آخر 10 مشاركات
جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          خادمة القصر (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          587 - امرأة تائهة - راشيل فورد - ق.ع.د.ن ... حصريااااااا (الكاتـب : dalia - )           »          112 - دمية وراء القضبان - فيوليت وينسبير - ع.ق (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          مشاعر على حد السيف (121) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : salmanlina - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree260Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-08-20, 12:28 AM   #171

ليان حسين

? العضوٌ??? » 472830
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 18
?  نُقآطِيْ » ليان حسين is on a distinguished road
افتراضي


فصل روعه كللعاده

ليان حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-08-20, 12:59 AM   #172

ديناعواد

? العضوٌ??? » 412620
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,187
?  نُقآطِيْ » ديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond repute
افتراضي

فإن باقية الفصل موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

ديناعواد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-08-20, 06:00 PM   #173

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليان حسين مشاهدة المشاركة
فصل روعه كللعاده
حبيبتي منوراني
ومبسوطة ان الفصلين عجبوكي
عقبال الباقي يارب 😍❤


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-08-20, 06:01 PM   #174

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ديناعواد مشاهدة المشاركة
فإن باقية الفصل موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
حبيبتي منوراني
الفصول بتنزل يوميا
بمعدل فصل لكل يوم في الخامسة مساء
نوريني ❤❤


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-08-20, 06:06 PM   #175

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي




مساء الخير على الجميع عاملين ايه
يارب تكونوا بخير وصحة وسلامة
متابعين حبيبتي الحلوين
موعدنا النهاردة مع الفصل ال14
يارب يعجبكم
ومستنية ارائكم مشاركتكم وتفاعلكم




