آخر 10 مشاركات
تسألينني عن المذاق ! (4) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          متاهات بين أروقة العشق(1) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          مشاعر طي النسيان- شرقية-للكاتبة المبدعة:منى الليلي( ام حمدة )[زائرة] *كاملة &الروابط* (الكاتـب : أم حمدة - )           »          قيدك الماسي (7) -رواية غربية- للكاتبة المبدعة: Shekinia [مميزة]*كاملة &الروابط* (الكاتـب : shekinia - )           »          عيد ميلاد لا ينسى(101) قلوب نوفيلا(حصريا)ف.الزهراء عزوز*مميزة*كاملة&الرابط (الكاتـب : Fatima Zahrae Azouz - )           »          1- أهواك - شارلوت لامب * (الكاتـب : فرح - )           »          111 - سقوط الأقنعة - آن ميثر - ع.ق ( كتابة / كاملة ** (الكاتـب : أمل بيضون - )           »          الزواج الملكي (109) للكاتبة: فيونا هود_ستيوارت.... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          أبواب الجحيم-زائرة-ج1 من سلسلة دموع الشياطين-للآخاذة::زهرة سوداء (سوسن رضوان)كاملة (الكاتـب : زهرة سوداء - )           »          ودواهم العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : emy33 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree260Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-08-20, 09:59 PM   #141

تالن يوسف

? العضوٌ??? » 431382
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » تالن يوسف is on a distinguished road
افتراضي


تسلم ايدك يا سولي❤️❤️

تالن يوسف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-20, 04:23 PM   #142

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هبه احمد مودي مشاهدة المشاركة
احلى ايس كريم للوطن يا اسعدي❤❤ و انا كمان عاوزة .
و عصووومي منور مع نوران ❤❤
و احمد سليمان و توهته و حيرته
تسلم ايدك يا سولا
و جت قفلت بست سيرين و هي بتستحلف للحلوين
اخرتك سوودا يا زيمباوي
حبيبتي هوبا
ربنا يخليكي يا قلبي
منوراني دائما بوجودك
كلنا عايزين ايس كريم
الله يسلمك يا روحي
زيمباوي هيتالق باذن الله
😂😂


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-20, 04:25 PM   #143

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جميله سعيد مشاهدة المشاركة
ايه ده ايه السرعة دى الفصل خلص بسرعة خلص بسرعة
كان تحفففففغغة و يجنن بس حسيت انى لسه عايزة اكمل
تسلم ايدك يا سولى بس طولى الفصل الجاى شويه
يا هلا يا جيجي منوراني يا قلبي
مبسوطة ان الفصل عجبك يا روحي
ايوة هو قصير شوية فعلا
بس الفصول في الاخر بتبقى طويلة
متقلقيش
مستنياك ومستنية رايك دائما يا روحي ❤❤


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-20, 04:26 PM   #144

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تالن يوسف مشاهدة المشاركة
تسلم ايدك يا سولي❤❤
الله يسلمك ويسعد قلبك يا توتا
منوراني ❤❤


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-20, 05:28 PM   #145

yasser20
alkap ~
 
الصورة الرمزية yasser20

? العضوٌ??? » 192610
?  التسِجيلٌ » Aug 2011
? مشَارَ?اتْي » 1,405
?  نُقآطِيْ » yasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

رواية جميلة ومشوقة ودائماً رواياتك رائعه .

yasser20 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-20, 05:40 PM   #146

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة yasser20 مشاهدة المشاركة
رواية جميلة ومشوقة ودائماً رواياتك رائعه .
سعيدة جدا برايك ومرورك
منوراني


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-20, 06:17 PM   #147

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الخير والسعادة عليكم يا حلوين يارب تكونوا بخير وصحة وسلامة
موعدنا اليومي مع فصل جديد من رواية
حبيبتي
اتمنى يحوز على اعجابكم
منتظرة ارائكم وتعليقاتكم وردودكم


الفصل الحادي عشر
بعد مرور اسبوعين
يقف بجوار أبيه يعقد ساعديه أمام صدره يراقب السيارة ذات الدفع الرباعي التي تبتعد أمام ناظريه ، يعبس بتفكير اعتلى ملامحه فيناظره أبيه بتعجب : ما بالك يا ولد ؟! تعبس هكذا وكأنك تحلل معضلة ما صعبة التفسير !!
رفع نظره إلى أبيه يناظره مليا قبل أن يجيب بجدية : إنها معضلة بالفعل يا أبي وأنا لا افهمها ، كيف توافق على سفر جنى مع أسعد ، ولماذا ؟!

