آخر 10 مشاركات
محبوبة الرئيس (45) للكاتبة: Susan Meier (كاملة) (الكاتـب : Gege86 - )           »          أجمل الأفلام القصيرة..«خاسب الدبابه يا غبى منك ليه».. (الكاتـب : اسفة - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          [تحميل] نور / للكاتبة مروة جمال ( جميع الصيغ ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          مهجورة في الجنة(162) للكاتبة:Susan Stephens (كاملة+الرابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          فجر يلوح بمشكاة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          371 - رمال الحب المتحركة - ديانا هاملتون (الكاتـب : عنووود - )           »          زوج لا ينسى (45) للكاتبة: ميشيل ريد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          [تحميل]غار الغرام ،"الرواية الثالثة" للكاتبة / نبض أفكاري "مميزة" ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree260Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-08-20, 11:38 PM   #101

تالن يوسف

? العضوٌ??? » 431382
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » تالن يوسف is on a distinguished road
B11


تسلم ايدك يا سولي❤️❤️❤️❤️

تالن يوسف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-08-20, 12:15 AM   #102

bambolina

مشرفةمنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوكاتبةفي منتدى قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة وحكواتي روايتي وألتراس الأدبي وقلم ذهبي برسائل أنثى وملكة اتقابلنا فين؟

alkap ~
 
الصورة الرمزية bambolina

? العضوٌ??? » 296721
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 8,275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » bambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
افتراضي

ألف ألف مبروك يا سولي نورتي وحي الأعضاء

سعيدة جدا جدا

حبيبتي رواية تستحق النجاح والمتابعة



bambolina غير متواجد حالياً  
التوقيع


الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب
https://www.rewity.com/forum/t402401.html
رد مع اقتباس
قديم 20-08-20, 12:39 AM   #103

jadbalilo

? العضوٌ??? » 394100
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 533
?  نُقآطِيْ » jadbalilo has a reputation beyond reputejadbalilo has a reputation beyond reputejadbalilo has a reputation beyond reputejadbalilo has a reputation beyond reputejadbalilo has a reputation beyond reputejadbalilo has a reputation beyond reputejadbalilo has a reputation beyond reputejadbalilo has a reputation beyond reputejadbalilo has a reputation beyond reputejadbalilo has a reputation beyond reputejadbalilo has a reputation beyond repute
افتراضي

أول مرة أعيد قراءة رواية مرة أخرى وصدقا لها طعم خاص وننتبه لأحداث لم نلحظها سابقا حقا أحببت جميع رواياتك يا سولي وأسلوبك قمة في الروعة
❤❤❤❤❤❤❤❤❤😍😍😍😍😍😍😍😍😍
سؤال لك يا سولي هل حسام كان يحب يمنى لأني لم ألاحظ ذلك سابقا لكن من خلال المتابعة الآن لاحظت أنه كان متضايقا كنت أظن أن سليم فقط من أحبها الآن لدي اعتقاد أن حسام أيضا كان يكن لها بعض المشاعر أم أني أتخيل


jadbalilo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-08-20, 01:25 AM   #104

Um-ali

? العضوٌ??? » 456412
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 172
?  نُقآطِيْ » Um-ali is on a distinguished road
افتراضي

رواية حبيبتي اسم على مسمى

Um-ali غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-08-20, 03:54 PM   #105

ميساء عنتر

? العضوٌ??? » 438131
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 98
?  نُقآطِيْ » ميساء عنتر is on a distinguished road
افتراضي

حبيبتي يعطيكي الف عافية
مبروك الجزء الجديد .. انا امبارح لعرفت عنو وكتير انبسطت 💃🏽💃🏽💃🏽💃🏽
حقيقي روايتك مش ماخدة حقها .. عندك تسلسل احداث رائع وكلماتك جميلة متلك .. واكتر شي حبيتو علاقت العيلة مع بعض جد رائعة كيف انو الكل بحب بعض وبحبو جمعاتهم للاسف صار هاد شي نادر هالايام
مبروك مرة تانية .. وانا متابعة معك وبقوة 💋😍🥰❤


ميساء عنتر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-08-20, 06:48 PM   #106

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي



مساء الخير والجمال على عيونكم الجُمال
معلش بعتذر جدا على التأخير عليكم
بس النهاردة معلش موسم
كل سنة وانتم طيبين
وانا انشغلت مع عائلتي
فاعذروني
يارب الفصل يعجبكم
هستنى ارائكم
وهرد على الردود كلها باذن الله بس بعد ما انزل الفصل
معلش اعذروني النهاردة
وعام هجري سعيد عليكم