الفصل الرابع عشر

يقف أمام باب المشفى ينتظرها كما اتفقا ، فهو سيذهب بها إلى مكان ما أرادت ينظر إلى ساعته ليزم شفتيه بضيق قبل أن يقرر الدخول إلى استقبال المشفى فيجلس منتظرا بدلا من وقفته الخارجية هذه .
خطى إلى الداخل لينظر من حوله إلى المكان الذي لم يتغير على مدار سنوات عديدة كان يأتي بها هنا لينتظرها ، منذ أن تخرجا وواجه نفسه بم يشعره نحوها وهو يستغل فرصه معها جيدا ، بل يخلقها ليمر عليها ، يذهب معها ويأتي بها ، يحتل محيطها بهدوء وتروي فيثبت وجوده بحياتها ، يعلم مدى خوفها الذي جعلها أبعدته المرة الماضية والمسيطر عليها للآن فيجعلها تتخفى وراء مسمى صداقة غير متواجد بينهما ، مسمى يرفضه هو وخاصة أنه موقن بم يدور بينهما ، موقن من مشاعرها تجاهه وموقن من اختياره لها ، غامت عيناه بابتسامة لم تصل إلى شفتيه وهو يتذكر تلك الليلة البعيدة التي أراد الاحتفال بها فمر بها كعادته بعد أن أخبر أبيه واستأذن أبيها كما يفعل للآن ليقف كما هو الآن ينتظرها ، ابتسم وهو يلتقط اقترابها لتبتسم بدورها وهي ترفع عينيها إليه فتختلج حدقتيها وكأنه بث إليها الذكرى التي ربطتهما سويا فيم مضى .
عبس بتعجب وهي تتهادى إليه ترتدي ملابس عملية وحذاء أرضي برقبة أظهر قصر قامتها ، تطلعت إليه بتعجب تتأمل حلته الرسمية ومظهره الأنيق وطلته الوسيمة تؤثر بها وسامته الفائقة وابتسامته الحانية التي لا تطل إلا من حدقتيه لتخفض نظرها إلى ملابسها العملية جدا قبل أن تهمس بقلق : لم تخبرني أن المناسبة رسمية ؟
عبس قليلا : المعذرة ولكن المكان رسمي وأنا توقعت أن أراك في احد فساتينك، لوى شفتيه - ليس هذا الجينز
زفرت بقوة قبل أن تبتسم برقة : هلا عذرتني عشر دقائق ؟
نظر إلى ساعته قبل أن يمأ بجدية فتضحك بخفة وتهز رأسها بيأس من دقته الشديدة قبل أن تتحرك بخطوات سريعة نوعا ما إلى غرفة الأطباء الخاصة .
زفر بضيق وهو ينظر إلى ساعته فالعشر دقائق انتهوا وأضافت عليهم عشرون دقيقة أخرى دون أن تظهر ، اطبق فكيه بغضب ليلتفت حينما شعر بها من خلفه فيدور على عقبيه ووجهه ينم عن غضبه الذي تبخر كله حينما وقع بصره عليها بشعرها المنساب من خلف طوق ذهبي يزين رأسها وزينة رقيقة أظهرت جمال عينيها وأنفها الدقيق شفتيها المزينة بلون أحمر قاني فتنه وجف له حلقه
أخفض بصره ليكتم تنفسه وهو ينظر إلى فستانها الأسود الصوفي مغلق من الصدر وينحت جسدها بدقة ، دون أكمام ، قصير يصل إلى منتصف ركبتيها فيظهر بشرتها القشدية بتضادها الشديد مع سواده الكاحل ، ترتدي حذاء بكعب عالي رفع رأسها إلى مستوى كتفيه فيهمهم بصوت أبح : الجو بارد بالخارج ستصابين بالبرد .
ضحكت برقه : معي معطفي ، ابتسم بتوتر تملكه وهم بالحركة فسألته بعفوية - هلا ساعدتني في ارتدائه ؟
عم الذهول ملامحه قبل أن يتحرك بجدية وجسد متصلب فيحمل معطفها ويساعدها في ارتدائه ، همس بتعجب قبل أن ينهي مساعدتها : أحمر اللون .
التفتت إليه بتلقائية فأصبحت انفاسهما مختلطة وهي تهتف : أنا أحب اللون الأحمر .
توقف الكون من حولهما ونظراتهما تتصل فتغرق بعسل حدقتيه اللتين ومضتا ببريق أثار تفكيرها وميض غريب لم تره من قبل بعينيه قبل أن يدوي صوت بوق سيارة الإسعاف فتنتفض بخفة ليمسك كفيها بعفوية ويضغط عليهما مطمئنا .
تلونت وجنتيها بلون معطفها فافلت كفيها وابتعد قليلا ليشير إليها بأن تتقدمه ، خطت برقي وهو يجاورها سيرا : حمد لله على سلامتك ، لم أصدق حينما رأيت رسالتك - التي تدعوني بها - أنك عدت اليوم .
__عدت فجرا ، ففكرت أن نلتقي .
ابتسمت برقة : تفكير جيد ، فأنا أردت التحدث معك في كثير من الأشياء .
رمقها بطرف عينه : على الرحب والسعة ، أخبريني كيف حالك ؟
تنهدت بقوة : سنة الامتياز مرهقة وصعبة أنا أعود إلى البيت نادرا ، لذا معي حقيبة بها ملابسي وكأنني مسافرة خارجا ، وضعت كفيها في جيبي معطفها عندما لفحها الهواء البارد فهما أصبحا خارج أسوار المشفى فيقترب منها بهدوء محاولا بث بعض الدفء لها من قربه لتتابع بثرثرة : أشعر بالحيرة ولا أستطيع أن اتخذ قرار حول تخصصي ،
عبس بتفكير : ظننتك ستتخصصين بجراحة المخ .
اكتسى وجهها بحزن طفيف : لطالما تمنيت أن اتخصص بجراحة المخ ولكني لست على وفاق مع هذا التخصص وسأكون فاشلة أن كابرت وعاندت نفسي .
أومأ برأسه متفهما فاتبعت : لن أقترب من الأطفال فأنا اتعلق بهم بشدة وليس من الحكمة أن أتعلق بمرضاي ، ولن أتخصص جراحة نساء وتوليد فأنا لست مرتاحة الفكرة .
أشاح بوجهه بعيدا لتتوقف هي فتجبره على النظر : لا أريد العيون فلم يتبق إلا أن أكون جراحة باطنة أو عظام .
رفعت رأسها لتنظر إليه : ما رأيك أنت؟
أجاب ببساطة : تخصصي بي .
عم الذهول على ملامحها لتتمتم بتلعثم : عفوا .
أشرقت ملامحه بضحكة لم تصل لشفتيه : لقد سألتك عن أحوالك الشخصية فأنا لن أستطيع أن أشير عليك بشيء لا أفهم به .
تهدلا كتفيها : ظننتك ستنهي حيرتي .
أسبل اهدابه : أعتقد أنك مستقرة على قرارك ولكن تريدين دعمي كالعادة .
ابتسمت بمكر : من المحتمل .
اقترب رغم عنه : لك دعمي دائما .
توردت وجنتيها من نظراته العميقة لتبتسم برقة وتنظر بعيدا : إلى أين تصحبني الليلة ؟
أشار لها باتجاه السيارة : مكان دافئ ستعجبين به .
وقفت أمام السيارة : اووه ، اقترضت سيارة الأمير لتصحبني إلى العشاء .
__بل الأمير منحني إياها حينما أخبرته أني سأدعوك على العشاء اليوم
تحرك ليقف باتجاه بابها ليفتحه مشيرا إليها بالصعود فهمست بخفوت وتفكير يلتمع بمقلتيها : أخبرت الأمير أنك ستدعوني إلى العشاء .
أشار برأسه إيجابا ليحثها بعينيه أن تدلف إلى السيارة فتتحرك بالفعل : نعم أخبرته فمنحني السيارة دون أن اطلبها ، ليهمس حينما أصبحت بجواره لا يفصلها عن جسده سوى الباب المتمسك به - وأنت تعلمين غلاتك عند الأمير وزوجة الأمير ،
رفعت رأسها إليه ليكمل وهو ينظر إلى عمق عينيها : وابن الأمير .
توردت وقلبها يخفق بقوة غير قادرة على تحليل نظرته الغامضة بحديث لا تريد تفسيره كما تتوق فيخطئ حدسها أو تتوهم بشيء لم ينطق به صراحة ، همس باسمها في نبرة جشة لتهمهم برد مبعثر وهي لا تقو على تجميع كلماتها فيتبع بجدية : اخلعي معطفك فأنت لن تحتاجيه بالسيارة .
أومأت برأسها وهمت بأن تفعل فيدور ويقف خلفها يهمس بجانب اذنها : اسمحي لي
تلامست يديهما فاختلجت بخجل داهمها لتدخل إلى السيارة بسرعة انحنى إليها ليناولها معطفها ، ارتدت إلى الخلف وخاصة حينما سحب حزام الأمان من جنبها ليثبته فتعترض بجدية : سأثبته أنا .
استقام واقفا ليغلق الباب عليها قبل ان يدور بخطوات حازمة ويستقل مكانه خلف المقود فيتمتم أمرا : استرخي فطريقنا طويل .
نظرت له بعدم فهم ليهمس وابتسامة متلاعبة تفتر ثغره : لا تقلقي فأنت مع الأمير الصغير يا جميلتي .
توردت وعيناه تومض ببريق عسلي غني أغرقها فهمهمت بصوت ابح : مرحبا ، هل تأخرت عليك ؟
ابتسم برقة : لا يهم ، المهم أنك ظهرت .
أدارت عيناها على ملابسه الغير رسمية وهتفت بعفوية : هذه المرة ترتدي ملابس غير رسمية .
عضت شفتها وهي تشعر بالغباء الذي احتل عقلها فأخبرته دون وعي أنها تذكرت المرة الماضية ، فابتسم بمكر ليهتف بمرح : العم حسني مطعم غير رسمي .
أتبع وهو يشير إليها بأن تسير بجواره : المرة القادمة سأصحبك إلى المطعم الرسمي فمن الواضح أنه أعجبك .
اخفضت رأسها وهي تؤثر الصمت ليتبع بصوت خافت : أعجبني ردائك أنت الأخرى .
احتقن وجهها وهي تعيد خصلة من شعرها للخلف تخفي ابتسامتها السعيدة وهي تنظر إلى فستانها الغير رسمي المتسع بألوانه الصيفية الزاهية مزموم من خصرها بحزام من نفس الفستان منتهي بأنشوطة ، بصدر مغلق وبدون اكمام فارتدت فوقه سترة من الجينز تماثلت مع حذاءها الجينز البناتي وحقيبة ظهر قماشية صغيرة زاهية وأنيقة .
هتف متسائلا : لماذا ارتديت سترة عليه ؟
تمتمت برقة : إنه دون أكمام .
عبس بغيرة : هل تخلعين السترة عن كتفيك ؟
هزت رأسها : لا ، غير مناسب ارتداءه في العاصمة دون السترة ولكنه يليق منفردا في المصيف .
أطبق فكيه وفتح لها باب السيارة ليهمهم بجدية أمرة : لا هنا ولا في المصيف ، هو هكذا مناسب .
شعرت بالتوتر وهي ترمقه بحدقتين متسائلتين ليرمقها بنظرة جادة فتما بتفهم وهي تدلف الى السيارة .
استدار ليتخذ مقعده فيهمس بخفة : تستطيعي أن تتخلصي من السترة إلى أن نصل ، نظرت إليه بتعجب فاتبع – السيارة دافئة قليلا
تمتمت وهي تتحاشى النظر إليه : أنا بخير .
ضحك وهو يدير السيارة لينطلق بها : على راحتك .
***
صفت سيارتها في المكان المخصص لها لتبطل المحرك قبل أن ترتكن برأسها على المقود تقاوم دموع تجمعت لتغلق حلقها بسبب كثرتها .. بسبب ألمها .. بسبب حزنها، تقاوم الوجع الذي ينهش شعورها وهي تتذكر تصلبه .. صمته .. تنازع الروح المرتسم على وجهه وتهتف لقلبها المحشور بين ولاءه التام له و رغبتها في الانتقام منه أنها لابد أن تسعد .. تفرح .. تبتهج فاليوم سددت له أولى ضرباتها ونجحت في جعلها قوية.. مؤلمة .. موجعة بقدر أنها أفقدته النطق .. الشعور .. الإحساس ، لقد نقلته إلى عالم الموتى وهو حي يتنفس حينما أخبرته أنها فقدت اهتمامها به ، وهي تعلم جيدا كم هو موجع على شعوره فقدانها الاهتمام ، تعلم جيدا تأثير كلمتها فلطالما تجرعت ما اذاقته إليه اليوم
دقات على زجاج نافذتها انبهتها بوجود ظل رجولي بطول فارع يطل عليها من الخارجفترفع رأسها لتعبس والغضب يتشكل بأوردتها من جديد وهي تنظر إلى طلته الوسيمة وكأن الحزن يزده وسامة وجاذبية
ازدردت لعابها لتقرر أن ترتجل فتفتح باب سيارتها بطريقة فجائية أجبرته على التراجع للخلف خطوتين ، اغلقت الباب ووقفت تستند عليه بظهرها تعقد ساعديها أمام صدرها وتنظر له بتساؤل فيهمس بخفوت : أردت الاطمئنان عليك
رفعت حاجبيها بتعجب فأكمل مهمها : شعرت بالخوف حينما انحنيت للأمام واستندت على مقود سيارتك .
ابتسمت ساخرة : أردت الاطمئنان علي لأنك رأيتني وأنا أستند برأسي إلى المقود ، وأين كنت الخمس سنوات الماضية يا عمار ، ألم تشعر بالخوف ذات ليلة .. ألم ترد الاطمئنان علي ذات يوم .. ألم تفكر بي ذات ساعة .. ألم يخطر ببالك ما أمر به ذات دقيقة ، ألم يداعب ذهنك حالي الذي تبعثر بهروبك .. حياتي التي ارتجت بخداعك .. عالمي الذي انقلب بكذبتك ، ألم يصحو ضميرك لثانية فيخاف على من تركتها خلفك فيجبرك على الاطمئنان عليها ؟
همس بخفوت شديد : كنت اطمئن عليك كل يوم .. اتقصى أخبارك كل ساعة .. اشتاق إليك كل دقيقة واتلهف إلى وجودك كل ثانية
رفت عيناها لتهمس بصوت مختنق : وما الفائدة ؟! كل هذا الآن أصبح لا يهم .
هدر وهو يقترب منها : لا ، لا تتفوهين بعدم الاهتمام ثانية ، لا تقتليني بإصرار ثانية ، لا تقتلعي قلبي من موضعه ثانية ، أنا أعلم أنك تهتمين .. تكترثين
اقترب أكثر منها : تحبين .
أشاحت بوجهها بعيدا ليهمس لها : وأنا الأخر ، بلل شفتيه ليهمس بصوت ابح - أهتم .. اكترث .. أحب .
أتبع وقلبه يخفق بعنف : أنا أحبك يا يمنى .. أحبك .. كنت ولازلت وسأظل أحبك ، فلا تريقين دمي على محراب حبك منتظرة مني أن لا أرفض .. أصرخ .. وأتألم .
نظرت إليه بملامح جامدة مقلتيها استحالتا لحجري دون روح لتهمس : صدقني يا عمار ، لم يعد يهم .
هز رأسه برفض وهتف بصوت محشرج : لا لا تفعلين هذا ارجوك .
اتبع بهذر محموم : افعلي كل شيء ولا تبعديني عاتبيني .. أصرخي بوجهي.. العني اسمي وشكلي .. حتى اصفعيني .. ولكن لا تبعديني .. لا تكرهيني ،
نظرت إليه بعينين لا تعكس ما يدور داخلها : أنا لا أكرهك ، هدأت أنفاسه المتلاحقة لتتبع بجمود - ولا أحبك .
شحب وجهه لتسحب نفسا هادئا : أنا لا أشعر نحوك بأي شيء
هدر بجنون : كاذبة .. أنت كاذبة .
نفخت هواء صدرها بأكمله لتهمهم ببرود وهي تلتقط اشياءها من داخل السيارة : لا وقت لدي لهذه الترهات .
أغلقت باب السيارة ليحاوطها بذراعيه فلا يسمح لها بالابتعاد ، يلصق جسدها بسيارتها دون أن يحتك بها ليهتف : حسنا ، أنا آسف فقط لا تغادري .
اتبع بهذر : أنا آسف أعتذر لك ومنك ، اتوسل إليك الصفح والعفو
هتفت بجمود : ابتعد عني لو سمحت
نظر إلى عمق عينيها واتبع بصوت خافت : اتريدين أن اركع أمامك لاعتذر منك ، اقبل كفيك وقدميك لتغفري لي .
نظرت إليه بصدمة لتهتف به : عمار هل جننت ؟ هتفت به - ابتعد عني .
نطق بصوت خافت : لا أقو على ذلك ، أطلبي أي شيء سوى أن أبتعد عنك .
ابتسمت ساخرة لتهتف وهو تنظر إلى عمق عينيه : لقد فعلتها من قبل ، لن يَصعُب عليك فعلها من جديد .
شحب وجهه فاستحال لملامح لا حياة فيها لتدفع ذراعه بلطف فتبعده في ظل غرقه في صدمته التي حدثت بسبب كلماتها ، تخطو مبتعدة عنه لتتوقف قبل أن تبتعد فعليا لتعود إليه تهتف باسمه في حنو لم تستطع التحكم به وحينما لم يجبها لامست طرف كتفه بكفها تهزه برقة : عمار ، أنت بخير .
شهقت بقوة وجسده الثقيل يترنح ليسقط فتمنع سقوطه وهي تستقبله بجسدها ، تمنع عنه اصطدام مدويا كان سيناله إذا ما وقع فوق الأرض البازلتية .
رمت حقيبتها أرضا لتحاول أن تدفعه لينهض .. يفيق .. يجيبها ، تسند جسده بقوة شكيمة فلا تدعه يقع ورغم قوتها الجسدية إلا أن ثقل جسده كان أقوى منها فترنحت معه إلى أن استطاعت أن تفتح سيارتها لتلقيه فوق الأريكة في الخلف وهي تلهث بخوف لتتجه نحو حقيبتها تبحث عن هاتفها لتداعبه وتضعه على اذنها لتهتف بصوت خائف : انجدني أرجوك ، أنا بحديقة البيت الخلفية .
***
يرمقها بطرف عينه مدركا انقلاب مزاجها .. اختفاء ضحكتها .. وعبوس حاد يعتلي ملامحها ، لم تمنحه كفها كطريق الذهاب بل تعنتت معه وهي تبتعد بجسدها الصغير لأقصى حدود كرسيها فتكاد تلتصق بباب السيارة .
كح بلطف ليهمس بخفوت : بيبا .. حبيبة ، التفتت إليه بحدة فاتبع وكأنه لم يدرك حدتها - ما بالك يا حبيبتي ؟
تمتمت بنزق : لست حبيبتك فلا تتفوه بم لا تشعر .
أجاب بهدوء : دعك مما أشعر وما لا أشعر ، وأخبريني لماذا أشعر بك غاضبة ؟
ردت بحدة : لا لن أدعني مما تشعر به ، اتبعت بنبرة تهديد واضحة - هل تحبني ؟
ارتفع حاجبيه بدهشة ليغمغم : ألست خطيبتي طبيعي أن يميل قلبي لك ؟
ردت بنزق : ميل القلب غير الحب يا أستاذ
ضحك بخفة مزيلا توتره : هل الحب تهمة يا حبيبة فتحاسبينني عليها الآن ؟
ردت : لا الحب ليست تهمة ولكن الكذب والخداع تهمة ، انت خدعتني وكذبت علي؟
عبس بتفكير ليسأل ببساطة : متى كذبت عليك أو خدعتك ؟
