أبي أخون صاحبي ولا أوجعه بوقفتي معها ههههههههههههه صدقيني أنا أكثر واحد ودي أشوفه يعاني.
تغيرت ملامح مشاعل من كلامه اللي ما أعجبها، كمل زيد بهدوء:
- لكن لما شفت مطعمه ينحرق ويروح تعب سنينه، وأنا اللي وقفت معه بكل خطوة، يشهد الله اني توجعت أكثر منه، وتمنيت لو اني كنت مكانه ولا شوف حلمه ينهدم قدامه بهالطريقة البشعة.
عضت مشاعل شفتها بضيق وهي مو عارفة كيف ترد عليه.
ضحك زيد مرة ثانية:
- صدقيني يا مشاعل أنا ما راح أسعى لشيء، بس بشوف آسر لأي حد راح يوصل، لكن اللي متأكد منه انه راح يعاني كثير وراح يشوف نتيجة اللي سواه فيني، هو وبتول.. مثل ما قاعد أعاني حاليا لأني تعديت حدودي وكنت أكلم بتول وهي ما تحرم لي.
ابتسمت مشاعل بألم وهي تتأمل ملامحه ثم تمد يدها ناحيته وتمسك كفه وتضغط عليها:
- ما عليه زيد يا حبيبي، ربي راح يعوضك باللي أحسن منها أكيد.
زيد:
- طبعا، في كثير أحسن منها بهالدنيا، أنا حاليا أستغرب من نفسي كيف حبيتها، وش لقيت فيها بالضبط هذي الخاينة؟
- بس يا زيد، انت عارف انه غصبا عنها، لا تظلمها.
حط عينه بعينها يقول بحدة:
- تلاقين للكل أعذرا، إلا أنا.
تلعثمت مشاعل وما عرفت إيش تقول.
وقف زيد يضحك بسخرية على حاله:
- بروح أنام تعبان، أتمنى أصحى وألقى آسر ماسك له فرع ثاني.
أنهى عبارته واختفى من الصالة.

تارك خلفه مشاعل اللي ضحكت من شدة الألم ووجهها يحمر من الانفعال، ثم تدمع عيونها.
وما منعت نفسها من البكاء بصمت هالمرة.
عارفة انها قاعدة تجني ثمار أفعالها في الماضي.
زيد لوحده قادر يقلب المواجع، ويخليها تغرق في بحر من الندم والآلام اللي ما راح تخلص.
ما تدري متى راح يوقف زيد بالضبط؟ متى راح يتوقف عن جرحها؟
الشيء اللي متأكدة منه، انها تستحق كل شيء قاعد يصير فيها حاليا.
والله يكون بعونها.

____

بوقت متأخر من الليل.

قامت من فراشها تتذمر وتتأفف.
الأرق اللي مصاحبها بالفترة الأخيرة حارمها من النوم.
من الزعل والضيق اللي حاسته تجاه أبوها وكل اللي صار، ما كان لها نفس تأكل شيء.
قربت من سرير ميس، جلست بطرفه وهي تحط يدها على جبينها تتحسسه.
ضاق صدرها حيل، الحرارة لسه زي ما كانت في العصر.. ما نزلت أبد.
البنت من خوفها وزعلها ارتفعت حرارتها ومرضت.
ما تدري كيف تتصرف بالضبط.
تدري انه أبوها ما راح يقصر إذا علمته، بس فكرت تنتظر شوي ولا تتعبه.
حتى لما كلمتها أمها قبل ساعة ما علمتها.
حطت لها ضمادات وخافض حرارة، تتمنى لو تتحسن قبل لا تشرق شمس بكرة.
حطت يدها على بطنها اللي يقرصها من الجوع، ضحكت وهي توقف.
ماهي من النوع اللي تتحمل الجوع لوقت طويل.
الشيء خلاها تكسب شيء من الوزن.
مشت على أطراف أصابعها، وفتحت الباب بشويش وخرجت عشان لا تصحى الصغيرة.
نزلت لتحت بنفس الخطوات الهادئة.