الفصل الثامن

تململ من نومه على صوت نهنهة بكاء خافت وتمتمات سريعة متتالية ، عبس بضيق حينما اكتشف خلو الفراش منها ، لتتسع عيناه بجزع حينما رفع رأسه من فوق وسادته ليسقط نظره عليها تجلس فوق سجادة الصلاة وتدعو إلى الله ببكاء اصاب قلبه بنغزه حادة أجبرته على الاستيقاظ والنهوض من فراشه على الفور ، تحرك بخطوات جادة نحوها ليجلس في الكرسي خلفها ليناديها بهدوء قبل أن يتمتم لها : هل انهيت صلاتك ؟ أومأت براسها وهي تحاول السيطرة على دموعها فتابع بحنو- تقبل الله منك يا حبيبتي .
تمتمت بصوت محشرج : منا ومنكم بإذن الله .
ربت على كتفها وهو يحثها على النهوض ليسألها بجدية : ما الذي يبكيك يا ليلى ؟
لم تنهض من مكانها لترفع رأسها إليه وحجابها يحدد ملامح ، وجهها المغرق بدموعها : أسعد يا أمير ، قلبي مقبوض والخوف يقتلني عليه ، لقد استيقظت من نومي على وجهه شاحب والهلع يسطع بعينيه .
ارتجف جفنه قليلا ليبتسم بهدوء مخفيا التوتر الذي أصابه جراء كلماتها ليربت على كتفها ثانية : اهدئي يا ليلتي فقط أنت قلقة لأنه لم يأت هذا الإسبوع ولم يجيب اتصالك البارحة ، هزت رأسها برفض ليتابع بمهادنة - فقط اهدئي وسيكون كل شيء على ما يرام .
تمتمت بعناد : بحق الله يا أمير ، دعنا نطمئن عليه .
نظر إليها بتساؤل لتتابع وهي تستند إلى ركبته القريبة منها تضغط عليها برجاء قبل أن تنهض واقفة ببطء فيتهدج صوتها بتوسل باك : أجري بعض من اتصالاتك لنطمئن إنه بخير .
رمقها بطرف عينه ليتمتم بجدية : أنت تعلمين أني لا أحبذ فعل هذا .
تمتمت بحدة : لماذا ؟ ألست مستشار الشئون العسكرية ؟ أليس من حقك أن تطمئن على ولدك إذا شعرت بأنه في خطر ؟
رفع نظره إليها ليهمس بصرامة : لا ليس من حقي استغلال سلطتي لأطمئن على ولدي الذي حاولت منعه من أن يسلك هذا الطريق ولكنه آبى إلا يفعل ، لذا عليه أن يتحمل نتيجة قراراته كاملة ، وعلينا أن نبتهل إلى الله ألا يصيبه مكروه .
اهتزت حدقتيها باستنكار صدح بصوتها الحاد : ستتركني إلى حيرتي وقلقي يا أمير وسأهون عليك ان اظل قلقة حتى لا تتصل بأحدهم فيطمئنا أن أسعد بخير ولم يصبه شيء .
نهض واقفا ليزفر بقوة : قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا يا ليلى ، واتصالي لن يغير من الأمر شيء إذا حدث لولدك شيء لا قدر الله ، شهقت بجزع ليتابع بهدوء – ولكن لأجلك سأقوم بمحاولة لعلني أصل لأخبار تطمئن قلبك .
داعب ملامحها فرح ضئيل ليكمل وهو يتحرك نحو دورة المياه : أكملي صلاتك وادعي له أن يحفظه الله ويرده لك سالما .
لهث قلبها قبل لسانها بالكثير من الأدعية لتنتبه اليه يخرج بعض من ملابسه فتسأله بحيرة : إلى أين انت ذاهب يا أمير ؟!
أجاب بعفوية : إلى العمل ، اتسعت عيناها برفض لتهتف - وأسعد ؟
فيجيبها بجدية وهو يدلف إلى دورة المياه : سأطمئن عليه واطمئنك ، لا تقلقي يا ليلتي .
تسمرت بمكانها تنظر إليه باستنكار ورفض لتهمهم بعد قليل وهي تخطو نحو باب دورة المياه تنظر إليه وهو يتوضأ : ابق إلى جانبي يا أمير إلى أن تطمئني على ولدي .
اثر الصمت إلى أن أصبح أمامها ليهمهم بجدية : سيكون بخير لا تقلقي ، هل ستأتِ لنصلي الفجر سويا ، أم انك انتهيت من صلاتك ؟
اشاحت برأسها رافضة : لم أصلى الفجر بعد كنت أصلي لأجل أسعد .
تنهد بقوة ليغمغم بمرح حاول أن يبثه لها : تصلين لأجل فتاك المدلل لكن الأخر النائم في الغرفة بجوارك أو أنا المستلقي هنا لا تتذكرينا من الأساس ، فقط هو أسعد
تمتمت برقة : أنه الغائب يا أمير ، الغائب حتى يعود .
ظلل الحنو عينيه : حسنا تعالي لنصلي قبل أن استعد واذهب إلى العمل ، وحينما أصل إلى هناك ساجري بعض من اتصالاتي لأطمئنك يا حبيبتي .
أومأت برأسها ا إيجابا ليقف أمامها بقليل يرفع كفيه للأعلى ليبدأ صلاته بتكبيرة خاشعة فيسلم ناصيته بيدي الله ويتوكل عليه فتتبعه وهي تولي قلبها اللاهث بدعائها إلى القدير تطلب منه وتتوسل إليه أن يحمي طفلها ويحفظه .
***
تثاءبت بإنهاك بعد أن قضت بقية ليلتها في المذاكرة حينا ، و التفكير فيه أحيان كثيرة ، فهو لم يغب عن ذهنها على الإطلاق بعد أن أنهى المكالمة بل لقد تذكرت مواقف كثيرة سعيدة حدثت بينهما واستعادت ابتسامة واسعة سيطرت عليها وهي تفكر بأنه يعاود الاقتراب فتؤمر عقلها هذه المرة أن لا يدفعه بعيدا
تنهدت بقوة وهي تقرر أنها ستهاتفه بآخر الأسبوع كما اتفقا حتى تؤكد عليه موعد الأسكندريةفتظهر له كم هي مهتمة بملاقاته وتريد استعادة صداقته فلا يبخل عليها بوجوده بجوارها كما كان في الماضي .
راقبت خيوط الشمس الأولى وهي تبدد عتمة السماء الغارقة في ظلام البارحة لتشعر بالأمل يداعب أروقة قلبها فيطرد الحزن رويدا رويدا زارعا به نبتة من التفاؤل تدعو الله أن لا يندثر .
أرتفع أزيز جهاز استدعائها لتنظر إليه وتعبس بترقب استحوذ على تفكيرها وهي تنظر لمكان الاستدعاء فتعلم بديهيا أنه استدعاء للجميع ليس لأطباء الطوارئ فقط أو المناوبين الليلة بل أنه استدعاء كامل لطاقم الأطباء المهرة الذي تمتلكه المشفىسارعت خطواتها لتلتقط قدوم عادل من الخارج فتسأله بجدية : هل هناك خطب ما؟
هز رأسه نافيا ليهمس : لا اعلم لقد استدعيت من البيت منذ قليل .
ازدرت لعابها بتوتر بدأ يخيم عليها ليدلفا سويا إلى غرفة الاجتماعات الكبرى تنظر من حولها إلى الجمع المكتمل حتى من اطباء الأمتياز اللذين لا يزالون تحت التمرين ولكن من الواضح أن الأمر هام وإلا لما حضروا إلى هنا ، رفعت نظرها لتجد رؤساء الأقسام وأكبر جراحي المشفى متراصين أمامهم ليتصدر المشهد أبيها وبجواره محمود المنصوري والذي أشار لأحمد بالحديث واثر الصمت على ما يبدو
دوى صوت أبيها من حولهم منبها الجميع وطالبا منهم الانصات ليهتف بجدية اشعرتها بالقلق : استقبلت المشفى الآن إخبارية هامة جدا تضع المشفى كلها تحت نداء الطوارئ من الدرجة الأولى فالرجاء من سيادتكم ان تكونوا على اهبة الاستعداد، سيرد إلينا حالات كثيرة شبه حرجة ستنقل عن طريق طائرات الدفاع المدني وسيذهب مننا طاقم طبي متخصص عالي الكفاءة ليسعف المصابون اللذين لن يتحملوا الحركة .
صدح صوت أحدهم : ما نوع الحادث يا دكتور ؟
هتف أبيها بصرامة : هذه كل المعلومات المصرح لنا بتداولها.
تصاعدت الهمهمات قوية فاتبع ابيها بجدية : أذكركم بالقسم والمهنية وسرية الأمر والتي هي جزء أساسي من عملنا ، اوصيكم بالكتمان فالأمر بالغ الخطورة
ساد الصمت ثقيلا فوق الجميع ليهتف أبيها : تفضلوا كونوا بمواقعكم كما اعتدنا في هذه الحالات ، تفضلوا .
بدأ الجميع في الحركة مغادرين ليهتف ابيها بجدية : فليبق المناوبين فقط من فضلكم
تبقى القليل فقط منهم ليتحدث أبيها بجدية : ستنقسمون لفريقين أحدهم سيظل هنا والآخر سيذهب إلى مكان الإصابات .
هتف عادل : أنا سأذهب .
رد محمود المنصوري بسرعة بديهة : لا يا عادل ، أنت هنا أكثر فائدة من أن تذهب هناك .
هتفت وهي تشعر بوجل ينتابها وقلبها يرتجف : سأذهب أنا .
هتف أبيها بجدية : استعدي .
لينتقي أبيها بقية الطاقم الذي سيرافقها ليهتف أخيرا : ستنقلكم الطائرة بعد نصف ساعة
همهمت رغم عنها : إلى اين ؟
ساد الصمت قليلا قبل أن يهتف محمود المنصوري : صحراء سيناء ، لقد حدث اعتداء غاشم على أحد مواقعنا الإستراتيجية هناك ، المصابون كثر والمكان يشبه ساحة حرب ، انتفض جسدها وشحب وجهها ليتابع عمها محمود - نرجوكم الإلتزام بالسرية فأي كلمة تتناثر هنا أو هناك ستكون عواقبها وخيمة .
رمش عادل ليهتف بثبات : اريد الانضمام للفريق الذي سيذهب يا دكتور بعد إذنك .
رمقه محمود قليلا قبل أن يهتف : من هناك لا يحتاجون تخصصك ، ولكن من سيأتون إلى هنا أنت قادر بفضل الله أن تنقذ حيواتهم .
هتف أحمد : هيا انطلقوا على بركة الله .
خطت نحو عادل لتهمس : سأطمئنك حينما اصل لأي شيء .
رمقها عادل قليلا ليهتف رغم عنه وملامحه تختفي خلف سحابة قاتمة خُيمت عليه : إياك أن تفعلي ، اذهبي وتوكلي على الله ، فأنا أثق بتدابيره وحكمه .
تمتمت باسمه فابتسم بخفة : اطمئني سيكون بخير ، اتبع بمرح افتعله - عمر الشقي بقي كما تقول ماما
ترقرقت الدموع بعينيها لتتحرك باندفاع إلى الخارج تحاول السيطرة على ارتعاش كفيها ، وجيب قلبها الحاد وعينيها اللتين غشتهما الدموع ولكنها ذكرت نفسها بمهنتها وقسمها فتستعيد صلابتها وهي تخطو إلى غرفة الأطباء المناوبين تلتقط اشيائها وتعد نفسها إلى الرحيل ، تلهث بدعاء يخرج من عمق روحها إلى أن جلست بالطائرة فترفع رأسها إلى الأعلى وتهمهم بخفوت رغم عنها : ارجوك يا الله لا ترني فيه مكروها ، احفظه ليس لأجلي بل لأجل والدته ، احميه وابقيه فلا تحملني فقدا جديد ، اغمضت عينيها لتتلو الشهادتين والطائرة ترتفع لأعلى فتخفض بصرها إلى الأسفل فتلتقط عادل الواقف يراقب ابتعاد الطائرة وابيها يجاوره يضغط على كتفه بمؤازرة جميعهم يحتاجونها .
***
ارتدت مئزرها الحريري بعد أن خرجت من فراشها تبحث عنه ، تعلم أنه غاضب منها ولكنها أثرت الصمت الليلة الماضية حتى لا يتشاجران سويا أمام ولديها ، فمنذ أن كانا عاصم وعمار طفلين صغيرين وضعت هي قاعدة اقرتها بينهما لا شجار أمام الأطفال ولا مناقشة أيضا ، الأمور الهامة يتحدثان بها بمفرديهما ويتفقان سويا ليكون القرار واحدا .. حاسما امام الطفلين ، فتضمن لهما إستقرار نفسي حظيا به طوال عمرهما ، تحركت بخطوات هادئة وهي تلم طرفي المئزر على جسدها تبحث عنه بعينيها لتبتسم برقة وهي تلتقط وجوده بالجلسة التي بركن غرفتهما بجانب الشرفة ، يجلس فوق احد المقعدين ويرفع ساقيه على مقعد قماشي صغير، ينظر إلى الخارج والشرود يخيم عليه .
تنهدت برقة وهي تتجه إليه لتنحني وتطبع قبله على وجنته لتهمهم بصوتها الابح : صباح الخير .
رمقها بطرف عينه ليهمهم بصوت مكتوم : صباح النور .
حركت خصلات شعرها القصير لتعدل منه وهي تتثاءب : هل استيقظ الولدين ؟
نظر إلى الخارج من جديد ليجيب بلا اهتمام : لا اعرف .
تنفست بصبر لتسأله دون مراوغة : هل أنت غاضب يا وليد ؟
التفت إليها يتأملها قليلا قبل أن يعاود النظر الى الإتجاه الأخر : ما رأيك انت ؟
مطت شفتيها لتهمس بمهادنة : لا أرى سبب لغضبك ، فأنا لم افتعل ما قلته ، فأنت متعنت مع ابنك بسبب ابنة أخيك .
رماها بنظرة غير راضية ليجيب ببرود : حسنا .
رفعت حاجبها لتسأله بترقب وحدة التمعت بعينيها : أنت غاضب مني وتخاصمني لأجل ابنة اخيك يا وليد ؟
ابتسم ساخرا : إذًا أنت تجعلين الأمر كله يخص نوران .
نظرت إليه بحيرة فاتبع : ليس أنك تقصدت أن تنبهي فاطمة لعدم رضاك لوجود نوران في المؤسسة وأن تلمحين لها بأن وجودها يزعج عاصم ، الأمر الذي تعلمين جيدا سيلقى صدى عند فاطمة ومن الممكن أن تمنع الفتاة من إكمال ما بداته في مؤسسة أبيها وجدها .
التفت ينظر إليها بتفحص : هل حقا تظنين أني غر ساذج يا ياسمين ؟! لن أفهم تصرفك ومداه وما المقصود منه ، أنها عشرة عمر ثلاثون سنة زواج ومن قبلها ثلاثة عشر عاما زملاء دراسة واصدقاء ،اكمل بصوت ساخر أثار غضبها - فتختصرين انت الأمر بأكمله في نوران وأني غاضب منك لأجل ابنة أخي ، فتغضبين علي وتتدللين لأني فضلت أنثى أخرى عليك ، حتى وإن كانت هذه الأنثى ابنتي .
تمتمت بجدية : إنها ابنة أخيك ، ليست ابنتك .
هتف بحدة التمعت بعينيه : بل ابنتي ، تربت ببيتي ، بحضني ، كانت تستيقظ في الليل حينما نكون في القصر وتأتي لتتوسد صدري لتنام قريرة العين ، إنها ابنتي يا ياسمين ، مدللتي ، ولكنك تتخذين منها موقفا لا أفهمه
ساد الصمت قليلا وهي تناظره مليا لتنطق من بين أسنانها : بل تفهمه وتدركه ، ولكنك تتغافل عنه ، اكملت بسخرية - من الجيد انك ذكرت عشرتنا التي فاقت الأربعون عاما وتعلم أن مثلما تتفهم مقصدي من تصرفاتي أنا الأخرى اقرئك ككتاب مفتوح يا وليد ، وأعلم جيدا أنك تسعى لتزويج نوران من عاصم .
تسللت ابتسامة إلى ثغره ليسألها بلا مبالاة : إذًا ، هل هذه تهمة أن احاول أن ازوج ابني لابنة أخي المقربة مني ؟
زمت شفتيها قليلا لتهمهم بحدة : رغم عنه !
لوى شفتيه بابتسامة هازئة : من يقو على إرغام عاصم يا ياسمين ؟! تابع وهو ينظر إلى عمق عينيها – أم أنت تخافين أن يوافق ويتزوج الفتاة التي لا ترتضينها زوجة لابنك .
ازدردت لعابها لتهمهم : من قال هذا ؟ من قال أني لا ارتضاها زوجة لأحد الولدين، ولكن أن تتزوج منه لأجل العائلة ، لا يا وليد ، لن يحدث ، لن يتزوج عاصم لأجل العائلة ومصلحتها ، لن يفعل أي شيء اخر لأجل آل الجمال ، يكفي ما فعله لأجل الجميع ، بل يكفي ويزيد ، لقد تحمل ما لا طاقة له لأجل العائلة ، لن يؤسر حياته في زيجة لأجل اسم الجمال من جديد ، اذ اراد عاصم أن يتزوج لابد أن يتزوج ممن يريدها قلبه وتهوى اليها نفسه ، لابد أن يتزوج من الفتاة التي تسقط غارقه في عشقه ، فتاة تعلم جيدا قيمة عاصم ومكانته ، تدرك جوانب نفسه وروحه بل وتبديه عن نفسها إذا أراد ، عاصم يستحق أن يتزوج من فتاة تراه دنياها .. عالمها .. حياتها ، وهذه الفتاة ليست ابنة اخيك ، فنوران لا ترى سوى نوران ، ولا تحب سوى نوران ، ولا تفكر إلا في نوران ، وحينما ستتزوج من عاصم سترضى لأجل ان تقترن بالبكري شبيه ابيها وحليفته ليس لأجل عاصم يا وليد ، فمن فضلك توقف عم تفعله أيا كان ماهيته ليس لأجلي بل لأجل عاصم ، فكر بولدك وصالحه ولا تبدي العائلة ومصلحتها عليه .
نهضت واقفة وهمت بالانصراف ليتمتم بهدوء وهو ينظر الى الخارج من جديد : صدقي أو لا يا ياسمين ، كل ما افعله لصالح عاصم ، بل عاصم وصالحه فقط ما يشغل تفكيري الآن ، لا تهمني العائلة ولا اسمها ولا مصلحتها ، بل يهمني ولدي ان اراه مرتاحا .. هانئا .. سعيدا ، وسأبذل كل شيء لأجل أن تعود فرحة عينيه من جديد ، لأجل أن يعود عاصم المرح .. المحب .. المشاكس ، ليس رجل الأعمال المتكتم والمهندس العظيم .
استدارت إليه نصف استدارة لتنظر إليه من فوق كتفها : إذًا أنت تراهن على نوران لتعيد ولدك إليك ؟ ضحكت ساخرة واتبعت وهي تبتعد عنه – أنت تراهن على الفرس الخاسر يا وليد ، لو كانت مهتمة بالأمر لما تسببت في ضياع فرحته ولا كسر نفسه .
توقفت قبل أن تدلف إلى دورة المياه لتهتف به بحدة تملكت منها : ابنة أخيك لم تلتفت إلى عمق عينيه حينما كان يتمنى فقط أن تنظر إليه ، ستراه الآن وهو يوليها ظهره ولا يريد أن يراها .