أجابت سريعا : أخبرتني أنك لا تحبني والآن تلقبني بحبيبتك
صمت قليلا ليهمس بهدوء شديد : أعتذر منك ، كان سوء تصرف مني وكلمة خرجت مني عفوية ، إذا ازعجتك فأنا أسحبها
ازداد عبوسها لتهتف به : إذًا من تحب ، إذا كنت لا تحبني، ضحك رغم عنه لتهتف بحدة - لا تسخر مني .
أجاب بعفوية : لا أفعل بالطبع ولكني متعجب منك ، هل لابد علي الوقوع فالحب معك أو مع غيرك ؟
زمت شفتيها لتشيح بعينيها فيهمس بخفوت : هل يغضبك كوني أحبك ،أم كوني لا أحبك ، أم يغضبك أمرا آخرا لا تريدين البوح به؟
احتقن وجهها بغضب شديد لتهتف بغيرة أحرقت عسل عينيها : هل أنت معتاد على تقبيل ابنة خالتك وضمها إلى صدرك بهذه الأريحية ؟
تجمدت ملامحه ليرمش بعينيه ويهمهم بخفوت : أيهما تقصدين ؟
رمقته بنظرة غاضبة فهمس بصوت أجش : تقصدين نوران .
لم تجب فتابع بهدوء : أنها كأختي الصغيرة يا حبيبة .
هتفت بحدة : هل هي شقيقتك ؟ لا ، هل هي أختك الغير شقيقة كهنا ؟ لا ، هل هي أختك بالرضاع كنادر ، لا إذًا هي ليست بأختك ، هي ابنة خالتك التي تستطيع الزواج منها كما تزوج أخيك من شقيقتها .
أنهت كلماتها بثورة عارمة اجتاحتهما ليعم الصمت عليهما وهي تشعر بالبكاء يغلق حلقها .. يداعب جفنيها .. يحرق مقلتيها قبل أن تنساب دمعاتها فتمسحهم بقسوة ليهمهم أخيرا بعطف : اهدئي يا حبيبة من فضلك .
هتفت والبكاء يغطي نبراتها : لا لن اهدأ ، لقد تجاهلت وجودي تماما وأنت تقبلها بل تشاكسها بملامحك في عفوية سرت بينكما ،
همهم بدفاع : إنها اخوة ، نوران تعتبرني أخيها الأكبر ، هذه هي طريقتها ، لقد تربيت على ذلك إنها تقبل أحمد وعمار أيضا أم لم تري ذلك
هتفت بحدة : لا علاقة لي بأحمد وعمار فأنا لست متزوجة من أحد منهما ؟
ابتسم رغم عنه : أنت تغارين يا حبيبة ؟
اتسعت عيناها بغضب : لا إنها ليست غيرة أنا غاضبة ، غاضبة منك ومن تجاهلك لي ومن عدم اهتمامك بمظهري .
أجاب بجدية هو يصف السيارة أمام بيتها : أنا اهتم بك يا حبيبة .
هتفت بثورة : إذًا أخبرني معنى تصرفك ؟ هم بالحديث لتقاطعه بيدها - بل أخبرني الن تغضب إذا قبلت أسعد أو تعلقت بعنق عادل ، أو احتضنت حسام ، لن تغضب لن تثور ؟
عم الصمت عليهما ليجيب بهدوء شديد : سأغضب ولكن لن أثور .
عبست بعدم فهم : ما الفارق ؟
تحدث بهدوء : سأشعر بالغيرة وأغضب وأثور لأنك لست معتادة على ذلك ، وسأحس بأنك تفعلين هذا متعمدة مضايقتي ، أما إذا كنت معتادة على ذلك وأنا شعرت بالغيرة لأنك أصبحت زوجتي .. خاصتي .. حلالي ، سأغضب ولكن لن أثور بل سأنبهك للأمر بهدوء وأخبرك أن تتوقفي عن هذا الأمر الذي اغضبني .
التفت إليها ليهمس بجدية : لن احتد عليك هكذا ولن أصرخ في وجهك ولن اتشاجر معك ، سأحدث عقلك وقلبك حتى تتفهمين ما يجول بداخلي وتقدريه فنستطيع المضي قدما ونتلافى الاختلاف فيم بيننا
اهتزت حدقتيها لترتجف ذقنها ببكاء وشيك فيتابع هامسا بهدوء : والآن يا حبيبة ، هل انت تظنين أني تعمدت مضايقتك أم لا ؟
همهمت بصوت أبح وهي تلامس رتاج الباب الإلكتروني فتفتحه : أنا لا أظن شيئا ، عمت مساءا.
همت بالترجل ليهتف باسمها : انتظري لم ننهي حديثنا .
التفتت إليه بنصف التفاتة : الحديث انتهى يا سيد عمر ، أعتقد أني أحتاج وقت لإعادة النظر في أمر خطبتنا .
جمدت ملامحه ليجيب بهدوء : على راحتك يا حبيبة ، تصبحين على خير
ارتعد جسدها و حشرجت أنفاسها قبل أن تجيب بخفوت : وانت من اهل الخير.
اندفعت تغادر السيارة ، بخطوات متلاحقة لتدلف إلى البيت وهو يتابعها بنظرات غاضبة ليزم شفتيه ضاربا المقود بغضب اعتراه قبل أن ينطلق مجددا بالسيارة وطاقة غضبه من تدفعه لنهب الأرض نهبا
***
دلفت إلى بيتها بعد طريق طويل دام فيه الصمت لم تحاول الحديث معه ولم تحاول النظر إليه ، تجلس متباعدة عنه تركن جسدها ورأسها إلى باب السيارة ونافذتها وتحاول أن تنأى بروحها الغاضبة عنه .
تقاوم دموعها بقسوة أن تسقط وخاصة أنه لم يبالي بها ، لأول مرة لم يلق بالا لغضبها أو ضيقها ، بل هو لم يهتم بها طوال الأمسية وتحاشى الحديث معها سوى بضع تمتمات خافتة حول أمر نوران وعاصم الذي أثار اهتمامه ، ابتلعت غصة قوية استحكمت حلقها وهي تشعر بأنه اهملها عمدا في حين احتفى بيمنى اهتم بها بعملها بحالها وأثنى عليها دون سواها ، قُبض قلبها وهي تعتلى الدرج والغيرة الحارقة تشعل أوردتها حينما تذكرت نظراته المعجبة الفخورة بالأخرى التي تعدها أخت صغيرة لها ولكنه اليوم اشعل قلبها باهتمامه الزائد بالأخرى .
دلفت إلى غرفتهما لتلقي حقيبة يدها على طول ذراعها وتتخلص من وشاح كتفيها الذي أجبرها على ارتداءه لتخلع حليها بعصبية تملكتها وهي تهتف لنفسها بأنها لن تبكي .. لن تفعل .. ستتمالك لتقوى على الحديث معه .
فركت كفيها وهي تلتقط منامة قطنية فضفاضة تعكس حالة رفضها لتجاهله التام لما تريده ، تحممت سريعا لترتدي منامتها وتخرج تتجه الى طاولة الزينة تمشط شعرها بضربات قوية وهي تقاوم انغلاق حلقها
طرفا جفنيها حينما دلف إلى الغرفة ليغلق باباها خلفه يرفع حاجبيه بتعجب وهو يدير بصره على هيئتها ليبتسم ساخرا وهو يستمر بتجاهله لها ليدلف إلى دورة المياه بدوره صافعا الباب خلفه
انتفضت رغما عنها على صفعته القوية لباب دورة المياه لتتساقط دموعها رغم عنها قبل أن تسيطر عليها بصعوبة وتمسح وجهها بكفيها وهي تعاود الاعتناء بنفسها كما اعتادت .
خرج يلف خصره بالمنشفة المياه تتساقط منه كالمعتاد ليبتسم ساخرا حينما لم يجد ملابسه معدة كما اعتاد منها فيهمهم بقسوة : إذًا أنت ستتوقفين عن الاعتناء بي لأنك غاضبة ، رجف جفنيها وهي لا تستطع الوصول لمقصده فيتابع - لا يهم استطيع أن انام عاريا بم أن سيادتك لم تعدي لي ملابسي .
رمقته قليلا من خلال المرآة لتهمس بصوت محشرج : لا أعتقد أن إخراجك ملابسك الموضوعة بالصوان أمر جلل يا أحمد .
هز رأسه بتفهم ليهمهم بصوت ساخر : آها ليس بالأمر الجلل .
تحرك ليدلف إلى غرفة الملابس فيرتدي أول شيء يقابله ليخرج من الغرفة متجهما فينظر إليها قليلا حينما تحركت لتدلف إلى الفراش تتلحف بالشرشف الخفيف موليه له ظهره بعد أن أغلقت الإضاءة من اتجاهها .
ومضت عيناه ببريق غاضب ليغلق الاضاءة المتبقية قبل أن يجاورها فوق الفراش ، يحدق بظهرها في الظلام وهو يشعر بأوردته تغلي غضبا ، إنها تنأى عنه .. تبتعد .. تتدلل عليه .. وتوجعه برفضها له
زفر بقوة وهو يقترب من جسدها المنطوي على نفسه ليحيط خصرها بذراعه ويجذبها إليه بقوة ،يديرها إليه ليضمها الى صدره بتملك وذراعيه تشتدان من حولها إلى أن تأوهت بضعف فلا يتمالك نفسه وهو يكتم تأوهها بفمه الذي امتلك ثغرها في قبلة قوية غاضبة ، أتبعها بقبلات كثيرة متفرقة وزعها بين ملامحها وشفتيها التي تحاول أن تبعدها عنه فيمتلكها مرارا وتكرارا وكأنها كلما قاومته اكثر أججت نيران شوقه لإخضاعها ، تجرأت كفيه على ملامستها لتهتف برفض فوري وهي تدفعه بعيدا عنها لتقفز واقفة من الفراش وهي تلهث بقوة ، خصلاتها متناثرة بعشوائية طالتها اثر اكتساحه لها ، قميص منامتها مفتوح على مصرعيه وبنطالونها الذي كادت أن تفقده لتعدل من وضع هندامها وهي تهمس بخفوت : أنا لا أريد .
اتسعت عيناه لرفضها فيضيء الغرفة من حولهما ، يتكئ بجسده فوق ظهر الفراش مهمها : بمعنى ؟
تمتمت بصوت مختنق : لا أريدك أن تلامسني طالما تتجاهل حديثي أو احتياجاتي
ابتسم ساخرا ليهمهم : لا أعتقد أن تجاهلت احتياجاتك يوما يا أميرة ، لطالما دللتك .. رعايتك .. واهتممت بك .
تمتمت بصوت مختنق وهي تشعر بمهانة شديدة : في الفراش .
قفز واقفا ليصيح بغضب : إياك ، لا تنكري حسن عشرتي معك وتختزليها كلها في اشتياقي الدائم لك والذي من الواضح أصبحت تضيقين به
رجفا جفناها وهي تشيح بوجهها بعيدا ليتابع هادرا : هل قصرت في حقك يوما ، هل رفضت طلبا لك يوما ،هل تنكرين اهتمامي الدائم بك طوال حياتنا سويا ؟
اتبع صارخا : ما الذي حدث وأبعدك عني هكذا ؟
نظرت لعمق عينيه : تجاهلك لرغبتي .اتبعت بصوت باك - بل لجميع رغباتي .
ردد بتعجب : جميع رغباتك ، ما هي رغباتك التي اتجاهلها يا أميرة وتجعلك تعيسة بهذا الشكل ، هل رغبتك في الإنجاب هي ما تتعسك هكذا ؟
تساقطت دموعها ببطء لتهمهم : أتعلم كم مرة أخبرتك أن مكوثي بالبيت يضايقني . أتعلم كم مرة اخبرتك أني أريد المشاركة في مهرجان الزهور العالمي فتتحجج كل سنة إلى أن ينتهي موعد اشتراكه ، أتعلم كم مرة طلبت منك أن أعمل بتصميم الديكور وخاصة بعد أن أشاد عاصم برسوماتي ، أتعلم كم مرة نبهتك أني أريد أن أعمل ولكنك تتجاهل الحديث بأكمله ، اقتربت وهي تشعر بالقهر لتتابع بصوت مختنق - أو تخبرني عن غيرتك التي لا تقو على احتمالها .
وقفت أمامه لتهتف بقهر : اعتقدت أنك ضد عمل المرأة لاكتشف اليوم أنك تدعم الجميع سواي ، اتبعت صارخة - الجميع يستطيعون النجاح ما عدا أميرة ، نوران .. يمنى حتى خطيبة اخيك الخجول اشدت بعملها ، إلا أميرة ، فأميرة لا تصلح إلا للشوق والفراش
اتبعت ودموعها تنهمر : حتى لا تصلح للإنجاب وتربية الأطفال ، اليس كذلك يا أحمد ؟!
حدق بها ليصرخ بجنون : ما هذا الهراء الذي تتفوهين به ؟!
رددت بسخرية أليمة : هراء ، نعم هو بالفعل هراء ، تابعت وهي تتحرك اتجاه غرفة الملابس - سأريحك من الهراء.
اتبعها على الفور ليهتف بها : ماذا تفعلين؟
تخلع منامتها وتهتف من بين بكاؤها : ذاهبه لأبي .
اعتلى الجنون ملامحه ليهدر بغضب : لن تذهبين لأي مكان ، لن تغادري منزلك .
قبض على ملابسها التي التقطتها لترتديها لينتزعها منها ملقيا إياها دون اهتمام فتهتف بصراخ : ابتعد عني هل ستحبسني هنا ؟!سأبلغ أبي عنك ، ليس أبي فقط وعمي خالد أيضا.
اتسعت عيناه بجنون ليجذبها إليه من مرفقيها هاتفا : ليس لك سواي ، إياك أن تستنجدي بأحد مني .
ضمها إلى صدره بإصرار فتحاول دفعه بعيدا والبكاء يهلك رئتيها ، وكلما دفعته بعيدا يزيد إصراره في الاحتفاظ بها بين ذراعيه لتشعر بالإنهاك فتتوقف عن المحاربة ، تتقوقع على نفسها وتميل بجسدها تحتمي بالأرض جالسة تحاول الابتعاد عنه ، تئن في بكاء خافت مزق نياط قلبه ليجلس بدوره معها وهو يحاوط جسدها يضمها إلى صدره وهو يهمهم بجانب اذنها : توقفي عن البكاء يا أميرتي ، توقفي ارجوك .
همهمت : اتركني ، هدر - لا أستطيع
نهنهت في البكاء ليجبرها على المكوث داخل صدره قبل أن يحملها بين ذراعيه عائدا بها إلى الفراش ليضعها بهدوء يجاورها نائما ، يحتجزها برحاب صدره وهو يهدهدها بحنان يقبل جبينها ويمسد خصلاتها يهمهم إليها راجيا أن تتوقف عن البكاء وهو يغرق مسامعها اعتذارات لا نهائية فات وقتها
***
وضعت الكوب من بين كفيها لتهمس برضا: الحمد لله ، لم اكن أشعر بالجوع إلا حينما رأيت الطعام
تمتم بحنو وهو يتأملها بعينيه : بألف هناء وشفاء .
تمتمت وهي تتورد : هناك الله .
أشار للنادل فهتفت وهي تخرج بعض النقود من حقيبتها : انتظر يا أسعد سأحاسب انا هذه المرة .
رمقها أسعد بطرف عينه ولم يبالي بها لتهتف بالرجل حينما وقف أمامها : كم حسابك؟
توتر الرجل وهو ينقل بصره بينهما فيهتف هو بجدية : انتظري يا جنى قليلا .
هتفت بعناد وهي تنتفض واقفة : لا، فأنت تتعنت كل مرة وتصر على أن تدفع الحساب كاملا ، أخبرني من فضلك كم الحساب .
التفت إليها الرجل وهو يبتسم ليهدر أسعد بخشونة : أنت يا هذا ، أنظر لي هنا ، كم حسابك ؟
أجابه الرجل سريعا ليمنحه أسعد نقوده قبل أن ينتفض واقفا : هيا بنا
اتبعته مرغمه وهي تمط شفتيها بضيق لتجاوره بسيارته وتصفع الباب بقوة قبل أن تهتف بحنق : ماذا حدث يا أسعد لتصرخ في الرجل وتدفع الحساب بهذه الطريقة التي لا أجد لها سببا .
تمتم من بين أسنانه وهو ينطلق بالسيارة : اصمتي يا جنى .
عبست والعناد يتملكها : لا لن أصمت ، ما المشكلة أن أدفع أنا الحساب هذه المرة ؟ فأنت تتعنت في كل مرة وتدفع لي ولك .
أطبق فكيه ليهدر بإصرار : اصمتي من فضلك .
عاندته : لا لن أصمت ، فأنا لا أرى مانع في أن أدعوكَ مرة على حسابي كما أفعل مع أصدقائي .
صاح أسعد بحدة : لست صديقك يا جنى ، اتبع وهو ينظر إلى عمق عينيها - أنا لست صديقك لذا يوجد ما هو أكثر من مانع لتدفعي أنت الحساب بدلا مني .
توترت لتهمهم : لست صديقي ، كيف نحن أصدقاء من الصغر ؟
هدر وهو يضرب المقود براحته : لم نعد صغيرين ولم نعد أصدقاء ، حديثنا سويا ليس حديث اصدقاء وخروجنا سويا ليس لأننا أصدقاء ، ولكنك أجبن من أن تعترفي لنفسك بم تشعرينه نحوي .
رجف جفنيها لتهمهم بصوت مختنق : بماذا أشعر نحوك ، أنا لا أشعر نحوك باي شيء.
اتسعت عيناه ليصف السيارة جانبا ويلتفت إليها بكليته : انظري إلى عيني وأخبريني أنك لا تشعرين نحوي بم هو أكثر من كوني صديقك .
التفتت إليه بجمود لتهمس بخفوت وكأنها تردد نصا حفظته كثيرا ورددته أكثر على مسامعها قبل مسامعه : أنت صديقي المقرب هكذا أشعر نحوك ، ازدردت لعابها لتتابع وعيناها تغيمان بدموع كثيرة - لن تكون أكثر من ذلك فأنت اخي الصغير وصديقي المقرب لا يجوز أن تكون أكثر من هاتين الصفتين .
جمد وجهه ليطبق فكيه بقوة قبل أن يتمتم : حسنا على راحتك .
أدار السيارة ثانية وهو يتجاهل وجودها لتهمس بعد قليل من الوقت : لماذا أنت غاضب ؟
أطبق شفتيه فلم يجبها وهو يقترب من بيتها فتهمس باسمه في توسل وتتابع : أخبريني لماذا أنت غاضب ؟
صف سيارته بجانب بيتها ليهمس : أتريدين حقا معرفة سبب غضبي ، أم أنت تعلمين وتنكرين كعادتك ؟
همهمت بخفوت : لا أنا لا أعلم .
هدر بقوة : كاذبة ، أنت كاذبة .
هتفت بدورها وكان غضبه انتقل إليها : لا تتحدث معي هكذا يا أسعد واحترم فارق السن بيننا .
اتسعت عيناه بغضب حارق فانكمشت على نفسها ليهمهم بخفوت اخافها : تصبحين على خير يا دكتورة
احتقن وجهها بحرج لتهمهم : ما معنى ذلك أتطردني من سيارتك ؟
همس ساخرا : وهل أجرؤ يا دكتورة على الأقل علي أن احترم فرق السن بيننا؟
انتفضت وحلقها يختنق بدموعها لتهمهم : أنت تسخر مني .
تمتم : بالطبع لا ، أكمل بضيق - بل أنت من تسخرين منا سويا .
همهمت وهي تبكي : لم أفعل شيء ، لم أقصد اغضابك .
صاح بها : بل قصدت اغضابي ، واهانتي أيضا .
شهقت ببكاء : لم أقصد .
هتف بجدية : من فضلك يا دكتورة ، أنا أريد العودة لمنزلي فلدي عمل في الغد .
تمتمت : لا تغادر وأنت غاضب مني .
ابتسم ساخرا : وهل أجرؤ على الغضب من أختي الكبيرة ، همهمت باسمه في رجاء ليجيب بهدوء - تصبحين على خير