___


انتهى.
موعدنا مساء الأربعاء القادم بإذن الله، استودعكم الله
.
___

اللهم ارحم مارية وأعمامي وأجدادي وجميع أموات المسلمين، اغفر لهم وعافهم واعفُ عنهم، برد قبورهم وأرِهم مقاعدهم في الجنة يارب العالمين، اللهم آمين.
اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-08-20, 03:28 PM   #9

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تسلم يمينك مروه بارت رااااائع جدا

آسر مازال يستفز بتول كلامه عن رزان لما جاء وهي تصور في الشقه
كأنه يخوفها ووده هي ترفض الزواج ويجي الرفض منها ماهو منه
أو هو عنده مخطط ثاني
معقوله آسر يحب عهد والظاهر حب قديم ومن هم صغار آسر تصرفاته يحيط بها الغموض
متى بنفهمها أو نفهم سببها مثل زواجه من بتول ليه تزوجها وهو مايحبها

مشاعل استغرب تركها لزوجها وزوجته يعيشون في بيتها وتاركه أولادها عندهم
ليه ماحاولت تأخذ أولادها عندها تحت عينها وتكون مطمنه عليهم بدل ماتتركهم لزوجة أب ماتعرف
هل بتعاملهم بمايرضي الله أولا للآن مافهمت علاقتها بآسر كيف تمسك شغلها وتوقف معه وأخوها
لا واضح إن ماعندها ثقه في إن زيد يتحمل مسؤليه حتى لو هذا رأيها فيه المفروض تكلفه بعمل
وتابعه حتى يتعود ويعرف يتحمل المسؤليه حتى لو آخطأ راح يتعلم من خطأه والقهر إنها أعطت
آسر الشغل وهي عارفه العلاقه اللي بينهم
مشاعل ماعرفت لها شخصيتها ماهي واضحه لي للآن

عارفة انها قاعدة تجني ثمار أفعالها في الماضي.
ياربي يامروه وش هالغموض مالذي فعلته مشاعل في الماضي ونادمه عليه ؟؟؟


عهد طالعه لأمها وشخصيتها قويه وتفكيرها أكبر من عمرها

بتول غبيه وشخصيتها ضعيفه ومشيت ورى عاطفتها وتصرفت تصرف غبي وغير محسوب
هي تزوجت آسر المفروض تبتعد عن زيد

زيد كبر بعيني وأعجبني تصرفه وكلامه مع بتول ليت مشاعل سمعت كلامه حتى تعرف إنها
ظالمه أخوها ومستقله به

محسن وعبير وش السبب اللي يخلي محسن مايرجع الا بعد 20 سنه ما أعتقد دراسه
وعبير حلال فيها اللي يسويه محسن لأنها غدرت بصديقتها بإعترافها معقوله صديقتها
اللي غدرت بها هي رزان كانت تحب محسن أو مخطوبه له قبل مايتزوج عبير وضعها
الصحي بسببهم

هاجر تخطط تبعد رزان عن بنتها بتول لأن أكيد سمعت كلام آسر مع بتول أو بتول خبرتها
إن آسر بيسكنها بعد الزواج في بيتهم مع أخواته


غزل أعجبتني في عدم تخليها عن أختها ولو على حساب حياتها هي


عندي توقع إن اللي ورى الحريق اللي خسر ياسر وضيع تعبه أم بتول أو أبوها
حتى يبقى آسر تحت سيطرتهم ويعيش معهم لأنهم عارفين آسر بيرفض العيش
عندهم لكن ماكان في بالهم إنه ممكن يسكنها مع أخواته
يعطيك العافيه مروه منتظرين باقي الأحداث



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 19-08-20, 11:53 PM   #10

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



اللهم أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق.
لا تلهيكم الرواية عن الصلاة وذكر الله.
لا إله إلا الله.

__

الفصل الثالث

__

حطت يدها على بطنها اللي يقرصها من الجوع، ضحكت وهي توقف.
ماهي من النوع اللي تتحمل الجوع لوقت طويل.
الشيء خلاها تكسب شيء من الوزن.
مشت على أطراف أصابعها، وفتحت الباب بشويش وخرجت عشان لا تصحى الصغيرة.
نزلت لتحت بنفس الخطوات الهادئة.