أطبق فكيه وهو يستمع الى صفعة باب دورة المياه ليتنفس بقوة ويهمهم بثقة وعيناه تضوي بوعد : بل ستجبره أن يريها ما اخفاه بسببي عمره كاملا ، ستشعله بأكمله ليس عينيه فقط ، لينفض هذا الوجه البارد الذي يلاقينا به ، ستعيده أفضل مما كان وسنرى من الفائز يا ياسمينتي
***
طرقت الباب بخفة قبل أن تفتحه دون انتظار رد ابنتها من الداخل لتهتف بهدوء حينما التفتت الأخيرة إليها تنظر بدهشة وتعجب أعتلى محياها : صباح الخير .
__ صباح النور يا مامي ، نظرت إليها بتساؤل لتدلف فاطمة إلى الداخل وتغلق الباب خلفها لتقف تكتف ساعديها أمام صدرها – ما الذي يحدث بينك وبين عاصم ؟
اهتزت حدقتيها لتهمس بتعجب : لا شيء .
اقتربت فاطمة منها بخطوات هادئة ترمقها بنظرات متفحصة لتنطق بهدوء : اسمعي يا ابنتي ، أنا أكثر من يعرفكم ، فلا تراوغي وأخبرني ماذا فعلت بابن عمك وكيف اغضبته ؟
زمت نوران شفتيها لتهمهم باختناق : هل يهمك عاصم لهذه الدرجة يا ماما ؟ ولا يهمك ماذا فعل هو بي ؟
لوت فاطمة شفتيها لتسألها بهدوء : ماذا فعل بك يا نور ؟ أخبريني .
نظرت إلى عمق عينيها وهتفت : وهل ستحاسبينه على خطأه نحوي ، هل سيأتي بابي بحقي من عينيه ، أم ستتغافلون عن كل شيء لأن من اخطأ عاصم ، وتنسون أنه اغضبني وتهتمون فقط به وبمشاعره وسعادته ؟
اقتربت من والدتها بخطوات قليلا لتنظر إليها بتحدي : هل ستستمعين لي ، أم ستكممين فمي كالمرة الماضية وتهتفين بي أن أخرس واخفي كل الحديث بداخلي ، ازهق مشاعري وانتزع قلبي والتزم صمتا ينهش روحي ؟
تمتمت فاطمة باختناق : لن تفهمي أبدا .
صاحت نوران بثورة : افهميني يا ماما ، أخبريني هذا السر الذي لا أستطيع أن أدركه ، وكلكم تعرفونه ، أخبريني وأعدك أني سافهم .
تنهدت فاطمة بقوة : لا يحق لي للأسف ، كم اتمنى أن اخبرك ولكن ما هو ليس لي لا أستطيع ان ابوح به .
اقتربت منها لتجذبها إلى صدرها تحتضنها بأمومة تحاول أن تبثها هدوء يحتوي شتاتها : كل ما اقو على قوله نصيحة اتمنى أن تنفذيها ، أنظري جيدا من حولك ، استخدمي عقلك وحللي ما يحدث وستصلين إلى النتيجة سريعا ، استغلي فرصك يا نوران فانت ذكية ، توقفي عن الكبر وانزلي من برجك العاجي وسترين كل شيء ، ستدركين وتفهمين ولن تحتاجي اي منا ليشرح لك أو يخبرك .
تقبلت حضن أمها الدافئ باحتياج لتتمسك بكتفي والدتها تستمد منها قوة زرعتها بكلماتها في نفسها لتهمهم بصوت مختنق : سأفعل .
ربتت فاطمة على وجنتها لتهمس لها بحنان : أنا لا احب عاصم عنكما كما تظنان أنت واخيك ، فأنتما طفلي ولكن عاصم لديه مكان بقلبي لا أستطيع أن أنكره ، مكان يستحقه ، ولكنك أنت من لا تدركين قيمة عاصم ومكانته وكيف ستفعلين وأنت لا تعرفيه يا نوران ، امنحي نفسك فرصة لمعرفة عاصم شخصيا ، ليس ككبير لآل الجمال ولا كابن عمك الأكبر ، فقط قربي منه وتعرفي على عمق شخصية عاصم وستدركين حينها لماذا هو يتمتع بحب الجميع وتقديرهم ؟
هزت رأسها بالإيجاب وهي تزم شفتيها مانعة نفسها من التفوه بأي حديث لا ترغب في التصريح به لتتنهد والدتها بقوة : هيا تعالي لنتناول الفطور معا ، فوالدك غادر على عجالى ودون أن يخبرني السبب .
تمتمت نوران : سأكمل ارتداء ملابسي واتبعك حالا.
ابتسمت فاطمة برقة : سأنتظرك بالأسفل .
عادت تنظر إلى المرآه من جديد تكمل إنهاء زينتها الخفيفة لتزفر بقوة حينما تأملت نفسها لتهمس بجدية : لن تبكي .. لن تبكي .
اتجهت نحو غرفة ملابسها لتنظر من حولها قبل أن تنتقي طاقم غير رسمي ولكنه عملي يضفي طابع شبابي عليها وتقرر ارتداءه كنوع من التغيير وهي ذاهبه إلى العمل اليوم ، توقفت امام المرآة من جديد لتلوي شفتيها بعدم اهتمام قبل أن تلتقط حقيبتها ونظارتها الشمسية وتغادر بابتسامة واثقة رسمتها على شفتيها المطليتان بلون وردي يجذب الأنظار ويهديها ثقة تحتاجها بشدة .
***
ابتسم بمكر وهو يقف بباب مكتبها يراقبها بعينين مضيئتين ، ينظر الى عبوسها الطفيف الذي يداعب محياها ، تزفر بضيق وهي تقلب في جهاز لوحي تحمله بين كفيها ، لتحتد نظراتها وهي تنفخ بضيق قبل أن تلملم خصلاتها البنية بشقرة مميزة في عصبية وترفعها للأعلى بحدة اهدته عبوسا زين حاجبيه ليهتف بضيق : اتركيها ستقتلعينها من جذورها بهذه الطريقة البشعة في لملمتها .
شهقت بدهشة وهي ترفع رأسها تنظر إليه بنظرات متعجبة ، وعقل غير مدرك لفحوى حديثه قبل أن تفقه لما يعني فتترك خصلات شعرها بالفعل ووجنتيها تتورد بخجل لتهمهم : مرحبا يا عمر بك ، تفضل .
ابتسم بمكر وهو يقترب للداخل ليهمهم بنبرة مميزة : صباح الخير يا آنسة حبيبة .
تمتمت بخفوت : صباح النور ، تفضل .
القتها وهي تشير للكرسي الواقع أمام مكتبها ليجلس بأريحية ويسألها بجدية : ما الذي يضايقك ؟ نظرت له بتساؤل فتحدث بطبيعية - كنت تتأففين وشعرت بأنك غاضبة .
زفرت بقوة : نعم أنا ضائقة بالفعل ، فهناك أحد المراجع ابحث عنه ولا أستطيع الوصول اليه ، ليس متوافرا عن طريق الكتب الإلكترونية في المكتبة العامة وبالطبع لا أجد النسخة الورقية منه ، رغم انه قديم ولكني لا أستطيع الوصول إليه .
ابتسم بحيادية : اعرف مكتبة الجئ إليها في هكذا أمور ولم تخذلني ولا مرة .
تهلل وجهها بسعادة لتسأله بلهفة : حقا ؟
هز رأسه إيجابا : نعم استطيع أن ارشدك لها إذا أردت ، ستجدي فيها الكثير من الأشياء ، النسخ النادرة لا يسمحون باقتنائها ولكنك تستطيعين استعارتها وأنت تمكثين الوقت عندهم والنسخ المتوفرة تستطيعين شراءها .
هتفت بلهفة : أرشدني لها فالمرجع احتاجه بشدة في رسالة الماجستير خاصتي .
رمقها بطرف عينه ليسالها بهدوء : إذ ما سمعته صحيح أنت تكملين دراستك .
ارتبكت لتهمهم : نعم أنا اعشق الدراسة .
ابتسم باتساع ليهمهم بخفوت وهو يختصها بنظرة تؤثر بها : أعلم .
شعرت بحلقها يجف وهي تفكر هل يقصد التأثير بها أم يتعامل بعفوية تحطم حصونها ليكمل بجدية : إذا أردت المساعدة أخبريني .
تمتمت بجدية : أنا بخير .
نفخ هواء صدره ليسالها : هل حينما اخبرك أني بالجوار يهيأ إليك أني اشكك بقدراتك مثلا أو أني لا أثق بك ؟! اتبع بنبرة عميقة سيطرت على حواسها – فأنا أشعر بك تتصلبين فجأة حينما اعرض مساعدتي عليك .
احتقن وجهها بقوة لتهمهم بتبعثر : لا لم أقصد ، فقط أنا لا أحب أن اعتمد على احد، أنا أحب الاعتماد على نفسي وشخصي .
تفحصها جيدا : وهل هيئة التدريس ستمنحك درجة الماجستير لأجل عيني يا حبيبة ، إذ لم تكوني على قدر من العلم يؤهلك للحصول عليها لن تناليها يا عزيزتي ، فتوقفي عن الارتياب بعرض المساعدة الذي أقدمه لأني شخصيا لا أحبذ الوساطة ولا اعمل بها ، أنا بالعمل والدراسة شخصية مملة .. كئيبة .. حازمة .. ومتطلبة أيضا ، ولكن من الواضح أنك لا تعرفين .
ردت بعفوية وهي تبتسم بيقين : بل أعرف ، صديقي الذي يعمل معك يخبرني بكل شيء عنك ، ضحكت بخفة واتبعت بعفوية – دوما يهتف بي عمر بك ليس هو بروفسيور عمر الذي كان يلتف من حوله الطلبة فيمازحهم ويجلب ضحكاتهم من الأعماق ، في العمل هو نفسه لا يعرف نفسه .
رفع عينيه إليها وابتسامته الهادئة تزين ثغره ليسألها باهتمام : من هو صديقك ؟
ردت بعفوية : آسر المحامي الذي يعمل معك .
هز رأسه بتفهم وهو يحافظ على ثبات ابتسامته يناظرها بهدوء وحدقتين لا تشيان بم يعتمل بداخله لتشهق بخفة وتهتف : اوه المعذرة نسيت أن أسألك ، ماذا تشرب ؟
نهضت واقفة لتتجه نحو طاولة بركن مكتبها لتساله وهي تتحرك برقة : قهوة ؟
تعلقت نظراته بها ينظر إلى فستانها المنفوش كفساتين الأميرات بني بوهج اشقر يماثل لون شعرها ، بصدر مربع مغلق إلى عظمتي ترقوتها وكمين يصلان الى ما بعد مرفقيها ، بدون أي رسومات أو رتوش إلى ما بعد خصرها النحيل والذي يحدده الفستان بحزام جملي اللون فيضفي اشراقة مميزة ويعطي ألقا الى تنورة الفستان الواسعة بطياتها المسترسلة ورسوماتها الملونة بألوان عديدة ، تصل إلى ما بعد ركبتيها فيظهران ساقيها الرشيقتان بلوهما الابيض الشاهق والمحدد اخرهما بحزام جلدي لحذاء يماثل لون حزام خصرها .
أجاب أخيرا بصوت جاهد ليكون طبيعيا : هل لديك شاي ؟
هزت رأسها بالإيجاب فيهمس بجدية : هل تستطيعين أن تعدي لي شاي بلبن ؟
ارتفعا حاجبيها بدهشة انقلبت إلى ضحكة صافية صدحت من حوله فيتيه ببحر ضحكتها وعيناه تغيمان بلون ازرق رائق لتهتف بعد أن انهت ضحكتها : المعذرة ولكن ..
صمتت فلم يحثها على التكملة لتهتف أخيرا : بالطبع استطيع أن أعد لك قدح من الشاي باللبن ، بكل سرور يا عمر بك .
تمتم بخفوت وهو يعود إلى مراقبتها وخاصة بعد أن اولته ظهرها لتعد له الشاي بلبن : سيكون أحلى قدح سأحتسيه على اقل من مهلي يا آنسة حبيبة .
***
تلف حول نفسها تحمل هاتفها بكفها تنتظر مكالمته التي ستطمئن قلبها ، تنفست بعمق ثانية وهي تحاول أن تلهي نفسها بعمل اي شيء فأخرجت قدر الدقيق وقررت صنع الكعك لأجل عيون أسعد فهو يحبه ، ولأجل العائد من السفر بمفاجأة أسعدت قلبها البارحة ، فتبدأ بالعجن وهي تنظر إلى شاشة هاتفها كل دقيقتين لتطمئن أنه لم يهاتفها بعد ، انهت ما بيدها لتزفر بقوة وتحمل الهاتف تنوي الإتصال به ليرن الهاتف ويسحب معه كل طاقتها فتتراجع بخطوات بطيئة وتجلس على كرسي موضوع بجانب طاولة الطعام في المطبخ لتجيبه بصوت اجش فيهتف لها بطبيعية : اطمئني يا ليلى ، أسعد بخير .
رمشت بعينيها ولم تستطع الابتسام فهي تشعر به حينما يخفي عليها شيء ، فصوته حينها يحمل رعشة مهما أخفاها تستطع هي بقلبها أن تتأكد من مداراته عنها ابتسمت مرغمة وهتفت : لقد صنعت الكعك لأجله ، ولأجل عز الدين ، سأخبره ليلا حينما أحاول الاتصال به .
ساد الصمت على الهاتف قبل أن يبتسم أمير برزانة وهو يدرك أنها كشفت ما يخبئه ليهتف بجدية : سنخبره بإذن الله يا حبيبتي .
اغلق الهاتف وتحرك ليدلف إلى غرفة الاجتماعات ، لينظر إلى الجالسون أمامه قبل أن يهتف بجدية : وافيني باخر التطورات ؟
هتف أحدهم : الفريق الطبي على مشارف الوصول يا فندم .
أومأ أمير بتفهم ليهتف مساعده : أنا أرى أن تتوقف عن متابعة العمل يا سيدي ، ودع لنا المتابعة فقط اليوم إلى أن نطمئن على ابن سعادتك .
رمقه أمير بطرف عينه : لن أتوقف عن العمل مهما حدث ، أنا أريد الإطمئنان على الفريق بأكمله ، كلهم أولادي وأسعد لا يفرق عن أحدا فيهم ، أريد الاطمئنان عليهم كلهم ، أريد تقريرا وافيا عن كل شيء وإياك أن تخفي عني شيئا .
تمتم الجميع أمامه : علم وينفذ يا فندم .
صاح مدير مكتبه : سيدي ، سيادة الرئيس على الهاتف .
سحب نفسا عميقا ليتحرك نحو الهاتف ويجيبه بهدوء قبل أن يهتف بجدية : امنحني ساعة واحدة وسأكون أمامكم يا سيدي بتقرير واف عن كل ما حدث .
رمق الآخرون بطرف عينه ليبدأ الجميع في الحركة قبل أن يغلق هو الهاتف يغمض عينيه لدقائق قليله وينهض واقفا ليتابع الأمر بنفسه مجبرا عقله أن يمتنع عن التفكير في ولده الذي يقبع هناك ولا يعلم عن وضعه أي شيء !!
***
رن جرس الباب لتنهض بتثاقل وتتجه نحوه بخطوات بطيئة لتبتسم في وجه من طل عليها من خلف الباب الذي فتحته يهتف بمرح : صباح الخير يا لولا .
ابتسمت وهي تشكر الله أنه بعث به إليها حتى يلهي عقلها عن التفكير في أمر ولدها لتهتف مرحبة وهي تفتح الباب على وسعه : صباح النور يا عوين لولا ، تعالى تفضل ، ابن حلال يا عمار ، لقد خبزت الكعك للتو ، حماتك ستحبك يا ولد .
قبل وجنتها ورأسها ليهتف بمشاكسة : وأنا اعشق ابنتها .
ضحكت ليلى لتهتف به : ادلف إلى الحديقة ، وساعد القهوة وات لك بالكعك ساخنا معها .
ابتسم واغلق الباب من خلفه : كنت أريد الإتصال قبل أن آتي وخاصة لأعلم مواعيد عمو أمير وهل هو موجود أم لا ، واحدد معه موعدا لات له به ، ولكن ماما انزعجت من تفكيري الأجنبي على حد قولها ، واخبرتني أن ازوركم في أي وقت فأنت سترحبين بي حتى لو كنت نائمة .
خرجت إليه من المطبخ ثانية لتهتف باستنكار : أمك محقة طبعا أنت مرحب بك في اي وقت يا عمار ، عمك أمير خرج لعمله وسيعود ليلا ، سأخبره أنك أتيت لأجله ، أجلس يا ولد .
ابتسم واحتضنها بقوة : اشتقت إليك يا خالتي .
ابتسمت برقة لتهتف : وأين هي أمك ؟
هتف دون أن يتحرك فعليا من مكانه : تركتها تنتظر أن تنضج المقرمشات التي يفضلها عادل وستأتي بها بعد قليل .
__ حسنا فعلت ، لتفطر أنت وعادل بالمقرمشات والكعك ، تخيل لم يستيقظ إلى الآن ، فهو اليوم لديه اجازة أخيرا من المشفى ، وحينما يمكث هنا أتركه نائما إلى أن ينهض بمفرده فهو يتعب كثيرا في مناوباته الليلية .
ابتسم بحنو لتزعق به بحدة : هيا أذهب
شعر بالتوتر وهو ينظر من حوله لا يعلم إلى اين يذهب ، يشعر بالغربة في بيت تربى به وقضى سنوات عمره كله به ، ليخرج منه تائها .. مشتتا .. منفيا .. غريبا ، فلا يقو على التصرف بأريحيه كانت هي مسلكه قديما بين أروقة البيت ، انتبه من أفكاره على ابتسامه خالته وملامحه البشوش وهي تهتف به بحنو : عمار هل الخمس سنوات انسوك تفاصيل البيت ، رمش بعينيه ونظر إليها بتشتت يلم بروحه فتتابع بحنو وهي تجذبه من كفه – تعال يا ولد ،
أخرجته إلى الحديقة الصغيرة لتدفعه بحنو أن يجلس على احد الكراسي المتناثرة حول الطاولة وتهتف به : أجلس إلى أن اوقظ عادل واتصل بأمك لتأت إلى هنا على الفور .
أومأ برأسه إيجابا ليشرد بعينيه بعيدا فتقع على الأرجوحة المكونة من مقعد واحد مصنوع كنصف قفص كناري كبير بلون أسود قاتم ، ومنجد بوسادات زهرية اللون ، موضوع بجانبه طاولة تشبهه عليها الكثير من الاشياء ليدرك على الفور أن هذا الركن مكانها المفضل ، ليزدرد لعابه الجاف ونظره يقع على وشاح من الواضح أنه يخصها ملقى بإهمال فوق رأس الكرسي لتتيه عينيه وهو يتخيلها تتوشح به حينما تشعر ببرد الليل وهي تجلس بداخل المقعد لتسترخي أو تنهي عملها ، تنهد بقوة وهو يمنع نفسه بالقوة أن يذهب فيلتقطه ليشتم رائحتها بخيوطه المغلغلة ببعضها ، يبحث عن بقايا روحها داخل تلافيف قماشه المختلط بألوان مبهجة ، يلمسه فيشعر بوجودها من حوله بكامل كيانها ، ولكنه لم يفعل بل لم يخطو نحوه خطوة واحدة ، فهو تمسك بمقعد غربته الذي منحته له خالته بترحيب منها وترحاب لا يستحق أن يلقاه من أمها.
***




التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 20-08-20 الساعة 08:41 PM
سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-08-20, 06:49 PM   #107

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي



عبست ليلى بتعجب وهي تنظر إلى الفراش الفراغ من ولدها قبل أن تقرر البحث عنه فتتجه نحو غرفة ابنتها تطرق الباب قبل أن تدلف لتراها واقفة امامها ترتب غرفتها ولازالت بملابس النوم ، أزداد عبوسها لتهمس بجدية : الن تذهبي إلى العمل ؟
ابتسمت باتساع : لا يا ماما لدي بعض من الأعمال سأنجزها من البيت ، فانا اتفقت البارحة مع عز ونادر وآسيا أن نتسكع قليلا اليوم بمناسبة عودة عز الفجائية ، وسيوافينا عادل ليلا بإذن الله .
لتهتف والدتها بقلق : لماذا أين ذهب ، فانا لم أجده بغرفته؟
ابتسمت يمنى برقة : لا أعلم ولكن أعتقد أنه ذهب إلى الجامعة أو شيء من هذا القبيل ، أخبرني البارحة ولكني لم انتبه إلى حديثه جيدا .
هزت رأسها بتفهم : إذا لقد غادر دون أن يتناول فطوره ، لتتبع وهي ترمق ابنتها بتفحص - عجيب عدم الانتباه هذا يا موني ولكن لا يضر يا حبيبتي .
تمتمت ليلى وهي تغادر مسرعة وكأنها تذكرت شيئا : سأذهب لأتحقق من الفرن حتى لا تحترق الكعكات، بدلي ملابسك وأخرجي للحديقة ، فخالتك ستتناول الفطور معنا .
رفعت يمنى حاجبيها بدهشة وهي تراقب انصراف والدتها السريع ، لتكمل ما بداته وتتحرك إلى الخارج بعد أن ابدلت ملابسها ، تبتسم بسعادة وتهتف بمرح وهي تخرج إلى حديقة بيتهم : يا مرحبا بخالتي الجميلة
انطفأت ابتسامتها وهي تنظر إليه جالسا أمامها على أحد الكراسي الملتفة حول الطاولة الدائرية الموضوعة بركن حديقتهم لتسحب نفسا عميقا تسيطر به على اختلاجات روحها فتهتف بصوت خال من الشعور : مرحبا بك يا دكتور ، انرت بيتنا المتواضع . ألقتها بابتسامة باهته قبل أن تدور على عقبيها لتغادر المكان بأكمله.
ينظر إليها باندهاش وذهن كامل استولت عليه حينما طلت أمامه ، فهو لم يكن يعلم بوجودها ولم يكن يتوقع رؤيتها ، لتخطف قلبه بظهورها وتأسره في سجن صوتها ، فيتأملها بوله تحكم به وعقل غاب بتفاصيلها ، رغم خروجها بملابس عادية ولكن يكفي ارتدائها لها لتصبح مذهلة ، فحتى البنطلون الرياضي القطني يكون مختلفا عليها لونه الرمادي الفاتح يشع بريقا خاطفا ، بلوزتها الواسعة بلون العنب تومض ببريق يجذبه إليها دون أن يمتلك أن يردع اجتياحها ، انتفض ذهنه على مغادرتها ليلحق بها بسرعة يقبض على مرفقها ويجذبها إلى الداخل ثانية ليحتجزها بين باب الشرفة التي تطل عليها الحديقة وبين جسده أشار إليها بالصمت وهو يضع باطن كفه أمام فمها حينما همت بالصراخ عليه ، لتتسع عيناها بغضب حارق فهمهم بخفوت شارحا : عادل بالداخل ، خالتي أخبرتني بذلك قبل أن تذهب لتعد القهوة والفطور، لم آت لأجلك أتيت لأزوركم وأرى والدك فلم يتسن لي رؤيته بعد ، لم اتخيل أبدا أن القدر سيجمعنا سويا هنا .
ابتسمت بسخرية وهي تنظر إليه باستهزاء تجلي فوق قسماتها فتهمهم بفحيح بارد : نعم بنفس الحديقة التي هربت منها منذ خمس سنوات .
احتقن وجهه بقوة ليغمغم بصوت محشرج : لم أهرب يا يمنى لم أهرب .
ابتسمت هازئة : حقا ، ماذا فعلت إذًا ؟!
تمتم بجدية : لا أستطيع أن اشرح لك الآن ، فمن الممكن أن يدخل علينا أي من عائلتك أو أمي التي ستتبعني في المجيء ، زمت شفتيها بحنق ورفض يلتمع بعينيها ليتابع بجدية - لنتقابل خارجا وسأشرح لك كل شيء .
رفعت حاجبيها باستهجان لتلمع عينيها بغضب وصل لذروته فتهمهم بسخرية : حقا؟! هل تتوقع اني سأوافق أن اقابلك لتشرح لي سبب هروبك منذ خمس سنوات يا عمار ، سبب اختفائك دون أن تخبرني عن سفرك ، ابتعادك التام لمدة شهرين قبل أن أعلم بانك غادرت البلاد بأكملها دون أن تودعني ، أشارت إليه بسبابتها في وجهه - لم تخطو إلى البيت هنا منذ تلك الليلة القميئة التي تركتني بها الاقي الويلات بمفردي ، لقد غادرت ، جبنت وهربت واختفيت كما طُلب منك ، لم تأبه بمن تركتها خلفك ولو حتى باعتذار بسيط .
زاغت حدقيته ليرفع ذراعيه يحاوطها بهما وهو يهمهم : فقط اهدئي واستمعي إلي ، سأعتذر منك عن كل ما حدث .
نفضت ذراعيه من حولها لتهدر فيه بحدة وهي تدفعه بصدره في قوة لا تنقصها : أخرس لا أريد سماع صوتك ولا أطبق رؤية وجهك ، لا أريد اعتذارك ولا أريد حديثك ، أغرب عن وجهي ومن الأفضل لك أن لا تأت هنا ثانية أبدا .
حاول أن يمنعها من الهرب لتدفعه بقوة ثانية تزجره بخشونة وعيناها تومض برغبة حارقة في قتله إذ استطاعت لتهمهم وهي تلكزه في كتفه بغضب : لا تحاول أن تضع يدك علي مرة أخرى وإلا اقسم بالله العظيم أن أخبر أسعد وحينها لن يفكر مرتين قبل أن يمنحك عاهة مستديمة تنير وجهك الوسيم هذا الذي تتباهى به ، إذا لم يريح العالم من وجودك ويقتلك .
همهم باسمها ثانية في توسل ليستبقيها ، لتدفعه بعيدا عنها وهي تغادر بخطوات غاضبة وروح ثائرة وعيون دامعة .
احنى رأسه بخزي داهمه وعينيه تدمع بقهر تملكه قبل أن يخطو إلى خارج الحديقة يجر خطواته ، يشعر بأنفاسه مكتومة وقلبه يئن بوجع لم يعد يتحمله ليضغط سماعته الرقمية المتصلة بأذنه ويهتف باسم اخيه الذي أجابه فورا فيهمهم إليه : أنا أحتاجك .
***
عبس بانزعاج بعد أن انهى مكالمته مع اخيه ، لقد شعر بعمار على حافة الإنهيار فحاول تهدئته وطلب منه موافاته في المؤسسة ، يطبق فكيه محاولا التركيز ناسيا حال أخيه ، ومتناسيا تأخرها في الحضور اليوم ، محاولا عدم التفكير بها ، أو بم يحدث معها ، يريد نسيانها ، بل نسيان كل شيء يخصها ، حتى قلبه يريد التخلص منه لأنه يخفق لها ، عبس بضيق وهو يستمع الى همهمات اتية من غرفة أبيه والتي تحتلها هي مؤخرا ، فيرفع رأسه ليكتشف أن الباب بين الغرفتين مفتوحا ، زم شفتيه بحنق وهو يستنتج أن عمال النظافة قد نسوه مفتوحا بعدما قاموا بعملهم ، أو من الممكن انهم أعادوا فتحه كما كان حين وجود أبيه ، فمن وجهة نظرهم الغرفة لم تعد شاغره كما الفترة الماضية في ظل غياب أبيه ، هم بالنداء على حسناء لتغلق الباب ويخبرها أن تنبه العاملين المختصين بنظافة غرفته ألا يتركوا الباب مفتوح ثانية ، ليتراجع باخر حظة واذنه تلتقط نبرتها المرحة تتحدث سريعا مع احدهم ، اتسعت عيناه بغضب وهو يستمع إلى صوت غير مألوف على اذنيه فينتفض واقفا متجها بخطوات سريعة ليري ما الأمر ، فيقف بالباب الفاصل بين غرفتيهما ينقل بصره بين أحد الموظفين الشباب يقف بأول المكتب يحمل اشياء بيديه وهي تتحرك مبتعدة عنه في اتجاه مكتب ابيه ، تتحدث معه وهي تحرك كفها كعادتها حينما تكون منخرطة في أمر ما ومتحمسة له ، التصق بصره بها رغم عنه وهو يتأمل ما ترتديه من أول حذائها الخفيف بلونه الأبيض الناصع ، أرضي فلا يزيد طولها ، بل يجعلها كفتاة مراهقة هربت من مدرستها إلى عالم الكبار فجأة وخاصة مع بقية ملابسها الغير رسمية على الاطلاق ، عبس وهو لا يفهم ما ترتديه فقط يحدق ببنطلونها ذو القماش الخفيف بلونه الازرق الفاتح ، بساقين متسعتين مفتوحتين من الجانبين فيظهران ساقيها إلى ما بعد ركبتيها كلما تحركت اي حركة ، يعلوه قميص بناتي من نفس القماش الخفيف و بنفس اللون أيضا ، يحدد خصرها بحزام من نفس القماش فيجعل مظهره كثيفا قليلا عند بطنها ، بدون أكمام وضيق راسما مفاتنها بل يُهيأ الخيال ويتركه خصبا لما يخفيه من خلفه وخاصة مع فتحته المثلثية والتي تترك نحرها كله ظاهرا .. داعيا العيون المتعطشة للنظر ، بل عقدها اللؤلؤي بدرجاته الثلاث يجبر من لا يريد النظر على النظر إلى جسدها الظاهر بلونه البرونزي اللامع ، وكأن لا يكفي ذراعيها العاريتين ، خصلاتها الملومة في كعكة سفلية واقعة للخلف منحته مظهرا غير مباليا ، وكأنها استيقظت فلم يكن لديها وقتا لتمشيط شعرها فلملمته بطريقة عبثية أضفت عليها رونقا شهيا ، وتركت عنقها ظاهرا بشامتها التي تلألأت بلونها الأسود بين تدرجات عقدها فأرغمته على التحديق اطبق فكيه وضغط دمه يندفع لمعدلاته القصوى حينما توقفت عند مكتب أبيه من الأمام لتنحني قليلا لتلتقط شيء ما لم يتبينه ، ليرجف جفنيه وهو ينظر إلى جسدها الذي برز رغم عن قماش بنطلونها الواسع فيضغط كفيه محاولا السيطرة على غضبه ، قبل أن يدير رأسه بسرعة صاروخيه لينظر إلى الشاب المستمع على ما يبدو بالعرض الحصري الذي يُقدم له وابتسامته الجذلى تزين ثغره فيهتف بصوت خشن وغضبه يسيطر عليه : من أنت ؟ وماذا تفعل هنا ؟
اجفلت وهي تستمع إلى صوته فتستدير تنظر إليه فتشحب ملامحها وهي ترى الغضب بعينيه جليا ليهمهم الشب بتلعثم : أنا آسر محامي أعمل مع السيد عمر .
صاح بحدة : إذًا ما الذي أتى بك إلى هنا ؟ على حد علمي هذا ليس مكتب السيد عمر .
اجفل الشاب من طريقته الهجومية ليجيب بسرعة : السيد عمر أوصاني أن اجعل نور.. صمت وعينا عاصم تتسع بتحفز فيستكمل الشاب بسرعة بديهة – الآنسة نوران توقع على محضر اجتماع مجلس الإدارة الماضي .
رمقه مطولا قبل أن ينطق بجمود : أترك ما تريد أن توقع عليه الآنسة نوران وعد إلى عملك .
أومأ برأسه وهم بالتحرك نحو المكتب ليصيح عاصم بحنق : اتركه هنا .
أشار له على الطاولة الصغيرة المستديرة الموضوعة بمنتصف المكتب ليستجيب آسر على الفور قبل أن يهمهم بصوت خافت : بعد اذنكما .
اشار إليه عاصم برأسه فغادر مسرعا واغلق الباب خلفه ليلتفت اليها ببطء ناظرا نحوها بغضب فتناظره بتحدي وصمت أثارته وهي تنتظر ما سيهتف به ليهمهم بغضب : ماذا ترتدين ؟
نظرت إلى نفسها بجدية لتهتف بلا مبالاة : jumpsuit ، ضيق عينيه بعدم استيعاب لتكمل بضجر : سالوبيت .
رفع حاجبيه ليردد باستنكار : سالوبيت ، وانت آتيه إلى العمل أم إلى الحديقة بهذا السالوبيت ؟!
نظرت إلى نفسها بتقييم : لا ارى ما يمنع بأن اتي إلى العمل في لبس مريح يعجبني.
