آخر 10 مشاركات
فوق الجروح اللي بقلبي من سنين يكفي دخيل الله لا تجرحوني روايه راااااائعه بقلم الهودج (الكاتـب : nahe24 - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          ليلة مصيرية (59) للكاتبة: ليندسي ارمسترونج... (كاملة) (الكاتـب : monny - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          61 - أنتِ لي - هيلين بيانشن - ع .ق (تصوير جديد) (الكاتـب : Just Faith - )           »          البجعة الورقية (129) للكاتبة: Leylah Attar *كاملة & تم إضافة الرابط* (الكاتـب : Andalus - )           »          حرب الضواري * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : برستيج اردنية - )           »          605-زوجة الأحلام -ق.د.ن (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree260Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-09-20, 06:14 PM   #231

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي


يدور من حول نفسه في غرفتهما يبحث عن أشياءه التي لم يستطع يوما ايجادها دونها ، فهي دوما تحضرهم له لدرجة أنه نسى كيف يعد ملابسه أو يبحث عن شيء يخصه ، حتى حينما يسافر دونها ترص حقيبته بطريقة مميزة فتُسهل عليه إيجاد كل شيء دون أن يبحث .
زفر بضيق من عدم وجودها .. انشغالها بترتيب الحديقة لأجل حفل خطوبة عمها .. واهمالها إليه وهو من يكتسحه الشوق نحوها !!
تنهد بقوة وهو يلامس هاتفه يتصل بها ليأتيه صوتها بعد رنين كثر فيهتف بحنق : ألم تنتهي بعد ؟
صمتت قليلا لتهمس برقة : لازال أمامي الكثير يا أحمد ،
عبس بطفولية لتتابع - هل تريد شيئا ؟
غمغم بضيق : لا أجد ملابسي .
ضحكة خافتة انسلت من بين شفتيها لتجيبه بمرح ساخر : لماذا هل سرقت ؟
لوى شفتيه بإحباط : بل لأن زوجتي تهملني .
ضحكة أخرى صدرت منها ليتابع بجدية - تعالي اتِ لي بأشيائي ثم عودي لما تفعلين .
استدارت حتى لا تقابل وجوه أبناء عمومتها اللذين انتبهوا لضحكاتها فتهمهم إليه بخفوت : أحمد يا ابن خالتي منال ،أنت وأنا نعلم جيدا أنني إذا أتيت لك لن أعود قبل الحفل ليلا .
تعالت ضحكاته رغم عنه ليهتف بها : إذًا لن تحني على ابن خالتك منال فهو مشتاق ولديه لوعة .
ضحكة أعلى قليلا انفلتت منها لتجيبه برقة وصوت خافت : ساحن عليه ليلا ، أتبعت بنبرة مغوية تعمدتها وهي تبتعد عن الجميع - بعد إنتهاء الحفل والصعود للغرفة سأبدل ملابسي وأرتدي قميص نومي بلون الكرز القاني .
تعالت أنفاسه ليهمس إليها بصوت أجش : ثم ؟
كتمت ضحكتها لتومض عيناها بسعادة لتكمل بطبيعية : وأنام .
اندثر الحماس من فوق ملامحه التي جمدت لينقلب وميض عيناه إلى غضب : تسخرين مني يا أميرة .
ضحكت بخفة : بالطبع لا ، النوم هو مصطلح كبير بأشياء كثيرة يا ابن خالتي .
تنفس بقوة لتتابع : حينما يحل المساء سترى .
اثر الصمت قليلا ليسالها بجدية : إذًا أين ملابسي ؟
تنهدت بقوة : في صوان الملابس كالمعتاد يا حبيبي .
لانت ملامحه ليهتف بحنق : إذًا لن تأتي .
أجابته بطبيعية : بل ستأتي أنت لمساعدتنا .
هز رأسه نافيا : لا سأنام قليلا أوقظيني حينما تنتهين ، ليتابع بصوت متوعد - وتعودين لغرفتنا وحينها لن أنتظر إلى الليل ، سأحصل على حصتي الصباحية وحينما ينتهي الحفل ونعد لننام سأحصل على حصتي المسائية .
هزت رأسها بيأس ليتابع : فقط اعدي لي حساء السي فوود فأنا أريد تناوله على الغذاء .
همت بالاعتراض لينهي الحديث بصرامه تعمدها : إلى اللقاء يا زوجتي العزيزة
نظرت إلى الهاتف بعدما أنهى الاتصال دون أن ينتظر ردها لتزم شفتيها بتفكير فتنتبه إلى صوت عاصم الذي اقترب منها : أحمد ؟
أومأت برأسها إيجابا فنظر إليها بتساؤل : من يسمع ضحكاتك بأول المكالمة لا ينظر إلى ملامحك الآن ، ابتسمت رغم عنها ليقترب منها متابعا - هل ضايقك أحمد ؟!
ابتسمت وهزت رأسها نافية ليبتسم بحنان : لا تستطيعين الكذب حتى إن حاولت يا أميرة .
ابتسمت وهي تتورد رغم عنها لتبدل الحديث في إشارة صريحة منها لرفضها للبوح إليه : يتبق فقط الان ضبط الضوء وتوزيع الصوت في الحديقة وأنا وضعت تصورا ولكن لا أعلم كيف يتم ، لا يوجد منا من يستطيع ضبط تلك الأجهزة .
عبس بتفكير وهو ينظر للرسم الغير احترافي على جهازها اللوحي ليجيب بجدية : نظام التوزيع أكثر من جيد ولكن يجب ضبط كل شيء قبل توزيعه .
نظرت إليه بحيرة لتساله : من سيضبط تلك الأشياء يا عاصم ؟! فأنا لا أعرف كيف تعمل ؟
سحب نفسا عميقا ليهتف : لا أعلم أعتقد سنأتي بتقني يقو على التعامل مع كل هذه التعقيدات فانا معماري لا أفقه بهم شيئا .
تمتمت أميرة بتفكير : إذًا من يستطيع ؟ أنت معماري وأنا مهندسة ديكور جنى طبيبة وعمار معالج نفسي ونوران خبيرة تسويق ، والفرسان الثلاث لا أعتقد لديهم مهارة تركيب وضبط الإلكترونيات هل نسأل ملك فهي الوحيدة المهتمة بالتصوير والكاميرات وهذه الأشياء ؟
__ لا أعتقد أنها ستقوى على ضبط أمور الصوت يا ميرا ، أكمل مفكرا - عادل وأسعد ويمنى أيضا لا أعتقد أن لديهم خبرة في ذلك .
ليهتف بسرعة : نادر يستطيع أعتقد فهو لديه خبرة بأمور الالكترونيات والصوتيات .
لوت أميرة شفتيها : أنه غير موجود ولا عمو مالك وإلا كنت استعنت به .
هم بالرد ليصدح صوت ملك بحبور هاتفه بفرحة حقيقية تعالت بنبراتها : سليم وصل .
التفتا سويا لمكان إشارة ابنة عمتهما لينظرا إلى بعضهما سويا ليهمهم عاصم : هو من سيحل الأمر .
***
يعمل بجد في وصلات أسلاك رفيعة متشابكة بشكل تعجيزي ليهمس بجدية إلى شقيقته التي وصلت منذ قليل : لماذا وصلتما متأخران يا حبيبة ؟
توردت رغم عنها وهي تتذكر وقوفهما أمام النزل عمر ينتظر ردة فعلها ويهمس إليها بأنه سيبحث عن استراحة أخرى وهي تنظر أمامها بشرود وتفكر بعمق إلى أن رفضت الأمر وتقرر بشجاعة أنهما سيبقيان ، فمن المؤكد أنهما يستطيعا الانتظار بصالة الاستقبال أو المطعم إلا حينما يحجزان غرفة بالنزل لمدة ليلة واحدة على الأقل ، ليحسم عمر الأمر وهو يضع هوية الشخصية أمام الرجل ليقم يحجز غرفة لهما سويا .
ليخبرها بعدما انهى الأمر وهو يسير بجوارها : هيا يا حبيبة ابدلي ملابسك واستريحي وأنا سأنتظرك خارجا .
فركت كفيها بتوتر لتهمهم إليه : لا داع لخروجك ، هناك شرفة بالغرفة اجلس بها إلى أن انتهى وحينها سنذهب لتناول الطعام سويا .
حينها ابتسم بلطف ليهتف بمرح : أنا الآخر سأبدل ملابسي وانعش نفسي لابث بعضا من السعادة لروحي بأننا سويا ذاهبان إلى المصيف .
ضحكت برقة وهي تتورد تخفض بصرها عنه ليقفا أمام باب الغرفة ليفتحه بلباقة : تفضلي يا حبيبتي .
دلفت بخطوات متوترة .. مرتبكة .. حائرة ، ليتأخر عنها قليلا وكأنه شعر بارتباكها إلى أن أصبحت بمنتصف الغرفة ليهتف بها وهو يدلف خلفها يغلق الباب بعده : خذي راحتك ، أتبع وهو يتحرك نحو الشرفة يفتح بابها – سأنتظر بالشرفة إلى أن تنتهي .
ابتىسمت وهي تنظر إليه يجلس بأحد الكرسيين الموضوعين بمنتصف الشرفة ليتابع بجدية : أغلقي الباب عليك يا بيبا .
ابتسمت برقة وتحركت نحوه : لا يا عمر ، حتى تستطيع الحركة بحرية .
همهم بجدية وهو ينظر بعيدا عنها : اطيعِ يا حبيبتي ، هيا حتى لا نتأخر ، فأنا جائع .
وبالفعل لقد التزم بمكانه إلى أن انتهت فيبدل هو الأخر ملابسه ويذهبان ليتناولا الغذاء بمطعم النزل والذي راقها كثيرا !!
__ حبيبة ، انتفضت بخفة على صوت شقيقها الذي يتفرس في ملامحها بدقة ليتابع بجدية – أين ذهبت ؟
تمتمت بتلعثم : لا مكان ، أنا هنا .
ابتسم سليم ليشيح بنظره بعيدا عنها هامسا بمكر : هل راقك النزل ؟!ط
احتقنت وجنتيها بحمرة قانية لتغمغم : أي نزل ؟ تمتم باسمها في نبرة مميزة لتتبع بخفوت – هل أخبرك عمر ؟
ضحك بخفة ليهتف بمرح : عمر لا يخفي شيئا فهو لا يخطأ لذا يصارح بم لديه دوما .
تلعثمت ليبتسم سليم بحنان يربت على كتفها : لا داع لتوترك يا حبيبة ، عمر زوجك نعم لم يقام الزفاف بعد ولكن شرعا أنت زوجته لذا لا داع لخوفك أن تخبريني وخاصة أني أثق بأخلاقك وأخلاق عمر أيضا .
ابتسمت برقة لتهمس ببوح : هل تتذكر حينما قصصت لك يوما عن فارس أحلامي يا سليم ؟
أومأ سليم برأسه فاتبعت بجدية : عمر يفوق مواصفات فارس أحلامي لدرجة أني خائفة أن يكون ارتباطي به حلما سأستيقظ منه يوما على حقيقة مؤلمة .
تأملها سليم قليلا قبل أن يترك ما بيديه ليقترب منها يضمها إلى صدره بحنان فائق يقبل قمة رأسها هامسا بجدية : ليس كل الحكايات متشابهة يا حبيبة ، أنت من تخلقي حكايتك تحيكينها وتقصينها بعين خاليك ، لا تدعي اي من الحكايا الأخرى تؤثر بك أو على حكايتك الخاصة ،
أتبع وهو يرفع رأسها إليه يضم وجنتيها براحتيه : جميع الرجال لا يشبهون بابا ، ولا أنت تشبهين إيناس ،
أكمل وهو ينظر إلى عمق عينيها : فلا تدعي أي من أشباح قصص الآخرين تؤثر بك أو تؤثر على حياتك ، لامس وجنتيها بإبهاميه – فهمت ؟
أومأت براسها بالإيجاب لتهمس إليه بتساؤل نبض بعينيها : هل تركناه بمفرده يا سليم ؟
سحب سليم نفسا عميقا ليبتعد عنها يتابع عمله بجدية ، فتنظر إلى جسد أخيها المتصلب بغضب لتتشكل أسى نفذ إلى روحها ليجيب سليم أخيرا : سيصل عصرا مع حسام وحاتم ، بعد أن هاتفه عمو أمير ودفعه للمجيء .
رغم عنها تهللت عيناها بسعادة لتقترب من أخيها تضمه بعفوية من جانبه فيرفع سليم ذراعه ليضمها إلى صدره مقبلا رأسها لتهمس بفرحة طفولية سائلة : هل تصالح مع ماما ؟
تغضن جبين سليم باستياء ليمأ برأسه بحركة حادة تشي بعدم رضاه عما فعلته والدته لتتسع ابتسامتها وتهتف بفرحة : كنت واثقة أنه لن يقو على اغضابها أو تركها ترحل .
رمقها سليم بطرف عينه بعدم أمل ليهم بالحديث قبل أن يصدح صوت عمر هاتفا بمرح ضاحك
: ماذا تفعل يا صهري العزيز ؟ اترك زوجتي من فضلك .
ضحك سليم ليرفع ذراعه من فوق كتفي حبيبة هاتفا بمشاكسة : هي من تتمسك بي .
رفع عمر حاجبيه بصدمة افتعلها ليهتف : حبيبة ، تحتضنين آخرا غيري ، توردت لتبتعد عن سليم بعفوية ليكمل عمر مشاغبا – احضنيني أنا يا حبيبتي .
ضحك سليم بخفة ليهتف متهكما : أنت حالم يا سيادة الأفوكاتو ، إن شاء الله في جنة الخلد تتحقق أمانيك .
زم عمر شفتيه لينطق بجدية : أرأيت أخيك يسخر مني يا بيبا ؟
ردت سريعا رافضة : إنه يمزح معك يا عمر .
ابتسم سليم بمكر ليهتف مجاريا عمر الذي أشار اليه بعينيه : لا أمزح معه ، أنا أتحدث بجدية .
نظرت إلى شقيقها بعتاب ليهتف عمر مزمجرا بعدم رضا وهو يكتف ساعديه بطريقة طفولية : أرأيت ؟
اقتربت منه بعفوية ليرفع سليم رأسه إلى عمر يناظره بتوعد فتهمهم إليه برقة : لا تهتم به .
لم يبالي بتوعد سليم ليشيح برأسه بعيدا مكملا بغضب طفولي : لا أنا أهتم فهو يقول أنك لن تضميني إليك إلا بالجنة ، أيعجبك هذا ؟!
هزت كتفيها بعدم فهم وحيرة تجسدت على ملامحها لتساله : لا تغضب يا عمر أرجوك ، زم شفتيه أكثر ليعبس بضيق اجاده فتكمل وهي تتمسك بكفيها الصغيرين في ساعده تحاول أن تفكه عن الاخر – ماذا أفعل لأرضيك ؟
ترك سليم ما بيديه وتأهب جسده بعفوية ليجيب هو سريعا بهتاف حانق : تثبتين لي ولشقيقك أن هذا ليس حقيقيا ، أنك ستضمينني دون خجل فأنا زوجك وهو لا يفرق عني .
كتم سليم ضحكته وأشار إليه من خلفها بأنه سيذبحه ليغمض عينيه غير أبها به لتتراجع حبيبة بتوتر امتلكها لتهمهم : ولكنه لا يصح يا عمر .
هز كتفه بعدم رضا : حسنا على راحتك .
هم بالحركة لتتمسك به : انتظر يا عمر لا تغضب من فضلك .
وقف مكانه ليسالها بمرح متراقص : ستضمينني إليك .
هز سليم رأسه بيأس وهو يراقبهما عن كثب لتتوقف بجسد متصلب تعبس بتفكير قبل أن تهتف بجدية : لا لن أفعل ،
تهللت عينا سليم بتسلية ليرقص حاجبيه لعمر بإغاظة قبل أن تتابع حبيبة بجدية وهي ترفع رأسها بكبرياء : لن أضمك وأنت لن تغضب مني أنا موقنة من ذلك .
لتكمل بخفوت متعمدة أن لا يستمع شقيقها لها وهي تقترب منه : حينما نكون بمفردنا سأفعل .
ومضت عيناه بزرقة غنية ليهمهم إليها : سأنتظر .
تحركت مبتعدة : سأذهب لأرى الفتيات واستعدادهن للحفل ، بعد اذنكما .
راقبها عمر بعينين وامضة بسعادة ليهمهم سليم ضاحكا رغم عنه حينما اقترب عمر منه : لن تفعل حتى وأنتما بمفردكما .
ابتسم عمر رغما عنه ليهتف بيأس : أعلم .
انفجر سليم ضاحكا ليهتف إليه : ولكنك تجيد التمثيل يا ابن الخواجة .
تنهد عمر بقوة : لأجل عيون حبيبة سأفعل اي شيء ، فقط هي تبادلني مشاعري ، أغمض عينيه ليبوح بعفوية – إنها لا تشعر بي ، أنا اشتعل إلى جانبها وهي تتعامل بعفوية تزيد من اشتعالي دون أن تأبه بي ،
غمغم بنزق من يصدق أنها زوجتي منذ ما يفوق الأربعة أشهر دون أن أحصل على ضمة أو قبلة أو حتى تبادل شعوري بيننا .
أنهى حديثه بتأوه عال حينما لكزه سليم بقبضته في كتفه بغلظة لينظر إليه بعدم فهم فينطق سليم من بين أسنانه : أعلم أنها زوجتك وأنك تحبها ولكن احترم أنني أخاها يا بني آدم .
عبس عمر بعدم فهم وهو يدلك كتفه بكفه الأخر : ولكنها ليست أول مرة لطالما حدثتك عن مشاعري لحبيبة يا سليم ، انسيت ؟
رد سليم بجدية : أن تخبرني عن مشاعرك لشقيقتي وتطلبها للزواج شيء ، وأن تخبرني أنك تتوق إليها شيئا آخرا .
احتقنت أذني عمر بقوة ليغمغم على الفور : لم أقصد ، المعذرة كنت افضفض لك كصديق .
زفر سليم بقوة وهو ينهي ما بيديه : أعلم ولكن قدر موقفي أنت تتحدث عن أختي .
هتف عمر باعتراض : أنها زوجتي .
__ أنا أعلم ، صاح سليم ليكمل – ولكنها تظل شقيقتي يا عمر .
هز عمر رأسه بعدم فهم ليتبرم بالإنجليزية بكلمات كثيرة فيضحك سليم رغما عنه : أنا أفهم حديثك بالمناسبة نعم لغتي الاجنبية الأولى هي الفرنسية ولكن أنا أجيد الإنجليزية أيضا .
ضحك عمر رغما عنه ليهتف إليه : حسنا لن أتحدث من خلفك أنا أتحدث عنك وأقول أنك مهما حاولت التعديل من نفسك ستظل سليم الغيور الذي كان وهو صغير يمنع أيا من الغرباء الاقتراب من الفتيات اللائي يخصونه .
جمدت ملامح سليم ليتمتم باختناق : لن أعود هذا السليم أبدا يا عمر ، سأمنع نفسي بالقوة عن الغيرة التي تفسد الأشياء فتخسرها بدلا من الابقاء عليها .
سحب عمر نفسا عميقا ليقترب من صديقه يربت على كتفه : هون على نفسك يا سليم .
حرك سليم رأسه بحركة غير مفهومة ليساله عمر بمرح يريد تبديل الحوار : لم تخبرني من قبل لماذا كانت دراستك بالفرنسية بدلا من الإنجليزية ؟ هذا أمر غريب بالنسبة لي وخاصة أن هذه الدراسة جعلتك ترتاد مدرسة أخرى غيرنا جميعا .
توتر فك سليم قبل أن يرف بجفنيه ليهمهم بصوت جاف : إنه إختيار بلال بك ،عبس عمر بعدم فهم ليكمل سليم هازئا – لنبتعد عن الجميع .
كشر عمر باستنكار ليكمل سليم ساخرا : أنها فكرة بلال بك العبقرية لإبعادنا عن الجميع الغير مقربين والمقربين أيضا .
اعتلى التفكير ملامح عمر ليهمس بجدية : هل تتحدث عن شيء محدد يا سليم ، أم أنه شعورك وحدسك الخاص ؟
صمت خاص عم عليهم قبل أن يزفر سليم بقوة يستعيد هدوء ملامحه المعتاد ليهتف بجدية إلى عمر : لدينا مشكلة ، كيف سنعلق تلك الأشياء ؟
تشكلت ملامح عمر بدهشة ليسأل بعدم فهم : أية أشياء ؟!
أشار سليم برأسه إلى ما كان يعمل به : هذه الأشياء ؟ أجزاء توزيع الصوت والإنارة التي تريدها أميرة للحفل مساء ، أتبع وهو ينظر حوله – أين هي أميرة ؟
_ سأهاتفها لأجلك ، أجاب عمر بجدية ليشير إليه سليم بالنفي – لا هاك عاصم اساله .
أشار سليم لعاصم الذي اقترب على الفور فيساله سليم عم يريد لينظر عاصم قليلا قبل أن يهمس بجدية : لا أعلم ولكن أعتقد أن أميرة تريد أن تعلقها بجذوع النخل وهاك الحائط .
عبس سليم قليلا ليساله بتفكه : هل لديكم قرد مدرب ليعلقها بتلك الطريقة ؟
ضحك عاصم بخفة ليهمس إليه بمكر : أسعد أخبرنا أنه يستطيع تعليقها ، سأخبره أنك دعوته بالقرد .
شحب وجه سليم لوهلة قبل أن يبتسم باتساع : كما تريد يا باشمهندس ، أتبع بتفكه ماكر – عمتي ليلى لديها مقولة عاقله تقول " ما سبك إلا من أبلغك "
بسمة ماكرة تسللت إلى ثغر عاصم ليرمق سليم بتفحص فيقابله سليم بنظرات مسليه وامضة بتحدي ليصدح صوت عمر المراقب إليهما بتساؤل :هاك أميرة آتية .
هتف عاصم بجدية : سأخبر أسعد أن يحضر .
اقتربت أميرة منهم بخطوات هادئة .. راقية .. بطيئة إلى حد ما ، تبتسم بمرح : هل انتهيت يا سليم ؟
أومأ سليم برأسه إيجابا وهو يقترب منها بعفوية : نعم ، فعلت كما أخبرتك ، أشار اليها بيده – أعتقد اننا سنحتاج أكثر من وحدة إضاءة لو أردتها كما شرحت لي .
مطت أميرة شفتيها بتفكير لتجيبه : لن تضاء الحديقة بطريقة جيدة إلا بتوزيع الإضاءة بهذه الطريقة .
ابتسم سليم باتساع : ولكنها تريد طائر ليعلقها يا هانم ، الإضاءة ومراكز الصوت التي ستعلق على النخل وضعها سهل لكن الحائط يحتاج وطواط ليسير من فوقه .
ضحكت أميرة رغما عنها لتشيح برأسها بعيدا تزيح خصلاتها التي تطايرت من الهواء بعيدا عن صفحة وجهها المقابلة إليه ، قبل أن ترفع رأسها فتنظر إليه بنصف عين بسبب الشمس التي سقطت فوق وجهها لتهمهم : أعتقد أن حضرة القائد قادر على فعلها .
ابتسم سليم ليجيبها بفخر : حضرة القائد حفظه الله ورعاه ولكن هذه طلبات تعجيزيه كان تطالبيه أن يسير فوق الماء .
ضحكت برقة لتجيبه : فقط انتظر لنسأله .
أومأ سليم بتفهم إليها ليقبل عليهم أسعد بملامحه الجادة ليهمهم سليم بتفكه : ها قد أتى حضرة القائد الهمام القادر على فعل كل شيء إلا الابتسام حتى للخبز الساخن .
ضحكة أخرى انفلتت من بين شفتيها وهي تتذكر حديث ابنة عمها البارحة لتكتم بقية ضحكاتها أمام وجه أسعد الجامد والذي لم يبتسم لها حتى بل وقف كتمثال أمامها يسألها بجدية : أين تريدين وضع تلك الأشياء يا هانم ؟
أشار إليها سليم بعينه وكأنه يذكرها بحديثه السابق لتجاهد حتى لا تضحك ثانية ولكن ابتسامة واسعة شملت ملامحها كلها لتهمهم بصوت أبح من الضحك : سأريك الأماكن على جهازي اللوحي ، هلا انتظرتني دقيقة ؟
أومأ أسعد رأسه بتفهم ليقترب من ابن خاله هامسا إليه بجدية وملامح ضائقة : لا تمزح مع بنات الوزير يا سليم .
ارتفع حاجبي سليم بدهشة ليبتسم ساخرا : هل منعوا الحديث مع ابناء الوزراء الآن يا أسعد ؟!
أجابه أسعد بجدية : ابن الوزير عندك ابتلعه إذا أردت ، فتحذيري إليك لا يشمله ، حديثي إليك محدد ابتعد عن كلتاهما ، فالاثنتين مرتبطتين برجلين الغيرة تتحكم بهما ،
نظر إليه سليم بدهشة ليسأل بجدية : أعلم ، فعمر أخبرني حتى الغير متزوجة منهما مرتبطة بأحدهم ولكن لا أعرفه .
رمقه أسعد قليلا ليحرك رأسه بخفة ناظرا إلى عاصم ليبتسم بادراك ويمأ بتفهم قبل أن يجيب بعناد : ولكني لم أفعل أي شيء لتحذرني يا أسعد .
سحب أسعد نفسا عميقا ليهمهم إليه بحدة : أتيت على صوت ضحكات الفتاة يا سليم ، أتبع وهو ينظر إليه بغضب – أخبرني لو استمعت إلى ضحكات زوجتك مع شخص غريب ماذا تفعل ؟
أجاب سليم بلا مبالاة : سأشاركهما الضحك .
انتفض جسد أسعد بغضب وهو يلتفت إلى ابن خاله بعروق نافرة ليضحك سليم بمرح قبل أن ينحني نحو أسعد مستغلا قامته التي تفوق طول قامة أسعد ليضمه إلى صدره بالقوة مكبلا حركة ذراعيه ، مقبلا كتفه بتكرار وهو يهتف من بين قبلاته : صل على النبي .
__ اللهم صل وسلم وبارك عليه ، أجاب أسعد سريعا ليتأفف بحنق حينما لم يتوقف سليم عن تقبيل كتفه : توقف ولا تدعني ادفعك بعيدا أو اسقطك أرضا .
تعالت ضحكات سليم وهو يقبل كتفه الأخر : سأفعل ولكن امنحني الأمان أولا .
أغمض اسعد عينيه بنزق ليهدر آمرا : توقف يا سليم
ابتعد سليم على الفور وهو يرفع كفيه متوازيين مع كتفيه : توقفت .
رمقه أسعد بتوعد ليهمهم إليه سليم بمرح : لا تغضب يا باشا رغم أني لا أدرك للان سبب غضبك ولكن يهمني ألا تغضب مني .
تنهد أسعد وهو يهز رأسه بيأس : بل تدرك ولكنك تدعي عدم الفهم ، أشاح سليم برأسه بعيدا ليتابع أسعد مربتا على كتفه القريب – ثم أنا لست غاضبا منك .
تهللت ملامح سليم بمرح غير اعتيادي ليهتف بقوة : باشا مصر والبلدان المجاورة والله .
ابتسم أسعد رغم عنه لينتبه إلى أميرة التي عادت إليهما تشير برقة إلى جهازها اللوحي فينتبه أسعد باهتمام إلى حديثها الخافت وإشارتها إلى شاشة الجهاز المسطحة فيمأ أسعد برأسه : حسنا ، لقد فهمت ، فقط أريدك أن تنتظري إلى أن أنتهي من تركيبهم جميعا .
ارتفع حاجبي سليم بدهشة ليهتف مازحا : بالله عليك يا أسعد كيف ستفعل ؟ هل ستمشي على الحائط أم ستطير بجناحين ؟
رمقه أسعد بطرف عينه قبل أن يهدر بجدية : لا شأن لك .
أومأ سليم برأسه في طاعة ليشير إليه بطريقة مسرحية يخبره بها أن يفعل ما يريد ليكتم ضحكاته حينما توعده أسعد بعينيه وهو يجدل حبلا غليظا بأخره خطاف ليرميه فيتعلق خطافه بأخر سطح البيت ليقفز أسعد فيتعلق به قبل أن يقفز بطريقة متتاليه فوق الحائط وهو يحرك الحبل بطريقة خاصة ليصبح بمنتصف الحائط فيهتف سليم بمرح : أوبا .
ضحكت أميرة رغم عنها ليهدر أسعد : أصمت يا سليم .
أشار إليه سليم بكفيه مستسمح قبل أن يهتف بهدوء : سأذهب لأرى عمتي فأنا جائع .
هز أسعد راسه بيأس ليهتف في جدية : ليس الآن ، انتظر هنا إلى ان انتهي مم أفعل .
تنهد سليم ليجي بنبرة مفتعلة حزينة : أمرك يا باشا ، التفت إلى اميرة – سنعمل تحت امرتك يا هانم .
توردت أميرة بعفوية لتهمس برقي : العفو يا بك ، بل لكما جزيل الشكر لمساعدتي .
ابتسم سليم مؤثرا الصمت قليلا قبل أن يبدأ في توجيه أسعد ثانية الذى بدأ يتنقل على الحائط بسلاسة من يمشي فوق الأرض !!
***
تحرك بخطوات حازمة كعادته نحو الشاليه الخاص بسكن عائلته والذي من المفترض كان يسكن فيه معهم ولكن بعد وصول قريبة عمه وليد تغيرت الترتيبات المجهزة ليتم جمع الشباب في بناية عبارة عن طابقين مختلفة عن بقية الشاليهات الخاصة ب آل الجمال و بعيدة عن البقية ، وكأنهم يبعدونهم عن الكنز الذي أتى من إيطاليا ، فالفتاة مختلفة عن بناتهم .. منفتحة في تعاملها .. وودودة مع الجميع لذا لابد أن يخاف عليها خالها ، خاصة مع وجود هذا الشاب المسمى بأدهم والذي لديه ميول انحرافيه مبكرة ، ومع وصول سليم القادر على إغواء نصف الفتيات من خلال ابتسامته ، ابتسم ساخرا وهو يفكر أن على عمه أن يخاف من ولديه على الفتاة قبل أي كائن ذكوري آخر فابنة أخته تصرح بإعجابها بعاصم ومنجذبة بشكل أو بآخر لعمار . أطبق فكيه وهو يتمتم داخليا " وهل هناك من فلتت من بين براثن عمار ؟ أمام عمار تتخلى سيدة العقل عن حكمتها و تركض وراء قلبها المدله بحب ابن خالته !!"
نفض رأسه ليدلف إلى الداخل، يبحث عن والدته فهو يريدها أن تعد له فنجان قهوة اشتاق له من أصابعها كما يقول والده ، تناهى إلى مسامعه همهمات خافته آتية من المطبخ المستتر خلف باب مدولب خشبي لا يظهر ما وراءه ، اقترب كثيرا وهو يظن أن من بالداخل أمه أو شقيقته ليتوقف على مقربة من الباب دون أن يدخل فعليا وصوتها يتناهى إلى سمعه المرهف
ازدرد لعابه وحاول أن يحكم الصراع بين قلبه وعقله لصالح الأخير الذي يأمره بالابتعاد ولكن الأول ضعف بشدة حينما استمع إلى نغمات صوتها الخفيض وهي تدندن بإحدى الأغنيات القديمة قليلا ، خاصة أنها اختفت عن بصره منذ ما حدث صباحا وكأنها تعمدت الاختفاء بعيدا تحرك بخفة ليدفع أحد طرفي الباب دفعة خفيفة فيكشف له عما بداخل دون أن تلاحظه ،فتتسع عيناه متأملاً ما تفعله بترقب فيراها وهي تقلب محتويات الوعاء أمامها منغمسة بما تسمعه فلا تشعر بما يدور من حولها
وقفت تراقب القدر أمامها وهي تردد هذه الاغنية التي كانت تشدو بها آسيا صباحا ولاقت استحسانها بل لقد سالتها عن اسمها وبحثت عنها لتستمع إليها مرارا وتكرارا وبكل مرة تشعر بأن كلماتها تصف حالتها معه .. قصتهما سويا .. ترددها بشأنهما والذي حسمته لصالح قلبها . فبعدما حدث صباحا واجهت نفسها أخيرا أنها لن تقوى على الابتعاد .. لن تستطع الهرب .. لن تجرؤ وتلوح بشعار الصداقة بينهما من جديد ، فهو لن يكون صديقها أبداً ، رجفا جفنيها ومخاوفها تتكاثف على عقلها فتنفضه مانعة نفسها من استعادة الذكرى لتتنهد بقوة وتتمايل مع الموسيقى المنبعثة من السماعة الصغيرة المختفية بداخل أذنها فتمنح عقلها راحة وتتوحد مع الموسيقى فتشعر بالكلمات تخرج من عمق روحها .
شعر بجفاف في حلقه حينما بدأت تتمايل بجسدها الغض ، تحرك برقة كتفها المكشوف من بلوزتها القطنية ذات الكتف الساقط وتهز رأسها بميوعة أثارته وخاصة مع عنقها المكشوف وخصلاتها الملمومة فوق رأسها في كعكه فوقيه ، تحركت أمام عينيه لتات بشيء من أحد الأرفف العالية ليكتم تنفسه وعيناه تقع على ساقيها العاريتان إلا من هذا السروال القصير جدا الذي يحدد أعلى فخذيها ، شعر بالغضب يمتلكه فدفع الباب بغلظة وهو يهتف بحدة : السلام عليكم
صرخت وهي تقفز للخلف والاطباق التي تحملها تطير من بين كفيها فيتحرك هو سريعا ليلتقطها بمهارة قبل أن تقع أرضا وتتهشم .
التصقت بالإطار الرخامي من خلفها تحاول أن تهدأ من ضربات قلبها التي تقرع كطبول حرب أنفاسها المتلاحقة بخوف تملكها قبل أن تبدأ تستعيد إدراكها بوجوده حينما وضع هو الأطباق بحدة نوعا ما على الطاولة التي كانت تعمل عليها
تمتمت اسمه بصوت أبح وهي تتحرك بخطوات متعثرة أمام نظراته الصارمة ساعديه المعقودان أمام صدره العريض فتظهر عضلاتهما النافرة بعصبية استشفتها من ملامح وجهه المتجمد ونظرة عيناه الحارقة أخافتها دون أن تفهم سبب غضبه
بللت شفتيها بتوتر داهمها قبل أن تهمس سائلة : ما بالك يا أسعد ؟!
ضيق عينيه ليهدر من بين أسنانه : ماذا ترتدين يا جنى ؟
اعتلت الدهشة ملامحها قبل أن تنظر إلى نفسها بتعجب فتتورد وتتحرك لتختفي خلف الطاولة من الاتجاه الآخر متمتمه : ما بال ملابسي ؟
اتسعت عيناه باستنكار : ألا ترين فيها ما يعيب ؟!
احتقن وجهها لتجيب بخفوت : لا ، لأنها ملابسي البيتية العادية ، لم أكن لأخرج بها .
صاح بحدة : هل تجلسين هكذا في البيت ؟
أجابت بتلقائية : نعم لأني أكون ببيتي لا غرباء هناك .
نظر لها مليا :وهل انت الآن ببيتك ؟!
تلعثمت : الشاليه فارغ فخالتي ليلى أكدت على ذلك حينما طلبت مني الاعتناء بالقدر فلا يحترق ولم تخبرني أنك ستاتي .
تمتم بجدية : من الجيد أنني من أتيت ، هل تستطيعين وصف الأمر إذا كان بدلا مني عادل أو أي من الشباب في الخارج .
شحب وجهها لتجيب بعفوية : لم يكن يحدث شيء مثلما حدث الآن ، وكنت سأغادر او كان سيغادر هو دون أن يحقق معي مثلما تفعل الآن .
هدر بغضب : بعد أن يراك هكذا .
غمغمت بضيق : لم يكن لينظر لي على أي حال ، هم بالصياح ولكنها اتبعت باتزان تمسكت به وهي تتشاغل بم كانت تفعله - ثم لا أعلم إلى الآن ما الذي يغضبك ، أنك أنت من أتيت أو أن أحدهم كان سياتي ، ثم لا أرى فارقا بينك وبينهم يا أسعد غير أنه لا يجرؤ أحدهم على الوقوف ومحاسبتي كما تفعل الآن
أجفل ليردد بجمود : لا تري فارقا بيني وبينهم .
رفعت نظرها له : نعم ، أم هناك سببا يجعلك مختلف ..صمتت لتتبع هامسة وهي تنظر إلى عمق عينيه - لدي .
علت أنفاسه بشكل ملحوظ ليهمس : أنت من يقرر هذا يا جنى ، هل أنا مختلف لديك أم أني كالبقية لا فارق بيني وبينهم عندك.
توترت لتهمهم بخجل وهي تحتي رأسها : لا أستطيع الإقرار بمفردي ، أخاف أن أكون واهمه ، أو يخيل لي .
زفر أنفاسه كاملة ليهمس وهو يدنو منها قليلا : إلى الآن تشككين ، ألا تدركين حقا يا جنة أم تمعنين في إغاظتي ؟!
هزة بسيطة من رأسها نفت حديثه وغمغمت بصوت أبح : أريد تأكيدا .. إثباتا .
خطى اتجاهها خطوة واحدة ليهمس وعيناه تومض ببريق خاطف : لا أستطيع أن أهمس بشيء ليس من حقي ، فقط امنحيني أي شيء وانا سأحول حلمي إلى واقع حي ملموس من حولك .
توردت وأنفاسها تتسارع حاولت الحديث ولكنها لم تستطيع لتخفض بصرها في محاولة أن تتماسك ليقع نظرها على رقائق البسكويت التي كانت تزينها منذ قليل فتحمل أحدهم وتناوله إياها وهي تهمس : لقد صنعتها وزينتها لأجلك كما تفضلها دوما .
ابتسم بطريقة لم يفعلها من قبل فتضيء ملامحه بسعادة غمرته وهو ينظر إلى رقاقة البسكوت بيدها على شكل قلب متوسط الحجم مزين بعجينة السكر الحمراء ومرسوم من فوقه أول حروف اسمه بشكل زخرفي جميل .
قبض على معصمها وجذبها إليه ، فشهقت بخفوت جسدها يتوتر حينما شعرت بسخونة صدره القريب منها ، تكاد أن تسمع دقات قلبه الهادرة رغم انهما لم يتلامسان ، احتضن كفها من الخلف براحته ليجبرها على أن ترفع يدها إليه فيجذب رقاقة البسكوت منها بكفه الآخر ليحنو عنقه بخفة يقبل باطن راحتها ببطء وكأنه يتذوق مسامها بشغف ، همهما برفض واهي فأبعد شفتيه عن جلدها ليجذبها أقرب إليه هامسا بجانب أذنها في خفوت : المرة القادمة زينيه بأول حروف اسمك فاسمك أحب إلى قلبي عن اسمي ، رفع رأسه لينظر إلى عمق عينيها متبعا – أنا أحبك يا جنتي .
***
دلفت إلى الغرفة المظلمة دون بصيص من الضوء ، لتخلع حذائها بتعب قبل ان تتجه لدورة المياه فتنعش نفسها بحمام دافئ أزالت به مجهود النهار بأكمله واراحت طنين عقلها الذي ينبض بوجع من تأثير الشمس التي زرعت بها طوال النهار لتعد الحديقة الخلفية لشاليه أبيها فتصبح مناسبة لحفل الخطبة الذي سيقام بعد قليل .
وقفت أمام المرأة تضع بعضا من الأشياء فتعتني ببشرتها التي توهجت من أثر الشمس ، تعتني بنفسها وتدللها وهي تفكر في النائم بالداخل ولم يستيقظ للان حتى حينما حاولت مهاتفته حتى ينهض فيتناول الغذاء وجدت هاتفه مغلق فآثرت أن تتركه نائما حتى توقظه مرة واحدة قبيل الحفل ليؤكل طعامه ويستعد للحفل أيضا
تحركت للخارج برقة هي من سماتها لتضيء إنارة خفيفة بجانب صوان الملابس فتخرج بعضا من أشيائها التي تريد قبل أن تخلع مئزر الحمام من عليها فتلقه أرضا وتهم بارتداء ملابسها الداخلية لتشهق بخوف وجسدها يرتعد بنفضة مرتعبة حينما قبض على كتفيها بغته ليجذبها نحوه بحزم فتعني بارتباك : أفزعتني يا أحمد
__ماذا تفعلين ؟! سألها بفحيح بارد لامس عنقها فاقشعرت مسامه وهي تجفل بخوف استوطن قلبها الذي شعر بتغيره لتجيب بهدوء حاولت التمسك به : أرتدي ملابسي .
قبض على ما بيدها ليرميه أرضا قبل أن يهمهم إليها وهو ينحني يحملها من أسفل ركبتيها : لا داع له
همست بخفوت حينما وضعها فوق الفراش : سنتأخر يا أحمد
أشرف بجسده فوقها ليهمس بصوت أبح خافت : انتظرتك طويلا وأنت تأخرت ، فلا يهم بعضا من التأخير الآن .
همت بالاعتراض .. الابتعاد .. الرفض ولكنه لم يمنحها الفرصة قبل أن يجتاحها بسيل من أشواقه الهادرة التي أغرقتها فلم تعد تعي زخم مشاعرها التي تفاقمت فتركتها منهكة القوى حائرة الروح التي تركها ساكنة حينما انتهى منها !!
***
يتحرك بخطوات حازمة نحو شاليه الوزير بعد أن هاتفته والدته تطلب منه المجيء على وجه السرعة لتبطئ خطواته رغما عنه وعيناه تلتقط وجودها خارجه من شاليه عائلتها فيتأملها من اخمص قدميها المختفيتين داخل طيات فستانها الواسع بهيئتها المحتشمة فيبتسم رغم عنه ويقترب بجدية منها هاتفا بتحية المساء فتلتفت إليه بابتسامه مرحبة وتشير بكفها الصغير في طفوليه أعجبته ليهتف إليها بمرح : كيف حالك يا جميلة ؟
ابتسمت برقة لتهتف بمرح يماثله : بخير حال يا وسيم .
ارتفعا حاجبيه بتسلية ومضت على ثغره ليضع كفيه في جيبي بنطلونه يحدثها بمرح : اوه شكرا على المجاملة اللطيفة .
نظرت إليه بتعجب لتسأله بجدية : إذًا كنت تجاملني حينما دعوتني بالجميلة .
أجاب سريعا : لا طبعا فأنت بالفعل جميلة .
ابتسمت لتهز كتفيها بلا مبالاة : إذًا أنت الآخر وسيم فأنا لم أكن أجاملك .
ومضت عيناه ببريق سعيد وهو يشعر بروحه تنتشي مرحا وبعض من الغرور يتملكه ليهمس إليها : شكرا لك .
نظرت له بتساؤل : علام ؟!
ابتسامته الجانبية لمعت بقوة ليجيب ببساطة : لأنك ترينني وسيم .
ابتسمت واخفضت جفنيها لتسأله بجدية : إلى أين كنت ذاهب ؟
__ إلى شاليه خالك الوزير .
أجابته بعفوية : إذًا طريقنا واحد ، فأنا ذاهبه إلى هناك .
أشار إليها ان تتقدمه ليهتف بلباقة : إنه من دواعي سروري أن تسيري معي إلى هناك .
ضحكت رغما عنها لتهتف إليه وهي تسير بجواره : ذكرتني بأبي طريقتك تشبهه .
عبس بعدم فهم فاتبعت - قديمة مثله لا تماثل طريقة شباب هذه الأيام .
جمدت ملامحه ليسألها بجدية : وبرأيك أي الطريقتين أفضل ؟
التفتت إليه بتعجب لتهتف باستنكار : هل تمزح معي ؟ لتتبع بمرح - طريقة بابي طبعا ، فبابي لا مثيل له .
ابتسم باتساع : طبعا معك حق الفنان لا شبيه له .
همت بالرد عليه قبل أن تلتقط عيناها وجود الآخر فتهتف بغبطة : سليم .
انتبه إليهما سليم فأشارت إليه بالاقتراب ليستجيب على الفور فيتقدم نحوهما ليقف أمامها يبتسم وعيناه تتراقص بجذل وهو ينظر إليهما قبل أن يهتف بتحية المساء ، يصافح ابن عمته بترحاب يمازحه كعادته : ابن عمتي الطبيب .
فيبتسم عادل ابتسامه لا تصل لعينيه ليجيبه كما اعتادا - ابن خالي المريب .
ضحك سليم رغما عنه ليهتف إليها : ملوكا لوكا كيف حالك يا صغيرة ؟
أجابته بمرح وهي تصافحه : بخير حال والحمد لله
تمسك بيدها فيهزها بحركة لطيفه مازحا : ما هذا القمر الذي أضاء ليلتنا ، ستسرقين الأضواء الليلة من العروس .
غردت ضحكتها المنغمة لتجيبه بمرح : شكرا شكرا اخجلتم تواضعنا هلا تركت يدي ؟
ضحك سليم بمرح : أين هي ؟
انطلقت ضحكتها من جديد : توقف يا سليم .
افلت يدها فتسأله بجدية : هلا أستطيع طلب مساعدتك اليوم ؟
أجاب على الفور : بالطبع أكمل بإنجليزية سليمة - I’m all yours babe .
ابتسمت وعيناها تومض ببريق إعجاب صريح لتجيب بمراوغة : لا أريدك كلك ، أريدك فقط تساعدني في تصوير الحدث الليلة وتخرجه لي .
أشار سليم بكفيه : هذا فقط ما تريدين .
أومأت برأسها : اينعم .
أشار بسبابته أمام عينيه : من هذه قبل هذه ، أنت تؤمرين وأنا أنفذ على الفور .
ضحكت برقة لتمأ بعينيها : وها قد امرت .
أومأ سليم برأسه : حسنا يا صغيرة سأستعد لما تريدين .
تحركت بعد أن أشارت له بيدها كوداع مؤقت لتتوقف قبل أن تبتعد تنظر بمن وقف موضعه لتسأله بضحكة خافتة : ألن تأتي يا عادل ؟
ابتسم عادل لتشتد قتامة عيناه يسألها ساخرا : ات ؟ إلى أين ؟
توترت رغم عنها وهي تنظر لعينيه بنظراتها الحادة لتتمتم : ألن تسير معي لشاليه خالو ؟
رفع رأسه بكبر : لا ، أتبع بهدوء وابتسامة حادة - اكتشفت أن طريقي مختلف .
تصلبت ملامحها لتعود إليه بخطوات حازمة تقف أمامه برأس مرفوع هاتفه : هل فعلت ما أغضبك ؟
هز رأسه نافيا لترمقه مليا قبل أن تبتسم وتهمس له : حسنا تعال معي كما اتفقنا من قبل حتى أن كان طريقك مختلف ستتركني أذهب بمفردي ؟
لانت ملامحه لترتسم شبه ابتسامة على ثغره فتتابع برقة : هل سترفض طلبي ؟
ابتسامة جانبية أخرى شكلت ثغره ليهتف هازئا : وهل أجرؤ؟!
هزت كتفيها لتهتف بعفوية : ما ستفعله الآن سيبين إذا كنت تجرؤ أم لا ؟
أومأ برأسه متفهما ليشير إليها أن تتقدمه : تفضلي يا ابنة الفنان .
ابتسمت باتساع لتسير بجواره لتلتفت برأسها إلى سليم المراقب لما يحدث بابتسامة ماكرة : لا تنس يا سليم .
أومأ سليم برأسه في ابتسامة ودودة ليكتم ضحكة كادت أن تنفلت من بين شفتيه حينما التفت عادل إليه يرمقه بتفحص ليشير إليه بكفه مودعا قبل أن يخطو بعيدا وهو يكتم ضحكاته على ابن عمته الغيور جدا الأكثر شبها بأبيه .
انطفأت ضحكاته وهو يتذكر أبيه الذي وصل منذ قليل فلم يتبادل اية احاديث معه بل اكتفى بهزة من رأسه متخشبة إلى حد ما ليعرج إلى مكان والدته ليقر الصلح بينهما كما يتوقع وكما يحدث دوما .
زفر بقوة لينحي التفكير في أبيه جانبا وهو يشد خطواته نحو شاليه عمته فهو يريد الحديث مع الأخرى المختفية منذ مجيئه ليتوقف وعيناه تتسع بغضب حينما تركزت نظراته على ابن الوزير الواقف قريبا جدا من الصغيرة التي لا تعي إلى الآن انها كبرت !!
***
صفير مرتفع منغم انطلق حينما وقعت عيناه عليها ليهتف بمرح : هل أبيك أتى معكما أم أنتما بمفرديكما ؟
عبثت بعدم فهم ليتابع بمرح - هل تقبلون بي خاطبا يا اسي ؟
نفخت بقوة : لا يا روح قلب حرم معالي الوزير لا نقبل بك لا خاطبا ولا زوجا ، أشارت إليه بكفها في استخفاف - اذهب يا بني لحال سبيلك فطلبة ليس عندنا
وضع كفيه فوق صدره ليهتف بحزن مفتعل : اوه طعنتني بقلبي الصغير يا آسيا .
تنهدت بافتعال موازي : العقبى إلى قلبك الكبير يا عيون آسيا .
أتبعت بمشاكسة : أين قلبك الصغير هذا ؟ كل ما أراه قلب كبير يساع أكثر من دزينة فتيات
هتف بمرح : نعم القلب الكبير للدزينة أما الصغير فهو خاص وسري جدا .
ابتسمت لتسأله بعينيها : حقا ؟
ابتسم بمكر : نعم ومغلق بمفتاح تملكه جميلة بعينين رماديتين .
عبست بعدم فهم وهي تردد حديثه لتعتدل بوقفتها قبل ان تسأله بجدية : من هي يا دومي ؟
همس بسعادة تلألأت بعينيه : ساريها لك الليلة .
اندهشت : أنت لا تمزح .
اجاب على الفور : بالطبع لا إنها هي معنا ، عبيت بتفكير فاتبع - لا تزعجي عقلك دقائق قليلة وسأخبرك .
همت بالحديث ليصح صوت ابن خالها زاعقا باسمها في حدة فليتفتا سويا لسليم الذي اقترب منهما بنظرات غاضبة وملامح جامدة ليمأ لأدهم الذي هز إليه رأسه بتحية عابرة فلا يبالي به قبل أن يلتفت لآسيا حانقا : ماذا تفعلين وأين أيني ؟
رفعت آسيا حاجبيها بتعجب قبل أن تجيب بلا مبالاة : ماما بالداخل تستعد لنذهب سويا للحفل .
أشار إليها برأسه : حسنا اذهبي إليها وأخبريها أني انتظركما لنذهب جميعا .
نظرت إليه بتعجب لتجيب بعفوية : حسنا انتظر قليلا إلى أن أنهي حديثي مع أدهم .
ومضت عينا سليم بغضب أهوج ليلتفت إلى أدهم المندهش من غضب سليم البادي على ملامحه والذي أوشك على الصراخ فعليا ليهتف بلباقة : حسنا يا آسيا سنتحدث لاحقا ، ومضت عيناها برفض ليمأ إليها أدهم بعينيه أن تمتثل ليشير برأسه لسليم ويشد خطواته مبتعدا لتلتفت آسيا إلى سليم مزمجره برفض : هلا افهمتني ما حدث لما تفعله الآن ؟!
برقت عيناه بوميض غاضب ليصيح بوجهها : هلا أنت افهمتني ما الذي لا ترتدينه هذا وما الذي أوقفك مع هذا الوقح المنحل
صاحت بحدة : لا تسبه ، أدهم صديقي ولا يهمني إذ كان هذا يعجبك أم لا .
هدر فيها : سأسبه كيفما أشاء وأنت ستبتعدين عنه رغما عنك ، أتبع وهو يقبض على مرفقها بغضب - ستبتعدين عن أولاد آل الجمال من الأفضل لك يا ابنة عمتي وإلا سيكون لي معك شأن أخر .
اندلعت نيران الغضب بعينيها لتهم بالصياح أمامه قبل أن يهدر صوتا حازما من خلفهما : سليم .
انتفض جسده للخلف ليفلت مرفقها وهو يقف باعتدال لتبتعد آسيا للخلف وخاصة حينما أشار إليها أمير بالاقتراب ليضمها أمير بصدره يقبل جبينها قبل أن يهمهم إليها : اذهبي لوالدتك يا بنيتي
استجابت إلى أمره لها ليقف بصلابة ناظرا للشاب ذو الوجه المكفهر ليرمقه قليلا قبل أن يشير إليه بالاقتراب فيمتثل سليم بشجاعة ليسأله أمير بوضوح : ما بالك يا فتى ؟ وما اعتراضك على أولاد آل الجمال ؟
رمش بعينيه كثيرا ليهم بالحديث ليقتطع أمير بإشارة صغيرة من كفه : لا تراوغني ولا تكتم أي شيء يجول بصدرك عني ، افض لي بم يؤرق روحك يا سليم .
أنفاسه توالت بصراع ماج على ملامحه قبل أن تتصلب ليهمس بصوت مختنق : يا ليتني أستطيع يا عماه .
رقت نظرات أمير إليه ليبتسم بلطف وهو يربت على عضده القريب منه : حصنا هدأ من غضبك وإياك أن تجعله يسيرك فيفقد اتزانك .
ابتسم سليم بتشنج : أنا أحاول على قدر ما أستطيع .
ربت أمير على ساعده بأبوة ليسأله : هلا ساعدت زوج عمتك العجوز في السير لمكان الحفل .
ابتسم سليم وعيناه تلمع بتقدير ليجيب بمرح : أنا العجوز يا عماه ، أما أنت بعز شبابك .
ضحك أمير وهو يتأبط ذراع سليم الذي أتبع : اسم الله عليك يا عماه ، ليغمغم متفكها - حتى لا يصيبك مكروه فتنتقم مني عمتي لأني من أصبتك بالعين
قهقه أمير ضاحكا ليربت على ساعده بكفه الآخر : لا تخف عمتك لن تظن أبداً أنك من أصبتني بالعين فهي تحبك كولديها وحتى إن حدثت معجزة تجعلها تظن بك لن تنتقم منك أبداً فأنت ابن بلال أخيها الوحيد والذي مكانته لديها لا تضاهيها مكانة .
غاما عينا سليم بآسي ليتابع أمير بحكمة : لا تغضب من ابيك يا سليم ، فكل أفعاله ناتجة عن حبه الجم لكم ورغبته في حمايتكم
ابتسم سليم ساخرا : نعم كالدب الذي قتل صاحبه .
ابتسم أمير رغما عنه : نعم هو كالدب ، أتبع بتفكه - قصير قليلا ولكنه كالدب .
قهقه سليم ضاحكا ليضغط أمير بكفه الممسك بساعده عليه في حزم : ولكن هذا يعني أنك تعلم جيدا بمقدار حب أبيك لكم جميعا .
تنهد سليم بقوة : نعم أعلم ،
— إذًا استخدم ما تعلمه عنه للتفاهم معه ولا تتحداه ، مهما حدث هو والدك الذي وجب عليك طاعته في كل شيء ما عدا معصية خالقك عز وجل .
احنى سليم رأسه بتفهم ليتمتم : سأحاول يا عماه .
ابتسم أمير ليحثه بضغطة أخرى : أنت فطن وذكي يا سليم ، لا تدع غضبك يتحكم فيك فيفقدك مواطن قوتك ، ولا تدع غيرتك تتحكم فيك فتفقدك تعقلك ، ما فعلته اليوم مع آسيا لا تكرره مع أيا من الفتيات فهن رقيقات ولن يستجبن بالعنف والصراخ كن حليما لين القول سيستمعن لك ويطيعن ولكن الاجبار لا يأت بأي نتيجة مرجوة معهن .
أومأ سليم براسه متفهما ليغمغم امير : راضي ابنة عمتك دلوعة العائلة ولا تتركها غاضبة منك .
ابتسم سليم : سأفعل يا عماه .
— بارك الله فيك يا بني ، وحفظك ورعاك .
انحنى سليم ليقبل كتف امير : سلمت لنا يا عماه .
ربت امير على رأسه ليهمس اليه : حينما تريد البوح ستجد عمك العجوز ينتظرك .
ضحك سليم بقوة ليقاطع ضحكاته صوت عادل يناديه ليستأذن امير ويتجه لعادل الذي هتف اليه : تعال يا ابن خالي المريب لتصحبني فعمتك تريدني ان اذهب لات بالعروس ورفيقاتها من صالون الزينة .
ارتفع حاجبي سليم بتعجب ليهتف بتساؤل : تأتي بالعروس ؟!
ضحك عادل وهو يشير إليه بالدخول للسيارة : لا طبعا ولكن سناتي بيمنى وجنى وحبيبة التي اتبعتهم لهناك ، فالعروس سيأتي بها العريس ، أتبع وهو يشير برأسه للسيارة التي يقودها عاصم - دكتور أحمد ومازن بالسيارة الأخرى .
أومأ سليم برأسه متفهما : لذا الفتيات مختفيات من العصر .
أدار عادل السيارة ليتبع السيارة الأخرى :اينعم .
ابتسم سليم بمرح : إذا لنأتي بهم ونهدي للعروسين زفة لائقة .
أشار إليه عادل بمرح : هذا هو ابن خالي المريب .
***
يتحرك بخطوات متسارعة يلتفت من حوله كل خطوتين لينظر إلى هاتفه فيرى الطريق عبره ليتأكد أنه يسير على الطريق الصحيح ، قلبه يدق بعنف وعرقه يغرق جبينه وهو يشعر بالخوف يغلف حواسه ، فاليوم وافق قائد المجموعة الجديدة على مقابلته بعد أن فشلت الفتاة التي تنكرت لتعمل معه بالمشفى فأجبروها على السفر ليأتي مكانها شخص جديد للان لا يعرف هويته بل ولا يعلم إذ كان امرأة او رجلا ولكن من الجيد أنه سيراه أخيرا ليعرف مع من يتعامل من جديد .
ضوء سيارة قوي ومض أمام عينيه فيرفع ذراعه أمام عينيه باستياء ويشيح برأسه بعيدا مرغما ليرن هاتفه فيجيب على الفور ليأتيه نفس الصوت الأجش يأمره بتسلط : لا تقترب أكثر من ذلك .
— هلا قللت من اضاءة السيارة فهي تمنعني من الرؤية ؟
أجابه الصوت ساخرا : وفيم تريد رؤيتك .. بصيرتك .. عينيك فأنت تنازلت عن كل شيء قلبك .. عقلك .. روحك ، أنت من بعت كل شيء لنا منحتنا حواسك وأذعنت لنا لنسيرك فلا تعترض الآن
همهم بخضوع : لا أعترض .
صمت عم عليه قليلا قبل أن يهتف الصوت بتسلط : ابتعد عن ابنة الطبيب التي تحوم حولها فكلب حراستها عنيف سيهشمك إذ اقتربت منها ، لا تكرر خطأك مع الطبيبة .
أومأ برأسه وهو ينتفض بخوف ليكمل الصوت : الآن نأتي للأمر الهام ، أترك ما يحدث بالمشفى لنا نحن سنهتم به ، أريدك أن تجمع لي معلومات عن الجراح وعائلته فهم يهموننا كثيرا .
هم بالسؤال ولكنه صمت مذكرا نفسه أنه لا يسأل .. لا يستفسر .. يستمع للأوامر وينفذها
ليهمهم أخيرا : أمرك .
فيجيبه الصوت : أسبوعا واحداً ويكن عندي كل شيء يخصه هو وعائلته ، أتبع أمراً بغلظة - انصرف .
انتفض لينفذ على الفور ليراقبه الآخر بعينين ثاقبتين بلون سماوي زجاجي لينتبه من شروده على كفها الذي حطت فرق كتفه : أين ذهبت ؟
تمتم بامتعاض : أخبرتك من قبل أن تتوقفي عن الميوعة ونحن نعمل ، وقت العمل للعمل يا سيرين ووقت المرح نمرح به كما نشاء . ليتبع ساخرا - ولكن من الواضح أن أصولك العربية تؤثر عليك .
زمت شفتيها بضيق لتغمغم : من يستمع إليك يظن أنك لا تمتلك أصولا مثلها .
شهقت بألم حينما قبض بكفه على خصلات شعرها الخلفية بقوة فيجبرها على أن تحتي رأسها هامسا بفحيح : إياك أن تنطقينها ثانية أو تساويني بك ، أسمعت .
تمتمت بصوت ضعيف وهي تتماسك حتى لا تتأوه ليفلتها بغلظه يدفعها بعنف للوراء ليتابع بعنف : أنا لا انتمى إليكم .
تمتمت سريعا : حسنا آسفة لا تغضب .
انتفض فكه بغضب لتتابع : سأعتذر منك على طريقتي حينما يأتي وقت المرح ولكن هلا أخبرتني الآن لما تريد المعلومات عن الجراح ؟
تشنجت ملامحه قليلا قبل أن تسترخي لتونس عيناه ببريق ماكر هاتفا : لدي ثأر قديم أريد أن أخلصه منه ومن عائلته ولدي حدس إذ أصاب ستكون جائزة اليانصيب الكبرى .
عبست باهتمام : وما هو ؟!
ابتسم مكشرا عن أنيابه : كل شيء بوقته حلو ، وعملنا يقوم على الصبر فقط تصبري تنالين ما تريدينه وأكثر .
نظرت إليه بعدم فهم فاكمل مغمغما بغبطة : عائلة الجراح كنز كبير سأكون أكثر من سعيد وأنا اقضي عليهم بالتتابع .
اتسعت عيناها بصدمة : كلهم ؟!
أومأ برأسه ايجابا فتمتمت : ولكن الجهاز !!
أجاب سريعا : لا يهم ، القضاء عليهم أهم من أي جهاز .
همت بالحديث ليقاطعها بإشارة حازمة : دعي كل شيء لوقته والآن تعال لنمرح قليلا .
اتسعت ابتسامتها ليبتسم بدورة ابتسامة محملة بنفس كريهة وشر مطلق لمع بعينيه الزجاجية ذات النظرة الخالية من المشاعر .