***






سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-08-20, 06:07 PM   #176

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي



تربت على وجنته بهدوء تحاول إفاقته وهي تردد اسمه بخفوت شديد ، تتحكم في دموعها التي تغرق عينيها وهي تشعر بالعجز يغتالها وهو ملقي هكذا جسده فوق أريكة سيارتها ورأسه بين كفيها ، عيونه مغمضة ووجهه شاحب كالموتى
انتفض جسدها ودموعها تنزلق أخيرا رغم عنها وخاصة حينما وجدت أخيها أمامها يناظرها بتوتر نجحت في تمريره له بسهولة مع ملامحها الفزعة ودموعها ، ارتعاشه ذقنها ببكاء مكتوم ولهفة سطعت بعينيها لتهتف به : بسرعة لنذهب إلى المشفى .
تمتم نادر وهو يدلف إلى السيارة من الباب الأخر المفتوح وساقي عمار مدلاه منه يتأمل ملامحه الشاحبة وبطء أنفاسه قبل أن تجمد ملامحه فجأة وعيناه تقسو ليزمجر بها : انهضي يا يمنى .
تمتمت بعدم فهم : أنا أسند رأسه حتى لا تتضرر .
هدر بخفوت : اتركيه وانهضي ، اتِ له بعصير أو كوب ماء بسكر أعتقد أنه مصاب بهبوط فقط في الدروة الدموية وجهه شاحب قليلا لكن أنفاسه منتظمة
زجرها ثانية : هيا اذهبي ولا تدعي خالتي أو عادل يلاحظونك واتِ بعطر قوي أيضا .
استجابت وهي تضع رأس عمار على الأريكة لتهمهم له : لدي بحقيبتي زجاجة عطري .
تمتم وهو يخرج من السيارة يقف باعتدال : حسنا سأستخدمها .
ابتعدت بخطوات متتابعة ليراقب ابتعادها قبل أن يلتفت إلى الآخر المستلقي فيهتف بخشونة : انهض
انتظر لوهلة قبل أن يردد : أعلم انك لست فاقد للوعي فجفنيك يرجفان .
تحرك عمار بتردد لينهض جالسا متحاشي النظر للذي اتبع بتهكم : هل توقعت شخص آخر غيري من سيأتي يا عمار بك .
رجف فكه وآثر الصمت ليتبع نادر بحنق : إلى متى ستظل تخدعها وتوجع قلبها ؟
تمتم عمار : لا أقصد ايلامها ، شعرت للحظة أني اموت فعليا ، عم الصمت عليهما ليرفع عمار عينيه له بتساؤل فيزفر نادر بقوة - لن أخبرها فأنا لن أحتمل أن تصدم من جديد ، أو تضم خيبة جديدة لإجمالي خيباتها معك .
تحرك ليقف فيحدثه نادر بجدية ونبرات قاسية : لا تنهض الآن ، أكمل تمثيليتك أنك متعب ، ظل جالسا وحينما تأتي أوهمها بأن رأسك مثقل واذنيك تطنان وارفض بنفسك الذهاب للمشفى وأنا سأعيدك لبيتك .
بلل عمار شفتيه وجلس على طرف الأريكة يسند مرفقيه لركبتيه ويحنى رأسه ليهمهم : أنا أحبها يا نادر وأريد مصالحتها .
ابتسم نادر ساخرا : مصالحتها ، هل ارتطمت بها دون قصد يا عمار ؟ أنت جرحت يمنى متعمدا ، تركتها وسافرت قاصدا ، لم تسأل عنها مدركا لما تفعله ، والآن تريد مصالحتها ،وهل تتخيل أنها ستسامحك ببساطة هكذا ؟
تمتم عمار بصوت مختنق : لا لن تفعل ، ولكني أحاول
لمعت طفيف ابتسامة بعيني نادر ليهمس : لا تكف عن المحاولة ، من الممكن أن تصل لمرادك ذات مرة
دلك عمار جبينه ليهمس بخفوت : كيف عرفت؟
ضحك نادر رغم عنه : لقد كدت أن تفتح عينيك لترى من القادم يا عمار .
أطبق عمار فكية ليهمهم وهو يرفع رأسه بشكل مائل ينظر لنادر الواقف أمامه : توقعتك شخص آخر .
ابتسم نادر ساخرا : فأردت أن تبلغه أنها تحبك مهما حدث ، ملهوفة عليك وخائفة وتبكي لأجلك .
لمعت عينا عمار بغبطة رغم عنه فأردف نادر بمكر : ولكن هذا ليس مقياس فأي شخص مكانها سيفعل هكذا وأكثر ، اتبع متعمدا أثارت ضيقه – فهي من المؤكد لن تتركك تموت يا ابن خالتها .
زم عمار شفتيه بنزق ليخفض رأسه ثانية فيهمهم نادر : يمنى قادمة .
هرعت إليهما فيهمس نادر لها : اطمئني يا أختاه لقد فاق عمار ولكنه غير متزن قليلا
تمتمت وهي تناوله : لقد أتيت بعصير رمان .
دق قلبه بسعادة وهي تأتي له بعصيره المفضل فيرفع رأسه لها وعيناه تلمع بالكثير فتتابع شارحة : أمي أعدته لأجل عادل .
تمتم بخفوت : سلمت يداها .
اثرت الصمت قليلا لتهمس له بعد أن ارتشف بعض من العصير : هل انت بخير الآن ؟
رفع بصره لها متوسلا إياها صفح يحتاجه لتتورد رغم عنها فيهتف نادر : إنه بخير يا أختاه، لا تقلقي ، هيا اذهبي لقد تأخرت في الدخول للمنزل ، وأنا سأعيد عمار بك لمنزله
تلكأت فاتبع نادر مزمجرا : لا نريد أن يعود أسعد ليجدك بالخارج .
هزت رأسها بتفهم وهي تلتقط حقيبتها ليهتف بها نادر : أنا سأغلق السيارة واتِ لك بالمفاتيح .
اومأت برأسها وهي تسير بخطوات بطيئة قبل أن تتوقف عن السير تنظر إليه فيبتسم بوجهها ليهمهم دون صوت : بخير لا تقلقي .
ازدردت لعابها لتبتعد مرغمه وقلبها يدق بقوة يريد الاطمئنان عليه ولكن عقلها يزجرها بالابتعاد ويفكرها بعودة شقيقها القريبة .
هتف نادر بعد أن اختفت عن ناظريهما : هيا يا بك فانت الأخر لا تريد أن يعود أسعد ويجدك هنا .
نهض عمار واقفا على الفور ليناوله الكأس الفارغ ليغلق نادر السيارة فيهتف به عمار : شكرا يا نادر .
تأمله نادر قليلا قبل أن يتمتم : لم اساعدك لأجل سواد عينيك بل لأجل أختي التي اخاف عليها ، فلا تعتاد على ذلك المرة القادمة الذي اكتشف بها أنك تخدعها سأخبرها عن كل الخداع الذي لم تفطن له هي بطيبة قلبها .
صمت عمار قليلا : لن افعلها ثانية ، فقط كنت أريد أن أتأكد من حدسي بها .
أشاح نادر برأسه قبل أن يهمس بعد قليل : عمت مساء يا دكتور
***
هو صحيح ..صحيح
الهوى غلاب .. معرفش انا
والهجر قالوا مرار وعذاب
واليوم .. اليوم .. اليوم بسنة
تهتز بحركة بطيئة على كرسيها الوثير تركن رأسها للخلف وتشرد بنظرها في الفراغ ، تفكر في حال بيتها المقلوب رأسا على عقب ، حتى بعد حديثها مع أمير لم تشعر بالارتياح الذي تبحث عنه ، حتى بعد هدوء آسيا واستكانتها لحديث أسعد ، لم تحتلها السكينة التي تنشدها ، حتى بعد زيارة آدم لهم في اليوم التالي والتي أتت بعظيم الاثر وخاصة مع احتواءه لآسيا وتهدئته لأمير الذي كان رافض مقابلته ، بل إن صغيرها انتفض مدافعا عنها أمام أبيه لصالحها ولكن أبيه تحدث معه وامتص كل غضبه ليقف أمامها أخيرا متواجهين فيسألها بهدوء كعادته : هل أنت سعيدة هكذا ؟
فخفضت رأسها وهي تفكر لتجيبه بصوت أبح : لست مرتاحة لا هكذا ولا من قبل ، لقد كُتب علي الشقاء ، فالخيارين علقم وافضلهما مر .
حينها نظر لها بحنان جارف ليجذبها إلى حضنه رغم عنها يضمها بقوة ويقبل جانب رأسها وهو يهمس بخفوت : أنا احبك ، مهما فعلت أنا أحبك ، أنا اتفهم شقاءك .. رفضك ، بل اتذوق مرار العلقم بحلقك ، احتضن وجهها بكفيه ليهمهم إليها – اعلمي أني اتعذب مثلك وأكثر ، فقط أشفقي على حالنا واصفحي .
نظرت إليه والحيرة تلفها ، التوتر يصيب قلبها والخوف يمزقها لنصفين فيهدي جبينها قبلة طويلة ليهمس : خذي وقتك سأمر عليكم كل يومين ، أنا اخبرت الطفلين أن لدي مؤتمر منشغل به ، ولكني سأزورهم باستمرار حتى يطمئنوا .
داعب وجنتيها بإبهاميه : فقط استرخي أنت واهدئي وخذي كل وقتك وأخبريني حينما تريدين مني العودة .
وها هي تسترخي بجلستها في الحديقة تفكر بعمق في حل تصل من خلاله إلى سكينتها ، يسري صوت سوما جنب اذنها بأغنية أدارتها دون وعي وكأن لا وعيها اختارها خصيصا لتكشف ندوب روحها وتعريها فتستطيع معالجتها بعد كثير من نزف انهك روحها وأراق طاقتها .
همهمت بصوت ابح مع كلمات الأغنية فتتمرد تتمرد عليها فتبكي بدموع بطيئة .. ضعيفة .. تتدحرج بتمهل وكان دموعها فقدت طاقتها هي الأخرى
جاني الهوى من غير مواعيد وكل مادا حلاوته تزيد
ما أحسبش يوم ح ياخذني بعيد
يمني قلبي بالافراح
وارجع وقلبي كله جراح
إزاي يا تري
اهو ده اللى جرى
وانا ما عرفش
ما عرفش أنا
***
تحركت بخطوات متعثرة نحو بيت خالتها دون وعي حقيقي سوى أنها لا تريد أن تعود إلى البيت وهي بحالتها المبعثرة هذه ، خوفها عليه وقلبها الذي يخفق لأجله وضميرها الذي يجلدها دون رحمة لأنها قست عليه .. تعمدت أذيته .. وجرحته بتعنت رغم اعتذاره لها ، التقطت هاتفها لتبعث لوالدتها رسالة تخبرها فيها بأنها ستمر على ايني لتطمئن عليها ، وخطت نحو بيت خالتها من الحديقة الخلفية المفتوحة على الدوام ، لتتصلب وهي تنظر إلى خالتها بجلستها المنطوية على نفسها، بكاءها الصامت وصوتها الأجش بنبرة حزينة تشدو مع كوكب الشرق بكلمات مست عمق قلبها فنكأت جرحها بقوة فانتفض صارخا ليتلاشى تبعثرها .. يختنق صوت ضميرها .. ويتزعزع خوفها أمام حرقة قلبها وشرخ كرامتها ، فترفع رأسها بشموخ تخطو بعزة وإيباء نحو خالتها التي انتبهت إليها فاعتدلت جالسة وفتحت ذراعيها على وسعهما فهرعت إليها يمنى لتجثو على ركبتيها أمامها وتحتضنها بقوة ، تبحث عن قوة خالتها .. شموخها .. وكبريائها الفطري ، وتبث إليها أمان .. وحنان .. واحتواء تبحث عنه خالتها في المحيطين بها فلم تجده .
ابتسمت يمنى ومسحت خدي إيناس لتهمس إليها : صوتك رائع ، أحلى من صوت الست .
ضحكت ايني وقرصت خدها بلطف : مجاملة مقبولة يا ابنة الأمير ، تنهدت لتتبع – اذا لو شدوت أنت ستكونين الأحلى والأجمل هنا .
ضحكت يمنى لتهتف : حقا ؟
أومأت ايني بثقة لتهتف بها : هيا اسمعيني ، منذ زمن لم استمع اليك .
تنهدت يمنى بقوة وجلست باعتدال وهي تضع اشياءها جوارها لتردد مع صوت أم كلثوم القوي تتنغم بصوتها لتغمض عينيها وتشدو بانفصال تام وتوحد تام مع قلبها الذي يرتجف بين تخطبه وحيرته وإحساس عميق بالحب واحساس قوي بالكره المنغمس بانتقام ينهش نياطه ويمزعه
نظره وكنت أحسبها سلام وتمر قوام
أتاري فيها وعود وعهود وصدود وآلام
وعود لاتصدق ولا تنصان .. عهود مع اللى مالوش امان
صبر على ذله وحرمان
وبدال ما اقول حرمت خلاص .. أقول يارب زدني كمان
إزاي يا تري .. أهوه ده اللى جرى
وانا ما عرفش
ما عرفش أنا
القت أخر غناءها وهي تناغش خالتها بملامحها فتضحك إيناس قبل أن تربت على رأسها بحنو : صوتك هبه من رب العالمين يا يمنى ، رغم غضبي من أبيك أنه لم يشجع موهبتك الفذة إلا أني أتفهم خوفه الطبيعي عليك .
قبلت جبينها : بارك الله فيك يا حبيبتي .
تمتمت يمنى بحنو : كيف حالك يا خالتي ؟
عبست إيناس لتضحك يمنى برقة : حسنا أنه خطأ غير مقصود ، كيف حالك يا ايني ؟
هزت إيناس رأسها : بخير الحمد لله ، اتبعت – جيد أنك اتيت اردت أن أتحدث معك ، فأنا أريد ان اقيم حفل لعيد مولد آسيا ، وأريد منك المساعدة .
ابتسمت يمنى برقة : عيناي لك يا ايني .
ابتسمت إيناس بامتنان لتهتف يمنى بتلكؤ : هل ستخبرين دكتور آدم ؟
اهتزت حدقتي إيناس لوهلة قبل ان تعلن بهدوء وكأنها تؤمر نفسها قبل أن تجيب يمنى : بالطبع سأفعل ، لابد أن يحضر عيد مولد أبنته .
ابتسمت يمنى بحماس : حسنا لندون ماذا نريد أن نفعل ، وأنا سأخبر الشباب في الغد عم نريده منهم .
ابتسمت ايني برقة : فقط أريد ا أن افاجئ آسيا يا موني .
همهمت يمنى بخفوت : لا تقلقي السر في بئر عميق .
ضحكتا سويا لتبدأ إيناس في سرد ما تريده وتناقشها يمنى في بعض النقاط لترتيب حفل عيد الميلاد وسوما تصدح حولهما .
***
همس بهدوء : فقط اهدئي ، توقفي عن البكاء واهدئي لأفهم منك ما حدث .
نهنهت لتهمهم : فقط أريد الاطمئنان عليه يا عادل ، هل عاد أم لا ؟
تنفس عادل بقوة ليهمس : لا لم يعد بعد ، هل تشاجرتما ؟
شحب وجهها واطبقت شفتيها سويا لتهمس : فقط أخبرني حينما يعود .
هم بالحديث ليستمع إلى باب المنزل الذي فتح واغلق من خلفه ليهمس بخفوت شديد : ها قد عاد ، اهدئي .
رفع نظره إلى اخيه الواقف أمامه ملامحه جامدة والغضب يعتلي هامته ليهتف بمرح حاول بثه في الأرجاء وهو ينهض واقفا يقترب منه وهو يستند إلى عكازه: مرحبا يا حضرة الضابط ، حمد لله على سلامتك ، رمقه أسعد بنظرة مطولة ليتابع عادل بتفكه وهو يناوله الهاتف – جنى تطمئن على عودتك فهاتفك مغلق .
ومضت عيناه ببريق مخيف ليبتسم ساخرا ويهتف دون أن يبدي نية في إمساك الهاتف من أخيه : اشكرها نيابة عني واخبرها أني بخير عدت إلى المنزل سأغسل قدمي و أشرب اللبن وانام بحضن والدتي .
ارتفعا حاجبي عادل والصدمة تتشكل بعينيه ليناظره بعتب فيبتسم أسعد ساخرا ويشيح بعينيه بعيدا قبل أن يندفع نحو غرفته ليضع عادل الهاتف ثانية فوق اذنه فيقابله بكاءها المكتوم ، يهمس باسمها فيقابله نهنهتها قبل أن تهمس : شكرا يا عادل ازعجتك معي ، تصبح على خير .
تمتم عادل : فقط انتظري يا جنى ، أريد أن افهم ما الأمر .
همهمت بتعثر ازعجه : لا شيء ، لم يحدث شيء ، تصبح على خير وشكرا لك .
زم عادل شفتيه بحنق وهو ينظر إلى شاشة هاتفه التي تعلن عن انتهاء الإتصال فيتحرك بحزم نحو غرفة أخيه ، وهو يستند على عكازة بغضب فيفتح الباب ويدلف إليه دون أن يقرعه همهم أسعد بضيق وهو يبدل ملابسه : كم مرة أخبرتك أن تدق الباب قبل أن تدلف إلى الغرفة ؟
هتف عادل وكأنه لم يستمع إليه : ماذا حدث يا أسعد ، ماذا فعلت لتبكي جنى بتلك الطريقة ؟
انتفض قلبه ولكنه ظل جامدا ليكمل ارتداء ملابسه ، يدلف إلى فراشه ويهمس لأخيه بجمود : من فضلك اغلق النور والباب خلفك .
ارتدت رأس عادل للوراء من الصدمة ليهتف بجدية : لا لن افعل اخبرني عم حدث بينكما ، نظر أسعد الى السقف بلا مبالاة ليكمل عادل بهدوء – إنها منهارة من البكاء يا أسعد
انقلب على جنبه فاصبح موالي ظهره لأخيه الذي عبس بضيق : حسنا يا أسعد لن أتدخل ولكن لا يرضيك أن تقضي ليلتها حزينة تبكي ، ازل الخلاف فيم بينكما يا شقيق .
زم شفتيه حتى لا يجيب أخيه ليتنهد عادل بقوة ويهمهم وهو يتحرك خارجا : لا أفهم ماذا حدث لك انت واختك ، كلاكما أتى من الخارج ليخلد إلى النوم دون أن تعيرا المحبوس في البيت أي اهتمام أو وقت تمضياه معه .
_ ماذا بها يمنى ؟ هدر أسعد الذي قفز واقفا يلحقه ليشهق عادل بمرح مقلدا والدتهما – افزعتني يا أسعد .
ابتسم أسعد رغم عنه قبل أن يهمهم سائلا : ما بالها يمنى ؟
عبس عادل : لا شيء ، فقط اتت من الخارج بدلت ملابسها ونامت ،
نظر إليه أسعد قليلا قبل أن يهتف : هل كانت بخير ؟
نظر إليه عادل قليلا قبل أن يهتف بتفكه : نعم ، فقط تأخرت لأنها مرت على ايني وقضت معها بعض الوقت لتخططا إلى عيد مولد الكونتيسة آسيا فحينما عادت لم تقو على الجلوس معي بل اهدتني قائمة مطولة من الأشياء علينا فعلها في الخفاء حتى لا نفسد مفاجأة خالتك لابنتها .
ابتسم أسعد بحنو وهمهم : جيد ايني بدأت في تصليح ما تفسده ، ستفرح آسيا بالأمر كثيرا .
همهم عادل بمكر : ونحن ايضا سنفرح كثيرا حينما ندعو أصدقاء العائلة فيسعدون قلب الفارس الأسعد ، عبس أسعد رغم عنه ليتابع عادل بمرح افتعله - هل اصبتك بالعين يا أسعد فذهبت لتتشاجر مع الوطن وتبكيه هكذا ؟
لم يعيره أسعد اهتمام وعاد إلى فراشه ثانية فهتف عادل به : هل ستترك الوطن حزينا يا أسعد ؟
__ أغلق الباب خلفك ، تصبح على خير، زعقها بحدة ليزم عادل شفتيه بنزق ويهمهم بسخرية وهو يغلق الباب خلفه – كان الله بعون الوطن على أخلاقك الحادة .
ينظر بشرود في الظلام الذي يلف الكون من حوله يستعيد كلمات اخيه من جديد ، عقله يزأر برفض لميل قلبه وحنانه الفطري اللذان انتصرا على غضبه فالتقط هاتفه الملقي بجانبه يمرر كفه على شاشته فيضيء ويعمل من جديد أرتفع حاجبيه بصدمة من كم الرسائل التي تبلغه بانها هاتفته وكم الرسائل التي بعثتها إليه جميعها نفس الكلمتين "طمئني عليك"
زفر بضيق وكرامته تأبى أن تطمئنها ، عقله يرفض الحديث معها ، وقلبه موجع بسبب رفضها ونكرانها له .. لحبه .. لميل قلبه .. لعشقه وشغفه بها .
رن هاتفه فتومض صورتها الضاحكة فيرق قلبه رغم عنه ، يجيب بجدية : افندم
شعر بتوترها وهمهمات بكائها تصله واضحه ، لتهمس من بين دموعها بصوت محشرج : أنا اعتذر منك فقط لا تنم غاضبا ، ولا تذهب غاضبا ،
عم الصمت عليهما قليلا قبل أن يهدر غاضبا بصوت خافت انتفض له قلبها وجعا : هل تعلمين لماذا أنا غاضب ، أم لا زلت لا تعلمين ؟
لهثت أنفاسها لتهمهم بطفولية : أمر الحساب ما أغضبك أم صياحي الغاضب .
هدر بها : بل كذبك .. انكارك .. خداعك لي ولقلبك وختمتها حضرتك بإهانتي دون أن ترفي بجفنيك يا جنى ، إلى متى ستظلين تفعلين بنا ما تفعلين .. إلى متى ستظلين تتمسكين بوهم انت من صنعته وعشت فيه ، وهم غير موجود ولا مشعور فيم بيننا ، إلى متى ستظلين تراعين الناس والمجتمع ولا تفكرين بصالحنا سويا ؟
ارتعشت .. بكت .. شهقت بنياط مزق قلبه لتكتم شهقاتها بظهر كفها وتهمهم : توقف يا أسعد أرجوك .
صمت قليلا ليهمس بصوت حاد : حسنا ، سأفعل .
ارتعدت حدقتيها تهتزان بتوتر لتهمهم : ماذا ستفعل ؟
تمتم بقنوط : سأتوقف ، سأتوقف للأبد ، أنا من يعتذر منك يا دكتورة ، فلقد فرضت نفسي عليك كثيرا الفترة الماضية .
همت بالحديث ليوقفها صوته الجامد وهو يهتف بها : شكرا لك على تحملي ، تصبحين على خير .
انتفضت وهي تنظر إلى الإتصال الذي انقطع لتتعالى شهقاتها وبكاءها يزداد انهمارًا فتنقلب لتكتم نشيج بكاءها في وسادتها وهي تشعر بأن روحها تزهق .. قلبها يتهشم وعقلها يدرك أنه إذا ابتعد هذه المرة لن يعود ثانية !!
***
تململ من نومه على دفعه خشنة لكتفه أوقظته من نومه لينهض جالسا على الفور حينما وقع نظره بعيني ابيه الصارمتين ليهمهم بصوت ابح من اثر النوم : صباح الخير يا بابا .
تمتم وليد بجمود : صباح النور ، انهض فأنا أريدك
كح بخفة وهو يجلس باعتدال : أعلم .
تمتم وليد بجدية : إذًا أنت تعلم ما عليك فعله .
تنهد قوة وهو يغمض عينيه : أعلم يا أبي ولكني أرفض تدخل أمي بالأمر .
تمتم وليد بهدوء : أمك لن تتدخل ثانية ولكن ليس من اللائق أن تغضبها يا عاصم .
اعتلى الذنب هامته ليهتف : سأعتذر منها ولكني لن أحضر الموعد أيضا .
هز وليد رأسه : على راحتك، ما يهمني أن تصالح والدتك فلا تظل غاضبة
هز رأسه موافقا ليتابع وليد وهو يبتعد : الغي فكرة انتقالك من المنزل هذه نهائيا ، فأنت لن تخرج من هنا إلا حينما تتزوج في البيت المجاور لنا غير هذا لا أريد حديثا في هذا الأمر
تمتم : حاضر يا بابا ، انتفض فجأة على الوسادة التي طارت لترتطم بوجهه ليضحك رغم عنه على صوت أبيه الحاد - لا تبكي امرأتي ثانية يا ولد ، المرة القادمة سأعلقك من رجليك مقلوبا في ثريا الصالة ،
تابع بحنق : فمهما أصبحت كبير العائلة أو كبير القطر كله ، انت هنا ولدي الصغير،ابتسم ليهتف وليد بحنق مفتعل - أسمعت أيها القرد الصغير ؟
ضحك عاصم بخفة ليما برأسه :سمعت يا بابا ، ابتسم وليد وغادر مغلقا الباب من خلفه ليزيح عاصم الوسادة التي حطت فوق جسده ، ينتفض واقفا من الفراش متنهدا بقوة ليقرر ارتداء ملابسه للذهاب إلى عمله بعد أن يعالج ما افسده البارحة مع والدته
***
تقف أمام مراتها تكمل ارتداء ملابسها ، تلملم خصلاتها الكثيفة في جديلة تشبه سنبلة القمح وتترك بعض من خصلات شعرها الأولى تتهدل حول وجهها فتضفي على ملامحها ألقا وبراءة احبتها وهي تشجع نفسها وتشعر بأن ثقتها تندفع بأوردتها حية .. قوية .. غامرة ، تبتسم بمكر وهي تستعيد الرسائل الكثيرة التي بعثها إليها في الليل والتي تجاهلتها حينها ولكنها تشعر بالسعادة لأجلها وهي تتذكر أنه مرة شكرها ومرة اخرى أخبرها أنه بخير ، ومرة أعتذر منها لأنه اخافها ، وانهاها بانه اشتاقها، توردت وجنتيها رغم عنها لتنهر نفسها بجدية ، تعتدل في وقفتها تسيطر على انتفاضات قلبها الفرحة وتذكره بم فعله معها ،فيجيب قلبها بانه يتوسل رضاها فترفع رأسها بكبرياء وتلتقط أدوات زينتها لتبدا بوضع زينة خفيفة تزيد من جموح ملامحها ، يستعيد عقلها الأغنية التي كانت تديرها خالتها البارحة فتشدو بسلطنة - جزء معين علق بعقلها من الليلة الماضية - وهي تتزين أمام مراتها وكأنها تبث لنفسها أسباب جديدة لتحارب ميل قلبها له :
يا قلبي آه
الحب ورآه أشجان والم
واندم واتوب
وعلى المكتوب
ما يفدش ندم
انهت زينتها لترتدي حذائها وهي تكمل غناء برقة فطرية ، تهز رأسها بنغمة الأغنية وهي تفرقع بأصبعيها لتكمل وهي تسير إلى الخارج
يا ريت أنا أقدر أختار
ولا كنت اعيش بين جنة ونار
نهاري ليل وليلي نهار
اهل الهوى وصفوا لى دواه
لقيت دواه زود فى أساه
إزاي يا تري
أهو ده اللى جرى
و انا ما عرفش
ما عرفش أنا
شدت أخر الأغنية بشقاوة وهي تشاكس والدتها التي هزت رأسها بتناغم معها فتقبل جانب رأسها وهي تحتضنها من كتفيها ، تعيد الكلمات ثانية لأجل والدتها التي دندنت معها برقة لتشاركها يمنى بإعداد المائدة .
توقفت عن الغناء أمام عينيه الجامدتين يحدقان فيها بتساؤل ، اسبلت اهدابها وابتسامة ماكرة تلتمع على ثغرها فهمس لها بجدية وهو يجلس على طاولة الطعام بالمطبخ : أكملي غناءك
ابتسمت وشدت له الغنوة من جديد بابتسامة رائقة وهي تضع طعام الفطور على الطاولة وتصب له كوب من الشاي الأسمر كما يفضل :
هو صحيح ..صحيح
الهوى غلاب .. معرفش انا
والهجر قالوا مرار وعذاب
واليوم .. اليوم .. اليوم بسنة
قبض كفيه على الكوب الساخن وهو يطبق فكيه بقوة ، صوت شقيقته يسري في اوردته فيشعر بأنها انتقت الأغنية خصيصا له ، لتصف حاله المقلوب وقلبه المكلوم وهي تزيد بصوتها الشجي .
جاني الهوى من غير مواعيد وكل مادا حلاوته تزيد
ما أحسبش يوم ح ياخذني بعيد
يمني قلبي بالافراح
وارجع وقلبي كله جراح
جاوره شقيقه الناعس ليلكزه بخفة في مرفقه وهو يشدو بصوت رخيم مع يمنى التي تشاكس والدتها فتضحك ليلى برقة لينطلق صوت عادل عالية فأجبره أن يضع كفه على اذنه
إزاي يا تري
اهو ده اللى جرى
وانا وانا وانا وانا معرفشي
ما عرفش انا .
هو صحيح الهوى غلاب – ام كلثوم
ليهتف بعد أن انتهيا : أيها الأحمق ، أُذني ستضرر بسبب صوتك الجهوري .
أجاب عادل بمكر : لعلك تفهم كلمات الأغنية وتدركها .
وضع أسعد كوب الشاي من بين كفيه لينهض واقفا : استودعكم بالله .
عم الصمت على الجميع لينظر إليه عادل بعينين متسعتين ليهتف بنزق : لا تخبرني أنك ستغادر .
تمتم أسعد بصلابة : بل سأفعل .
نهض عادل بحدة : لا تفعل يا أسعد ، اتبع من بين أسنانه – موعدك لازال في الغد.
تحرك أسعد ليقبل رأس والدته ويضمها إليه فتتمسك به وتهمس : ولكني لم أعد لك اشياءك يا بني .
تمتم وهو يستجيب بصبر إلى احتضانها القوي له : لا يهم يا أماه .
نظرت له يمنى بتساؤل قبل أن تتعلق في رقبته فيضمها بحنو ويقبل رأسها لتهمس له : هل أنت بخير ؟
ابتسم : الحمد لله ، فتساله بقلق – لماذا تغادر أبكر من موعدك ؟
تمتم بجدية : هكذا افضل .
تحرك ليحمل حقيبته فيتمسك عادل بساعده ويهمس برزانة : أهدئ يا أسعد الأمور لا تُعالج بهذه الطريقة .
تمتم بهدوء : اتركني يا عادل .
تمتم عادل وهو يتمسك به أكثر : حسنا انتظر أن اوقظ أبي واستشيره في الأمر .
رفع أسعد نظراته له : لا أريد ، سأغادر فالسيارة بالخارج .
عاتبه عادل بنظراته ليشيح بعينيه بعيدا قبل أن يحتضن أخيه بخشونة : أراك على خير .
خطى للخارج فيتبعه عادل ويمنى ليهتف لهما : أبلغا سلامي لبابا ، أراكم لاحقا ، سلام عليكم
هتفت ليلى إليه وهي تجابه دموعها : لا إله إلا الله .
تمتم وهو يبتسم : محمد رسول الله .
استقل سيارة العمل كالمعتاد ولوح لهم مودعا زم عادل شفتيه بضيق لتهتف يمنى بتساؤل خافت حتى لا تلتفت لها والدتها : ما الأمر يا عادل ؟
همهم عادل وهو يتبعه بعينيه : لا شيء ، التفت إليها ليهتف بمرح مفتعل وهو يحتضن كتفيها - تعالي وأخبريني عن موعد حفل آسيا .
***





سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-08-20, 06:09 PM   #177

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي




تنهدت بقوة وهي تقلب بصفحات مغلف صور أسرتها ، تلمع عيناها بشغف وحب وعاطفة قوية اتجاه ولديها وصورهما تتوالى من أمامها تذكرها بعمر كامل راقبتهما فيه يكبران ينضجان فيتحولان إلى شابين يافعين تتهافت عليهما الفتيات ولكنهما يبتعدان .. يرفضان .. لا ينجذبان لأي من بنات حواء المتواجدات من حولهما وكأنهن غير مرئيات لهما ، حتى عمار الذي كان يصادق الفتيات ويعرف الكثيرات منهن ، حتى لقبوه من حوله بالدون جوان توقف قبل أن يسافر دون سبب فعلي ملموس أمامها ، زفرت بقوة وهي تفكر بانهما عاشقان ، بل هي موقنة من ذلك ولكن فقط لو تفهم سبب عذابهما و عزوفهما عن الزواج، ولو منحت عاصم سبب هي تشعره ولكن لا تريد الاعتراف به ، لا تدرك اسباب عمار الذي عاد من الخارج أكثر التزاما من قبيل سفره !!
توقفت عند إحدى الصور كانا يقفان فيها متجاورين .. متشابهين .. بل متماثلين وخاصة مع تقاربهما العمري وإصرار وليد على ارتدائهما ملابس متشابهة إلى أن كبرا فاصبحا ينتقيان ملابسهما على حسب ذائقة كل منهما الخاصة ، ابتسمت بحنان وهي تلامس الصورة بأطراف أصابعها تعيد نفسها إلى عمر بعيد كانا طائعان لها ، تكللت نظراتها بفخر وهي تنظر لهما عاصم بكبريائه الفطري وعمار بشقاوته المحببة ، وعلى الرغم من ملامح عمار الجميلة ولون شعره الفاتح مع بشرته البيضاء بتكشيرته الطفولية ، إلا أن جاذبية عاصم واعتداده بنفسه يأسران أي عين تقع عليه ، تنهدت بقوة وهي تمط شفتيها بعدم رضا تخبر نفسها بأن اعتداده وعنجهيتة الموروثة من آل الجمال هما ما اوصلاه لما هو عليه الآن
انتبهت من شرودها على ضحكة خافتة واقتراب رزين يميزه عن أخيه من صغره وكأنه ولد مقدر له أن يكون الكبير ، ليس على أخيه فقط بل كبير العائلة بأكملها ، كبير آل الجمال ، حتى في وجود كبار العائلة !!
تجاهلته عن عمد ليضحك بتسلية وهو يقترب منها يدفعها لتفسح له مكان رغم عنها، يكتنف كتفيها بذراعه الذي حاوطها ثم يضمها إلى صدره وهو يقبل جانب رأسها ليهمهم بخفوت : الياسمينة غاضبة ؟
رمقته بعتب : وهل تهتم يا عاصم بك بأي شيء سوى العمل والمؤسسة ؟
تنهد بقوة فدفعته بجدية : هيا أذهب إلى عملك واتركني أقابل ضيوفي بمفردي ، وحدي ، فارضاء ماما لم يعد من اهتماماتك ، وكلمتي أصبحت لا تسير عليك ، هل يجرؤ أحدا على أن يجبر الكبير ، حتى لو كانت أمه .
ضحك بخفة : تعلمين جيدا يا أماه ، إني لا أقو على غضبك ولكن هل يرضيك أن أفعل شيء رغم عني ؟
تنفست بقوة : ولماذا يصبح رغم عنك فلتفعله راضيا ؟
رمقها بلوم : كيف راضيا هل أخبرتني قبل أن تحددي هذا الموعد ؟
تذمرت : لم تكن لترضى أن تقابلهم يا عاصم .
ابتسم بمكر : إذًا انت تجبرينني على هذه المقابلة .
صاحت بحدة : ليس اجبارا ولكني ، صمتت لتتنهد بقوة - أريد أن أطمئن عليك .
أغمض عينيه بنزق : هل أنا فتاة يا أماه تريدين تزويجي لتطمئني علي ، حتى الفتيات الآن لا يفعلن هذا ، بل أصبحن عازبات لا يعيبهن شيء ، لديهن عالمهن الغارقات فيه ولا يهتمن لأمر السن هذا ، أليست جنى تكبرني سنا وها هي لا أجد عمي يدبر لها موعدا لتتعرف على زوج المستقبل .
هدرت بغضب : لا دخل لي بعمك وابنته المنطلقة وراء رسالة الطب السامية .. صمتت فجأة لتسأله بجدية وهي ترمقه بمكر : هل تريد الزواج منها وفارق السن ما يمنعك ، عبست بتفكير افتعلته : أم مهنتها ودراستها ما يشغلاها عنك ، إذا كان فارق السن فلا تهتم ، وإذا كان عملها
قاطعها على الفور : على رسلك يا ماما ، أنا لا أريد الزواج من جنى ، جنى ابنة عمي واختي التي لم يرزقني الله بها ، لا أنظر لها اكثر من ذلك .
تمتمت بخبث انثوي : لمن تنظر إذًا يا عاصم ، ومن تنتظر أخبرني وارح قلبي يا ولدي .
جمدت ملامحه : اريحي قلبك وعقلك يا أماه ولا تشغلي رأسك بي ، حينما أجد نصفي الاخر سأخبرك لتزوجيني اياها .
نظرت إلى عمق عينيه : أولم تجدها إلى الآن ؟
ابتسم وهو يسبل اهدابه : جاري البحث يا ياسمينتي .
زفرت بقوة لتهمس وهي تربت على وجنته : اسمع يا عاصم ، أنا لا أريد اجبارك أنا فقط أريدك ا أن تمنح نفسك فرصة واجازة من عملك .. مسئولياتك .. أشغالك لتنظر إلى عاصم وتفعل ما يحلو له كأي شاب في عمرك .
ابتسم بحنو ليقبل كفها ويهمس : حسنا يا أمي سأتخلص من مسئوليات العمل واتفرغ لنفسي قليلا ، تنهدت دون أمل فابتسم وقبل وجنتها لينهض واقفا سألته - هل ستغادر؟
سحب نفسا عميقا وهم بأن يبلغها تعنته في عدم حضور المقابلة لتتابع : أنا لم أخبرهم عن وجودك ، الفتاة ووالدتها قادمتان لتقضيا الوقت معي في البيت ، لم أضعك بالصورة نهائيا ، رمقها مطولا فتابعت بهدوء- لو لن تنتظر من أجلي يا عاصم فلتفعل من أجل زوجة عمك فالفتاه ابنة صديقتها و ترشيحها لك ، سيأتين جميعا عندنا.
تمتم بعبوس اعتلى ملامحه : من هن ؟
ردت بابتسامة هادئة وهي تراقب ملامحه المترقبة : زوجة عمك وابنتيها وصديقتها والفتاة التي رأيت أنا وتامي أنها تناسبك .
أطبق فكيه ليبتسم بتكشيرة يمأ برأسه دون رد شافي وهو يغادر الغرفة لتراقبه بتمعن ثم تهمهم : حقا يا عاصم وأنا من كذبت إحساسي بك الآلاف المرات ، حسنا يا ولدي لن أكن ياسمين إذا لم اتِ لك بحقك كاملا !!
***
توقفن عن الحديث حين ظهر امامهن فتهتف فاطمة بحبور وهي تنظر لياسمين والبقية : أنت هنا ، ظننتك غادرت
ابتسم بحفاوة وهو يقترب منهن يحتضن زوجة عمه الواقفة يضمها إليه : علمت أنك ستنيرين بيتنا فانتظرتك يا حبيبتي .
رتبت على وجنتيه بحنو : اشتقت إليك يا فتى ، العمل يسرقك منا.
شاكسها بملامحه : لا شيء يستطيع إبعادي عنكم يا تامي .
جذبته برقة : تعال لأعرفك على صديقتي العزيزة وابنتها ، توقف أمام الطاولة لتتابع فاطمة : صفية هانم العزيزي والآنسة أسيل ابنة ، قاطعها مكملا - كريمة عبد المعز باشا الحريري ، تشرفت يا هوانم
قرن قوله بمصافحة رقيقة للفتاة وايماءة لطيفة لوالدتها قبل أن يلتفت فيمأ لها برأسه حيته بهزة خفيفة من رأسها وهي تنظر له من بين رموشها مطولا فأبتسم بمكر يتحداها بنظراته ليسأل بهدوء : أين أميرة ؟
أجابت فاطمة : هاتفتها فرد أحمد وأخبرني أنها نائمة .
عبس بتعجب ونظر لزوجة عمه بتساؤل فابتسمت بعدم معرفة لتهتف والدته وهي تشير إلى الكرسي المجاور لها: أجلس معنا قليلا يا عاصم .
اسبل اهدابه وهو يستجيب لوالدته فيجلس مجاورا لنوران التي تتميز غيظا يشعر به جيدا هتفت فاطمة : أتعلم أن أسيل معمارية مثلك ، رفع نظره لها ليتمتم - حقا ؟
أومأت الفتاة برأسها لتهمهم برقة : ولكن ليس مثلك بالطبع ، انت لديك نمطك الخاص ، الذي نتبعه من بعدك
ومضت عيناه بألق خاص لتهتف ياسمين برقة : أنت معجبة بأعمال عاصم .
توردت الفتاة : ليس هناك معماريا في دفعتي لا يعجب بأعمال الباشمهندس عاصم .
ابتسم برزانة ونبرته المتلاعبة تصدح بقوة : إنها مجاملة مقبولة منك يا آنسة .
رتبت ياسمين على ساعده القريب : ما رأيك أن تريها أعمالك المخفية عن أعين الجميع ، اصحبها للجاليري يا عاصم من فضلك .
نهض واقفا وملامحه تعلن قبوله لتهتف الصامتة منذ أن ظهر أمامها : لديه اجتماع يا خالتي لا يستطيع التأخير عليه
عبست فاطمة بتعجب لترمقها ياسمين بطرف عينها حينما التفتت والدة الفتاة بدهشة وتململت الفتاة بخجل لتهمهم : لا داع يا خالتي لا أريد أن اؤخر الباشمهندس عن عمله
رفع حاجبه وابتسم بمكر ليرمقها قليلا في حين هتفت فاطمة وهي تزجر ابنتها بعينيها : إن نوران تعمل مع عاصم لذا تعلم مواعيد الإجتماعات .
ابتسم عاصم بلباقة ليهتف بجدية : نعم ابنة عمي العزيزة تعمل معي ، اتبع بنبرة قاسية - ولكنها ليست مديرة مكتبي لذا لا تعلم أن اجتماع اليوم تم الغاءه
عاد بنظره إلى أسيل من جديد : تفضلي يا آنسة لأريك الجاليري الخاصة بي إذا كان لديك الرغبة في ذلك .
تهلل وجه الفتاة بفرحة لتنهض برقه فيشير إليها أن تتقدمه وهو يرمي نوران بنظرة ماكرة فشحب وجهها وهي تتابعهما يغادران الجلسة بالفعل لتشعر بجسدها يميد فتتمسك بحافة الطاولة جيدا وهي ترى مدى الانسجام الذي نشأ بينه وبين هذه الغريبة التي لا يعرف عنها شيئا انتبهت على صوت ياسمين التي هتفت بسعادة : تشرفنا اليوم بالزيارة يا هانم ، إنه ليوم سعيد بوجودك وبوجود الباشمهندسة أسيل الجميلة .
حركت فاطمة حاجبيها وهي تركز بصرها على ابنتها تهمهم إليها بخبث وهي ترتشف بعض من الماء : بينجو .
تصلبت ملامحها وعيناها تلمع بنار والغيرة تأكلها ، تنهش قلبها الذي يئن بسبب نظرة إعجاب رمى بها أخرى غيرها ، أخرى اتت لتستولي على ما هو ملك لها ، ابتسمت ابتسامة باهته والشر يتلألأ بحدقتيها اللتين أصبحتا بلون زيتوني قاتم لتسحب نفسا عميقا وتنهض واقفة بشموخ ، أنفها مرفوع بكبرياء لتهمس : أستمحيكن عذرا لدي عمل سأذهب إليه ، أومأت لصفية - سررت برؤيتكوالتعرف إليك يا هانم.
همت بالانصراف لتسألها ياسمين بهدوء : الن تنتظري لتتناولي معنا الطعام يا نوران ؟ من المؤكد أن الجلسة ستطول إلى وقت الغذاء .
ضغطت فكيها بقوة قبل أن تبتسم مرغمة : شكرا يا خالتي ، وقت لاحق إن شاء الله، إلى اللقاء ، عبست فاطمة وهي تراقب ابتعادها لتزم شفتيها بضيق متممته - غبية .
***
اقتربت من مدخل الجاليري وهي تشعر بأن قوى خفية غاضبة تملكتها فاتبعتهما لترى ماذا يفعل مع تلك الرقيقة التي ستغتالها إذا حاولت الإقتراب منه ، فهي لن تخسر حربها لأن اخرى أتت لتسرق ما هو ملك لها ولن تُهزم على يد فتاة أرق من أن تصمد أمام عنفوانها ، ستكسرها وتهشم رقبتها إذا استطاعت وتبعدها عن طريقها دلفت بكبرياء لتستمع إلى همسة الأخرى المنبهرة : واو أنت فنان ايضا ، لم أتخيل أنك تستطيع الرسم يا باشمهندس .
ابتسمت ورفعت نظرها إليه عيناها تلمع بانبهار جلي ووجنتيها تتوردان بحمرة الإعجاب : لذا خطوطك المعمارية دائما لينة وناعمة تخص فنان مثلك .
ابتسم بلباقة : إنها شهادة أعتز بها يا آنسة .
همت بالحديث لتقاطعها بنبرة ساخرة وهي تشير إلى اللوحة التي تنظر إليها الأخرى : واو ، إنها رائعة .
ابتسم وعيناه تومض ببريق منتصر فاتبعت وهي تتقدم منهما بخطوات هادئة تحمل في طياتها التهديد : تخيل لم ات إلى الجاليري الخاص بك من قبل يا عاصم ، فأنت لم تصحبني إليه .
همس بصوت ابح : ها قد اتيت ، اتبع بخبث – اشكري أسيل هانم فهي من منحتك هذه الفرصة .
اطبقت فكيها وهي تنظر إليه بغضب لتهمس بفحيح وهي تنظر للأخرى : بالتأكيد سأشكرها ، فقط سأحدد كم الشكر الذي تستحقه وامنحه لها دفعة واحدة .
تمالك حتى لا ينفجر ضاحكا وخاصة أن أسيل تطلعت إليها مدهوشة فتابعت نوران بابتسامة متنمرة : المعذرة يا هانم ، لقد قاطعت حديثكما ولكني أتيت أطلب من عاصم توصيلي للعمل ، فأنا أتيت دون سيارتي التي تركتها البارحة في المؤسسة لأنه وعدني أنه سيوصلني للعمل اليوم
نظرت إليه واكملت بعتب طوي داخل نبراتها المتهكمة : لذا أتيت مع أمي لأوفر عليه الطريق إلى قصر العائلة بدلا من أن يأتي ونعود سويا إلى المؤسسة .
ابتسم بمكر وهتف : ابقي معنا وسنذهب سويا .
مطت شفتيها لتهمهم : لا أستطيع أن ابق للغذاء يا بك ، أحدنا لابد أن يقوم بالعمل ، لا أن نتغيب سويا .
هم بالرد ليصدح رنين هاتف فينظرا لبعضهما قبل أن يلتفتا سويا إلى الثالثة المحشورة فيم بينهما وكأنها صغيرة غزال زُجت بقفص للأسود تقف في الخلف عيناها متسعة بدهشة وملامح مرتبكة وتوتر قفز أعلى هامتها لتهمهم أخيرا بعد أن اسكتت رنين هاتفها : المعذرة منكما ولكن لابد أن أنصرف ، لابد أن أعود لأمي لنغادر ، تمتمت وهي تتجه للخارج بالفعل - لابد أن نعود للبيت .
عبس عاصم بعدم فهم ليهم باتباعها من باب الضيافة لتقف نوران أمامه تهتف بشموخ : إلى أين ؟ اتبعت بتسلط – أنت لن تذهب خلفها يا عاصم .
ابتسم بتهكم : ليس من اللائق أن أتركها تعود بمفردها
هتفت بحدة : و ليس من اللائق أن تكون هنا بمفردها معك.
رفع حاجبيه بتعجب : حقا؟ و هل من اللائق تواجدك أنت؟
تمتمت : أنا ابنة عمك
ناظرها بسخرية : آها ابنة عمي ،
سألته بحدة متجاهلة سخريته : هل كنت تعلم بزيارتها لذا تأخرت في موعدك؟!
رمقها بطرف عينه ليجيبها قائلا : و هل علمت أنت بوجودها لذا اتيت؟
أجابته بغيرة حارقة: لا لم أعلم، أتيت مع أمي لأوفر عليك أن تأتي لتصحبني من القصر فوجدتها حاضرة و سيادتك مستعد لاستقبالها ، هز رأسه بتفهم لتتابع بغضب - هل ستتزوج منها؟
أشاح برأسه و لم يجب فأردفت: هل أعجبتك ؟
ابتسم بمكر: و هل أنا ضرير حتى لا تعجبني؟! إنها كقطعة الكراميل هشة و تذوب بالفم من أول قضمه.
اتسعت عيناها بصدمة ليشحب الدم من وجهها لتهمهم بعدم تصديق: هل نظرت إليها؟
اعتلت الدهشة ملامحه : الست رجلا لابد أن أنظر لها ؟
وضعت كفيها في خاصرها : منذ متى ؟ عبس بتساؤل فاتبعت - طوال عمرك لا تنظر .. بل لا ترفع نظرك لأي أنثى ، دوما مهذب .. لبق ودمث الأخلاق .
ابتسم هازئا : آها كنت هكذا ، لدرجة أن أبيك واخيك شككا بأخلاقي
عبست بعدم فهم ليرمقها من بين رموشه فتهمهم باختناق بعدما أدركت ما رمى إليه : إنهما لا يعرفانك جيدا
ابتسم بمكر واقترب منها : وأنت تعرفينني جيدا
أومأت براسها دون رد ليقترب أكثر ويهمس بفحيح وعيناه تقسو لدرجة ارعبتها : لماذا الأن ؟! لقد كنت أمامك عمري بأكمله لم تنظري لي إلا الآن ، إلا حينما رفعت نظري لك وتفحصتك و أصبحت وقحا معك
ارتجفت ليهمهم بنفس القساوة : لذا أنا قررت التغيير ، سأعيد أمجاد العائلة الكريمة، أمجاد أبيك وأبي التي تُحكى بفخر أمام الجميع ، فأنا شاب عازب مطمع لكثيرات أستطيع أن أحصل على كل ما اشتهي منهن دون أي وعود أو ارتباط .
تجمدت والدماء تفر من عروقها لتغمغم : إذًا لن تتزوج منها .
مط شفتيه ليهتف : بل سأتزوج منها أو من غيرها لا يفرق سأتزوج واتخذ خليلات وعشيقات أيضا ، سأحيى عمري الذي فات ولم اعشه لأجل التمسك بوهم افقت منه أخيرا ، لابد أن امنح نفسي العديد من الفرص التي اهدرتها في وقت سابق بغباء قاطع النظير .