ابتسم أحمد بمكر وهو يسبل جفنيه ليهتف بجدية : وما المعضلة فيها ، لقد دعتها حماة صديق أسعد الذي أنقذت حياته لتناول الغذاء وقضاء اليوم في الإسكندرية وحينما أخبرني أسعد بالأمر وتحدثت مع شقيقتك وجدتها تميل للذهاب فوافقت ، فهي ليست بالصغيرة وتسافر دوما مع القوافل الطبية إلى أنحاء الجمهورية بأكملها .
تمتم مازن بنزق : نعم تسافر ولكن ليس مع أسعد .
عبس أحمد بتفكير ليبتسم بمشاكسة : هل تغار على شقيقتك يا مازن ؟!
نفخ مازن بقوة : لا يا بابا ولكن .. صمت ليتابع بحديث متزن – لا يوجد رابط بيننا وبين أسعد ، فهو لا يقرب لنا ، لا يقع من أبناء عمومتنا وقرابته لعاصم لا تمنحه حق اصطحاب أختي للسفر .
لمع الفخر بعيني أحمد ليربت على كتف إبنه : أنا فخور بك يا مازن ، فأنت ستكون نعم الدعم والسند لأختك حينما أفارقكما .
هتف مازن سريعا : بعد الشر عنك يا بابا .
ابتسم أحمد ودفعه للسير معه ليدلفا سوياً إلى البيت فيحدثه بهدوء : أنا أتفهم اعتراضك و اوافقك فيه ، وعلى الرغم من كونك محق في أن أسعد لا يُعد قريب لنا ولكنه كشخص مؤتمن وأنا اثق به ، بل وبعائلته كاملة ، شقيقتك تربت ببيتهم وخالتك ليلى احتضنتها الفترة التي قضتها بعد وفاة والدتك ، بل هي من ساعدتها على تخطي أزمة وفاة والدتكما بالتعاون مع عمتك التي ربتك فعليا ، فلا تخف على شقيقتك وهي معه سيفديها بحياته إذا تطلب الأمر .
مط مازن شفتيه لتعتلي عينيه نظرة حيرة ، يتطلع إلى أبيه يحاول أن يسبر اغواره ليهمس بجدية : لست خائفا من أسعد يا بابا ، بالعكس أنا أثق به ثقة تامة ، ولكن ..
صمت قليلا ليتابع بجدية : شعرت اليوم وهو يصحب جنى معه يصافحك ويودعنا ، أنه يأخذ ما هو ملكه ، لقد تصرف بأريحيه كأنه زوج اختي .
ابتسم أحمد واسبل اهدابه لتتسع عينا مازن بإدراك فوري ليهتف بحدة : هل فاتحك في أمر كهذا يا بابا ولم تخبرني ؟!
ضحك أحمد بخفة : أمر ماذا يا ولد ، هل استنتجت شيء وصدقته ؟!
رفع مازن حاجبه ليهتف بنبرة مميزة : دكتور أحمد يا جمّال ، أخبرني هل ما شعرته وادركته صحيح أم .. ؟!
تنهد أحمد بقوة : اهدئ يا ولد ولا تمنح للأمور أكبر من حجمها الطبيعي ، أسعد لم يحدثني بشيء ، ولكني استشعر نفس ما استشعرت أنت ، لذا امنح لأختك الفرصة كي تفكر في نفسها قليلا لعلها تجد من يكمل لها حياتها الناقصة .
تمتم بحنق : ولكن أسعد .. اتبع بتبرم – إنه يصغرها يا بابا .
ضحك أحمد ليهتف بمشاكسة : لتعلم أنك تغار فقط يا حبيب بابا ، اتبع بحزم – اياك أن تلمح لأمر فارق العمر هذا أمام شقيقتك ، ووسع مداركك هذه التي تحلل كل شيء وحينما تراه المرة القادمة أنظر إليهوهو يتعامل مع شقيقتك لترى أنهلا يوجد أي فارق بينهما وأن أسعد بهيبته وشخصيته القيادية بطبيعية تبدد كل الفوارق ، فقط لتدعو الله أن يسعد قلب شقيقتك ويمنحها التوفيق فيم يسعدها ويرضيها .
برم مازن شفتيه بضيق طفولي ليقهقه أحمد ضاحكا ليضربه على مؤخرة راسه بخفة : لا تبتأس يا ولد فهي لن تتركنا وترحل ، شقيقتك ستظل تحبك وترعاك ، ثم لا تستبق الامور دع كل شيء لوقته .
هتف بضيق تملك منه : لماذا تتحدث إذاًوكأنها ستتزوج أسعد ؟!
رمقه ابيه بنظرة جانبية ليهمهم : الامر ليس بأسعد يا مازن ، ولكن شقيقتك سيأت لها يوم وتتزوج فيه ، أم سنحتكرها بجوارنا العمر كله ؟!
تغضن جبينه باستياء ورفض ظهر مليا على وجهه ليتأمله أحمد بجدية قبل أن يهتف بمزاح : لا تكن مجنونا كعمك الذي يريد ربط ابنتيه بجانبه .
ابتسم مازن رغم عنه : لا طبعا يا بابا ولكن ..
صمت قليلا ليهمس بصوت محشرج : أشعر بأن أسعد يختطف شقيقتي مني .
ارتفع حاجبي أحمد بذهول ليتابع مازن بصوت أبح : فجنى .. أكمل بحشرجة وصوته يختنق – أشعر بها تميل إليه .
ضحك أحمد بخفة ليربت على ظهره بحنو يضمه إلى صدره يحتضنه ليهمهم بصوت محشرج بدوره : وهل هذا ما يحزنك ؟!
هز رأسه نافياً : بل يسعدني لأجلها بالطبع ولكني لا أريد أن أفقدها يا بابا ، جنى ، صمت ودموعه تملئ عينيه - ليست شقيقتي فحسب ، بل أشعر في كثير من الاحيان بأنها أمي .
غصة قوية استحكمت حلق أحمد ليضم ولده إلى حضنه ويهمهم : لا تخف لن تفقد شقيقتك بزواجها ، ولكن كما هي منحتك ما افتقدته بمولدك ، لابد أن تمنحها أنت الآخر حقها في حياة طبيعية مستقرة كبقية الفتيات من بيت وأسرة وزوج يرعاها ويدللها ، همهم مازن بتفهم ليربت أحمد على رأسه متبعاً - هيا لنقرأ الفاتحة لوالدتك وندعو لها ، وحينما تنهي امتحاناتك سنذهب لزيارتها .
أومأ مازن رأسه بالإيجاب ، يستجيب إلى أبيه يهمهم بالآيات القرآنية ليتخلص من الضيق الذي زاره لمجرد فكرة أن شقيقته ستبتعد عنه .
***
تحرك بأريحية من خلال الباب المطل على حديقة بيت عمته إلى داخل المطبخ ، يحك رأسه ويحاول أن يرتب خصلات شعره المشعث من أثر النوم ، يتثاءب بقوة وهو يتجه نحو الثلاجة الضخمة يفتحها ليخرج منها دورق عصير البرتقال الذي تعده عمته طازجا يوميا ليلتف من حول نفسه باحثا عن الأكواب الكبيرة التي تضعها عمته على طاولة المطبخ الرخامية العريضة لينتفض بخوف وهو يقع فريسة نظرات زوج عمته الوامضة بزرقة صافية ، يجلس بهدوء وهو يراقب ما يفعله ، أجلى حلقه بنحنحة خفيفة ليهمس بجدية : صباح الخير يا عماه .
ابتسم مالك بهدوء : صباح النور يا أدهم ، كيف حالك ؟!
تمتم أدهم بجدية : بخير ولله الحمد ، المعذرة أنا لا أدخل البيت هكذا دوما ولكني أعلم أن البيت فارغ فعلي أخبرني أن ملك ذهبت إلى الجامعة فأتيت لأتناول الفطور قبل أن أعودإلى البيت ، اتبع مغمغما بحرج – فعمتي تغضب حينما أغادر دون أن أفطر .
رد مالك بعفوية : بالهناء والشفاء يا حبيب عمتك ، لا تهتم بوجودي وأكمل ما كنت تفعله .
أومأ أدهم برأسه ليتابع مالك بحنو : ولا تبرر لي أفعالك ثانية ، فأنا لا اهتم لأمر ملك هذا ، أعلم أنك تعدها كشقيقة لك ، كما هي تعدك مثل علي الدين ، اتبع بصوت خافت – عمتك فقط من تضخم الأمور .
ابتسم أدهم وهو يخفض عينيه ليستطرد مالك بصوت جاد : أنا أثق فيك يا أدهم ، برقت عينا أدهم برضا وامتنان حقيقي ليبتسم مالك بمشاكسة ويهتف بفخر – و أثق بابنتي أكثر منك.
ضحك أدهم بخفة ليصب بعض من عصير البرتقال ليسأله بمرح : هل تريد بعضا من العصير يا عماه ؟!
ومضت عينا مالك بسعادة غمرته قبل أن يهمس بصوت أبح : لقد شربت منه الكثير في الصباح .
عبس أدهم بتفكير في حديث زوج عمته لينتبه على صوت عمته التي دلفت الى المطبخ : أنت لازلت هنا يا أدهم ؟!
إلتفت إليها ادهم بإندهاش ليهمس وهو يرتشف البرتقال : نعم ، صباح الخير .
اقتربت منه لتضمه بحنو أمومي تقبل وجنته لتهتف بمرح : أسرع قليلاً وعد إلى والدتك ، فهي ازعجتني بنواحها ، فهي تتصل كل يوم لتقنعني بأن أرسلك لها واليوم ايقظتني فجرا وهددتني إن لم تعود اليوم إلى القصر ستأتي هي وتمكث عندنا إلى أن تُنهي اختباراتك .
ضحكت بمرح واتبعت : بالطبع أمك تنير البيت بوجودها ولكن أبيك سيقتلنا جمعاء إذا فعلتها فاطمة ، وفاطمة المجنونة لن تتوانى عن فعلها .
توقفت عن الحديث لأجل زوجها الذي لكزها بخفة دون أن ينتبه إليه أدهم الغارق في أفكاره على ما يبدو ليشير إليها مالك بعينيه على الشاب الذي ينظر إليها بذهول ، عينيه متسعتين وكأنه لا يقو على استيعاب حديث عمته الفياض ليهمس أخيراً بصوت محشرج : هل تتصل ماما بك كل يوم تترجى عودتي ؟!
عبست ايمان بتعجب : بالطبع يا ولد ، بل وأبيك أيضاً يهاتفني يوميا ويطمئن عليك مني وعلى أحوالك ، اتبعت بعدم فهم – ألا تهاتفك فاطمة ؟!
لوى شفتيه بسخرية : بل تهاتفني يوميا وكثيرا مرتين في اليوم ، ولكنها لم تخبرني أبدا أنها تريد أن أعود إلى المنزل .
اتسعت عينا إيمان بتعجب وهمت بالحديث ليضغط مالك على كفها القريب منه قبل أن يهتف هو : بالطبع يا أدهم لا تطلب منك العودة حتى لا تشتت تركيزك يا فتى ، هي وأبيك يرجوان مصلحتك ، رمش بعينيه وهو ينظر إلى عمق عيني زوج عمته الحانية ليتابع مالك بهدوء – لو علي الدين هو من يقيم عندكم لأجل الاختبارات لما هاتفه بتاتا حتى لا اشغله بي ، مصلحتك الآن أهم لدى والديك عن شوقهما الشديد إليك .
ازدرد ادهم لعابه ليمأ رأسه بتفهم قبل ان يهمهم بحشرجة : سأبدل ملابسي واغادر على الفور ، اتبع بابتسامة حقيقية - أريد تناول الفطور معهما في القصر بعد اذنك يا عمتي .
ابتسمت إيمان بحب لتقترب منه تربت على وجنته : على راحتك يا حبيبي .
قبل وجنتها ليشير مودعا زوج عمته وهو يغادر بخطوات متعجلة تنهدت بقوة لتهتف : هذا الولد عقله مشقلب ، يعيش في أزمة هو من يخترعها بنفسه .
تنهد مالك بقوة : إنها أيام المراهقة العصيبة يا ايمي سيكبر ويصبح بخير إن شاء الله، اتبع بهدوء – فقط تحدثي لوائل ليقترب منه قليلا فالولد يفتقده كثيرا .
هزت رأسها إيجابا : سأفعل بإذن الله .
شهقت بخجل وهو يجذبها من خصرها إليه يحيطها بساقيه ويضمها إلى صدره ليهمهم بجانب أذنها : البيت فرغ علينا يا ايمي ، هل سيحضر الشيطان الآن أم أطلبه ليأتي ؟!
تعالت ضحكاتها : اعوذ بالله ، ولماذا نريد الشيطان ، سنمرح بالحلال يا أبا علي .
كز على شفته بمشاغبة : أموت في أم علي ، هلا أطعمتني القليل من أم علي ؟!
استدارت إليه لتتعلق برقبته : بل الكثير ولكن في الغرفة ، فأخاف أن يدخل علي في أي وقت .
نهض واقفا ليضمها الى صدره قليلا : معك حق ، تحرك ليهتف بمرح – فقط آت بعصير البرتقال معك ، فأنا اشتهيته ثانية.
ضحكت برقة وهي تلتقط غمزة عينه الشقية واشارته الواضحة لما حدث بينهما صباحا وهي تعصر البرتقال لتهمهم : ألم تكتفي من البرتقال ؟!
شاغبها بملامحه : ولن أكتفي ، هيا اسرعي قليلا فابنك حينما يستيقظ تتركين العالم لأجله .
حملت دورق العصير واكواب بجانبه : لا تبدأ الآن .
تنهد بقوة وهو يسبقها صعودا : لا الآن ولا فيم بعد ، ليوفقه الله وينهي هذه السنة الدراسية على خير لتتفرغي لي قليلا .
اتبعته لتهمهم بدلال : سأفعل يا حبيبي ، فقط اطمئن عليه مثل شقيقته .
همهم بصدق : بارك الله فيهما وطمئن قلبك عليهما يا حبيبتي .
اغلقت الباب من خلفها وهي تهمهم : اللهم امين يا رب .
اقترب منها ليتناول منها ما تحمله ويضعهم بطاولة قريبة من الفراش ليهمس بخفوت وهو يجذبها اليه : ألا تريدين الإطمئنان علي ؟!
ابتسمت بمشاكسة وهي تفرد كفيها على صدره : بالطبع أريد .
احتضن كفيها براحتيه ليهمهم بنبرة أجشه وهو يقبل أعلى رأسها : هل أخبرتك يوماً كم أحبك يا ايمي ؟!
تنهدت بقوة : فعلت كثيرا ولكن لا ضرر من التذكرة ، اكمل بمشاغبة - فان الذكرى تنفع المؤمنين .
تعالت ضحكاتها لتتقبل قبلاته الشغوف والتي لا تنضب أبدا بحبه .. عشقه .. وسعادته معها فتدعو الله وهي تتمسك بكتفيه أن يحفظه لأجلها ، ويحفظ قلبه المتعلق بها .
***
رفعت نظرها بدهشة تستقبل جلسوه مجاورا لها ، يقبل كفها بأناقة ويقترب ليطبع قبلة على وجنتها ليهمس : صباح الخير يا حبيبتي .
ربتت على وجهه : صباح النور يا عيوني ، ما الذي دفعك للاستيقاظ مبكرا هكذا ؟!
ضحك بخفة وهو ينظر لأخيه الذي يتناول فطوره بهدوء : فكرت أن اشارككم الفطور قبل ان اذهب للمشفى ، اتبع وهو يصب بعضا من القهوة في فنجانه الخزفي – فلدي مقابلة عمل هناك .
ابتسم عاصم بارتياح ليشجعه بإيماءة هادئة من راسه قبل أن يهتف : بالتوفيق يا شقيق .
عبست ياسمين قليلا : هل سيختبرك عمك لأن تعمل في المشفى ؟!
ابتسم عمار ليبدأ تناول الطعام قبل أن يجيب عاصم باتزان : أكيد يا امي ، فالمشفى هي الأفضل الآن بالشرق الاوسط ، وحتى تظل الأفضل ، لابد أن يظل طاقم عملها الأفضل ، اتبع بجدية – كون عمار من آل الجمال لا يمنحه رخصة أن يعمل بها دون أن يكون كفء .
زمت شفتيها بنزق لتهتف : إنه كفء انا متأكدة .
ضحك عمار ليضم كفها براحته : لا حرمني الله منك يا أماه .
تمتمت بصدق : ولا منكما يا حبيبي ، اتبعت بجدية – إذا أنتم في المؤسسة تحافظون على مستوى العاملين ايضا لتظلوا الافضل يا باشمهندس .
ابتسم بمكر ليرفع عينيه إليها مجيبا : بالطبع يا اماه .
اصدرت صوتا مفكرا لتهمهم بخفوت : اعتقد أن عليكم إعادة النظر في تعيين مدير المشروعات الجديد لديكم .
اغتص عمار بلقمته فيتوقف عن المضغ لتتألق الإبتسامة في عيني أخيه الذي هتف بمرح : تريدينهم أن يصرفوني من عملي يا أماه ، اتبع ضاحكا – هل ترينني سيئا لهذه الدرجة ؟!
رمقته بطرف عينها لتسأله بجدية : لماذا ؟! هل أنت مدير المشروعات يا عاصم ؟!
رفع عاصم حاجبيه بافتعال : يا الله ، هل تتحدثين عن بابا ؟!
انفجر عمار ضاحكا رغم عنه لتنهره ياسمين : لا تضحك وأنت تأكل يا عمار ، لتلتفت إلى عاصم تنظر إليه مليا لتهمهم من بين أسنانها : حينما تتلوى هكذا في الحديث وتبتسم ابتسامة عمك الماكرة أعلم أني لن أصل معك لشيء .
ضحك عاصم بخفة ليسأل بهمس : هل يضايقك أني أشبه عمي يا ماما ؟!
سحبت نفسا عميقا : أبدا ، بالعكس لولا أنك تشبه عمك او بالأحرى لولا أنك تشبه جدك لما استطعت أن تصل لما أنت فيه ، لقد طورت نجاحهم الطبيعي بشكل استثنائي يا عاصم ، أنا فخورة بك ، ولكن هذا الغموض الذي يستكين بين عينيك بعض الاحيان يخيفني ، ليس منك بل عليك .
تنهد عاصم بقوة ليبتسم وهو يسبل جفنيه : لا تخافي يا أماه ، أنا بخير .
رفعت حاجبيها : أتمنى ا أنن تكون صادقا ، اتبعت وهي تتناول طعامها ثانية – ودون مراوغة وحديث لا طائل منه أتمنى أن تنظر في أمر مدير المشروعات لديكم .
تمتم بجدية : أنا أفعل ، لا تقلقي .
التفتت إلى عمار الذي يتناول طعامه لتبتسم بمرح : سعيدة لأن شهيتك عادت الى طبيعتها ، الايام الماضية كنت منطوي بشكل أثار قلقي عليك ، أنت بخير يا حبيبي ، أليس كذلك ؟!
ابتلع ما في فمه ليهتف : بخير يا حبيبتي ، أنا بألف خير .
ابتسمت بحنو ووضعت بعضا من اللحم المقدد في طبقه لتهمهم بحنو : كل يا حبيبي بألف هناء وشفاء .
هتف بمرح : يكفي يا ماما ، لقد امتلأت معدتي بالطعام ، سأبذل وقتا اضافيا في التمرين لأجل حرق كل هذا الطعام الذي تناولته على الصباح .
تبرمت : لقد نقص وزنك كثيراً يا عمار ، رغم أنك أكلت اليوم إلا أنك لازلت إلى الآن لم تتناول طعامك بشهية تامة .
ابتسم عاصم ليهتف ساخرا : شهية تامة ، كل هذا وليس بشهية تامة ، ما ينقص إذاً ليأكل بشهية تامة من وجهة نظرك يا ماما ، أن يأكل الأطباق وذراعي فوقهم؟!
سمت الله بسرعة لتهتف بحنق : سمي الرحمن يا عاصم ، سيمرض من تحت رأسك ، اعتلت الصدمة ملامح عاصم ليكتم عمار ضحكته فتتابع هي بحنق - ألا يكفي أنك تتبع حمية غذائية لا أفهم سببها فأنت ذو جسد متناسق .
تنهد عاصم بقوة ليهتف عمار بمشاكسة : إنه يحافظ على مظهره العام يا ماما ، فصوره تزين اغلفة مجلات المجتمع فلا يريد أن يفسدها .
غضن عاصم ملامحه بمشاغبة طفولية ليهتف : بل يا ظريف أنا أحافظ على صحتي
هتف عمار بمشاكسة : بارك الله في صحتك يا كبير .
تمتمت ياسمين بحنو امومي : اللهم امين ، حفظكما الله لي .
احتضن عمار كفها القريبة منه ليهتف بمزاح : اخبريني يا ماما من تحبين أكثر ؟!
زفر عاصم انفاسه ولوى شفتيه بيأس ليهمهم : ألن تنضج يا عمار ؟!
اشاح عمار بيده وهو يهتف : تركت لك النضج ، فقط انتظر أريدها أن تجيب ، هيا يا ماما ، أنا أم عاصم ؟!
ضحكت ياسمين برقة لتجيبه بجدية : أنتما الإثنان .
لوى عمار شفتيه : ها هي تجيب بطريقة منطقية ، خوفا على مشاعرنا سويا ، ضحكت ياسمين ليتابع - هيا أخبريني أنا موقن أن هذه الاجابة غير صحيحة .
تنهدت ياسمين لتربت على كفه : بل صحيحة مائة بالمائة ، أنت وأخيك نصفي قلبي، لا أحب أحدكما عن الآخر ، فعاصم السند وأنت الاقرب للقلب .
هتف بمرح : ها اعترفت أني الأقرب لقلبها ، اتبع وهو يشير إلى عاصم – لتعلم أنها تحبني أكثر منك .