استغربت لما شافت نور المطبخ مفتوح، وتسمع أصوات.
كان أبوها قاعد يطبخ شيء على النار، التفت لها متفاجيء لما حس فيها:
- عهد ما نمتِ يا بنتي؟
هزت رأسها بالنفي:
- لا، ما قدرت أنام من الأرق، وش تسوي انت الحين؟ الساعة وحدة.
ارتبك وائل وما قدر يرد، ابتسمت وهي عارفة انه بدور جوعانة وقاعد يسوي لها أكل، تقدمت منه عشان ما تحرجه أكثر:
- لسه نتشارك في هالشيء بابا، نجوع مع بعض بآخر الليل، ونتسلل بدون ما يحس فينا أحد ههههههههههههه.
ابتسم وائل وحس براحة عجيبة وهو يسمع ضحكتها أخيرا بعد وقت طويل.
قرب منها وحط يده على وجهها:
- تعبانة فيك شيء؟
هزت رأسها:
- لا، ما فيني شيء.. خلني أكمل عنك وأسوي لي بعد.
وائل باعتراض وهو مبسوط انها قاعدة تكلمه بهالروح بعد اللي صار:
- لا أنا بكمل، اجلسي ارتاحي انتِ.

جلست عهد فوق الطاولة تراقب أبوها من ورى، حست فيه لما انبسط وبغى يطير من الفرحة بس لأنها ضحكت له.
كان يلتفت يطالع فيها كل شوي ويبتسم.
الشيء اللي خلاها تندم على معاملتها الجافة له.
حزنت وهي تتذكر وصية أمها الدائمة من تركت البيت قبل كم شهر ( المشكلة بيني وبين أبوك بس، انتوا ما لكم دخل، أبوكم يحبكم ومستحيل يأذيكم بيوم من الأيام، زيي بالضبط.. عشان كذا خلوكم بارين فيه على طول ولا تضايقوه ما دامه ما آذاكم ).
كان لازم تسمع كلام أمها وتطبقه حرفيا، لأنه فعلا ما آذاهم ولا ضايقهم أبد.
بالعكس يحاول يسعدهم على طول.
لكن من حملت بدور في وقت قريب، صار اهتمامه فيها أكبر منهم هم.
وهالشيء اللي زعلها وضايقها كثير.
غير اللي صار اليوم طبعا.
موقف اليوم عن ألف موقف.
بس برضوا ما تقدر تتحمل ضيقته وحزنه.

ابتسمت له لما جلس على الكرسي وحط قدامها صحن:
- الله، الريحة تشهي، ما عرفت انك تطورت كذا.
ضحك وائل:
- هههههههههه صدق؟ عاد إن شاء الله مو بس الريحة لوحدها حلوة.. والطعم يكون مضبوط.
- ما عليك واضح من الشكل.
وقفت وهي تأخذ صحنها عشان تخلي أبوها يأخذ راحته:
- تسمح لي أروح آكل في غرفتي؟ أخاف ميس تصحى وما تلقاني.
هز وائل رأسه بالإيجاب، كان مبسوط ومتورط بنفس الوقت.
عارف انه بدور راح تزعل إذا تأخر.
طلعت عهد لغرفتها، قبل لا تقفل الباب ضحكت وهي تشوف بدور تنادي أبوها من عند الدرج:
- وائل وينك طولت؟
قفلت الباب بهدوء وجلست على سريرها، فتحت النور الصغير جنب سريرها.
فتحت جهازها ناوية نكمل حلقتها وهي تأكل، إلا انها لما سمعت ضحكة بدور وأبوها سرحت.