ارتجفت رغم عنها لتهمهم دون وعي بصوت أبح : وأنا ؟
ارتفع حاجبه لينطق ساخرا : هل وعدتك بشيء يا نوران ؟ لمعت الدموع الحبيسة بعينيها ليتابع بضحكة قصيرة خشنة - سوى أني أوصلك اليوم للعمل ، لا أتذكر أني وعدتك بشيء آخر .
غمغمت باختناق : وما حدث البارحة ؟
اسبل اهدابه ليهمهم : ما الذي حدث ؟! أنا لا أتذكر أنه حدث أمر جلل البارحة .
شهقة قصيرة خافتة ندت عنها دون وعي والصدمة تجتاحها ، وجهها شاحب وعيناها جاحظة فيكمل بخفوت وهو يتقدم منها .. يقترب .. يدنو فيصبح داخل محيط انفاسها – هل تقصدين قبلتي لك حينما اوصلتك ؟!
دمعة خائنة سالت من طرف عينها لتتدحرج فوق صفحة وجهها فتعلقت عيناه بها ليرغم نفسه على الصمود فيتبع بلا مبالاة – إنها قبلة على وجنتك يا نوران ، منحتها لك من باب الوداع وخاصة وانت لا ترفضين الاقتراب من كل هب ودب .
شهقة أقوى من سابقتها ليتبع وعيناه تتعلق بدمعة اخرى كانت أسرع من قرينتها في النزول : هل أثرت بك قبلتي لهذه الدرجة ؟! اتبع مغمغما أمام شفتيها وهو يحتضن وجنتها الجافة براحته – ماذا ستفعلين إذا منحتك قبلة حقيقية ، ستتهمينني بأني غرغرت بك ؟!
قرن قوله وهو يدنو بشفتيه منها لترمش بعينيها وهي تفيق من صدمتها القوية التي المت بها لثواني قبل أن تشعر بأنفاسه الساخنة تكاد تتلاحم مع أنفاسها لتدفعه بقوة في كتفيه فتبعده وهي تصرخ : ابتعد عني .
تصلب جسده لوهلة قبل أن يرفع حاجبة بسخرية لمعت بعينيه ليهمهم بلا مبالاة : حسنا ، على راحتك .
نظرت إليه بعدم تصديق لتهمهم : لم أكن اتخيل أنك تمتلك وجها قبيحا خلف وجهتك البراقة يا عاصم .
ابتسم هازئا : جميعنا يمتلك الكثير من الوجوه لا تُكْشَفّ ويسقط عنها القناع إلا مع العشرة ، وانت لم تعرفينني أبدا يا ابنة عمي .
أردف وهو يوليها ظهره : أنا لدي الكثير لا تعرفيه
أغمضت عيناها وهي تريد سد اذناها : لا أصدقك ، لا أصدق أنك هكذا ، أنت تخدعني ، من المؤكد تخدعني .
زفر بقوة : ولماذا اخدعك ؟ أنا لا أريد منك شيء ، ولا اصبو لك ، ولكني سأنتزع كل ما تمنحيه لي والتهمه دون شك .
صرخت : هل تراني حقيرة لهذه الدرجة ؟
رفع نظره ليهمهم : أنا لا أرى شيئا سوى ما تقدميه انت يا نوران ، إذا تظاهرت بالعبث سأعبث معك ، وإذا أظهرت احتراما سأحترمك ، سأكون مرآة لتصرفاتك أنت ، سأكون ما تريدين مني أن اكونه .
اتبع وهو يقف مواجها لها : والآن عليك أن تقرري ، أي وجه ستظهرين به أمامي لأعكسه لك أنا بتصرفاتي .
نظرت إليه تتعلق مقلتيها بنظراته الغامضة .. الحادة .. المنتظرة اجابتها وهي تشعر بطاقة من الغضب الممزوج بخوف أن تذل في اختيارها لتهمس بفطرة التجأت لها : سأكون ابنة عمك يا عاصم ، سأكون كجنى .. وأميرة ، والصغيرة ملك ، لا أريد منك اكثر من هذا .
اسبل اهدابه وهو يتحكم بغصته التي جرحت حلقة بنصل سكين ثلم قبل أن يرفع رأسه يمأ لها بتفهم : حسنا يا ابنة عمي ، هيا لأوصلك .
تمتمت باختناق : لا شكرا لك ، لا أريد أن اتعبك معي ، سأتركك مع عروسك المنتظرة .
ابتسم ساخرا : حقك علي كابن عمك وكبير العائلة أن أوصلك ، رمقته بألم لم تستطع أن تخفيه فيكمل ببرود – سأعود إليها ثانية .
سيطرت على قلبها الذي أنتفض مترنحا من الألم الذي تشعره لتتقدمه وهي تسير ببطء وكأن روحها غادرت جسدها فتركتها جسد يترنح يبحث عن الخلاص .
دفعها بلطف من أسفل ظهرها وهو يشعر بأنها ستقع أرضا لتنتفض بقوة وكأنها استعادت روحها القتالية من لمسته البسيطة فتقفز بعيدا عنه وتهمهم بصوت جاف : لا تلمسني .
اغتمت ملامحه ليهمهم بجدية : على راحتك .
ابتعد عنها ليسير بخطوات متلاحقة فيعود إلى الجلسة من جديد تتبعه هي بهدوء مزقه صوت أمه التي هتفت بعتاب : لقد غادرتا يا عاصم ، ماذا حدث للفتاة جعلها تصر على الانصراف ؟
عبس بعدم فهم : لا أعلم لقد رن هاتفها وصممت على العودة وهي تهتف أنها لابد أن تعود إلى منزلها ،
رمقته ياسمين بعبوس : اين كنت إذا ، لماذا لم تعد معها من باب اللياقة ؟
هم بالحديث لتنتبه والدته إلى نوران التي أتت خلفه فتومض عينا أمه بغضب تداركته وهي تهتف بدهشة مفتعلة : نوران ألم تغادري ؟
شدت نوران جسدها بصمود لتبتسم بلباقة : عدت بعد أن اكتشفت أني أتيت دون سيارتي ، فعاصم البارحة اوصلني إلى القصر واعدا أن يأتي صباحا ليوصلني للعمل ، بعد أن اقنعني أن أترك سيارتي بالمؤسسة .
اتسعت عينا ياسمين بصدمة لترمق ولدها الذي لم يبد عليه التأثر ليهتف : حسنا يا أماه ، سأذهب إلى العمل .
التفت إلى زوجة عمه التي تراقب الوضع في صمت ليهتف بها : سعيد بأني رأيتك اليوم يا تامي .
ابتسمت فاطمة وهي تقبله : أنا الأخرى سعيدة برؤيتك .
التفت إليها : هيا يا نوران .
شمخت برأسها لتتقدمه فتهتف ياسمين بحدة : عاصم .
توقف ليلتفت إلى أمه التي سألته بجدية : لم تخبرني عن رأيك .
تصلبت الأخرى أمام عينيه ليبتسم من بين أسنانه ويجيب سائلا : فيم ؟
تمتمت ياسمين وهي ترمق نوران بطرف عينها : في العروس .
زم شفتيه ليهمهم : جيدة يا أماه ، بل أكثر من جيدة ، ولكن لابد أن نتقارب كثيرا قبل أن نحدد أي ارتباط رسمي .
لمع الفرح بعيني أمه لتهتف بحبور : سأبلغ والدتها .
__ لا ، أجاب قاطعا لتنظر إليه بتساؤل فيجيب سريعا – انتظري قليلا لأتأكد من حدسي بها يا ماما ، سأقابلها ثانية وحينها سأبلغك برأيي النهائي .
لم يمنح لامه وقت للرد ليهتف هذه المرة بصوت أقوى : هيا يا نوران لقد تأخرت بم فيه الكفاية اليوم .
لم تستطع الابتسام بل أومأت بهزة خفيفة من رأسها لزوجة عمها وأمها التي تحاشت النظر إليها حتى لا تكتشف فاطمة ما يدور بداخلها لتتبعه بخطوات هادئة تظهر قوة افتعلتها وتمسكت بها حتى لا تنهار فيمنحها شفقة لا تريدها .
***
صفت سيارتها وهي لا تعلم كيف اتت إلى هنا ، كيف طاوعت قلبها وأتت إليه ، وهي من قضت ليلتها تبكي دون توقف ، لقد تهربت من أبيها صباحا حتى لا يراها فيسألها عن سبب تورم عينيها ، لا تريده أن يسألها عن بكاءها .. حزنها .. ووجع قلبها الناضح على ملامحها ، كل ما فكرت فيه منذ أن أغلق الهاتف منهيا الإتصال بينهما بأنها تريد رؤيته والحديث معه ، تفسر له وتشرح ، تريد أن تخبره لذا اتت إليه ، تحدت خوفها وأجبرت عقلها وازرت قلبها في مطلبه وأتت ، ابتسمت وهي تلتقط وجود والدته في حديقة المنزل لتتقدم نحوها وهي تبث القوة بأوردتها وتصبر قلبها الذي يهفو إليه رغم عنها وعقل يزأر برفض لم تهتم به .
تهللت ملامح ليلى التي نظرت إلى القادمة من بوابة الحديقة لتهتف بحنان : تعالي يا حبيبتي ، أنرت البيت .
تقدمت ليلى منها لتستقبلها تضمها إلى صدرها وتقبل وجنتيها لتهمهم جنى برقة : رأيتك جالسة وأنا اصف سيارتي ، فأتيت من هنا ، اكملت بحرج – اتيت لأطمئن على عادل .
ربتت ليلى على كتفها بأمومة : فيك الخير يا حبيبتي ، تعالي ، هو وعمك أمير متواجدان ، يمنى غادرت منذ قليل وأسعد سافر في الصباح الباكر .
امتقع وجهها ولم تنتبه إلى ليلى التي صاحت بحبور : ها قد أتى عادل ، تعال يا دكتور ، فالدكتورة أتت لتطمئن عليك .
ابتسم عادل ليهتف بمرح : حللت اهلا ونزلت سهلا يا جانو ، تفضلي .
اشار إليها ليهتف بأمه : أين كرم ضيافتك يا أماه ؟!
ابتسمت والدته : حالا فقط اجلس مع جنى لأت لكما بالقهوة والمقرمشات واعد لجنى الفطور .
ربتت ليلى على كتفها ثانية : تفضلي يا ابنتي .
رمق والدته وهي تدلف إلى البيت بخطواتها المتمهلة ليستدير برأسه ينظر اليها بشفقة وحزن تغلل حدقتيه ليهتف بصوت أبح حان : تعالي يا جني اجلسي .
نظرت إلى عادل وهمست بصوت ابح حمل عدم تصديقها : هل غادر حقا ؟!
همهم عادل بصوت مختنق : للأسف فعل .
تمتمت دون وعي ودموعها تسيل : غادر ليبتعد ، لقد كان موعده في الغد .
همهم عادل : اهدئي واجلسي يا جنى واخبرني عم حدث بينكما .
تمتمت بصوت مختنق : لا أستطيع ، سأغادر ، اعتذر لخالتي .
هم وهو يخطو نحوها : انتظري يا جنى .
هزت رأسها نافية وهي تستغل إصابته التي تمنعه عن الحركة السريعة : لا اعتذر منك ، سأغادر ، أراك على خير .
راقب ابتعادها .. هرولتها الغير متزنة .. ودموع هطلت من عينيها اللتين اخفتهما خلف نظارة شمسية التهمت نصف ملامحها الحزينة ليفيق من شروده على صوت والده الرخيم الذي هتف به : اين ذهبت جنى ؟
التفت برأسه نصف التفاتة : غادرت يا أبي .
عبس أمير بتساؤل : فيم أتت لتغادر ، أمك تعد الفطار على شرفها .
زفر عادل بقوة واثر الصمت ليرمقه أمير قليلا قبل أن يبدل مجرى الحديث ويهتف به : حسنا ، بم أنها غادرت ونحن بمفردينا ، تعال أنا أريد الحديث معك .
جف حلق عادل وهو يلتفت إلى والده فيبتسم بمرح : أنا كلي لك يا ابتاه .
رمقه أمير من بين عينيه : حسنا أخبرني عن سبب الحادث الذي تعرضت له .
اهتزت حدقتي عادل ليتابع أمير بهدوء – ودعك من أمر النعاس هذا ، أنا اريد السبب الحقيقي وما وراءه أيضا .
جمدت ملامح عادل وهو يتحاشى النظر لأبيه ليهتف أمير غير منتظرا اجابته : اجلس فالحديث يبدو طويلا اكثر مما توقعت .
تنهد عادل بقوة ليهمهم وهو يستجيب لأمر أبيه : سأخبرك يا أبي .
ابتسم أمير بمكر : وأنا كلي آذان صاغية .
***
تأوهت وهي تشعر بثقل رأسها حينما حاولت النهوض ، ينتابها الدوار فتعاود وضع رأسها على الوسادة من جديد وهي تتأوه بخفوت ، تغمض عينيها المنتفختين ببكاء ترك أثره فوق وجنتيها من البارحة ، تنقلب على جنبها وتحاول النهوض ثانية فلا تقوى ليخترق سمعها صوته الهادئ وتشعر بثقل جسده حينما جلس إلى جوارها : صباح الخير يا أميرتي ، أخيرا استيقظت.
رمشت بعينيها في محاولة منها لفتحهما ، ازعجها ضوء الشمس الذي غمر الغرفة فتغلقهما من جديد شعرت بشفتيه تلامس جبينها فحاولت أن تبتعد براسها عنه ولكنها لم تستطيع ، همهمت بخفوت : أغلق الستائر من فضلك
هتف بمرح حاول أن يفتعله وهو يتغاضى عن نفورها من قبلته : لا استيقظي لقد أعددت الفطور لك .
انقلبت على جنبها الآخر بعد جهد موليه له ظهرها لتهمهم : لست جائعة .
تنهد بقوة قبل أن يحشر ذراعه اسفل كتفيها ليدفعها بإصرار : لا انهضي ، لابد أن تأكلي فانت منذ البارحة لم تأكلي جيدا ، تمتم وهو يسند جسدها المتراخي إلى صدره - حتى بالعشاء لم تفعلي كنت أراقبك رغم اظهاري لعدم الإهتمام .
شعرت بغصة قوية تحتكم حلقها لتهتف به في نزق : أشعر بالصداع ولا اقو على فتح عيني .
تمتم : لابد أن تتناولين الطعام لتأخذي حبوب الصداع .
حاولت التملص من ذراعه الملتفة حول كتفيها : لا أريد ، اتركني من فضلك .
سحب نفسا عميقا ليزفره بأكمله قبل أن يضع ذراعه الآخر خلف ركبتيها ويحملها نحو دورة المياه .
شهقت بخفة لتتمسك رغم عنها برقبته ، تتأوه بتعب وعبوس جبينها يزداد حينما اوقفها فوق رخام دورة المياه البارد ليخلصها من قميص نومها الذي لا تدرك متى ارتدته ليلة أمس ؟!
حاولت إبعاد كفيه عن نزع بقية ملابسها ولكن إصراره من نجح في النهاية لتشهق بقوة حينما حملها ثانية ليضعها تحت مرش المياه فتنتفض وتحاول الإبتعاد ليحتجزها بين ذراعيه وبجسده الملاصق لها من الخلف ليهمهم بجانب اذنها : اهدئي يا أميرة قليلا وستكونين بخير ، المياه الباردة ستخفف إحساسك بالصداع
توقف جسدها عن الانتفاض لتستطيع بعد قليل أن تفتح عينيها تهمهم بصوت منهك : لا أستطيع الوقوف .
تهالك جسدها لتجلس بأرضية المغطس فيتبعها بدوره وهو يحافظ على وجودها بين ذراعيه ليغلق مجرى المياه فتبدأ المياه بالارتفاع من حولهما تدريجيا ، همس بخفوت وهو يضع بعضا من الصابون المعطر : اهدئي وانا سأدللك اليوم ، فقط اهدئي
بعد قليل استرخى جسدها لتريح رأسها على كتفه وهي تعاود فتح عينيها ليقبل طرف فكها هامسا : أسف
انتفض جسدها وهي تشيح بعينيها بعيدا عنه ليتابع وهو يمسد خصلاتها بأنامله : سامحيني لم أقصد أن اغضبك .
ازدردت لعابها ببطء شديد وهي تحاول أن تتحاشى اختناقها لتؤثر الصمت فيهمس بخفة : تعالي احممك كما كنت افعل من قبل ، على ما يبدو أني قصرت في دلال أميرتي .
أطبقت فكيها لترمقه بطرف عينها وحينما التقط عبوة الشامبو الخاص بها همست بحدة : لا أريد .
توتر فكه ليبتسم ساخرا : حسنا على راحتك
نهضت واقفة وخاصة حينما شعرت بقوتها عادت من جديد تخطو الى خارج المغطس تبحث عن منشفة عريضة تخفى بها جسدها لتنتفض برفض وهو يحاوط جسدها بالمنشفة ويجذبها إلى صدره ثانية ، يضمها بقوة مقبلا جبينها قبل أن يحملها من جديد عائدا بها إلى الفراش هاتفا بمرح حاول بثه لها : إذًا دعيني اطعمك بنفسي، مر وقت لم اطعمك فيه يا أميرتي .
تمتمت وهي ترفع نظرها إليه : وهل إن حممتني .. اطعمتني .. دللتني ستختفي المشكلة يا أحمد ، اتبعت بجديه – هل أنا ابنة أختك الصغيرة لتضحك علي ببعض من الدلال فأنسى ما أشعر به بسبب تصرفاتك .. تحكم .. تملكك .. وغيرتك الغير مبررة لي .
اطبق فكيه ليعتدل مواجها لها : هل حبي لك أصبح يحتاج لأسباب الآن يا أميرة لتقتنعي به ؟
تمتمت ودموعها تنساب من جديد : لم أشك بحبك لي يوما ولكن انتقاص معاملتك لي هو ما يخنق حبي لك .
رجف جفنه : انتقاص معاملتي ، هذا إتهام جائر يا أميرة ، اتهام لا اقبله .
ابتسمت من بين دموعها بسخرية اغضبته : إذًا أخبرني عن أسباب رفضك لأي شيء أريده ، أنت لا تريدني أن اعمل .. أن اهتم بهوايتي التي اتقنها سواء رعاية الزهور ، أو صنع المجوهرات ، لا تريدني أن انضم إلى الجمعية التي تديرها والدتك ووالدتي ، لا تريدني أن انجب ، أنت تريديني كاملة لك ، تشعرني بأني تحفتك التي تخبئها عن أعين الجميع في قفصك الذهبي ، أنت تشعرني بأني جاريتك المخصصة لمتعتك فقط متعتك .
هدر وهو ينتفض واقفا : توقفي عن تشويه حبي لك بهذه الطريقة البشعة وكلماتك الأكثر بشاعة يا أميرة أنا أحبك .. أعشقك .. أهيم بك واتوله ، نعم أعترف أن جانبي الحسي يغلب على جانبي العاطفي ولكن هذا لا يجعلك أن تتوهمي أشياء لا أساس لها وتعيشين في اوهامها .