انتهى الفصل ال23
قراءة ممتعة


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-09-20, 07:08 PM   #232

هبه احمد مودي

? العضوٌ??? » 387744
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 202
?  نُقآطِيْ » هبه احمد مودي is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك يا سولا
الفصل تحفة كالعادة ⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩🥰🥰🥰😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍🥰⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️ ⁩


هبه احمد مودي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-09-20, 08:53 PM   #233

ديناعواد

? العضوٌ??? » 412620
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,188
?  نُقآطِيْ » ديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل تحفة هو بيكلم على عادل ابن امير

ديناعواد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-09-20, 02:57 AM   #234

جميله سعيد

? العضوٌ??? » 424095
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 163
?  نُقآطِيْ » جميله سعيد is on a distinguished road
افتراضي

حبيبتى سولى شكرا لاهتمامك و شعورك بغيابى
انا كنت فى مصيف بس اول ما جيت قريت كل اللى فايتنى بالرغم من تعبى الشديد و كالعاده متألقة و مميزة
هو ارون ده طلع لسه عايش دى مفاجأة و تطورات جامده جدا فى الأحداث الجايه
طبعا سعيدة جدا بتطور الأمور ووضوح المشاعر بين اسعد و جنى و بين نوران و عاصم عقبال رضا يمنى على عمار
بدايه قصة ملك و عادل شدانى جدا
من الشخصيات الغامضة اللى مش قادرة احدد هو بيحب مين سليم طبعا هل بيحب يمنى و اللا اسيا
و الدونجوان ابن الوزير المحير جدا بحسه مش صادق فى حبه لمريم من كتر ما هو متلاعب
و هل حيبقى فى قصة بين سهيلة و نادر
فضولى حيموتنى ⁦♥️⁩⁦♥️⁩⁦♥️⁩


جميله سعيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-09-20, 05:43 PM   #235

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هبه احمد مودي مشاهدة المشاركة
تسلم ايدك يا سولا
الفصل تحفة كالعادة ❤❤❤🥰🥰🥰😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍🥰❤❤❤❤❤


الله يسلمك يا هوبا
تسلمي لي يا قلبي
حبيبتي
مبسوطة انه عجبك
منوراني ❤❤


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-09-20, 05:44 PM   #236

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ديناعواد مشاهدة المشاركة
الفصل تحفة هو بيكلم على عادل ابن امير


حبيبتي مبسوطة اوي اوي
ان الفصل عجبك
هيبان اكتر في الفصول القادمة
منوراني ❤❤


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-09-20, 05:46 PM   #237

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جميله سعيد مشاهدة المشاركة
حبيبتى سولى شكرا لاهتمامك و شعورك بغيابى
انا كنت فى مصيف بس اول ما جيت قريت كل اللى فايتنى بالرغم من تعبى الشديد و كالعاده متألقة و مميزة
هو ارون ده طلع لسه عايش دى مفاجأة و تطورات جامده جدا فى الأحداث الجايه
طبعا سعيدة جدا بتطور الأمور ووضوح المشاعر بين اسعد و جنى و بين نوران و عاصم عقبال رضا يمنى على عمار
بدايه قصة ملك و عادل شدانى جدا
من الشخصيات الغامضة اللى مش قادرة احدد هو بيحب مين سليم طبعا هل بيحب يمنى و اللا اسيا
و الدونجوان ابن الوزير المحير جدا بحسه مش صادق فى حبه لمريم من كتر ما هو متلاعب
و هل حيبقى فى قصة بين سهيلة و نادر
فضولى حيموتنى ♥♥♥


يا هلا يا جيجي
الف حمد لله على سلامتك يا قلبي
يارب تكوني بخير وصحة وسلامة
مبسوطة ان الفصول اللي فاتت عجبتك
وعقبال اللي جاي باذن الله
لا ارون مش عايش
خالد موته لو تفتكري
الف بعد الشر عليكي من الفضول
متقلقيش كل شيء هينكشف ويبان
مستنياكي دائما ❤❤


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-09-20, 05:51 PM   #238

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الخير يا حبيبات متابعين رواية حبيبتي
يارب تكونوا بخير
موعدنا الان مع ختام فصول الساحل
وهو الفصل ال24
الفصل طويل
واحداثه كتير
ركزوا جيدا اثناء القراءة
ومنتظرة ارائكم وتعليقاتكم وكومنتاتكم
انجوي