ضحكت بسعادة لتزجره بحنان : توقف يا ولد .
صاح عمار بانتصار : لن أتوقف لقد حصلت على اعترافك بأني الأقرب لقلبك وهذا يكفيني
ابتسم عاصم وهز رأسه بلا أمل لتهتف والدته : ألا تريد أن تعلم لماذا انت الاقرب لقلبي ؟!
نظر إليها باهتمام لتجيب بجدية : لأنك تشبه وليد أكثر ، فعاصم اتى وريث آل الجمال قولاً وفعلاً ، أما أنت ورثت من أبيك الكثير ، أدركت منذ أن كان عاصم صغيراً أني سأعتمد عليه في كبري كلياً وعلمت أيضا أنك ستحتاج احتوائي وحناني أكثر ، فمهما كبرت تظل الصغير ، ومهما كبر عاصم سيظل اول فرحتي ، أول ما رأت عيني وشعر به قلبي .
اسبل عمار جفنيه وهو يبتسم بتفهم لينتبهوا على صوت والدهم الزاعق : وأنا لا مكان لي ، يكفيك ولديك الهائمة بحبهما ، أما أنا لا حساب لي .
تبادلا النظرات ليكتما ضحكاتهما لتنظر إليه من بين رموشها فيتبع بضجر : من حقي إذاً أن أذهب وأبحث عن فتاة تهتم بي وتحبني دون شريك .
رفعت حاجبها لتهتف بلا مبالاة : افعل ما تريد .
كح عمار بخفة ليهتف عاصم بمرح : انه يمزح يا ماما ، أين سيذهب ويترك الياسمينة .
ليهتف عمار بدوره : ألم تستمع إليها يا بابا وهي تهتف بأنها تحبني اكثر لأني اشبهك .
رمقها وليد من بين رموشه ليهتف : حقا ؟!
اشاحت بوجهها بعيدا لتهمهم : لقد شبعت .
رمت فوطة المائدة أمامها لتنهض بخيلاء فيشير إليه عمار بخفة : إذهب يا بابا وصالحها فزوجتك ستحيل حياة ثلاثتنا جحيما بسبب تصريحك الغريب كلياً .
اشاح بكفه وهتف بنزق : وجودكما يفسد حياتنا ، متى ستتزوجان وتريحوني من طلتكما البهية ، بغلين مثلكما كان المفترض أن يأتيا بأحفاد لي الآن ، لا يشاركونني زوجتي واستيقظ صباحا على مغازلتها العلنية لكما
كتم عمار ضحكته وعاصم يشيح بعينيه بعيدا قبل أن يمسح فمه بأناقة وينهض واقفا : ها نحن ذاهبان لنريحك من وجودنا يا بابا ، لعلك تستطيع أن تصالح ياسمينتك الجميلة .
اشار لأخيه الذي حث أبيه بجدية : انقض عليها يا بطل ، سنترك لكما البيت طوال النهار ، موفق يا أبي .
دفعه وليد بقوة ليقهقه عمار ضاحكاً ليضحك عاصم وهما يخرجان سويا من الباب
يقفان أمام المرآب ليتحرك عاصم إلى سيارته ويهتف به : تعال لأوصلك .
ابتسم عمار بحنين وهو يدلف الى المراب خلف اخيه ليخطو نحو دراجتهالنارية يلامسها بشجن وحنين لمع بعينيه ليسال بصوت محشرج : هل لازالت تعمل يا عاصم ام خربت ؟!
ابتسم عاصم بحنان ليربت على كتفه : بل حافظت عليها لأجلك ، لأجل أن تعود فتجدها كما تركتها .
أزاح الشرشف الأبيض الذي كان يغطيها ليبتسم وهو يلامس لوحتها الكهربائية فتضيء ليصدر محركها صوتا قويا فيضحك بسعادة تملكته وهو يركبها بعفوية ويهم بالانطلاق بها ليهتف عاصم بجدية : هاي أنت ماذا تفعل ؟!
نظر إلى عاصم بعدم فهم ليتبع عاصم بجدية : أصبحت طبيبا نفسيا يا عمار ، لم تعد الصغير الذي كان يجوب بها الأنحاء هنا وهناك ، وليس من المعقول أن تذهب لمقابلة عمل وأنت تركب دراجة نارية .
تمتم بحشرجة : أريدأن أعانقها لعلني اشتم رائحة من كانت تشاركني بها من حولي يا عاصم .
زفر عاصم بقوة : لن نعود إلى هذا الحديث ثانيةً وفكر جيداً في كل خطوة ستقوم بها، فمقابلتك لأسعد اتت بنتيجة عكسية كما توقعت ويكفي أسبوعين تبعثرت بهما روحك ولم تستطع لملمة شتات نفسك فيهم ، اهدئ واتزن واخطو بتمهل سيجدي الأمر نفعا .
ارتعش صوته وهو يهتف : لابد أن أراها يا عاصم ، رأسي سيجن من التفكير يكفي أني لم احضر خطبة عمر حتى لا اقابلها تحت وطأة الأعين الكثيرة فلا استطع أن اتصرف بشكل لائق .
هز عاصم رأسه بتفهم : لا امانع رؤيتك لها ولكن بم ستخبرها يا عمار ؟!
رفع نظره لأخيه بتشتت : لا أعلم ، ولكن لابد أن تتذكر أيامنا سويا ، لابد أن تدرك أن وجودي أمر واقع ، وأن ابتعادي لا محال فيه ، سأظل امامها ، وستظل ملكي ، فأنا لن اتركها ثانية ولو على موتي .
ابتسم عاصم وهو يتحكم في غصته ليهمس : أنت متأكد من تعلقها بك يا عمار .
كان يقر أمرا واقعا ليؤكده عمار بجدية : بالطبع يا عاصم ، ومهما حاولت الانكار لن تقو على النسيان ، ومهما ابتعدت لن تستطيع الهرب ، ومهما فعلت سأتحمل وأنا أعلم أنها ستكون لي بالأخير .
ضحك عاصم رغم عنه ليربت على كتفه : أحب ثقتك هذه ، ولكن لتعلم إذا أتت لي يمنى تريد عوني سأفعل ولن اضع باعتباري أنك شقيقي .
ضحك عمار ساخرا : لا تخف لن تفعل ، يمنى لن تطلب عون أحد ، فهي ستنتقم مني بمفردها ، اتبع وهو يخفض عينيه – أنا اعي قوة انكسارها و أعي أن انتقامها سيكون ضعف مقدار جرحها .
نظر إليه عاصم بتساؤل فهمس : انا مستعد وسأتقبل كل شيء بصدر رحب ، كل شيء ما عدا أن تتركني هذه المرة .
ربت عاصم على كفته : أعانك الله .
ضحك عمار بخفة : أنا وأنت يا شقيق ، أمك وضعت نوران برأسها وانتهى الأمر .
ابتسم عاصم بمكر ليهتف : الياسمينة غاضبة من أبي وقرارته ، لذا تلتف من حوله، تتخيل اني سأفعل ما تريد وأبعد نوران عن طريقي .
نظر إليه عمار بتفحص : وهل تريد إبعادها او ابتعادها يا عاصم ؟!
زفر عاصم بقوة : أنا لا أريد شيء ، لقد توقفت عن الأمل والحلم منذ زمن بعيد يا عمار .
تمتم عمار بحنق : لماذا ؟!
رد بصوت مختنق : لم أعد صغيرا لأتهشم ويتساقط قلبي كزجاج منثور .
رد عمار بجدية :و لأنك لم تعد صغيرا فلتهشمها وتعيد تجميعها على يديك ، اربطها بك يا عاصم ، قيدها إليك فلا تقو على الفرار حتى لو أرادت ، نوران تريدك ولكن كرامتها أغلى عندها من الإعتراف .
__ وكرامتي انا ؟! ألقاها بصوت مكتوم ليجيب عمار – ستنتعش حينما تسقط نوران بين كفيك ، فقط تحرك لا تقف هكذا وكأنك عاجز عن اقتناصها .
تنهد بقوة : لدي القدرة ولكن ليس لدي الروح لأطاردها يا عمار فأفوز بها ، لقد سأمت من هذا الصراع الذي يقضي علي .
هتف عمار بجدية : إذاً اهزمه وحدد ماذا تريد ، هل تريدها أم تريد ابتعادها ؟!
اتبع وهو ينظر لعمق عيني شقيقه : واجه نفسك يا عاصم ، و أجب وعلى حسب اجابتك ضع استراتيجيتك لتكن فائزاً في آخر الأمر .
ابتسم عاصم ببطء ليهتف بجدية وهو يتحرك نحو سيارته : ستنال الوظيفة اليوم ، أنا موقن من ذلك .
ضحك عمار وثقته تتألق بعينيه ليشير إلى عاصم : وأنت ستصل إلى حل ، أنا أيضاً واثق من ذلك .
هتف عاصم وهو يدلف إلى سيارته : أراك ليلاً .
اشاح له عمار وهو يعاود تشغيل دراجته النارية : على خير- بإذن الله - يا شقيق .
اشتعلت عيناه بتصميم وهو يستمع إلى صوت هدير المحرك القوي ليرتدي خوذته ويأخذ وضع الاستعداد قبل أن ينطلق من داخل المرآب الذي اغلقت بوابته أوتوماتيكيا من خلفه .
***
صباح الخير يا ماما ، ألقاها بمرح من خلف رأسها بعد أن أشار لنوران التي التقطت وجوده بألا تخبرها وأتى بخفة يضمها من كتفيها ويقبل وجنتها بشقاوة لتنتفض واقفة وهي تصيح باسمه تلتفت إليه تضمه إليها بقوة وهي تتعلق بصدره : اشتقت إليك يا حبيب ماما ، صباح النور على عيونك حبيبي ، قبلت وجنته بالكثير من القبلات لتدفعه بعتب وهي تهتف - إذ لم اهدد عمتك لم تكن ستترك تأتي .
ابتسم بحنان : بل كنت سآتي اليوم دون تهديدك لعمتي يا مامي ، لقد اشتقت اليكم .
جذبته من كفه : اجلس لتفطر معنا .
هتف بصدق : أنا جائع بالفعل ، تحرك ليسلم على نوران التي نهضت لتحتضنه بمحبة ولهفه إليه : لماذا لا تجيب هاتفك؟!
قبل جبينها ليهتف : المعذرة يا حبيبتي حينما اتصلت كنت نائما وحينما استيقظت رفضت عمتك ألا أفعل شيء سوى الاستذكار ،جلس بجوارها ليهمهم إليها - بعض الأحيان تأخذ مني الهاتف حتى لا يعطلني على حد قولها.
ابتسمت نوران بمشاكسة : لأنها تعلم إذا تركته لك ستقضي لياليك في الحديث به .
تنهد بقوة : اشتقت إلى الحديث به ، ولكن سأنتظر الى انتهاء الاختبارات أريد أن أدرس العلوم السياسية فكرت أن ازاحم أبيك في مجاله .
ضحكتا الاثنان سويا لتهتف به فاطمة : تعال الى جواري
هم بالحركة ليصدح صوت أبيه مزمجراً : بل اجلسيه بحضنك كما كنت تفعلين وهو صغير .
كتم أدهم ضحكته ليجيب بمرح : يا ليتني استطيع يا بابي لفعلت وجلست بحضنها ولكن لا أريد إثارة استياءك .
ألقاها وهو يقترب من أبيه ليصافحه فيجذبه وائل إلى حضنه يضمه بحنو أبوي ليضربه على ظهره بخفة : لن استاء اليوم ، فلتفعل ما تريد .
اتسعت ابتسامة أدهم : ما أريده أن أمضى اليوم معكم فلقد اشتقت إليكم كثيرا
ربت وائل على وجنته : ونحن ايضا اشتقنا لك .
أشار إليه بالجلوس ليتحرك نحو طاولة الطعام فتقابله نوران بابتسامة عريضة تتعلق برقبته وتقبل وجنتيه : صباح الخير يا بابي .
ضمها إلى صدره بحنو : صباح النور يا عيون بابي كيف حالك اليوم ؟!
ردت بسعادة : بخير والحمد لله مستعدة للاجتماع ومتحمسة ايضا .
ناظرها بفخر : موفقة يا مدللة أبيك .
جلس فوق رأس المائدة ليحتضن كفها الصغير يرفعه لشفتيه مقبلاً قبل أن يشير إليها بالاقتراب فتتسع ابتسامتها وتهمس : لسنا بمفردنا .
رفع حاجبيها بتعجب ليهمهم : أنا امنحك تحية الصباح .
ضحكت برقة لتقترب بالفعل منه ليقبل جانب ثغرها هامسا : صباح الخير يا حوريتي .
ضمت وجهه بين كفيها لتقبل وجنته بقوة : صباح النور على عيون سعادتك .
هتف أدهم مازحاً : من رأيي أن نغادر الطاولة يا نوران فرفقتنا الآن غير مطلوبة .
ضحكت نوران لتهتف بمرح : إذا أردت غادر أما أنا سأبقى لأشاهد أبيك وهو يتغزل بعيون أمك واتحسر أني لن أجد من يشبهه ليحبني هكذا .
هتف وائل بجدية : من هذا الذي سيحبك ؟!
ردت بعفوية : من سيتزوج بي .
لم يتمالك أدهم ضحكته ليهتف من بينها : هل تتخيلين أنك ستتزوجين من الأصل ، اتبع بتفكه – من يأتي لطلب يدك يقوم أبيك بتقطيع أرجلهم وايديهم من خلاف حتى يكونوا عبرة للباقين فلا يفكر أحدهم وتسول إليه نفسه أن يقترب منك .
ضحك وائل ليهتف مكملا: هذا هو الناقص أن تتزوجين وتتركينني لقد أخطأت مرة ولن اكررها ثانية .
شحب وجه نوران وهي تنظر لأبيها بصدمة لتنقل فاطمة نظرها بين وائل وادهم وتهتف بامتعاض : أخيرا اتفقتما على شيء وهو أن لا تزوجا الفتاة ، اتبعت وهي تنظر لنوران - لا تستمعي إليهما ، وأحب أن ابشرك بأن من ستتزوجين منه بإذن الله سيحبك حب يفوق حب والدك لي ، فقط هو يأتي ولا يضل طريقه هذه المرة .
كح وائل بخفة ليرمق زوجته بطرف عينه لتسأل نوران بدهشة : من هذا ؟!
اجاب وائل بجدية : والدتك تحلم وتتمنى أمرا لن يحدث.
أجابت فاطمة بعفوية : بل سيحدث عاجلا أو آجلا ، انت من لا تريد حدوثه .
سأل أدهم بفطنة : عمن تتحدثان بالضبط ، هل هناك أحدهم يريد الزواج من نوران يا مامي ؟!
تبادلت النظرات بينها وبين زوجها لتهتف أخيرا : بالطبع هناك من يتقدم للزواج من شقيقتك ولكنها هي من ترفضهم ، أنا فقط اتناقش مع والدك في الفكرة عامة .
تطلعت إليها نوران باهتمام لتهمس بضحكة متوترة : أنا لا أريد الآن .
ابتسم وائل بفخر لتسأل فاطمة بانزعاج : لا تريدين الزواج !!
هتف وائل باستياء : الفتاة لا تريد ، هل ستجبرينها على الزواج يا فاطمة ؟!
زمت فاطمة شفتيها : بالطبع لا ، ومن يوقفني للآن رفضها ، إذا أتى أحدهم ووافقت مستعدة أن أجمع لك العائلة ثانية كالمرة الماضية
تأفف بحنق ليهتف : عدنا الى سيرة المرة الماضية والتي اندم عليها للآن ، أنا أحب بناتي و أحب جلوسهن معي.
زمجرت بغير رضا ليهتف أدهم بتفكه : ظننت ما فعلته المرة الماضية يا ماما كان لأجل أحمد .
هتفت بجدية : لا طبعا ليس لأجل أحمد ولكن حينما يحدث ثانية سأفعل مثلما فعلت المرة الماضية .
هتف أدهم ببلاهة قصدها : ستزوجين نوران لأحمد ، هل احمد مقرر علينا في هذه العائلة ؟!
هتفت فاطمة بإسمه في عتب ليتابع بمزاح : اتذكرين يا نوران هذا الشاب الذي رفضه بابا لكون اسمه أحمد
انفجر وائل ضاحكا لتشاركه نوران الضحكات فتبتسم فاطمة رغم عنها فيتابع أدهم ساخراً : لن انسى أبيك وهو يهتف بغضب " هل كُتب علي إسم أحمد ، أم هو عملي الرديء يتجسد في اشخاص اسمهم أحمد سلطهم الله علي ؟! لا لن ازوجها لأي كان اسمه أحمد ولتجلس بجانبي ، يكفيني أحمد واحد يفسد علي حياتي .
تعالت ضحكاتهم ليهتف وائل بجدية : لازلت تذكر يا أدهم .
ضحك أدهم : كنت أنا الآخر رافضاً له يا بابي ، لم يعجبني ولكني أحب أحمد وإسم أحمد يا معالي الوزير .
كح وائل بخفة ليهمس : دعنا من أحمد وسيرته المفسدة للأجواء واخبرني ، هل تريد بالفعل دراسة العلوم السياسية ؟!
توقف أدهم عن تناول الطعام ليجيب بجدية : هل تمانع يا أبي ؟!
اشار وائل نافياً : لا ، بل مرحب بالفكرة .
ومضت عينا أدهم بإهتمام ليتابع وائل بجدية – وإذابالفعل تريد الامر ومهتم به بجدية سأبدأ بتقديمك في الاوساط السياسية بعدما تنهي دراستك وتظهر نتائجك .
تمتم أدهم بعدم تصديق : حقاً؟!
ابتسم وائل بحنو : نعم يا أدهم ، أنا سأدعمك بكل قوتي ولكن لتعلم ، إذا أردت أن تكون سياسي لك ثقلك ومركزك ، لابد أن تحافظ على سمعتك ، فلا تفسدها بأفعالك.
ابتسم أدهم بمكر واسبل أهدابه ليهمس بمرح : أو أدفن أفعالي كاملة فلا يعثر عليها أحداً .
قهقه وائل ضاحكاً ليشير إليه بالإقتراب بعد أن سيطر على ضحكاته : تعال ، اقترب فأنت بدأت تستحوذ على اهتمامي بالفعل ، تحرك أدهم بعدما افسحت له نوران مجالا ليجلس بجوار أبيه ليهمهم إليه وائل بهدوء - ستكون ناجحاً في لعبة السياسية هذه ، فأنت ماكر وذو ردود مراوغة ، ولكن تذكر مهما اخفيت أفعالك ودفنتها ، هناك أناس عملها نبش ونهض القبور ايضا ، فلا تمنح الفرصة لأحدهم أن يرفع سيفا على رقبتك .
ابتسم أدهم وهتف بثقة : لا تقلق يا أبي .
ربت وائل على كتفه بدعم : سأكون معك وبظهرك .
سأل أدهم باهتمام : لست مستاء لكوني لم أختر طريق العمل بالمؤسسة .
رمقه وائل قليلا : من ذكر أنك لن تسلك طريقك في المؤسسة ، السياسي لابد له ظهر يحميه ، وعمل يدعمه ، ومصدر رزق يقويه ،
اتبع بجدية : لذا لابد من عملك في المؤسسة ، لابد أن تدرك بواطنها ومداخلها ، لن أطلب منك يوما أن تترأسها فأنا لا أريدك أن تتنافس مع عاصم ، فالتنافس حينها لن يكون متكافئا ، فعاصم وضع كرسيه فوق هرم ضخم بناه بتعب سنوات كثيرة كنت أنت لازلت تتلقى تعليمك ، مثلما ستفعل الآن ، حينما تخوض في مجال السياسة سيصعب ان يتنافس معك أحد .
رفع وائل عينيه لينظر اليه بفخر : ستكون مميزا .. متفردا بذاتك .
ترقرقت عيناه بدموع عصية ليهمس بصوت مختنق : سأفعل يا أبي و أعدك .
أومأ وائل براسه في تفهم : وأنا أنتظر نتائجك .
همس أدهم بوعد : لن أخذلك يا بابي .
ربت وائل على وجنته بحنان لينهض واقفا : حسنا سأترككم ، لا تعود اليوم لعمتك يا أدهم ، ابق اليوم مع مامي لعلها تريح قلبها بوجودك ، ابتسمت برقه وهي تنهض بدورها ليقبل رأسها ويهتف : ادعي أميرة وزوجها يا فاطمة ، أريد العائلة مجتمعة على مائدة الغذاء اليوم .
أشار إلى نوران التي أنهت فطورها : هيا يا مدللة أبيك .
تحركت نوران بحماس لتقبل وجنة والدتها : أراك على خير ، لا تنصرف يا دومي سنسهر سويا اليوم وإذا وافق مجلس الإدارة على برنامجي التسويقي سأعزمك على العشاء في الخارج .
هتف بمرح : موفقة يا شقيقتي .
تبعتهما فاطمة بنظراتها لتلتفت إليه بابتسامة سعيدة ونظرات حانية لتفتح ذراعيها على وسعهما فيقفز واقفا ليتلقف حضنها الدافئ لتهتف به وهي تدفعه معها : تعال لأفسدك دلالاً .
تعالت ضحكاته المرحة ليقبل رأسها ويضمها الى صدره العريض : إشتقت إليك يا أماه ، اشتقت لدلالك ، واشتقت للنوم بحضنك .
هتفت فاطمة وهي تضمه إليها أكثر : سأفعل لك كل ما تريد اليوم ، فأنا فرحة بوجودك وسعيدة بحلمك ، احتضنت وجهه بكفيها – لا تدعه يفلت من بين يديك يا أدهم وابذل قصارى جهدك لتحققه .
تنهد بقوة ليقبل رأسها ويهتف بجدية : سأفعل يا مامي ، سأفعل .
***