هتفت بتوسل : لا أريد ا أن أعيش في اوهامي لذا أنا أسألك عن اسبابك ، أريدك أن تحدثني عنها .. تخبرني إياها ، تناقشني واناقشك لنصل إلى نقطة التقاء .
هدر : لا سبب لدي سوى أني أحبك ، لا أتخيل أبدا أن تبتعدين عني ، يكفي تلك الأيام التي اُجبر فيها على السفر دونك .
مسحت وجهها بكفيها : وإذا صحبتك في جميع سفرياتك القادمة ، واخبرتك أني لن أبتعد عنك ، فقط سأشترك في تصميم ديكور المباني الجديدة في المنتجع مع عاصم، أو أشترك في مسابقة الزهور القادمة ، أو أعمل مع والدتك في الجمعية ، وسأعود مع موعد عودتك ، ولن ينقص أي شيء مما اعتدته ، ستتركني أفعل ما أريد .
عبس بغضب شديد : انت تقايضينني يا أميرة ، هدر بغضب – من واجبك نحوي أن تصحبيني في سفري وفي وجودي ، واجبك نحوي يحتم عليك طاعتي وعدم مخالفة أوامري ، واجبك كزوجة نحوي أن لا ترفضينني أو تغضبيني ، لا أن تقايضيني لأفعل لك ما تريدين .
رمشت بعينيها لتشعر بالقهر : لا أريد أن اقايضك ، أريد ا أن أصل لحل وسط يرضي كلينا ، فأنا لست سعيدة .
كتف ذراعيه أمام صدره ليسأل بفحيح غاضب : ما الذي سيسعدك يا اميرة ؟! أن تعملين .. أن تتوسعين في هوياتك .. أم أن تنجبين ؟
توهجت عيناها ببصيص أمل لتهمس : ما يسعدني أن تفكر بواجباتك نحوي وما ينقصني لتمنحني إياه .
هدر بحدة : هل قصرت معك يوما ؟!
ابتسمت ساخرة : إذ تتحدث عن حقوق الفراش فأنت كفيت ووفيت ، أما إذ تتحدث عن واجباتك نحوي كزوجة اشاركك حياتك ، فأرجو أن تعيد النظر فيم يدور بيننا .
نهضت واقفة تتحرك ببطء وهي تكمل حديثها بجدية : وإلي أن تصل لنقطة التقاء ترضينا سويا سأغادر لبيت أبي .
زم شفتيه قبل أن يزعق بقوة : إياك ، لن تغادري هذا البيت إلا على جثتي ، وإذا أردت أن تشعلين حربا بيني وبين أبيك فلتفعليها واذهبي إليه وحينها أنا لن اراعي شيء في سبيل استعادتك .
ابتع بتهكم : وإذا كان وجودي ما يضايقك ، لن تشعري بي ، وإذا أصبحت لا تطيقين رؤيتي و ملامستي سأبتعد عنك ، فقط ابقي بالبيت ولا تغادري .
اتبع بثورة مكتومة : وإياك أن تخبري احدا عم يحدث بيننا ، حينها يا أميرة لا تلومين إلا نفسك .
التفتت إليه بحدة : هل تهددني يا أحمد ؟!
نطق بجبروت : افهمي حديثي كما شئت وافعلي ما يحلو لك ولا تشكي من رد فعلي بعد ذلك .
القاها ببرود قبل أن يتجه لغرفة الملابس يرتدي ملابسه ويخرج مندفعا صافعا الباب خلفه لتنهار جالسة أرضا وهي تشعر بأن قوتها تلاشت ، تضم ركبتيها لصدرها بذراعيه وتحني رأسها داخل جسدها لتجهش في بكاء مرير أثقل روحها بحزن شديد انهك قلبها فشعرت به يتمزق بين حبها له وقهرها منه .
***
عبس بتعجب وهو يراقب مرورها الثالث من أمام غرفة مكتبه وكأنها تائهة لا تعلم مكان السلم أو طريق العودة .
نهض واقفا ليذهب ويرى ما يحدث كادت أن ترتطم به ولكنها توقفت حينما رأته تمتمت بخفوت وصوت أجش : المعذرة .
نظر إليها قليلا ليسأل بجدية. : ما بالك يا رقية هل أنت بخير ؟!
همت بالحديث لتتوقف وعطسة قوية اخفتها خلف كفيها منعتها من الحديث لتهمهم : الحمد لله .
ابتسم رغم عنه : يرحمكم الله .
أجابت بعفوية : يهديكم الله ويصلح بالكم
اتسعت ابتسامته : اللهم آمين .
ضيقت عيناها ونظرت إليه بتركيز لتساله : بماذا كنا نتحدث ؟!
تحكم في ضحكته بقوة حتى لا يغضبها ليجيب بتفكه : كنت أسأل عنك ، هل أنت بخير ؟
أجابت بإنهاك : الحمد لله على كل شيء فقط أعاني من الانفلونزا، اتبعت وهي تتحرك لترتكن على طاولة الاستقبال الخاصة بالطابق - رأسي ثقيل والصداع يمزقه.
تحرك معها ليسألها : لماذا أتيت إلى العمل إذًا ؟
همهمت وهي تحاول أن تقف باعتدال كعادتها : توقعت اني سأكون بخير بعد أن تناولت الدواء ولكن للأسف الدواء ازاد الأعراض وأشعر بنعاس قوي .
عبس بغضب لتسأله بهدوء : لو سمحت يا عبد الرحمن هلا دللتني على المصعد لقد ذهبت وأتيت ثلاث مرات وبكل مرة أجد نفسي في نفس المكان؟
ابتسم وعيناها تغيمان بحنان ليهمس : تعالي معي .
هم بأن يقبض على كفها ليسحبها معه لتبتعد بتلقائية وتهمس بجدية : لا تسحبني ، أنا سأسير إلى جوارك .
لم تنتبه إلى لمعة الإعجاب التي طلت بعينيه ليهمس بجدية وخفوت : أسف لم أقصد
أشار إليها بطول ذراعه : تفضلي .
تحركت أمامه ليوصلها إلى المصعد ويجاورها فيه إلى أن وصلت إلى باحة السيارات فهمس برجاء آمر : هلا سمحت لي بتوصيلك للبيت ، اشعر بالخوف عليك إن قدت سيارتك وأنت هكذا .
تمتمت : سأستقل سيارة أجرة .
عبس بضيق : هل الغريب ائمن عليك مني يا رقية .
رمشت بعينيها : لا لم أقصد ولكن ..
ابتسم : إذًا تعالي ، ستنير السيارة بك .
ابتسمت دون سبب لتومض عيناه ببريق وهو يلتقط ابتسامتها الرقيقة فيتقدمها بلباقة ليفتح لها باب سيارته بدماثة اخلاق فتضحك بعفوية لينظر إليها متسائلا فتجيب بهمهمه ضاحكة : هذه الحركة اندثرت يا عبده .
ارتفعا حاجبيه بدهشة ليردد بخفوت : عبده .
ضحك معها وأشار إليها بالركوب ليهمهم : نحاول أن نرضي سعادتك .
دار حول السيارة ليجلس بمقعده ويدير السيارة لتركن رأسها للمقعد خلفها وصوت أنفاسها التي تسحبها بصعوبة يصدح فيم بينهما لتهمهم دون وعي : أنا أريد صحن حساء من صنع أمي مليء بعصير الليمون وفراشي ووسادتي التي تضمني لأغرق في نوم عميق وحينها سأكون بخير.
ابتسم وآثر الصمت ، يستمع إليها بإنصات لتكمل وعيناها تداعبها النعاس : رأسي يطن يا عبده .
تمتم بحنو وخفوت شديد : سلامة رأسك يا عيون عبده .
همهمت بكلمات غير مكتملة ورأسها يستند لجانب المقعد المرتفع قليلا ، فتغط في النوم لتومض عيناه برضا وهو ينظر إليها بطرف عينه ، قلبه يدق بسعادة لا يستطيع نكرانها على نفسه وعقله يستكين لحالة من اللافهم وهو يردد على مسامعه نطقها لاسم دلاله برقة لم يكن يتخيل أنها تمتلكها .
همهم وهو يبعد نظره عنها يركز بطريق بيتها : ألف سلامة عليك يا روكا فداك عبده وسنين عبده كلها .
***
توقف أسفل البناية الصغيرة المكونة من طابقين ، وكل طابق له مدخل منفرد عن الآخر حتى يمنح الأسرة التي تقطنه حرية الحركة ، يعلم جيدا تصميم البناية لأنه يمتلك هو وأخيه بناية مثلها بآخر الشارع في حين اختار عمر الطابق السفلي هو احب الطابق العلوي مماثل لما يسكن فيه عائلة الدكتور محمود والآخر السفلي خاص بعائلة خالها وعمتها ، نظر إليها ليهتف باسمها : رقية استيقظي لقد وصلنا .
لم تهتز ليرفع حاجبيه وهو ينظر لعمق نومها الذي تغط فيه فيزم شفتيه مفكرا ، كيف عليه ايقاظها ، لن يستطيع هزها أو ملامستها فهو يعلم جيدا قواعدها وحدودها في أمر الملامسة ولكن كيف عليه أن يوقظها لتصعد إلى بيتها تمتم بقنوط : لو كان محمد هنا لكنت اتصلت به وأخبرته ولكن ..
صمت قليلا قبل أن يسأل هاتفه ليتصل بابيها لعله يجد لديه الحل المناسب .
اجابه محمود : يا مرحبا يا باشمهندس كيف أصبحت؟
ابتسم عبد الرحمن بتوتر لأول مرة يصيبه وهو يشعر بغباء فكرته يحضر بقوة ليجيب : بخير والحمد لله يا عماه ، كيف حال حضرتك ؟
أجاب محمود : نحمد الله .
تمتم عبد الرحمن : هل سيادتك بالمشفى ؟!
__ لا يا باشمهندس للأسف ، أنا بالبيت ، هل هناك ما أستطيع القيام به لأجلك؟
كح عبد الرحمن بخفة قبل أن يهتف : أنا اسفل بيتكم يا عمي والآنسة رقية بصحبتي.
شعر بتصلب الآخر على الهاتف فاتبع : كانت متعبة وأتيت بها .
استمع إلى صوت خطوات أبيها الجادة وصوت باب يُفتح : أنت و رقية بالأسفل ؟!
حك مؤخرة عنقه وأجاب بصوت عال : نعم .
__ حالا سأكون عندك .
أغلق عبد الرحمن الهاتف ليصيح هذه المرة : رقية .. روكا .. استيقظي ، أباك هنا .
وكأن نطقه بوجود ابيها افاقها لتعبس بضيق وتتنفس بصعوبة قبل أن تهتز بأكملها وهي تعطس بقوة لتهمهم دون وعي : الحمد لله .
اجاب بهدوء وابتسامة ترسم ثغره : يرحمكم الله .
أجابت : يهديكم الله ويصلح بال..
صمتت في وسط حديثها لتنظر من حولها فيقابلها بابتسامته الهادئة لتصيح بحدة : ماذا تفعل هنا ؟!
عم الذهول ملامحه ليجيبها : إنها سيارتي وأنا أوصلتك لبيتك .
اتسعت عيناها لتهتف : سيارتك .. وتوصلني لبيتي ، من سمح لك بهذا ؟!
عبس بضيق : توقفي عن الصراخ ، من فضلك ، كنت متعبة وأنا أوصلتك خوفا عليك .
هتفت بحدة : بل استغليت مرضي لتوصلني .
أطبق فكيه والغضب يزأر بعقله : اصعدي إلى بيتك يا رقية حتى لا اجيبك بكلمات تغضبك .
هدرت وهي تغادر السيارة بالفعل : لقد أخبرتك أكثر من مرة أن تبتعد عني .
شعرت بالأرض تميد من تحت قدميها ولكنها تمسكت بباب السيارة في قوة ليتمتم وهو يرتجل بدوره : أعتذر منك ، أنا مخطئ لأني حاولت مساعدتك .
همت بالصياح ليقاطعها صوت أبيها : ما بالكما تصيحان هكذا ؟!
تحركت بخطوات مترنحة والصداع يفتك برأسها لتتعلق في رقبة ابيها الذي ضمها إلى حضنه وربت على ظهرها : ما بالك يا حبيبتي ؟!
تمتمت وهي تتمسك به : أنا متعبة .
ضمها من خصرها إلى صدره ليرفع نظره لعبد الرحمن ذو المحيا الغاضب : ما بالك يا باشمهندس غاضب هكذا ؟
تنحنح عبد الرحمن : لا شيء يا عماه ، لقد أتيت بالآنسة رقية لأني وجدتها مريضة للغاية وخفت أن تقود سيارتها أو تستقل سيارة اجرة مع رجل غريب وهي غائبة عن الوعي تقريبا بسبب الدواء الذي اثقل رأسها ، اتبع بصوت قوي وهو يرميها بنظرة غاضبة - ولكن من الواضح أني مخطئا فالآنسة رقية اتهمتني باستغلال مرضها لأوصلها
القاها بتهكم لتتسع عينا محمود لينظر إلى ابنته الواقفة بجواره بعتب قبل أن يهتف بأريحية : كيف ذلك ، بل جميلك برقبتي ، شكرا لك يا باشمهندس
أسرع عبد الرحمن في الرد : العفو يا عماه ، ما فعلت غير الواجب الذي حتم علي أن اقل الآنسة رقية فهي تعد كأختي الصغرى .
رفعت نظرها إليه بغضب حارق وهمت بالصياح ليضغط ابيها على مرفقها بحنو قبل أن يجيب : سلمت يا بني ، تفضل عندنا .
تمتم عبد الرحمن : شكرا جزيلا لك لقد تركت عملي دون أن أبلغ أحدا .
ابتسم محمود ليهتف بجدية : لن ترحل دون أن استقبلك ببيتي وأضايفك يا عبد الرحمن ، هم بالاعتراض ليهتف محمود أمرا – عده أمر يا باشمهندس .
ابتسم عبد الرحمن رغم عنه : حسنا يا عماه ، آمرك واجب النفاذ .
اشار إليه بأن يتقدمه فيهمهم عبد الرحمن وهو يخفض رأسه وبصره : من بعدك يا عماه .
ابتسم محمود بتقدير واعجاب ليشير إلى ابنته أن تصعد قبلهم وهو يهمهم لها : اخبري والدتك أن معي ضيف .
تمتمت وهي تخطو بعدم اتزان : حاضر يا ابي .
راقب ترنح خطواتها ليتبعها بحنو أب وهو يشعر بالخوف يداهمها ليتبعهما عبد الرحمن وهو يشعر بالقلق على الحمقاء التي تتشاجر مع أنفها إذا لم تجد شخص آخر تتشاجر معه .
***
انطلق بسيارته عائدا بعد أن قضى وقتا مميزا في بيت عائلتها ، لأول مرة يتعامل مع الدكتور محمود المنصوري خارج اطار العمل ، يرى بيته .. ويتعارف على اسرته ، لقد استقبلته والدتها بترحاب ونظرات مميزة خصته به ، وأتت شقيقتها الصغيرة بالقهوة التي طلبها فشاكسته بمرح وشقاوة عن ملامحه الأجنبية ، بل أنها أعلنت بوضوح دون مواربة ودون تكلف عن انبهارها به ، فضحك موقنا باختلاف شخصيتها عن رقية ، بل إنها تجاذبت معه أطراف الحديث في اريحية واخبرته أن يدعوها ب "ديجا" كأصدقائها المقربين ، فخديجة اسم ثقيل ينادونها به غير المقربين ، حينها هتف ضاحكا : اذا تعديني من المقربين .
فأجابته بمرح وشقاوة تخص ابناء جيلها : لنا الشرف يا باشمهندس .
تعالت ضحكاته رغم عنه ليهتف أبيها باسمها كاملا في عتب لتضحك بخفة وتهتف : أنه يعلم أني أمزح يا بابي ، أليس كذلك يا عبده ؟
ورغم اختلاف نطقها لاسمه عن شقيقتها التي تنطق العين صريحة واضحة هي ضمتها مع الباء فضاعت بين احرفها ليبتسم ويهتف : بالطبع ، أنا من لي الشرف أن اتعارف عليك وعلى العائلة الكريمة يا عماه .
ابتسم محمود حينها برزانة ليجيبه : أنرت بيتنا المتواضع يا عبد الرحمن ، وجزيل الشكر على المعروف الذي اسديته لرقية اليوم ،
تمتم بهدوء : لقد كانت متعبة وأنا شعرت بالخوف عليها .
هتفت حينها خديجة : إنها متعبة للغاية لقد خلدت إلى النوم بملابسها وهذا شيء لا يحدث أبدا .
همهم محمود باسمها لتغلق فمها بحركة مرحة فضحك ونهض واقفا : ألف سلامة عليها ، شكرا لكرم ضيافتك يا عمي .
صافحه محمود وهو يوصله لباب البيت : لا شكر على واجب يا بني ، شرفتنا .
لوحت له بيدها : أراك على خير يا عبده .
ابتسم ولوح لها : على خير يا ديجا بإذن الله .
وها هو ينطلق ويشعر بسعادة تداعب أروقة قلبه فمقابلة اليوم أظهرت له حسابات أخرى لم يفكر بها يوما ، فمحمود المنصوري رجل ذكي .. لماح .. بل وماكر أيضا إذا أراد ، فهو حاوره ببراعة وهو يلتف من حول الكلمات ليستفهم منه سبب مشاجرته والتي اشار بأنه شعر بتكرارها بينه وبين ابنته ورغم أنه ناوره في الحديث بدوره إلا أن محمود رمقه بنظرة خاصة جعلته يشعر بأنه مكشوف أمام عينيه الثاقبتين فاخفض جفنيه متعمدا ومؤثرا الصمت ليبتسم محمود ويبدل مجرى الحديث إلى المشفى والعمل .
احنى رأسه لوهلة ليلامس لوحة السيارة الإلكترونية فتصدح الموسيقى من حوله تنساب عبر الاثير فلم يلحظ السيارتين اللتين خرجتا خلفه من إحدى الطرق الجانبية لتسبقه إحداهما وتتبعه الأخرى عن كثب ، تهادى بسيارته وهو يهز رأسه مع الموسيقى الأجنبية المفضلة إليه ليعبس بريبة وهو ينظر إلى السيارة التي تسير خلفه ويدقق بها عبر مرآة السيارة الأمامية ، لتتسع عيناه بادراك فوري وهو يتعرف عليها ، فهي نفس السيارة التي اخبره عنها عادل ، والتي كانت تراقبه ، ضغط بقدمه ليزيد بسرعة السيارة ولكن السيارة التي تسبقه لم تمنحه الفرصة لينطلق بسيارته كما يريد ، ناورها بمهاره حتى يستطع التخلص منها ولكن قائد السيارة لم يهديه الفرصة ليهرب من الحصار الذي اطبقاه عليه ، انحرف يمنيا فيسارا ولكن السائق كان اذكى مما توقع لتهتز سيارته بعنف على الارتطام الخلفي الذي كاد ان يفقد سيارته التوازن ، ومضت عيناه بزرقة قاتمة فضغط زر بسيارته ليصدح صوت صفير متقطع قبل أن يهتف بجدية : أنا أتعرض إلى محاولة اختطاف .