الفصل الرابع والعشرون

يقف بجوار السيارة مع عمه ينتظر خروج العروس يبتسم رغم عنه و هو يستمع إلى تبرم عمه من فكرة صالون الزينة التي كانت السبب فيها حرم معالي الوزير و التي أصرت أن تصحب العروس معها إلى هنا.
زفر عمه بضيق: لا أفهم ما الفائدة ، لميا أخبرتني أنها لن تفعل أي شيء من أشياء النساء، كتم ضحكته و خاصة حينما اتبع عمه - و لكن لابد لحرم الوزير أن تعذبنا معها ، ألا يكفي ما يفعله زوجها و استبداده برأيه ، لتكن هي أشد استبداداً منه.
آثر الصمت ليكمل أحمد مزمجراً : صدق من قال " لا يفل الحديد إلا الحديد"
انطلقت ضحكته رغما عنه ليقترب من عمه مربتاً على كتفه بعد أن ضمه بذراعه من فوق كتفيه : لا تغضب و لا تستاء يا عماه ، ففاطمة كل ما يهمها أن تفرح ميس لمياء و تشعرها بأنها عروس بالفعل و أنها ليست وحيدة.
أجاب أحمد بضيق : أعلم ، و لكن هل أنا صغير لأقف منتظراً هكذا؟!
تنهد عاصم بقوة : ألا يهمك أن تسعد عروسك يا عماه؟!
أجاب على الفور : بالطبع يهمني و لكن عروسي نفسها لم تأتي بناءً على رغبتها، بل زوجة عمك من أجبرتها على المجيء.
رمقه عاصم بطرف عينه : إذاًأنت غاضب من فاطمة ، أومأ أحمد برأسه ليتبع عاصم بابتسامة واسعة - يا عماه و هل تقوى على الغضب من تامي؟!
لانت ملامح أحمد ليبتسم رغم عنه قبل أن يجيب بخفة :لا طبعاً ، و هي تعلم ذلك ، تدرك جيداً أننا لا نجرؤ على الغضب منها لذا تتدلل كما تريد و تفعل ما تشاء. ضحك عاصم ليتابع أحمد بمكر - ابنتها تشبهها ،تخطأ و تتدلل و تعلم أنها محمية من الكبير .
نظر عاصم لعمه بتساؤل لامبالي مفتعل : أيهما ؟!
لكزه أحمد في جنبه ليهمس ضحكا : من تقف تنتظرها إلى جواري يا ابن وليد.
ابتسم عاصم رغماً عنه و اخفض بصره خجلاً ليتابع أحمد بجدية - أجبر عمك يا عاصم ، فوائل لن يستجب بالمراضاة ، وائل حله الآمن هو الإجبار ، فهو لا يقو على الاستغناء عن بناته .
تنهد أحمد بقوة : و صدقاً معه حق ، فأنا الأكثر اتزاناً بين ثلاثتنا شعرت اليوم بأني سأفقد ابنتي إذا منحتها لمن أرضاه لها زوجاً .
سأل عاصم بجدية : إذاًأنت تقبل بأسعد يا عماه؟!
أجاب أحمد : بالطبع يا فتى ، و هل هناك من يماثل الفارس ابن الأمير ، و لكن ليس هذا السبب الوحيد لموافقتي عليه السبب الرئيسي أني أرحب بأسعد لأنه الوحيد الذي يقوى على منح جنى الامان، يقوى على تبديد خوفها .. تقليص رعبها .. و احتواء توترها ، تنفس أحمد بعمق وتابع - لذا سأكون مطمئن على ابنتي معه ولكن الفتيات يصعب فراقهن يا عاصم.
تلألأت عيناه بشجن : انهن روح الحياة وجمالها ودونهن تفقد رونقها ، ابتسم بمرح واتبع - تعود حياتك إلىالأبيض والأسود فلا تجد من تلونها لك .
ابتسم عاصم بتقدير ليهتف بمشاغبة تعمدها : ستاتي من تلونها من جديد يا عماه بعد أن تترك جنى ، واترك الفتاة لابن خالتي المسكين الذي قارب على فقدان عقله بسبب ابنتك .
عبس أحمد : تأدب يا ولد .
تبرم عاصم بمرح : ما بالكم كلما تحدثت إلى أحدكم تخبروني أن أتأدب ؟!
ضحك أحمد : لأن زمامك فلت ، تأثير المدللة عليك فتاك يا عاصم .
قهقه عاصم بقوة ليعض شفته السفلية بلطف قبل أن ينطق بمشاكسة : آه يا عماه إنها كلها فتاكة ليس تأثيرها فقط .
تعالت ضحكات أحمد لينظر الى السماء هاتفاً : أين سيادة الوزير ليسمعك فيعلقك من أذنيك؟!
رفع عاصم حاجبه بإعتداد : لا يقو على فعلها يا عماه ، وليس عاصم الجمال من يُعلق من أذنيه ، ومضت نظرات أحمد بمكر ليتابع عاصم بجدية - سأختطفها إذا اقتضي الأمر ولكني امنح لي ولها فرصة لنتقارب دون حصار أخيك العزيز والذي سيفرضه علينا حينما يُعلِن ارتباطنا الرسمي .
ابتسم أحمد وهز رأسه بإيجاب وعيناه تومض بإعجاب ليهتف بجدية : أتعلم يا عاصم ؟! انتبه إليه عاصم باهتمام ليكمل أحمد - أنت لا تشبه عمك ، بل أنت الأكثر شبهاً بجدك رحمة الله عليه ، وائل كان عنيد .. جامح .. متغطرس ، كان حينما يغضب يبطش بغضب أهوج وهذا كان الاختلاف بينه وبين بابا ، وكان سبب الخلاف أيضاً بينهما .
اتبع أحمد وهو يرمقه بطرف عينه : أما أنت ، فتحمل اتزان جدك ورزانته وحينما تغضب تتأني قبل أن تأخذ حقك .
اسبل عاصم عينيه ليبتسم مؤثرا الصمت وهو يخفي ما لا يريد عمه أن يقرأه بحدقتيه ليهمهم إليهساخراً : التأني لا يمنعك عن البطش يا عماه .
إلتفتأحمدإليه بتساؤل صادم لمع بعينيه لتتسع ابتسامة عاصم هاتفاً وهو يشير برأسهإلى عمه : عروسك يا عماه.
ارتدت رأسأحمد بسرعة لتعتلي الدهشة ملامحه وعيناه تقع عليها تشع ببهاء قوي أثقلأنفاسه بفستانها الوردي يشع بلمعان كريستالي انيق .. طويل .. محتشم، وشاح رأسها الملفوف حول وجهها بطريقة عاديه ولكن لونه العاجي بلمعة خفيفة أظهر فتنة ملامحها المزينة بزينة هادئة أضفت ألقاً خاصا على ملامحها المنمقة ، ليهمس بخفوت : بسم الله ما شاء الله .
همس عاصم بجوار أذنه : العالم أصبح وردي يا عماه
ابتسم أحمد رغم عنه ليهتف بعبوس افتعله : تأدب يا ولد .
ضحك عاصم ليتابع أحمد بخفوت حينما طلت ابنة أخيه من باب صالون الزينة : الوردي أفضل من الأحمر الذي سيجعلك تركض وراءه هنا وهناك كالثور الهائج .
ضحك بخفه ليكمل مشاكساً قبل أن يتحرك نحو لمياء : وائل سيقيدك اليوم في الكرسي بجواره .
اخفضت بصرها ، وتورد وجهها بلون احمر قاني ظهر بقوة رغم زينة وجهها المتقنة لترتجف روحه تأثراً بفتنتها الخاصة ، جف حلقه واقترب مغيباً نحوها فيلتقط توتر جسدها بفطنة ليرق قلبه نحوها بحنان دفع الابتسام إلىشفتيه ، وقف أمامها لتخفض رأسها بتعمد والخجل يعتلي هامتها فهمس بخفوت : مبارك علي موافقتك يا لميا .
ابتسمت برقة لتهمهم بتلعثم وصوت خرج خافتاً : بارك الله فيك .
آثر الصمت قليلاً قبل أنيسألها بجدية مقدراً خجلها : هيا بنا .
أومأتبرأسها لتتوقف بعد أن همت بالحركة لتسأله بجدية : حور ؟!
ابتسم بحنو : لا تخافي عليها تركتها في عهدة إيمان تهتم بها ، اتبع وهو يقترب بجانبها خطوة واحدة فأصبحأقرب لها ليهمس بجوار أذنها – لقد اوصتني بشيء لكني متردد بفعله.
عبست بعدم فهم لترفع عينيها لأول مرة باستفهام لتثقل أنفاسه وترتجف حدقتيه ، تتعلق بحدقتيها بلونهما الفريد مزينة بكحل أسود يحدد جفنيها فيزيد من براءة نظراتها ويضفي ألقاًخاصاً على حدقتيها العسلية ممتزجة بأخضر رقراق فتنتفض نفسه باستجابة نحوها وهو يشعر بوطأة جمالها على روحه ليهمهم بعفوية : تبارك الخلاق فيم خلق .
اخفضت بصرها على الفور ووجنتيها تحتقنان بالأحمر القاني ليدنو منها بلطف هامساً : داداه حور اوصتني أنأقبل جبينك حينما أراك و أبارك لك بالنيابة عنها ولكني سأفعل بعد أنأضع خاتمي ببنصرك .
همهمت بإسمه في رجاء وخجلها يحضر بينهما بقوة ليلامس كفها بلباقة : هيا بنا
هما بالحركة ليصيح مازن الذي خرج من خلف أبيه : انتظر يا بابا .
وقف مازن ينظر لهما بعينين متسعتين بحبور ، سعادته تتجلى فوق ملامحه قبل أن يقترب دون تردد ينحني عليها يضم كفها الآخر بين كفيه ليرفعها نحو شفتيه يقبلها برقة : مبارك يا استاذتي ، رتبت على وجنته بلطف لتجيبه بخجل ليغمز إليها متعمداً مشاكستها – فقط لعقد القران حينها سأضمك كما أريد .
ابتسمت وهي تخفض رأسها ليزجره والده بمشاكسة : انصرف يا ولد .
هتف مازن بمرح وهو يرقص حاجبيه بمشاغبة : أبداً ، أنا عزولك اليوم لقد أتيت لأزفكما بنفسي ، وقف بجوارها من الإتجاهالآخر ليمد إليها مرفقه – هيا يا لوما واتركي هذا العجوز بمفرده .
ضحكت بخفة و أحمد يدفعه بعيداً : اذهب يا ولد ، سنرضى بك سائقاً ، أكثر من هذا لن تكون.
أومأ برأسه موافقاً : حسناً ولكن تذكر وجودي .
اختنقت خجلاً لتهمهم بإسمه في عتاب ليبتسم إليها مازن بمودة قبل أنيمأبرأسه : حسناً سأصمت لأجل خاطرك .
***
رجفا جفنيه وظهورها يستولي على إدراكه فلا يقو على الاستماع إلى بقية حديث عمه بل انفصل عن عالمه وحدقتيه تتعلقان بها من اخمص قدميها المزينة بحذاء ذو كعب رفيع عال لونه أحمر قاتم ، ساقيها لامعتان بلونهما البرونزي المضيء ، فستانها الحريري بطيات واسعة ملتفة حول بعضها كبتلات زهرة ندية بلونه الأحمر الناري يصل لمنتصف ركبتيها ، رفع عينيه لينظر لجزء الفستان العلوي بلون أسود داكن مخالف لتنورته النارية ، متلألأ بلون فضي مطرز بكريستالات حمراء تتناثر من فوقه فتمنحه وهجاًلامعاًخاطفاً للأبصار، بصدر مربع مكشوف وكمين قصيرين يحددان أول كتفيها . نبض قلبه فنفرت عروقه وهو ينظر لرقبتها الطويلة الخالية من الزينة سوى حلق طويل فضي يستريح آخره بدلال على كتفيها ، خصلاتها معقودة في تسريحة راقيه أضفت عليها تألقا ومنحت لملامح وجهها الفرصة لتتألق بوضوح بزينتها الكثيفة حول عينيها وتفاصيل وجهها المرسوم بريشة فنان عبقري أزادها فتنه ليتمتم بصوت أبح : وهل تنقصها فتنة ؟! اتبع لنفسه مردداً - اثبت يا ابن الجمال فالهجوم تلك المرة كاسحاً وفضيحتك ستكون مدوية إذا أخفقت اليوم .
صوت عمه الذي عاد بعروسه صدح بجانب أذنه : اخفض عينيك يا ولد .
ابتسم بخجل ليخفض عينيه بحرج متمتماً بخفوت : أناأحاول يا عماه .
لكزه أحمد بلطف في كتفه لينتبه عاصم إلى لميا التي تنظر أليهما بتعجب فيبتسم إليها عاصم بلباقة : مبارك يا هانم .
اتسعت ابتسامتها : بارك الله فيك يا باشمهندس ، العقبى إليك .
تمتم سريعاً بمرح : يا رب .
ضحك أحمد بقوة ليفتح الباب إلى لمياء ، يساعدها على الركوب بالسيارة قبل أن يتقدم مازن نحوه : لو سمحت يا عاصم عد أنت بسيارة عمو وائل التي أتت بها نوران واتركني أقود سيارتك المزينة ، اريد ان أزف أبي .
هتف عاصم : غال والطلب رخيص يا مازن ، منحه المفاتيح بأريحيه ليتجه نحوها بخطوات ثابته بعد ان منحته ايماءة رقيقة من رأسها وتحركت نحو سيارة والدها ليقف أمامها بعينين لامعة هامساً بصوت أجش : اليوم اكتشفت كم امقت اللون الأحمر ؟!
شحبت ملامحها وعيناها تسكنها الخيبة ليتابع وهو يقترب منها أكثر : نعم أنا أكرهه .. لا أطيقه ، بل وأغار منه أيضاً .
شبه ابتسامه لمعت فوق ثغرها المزين بلون احمر قاني لتزفر ببطء ، تسأله بتحدي : لماذا؟!
دنى منها خطوة أخرى : لأنك منحته الفرصة التي لم احصل عليها .
تحركت رأسها بخجل اعتراها فأخفضت رأسها لتهمهم بصوت أبح : احترم نفسك يا عاصم .
لعق شفتيه رغما عنه ليكز على السفلى فيهما : كم أتوق لان أخذ فرصتي .
هتفت بصوت مختنق خجلاً : عاصم .
رفع يده ليلامس طرف كتفها بأنامله في حركة دائرية : عيون عاصم ونورها ، اؤمريني .
تمتمت وهي تتحاشى النظر إليه تحاول أن تتخلص من ملامسته لها : توقف .
مرر ظهر سبابته على طول ذراعها ليلامس كفها برقة هامساً بتسلية : احلفي .
ضحكت رغم عنها لتقبض على إصبعه بكفها ، وتهمس بدلال : نعم .
ابتسم بتسلية ليقبض ببقية كفه على كفها ليجذبها إليه يقربها أكثرهامساً بصدق : اشتقت إليك .
رمشت بعينيها لتهمس بخفوت : وأنا أيضاً ، نظر إليها يحثها على التكملة فتهمهم - اشتقت إليك .
ثقلت انفاسه ليغمغم بصوت مشحون : حقاً ؟!
أومأت برأسها وعيناها تتعلق بنظراته التي توهجت بشغف ليتابع بخفوت شديد وهو يقترب أكثر منها إلى ان أنالتصقت بجسد سيارة والدها من خلفها : هل أستطيع أن أتمادى هذه المرة؟!
اختنقت خجلاً لتهز رأسها نافيه فيقبض كفه الآخر على خصرها يقربها منه .. يلصقها بجسده .. يثبتها أمامه ، فيحنو عنقه محاولا الوصول لشفتيها مهمهماً : هل أحمر شفاهك بمذاق الكرز ؟! أم كرز شفتيك لا ينقصه نكهة تزيده جمالاً ؟!
أبعدت وجهها عنه وهمت بالرفض الذي لا يسطع بعينيها ليأتيه صوتاًحاداًحازماً من خلفه : ماذا تفعل يا عاصم ؟! ألا تدرك أنك بقارعة الطريق ؟!
تصلب جسده ليفلتها مرغماً قبل أن يستدير على عقبيه ، ينظر إلى فاطمة العابسة بغضب تتابع بصوت قوي : سأشكوك لوليد وياسمين هذه المرة ، وها أنا اخبرك ألا تتحرش بابنتي ثانيةًأبداً .
ارتفع حاجبيه بتعجب : أنا اتحرش بنور ؟! اتبع بثقة وبسمة خافتة تزين شفتيه - لا أحد يتحرش بزوجته يا زوجة عمي
ابتسمت رغم عنها لتهتف بثبات : حينما تصبح زوجتك لتفعل ما تريد ولكن للآن أبيها لم يمنحك موافقته .
هز كتفه بلا مبالاة : لا احتاجها بالمناسبة فيكفي موافقة ابنتك ، فنور تمت الواحد وعشرون من ثلاث سنوات وتستطيع تزويج نفسها .
عبست فاطمة باستنكار : حقاً يا عاصم ؟!
رمقها قليلاً قبل أن يتنهد بقوة : لا ، عن نفسي لابد أن يوافق عمي ولكنه هو من يتعنت معي يا فاطمة ، اقنعيه بالموافقة ، تابع مطمئناً حينما نظرت إليه بلوم - لا تخافي عليها مني ، فنور آمنة بجواري يا زوجة عمي .
تنهدت بقوة لتقترب منه تربت على كتفه قبل أن تهتف باستياء : الخطأ ليس منك بمفردك بل من ابنتي أيضاً التي تسمح لك بالتجاوز معها .
التفت إلى نوران التي همهمت بتبرم : لقد دفعته بعيداً وأخبرته برفضي أكثر من مرة ها هو أمامك إسأليه .
هتف بمرح وهو لا ينظر نحوها : كاذبه ، التفتت فاطمة لابنتها متوعدة بينما شهقت نوران بحدة ليكتم ضحكته متابعاً بجدية - إنها تصرح بما ليس برغبتها يا تامي .
اتبع وهو يقترب من نوران عيناه تومض بمكر : تهمس بتوقف وعيناها تصرح برغبتي في الإستمرار .
ضحك بقوة حينما دفعته فاطمه بعيداً عن ابنتها لتقف بالمنتصف بينهما : تأدب يا ولد ، لتتابع وهي تحاول أنتقرص ساعده فلا تقو عليه بينما يراوغها باستمتاع : أيها الوقح ، سأشكوك لعمك.
انتفض بجدية ليكتم ضحكاته : لا يا تامي أرجوك ، أناأمزح معك ، لا تدخلي عمي بالأمر .
اشارت له فاطمة بحزم : ستبتعد عن نوران أسمعت ؟!
زفر بقوة ليهمهم بطفولية تعمدها : أصبحت قاسية يا طمطم ، أشاحت برأسها ولم تجبه لتلتفت إلى ابنتها مزمجره بغضب - وأنت لا تدعيه يقترب منك والا سأخبر أبيك .
حركت نوران رأسها بدلال : لا اريد قربه من الأساس .
ارتفع حاجبيه لتومض نظراته بتسليه : هكذا ؟! هزت رأسها إيجاباً ليتابع - حسناً على راحتك يا نوران هانم .
فتح باب المقعد الأمامي لتدلف فاطمة فيغلق الباب خلفها ليشير برأسهإليها فابتسمت لتتحرك للخلف قليلاً حتى تمنحه فرصة فتح باب المقعد الخلفي لها ليهمس بجوار أذنها حينما مرت بجواره : اعترفي بأنك كاذبة وأنك تتوقين لي مثلما أفعل نحوك ، ابتسمت واخفضت رأسها بخجل ليتابع بهمس مشتعل الانفاس - سيأتي اليوم الذي أعلمفيه مذاق أحمر شفاهك هذا .
صدح صوت فاطمة من الداخل تصيح باسم ابنتها في غضب جاد ليغمغم إليهابإستياء وهو يلوي شفتيه : من الواضح أن سيادة الوزير عمم ثقافته على الجميع
كتمت ضحكتها لتدلف إلى السيارة فيغلق خلفها ليستمع إلى فاطمة التي هدرت بابنتها : احترمي نفسك يا نوران ، لن أكررها لك .
مطت نوران شفتيها بإستياء لتعقد ساعديها أمام صدرها بغضب طفولي اعتلى وجهها ليكتم ضحكته وهو يجلس أمام المقود ، يعدل من جلسته قبل أنيبدأ في تعديل مرآة السيارة الامامية ليبتسم إليها من خلالها فتنفرج ملامحها بابتسامة عذبه ازانت عينيها التي ومضت ببريق زيتوني أثار دقات قلبه فهلل صاخباً باتصالهما البصري والذي قطعه صوت فاطمة الحاد الذي هتفت بحدة : ألن نتحرك من هنا ؟! اتبعت وهي تدفع عاصم في كتفه بجدية آمره – انظرأمامك يا ابن وليد وانتبه إلى الطريق حتى لا ينقلب حفل خطبة عمك الى عزاء يرثوننا فيه .
ابتسم رغم عنه واخفض عينيه ليدير السيارة في حين التفت فاطمة إلى ابنتها ترمقها بتوعد تهمهم إليها من بين أسنانها : تأدبي يا ابنة الوزير .
عبست نوران لتمط شفتيها بدلال طفولي قبل أن تغمغم : لم افعل شيء .
تراقصت حدقتيه بتسليه وهو ينظر إليها من خلال المرآة لتزعق فاطمة هذه المرة : احترم وجودي يا عاصم .
تنهد عاصم بقوة قبل أن يمسك كفها يرفعه لشفتيه مقبلاًإياه بلباقة : لا تغضبي يا تامي ، سماحاً هذه المرة ولأجل عيناك لن افعل ما يضايقك إلىأن اوصلكما بإذن الله .
أومأت فاطمة بعينيها ليكتم زفرة حارة كادت أن تخرج من بين شفتيه حينما تلاقت اعينهما من خلال المرآة ليجبر نفسه على النظر أمامه ، مانعاً روحه التي تهفو إليها .. متحكماً في نظره ألا يحيد إليها .. مكرراً على قلبه أنيهدأ من صخبه حتى يصلوا سالمين .
***
تحركت بخفة للخارج بعد اتصال أخيها الذي أخبرها فيه أنهم ينتظرونها لتعود معهم فلا يصح أن تترك السيارة التي تنقل العروسين وتعود مع عاصم الذي عاد بعائلة عمها ، او مع عادل الذي عاد بفتيات عائلته ، زفرت وهي تشعر بضيق ينتابها لأنه لم يأت مع شقيقه ، فهي داعبتها أمنيةأنه يكون أول من يقع بصره عليها ، لقد اهتمت للغاية بزينتها .. ملابسها .. هيئتها .. شكلها لأجله، ارتجفت وقلبها يستعيد اعترافه السخي الذي غمر حواسها به لتتذكر اتساع عينيها بتساؤل أجابه بإيماءة من عينيه قبل أن يتركها هائمه وينصرف برأسه مرفوع بشموخ وابتسامة متألقة تزين ثغره لتشعر بعدها بعدم اتزان ظل متمسكاً بها فترة طويلة حاولت فيها أن تسيطر على قلبها الذي يدق بصخب ، ابتسامتها البلهاء التي رُسمت على ثغرها .. وتورد وجنتيها الذي ظل مصاحبا لها إلىأن غمرها الضيق فجأة حينما علمت أنه لن يأتي بل سينتظرهم هناك لأجل أمر خاص بالإضاءة يجب عليه إصلاحهأو تركيبه لا تعلم بالضبط .
تهدلا كتفيها بإحباط وهي تخرج من باب صالون الزينة ، تقف تبحث عن سيارة عاصم التي تنتظرها فيها عائلتها ليرن هاتفها فتعبس بضيق قبل أن تخرجه من حقيبتها ، تهلل وجهها بسعادة وهي تنظر لصورته التي تضيء شاشة الهاتف لتستقبل الاتصال الذي لم تكتشف أنه مرئي إلا حينما رأت وجهه المبتسم أمامها ، عيناه اللامعتان يلتهمانها بشغف فتتورد بعفوية لتخفض بصرها عنه ليأتيها صوته جاداً حازماً : ارفعي بصرك إلي يا جنى.
استجابت إليه مرغمه لتثقل أنفاسه بشكل ملحوظ مهمهما بخفوت : كيف اقوى على اخفاءك عن العالم وأنت بهذا الحسن والجمال ؟! احتقن وجهها بقوة ليكمل بصوت اجش - أحببتأنأكونأول من يراك والآنأشعربأني لا أريدأحداًآخرا ينظر لك غيري .
تمتمت بإسمه في حياء ليضحك بخفة هاتفاً : حسناً سأصمت ، أراكقريباًجداً يا جنتي وحينها سأخبرك بكل ما اريده مباشراً .
تمتمت بكلمات غير مفهومة وهي تشعر بخديها يحترقان خجلا لتغلق الاتصال بروح هائمة في ملكوت عشقه ..عيناها غائمة بحبها له .. وقلبها الذي يقفز كطفل صغير سعيد ليلة العيد، خطت بخطوات متعثرة نحو السيارة لتدلف إليها وابتسامة واسعة مرسومة على شفتيها ليعبس مازن بعدم فهم هاتفاً : أنت بخير يا جانو ؟!
ضحكت برقة : نعم بخير .
تلاقت عيناها بعيني أبيها الغاضب منها منذ الصباح والذي عاتبها بشدة على ما فعلته فأقرت بخطئها واعتذرت منه ولكنه لازال غاضباً على ما يبدو ، لتتابع بصوت ابح تستسمحه بنظرات راجية : فقط أبي يرضى عني وأناسأكون بخير وأفضل حال .
رقت ملامح أحمد ليتنهد بقوة قبل أن يربت على كتفها بحنو : أنا راضي عنك دوماً يا ابنتي .
ابتسمت بفرحة حقيقية طلت من عينيها لتهتف بسعادة : مبارك يا بابا ، إلتفتتإلى لمياء لتتابع – مبارك يا لميا .
إلتفتت تنظر إلى الامام وروحها تختلج بمشاعرها القوية : مبارك علينا جميعاً .
عبس مازن بعدم فهم ليبتسم أحمد رغم عنه لتنظر إليه لميا بتساؤل فيشير إليها بعينيه قبل ان يهمس بخفوت جانب أذنها : سأخبرك ونحن بمفردنا .
__ بابا ، صدح صوت مازن بقوة ليرفع أحمدرأسهإليه بعدم فهم فيتابع مازن بمرح – لا تقترب منها من فضلك أناأغار .
ضحكت لميا برقة وأحمد يزمجر بسبه خافتة لتعبس جنى إليه قبل أن تهتف بجدية : اتركهما على راحتهما يا ولد ، أنظرأمامك ولا تتدخل فيم لا يعنيك .
أومأ مازن بمرح : حسنا بم أن الكبيرة أمرت سأنفذ على الفور .
***
__ أينأنت يا عادل ؟!
صاحت بنزق وهي تنظر من حولها تبحث عن السيارة ليهتف عادل بجدية : المعذرة يا موني لم استطع الحضور بعد ان تحركنا هاتفني عمر وطلب مني العودة لأجل أن هناك شيء بالإضاءة يجب إعادة ضبطه .
عبست بعدم فهم : وما لك أنت بالإضاءة ؟!
نفخ عادل بقوة : لا شأن لي ولكن ابن خالنا المريب له كل الشأن .
همت بالحديث ليصدح صوت سليم بجواره : اعتذر منها لأني السبب في عدم ذهابك إليها .
_ لا عليه . اجابت يمنى بسرعة ليرمقه عادل قليلاً قبل أن يهتف بسماجة - استمعت لك .
شاكسه سليم بوجهه ليهز عادل رأسه باستياء لينتبه على يمنى التي سألت بضيق : إذاً كيف سنعود هل أهاتف عاصم يعود إلينا ؟!
عبس عادل بإهتمام ليسألها بجدية : ألم يصل عمر بعد ؟!
همت بالرد على أخيها لتنتبه الى ضوء السيارة الذي يتلاعب أمام عينيها لتهتف بجدية : بل وصل، كان هنا ولكني لم انتبه للسيارة لأني كنت ابحث عن سيارتك .
همهم عادل وهو يستمع إلى صوت أسعد الذي يناديه : حسناً ، تأتي سالمة يا أختاه ، سأذهب لأرى أسعد ، سلام .
__ سلام ، أغلقت الهاتف وهي تنظر لحبيبة التي بقت بالداخل لتشير إليهاأن تأتي فتتحرك حبيبة برقة : هل وجدته ؟!
شهقت حبيبة قبل أن تجيبها يمنى لتستدير يمنى على الفور لترى ما الأمر لتبتسم وهي تنظر إلى عمر الضاحك إليهما بلباقة هاتفاً بتحية المساء وعيناه المتعلقة بحبيبة تتوهج بزرقة غنية ، ابتسمت يمنى رغماً عنها وهي ترمق ابنة خالها بوجهها المورد خجلاً ونظراتها المشتتة تنظر لأي شيء وكل شيء سوى وجه خطيبها الذي يتأملها بأريحية وصبر غريب ، لتقف بالمنتصف تنقل نظرها بينهما منتظرة أن يتحرك أحدهما وحينما طال الصمت هتفت بجدية : حسناً ،هيا حتى لا نتأخر ، سأسبقكما .
ابتسم عمر وهو يشيح بعينيه مرغماً عن حبيبة ليشير إليهما : حسنا هيا .
أخر خطواته متعمداً لتتقدمهما يمنى ليقترب من حبيبة بخفة يمسك كفها القريب منه هامساً بخفوت : خياليه يا حبيبة ، مظهرك رائع .. خيالي .. مبهر .
اخفضت حبيبة وجهها تنظر إلى فستانها بلون الكراميل والذي يشبه فستان الأميرات بتنورته المنفوشة .. خصره الدقيق المناسب لخصرها .. صدره المتلألئ بفصوص كريستاليه مترامية بشكل عشوائي بلون ذهبي لامع ، مغلق لعظمتي الترقوة وبكمين من التل الكريمي الشفاف يصلان لمنتصفي ساعديها ، شعرت بسعادة عارمة أن يمنى أخبرتها بأمر الخطبة فأتت بهذا الفستان احتياطياً لتكن مستعده للحفل ، ورغم أنه لم يكن اختيارها الأولولكن على ما يبدو أنهإختيار جيد فعمر أعجب به وهذا ما يهمها .
تمتمت برقة : هل أعجبك فستاني ؟!
ومضت عيناه بشغف هي من تحركه ليهمهم بخفوت : إنه رائع يجعلك تشبهين التشيز كيك بالكراميل ، وأناأعشقالتشيز كيك و أتوق لإلتهامها .
انتفض جسدها برعدة خجل لتهمهم بإسمه في رقة معاتبةإياه ليتنهد بقوة : بالله عليك يا حبيبة دعيني اليوم أنفس عن ما يملأ صدري ولو قليلاًفأناأوشك على الإنفجار .
__ بعد الشر عليك . هتفت سريعاً لتتسع ابتسامته ويغمغم إليها بجدية : حسناً، لم تسألينني عن زينتك وشعرك .
ضحكت وهي تخفض بصرها عنه تعيد خصلات شعرها التي تركتها منسدلة على ظهرها وجمعت فقط مقدمتها للخلف تاركة بعضا منها بشكل عشوائي زينت وجهها الذي جملته ببعض من رتوش وزينة خفيفة أظهرت براءة ملامحها أكثر ليكمل بصوت أجش - كل شيء فيك مبهر ، يا أميرة خيالي وعقلي وواقعي .
احتقن وجهها بحمرة قانية لتعض شفتها بخفة مهمهمه : عمر .
شبك أصابعه بأصابعها : نعم يا حبيبتي .
همهمت بخفوت : يمنى ستستمع إلينا .
أجاب يماثلها خفوتاً : سنجلس في الخلف حتى لا ترانا ولا تستمع إلينا .
عبست حبيبة بعدم فهم لتنتبه على توقف يمنى ، تصلب جسدها ونظرتها المستنكرة حينما ترجل الآخر من الكرسي امام المقود ليبتسم بلطف هاتفاً بمرح : هيا يا عمر تأخرنا .
التفتت يمنى لعمر بتساؤل لتنظر إليه حبيبة بعدم فهم ليصدح صوت عمر هادئاً : هيا يا عمار حتى نلحق بزفة السيارات .
اقترب عمر من يمنى مبتسماً بمكر ومض بزرقاويتيه : هلا جلست في الأمام من أجلي يا موني ، أريدأنأجلسبجوار حبيبة في الخلف ؟!
ابتسمت يمنى وهي ترفع رأسهابإعتداد : بالطبع كنت سأفعل هذا .
تحركت بخطوات ثابتة ليتحرك عمار بسرعة يفتح لها باب السيارة لتنظر إليه بريبة فيبتسم بوجهها في لباقة : تفضلي .
تحركت بجسد مشدود في عنفوان شعره جيداً ليسألها بهدوء حينما مرت بجواره : كيف حال معصمك ، هل أصبحأفضل بعد الدهان الذي أرسلتهإليك ؟!
رمشت بعينيها لتتوقف قبل أن تدلف إلى السيارة تتذكر عادل الذي أتى لها بأنبوب دهان خاص بالكدمات ليخبرها بهدوء أن عمار يرسله لها بسبب كدمة معصمها التي اكتشفها الأخير ، حينها تماسكت بقوة أمامأخيهاالذي عاتبها بلطف على عدم اخباره عن اصابة يدها لتهمهم إليه بكلمات متعثرة وهي تأخذ منه الانبوب لتختفي بغرفتها إلىأن غادرت لصالون الزينة برفقة نوران ، تنفست بعمق ونظرت إليه بثبات : نعم أصبحأفضل ، شكراًلك .
ابتسم بترحاب : على الرحب والسعة يا يمنى .
توترت حدقتيها ودلفت إلى داخل السيارة فيغلق الباب من خلفها ليستدير يقف قليلاً يلملم بعثرة خفقاته التي تناثرت بكل روحه التي تهدر بصخب يحاول أن يتحكم فيه فلا يفقد ما احرزه معها من تقدم ، يغمض عينيه فتتراءى أمامه بمظهرها .. صمت عقله وهو يبحث عن وصف يناسب إطلالتها ، ليهتف عقله ب " خطير "،إنهاخطرة في كل شيء حتى اطلالتها رغم بساطتها ، عقله يُعيد عليه مرآها حينما طلت من باب الصالون ، حذاء أسود لامع بكعب عال رفيع ، بنطلون قماشي أسود اللون واسع مفتوح من الجانبين إلى ما بعد ركبتيها تخطو بإتزان فتظهر ساقيها من خلال القماش ويلمع كاحلها بخلخالها الذهبي كالمعتاد فتنتفض روحه مع كل خطوة تخطو بها ، ترتدي عليه بلوزة ستانية من الاخضر الداكن قصيرة إلى حد ما فبالكاد تغطى حزام بنطلونها الأسود القماشي العريض ، مغلقة من الأمام بسبعة ضيقة نشأت من تلاقي جزئيها الامامين بتعامد انتهى تحت صدرها لينغلق الجزء العلوي منهما في الجنب بحلية ذهبية كبيرة تزين جانب البلوزة بكمين قصيرين بالكاد يلامسان أول ذراعيها من فوق ، وحلية ذهبية عريضة اخفت خلفها كدمة معصمها فشعر بالذنب لأجل أنهأذاها بتلك الطريقة ، رجف فكيه وقلبه ينتفض وهو يتذكر مظهرها الفوضوي حينما داعبها الهواء فاطار ساقي بنطلونها ليترك ساقيها العاريتان ظاهرتان أمام عيناه ، وتلاعب بخصلاتها البنية التي تركتها منسابة بكثافتها و مواجهاا الهادرة فثارت حول وجهها لتمنحها فتنة خطرة استولت على عقله .
انتبه على صوت عمر الذي صدح منادياً عليه بنبرة متفكه .. مرحة فيلتفت إليه ليرمقه عمر بنظرات ماكرة ويشير إليهبرأسه : هيا بنا .
سحب نفساً عميقاً ليزفره ببطء قبل أن يخطو نحو السيارة ليجلس أمام المقود متبادلاً عبارات لبقة مع حبيبة قبل أن ينطلق بالسيارة متحاشيً النظر نحوها .
***
يقف متنحياًمتخفياً في إطار الشرفة التي تطل على حديقة شاليه حميه ، يراقبها بأعين مترقبة وهي تتحدث مع سليم الذي يستمع إليها باهتمام قبل أن ينقل ما تريد لأسعد الذي يقف فوق جذع النخلة القريبة جدا من الحائط الجانبي لشاليه حميه الكبير نسبياً عن بقية الشاليهات . يشعر باختناق غريب يحكم حلقه وهو يستمع إلى هذر سليم الضاحك والذي يثير ابتسامتها وبعض الأحيان تنفلت ضحكاتها بسببه ، كما حدث اليوم عصراً حينما استيقظ من غفوته التي جاهد ليغط بها - لأنها ليست بجواره ، ولكنها ايقظته بصوت ضحكاتها العالية المتتالية فنهض ليرى ما الأمر ليجدها تقف بجانب هذا الشاب الذي يكبرها بسنوات قليلة جداً ، لم يتفرس في أحدهم من قبل ولكن هذا السليم أجبرهأن يتفحصه فيشعر بقلبه يحترق وهو يدرك مدى وسامته .. ثقله .. مرحه .. وشخصيته الجذابة بفطرتها ، بل إن اريحيته في التعامل دفع زوجته الخجول والتي لا تتفاعل مع الآخرينبسهولة إلى التعامل معه ببساطة ورقة أحرقت وجدانه . وإن كان احترق من الغيرة عليها عصراً لتعاملها الأريحي مع سليم فهو الآن يشتعل غضباً بسبب بساطتها في التعامل مع عادل الذي انضم إليهما ليشكل ثنائي مميزاً مع ابن خاله فيثيران ضحكاتها التي لا تتوقف وهما يعملان تحت إمرتها في توزيع ديكور الحديقة الذي صممته .
قبض بكفه قويا على كوب الماء الذي يمسكه بكفه والذي كان سبب تركه لها في الحديقة بمفردها حينما وصلا لتريه ما فعلته بحديقة الشاليه ، تبدأ في تجربة الاضاءة والصوت لتفزع وهي تكتشف بأن هناك بعض الوصلات لا تعمل ، حينها هرعت في إصلاح ما تريد وفي زخم ما تفعل أخبرتهأنها عطشى فاقترح أن يأت لها بالماء ولتبق هي لتكمل ما بدأته في الحديقة ، تركها بمفردها معهم وذهب وها هو يقف متصلباً لا يقو على العودة ، لا يقو على التطفل على الصورة التي يراها فيشعر بأنه غريب على صورتها مع أناس يماثلونها سناً .. مرحاً .. وكمالاً !!
__ أحمد ، أنت هنا يا بني ؟!انتفض على صوت حميه الذي اقترب منه فيلتفت إليه بانتباه ليتابع وائل وهو يرمقه باهتمام – والدتك وخالتك تبحثان عنك ، ماذا تفعل هنا ؟!
ابتسم ساخراً وعقله ينبهه أنها لم تكتشف غيابه .. لم تأبه لعدم وجوده .. لم تلق بالاً لتأخره ليجيب بصوت أبح : لا شيء .
عبس وائل لينظر إليه من بين اهدابه قبل أن يتحرك مقترباً منه يقف بجواره ، ينظر إلآم ينظر إليه ليرتد برأسه له متسائلاً فيتابع بحشرجة : كنت ذاهباً لأميرة بالماء .
تفحصه وائل : ولماذا لم تفعل ؟!
أجابسريعاً : سأفعل .
عبس وائل بعدم فهم لتصدح صوت ضحكة ابنته لينتفض أحمدأمام عينيه وعيناه تومض بغيرة ،رأسه ترتد بحدة لينظرا سوياًإلىأميرة التي تخفي فمها بكفها وتشيح برأسها عن زوج المجانين اللذان يمرحان سوياً على ما يبدو ليلمع الإدراك بعيني وائل الذي سأله بجدية : أنت تغار على أميرة من زوج المهابيل .
توتر فكه ليجيب بغلظة : بالطبع لا يا عماه .
ابتسم وائل بتفكه : إذاً لماذا تنتفض أمامي هكذا كالعصفور المبلول ؟!
زفر أحمد بقوة ليجيب بحنق : ماذا تريد الآن يا زوج خالتي ؟! اؤمرني .
ابتسم وائل بمكر : لا شيء يا حبيب خالتك ، اذهب إلىأمك وخالتك فأنا لا أعرف لماذا تبحثان عنك ؟!
تحرك ليتبع وائل بتهكم : هات كوب الماء سآخذه أنا لأميرة .
توقف بعد أن تحرك ليناوله كوب الماء ليتابع وائل بجدية وهو ينظر لابنته الواقفة بجوار الشابان اللذان توقفا عن المرح لأجل زعقة أسعد التي صدرت منه فوليا اهتمامهما لما يفعلان فتوقفت أميرة عن الضحك بدورها : أناأتفهمشعورك .
رجف جفن أحمد ليتوقف يستدير لحميه الذي أكمل : فلطالما شعرت بالغيرة على فاطمة وهذه الغيرة كانت تشتد حينما تمزح مع أحمدأو يتحدثان سوياً ، فأحمدالأقربإليهاسناً ، كنت دوما أشعربأن هناك ما يفوتني في حديثهما ، فالاهتمامات والأفكار متماثلة إلى حد ما وأناالأكبر .. الأغرب .. الغير مُلم بتفاصيل جيلها و بلغة عصرها .
صمت قليلاً فأستولى على إدراك احمد الذي يشعر بالذهول ، الصدمة تسكن حدقتيه ، استطرد وائل وهو يلتفت إليهناظراً بابتسامة أبوية شعر بها أحمد انها تربت على روحه المختنقة فتهديها وخاصة حينما همس حميه : ولكن كل هذا كان يختفي حينما تلتفت فاطمة لي فتومض عيناها ببريق كراميلي خاص بي ، تلك النظرة التي دوماً توجهها لي بمفردي ، عيناها التي تتلهف علي .. روحها التي تهفو لي .. وابتسامة براقة تتشكل على ثغرها فقط لأجلي ، كل مشاعري السلبية التي كانت تملأني حينما تقابل أياً ممن يماثلونها سناًأو تفاهمها الغريب مع شقيقي كانت تندثر ، تتلاشى حينما تنظر لي وتقترب مني تلجأ لصدري وتتمسك بي .
ابتسم حميه بعشق لمع ببنيتيه وشغف تشكل بملامحه : فيقفز قلبي وهو يخبرني بأنها خاصتي .. زوجتي .. حوريتي أنا فقط .
ضحك أحمدرغماً عنه ليتابع وائل بحنق مفتعل : ثم أيها الغليظ ، ألا يكفيك أنأميرة تحدتني لأجلك ؟! ألايكفيك أنها خاصمتني لمدة ثلاث أيام كاملة لأجل أنأوافق عليك ؟! ألا يكفيك تمسكها بك وحبها لك الذي أعلنتهصراحةً دون أن تخشى شيئاً ؟!
نظر وائل لعمق عينيه : ألا يكفيك يا أحمدأنها ضحت بأشياء كثيرة لأجل أن تتزوج بك ؟! ألا يخبرك كل هذا بمدى حبها لك ؟!
أخفضأحمدرأسه لينطق باختناق : يخبرني يا عماه ولكن .. صمت ليهمس بخفوت شديد – كل هذا لا يمنعني عن شعور الغيرة التي تحرقني ، فكل ما شعرته حينما رأيتها واستمعت إليها وهي تضحك هكذا أني احترق .
اقترب وائل منه قليلا ليضغط على كتفه بلطف : فقط الغيرة يا أحمد .
رفع احمد رأسه ليكمل باختناق تفاقم بصدره : إنهما كاملان يا عماه .
اربد وجه وائل بغضب ليهدر فيه بقوة : إياك يا ولد ، أسمعت ، إياكأن تشعر بهذا أبداً ، أنت لا مثيل لك يا فتى ، و إلا لما كنت وافقت على زواجك من ابنتي .
هز أحمدرأسه برفض وهو يبتسم ساخراً ليكمل وائل : لعلمك لم أوافق على الزواج لأجل ما فعلته أميرة ، بل لأجل أنيأثق بك .. أؤمنأنك ستفدي أميرة بروحك إذا اقتضى الأمر .
هدر أحمد بتلقائية : عمري كله فداء لأميرة يا عماه .
هز وائل رأسه بحركة متفهمة : أرأيت ؟! هذا ما قصدته ؟! رفع نظراته إلى وائل الذي تابع – كانت صغيرة أيهاالحمار لذا كنت أرفضك في كل مرة ، أنت تخطب أميرة منذ أن كانت بالسادسة عشر يا أحمد .
ضحك أحمدرغماً عنه ليزفر وائل مهمهاً بحنق : و أنت غبي لم تكن تساعد على تقبلك كنت دائم الالتصاق بها منذ أن كانت صغيرة ، في كل مرة كنا نجتمع بها كنت أراقبكما بعينين صقريتين أخاف عليها من اندفاعك الغير محدود .
همهم أحمد بمشاكسة تعمدها : احبها منذ كانت طفلة يا عماه .
جمدت ملامح وائل ليزفر بضيق ، يلكزه بقوة في كتفه الذي كان يضغط عليه : أنت تتقنن في اغضابي أيهاالغبي ، تأوه أحمد ليتابع وائل بضجر – لتعلم أنك غير طبيعي فأنا لا أقو على استيعاب عشقك لها منذ طفولتها .
ضحك أحمد بخفة ليهمهم بغيظ : إذاً عاصم هو الآخر غير طبيعي .
دفعه وائل بجدية هاتفاً بضيق : اذهب إلى خالتك قبل أن اذبحك .
قهقه أحمدضاحكاً ليتحرك نحو الحديقة : بل سأذهب لزوجتي ، هلا ناولتني كوب الماء ؟!
ضيق وائل عينيه ليرميه بالماء في وجهه : هاك هو الماء .
شهق أحمد بقوة والصدمة تلفه لوهلة قبل أن يبتسم و تومض عيناه بمكر ، ليرقص إليه حاجبيه وهو يتراجع بظهره للخارج : شكراً يا عماه على الطريقة المبتكرة لشرب الماء .
__ آه يا ابن .. تحرك وائل بغضب نحوه ليركض أحمد خارجا وضحكاته تتعالى لينتبه إليهالآخرون ،اقتربت منه بتعجب توليه اهتمامها وتنظر إليه بتساؤل لتبتسم باتساع وهي ترى ضحكته لتومض عيناه بضوء عسلي أخاذوهو ينظر لابتسامتها المختلفة عن بقية ابتسامتها عيناها التي تومض بعشقها إليه لينتفض قلبه بخفقات هادرة وخاصةً حينما سألته بصوت عال إلى حد ما وهي تنظر إليه باهتمام حان تلتقط فوطة من فوق الطاولات المرصوصة بجانبهم : ما الذي يضحكك يا حبيبي ؟! ولماذا مبتل هكذا ؟!
همس بعفوية وهو يشعر بروحه ترفرف بحرية يتلقى حنانها بنفس راضية : رؤياك تسعدني يا أميرتي .
توردت بخجل وهي تخفض نظراتها ليتنهد بقوة قبل أن يرفع عينيه ليلاقي عينا حماه الذي وقف ينظر إليه يبتسم له بفطنة فيما برأسهإليه في شكر لم يهتم له وائل وهو يغلق ستائر الشرفة مغادراً.
اقترب من أميرةأكثر ليهمس بخفوت : هل أخبرتكأنيإشتقتإليك ؟! ابتسمت برقة لتهز رأسها نافية ليهمهم متابعاً – سأفعل بعد انتهاء الحفل ولكن على شرط لا تنسي وعدك لي .
احتقن وجهها لتهمس بدلال : لا تخف أناأفي بوعودي يا ابن خالتي .
***
دلفت إلى دورة المياه تغلق الباب خلفها بعنف وهي تهدأ روحها الثائرة ، وتكرر على نفسها أنها لن تحنق .. لن تغضب .. و الأهمأن لا تبكي فهي لا تريد افساد زينتها . انتفضت بعنف ورفعت رأسها بشموخ وهي تنظر لنفسها بالمرآة ، تتأمل زينة وجهها المتقنة بكحل عربي يحدد جفنيها فيزيد غموض مقلتيها الزرقاء .. فستانها الأزرق الغني بلون عيناها القاتمة بتحدي لإعتراض والدتها على فستانها الذي ترى من وجهة نظرها أنه محتشم للغاية فهو يخفي كل جسدها بطياته الواسعة وقماشه الستاني اللامع الذي يبطن صدره المزين بقماش من التل المفرغ على شكل أزهار صغيرة تضوي بزخرفة من خيوط لامعة تحدد الزهرات .. مغلق الصدر والظهر وكمين قصيرين يحددان أول كتفيها .
سحبت نفساًعميقاً وهي تحاول أن تتخلص من أثر شجارها مع والدتها والتي لم تهتم بوجود آخرون غيرهما في المكان بل أعلنت اعتراضها على ما ترتديه بطريق فظة أغضبتها ، ورغم استهجان زوجة عمها ياسمين والتي لم توافق والدتها على اعتراضها ، والخالة ليلى التي ضمتها بحنو وهي تشاكس والدتها بأنها كالقمر المنير و أنالفستان رقيق و راقِ فلا يحق لها الإعتراضإلاأن والدتها أصرتأنه غير محتشم و أن كُميه قصيرين يُظهران كل ذراعيها لتنتفض هي بغضب حينما أخبرتها بجدية أن تذهب وترتدي آخر فتعترض هي ببرود وترفض بصلابة ، وقبل أن يتشاجرا كعادتهما مؤخراً تدخل خالها بالأمر ليُنهي الشجار قبل أن يبدأ وتنسحب هي مخلفة كل شيء خلفها إلا غضبها الذي تفاقم داخل روحها ، فهذا لم يكن شجارهما الأول لليوم بل إن شجارهما اليومعصراً كان أكثر وطأة على روحها والذي نشأ بينهما بسبب احتفائها بوصول سليم وكيف أنها استقبلته بابتسامة واسعة وصافحته بحرارة ، كيف وقفت قريبة منه وتطلعت إليه بتركيز لتتبادل معه الحديث الذي أجبرها على الضحك بصوت مرتفع أثار استياء والدتها التي حاولت أن تبعدها عن الغريب الذي وقفت تتساير معه دون فائدة كما أخبرتها والدتها بعصبية فيما بعد . حاولت حينها أن تخبرها أن سليم ليس غريب ، إنها تعده صديق مقرب لها وخاصةًأنه يُعد ذراع أبيها اليمين في العمل و كأن حديثها أثار غضب والدتها أكثر فثارت وماجت لتصيح فيها بغضب عارم ، تهدر إليهاأنه غريب .. رجلاً اجنبي ليس لها علاقة به و أن مفهوم الصداقة بين الفتيات والفتيان لأمر خاطئ ليس عليها الانجراف إليه لتهتف بآخر حديثها أن عليها أن ترتدي الحجاب فهو ما سيعصمها عن الوقوع في اخطاء هي بغنى عنها ، وأنه سيحدها من الانجراف إلى أشياء كثيرة غير صحيحة .
مطت شفتيها بضيق وهي تفكر بأن غضب والدتها منها والمتزايد الآونة الماضية بسبب خلافهم المستمر حول شيء واحد هي لا تريده ولكن أمها تريد إجبارها عليه وهو الحجاب . فوالدتها تأول كل شيء وأي شيء تفعله لتعود إلى نفس النقطة التي تريدها ، فأي تصرف تفعله لا يعجب والدتها تعيده بأنها ترفض أن تتحجب وأنالحجاب سيعدل من حياتها إذا فعلت وارتدته ، وكل اعتراض منها على أي شيء تريده أمها سيندثر إذا تحجبت فستكون أكثر طاعة وأفضل اخلاقاً وأكثر بهاءً وكأن الحجاب سيبدلها لأخرى ستحبها والدتها أكثر إذا استجابت لها وارتدته !!
ومضت عيناها بتحدي وهي تنظر لنفسها بالمرآة وهي تكرر لروحها أنها جيدة .. رائعة .. لا غبار على شخصيتها وأنها لا تريد تغيير شكلها فهي تعجب نفسها كما هي ولن تتبدل لأجل أي شخص حتى إن كانت والدتها !!
لملمت خصلاتها البنية بوهجها المحمر في كعكعة ساقطة لتترك بعضاً منها متهدلا حول وجهها فتضفي على بشرتها الشاحبة ألقاً مميزاً ، أثقلت كحل جفنيها فتبتسم بثقة وعيناها تتألق بلون ازرق غني ، و أعادت وضع ملمع شفتيها بلون وردي خفيف لتبتسم برضا أمام المرآة متناسية غضب والدتها طاردة ضيق نفسها ، ليتشكل ثغرها بابتسامة واثقة غامضة ومضت بعينيها قبل أن ترفع رأسها بشموخ وهي تتحرك للخارج ثانيةً .