التعديل الأخير تم بواسطة رغيدا ; 23-08-20 الساعة 07:56 PM
سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-20, 06:18 PM   #148

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

يرمقها بطرف عينه تغفو في نوم هادئ ، بعد أن كانت تتشبث بيقظتها في تحدي نشأ بينهما حينما أخبرها أن تخلد إلى النوم لو أرادت فهو معتاد على قيادة السيارة بمفرده فلا تهتم لأمره ، حينها هتفت بجدية أنها لا تنام في السفر فهي تكون قلقة على الدوام ومتحمسة إذا كان السفر يخص التنزه ، ليضحك بخفة حينما انتظمت أنفاسها بعد منتصف الطريق بعد ان تناولا فطور دسم كانت أعدته بنفسها لكليهما بل وأصرت عليه ان لا يأتي بأي شيء فحتى الشاي اعدته في قدحين حراريين كبيرين حملتهما من أول الطريق لتتعنت معه فلا تسقيه خاصته إلا بعد أن تناول بعض من الشطائر الخاصة التي أعدتها ، لا ينكر أنه استمتع بمذاق كل شيء وخاصة وهي تجاوره ، تثرثر معه وتمازحه بخفة كعادتها فتستخرج ضحكاته الشحيحة من مكمنها، أحاد ببصره نحوها ثانية بعد أن سلم قيادة السيارة إلى القائد الإلكتروني ليتعلق بها متأملا ، فيتحكم بأنفاسه وهو يراقبها تتنفس ببطء وملامحها صافية ، شفتيها منغلقة على نفسها فتظهر كحبة فرولة ناضجة ، ازدرد لعابه وهو يبعد عنها عينيه قصراً لتهمهم بصوت خافت وحشرجة خرجت من انفراجه شفتيها وهي تحرك رأسها لتبعد تلك الخصلة التي ازعجتها ، فتحرك رأسها بطريقة عرضية لتسقط أخيراً فوق كتفه ، كتم أنفاسه وجسده يتأهب بفورة ذكورية لم يتوقعها ، وهو الذي لم يكن يدرك تأثيرها القوي عليه .
تصلب بتحفظ وهو يحاول أن يبعد رأسها عنه أو ينبهها لوجودها قريبة منه فيهز كتفه بحركة خافتة لتسقط رأسها بالفعل عن كتفه ولكن بطريقه ما خاطئة حطت رقبتها فوق ذراعه ليسقط وجهها على صدره ، رمش بجفنيه وهو يشعر بدمائه الحارة تسري باندفاع داخل خلاياه لتذيبه بقوة ، تجرفه بعنف مشاعره نحوها لتزيد من الطين بله حينما تعلقت بذراعه لتنام مستريحة من فوقه وهو تحتضنه بكلتا كفيها قبض كفيه بقوة على المقود من جديد ليعيد السيارة للوضع العادي ليصب تركيزه على القيادة ، يتشبث بصلابته .. بقوة إرادته .. بصبره المعروف عنه .. وحكمته التي ذهبت أدراج الرياح حينما حركت رأسها بعفوية وهي تزفر ببطء لتموء كقطة وهي تتثاءب كأنها سترحمه وتستيقظ من نومها اخيرا ، فيهتف بإسمها بهدوء حانٍ لترمش بجفنيها فعلياً وتسأله بصوت ابح : هل وصلنا ؟!
ابتسم رغم عنه وهو يعي أنها لا تدرك قربها منه ليجيب بمكر : أمامنا ربع ساعة ونكون عند فادي بإذن الله .
حركت رقبتها لترتطم بصدره القريب لتشهق بفزع وهي تجلس مستقيمة من جديد عيناها تتسع بصدمة لتهتف بجدية : أنا آسفة .
كتم ضحكته ليسأل بجدية : علام ؟!
تمتمت بتلعثم : من الواضح أن رأسي سقطت عليك بالخطأ وأنا نائمة .
ضحك رغم عنه وهتف مبدداً حرجها : توقعتك لا تنامين في السفر .
توردت رغم عنها لتهتف بعدم فهم : بالفعل أنا أظل طوال الطريق قلقة إلى أن نصل ، لا افهم كيف غفوت هذه المرة .
ومضت عيناه ببريق رضا ليهمس : من الواضح أنك تثقين في ثقة تامة يا جنى .
ابتسمت برقة لتهتف بأريحية : بالطبع انا اثق بك ، انت صديقي المقرب يا أسعد .
جمدت ملامحه ليرمقها بطرف عينه ويؤثر الصمت قليلاً قبل أن يهتف : سأمر على الحلواني لآتي لديانا بالشوكولا التي تحبها ، هلا أتيت معي ؟!
اجابته سريعا وهي تلتقط ابتعاده : بالطبع سأفعل .
هدأ من سرعة السيارة ليحيد إلى اليمين وهو يلامس الشاشة الذكية من أمامه فتومض السيارة بوهج فسفوري متتابع ، تنبه القادم بأنها تقف للإتنتظار ليصفها جانبا ويشير لها برأسه : هيا بنا .
اتبعته على الفور لتدلف إلى المتجر بعد أن فتح لها الباب مشيراً إليها أن تتقدمه لتتسع عيناها بانبهار طفولي ، تبتسم بسعادة وهي تهمهم : واااو ، إنه رائع .
ضحك بخفة وهو يعود إلى هدوءه من جديد ليهتف بها : انتقي كل ما تريدين ، سواء لك أو لديانا ، فقط لا تهتمي بشيء سوى ابتياع ما تهفو إليه نفسك .
ومضت عيناها ببريق فرح لتبدأ بالإشارة على ما يعجبها بالفعل وهو يجاورها ليطلب من العامل الذي أتى مهرولاً ليساعدهما في ما تنتقيه دون ان يناقشها .
***
يقف أمام مرآته يسرح خصلاته البنية بشقرتها المميزة ، ناعمة كحرير طبيعي فيبذل جهداً مضاعفاً ليعيدها للوراء ويثبتها حتى لا تقع على جبينه ، يبتسم بسعادة وعيناه تومض ببريق ازرق صاف كبحر رائق في صبيحة يوم هادئ النسمات ، ينظر إلى انعكاس دبلته الفضية ببنصره الأيمن لتلمع ابتسامة مرحة على ثغره وهو يتذكر تلك الليلة البعيدة التي استأذن في الدخول على والديه ليجلس امامهم ويخبرهم بصوت هادئ أنه يريد الزواج
اتسعت عينا منال بحبور لتهتف بفرحة حقيقية : حقا ؟!
في حين ابتسم أبيه بهدوء ورزانة لتسأله والدته : هل انتقيت العروس أم تريد مني البحث لك عن فتاة تناسبك ؟!
ابتسم عمر بمهادنة : بل انتقيتها يا ماما ،تهللت عيناها بمرح وتساؤل اجابه سريعا وهو ينطق بفخر – حبيبة .
اعتدل أبيه بجلسته وعيناه تلمع بوميض فرح لتعبس منال بتفكير قبل ان تهمس بإدراك : ابنة بلال اخو ليلى ؟! أومأ بالإيجاب لتتبع بهتاف فرح – رائع ، الفتاة من عائلة كريمة ذات اصل ومستوى اجتماعي يماثلنا ، الفتاة جميلة .. هادئة .. وذات اخلاق عالية
ابتسم بحماس فاتبعت بعد وهلة : ولكن أليست قصيرة عليك قليلاً ؟!
شحبت ملامحه ليكتم خالد ضحكته وهو يرمقها بطرف عينه ليجيب بدلاً منه حينما اعتلى الاعتراض ملامحه : ما دخل قصرها بالأمر يا منال ؟! الهام هو اخلاقها وكرم أصلها وأنت شهدت به ، اليس كذلك ؟!
اومأت رأسها بالإيجاب لتسأل بمكر انثوي : ألم تكن تلميذتك يا عمر ؟! أتذكر أنها خريجة كلية الحقوق هي الأخرى ، أم أن ذاكرتي تخونني ؟!!
ومضت عيناه بمكر ليجيب بهدوء : نعم هي خريجة كلية الحقوق ولكنها لم تكن تلميذتي فهي كانت تدرس بقسم الحقوق الفرنسي يا أماه .
هزت رأسها بتفهم : آها ، قسم الفرنسي ، لتتبع بفطنة – ولكنها كانت تدرس بنفس كليتك ، هل بينكما قصة ؟!
ألقتها وعيناها تومض بفضول فيبتسم عمر برزانة : لا يا ماما ، فقط أنا أشعر بأنها مناسبة لي .
سألت بعفوية : كيف تشعر بذلك وأنت لا تعرفها جيدا ؟!
صمت قليلا ليجيب بهدوء : إنها شقيقة سليم يا ماما والذي هو صديقي ، لقد رأيتها بالجامعة وتعاملت معها أكثر من مرة ، ما اشعره نحوها يعود إلى حدسي والمعاملات القليلة التي حدثت بيننا ، فحبيبة لا تصادق الشباب ولا تتحدث مع أي شخص لا يقربها .
هتفت منال بفخر : أعلم ، إنها في غاية الأدب ، نهضت واقفة لتتبع بحماس – سأهاتف ليلى أولا ثم اتحدث مع سوزان .
اقترب خالد منه ليهمس إليه وهو يرمق ابتعاد زوجته : هل تريد مني أن أحدث بلال يا عمر ؟!
رمق أبيه قليلا ليهتف بهدوء : لا يا بابا دع الأمر يحدث كالمعتاد ، النساء تمهد للذهاب رسيما .
اقترب منه اكثر ليهمهم إليه وهو يراقب زوجته المنشغلة بهاتفها : اعتقد أنك تملك موافقة مبدئية من الفتاة ، أليس كذلك ؟!
ابتسم عمر لتومض عينا خالد بمكر فيتبع بخفوت – أمر حدسك هذا تغرقه بكوب ماء وترتشف على مهل ، فانت غارق في الفتاة لأذنيك منذ أن كانت تأتي لزيارة أبيها في المؤسسة .
اسبل عمر جفنيه ليهمس بصوت ابح : فقط لا أريد أن أخبر ماما فتتخذ أمامها خط دفاعي قبل انأن تتعرف عليها جيداً .
أومأ خالد براسه موافقا : احسنت ، هل اخبرت اخوتك ؟!
بلل شفتيه : عبد الرحمن يعرف منذ فترة وأحمد أخبرته اليوم ، يتبق هَنا سأحدثها لتأتي معنا هي وتيم في المقابلة الأولى .
صمت قليلاً قبل أن يتحدث بجدية : أريد الإرتباط رسمي شرعي يا بابا هلا ساعدتني في هذا الأمر ؟!
ومضت عينا خالد ببريق مرح : رغم أني أشك في حاجتك لمساعدتي ولكني سأكون معك وبظهرك دوماً .
ربت على كتفه بفخر وهو يتبع – مبارك مقدماً يا بني .
اتسعت ابتسامته ليجيب حينها : بارك الله فيك يا بابا
ازدادت ابتسامته بسعادة غمرته وهو يشعر بالاكتفاء التام وهو يتذكر بأنه نال كل ما أراد إلى الآن !!
تحرك بخطوات واسعة يقترب من طاولة الطعام المعدة ليحنو جذعه ويقبل رأس والدته التي هتفت : صباح الخير يا عمر بك ، هل كل من عقد قرانه يتأخر هكذا في الاستيقاظ ؟! لقد غادر أبيك وأخيك من الصباح الباكر.
ابتسم وقبل رأسها ثانية ليهتف : صباح النور يا حبيبة قلب عمر ، لا شيء يؤخرني عنك يا حبيبتي .
هزت كتفها بدلال : بل هناك عروسك التي من الواضح أنك سهرت البارحة تثرثر معها فخلدت إلى نومك متأخراً لتستيقظ الآن ، إنها قاربت على الحادية عشر يا عمر ، وأنت الذي تستيقظ في السادسة يومياً .
ضحك بخفة وهو يجلس أمامها : لم اسهر لأثرثر مع حبيبة يا ماما بل كنت اعد بعض العقود التي سنحتاجها في اجتماع اليوم ، فحبيبة خلدت إلى نومها باكرا .
عض شفته وهو يتذكر أنها اغلقت الهاتف بوجهه حينما بدأ بمشاكستها لتبعث إليه رسالة نصية بعدها تخبره فيها أن يعتبر كل ما بينهما لاغي ، وأن عقد القران الذي لم يستشيرها فيه لا يعتد به ،فهي ستخبر القاضي عدم موافقتها عليه ولذا سيستجيب ويفسخ عقد الزواج الذي لم يصدر بعد !!
كتم ضحكته التي كادت أن تجلجل ثانية وهو يتذكر أنه ظل يضحك إلى أن أتى عبد الرحمن إلى غرفته ليرميه بالوسادة ويهتف به أنه سيفقد عقله بسبب أنه تزوج ويطلب منه بصرامة أن يخلد إلى النوم ، فيتشاغل بإعداد العقود المطلوبة فهو لم يكن ليقوى على النوم وقلبه يضخ السعادة بأوردته ، فظل مستيقظا إلى أن صلى الفجر حاضراً وخلد إلى النوم ليستيقظ الآن وهو يشعر بأن سعادته لازالت مخيمة عليه .
كح بخفة ليهتف : بمناسبة حبيبة يا ماما ، أنا مدعو اليوم لديهم على العشاء ، هل هناك شيء ما من المفترض ان اخذه معي في زيارتي الأولى لهم .
هتفت بجدية : بالطبع يا حبيبي ، ابتاع شوكولاه ، جاتوه .. او حلويات شرقية مرصوصة بشكل فخم ،معك ولا تنس الأزهار لأجل خطيبتك .
هز رأسه بتفهم لتسأل : إذا لن تتناول العشاء معنا اليوم .
نهض واقفا وهو ينهي قدح الشاي باللبن خاصته : لا يا ماما ، لا تؤاخذيني سأذهب إلى زوجتي .
ابتسمت برقة لتصحح بصرامة : خطيبتك يا عمر ، أنت عقدت القران لأجل ألا تكون غريباً عنها في وسط تحفظها هي وعائلتها الغريب نوعاً ما ، ولكن اياك أن تتعامل معها أنها زوجتك ، أنا أثق بانك لن تستبق الامور بينكما .
ابتسم بتفهم : بالطبع يا ماما لا تقلقي .
تحرك نحوها ليقبل رأسها ثانية قبل أن يشير إليها مودعا فتبتسم بفخر وهي تضع فنجانها ، تدعو الخادمة أن تلملم المائدة لتتحرك وتدعو بهدوء: العقبى لك يا عبد الرحمن ، ربي يرزقك بامرأة تفك عقدتك وغموضك .
***
تتحرك بخطوات جدية تخطو نحو مكتبه ، تطرق الأرض بكعب حذائها ، لتدق الباب الزجاجي المفتوح دقتين قبل أن تهتف بصوت مزعج : صباح الخير يا باشمهندس .
رفع عينيه إليها بتعجب ليهتف بجدية وهو ينهض واقفاً ليستقبلها بمكتبه : صباح النور يا آنسة رقية تفضلي .
زمت شفتيها بغضب لتهتف بحدة : لا شكرا لك ، اتيت فقط لأسألك ، هل أنت من بدلت مواعيد مناوبات الممرضات ؟!
عبس بتفكير ليهتف : بالطبع لا ، ما لي أنا بمناوبات الممرضات ؟!
زمت شفتيها بحنق لتهتف : ولكنهن اجتمعن يا باشمهندس على كونك من أخبرت الفتاة الجديدة أن لا تأت اليوم وتداوم في الغد .
إلتمع الإدراك بحدقيته : آها ، تلك الفتاة ، أنا بالفعل من منحها إذن لتتغيب اليوم ، لقد اخبرتني أن والدتها مريضة ولن تستطع تركها في الغد فأذنت لها .
اتسعت عيناها بشرارة غضب التقطها جيداً لتزعق بصوت حاد : وهل كل فتاة تخبرك بأي هراء تصدقها ؟! أم لأنها سمراء .. هيفاء منحتها إذن بالغياب ، إذن ليس من اختصاصك ، ألم تخبرني الآن أنك غير مسئول عن عملهن، لماذا تمنح إذن بشيء لا يقع ضمن نطاق اختصاصك ومسئوليتك ؟!
عاد ليجلس على كرسيه ليهتف ببرود : اهدئي يا آنسة رقية حتى لا تمرضين ، فصحتك أهم من مناوبات الممرضات والمشفى بأكمله .
إربد وجهها بغضب لتهتف به في غل :لا شأن لك بي ، وأخبرني الآن ماذا علي فعله، فالآنسة التي أذنت لها سيادتك بالتغيب كانت مسئولة اليوم عن التمريض بالطوارئ ، هل ستذهب بدلاً عنها لتمرض المرضى .
ابتسم ببرود : إذا كان يرضيك أن أذهب لأعمل بدلاً منها لن اتوانى عن ذلك .
غمضت عينيها بنزق لتهتف : يا لبرودة أعصابك ، لا أفهم من أين تأتي بها ؟!
اسبل جفنيه ليهتف بسخرية : إنها وراثة يا آنسة رقية ، انسيت أنا خواجة انتمى لأجدادي الإنجليز ببرودة دمائهم وعنجهيتهم الفارغة .
تصلبت ملامحها لتومض عيناها بِكُره لم تستطع التحكم به لتهتف : أنا المخطئة أن أتيت وتحدثت معك ولكن للعلم ، سأشكوك لمجلس الإدارة وسأقدم مذكرة عما حدث في الشئون القانونية ايضا ، ولنرى يا خواجة ماذا أنت بفاعل ؟!
ألقت حديثها وغادرت كعاصفة صيفية سريعة اتت لتبعثر الاشياء من مواضعها الحقيقية كما بعثرته بكلمات قليلة غاضبة اعادته لتلك القوقعة التي يحاول الهروب منها بكل طاقته ، وهذا الرفض الذي مُنِي به فلم يستطع أن يحقق حلم حياته ، فيتحايل الآن على الظروف ليستطيع أن يلحق بركب يعدو بكل قوته والفائز من يحافظ على وجوده على متن قِطاره .
***
يتمرغ في نومه الذي سقط فيه حينما وضع رأسه في حضن أمه كعادته ، رمش بعينيه ليعبس بتعجب وهو يلتقط هذه الانحناءة الأنثوية التي تقابله ليتمعن النظر وهو يتساءل هل يحلم أم أنه استيقظ بمكان آخر ، تحرك الجسد الأنثوي المحتشم ببنطالون قطني متسع وبلوزة قطنية فضفاضة أخفت كل معالمه أمام نظره حينما استقامت واقفة ليسأل بجدية وصوت أجش من أثر النوم : من أنت ؟!
انتفضت الفتاة أمام ناظريه فتتورد وتتلعثم قبل أن تنطق بخفوت وهي تشيح بعينيها بعيداً عنه : أنا أعمل هنا .
ابتسم بخفة قبل أن يسأل وهو ينقلب على ظهره : أنا أرى هذا ، لكني أسأل عن هويتك .
ارتجفت وعيناها تطلع إليه بعدم فهم فيتنهد مستدركاً : اسمك ، ما هو اسمك ؟!
نطقت أخيراً ووجهها يحتقن خجلا : جود يا سيدي .
__ اووه جود ، اتبع بالإنجليزية : nice name
فغرت فاها فاستدرك بخفة : اسم جميل يا جود .
اسبل عينيه واتبع : لم ارك من قبل هنا ، سنك صغير على العمل .
تمتمت وهي تواصل عملها : أنا أعمل مكان أمي ، ثرثرت بعفوية تشرح له - الست فاطمة الله يكرمها حينما تعبت أمي منحتها إجازة وكانت ترسل لنا ما يكفي ويزيد ولكن كما يقول المثل " إذا كان حبيبك عسل "
ضحك رغما عنه ليهتف : والله أنت العسل .
شهقت بحرج : المعذرة يا سيدي لقد اقلقت نومك وافزعتك لأثرثر الآن فوق راسك
تنهد بقوة وهو يدير عينيه عليها ليهمهم : لو ايقظتني يومياً على نفس ما رأته عيني اليوم ، لن اشعر بالانزعاج ابدا .
اخفضت بصرها حياءً ليسأل وهو ينقلب نائما على جنبه يواجها : من امك ؟!
ردت بعفوية : أم عبده .
رفع حاجبيها تعجباً: ومن عبده ، ما اسم أمك يا جود؟
هزت راسها بتفهم : آها ، سمية .
ظهرت الدهشة على ملامحه ليبتسم بكسل : أنتِابنة دادة سمية ، والدتك لها مكانة خاصة عندي .
همهمت : أعزك الله يا بك .
سأل بجدية : و أين عبده إذاًولماذا يتركك تعملين ؟!
ضحكت فتعلقت عيناه بملامحها لتهتف بمرح : عبده بالمدرسة الابتدائية سينهي امتحاناته بعد غد .
__ اووه إنه صغير .
هزت رأسها إيجاباً : أنا أكبر اخوتي ، هنا بأولى ثانوي و صفية بثانية إعدادي وعبد الله آخر العنقود بالابتدائية وفقه الله بمجموع عال يا رب .
هتف بتساؤل: صفية بعد جود وهنا .
ابتسمت وهتفت : على إسم جدتي رحمة الله عليها .استطردت بثرثرة - هنا سُميت على إسم هنا هانم ابنة خالة سعادتك .
ضحك : لم أربط بين الاسمين تخيلي ، ابتسمت وآثرت الصمت وهي تكمل تلميع الاثاث بالغرفة ليسأل : أين أبيك يا جود ؟!
هتفت: موجود يا بك ، بارك لنا الله في عمره ، ولكن ظروف المعيشة ومصاريف ثلاث بالمدرسة أكبر من طاقته ، مرتب أمي كان يساعد ، لن ننسى جميل فاطمة هانم أبدا ولكن لابد أن يمتلك المرء بعض من الكرامة ، أبي كان رافضاً لعملي .
صمتت وصوتها يحشرج : ولكني صممت ، فبعد حصولي على الدبلوم لم أجد وظيفة تناسبني ويكفي إحسان والدتك ، اتيت لأعمل مكان أمي وكثر خير الهانم ضاعفت المرتب رغم أن العمل واحد .
مشدوه ومنجذب لفيض حديثها ، ملامحها المعبرة وعيناها التي تغيم بكل المشاعر فتارة تضحك وهي تذكر عائلتها تشع بالفخر وهي تتحدث عن أبيها وأخيها الصغير لتغيم بالألم وهي تنهي حديثها ، لا ينكر تأثره بحديثها وكأنها تكشف له عن عالم خفي لا يدري عنه شيئا .
ابتسم ليمازحها لعله يعيد إشراقة عينيها ثانية : هل ستبكين ، أستطيع تقديم المساعدة وضمك إلى صدري لمواساتك .
شهقت و وجهها يحتقن خجلاً لتشيح بعينيها بعيداً عنه ، ضحك بخفة : أتمنى أن يكون العمل مريح لدينا يا جود.
لم تُجب وهي تنصرف لعملها ليسألها : إذاً أنت تكبرينني في العمر
ردت بتلقائية : ما عاش من يكبر عليك يا سيدي
اتسعت ابتسامته وعيناه تنتشي بغرور ليهمهم وهو ينقلب على بطنه : إذاًهلا انتهيت مما تفعلين فأنا أريد النوم .
ازدردت لعابها وهي تلتفت نحوه فتجده نائماً فوق الأريكة العريضة يمد ذراعيه خلف الوسادة الذي يضع رأسه عليها جذعه العار الذي تحاشت النظر إليه يلمع بسمرة محببة نتاج ضوء الشمس الساقط عليه من زجاج الشرفة ،خصلات شعره السوداء بلونها الفاحم طويلة تداعب آخر عنقه ويتطاير الكثيف منها بفعل الهواء الواصل من فرجة ضئيلة هي من أحدثتها حينما دلفت إلى الغرفة همهمت بصوت مختنق : المعذرة لم أكن أدرك أنك هنا وحينما أدركت خجلت أن اوقظك لتذهب إلى غرفتك .
تمتم بهدوء والنعاس يغلبه : هل أنت المسئولة عن تنظيف غرفتي كدادة سمية؟!
تضرجت وجنتيها بحمرة قانية لتهمهم : نعم السيدة تنظفها يومياً لأجل عودتك المحتملة في أي وقت .
تنهد بقوة وهو يسحب جسده لينهض فوق ركبتيه جالساً : هانت ، أيام قليلة باقية واعود للأبد .
تحرك بعفوية ناسياً إلتقاط قميصه لارتدائه بل يخطو بجذع عار قريباً منها ليهمهم : سأستكمل نومي بغرفتي ، أتمنى أن لا توقظيني هناك أيضا ، اقترب ليغمغم بعبث - إلا لو ستقومين بتدليك جسدي كما كانت تفعل دادة سمية وهي تهتف بي صح النوم يا جميل المُحيا يا بهي الطلة يا ذو الغُرة الناعمة .
تتحاشى النظر إليه تُخفض رأسها بخجل ويرتعد جسدها بخوف فطري لتهمهم اخيرا :لا يصح أن تنام الآن، إذا نمت الآن سيصيبك الوخم.
قهقه ضاحكاً وهو يبتعد عنها : إذاًسيادتك تمنعينني من النوم لتستكملي عملك.
تمتمت سريعاً : العفو يا بك أنا فقط أخبرك أن النوم قبل الظهيرة يصيب الجسد بالوخم.
رمش بعينيه وهو يتطلع إلى ملامحها بتفحص جعل حمرة وجنتيها تتضاعف ليهمس : حسناً سأستمع إلى نصيحتك ، هلا أعددت لي كوب من القهوة أم لا تستطيعين ذلك.
هتفت وهي تمأ بطاعة : سأفعل حال.
هم بالمغادرة لتستوقفه بهمسة شديدة الحياء : قميصك يا سيدي .
ومضت عيناه وهو يتذكر قميصه الذي خلعه عن جسده وهو يستلقي بحضن والدته ليدرك سبب اشاحتها عنه طوال الوقت ليتحرك بعفوية ويرتديه ببطء وهو يتأمل حمرة وجنتيها القانية ليسألها بتلقائية : لماذا لا ترتدين زي العاملات بالقصر ؟!