تتذكر اليوم اللي رجعت فيه من المدرسة وراحت لأمها في المطبخ:
- يمه غريبة فجأة قررتِ ما تداومين، فيك شيء تعبانة؟
هزت مشاعل راسها بالنفي وهي معطيتها ظهرها:
-لا يا قلبي ما فيني شيء بس حبيت أفاجئكم وأسوي الغدا بنفسي، روحي غيري لبسك وغيري لـ ميس وانزلوا بسرعة.
كانت نبرتها غريبة، نبرة أول مرة تسمعها.
بالرغم من انها ما كانت واضحة، إلا انها حست بقرصة في قلبها:
- طيب.
نزلت بعد ما غيرت لبسها وهي ماسكة يد ميس.
كان الكل جالس حول السفرة، يأكلون بصمت.
حتى أبوها اللي دخل لما كانت هي فوق.
كان السكوت والهدوء وقت الأكل واحد من قوانين مشاعل اللي لازم يمشي على الكل، لكن سكوت اليوم كان غريب.
من غرابة ملامح أمها وأبوها.
اللي كان واضح فيها الضيق وحاجات ثانية ما عرفتها.
جلست تأكل بهدوء لين خلصت أمها وقامت، قالت وهي طالعة لغرفتها:
- وائل أبي اتكلم معك لو سمحت.
ناظرتهم بطرف عينها، أمها القائدة.. ووائل يمشي وراها بكل خضوع.
مر باقي اليوم بهدوء فظيع، وظلام حلّ على البيت كله.
بعد ما تركه أبوهم وراح.
اليوم اللي ماتت فيه روح بيتهم.
وظلت أمها ساكتة، تشتغل أكثر من أي يوم آخر.
من عرفت أمها وهي مشغولة بتجارتها وعملها برة البيت، إلا انها ما قد فرطت فيهم ولا أهملتهم.
تقدر تحلف وتقسم انه أمها أنجح امرأة بالعالم، وأكثر وحدة تقدر توفق بين بيتها وعيالها وعملها.
حتى شغلها في المدرسة، كانت تشتغل فيها مرشدة طلابية.
دايم تحب تسمع للبنات وتساعدهم بكل شيء تقدر عليه، الشيء اللي خلى كل الناس تحبها وتقدرها، تقصد من غير عائلة أمها.
بالرغم من انها ماهي فاضية أبدا ولا محتاجة لدخل زائد كراتب من المدرسة، بس حبها لمساعدة غيرها خلاها تشتغل.. خاصة انه الصباح وقت مناسب جدا، عيالها يكونون بالمدرسة، وهي تكون فاضية.
تعرف انه أمها تحب تساعد البنات المراهقات وتحل مشاكلهم؛ لمشكلة واجهتها هي شخصيا لما كانت بعمرهم أو أصغر.
المشكلة اللي قوتها بهالشكل، وخلاها ( امرأة حديدية ) حرفيا .
مشكلة متعلقة بزيد وآسر وخواته.
حاولت كثير انها تعرف، لكن فشلت.
وهي أكيد انها ما تتجرأ تسأل أمها حالياً.
في حاجات غريبة تدور حولهم، أمها وخالها زيد.. وآسر وخواته.
تنهدت وهي ترفع حاجبها وتحاول ترجع تركز بالمسلسل.

_____


في ساعات الصباح الأولى.
والجو هاديء قبل شروق الشمس.
السماء تمطر هتان خفيف جمّل المنظر أكثر.
من الدور الخامس عشر للعمارة.
اختار الشقة بنفسه عشان يصحى على هالمنظر الحلو كل يوم من غرفة نومه.
صلى الفجر ورجع قبل شوي من المسجد الصغير، واللي يبعد عن العمارة شارع واحد بس.
حضّر قهوته ودخل للغرفة، لقاها على سجادتها تسلم من صلاتها.
بعد ما خلصت تجاهلته وراحت ترقد.
ابتسم بهدوء واتجه للشباك، فتحه ووقف عنده.
أمس بالمساء وبعد ما خلص من تحضير العشا، راح يناديها تاكل معه.
عاندته ورفضت ولا رضت تقوم.
لما راح يتعشى لوحده جات بعد وقت بسيط، جلست وهي تقول بتذمر:
- بطني ما له ذنب.
ضحك وخلاها على راحتها.
خلصت ورجعت تنام، والحين بعد رجعت تنام.. بس تنام!
وش عندها أصلا شيء ثاني غير النوم تسويه؟
خلص من قهوته وقفل الشباك، لبس وتأنق.
التفت لها قبل لا يخرج وحط بطاقته على الكومدينة:
- روحي المول تسوقي يمكن يتعدل مزاجك شوي.