***
تقف مبتعدة عن الجميع كعادتها ، تحيا في صمت يحاوطها من صغرها ، تراقب صخب الآخرين دون أن تستمع لهم ، فقط تبتسم لضحكاتهم المرسومة على ملامحهم ولكن دون صوت يصلها ، فهي تحيا في صمت مجبرة عليه ، تنهدت وهي تراقب بابتسامة ودودة مرح أدهم وملك و آسيا التي تشاغبهم في ود اتسعت ابتسامتها على عزوف مريم بعيداً عن الجلسة وكأنها تعلن عن غضبها من تباسط أدهم مع الفتاتين الآخرتين بالإبتعاد عنه ، لتشعر بالشفقة عليها فتعلق ابنة عمتها بأدهم يثير خوفها عليها ولكنها لا تستطع أن تلوم أدهم رغم اقترابه الحثيث من مريم إلاأن ابنة عمتها متعلقة به من قبل اقترابه منها ، بل إن مريم كانت تنتظره أن يلتفت لها وسعدت كثيراً لإقترابه ، رغم تحذيرها إلاأن سعادتها طغت على تعقلها فرحبت بشباكه التي تُنسج حولها !!
هزت رأسها بيأس لتشيح بعينيها بعيداً عنهم لتلتفت إلى جوارها فتختلج روحها حينما وجدته قريباً منها عبست بتعجب وكأنها احست أنه كان ينظر نحوها ولكنه أشاح حينما التفتت إليه لتبتسم رغما عنها وتحركت نحوه ببطء لتتوقف بخجل اعتراها قليلاً ولكنها تمسكت بشجاعتها فاقتربت منه تقف أمامه ، إلتقط وجودها لتبتسم برقة في وجهه لينظر إليها بدهشة قبل أن يلتفت من حوله باحثاً عمن تبتسم له فلا يجد أحداً ليعود إليها بنظره فيجد ابتسامتها واسعة عذبه لتشير إليه فيردد إشارتها على نفسه وهو يهمهم بتعجب : تتحدثين إلي ؟!
أومأت برأسها إيجاباً ليتهلل وجهه بفرحة قبل أنيمأبرأسهإليها مقترباًهامساً : اؤمري .
جمدت ملامحها وهي تلتقط حركة شفتيه ليشير سريعاً بيده مترجماً حديثه فتومض عينيها بضحكة لم ترتسم على شفتيها لتجيبه بإشارة سريعة : أتيت لأعتذر منك.
ارتفعا حاجبيه بدهشه ليسألها بإشارة سريعة : علام ؟!
توردت بحرج فلمعت عيناه لتجيبه ببطء : لما حدث المرة الماضية ، اتبعت سريعاً - آسفة لم أدركك حينها .
أشار برأسه وهو يجيبها : لا عليك أنا المخطئ أني اقتربت منك دون أن أنبهك .
أشارت بخجل : أعتذر منك مرة أخرى .
أجابها سريعاً : لا عليك لا داع للإعتذار ، اتبع بابتسامة راقية - انها لصدفة سعيدة لتدركي من أنا.
اخفضت رأسها ووجهها يتورد بخجل لتهم بالابتعاد ولكنها توقفت بتوتر لترفع نظرها إليه بحرج عيناها تومض بتساؤل ليحثها بعينيه أن تسأله فتشير إليه بإشارات كثيرة غير منظمة فيعبس بتفكير قبل ان يهمهم بتعجب : أنت تسألينني عن كيف تعلمت لغة الإشارة ؟!
أومأتبرأسهاسريعاً ليبتسم باتساع فتلمع غمازة وجنته اليسرى بألق ابتسامته قبل أن يشير نادر إليها بلطف : كنت أدرس الموسيقي في دار خاصة بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وهناك تعلمت لغة الإشارة ، لأنها استهوتني .
عبست لتبتسم باستهزاء : كيف كنت تدرس الموسيقى للصم والبكم ؟!
ابتسم وعيناه تومض بحنو : الجميع يستطيعون دراسة الموسيقى ، بيتهوفن حينما أصيب بالصمم لم يمنعه هذا من إكمال تأليفه لسيمفونيته التاسعة ، نظر لها ملياً ليراقب ضيقها ليسألها بلطف – هل تعرفين بيتهوفن ؟!
نظرت إليه بصلابة فذكرته بجدها ليبتسم باتزان قبل أن تجيبه بضيق ظهر في اشارتها العصبية : بالطبع أعرفه .
ضحك بخفة ليقترب خطوة أخرى منها : إذاً تعرفين أنهأُصيب بالصمم ورغم صممه استكمل تأليف ألحانه ؟!
أومأتبرأسها وكأنها تعلن عن ضيقها من إستمرار الحديث معه قبل أن تنظر إليه بتحدي وغضبها يتألق ببنيتيها لتشير إليه بحدة : إذاً أنت تستطيع تعليمي الموسيقى و أنا صماء ؟!
رمقها قليلاً ليمأ برأسهإيجاباً : إنه لشرف لي يا آنسة .
إربد وجهها بغضب لتشير بحدة : لا تسخر مني .
ارتفع حاجبيه بدهشة ليشير إليها برفق : لا أسخر منك بالطبع ، بل أنا اجيبك .
ومضت عيناها بتحدي : حسناً سأبلغ ماما وعليه أتمنىأن تكن على قدر كلمتك وتستطيع تعليمي الموسيقى بالفعل .
أومأ بعينيه ليجيبها بإشارات بسيطة : نعم أنا استطيع يا آنسة سهيلة .
زمت شفتيها بضيق وحدة ارتسمت بملامحها لتمأ برأسها في تحيه قبل أن تضرب الارض بقدميها تبتعد عنه بخطوات متلاحقة لينظر في إثرها يهز رأسه بتعجب ، مهمهاً بتفكه وهو يحاول أن يتجنب الضحك : يمنى لم تخبرني أنها مجنونة أيضاً .
تنفس بعمق ليصدح من حوله أصواتأبواق السيارات الثلاث التي أقبلت عليهم تتبع بعضها فتلف في دائرة أمامباب مدخل الحديقة ويرتفع صخب أبواقها بسعادة سائقيها ليتوقف أخيراً الموكب فيترجل منه حمولته لم يهتم بعائلة الوزير ولا بالعريس وعائلته لينتظر ظهور أختيه الذي أتى سريعاً وحبيبة تخرج من السيارة يتبعها عمر من الإتجاهالآخر لتتصلب ابتسامته وهو ينظر ليمنى التي ترجلت بشموخ فتومض عيناه بضيق والآخر يترجل من أمام المقود وابتسامة واسعة تشق ثغره ومض الغضب بعينيه ليطبق فكيه وهو يتوعد له سراً !!
***
يخطو بثبات في أروقة المشفى بعد أن قرر قضاء ليلته هنا يعمل بآخر التطورات التي فكر بها في الجهاز الجديد الذي يعمل على اختراعه مع عادل ، يتحرك بأريحية و يمأبرأسه لكل من يقابله قبل أن تلتقط عينيه وجود الدكتور محمود يقف بآخر الرواق عند الإستقبال الخاص بالطابق وعلى ما يبدو أنه ينهي مرور حالاته ، فصغار الأطباء مجتمعين من حوله كالعادة .
ومضت عيناه وغضبه الساكن بداخله يطفو على سطح شخصيته من جديد وحديثها يعاد على عقله ليشد خطواته نحو الرجل الأكبر سناً يعبس بعزيمة أنه سيتحدث إليه اليوم بل الآن ليفهم منه مدى صحة حديثها .
توقف جانباً وابتسامة متصلبة ارتسمت على ثغره منتظراًأن يُنهي محمود حديثه والذي انتبه إليه بالفعل فابتسم إليه بلطف قبل أن يختم حديثه لتلاميذه الصغار ويتحرك نحوه بنظرات مستفهمة ، مد عبد الرحمن كفه مصافحاًبأدب ولباقة فيجبه محمود بترحاب : يا ألف مرحباً بك يا باشمهندس، اتبع محمود وهو ينظر لساعة معصمه - أنت هنا للآن ، لم تغادر بعد .
كح قد الرحمن بلطف : لدي وردية مسائية.
تمتم محمود : كان الله بعونك .
ابتسم عبد الرحمن وهمهم : أمين وإياك يا عماه .
نظر إليه محمود قليلا قبل أن يسأله بوضوح : أنت تريدني بشيء ما ؟!
أومأ عبد الرحمن إيجاباً قبل أن يهتف بجدية : هلا ذهبنا لمكتب حضرتك فأنا أريدك بأمر خاص؟!
رفع محمود حاجبة ليشير إليه : بالطبع تفضل .
تحرك إلى جواره بجسد مشدود وأنفاس مكتومه ليعبس محمود بتعجب من توتره البادي عليه ليهتف به مُرحباً بعد أن دلف إلى مكتبه : تعال يا باشمهندس ، تفضل اجلس يا بني .
جلس عبد الرحمن على إحدى الكرسيين الجانبيين لمكتب محمود الذي وقف جانب المكتب يسأله بجدية : آت لك بالشاي الأخضر ، أعلمأنك تفضله .
ابتسم عبد الرحمن مهمهماً : شكراً يا عماه ، لا داع لذلك .
أجاب محمود بجدية : بل له كل داع ، هيا أجب آت لك بالشاي الأخضر أم تشاركني بشرب القهوة ؟!
رفع عبد الرحمن عينيه بثبات : بل القهوة .
تنفس محمود بقوة ليرفع سماعة الهاتف الداخلية ويملي بها ما يريد قبل أن يضحك بخفة هاتفاً بمرح : أعلمأنمن المفترض أنأطلب ما أريد عن طريق هذا الجهاز الحديث الذي أسجل به طلباتي فيأتون بها من الكافتيريا ، ولكن عمك دقة قديمة كما يقولون فأفضل محادثة أحدهم وامليه بما أريد .
توتر عبد الرحمن وحلقه ينغلق بإختناق فلم يقو حتى على الرد بمجاملة لبقة وعقله يخبره أن من يتمسك بالتقاليد اليومية القديمة لن يقبل بكسر تقاليده العائلية ، فيرفع عينيه يراقب محمود الذي أتى ليجلس على الكرسي أمامه يضفي طابع غير عملي على جلستهما ليربت على ركبته القريبة منه هاتفا : استرخ يا باشمهندس فأناأشعر بك متصلباًأكثر من اللازم وأخبرني فيم اردتني ؟!
زم عبد الرحمن شفتيه وكأنه يحيا صراع داخلي حسمه اخيرا حينما هتف بجدية : أريدأنأتزوج من ابنتك يا عماه .
ارتسم الذهول لوهلة على ملامح محمود لتتسع عيناه بتعجب قبل ان يبتسم بلباقة : أياً منهما؟! عبس عبد الرحمن بغضب ، فأتبع محمود ضاحكاً - أنت تعلم أن لدي ابنتان وأنت لم تحدد شخصية من تريد الزواج منها
رمقه محمود بنظرة لائمة ليتابع : أم أنك تريد مصاهرتي فلا تهتم سأختار أنا لك إحداهما لتتزوج منها ؟!
انتفض جسد عبد الرحمن ليتمتم بغضب : لا طبعاًأنا أتقدم إلى رقية ، أكمل بصوت متهدج الأنفاس - أنا أتقدم لك لأطلب الآنسة رقية للزواج .
اسبل محمود اهدابه ليتنفس عبد الرحمن بعمق : أعلمأنه ليس لائقاًأن افعل هذا بالمشفى وأعلم أن المفترض أنيتحدث إليك أبي ونحصل على موعد لنأتي إلى بيت حضرتك ونتقدم إليهارسمياً ، أعلم كل هذا وخططت إليهبعناية شديدة لدرجة أني انتقيت سترتي الرسمية التي سأرتديها ليلتها ، حددت ما سأقوله يومها وماذا سأفعل حينها ولكن .. صمت فضيق محمود عينيه بإهتمام ليكمل عبد الرحمن مختنقاً - اليوم رقية هدمت كل ما بنيته وخططته .
نظر إليه محمود بتساؤل : كيف ؟!
سحب عبد الرحمن نفساً عميقاً وهم بالحديث ليدق باب المكتب فيتمتم محمود : المعذرة إنها القهوة.
تحرك ليأتي بصينيه صغيرة من العامل الذي صرفه بهدوء ولباقة ليغلق الباب خلفه ثم يضع الصينية من بين يديه على الطاولة التي تفصل بين كرسيهما : قهوتك يا باشمهندس .
غمغم عبد الرحمن بالشكر ليجلس محمود يحمل فنجانه هاتفاًإليه : اهدأ وأخبرني عم حدث .
كح عبد الرحمن مجلياً حلقه المختنق ليهمهم : اليوم قررت أنأخبر رقية برغبتي في الزواج منها وهذا بعد أنقطعت طريقاً طويلاً مع رقية لتتقبلني والذي لا افهم إلىالآنأسبابها في مشاجرتها السابقة معي كلما رأتني أنادوناً عن البقية ولكن الحمد لله توقفنا عن الشجار منذ مدة وشعرت بها تتقبل وجودي أفضل من ذي قبل ، فأخبرتها أن تحدد مع حضرتك موعداً لآت بعائلتي ونتقدم إليها لتخبرني
صمت وفكه يتشكل بعصبية ليرمقه محمود منتظراً ليهتف هو بحدة : أنكم لا تزوجون بناتكم من خارج العائلة .
ارتفعا حاجبي محمود بصدمة سكنت حدقتيه ليشرد بصره قليلاً قبل أن يتابع عبد الرحمن بجدية : و أن بنات عائلة المنصوري لفتيانها ، رفع عبد الرحمن عينيه لينظر إلى عمق عيني محمود مستطرداً - أنا لا أقبل الفكرة عامة ولكن سبب حديثي معك الآن أني لا اصدق أن شخصية تماثلك علماً و تفتحاً سيستمر في إقرار هذه العادات البالية
سحب محمود نفساً عميقاً ليجيب أخيراً : رقية أخبرتك بعادات عائلتي .
جمدت ملامح عبد الرحمن وتطلع لمحمود بإستنكار ، فضحك محمود بخفة : نعم لا تنظر لي مُستنكراً هكذا بعد كل هذه السنوات لازالت بعضاً من العائلات تحافظ على تقليدها فإن الفتيات لا يتزوجن من خارج نسل العائلة .
عبس عبد الرحمن برفض ليتابع محمود : وهذا ليس لأجل الحفاظ على السلالة ولا تلك الأشياء بقدر الحفاظ على الأرض والطين كما يقولون فتلك العائلات لا يثقون بالغرباء في المحافظة على ارضهم فلا يمنحونهم فرصة لأخذها فالأرض عندنا تماثل العرض يا باشمهندس .
شحب وجه عبد الرحمن ليكمل محمود شارحاً : بعضاً منا يستغل هذه العادات لصالحه الشخصي ولأطماعه الشخصية ولكن أصل العادة هي أنأرض الفتاة الموروثة لا تذهب لغريب يبيعها أو يقتسمها لنفسه فيفتت ملكية العائلة التي تثق بأنالإتحاد قوة .
غامتا حدقتي عبد الرحمن برفض ظهر جلياً في زرقاويتيه ليبتسم محمود بلطف مربتاً على ركبته : أترك العادات البالية جانباً وأخبرني لماذا تريد الزواج من رقية ؟!
أجاب عبد الرحمن بعفوية : لأني أحبها
غيرة طفيفة اعتلت ملامح محمود ولكنه لم يستطع ألا يبتسم بوجه الشاب الشجاع الصريح بطبع إنجليزي صلد ليتنحنح محمود بخفة هاتفاً بتفكه : إنها الجينات .
عبس عبد الرحمن بعدم فهم فاكمل محمود شارحاً : لقد قضيت بضع سنوات في إنجلترا ، الشعب الإنجليزي شعب صلد بارد الطباع وفج بصراحته ، الآن تذكرته حينما أجبت بعفوية صريحة ولم تهتم لغضبي أو غيرتي ، ألقيت بم في جعبتك مرة واحدة وكأنك تتخلص من وطأة مشاعرك بالاعتراف .
مط عبد الرحمن شفتيه قليلاً ليجيب : لم أقصدأن امنحك شعوراً بعدم اهتمامي يا عماه ولكن لم أجدمبرراًواحداً آخر يجعلني آت إليك بعدما أخبرتني رقية بتقاليدكم سوى السبب الأصلي الذي دفعني للاقتراب وطلب الزواج منها ، لو الآنسة رقية تمثل لي فتاة عادية من أصل طيب وأنا أبحث عن عروس كنت تراجعت حينما علمت أن عائلتها سترفضني لأني لا انتمي لهم .
رفع عبد الرحمن عينيه ليكمل بصلابة : الأمر ليس مجرد زيجة ولا قبول بيني وبينها ، ما أشعره نحو رقية يجعلني احارب لأجل كسر تلك العادة البغيضة التي تمنعني عن الاقتران بها في رأيكم
بسمة حانية أفلتت من ثغر محمود والإعجاب يصدح بعينيه نحو عبد الرحمن الذي جلس بتأهب أمامه ليكمل بشجاعة : وها أنا انتظر ردكم يا عماه .
اتسعت ابتسامة محمود ليجيبه : أنت شاب رائع وبرأيي لن أجد أفضل منك زوجاً لابنتي البكرية .
تهلل وجهه بالسعادة ليكمل محمود بهدوء : لكن الأمور لا تؤخذ بهذه الطريقة . سكن الإحباط عينيه ليتابع محمود بجدية - عائلتي لها تقاليد لابد من احترامها
اغتمت حدقتي عبد الرحمن بغضب ورفض تشكل على ملامحه ليكمل محمود بهدوء : حتى لو أردنا تحطيمها لابد من احترامها قبل أن نحطمها .
رمش عبد الرحمن بتتابع ليهمس : عفواً .
ضحك محمود بخفة ليهتف : أنا موافق عليك زوجاً لابنتي يا عبد الرحمن وخاصةً لو وجدت لديها القبول نحوك ، ولكن لابد من الحديث مع أفراد أسرتي وعائلتي ، خال رقية الكبير هو كبير العائلة الآن ، وابن خالي الآخر سيادة المستشار يعد كبيراً لفرع آخر هو الأقرب لي من العائلة ، خال رقية وزوج عمتها لابد أنأخبره وخاصة أنهألمح لي أكثر من مرة عن ابنه البكري وأنه الأولى بابنة عمته .
تمتم عبد الرحمن ببغض : محمود .
عبس محمود بلطف : أنت لا تتحدث عني ، أليس كذلك ؟!
اكفهر وجه عبد الرحمن وأشاح به بعيداً ليسأله محمود بلطف : من أين عرفت محمود ؟! هل أخبرتك عنه رقية ؟!
توترت جلسة عبد الرحمن ليهمهم : شيء من هذا القبيل يا عماه .
ضحك محمود بخفة : حسناً لا يهم ، الهام الآن أني سأتحدث مع الجميع قبل أن نحدد موعد لمقابلة العائلة .
أومأ عبد الرحمن برأسه ليتمتم : هل هذا وعد منك يا عمي أن رقية ستصبح من نصيبي ؟!
ابتسم محمود بفخر : بل لك كلمتي يا ولد إذا وافقت رقية عليك سأزوجها لك و أترك عائلتي جانباًأناأقوى على التفاهم معهم .
انتفض عبد الرحمن في ردة فعل مفاجئة لينحني على محمود محتضناً بفرحة أجبرت الأخير أن يقهقه ضاحكاًمرتباً على ظهره وهو يهتف : أخيراً حصلت منك على ردة فعل مصرية أصيلة .
ضحك عبد الرحمن رغماً عنه وغمغم بحرج مبتعداً عن محمود : الجينات تحكم يا عماه .
ربت محمود على كتفه بعد أن نهض واقفاً : أناأثق بك يا عبد الرحمن وسأطمئن على رقية معك، فقط عدني بالحفاظ عليها ورعايتها .
ابتسم عبد الرحمن ليغمغم بصدق : أعدك .
***
ابتسمت وهي تنظر إلى الجلسة التي أعدتها بعناية في حديقة الشاليه الخاص بمكوث بلمياء ومربيتها ، لتكون خاصة بأحمد ولمياء فيجلسان بها بعد انتهاء حفل الخطبة ، فأصرت أن تُشرف بنفسها على كل شيء يُعد لأجل شقيق زوجها الصغير والذي كان صديقا .. أخاً .. وسنداً لها على مر عمر طويل قضته كزوجة لأخيه ، بل إنها زجرت إيمان حينما حاولت أن تساعدها و أخبرتهاأن يكفي ما فعلته طوال اليوم ولتترك إعداد هذه الجلسة لها .
استمعت إلىأبواق السيارات التي صدحت من حولها ، بعد أن اصر أولاد العائلة على أن يزفوه ثانية إلى مكان الشاليه الواقع بعيداًنسبياً عن شاليه زوجها ، لتبتسم برقة وهي تستقبل وصوله مع خطيبته ومربيتها فتقترب منهم تضحك بإستمتاع على الصخب الذي يثيرونه الأولاد الصغار ليقف عاصم وعمار جانباً بعدما باركا لعمهما لترحب بهم ، تضحك برقة على زغاريد داداه حور التي أتت ضعيفة فتضاحكها بتعمد : يا ليتني كنت استطيع أنأزغرد يا داداه لكنت فعلتها ، تنهدت ونظرت إليه بمودة - فأحمد يستحق أنأفعل له ما هو أكثر من الزغاريد .
تحركت نحو لمياء لتضمها إليها وتهتف إليها : مبارك يا لمياء ، مبارك علينا انضمامك إلى عائلتنا ، ازدتنا نور يا لولو .
ابتسمت لمياء بخجل : بارك الله فيك ، بارك الله فيك يا فاطمة ، العائلة تنير بكم جميعا .
صافحته برقة لتهمهم إليه بمشاكسة : أتعلم من المفترض أنأضمكوأناأبارك لك ولكن أخيك لن يعجبه هذا الأمر.
قهقه أحمدضاحكاً ليهتف إليها وهو يضم كفها بين راحتيه : يكفي ما فعلته اليوم ، توقعت أن يذبحني بسبب ما فعلته يا طمطم .
ضحكت بتسلية : لم يكن يجرؤ على المساس بك .
ابتسم أحمد ليهمهم إليها بمشاغبة : ولكنه غاضب .
تنهدت بقوة : بل انا الغاضبة منه ، عبس احمد بتساؤل – كنت تنتقمين منه إذاً ؟!
هزت رأسها نافيةً : لا أنا غاضبة لأنه لم ينضم إلينا .
تعالت ضحكات أحمد ثانيةً ليهتف بها : أعانه الله عليك ، اقترب منها ليهمس بخفوت – إذاً أنت غاضبة من عاصم أيضاً .
لوت شفتيها بنزق : شبيه عمه ، سأريه النجوم بعز الظهر هذا الأحمق الذي يمنع نفسه عن الكثير من الاشياء لأجل أنه الكبير .
اتسعت ابتسامته : ارفقي به يا فاطمة ، و أوصي وائل به ، الولد وصل لحدوده القصوى .
هزت رأسها بتفهم : أعلم ، ولكنه هو من لا ينهي الأمر يا أحمد ، تعلم أنه يستطيع أن يجبر وائل ولكنه يلاعب عمه إلىأن يصل لنقطة ما لا يدركها أحداً غيره .
أومأ لها برأسه : سيصل بإذن الله .
زفرت بلطف : حسناً ، هيا تفضلا وسأترككما بمفردكما ، أتركوا كل شيء كما هو يا لميا فالخدم سيهتمون بكل شيء بعد أن تنتهوا من هنا .
ربتت على كفها برفق : ومبارك إليكما مرة اخرى .
تحركت نحو السيارتين الواقفتين في انتظارها لتُحدث مازن بجدية : ألم تأتي جنى ؟!
هز رأسه نافياً ليجيب : بل آثرتأن تتركهما بمفردهما
أومأتبرأسها متفهمة لتزجره بلطف : وأنتالآخر ، لا تطيل الجلسة معهما يا مازن ، التفتت إلى ابنها – انتظره مع علي وعُد به ، وحينما يهاتفك عمك تعال إليه لتعود به .
أومأ أدهمبرأسه بطاعة ليسألها : وأنت كيف ستعودين ؟!
أشارتبرأسهاإلى السيارة الثانية : مع ابني عمك .
ودعتهما برأسها وهي تتحرك نحو سيارة عاصم الذي فتح لها الباب الأمامي لترفع حاجبها برفض : بل سأجلس في الخلف ، الا لو عمار من سيقود السيارة .
كتم عمار ضحكته ليمط عاصم شفتيه بإعتراض : بل أنا من سيقود السيارة وأنت ستركبين بجواري ولا تحثيني على قتل عمار الليلة بسببك أنت وابنتك .
نظرت إليه بإستخفاف :حقا ؟! إياك والاقتراب من أخيك فهو ولدي الذي لم انجبه .
لوى عنقه ساخراً : يا سلام و أنا ؟!
أجابته ساخرة : أنت الكبير يا كبير .
تنهد بقوة ليكح عمار بخفة : حسناً لا تشغلا رأسكما بي ،فأنا سأعود سيراً على الأقدام ،
هدر عاصم : انتظر يا عمار .أشار عمار رأسهنافياً – لا بل أنافعلياً احتاج للسير .
اقترب من فاطمة ليقبل وجنتها : عمت مساء يا حورية .
ضحكت فاطمة لتربت على وجنته هامسة : أنت بخير ؟!
احتضن كتفيها بكفيه : بألف خير والحمد لله ، تصبحين على خير ، ضمها إليه بلطف ليهمهم بأذنها – لا تقسي عليه إنه غيور مثل عمه .
ضحكت رغم عنها لتهمهم إليه : أعلم ، أكملت حينما ابتعد عنها – وأنت من أهل الخير .
التفتت إلى عاصم الذي لازال ممسكاً بطرف الباب لتدلف إلى السيارة بشموخ فيغلق الباب خلفها قبل ان يحتل مقعده أمام المقود لتهتف به في جدية : لن نتحدث اليوم يا عاصم ولكن لابد لنا من الحديث في الصباح .
أومأ عاصم برأسهمتفهماً : أمرك يا زوجة عمي .
زفرت بضيق لتصيح بغضب : لا تستفزني يا عاصم .
زم عاصم شفتيه : لم أفعل شيئاً.
إلتفتتإليه بكامل جسدها لتصيح فيه : تعلم أنالأمر ليس هكذا ، أنا لست غاضبة لأني زوجة عمك أو حتى والدة من تريد الزواج بها ، أنا غاضبة لأجلك أنت يا عاصم .
عبس بضيق : كل هذا لأني لم اشارككم الرقص .
نظرت إليه ملياً قبل أن تنطق بثبات : بل لأنك تراوغ ، زم شفتيه ونظر أمامه لتتبع بجدية – ماذا تنتظر يا عاصم ؟!
اطبق فكيه ليقبض بكفيه على مقود السيارة ليهمس أخيرا : ألم تقترحي أن نتحدث صباحاً ؟! ابتسم وهو ينظر إليها – سآتي لأتناول فطوري معكم .
أومأتبرأسهاإيجاباً : سأنتظرك .
صمت قليلاً قبل أن ينطق بهدوء : بل أنت وعمي يا فاطمة ، سآتي إليكماسوياً .
ابتسمت رغم عنها لتومض عيناها بإعجاب : ستنيرنا بوجودك يا كبير آل الجمال .
ضحك بخفة ليقترب منها يقبل وجنتها بمرح قبل أن يدير السيارة وينطلق عائداً بها إلى شاليه عمه.
***
مستلقي على الفراش المعلق بالحديقة ينظر إلى السماء البهيمة يتأرجح بثبات بواسطة ساقة المتدلية من جانب الفراش ، يدفع الأرض بطريقة منتظمة فيحافظ على سرعة أرجحة السرير معتدلة ، تومض عيناه بمشاعر شتى وهو يعيد أحداث الليلة كاملة برأسه ، يتذكر كل تفصيلة مرت أمام عينيه خلال حفل خطبةعمه ويحللها بدقة ، يحاول أن يزيح شعور الغيرة الذي يحرقه ويُنحى الغضب الذي ملأ صدره ليقوى على التفكير بعقل صافٍبعيداًعن مشاعره المهتاجة لأجلها .
يتنفس بعمق طارداً الغضب الذي ملأ صدره لأجل حديثها مع ابن خالها الذي جلس بجوارها يثرثر إليهافاستولى على انتباهها الجزء الأول من الحفل بأكمله ، ليحترق غيره حينما جذبها نادر للرقص معه حينما أصرتفاطمة على أن تجبر الجميع على الرقص لصنع جو من البهجة في حفل الخطبة التي وصفته مملاً – على حد قولها ، زفر بقوة وهو يتذكر استجابة الجميع لزوجة عمه التي زجرت عاصم بقوة حينما حاول أن يمنع نوران منالإنضمام لحلقة الرقص لتهدر فيه بجدية أن يجلس بجوار عمه أو يرقص معهم لتشير إليه فينضم إليهموخاصةًأن والدته شاركتهما بالتمايل في ظل عدم رفض والده المعتاد ، ليسبه عاصم دون صوت حينما راقص نوران بمرح معتاد بينهما فيجيبه بأن لا حيلة له ، ازدرد لعابه ببطء وهو يتذكر أنه توقف عن كل شيء حينما شعر بها من حوله فتتعلق حدقتيه رغماً عنه بتمايلها الراقي أمام نادر الذي ضمها إلى صدره ببساطة اشعلته ، وثرثر إليهابلطف فأضحكها حينها ابتسم عفوياً على ابتسامتها التي اطلت من ملامحها ، لينضم إليهما عادل الذي جذبها إليه دافعاً نادر بعيداً في مرح ومشاكسة دفعتها إلى أن تصدح ضحكاتها فجذبت إليهاالأنظار ليشتعل غيرة حينما رقصت مع شقيقها وانسجمت معه فتمايلت بطريقة لم يراها من قبل ولم يعلم أنها تستطيع فعلها ، لم ترقص كما المتعارف على الرقص ولكن تمايلها أمام عادل أشعل النيران بأوردته .. أحرقأواصر قلبه .. ضحكتها التي غردت حينما حملها عادل ليلف بها انهت المتبقي من تعقله ، ليتحرك نحوها ناوياًأن يزجرها .. يجذبها إليهويبعدها عن أخيها المستمتع بدلالها ليفيق من فورة مشاعره على عاصم الذي جذبه من مرفقه و أجبره على الإبتعاد خارجاً ليهمس إليه بجدية وثبات : عمك يريدك .
عبس حينها بتساؤل ليلتقط إشارة عمه الذي دعاه للاقتراب منه فيذهب إليه يجلس بجواره في جلسة منفردة حرص عليها عمه الذي ابتسم بمكر أثار ريبته قبل أن يهمهم إليه بخفوت : هل تحبها ؟!
اجفل ليرمش بعينيه ويجيب بتوتر : أحب من ؟!
ابتسم وائل بمكر ليغمغم : الفرس ، انتفض والغضب يعتلي وجهه ليضحك وائل بخفة قبل أن يسبل اهدابه ويهمهم متبعا - أقصد مهرة الخيال يا ابن أخي .
أطبق فكيه و أشاح بعينيه بعيداً مؤثر الصمت يحاول أن يحتوي غيرته عليها فيتابع وائل بصوت خفيض : شعرت بالغيرة عليها لأني لقبتها بالفرس .
اطبق فكيه بعنف ليهمهم وائل بمكر : أجب عن سؤالي هل تحبها ؟!
تعالت انفاسه بشكل ملحوظ ليهمس بصوت اجش : بل أعشقها يا عمي.
ابتسم وائل وعيناه تغيمان بسعادة ليهتف به : إذاً اخطفها يا روح عمك .
التفت إليه بدهشة فأكمل وائل بجدية : هل تعلم عن مشاعرك نحوها ؟!
زم شفتيه بضيق قبل أن ينطق باختناق : وتبادلني مشاعري أيضاً ولكن ..
صمت ليلوي عمه شفتيه بمكر ليغمغم بإدراك : تنتقم منك أليس كذلك ؟!
أومأ بالإيجاب ليغمغم وائل وكأنه يفكر بصوت عال : هي تعلم بعشقك الجارف لها ورغم ذلك تنتقم منك بأعينمفتوحة وتحدي يكلل هامتها ، بل تقف أمامك بشموخ وتخبرك بوضوح أنها ليست لك ، تديرك من حول أناملهاوأنتأحمق تترك لها اللجام لتقودك إلى حتف الجنون .
غمغم حينها بثبات : إنها لي مهما حدث وهي تعلم ذلك ، أنا فقط امنحها الوقت حتى تتعافى كرامتها وكبرياءها .
حينها رمقه عمه مطولاً قبل أن يجلس بإعتدال يضع ساقاً فوق أخرى ويبتسم مغمغماً بسخرية لاذعة : لك وهي بعيدة ؟! هذا شيء لا معنى له .
عبس ونظر لعمه بعدم فهم فسحب وائل نفساًعميقاً ليغمغم بتفكه : أنتو أخيك ستميتانني كمداً ، جينات وليد متأصلة بكما مهما حدث لا تستطيعان الفرار منها .
شحب وجهه وهو ينظر لعمه بصدمة فيزفر وائل بقوة : أخيك غبي لا يستطيع طرد أشباحهبعيداً ، وأنت تترك الفرس تجمح كما تشاء وتنتظرها أن تعود لك بعدما ترمم كرامتها .
اتبع بحنق وهو يهدر فيه بخفوت : أيهاالأحمق الغبي هل تأمن عليها وهي بعيد ؟! هل تأمن أن لا يأتي آخرفيفك لجامك من حول عنقها ويضع لجامه حول جيدها ، يروضها ويفوز بها .
انتفض جسده بغضب ليغمغم بإنفعال : عماه .
اشاح إليه وائل بضيق : رحم الله عماه منك ومن اخيك ، و أنتما كدكري البط البلدي هكذا .
حينها لم يمنع نفسه من التبرم هاتفاً : ما لي بعاصم يا عمي ؟! أنا مختلف عن عاصم .
رفع وائل رأسه ليرمقه ملياً من بين رموشه قبل أن يربت على فخذه القريب : حسناً، اسمع يا روح عمك ، بعض النساء لابد أن تجبرهن ليطيعوك ، وابنة الخيال فرس جامح أصيل لا معنى لترويضه و أنت لا تمتلك لجامه ، أتبعوهو ينظر لعمق عينيه - اقبض عليها لجامك ثم روضها كما تشاء أما ما تفعله الآن لن يفيد.
اتبع بجدية وعيناه تومض بمكر : إلجأإلى جيناتك الأصيلة وستجد الحل يا طبيب المجانين .
نفخ بعمق وكلمات عمه تدوي بأذنيه تسيطر على عقله وتستولى على إدراكه وهو يفكر في كيفية تحقيقها ، عقله يتأرجح بين كل شيء حدث قديماًوحديثاً وتنتابه مشاعر عدة بين عشق اخفاه عن الجميع .. حب صرح به فلقى قبولاً ورضا منها .. غلطة هدمت كل شيء .. هروب وخوف .. خذلان وجراح .. ألم وفراق .. ليعود ثانيةً برغبة وأمل .. اعتذار وندم .. تحدي وصراع .. و أخيراًإعلان صداقة لم يقو على تحمله نصف يوم وهي أمامه فلا يشعر بأنها خاصته .
وضع ساقه أرضاً ليوقف أرجحة الفراش المعلق قبل أن يجلس بثبات وعيناه تومض بفكرة اعتلت صلابة ملامحه ولمعت بإصرار في حدقتيه ليغمغم بجدية وهو يردد إجابته التي أجاب عمه بها : سأفعل يا عماه ، سأفعل .
***
تجلس على الأريكة المريحة بصالة الشاليه الذي جمعها بالفتيات ، بعد أن اقترحت على الفتاتان الفكرة لتقضي معهما بعضاً من الوقت ، فتركت يمنى غرفتها لخالها وزوجته ، ليشاركا أبويها الشاليه ، و أتت مع حبيبة لتشاركاها الشاليه الذي خُصص إليها ، فمكثتا بإحدى الغرف ، بعد أن تركا آسيا على راحتها في غرفة منفصلة واحتلت هي الغرفة الأكبر في الشاليه والذي يشاركها فيها أمير ، تنهدت بقوة وهي تستمع إلى صوته الهادئ يأتيها عبر الأثير ،
لتتحدث إليه بخفوت : لقد أغضبت الجميع ودلفت الى الفراش يا آدم ، لا افهم ماذا حدث لقد وجدتها تتشاجر مع سليم الذي لم أره غاضباً – هكذا - من قبل ، لقد سيطر أسعد على غضبه وهدأه ولكنها تشاجرت مع أسعدأيضاً وأنهت الحديث على أن كلاهما لا شأن لهما بها وأنهما لا يملكان حق التدخل في أفعالهاوأن لها أخ و أب هما الوحيدان من لهما حقوق عليها ، زفرت بقوة قبل أن تكمل - ليغضب منها ميرو أيضاً .
أتاها صوته الهادئ : حسناً تحدثي معها لتعلمي السبب الحقيقي وراء مشاجرتها مع سليم .
مطت إيناس شفتيها لتجيب بتفكير : أعتقدأنه شيء خاص برقصها مع أدهم الجمال .
عبس آدم ليسألها بجدية : هل تجاوز أدهم حدوده معها ؟!
نفخت ايناس : لا ولكن هي راقصته بطريقة أثارت استيائي شخصياً ، رغم أني أعلم جيداًأنأدهم صديق مقرب لها ولكني تذكرت كلمات عز وتعليقه السابق عنهما لأجدني انتفض دون سبب لأشير إليها بالخروج من حيز حلقة الرقص وهي بالفعل استجابت لذا لا أعلم ما الذي دفعها للشجار مع سليم ثانيةً فالحفل انتهى بعدها و أدهم لم يعد للرقص هو الآخر.
عم الصمت عليهما قليلاً لتسأله بقنوط : متى ستأتي ؟!
ابتسم ليشاكسها بمرح : هل اشتقت لي ؟!
تنهدت بقوة : كثيراً ، و أحتاجك هنا أيضاً ، لم أعد قادرة على معالجة أمور آسيا بمفردي .
هتف بجدية : يومان أو ثلاث على الأكثر سألتقي بعز الدين هنا في إنجلترا ونعود سوياً بإذن الله ، تكوني أنت الأخرى عدت من الساحل .
همهمت بخفوت : تمنيت أن ترافقني إلى هنا .
ابتسم بحنان : وأنا الآخر يا حبيبتي ولكن لا تغضبي حينما أعود سنذهب في إجازة بمفردنا ونترك آسياوأميربرفقة عز الدين .
ضحكت بخفة لتجيب : بل سنذهب جميعاً بإذن الله .
رجف جفنيه بأمل ليهمهم إليها بجدية : حسنا تحدثي إلىآسيا وهاتفيني ثانيةً ، سأنتظرك .
تمتمت بكلمات هادئة وهي تتحرك نحو غرفة ابنتها بعد أنأغلقتالإتصال لتطرق الباب بلطف قبل أن تفتحه على استحياء : آسيا هل نمت ؟!
راقبت جسد ابنتها الذي انكمش تحت الغطاء الخفيف فتدلف إلى الغرفة وتغلق الباب خلفها لتجلس بجانب ابنتها على طرف الفراش تربت على كتفها برفق : انهضي لنتحدث يا آسيا ، حان وقت الحديث يا ابنتي .
***
نظرت إلى ابنة خالها الجالسة بمنتصف فراشها من خلال المرآة التي تجلس أمامها ، تسرح خصلات شعرها لتسألها بجدية : ما بالك يا حبيبة ؟!
أجفلت حبيبة لترفع نظرها إلى يمنى التي ركزت بصرها عليها لتهمهم بتلقائية : أشعربأن عمر غاضب ولكن لا أفهم السبب .
عبست يمنى لتنهض تتحرك نحوها : لماذا ؟! هل حدث شيئاً ما اغضبه ؟!
رجفا جفني حبيبة لتجيب بتلعثم : لا أعلم ، لقد تبدل بعد أن ..
صمتت لتجلس يمنى أمامها تحثها بإهتمام : بعد ماذا ؟!
زفرت حبيبة بقنوط : بعد مزاحي مع حسام .
نظرت إليها يمنى باستنكار لتردد بعدم فهم : مزاحك مع حسام ؟!!
أومأت حبيبة برأسها لتهمهم : لقد شاكست حسام كالعادة ولكن لا أعلم ،أعتقدأن عمر لم يتقبل المزاح .
أشارتإليها يمنى بكفيها أنتهدأ لتلملم خصلاتها الطويلة في كعكة فوقية : أخبريني كيف مزحت مع حسام ؟!
هزت حبيبة كتفيها : كالمعتاد يا يمنى ، أنت تعلمين حديث عادي حتى لا أتذكر معظمه .
نظرت إليها يمنى بعدم فهم : إذاً لماذا تتوقعين أن عمر غضب من مزاحكما إذا كان المزاح طبيعي ؟!
هزت حبيبة كتفها : لأني أشعر بهذا ، لقد أتىبآخر الحفل على ضحكي مع حسام ليرحب به بلباقة ويتجاذب معه بعض من الحديث قبل أن يستأذن حسام ويبتعد عنا .
نظرت إليها يمنى بإستفهام : وبعد ؟!
لوت حبيبة شفتيها : لم يحدث شيئاً ، بل رمقني بنظرة غامضة وظل صامتاًإلىأن انتهى الحفل ، ثم أوصلني إلى هنا .
__ ألم يتحدث معك على الاطلاق ؟! سألتها يمنى بإستنكار لتجيب حبيبة – بل تحدث معي بالطبع ولكن ليس بطريقته الطبيعية .
زفرت حبيبة بيأس : هل تفهمين ما أعني ؟! عمر لديه طريقة مميزة في الحديث معي .. لديه ألفاظ يختصني بها .. لديه نظرة خاصة تومض بعينيه لأجلي .
اتبعت باختناق : كل هذا اختفى بعد مزاحي مع حسام .
تنهدت يمنى بقوة لتهمس إليها : أنا اتفهمك يا حبيبة ولكن ألا ترى أنك تكبرين الأمر بطريقة غير طبيعة وخاصةًأن عمر رجل عاقل .. ناضج ، وليس غيوراً بتلك الطريقة التي تتهمينه بها .
تشتت نظرات حبيبة لتهمس : لا أعلم ، أخافأن يكون غاضباً فلم اهتم بغضبه ، وأخافأناسأله و أهتمفأنبهه أنه كان المفترض أن يغضب .
هتفت يمنى بإستنكار وهي تنهض واقفة بحدة : ولماذا تخافين من الأساس ؟! سواء غضب أو لم يغضب لا تدعي شيئاً يخفيك يا حبيبة .
رفعت حبيبة عينيها تنظر ليمنى ملياً قبل أن تهمس ببوح : بل يجب علي أنأخاف يا يمنى ، يجب أن اشعر بالخوف أنأفقده .. أن يبتعد .. أن يتركني وخاصةً بعدما حدث اليوم ، ابتسمت ساخرة واتبعت – بل أنا متعجبة لأنه لم يتركني اليوم ويهرب .
رقت نظرات يمنى بحنان لأجلها لتجلس أمامها ثانيةً تهتف بها : لماذا تظلمينه هكذا يا حبيبة ؟! منذ برهة تحدثت عن طريقته المميزة معك .. حديثه الخاص ونظراته الوامضة لأجلك ، وبآخر الأمر تشككين في وجوده معك .
ابتسمت يمنى ساخرة : لا يجب عليك الخوف يا حبيبة ، فرجل مثل عمر لن يهرب .. لن يبتعد .. لن يولي ظهره إليك .. بل سيظل بجوارك .. معك .. سندك .. و أمانك .
أومأت حبيبة بتفهم لتسألها بقنوط : حسنا أخبريني كيف أعرفإذا كان غاضباًأو لا ؟!
أجابت يمنى ببساطة : تحدثي إليه .
نظرت إليها حبيبة بتردد لتحثها يمنى بحركة من رأسها فتتناول حبيبة الهاتف لتتصل به ، تبتسم برقة حينما أتاها صوته الهادئ فتهتف بحماس سائلة : هل ايقظتك ؟!
ابتسمت يمنى حينما توردت حبيبة فتشير إليهابرأسها وهي تنسحب من الغرفة هامسه إليها دون صوت : سأذهب للشباب الجالسون بالخارج .
اشارت إليها حبيبة برأسها لتغادر يمنى مغلقة الباب خلفها ، قبل أن تنتبه إليه يهمس إليها : اين ذهبت ؟!
تمتمت حبيبة برقة : معك ، فقط يمنى كانت تخبرني أنها ستغادر للشباب في الخارج .
صمت قليلا قبل أن يهتف : إذاأردتأن تذهبي وتقضي وقتك معهم ، اذهبي يا حبيبة .
عم الإحباط عليهما لتسأله بخفوت : أنت لا تريد الثرثرة معي .
أجاب سريعاً : لا يا حبيبة ، أنا لا أريدك أن تعتزلي عائلتك لأجلي .
همست برقة : لا اعتزلهم ولكني أريد التواجد معك .
تنفس بعمق ليجيبها بصوت أجش : ماذا افعل بك الآنوأنا لا أقو على القدوم إليك ؟!
تمتمت بعدم فهم : لماذا تريد القدوم إلي ؟!
ضحك بخفة : لأستطيع الرد عليك – كما ينبغي - يا حبيبة . ابتسمت برقة ووجنتيها تتورد بخجل ليتابع هامساًأنا سعيد بتواجدك معي يا حبيبة .
انزلقت في فراشها تضم هاتفها إليها وهي تستمع إلى ثرثرته إليها بطريقة عفوية أزالت كل شكوكها عن غضبه .
***
يجلسون حول حلقة من النار أشعلها أسعد على حافة الشاطئ قريباً من تجمع النخل الذي يزين المكان من حولهم ينفخ بضيق ليتمتم أسعد : إهدأ يا سليم الأمر لا يستحق كل هذا الغضب .
هدر حسام بحدة : بل يستحق يا أسعد ، آسيا تجاوزت هذه المرة كل الحدود ، أتبع حسام بعصبية - هي تعلم جيداًأن هذا الوقح ابن الوزير شاب سيء السمعة ورغم هذا تصادقه .. تذهب وتأتي معه .. وتراقصه كأنها صديقته .
اجاب عادل بابتسامة باردة : لأنها بالفعل صديقته .
انتفض جسد سليم بغضب ليرمق عادل بحدة فيتابع عادل بجدية موجهاً حديثه له : ابنة عمتك لم تنكر الأمر بل صارحتنا جميعاًأنأدهم الجمال ابن سيادة الوزير صديقها المقرب .
تأهب جسد حسام ليغمغم بغضب : لا افهمك يا عادل ، هل تتعمد استفزازنا ؟!
ضحك عادل بخفة : ولماذا استفزكم هل هي ابنة خالتك وابنة عمته بمفرده ، آسيا تخصنا جميعاً ، إنها الصغيرة التي أتت وجميعنا واعيين لاختلافها سواء بملامحها الأجنبية الوهاجة أو شخصيتها المتمردة الجامحة .
تنهد بقوة ولوى شفتيه : شبيهة والدتها بل بنسخة أكثرجموحاً .
تحدث أسعد بجدية : لذا طريقة سليم معها لم تُجدي نفعاً بل ازادتها عِنداًو جموحاً وضربت بكل شيء عرض الحائط دون أن تستمع لأحدا ً منا .
تمتم سليم بغضب : كيف كنت تريدني أنأتصرف يا أسعد ؟! ألم ترها كيف كانت تتمايل أمام هذا ..
قاطعه عادل الجالس قريب منه : اهدأ يا وحش ، فنحن بضيافة أبيه والفتى لم يخطأ بشيء ، إنه حتى لم يدعو ابنة عمتك للرقص بل هي من تبرعت من نفسها لترقص معه .
انتفض جسد سليم بعنف ليقبض على تلابيب عادل مزمجراً فيتمسك به حسام من الخلف قبل أن يهدر أسعدبجدية : توقف يا سليم .
انفجر عادل ضاحكا حينما دفعه سليم بحنق : أنت تتعمد إثارة غضبي يا عادل .
كتم عادل ضحكته ليجيب بتفكه : أعتقدأن ابنة الخالة أيضاً تعلم كيف تثير غضبك يا سولم.
ابتسم أسعد واسبل اهدابه ليرفع حسام حاجبيه بتساؤل إلى عادل الذي رمق سليم بطرف عينه ليهمهم سليم بعدم فهم : ماذا تقصد يا عادل ؟!
هز عادل رأسه بحركة غير مفهومة ليجيبه بهدوء : اسمع يا سليم ، آسيا فتاة عنيدة .. جامحة .. بعض الأحيانطائشة ولكن لديها حدود لا تتعداها أبداً ، واليوم ما فعلته كان تصرفاً غير طبيعي ناتج عن فعل حدث من الممكن أنهأثار استيائها .. غضبها .. وغيرتها أيضًا ، آسيا مقربة منك للغاية وليس من السهل عليها أن تُغضبك ولكن من الواضح أنها تزأر في وجهك لسبب ما أنت الوحيد من يعرفه ، فعليك أنتسأل نفسك ماذا فعلت لها لكي هي تجيبك بم فعلت اليوم ؟!
عم الذهول على ملامح سليم ليسأل حسام بجدية : ولكن هي لم تغضب سليم فقط بل أغضبتأسعدأيضاً .
ضحك عادل ليرمق أخيه الذي هتف بأريحية : لم أكن المقصود بل كنت كبش فداء استخدم للتمويه عن الهدف الحقيقي .
هتف عادل بمرح : هذا هو الحديث الاستخباراتي الأصلي .
ابتسم حسام رغم عنه ليهز أسعدرأسه بيأس : أنت لن تتغير .
هز عادل كتفيه : ولماذا اتغير أنا هكذا رائع ؟!
تنهد اسعد بقوة ليلتفت فجأة لمكان الشاليهات ليسأله عادل بجدية : ماذا هناك ؟!
أعادأسعدرأسه ليغمغم بهدوء : يمنى قادمة .
انتبهوا جميعا لاقتراب يمنى التي وقفت أمامهم تهتف بجدية : هل تسمحون لي بالجلوس معكم ؟!
انتفض عادل واقفاً ليأتي إليها بوسادة كبيرة ليضعها بالمنتصف بينه وبين تؤامه : بالطبع يا حبيبتي ، تفضلي .
جاورت أسعد في الجلوس لينهض حسام واقفًا: حسناًأراكمغداً .
شاكسته بمرح : هل إذا حضرت الشياطين يا بك ؟!
ضحك حسام : بل إذا حضرت الملائكة يا موني ، ولكن اعذريني أنا مُتعب للغاية و أريد النوم.
تمتمت برقة :نومًاهنيئًا يا بروفسيور .
هتف حسام : تصبحون على خير .
أجابوه بلباقة ليهتف سليم بجدية - انتظر يا حسام سآتي معك .
نظرت إليه بإهتمام لتهمس بإسمه في تساؤل فابتسم بتشنج قبل أن يجيبها دون أنتسأل : في الغد سنتحدث يا موني ، تصبحون على خير .
ألقاها ليبتعد سريعًا فتعبس بضيق قبل أنتسأل : ماذا حدث ؟!
اجابها عادل : لا تشغلي رأسكإنه غاضب بسبب آسيا .
لوت شفتيها لتهمهم : إنه مخطئ وطريقته مع آسيا لم تكن صائبة .
ابتسم عادل وآثر الصمت ليهمس اسعد : لقد انصرف لأن عادل اخبره بم تقولينه الآن .
شاكست عادل بوجهها ليرد عادل مشاكستها لتكح بخفة قبل أن تقترب من اسعد تتأبط ذراعه وتقترب منه لتقبل وجنته بمرح فينظر إليها بتساؤل واذناه تحتقنان بقوة لتهمهم إليه ببساطة : فقط أردت تقبيلك .
اتسعت ابتسامة أسعد ليغمغم عادل بتفكه : وأنا ليس لدي أي قبلات .
اجابت بمكر : حينما تجد عروسك وتخبرني أن الزفاف اقترب سأفعل .
ضحك عادل بمرح وهو يراقب ملامح اخيه الضاحكة ليهتف بحبور : إنه لأحلى زفاف في العالم زفاف الوطن وحضرة القائد ، لم تخبرني يا أسعد عن حديثك مع بابا .
أجاب اسعد بجدية : ولن أخبرك فتوقف عن الإلحاح .
أشارإلى يمنى : حسناًأخبر يمنى .
تنفس أسعد بعمق : لن أفعل ، اصمت من فضلك قليلاً .
رتبت يمنى على كتفه بعد أن ضمت ساعده إليها بقوة لتهمس إليه : ضع رأسك هنا ، ألقتها وهي تشير إلىفخذها لتكمل – واستمتع بالصمت كما تحب وأنا كفيلة أنأجبر عادل على الصمت .
نهض عادل واقفًا : لا تجبري عادل ولا شيء ، بم أنكما عدتا كالسمن على العسل سأخرج أنا من بينكما .
ضحك أسعد بمرح ليهمس إليه بتفكه : أنتالآخر عسل ولكن ..
أكملإليه عادل بمرح : عسل أسودأعلم ، لذا سأعود إلى فراشي وأنعم بنوم هادئ ، تصبحون على خير
ردا سويًا : وأنت من أهل الخير .
راقب تؤامه ينصرف قبل أنيسأل بجدية اخفى المرح من ملامحه : ماذا حدث بينك وبين عمار اليوم يا موني ؟!
رجفا جفنيها ليرمقها بطرف عينه قليلاً فتتنفس بعمق قبل أن تجيب بشجاعة : سأخبرك .
***