رمشت بعينيها لتهمس : فاطمة هانم بعثت لهم ليعدوه لي فمقاسي غير متوفر وما هو متوفر قصير فلا استطيع ارتداءه .
عبس بتعجب ليهتف : لماذا لا تستطيعين ارتداءه ؟!
عدلت من وضع وشاح رأسها : لأني محجبة
رفع حاجبيه بذهول : إذاً أنت لا تضعين هذا الوشاح لأجل حماية شعرك من الغبار .
نظرت إليه بتعجب فيتابع : لماذا ترتدينه، ألا يعيق حريتك في العمل ؟!
هتفت بعفوية : أمر الله يا بك .
غشى الذهول حدقتيه ليعتلي التعجب هامته ليردد بتعجب : أمر الله ،
هتفت : العمل والشقاء كُتب علينا ، وأنا أرتدي الحجاب منذ الثانية عشر .
هز رأسه بتفهم ليهمهم بخفوت : فهمت ، كان الله بعونك ، اتبع وهو يغادر من زجاج الشرفة - سأنتظر القهوة بالحديقة .
همهمت وهي تتابعه ببصرها نظرها متعلق به كقطعة من الحديد منجذبه إلى مغناطيس قوي لتهتف وهي تشعر بإرتعاده خفيفة تصيب روحها : امرك يا سيدي
***
هتفت وهي تدلف إلى غرفة الاجتماعات : صباح الخير .
رفع نظره إليها لينظر إلى ساعته الأنيقة قبل أن يهتف بجدية : صباح النور .
سألته وهي تجلس مواجهة له على الكرسي المقابل لكرسيه فوق طولة الإجتماعات البيضاوية : هل أتيت مبكراً ؟!
ابتسم بسخرية : نعم ، من الواضح أنك متحمسة قليلا .
رفعت رأسها بشموخ : متحمسة جداً .
رفع حاجبيه بتعجب ليسأل : لماذا ؟!
لعقت شفتها السفلى وهي تبتسم بجذل كعادتها حينما تكون سعيدة لتهتف وعيناها تومض بنور اخاذ سيطر على عقله : سأفاجئك .
رفع حاجبه بتساؤل : حقاً ؟! اتبع بعد أن ابتسم بسخرية – لا تتمسكي بأمر المفاجأة هذا ، فأنا توقفت عن الاندهاش منذ فترة طويلة .
ازدردت لعابها لتهتف بهدوء : لنرى يا ابن عمي .
ابتسم واسبل جفنيه ليفكر بأنه منذ تلك الليلة التي سار خلفها بسيارته ليوصلها إلى قصر جده لم يحتك بها نهائيا بل إنها كما لو كانت تتحاشى التواجد معه أو الاحتكاك به ، وهو الآخر ابتعد عن طريقها نهائياً وهو يشعر بأن أعصابه اصبحت على المحك فآثر الإبتعاد خوفاً من أن يفقد رباطة جأشه ذات مره معها فتنهار مقاومته ويعود إلى فلكها من جديد ، ولكن كلمات عمار اليوم زلزلت به شيء واضفت إليه هدفا جديدا وهو اخضاعها ، تقييدها ، و أسرها إليه فلا يدور هو بمفرده في فلكها ، بل لابد أن تدور هي من حوله تبغى رضاه وقربه قبل أن يمنحها ما يجيش داخل صدره ، قبل أن يعطيها ما هو ملكها .
انتبه من أفكاره على وصول عمر المرح والذي يبتسم بإتساع والسعادة تومض بحدقتيه فيهتف أحمد الذي يتبعه : توقف عن الابتسام يا أخي ، الفتيات في المؤسسة يتنهدن بحالميه كلما مررت من امامهن .
ضحك عاصم رغم عنه لتهتف بانزعاج : اتركه يا أحمد ولا تضايقه . نهضت بعفوية تصافح عمر وهي تهتف بحبور : فعريسنا الغالي وصل ، توقعت أن لا تأت اليوم .
ضحك عمر بمرح : لا إنه عقد قران فقط ، أعدك بعد الزفاف لن ترونني لمدة شهر، ثلاثون يوما كاملة ، لا أريد التطلع في وجه أحدا منكم .
تعالت ضحكاتها لتهز رأسها بيأس : أنت مفقود منذ الآن ، ولكن العروس تستحق ، اتبعت بفرحة حقيقة – إنها رائعة يا عمر ، رقيقة وجميلة ، ستنجبون ابناء مميزين بشقرتك ورقة ملامحها وهدوء روحها .
اتسعت ابتسامته : العقبى لك يا نور ، ضحكت بمرح لتثرثر اليه بعفوية وخاصة حينما جلس بجوارها - هل قابلت مامي اليوم ، لأن خطبتك دفعتها أن تأتي بسيرة الزواج على مائدة الافطار ، ولحسن حظنا سيادة الوزير كان بمزاج رائق فلم تندلع الحرب على الصباح .
قهقه عمر ضاحكا ليهتف أحمد بمرح : وبالطبع ذكرني بكل خير .
تعالت ضحكاتها لتجلجل من حوله فيطبق فكيه بغيرة اشعلته ببطء لتجيب اخيرا : بالطبع يا أحمد ، لا أريدأن احطم أحلامك ولكن مكانتك لديه لا تَخَفى على أحد .
ضحك احمد القريب منه : أعلم ، أعلم لا تبلغيني ارجوك .
هتف عمر بأريحية : والدك يا نوران سبب لنا جميعاً عقدة الرفض فأنا كنت اموت قلقاً أن يرفضني بلال بك ، ولكنه ولله الحمد لم يفعل ، تنهد بقوة ليتابع – رغم أنه متصلب قليلاً بعض الشيء ولكنه لم يرفض .
اشاح أحمد بكفه : لا، عمك بلال رجل طيب ، من يقبل أن يدعوك على الطعام ثاني يوم عقد قرانك على ابنته ، إنه لرجل طيب ، أما سيادة الوزير لا مثيل له ، إلى الآن حينما يراني ببيته يسألني كالعادة " ماذا تفعل هنا ؟! "
نظر إليه عمر بدهشة لتبتسم هي ولكن عاصم المتابع إلى الحوار بصمت لم يتمالك ضحكته التي صدحت بقوة ليهتف من بينها : في كل مرة يكاد أن يطردك ولكنه يتراجع يا أحمد لأجل تامي و لأجل ألا تغضب أميرة .
هز احمد رأسه بيأس ليهمهم بخفوت لا يستمع إليه سواه : العقبى لك حينما يطردك أنت الآخر .
رمقه عاصم بمكر : لن أرد عليك .
ضحك أحمد لينتبها من حوارهما الخافت على صيحتها : إذاًستذهب إليها اليوم ؟!
أومأ برأسه إيجاباً ويهتف : هلا عاونتني ، أريد أن آت لها بباقة أزهار وشوكولاه مميزة .. أنيقة .. وفخمة .
اتسعت ابتسامتها لتهتف : بالطبع سأفعل ، سأمنحك رقم محل حلوى مشهور و أيضاً متجر لبيع الورد ، لقد تعاملت معه شخصياً ، إنه ممتاز وباقاته مميزة .
أومأ رأسه بالإيجاب لتتابع هي بتفكير : أعتقد أن عليك أن تبتاع لها هدية يا عمر ، إنها أول زيارة لك اجعلها مميزة بشيء يظل ذكرى بينكما .
سأل بانتباه : هل لديك اقتراحات ؟!
شردت بتفكير لتهتف : ابتاع شيء مميز .. تحبه هي .
ابتسم بفرحة حقيقية : تسلم لي هذه الرأس العبقرية ، اتبع بمرح - هل لو قبلت رأسك سيقتلني سيادة الوزير أن سيدعني امضِ لحال سبيلي ويقتنع أنها قُبلة أخوية وأني رجل متزوج لا أطمح لأي شيء معك .
تناثرت ضحكاتها ليهتف أحمد والذي التقط توتر عاصم الجلي : بل سأضربك أنا على أم رأسك هذه لعلني اعيد عقلك إلى العمل بدلاً من طيرانه فوق السحاب ولم يعد لأجل خطبتك لإبنة بلال بك .
ضحكت نوران لتهتف بمشاكسة : إنه يحقد عليك يا عمر لأنه لم ينل أي من هذه الأشياء التي تفعلها الآن .
ابتسم أحمد ساخراً : البركة بأبيك يا ابنة الخالة ، انه يعد علي انفاسي للآن .
هزت كتفيها بدلال : أنت من اخترت الاقتران بإبنته .
أجاب أحمد بتحدي : ومهما فعل سأظل بقلب ابنته وفوق قلبه .
همهم عاصم بجدية : اخفض صوتك حتى لا يستمع إليك فاعتقد أن وقت وصوله حان ، هتف احمد بجدية - أنا لا اخاف عمك .
لوى عاصم شفتيه : أنا أعلم يا أبو حميد ولكن أنا أخاف على صحة عمي فلا أريده أن يمرض من تحت رأس مشاعرك الجياشة لإبنته .
همهم أحمد بمشاغبة : جبان. ابتسم عاصم و آثر الصمت ليهمس إليه أحمد بجدية هذه المرة – إنها تتعامل مع عمر بعفوية و أُخوه يا عاصم ، ألم تراها البارحة كيف كانت فرحة بخطبته ، اشعرتني أنها شقيقته الصُغرى .
رجف جفني عاصم وهو يراقب حديثها المرح مع عمر ومن الواضح أنها تريه بعضاً من أشكال باقات الورود لينتقي منها لخطيبته ،ليهمهم أخيراً بصوت مختنق : أعلم ، ولكن ليس بيدي حيلة .
تنهد أحمد بقوة : ما الذي يقيدك يا عاصم ؟!
ابتسم عاصم بألم : الكثير ، حاوره أحمد بذكاء – دع كل ما حدث ، و ابدأ من جديد يا عاصم ، فالماضي دوماً يُعيق طريق حاضرنا ويُحد من بهجة مستقبلنا ، فقط اتركه .. اهمله .. ولا تفكر به ، و انظر إلى طريقك القادم وهي تجاورك ، ستجده مختلفا ببهاء لا يدركه عقل ماضيك .
تطلع إلى عمق عيني أحمد ليحثه بجدية فيسحب نفساً عميقاً ويهز رأسه بتشنج لم ينم عن الصراع الذي يموج بداخله .
وصل بقية أعضاء مجلس الإدارة بالتتابع ليبتسم بجدية ويهتف بحسناء التي تجاوره على كرسي صغير يقع بجوار كرسيه : هل ننتظر أحداً آخر ؟!
اشارت برأسها نافية : لا يا باشمهندس ، التفت إلى الجمع امامه – اذاً لنبدأ
***
تبتسم بحماس وهي تتحرك بخطوات هادئة .. واثقة .. بطيئة ، تتحدث بثقة وعمق وإيمان للفكرة ولنفسها ، تشير بكفها إلى شاشة العرض الإلكترونية فتتوالى الإحصائيات متناغمة مع حديثها بصوتها الناعم ذو النغمة الأبحه ، رغم ضيقها من الإنتظار ففكرتها وُضِعت في آخر جدول الإجتماع ولكن حينما أُتيحت لها الفرصة استغلتها بكفاءة وجدارة تستحقها ، انتبهت لعينيه اللتين ومضتا بنظرة غريبة عليه لتعبس بتفكير ،تصمت لثواني معدودة ثم تتحدث ثانية وهي تتحرك بخطوات هادئة أمام شاشة العرض الذي تصيغه بكلمات مرتبة أجبرت الجميع على الإنصات ، تتحدث عن إمكانية النجاح بالخطة التسويقية الجديدة والتي كانت فكرتها بالأساس ومع عدة مقترحات تطورت لبرنامج تسويقي متكامل إذا اتبعته المؤسسة سترتفع نسبة الأرباح بطريقة خيالية ، ابتسمت بظفر وهي تراقب نظرات الاعجاب الوامضة بأعين الجميع ما عداه ، هو الوحيد الذي لا تستطع التكهن بماهية نظراته استدارت لتشرح بعض النقاط ، فتلتقط توهج عيناه المريب والذي رأته عبر انعكاس زجاج غرفة الاجتماعات لتتلعثم رغم عنها وهي تشعر بضربات قلبها تزداد وجلاً ، ازدردت لُعابها وهي تتحاشى النظر إليه وعقلها يعمل ليحلل نظراته ويدرك مقصدها.انتهت من الشرح فسطع الضوء بالغرفة من جديد فوقفت برأس الطاولة مقابلة له ترفع راسها بشموخ وتبتسم بثقة وخاصة حينما هتف بلال بعفوية : رائع يا نوران ، إنها فكرة عبقرية ، لم تأتي على عقلنا أبداً .
عضت شفتها بتمهل وابتسامتها الكسول تحتل ثغرها لتتسع وتصبح ابتسامة حقيقية حينما هتف أبيها بجدية : أنا موافق على اقتراحك يا نوران .
كادت أن تقفز فرحاً حينما توالت الموافقات من الحضور بدءاً من عمها وليد وزوج خالتها خالد ، أحمد الذي اتقدت عيناه بحماس إلى أن انتهوا البقية ، فرفع عمر كفه وهتف بمرح : ليس لدي حق التصويت ولكني أناالآخرأعلن موافقتي يا نوران .
ضحكت بسعادة غشت عينيها ليعم الصمت على الجميع ينظرون إليه منتظرين موافقته، فيسحب نفساً عميقاً أطلقه ببطء وهو يختبرها بالصمت المهيب الذي أطبق على أنفاسها قبل أن يهمس أخيراً : برنامجك التسويقي جيد يا آنسة نوران ولكن أريد إعادة النظر في بعض النقاط لأمنحه موافقتي .
ومضت عيناها بغضب أحرق جوفها وسعادتها اللحظية تبخرت من حولها وخاصةً مع صمت الجميع فيبتسم بمكر وهو يرفع عينيه إليها يعتقلها ببحور حدقتيه الماكرتين يخبرها بصمت أنه المتحكم في كل شيء ويؤكد لها سلطته وجبروته ، ليهمس أخيراً ببطء والتسلية تعتلي هامته : يُرجئ إلى الاجتماع القادم للمناقشة .
انتفضت واقفة بغضب دموعها تتجمع بأعينها ولكنها تتحكم بها في صلابة وقوة شخصية فرضتها على نفسها فرضاً ، لتلملم اشياءها وتنصرف دون أن تنظر خلفها، تتجه نحو مكتبها تغلق عليها الباب وتستند بجسدها إليه تريد أن تبكي .. تصرخ .. تحطم الأشياء من حولها وتدمر كل ما تطاله يديها ، لتمنع نفسها بإرادة حديديه وهي تفكر بعمق ، تتسع عيناها بتصميم وهي تحلل تصرفه وتريد الوصول إلى كيفية الفوز أمامه ، إبن عمها المُتسيد لكافة الأمور ، تراجع كلمات عمر التي اسرّها إليها بوقت ماض يخبرها أن عاصم منذ أن عمل في المؤسسة وهو يتحصل على نسبته في الأرباح بأسهم جديدة تُضم إلىأسهمه التي منحها إليه جدهما ، فأصبح مع مرور الوقت يمتلك أكثر نسبة في الأسهم مع ترأسه لمجلس إدارة المؤسسة اعطياه حرية التصرف في كل شيء دون أن يمتلك أحدهم الاعتراض .
تحركت بخطوات هادئة تشبك كفيها ببعضهما لترتخي بمقعد عمها المريح تركن رأسها للخلف وتغرس اظافرها بمسنديه في قهر تملك روحها ، تهتز بالكرسي في رتابة تحاول معها أن تهدأ من ضيقها وتبدد تلك الفكرة التي لمعت برأسها ، تريد التخلص من ظنها السيء الذي يوسوس لها بأن سبب رفضه للفكرة هو كرهه لها ، لتغمض عينيها وتستعيد حوار أجرته مع شقيقتها حينما أخبرتها بكرهه لها ، تحلل بعمق جملة أميرة و التي أرقتها لليالٍتستعيد كلمات أختها التي هتفت إليها بحدة : عاصم لا يكرهك ، بل هو الوحيد الأبعد عن كرهك .
يومها سألتها عن مقصدها ولكن أميرة راوغتها لتجيبها أخيراً : فقط توقفي عن هذه الفكرة الحمقاء وستعرفين يا أختاه ، أن عاصم لا يكرهك .
زمت شفتيها بتفكير لتومض عيناها وهي تفكر بسبب رفضه ، هل عاصم غبي لدرجة أن يرفض ربح سيأتيللمؤسسة التي يديرها فقط ليضايقها أو يُقهر روحها ، تمتمت بجدية : ما سبب رفضه إذاً ؟!
زفرت بقوة لتتذكر وميض عينيه المحدقتين بها وعقلها يذهب إلى تفسير نظراته التي أصبحت غريبة كليا منذ تلك المرة التي اطاعته بها وتركته يسير خلفها ليوصلها إلى بيتها ، منذ تلك الليلة وهو يتحاشى تقريباً وجودها وهي الاخرى تبتعد عن طريقه حتى لا يؤلمها بحديثه الحاد أو غضبه الغير مُفسر بالنسبة لها ، تشتت دقات قلبها وهي تتذكر ضحكاته المرحة اليوم مع أحمدأو مزاحه المشاكس لأبيها بالاجتماع ، ردوده الماكرة على عمها ومشاغبتهالمستمرة لعمر والمتخفية حتى لا يلتقطها حماه الجالس بتأهب يرمق عمر بنظرات غير مفهومة و كأنه سرق ابنته من حضنه ، هكذا همس بها أحمد حينما دلف العم بلال بضحكة رائقة انقلبت إلى عبوس حينما التقط وجود عمر ليهمهم أحمد بخفوت شديد : لقد انقلب العم اللطيف الى وزير آخر يا عمر بك .
حينها كتموا ضحكاتهم جميعاً لتنتفض على صوته الحاد يهتف بإسمها حينما تمسكت بساعد عمر في لفتة أخوية ليشير بعينيه الى بلال الذي عبس بعدم فهم فيهدر بها بخفوت : حماه لن يتفهم معاملتك الأخوية له ، لا تفسدي زيجته لأجل دلالك عليه .
اغتص حلقها بألم وهي تفكر بأنه يعاملها باختلاف جذري عن معاملته للبقية ، حتى تلك المدعوة حسناء يعاملها بلطف عنها ، اختنق حلقها تماماً وهي تسترجع كل ذكرياتهما معاً منذ أن خطت بقدميها إلى هنا ، انفعاله عليها .. حدته معها .. تقويمها .. تقويد حركتها .. ومؤخرا تعليقاته على ملابسها و أمرها بأن تعدل من طريقة كلامها وتباسطها مع الآخرين ، لقد كان حاداًعنيفاً كما لم تعرفه يوما حينما اقتحم مكتبها فوجدها تتبادل حديثاًفكاهيا مع هذا الموظف المسمى آسر ، بل إنه صاح فيه بحدة لم تفهمها حينها رغم دماثة أخلاق الآخر ، توقفت عن التأرجح فجأة حينما ارتجف قلبها بنبضة كانت تائهة وعادت إليه وهذا الأمل يراودها من جديد لتهمهم إلىروحها بصوت مسموع : أحقا ؟!
رجف جفنها لتسقط دمعة ساخنة رغم عنها تتدحرج على وجنتها وحيدة فتخبرها بمدى بؤسها وهي وحيدة .. بعيدة .. منفية عن مملكة تتوق للذهاب والعيش بها.
انتبهت من أفكارها على دقات هادئة ..أنيقة مثل صاحبها الذي انتفض قلبها لمجيئه قبل أن يدرك عقلها وجوده ، فنفضت رأسها ومسحت وجهها بكفيها ، لتهمس مصرحة بالدخول بعد أن نظرت الى نفسها في مرآة اضافتها الى مكتب عمها متعمدة فتتأكد من اكتمال رونقها على الدوام .
فتح الباب على آخره ليهتف بجدية : ألديك الوقت لنتناقش فيم أريد ويخص مشروعك ؟!
نظرت إليه بريبة تجلت بوضوح على ملامحها فيبتسم بمكر ويهتف : حسنا ، من الواضح أنيأتيت بوقت غير مناسب .
انتبهت لجملته لتدرك أنه سيغادر ثانية فهتفت باسمه في صوت ابح فضح ما كان يدور بأعماقها : انتظر يا عاصم .
توقف بعد أن أولاها ظهره وهو يشعر بقلبه يتمزق إلى أشلاء حينما تعرف بسهولة إلى بحة البكاء في صوتها ، ليقضي على مقاومته الاستجداء الجلي في طيات نبراتها ووقوفها العفوي فيزفر بقوة وهو يستدير إليها ثانية يخطو نحوها في خطوات بطيئة ليهمس بعفوية حينما اقترب من وقوفها : هل كنت تبكين ؟!
رجف جفنها ثانية لتهمهم إليه حينما اقترب منها كثيرا : أعتقد أن عيني طُرفت .
كتم أنفاسه وهو يسقط فريسة نظراتها المغوية بفطرتها ، حدقتيها الزيتونيتين تومضان برجاء خطف لُبه وسيطر على حواسه فهمس رغم عنه : انفخها لك .
ابتسمت برقة وهمست بعفوية اسبغتها عليها جملته : كما كنت تفعل وأنا صغيرة .
اقترب منها إلى أن اختلطت انفاسهما ليهمهم : كما كنت أفعل وانت صغيرة .
تهللت ملامحها بفرحة طفولية لتهمس : كيف ستفعلها الآن ؟!
أخرج منديله الحريري من جيب سترته ليضعه فوق عينها ، يحتضن وجهها بكفيه ليقربها منه وينفخ موضع عينها برقة، همس متسائلا وهو يبتعد بمقدار ضئيل عنها يُبعد المنديل عن صفحة وجهها بيد وكفه الآخر تحتضن وجنتها : هل أصبحت بخير؟!
لهثت بأنفاس متسارعة وهي لا تقو على التحكم في نبضاتها التي تقفز بسرعة لتهز رأسها نافية بدلاً من الايجاب وهي تتشبث بأن يعيد الكرة ثانية فتشعر به قريباً جداً لها كما كان قديما ، ليستجيب إلى رغبتها وينفخ موضع عينها من جديد ثم يكرر سؤاله بحنو إلتمع بعينيه فتتعلق برقبته متعمدة لتقبل جانب فكه برقة اذابت أطرافه قبل أن تهمس بدلال أصاب قلبه فسلسله بقيدها من جديد : اشكرك يا عاصم .
تصلب وذراعيه ترتفعان دون إرادة منه ليضمها من خصرها إليه يلصقها بصدره ليلف رأسه بحركة خاطفة يهم باقتناص ثغرها الشهي ، تصلبت بدهشة استولت على عقلها فتخشبت وعيناها تتسع بصدمة من ردة فعله التي لم تتوقعها قط ليفيقا الإثنين على صوت طرقة عالية نتجت عن باب مكتبها الذي فُتح بعدها على الفور وصوت عمر يصدح بصخب : نوران هات كل ما يخص مشروعك التسويقي وتعالي .
كانت هي الأسرع في الحركة فابتعدت عنه لتدلف خلف مكتبها في حين تجمد هو بموضعه دون أن يقو على القيام بأدنى حركة ممكنه !!
حاولت الابتسام ولكنها لم تنجح فتشنجت ملامحها وهي تهتف بصوت ملؤه الفزع : سألحق بك يا عمر .
توقف عمر بباب المكتب يتطلع باندهاش في ظهر عاصم المتصلب ليهتف بتساؤل : أنت هنا يا عاصم ؟!
ارتجف فك عاصم بغضب عاصف سيطر عليه فيستدير إليه بنصف جسده هاتفا بصوت أجش حاد : نعم ، لو كنت انتظرت إلى أن سمحت لك بالدخول لكنت عرفت قبلما تدخل أني هنا .
عبس عمر بتعجب ليهمهم بعدم فهم : المعذرة ، ظننت نوران بمفردها .
إلتفت إليه عاصم بكامل جسده ليهدر بخفوت : وهل هذا يعطيك الحق أن تدلف الى مكتبها دون أن تأذن هي لك بذلك ؟!
تضرج وجه عمر بحمرة قانية ليهمهم بخفوت وهو يحنو رأسه باعتذار جاد : المعذرة ، بعد اذنكما .
همت بأن تهتف باسمه لتستبقيه فنهرها بعنف : اياك أن تفعلي ، وتعلمي أن تضعي حدودا بينك وبين الآخرين ، التباسط مع الغير يؤدي بك الى التهلكة يا ابنة العم، اقترب منها ونظرات عينيه تومض بخطر: لو لم ينقذك عمر مني من كان سينقذك ؟
شهقت بمفاجأة وعيناها تتسع بصدمة بعثرت كيانها حينما اتبع بصوت جاف غاضب وهو يتطلع إليها بازدراء : أخبريني ماذا كنت ستفعلين إذا تماديت معك وخاصة أنكأنت من دعوتني بقبلتك واحتضانك لي؟!
تمتمت بتلعثم : لقد فعلت كما اعتدت،ضرب سطح مكتبها بقبضته - اعتدت حينما كنت صغيرة ، هل أنتالآنصغيرة ؟!
هزت رأسها نافية ليتابع : أنت من تُجرئين الناس عليك ، أنت من تدفعينهم ليظنوا بك السوء ويقتربون منك طمعاًفيك .
ألقى آخر كلماته بقرف وهو يدير عينيه على جسدها ليكمل بحدة : فهم يظنون أنك فتاة سهلة المنال راغبة في وصالهم إليك .
شهقت وعيناها تجحظ بألم لم يخفف حدته عليها ، لتتجمع دموعها بحدقتيها وتقف عصية على السقوط أمامعينيه ،وكأنها تتحداه أن يبكيها حتى لو مزقها بنظراته القاتلة التي فاضت بازدرائه الواضح لها ، وتعاليه عليها والذي يعتلي ملامحه ذكراها بليلة بعيدة فقدته فيها نهائيا حينما دفعته بعيدا بغلطة متهورة فعلتها عن عمد لعله يفهم ما يحدث معها ، ولكنه خذلها كما يفعل الآن !!
***