خرج بعد ما ناظرها للمرة الأخيرة.
جلست بقوة بعد ما خرج وعينها على البطاقة، تحس انها راح تنفجر من الغيظ والقهر.
حركته هذي تنرفزها جدا.
كل ما زعلت قال لها روحي السوق واشتري اللي بخاطرك!
يعتقد انه يراعي خاطرها ويراضيها بهالطريقة!
إلى الآن يعتقد انها تنازلت عن كل شيء وعن حياتها وحريتها وخضعت له عشان الفلوس!
إلى الآن ما يدري، أبدا ما يدري انها تحبه وتموت فيه.
لدرجة إنه الخيانة اللي تبغضها هانت عليها، عشانه هو!
لكن طبعا هو ما يدري، ولا راح يدري.
بما انه يعتقد انها تسوي كل هالأشياء عشان الفلوس بس.
بس طبعا ما هي عبير إذا خيبت ظنه!
تزعل من حركته، بس ما تقصر أبد.. تسوي مثل ما يقول، وتروح السوق تشتري اللي تحتاجه واللي ما تحتاجه.
خلال وقت قصير كانت توقف بالشارع تأشر للتاكسي يوقف لها بعد ما لبست وتحجبت بسرعة ونزلت.
وقتها بس قدر محسن يحرك سيارته ويتجه للجامعة وهو يضحك بسخرية.

وقف سيارته بالمواقف ودخل للجامعة بخطواته الواثقة.
مشيته اللي ما تغيرت أبد، من لما كان طالب بنفس الجامعة قبل 15 سنة، حتى الآن وهو أستاذ فيها.
واثق لأنه عارف انه ملفت للانتباه، وانه هيبته تطغى على أي مكان يكون فيه.
حتى لو كان غريب عن البلد نفسه، إلا انه قدر يفرض نفسه على كل من يعرفه أو حتى يسمع عنه.
دخل لمكتبه وحط أغراضه على الطاولة.
وعقد حاجبه وهو يشوف ظرف آخر على فوق الملفات.
وش سالفة الظروف هالأيام؟ ومين يكون هذا اللي يتجرأ كل بداية شهر ومن فترة مو طويلة ويحط مثل هالظرف الملون بمكتبه!
كل شهر لون مختلف، وكل شهر رسالة مختلفة عن اللي قبلها.
عبارة مختلفة، لون مختلف، شكل مختلف.. حتى الخط مختلف!
جلس وهو يتأفف بملل من هالحركة الغبية، ومن هالمجهول اللي يموت ويعرف مين هو!
أخذ الظرف وشقه، خرج الورقة المطوية بداخلها، ومعاها صورة!
أول مرة يرسل صورة مع رسالته الغبية هالمجهول!
اتسعت عينه وهو يشوفها، عبير واقفة بواحد من المحلات التجارية، قدامها شاب أجنبي، تضحك له!
فتح الورقة بسرعة وضغطه مرتفع من جرأة صاحب الرسالة، اللي تعدى حدوده هالمرة!
قرأ المكتوب بذهول، ثم شق الورقة وهو يضحك، وعيونه ما تشوف إلا الضباب من غضبه الشديد.
دخل الصورة بجيب شنطته، ثم وقف وخرج.
اتجه لغرفة الأمن بخطوات شبه سريعة.
صبّح على الموظف، ثم طلب منه يرسل له لقطات كاميرا المراقبة الخاصة بالممر الموجود فيه مكتبه.
تركه واتجه للقاعة وباله مشغول، ومزاجه معكر تماما.
شخصيته الباردة اللي كانت في الصباح تحولت وتغيرت.
وهو كل شوي يتذكر المكتوب بخط عشوائي على ورقة دفتر ( وافق شن طبقه، ما في شيء غريب بالصورة، رخيص تزوج رخيصة ).

______


فتحت عيونها ورفعت يدينها تتمغط وهي تبتسم من الراحة الغريبة اللي تحس فيها، حلم غريب راودها وهي نايمة.. الا انه خلاها تبتسم أول ما فتحت عيونها.
جلست وهي تأخذ جوالها، شهقت لما شافت الساعة.. كانت 6 ونص.
نزلت من السرير بسرعة واتجهت للباب بخطوات متعثرة.
وقلبها يخفق بعنف، خايفة لا تكون رزان صحيت من النوم وجابت العيد.
اتجهت للمطبخ تجري، لما سمعت أصوات الملاعق والصحون.. أكيد قلبت المطبخ فوق تحت.
وقفت عند الباب تحط يدها على صدرها وتتنهد براحة:
- الحمد لله.
التفتت لها رزان بابتسامة هادئة:
- صباح الخير غزل.
ابتسمت غزل بسعادة وهي تقرب منها:
- صباح الورد يا وردة حياتي انتِ.
قالتها وضمتها بقوة.