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-09-20, 05:53 PM   #239

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

تتقلب في فراشها لا تستطيع النوم تشعر بقلبها يخفق بوتيرة صاخبة يسمعها كل من يقترب منها ، انقلبت مرة أخرى بالفراش تحاول أن تبحث عن نوم لا يداعب جفنيها .. غفوة لا تقترب منها وكأن فرحتها التي تسيطر على كل حواسها طردت نعاس عقلها .. وكأن روحها لا تريد السكينة التي سيفرضه النوم عليها .. وكأن مشاعرها التي انهمرت من السد - الذي هدمه بدل المرة اثنين بإعترافاته المتكررة - تعيق راحة يتطلع إليها جسدها ، احتقن وجهها بقوة وهي تتذكر أنها حينما وصلت برفقة ابيها واخيها للحفل فلم تجده ، فشعرت بالضيق الذي سرعان ما انتثر حينما طل عليهم بمظهره الأنيق وابتسامته الراقية وعيناه اللتان تشعان ببريق غامض ، تبحثان عنها دون كلل ، جف حلقها واحتقن وجهها وهي تتذكر نظرته المتملكة التي خصها بها ، انفراج شفتيه عن بسمة وجهها لها ، وتحية مساء أتت خشنة بزفرة حارة احرقت خديها لتجيبه بارتباك وتلعثم خجول انهته بسرعة لتهرب من حصار نظراته فتذهب لتجلس بجوار عمها الوزير تختفي به وهي تعلم أنه لن يذهب خلفها ، ليرمقها بتوعد أسرى رعدة خوف بقلبها لتبتسم إليه بمشاكسة خرجت منها عفوية فابتسم بمكر وهو يبتعد ليجلس بجوار والدته التي رحبت بها بل واحتفت أيضاً بوجوده .
غامت عيناها بمشاعر شتى تملكت منها حينما تذكرت أنه دفعها لترك حصنها المنيع ضده حينما وقف بأريحية يتحدث مع تلك الشقراء التي أبدت اعجابها بما فعله في الحديقة اليوم ، وكيف مشى على الحائط لينجز ما ارادته أميرة ، لترمقه بغيرة تدافعت بأوردتها في قوة ، بل إنها سرت باحتراق - لم تشعر به من قبل – وكأن اعترافه بحبه لها حرر كل ما كانت تخبئه له بداخلها ، وكأن كلمته حررت روحها العاشقة .. ودفعتها لكسر قيودها .. و إعلان انتمائها له ، فاحترق فؤادها بنيران غيرتها بينما تراقب ابتسامته الماكرة التي تلاعبت على ثغره وهو يتحدث إلى كاترينا في حديث لم تفقه ماهيته لبُعد مسافة وقوفها عنهما ، ضغطت فكيها بقوة وهي تراقبه يقف بطريقته المفضلة يضع كفيه في جيب بنطلونه الكلاسيكي الازرق الغامق فتنفر عضلات ساعديه وتظهر بقوة من خلف كمي قميصه الأبيض المتراجعة للخلف و الملتصق لعضلات صدره العريضة فيصبح بهجه للنظر .
إلتفتت من حولها تبحث عن أي سبب لتبعده عن الأخرى التي استولت على تركيزه كاملا وهي تهدر بكونه ملكا لها ، ولا يحق لأخرى غيرها الاقتراب منه أو الطمع به أو حتى مغازلته كما فعلت تلك الشقراء عديمة الحياء ، ومضت عيناها بفكرة أقرتهاسريعاً فانحنت لتلتقط بعض من الحصى الصغيرة ثم تشد جسدها واقفة لتصوبهم وهي مختفية بدقة إلى المصباح المعلق بجانب النخلة الكبيرة أمامها مستغلة دروس الرماية التي لقنها إياها في وقت سابق وهما صغار .
ابتسمت بنصر تلألأ بحدقتيها حينما انطفئ المصباح ، لتتحرك نحوه تناديه بصوت مسموع وكأنها تعلن ملكيتها إليه لينبته إليها بعبوس طفيف اعتلى ملامحه و أثار ضيقها ، رمقته بعتاب واقتربت منه لتثرثر بعفوية افتعلتها : المصباح تعطل لا أعلم كيف ، وأصبحت المنطقة مظلمة دون نوره.
نظر إلى المصباح المعتم فعليًا ليهمهم بعدم فهم وهو يقترب من مكان وقوفها تاركًا الأخرى خلفه : غريب كان مُضاء منذ قليل .
هزت كتفيها بعدم معرفة وهي ترمق الأخرى التي تبعته كظله لتساله والدته بجدية وخاصةً حينما انتبه جميع الكبار على صياح جنى بإسمه : ما الأمر يا حبيبي ؟!
تمتمت حينها سريعًا : سيرى ما الذي حل بالمصباح يا خالتي ؟!
القتها وهي تشير إلى المصباح المعطل ليهتف وائل بجدية : اتركه يا بني ، فهو ليس هامًا للدرجة فبقية المصابيح منيرة . .
ابتسم وهو يرمقها بطرف عينه : لا اقو على رد أوامر الدكتورة يا عمي .
تلاقت عيناه بعيني أبيه الذي ابتسم بمكر بينما عبست امه بعدم رضا وهتفت بغيرة عفوية : سيتسخ قميصك يا بني .
توقف بعد أن تحرك فعليًا ليرى المصباح فيتنهد بقوة : نعم معك حق يا أماه .
قالها بهدوء و أنامله تداعب ازرار قميصه ببطء فتتلعثم جنى بخجل وهي تراقب خلعه لقميصه : لا داع يا أسعد ، اتركه للصباح
رفع نظره لتومض حدقتيه بضحكة ماكرة فتتورد وجنتيها وتشيح بنظراتها عنه قبل أن يهمس باسمها في خشونة فتنظر إليه من جديد فيمد له قميصه بعفوية : فقط احمليه إلى أن انتهي .
احتقن وجهها بقوة قبل أن تهز كتفيها برفض لاح على ملامحها فتقفز كاترينا من خلفها وخاصةً حينما تلكأت في أخذ القميص لتهتف بإنجليزية : سأحمله أنا
إلتفتت جنى إليها بحدة قبل أن ترمقها بنظرة زاجرة أعادت كاترينا إلى الخلف قليلاً لتتناول منه القميص ، تقربه إلى صدرها بغيرة لمعت بحدقتيها فتشرق ملامحه بضحكة رائقة لم تراها من قبل!!
...
مستلقي على وسادة كبيرة نوعًا ما بطراز عربي أنيق يضع رأسه فوق ساق شقيقته كما طلبت منه، ينظر إلىالسماء متأملاً .. مستمتعًا بالصمت الذي حاوطه .. غارقا في دنياه الخاصة التي اكتملت بها يتذكر ما حدث بينهما وكيف انتفضت بغيرة اشتعلت بعينيها وهي تراقب حديثه مع كاترينا .. كيف زجرتها بحدة حينما حاولت أن تحمل قميصه عنها ، ليستدير حينها مانعًا ضحكة كادت أن تنفلت من بين شفتيه ولكنها أشرقت عينيه فأخفاها عن الكبار المراقبين للموقف بكثب ، متحكمًا في سعادته التي تحكمت بأوردته وداعبت أروقة قلبه فشعر بأنه يحيا ثانية ففي بُعدها كان جسدًا دون روح ، تنهد حينها ورفع ذراعيه ليشد جسده قبل أن يقفز فيتعلق بالنخلة في سلاسة يتسلق جذعها بيسر وهو يراقب اعجابها الذي ومض بعينيها فيبتسم بسعادة لمراقبتها إليه .
...
عضت شفتها وهي تتذكر حركة جسده الانسيابية ، ابتسامة شفتيه الماكرة فتنهدت ولهه كما تنهدت حينها غير قادرة على منع نفسها عن تأمله بإعجاب متفحصة عضلات جسده الظاهرة من خلف التي شيرت القطني الأبيض الذي يرتديه فيحدد عضلات ظهره وذراعيه وجسده المعتاد على التمرينات العسيرة ، رائحته المنبعثة من قميصه الذي تحتضنه تسيطر على حواسها فتفصلها عن العالم من حولها ، ولكنها استفاقت من غيمته الساحرة التي استولت على ادراكها على هتاف الأخرى بانبهار جلي : وااااو إنه رائع.
أطبقت فكيها بقوة لتركز نظرها عليه يقف بإتزان يسند جسده إلى جذع النخلة الملتف حوله بساقيه قريب من المصباح ليرى ماذا ألم به قبل أن يهتف بها : اللمبة كُسرت يا جانو ، ألديك بديل سليم أضعه بدل هذه؟!
حينها هزت رأسها نافية فابتسم ليشد جسده ويلفه بمهارة قبل أن يقفز واقفا امامها ، شهقت بخوف في حين صفقت الأخرى بحرارة وهي تهتف بلغتها الأم في كلمات كثيرة لم يفقها معناها فيتحرك هو بهدوء اتجاهها متجاهلًا الأخرى و يقترب منها بتؤدة ليهمهم بخفوت : هلا أعدتإليّ قميصي؟!
بللت شفتيها بتوتر لتُخفض نظرها خجلاً تنظر إلى قميصه الذي تجعد بسبب احتضانها له لتتمتم وهي تناوله إياه : المعذرة لقد..
قاطعها وهو يتناوله من كفها فيلامسها بتعمد يدير سبابته على ظهر كفها قبل أن يجذب القميص منها ليهمهم بخفوت : لا تعتذري عن أي شيء لقد حقدت على قميصي لأنه نال ما لم أحصل عليه منك .
احتقنت بقوة لتعض شفتها بخجل اعتراها تهمهم بإسمه في تلعثم قبل أن تغمغم بخفوت : أسعد هذا لا يصح .
ضحك بخفة فرفعت نظرها إليه بتعجب تتأمل ضحكته الخافتة فتتوله نظراتها رغم عنها قبل أن يهمس لها بمكر ارتسم بعينيه : لا يصح ، أيصح أن تكسري المصباح لتناديني بعيدًا عن كاترينا؟!
تبرمت برفض تنفي بعدم صدق : لم أفعل طبعًا .
هتف بإسمها آمرًا ليتبع : انظري إلي ، رفعت نظراتها إليه ليهمهم بخفوت و عيناه تحتضناها - إنه لأجمل فعل اقدمت عليه ، ولكن المرة المقبلة لا تفتعلي شيء نادي علي فقط و أخبريني أنك تغارين حينها ..
صمت قليلاً قبل أن يهمس بخفوت و هو يأسرها بنظراته : سأقبل عينيك التي رأت أفعالي فغارت و سأقبل رأسك التي فسرت أفعالي فغارت و سأقبل شفتيك التي أخبرتني أن روحك تهفو إلىّ و تغار علي
اتسعت عيناها بذهول و وجهها يتضرج بحمرة قانية قبل أن تستدير على عقبيها و تبتعد عنه دون أن تهمس بحرف تكاد أن تركض بخطواتها لتختفي بغرفتها لوقت طويل عادت منه لتجده اختفى من الحفل دون أن تعلم أين ذهب !!
...
احتقنت اذنيه وهو يتذكر انطلاقه في التعبير عن مشاعره نحوها والتي لم يستطع أن يمنع نفسه عنها لتتسع ابتسامته رغم عنه وهو يتذكر أنه ابتسم بنفس الطريقة حينها بل إن ابتسامته تحولت إلى ضحكة رائقة انطلقت في ثنايا روحه فابتلعها مرغما حينما التقط نداء أبيه الذي اشار إليه بعينيه آمرًاأن يتبعه – دون صوت فاستجاب بطاعة وهو يخطو خلف خطوات أبيه الذي وقف معه على الشاطئ ليعاتبه بعينيه دون أن ينطق بحرف فيزفر حينها ويهمهم بجدية : لقد أخبرت عمي أحمد يا أبي وكررت طلبي له .
حينها قست نظرات والده ليهدر بجدية : لم تستمع لي يا أسعد وفعلت ما أردت دون الإهتمامبرأيي .
أجاب سريعًا : لا طبعًا يا بابا بل رأيك فوق رأسي ولكن ..
صمت قليلا قبل أن يلوي شفتيه بغمغمه مضطرًا أن يقص على والده ما حدث صباحًا ليتبع شارحًا – لم يكن من اللائق ألاأخبرهأني متمسك بها وخاصة بعدما رأى ابنته متعلقة برقبتي .
حينها انفرجت شفتي أبيه عن شبه ابتسامة ليغمغم إليه بتفكه : وطبعًا أنت سعدت بتعلقها بك.
احتقنت اذنيه بقوة ليشيح بعينيه بعيدًا فلا يلتقط أبيه مشاعره التي تصاعدت بعد حدود تعقله ليجيب مراوغًا : الفكرة أني وضعت بالموقف فلم أجدحلاًإليه سوى ما فعلت ، اتبع سريعًا – لم أقصدألاأهتمبرأيكأو اكسر كلمتك ولكن لا اعتقد أنك ترتضي لي أن لا أكون على قدر كلمتي يا أبي.
حينها زفر والده ليربت على كتفه بتشجيع : لا طبعًا يا أسعد ، بل أنا اساندك و أتفهم موقفك ومنذ أن اخبرتني عن رغبتك الأولية في الإرتباط بها منذ سنوات وعدت لتكرر رغبتك هذه منذ أشهروأناأدعمك ولكن أنت لازلت تراوغ حول سبب تحفظي على اندفاعك نحو ما تريد دون أن تفكر بطريقة سليمة .
تنهد بقوة : لست مندفعًا يا بابا ، ولا اراوغ بل أخبرتك من قبل أن ماما لن ترفض لي طلبًا .
زم أمير شفتيه : نعم هي لا ترفض إليك طلبًا ولكن إذا علمت أنك تقدمت إلىأحمد دون أن تهتم بأن تخبرها برغبتك في الزواج من ابنته ستغضب وحينها ستعاند ومن الممكن أن ترفض لهذا السبب ، صمت أبيهقليلاً قبل أن يكمل بصوت ذو نبرة خاصة – إذا طبعاً نحينا سبب رفضها الذي لا تعده أنت سببًا من الأساس .
عبس بضيق حينها ليغمغم بانفعال : لأنه ليس سببًا بالفعل يا بابا ، ففارق السن بيني وبين جنى ليس بالمقدار الذي تعترض عليه ماما .
تنهد أمير بقوة قبل أن يحدثه بلطف : والدتك تحيا هذه الأيام لتفرح بك أنت و إخوتك ، وفرحتها بكم معناها أنتتزوجون ممن تقبل بهم ،
سأل بحدة تملكته : ألن تقبل بجنى ؟!
اقترب أبيه منه ليربت على كتفه بحنو : أمك تحب جنى بل تعتبرها إبنة لها ولكن حينما تفكر في زواجك أنتوأخيك ، تفكر في فتيات صغار قادرين على الإنجاب ومتفرغين لكما كما هي تفرغت لي ، بل لأجلك أنت خاصةًتريد فتاة لا ترغب في العمل حتى تكون قادرة على تلبية متطلبات عملك ، رغم أن عادل متطلبات عمله عسيرة أيضاً ولكن هي تفكر بأنك تسافر دوماً فلابد أن تكون زوجتك ربة منزل لتبقى لرعاية الاطفال ورعايتك حينما تكون متواجداً .
رمقه اسعد من بين رموشه ليتمتم بغيظ : حقاً ؟! حسناً،ألم ترتب ماذا ستفعل زوجتي في أيام غيابي ؟!
ضحك أمير بخفة : تأدب يا ولد .
غمغم ساخراً : إذاً ، ماذا يتبق لم تخطط إليه ماما إلاأن تتزوج هي من الفتاة ؟!
تلألأت عيني أبيهبابتسامة لم تظهر على ملامحه ليهدر به في جدية : احترم نفسك يا ولد .
نفخ بضيق : ما تقوله يا أبي لا يتحمله أحدًا ، أمي تنتقي لي عروسًا بمواصفتها الخاصة التي لم تستشيرني بها .
ضحك أمير مرغمًا : بل ستخبرك بها ولكن أنت من لا ترغب في الحديث بالأمر .
تنهد بقوة : سأتحدث مع أمي يا بابا ولن أخبرها بحديثي مع عمي أحمد حتى لا تغضب .
حينها نطق أبيه بجدية : واهتم بأفعالك مع جنى لأن والدتك بدأت بالانتباه لك وخاصةًأنك لا تقو على التحكم في انفعالك على غير العادة .
ابتسم بخجل ليهمهم : فقط إنهأثر الفرحة ولكني سأخذ حذري ، أمرك يا بابا .
ربت أبيه على كتفه ليهتف إليه : من رأيي لا تعد ثانيةًإلا عند انتهاء الاحتفال حتى لا تحتك بجنى ثانيةً فوالدتك متربصة لك خاصةً .
لوى شفتيه ليغمغم بضيق : حسنا لن أفعل وليس لأجل ماما فقط بل لأجلها هي أيضاً فهي لن تتحمل أكثر من ذلك .
قهقه أبيه ضاحكًا قبل أن يلكزه في كتفه بمرح : تأدب يا أسعد حتى لا احبسك انفراديًا بقية أيام المصيف .
حينها شد جسده ليمنح أبيه التحية العسكرية وملامح تتشكل بصرامة : أمرك يا فندم .
انقلب على جانبه لتلاعب يمنى خصلاته القصيرة هامسة بخفة : هل غفوت يا دودي ؟!
عبس باستنكار ليردد بصوت خافت : دودي ؟!
ضحكت برقة لتربت على رأسه :حسنًا يا حضرة القائد ، هل غفوت ؟!
تمتم وهو يزفر بقوة : لا ، سألته بجدية – إذاً هل أنت غاضب ؟!
اسبل اهدابه قبل أن ينهض جالساً ينظر إليها مليًا قبل أنيسألها بصرامة : لا يهم شعوري يا يمنى، ما يهم شعورك أنت ، هل أنت راضية .. متقبلة ما حدث .. مدركة لما تفعلينه جيداً ؟!
تنهدت بقوة وهي تسبل اهدابها : أنا محتارة يا أسعد وغير مرتاحة أيضاً .
عم الصمت عليهما قليلاً قبل أن يهمس أسعد : لم تسأليني كيف عرفت إن حدث شيئاً بينك وبين عمار اليوم !!
هزت كتفيها بعدم معرفة : لم أفكر في كيفية معرفتك ، لأنك دوماً تعرف الاشياء بطريقة خاصة بك ، لقد ترعرعت على أنك تعلم كل شيء فلم أفكرأبداً كيف عرفت هذا الأمرأو ذاك.
__ لطالما عرفت الامور بالمصادفة ، أجاب بعفوية ليضحك متابعا بخفة - ولكن اليوم عرفت بطريقة مباشرة ،
نظرت إليه باهتمام فاكمل : عمار من اخبرني بعدما رأيته يتحدث معك ظهراً ، فقص لي أنه كان ينتظر عودتي لأنه يريد اخباري بم حدث بينكما ، ويعتذر مني عم فعله معك ، ثم كرر طلبه في الاقتران بك .
رفع أسعد عينيه ليسألها بجدية : وها أناأسألك عن رأيك يا موني ؟! هل تقبلين بالاقتران بابن الخالة أمترفضينه ؟!
***
يختلج قلبها وهي تتمسك بهاتفها تحشره بين طيات فراشها ، تحمر خجلاً وترتبك ما بين رغبتها في التواصل معه وحرجها من أن تراسله في هذا الوقت المتأخر من الليل
ينتفض قلبها وهي تتذكر زجرته الخشنة بجانب أذنها حينما بدأت تتمايل على الموسيقى الصاخبة التي أدارها سليم بناء على رغبة حرم سيادة الوزير التي أرادتأن تجعل الحفل صاخباً فتستميل الجميع كي يرقصون مع عمه العريس الذي استجاب لدلال نوران وتبتسم العروس بخجل و ترفض بحياء رغم مشاركتهم وقوفًا ، لتنضم هي بناءً على رغبة خالها الذي استجاب لرغبة خالة زوجته والذي راقص زوجته بأريحية وهو يثير جواً من المرح أمامهم يشاكسها هي وابنته بمرح فتنسجم معهم برقة لتنسجم بعد وقت قليل مع الموسيقى وتتمايل برقة أجبرتهاعليها حبها الى الأغاني التي أُنتقت بعناية لأجل حفل الخطبة وتميزت بذوق راق اعجبها ، لتنتفض بخوف على صوته الذي هدر بخشونة بجوار أذنهاآمراًإياهاأن تغادر حلبة الرقص ، حينها نظرت إليه باستنكار وخاصةًأنهلم يكن ساكناً بل كان يرقص مع تلك الشقراء المائعة ابنة الفنانة .
عبست بغيظ وهي تتذكر حديثه الصارم حينما واجهته بحدة أنها لا تريد الإبتعاد وأنه الآخر يرقص مع أخرى لا تفهم علاقته بها ليهمهم إليها بغضب : لا شأن لك بآسيا ، إنها صديقتي المقربة أما أنت فمختلفة .
همت بالاعتراض لتومض عيناه ببريق بدد إدراكها وهو يهمس بخفوت وابتسامته الجانبية تبعثر حنقها : أغار أنيراك أحدهم وأنت تتمايلين يا مريوم ، أنت خاصتي بمفردي .
اختلج قلبها برجفة تَعلٌق ثانية ووجهها يتورد وهي تتذكر أنها استجابت إليه بالفعل وعادت للطاولة التي تجلس عليها ابنة خالها التي غادرت قبلها ، لتجاورها إلى انتهاء الحفل بسكينة ووداعة وخاصةًأنه توقف عن الرقص بدوره ، بل ابتعد عن الجميع ووقف بركن الحديقة دون أن يغفل بنظره عنها للحظة واحدة .
انتفضت بخوف والهاتف يرن بين كفيها لتجيب على الفور وخاصةً حينما ومضت صورته أمامها همهمت بصوت أبح : أهلين .
صوت تنفسه القوي أتاها عبر الأثير ليغمغم بصوت محشرج : أجمل أهلين من أجمل شامية
توردت لتجيب بصوت حاولت أن تخرجه جادًا : عفواً ، أدهم تريد شيئا ؟!
ضحك بخفة وابتسامته الماكرة تتشكل على ثغره : قلب أدهم الصغير ، بالطبع أريد أشياء وليس شيئاً واحداً ، ارتجفت حدقتيها وهي تشعر بهمسته تداعب وجدانها ليتابع بخفوت - أردت فقط أنأشرح لك أنآسيا صديقتي المقربة بل إنها تماثل اختاي ، أناو آسيا تربينا سويًا لذا لا داع لغضبك أو ..
صمت وثغره يلمع بابتسامة غامضة قبل أن يكمل : أو غيرتك .
تمتمت بحرج : أنا لا أغار .
ارتفع حاجبيه بتسلية : حقاً ؟!!
صممت بخجل ليتابع مغمغمًا : حسنا توقعت أنك تغارين علي مثلما أغار عليك .
انتفض قلبها وروحها ترتعش بتأثر لتسأل بلهفه صدحت بصوتها : حقاً ؟!
مط شفتيه بتلاعب : حقاً ماذا ؟!
تمتمت بخفوت : حقاً تغار علي ؟!
ليجيب سريعاً بصوت أجش قوي : أنا ولدت لأغار عليك يا ذات العينين الرمادية يا أجمل شامية رأيتها بحياتي كلها .
شعرت بوجهها يحترق خجلاً لتهف أمامه بإحدى كفيها وهي تهمس بإسمه في خفوت شديد ليهمهم إليها : حسناًسأصمت و أغلق الهاتف ولكن تمني لي نومًا هنيئًا .
تمتمت برقة : نومًا هنيئًا .
سأل بخفة : ستأتين لي بالحلم . ترددت بعدم فهم ليتابع بمشاكسة - فهو لن يكون هنيئًا دونك .
تمتمت بخفوت : أحلام سعيدة .
ألقتها على عجل وأغلقت الهاتف لتضع كفيها على قلبها تحاول أن تهدأ من خفقاته لتشعر بأنها تريد الصراخ بسعادة تخبر الجميع عن حبها له ، ولكنها لن تقو على ذلك ، فاخفت كل شيء داخلها لتخرج مشاعرها الجياشة بتنهده طويلة خرجت حارة مشبعة بكل ما يعتمل بداخلها نحوه .
كتم ضحكته التي كادت أن تجلجل حينما انغلق الخط بوجهه ليكز على شفته بقوة مانعًا نفسه أن يخرج سعادته التي ومضت في حدقتيه فلمعت بشذرات البندق فيهما ليتنفس بعمق و يخطو نحو البناية التي يبيتون فيها ،توقفت خطواته وعبس بتعجب حينما استمع إلى همهمات خافته تأتي من خلف الحديقة المؤدية للمطبخ الخاص بشاليهم .
تحرك ببطء وترقب سيطر عليه لتتسع عيناه بصدمة حينما إلتقط اقتراب سائقهم صغير السن من جود التي تدفعه برفض وتهم بالصراخ ليكمم فمها بكفه الغليظ ، انتفض بغضب تملكه ليتحرك سريعًا نحوهما فيجذبه من قفاه ليلكمه بعنف قبل أن يرميه بعيداً فيسقط أمام قدميه ثم يقف فوقه كالطود الغاضب ليداعب هاتفه مغمغما بصوت خفيض : هات علي وتعال أنا احتاجكما أمام باب المطبخ الخارجي ، تنفس بحنق ليتبع - بشاليه بابي هيا لا تتأخرا
***
بكاء متقطع ووالدته تجلس بجوار الفتاة بملابس النوم تربت على كتفها بعد أن اوقظها حتى تحتوي إنهيار جود ، فتلقفتها والدته بالفعل لتحاول أن تهدأ من روعها قبل أن تهاتف عاصم لتأتي به – ضد رغبته – ولكنها صممت لأجل أن يقر ما سيفعلونه بالسائق الذي قيده هو وابني عمه ووضعوه خلف الشاليهات متخفيًا، زم شفتيه بضيق وهو ينظر نحو عاصم الهادئ ينظر للفتاة ببرود بعد أن سحب الكرسي الآخر ليجلس مقابلاً لها يضع ساقًا فرق أخرى ويعقد ساعديه امام صدره يرمقها من بين رموشه ويسأل بهدوء : هلا انتهيت من البكاء يا آنسة ؟!
زمجر باعتراض: لا تضايقها يا عاصم ، اتركها بحالها الآن .
رمقه عاصم قليلاً قبل أن يلتفت إليها ثانية هاتفًا بصرامة : لابد أن نفهم ما حدث قبل أن يستيقظ أبيك ويزج بالولد في غياهب السجن
هتف بغضب : فليذهب إلى الجحيم ولكن اتركها لتهدأ ألا ترى صدمتها إنها تنهار عصبياً ؟!
تطلع إليه عاصم من بين رموشه لينقل نظراته إلى فاطمة التي تنظر لابنها الذي فزعها وأوقظها من نومها لأجل أنيهذر إليها بحدة عن خادمتهم التي تعرضت للتحرش من السائق صغير السن الذي لا يحبه ولا يفضل وجوده ، فتلتقط نظرات عاصم المتسائلة لتجيب بهزة خفيفة نافية من رأسها قبل أن تهمهم بهدوء : أهدا يا أدهم لابد أنتخبرنا ..
صمتت وهي لا تتذكر اسم الفتاة فيزمجر ادهم بحدة : جود يا مامي .
زفرت فاطمة لتهمهم : لابد أن تخبرنا جود بما حدث يا أدهم ، اتبعت وهي تربت على ساعدها - اهدأي يا حبيبتي وأخبرينا ماذا حدث ؟!
نهنهت الفتاة لتنطق بصوت خافت : لا اعرف إلىالآن ما حدث ، فأنا كنت عائدة لمكان نومنا بعد أن انهيت عملي بالمطبخ ولكن أشرف قطع طريقي و أخبرنيأنه يريد الحديث معي ، رفضت بالطبع واخبرته أن ينتظر للصباح ولكنه اصر على الحديث وحينما حاولت أن اتخطاه اوقفني ودفعني للحائط هممت بالصراخ ليكتم صرخاتي وهو يخبرني أنأصمت فهو كل ما يريده أن يتحدث معي ، شعرت بالخطر ولكن الله لم يتركني فبعث أدهم لينقذني .
ارتفع حاجب عاصم بتعجب ليرمق فاطمة التي التفتتإلى ابنها الذي يتأمل الفتاة بحمية لتكمل هي بتوتر عفوي : الحمد لله أنأدهم بك أنقذني منه ، انتفضت بخوف لتتبع – لا أعلمإن لم يكن أتى في هذا الوقت ماذا كان سيحدث معي .
اتبعت بنحيب : سيظل جميله طوق يلتف حول عنقي لا أقو على رده أبداً له .
تمتم أدهم بتلقائية : لا تقولين هكذا يا جود ، انت تخصيننا ويجب الدفاع عنك ورعايتك .
عم الصمت عليهم قليلاً بينما يتبادل عاصم و فاطمة النظرات ، قبل أن ينطق عاصم بجدية : من الواضح أنه كان يريد الحديث فقط ولكن رفضك من أثار غضبه .
شحب وجهها ليزمجر أدهم بغضب : هل من المفترض أن تقف تثرثر معه بعد منتصف الليل يا عاصم بك ؟!
زفر ببطء وهو يلتفت إلىابن عمه ليهتف بجدية : لا طبعاً ، ولكن ما تقصه لا يفيد بأنه تحرش بها أو اعتدى عليها
هدر أدهم بجدية : اعتراضه لطريقها وإجباره لها لا يعد اعتداء يا عاصم .
ضيق عاصم عينيه لينهض واقفًا مقتربًا منه ينطق بثبات وهدوء وصوت حافظ على خفوته : ألا ترى أنك تبالغ بردة فعلك يا أدهم ؟! غضبك لأجل الفتاة ليس طبيعي .
نظر له أدهم مليًا لينطق بجدية وطريقه تماثل طريقة عاصم : هل لو كانت إحدى فتيات العائلة يا عاصم كنت ستتصرف بنفس طريقتك الآن ؟!عبس عاصم وعيناه تغيم بغضب عاتي ليكمل أدهم ببطء - أم لأنها لا تخصنا نتهاون بحقها ؟!
ابتسم عاصم رغم عنه ليغمغم بمرح اخفى فيه اعجابه : لا يا سعادة النائب لا يصح أن نتهاون في حقها ، أكملبجدية - ستكون سياسي ماهراً يا فتى .
رفع أدهم رأسه في شموخ ليتمتم بحدة : إذاً يا كبير العائلة ما رأيك كيف سنتصرف ؟!
هم عاصم بالرد ولكن كلماته حُشرت بحلقه حينما دلفت إلى المطبخ عيونها تحمل آثار النعاس المحفور على ملامحها ، تحك خصلات شعرها بطريقة طفوليه أثارت ابتسامته التي تلاشت وعيناه تلتقط منامتها الستانية بلونها الأرجواني الفاتح والظاهرة من مئزرها المفتوح على مصرعيه فلا يخفي بلوزتها القصيرة التي تخفي بطنها بالكاد ، شورتها القصير الذي يصل لمنتصف فخذيها فيتوهج جسدها بلونه البرونزي أمام عينيه ليصرخ دون وعي : ماذا تفعلين هنا؟!
ليشاركه أدهم الصراخ بنفس الوقت : ما الذي أتى بك الآن ؟!
انتفضت نوران بفزع لتتلاحق انفاسها وتتراجع للخلف هاتفه : بسم الله .
لتتابع بانفعال : ماذا يحدث ؟! لماذا أنتما هنا ؟!
انتبهت لأمها التي وقفت بدورها لتسأل بتعجب : مامي ، لماذا متجمعون هكذا ؟!
زمجر عاصم بضيق : لا شأن لك ، عودي الى غرفتك ولا تخرجي ثانيةً من بابها وأنت هكذا .
نظرت إليه بعدم فهم لتهمهم : هكذا كيف ؟!
زمجر أدهم : اغلقي مئزرك يا نور .
نظرت إليهما دون وعي لتغمغم بتساؤل وجهته لعاصم : ما الذي أتى بك عندنا الآن ؟!
هدر فيها وهو يتحاشى النظر إليها : لا يهم هيا عودي لغرفتك .
صاح أدهم ضائقًا : لا تتحدث معها هكذا ولا شأن لك بها تذهب تعود لا شأن لك .
إلتفتإليه عاصم بغضب : التزم حدود الأدب يا فتى ولا تنس أبداً مع من تتحدث . خطى نحو نوران بغضب ليزجرها بحدة وهو يقبض على مرفقها بجدية - اغلقي مئزرك وعودي لغرفتك وإياك أن تخرجي منها هكذا ثانيةً .
هدر أدهم وهو يقف أمامه بغضب تملك منه : اتركها ولا تلمسها ثانية فأنت ليس لك الحق فيم تفعله ، شقيقتي مسئوليتي بمفردي في غياب أبي وأنت لا شان لك بها .
ومضت عينا عاصم بغضب : بل لي كل الشأن فلا تتدخل بأمور الكبار يا ولد .
زمجر أدهم بغضب ليرمقه عاصم بتحدي لتهتف فاطمة بجدية وهي تتحرك لتقف بالمنتصف : هل ما تفعلانه الآنيليق بالموقف الذي نحن فيه ؟!
هدر أدهم بغضب : ألم تري ما فعله يا مامي ؟!
رمقته فاطمة قليلاً قبل أن تنظر لعاصم فيهدر بجدية : هل يعجبك ما ترتديه ابنتك وتتجول به في أنحاء الشاليه ؟!
تنفست بقوة لتستدير إلى ابنتها الغير واعية تماما لما يحدث حولها لتبتسم برقة تقترب منها تغلق إليها مئزرها بحنو وتهمس إليها بأمومة : لماذا أتيت يا نوران ؟!
أجابت بعفوية وهي تفرك عينيها : شعرت بالعطش .
تحرك عاصم بجدية ليخرج إليها زجاجة من الماء ليناولها اليها قبل أن يهمهم : عودي الى النوم يا نور .
نظرت إليه نوران بنصف عين لتهمهم بدلال : أنت هنا حقاً أم أناأحلم ؟!
كتم ضحكته التي كادت أن تجلجل من حولهم لينتفض أدهم بحنق يسحب شقيقته من كفها للخارج لتتلاقى نظرات عاصم مع فاطمة التي هزت رأسها بلا فائدة ليتنهد بقوة قبل أن يقترب من زوجة عمه هامسًا : الأمر بسيط ولكن السياسي المخضرم لديك يريد تحويلها لقضية رأي عام دون سبب، صمت قليلاً وهو يخفض عينيه بتفكير قبل أن يرفعها لفاطمة سائلاً - أم أن هناك سببا يا فاطمة لا نعرفه ؟!
توترت حدقتيها قبل أن تغمغم: بالطبع ليس هناك سببًا سوى أنه يشعر بالشفقة نحو الفتاة .
تنفس بعمق وهو يرمق الفتاة المنتحبة بطرف عينه ليغمغم : أعلم ولكن عمي إذا علم بالأمر سيبطش بالولد الذي لم نسمعه إلىالآن .
مطت شفتيها : إنه يستحق يا عاصم مهما كانت أسبابه لا يحق له ترويعها هكذا .
هز رأسه بتفهم : نعم معك حق ولكن عمي لن يستمع ، سينهي على مستقبله على الفور دون أن يحاول التفاهم معه .
عقدت ساعديها أمام صدرها : إذاً ماذا تقترح يا عاصم ؟!
سحب نفسًا طويلاً : سنؤجل إخبار عمي حتى أتحدث مع الشاب و أفهم منه.
همت بالحديث ليقاطعها دخول وائل الذي هدر بصرامة : ما الذي ستؤجل اخباري به يا عاصم؟!!
***
استيقظ من النوم على أزيز هاتفه ليرمش بعينيه كثيراً قبل أن يحاول الحركة فيبتسم بحنان إلى من تتوسد صدره ليزيحها بلطف بعيداً عنه فتهمهم بكلمات مبهمة تثير ابتسامته ، انحني مقبلاً رأسها مربتًا على خصلاتها بحنان لتبتسم من بين غفوتها وتنقلب مولية اليه ظهرها ، تعلقت عينيه بها بعشق جارف يجذبه نحوها لينتشله من تعلقه أزيز هاتفه الذي عاود الوميض ثانيةً انتبه إلى الاتصال الخارجي الذي يرد إليه ينهض من جوارها يتلمس موضع قدميه ملتقطًا هاتفه قبل أن يتحرك دالفًا إلى دورة المياه مجيبا للاتصال الذي أرهف سمعه إليهجيداً بهمهمة خافتة : سآتي قريبًا ، لن أتأخر الأسبوع القادم سأكون عندكم .
أغلق الهاتف ليتحرك نحو مرش المياه يفتحه ، يزج بجسده تحت الماء البارد لعله يهدأ بعضًا من لوعة روحه .. حيرة نفسه .. تشتت عقله .. وحيرته التي تتأرجح بين خطأ وصواب .. بين جينات يعتقد ترسخها فيه وتربية قويمة ترعرع عليها كبر ونمى بمحيطها .. تذكره لكل مراحل حياته منذ طفولته الرائعة .. صباه المتزن .. شبابه الطائش .. رجولته المستقرة مع نصفه الآخر التي كانت سببًا رئيسيًا في استقراره النفسي وهدوء روحه التي تلاءمت معها .. سكنت باعترافها بحبها له .. واطمأنت بجوار قلبها .. واكتملت بزواجه منها.
تنفس بعمق ووجهه ينغمر بالماء المسلط عليه لينتفض جسده بمفاجأة اندثرت حينما شعر بساعديها تطوقان خصره .. تضم جسدها إلى ظهره .. تفرد كفيها بتوازي على بطنه المسطحة .. وتطبع قبلة رقيقة بآخر عنقه ، فيرتجف بشوق لا ينضب وجسدها العار يلتصق بخلاياه فيشتعل على الفور بتوق محموم ليفك عقدة ذراعيها من حول خصره ويستدير إليها ، يتأملها بشغف وعيناه تُضاء بوميض رغبته ، احتضن وجهها بين كفيه ليهمس بأنفاس لاهثه بجوار فمها : أميرتي .
تمتمت وهي تتلقى قبلاته التي نثرها فوق ملامحها كلها : استيقظت حينما افتقدت دفء جسدك ، فلم أجدك .
تمتم وهو يتذوق بشرة كتفيها : اشتقت إلي .
غمغمت وهي تتمسك برقبته أكثر تحافظ على توازن جسدها الذي انصهر تحت لمساته : كثيراً .