التعديل الأخير تم بواسطة رغيدا ; 23-08-20 الساعة 08:00 PM
سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-20, 06:19 PM   #149

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

ما بالك يا عمر ؟!
استوقفه صوت أخيه فرفع رأسه ينظر إليه قبل ان يهمهم بصوت اجش : لا شيء أنا بخير ، عبس أحمد بتعجب ليسأله بهدوء – إذاً أين نوران ؟!
مط عمر شفتيه قبل أن يجيب : في مكتبها ، هم أحمد بالحركة ليتابع عمر بضيق تملك منه – عاصم معها .
رفع أحمد حاجبه بتعجب ليخطو نحو باب مكتبها فيتمسك عمر بساعده ويشير إليهبرأسه في رفض ليكمل : لا تذهب ، اتركه يتفاهم معها دون تدخل أيا منا ، لعله يجد السكينة التي ينشدها فلا يطولها .
لمع الإعجاب بعيني أحمد ليهمهم بتفكه وهو يستدير ليسير إلى جواره : إذاًأنت تعلم ما ينشد إليه عاصم ؟!
زفر عمر بقوة : لم أكنأعلم ، أماالآن تأكدت ، فغيرته جلية واضحة ولا يستطع أن يهرب منها .
توارا عن الانظار وهما يثرثران دون أن ينتبها إلى من استمع إلى حديثهما فتلمع عينيه بنظرة يقين كاد أن يفقده في ظل تكتم إبنه الذي فاق الجميع تكتماً و جبروتاً ، سحب نفساً عميقاً ورفع رأسه والتسلية تتراقص بعينيه كان ذاهباًإليه ليعاتبه أنه رفض خطة نوران التسويقية ، ولكن من الواضح أنه لا يستحق أن يُعاتَب فهو ذهب بنفسه إلى المدللة ليرضيها .
اتسعت ابتسامته وهو يحث خطواته نحو مكتبه القديم يريد أن يضبطه متلبساً حتى لا يراوغه فيم بعد وينكر مشاعره نحو ابنة أخيه ، فتح الباب دون أن يطرقه متعمداً لتتسع عيناه بصدمة وهو يرى ملامح نوران الشاحبة والجالسة بكرسيه ، وعاصم يقف فوق رأسها بوجه مكفهر .
وما زلزل كل افكاره نظرة الازدراء الواضحة التي تتألق بعيني عاصم ودموع نوران المتجمعة بعينيها ، هتف بإسمها فإنتبها إليه ليخفض عاصم رأسه بينما اندفعت هي تركض إليه بعد ما دفعت عاصم ليبتعد عنها ، تعلقت برقبته وهي تجهش في بكاء حار مزق نياط قلبه ، تدفن أنفها في رقبته وتهمهم بتوسل : خذني من هنا يا عماه ، خذني أرجوك .
رفع نظره فيجابه عاصم الذي رقت ملامحه وعيناه تغيم بحنان امتزج بغيرته لتعلقها في رقبة أبيه ،نظر اليه وليد بدهشة ليهز رأسه في يأس بينما رتب على ظهرها بحنو ، تحرك عاصم بخطوات جادة ليقف خلفها فترق عينيه وتغيم برغبته في أن يجذبها إلىأحضانه لعلها تتوقف عن البكاء ، نهره وليد بعينيه وملامحه تتشكل بصرامة اعادته لصغره فتراجع بعيداً عنها ولكنه لم يمنع نفسه من أن يشير لأبيه أن يتوقف عن التربيت على ظهرها ، ارتفعا حاجبي وليد بتعجب ليشير إليهبرأسهأن ينصرف وهو يربت على نوران ويهمس لها مهدئا ، اخفض عاصم رأسه ليندفع مغادراً فتشتد ذراع وليد من حولها ويهتف لها بأنتهدأ ، وهو يدفعها بلطف أن تسير معه وهو سيذهب بها إلىأي مكان تنشده .
تراجع إلى الخلف حتى لا ينتبه إليه أي منهم ، يستعيد ما رأى بعينين واعيتين لما حدث وعقل يدرك فجأة أنشعوره - الذي كذبه مئات المرات- بابن اخيه كان محقاً فيه ، وأن عاصم يحب نوران كما حدسه أخبره .. كما رأتعينيه .. كما شعر قلبه ، لقد أدركالأمر منذ أن كانت نوران صغيرة ورغم غيرته التي كانت تندلع حينما يدللها عاصم إلاأنه كان سعيداًبأن يكبر عاصم ويأخذ مدللته الاثيرة ، شبيهة حوريته .. ابنته التي كانت دوما الاقرب إلى قلبه ، جلس بمكتبه وصرف مدير مكتبه وهو يفكر أنه من الواضح أن عاصم تراجع بعدما فعلت ولم يقو على الصفح عنها أو غفران خطأها ،
رجف فكه وهو يقبض كفيه بغضب نمى إليه يستعيد هذه المرأة التي كان نفاها من تفكيره ولكنها بزغت من العدم ثانية حينما وجدها أمامه تضايفها زوجته في غرفة الاستقبال في قصر عائلته ، لقد تاهت الكلمات منه وهو ينظر إليها بتعجب فتهمس إليه تامي بهدوء : السيدة هالة الزيني يا سيادة الوزير .
ابتسمت الاخرى وهي تطلع إليه بنظرة شماتة لتهمهم بخفوت : إنه يعرف يا عزيزتي .
رمشت فاطمة بعينيها وهي تنظر له بتساؤل فتابعت الاخرى بدلال : إنه يعرفني جيدا أيضاً ، ولكن هذا كان ماضي وانتهى ، وضعت فنجان قهوتها من بين كفيها لتنهض واقفة وتتبع بدهشة – فلندع الحاضر الآن يخط صفحة جديدة بيننا .
ابتسمت فاطمة وهي تجابه الموقف بقوة لتبتسم في وجه الاخرى وتهتف بجدية : ما كان قد ولى يا عزيزتي ، والحاضر سنرى رأينا به ونبلغك بردنا إن شاء الله .
صافحتها بلباقة لتقف أمامه وترفع رأسها تنظر إلى عمق عينيه : سعيدة برؤيتك بعد كل هذه السنوات يا وائل ، أشارت الى الفتى الذي يرافقها وهتفت به – طبعا تعرفت على أسامة .
رمق قائد فرقة الحرس الذي كان له في وقت سابق هذا العام لتتابع بخفوت : انه وائل الصغير.
اطبق فكيه بقوة ليزم شفتيه برفض ويؤثر الصمت فتجيب فاطمة وهي تتفحصه بنظراتها : فرصة سعيدة يا هانم ، اسعدتنا بزيارتك، التفتت إلى فاطمة لتبتسم برقة – أناالأسعد وسأكون أسعد حينما توافقون على طلبنا .
اشارت إليها فاطمة أن تتقدمها : سنرى يا هانم ، بإذن الله خير .
صافحت الشاب الذي ظهر القلق جلياً على وجهه : فرصة سعيدة يا حضرة الضابط
تعلقت عيناه بعيني الشاب الذي أجفل من نظرة الرفض التي اعتلت ملامحه ليهمهم بخفوت وكلمات متناثرة قبل أن يندفع مغادراً بجواره امه التي فتحت ابواب الماضي من جديد وكأنها أُغلقت يوماً !!
اغمض عينيه وهو يدق بقبضته على سطح مكتبه وهو يفكر بأن الماضي لا يموت بل يمتد ليؤثر على كل شيء تطاله يداه ، همهم بإسم ابن اخيه الذي طاله أذى لم يكن له فيه ذنب أو جريرة ولكن قربه منه هو ما جناه في حياته ليحيا سنوات في عذاب هو أكثر من يستوعبه ويتفهمه ، فكيف يقبل عاصم الآن بابنته بعدما رآها بأم عينه تصعد لآخر شقته !!
شرد بعينيه يشعر بقهر عصف بكيانه كله وهو يفكر بعمق فيم رآه اليوم ، لا يقو على دفع عاصم لقبول ابنته التي كسرت الفتى وهو في ريعان شبابه ، هشمت كبرياءه بتمسكها في الزواج من شاب لا يرتقي لمكانة عاصم ، وحينما رفض هو دون ابداء اسباب غافلتهم لتذهب إليه بقدميها ولسوء الحظ كان عاصم أول من علم بالأمر ليهاتفه حينها بصوت مكتوم يبلغه بقهر أحكم على نبرات صوته أن ابنته تصعد إلى شقة الآخر الذي يعيش بمفرده !!
***
يدور في مكتبه بخطوات غاضبة ، يشعر بالقهر يضيم روحه ، لأنه قهرها ، يعلم جيدا أنه مخطئ فهو اهانها بقسوة اليوم ، قسوة طفت فوق شخصيته فأسبغتها بانتقام لم يحاول يوماًأن يتحصل عليه ، ولكنه اليوم فعلها ، قربها الشديد منه .. عفويتها معه .. قبلتها البريئة التي حطتها فوق وجنته .. اغوائها الفطري الذي يوقع الرجال بأحبالها ، كل هذا اضام روحه فذكره بم حدث في الماضي واراق دماء عشقه لها ، وعقله يتساءل أهذه طريقتها التي اتبعتها مع آخر فقيدته لها وجذبته فآتى طالباً لها ، فرفضه عمه لتتمسك هي به ، وفي ظل صراع دار بينها وبين والدها ، وقف هو متفرجا وكأن قلبه الذي ينزف دماً لا يعنيه .. لا يهمه .. لا يشغل رأسه ،
ارتجف جسده ثانية وهو يدور من حول نفسه بنفس الطريقة السابقة يشعر بأنه اسير الذكرى فلا يطوق على ردعها وهي تتألق بتلافيف مخه فتحبسه داخلها يلهث بإنهاك وعيناه تشتعل بنيران ذكراه معها ، لقد كان يراقبها بحزم فلا ينفلت عقالها بعيداً عنهم ، أو يستغلها هذا الضابط صغير السن والذي لم يرتح له هو منذ أول مقابلة ، ليصله ذات ليلة اتصال من قائد الامن الذي يحرس قصر العائلة بأنها خرجت متسللة من الباب الخلفي واستقلت سيارة أجرة وهي متخفية عن الأعين، لقد اتبعها الرجل بحدس أمني ليبلغه بالعنوان الذي قصدته لتتسع عيناه بغضب والقهر يتصاعد بأوردته وهو يعلم جيداًأنه عنوان الآخر الذي يسكن بمفرده فعائلته جميعها تسكن بالإسكندرية ، هرول خلفها ليقف أمام المبنى الشاهق يرتجف بخوف، يريد أن يتبعها ولا يقو ليهاتف عمه ويخبره حينما شعر بقلة حيلته ، يطوف من حول نفسه كالليث الحبيس ينظر إلى العمارة الفارهة من أمامه ويشعر بروحه تزهق وهو ينتظر وصول عمه فهو قرر ألا يصعد بمفرده خوفاً من ردة فعله على من أحبته ولكنه يذوي قلقًا أن يمسها الآخر بسوء وهو يقف هنا منتظراً .. مكبلا .. عاجزا، عقله يشتعل بخيالات كثيرة وهي مع آخر منحته حق لم يكن يوماً سوى له ، يرتجف جفنه بسرعة وهو يتخيل قرب الآخر منها ، يريد الصراخ ويندفع بخطوات سريعة إلى داخل المبنى ليتوقف وهو يضرب قبضته في الحائط بجانبه يمنع نفسه من الصعود ، خائف أن يتبعها يطلب منها أن تعود معه فتقطع آخر شعره توصلها به وهي تبدي الآخر عليه ، تتهمه بالتدخل في حياتها وتقلل من شأنهأمامآخر لا يصل لموضع قدميه ، يكتم تأوهه ويطبق فكيه بقوة ، لدرجة أنه شعر بأسنانه ستتحطم وهو يذوي ألما .. وجعا .. وقهرا احرق كل ما اختزنه عمره بأكمله داخل قلبه ، ترقرقت دموعه بعينيه ليفتحهما على وسعهما فيمنع نفسه من البكاء بالقوة وهو يرفع رأسه بشموخ تمسك به حتى لا يهدر ما تبقى من كرامته !!
هرع إلى سيارة عمه الفارهة التي توقفت بغته أمامه فيفتح الباب الخلفي بسرعة ليرتجل وائل بخطوات سريعة هاتفا بغضب اشعل حدقتيه: منذ متى يا عاصم وهي فوق ؟!
همس بصوت مختنق : منذ قليل يا عمي اهدئ سنأتي بها دون اثارة زوبعة نحن بغنى عنها
شحب وجه وائل ليهمهم بخفوت : لماذا لم تصعد خلفها ؟!
احنى رأسه : لا صفة لدي يا عمي لأمنعها رأيت انك أحق بهذا عني .
__سأقتلها .هدر وائل بعنف لتتسع عيناه بوجل وقلبه ينغزه خوفاً عليها من عمه الذي يرى الآن أنهأخطأحينما أبلغه بهروبها إلى هنا.
اقتربا من باب المصعد ليصدر صوتا حينما وقفا أمامه وقبل أن يمد أحدهما يده ليفتح الباب كان يُفتح من الداخل وتظهر هي امامهما
ارتجفت بخوف حينما وقع نظرها على أبيها الذي اطبق فكيه بقوة ونظر لها بغضب أحرق مقلتيه ، لتُحني رأسها بخجل حينما التقت عيناها بعينيه ، فيشعر بألم قوي يضرب اوردته ، قبض وائل على مرفقها ليعتصره بين اصابعه فتتأوه بألم رغما عنها فيهدر وائل : اخرسي ، كتمت تأوهها ليهدر وائل - ماذا فعلت عند هذا الكلب الذي سأمحيه من فوق وجه الأرض ؟! هل لامسك ؟!
تمتم هو بإزهاق روح : عمي أرجوك أترك الحديث حينما نعود إلى المنزل .
همس وائل بفحيح وهو يدفعها بخشونة لتتحرك أمامه : سأقتلك يا نوران إذا كان وضع إصبعه عليك واقتله لأنه فكر في أن يتحداني .
همهمت ببكاء : لم يفعل شيء أنا من اتيت له دون حتى أن اخبره .
جحظت عينا وائل بذهول ليرفع كفه الأخرى ويلطمها بقوة : اخرسي .
شهقت بقوة ليحشر نفسه بينها وبين عمه حاول أن ينتزعها من بين براثنه ولكنه لم يستطع فوقف حائلا بينهما وهتف بصوت تهدج بقهر روحه : عمي أرجوك ، تذكر اسم العائلة وسمعة سيادتك ، سنفعل كل شيء ولكن حينما نعود أرجوك .
توسل إليه فدفعها وائل بغضب اعماه إليه فتلقفها بين ذراعيه حتى لا تسقط أرضا : ات بها لا أريدها أن تجاورني بسيارتي .
أومأ برأسه لتجهش في البكاء وهي تتعلق برقبته فيتصلب جسده رغم عنه وهو يشعر بأن قربها يوخز جسده فابعدها بجفاء وهو يهمهم بقرف : تماسكي إلى أن نغادر بعد إذنك .
همهمت بإسمه فأشار برأسه بعيداً وهو يتقدمها بخطواته فتبعته وهي تخفض رأسها بإذلال جراء فعلتها النكراء ، لتقضي طوال الطريق تبكي بعنف .. تجهش بحدة فيتمزق هو بين رغبتين رغبة في احتضانها .. ورغبة في دفنها حية لعله يتخلص من غضب روحه تجاهها .
سقط على اريكة مكتبه اخيرا وهو يشعر بأن روحه تزهق وتلك الذكرى تطأ قلبه بخطوات شعثاء .. تركض بتتابع قوي لتفر من أمامه وتأخذ معها ما تبقى من شوائبها وتترك روحه خاوية من كل شيء ، تتركه خالي الوفاض من جميع المشاعر التي تتكون لدى البشر ، فيصبح جثة هامدة ، شبح لرجل كان موجود ولكنه رحل ، رحل حينما اختارت هي آخراً غيره !!
رجفا جفنيه بارتعاش قوي ليشعر بحلقه ينغلق تماماً ، يريد البكاء ، بل يتوسل عينيه أن تفيض بدموع لعلها تريح قلبه المكوى بنار لا تنطفأ ولا تخفت ، ولكن كرامته تعانده وكبرياءه يثور عليه لتجحظ عيناه اكثر وهو يفتحهما فيتصلبا بعتمة كأرض بور .. جافة .. متصلبة .. متشققة لا حياة بها .
***
تجلس بالأرجوحة تتمرجح برقة وهي تنظر إلى الكتاب ما بين يديها ، إنها رواية ورقية أخذتها من عند زوج عمتها المولع بالكتب كما يبدو فمكتبته تحتوي على الكثير والكثير ، وتشاركه ولعه عمتها الحنون ، والتي كانت تعشق الروايات الرومانسية على ما يبدو والتي تستعيرها منها دائماً ، فترحب عمتها وتهتف دوماً بدعاء خافت لها أنيرزقها الله بمن يعشقها ليتزوج منها ، في كل مرة كانت تتمتم برفض خافت وهي تنزعج من دعوة عمتها ، لتعلم الآن أن الله لم يمنحها ما رفضته دوماً ، بل منحها ما أرادت ، رجل يتزوج منها بعقله فقط دون حسابات القلب المشوشة .
نظرت إلى خاتمها الأنيق والذي يلمع بلون ياقوتي غني فتتذكر أنه منذ تلك الليلة البعيدة التي منحته موافقتهاوالأمور تسير بسرعة فائقة ، لدرجة انها ظنت أنها تحلم وستستيقظ من الحلم لتجد أن كل ما يدور أمامها مجرد حلم جميل وانتهى .
رمشت بجفنيها وهي تتذكر اقتراب والدتها منها في نفس الليلة لتخبرها بأن منال هانم هاتفتها وهي تلمح لها بأنأحد التؤامين يريد الزواج منها ، حينها هتفت بعفوية "عمر" لتبتسم والدتها باتساع ثم تقبل جبينها وتحتضنها لتبارك إليها بخفوت قبل أن تتركها غارقة في خجلها وتنصرف متمنية لها نوم هادئ ، لتغفو بالفعل وهي تفكر بأن الامر لازال بعيدا ولكن نداء أبيها الصباحي بعد أن تحاشت الحديث مع سليم الذي كان يبتسم لها بحماس وعيناه تتقد بفرحة اخجلتها لم يجدي نفعاً مع نداء ابيها المتكرر واشارته الواضحة لها بالجلوس إلىجواره ليسألها رأيها عن أمر الخطيب المُنتظر قدومه ليلاً ، حينها نظرت إليه بذهول لتنظر الى والدتها وتسألها : سيأتون الليلة يا ماما ؟!
ابتسمت سوزان : نعم إنها زيارة تعارف ليس إلا .
اشارت إليها بتحذير وهي تمأ بعينيها إلىأبيها : لابد أن نستمع إليهم يا حبيبتي ، وبعدها نستخير الله لنوافق أو نرفض ، إنها ليست معضلة .
سحبت نفساًعميقاً لتتبع أمها بهدوء : أليس كذلك يا بلال ؟ فخالد بك وعائلته من أكرم العائلات حسب ونسب ، ومصاهرتهم أمر جيد .
حينها زفر أبيها ليغمغم : بالطبع ، إذا كانت حبيبة موافقة أناالآخر موافق .
رمقتها والدتها بنظرة ثابتة لتهمهم بوجه متورد : إذاً سأستعد لاستقبالهم ليلاً .
ابتسمت سوزان برقة لتهتف بحماس : مبارك مقدماً يا حبيبتي .
عبس أبيها بغضب لتتبع والدتها برقة : باعتبار ما سيكون.
حينها ضحكت برقة وهي تنهض مبتعدة عنهما لتتوالى الأحداث بسرعة ، فبعد الزيارة المبدئية التي استطاع فيها عمر أن يحصل على موافقة أبيها على كل شيء ، موعد الخطبة .. موعد شراء الشبكة .. مسكنه الواقع قريباًمنهم .. بل كاد أن يتفق مع نادر الجالس على الغناء في ليلة خطبتهم التي حددها بعد عشرة أيام وسط ذهولها ولكن موافقة أبيها ألجمتها !!
ابتسمت رغم عنها وهي تتذكر يوم شراء شبكتها التي انتقتها بعد عناء وشد وجذب ، ليقود هو الأمر برزانه وهو يجلس بجوارها يهمس لها بهدوء أن تنتقي ما يعجبها دون ان تهتم لرأي والدته أو والدتها اللتان رافقوهما ليساعداها في انتقاء شبكتها ، لقد كان حازماً للغاية حينما حاولت أن تنتقي ما يعجب والدته ليصر عليها بعد أن رمق والدته بنظرة خاصة ويهتف لها بجدية تامة : اعتقد أن هناك ما يليق بك اكثر من هذا الخاتم يا حبيبة ، اتبع بنبرة خاصة – فاللون الزبرجدي سيليق على كف والدتي لأن لون بشرتها أغمق منك درجتين .
حينها ابتسمت والدتها لتزم منال هانم شفتيها وتلتزم الصمت ليهتف البائع اخيرا : انظري لهذا يا هانم ، اعتقد أنه سيليق بك .
حينها تطلعت إلى الخاتم الذي يزين بنصرها الآن بإنبهار حاولت التحكم فيه وهي تنظر إلى فصه الماسي بلونه الأزرق الياقوتي يلمع بضوء فضي آسر يشابه لون عينيه تقريبا ، رفعت نظرها إليه لتجد عيناه لامعتان بنفس الوهج البراق ليهمهم إليها بصوت أبح : ارتديه يا حبيبة .
ازدردت لعابها لتلتقط الخاتم وتضعه ببنصرها الايمن فيكمل هو بهمس : إنه صُنع خصيصاًإليك .
همت بخلعه ليهتف : اتركيه ، التفت إلى البائع حينها – آت ببقية الطاقم من فضلك .
تبرمت باعتراض : ولكن لم نتفق على هذا ، لقد اتفقنا على الخاتم فقط .
ابتسم حينها برزانة وهتف : بقية الطاقم هدية مني لك .
ارتجفت وهي تشعر بأن كل شيء لا يسير كما تريد فليلة البارحة اتت خيالية كما لم تتوقع قط عائلتها مجتمعة حولها وعائلته بل واصدقائهم المقربين ، زغاريد كثيرة تتعالى من حولها وفرحة الجميع بهما ، سعادة امها وفرحة أبيها وغيرته الجلية عليها، حماس سليم ومرحه معهما بل إنه غنى مع نادر الذي اهداهما أغنية بسيطة لإسعادهما ، لقد كانت تشعر بسعادة عارمة تقتلعها من جذورها وخاصةً حينما تنظر إلى عينيه فيجذبها إليهبنظرته التائقة ، لتفيق من غيمة الحلم التي حاوطتها على طلبه الغريب بعقد القران ، كادت أن ترفض بل كادت أن تخرب الزيجة كلها ، وتخلع خاتمه غضباًوخوفاً من حصاره الذي يغلق ابوابه عليها ولكنها توقفت حينما زجرها سليم بنظراته لتشعر بأن ابيها وقع في فخ حصار عمر له وخاصة بضغط حماها وترحيب زوج عمتها بالأمر ، ليهتف أحمد اخو زوجها بمرح : أنا سأشهد على العقد يا عمر ، بعد إذن الكبار .
ليهتف عادل بدوره : وأنا الشاهد الآخر بعد اذنكم .
فتتعالى المباركات وأبيه يشير بعينيه إلى تؤام خطيبها : هاتف المأذون يا عبده ، لدينا عقد قران اليوم .
زمت شفتيها بضيق وكادت أن تقطع الرواية التي بين كفيها وهي تتذكر مزاحه السخيف معها في الهاتف ليلاًبعد أن غادر مع عائلته ، لقد كانت تعاتبه على تسرعه ليشاكسها بشقاوة فتجد نفسها تغلق الهاتف بوجهه وتبعث إليهبأنها سترفع عليه قضية خُلع وتفسخ عقد زواجها منه في المحكمة لأنه تزوج منها دون موافقتها ، تورد وجهها بخجل وهي تتذكر رسالته التي أتت فارغة سوى من وجه انمي متحرك يبعث قبلة طائرة من داخل قلب أحمريفرقع فيملأ شاشة هاتفها بقلوب حمراء كثيرة صغيرة .
انتفضت وهي تشهق بخفة حينما شعرت برأس ترتكن على كتفها لترتجف بمفاجأة وهي ترى وجهه القريب منها ، دفعته بعيداً لتعتدل بجلستها فيجاورها ملاصقا قبل أن يسأل ببرود : ماذا تقرأين يا سيادة الافوكاتو؟
وضعت الرواية جانباً وكتفت ساعديها أمام صدرها ترمقه بحنق قبل أن تسأله بعصبية : ماذا تفعل هنا ؟!
نظر لها ببرود ليدعي اللا مبالاة ويهتف : اتيت بناء على رغبة حماتي فهي دعوتني لأتناول الغذاء مع خطيبتي .
هتفت بحدة : لا خطيبة لديك هنا ، من فضلك غادر .
رفع حاجبيه بتعجب : من أنتإذا ؟!
زفرت بقوة : توقف يا عمر ارجوك عن التلاعب معي ، اقترب منها ليحتجزها بين جسده وطرف الأرجوحة الآخر ليهمس بجدية خافتة : لا اتلاعب معك ،أناأكثر من جاد حان الوقت أن تتفهمي جديتي معك .
اشاحت بجسدها للخلف كيفما استطاعت : أنت تعلم أني رافضة للأمر .
مط شفتيه بتعجب قبل أن يجيب : لم يظهر رفضك حينما عُقد قراننا يا أستاذة .
توردت وجنتيها لتهتف بقنوط : أنت من وضعتني في هذا الموقف المحرج جداً فلم استطع أن أرفض عقد القران أمام جميع الحضور .
خفض بصره عنها ليبتسم بمكر : لذا اخبرتك انك خطيبتي إلى أن تعتادي فتصبحين زوجتي .
ردت سريعا: لن أصبح أبداً ، لوى شفتيه بابتسامة عابثة : لا تقولين ابداً أبداً – يا حبيبة
نظرت إليه بغضب لتزم شفتيها برفض ليركز نظره على ثغرها الوردي قبل أن يهمس لها : أتعلمين أن العادات تتبدل وتتغير .
حصل على تركيزها لوهلة وهي تفكر في معنى كلماته ليكمل بهدوء وهو يرفع نظره لها فيأسرها بزرقاويتيه : لذا من الممكن أن يقبل الخطيب خطيبته وفي حالتنا لن يكون علينا إثم فانت أمام الله والقانون زوجتي
شهقت بحياء ووجهها يتضرج بحمرة الخجل قبل أن تدفعه بقوة وتنتفض واقفة ، تهتف به : أنت قليل الحياء والادب .
كتم ضحكته وهم بأن يجيب حديثها ليصدح صوت شقيقها المتعجب : ماذا يحدث ؟! لماذا تصرخين ؟!