هذا واحد من الأيام النادرة اللي ترجع فيها رزان لحالتها الطبيعية.
تغتسل بنفسها وتلبس أحلى ما عندها، تسوي شعرها وتحط مكياج بسيط.. ثم الروج الزهري اللي ما تستغنى عنه، تتعطر وتطبخ لأختها وأخوها كل ما لذ وطاب.
بالنسبة لغزل هالأيام هي عيدها.
ظلت حاضنة أختها لوقت طويل.
مسحت رزان على شعرها بحنان، وهي عارفة وش تحس فيه غزل بالضبط.
بعدتها عنها بلطف ومسكتها من يدينها:
- حبيبتي غزل روحي مشطي شعرك وغسلي وجهك، وتعالي افطري معانا.
غزل باستغراب:
- مين انتوا؟
- آسر نايم بالصالة، ما شفتيه؟
ضحكت غزل بفرح:
- الله ، وش هاليوم الحلو.. بس ما عليه خليني أحضنك شوي بعد.
ضمتها مرة ثانية بقوة وهي تدعي في سرها انه رزان تطول على هالحالة وما ترجع تفقد صوابها.
مو بس عشان تريحها هي، لا.. لأنها فعلا اشتاقت لرزان، ولأمها اللي تشوفها فيها لما ترجع طبيعية.
تنحنح آسر وهو مبتسم ابتسامة واسعة لما شاف رزان بهالحالة:
- يا الله صباح خير، وش عندك يا البزر تبكين؟
غزل اللي ما تركت رزان:
- أقول ما البزر غيرك انت والله، خلني أنا وأختي شوي.
ضحك آسر وقرب منهم وعيونه على رزان اللي تبتسم.
وعيونها كاسيها الحزن بالرغم من جمال الموقف.
حضنهم آسر ثنتينهم مع بعض.. وهو حاس بالراحة مثله مثل غزل، ويتمنى لو يحس بهالشعور للأبد.

بعد نص ساعة كانوا آسر ورزان جالسين على السفرة، تسأل عن أحواله هو وبتول.
لما خرجت غزل من غرفتها:
- الله على هالريحة الحلوة، من زمان ما شميتها.. تسلم يدينك الحلوة رزان.
مسحت رزان على ذراعها بحنان:
- عوافي على قلبك حبيبتي.
سألتها بعد لحظات:
- إيه وش اللي بكاك أمس يا غزل؟ مين اللي زعلك؟
رفعت غزل عيونها بصدمة:
- بسم الله وش دراك؟
رفعت رزان حاجبها:
- والله؟ ما في داعي أسمع من أحد، عيونك منتفخة.
عضت غزل شفتها وهي تطالع في آسر بطرف عينها:
- ماحد، بس كذا اكتأبت فجأة وبكيت، تعرفيني ياختي أنا نفسية من زمان ههههههههه.
ارتبكت وهي تشوف نظراتهم المصوبة عليها، وما ضحكوا معاها:
- امممم تراني صادقة.
آسر:
- هين يا غزل، بشوف إلى متى تقدري تكذبي علينا.
ابتسمت لهم بغباء وكملت فطورها من دون ما يحركوا عيونهم من عليها.
توترت أكثر، رفعت وجهها وناظرتهم بزعل:
- ياخي خلاص، قلت ما فيني شيء.
كملت بعد ما تنهدت بضيق:
- تمام، بقول لكم بعد ما أخلص أكل، ترى بموت من الجوع.