هتف بغضب : يعجبك ، إنه يعجب الأمة كلها ، وهل هناك ذكر على وجه الأرض لم يرك بهذا الرداء ولم يعجب بك ، وأنت ترتدين ما لا يمنح خيالهم أي فرصة ، ولماذا تمنحين لهم فرصة وأنت ترينهم ما يتطلعون إليه مجسدا .
تأملته ببرود وهي تتحكم في غضبها بسيطرة قبل أن تهمس بهدوء وهي تتحرك لتجلس من خلف مكتبها : اسمع يا عاصم ، لست في مزاج جيد للشجار معك ، وحقا لا أعلم السبب الحقيقي وراء شجارك معي ، لان ملابسي لا تبدو لي سيئة لأجل ما تفعله انت الآن ، أنا مقتنعة بم أرتدي وخاصة أني لم أرى ما تلمح له من نظرات الرجال وهذا الحديث الغير مجدي بالنسبة لي .
بهت من برودها ليطبق فكيه قبل أن يهمهم بحدة : بالطبع لا ترين ، انت عمياء القلب والنظر أيضا ، وكيف سترين نظرات الآخرين حينما لا تهتمين بم يحدث من حولك ؟
تحرك إلى الداخل ليطبق على مرفقها وينتزعها من كرسيها وهو يهتف من بين أسنانه : وليس أنا من يتفوه بحديث غير مجدي يا نوران ، فاذهبي إلى البيت ولا تعودي ثانية بهذه الملابس الفاضحة .
زمت شفتيها وهي تحاول أن تملص مرفقها منه لتصيح بحدة دفعها اليها دفعا : اتركني ، فانا لن اغادر لأن ملابسي ليست فاضحة ،
همهم وهو يضغط بجم غضبه على مرفقها : أنت وملابسك فضحية متحركة على ساقين ، تتحركين غير عابئة باي شيء اخر سواك ، تديرين ظهرك لشاب في مقتبل عمره وتنحني امامه تمنحيه عرض مجاني دون اي إهتمام بم سيؤول إليه عقله وتفسيره وكل شيء يستنتجه من حركاتك ، وخاصة مع تعاملك بأريحية معه .
رجف جفنيها لتهتف وهي تطلع إليه بغضب تملك منها : أنت تظلمه ، إنه محترم ولن ينظر إلي أبدا .
ليجابهها بنفس الغضب : حتى إن كان محترم فهو ليس بقديس حتى لا يستجيب إلى اغوائك .
هتفت به ونبرة امرة تحتل صوتها : أخرس يا عاصم والتزم بحدود الأدب معي ، أنا ابنة عمك و لست فتاة رخيصة لأفعل ما تتفوه به الآن ، ولم أكن أبدا هكذا ، أنت من يمتلك عقل ملتوي وظن سيء بكل من حولك ، ولماذا تظن انه نظر لي ، هل فعلت أنت ولذا تظنه فعل مثلك ؟
جمدت ملامحه ليتوقف عن الضغط على مرفقها لتتسع عيناها بادراك فترتجف أمامه كورقة شجر انتزعتها رياح عاتية من غصن شجرتها النضر ، لتلمع حدقتيها بتساؤل أشاح بعينيه بعيدا عنها حتى لا يجيبه ليهمهم بجدية : إذا أردت العمل هنا التزمي بم هو مطلوب منك وبأوامري يا نوران ، ملابسك هذه لا تليق بموقعك كمديرة لإدارة المشروعات ، لا يجب عليك أن ترتدي ما يجذب النظر إليك ، حتما سيتشتت الرجال من يعملون تحت امرتك بطقم مفتوح كهذا الذي ترتدي الآن ، التزمي بملابس عملية رسمية لتضمني البقاء هنا ، وهذا أخر حديث سأوجه لك في هذا الامر ، إذا خالفته لن اصوت على بقائك في الاجتماع القادم وانت تعلمين ان عملك هنا من عدمه أنا الأمر الناهي فيه .
همت بالحديث ليصدح صوت عمار مناديا على أخيه ليقف بالباب الفاصل بين الغرفتين وهو يهتف : عاصم أين أنت ؟
رفع عمار حاجبيه وهو ينظر إلى وقفة اخيه القريبة جدا من ابنة عمه ، كف عاصم القابض على مرفق نوران وتحفز جسديهما الإثنين وكأنهما كانا يتشاجران ليهتف بمرح حاول افتعاله : هل اقاطع شيء ما ؟
فك أصابعه من على مرفقها أخيرا لتتأوه بخفوت شديد وكأنها لا تريده أن يستمع إلى ضعفها ، ليلقي نظرة بسرعة على مرفقها فيشعر بألم ينغز قلبه وهو يرى مكانه أصابعه محفور فوق ذراعها لتبتسم وهي تتحاشى النظر إليه ، تأتي بسترة بيضاء قطنيه بأكمام كانت ملقاه بجوار حقيبتها التي تماثلها اللون ، ترتديها فوق ملابسها فتخفي ذراعيها بهما وهي تتخطاه لتدور حول المكتب من الإتجاه الأخر ترحب بأخيه : تفضل يا عمار .
هتف عمار بعفوية : واو يا نور ، رائع مظهرك هكذا ، ليس عملي وليس رسمي ، يقع بالمنتصف فيجعل من ينظر إليك حائرا .
رفعت حاجبها بثقة لترفع نظرها إليه بتحدي قبل ان تهمس : اشكرك على المجاملة .
صافحها ليقبل وجنتها بأخوية : لا اجاملك ، وأنت تعلمين ، أنت مشرقة دوما .
ابتسمت لتهتف بمرح : أنت راقي لذا ترى كل شيء من حولك راقي مثلك .
هم بالحديث ليقاطعه صوت عاصم المكتوم : حينما تنتهيان من حديث الرقي وأحدث صيحات الموضة ، يا عمار بك ، مر على مكتبي ستجدني بانتظارك .
رفع عمار حاجبيه بتعجب ليلتقط غضب أخيه المكتوم ليهمهم بجدية : سأتبعك على الفور .
تمتمت نوران بجدية : أجلس واحتسي معي القهوة .
ابتسم عمار ليربت على راحتها التي لازالت بكفه : سامر عليك قبل أن انصرف ، ولنذهب سويا إلى عمر ايضا .
__ حسنا ، بينما تنتهي من زيارتك لعاصم يكون عاد عمر من الخارج ولنذهب إليه سويا .
غادرها لتتبعه فتغلق الباب بين مكتبيهما ، تتنهد بقوة وهي تسمح لتأوهها أن يخرج من بين شفتيها وخاصة حينما تدلف إلى دورة المياه وخلعت سترتها لتتسع عيناها بارتياع وهي ترى موضع اصابعه الذي تحول إلى اللون الازرق الداكن !!
***
جلس أمام اخيه يناظره بتفحص ليزم عاصم شفتيه وينطق بحدة : ها قد أتيت أخبرني هل أهدرت ابنة الخالة كرامتك فركضت لي لاقف بجوارك كالعادة ؟
رفع عمار حاجبيه ليبتسم بسخرية ويهمس بجدية بعد اغن اسبل جفنيه : أتعلم يا عاصم منذ أن رأيتك وأنت بجوار نوران وانا أفكر كيف انبهك أن ما تفعله معها خطأ كبير ، كنت أحاول أن اجد طريقة لألمح لك دون أن أظهر كمن يعرف ما جرى بينكما ولكن بم أنك اتخذت طريقة هجومية ظنا منك انك ستبعد تفكيري عن الأمر سأستخدم أنا الأخر نفس طريقتك ، واهاجمك ،ومضت عينا عاصم بكبر فابتسم عمار بهدوء ليكمل بجدية - نعم أنت الأكبر فيما بيننا ، نعم أنت عامود العائلة ولكن هذا لا يمنحك الحق أن تسيء لإحدى بناتها .
هم عاصم بالرد ليشير إليه عمار بكفه ويستطرد : انتظر قبل أن تهتف بي ، فأنا المخطئ على الدوام ، أنا أعترف بذلك ولا أنكره ، منذ صغرنا كنت العاقل وأنا الطائش .. كنت أنت الرزين وأنا المتهور .. كنت انت الهادئ وأنا العابث ، ولأني كنت أخطأ كثيرا كنت اعاقب كثيرا .. واعتذر كثيرا ايضا ، ولكن انت اخطاءك كانت قليلة ولذا لم تعتاد التوبيخ .. اللوم ..الاعتذار .
شرد عمار بنظره ليكمل بهدوء : اتذكر مرة ونحن صغار ضايقتني ابنة عمك بدلالها فانفعلت كعادتي لأشد خصلة شعرها بقوة ، حينها انهارت نوران في البكاء وانت تشاجرت معي لأجلها ، ليأتي أبيك على أصواتنا وحينما أخبرته نوران أني جذبتها من شعرها اربد وجهه بغضب لم أرى له مثيل ، فبابا لم يكن بالأب الغضوب ولكن يومها زجرني بشده وعاتبني بعنف بل وصل الأمر به لإجباري على المكوث في غرفتي لمدة طويلة وحيدا دونكم يومها شعرت بكراهية نحو نوران لدرجة أني قررت أن اقتلها واتخلص منها ، ليأتي ابيك بعد أن أنصرف الجميع ليلا وقبل أن أخلد إلى النوم فجلس بجواري ربت على كتفي وهمس لي أن لا اغضب همس لي أنه يريدني رجلا والرجل الحق لا يضرب النساء ولا يسيء لهم ،
ابتسم عمار بحنين ليهمهم بصوت اجش : لن أنسى جملته قط والتي اختتم حديثه بها معي " النساء يا عمار لا تمد يدك لها إلا بباقة ورد ، لا تجذبها اليك الا لتضمها مهدئا ومطمئنا .. لا تقترب منها إلا حينما ترى قبول بعينيها ، وإياك أبدا أن تسيء لهن سواء لفظيا أو جسديا فهن لا يسامحن الإساءة بسهولة ، كن رجلا جيدا يراعي نساءه لا يتجبر عليهن "
رفع نظره لأخيه : ظننتك تطبق تعاليم أبيك كما تفعل دوما وأنا أراك منذ صغرنا تحنو على الجميع تراعي بنات عمومتنا اكثر من اشقائهن الذكور تدللهن وتأسرهن بحنانك ، لم أتخيل قط أن تتجبر على نوران يا عاصم وأنت تعلم أنها لن تشكوك لأبيها رغم أنها لو فعلت سينقلب عمك الحبيب لمارد جبار حُرر من قمقمه ، فانت تعلم غلاة نوران ليس عنده فقط بل عند ابيك ايضا والذي لن يغفر لك غلطة كهذه أبدا وأنت الكبير يا كبير ،
أشاح عاصم برأسه بعيدا مؤثرا الصمت ليتابع عمار بمكر : هل توقعت مني الصمت يا عاصم وأني لن اتحدث معك بخصوص نوران ؟! أينعم أنا الصغير هنا ولكن هذا لا يمنعني أن ات بحق ابنة عمي منك ولولا أنها أخفت فعلتك عني لكنت أخبرت بابا بنفسي ولكن هي اختارت أن تخفي كدمتك الزرقاء والتي ستترك بالتأكيد أثرا سيمتد ليومين أو ثلاث ، وعليه أنا أيضا سأختار الصمت وعدم الرؤية ، ففي الأخير أنا ارد لك الجميل الذي فعلته معي في الماضي .
غمغم عاصم بجدية : لم أفعل شيئا .
ابتسم عمار بألم : بل فعلت ، وأنا أقدر لك ما فعلته وما تفعله إلى الآن معي .
زفر عاصم بقوة : أنت شقيقي يا عمار ، أخي الوحيد سندي وعزوتي ، مهما فعلت ستجدني بجوارك وفي ظهرك .
ابتسم عمار : وأنا الأخر سأكون بجوارك وفي ظهرك على الدوام ، ولكن لا ضير أن انبهك حينما تخطئ كما تفعل أنت معي ، اتبع بنصح – لا تدع غيرتك تعميك يا عاصم فتتصرف بطريقة ليست لك .
نهض واقفا : أقترب من نوران يا عاصم وقربها منك ، وانسى ما حدث بالماضي لتقو على الحياة في الغد .
رفع عاصم نظره إليه ليسأله : إلى أين ؟
تنهد عمار بقوة : سأعود إلى البيت ، ماما هاتفتني تخبرني بأن خالتي انزعجت لأنها حينما عادت لي لم تجدني ، فأخبرتها أني مررت عليك لأمر هام وسأعود لهما ثانية .
تأمله عاصم بتساؤل : لا أريد البوح الآن ، فقط أنا أعلم منذ أن عدت بكم خطأي وذلتي وأحاول أن اجد طريقا لأكفر عن سيئاتي ، فقط احتاج فرصة واحدة لم تظهر بعد .
ابتسم عاصم داعما : ستجد الفرصة أنا واثق من ذلك ، ولكن حذار ان تقع بذلة جديدة حتى لا تكن العواقب غير سليمة .
سحب عمار نفسا عميقا ليهمس بخفوت : ساترك الأمر ليسير بمفرده وسأراقب من بعيد ، فهي لا تمنحني فرصة الإقتراب .
__ ولن تفعل يا عمار ، فلا تراهن أن تمنحك شيء ليس من حقك .
غمغم بشرود : أعلم أنه ليس من حقي ، اتبع بسرعة – سأذهب .
هتف قبل أن يغادر فعليا : لا تنس الاعتذار واجب في حالتك .
راقب انصراف اخيه ليعود ببصره إلى الباب المغلق من جديد فيزم شفتيه بضيق قبل أن يخفض رأسه ناظرا لما بين يديه مدعيا الهدوء والتفكير .
***




التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 20-08-20 الساعة 08:36 PM
سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-08-20, 06:52 PM   #108

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي


يدور بأروقة المشفى يطمئن من التحضيرات اللازمة لنقل المرضى المنتظر وصولهم ، يتأكد من سلامة كل شيء بنفسه ، فالتوتر الذي يخيم على الجميع يستطيع هو تطويقه بالتفكير في اشياء كثيرة أخرى فيبعده عن نفسه .
عبس بتعجب وهو يستمع إلى جلبة ما فيتحرك نحوها لينتبه إلى امرأة صغيرة تحمل بين ذراعيها طفلا وتهتف بخشونة : كيف لا تستطيعون إستقبال المرضى ، لماذا هل هي مشفى أم منفذ لبيع الخبز ؟
هم أحد العاملين ليرد عليها ليقاطعه هو بصوت رخيم : ماذا يحدث ؟
هتفت بصراخ : الولد مريض وهذا الشخص لا يريد أن يستقبله في الطوارئ .
عبس وهو يلتفت ليقع بصره عليها ، مصدر الصوت الحاد الذي داهم سمعه على حين غرة ، رمقها بنظرة سريعة متفحصة ليرفع حاجبيه من قصر قامتها رغم أن ملامح وجهها تشي بأنثى في أوائل الخمسين من عمرها
قابلها بملامح هادئة ليرد برزانة : افندم ، اؤمري حضرتك .
زمت شفتيها بضيق بدى على محياها الجميل فأضاف طفولة بدلت جدية ملامحها إلى شقاوة لم تقصدها ليتأملها بتدقيق هذه المرة من ذقنها الدقيق شبيه بذقن الأطفال أنفها الصغير الجميل وجنتيها المسطحتين ما عدا التكور الطفيف الواقع تحت عينيها والتي ليست واسعة فتبهرك بحسنها وليست ضيقة فلا تجذبك لها بل هما مرسومتان بسحبة طفيفة تحوي غموض آسر في عمق حدقتيها العسليتين بشرارات خضراء ناعمة كحشيش الأرض النضر
صاحت بحدة جذبته عنوه من تأمله لها : لا أفهم النظام هنا ، أهي مشفى حقا أم وكالة لا صاحب لها؟.
عقد حاجبيه بغضب ليتمسك بهدوئه المعتاد : فقط اهدئي ، وأخبريني عم حدث ؟
اشاحت بكفها في وجهه فيتعجب من صغر حجمه واصابعها الرفيعة الصغيرة ككل شيء فيها وكأنها طفلة تتخفى في رداء النساء لتزعق بحدة فتصيبه بصداع فوري بسبب نبرة صوتها الرفيعة : ما حدث أني أتيت بطفل صغير في حالة مستعجلة ولكنهم تعاملوا معنا بطريقة غير مهنية على الإطلاق ، بل أخبروني أنهم لا يستطيعون استقباله بطوارئكم دون سبب .
سحب نفسا عميقا ليتمسك بثباته الذي أوشك على الانفلات : المعذرة يا هانم ، تفضلي .
أشار إليها ليقترب منها يريد أن يحمل الطفل من بين ذراعيها ليهمهم العامل بجانبه : ولكن يا دكتور .
رمقه بنظرة غيظ ليهتف به : هات بسرير حالا وأدخل الحالة إلى غرفة الكشف المستعجل في الطابق الأول ، دون أن تثير جلبة في الطوارئ ،
توتر العامل ليصيح هو بمهنية : هيا ، تحرك .
التفت إليها لينتبه إلى لمعة عينيها فيضيف بلباقة : اتبعيني يا هانم .
استجابت إليه على الفور لتتبعه بخطوات متلاحقة وخاصة بعدما وضع الطفل فوق السرير الذي دفعه ليتجها نحو المصعد فتستقله إلى جانبه ليهمهم هو بخفوت الى العامل : استدعي لي أحد اطباء الاطفال بسرعة .
عضت شفتها تمنع نفسها من سؤاله لتهمهم إلى الممرضة التي رافقتهم بناء على اوامره : إذًا هو ليس بطبيب ؟
رفعت الممرضة حاجبها لتهمهم بخفوت شديد : إنه الدكتور أحمد الجمّال ، طبيب جراح مخ واعصاب ومن ملاك المشفى أيضا .
اتسعت عيناها بإعجاب لحظي وهي تتأمل ظهره .. وقفته المستقيمة .. رأسه المرفوع بشموخ ، ملامحه الجذابة رغم سنوات عمره التي تفوقها ، تبتسم وهي تستعيد هدوءه في التعامل معها ولباقته لتهمهم : من الواضح أنه محترم جدا .
ابتسمت الممرضة لتهمس بإعجاب : أنه سليل عائلة الجمّال .
لمع الإدراك بعينيها لتهمهم بخفوت : سليل القصور ، لذا يتصرف بطريقة اندثرت مع الزمن .
زفرت بقوة ليتوقف المصعد فيغادروه جميعا لتتسع عيناها بانبهار حينما هتف بالطبيب الذي وجدته ينتظرهم والذي من الواضح أنه طبيب الاطفال اذ أمره سليل القصور بجدية : أنظر ماذا الم به وطمأنني عليه شخصيا حينما تنتهي .
__ أمرك يا دكتور ، أجاب الطبيب الصغير ليلتفت اليها يحيها برأسه - : إذا أردت شيء يا هانم ، مكتبي بالدور الثالث يمينا ، اسألي عن أحمد الجمال فقط وسيدلونك .
رمشت بعينيها وتوردت تلقائيا لتهتف بحبور : شكرا جزيلا لك يا دكتور ، يكفي اهتمامك .
حياها برأسه مرة اخرى وهو يبتعد : لا شكر على واجب ، بعد إذنك .
تأملته يغادر لتبتسم والمصعد يغلق بينهما لتنتبه الى صوت الممرضة التي هتفت بها : من فضلك يا سيدتي ، أريدك أن تملأي استمارة البيانات حتى نسجل دخول الحالة إلى الطوارئ .
استجابت إلى الممرضة لتتحرك نحو الغرفة وتقم بم تريد الأخرى ليسألها الطبيب وهو يفحص الحالة : اسم حضرتك .
اجابت بهدوء : لمياء .
اضاف وهو يكمل فحصه : ماذا تقربين للولد ؟!
تمتمت بخفوت : إنه ابن جارتي ولكنه كان لدي واكتشفت أن جسده دافئ حاولت أن امنحه بعضا من دواء خافض للحرارة ولكنه تصلب فجأة وغشي عليه .
تنهد بقوة ليهتف : هل تعلمين اسم الدواء ؟! اجابت على الفور بالاسم ليتبع الطبيب بجدية - اعتقد أن لديه حساسية من الدواء .
هتف بالممرضة : ات لي بطبيب متخصص على الفور .
شحبت ملامحها ليهتف الطبيب بجدية : هلا اتصلت بأحد من أهله ؟ الأمر ضروري جدا ، فالحالة تعد إهمال من الممكن أن تتحول لإهمال عن عمد .
اتسعت عيناها بهلع لتهتف : ماذا تقصد ؟!
هتف الطبيب بعملية : أرجوك أنتظري بالخارج ولا تغادري المشفى إلى أن يحل الأمر .
ازدردت لعابها بجفاف لتستجيب إلى أمر الطبيب وهي تهاتف والدة الفتى لتجلس فوق أحد المقاعد الشاغرة تنتظر بصبر ما سيؤول إليه الوضع !!
***
وقف بباب جناح الطوارئ ليهتف بإحدى العاملات : ادعي لي دكتور عادل الخيال من الداخل .
تحركت الفتاة بطواعية ليقف هو بصبر منتظرا ليرمقها بنظرات ثاقبة وهي تقترب من الداخل تبتسم له بإغواء تعمدته فيبتسم بمكر وهو يسبل اهدابه لينتبه إلى وقوفها أمامه تهمهم بدلال : انا غاضبة منك .
__ يا خبر ، رد بتفكه وهو يرمقها بنظرات وامضة ليتبع باستخفاف – لماذا ؟
عضت شفتها المنحنية بإغراء طبيعي لتهمس : أنت واعدتني وخالفت وعدك معي .
مط شفته بتأثر افتعله : اوبس ، لقد نسيت للأسف ، كان لدي تجمع عائلي هام علي حضوره .
همت بأن تسأله لتؤثر الصمت لتغمغم بإغراء : واليوم ؟
ابتسم بمكر : لماذا هل أنت متفرغة الليلة أيضا ؟
اقتربت منه اكثر : لأجلك أتفرغ .
ومضت عيناه بزرقة قاتمة ليهمس : هل تتوقعين أن ترحلوا اليوم مبكرا مع حالة الطوارئ التي تغيم على المشفى بأكملها ؟
افتعلت عدم الإهتمام لتهمهم : اعتقد أن الوضع ليس هاما ، هم فقط يبالغون .
رفع حاجبيه ليمط شفتيه بعدم معرفة لتساله : هل تعلم ما الأمر ، وما الحادث الذي يجعلهم يوتروننا هكذا ؟!
ابتسم بخبث شديد ليهمس : اعتقد انه حادث قطار ، أو مكان هام احترق ، شيء من هذا القبيل .
هزت رأسها بتفهم لتغمغم بمراوغة : اعتقدت أنه أمر يخص المواقع الإستراتيجية التي تخص ، صمتت لتنظر من حولها وتتبع بخفوت شديد وهي تقترب منه – الجيش .
اتسعت عيناه باهتمام ليهمس : حقا ؟! سألها ليتابع بعدم تصديق – ما الذي دفعك للتفكير هكذا ؟
بللت شفتيها أمام ناظريه لتهمهم : سمعت أحد الاطباء اللذين غادروا يخبر زميله بانهم ذاهبون لصحراء سيناء .
ابتسم وعيناه لا تعكس ما يعتمل بداخله ليهتف بعفوية : كل شيء ممكن .
تنهدت لتغمغم بإحباط : إذًا أنت لا تعلم شيئا .
اتسعت ابتسامته ليهتف : وكيف لي أن أعرف ، أنا لست بطبيب حتى .
لامست كتفه برقى لتهتف به : أنت أفضل من الجميع .
انتشى بغرور ذكوري اجاده لتساله : إذًا ستات اليوم ؟
أجابها وهو ينظر إليها بوله افتعله بطبيعية تامة : إذا غادرت مبكرا سنذهب سويا .
تمتمت : موافقة .
هم بالرد عليها ليصدح صوتها الزاعق : ممكن أن أمُر بعد اذنكما .
التفتت إليها تنظر إليها من طرف عينها لتهتف بجدية : حسنا يا دكتور عبد الرحمن ، سعيدة بالحديث معك .
ابتسم بود : أنا الأسعد يا دكتورة مروة .
تحركت مبتعدة لتهم رقية بأن تخطو إلى الداخل ليهتف بها وهو يقطع طريقها : الن تمنحيني حتى تحية الإسلام يا آنسة رقية ، أم أنا اعد من الغرباء فلا استحقها أيضا .
لم ترفع نظرها إليه ، بل تهربت من رؤيته بإصرار اوجعه لتهتف بجدية وصوت عملي : السلام عليكم .
ابتسم بألم ليجيبها بهدوء : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
تمتمت بحدة : هلا تركتني امر ؟
تحرك جانبا ليهتف : بالطبع تفضلي .
دلفت من أمامه لتبتسم بوجه عادل في رقة اغضبته : صباح الخير يا عادل ، كيف حالك ؟!
ابتسم عادل بمرح كعادته : صباح الورد والياسمين يا ذات العيون السوداء الجذابة ، أنا بخير كيف حالك أنت ؟
تمتمت بهدوء : الحمد لله ، أتيت لتوقع لي – من فضلك - على رئاستك للطوارئ اليوم .
__ بكل سرور من عيوني الاثنتين ، إذا أردت سأمنحهما لك بطواعية .
ضحكت رغم عنها فأشعلته ولكن لم يظهر عليه سوى من حدقتيه اللتين زادتا قتامة لتلتقط الجهاز اللوحي من بين كفي عادل بعد أن منحها توقيعه لتشكره برقة وتهم بالأنصراف ليهمهم هو بجانب اذنها : أراك تتحدثين وتضحكين مع الغرباء يا روكا، القاها بنفس طريقة عادل ليتابع بقسوة صدحت بصوته – أم أن عادل ليس غريبا .
تمتمت بنقمة : لا يا خواجة ، عادل ليس بغريب .
القتها بأريحية قصدتها وهي تمر من أمامه ليطبق فكيه بقوة وعيناه تستحيل إلى اللون الأسود فالأزرق فيهما احترق من شدة غضبه الذي كاد أن يفتك به ، انتبه إلى عادل الذي وقف امامه ليساله بهمس : هل هناك اخبار ؟
رفع عينيه لعادل ليهمس بخفوت : نعم ، اتبع بسلاسة – أخرج من لا تثق بهم من الأطباء من الطوارئ ، وأخفى هويات من سيأتون على قدر المستطاع ، استعين بالأمن واجعل الجناح اشبه بعنبر للخطيرين إذا احتجت ، لابد أن نضمن سرية الهوية ممن سيصلون يا عادل .
هز عادل رأسه بتفهم ليهمهم عبد الرحمن بجدية : وتخلص منها قبل اي ترتيبات ستحدث أو أي اجراءات ستتخذها ، وجودها خطر على الجميع .
أومأ عادل برأسه : لا تقلق .
هم بالأنصراف ليتوقف ويهمس له بجدية : هل هناك أخبار عن أسعد ؟
اختلجت عضلة صدغ عادل ليهتف بهدوء : لا .
ابتسم عبد الرحمن يحاول طمأنته قبل أن يهمهم : سيكون بخير .
رجف جفن عادل ليهتف بمرح : أنا أعلم ، هيا أذهب وتلق الطرد لإشغاله بعد ربع ساعة كاملة .
ابتسم عبد الرحمن رغم عنه : سأفعل لا تقلق .
***
تنهدت بقوة وهي تفحص الحالة الثالثة على التوالي منذ أن وصلت تبتسم بطبيعية في وجوههم وتهمس لهم برقة ، لتشير بعينيها لثالث مرة على التوالي إلى من يرافقها فيمأ بتفهم وهو يستلم الحالة من بعدها ليهتف إليه : حالا سيتم نقلك إلى المشفى ، لا تقلق
تبتسم هي الأخرى برقة في وجه الشاب الأسمر لتهتف : لا تقلق إصابتك ليست خطيرة .
دمعت عيناها رغما عنها وهي تشعر بحلقها يغلق لتتحرك مبتعدة تنظر إلى الجميع من حولها تبحث بعينيها عنه في إصرار لتزفر براحة حينما لم تره لتهمهم بالحمد والشكر لله ، فغيابه عن مكان الحالات الحرجة بانه نجى فرغم أن المكان بأكمله شكله لا يبشر بالخير والا لم يتوفى احد به ، حتى حالات الإصابة الخطيرة تتعد على اصابع اليدين ، انتبهت لزميلها يحدثها بهدوء : جميعهم سينقلون ، لقد بدلت الضمادات فقط وسنبعث الآن لننقلهم في الطائرات ، تولي انت الإصابات الأخرى لأني سأشرف على نقلهم .
أومأت بتفهم وهي تتحرك للمكان الأخر لتهتف بها زميلتها : جنى هنا .
انخرطت في عملها تعالج هذا وتفحص ذاك ، تخيط الجروح ، وتعالج الكدمات ، لتصل إلى شاب وسيم مستلقي أرضا تخثرت الدماء على رأسه وذراعه متعب لامسته بلطف ليكتم تأوهه فتهمس إليه : من الواضح انه مكسور ، حالا سآتي بطبيب عظام ليرد كتفك واخيط جرح راسك .