انتهى الفصل ال14
منتظرة تفاعلكم ارائكم وردودكم
كونوا بالقرب دوما





سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-08-20, 08:52 PM   #178

ديناعواد

? العضوٌ??? » 412620
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,187
?  نُقآطِيْ » ديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond repute
افتراضي

اين الفصل الجديدو بسجيل الحضور

ديناعواد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-08-20, 09:08 PM   #179

جميله سعيد

? العضوٌ??? » 424095
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 163
?  نُقآطِيْ » جميله سعيد is on a distinguished road
افتراضي

واااااااااااااااو الفصل رائع مليان احداث
انتى فعلا رهيبه بتقدرى تعيشينى كل لحظة يفرحها و حزنها
بس مش مسمحاكى بعد ماعيطت علشان عمار طلع بيستهبل و مش اغم عليه و لا حاجة
طبعا زعلانه جدا علشان نوران النهارده انتى مخليانا كل فصل فى حال شويه نتعاطف مع عاصم و شويه مع نوران
انا شايفة أن جنى بتقسى على نفسها و بالتالى على اسعد
عجبنى جدا النهارده الأحداث بين أميرة و احمد كانت حياتهم فى أول القصة سلسة بشكل غريب لكن انتى قدرتى تمليها بشكل تحفففففغغة و حيبدأو يبقوا ثنائى مهم بنتابع أحداثه
نفسى تطمنينى على اينى بقى و تستقر و ترجع لجوزها و تحب ابنه انا كنت فى الاول متحيزالها جدا و شايفة أنها اتظلمت بس بعدما عرفت الحكاية و حب آدم ليها و أخلاق عز الدين الجميلة بقيت شايفة أنها لازمتعيد تفكيرها وتلم شمل أسرتها
و طبعا نهايه مثيرة جدا مخليانى عايزة بكرة ييحى بسرعة
تسلم ايديكى ⁦♥️⁩⁦♥️⁩⁦♥️⁩⁦♥️⁩


جميله سعيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-08-20, 05:35 PM   #180

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ديناعواد مشاهدة المشاركة
اين الفصل الجديدو بسجيل الحضور


يا هلا يا جميل
الفصل المشاركة اللي قبله
منورانا بحضورك ❤❤


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:50 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.