غمضت عيونها وهي حاسة انها تورطت لما هزوا رؤوسهم بايجاب.
أبدا ما عندها نية تعلمهم عن جية هاجر، ما ودها انهم يعرفون عن نية عمتهم السيئة.. واللي ما تعرف سببها.
ولا تعرف السبب اللي يخليها تخبي عنهم هالشيء.
يمكن لأنه جزء كبير من رغبتها توافق على كلام هاجر مع انها ما تعرف وش نيتها بالضبط، أو ليش جات بعد هالفترة تفاتحها بالموضوع!
مر بعض الوقت بعد ما خلصوا فطورهم وجلسوا يسولفون.
كانت غزل متطمنة إنهم ما فاتحوها بالموضوع ولا سألوها من جديد.
ظنتهم نسوا، إلا انه آسر فاجأها من جديد:
- غزل مو ناوية تتكلمين؟
تنهدت غزل بملل:
- خلاص بقول، عمتكم جات أمس.
استغرب آسر:
- أي عمة؟ هاجر ؟
- طبعا في غيرها؟
آسر بحدة، عصب لما ربط جيتها ببكاء غزل:
- وش تبي؟
حركت غزل كتوفها:
- تقول ودها لو ننقل كلنا ونعيش في بيتهم بما انه واسع حيل وفاضي، منها تخلي بنتها جنبها ومنها نرجع نصير عائلة وحدة.
رفع آسر حاجبه باستغراب، إلا ان الموضوع مشى عليه، بما انه عارف انه هاجر مستحيل تخلي بنتها الوحيدة تعيش مع رزان:
- طيب؟ ما أشوف إنه الموضوع يبكي.
ابتسمت غزل بتوتر:
- لا يعني فكرت انه مثلا لو سمعنا كلامها ورحنا، أكيد راح أفقد بيتنا هذا.

طالع فيها آسر بحيرة، عذرها أبدا مو معقول.
يصدقها ولا يكذبها.
وقفت رزان فجأة وهي تقبض على الجوال اللي بيدها:
- عن اذنكم شوي.
اختفت عن عيونهم خلال ثوانِ، وقبل لا يلتفت آسر لغزل ويستفسر عن الموضوع أكثر، قاطعهم صوت الجرس:
- مين يجي بهالوقت؟
وقف واتجه للباب يسأل:
- مين؟
وصله صوتها الناعم واللي حس على طول انه مخنوق:
- أنا خالتك.
فتح آسر الباب وهو مبتسم:
- يا هلا والله تو ما نور البيت خالتي.
دخلت وضمته بقوة بعد ما قفلت الباب.
استغرب آسر لما حس فيها تبكي وتنتفض:
- عسى ماشر خالتي؟ فيك شيء؟
شهقت غزل وقربت منهم:
- خالتي وش فيك؟ ليه تبكين؟ مين زعلك؟ لا يكون وائل من جديد؟ والله راح يكون موته على يدي إذا زعلك.


_______


نفسيتها اليوم أحسن من أمس.
تحس بالراحة والطمأنينة، يمكن لأنها أخيرا قدرت تبكي وتفضفض لأحد عن الشيء اللي أزعجها من فترة طويلة!
تروشت ولبست فستان بسيط يناسب البيت.
تعطرت وابتسمت لنفسها برضا، قبل لا تفتح الشباك وتغمض عيونها وهي تسحب الهواء النظيف لرئتها.
هالحركة تهدئها فعلا وتريحها كثير.
قفلته وخرجت من غرفتها، نزلت لتحت بخطواتها الهادئة.
ابتسمت بحنين لزيد اللي تذكرته فجأة، يوم شاف مشيتها الناعمة قال لها ( تنافسين الورد برقتك ).
كان فعلا يحسسها بقيمتها، يشبع حاجتها للكلام الحلو والغزل اللي تستحقه.
مع انه الموضوع بكبره كان غلط، إلا انه حبهم لبعض أحلى شيء صار بحياتها حتى الآن.
كل ما تذكرت إنها وافقت على آسر بضغط من أهلها، واحساسها بأنه ضروري ترد الدين والمعروف بموافقتها عليه.. تحس انها أحقر شخص على وجه الأرض.
لأنها وقتها ما فكرت إلا بنفسها، وانها لازم تكون ممنونة للشخص اللي أنقذها من الحريق!
بعد مرور الوقت صارت تفكر ليه آسر سوى كذا؟ ليه خطبها وهو داري انه أعز أصحابه وأقرب شخص له بالدنيا يحبها!
وليه خطبها وهو داري عن علاقتها بزيد؟ وكيف كانت قوية حتى وهم أطفال!
ليه ضحى بعلاقته القوية بزيد!
وليه مشاعل رغم كل اللي سواه آسر بأخوها ما تركته؟
كل هالأسئلة جات في عقلها دفعة وحدة وأزعجتها كثير.
وكبر فيها الشعور بتأنيب الضمير على خيانتها لزيد المسكين.
ماحد غيره خسر من اللي صار، معناته آسر له شيء عند زيد.
هل صار بينهم شيء؟ شيء قوي خلاه يستغل انقاذه لبتول من الحريق ويخون صاحبه!
ويوجع قلب المرأة اللي ساعدته ووقفت معه طول عمرها!