انحنى قليلاً ليحملها من خصرها فتلف ساقيها حول جسده وهي تتعلق برقبته جيداً ليهمس من بين شفتيها : و أنا ذبت شوقًا يا أميرتي .
***
يجلس على كرسي بعنجهية تُعد من سماته الشخصية يضع ساقاً فوق اخرى ، ينظر إلى الفتى الجالس أرضاًأمامه - يرمقه من بين رموشه .. ملامحه جامدة .. تكشيرته غاضبة وصمته مخيف ، ازدرد الفتى لعابه بخوف ظهر بتوتر جسده .. ملامحه الشاحبة .. وانفاسه اللاهثة ، ليتمتم بتلعثم : والله يا باشا لم افعل لها شيء ، كل ما أردتهأن اتحدث إليها .
زمجر ولده الواقف بجواره إلى اليسار ليحرك رأسه حركة طفيفة يرمقه بطرف عينه بصلابه فيبتلع أدهمأنفاسهويؤثر الصمت ، ليعود بعينيه إلى سائقه ليتمتم بجدية : من الذي لكمك ؟!
هز أشرفرأسه نافيًا ليهمهم بخوف وهو يتحاشى النظر إلىأدهم : لم ..
هدر وائل بصوت مخيف : لا تكذب .
ازدرد الفتى لعابه وخفض بصره : أدهم بك .
إلتفتبرأسهإلى ولده يرمقه بغضب قبل أن يعود إلى سائقه متحدثًا بجدية : حسنًا كل ما كنت تريده أنتتحدث إليها ، ما نوع الحديث الذي يُدار بينك وبينها في الفجر يا أشرف ؟!
ارتجف الشاب أمام عينيه ليتمتم بصوت خفيض : أنا معجب بالآنسة جود وكنت تحدثت سابقًا مع أبو ربيع أنيأريدالإرتباط بها ولكنه لم يرد لي خبرًا أكيدًا ، ففكرت أننيإذا تحدثت معها مباشرةً ستجيبني .
هدر أدهم بانفعال : أنت كاذب ، استدار وائل إلى ابنه بعيني متسعتين من الصدمة ليكمل أدهم بطيش – إنهكاذب يا بابي ، فليس من المنطقي أنه يتعرض لها فجرًا لأنه يريد الحديث معها عن أمرالإرتباط .
صاح الشاب بصوت مذعور : أقسم بالله العظيم يا باشا هذا كان غرضي ، لقد كممت شفتيها لأجل أن لا تصرخ وتوقظكم ، فقط كل ما أردتهأن تستمع لي فهي طوال النهار لا تحتك بي نهائيًا وحينما حاولت أكثر من مرة الحديث معها بوضح النهار زمجرت بوجهي أنها لا يجب أن تتحدث إليأو تقترب مني .
صمت قليلاً ليتمتم بخنوع : وحينما تعجبت من حدتها معي واصرارها على تجاهلي سألتها فأخبرتني أنها تلتزم بالأوامر ، اتبع بخفوت شديد – أوامر البك الصغير .
اتسعت عينا وائل بمفاجأة اختفت وغضبه يصل إلي ذروته فتحكم فيه ببأس شديد حتى لا يلتفت إلى ولده الذي تصلب جسده إلى جواره ، ليجيب بجدية : وهل أنت تأتي للعمل أم لتتحدث مع الآخرين يا أشرف ؟! ألم يخبرك أبو ربيع حينما رشحك للعمل لدينا بتقاليد القصر؟! ألم يخبرك أن تلتزم بحدودك وتهتم بعملك ولا يكن لك أيعلاقة مع الآخرين ؟! ارتجف أشرف وهز رأسهإيجاباً على حديث وائل الذي اتبع بحدة – وإذ كما تقول تريد الإرتباط بالفتاة لماذا لم تخبرني ؟! لماذا لم تخبر الهانم حتى تتحدث معها ؟! هل أنتإلتقيتها في الشارع .. أوتعرفت عليها خارجًا لتتحدث إليها مباشرةً ؟! ألا تعلم الأصول المتبعة في هذه الامور ؟! و أنك من المفترض تتحدث إلى الكبير وتطلب منه .
صمت قليلاً ليتبع بزمجرة غاضبة : أمأن لا كبير لك يا ولد .
اهتز جسد الشاب بخوف ليهمهم بتلعثم : بل أنت كبير الجميع يا سيدي ولكن أقسم لك بالله أني لم افكر جيدًا في الأمر ، أناآسف يا باشا .. اعتذر لك و أقبل كفيك وقدميك أيضاً ولكن والله العظيم لم أقصدأن اتعرض إليهاأو اتحرش بها .
سحب وائل نفسًا عميقًا ليزفره بقوة قبل أن يهتف بولدي إخوته : من قيده منكما يفك قيده .
أسرع مازن بفك قيد أشرف ليساعده علي الدين على الوقوف بينما هتف أدهم بذهول : بابا .
انتفض وائل واقفًا لينظر إليه بغضب سكن عينيه قبل أن يهمهم بخفوت حاد : اتبعني .
تحرك ليهتف بعاصم : و أنتالآخر يا عاصم ، تعالأناأريدك .
وقف ثانيةً قبل أن يغادر : اغسل وجهك وبدل ملابسك وانتظرني بجوار السيارة ، ولا تتحرك من جانب السيارة يا أشرفوإلا سيكن لي معك شأنا آخرا .
احنى رأسه بخضوع : أمرك يا باشا .
صمت قليلاً قبل أن يرفع رأسه ينظر إلىأشرفملياً قبل أنيسأله بجمود : هل لازالت تريد الإرتباط بالفتاة ؟! تهلل وجه اشرف بسعادة لينتفض راكضًا نحو وائل ينحني نحو كفه ليقبلها فيدفعه وائل بجدية - توقف يا ولد ، و أخبرني هل لازلت تريد الإرتباط ب ..
صمت ليكمل أشرف بسعادة : جود يا باشا ، الآنسة جود .
هز وائل راسه بتفهم : أيًا كان .
أجابأشرف وهو يقف بإعتدال ولكنه يخفض رأسهاحتراماً : نعم يا باشا لازلت أريدالإرتباط بها .
أومأ وائل رأسه بتفهم قبل أن يشد خطواته فيتبعه عاصم على الفور ليقف أدهمناظراًإلى اشرف بتوعد فيختلج جسد الآخر بخوف وهو يعود للوراء متحاشي النظر إلىأدهم الذي دفعه علي الدين بجدية : ابتعد عنه يا أدهملا شأن لك به .
تمتم أدهم من بين أسنانه : وهل تصدق كذبه ؟!
زفر مازن وهو يدفع أدهم بجدية : نصدق أو لا ، لا يهم المهم ما يراه عمي . اتبع مازن وهو يشير لابن عمه - هيا اتبع والدك وفكر فيم ستخبره به يا فالح عن أوامرك التي أصدرتها للفتاة .
زم أدهم شفتيه وهو يشعر بالغضب يتأجج بأوردته من الشاب الذي تحرك لينفذ أوامر والده لينتفض من جنون أفكاره على صوت أبيه الذي هدر بحزم : أدهم .
فيطبق فكيه وهو يستدير متبعًا والده الذي وقف ينتظره يرمقه بحدة وتوعد سكن عينيه ليعاود السير حينما اتبعه أدهم بخطواته مرغمًا .
***
تجلس بين ذراعي إحدى العاملات الاكبر سنًا في فراشها البسيط في غرفة تجمعها مع أربع عاملات غيرها ، لا تستطيع السيطرة على دموعها التي انسكبت لتربت الأكبر سنًا على كتفها وتضمها بحنو : اهدأي يا ابنتي ، اهدأي .
نهنهت ببكاء خافت لينتفض الجميع حينما دق الباب المفتوح ليطل عليهم وائل بهيبته هاتفًا بالتحية ليرتبك البعض والبعض الآخر يرحب به باحتفاء ليقف أمامها ينظر إليهامتأملاً فترفع رأسهاإليه بخشية وانبهار تجلى على ملامحها فتدفعها السيدة الأكبر سنًا على الوقوف وهي تهمهم : المعذرة يا باشا إنها مصدومة ، لكزتها بقوة أكبرقليلاً وهي تتبع – انهضي يا فتاة .
ارتبكت لتحاول النهوض فيبتسم بحنو : لا تنهضي ، ابقي كما أنت .
وقفت رغماً عنها ترتجف أمامه بخوف ، فنظر من حول كتفيه ليتحرك الجميع على عجالى للخارج قبل أن يهتف بالسيدة الاكبر سنًا التي تجاورها : ابقي أنت .
استجابت السيدة وهي تمأ بطاعة ليهتف بعد أنأصبح بمفرده معهما : اجلسي يا جود ، جلست وهي تشعر بأن قوتها انتهت ليبتسم بلطف متبعًا : أليس اسمك جود؟!
همهمت ووجنتيها تتوردان : نعم يا بك .
لكزتها السيدة الأكبرسنًا وهي تصحح لها : لا تؤاخذها يا باشا ، إنها صغيرة ولازالت لا تعرف عادتنا المتبعة جيداً .
ابتسم وائل بتفهم : لم يحدث شيئا يا ..
نظر إليهامتسائلاً فهتفت السيدة بفرحة ظهرت بعينيها : سيدة يا باشا .
أومأ برأسه متفهمًا لينظر إلى جود التي عاودت الجلوس بفراشها ، اخفضت رأسها بحرج فانزاح وشاحها الخفيف من فوق رأسها فظهر شعرها الاسود الليلي أمام عينيه ليتفحصها بدقة قبل أن يهتف سائلاً : ارفعي رأسك واخبريني ، هل أصبحت بخير الآن ؟!
رفعت عينيها إليه فتأمل أثار كحل جفنيها الذي محي بسبب بكاءها الذي ازاد عينيها البنية جاذبيه ، احمرار أنفها الطفيف وارتجاف شفتيها ، ضعفها وهشاشتها اللذان أثارا شفقة وحمية ولده الذي بأوج سنوات طيشه .
أومأتبرأسها في حركة خافتة بالكاد لاحظها ليهتف سائلاً : إذاًأخبريني هل تحرش بك أشرف ؟!
تمتمت بصوت مختنق ودموعها تتراكم بمقلتيها : لقد اعترض طريقي و
قاطعها بإشارة من يده ليسأل بجدية : لقد سألت سؤالاًمحدداً ، هل الفتى تحرش بك ؟!
اهتزت حدقتيها بعدم فهم لتهمهم بخفوت : أنا اخبر سيادتك أنه اعترض طريقي .
نفخ بقوة لينظر إلى عينيها مليًا : ألا تعرفين معنى التحرش يا فتاة ؟! أكمل بجدية – هل تريدين مني اخبارك عن معنى التحرش ؟!
رفع رأسه للأخرى التي احتقن وجهها خجلاً : أم تخبرك سيدة عن معنى أنه تحرش بك ؟!
انتفضت الفتاة أمام لهجته الحادة فهزت رأسها نافيةً فاتبع بهدوء : إذاً ، سأعيد سؤالي للمرة الأخيرة هل تحرش بك أشرف ؟!
هزت رأسها نافيةً لتزم شفتيها بحنق قبل أن تهمهم بحدة : ولكنه تعرض لي وكمم فمي ، نعم هو لا يعد تحرشا يا باشا ولكنه اقترب مني وتجرأ علي ، اتبعت وهي توقف سيدة عن لكزها في ذراعها – لا تلكزيني يا ست سيدة ، فأنا لا أقبل بهكذا تعرض أبداً فهو لا يحق له أن يقترب مني وخاصةًأني رفضت الحديث معه .
شبح ابتسامة ارتسم على شفتيه قبل أن يجيب بهدوء : معك حق ، اتبع بهدوء ماكر – على حسب أقوالهأنهاعترض طريقك لأنه أرادأن يخبرك برغبته في الزواج منك ، فما رأيك هل تقبلين الزواج منه ؟!
__ لا ، اجابت بلهجة قاطعة لتتبع بكبرياء – لا أقبل به وحتى إن كنت أقبل به من قبل لن أقبل به الآن .
عبس وائل بتعجب ليسألها باهتمام : لماذا ؟!
ارتعشت شفتاها ببكاء كتمته وتظاهرت بصلابة لا تمتلك ذره منها : اخبرني سيادتك إذا ابنتك حدث لها ما حدث معي تقبل أن تزوجها ممن تعرض لها .
شهقت سيدة بحدة لتهتف بها : تأدبي يا جود ، بينما اربد وجه وائل بغضب ليغمغم بجمود – اتركيها يا سيدة ،
أكمل بهدوء : ولكنه لم يتحرش بك ولم يعتدي عليك يا جود .
نظرت إلى عمق عينيه بتحدي : هل تجزم بذلك ؟! عبس بعدم فهم لتكمل بصوت مختنق – هل سيصدقني الناس أم سيميلون أنه فعلها معي وأنتم اجبرتموه على الزواج مني حتى تسترون خادمتكم التي تعرضت للانتهاك .
صمتت قليلا تبتلع اختناق حلقها لتسأله بقهر : هل تقبلها على ابنتك يا باشا ؟!
زم وائل شفتيه بتفكير عميق اعتلى ملامحه قبل أن ينطق بجدية : لا ، لا اقبلها على ابنتي .
نهض واقفاً : حسناً جوابك وصل يا جود ، تأملها قليلاً ليتبع بهدوء –استريحي اليوم وغدا واستردي عافيتك وهدأي من روعك ،أنتآمنة بيننا ولا تشغلي رأسك بأشرف فأنت لن تريه ثانيةً حتى لو مصادفة .
شهقت سيدة لتنتفض هي بخوف اعتراها فتقف على ركبتيها فوق فراشها لتسأل دون أن تمنع نفسها فتصمت : هل ستؤذيه؟!
ابتسم ساخراً : هل تهتمين لأمره ؟!
ارتجفت لتهمهم : لا ولكن لا أريد لسيادتك أن تؤذه .
رمقها مليًا قبل أن يغمغم : لا داع للقلق ، اهتمي بنفسك فقط لتتخلصي من أثر التجربة التي مررت بها .
استدار على عقبيه مغادرًا فتتبعه سيدة بخطوات سريعة ، لتسقط جالسة بمنتصف فراشها ، تتسع عيناها بصدمة لتهمهم بارتياع وخفوت شديد : ماذا فعلت ؟! أنا ماذا فعلت ؟!
***
تأهب جسده عفويًا حينما طل أبيه من الداخل ليسأله بلهفه وضحت بعينيه وصدحت بصوته : هل استمعت إليهايا بابي ؟! هل رأيت كيف منهارة وتبكي بنحيب ؟! هل رأيت كيف هو كاذب ويدعي شيء ليس صحيحًا ؟!
رفع وائل عينيه إليه ليبتسم بحنو ابوي ليربت على وجنته بلطف : رأيت ، و أنت معك حق .
تهلل وجه أدهم بسعادة غمرته ليعبس عاصم بعدم فهم ينظر لعمه متسائلاً فلا يبالي عمه لإشارته قبل أن يشير إليهماأن يسيرا إلى جواره ، يدفع أدهم من مرفقه مبتعدًا به عن المبنى الصغير المكون من غرفتين يسكن فيهما العاملين معهم : ولكن أخبرني يا أدهم ، لماذا أخبرتهاأن تبتعد عن أشرف من قبل ؟!
تمتم أدهم بعفوية : لأنه صغير السن يا بابا ، لقد خفت أن يضايقها وها هو فعل ، أنا لا استريح له منذ أن قدم للعمل عندنا ، ماذا ستفعل به يا أبي ؟!
أومأ وائل رأسه بتفهم : سأرى ماذا أفعل به ، اتبع وهو يراقب ملامح ولده عن كثب – وخاصةًأن الفتاة رفضت الزواج منه .
انشرحت ملامح أدهم ليغمغم بفخر : كنت متأكدًا من رفضها ، وحتى إن قبلت أنا لم أكن لأوافق ، رفع وائل حاجبه بإعتراض ليتبع أدهم – لازالت صغيرة يا بابا ، وتعيل اسرتها مع أبيها العجوز .
اندهش وائل ليسأله بجدية : حقاً ؟!
أومأ أدهم بالإيجاب ليثرثر إليه : إنها ابنة دادة سمية ، أتذكرها يا بابي ، السيدة التي كانت تهتم بي منذ صغري مرضت فأتت هي تعمل بدلاً منها لتساعد أبيها في مصاريف دراسة إخوتها .
اخفض وائل عينيه ليتمتم من بين فكيه : أنت تعلم عنها الكثير .
اجاب أدهم بتلقائية : إنها المسئولة عن ترتيب غرفتي و أغراضي ، تشنج فك وائل بابتسامة حانقة ليتبع أدهمبلهفة عفوية – لقد منحتها كلمتي بأنأشرف لن يتعرض لها ثانية ، لا أعتقدأنك ستكسر كلمتي وهامتي أمامهايا بابي .
رمقه وائل قليلاً لترق عينيه بحنو فيربت على كتفه بتشجيع : بالطبع لا يا بني ، بل أنادائماً بظهرك لأقر كلمتك وادعم موقفك وتعلو هامتك بمساندتي لك .
شعت الفرحة من عينيه ليقترب من أبيه يحتضنه بقوة : سلمك الله وبارك في عمرك يا بابي، ولا حرمني الله منك .
ربت وائل على ظهره بحنو : ولا حرمني منك يا دومي ، ضحك أدهم بمرح ليتابع وائل بثقة – أناأفعل معك كما المفترض أن تفعل أنت معي ، فأنت ولدي الوحيد سندي ودعمي هامتك مرتفعة بي وهامتي أناالآخر مرتفعة بك .
هتف أدهمبإنفعال وعيناه تغيم بعشقه لوالده : طبعاً يا بابي .
هز وائل رأسه ليبتسم إليه بحنو : حسناً اذهب لتحصل على قسط من النوم قبل أن ينبلج الصباح ، أومأ أدهمبرأسه في طاعة ليهم بالحركة ولكنه توقف ليعود إلى وائل فيحتضنه بقوة ، يضمه وائل إلى صدره مربتًا على ظهره هامسًا إليه : أنا فخور بك ، ما فعلته اليوم من شيم الرجال .
قبل أدهم كتفه ليغمغم بصوت مختنق فرحًا : شكراً يا بابا ، تصبح على خير .
رفع رأسه لينظر إلى عاصم المراقب إلى الموقف بكثب لتومض عيناه بغرور وشموخ اعتلى هامته ، ابتسم عاصم بتفكه مراقبًا انتفاخ ابن عمه الصغير بغرور كطاووس مزهو بريشه ليكتم ضحكته وهو يراقب خطواته المتلاحقة يكاد يطير من فوق الأرض قبل أن يلتفت إلى عمه الذي رفع نظره إليه هاتفًا به : انقل اشرف للمصنع وهي ابحث لها عن عمل خارج القصر وجهز لعودتها إلى القاهرة في أقرب وقت لا أريدها أن تظل بجوار ابن عمك .
ابتسم عاصم بمكر : سأفعل يا عماه حينما نعود من هنا ، كح عاصم متعمدًا فانتبه إليه عمه ليهمس بجدية – ولكن انتظر بعض الوقت فإذا اختفت من أمامأدهمالآن سينتبه إليها ، لابد أنيهدأالأمر وينشغل هو بدراسته وحلمه الذي يحتاج دفعة من سيادتك لتزيد من انشغاله فينساها قليلاً وحينها سأقوم بإخفائها من أمام عينيه للأبد .
ومضت عينا وائل بإعجاب صريح ليبتسم بمكر : أنت التلميذ الذي تفوق على أستاذه يا ابن وليد .
ضحك عاصم بخفة : الفتاة صغيرة وجميلة و أدهم .. صمت قليلاً قبل أن يكمل بلهجة ذات مغزى – مرهف الحس .
ضحك وائل رغم عنه ليهمهم هازئًا : أليسأفضل من أن يكون عديم الإحساس يا باشمهندس ؟!
مط عاصم شفتيه ليقترب من عمه قليلاً يقف مواجهًا إليه : الاتزان أفضل من الإثنين ، ولكن من منا يقو على الاتزان يا عماه ؟!
رفع وائل عينيه ينظر إليه مليًا : هل تريد شيئاً ؟!
تنفس عاصم بعمق ليهتف بجدية : كنت سآتي إليك صباحًا ولكن بم أننا في الصباح وأنا لم انم من البارحة فأتمنى أن يلاقي طلبي قبولاً لدى سيادتكم .
تراقص المرح بعيني وائل الذي شد جسده يرمق ابن اخيه من علو ليغمغم بتفكه : وما هو طلبكم يا عاصم بك ؟!
سحب عاصم نفسًا عميقًا ليشد جسده بإعتداد : أريدكمأن تتكرموا وتوافقوا على قبول طلبي للزواج من كريمتكم نوران هانم .
داعب وائل شفتيه بظهر سبابته مانعًا نفسه من الضحك مقهقها قبل أن ينظر لعمق عيني عاصم : لماذا ؟!
نفخ عاصم بقوة : عماه أرجوك ، رفع وائل رأسهبإعتداد ليرمق عاصم من بين رموشه ليتابع عاصم بحنق – لأنالزواج منها حلم طفولتي وصباي ، وأنت تعلم ذلك .
هز وائل كتفيه ببرود لينطق بلا مبالاة : بل أنا لا أعلم شيئًاوأنت لم تخبرني عن أي شيء.
مط عاصم شفتيه ليهدر بعصبية : بالله عليك يا عمي كيف تريدني أخبرك ؟! هل كنت ستتقبل أنآتإليك وأخبركأني .. صمت لينتظر وائل يحثه بعينيه أن يكمل ليتمتم عاصم بصوت مختنق – لا اقو على نطقها من فضلك يا عمي لا تضغط علي بتلك الطريقة .
عبس وائل بغضب نمى إليه ليتمتم بحدة : أنا لا اضغط عليك ، أناأريد اجابة محددة عن سؤالي لماذا نوران ؟! ولماذا الآن ؟!
تمتم عاصم من بين شفتيه : أخبرتك زواجي منها حلم عمري بأكمله .
اجاب وائل ساخراً : وهل استيقظت من نومك صباحًا فاكتشفت فجأة أن زواجك من ابنتي حلم حياتك ؟! اقترب وائل منه ليتمتم بجدية – لماذا لم تخبرني من قبل ؟! لماذا سكت حينما تقدم إليهاآخرا غيرك ؟! لماذا جبنت ولم تدافع عن حلمك ؟! لماذا وقفت صاغرًا ولم تمنعها من إهدار كرامتي وكرامتك حينما تصرفت بطيش وتهورت ؟!
انتفض عاصم بغضب ليكمل وائل بحدة تملكت منه : بل دع كل الماضي جانبًا و أخبرني لماذا قبلت بابنة عبد المعز الحريري واوهمت الجميع أنك ستتزوج منها؟! لماذا سكنت كالتمثال الحجري حينما أتيتإليك بمكتبك أخبرك عن عريسها المتقدم إليها ؟! لماذا وافقت على القدوم ورؤية غريم آخرإليك كان من الممكن أن يختطفها منك ؟!
__ عماه ، نطقها بصوت مذبوح لينظر إليه وائل بجبروت مهمهمًا بحدة – لن اصمت يا عاصم إلا حينما تجيب ، هيا أخبرني يا ابن أخي المقرب مني ، يا من تعدني أبيك الروحي .. كاتم أسرارك .. صديقك .. وتفتخر بأنكشبيهي . اخبرني يا كبير آل الجمال ، لماذا لم تتصرف بقدر مكانتك و تجاوزت حدودك أمامأقارب فاطمة ولم تهتم بغضبي وحنقي منك ، لماذا فعلت آلاف التصرفات و الأفعال التي لا أدرك سببها وأنت لا تفصح عم يجول بداخلك ومن المفترض أن افهمه بمفردي ؟!
اختنق حلقه وهو يشيح بعينيه بعيدًا عن عمه يتنازعه شعور عارم بالغضب ويرجف بحرج مخفضًا رأسه بخزي يكاد أن يتملكه لهث وائل بغضب ليقترب منه ناطقًا بحدة خافتة : هل لديك إجابة عن كل اسئلتي يا عاصم ، أمأخبركأنا بإجابتي ؟!
ارتد رأس عاصم بقوة نحو عمه وجهه شاحب .. أنفاسه مكتومة ، ناظراً بترقب ليتمتم وائل باستياء ظهر بعينيه : لأنك جبان يا عاصم ، أنت رجل جبان وأنا لن ازوج ابنتي لرجلاً جبان.
انتفض عاصم بغضب انفلت من عقاله ليهدر بقوة : أنا لست جبانًا وأنت تعلم ذلك جيدًا .
رمقه وائل من بين رموشه : إذاً لديك إجابةأخرى تجيب بها عن اسئلتي ؟!
اطبق عاصم فكيه وهو ينتفض أمام عيني عمه يحاول أن يرغم نفسه على الإعتراف .. يجبر نفسه على التصريح .. بل لقد حاول أن يصرخ بها مرة واحدة دون عودة ولكن لسانه خذله ..عقله تحكم به .. وكرامته ابت أن يمرغ المتبقي منها ، فيراقبه وائل منتظرًا أن يصرح .. يهدر .. يصرخ ولكنه لم يفعل بل صمت بقهر فهز وائل رأسهبخذلان استشعر مرارته بحلقه لينطق باستياء : حسنًا يا باشمهندس ، حينما تقو على الإجابة تعال إلي مكررًا طلبك وحينها لن أتأخر في القبول يا عاصم بك .
تحرك وائل ليبتعد عنه فيهمهم عاصم بصوت مثقل مختنق : عماه .
أغمض وائل عينيه وهو يوليه ظهره فلم يستدر إليه لينطق بثبات : ليتني استطيع مساعدتك يا ابن أخي ، ولكن هذه المرة عليك أنتو أنت فقط مساعدة نفسك .
راقب عمه يغادر فيشعر بأن ابتعاد عمه يأخذ معه روحه التي انسحبت تدريجيًا ، حلقه محشرج بدموع كثيرة تراكمت بمجرى تنفسه فأغلقته باختناق ، جفنيه يثقلان بدموع كثيرة مستعصية .. ابيه .. شامخة رفضت أنتنهمر حتى لا تمنح روحه الممزقة بعضًا من راحة ينشدها ويحتاج إليها ، ليتماسك بصلابة .. يرفع رأسه ببقية كبرياء تمسك به وشموخ ورثه ليبتعد هو الآخر مغادرًا المكان بأكمله!!
***
شدت طرفي الشال القطني حول كتفيها وهي تجلس على احدى الكرسيين الخرازيين بجلسة الحديقة تجاور جلوسه تنظر إليه بصمت مترقب واهتمام وخاصةً بعدما هاتفها منذ قليل يخبرها أنه يحتاج إلى الحديث معها ، سحبت نفسًا عميقًا قبل أن تهتف بهدوء : أحمد .
رفع نظره إليها لتسأله في صمت : هل ستخبرني ما يحدث معك ؟! والذي يجعلنا نجلس هكذا فجراً .
ابتسم احمد بحرج ليهمهم برزانة : المعذرة يا فاطمة ايقظتك من النوم واجبرتك على المجيء لأجل لا شيء .
رفعت حاجبيها بدهشة لتغمغم بتفكه : واللاشيء هذا هو ما يجعلك حزينًا هكذا وخطبتك لم تمر عليها ليلة واحدة ، رجف جفنه لتتبع – ثم أنا كنت مستيقظة ، أدهم فزعني من النوم لأجل تلك الخادمة الصغيرة وما حدث معها .
اعتدل أحمد بجلسته في اهتمام : ماذا حدث ؟!
اشارت بكفيها مقاطعة : لا لن نتحدث في هذا الأمر الذي سيحله سيادة الوزير ولنهتم بك وبم تريد الحديث عنه معي .
عم الصمت عليهما قليلاً ليداعب دون وعي دبلته التي تزين بنصره الأيسر ليبوح بصوت مشحون : أنا لا أصدقما يحدث يا فاطمة ، أشعر بالتشتت والحيرة ولأول مرة في حياتي لا استطع المواجهة .
تنفست بعمق لتسأله بجدية : مواجهة نفسك أم مواجهة لمياء؟!
رفع عينيه ليجيب بعفوية : مواجهة ولاء .
اتسعت عينا فاطمة بذهول ليستطرد وهو يرفع ظهر كفه الايسر امام عينيها : لا أقو على خلع خاتمها من كفي لأرتدي خاتم أخرى غيرها .. لا أقو على أنأتخلى عن ذكراها .. لا أقوأنأتخيلأني سأكون ملك لأخرى ، سأشاركها اهتماماتي .. مشاكلي .. اطلب نصحها .. وابادلها عاطفتها .
نظرت إليه فاطمة بحنو فأكمل بصوت محشرج : الليلة وأنا اجلس بجوار لميا في تلك الجلسة التي اعددتها لنا بعد أن انصرف مازن وذهبت داداه حور للنوم ، تجاذبنا الحديث ، تضاحكنا قصت لي الكثير عن حياتها ، لقد انفعلت معها .. اهتممت لأمرها .. وانجذبت إلى حياتها ، اقتربت منها بلطف ومددت ذراعي حولها بلباقة ، حاولت أن اتصرف معها بأريحية .. ببساطة .. بسلاسة أردتأنأقرها بيننا ، أردتأنأجبر نفسي عليها ولكن لم استطع ، نعم هي رفضت الإقتراب ولكن أنا لم أكن مرتاحًا يا فاطمة ، شعرت بأنيأخون زوجتي .
__ الراحلة . هتفت فاطمة بجدية وهي تقترب منه بجسدها قليلاً لتتبع بصرامة – زوجتك الراحلة يا أحمد والتي لا يريد أحدنا أن تنساها أو تتناسها ، بل ونرفض أيضاًأن تتخلص من ذكراها ، وكيف نجرؤ على أن نطالب بهذا وذكريات حياتك بأكملها معها ، بل إن لمياء لم تفعل ولن تفعل ، إنها متفهمة جداً حبك لولاء بل تقدره وتحترمه ، جميعنا نقدر حبك ونحترم حفاظك على ذكرى ولاء كل السنوات الماضية بل لم تدنسها أبداً ولن تفعل ،
زفرت فاطمة بعمق : أنت لست رجلاً تحكمه متطلبات ذكورته فيتزوج لأجلها ، و أنت لست رجلا ذو اهواء خاصة فتتزوج لأجلها ، أنت رجلاً محب لعائلتك أب لأولادك الذي تتزوج من أخرى لأجلهما ، تتزوج لأجل ابنتك التي تسجن نفسها في قمقم فكرتها عن رعايتك أنت و أخيها ، ومازن الذي كان يحتاج لأم منذ كان طفلاً وهاك أنتتمنحه حلم حياته بأكمله .
احتضنت كفه الأيسر براحتها لتضغط عليه بلطف : أنت تتزوج لأجل ولديك يا أحمد ، ولكن لا ضرر أن تميل روحك لمن اخترتها زوجة و أن تسكن روحك إليها ، لا تحاسب نفسك بقوة على ميل عفوي محتوم يا دكتور .
كح أحمد بحرج ليغمغم : لم يحدث .
ابتسمت فاطمة بضحكة ماكرة لتشاكسه بوجهه : لو لم يكن حدث لم تكن لتشعر بأنك تخون ذكرى ولاء يا أحمد .
اتبعت برزانة : بل أنت منعت نفسك بالقوة و أنت تنهر نفسك بخزي أقره قلبك على ما شعرته نحو لميا .
اضطربت حدقتيه ليهمس إليها بخفوت : هل هي سعيدة ؟!
ابتسمت برقة : بل سعيدة للغاية ، تكاد أن تجزم بأنها في حلم جميل تخاف أن تستيقظ منه قريبًا ، تنهدت فاطمة بقوة – أنتأتيت لها عوض عن سنين عمرها الفائتة .
تمتم بخفوت محشرج : أنا خائف .
ابتسمت بتفهم : أعلم و أدرك ، ولا داع لخوفك يا أحمد .
تمتم بضيق : لا استطيع خلع دبلة ولاء يا فاطمة ، لا أقوى على خلع خاتم زواجي الذي ارتديته عمري بأكمله .
هزت رأسها موافقة : أخبرها واستشرها وصدقني لن تخذلك ، اتبعت ناصحة – فقط امنح نفسك فرصتها الكاملة ولا تمنع نفسك عن أي شيء معها .
سحب نفسًا عميقًا ليتمتم : مازن يريدني أنأتمم الزواج بعد أن نعود مباشرةً ، يريدها بالبيت وهو يقضي امتحاناته النهائية .
ضحكت برقة : معه حق و أنا أوافقه تماماً ، هز رأسهبيأسلتسأل بجدية – وجنى ؟!
مط شفتيه قليلاً قبل أن يغمغم بتسلية : لن ترفض فهي منشغلة بنفسها هذه الأيام .
ابتسمت واسبلت جفنيها بمكر : هذا جيد جداً ، إذاً سنفرح بعُرسين وليس واحداً .
ضحك بقوة ليهتف إليها : اتمنى أن يصبحوا ثلاث بعد أن يرضى زوجك العنيد عن الولد الذي قارب على الإنفجارأمامنا .
ضحكت برقة لترقص حاجبيها بمشاكسة : سيأتي ليتقدم إليها اليوم صباحًا كما اتفق معي وحينها سأسانده .
تعالت ضحكاته ليغمغم : لست هينة يا حرم الوزير .
همت بالحديث ليصدح صوت أخيه بزمجرة خشنة : و أنت ماذا تفعل هنا مع حرم الوزير يا شقيق الوزير ؟
ضحكت فاطمة حينما أقبل عليهما وائل الذي ناظره أحمد بتعجب : كما ترى أتحدث معها .
هدر وائل بعصبية : فجراً تحدثها فجراً .
ضحك أحمد بخفة : نعم أرىأنكأنتالآخرأتيت من الخارج فجراً ، ماذا كنت تفعل الآن ؟!
زفر وائل بحدة ليغمغم : لا شأن لك ، اتبع وهو يدير عينيه على شقيقه الذي لم يبدل ثياب حفل خطبته - هيا اذهب للنوم واتركني أنا و زوجتي لننام .
أومأ أحمدبرأسهإيجاباً فينهض واقفاً لتتبعه فاطمة التي ابتسمت إليه بحنان فابتسم إليها بامتنان ، جعدت له أنفها بمشاغبة فابتسم أحمد وصافحها محتضنًا كفها بين راحتيه ضاغطًا عليه بلطف فتتسع ابتسامة فاطمة تهمهم : تصبح على خير .
__ و أنت من أهل الخير . ألقاها احمد بجدية وهو يشد خطواته ليوقفه وائل بمناداته قبل أن يتبع سريعًا - ستذهب إلى سكن الشباب ،أليس كذلك ؟!
أومأ أحمدبرأسهفأكمل وائل بغضب : اطمئن على ابن اخيك وطمأنني عليه .
عبس أحمد بعدم فهم : من فيهما ؟!
زم وائل شفتيه بغضب اعتلى ملامحه : عاصم .
عاد أحمدإليه ليسأله بجدية : لماذا ؟! ماذا حدث ؟!
أشاح وائل برأسه ليتحرك نحو الشاليه مزمجرًا : لا شيء ، فقط طمئني عليه حينما تصل إلى هناك .
رفع أحمد حاجبيه متعجبًا لينظر إلى فاطمة التي هزت كتفيها دون معرفة ، هم بالحديث ليصدح صوت وائل هادرًا باسمها فأشار إليهاأحمدأن تتبع زوجها فتهرول بالفعل خلف زوجها الذي اختفى بداخل الشاليه ليتمتم أحمد بعدم فهم وهو يغادر بدوره : ماذا فعلت في الولد يا وائل؟!
***
تتحرك ببطء نحو الشاطئ كيفما تسمح لها كدمة ساقها والتي أصابتها بها تلك الحقيرة متعمدة فتضعها من ضمن قائمة سوداء طويلة تحملها إليها في نفسها واقسمت على أن تخلصها منها كاملة ، تغضن جبينها بألم شعرت به رغم أنها تناولت الدواء الذي اوصى لها به عادل كمسكن للألم ولكن ألمها لا يفنى ولكن يستحدث من غل نفسها وغضب قلبها على ابن خالها و الأخرى التي استولت على اهتمامه كاملاً فلم يلتفت إليها ولا لمرة واحدة منذ أنأتت ، تومض عيناها بنيران غيرتها و تطبق فكيها بقوة وتشعر بالغل يسري بعروقها لأنها لا تستطع أنتنفذ انتقامها منه وتتممه ، وخاصةً بعد تحذير عاصم الذي تعرفه جيداً .. وتدرك ما هو بقادر على فعله معها ، بل إن عاصم يستطيع أن يقلب موازين كل شيء إذا تحدته أو وقفت أمامه وفعلت ما لا يريده ، لذا هي مجبرة على التراجع .. الابتعاد .. والصمت ، و إرجاء انتقامها منه الآن ، إلىأن تتحين فرصة سانحة تأخذ حقها منه كاملاً ، فهي ليست الفتاة التي يتسلى بها أحدهم ويتركها لأجل أخرى لا تساوي ظفر رجلها !!
حركت عيناها تمشط الشاطئ الفارغ أمام عينيها إلا من سواه ، عبست بتفكير وهي تحاول أن تتذكره فلا تقو على ايجاد أي ذكرى جمعتهما سابقاً ولكن رغم ذلك عيناها إلتقطت وجوده حينما طل أمامها واستولى على تفكيرها مساءً بحفل الخطبة الذي لم تستطع فيه الحركة جيداً بسبب إصابة ساقها ولكن نظراتها إلتهمته بإعجاب امتلك عقلها وهي تراقب حركته المتناغمة واسلوبه المرح البسيط ، إنه جذاب للغاية جسده الممشوق بطوله الفارع .. عضلاته البارزة .. وعرض كتفيه المبهر ، ملامحه وسيمة بجاذبية اغريقية فتنتها وازاد الأمر حينما مازح زوجة خالها بلباقة اجتذبت سماعها فأنصتت له باهتمام لتضحك على ما يتفوه به مع الآخرين ، ورغم أنه لم يوليها اهتمامه الكامل إلاأنه استطاع إثارة فضولها نحوه وشعرت بأنها تريد الإقتراب منه وخاصة حينما راقص عادل بتناعم شع من بينهما فاصبحا بهجةً للناظرين ، ولكنه جذب إدراكها كاملاً حينما انتفض بغيرة على قريبتهم الصغيرة فشعرت أنها تريد التقرب منه .. التعرف إليه .. ومصادقته ، سحبت نفسًا عميقًا وهي تتحرك نحوه بأقصى سرعة استطاعت السير بها ، إلتقطت عيناها المراقبة إليه استعداده للابتعاد فنادته بلغتها الأم : سنيور سليم . توقفت خطواته ليلتفت إليها ينظر بدهشة فأكملت إليه بالإنجليزية – هلا انتظرتني ؟!
تصلب جسده بتأهب لازمه وهو ينظر إليها من بين رموشه ، إنه يتحاشاها منذ أن عرفه إليها عادل وليس لشيء سوى أنها تعد من قريبات آل الجمال ، وهو لا ينقصه تعقيدات مع هذه العائلة التي سلطها عليه قدره فأصبحت كعفريت العلبة تخرج إليه في كل مكان !!