التفتت إلىأخيها بوجه محتقن خجلاً لينهض عمر واقفا يصافح سليم الذي رحب به بحفاوة قبل أن يسأله : ماذا حدث ؟! لماذا حبيبة تصرخ ؟!
نظر إليها عمر ليهتف ببراءة : تخبريه ام أخبره أنا ؟!
اتسعت عيناها بفزع لتفرك كفيها بتوتر وتهمهم بإسمه زاجره فيعبس سليم بعدم فهم ليناديها بهدوء سائلا : ماذا حدث يا حبيبة ؟! فليخبرني احدكما.
اشاحت بوجهها وحمرة الغضب تعلو هامتها فيهتف عمر بجدية : سأخبرك أنا
__ عمر ، صاحت تستوقفه وهي تنظر له بصدمه فيبتسم بمكر فينقل سليم نظره بينهما لتكمل هي- لا شيء يا سليم ، فقط عمر افزعني بمزاحه.
رفع سليم حاجبه وملامحه تشي بعدم اقتناعه قبل أن يزفر بقوة : حسنا لقد أتيت ورحبت بك كما طلبت امي ولكني سأنصرف الآن لأترككما بمفردكما قليلاًفأنا لا أحبذ أن أجلس بوسطكما كعزول ، هيا استمتعا .
تحرك ليغادر وسط نظراتها الذاهلة وضحكات عمر المكتومة لتهم بأن تناديه ليبق فيتوقف هو أمامها ينظر إليها من علو : من سينقذك الآن مني يا قصيرة ؟!
كتفت ساعديها أمام صدرها لترفع رأسها بأنفة : لست قصيرة ، وإذا فكرت أن تقترب مني سأصرخ وآت لك بسكان اهل البيت والبيوت المجاورة .
هتف بمشاكسة : بل قصيرة ، أجمل قصيرة رأيتها في حياتي ، توردت ليتبع بجدية وهو يرفع حاجبه باعتداد: فلتأتي بم تريدين ، وحينها سأخبرهم أني كنت أريد تقبيل زوجتي التي هي أنت كنوع من تعبيري عن فرحتي بالارتباط بك ، ولن يلومني أحد
عاتبته بجدية : توقف يا عمر .
سحب نفسا عميقا ليهتف : سأفعل ولكن بشرط .
نظرت إليه باهتمام ليتحرك ويأتي بباقة ازهار كبيرة كان وضعها فوق طاولة الشرفة ولم تنتبه لها ويحمل حقيبة فخمة معها ليناولها اياهما فترمقه برفض يعتلي هامتها ، فيبتسم بصبر ويحثها بعينيه ، لتلتقط منه باقة الورد وهي تهمس بصوت ابح : انها جميلة ، شكرا لك .
اتسعت ابتسامته ليتحرك ويجلس على الأرجوحة ثانية ويشير لها : هذه أيضاً ستعجبك للغاية ولكن اتركيها لتنظريإليهاوأنت بمفردك .
رمقته بحذر قبل ان تمأ بتفهم ليهمس بجدية : والشرط الاخير ان تأتي وتجلسين بجانبي و تقرئين لي بصوتك.
عبست بعدم فهم ليشير إليها بعفوية : هيا تعالي أريدأن اعرف ماذا تقرئين ؟!
تحركت بتوتر خيم عليها لتجلس على الطرف الآخر من الأرجوحة فتهمهم له : ليس بالشيء الجاد انها مجرد رواية ، أنصت باهتمام ليرد بتفاعل حقيقي - حقا ، هذا جيد ما إسمها وعم تتحدث ؟!
نظرت له بريبة لتجيبه بهدوء متحفظ قبل أن تبدأ في الثرثرة إليه بعفوية وخاصة حينما اندمج معها في نقاش أحداث روايتها التي تقرأها .
***
يقف مستندا إلى سيارته التي اتى بها بعد أن عاد الى منزله ليبشر امه بأنه قُبل في الوظيفة وسيبدأ عمله منذ الاسبوع القادم ، وكأن أمر وظيفته منحته دفعة أمل قوية فبدل ملابسه وقرر أن يذهب إليها ، لقد عرف مقر عملها من حديث ملتوي مع امه فأخبرته وهي تثرثر إليه باستفاضة ، فيقرر أن يقدم على الحديث معها ولكن تلك المرة استمع إلى نصيحه عاصم واستقل سيارته متمنيا أن تستمع إليه وتوافق على الإنصاتإلى حديثه ، كتم انفاسه انبهارا وهو يتطلع إليها قادمة بخطوات هادئة .. متزنة .. تتحدث في الهاتف عن طريق سماعة أذن صغيرة ، ترتدي طاقم رسمي مكون من تنورة وسترة بلون وردي فاتح يليق بسمار بشرتها ويجعلانه يتوهج بلمعة خاطفة للأنظار ، قميصها الابيض من تحت السترة المفتوحة يكشف عن قدها الصغير ومفاتن انوثتها التي تلهب مخيلته ، سحب نفساًعميقاً وهو يتطلع إلى ساقيها الظاهرتان من اسفل التنورة التي تغطي ركبتيها فتدع بقية ساقيها الممشوقتان ظاهرتان إلى حذاءها الانثوي ذو الكعب الرفيع والذي لم يعتاد عليها وهي ترتديه ، خصلاتها منسابة على ظهرها وحول وجهها فتعيق عليه رؤية ملامحها بهدوء ، حركت كفها لتبعد جانب شعرها إلى الاتجاه الآخرفينساب بسلاسة خطفت إحدى دقاته وخاصة حينما توهجت شامتها بقوة أمام نظره ، ليلتقط ضيقها الواضح من الحديث المنساب على أذنيها من سماعة الهاتف ، هتفت بجدية فتصلب جسده وهو يستمع إلى صوتها الحانق : لا تهتمي يا ايني ، سأمر عليك واتحدث إلىآسيا ، فقط اهدئي وأنا سأتصرف معها .
تنهدت بقوة : هي فقط تتدلل عليك ، حينما أعود سأهاتفها لتأتي عندنا ونتحدث معها أنا وماما ، فقط لا تتشاجري معها ثانية .
ابتسمت اخيرا لتومض حدقتيه بشغف لتنهي هي مكالمتها : إلى اللقاء يا حبيبتي .
تأففت بصوت مسموع وهي تنظر الى داخل حقيبتها الكبيرة بلونها الكريمي والتي تحملها لتزمجر بضيق وهي تقترب من مكان وقوفه دون أن تدرك وجوده : لا افهم أين ذهبت سلسلة المفاتيح ؟!
رد بعفوية وهو يتكأ بأريحية فوق متن سيارته الواقفة بطريقة عمودية امام السيارة المصفوفة من خلفها فيحتجز سيارتها خلف سيارته : أعتقد تركتك وهربت .
تصلب جسدها وهي ترفع رأسها لتنظرإليه فيرتجف جفنيها وهي تناظره مستندا على سيارته القديمة فتضرب الذكرى عقلها وهي تتذكر هذه المرة البعيدة التي فاجئها فيها بوجوده أمام مدرستها كانت حينها في آخرسنواتها الدراسية ، تغادر مدرستها وهي تسير بخطوات حازمة كعادتها ، تعقص خصلاتها المجدولة في جديلة طويله في عقدة عالية تزين رأسها ، توقفت لتتحدث مع بعض من زميلاتها اللائي اختلفن بأسلوبهن معها منذ أناختلفت هي في الإهتمام بمظهرها وغدت انثى جميلة يتهافت عليها الشباب كما اخبرتها خالتها ، ابتسمت بثقة قبل أن ترف بجفنيها وهي تراه يقف بجانب سيارته المصفوفة أمام بوابة مدرستها ، تأملته بافتتان لم تستطع التخلص منه رغم حديثه الذي آلمها من قبل مع تلك الفتاة ، والذي كان السبب في تغييرها الجلي ، ورغم غضبها منه إلاأن قلبها لازال يدق له بمفرده ، شحب وجهها تدريجياً وهي تفكر في سبب مجيئه دون معرفتها لتهرع بخطواتها والقلق يتملكها على عائلتها فوجوده هنا والآن غير مطمئن على الاطلاق ، ابتسم لها فخفق قلبها بقوة كالعادة لتتحكم في ردة فعلها وملامحها التي اكتست بجدية وهي تسأله : عمار ، ماذا أتى بك ؟! هل أبيبخير .. أسعد .. عادل ، صمتت لتشهق بفزع وهي تتبع سريعا - أمي ؟!
اعتلى الذهول ملامحه قبل أن يجيب بهدوء : جميعهم بخير ، اهدئي وتعال لأوصلك . شدت جسدها بصرامة ذكرته بوالدها لتسأله - لماذا توصلني سأسير الى المنزل فهو ليس ببعيد ؟!
__ أعلم أنه ليس ببعيد ولكني أريد الحديث معك ، نظرت له بتعجب فتنهد بقوة - اركبي يا يمنى أناأريدك ، وأرجو أن لا ترفضي الإستماع لي
زمت شفتيها بتفكير قبل أنتمأ بالإيجاب ليهمس وهو يفتح لها باب سيارته : ثم انها ليست المرة الاولى التي اوصلك لبيتكم لقد كنت آتى كثيراً من قبل بدلاً من عادل حينما كان لا يستطيع اللحاق بموعدك بسبب مناوباته وكنت أنا متفرغا وأسعد بالجيش كما تعلمين ، تصلب جسدها لترمقه بطرف عينها وتمتمت بنبرة ساخرة تشبع بها صوتها - آها أعلم .
دلف إلى السيارة لينطلق بها في هدوء فتنظر من حولها وتهمس بتساؤل : البيت من الاتجاه الآخر ، تنهد بقوة - اعلم ولكني اريد الحديث معك.
__فيم ؟! سألته وهي تعتدل بجلستها تواجه نصف وجهه المقابل لها ، تركن بظهرها إلى الباب المغلق من خلفها وتعقد ساعديها أمام صدرها ، ركز بصره على الطريق ليكح بحرج ويجيب ببساطة - أناأعلم
اهتزت حدقتيها بإدراك فوري فتابع هو شارحاً : أناأعلمأنك كنت هناك واستمعت إلى حديثي الغبي الذي اجبت به ، قاطعته بقوة : اصمت ،
__بل سأتكلم ، أناأعلم ، أعلمأنك استمعت لي ، أعلمأنك كنت هناك ، وأعلم أن هذا الحديث السبب بتغيرك الجذري هذا ،
توقف بالسيارة جانباً ليواجهها بنظراته ويهتف بقوة : اعترف أني كنت قاصداً ما قلته، بل تعمدت أن اسمعك ما تفوهت به ، أعترفأني أذتك قاصداً ، واعترف أني رغم كل شيء ، أحبك
اتسعت عيناها بصدمة وهي تستمع إليه ولسانها يُعقد ، حلقها يجف وعقلها لا يستطيع الاتيان برد فعل سريع كعادتها ، فيكمل وهو يضغط على حروفه مشدداً : أعترف أني قاومت وقاومت ، أعترفأني لعنت نفسي ألفمرة على شعوري بك ، أعترفأني حاولت الإبحار ضد تيار حبي لك ، ذكرت نفسي بأنك ابنة خالتي الصغيرة ، وذكرت نفسي بصداقتي لأخوتك ، قربي من والدك ، وترددي على بيتكم، لقد صادقت الكثيرات لأجل أن امحيك من عقلي .. ازيلك من قلبي ، واتوقف عن التفكير بك .. تخيلك .. والشوق لك ، ولكن كل هذا لم يجدي ، حبك كالرمال المتحركة كلما قاومته غرقت فيه اكثر.
خيم عليهم الصمت للحظات يراقبها بوجل وهو يشعر بالخوف من ردة فعلها الغير متوقعة بالنسبة له ، لينتفض على صوت باب السيارة الذي فتح وقفزت منه واقفة على قارعة الطريق ، اتبعها بخطوات سريعة ليتوقف أمامها ، يسد عليها طريقها ، ورغم طولها الفارع لبنات جنسها إلاأنه كان يفوقها طولا وعرضا ، يحجب عنها ضوء الشمس الذي يكسو الاجواء بحرارته ، هتفت بقسوة : ابتعد .
__ لن أفعل ، قالها قاطعةً لترفع رأسها تجابهه بقوة ، حدقتيها تلمع بجنون صاخب وملامحها تنطق بغضب سيتحمل هو كل تبعاته ، هتفت بإسمه في زمجرة قبل أن ترفع يدها لتلكمه فيتلقفها براحته ويقبض على رسغها بقوة متحكما فيها رفعت يدها الأخرى لتصفعه فيتمسك بها في ردة فعل سريعة ويجذبها من كفيها إليه ويهتف بخشونة : اهدئي
زمجرت بغضب وهي تحاول أن تتملص منه : اتركني ، صاح بجدية - لن أفعل ، تحركت بجسدها في خفة لتدفعه بعيداً كما رآها تتدرب كثيراً على يد أسعد ليلوي ذراعيها للخلف ويقرب جسدها منه : توقفي وإلا اثرنا نظرات المارة إلينا ، لن تستطيعي ايقاعي أرضاً فوزني ضعفك مرتين ، ثم أناالآخرأعلم فنون القتال ، لست أحدالشباب الذين تضربينهم في النادي كل يومين لأنهم غازلوك أو غازلوا إحدى الفتيات
اطبقت فكيها بحدة لتهمس بفحيح بارد : اتركني ، نظر إلى عمق عينيها - ليس قبل أن تعدينني أن تدخلي إلىالسيارة من جديد وتتوقفي عن الجنون ،
لمعت عيناها بوميض خاطف لتكرر بهدوء مريب : اتركني ، سأل بجدية وهو غير موقن بردة فعلها - ستركبين إلىالسيارة
ابتسمت بمكر خطف إحدى نبضاته وكررت : اتركني
افلتها بهدوء لتعدل من وضع ملابسها تحرك رسغيها وتفركهما بأصابعها لتتحرك خطوتين فيتبعها بهدوء وهو يراقبها لتتوقف وتنظر إلى باب السيارة بتساؤل فيعبس بعدم فهم قبل أن يدرك ما تريد فيهرع بأناقة ويفتح لها الباب لتركب بخيلاء قبل ان تسحب الباب بقوة فتغلقه على يده التي ظلت متمسكة باطار الباب الحديدي
احتقن وجهه وعيناه تصرخ بالألم الذي لم يخرج من حلقه لينظر إليها بصدمة فترفع حاجبيها بدهشة وهي تنظر إلى الباب بذهول مفتعل : هل اغلقت الباب على يدك ؟! فتح الباب بكفه الآخر ليدخل براسه إليها فيصبح مشرفا عليها ويهمس بصوت ابح من الألم : إذا كان هذا يرضيك يا ابنة الامير ، فأنا تقبلته .
رفعت حاجبها باعتداد : لا يعنيني من الأمر شيء
اعتدل واقفا ليغلق الباب عليها قبل ان ينظر إلى يده يحاول تحريكها فيشعر بالألم يتضاعف ليزفر بقوة وهو يعاود الجلوس أمام المقود وينظر إلىالأمام بصمت ران عليهما قبل أن يهمس : ألا تصدقينني ؟!
__بلى اصدقك ، نظر إليها على الفور لتكمل ببطء - لذا انت اعطيتني سلاحاً اخرا لانتقم منك به.
رمشت بعينيها ليتقدم منها بهدوء وعيناه تومض بنفس الذكرى التي بعثرت صمودها ليهمس وملامحه تتشكل بحنو: هل سيرضيك الانتقام ، هل سيشفي غليلك عذابي ، هل ستغفرين إذا تألمت ، هل ستتقبلين حبي إذاتجرعت مرار فقدانك وأنتأمامي؟!
اقترب برأسهقليلاً ليهمس بصوت اجش : هل ستتوقفين عن حبي إذا فعلت يا يمنى، هل سيتوقف قلبك عن الخفقان لي ، عن الهمس بإسمي ، عن الشوق لي ، أناأعلم يا مونتي ، أعلم .
اشاحت بوجهها بعيدا فاكمل : حبك لي هو ما كان يجذبني كلما حاولت الابتعاد ، وهو ما كان يخيفني كلما حاولت الاقتراب ، أنا اعترف بخوفي وضعفي وقلة حيلتي في حبك ، لا أعلم ما الصحيح لأفعله ، ولا أعلم ما الخطأ فأتجنبه
تمتمت وهي تعيد حديثها الماضي ولكنها لم تشح بعينها عنه بل واجهته بصمود :لا تفعل شيئا ، فقط توقف عن الظهور امامي .. أتركني .. ابتعد حتى أستطيع أن اقو على النهوض
اقترب منها كثيرا فلم يعد يفصله عنها ليهمس بنبرة خاصة لم تستمع إليها في صوته من قبل : دعيني أساعدك .. أكون معك .. أقف لجوارك فأنا لا اقو على الابتعاد لقد جفت روحي من كثرة مقاومة شعوري بك ، ارجوك يا يمنى اقبلي بي صدقيني أناأحبك ، بل لم أحب سواك .
ومضت عيناها بلهيب حارق وهي تتذكر أنها خضعت المرة الماضية بسبب حديثه المنمق .. صوته الدافئ .. وعيناه ، ابتسمت داخليا بألم ازهق كل شعور يربطها به وهي تتذكر كم كانت لمعة عيناه تستولى على عقلها وتغلق قيد أسرها ،
تذكرت أن المرة الماضية اغلق عليها طوق اسره بنفس كلماته التي لم تتغير مع مرور الزمن تتذكر اختلاجات خافقها مع سيل كلماته الغير متوقعة مع نبرته الخافتة مع شوقه إليها وحبه لها ، انخفضت عيناها وهي تشعر بفوضى تعيث بحواسها في قربه ومع اعترافه الذي لم تتوقعه أبدا
لتشهق بقوة وهي تشعر بشفتيه اللتين جالتا على كفيها ينثر قبلاته من فوقهما وفي باطن راحتيها فتهمس بنبرة ذائبة : توقف يا عمار ، فهذا لا يصح .
تمتم فارتطمت أنفاسه بمسام كفيها لتغزو كيانها : لا أستطيع اغفري لي حماقتي واقبلي بقلبي .
ملصت كفيها منه لتهمس بخفوت والخجل يعتلي هامتها : ماذا تريد يا عمار ؟!
ابتسم بمكر مزج بشوق حدقتيه : أريد حبك .
اشاحت برأسها بعيداً تحاول أن تتحكم في قلبها الذي ثار على إرادتها فتهمس بخفوت : هلا اعدتني إلى المنزل ؟!
اتسعت ابتسامته ليهمس بشقاوة وهو يقترب منها : إذا وعدتني بأن تجيبين على اتصالاتي وتراسليني باستمرار.
لوت شفتيها بتبرم ودلال : لن أفعل .
اقترب برأسه منها أكثر : ستفعلين
شهقت بحرج وهي تشعر بأنفاسه ترتطم بجانب وجهها لتستدير وتلكمه بكتفه : ابتعد يا عمار .
كتم تأوهه : توقفي عن لكمي يا يمنى ،
__ تأدب وانا سأتوقف
تمتم بمكر لمع بحدقتيه : حتى أن لم اتوقف لابد أن تتوقفي أنت فلا توجد زوجة تلكم زوجها .
احتقن وجهها بقوة لتصيح بحدة : اعدني إلى المنزل هيا الآن .
ابتسم بتسلية وهو يتأمل ملامحها الموردة بافتتان : أمرك يا حبيبتي .
ابتعدت عنه إلى ان التصقت باب السيارة ووضعت رأسها بنافذتها لتفرج عن ابتسامة سعيدة تألقت بملامحها فهي قبلت بكل ما أراد بل وأكثر دون أن تهتم بشيء سوى ارضاءه وحبه الذي حيت فيه على مدار اشهر كثيرة لم تظن يوما بها أنه سيخلي بوعده معها ويتركها هاربا .
انقلبت ابتسامتها تلك الى دموع قهر لمعت بحدقتيها وهي تعود من ماض بعيد ، قلبها ينتفض مرفرفا بذكرى اعترافه بحبه لها ، حبه الذي لم يكن قويا .. صادقا .. ثابتا ، فتركه وهرب عند اول اختبار حقيقي زُج فيه ، وتركها من خلفه دون أن يبرر ..يشرح .. يدافع حتى لو عن نيته ، هتفت بصوت مكتوم بكره شعره جيداً وكأنها لم تستمع إلىأي من كلماته : ليست كل الاشياء مثلك ، تهرب دون تبرير أو شرح لموقفها .
رمش بعينيه وهو لا يدرك فحوى حديثها ليعبس بضيق حينما استعاد جملته الغبية عن مفاتيح سيارتها ليغمغم : كنت امزح معك ، المعذرة .
ابتسمت ساخرة : لم تكن مزحة جيدة على الاطلاق .
غمغم بخفوت : أعلم ، اعتذر .
ابتسمت ساخرة : علام يا عمار بك ، لا شيء يستحق اعتذارك .
اقترب منها اكثر فابتعدت للخلف وهي تحذره بنظراتها ليهمس : بل هناك ما يستحق أن اعتذر لأجله كل يوم .. كل ساعة .. كل دقيقة .. كل ثانية .
رمقته بنظرة غامضة لتهتف : لا شيء يستحق أن تضيع عمرك به يا بك ، لا شيء يستحق أن تعتذر لأجله .. ولا شيء يستحق ان تنتظره ، الحياة تمضي والذكي من يجاري تحركاتها السريعة .. الخاطفة ، و يتأقلم مع خفقاتها وجنونها .
نظر إليها مليا ليسأل بصوت ابح : وأنت هل فعلت ؟!
همت بالرد عليه وابتسامة غامضة تعتلي ثغرها ليقاطع حديثها صوت رجولي اجش اقترب منها : انسة يمنى ، أنت بخير ؟!
التفتت لتبتسم برقة في وجه فراس الذي أتى خلفها كما يبدو لتجيب : نعم يا سيد فراس.
ابتسم الرجل ليهتف سريعا وهو ينظر الى عمار بطرف عينه : المعذرة لقد اتيت خلفك فأنت نسيت مفاتيح سيارتك على المكتب ، من الواضح أنك انشغلت بمكالمتك الهاتفية ، اتبع بتساؤل شهم – هل كل شيء بخير ، ام تريدين المساعدة ؟!
اتسعت ابتسامتها : شكرا لك ، انا اقدر لك اهتمامك الفائق يا بك .
ابتسم فراس وعيناه تومض بسعادة غمرته : لازلت انتظر ردك على طلبي يا استاذة.
توردت وجنتيها ليشتعل رأسه وهو يشعر بحماس الآخر الذي يبتسم بلزوجة فيهتف بجدية : ألن تعرفيني على البك يا يمنى ؟!
مطت شفتيها بابتسامة ماكرة لتهتف بحماس : الاستاذ فراس مديري بالعمل ، التفتت الى عمار لتهتف بلا مبالاة – عمار بك ابن خالتي .
صافحه فراس باتزان : تشرفنا يا بك .
ابتسم عمار من بين أسنانه : شكرا ، هيا إذاً يا يمنى .
همت بالرفض ليهتف فراس : هل سيارتك معطلة يا استاذة ؟! هل آت بميكانيكي يراها ؟!
ابتسمت بامتنان حقيقي : لا سيارتي بخير يا سيد فراس ، شكرا لك .
هم بالحديث ليزمجر عمار بنزق فيبتسم الآخر بتوتر ليهتف : حسنا أراك غداً يا استاذة .
تمتمت بلباقة : بإذن الله يا سيد فراس .
راقبت انصراف الأخير لتعتدل بوقفتها تواجهه ليسألها بحدة : من هذا ؟!
رفعت نظرها اليه بتعجب : رئيسي بالعمل .
تمتم بغضب : ماذا يريد منك ؟!
هزت كتفيها بلا مبالاة : كان يعطيني سلسلة مفاتيحي ، استطردت دون أن تمنحه الفرصة ليتحدث – هلا ابتعدت بسيارتك من فضلك ؟!
رمقها قليلا قبل أن يهمهم بجدية : انا سأتحمل كل شيء منك يا يمنى ، سأتحمل واصبر حتى تداوي جرحك الغائر مني سأتحمل وأُمني نفسي بيوم ستغفرين لي ذلتي معك ، سأتحمل واصبر على أملأن تكوني لي ، فلا تحلمين أنت بكونك ستكونين يوما لغيري ، اقترب بجدية وعيناه تومض ببريق أصاب قلبها مباشرة – اياك أنتحلمي بهذا يا يمنى أو تمني نفسك بالابتعاد عني ، أنت ملكي أنا فلتقنعي بها وترتضي ، وافعلي ما يحلو لك وأنت داخل نطاق أسري والذي لن احررك منه أبدا.
تأملته دون ان يرف جفنيها لتنفرج شفتيها عن ابتسامة متلاعبه اثارت انتباهه لتهمس بصوت ماكر النبرات : القيد الذي تتحدث عنه انت الوحيد المقيد به ، فأنا كسرت قيدي وتحررت من أسري ، وعليه أنت المسجون الوحيد هنا .
رمش بعينيه وهي تخطو بثبات تتجه نحو سيارتها تستقلها غير عابئة بوجوده لتدير محركها قبل ان تخرج برأسهامن نافذتها التي فتحتها : من فضلك ابتعد عن الطريق فهذا الطريق لم يعد لك .
شعر بغصته تشرخ حنجرته بقوة المته ليتحرك بثبات نحوها يقف بجوار سيارتها ينظر إليها مليا قبل ان يهمهم : انه طريقي رغم عنك يا يمني ، بل هو طريقك الذي ستمضينه معي شئت ام ابيت ، فلا تأملين بالابتعاد .
اشاحت بعينيها بعيداً دون الاهتمام بمنحه ردها ليتحرك ويستقل سيارته ليحركها من موضعها فتنطلق هي من أمامه غير عابئة بشيء سوى حريتها التي اطلقتها بوجهه .
***
تهتف بجدية بعد ان انهت وضع الطعام على المائدة : هيا يا دادة ، لقد وضعت الطعام وانتظرك لنتناوله سويا .
زمت شفتيها الرفيعتين لتتحرك بجسدها الصغير والرفيع قليلا سوى بعض الأماكن الممتلئة بتفاصيل انثوية مميزة ، لتتأفف بغضب : لابد أن تعانديني يا دادة فلا تستمعين لحديثي ، هتفت وهي تفتح باب غرفة الاخرى – اخبرتك أن لا صلاة على طعام وأن تتركي الصلاة لما بعد الغذاء ولكنك لم تستمعي إلي .
توقفت عن الحديث وهي تنظر الى جسد المرأة المسجى أمامها ، منقلبة على جنبها وكأنها غشي عليها وهي تصلي ، لترتجف بخوف وهي تدعو الله أن لا يضيمها فقدها ، لتتحرك بهلع نحوها تتحسس بكفيها ، تهزها بتوتر اصابها فلم تعد تقوى على التفرقة بين كونها حية او ميتة لتهرع إلى الخارج تنوي الاتصال بالإسعاف ، ليقفز إلى عقلها فجأة فتهرع الى حقيبتها تبحث عن بطاقته التي تحتوي على نمره الخاصة كما اخبرها لتأتي بهاتفها وتتصل به سريعا ، اجاب الاتصال من الرنين الثاني فتهتف بجزع صارخة بأذنه : دكتور احمد انجدني من فضلك ، حور وجدتها مغمى عليها ولا اعرف كيف اسعفها .