تنهدت تبعد هالأفكار عنها وهي تقرب من أمها وتبوس راسها:
- صباح الخير يمه.
- صباح النور، وأخيرا نزلتِ لنا يا الأميرة؟
جلست بتول:
- كنت تعبانة يمه، شفتيني.
هاجر بعتاب:
- مو بس أمس، دايم تحبسين نفسك بغرفتك ولا تفكرين بأمك المسكينة اللي تضطر تقعد لوحدها طول اليوم.
بتول باعتذار:
- سوري يمه بس من جد البيت هذا يخوفني، ليتكم ما نقلتوا من بيتنا القديم وظلينا احنا وبيت خالي جنب بعض.
رفعت هاجر حاجبها باستغراب:
- يا ليت؟ وانتِ جايتني قبل أمس ترجفين من الخوف بس عشان آسر قال لك بتسكنين ببيته مع خواته؟
بتول بخفوت:
- يمكن لو تعودت على رزان وهي بهالحالة ما خفت، بس انتِ منعتيني عنهم شسوي.
طالعت فيها هاجر بطرف عينها، ثم قالت بلا مبالاة:
- على العموم لا تشيلين هم يا بتول، إن شاء الله رزان راح تكون في المكان المناسب، وانتِ تروحين تسكنين في بيت زوجك، ترتاحين وترضينه بعد.
توسعت عيونها بصدمة:
- شلون؟
هاجر:
- الموضوع مو مؤكد لسه، بس أقدر أضمن لك هالشيء.
سكتت بتول لثوانِ قبل لا تسأل:
- وش سويتِ يمه؟
- ما سويت شيء، بس أبي كل شيء يكون بمكانه الصحيح.
بتول بعصبية:
- بس يا أمي تدرين رزان مكانها مو بمستشفى المجانين، ومستحيل آسر يرضى بهالشيء.
هاجر:
- أنا قلت لك انها بتروح لمستشفى المجانين؟ قلتيها بنفسك معناته انك فكرتِ في هالشيء من قبل.
غمضت بتول عيونها بقلة صبر ثم قالت:
- يمه أرجوك، لا تتدخلي بهالموضوع أرجوك، آسر يدري إيش الصح من الغلط، أنا مو ناقصة تكفين.
هاجر بحدة:
- مو ناقصة إيش يا بتول؟ لا تقولين إنه آسر يزعجك ولا يأذيك!
ارتبكت بتول:
- لا يا يمه ما أقصد.
هاجر ببرود:
- ما همني قصدك الحين، كل همي تكونين مرتاحة طول عمرك، انتِ الوحيدة اللي باقية لي بهالحياة، بعد ما تخلى عني ذاك اللي ما يتسمى.
بتول بضيق من الطاري:
- تعوذي من الشيطان يمه، إن شاء الله ربي يهديه ويصلحه ويرجع لنا قريب.
اكتفت هاجر بابتسامة ساخرة، وقلبها ميت شوق على بكرها.
سألت بتول بتردد:
- طيب.. مو المفروض عبير تكون هنا خلال هاليومين؟ وصلتني دعوة على الواتس من اختها تعزمنا على عرس أخوهم.
وقفت هاجر منزعجة من طاريهم:
- مدري عنهم.
تنهدت بتول بضيق ثم عضت باطن شفتها بحزن.
تنتظر بس وتتمنى هالفوضى اللي صايرة تتصلح بسرعة، ويرجعون هم لحياتهم الطبيعية.

___


يتبع..



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:48 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.