ابتسم بتفكه في وجهها : هل مت وذهبت إلى الجنة ؟!
ابتسمت رغم عنها لتهمهم : بل انت حي ترزق والحمد لله ، اصابتك بسيطة ، مجرد غرز بسيطة لن تترك أثرا بوجهك وكتفك سيعالج بعلاقة كتف فقط ، حتى لن نجبره لك .
ابتسم برقه ليهمهم بعبث : ارجوك اعتني بوجهي فهو الشيء الوحيد الذي أمتلكه ذا قيمة ، فالفتيات يعجبن به .
ابتسمت واثرت الصمت ليتابع : ما رأيك انت ؟
تابعت عملها وهي تقف بجواره تنظف جرح رأسه : فيم ؟
ابتسم بتسلية : في وجهي الوسيم ألا اصلح نجم بالسينما .
ضحكت برقة : والمسرح ايضا .
كتم تأوهه حينما بدأت في خياطة جرحه : ساترك الجيش واذهب للتمثيل بناء على رأيك .
انهت الخياطة بمهارة لتهتف إليه : حمد لله على سلامتك .
ابتسم وحاول أن ينهض لتضيق عينها وهو يجيب بإنهاك : سلمك الله .
امرته بصرامة وهي تضع كفها كاملا على جبهته : استلق ثانية .
غمغم بعبث وهو يحاول أن لا يستمع إليها : هل اعجبتك ؟
مشطت جسده بكفيها لتتسع عيناها بهلع وهي تلامس انتفاخ بسيط ببطنه فتزيح سترته لتهتف بالممرضين الواقفين من حولها : هل وصلت سيارة الإسعاف المجهزة؟
هتف بتبرم : أنا بخير ، اخرجت كشافها الطبي الصغير تنظر إلى بؤبؤ عينيه وتساله بهدوء - ما أسمك ؟
غمغم بتسلية : لن أخبرك إلا حينما تخبريني أنت ، نظرت إليه بصرامة لتغمغم امرة مرة ثانية - ما اسمك ؟
تمتم : ياسين ، لم يلحظ أنها تعد على اصابعها ليغشى عليه وهي ترفع إصبعها الرابع فتشير إليهما : انقلاه إلى السيارة ، أخبر طبيب العظام أن يتبعني وطبيب التخدير واحد اطباء الباطنة اني احتاجهم حالا، الحالة لا تحتاج لأن تنقل إلى هناك ، سنعالجها هنا ، اتبعت وهي تنهض واقفة - سأستعد ، هيا على الفور .
***
نهت بعنف ليهمهم الأخر بإنهاك وهو يحاول الجلوس أرضا : توقف يا أسعد ، اتركني واذهب لتات بالمساعدة .
حمله أسعد من خصره ليجبره على الوقوف ثانية فيسنده بجسده : لن افعل ، هيا لنعد الى الموقع فأمامنا نصف ساعة أخرى نسيرها سويا.
ازدرد لعابه ليغمغم : حسنا اتركني ، لم يتبق الكثير اذهب وات بأحدهم ، وانت بمفردك ستذهب وتأت اسرع ، لقد انهكتك وانت تحملني .
صاح أسعد بضيق وهو يسير به ويدفعه ليجاوره : لا شان لك بي ، لن اتركك هنا مهما حدث ، لا نعلم هل سيعاودون الكرة أم لا ، لن اغامر بك .
ترنح جسديهما بسبب بعض من الحصى ليتمتم أسعد بجدية : سنعود يا فادي سويا ، سأعود بك إلى زوجتك واطفالك ، سأحملك على كتفي إلى الخالة مارلين حتى وإن سرت بك إلى الأسكندرية نفسها .
ابتسم فادي بإنهاك : حسنا اتركني اجلس قليلا والتقط انت انفاسك .
سانده إلى أن جلسا أرضا ، ليغمغم فادي بصوت ابح : اشعر بالعطش ، حلقي جاف ووعيي افقده تدريجيا ، اتبع بصوت خافت - اتركني وعد يا أسعد ، سأنهكك دون فائدة ، يكفي أني السبب في ابتعادك عن البقية .
جلس أسعد أمامه ليسأله بصرامة : هل لو كنت أنا المصاب كنت ستتركني يا فادي؟
رد فادي بعفوية : أبدا ، ابتسم أسعد بمحبة - حسنا هيا يا أبا يوسف لنعد بك إلى زوجتك وعائلتك .
تنفس فادي بصعوبة ليجلس أسعد أمامه يوليه ظهره فيهتف بجدية : تعلق برقبتي يا فادي ، سنعود سويا فقط ابق معي ، تحدث إلي ، ثرثر لي عن ديانا ويوسف ، أخبرني ما اخر مصائبهم التي دفعت دينا للصراخ في اذنيك بسببهما ، شعر بفادي يضحك بتعب شديد لينهض واقفا وهو يحمله فوق ظهره ويتبع بصوت مكتوم - هيا قص لي ماذا فعل جو هذه المرة .
تحرك به ينظر إلى موقعهم وينظر الى الصحراء من امامه ، هذه الصحراء التي يحفظها كراحة يده فيحدد وجهتهما ويتحرك بخطوات حازمة يعلم جيدا أنه لم يتبق الكثير إلى صديقه وهو يريد انقاذ حياته بإصرار وثقة ويقين بالله .
***
توقف رجلا كبير في السن ذو رتبة ضخمة ، أمام ضابط بضمادة رأس بسيطة ليساله بجدية : هل هناك أحدا مختفي أو مصاب لم تبلغنا عنه ؟
ازدرد الشاب لعابه ليغمغم بقنوط : القائد وأكبر الضباط ويعد مساعد القائد ومن ينوب عنه في حالة اختفاءه يا فندم ، لم يظهرا إلى الآن ، اتبع بغمغمه ثقيلة على قلبه – أخشى أن نكون فقدناهما .
نظر إليه الضابط كبير السن : سنرسل اخبارية للقوات الجوية لتحوم الطوافات حول المنطقة وتمشطها لعلهما يكونا مصابان ولا يقدران على الرجوع بمفردهما .
اشار إليه برأسه فأدى الضابط الصغير التحية ليهتف به الأكبر سنا : لملم الصفوف و ابدأ في لملمة كل شيء فمع الغروب سيكون الموقع فارغ تماما ، اتبع بخفوت - بل مع الغروب لن نترك أثرا واحدا يدل أننا كنا هنا .
التفت إليها بابتسامة عملية : كيف الحال يا دكتورة ؟
تنفست بصبر : بخير والحمد لله ، تم إسعاف المصابين كلهم ، وتم نقل الحالات الخطرة إلى المشفى ، هناك عملية واحدة اجريتها هنا لأحد الضباط والحمد لله تمت بنجاح وتم نقله إلى المشفى ليتابعوا حالته ، صمتت قليلا تريد سؤاله عن هوية القائد ومساعده لتؤثر الصمت في اخر لحظة لتغمغم بصوت مخنوق - اعتقد أن عملنا انتهى هنا .
أومأ لها بالإيجاب : نحن نشكركم بشدة على مجهودكم المبذول معنا .
تمتمت بعملية : نحن في خدمة الوطن دوما يا سيدي .
ابتسم الرجل لها بلباقة لتشكره وتهم بالانصراف ليصدح صوت رجولي لم يستطع التحكم بفرحه : إنهما هنا ، لقد اتيا ، القائد ظهر .
عم الهرج والمرج بقية أفراد الكتيبة الغير مصابين إصابات خطيرة ليهرع بعض المسعفين إليه حينما اكتشفوا حمله لفادي على ظهره ، ليساندوه فيضعوه على إحدى النقالات ويركضوا به إلى داخل الخيمة المعدة لإستقبال المصابين
تسمرت وقفتها وعيناها تتعلق به ، يظهر أمامها كعملاق رغم عن جسده العادي وملامحه الشاحبة وحركته المنهكة ، يستقبل فرحات الضباط بهزة من رأسه ، تهنئتهم بعودته سالما ، احتضانهم له بصبر وثبات ، تعابيره حازمة وصوته جاد وهو يخبر المسعف عن إصابة الأخر الذي كان له حاملا ، يزفر بقوة وهو يخطو بإعياء تجاه الضابط الأكبر سنا والذي وصل إلى الموقع صباحا ليشرف على كل شيء فيؤدي التحية بثبات ليتبسم الضابط فرحا لا يظهر سوى بعينيه ليهتف بجدية : حمد لله على سلامتك يا حضرة النقيب .
تمتم بجدية : سلمك الله يا فندم .
التفت الضابط إليها ليهتف : هلا طمأنتني عليه يا دكتورة ؟
انتفض جسدها وعيناه تحيد إليها لتشعر بوطأة الحدث عليها اكثر مما تتحمله تشير برأسها في حركات غير مفهومة لينقذها هو من قائده ويهتف بصوت مطمئنا وكانه يشعر بمدى هلعها : أنا بخير .
انتفض جسدها ثانية لتغمغم باسمه في خفوت شديد ، والدموع تتجمع بعينيها فيناظرها بثبات ونظراته التحذيرية تبعث لها برسالة صامتة أن تتماسك قليلا لتغمغم أخيرا بصوت ابح : تفضل يا حضرة الضابط .
اشارت إليه بذراعها أن يتقدمها داخل الخيمة ليفعل فتتبعه .. تخطو نحوه بلهفه لم تستطع التحكم بها ، ترفع كفيها لتلامسه فترتجف وهي تناظره بعيون مغشية بدموعها فيهمهم إليها : أنا بخير ، فقط بعض الخدوش .
قبضت كفيها ثانية لتهمهم بصوت مرتعش : لا أستطيع أن افحصك ، لا أستطيع .
رمقها بحنان فاض من عينيه لتتماسك بصلابة ابهرته وتغمغم بارتجاف تملك منها : ولكني سأفعل ، هلا خلعت سترتك ؟
غمغم بعبث تعمده ليلهي عقلها عن خوفها القوي عليه : وبنطلوني لو اردت .
شهقت بخجل لتبكي رغم عنها وهي تتمسك بطرفي سترته التي هم بخلعها فعليا : لا تفعل لن أستطيع أن افحصك ، معك انا طبيبة فاشلة ، لقد مت رعبا عليك ، أنا لا استطيع فقدانك يا أسعد لا استطيع .
رفع ذراعيه اخيرا ليلامس وجنتيها يحتضنهما بحنو ، يلامس وجنتيها بطرفي ابهاميه : اهدئي أنا بخير ، ها أنا امامك بألف خير ، لم تطالني رصاصة واحدة ، اهدئي .
سيطرت على دموعها بصعوبة لتغمغم بصوت ابح : انتظر سأرسل لك أحد الاطباء.
تمسك بكفها قبل أن تبتعد : لا أرضى لك بديلا .
رجفا جفنيها بخجل ليتابع هامسا : أنا اثق بك ، اتبع وهو يزيح سترته على كتفيه – سأمتثل لكل ما تطلبين فقط افحصيني أنت يا طبيبتي .
سحبت نفسا عميقا تسيطر على خجلها لتهمهم وهي تتحاشى النظر اليه : أخاف أن لا افحصك جيدا ، ضحك بخفة - إذا اخطأت نعاود الفحص من جديد .
عضت شفتها برقة ووجهها يحتقن بقوة ، لتغافله فتخطو بسرعة إلى باب الخيمة وتهمهم إليه : سات لك بطبيب أخر .
زفر بقوة ليتمتم من بين أسنانه يستوقفها بحديثه : تفحصين الجميع من الصباح وأنا تأتين لي بطيب أخر ، حسنا يا جنة لن انساها لك .
ابتسمت برقة وهتفت : سأطمئنك على صديقك إلى أن يفحصك الطبيب .
أجاب بجدية وعبوس طفيف يداعب ملامحه : لن انساها لك حقا .
اشاحت بعينيها بعيدا لتغمغم بجدية : لا استطيع يا أسعد .
نظر إلى عمق عينيها : لماذا ؟
رجف فكها لتغمغم بكلمات مبعثرة لا معنى لها فيبتسم بمكر ويهمس : حسنا لقد وصلتني الإجابة يا جنة ، اذهبي وات لي بالطبيب ، ولنا حديث مطول حينما نعود .
اختنقت بخجلها لتهرع إلى الخارج وقلبها يقفز قفزات متتالية تفكر في حديثه جيدا لتنتفض بإدراك ووعيها يعود لتهمهم بخفوت : يا الله ، لقد اخبرته دون أن أدري ،
وقبل أن تغرق في دوامة حيرتها صاح صوت احد المسعفين : دكتورة جنى ، نحتاجك مع الحالة التي اتت الآن .
تحركت بخطوات سريعة إلى سريعة الإسعاف المجهزة لتهتف بأحد المسعفين : ابعث طبيبا للقائد في الخيمة ليفحصه ويطمئن القيادة عليه .
__ أمرك يا دكتورة .
دلفت إلى السيارة لتتسع عيناها بفزع إلى الحالة التي يحاوطها بعض الأطباء يسعفونها بقلق لتهتف بالممرضة : عقميني حالا .
***
__هل غادر عمار؟
القاها بعد أن طرق الباب الفاصل بين الغرفتين ليطل من خلفه ، فترفع نظرها إليه ببرود وتهتف بسخرية : هل تبحث عن أخيك هنا ؟
مط شفتيه ليدلف إلى غرفتها يضع كفيه في جيب بنطلونه قبل أن يهمس بعجرفة : أعلم أنه كان هنا فأسالك هل غادر ؟!
رفعت نظرها إليه لتسأله ببرود وهي تشير بقلمها في استخفاف : هل تراه هنا !
رفع حاجبه بغضب بدأ يتنامى إليه لتتابع بذات الاستخفاف : إذا لا تراه فهو غادر ، وعليه اغلق الباب من خلفك بعد أن تغادر أنت الأخر
سحب نفسا عميقا قبل أن يزفره ببطء وهو يتقدم نحوها ليجلس على أحد الكرسيين المقابلين لمكتب أبيه فيتحدث بجدية : اتيت لأتحدث معك واسال عن عمار حتى اعلم هل انت متفرغة للحديث معي أم لازلت مشغولة معه ؟
زمت شفتيها بسخرية لتهز رأسها بتفهم قبل أن تشير إليه : تستطيع أن تتحدث .
سحب نفسا عميقا يزم شفتيه بضيق وكأنه يجبر نفسه على ما لا يستطيع قبل أن يتحدث بهدوء شديد : اتيت لاعتذر منك ، ما كنت أتخيل يوما أن اتصرف بهذه الطريقة الهمجية التي تصرفت بها معك اليوم ولكنك أخرجت اسوء ما بداخلي يا نوران .
تأملته مليا قبل أن تنطق ببطء : إذًا الباشمهندس العظيم عاصم بك الجمال يمتلك جانبا همجيا ، إلى جانبه الإنساني الساحر الذي يخطف به الأبصار .
دق على سطح المكتب بطرف سبابته : جميعنا نحمل الجانبين من الأشياء ، السيء والجيد منها وأنا لست اختلافا .
ردت بسرعة بديهة : لماذا إذًا تحاكم الآخرين لأن جانبهم السيء تحكم بهم بعض الأحيان ، لماذا تحاسبهم على خطأ أنت نفسك من الممكن أن تقع فيه ، لماذا تتصيد أخطائهم وتذل أنفاسهم عليها لسنوات طويلة وكأنك منزه عن الخطأ وكأنك ملك لا تخطأ ابدا ؟
تطلع إلى عينيها اللامعتين بدموع عصية لينظر إلى عمق حدقتيها قبل أن يهمس بجدية : اعتذر منك يا نوران ، لن أكرر ما أخطأت به ثانية ، ولن اضع يدي عليك بعد الآن ، اعتذر يا ابنة عمي من اليوم سأبتعد عن طريقك حتى لا يحدث بيننا احتكاك اخر فنخسر قرابتنا من تحت رأسه .