انتهى الفصل ال11
من رواية حبيبتي
مستنياكم



التعديل الأخير تم بواسطة رغيدا ; 23-08-20 الساعة 08:03 PM
سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-20, 06:49 PM   #150

شيماء 1990
 
الصورة الرمزية شيماء 1990

? العضوٌ??? » 404047
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 145
?  مُ?إني » مصر
?  نُقآطِيْ » شيماء 1990 is on a distinguished road
¬» قناتك mbc
افتراضي

سولي فصل روووعه كالعاده 👌

نوران ليه حاسه ان حكايتها كده غلط هما افتكروها من البدايه والنهايه لكن النص ده الاهم حاسه انها عملت كده متعمده تلفت نظر عاصم لها

عاصم علاجه ينسي الماضي زى ما نصحه احمد وعمار ويتعامل مع الواقع والا هيفضل مضيع عمره محتاج مصارحه مع نوران كل واحد فيهم يفهم التاني حقيقه شعوره وحقيقه الي حصل يومها

عمر عريسنا للعسل مبروك عليك القصيره بنت الاوزعه عمر فاهم حبيبه محتاجه اي بالظبط وبيتعامل معاها بيه وبنفس برودها وطريقتها هي محتاجه تخرج بره دايره سوزى وبيلي

ادهم ابن الوزير عايز تدخل سياسه واقتصاد وبتعاكس الشغاله ي مفترى 😂ابن ويلي صحيح ادهم كان محتاج لفته المحبه م ويلي وتامي وياريت يهتموا بيه اكتر ع يبطل يحط عاصم كند له لانه مستحوز ع اهتمام الجميع

يمني وعمار هو مش انا بشجع عمورى جدا بس شااااابو لبنت الامير بصراحه بتلعب بعظمه وانا بحب اللعبه الحلوه لازم يتربي ع يعرف قيمتها الي هو عارفها اصلا 💖منور ي فراس باشا جيت وقتك جدا😂

جني انت مش هتعقلي ي ماما ده اخوكي فهم قال اصدقاء قال😒حلو كده اما لوى بوزه ف وشك شكله هيغيرالاستراتيجيه ونرجع للشده والحسم تاني 😂


شيماء 1990 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:04 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.