ازدرد لعابه ببطء وعيناه رغم عنه تمشط ساقيها العاريتين إلى حد تنورتها الرياضية القصيرة بلونها الأبيض ، تشبه تنانير لاعبات التنس المحترفين ، بل إن عضلات ساقيها المشدودة ذكرته بإحداهن كانت تشغل أحلام صباه لوقت طويل فكان يداوم على مشاهدة مبارياتها ليس لشيء سوى مشاهدة حركة جسدها الرائعة ، رمش بعينيه وحاول أن ينحي أفكاره جانبًا لتقع عينيه رغمًا عنه على بلوزتها الأنثوية العارية الضيقة التي تبرز مفاتنها وبالكاد تغطي خصرها ليبتسم بجدية وهو يزيح بصره نحو البحر بلونه الاسود المتماوج إلى زرقة قاربت على الظهور مع أشعة الشمس الوليدة : عفوًا هل اردتني ؟!
ابتسمت بغنج وهي تقترب منه تلامس ساعده القريب فتتمسك به بقوة قبل أن تهتف بعفوية : أوبس ، اعذرني كنت سأقع .
ابتسم بتوتر سرى بأوردته وهو ينظر إليها نظرة علوية فتجسدت مفاتنها المكشوفة أمام عينيه فيرجف جفنيه ليحاول الفكاك منها وهو ينطق متمتمًا : لا عليك .
تمسكت بكفه لتقف بإعتدال قريبة جدًا منه وتهمس بخفة : ازعجتك معي .
اشاح بعينيه بعيدًا : لا على الإطلاق ، اؤمريني .
هزت كتفيها العاريين بلا مبالاة : لا شيء هام ، أحببتأن اتعرف عليك واثرثر معك قليلاً وخاصةًأني وجدتك مستيقظًا مثلي ، اتبعت وهي تبحث عن عينيه بنظراتها – أمأنت لم تنم من البارحة ؟!
عبس بضيق تملكه لينتزع كفه من راحتها التي ظلت متمسكة به ليهمهم : ماذا تريدين ؟!
توترت ملامحها بحرج لتغمغم : من الواضح أني ازعجتك ، أنا اعتذر منك .
شعر بمدى حمقه معها ليغمغم باستياء من نفسه : لا أبداً ، أنا فقط ضائق قليلاً .
ابتسمت برقة : لماذا ؟! اتبعت بعفوية – إذاأردت البوح فأنا مستعدة للاستماع إليك .
رجف جفنه بحركة متتابعة قبل أن يجيبها : ليس بالشيء الهام .
زمت شفتيها قليلاً قبل أن تهمس : حسنًا ، لنتحدث في وقت لاحق ، تصبح على خير .
همت بالإنصراف وهي تشعر بالإحباط يخيم عليها ، بالضيق الذي تفاقم داخل نفسها لإهماله إليها وهي التي لم تُهمل من قبل ، بل إنها لا تقترب من أي ذكر إلا وترى الشهوة لامتلاكها تضيء عينيه ، ولكنه لم يستجب لها رغم اغواءها المتعمد إليه !!
__ انتظري ، صدح صوته فومضت عيناها بظفر لتستدير إليه مستفهمة فأكمل بحرج – إذاأردت من الممكن أنتشاركينني في تناول الفطور ، فأنا ذاهب إلىالإسكندرية ، هناك مطعم يعد من أقدم المطاعم يقدم الفول والفلافل بطريقة مميزة ويأتي إليه الاناس من كل حدب وصوب .
اتسعت ابتسامتها لتمأبرأسها ايجاب مرح : بالطبع موافقة .
ابتسم رغمًا عنه ليهتف بهدوء : حسنًا ابدلي ملابسك وسنذهب سويًا ، نظرت إلى نفسها بعدم فهم ليبتسم بتوتر مكملاًمقتربًا منها – ملابسك غير لائقة لتناول فطور صباحي يا سنيورا كاترينا .
ضحكت بخفة لتهمهم : فقط كاتي ، خطت نحوه لتهمس بأريحية - فأنا لن اناديك بسنيور سليم بعد الآن .
مطت شفتيها بحركة تعلم مدى تأثيرها جيداً على بنو جنسه لتتعلق عينيه بثغرها الممطوط وهي تنطق بصوت أبح: فسليم بالنسبة لي أكثر من كافية .
فغر فاهه ليقرع قلبه بقوة حينما نظرت إلى عمق عينيه بنظرة خاصة أشعلتأوردته فجذبته إليه كالمنوم مغناطيسيًا ، شعر بجفاف سيطر على حلقه واختناق امتلك مجرى تنفسه وسخونة ضارية اضرمت بأطرافه لتبتسم بإغواء وهي تخفض نظرها عنه لتهمهم : سأذهب لاستعد .
__ هاه ؟! همس بها دون وعي حقيقي لتضحك بخفة وعيناها تومض بانتصار لم يستطع قراءته فعقله غُلف بستار شفاف منقادًا لإغوائها الذي مارسته عليه باحترافية عالية لتهمس بخفة : انتظرني لن أتأخر .
راقب تحركها بعيداً عنه بخطوات بطيئة .. جذابه ، تتمايل بمشيتها فتتحرك تنورتها يميناًويساراً ليشعر بأنحدقتيه تتحرك سريعًا تلاحق حركتها المنغمة وكان وقع خطواتها يعزف بأذنيه لحنًا خاصًا أسره بشدوه ليهمهم بعدم فهم : ماذا يحدث لي ؟!
***
تتحرك بسلاسة تخطو نحو مخرج الشاليهات وهي تسير بجوار دراجتها لتتوقف قبل أن تغادر البوابة الكبيرة نوعًا ما وهي تجده يقف وكأنه ينتظرها وكأن بينهما موعدًا مسبقًا متفقًا عليه ، ناظرته مليًا حينما تأهب جسده لمرأها لتتحرك من جديد نحوه أومأ لها بتحية الصباح حينما اقتربت منه فأجابته بهدوء لبق قبل أن تهمس : كنت متأكدة أنني سأجدك بانتظاري .
تهلل وجه بفرحة سرعان ما اخفاها ليجيب بثقة وهو يدفع دراجته إلى جانبه ، يسير مجاورا لها بلطف : إذاً أسعدأخبرك ؟!
أومأتبرأسها ايجابًا قبل أن تهمس : و أنا جاوبته أني سأتحدث معك قبل أن امنحك كلمتي .
نظر إليها بطرف عينه : إذاً تريدين الجلوس في مكان ما أم نتحدث ونحن نسير سويًا ؟!
عم الصمت عليهما ينتظر جوابها بترقب قبل أن تجيبه بثبات : سنسير سويًا بالدراجات للمقهى البعيد ، أشعربالرغبة في شرب قدح من القهوة .
ومضت عيناه بلون عسلي براق ليهتف بجدية : جيد ، لنحتسي القهوة سويًا .
اعتلت الدراجة برشاقة فاخفض عينيه عنها ، يتحاشى النظر نحوها ، يتحكم بقلبه الذي قفز مهللاً لموافقتها المبدئية ودعوة القهوة التي ستجمعهما سويًا ، ليعتلي دراجته بدوره لتهتف هي بخفة وعيناها تومض بمكر : من يصل متأخراً يدفع هو؟!
تصلب جسده فنظرت إليه بتحدي فأجابها بخفوت جاد : لا ، دون تحدي يا موني ، ستقبلين دعوتي وتجلسين معي لنتحدث برقي .
شبه ابتسامة ارتسمت على ثغرها فتوهجت شامتها أمام عينيه لتمأ برأسها موافقة: حسنًا كما تريد وترغب يا ابن الخالة .
تحركا متجاورين يسيران بسرعة معتدلة يتلاعب الهواء بخصلاتها التي تركتها منسابة على ظهرها فأخفته عن نظره ، تزيحها باستمرار عن وجهها الصبوح ، تخفي عينيها خلف نظارة شمسية كبيرة ، ليرتجف قلبه حينما سقطت عينيه على ثغرها الممدود بطبيعية فتلمع شامتها ببريق هو الوحيد من يشعر به ، ازدرد لعابه ببطء وهو ينظر لجسدها المشدود .. ساقيها تتحركان برشاقة فتسير بسرعة عالية قليلا ليهتف بصوت أجش : على رسلك يا موني .
تمتمت من بين فكيها : أناأريدأن اسبقك قليلاً .
عبس بتساؤل : لماذا؟!
رمقته بطرف عينها لتهمهم بحنق : لأنك تسترق النظر ونحن لم نتفق على هذا ؟!
تعالت ضحكاته رغمًا عنه لتبتسم بدورها تبطأ حركة سيرها لتنظر إليهقليلاً فيهتف بلطف : الأمر ليس بيدي ولكني سأتوقف أعدك .
تباطأت حركة ساقيها لتجيب ببساطة : لا يهم ، لقد وصلنا .
ترجلت فاتبعها بدوره ليشير إلى طاولة بعيدة نسبيًا سائلاً : نجلس هناك ؟!
أومأتبرأسهاإيجاباً فيشير إليهاأن تتقدمه ليبتسم بخفة وهو يتبعها يفتح إليهاإحدى الكرسيين حتى تجلس ، نظرت إليه بعتب فابتسم بلباقة : إنهموعداً متفق عليه وأناأخذت موافقة الأمير عليه أيضاً .
نظرت إليه بذهول فأكمل بجدية : لن اخطو معك خطوة واحدة – هذه المرة - دون معرفة أبيك يا يمنى ، لن اكتفي بأسعد ولن أخبر عادل ، بل سأتحدث مع الأميرشخصياً ليكون مطلعًا على كل ما يحدث بيننا .
ابتسم بتوتر : أناأتعلم من اخطائي جيداً .
رمشت بعينيها قبل أن تجلس في الكرسي الممسك بظهره الخشبي قبل أن يدور ويجلس مقابلاً لها يرمقها قليلاًتعدل من وضع جلستها تزيح خصلات شعرها للخلف ثم ترفع رأسها فتبتسم بتوتر حينما وجدته يتأملها ليسألبصوت أبح : نفطر سويًا ؟!
أومأتبرأسها موافقة : سأتناول الكرواسون مع القهوة .
اشار للنادل فآتى مسرعاً فيمليه طلباتهما قبل أن يجلس بظهر مشدود .. متصلبًا بانتظار ليهتف بشجاعة : أنامستعد للحديث فهل أنت مستعدة للاستماع لي ؟!
رمقته من بين رموشها لتهتف ببساطة : نعم مستعدة .
صمت قليلا ليتمتم بجدية : طبعًا أنت تتهميني بالتراجع .. التخاذل .. الجبن والهروب ، عقدت ساعديها أمامصدرها تناظره بصمت فأكمل بهدوء – وانت معك حقا في كل ظنونك نحوي ، بل أنت محقة في اتهامك لي .
رفعت حاجبيها بصدمة سكنت عينيها لتتراجع بظهرها إلى الخلف تركنه لظهر الكرسي الذي احتواها وكأنها تتلقى منه دعمًا مخفيًا تحتاج إليه فيستطرد بشجاعة ونبرات مختنقة حشرت داخل حنجرته : كل ما تفكرين فيه نحوي صحيح يا يمنى ، ها أناأقر بذنبي بل اعترف به واجاهر أيضاً .
صمت مجبرًا حينما اقترب النادل يضع طلباتهم ليمنحها وقتا إضافياً بعد انصراف النادل وهو يضع السكر بفنجانها يقلب إليها محتوياته قبل أن يقربه منها آمراً : احتسي قهوتك وتناولي طعامك يا يمنى .
تنفست بعمق لتهز رأسها نافيةً ليتابع بجدية : بل ستفعلين .
قرب منها القدح ثانيةً فاضطربا كفيها أمام عينيه قبل أن تضعهما فوق القدح مخفية رجفتهما فيه ، غامت عيناه بذنب استقر بقلبه فتمزق لأجلها ، ليهمس ببطء : أناآسف يا يمنى ، اعتذر عن كل ما اقترفته في حقك ولكن أنتظني بي كل تلك الظنون أن تتعذبي لأجل أني متخاذل .. هارب .. جبان ، أفضلكثيراً من أنأكون خائنًا أمامك .
ارتجف القدح بين كفيها فكاد أن يسقط فوقها ، ليقفز واقفًا حينما انتفضت واقفة فينتشله منها يجفف كفيها بمحرمات ورقية كثيرة سائلاً بقلق نضح بنبراته : أنت بخير ؟!
تماسكت بصلابة لتدفع كفيه بعيدًا عنها وهي تجيب بصرامة : بخير ، احنى رأسه بحرج لتمتم متبعة - اجلس واستكمل حديثك .
رفع عينيه سائلاً فابتسمت برقة : لا تقلق يا ابن خالتي ، لست رقيقة لأنكسر .. ولست هشة لاندثر ، بل أنا صلبة .. واقفة .. شامخة كجبل لا ينهدم .
رقت عيناه بعشق طغى على نظراته فأشاحت عنه وهي تعاود الجلوس فيتبعها مرغمًا مهمها باسمها فتبتسم باتساع ، ابتسامة مفتعلة .. غير صادقة .. باردة لا تنم عن عمق جرحها لتهتف بجدية : سأتحمل يا عمار فقط إلق ما في جعبتك كاملاً لأنها فرصتك الوحيدة في البوح .
سحب نفسًاعميقًا ليهمس بخفوت وصوت مشبع بخزيه : تتذكرين تلك الليلة التي ..
رجفا جفنيها لتهمهم : نعم أتذكر ما بها .
زفر ببطء : اليوم التالي تعمدت أنأذهب لأصلي الفجر مع عمي أميروأخبرتهأنيأريده ، تحدثت معه في كل ما يجيش بصدري نحوك ولكني تعمدت أنأخفيأني اقصدك ، كنت أريد نصيحته .. رأيه .. مشورته ، كما أفعلدوماً ، حينها سألني سؤالا واحداً وهو " هل اضمن أن مشاعري لا تتغير نحو من أحدثه عنها "
فأجبت على الفور " أبداً ، لن تتغير أبداً "
أخبرته " أنيأحبها من الصغر و أني حاولت كثيراًأن اهرب من مشاعري نحوها ولكني لم استطع فأنا محتجز بين أمواجها الهوجاء التي كلما حاولت أسبح ضد تيارها ، ثارت مشاعري وجذبتني لعمق بحرها."
دمعت عيناه وصوته يصدح بشجن : حينها ابتسم كما لم أره يومًا ليسألني بفخامة " هل ستخبرني عن هويتها أم ستظل متكتمًا ؟!"
لأبتسم بخجل واجيبه " أني سأفعل فقط يمنحني أيام قليلة وسآتي إليهثانيةً ."
رفع عينيه لينظر لعمق عينيها : أتتذكرين ليلة ما اكتشفنا أسعد ، أتتذكرين أني كنت أخبرك عن حلمي بالسفر .. كنت أحدثك عن اصطحابي لك معي .. كنت أقص عليك حياتنا الآتية .. أثرثر عليك برؤيتي في حياتنا القادمة ، تحشرج صوته ليغمغم متبعًا وهو يشيح بعينيه بعيدًا – هل تتذكرين سبب تجاوزي معك يومها و أنا الذي لم أحاولأنأقترب منك قبلاً ؟!
هزت رأسها بنفي كاذب فابتسم ساخرًا ليكمل : ولكني أتذكر جيدًا يا يمنى ، يومها أخبرتكأنيأريد الزواج منك .. أريدأن تكوني نصفي الآخر .. شريكة حياتي .. أمأطفالي ، للآن لا اعرف هل خيالي هو ما دفعني لضمك إلى صدري ، أم موافقتك التي انارت عينيك هي ما اغرتني أن أتأكد أنه ليس حلمًا .. ليس وهمًا ، بل أنتحقيقة .. واقع .. وليس خيال يفتعله عقلي .
تمتمت بحدة : لا يهم كل هذا الآن .
زفر بقوة : بل يهم يا يمنى ، أنا كنت أخطط للزواج منك .. كنت أخطط لأقتران بك .. كنت أخططأن نسافر سويًا ونحيا سويًا ونكمل عمرنا سويًا .
رفعت حاجبها بتحدي : وما الذي غير خططك واجبرك أن تتراجع عن كل ما أردته ؟!
عم الصمت عليهما قليلاً قبل أن يهمس بصوت خفيض مختنق : كاترينا .
انتفض جسدها بحدة أمامه ليتبع سريعًا : أرجوك يا يمنى اهدأي .. أرجوك تماسكي .. أرجوك لأجلك وليس لأجلي فما سأسرده عليك الآن سيكون أقوى من عذاب السنوات الماضية .
غامت عيناه بذكرى يوماً بعيدًا هو الأكثر بغضًا على قلبه ، قلبه الذي انتفض بهسيس رافض أن يخبرها .. أنيصارحها .. أن يقص إليها جرمه الذي اقترفه بحقها سابقًا ، ينهره ألا يجاهر بذنبه بل يخبئه .. يخفيه .. يتناساه كي ينساه فلا يذكُره إليها و لا تعرف عنه شيئًا ، يزين إليه أن يخدعها .. يكذب عليها .. يراوغها فلا يخبرها أنه ذل بقدمه في فخ أعد إليه بعناية و لكنه كان أغبى من الإنتباه ، بل سقط كفراشة هوت في عمق نيران اغوتها ببريقها فلم تنتبه أن فيها نهايتها!!
انتفض جفنيه و هو يعود بعقله مرغما إلى هذه الليلة التي قرر فيها أن يخبر والديه عن رغبته في الزواج من حبيبة قلبه معشوقته منذ الصغر ولكنه تفاجئ بوجود الأخرى التي أتت في زيارة سريعة لخالها الذي رحب بها كعادته بعد غياب دام سنتان كان نساها فيهما.
نسي أن هناك ما ربطهما قديمًا .. و أن هناك ما تبادلاه سويًا .. بل أنه عاش هنيئًا .. متنعمًا .. مدللاً في رحاب عشق صغيرته ، فحذف كل ماضيه و دفنه في أعماق ذاكرته السحيقة و لكن ابنة عمته الأجنبية لم تنسى .. و لم تتناسى و أتت مصرة على استعادته .. استمالته .. عودته إليها حتى لو بذلت نفسها لأجل أن تكسبه .
اختنقت أنفاسه و هو يتذكر أنها أجبرته على الخروج معها بمفرديهما بعد أن أقنعت والديه بأنها تحتاج إليه معها في بعض الأشياء التي تريد إنجازها قبل سفرها صباحًا و رغم رفضه إلا أن والديه حثاه على الذهاب معها.
انتفض أمامها ليغمغم بحشرجة موجعه أدمت حلقه حينما نطق : حاولت استمالتي بكل الطرق و لكني لم استجب كلما كان هاتفي يضيء بصورتك فلا اجيبك ، فأنا كنت قررت عدم إجابتكإلا وانت خاصتي أمامالجميع كانت تضيق خناقها من حولي ، ولكن اتصالاتك المتكررة يومها كانت تثير جنونها ، وكأن فكرة وجودنا سويًا تحرق قلبها ، ولكني لم اهتم حتى عندما رأيت نيران حقدها تومض بحدقتيها، حتى حينما تدللت علي كثيرًا فلم أبالي بها إلىأن سأمت مني ، صمت قليلا ليتابع بصوت بح من الذنب - او هكذا خيل إلي.
صمت قليلاً ليزفر بقوة : بل اقتنعت أنها ملت من جفائي لها ، ففي طريق العودة توقفت عن كل شيء حتى الحديث توقفت عنه فتنفست الصعداء و أنا اهيأ نفسي لرحيلها .. لغيابها .. لسفرها دون عودة هذه المرة و حتى إن عادت فلا يهمني فأنا سأكون حينها آمنًا إلى جوارك .. مستكينًا في رحابك .. متوحدًا مع روحك .
اختلجت عضلة صدغه ليغمغم : و لكن هيهات كانت أوهام خيلت إلى .. آمنت بها لأستفيق على صدمة حياتي بأكملها.
تمتمت بأعين دامعه و صوت مليء بترقبها : ماذا حدث ؟!
تشكل ثغره بارتباك و وجهه يشحب فيستحيل خاليًا من دماء انسحبت من أوردته خوفًا ، قبل أن ينفرج ثغره ببطء مهمهمًا بصوت لا حياة فيه : استيقظت صباحًا لأجد أنني اشاركها فراشها .. تتوسد صدري .. و تضم نفسها إلى حضني . ذُهلت .. صُدمت .. وارتعبت وخاصة أنها استيقظت ببسمة ماكرة تقبل وجنتي وتخبرني أنها كانت ليلة رائعة قضيتها معي و أنها لن تتركني بعدما حدث بيننا فأنا كنت الأول بحياتها !!
نظرت إليه بصدمة وذهول سكن عينيها بينما رفعت كفها بتلقائية تضعها فوق فمها الذي فغر بعدم استيعاب ليكمل وهو يخفض عينيه عنها بخزي تملكه : كنت مشتتًا .. مرتبكًا .. ضائعًا ، عقلي يدور في فراغ و أنا لا أذكر شيئًا مما حدث ومما تؤكده لي ، اختنق صوته وهو يتابع – ولكن كان هناك أثار ما تؤكد أن هناك شيئًا ما حدث ولكني لا أتذكره .. لا أدركه.
لهثت انفاسه وعيناه تومض بقهر أحرق حدقتيه فحولهما للبني الغامق وهو يتذكر أنه صرخ بها حينها : أنتكاذبة .
لترفع حاجبيها بصدمة مفتعلة لتهمهم إليه وهي تلملم الغطاء فوق جسدها العار والذي أشاح بعينيه عنه : أوه يا للعار ، أنت تتملص من واجبك نحوي يا عمار .
هم بالانتفاض واقفًا من الفراش ليتمالك نفسه حينما اكتشف عريه ليهمهم بحدة : لم أفعل شيئًا ليكن علي واجب نحوك .
اقتربت منه كأفعى ماكرة لتلمس كتفه القريب بأطراف أناملها فينتفض برفض وهو يحاول أن يبتعد عنها بكل ما أوتي من قوة لتهمهم بجانب أذنه وهي تنظر لعمق عينيه بمكر : حسنًا لنرى رأي خالي في هذا الأمر ، سأناديه الآن ليجدك بجواري في فراشي وغرفتي وحينها ما يحكم به خالي سأفعله بنفس راضية .
حينها لم يهتم بأي شيء لينتفض واقفًا يبحث عن ملابسه التي وجدها متناثرة بأرجاء الغرفة فارتدى بعضا منها ولملم البقية منها لتقف أمامه وهي تربط مفرش الفراش حول جسدها تشير إليه بوقاحة نحو الفراش : انظر الى الفراش الفارغ أمامك لتتأكد من اقوالي يا ابن الخال .
التفت برأسه في بطء ودمه يتجمد داخل أوردته لتتسع عيناه بصدمة وهو ينظر إلى العلامات الحمراء التي وشمت مفرش الفراش أمامه !!
انتفض جسده أمام عينيها لتهم بأن تحتضن كفيه حتى تهدئه ولكنها تراجعت وهو يغمغم باختناق : كانت تريني أنها ليست كاذبة ، كانت ترينني أنها محقة .. أنني سافل استحليت ابنة عمتي وهي بزيارتنا .. أنني كاذب انتهكت جسدها وقلبي معلقًا بأخرى .. أنني خائن لوثت جسدي بأخرى غير معشوقتي .
دمعت عيناه فانسحبت روحها معه وقلبها يؤلمها وهي ترى صراعه الداخلي ، رأسه الذي يحاول رفعها حتى يتحكم في عينيه فلا يبكي أمامها ولكن ثقل ذنبه يحنيها رغمًا عن إرادته ليغمغم بقهر : حاولت أن اهرب .. ابتعد .. انسحب لكنها هددتني إن لم أسافر معها ستفضحني أمام الجميع .
رفع عينيه أخيراًإليها ليهمس : و أنا لم أكنأتركها تفضحني أمامكم يا يمنى ، لم يهمني فردًا سواك ، أنت كنت جل ما يهمني ، فذهبت معها صاغرًا ، مجبورًا ومقهورًا ، ذهبت معها وقلبي معلقا بك ولكني لم أكنأجرؤأناجيبك ، أتحدثإليكأوأضع عيني في عينك و أنا ملوث ببقايا خطيئتي وآثامي .
هتفت دون وعي : هل تزوجتها ؟!
ابتسم ساخرًا ليغمغم باستهزاء : كنت سأفعل ، ولكن عاصم كان لديه خطة أخرى ، هو الوحيد من أخبرته صُدم اولاً ليزمجر بوجهي تالياً ليصدق تشوشي أخيراً ، لقد عارض سفري .. هروبي ولكن كان أهون الامور علي ، لم أكن لأبق فتتغير نظرتك لي ، لم أكن لأبق لأخذل أبيك واحني رأسأخيك ، نعم أعلمأنك ظننت بي الكثير ، كرهني أسعد وبغضني عادل ، أباك تعجب لرحيلي المفاجئ وخالتي غضبت لأني ذهبت دون وداعها ولكن كل هذا أفضل بكثير أن تنظروا لي كخائن خان أمانة عائلته مرتين ، مرة معك ومرة مع ..
اختنق حلقه بغصة قوية استحكمت فيه لتهمهم إليه وفضولها يحركها : إذاً ماذا حدث ؟!
اجاب ببساطة : هربت .
نظرت إليه بعدم فهم ورددت باستنكار : هربت ؟!
أومأ برأسه ليغمغم ساخرًا : كانت خطة عاصم أنأهرب منها هي الأخرى فاختفيت بالفعل لتجد نفسها في مواجهة عاصم الذي أبعدها عني .. اخفاني عن عينيها .. و أجبرهاأن لا تخبر أبي بم حدث !!
اتبع بجدية : لا اعلم كيف فعلها ولكنه استطاع تكبيلها ، و أنا ظللت هاربًا لا أقوى على العودة ليس خوفًا منها فقط ، بل من ضعفي لمواجهتك .
جمدت ملامحها وعادت بظهرها لتستند على ظهر كرسيها ، تنظر إليه بطرف عينها : ولماذا عدت الآن ؟! وهل أتت لأجل أن تهددك أيضاً ؟!
سحب نفسًا عميقًا لم يزفره كاملاً ليجيب بهدوء : لا ، فهي لا تستطيع تهديدي بعد الآن لذا أنا عدت .
نظرت إليه بتساؤل فأكمل بحزم : لأني اكتشفت أنها خدعتني على مدار سنوات طويلة و أني لم ألمسها أبداً .
اهتزت حدقتيها بعدم تصديق لينفخ بقوة : لقد توصلت إلى طريقي قبل أنأعود بشهر واحد لأفتح الباب إحدىالليالي أجدهاأمامي .
رجف فكه بغضب وعيناه تستعيد تلك الليلة التي فتح باب مسكنه في الغربة ليجدها تقف أمامه بجسد مائل تركن بمرفقها على إطار الباب الخارجي تلامس أطراف خصلاتها المموجة بحركة مغوية ، تحمل زجاجة خمر فاخرة بكفها الآخر وتبتسم إليه بإغراء تعمدته لتمط شفتيها ببسمة ماكرة وانتصار يومض بحدقتيها المائلتين للأخضر الداكن بسبب تكحيلها لعينيها بطريقة عربية تعلم جيدًا أنه كان يفضله ، همست وهي تدلف إليه : اشتقت إليك .
جمدت ملامحه ورفع رأسه بشمم حينما تعلقت برقبته وحاولت تقبيله ليدفعها بعيداً عنه يزجرها بتساؤل حانق : ما الذي أتى بك ؟!
اسندت جسدها إليه وهي تضع الزجاجة بمنتصف صدره : اتيت لأني اشتقت إليك يا حبي .
انتفض جسده بغضب ليدفعها بجدية بعيدًا يناولها الزجاجة بغلظة : خذي ما أتيت به وانصرفي .
أصدرت صوتًا رافضًا : هل تطرد ضيوفك الآن يا ابن الجمال ، هل يصح أن تكون ابنة عمتك بالمدينة وتقضي ليلتها في فندق وبيتك موجود ؟!
تمتم من بين أسنانه : لا يخصني ، لم أدعوكلتأتي من الأساس ولم تستأذني في زيارتي لأستقبل ضيافتك .
حينها رفعت رأسها تنظر إليه من بين رموشها لتتحرك بأريحية تجلس بمنتصف اريكته تضع ساقاً فوق أخرىهاتفة بجدية : وهل أنا ضيفة عادية ؟! أنا كاترينا حبيبتك .
ألقتها برقة خافتة فعبس بوجهها لتبتسم بمكر : اغلق الباب وتعال لنتحدث قليلاً يا ابن خالي، رمقها بحدة فاتبعت برقة مغوية تعمدتها – وهات كأسين لنتشارك الشراب .
هدر بحدة : أنت تعلمين أني لا احتسي الخمر .
هزت كتفها بلا مبالاة : على راحتك ، أنا لا اجبرك على أي شيء يا عمار ، أنت من تتراجع عن مبادئك وتأتي لي بكل مرة .
رجفا جفنيه وهو يشعر بحلقه يختنق فتبتسم برقة لتنهض واقفة تقترب منه تلامس كتفه القريب منها بطرف سبابتها : سآتي أنابكأس لي فاليوم أنا احتفل ، بللت شفتيها امام عينيه لتتابع – فأخيرًا وجدتك يا حبيبي .
شعر بالقهر يتعاظم فوق روحه ليتحرك صافعًا الباب خلفه تاركًا لها البيت بأكمله، قضي ليلته بأكملها خارجًا ليعود قبيل الفجر قليلاً فيختنق أكثر حينما وجدها ممددة فوق الأريكة بشكل مبعثر وزجاجة الشراب فارغة على الطاولة المجاورة للأريكة .
اقلقها وصوله فحاولت الوقوف لاستقباله ولكنها ترنحت فإلتقطتها حتى لا تسقط لتتعلق برقبته تضحك بميوعة : أنت هنا أخيراً ، أنا لا أحلمفأنت عدت لي من جديد .
زفر باختناق مهمها بنزق : افيقي يا كاتي أنا لم أعدإليك ولن أفعل .
لامست وجهه بكفيها في توق وهي تهمهم أمام شفتيه تلامس ازرار قميصه فتحاول أن تفكها لتظهر جسده : لماذا ؟! ألم تشتاق لي ؟! كنت دومًا تخبرني عن شوقك .. توقك .. شغفك ، ما الذي تغير ؟!
حاول ابعادها عنه ليهمهم وهو يتحكم في كفيها : كل شيء تغير ، و أنا لن اكون لك أبداً .
حاولت تقبيله وهي تتمسك به كانه طوق نجاتها لتهمهم بثرثرة غير واعية : فقط مرة واحدة يا عمار ، أناأحافظعلى نفسي لأجلك ، لقد امضيت سنوات مراهقتي كلها اتخيلك وأنت معي، ولا اقو على تخيل أحداً آخراً غيرك
يحاول دفعها عنه فاتبعت وهي تلامس فستانها من الخلف : أنا من أليق ، انظر لي سترى أنا حبيبتك من كنت تتغنى بجمالها ، ستسعد معي هذه المرة و أنت واعيًا فالمرة الماضية لم تكن واعي لي .
عبس بعدم فهم ليهمس إليها بتساؤل : كيف كنت غير واعيًا ؟
تفادت إجابة سؤاله وهي تتعلق بكتفيه تهمهم وهي تطبع قبلاتها على رقبته ومقدمة صدره التي ظهرت من تحت أطراف القميص الذي تزيحه بإصرار مهمهمه بخفوت حينما شعرت باستسلامه : هذه المرة ستكون خيالية ، فنحن تغيرنا .. كبرنا .. نضجنا ، سيعجبك ما سترى معي .
أكملت وهي تخلع عنه قميصه تلامسه بشهوة تصلب جسده لأجلها ولكنه لم يمنعها وترك لها الفرصة كاملة يريدها أن تخبره عم حدث المرة الماضية فيهمس إليها وهو يضم اعلى ذراعيها بكفيه : أولم تعجبينني المرة الماضية ؟!
زمجرت برفض : لا كنت تهلوس بإسم تلك الفتاة التي لا تليق بك ، غرزت اظافرها بظهره فتشنج ولكنه صمت فاتبعت وهي تلامس صدره تنثر أنفاسها فوقه - توقعت أني سأمتلكك ولكنها اختطفتك مني رغم أنك كنت مخدرًا !!
نفخ بقوة كفيه يرتعشان بوطأة ما يبوح به ليتمتم أخيراً بصوت مختنق : حينها اكتشفت كم كنت مغفلاً ، كم كنت غبيًا ، كم استطاعت خداعي والتأثير بي ، تشتتي .. حيرتي .. شكي البسيط أني من الممكن أكون انقدت نحوها وذللت معها ، كانوا اسباب هروبي يا يمنى ، قضيت خمس سنوات من عمري وحيداً .. طريدًا .. شريدًا .. منفيًا لأجل أن لا أرى في عينيك أني خائنًا لا استحقك ، وحينما تأكدت من براءتي رجعت .. عدت .. أتيتإليك.
اتبع باختناق – يعلم الله أني لم أكنأريد اخبارك ولكني لم أعدأتحمل ، اخبارك بالحقيقة أفضلكثيراً من الصمت الذي يقتلني وأناأرى رغبتك الدامية في الإنتقام مني تومض بعينيك فتنيراها ، فحدقتيك يستحقان أنينيرهما العشق وليس الانتقام يا مهرتي .
تشكل ثغرها بحدة لتتمتم بحنق : غبي .
أومأ برأسهإيجاباً : اعترف أني غبي و أحمقأيضاً ولكن ..
صمت قليلاً ليرفع عينيه إليها – هل كنت ستتحملين أن تستيقظي بعد يومين مما حدث بيني وبين أسعد على أنوالدي اكتشفا وجودي بغرفة الضيوف مع كاترينا؟! هل كنت ستتحملين أن تراقبينني و أنا ارتبط بها أمام عينيك ؟! هل كنت ستتحملين أنأتزوج منها و أتركك ؟!
انتفضت واقفة : أريد العودة .
قبض على كفها لينظر إليها راجيًا قبل أن يهمس آمراً : اجلسي يا يمنى و أخبريني ، استجابت بعدم وعي منها وعيناها تتعلقان بعينيه فيتابع بصوت هامسًا - هل كنت ستتحملين ؟! وإذأنت تحملت هل كنت سأتحمل أناأن ارتبط بأخرى غيرك ؟! أنأتزوج من أخرى وقلبي ملك لك ؟! هل كنت سأتحمل أنأنظرإليك فأرى عيناك تومض كرهًا لي ؟!
احتضن كفها بين راحتيه ليهمس وهو ينظر إلى عينيها : نار الانتقام التي تضيء عينيك أفضل لدي كثيراً عندي من نار الكراهية يا يمنى ؟!
أكمل وهو يهز رأسهإليها بالإيجاب : و أناأتحملأي شيء وكل شيء إلاأن تكرهينني ، فأنت رغم قهرك .. ألمك .. عذابك .. وغضبك مني إلاأن عيناك لم تومض أبداً بالكراهية نحوي ، بل كلما نظرت إلى عمق حدقتيك رأيت حبك يومض بضوء خافت يمنعه من السطوع تضارب مشاعرك الذي كنت يومًا سببًا بوجودها ، وها أناأعرضعليك أن امحيها بأكملها ، فما ردك ؟!
نظرت إليه مليًا لتهمس بصوت أبح : أريد العودة يا عمار ، من فضلك .
اخفض رأسه ليتمتم : حسنًا على راحتك .
نهض واقفًا ليشير إلى النادل فيمنحه حسابه قبل أن يشير إليهاأن تتقدمه فتخطو ببطء ، تنظر للأمام بصدمة روحها مثقلة بمشاعر كثيرة يشعر بها وقلبه يئن لأجلها ولكنه لا يقو على القرب منها همهمت حينما اقتربا من دراجتيهما الموضوعتين جانبًا : لا اقو على قيادة الدراجة يا عمار ، اذهب أنت وسأسير عائدة .
تمتم بجدية : لن أتركك يا يمنى ، سأظل بجوارك إلىأن اعيدك إلى عائلتك ، ولا تبعديني عنك أبداً ثانية .
تمتمت : أريدأنأكون وحيدة لا أريدأيأحد معي .
وقف أمامها يناظرها بصلابة : أنا لست أحداً ، أنا عمار يا يمنى ، أنسيت من هو عمار ؟!
تمتمت بصوت مختنق : يا ليتني استطيع النسيان يا عمار .
أشار لها برأسه : اتركي الدراجة مكانها .
عبست بعدم فهم ليتناول الدراجة منها يضعها بمكانها ثانية ليجذبها من كفها إليه يدفعها للسير بجانبه : تعالي معي ، أعلم ما الذي تحتاجين إليه .
حاولت أن تجذب كفها منه : اتركني يا عمار .
هدر بها وهو يقف أمامها بتحدي : لن أفعل وستأتين معي .
جذبها إليه من جديد ليعبر بها الطريق للاتجاه الآخر يدفعها نحو الشاطئ الفارغ تمامًا من الناس في هذا الصباح الباكر ليهتف آمراً : اخلعي حذاءك واستمتعي بملمس الرمال ، ابتسمت ساخرة ليهدر متبعًا – ستفعلين أمأفعلأنا ؟!
زفرت بقوة لتنحني خالعة حذاءها الرياضي ، تحمله بكفها ليقبض على كفها الآخر يسير بجوارها بعد أن خلع حذاءه بدوره ، إلىأن وصلا للرمال المبتلة بأمواج البحر الهادرة ليهتف بها : اجلسي واشكو له ، وحينما تشعرين بالاستقرار النفسي سنعود للعائلة .
نظرت إليه بتعجب ليجلس على الرمال يرفع رأسه ينظر إليها يحثها على أن تفعل مثله لتعبس برفض فيجذبها من كفها بقوة فكادت أن تقع فوقه لولا كفيه اللتين ضمتا خصرها لتسنداها فيساعدها على الجلوس بإعتدالإلىجواره مهمهًا بخفوت أمام عينيها : أعيدي ساقي بنطلونك للخلف حتى لا تضايقك الرمال إذا حشرت بينها وبين جلدك ، وحتى لا يتحسس جلدك بسببها ، نظرت إليه بصمت وتساؤل ومض بعينيها فاتبع مجيبًا بابتسامة صادقة - لم أنس شيئًا أبداً يخصك يا موني .
زفرت بقوة لتفعل ما أخبرها به لتشيح بعينيها بعيداً ، تنظر إلى قرص الشمس الذي يصعد تدريجيًا فيبعث أنوارهفتُنير البحر بضوء لؤلؤي يطرد دكنة زرقته ويأتي بصفاء لونه ، تنفست بعمق وهي تنصت لصوت الموج الهادر والذي عم عليهما وهما صامتان .. ساكتان .. هادئان .. مستمتعان بصفاء انبلج بعد عتمة كادت أن تضيعهما سويًا .
***