اطبقت فكيها بحدة وهي تستمع إليه تنظر إلى انتصاب جسده قبل أن يهم بالمغادرة فتهمهم بغل تملك من روحها : جبان .
اتسعت عيناه بذهول ليرتد برأسه إليها في عاصفة غاضبة المت به ليهمهم بعدم فهم : ماذا قلت ؟!
نهضت واقفة لتخطو نحوه بشموخ تتطلع إليه بتحدي وتهمس : ما سمعت يا عاصم ، أنت تبتعد لأنك لا تستطيع المواجهة ، لا تستطيع أن تمنح نفسك فرصة أن تخطا وتصيب ، تحافظ على وجهتك البراقة اللامعة ولا تريد المغامرة بها ، فلا يهم شيء آخر سوى أسمك واسم عائلتك ومكانتكما سويا ، انت تخسر الكثير من الأشياء تتنازل عنها في سبيل مجد العائلة الذي يستنزف روحك دون جدوى .
رمقها بطرف عينه ليهمس بجدية : من الجيد أن أحدنا يستطيع التنازل عن رغباته لأجل العائلة واسمها وإلا كانت مكانة العائلة الآن ممرغه في التراب بسبب رغبة حمقاء تملكتك يوما ما .
رجف جفنها لتهمهم بصوت مختنق : فلتقل ما تشاء وتفكر كما تشاء ولكني سأخبرك أني لست نادمة على ما فعلت ، فعلى الأقل خضت تجربة أضافت لي وأرتني حقيقة الكثير من الأشياء التي كانت غائبة عني ، أظهرت لي الجانب السيء من أشخاص ظللت عمري كله اؤمن بأنهم مختلفين عن البقية ، بأنهم سندي .. مصدر قوتي .. وعزوتي ولكن بأول اختبار فضلوا مجد زائل ونبذوني من حياتهم لأجل خطأ صغير ارتكبته بطيش وتهور فتاة مراهقة ، ارتني كيف أنهم لا يقدرون على النسيان .. لا يستطيعون الغفران .. ولا يقوون على التسامح ، ارتني كيف تحول حلمي على أيديهم إلى كابوس احيا به إلى الآن .
أرتجف جفنه واختلج قلبه بدقات بطيئة متألمة وكأنها نقلت المها إليه لتتحرك بهدوء عائدة إلى كرسي أبيه ، ترفع رأسها وتنظر إليه مليا قبل أن تهمس : اعتذارك مقبول يا ابن العم ، واقتراحك على الابتعاد يعد من أكثر الاقتراحات التي راقت لي اتمنى أن تنفذه على الفور ، اراك على خير يا باشمهندس .
أخفض رأسه وهو يشعر بهزيمة مستحقة مُني بها ، بخسارة فادحة نالها ، وشعور موجع يقبض على قلبه فيضغط عليه حتى كاد أن يوقفه ، ليغادر بخطى هادئة يغلق من خلفه الباب بطبيعية قبل أن يقف ويستند عليه بظهره ، يرفع رأسه لعله يقدر على التنفس بطبيعية افتقدها وهو يتأكد أنه أبعدها عنه نهائيا .. بأنه فقدها دون رجعة وأن لا أمل أبدا لأي شيء سيكون بينهما يوما ، سيطر على اختناق تحكم بحلقه ليتحرك بتخاذل الم به ، يستلقي على أريكة مكتبه يغمض عينيه ويجبر نفسه على التقوقع في صمت يحتاجه .
تطلعت بصبر إلى الباب الذي أغلقه من خلفه تنتظر بترقب أن يعود .. يدلف من جديد .. يقترب ولو خطوة واحدة فستقطع هي البقية وتقترب منه لتزيل هذه الفجوة التي تتسع بينهما يوما بعد آخر لتسقط دمعة واحدة تنحدر ببطء على وجنتها ، فتبتسم بسخرية و تمسحها بطرف سبابتها و تخبر نفسها .. تعيد على روحها كلمتين تكررهما على مسامعها منذ تلك الليلة " لن يعود .. لن يعود .. لن يعود "
***
استيقظت بصداع نصفي سيفتك براسها ، فتحركت بدون وعي حقيقي خارج فراشها بعد أن تيقنت انه قضى ليلته بجوارها فعطره يملئ تلافيف مخها حتى أنها شكت أنه سبب صداعها ، ارتدت مئزر حريري فوق ملابس نومها والتي لا تعلم متى بدلتها فعليا لتخطو إلى الخارج بترنح لازمها ولم تستطع التخلص منه ، توجهت إلى مطبخها وهي تفرك جبهتها بإنهاك ، تبحث بنصف عين عن دواء الصداع الخاص بها ، لتبتلع منه حبتين مرة واحدة وتبحث عن كوب تملاه بالماء لتتجرعه كاملا .
استندت بجسدها إلى المبرد بجانبها ليتيقظ عقلها بالكامل على صوته الهادئ يسألها بلباقة : هل اعد لك القهوة ؟
تشنج جسدها على الفور لتقف بشموخ تمسكت به لتخفي وجهها عنه فلا يرى أثر بكاءها الليلة الماضية لتغمغم بخفوت : أشكرك .
سحب نفسا عميقا ليتحرك بأريحية في مطبخها يأتي بكوبها الكبير المفضل ليصب القهوة المعدة مسبقا به قبل أن يستسمحها بلباقة أن تبتعد عن المبرد فتفعل وتتجه إلى اتجاه الطاولة الرخامية لتقف خارج المطبخ تنظر إليه يحمل قنينة اللبن ويصب بعض منها في كوبها ليقدمه إليها بحنو يشابه حنو أبيه : تفضلي .
اتبع بجدية : أعلم أنك تشربينها دون سكر .
اخفضت رأسها لتغمغم وهي تحاوط الكوب بكفيها : اشكرك .
تنهد بقوة : لا عليك ، أتبع بجدية وهو يجلس امامها من الداخل – أنا أعتذر لك بشكل عملي عن وقاحتي البارحة ، لم يكن علي مضايقتك هكذا .
عبست بتعجب لترفع نظرها إليه تتأمله مليا فيبتسم بوجهها : لا اريد افتعال المشاكل يا إيناس هانم ، أنا فقط اريد عائلتي ، ولن يحدث هذا إلا إذا تعايشنا سويا.
نظرت إلى سطح قهوتها لتساله بهدوء : وبرأيك كيف يحدث هذا؟
اتبعت وهي تنظر إلى عمق عينيه – هل تستطيع تقبلي كأم لك ؟
رمش بعينيه ليهتف بصراحة : لا ولكني سأحاول ليس لأجلك لأجل إخوتي وأبي .
ابتسمت بألم : وإذا كنت مضطرا أن تفعل هذا وتتقبلني ، هل انا الأخرى مضطرة إلى ذلك ؟!
رفع نظره إليها بثقة : اعتقد وليس لأجلي أيضا ولا لأجلهم ، بل لأجلك انت .
اهتزت حدقتيها لتتفحصه بتقييم فيكمل بهدوء : انت تخسرين كثيرا في وضعك الحالي ومن معرفتي بك ، هذه الخسارة تنهكك أكثر من وجودي بحياتك
تجاهلت ما يصرح به لتساله بجدية : ما الذي يدفعك للحديث معي ؟
تنفس بقوة : أريد التعايش يا إيناس هانم ، هل تستطيعين أن تمنحيه لي ؟
زمت شفتيها ليتابع بإصرار – لا أريد منك تقبلي أو محبتي ، فهذا كثير عليك لن تتحمليه ، أنا أشعر بمدى المك من وجودي ولكن الا تستطيعين التعايش معي ، تخيلي أني منتج أفلام غليظ مجبرة على التعامل معه ، ملحن صفيق ولكن الحانه رائعة فمجبره على التعامل معه ، مخرج سمج ولكنه قامة فنية كبيرة وانت مجبرة للتعامل معه ، أي شيء لتتعايشي معي دون أن تفقدي رباطة جأشك هكذا .
ابتسمت رغم عنها لتهمس : هل يعطونك دروس في علم النفس ؟
ضحك بمرح : أنا فيزيائي وادرس كل شيء .
اسبلت جفنيها لتهز رأسها بموافقة لتغمغم بهدوء : ولكنك لست صفيقا ولا سمج ولم تكن يوما غليظ ، انت تشبه ابيك للغاية ، لذا امتلكت قلوب الجميع .
ابتسم ساخرا : ولكن لم أصل إلى قلبك .
غمغمت بخفوت : لست أنت السبب ، العيب بي أنا .
ازدرد لعابه الجاف وهو يناظرها تتحرك مبتعدة ، تركت الكوب دون أن تمسه فعليا لتهمس : شكرا لك على القهوة والحديث .
صمت قليلا ليهمس باختناق : اشكرك لسماحك لي بالبقاء في بيتك .
التفتت إليه تناظره بعيون ساهمه لتهمس له : إنه بيت أبيك يا عز الدين .
راقب انصرافها ليشعر بروحه تهتز بقوة ينفض رأسه بغضب احتله وهو يزجر نفسه على ميل قلبه لها ، مشاعره الحنان التي تدفقت إليها يرمش بعينيه وهو يستعيد كلمات والدته السيئة عنها .. الكارهة لها .. والتي ترسمها كجنية مغوية سيطرت على عقل ابيه فأجبرته أن يتركهما لأجلها ، يتذكر ضعفها .. ووجعها .. هشاشتها فينتفض قلبه ويقينه بحديث أمه يتراجع إلى شك يخيم على عقله الذي يدور بفكرة للتو لاحظها فشعر بمدى غباءه السنين الماضية ، فأبيه لم يتركه ابدا لأجلها بل تركها وترك بيته كثيرا لأجل أن يكون بجواره معه برفقته .
زفر بقوة لينتبه على آسيا الواقفة امامه تشير إليه بكفها : أين ذهبت أنا احدثك ؟
اتسعت ابتسامته ليهتف : لا مكان أنا هنا كنت انتظرك ، هل انتهيت ؟
هزت رأسها بالإيجاب : نعم هيا بنا ، فيمنى وسليم ينتظران بالخارج .
ابتسم وسحب اشياءه ليتحرك بجوار أخته : هيا بنا ، اخبري بابا أننا سنمر على أمير لنصحبه معنا فانا اشتقت إليه كثيرا .
تحركت للخارج بجانبه لتهتف : سأفعل، اوقفها قبل أن يتحركان فعليا ليسألها بجدية :-هل أخبرت والدتك أنك ستخرجين معي ؟
عبست بتعجب لتساله بعبث : هل انت صديقي لأخبر ماما أني ذاهبة برفقتك ؟!
تمتم بعتب : توقفي عن المزاح يا آسيا ، واذهبي واخبري والدتك أنك برفقتي من فضلك واخبريها أيضا بأمر أمير .
زمت آسيا شفتيها برفض قبل ان تنظر إليه فيلومها بعينيه لتهمس بالإيجاب وهي تعود إلى الداخل من جديد ، وقف ينتظرها بثبات لينتفض بهلع على صرخة آسيا الآتية من الداخل والتي من الواضح وصلت إلى سليم ويمنى اللذان كانا ينتظراهما بحديقة الفيلا فاندفعا هما الآخرين ليتوقفوا جميعا وهم ينظرون إلى جسد إيناس الملقى على الأرض بملامح شاحبه ووعي فقدته دون سبب محدد !!
هجرت أحبتي طوعاً
لأني رأيت قلوبهم تهوى فراقي .. وأشتاق للقائهم كثيراً
غير أني
وضعت كرامتي فوق اشتياقي
وأرغب وصلهم دوماً
لكن
طريق الذل .. لا يهواه قلبي وساقي
امير الشعراء .. احمد شوقي






التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 20-08-20 الساعة 08:33 PM
سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-08-20, 09:06 PM   #109

تالن يوسف

? العضوٌ??? » 431382
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » تالن يوسف is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك يا سولي ❤️❤️❤️

تالن يوسف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-08-20, 02:54 AM   #110

جميله سعيد

? العضوٌ??? » 424095
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 163
?  نُقآطِيْ » جميله سعيد is on a distinguished road
افتراضي

فصل رائع كالعادة
عجبتنى جدا المواجهة بين عاصم و نوران كانت قويه للغايه
حوار عز الدين مع ايناس خلانى أحترمه جدا اد ايه هو فاقد الحنان و الجو الأسرى نفسى ايناس تتصالح مع نفسها و تغفر و تحتويه مع زوجها و اولادها علشانها قبل اى حد علشان تقدر تعيش بسعادة
عمار و يمنى علاقة شائكة مازلت غير واضحة بالنسبه لى هو ايه هجرها اساسا؟؟؟
جنى و أسعد ثنائى انا بحبه مش عارفة ليه و اتمنى انهم يصرحوا لبعض بحبهم
حبيبتى تسلم ايديكى على الفصل الرائع و فى انتظار الفصل القادم من دلوقتى⁦♥️⁩⁦♥️⁩⁦♥️⁩⁦♥️⁩


جميله سعيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:12 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.