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-09-20, 05:54 PM   #240

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

مجتمعون بحديقة شاليه خالته التي أصرتأن غذاء اليوم عندها وهي تهتف بمرح صباحًا " أعلمأني لا أستطيع الطهو ولكني أعلم مطعم مشويات خطير سآتي بالطعام منه . "
وحينما همت والدته بالاعتراض صممت إيناس على دعوتها وهي تؤكد على الجميع الحضور لديها ، عبس باهتمام وهو يلتقط حديث خالته القلقة بشأن عاصم النائم إلىالآن ، يريد أن يشرح لخالته أن عاصم لم ينم قبل الصباح فهو شاركه الجلسة صباحًا حينما عاد مهمومًا .. ضائقًا .. حزينًا ، فابن خالته لم يفض إليه بم يجول بداخله وهو لم يشأ أن يثقل عليه فيدفعه إلى بوح لا يريده ولكنه شعر بالقلق حينما قضى عاصم وقتًا طويلاًمستلقيًا فوق فراشه دون أن يغفو إلىأن تحرك فجأة فيتأهب باهتمام ليهتف إليه عاصم بصوت مختنق "سأذهب إلى ماما يا أسعد" حينها أومأ إليه وهو يراقب ملامح عاصم المكفهرة بغضب وحزن سكن عينيه زم شفتيه بتفكير وهو يراقب ملامح سيادة الوزير المنغلقة والغضب البادي على وجهه رغم الجلسة المكتملة إلى حد ما ليستنتج بعفوية أن هناك ما حدث بينه وبين عاصم ، انتبه من افكاره على صوت خالته ياسمين التي هتفت بتعجب : لا أفهم ما باله هذا الولد ، لم ينم هكذا قبلاً .
التقطت عيناه نظرة فاطمة وأحمد الجمال لسيادة الوزير الذي تصلب جسده بحدة قبل أن يهمهم أحمد : لابد أنهمجهد من البارحة يا ياسمين فهو لم يتركني لحظه بمفردي
لوى وائل شفتيه هاتفًا بسخرية : حبيب أمه يتعب كثيراً .
ضيقت ياسمين عينيها قبل أن تهمهم بطريقته : نعم حبيب قلب أمه يتعب كثيراً كان الله في عونه وحفظه ورزقه زوجة صالحة تدلِله وتزيح عنه ضيقه .
ضيق وائل عينيه وخاصةً حينما كتم شقيقه ضحكته ليبتسم هو بمكر وهو ينظر إلى نوران التي اقبلت عليهم وكأن خالته تمتلك تعويذه سحرية فأتت بالفتاة التي اقبلت تتحرك بهمة هاتفة إلى ياسمين بعد أنألقت تحية عابرة : انطي ياسمين هلا جربت الاتصال بعاصم إنه لا يجيب وهذا أمر غير طبيعي ؟!!
ألقت حديثها وهي تضع الهاتف فوق أذنها ليعم الصمت على الجميع وخاصةً حينما إربد وجه وائل غضبًا ولكنها لم تنتبه وهي تلتفت من حولها بحثًا قبل ان تهتف بعمر : اذهب يا عمر وتأكد أنه بخير ، فهو أبداً لا يهمل اتصالاتي .
زم وائل شفتيه بغضب لمع بعينيه لتهتف ياسمين ضاحكة متعمدة اغاظته : لا تذهب يا عمر، فعاصم ليس بالسكن ، إنه ينام بغرفتي .
هتفت نوران بلهفه لم تتحكم فيها : حقاً ؟!
أومأت ياسمين برأسها لتهتف بتسلية : اذهبي واطمئني عليه بنفسك . تململت نوران بوقفتها لتهمهم وهي تهزرأسها نافيةً ، فتتبع ياسمين بمكر - عمك الحبيب هناك .
ومضت عينا نوران بمكر لتسأل برقة : حقاً ؟! سأذهب إليه .
— نوران ، صاحت فاطمة وهي ترحمها من غضب أبيها الذي قارب على الانفجار - لا تذهبي إلى عمك فهو سيأتيالآن ويطمئنا على عاصم أيضاً .
مطت شفتيها بحنق لتهتف بها ليلى في حنو : اذهبي إلى يمنى و اوقظِيها فهي الأخرى نائمة منذ أن عادت صباحاً .
اضطربت جلسة عمار بجواره وخاصة حينما هتفت نوران بتعجب : يمنى ونائمة كيف ؟! إنها لا تنام كثيراً ، سأذهب إليها .
ابتسم وهو يرمق عمار - الذي تأهب جسده وكأنه يريد اللحاق بنوران - بطرف عينه ، فابتسم إليه عمار بسخافة ليشيح بعينيه بعيداً ليعود بنظره إلىأحمد الجمال الذي زمجر بحدة إلى شقيقه بخفوت : بالله عليك أنت راض عن نفسك هكذا .
هدر وائل بخفوت مشابه : لا تتدخل يا أحمد من فضلك .
هز أحمد رأسه بعدم رضا ليتمتم من بين أسنانه : لن أجيبك لأجل وجود الشباب فقط .
تحرك عمر الواقف ليشير إلى حبيبة –الجالسة بجوار ليلى - برأسه : ها أناأول الشباب سيغادر .
ضحك أحمد بخفة : لماح يا ابن الخواجة .
غمز إليه عمر بشقاوة : طوال عمري ، وخاصةًأنها فرصة سانحة لأسير أنا وحبيبة على الشاطئ قليلاً ، اتبع وهو يشير لبلال برأسه – بعد اذنك يا عمي .
ابتسم بلال ليهز رأسه بلباقة لم تظهر بعينيه لتهتف ليلى بحنو امومي : اذهبي يا حبيبة ، انطلقا فأنتما شباب ما لكما بجلسة الكبار هذه .
انتفض أحمد واقفًا ليهتف بمرح : سأستمع لنصيحة لولا و أصحبأميرةأناالآخر لنجلس على البحر إلىأنيحضر الطعام ، أشارإلىأحمد الجمال بعينيه هامسًا بخفوت - فلتأخذ راحتك يا دكتور .
ضحك أحمد بقوة ليشاكس وائل : يحبونك كثيراً .
انفجر الشباب بالضحك ليهتف عمار بمشاكسة : لا تؤاخذني يا عمي ولكني لن أتحرك من هنا ، أنا مرابط اليوم بجانب الأمير .
رمقه أمير بابتسامة ماكرة ليتمتم أسعدإليه : ستظل مرابطًا طوال عمرك بإذن الله.
شاكسه عمار بملامحه : لا شأن لك ، أنا راضي .
ضحك أسعد بمرح لتهتف فاطمة بعفوية : أووه أنت تضحك إذاً ؟! ارتدت رأس اسعد يعبس بتساؤل لتتابع فاطمة – ضحكتك رائعة يا بني ، لماذا إذاً متجهم طوال الوقت ؟!
قهقه عمار ضاحكًا ليهتف إليها : لأنه غليظ يا فاطمة .
احتقنت أذنيأسعد بقوة ليرمق التي تحركت في مجلسها بعصبية والتي لم تتحرك من جوار عمها منذ أنحضرت وكأنها تحتمي في عمها منه فلا تمنحه فرصة للحديث معها ، ابتسم اسعد ليجيب عمار برزانة : رأيك لا يهمني بالمناسبة .
هز عمار كتفيه ليهتف بمشاغبة : أعلم ولكني أقوله بالمناسبة .
هز اسعد رأسه بيأس لتهتف ياسمين بخفة : أنت متفاجئة من ضحكته الرائعة يا فاطمة ، ماذا ستفعلين حينما ترين أذنيه اللتين تحتقنان خجلاً ؟!
اتسعت عينا فاطمة بصدمة : لا يمكن ، إلتفتت إلىأسعد بأريحية – حقاً ؟!
كح اسعد بخفة ليهز كتفيه بلا رد لتضحك ياسمين بقوة : انظري ها هما .
ابتسم رغم عنه وهو يلتقط عيناها الغاضبة فمها المزموم والذي تشنج بغيرة سطعت بمقلتيها حينما هتفت فاطمة بانبهار فعلي : واو .
انفجر ضاحكًا ضحكة لم تصدح من حولهم بل كتمها بداخله رغماً عنه غير راضياً عن خروجها وخاصة حينما تصلب جسد وائل بحمية ينظر إلى ما أثار انبهار زوجته ليرتفع حاجبيه بصدمة متمتمًا : خالتك لا تبالغ يا ولد .
تبرمت والدته بحدة : لا تضايقاه أنتما الاثنتين .
ضحكت ياسمين لتشاركها فاطمة الضحك ليهتف خالد بإعجاب : إنه يشبه والده كثيراً .
أومأت فاطمة برأسها : نعم أنا اتفق مع هذا الرأي .
رمقه وائل من بين رموشه : إذاً أنتالآخر باق أم ستذهب مع الشباب الآخرين ؟!
ابتسم اسعد بلباقة : بل أنا باق يا عماه .
رمق وائل شقيقه بتحدي : أرأيت عمار و أسعد معي ، هما كافيان ، ووافيان .
همهم عمار : كلي لك يا عماه .
اسبل أسعد اهدابه ليهتف بصوت أبح : أناأفديك بحياتي يا سيادة الوزير، اتبع متفكهًا وهو يرمقها من بين رموشه - كلي فداء الوطن .
اتسعت ابتسامة أمير وهو يرمق ابنه بطرف عينه فيبتسم أسعدبإتساع وهو يلتقط تورد وجنتيها ليتأهب بجدية حينما هتفت إيناس باسمه : أسعد أريدك أن تذهب وتأتي ببعض من الأشياء والطعام أيضاً فالمطعم حدث لديه اضطراب ما ولن يوصل الطعام بموعده وعلينا أن ننتظر أو نذهب لنأتي به .
انتفض واقفًا : بل نذهب لنأتي به ، أخبريني فقط عما تريدين وارسلي لي مكان المطعم ولا تخشي شيئاً .
اتسعت ابتسامة إيناس لتهتف به حينما هم بالإبتعاد : ستذهب بمفردك .
نظر من حوله ليجيب ببساطة ماكرة : جميع الشباب مشغولون عمار مرابط بجوار أبي ولا أعلم السبب ، توعده عمار بعينيه فكتم ضحكته ليكمل - وعادل لا أعلم أين هو ؟!!
لوت إيناس شفتيها بإحباط : لم أقصد شاب مثلك ، أناأريد أشياء من السوق لن تقدر أنت على شرائها ، لتتبع بافتعال أثار ابتسامته - وشقيقتك نائمة .
أجاب بسلاسة دون أن ينظر نحوها : لتأتي الدكتورة معي ، اتبع وهو يرمقها بطرف عينه - إذ لم يكن لديها مانع.
رفعت عيناها إليه ووجنتيها تتورد بخجل تهمس بصوت أبح : لا أفهم .
هتفت إيناس التي تحركت بعفوية : اختيارك ممتاز يا أسعد فجنى الوحيدة من تستطع أن تجلب الأشياء التي أريدها أم لا تريدين الذهاب مع أسعد ؟!
شعرت جنى باضطراب لتهتف بتلقائية وهي تنهض : لا طبعاً سأذهب مع أسعد فقط أخبريني عن الأشياء التي تحتاجينها .
اسبل جفنيه مخفيًا ابتسامته خلفها ليهدر وائل بجدية : ولماذا يذهب أسعد من الأساس ؟! اجلس يا حضرة القائد ولنرسل أي من العاملين ليأتي بم تريد الفنانة .
تجهمت ملامح أسعد وظهره يتصلب ليضرب أحمد كفيه ببعضهما محوقلاً بينما استدار أسعد على عقبيه ليبتسم بهدوء : لا يجوز سعادتك أن تطلب الفنانة مني شيء فأبعث العامل بدلاً مني ، ألقاها بلهجة قاطعة ليلتفت إلىجنى سائلاً بجدية – سترافقينني ، بعد اذنك يا عماه؟!
هم وائل بالرد ليقاطعه أحمد بنفاذ صبر : لا مانع لدي بالطبع ، عبس وائل برفض فرمقه أحمد بتحدي ليكمل هامسًا بإنفعالإنها ابنتي وأنا راض لا تتدخل من فضلك .
تمتم وائل بنزق : أنت بارد كأخيك .
اجابه أحمدهادراً : تركنا لك الحمية يا أخي .
توترت وقفتها لينظر إليهامتسائلاً فأومأت برأسها سريعًا لتهتف : فقط امنحني خمس دقائق لأبدل ملابسي .
ابتسم بحنو ليهمس بصوت أبح : بل عشرة فانا الآخر سأبدل ملابسي .
هزت رأسها موافقة لتغادر بخطوات متعجلة وهو ينظر في إثرها قبل أن يداعب هاتفه ويضعه فوق أذنه : صباح الخير يا موني ، استيقظت أخيراً ، سنشكر ابنة الوزير التي أجبرتك على الاستيقاظ
ابتسم بخفة ليهتف إليها : حسناً اخبري نوران هانم أن تلتزم بغرفتك قليلاًفأنا قادم عندكما .
صدح صوت نوران عالياً لتهتف : سأفعل يا حضرة القائد لا تقلق .
__ الشكر الجزيل لك يا ابنة الوزير ، ألقاها بمرح ليتبع بجدية مهمها وهو يبتعد عن الجميع - اعتقد أنه من الأفضل لك الخروج من عندك فعاصم وصل .
كتم ضحكته التي زانت عينيه حينما وجدها خارج الشاليه قبل أن يغلق الخط لتهتف إليه بسعادة : شكراً لك .
أومأ برأسه في لباقة : على الرحب والسعة .
***
جالسة تداعب هاتفها وهي تشارك يمنى فراشها ليأتيها صوت الصافرة المتقطعة مرة أخرى فتزفر ضجراً ، ابتسمت يمنى وهي ترمقها بطرف عينها : لم يفتح هاتفه إلىالآن يا نوران؟!
هزت رأسها نافية : لا ، لا افهم ما حدث معه ولكن حتى نومه هذا ليس طبيعيًا ، اتبعت نوران بخيبة أمل - كان رائعاً الليلة الماضية .
تنهدت بقوة وهي تتذكر اختلاءه بها قبل نهاية الحفل بقليل حينما جذبها على حين غرة وهي تخطو خارجه من غرفتها عائدة للحديقة كادت أن تصرخ ولكنها تراجعت حينما وجدته أمامها ، ألصقها في الحائط خلفها ليحشرها بجسده يمنعها من الحركة حينما مد ذراعه جوار رأسها فاسندها للحائط وكفه الآخر يقبض به على خصرها ، مهمهما بفحيح غاضب : ترقصين يا ابنة الوزير ؟!
حينها عضت طرف شفتها بطرف أسنانها لتسأله بإغواء فطري : هل أعجبك رقصي؟!
لامس وجنتها بأنفاسه ليهمهم بجانب أذنها : يا ليتني أستطيع أنأخبرك ، ابتسمت بدلال ليسأل متابعًا وعيناه تلتهمان ملامحها المسترخية أمامه - ماذا كنت تفعلين بالداخل ؟!
مطت ثغرها بحركة أثارت أعصابه لتهمهم بخفوت : كنت أجدد زينتي و أضع قليل من أحمر الشفاه
تأوهت بخفوت حينما ضغط كفه على خصرها بقوة قليلة ليهمس بصوت أجش : لم تجيبِ سؤالي
عبست بعدم فهم لتغمغم : أي سؤال ؟!
ركز بصره فوق شفتيها فينطق بأنفاس محشرجه : سأعرف بنفسي
همسها بخفوت فلم تدرك معنى حديثه الا حينما أطبق بشفتيه فوق ثغرها ليتذوقه على مهل وكأنه يستأذن فمهما أولاً قبل أن يمتلك ثغرها بتوق شعرته وهو يضمها إلى صدره مثبتًا رأسها ليستطيع أن يتوغل بقبلته التي غيبت وعيها فلم تدرك ما يحدث بينهما إلا حينما انتفض بعيداً عنها وهو يلهث بأنفاس ذاهله متلاحقة مهمهمًا : مبهرة وحارقه يا برتقالتي.
لامست ثغرها ووجهها يحتقن خجلا لتنظر إليها يمنى بتفحص قبل أن تسألها بمكر: هل شفتيك تؤلمانك يا نور ؟! انتفضت تنظر إليها بعدم فهم فأتبعت يمنى بمشاكسة - أنت تضعين راحتك فوق شفتيك بطريقة غريبة ، هل فمك يؤلمك أم تخفيه لأجل سبب آخر ؟!
كحت نوران بخفة لتقترب من يمنى هامسة بخفوت : هل القبلات لها طعم يا يمنى؟!
انفرجت ملامح يمنى بذهول لتهمس إليها : لا اعلم لماذا تسألين ؟!
عضت طرف شفتها بخجل لتغمغم وهي تتحاشى النظر إلى عيني يمنى : سمعت من يقول هذا.
نظرت إليها يمنى بعدم تصديق : حقاً ؟! اتبعت يمنى مباغته - وعاصم أخبركبأي طعم ؟!
أجابت نوران بعفوية : اخبرني أنها شهية .. بمذاق خاص ولذعه تجبره على تذوق المزيد .
كتمت يمنى ضحكتها لتشهق نوران بعد أن أنهت حديثها فتقابلها عيني يمنى الماكرة لتصرخ بإعتراض : أنتغليظة
ضحكت يمنى بقوة لتنتفض نوران واقفة فتتمسك بها يمنى تجذبها إلى الجلوس ثانيةً : لا تغضبي يا مدللة .
أشاحت نوران بعينيها بعيداً : لست غاضبة ، أشعر بالخجل فقط ولا أعلم هل أنا مخطئة لأني لا ادفعه بعيداً أم أني محقة في التمسك بقربه يا يمنى ؟!
رفعت نظرها إلى يمنى متسائلة فابتسمت يمنى برقة في وجهها : بل أنت رائعة لأنك تمسكين العصا من المنتصف ، تدفعيه وتقربيه بتناغم رهيب إلىأن أفقدته تعقله ورزانته وأصبح يدور من حولك يا ابنة الوزير .
زفرت نوران بقوة : لا أريده أن يدور من حولي ، أريدهأن يدور معي ، أريده بقربي .. يجاورني .. يكملني ، هل تفهمين ما أعني ؟!
هزت يمنى رأسها بتفهم وتنهدت : أفهم يا نور أفهم
اعتدلت نوران جالسة لتسألها بجدية : هل ما يحدث بيننا سيء ؟! هل تساهلي معه خطأ ؟! هل أنا سيئة لأني سمحت له بالتجاوز ؟!
مطت يمنى شفتيها لتجلس باعتدال تواجهها : في الظروف العادية ومع شخص آخر غير عاصم كنت سأنهيك بحدة ، أغضب منك وازعق بوجهك ولكن في حالتك هذه ومع عاصم خاصةً لا أقوى على فعلها .
رتبت يمنى على ركبتها القريبة : اسمعي يا نور عاصم ليس شخصًا سيئًا يغرغر بك لينال مأربه ، عاصم رجلاًناضج .. صادق .. ومسئول ، وكل ما يفعله معك ناتج لردة فعله الغير مصدقة أنكما اصبحتا سويًا ، بالنسبة لعاصم أنت حلمه الذي يتحقق فلا يقو على ردع نفسه وابعادها عن التمرغ في حلاوة وجودك بقربه ومعه، اتبعت يمنى بنصح - بالطبع أنت مخطئة في سماحك له بالتجاوز ولكن أنت الأخرى لا تستطيعين ردع نفسك للتمتع بحلاوة قربه ووجوده معك .
نظرت يمنى لعمق عينيها قبل أن تهمس بثقة : فعاصم إليك هو حلمًا بعيداً تمنيته بدل من المرة مئات المرات وها أنت تحقيقه يا نور .
انتفضت نور وهمت بالاعتراض لتشير إليها يمنى بكفها : لا تنكري يا صديقتي ، فأناأعلم ، أنت استطعت خداع الجميع بم فيهم عاصم ولكن أنا لن تستطيعي خداعي ، فأنا كنت اشهد على بكاءك في كل مرة ، أناالكتف الذي كنت تستندين عليه منذ صغرك حتى قبل تغيرك واقترابنا سويًا كنت أنا الدعم الذي تلجئين إليه في كل مرة تنتظرين منه شيء فيخذلك .
اخفضت نور رأسها بخجل لتهمس ببوح : لا استطع التخيل أن يبتعد ثانيةً يا يمنى، فأنا لا أكادأصدق اقترابه .
ضحكت يمنى برقة : بل سيبقى ويلتصق يا نور ، بعد أن ذاق اللذوعه الخاصة سيظل رغماً عن عيني آنطك ياسمين .
ضحكت نوران بصخب ووجهها يحتقن بقوة ليرن هاتف يمنى فتشير إليها بالانتظار وهي تهتف بجدية : إنهأسعد .
لوت نوران شفتيها بنزق : أخيك الذي لا يبتسم ، هل هو طبيعي ؟!
كتمت يمنى ضحكتها لتزجرها بجدية : لا شأن لك بقائدنا الهمام يا نور .
مطت نوران شفتيها بنزق لتجيب يمنى الإتصال فلا تهتم بشيء إلا حينما صدح صوت أسعد الذي يخبرها بأنعاصم ظهر لتركض خارجاً فتقابل اسعد أمام باب الشاليه يبتسم بمكر شبيه بمكر شقيقته ، اسبلت نظرها بخجل وهي تهز رأسها اليه بالتحية فيتخطاها أسعدإلى الداخل وتقف بترقب تراقب الآتي بوجه غير ذي وجه الذي كان معها البارحة !!
بهتت ملامحها وهي تتأمل ملامح عاصم الشاحبة .. حزنه الساكن بعينيه لتتألم روحها لأجله وهي ترى مدى اختلافه عن البارحة لتتمتم بعدم فهم : ماذا حدث وأنا نائمة ؟!
***
تطلعت عينيه بإهتمام إلى زوجته التي تعبس بعدم رضا لاقتراب ولدها من الفتاة التي لطالما أعدتها ابنة لها ، نقل عينيه الى ولده الذي تأمل فتاته بشغف قبل أن يهمس لها بشيء توردت نتيجة له لترتجف أمام عينيه خجلاًفتسطع ابتسامة ولده بعينيه قبل أن يهتف سائلا اخيه الواقف قريبا منهما عن مفاتيح السيارة الفان فيجيبه عادل مبتسمًا إليه بجذل ويشاكسه بنظراته فيتجاهله أسعد برزانة وهو يتناول مفاتيح السيارة ليشر إلى جنى بالصعود إليها ، تحرك مسرعًا نحو باب السيارة ليفتحه لها بلباقة فتقف جنى أمام مقعد السيارة تنظر إليهبحيرة ليقترب أسعد منها هاتفاً بمرح : هل آتي بكرسي صغير يساعدك على الصعود ، اتبع بصوت خفيض وهو يقف مجاوراً لها – أمأساعدكأنا ؟!
احتقن وجهها بقوة وهي تنظر إليه باستنكار قبل ان تهمهم : أسعد توقف الجميع ينظرون إلينا .
توقف قريباً منها للغاية يفصله عنها باب السيارة ليهمس إليها بصوت أجش : إذاً احملك على كتفي كالبارحة
انتفضت بخجل فاتسعت ابتسامته ويؤثر الصمت قليلاً قبل أنيسألها بمرح تخلل نبراته : ها ما الحل برأيك ؟!
زمت شفتيها بتفكير قليلاً قبل ان تجيبه : سأصعد بمفردي ولكن هلا ابتعدت قليلاً ؟!
أومأ بعينيه إيجاباً ليبتعد بالفعل مسافة قصيرة للغاية ليقف متأهبًا منتظراً لحمايتها لترفع ساقها وهي تتمسك بإحدى كفيها في باب السيارة و الأخرى في المقبض الداخلي لتدفع نفسها بقوة وكأنها ستقفز لتشهق بخفة حينما شعرت بأنها ستقع لولا كفه الذي وضعت بمنتصف ظهرها فدفعها ببساطة للداخل .
ارتدت رأسأمير ينظر إلى زوجته التي اربد وجهها غضباً وهمت بالصياح على ابنهما ولكنه سارع أولاً في نداءها بصوت حازم : ليلى .
إلتفتتإليه على الفور لتنظر متسائلة هاتفه بعفوية : اؤمر يا أمير .
توردت حينما ابتسم بمكر وخاصةً حينما تصاعد هتاف حاتم المرح : يا سيدي .
اتبع بتفكه وهو يغمز إلى زوجته : أرأيت الرد ؟! لم اسمع مثله في حياتي .
جعدت سارة أنفها لتهتف إليه : وهل انت الأمير لتسمعه مثله ؟!
تنهد بقوة وهو يهتف ببلال بمرح : لنا الله يا بلال بك فنحن لسنا بالأمير .
تبرمت ليلى بضيق وضح بصوتها : ولن تكونا مثله أبداً ، سواء أنتأوأخي .
ارتفعا حاجبا حاتم بدهشة ليصيح بمرح : أوه ليلى غاضبة منك يا بلال ، هذا أمر نادر الحدوث.
تطلع بلال إليهاقليلاً لتهتف بنزق : لست غاضبة من أحدأنا فقط أقرأمراً واقعًا . نظر إليها حاتم بدهشة ليسألبلال بعينيه فيمأ إليه بلال أن ينتظر ، لتزفر هي بضجر وهي تستدير إلى السيارة التي انطلقت في طريقها فتومض حدقتيها بغضب وهي تنظر إلى جنى التي استدارت تحدث اسعد بأريحية سرت فيما بينهما ، صوت أمير من جديد انتشلها من ضيقها ليهتف بمرح إليها حينما استدارت تنظر إليه ثانيةً دون رد هذه المرة : نسيت موعد قهوتي على غير العادة .
اتسعت عيناها بإدراك لتنهض واقفة : عفواً اعذرني ، امهلني فقط بضع دقائق قليلة .
ابتسم بلال ليتمسك بكفها حينما مرت من جواره : ونحن لن تحني علينا وتعدين إلينا القهوة.
ملصت معصمها من كفه : اطلب من زوجتك أن تعدها إليك ، اتبعت بحنق – إذا ارتضت وفعلت لك أي شيء من الأساس .
اكفهر وجه بلال ليكتم حاتم ضحكته يهمهم إلى بلال : إنها غاضبة هذه المرة حقاً ، رمقه بلال بضيق ليكمل حاتم – و صراحةً معها حق .
غمغم بلال بضيق : أنا لا انقصك يا حاتم .
رتب حاتم على كتفه القريب : هون على نفسك يا بيلي ، جميعنا نرتكب الحماقات، سيمر الأمر وستقوى على مصالحة سوزان وليلى أيضاً .
أومأ بلال برأسه ليتمتم : بإذن الله .
نهض أمير بدوره لينظر إليه بلال متسائلا فيتمتم له أمير وهو يدلف خلف زوجته : سأرى ليلى وسأعود ، قم بواجب الضيافة فهم بضيافتنا .
غمغم بلال بضيق : بل نحن كلنا ضيوف عندهم .
مط أمير شفتيه بضيق ليرمقه بحدة : شقيقتك دعت الجميع للغذاء يا بلال إذاً هم في ضيافتنا.
همهم حاتم : لا تقلق يا سعادة المستشار .
أومأ أميربرأسه قبل أن يدلف إلى الشاليه ليهمهم حاتم إلى بلال : لأجل الله ابتسم يا بيلي ، اتبع بمرح متعمد – لا حول ولا قوة الا بالله ، أنا علمت الآن لمن أتى حسام عابس الوجه متجهمًا .
نظر إليه بلال بتساؤل فهتف حاتم بتفكه : أتى لخاله .
عبس بلال بضيق ليضحك حاتم : تبسم للنبي يا بلال .
ابتسم بلال رغم عنه ليهتف حاتم بأسلوب تمثيلي : يا فرج الله .
ضحك بلال بقوة ليصدح تساؤل حسام الذي اقترب منهما عابسا : ماذا يحدث ؟!
همهم حاتم لبلال : أرأيت ؟! مثال حي على أنه ورثك شكلاً و موضوعاً .
نظر بلال إلى حسام الواقف ينظر لهما بعدم فهم ليهم حاتم بالحديث ثانيةً ولكنه توقف حينما وصلت سيارة سليم لتترجل منها كاترينا ليهمهم حاتم بمرح لم يلق صداه لدى بلال : يا صلاة النبي ، ابنك وقع واقفاً يا بيلي .
شحبت ملامح بلال وهو ينظر إلى ولده الذي ترجل بدوره وهو يتحدث مع الفتاة التي تتعامل معه بأريحية ازعجته وهو يشعر بالقلق الفعلي على ولده من اقتراب تلك الفتاة المختلفة عن بناتهم .. الغريبة عن أرضهم .. المنفتحة عن ثقافتهم ، نهض واقفاً بعفوية وخاصةً حينما صدح صوت وليد منادياً ابنة أخته والصدمة تتشكل على ملامحه !!
***
إلتفتت حينما دلف إلى المطبخ خلفها لتسأله بتعجب وهي تنظر إلى كَنكَة القهوة تراقب السائل البني بترقب حتى لا يفور فيضيع وجه القهوة الذي يعشقه أمير : لماذا أتيت ؟!
ابتسم برزانة وهو يشعر بالضيق الذي يسكن بقلبها .. ينظر إلى ظهرها المتصلب بحدة تملكت منها .. عيناها اللتان تهربان منه فلا تمنحه فرصة أنيقرأ ما يدور بخلدها ، فاقترب منها ليقف خلفها يضم كتفيها براحتيه ليدلكهما برفق هامسًا إليها : استرخ قليلاً يا ليلتي . قبل رأسها من الخلف ليتابع بتساؤل صريح – لماذا أنتمتشنجة هكذا ؟! هل أنت غاضبة من شيء ما أم هو أمر بلال ما يغضبك ؟!
تنفست بعمق وهي تشعر بجسدها يسترخي تحت كفيه بالفعل لتهمهم : لا لست غاضبة بل متعبة ، استيقظت اليوم اشعر بوخم وركبتي تؤلمانني .
ضمها من كتفيها إليه ليقبل رأسها ثانيةً : ألف سلامة عليك يا حبيبتي ، اتبع وهو يدفعها من أمام الموقد – حسناً اجلسي و أنا سأصب القهوة بدلاً عنك ، تسلم يداك أنك اعددتها .
ابتسمت برقة : لا داع فها هي انتهت ، ألقتها ورافقتها بصب القهوة في فنجانه الخزفي لتناوله إياه فيمسكه منها ليجذبها من كفها يجلسها بجواره أمام طاولة المطبخ .
وضع الفنجان أمامه لينظر إليها قليلا فتنظر لكل الاتجاهات ما عداه ليهمهم باسمها في بسمة ماكرة لتزفر بضيق قبل أن تهتف بحدة : هل يعجبك تصرفات ولديك ؟!
ارتفعا حاجبي أمير بتعجب ليغمغم بمهادنة : ماذا فعلا الولدين ؟!
زمت شفتيها بضيق لتهمهم بحدة : الطبيب جراح العقول يدور من حول تلك الشقراء الوقحة قريبة وليد ، يمازحها ويمرح معها ولا يهتم لأي شيء ، ابتسم و آثر الصمت يحثها على المتابعة – والبك الآخر ..
صمتت ففحصها مترقبًا لتتابع مغمغمه – لا تعجبني تصرفاته .
عبس بتعجب ليسألها بمراوغة : لماذا ؟! ماذا فعل ؟!
توترت جلستها لتفرك كفيها بعصبية لتتبرم بحنق : أيعجبك أن يتخطى حدوده مع الفتاة التي تعده كأخ لها ولا يهتم لأهلها الملتفين من حولنا ؟!
جمدت ملامح أمير ليسألها بهدوء : من تقصدين ؟!همت بالنهوض ليتمسك بها ويجبرها أن تظل جالسة ليتابع بجدية – عمن تتحدثين يا ليلى ؟!
هتفت بنزق : ابنة أحمد الجمال طبعاً ، اتبعت شارحة – أعلمأنها صديقته وهي تعده كأخ صغير لها ولكن أفعاله معها لا تصح يا أمير ، أليس ولدي ولكنه مخطئًا.
رمقها أميرقليلاً من بين رموشه ليحدثها برزانة : ولكنه ليس أخيها يا ليلى ، وفارق السن بينهما لا يجعله أخيهاالصغير ، فمن يسمعك و أنت تتحدثين هكذا يتوقع أنأسعد يماثل مازن سنًا ، وهذا غير صحيح ، ففارق السن بينهما لا يكمل الثلاث سنوات يا ليلى.
اهتزت حدقتيها برفض لم تخفيه لتجيب بعناد : ولكنه يظل يصغرها يا أمير .
زم أمير شفتيه مطبقًا فكيه حتى لا يواجهها بم ترفضه ولا تريد تقبله ليهمهم بمهادنة : أسعد يتعامل معها بأريحية فهي صديقته المقربة كما تعرفين .
أومأترأسها بتفهم وهي تكاد أن تزفر براحة : أعلم بالطبع ولكن لا يصح يا أمير، اعمامهاو أبيها متواجدون لابد أن يحترم وجودهم على الأقل .
تنفس بعمق ليمأبرأسه : سأتحدث معه .
__ لا حرمني الله منك ، ألقتها وابتسمت باتساع والراحة تسكن عينيها ليهمهم إليهاأمير وهو يداعب ظهر كفها بجلده المجعد قليلاً ليرفع كفها إليه يطبع قبله عميقة فوق ظهره – ولا منك يا ليلتي .
توردت كعادتها لتحمل قدح القهوة وتقربه منه : هيا تناولها قبل أن تبرد .
احتضن كفها -الذي وضع أمامه قدح قهوته- بلطف فتنظر إليه متسائلة ، ابتسم برزانة تلك الابتسامة الجانبية التي لطالما عشقتها : أتذكرين كيف وقعت في حبك يا ليلتي ؟!نظرت إليه بتساؤل ليتابع بهدوء – حينما رأيتكنسيت كل شيء ، نسيت عملي .. مهمتي .. وواجبي ، وتعلقت عيناي بك ، وهفوت روحي إليك ، واقتربت منك .
تنهد بقوة واتبع وهو يلامس باطن كفها بأطراف أنامله : نهرت نفسي كثيراً وحاولت أن ابتعد اكثر ولكني لم أقوسوى أنأدور من حولك .. اتبعك بمدارك .. واتنعم بقربك .
رفع نظره إليها ليهمس بصوت صادق : قلوبنا لا تخضع لحكمنا يا ليلى ، فالقلوب يسيرها خالقها ، القلوب لا تعترف بمنطق .. تحارب الأعراف .. وتتمرد على التقاليد ، وحينما يهوى القلب وتهفو النفس يتبخر كل شيء ولا يتبق أمامأعيننا سوى قلبنا الذي يقرع كطبول حرب حينما يتراءى أمامنا الحبيب ، ولا تعترف نفسنا بالحياة إلابجوار المعشوق ، ولا نشعر بالاكتمال إلا بالاقتران بالنصف الآخر الذي أشار عليه القلب وصدق عليه العقل .
ارتعدت وحدقتيها تهتزان برفض فيبتسم إليها مطمئنًا ليشتت تركيزها وهو يقرب كفها من قدح القهوة ، يجبرها أن تلامس وجه القهوة بطرف سبابتها سريعًا قبل أن يرفعه لفمه ليتذوق القهوة من طرف إصبعها هامسًا بفخامة : اشتقت لمذاق القهوة من إصبعك .
***
أقبلت عليهم تمشي الهويني فتعلقت عيناه بها رغمًا عنه يتأمل حركتها الرزينة .. خطوتها الهادئة .. واتكاء حور على ساعدها فتسندها هي بلطف وتتحدث مع مربيتها ببسمة صبورة متفهمه . فستانها طويل محتشم قطني واسع بألوان عديدة هادئة يغلب عليهم لوني عيناها فتتماوج الألوان ما بين العسلي الصافي والأخضر الزرعي فتشع ببهجة تغلغلت إلى نفسه فابتسم وأسبل جفنيه حينما أتت له همسة شقيقه الماكرة : أتت من ستصمت لأجلها .
تمتم من بين أسنانه : لا شأن لك ، اهتم بما يخصك ، صمت قليلا ليتابع - واتق الله في الفتاة التي ستجن على ابن عمها الصامت بقهر أنت السبب فيه طبعًا .
تنهد وائل بقوة ليغمغم : ما أفعله لصالحهما سوياً يا أحمد .
ابتسم أحمد ليربت على فخذ أخيه بلطف : دع الأمور تسير بمفردها يا وائل ولا تشغل رأسك فعاصم يشبهك ولكنه ليس مخيف مثلك .
ابتسم وائل ساخراً : عاصم أنا اكثر من يعرفه يا أحمد وصدقني عاصم مخيف أكثر بكثير مني وأنا لا احتمل أن يؤذي نوران ، صمت قليلاً ليتابع بحشرة خانقة - ولا أحتملأن تؤذه نوران .
زفر وائل بقوة واستطرد : أنا بين كفي الرحى يا أخي ولا أعلم ماذا أفعل ؟!
رمقه أحمد مليًا ليجيب ببساطة : اتركهما يطحنان بعضهما و أخرج من بينهما .
ارتفع حاجبي وائل بصدمة ليتابع أحمد بسلاسة - نعم أنا جاد اتركهما يصطدمان سويًا ولا تقلق فهما لن يتركا بعض ثانيةً .
عبس وائل بتفكير لينتبهوا سويًا على صوتها الذي صدح من حولهما برقة تهتف بالتحية هي وحور التي جلست على أقرب كرسي قابلها قبل أن تتوافد عليهما النساء تحييهما وترحبن بهما .إلتفتإليهاأحمد مبتسمًا قبل أنينهض ليقترب منهما يحييها برأسه ويجلس بجوار حور يسأل عن أحوالها ويتحدث معها قليلاً ثم يهز رأسه متفهمًا وينهض ثانيةًمشيراًإلى لمياء أن تسير معه ، عبست بعدم فهم ليهمس إليها بمرح : إنها أوامر داده حور .
اقتربت منه بعفوية لتهمس إليه : ماذا تريد حور ؟!
ابتسم وأخفى عينيه خلف نظارته الشمسية : تريدنا أن نسير سويًا على الشاطئ وأنا لا أقو على رفض أوامرها.
ابتسمت بحدة لم تستطع التحكم فيها : لا تفعل ما لا تريد يا أحمد .
ضحك بخفة ليقبض على كفها فتحاول أن تنتزع كفها منه ليتمسك بها في إصرار ليجذبها أن تسير معه .. بجواره .. بجانبه ليهمس إليها : أهدأي يا استاذة ، لا تتسرعي هكذا ، سارت بجواره مجبره ليكمل - أنا من استأذنت داداه حور لأسير معك قليلاًفأناأريد الحديث معك .
تنهدت بقوة : أنا الأخرى أريد الحديث معك .
هز رأسه إيجاباً : جيد ، من يبدأ فينا ؟
توقفت ترفع رأسها إليه تتأمله قليلا قبل أن تسال بجدية : ما بالك يا أحمد ؟! نظر إليها باهتمام ، فأكملت بوضوح - البارحة لم تكن على طبيعتك ، شعرت أن هناك ..
تصلب جسده لتتبع بعدما صمتت قليلاً : هل أنت نادم على قرار زواجك مني ؟!
انفرجت ملامحه بصدمة تحولت تدريجيًاإلى بسمة ممتنة ليهتف بجدية : بالطبع لا بل كلما تعاملت معك أيقنتأن اختياري صحيحًا للغاية ؟!
رجف فكها بهشاشة استجلبت حميته : إذاً ما الأمر ؟!
رمقها قليلا : ستستمعين لي وتتفهمين . أومأت برأسها ايجابًا على الفور ليهتف ببساطة - أنا لا أقو على خلع خاتم زواجي يا لميا .
رفعت نظارتها من فوق عينيها لترمقه بدهشة قبل أنتسأل بهدوء : من أخبركأن عليك أن تخلع خاتم زواجك السابق ؟ حرك شفتيه ليتحدث معها لتقاطعه بإشارة من كفها الصغير لتكمل - أناأعلمأنك لا تقصد خاتم الزواج في حد ذاته بل أنت تتحدث عن زواجك السابق بكل ما فيه ، وأنا أيضاًأتحدث عنه .
تنهدت بقوة لتحدثه بخفوت : لست غبية حتى أنكر مشاعرك يا احمد ولست حالمة لأتوقع أن تمحي ذاكرتك وتحبني ، أنا عاقلة وأعلم جيداًأن حياتك السابقة بكل ذكرياتها ستأتي معك وتنضم إلي في حياتي القادمة ، كحت بخفة لتتابع - أحمد انت كنت واضحا معي للغاية وأنا قبلت كل شيء واحترمت بك وضوحك ، أنت أخبرتني أن زواجنا سيكون مودة ورحمة وأنا قبلت .
تمتم بعفوية : خائف أن اظلمك .
ابتسمت وهزت كتفيها : شعورك بالخوف هو ما يؤكد أنك أبداً لن تفعل ، هذه هي المودة التي ستكون بيننا ، اتبعت ببسمة رائقه - والرحمة أنأتفهم حبك لزوجتك الراحلة وأتفهم حاجتك أن لا تتنازل عن ذكرياتك معها .
تأملها بعينيه قليلاً فتسطع بامتنان لتتحاشى النظر إليه وهي تشعر بالخجل يغمرها فيبتسم على وجهها الذي تورد كفتاة صغيرة مقبلة على حياة جديدة ليتحرك بعفوية نحوها فترفع رأسها حينما شعرت بقربه ، انتفضت بمفاجأة حينما احتضن وجهها بين كفيه ليقترب بلطف لاثم جبهتها برقه : أنا سعيد لكونك ستسهلين علي بقية الطريق يا لميا .
ارتعدت بخجل شعره جيداً ليبتعد بلباقة مخففًا عنها وطأة الخجل فيتحاشى تفحص وجهها المحتقن باحمرار قاني لكنه لم يترك كفها بل ظل محتفظًا به في راحته ليدفعها بلطف أن تسير إلى جواره على حافة الشاطئ .
***
جاورته مستلقية على أريكة البحر الناعمة تنظر إلى البحر من أمامها وتستمتع بالهواء العليل لعله ينقي تفكيرها من شوائبه ويدفع ذكرى الصباح عن عقلها حينما تململت من نومها لتجده متخفيًا في دورة المياه يهمهم في هاتفه ، عبست حينها بتفكير عقلها يسأل من الذي يتحدث معه في هذا الوقت لترهف سمعها بترقب فتلتقط اتفاقه مع أحدهم سيذهب إليه الأسبوع القادم قبل أن ينهي حديثه !!
تنهدت بقوة وهي ترمقه بطرف عينها يقف أمام البحر تحت ضوء الشمس بجذع عاري وشورت البحر القصير فتناديه بصوت مرتفع ليستجيب إليها ملتقطًا إشارتها بالاقتراب ، وقف امامها فتشير إليه بالجلوس إلى جوارها هم بالجلوس على الأريكة التي تجاور اريكتها لتهتف بصوت أبح : لا ، تعال إلى جواري .
رفع حاجبيه متعجبًا وهو ينظر من حوله أولاً قبل أن يستلقي إلى جوارها بالفعل بعد أن أفسحت اليه مكانًا ضيقًا فنام على جانبه بجوارها يركن جسده إلى مرفقه فينظر إليها من علو قليلاً هامسًا بتلاعب : نستطيع الذهاب للغرفة إذا احببت .
ضحكت برقة لتتورد بنعومة جذبته إليها فأحنى رأسه قليلاً ليقبل وجنتها بمشاكسة فتضم جسدها إلى رحاب صدره هامسة : اشتقت للعودة إلى البيت ، ما رأيك أن نعود في الغد إلى بيتنا؟!
عبس بتعجب : مللت من المصيف .
هزت رأسها نافية : لا ولكني اشتقت إلى بيتي .. منزلي .. عالمي .
رفع كفه ليلامس وجنتها بلطف يبعد خصلاتها الناعمة عن وجنتها ليهمس : أحب نبرة انتمائك لعالمي ولكني لا أستطيع تلبية طلبك هذه المرة .
رفعت حاجبها بتعجب : ستبقي الأسبوعيين كاملين هنا .
هز رأسه إيجاباً : أنت ستبقين الأسبوعيين كاملين ، نظرت إليه بعدم فهم فأكمل - أماأنا سأسافر ولكن ليس للعاصمة بل لدي سفرة للخارج سأنجزها و أعود إليك لنعود سويًا للبيت يا حبيبتي .
قفزت لتجلس أمامه على ركبتيها لتهتف بفرحة طفولية : حقاً ستسافر للخارج ، لتتبع بابتسامة سعيدة - ستصحبني معك أليس كذلك ؟!
شحب وجهه تدريجيًا ليغمغم بتعجب متساءل : ستأتين معي ؟! أومأت برأسها ايجابًا فتابع بصوت متوتر - سيادة الوزير لن يوافق كالعادة .
رفعت حاجبيها لتهمس بابتسامة متلاعبة : سأقنعه ، أتبعت وهي تفرد كفها فوق موضع قلبه - فأناأريد السفر معك .
أكملت وهي تنحني نحوه بعد أن رفعت نظارتها الشمسية من فوق عينيها تلامس صدره العار بطرف سبابتها في طريقة مغوية تعلم تأثيرها عليه جيداً : اشعر بأنيأشتاقإليك منذ الآن فلا أتخيلأنك تبتعد عني .
قبض على كفها الذي يتلاعب بأوردته ليهمهم بصوت مختنق : ولكني ذاهب للعمل يا ميرا لن تظفري بوجودي هناك من الأفضل أن تبقين هنا بجوار عائلتك .
جمدت ملامحها واندثرت ابتسامتها لتهمس بحدة متسائلة : لا تريدني معك .
أجابسريعًا وهو يعتدل بجلسته : بالطبع لا،أنا أريدك دومًا لكن هذه السفرة بالتحديد لن تسعدي فيها معي فهما يومان بلندن وسأعود سريعًا ، اتبع بمهادنة - المرة القادمة التي سأذهب فيها للهند أو فرنسا سأصحبك معي يا حبيبتي .
ابتسمت من بين أسنانها : ولندن ، لماذا لا تأخذني إلى لندن ؟!
ابتسم باتساع مخفيًا توتره : تريدين الذهاب إلى لندن ؟! حسنًا البلد التي تختارينها سنذهب إليها وحينها سأكون متفرغًا لك ولكن هذه المرة لن أكون متفرغًا ، ثم إنهما يومان ستتعبين من جلسة الطائرة لتمكثين في الفندق ثم تعودين دون فائدة .
نظرت إليهمليًا قبل أنتمأ برأسها في عدم اقتناع إلتقطه ليهتف إليها وهو يجذبها إلى صدره : سأبلغ عاصم أنيذهب بدلاً مني إذا أردت مني البقاء إلى جوارك .
ابتسمت بارتعاش وهزت رأسها نافية : لا ، لا تشغل رأسك فهما يومان .
ضمها إليه بحنو ليقبل رأسها .. جبينها .. وجنتها ، لترفع نظرها إليه تسأله : تحبني يا احمد أليس كذلك ؟!
اهتزت حدقتيه ليتوتر فكه قبل أن يهمهم إليها بعدم تصديق : بعد كل هذا تسألين يا أميرة ؟!
تمسكت بصدره : بل أريد سماعها .
نهض واقفاً ليجذبها لتقف بدورها فينحني فجأة ويحملها بين ذراعيه لتهتف ضاحكة : أين تذهب بي ؟! سيرانا أبي .
لامس ارنبه أنفها بطرف أنفه ليهمس إليها : لن اذهب نحو أبيك .
ضحكت بمرح حينما شعرت به يدلف بها إلى المياه وهو يحملها ليسألها : أنت ترتدين رداء السباحة أسفل فستانك أليس كذلك ؟!
أومأتبرأسهاإيجاباً ليهمس بمكر : جيد جداً .
ضحكت وهي تتعلق برقبته جيدا : أحمد لا تذهب بنا بعيداً تعلم أن سباحتي ليست جيدة .
حرك انفه بمشاكسة ليهمهم إليها : ومن اخبرك أنيأريدك تسبحين في الأساس ، اتبع وهو يقبل طرف ثغرها – سأحملك فوق ظهري يا أميرتي .
شهقت برقة حينما لامس جسدها الماء ليوقفها أمامه قبل أن يهمس إليها : هيا تعلقي بكتفي من الخلف واستمتعي معي .
***
تسير بجواره يشبك كفه براحتها يثرثران سويًا قبل أن تتوتر رغماً عنها وهي تلتقط القادم نحوهما يبتسم برزانة قبل أن يمنحهما التحية فيبتسم إليه عمر بترحاب لتجيبه بتوتر وهي تتحاشى النظر إليه وقف حسام أمامهافانتفضت بجوار عمر الذي رمقها بتعجب قبل أن ينتبه إلى سؤال حسام المرح عن اخيه فتجيبه بتلعثم : لا اعلم أين هو فهو لم يخبرني عن شيء ، اعتقد أنه ابلغ موني أو والدتكما .
أومأ حسام رأسه بجدية ليهم بالحركة قبل أن يتوقف ثانيةً يتأملها قليلا قبل ان يمط شفتيه هاتفاً بتساؤل واضح : أنت بخير يا حبيبة ؟!
انتفضت حبيبة لتهمهم سريعًا : نعم أنا بخير .
ازدار عبوس حسام ليسألها بجدية نضحت بصوته : هل اغضبتك في شيء ما لا ادركه ؟!
امتقع وجه حبيبة لتنقل نظرها إلى عمر الذي يبتسم باتزان يتابع حوارهما باهتمام فتجيب سريعًا : لا لم يحدث شيئاً .
رمقها حسام بعدم تصديق قبل أن يهز كتفيه بلا فائدة : حسناً على راحتك ، اتبع بجدية وهو ينظر إلى عمر – لا تؤاخذني يا عمر ولكن بيبا الجميلة أخت شقيقي الغالية لا نقو على اغضابها أو مضايقتها .
شحب وجهها وهي تشعر بقلبها سيتوقف عن الخفقان ليجيب عمر بابتسامة هادئة وهو يرمق حبيبه من بين رموشه : بالطبع ومن يقو على اغضاب حبيبة .
ابتسم حسام وهز رأسه متفهمًا قبل أن يخطو مبتعدًا عنهما لتهز حبيبة رأسها برفض لتهمهم بصوت مختنق : ارجوك لا تغضب يا عمر .
عبس عمر بعدم فهم ليردد باستنكار : أغضب ؟! اتبع سائلاً بسرعة – مما ؟!
توتر فكها واشاحت بعينيها بعيداً عنه ليناديها بلطف : حبيبة ، رفعت رأسهاإليه ليسألها بجدية – ماذا حدث لتترجيني وأنا الذي نهيتك عن فعلها ثانيةً ؟! ولماذا توقعت أنيأغضب منك ؟!
شبكت كفيها ببعضهما لتهمهم : توقعت انك تغضب من حديث حسام ، ارتفع حاجبيه بتعجب لتكمل ببوح ارادته من البارحة – وليس اليوم فقط بل من مزاحي معه البارحة أيضاً.
صمتت قليلا لتكمل متسائلة : أنت لم تغضب يا عمر،أليس كذلك ؟!
ابتسم عمر بخفة ليهز رأسهنافياً : لا لم اغضب يا حبيبتي ، تنهد بقوة ليتابع بصدق – ولكني شعرت بالغيرة وهذا أمر لا استطع التحكم به .
إلتفتتإليه تنظر بصدمة اعتلت ملامحها لتردد بتساؤل متعجب : شعرت بالغيرة؟!أومأ برأسه لتكمل بعفوية – ولم تتحدث معي .. لم تزأر بوجهي .. لم تعاتبني .. ولم تغضب مني .
عبس بعدم فهم ليسألها باهتمام : هل معنى أني شعرت بالغيرة أن افعل كل ما عددته أنتالآن ؟!
هزت رأسها وكتفها بحركة طفيفة ليضحك قبل أن يهمهم إليها : الآن شعرت بالغيرة عليك هل الطبيعي أن ازأر بوجهك ؟!
نظرت من حولها لتسأله بعدم فهم : ولماذا شعرت بالغيرة الآن ؟!
تنهد بقوة و أجاب ببساطة : لأنك حركت كتفك بطريقة رقيقة جداً تسلب لبي فيخاف عقلي أن يراها آخراً غيري فيُغرم بك وتسلبين لبه .
ارتجفا جفنيها لتغمغم بخجل : لا تمزح يا عمر .
ضحك بخفة ليهمس بصدق : لا أمزح ، أنا جاد جداً في حديثي ، وبالمناسبة هو نفس السبب البارحة الذي جعلني أشعر بالغيرة وأنت تتحدثين مع حسام ، فأنت في وقتٍ ما أجبته بنفس حركة كتفك هذه فشعرت بعقلي يطير وبأني أريدأن اعض كتفك هذا حتى تتوقفي عن تحريكه بتلك الحركة التي تأخذ بصوابي .
ضحكت برقة رغماً عنها لتنظر إليه بعدم تصديق ليزفر بقوة يحتضن كفيها بين راحتيه يقربها منه ليهتف إليها : لم أشعر بالغيرة لأنك تحدثت مع حسام يا حبيبة فهو يعد أخوأخيك ولن أشعر بالغيرة لأنك تحدثت إلىأيشخص وحتى إن شعرت لن اغضب .. ولن أزأر .. ولن اخاصمك ، وإذا اشتدت الغيرة بي سأعاتبك وأناأتحدثمعك بمنطق وعقل ، نعم أناأغار ولكني احكم عقلي قبل أن اندفع برد فعل يخسرني الكثير إذا لم اتحكم فيه جيداً .
تأملته قليلاً وعيناها تمتلئ بدموع كثيرة تكاثفت بحدقتيها لتجهش في البكاء فجأة فينتفض بعدم فهم ليهتف إليهاباهتمام : حبيبة ، ماذا حدث ؟! لما تبكين ؟!
حاولت السيطرة على دموعها لتغمغم برجاء : لا أعرف ، لا أعرف .
نظر إليها بعجز ليهمهم إليها : حسناً توقفي .
غمغمت وهي تحاول أن تمسح دموعها : لا استطع ، اتبعت سريعًا دون تفكير - هلا ضممتني إليك يا عمر ؟!
ارتفع حاجبيه بصدمة قبل أن يستدرك مطلبها فيقترب منها على الفور ليدفع جسدها بطريقة يخفيها داخل جسده فلا يراهما أحداً سوى البحر المراقب إليهما ، ضمها بحنو وتوق تحكم به ليمنحها الفرصة كاملة أن تبكي وهو يهدهدها يربت على رأسها ويهمس باسمها في حنان تغلغل بأوردته لأجلها : إذا كان البكاء يمنحك الراحة ابكي يا حبيبة ، وأنا هنا معك لن أتركك سأبقى إلى جوارك .
***
ابتعدت عن الجميع في حديقة شاليه والدها الفارغة ، فالجميع مجتمعون عند إيناس ينتظرون عودة اسعد بالطعام ، تزفر بقوة وهي تتذكر عزوفه التام عن الحديث معها .. الإقتراب منها .. أو النظر إليها ، إنه يتحاشاها . انتفض قلبها ليزأر عقلها فتتماسك قبل أن تهوى في صراع بين الإثنين اللذان اوشكا على الاصطدام لتداعب شاشة هاتفها تراسله بكلمات مقتضبة قصيرة ، تعلم وقعها عليه جيداً فهو يستطيع الشعور بها من خلال رسائلها ، يقوى على التعرف إذا كانت ضائقة او فرحة .. حزينة أم هادئة .. غاضبة أو مشاكسة ، هو يقو على الإحساس بها عن بُعد وكأنه يراها بعيون قلبه التي تخبره عن حالتها بدقة ، ابتسمت رغم عنها وهي تشعر باقتراب خطواته خلفها فتستدير إليه تنظر نحوه بعتاب لم تحاول اخفاءه فيبتسم بتوتر معتذراً بعينيه قبل أنيتقدم نحوها هامسًا بصوت أبح : أناآسف ، اعتذر منك أني اغضبتك أو اقلقتك ولكني ..
صمت ليستدير حول الاريكة الموضوعة بطرف الحديقة يستلقي من فوقها بثقل اوجع قلبها فهرعت إليهتسأله بقلق وهي تجلس على الكرسي البعيد عنه : ماذا حدث يا عاصم ؟! أخبرني ، نظر إلى عمق عينيها يعتذر إليهابنظراته لتتابع بجدية – لماذا تعتذر وعما تعتذر لي يا عاصم أرجوكأخبرني عم حدث وابدلك هكذا ؟!
تنفس بعمق واخفض رأسه قليلا ليهمس بصوت أبح : هل تعلمين أن أبيك يرفض زواجنا ؟! آثرت الصمت ليتابع بشجن - ليس مرة واحدة بل العديد من المرات ، كلما حدثته عن رغبتي في الزواج منك يرفضني .
رق قلبها إليه ، تأملته بحنان فاض من مقلتيها ليستطرد باختناق : هل تعلمين السبب ؟!
هزت رأسها نافية فأكمل بضحكة ساخرة : أخبرني أني لا أليق بك .. أني لا استحقك ، صمت ليتبع بصوت محشرج - وأني جبان لأني لم أحارب لأجلك .
رفع عينيه إليهامتجاهلاً حنانها وتلهف روحها إليه ليسألها بجدية : هل أنا جبان .. هل ترينني أنت الأخرى جبان لا استحقك ؟!
تنهدت بقوة ونهضت واقفة لتقترب منه تجلس على طرف الأريكة القريب جداً منه لتهمس إليه بصوت أبح : أنتكل شيء وأي شيء سوى أن تكون جبانًا ، أنت مغرور .. متكبر .. متغطرس ولكنك لست جبانًا .. أنت مغامر .. مقامر .. ماكر وماهر ولكنك لست جبانًا . أنت ذو كبرياء عتيد وكرامة حصينة ولكنك لست جبانًا.
احتضنت وجهه بكفيها لتقربه منها وتهمس بزفرة حارة : أنت حبيبي وحبيبي ليس جبانًا
لمعت عيناه بوميض عشقه لها ليهمهم إليها بصوت أجش ينظر إلى عمق عينيها : الآنأنا اعترف أني بالفعل جبان ، أنا جبان أمام عينيك .. وخائف من فتنتك .. وأكاد أركض عائدا لبيتي حتى ابتعد عن مجال حسنك الخلاب .
أكمل وهو يضع راحتيه فوق كفيها ليكمل بخفوت : فأناأريدك كاملة لي ،أريد امتلكك بأكملك فلا يهرب شيء منك دون سيطرتي .. أريد روحك .. نفسك .. قلبك .. وعقلك .
اضاء بريق الرغبة عينيه ليهمهم وهو يقترب منها : أريدك لي يا نور .
ارتعد جسدها ليسري تياره العاطفي بأوصالها وهو يمتلك ثغرها في قبلة قوية عميقه أراد بها أن يخبرها عن عمق رغبته في امتلاكها ليهدأ قلبه وهي تستجب له فيهادن ثغرها بلمسات خفيفة .. بطيئة .. ساحرة وحينما همت بالابتعاد توسل قربها .. بقائها .. وجودها بين ذراعيه ، فاستجابت إليه حينما حملها ليجلسها فوق ساقيه فتتمسك بكتفيه وكأنها تخبره أنها أبداً – لن تتركه .
انتفضا سويًا من غيمتهما السحرية على صوته الحاد يصرخ بقوة : أنت ماذا تفعل هنا ؟!
انتفضت واقفة على ساقيها ليتبعها بسرعة ارتعد جسدها بخوف ووجهها يحتقن حرجًا ، فقربها إليه يتمسك بكفها يبثها بعضًا من الدعم وهو يلهث بقوة ، ليصرخ أدهم من جديد : ابتعد عنها .
هم بجذب نوران من جواره ليتمسك بها في قوة ويبعدها عن شقيقها واقفاً بالمناصفة بينهما ليصرخ أدهم من جديد : ابتعد عنها ، ولا تقربها ثانيةً ، هل هذه هي الأمانة يا كبير ؟! هل الامانة أن تعتدي على حرمة بيت عمك وتُقبل ابنته في الخفاء .
رد عاصم بجدية وصوت هادىء متمالكًا قلبه الذي يهدر بقوة و أنفاسه المتلاحقة : توقف عن صراخ الاطفال المزعج هذا فلا داعي له .
اربد وجه أدهم بغضب ليصيح فيه وهو يهاتف أبيه بالفعل : لا داعي له ، سآت لك بعمك ليرى ما الذي لا يدعي الصراخ يا عاصم بك .
رفع عاصم رأسه بكبرياء : فلتأت بمن تريد ، اتبع وهو يشير بكفه الى أدهم في لامبالاة - هاتف عميك أيضاًوعمتك وبقية الصحبة واخبرهم بم رأيت .
اربد وجه أدهم بغضب اهوج ليهم بالقبض على تلابيب عاصم الذي رمقه بتحذير حاد ليهمس بجدية : إياك ، لا تنس أبداً يا ولد أنا عاصم الجمال ، اخفض كفيك واحترم نفسك ومكانتك.
انتفض أدهم بغضب تملكه ووجهه يتحول للأحمر القان ليلتفت إلى نوران يرمقها بتوعد فيتبع عاصم بجدية : لا شأن لك بها ، تحدث معي أنا .
رمقه أدهم بازدراء قبل أن يصيح بصوت عال : بل سآت لك بالكبير يا كبير ليرى ماذا تفعل مع ابنته المدللة .
وقبل أن يبتعد كان عمه وزوجته قادمان فاطمة تهرول بفزع تسال بجدية : ماذا حدث يا أدهم ؟! هل تشاجرت مع السائق ثانية ؟!
ابتسم أدهمساخراً ليرفع عينيه الى والدته : هناك باشوات لا يفرقن عن السائق شيئاً يا مامي .
اقبل وائل يتبعها بخطوات ثابتة وعيناه ترمقان الوضع بأكمله في غموض أسرى الخوف بأوصاله ليستكمل أدهمأداءه المسرحي الساخر بصراخ صم أذنيه وهو يهتف بقوة : تعال يا سيادة الوزير تعال أنظر لكبير العائلة ابن أخيك الحبيب ، إلتفت لينظر إلى عاصم بنقمة ويخفض صوته مضطراً - وجدته يحتضن ابنتك فوق ساقيه و يقبلها أيضاً .
اتسعت عينا فاطمة بصدمة ليرفع وائل عينيه ناظراً إليه بتساؤل ليهتف عاصم بجدية وثبات : نعم أنا فعلت ، والبارحة أيضاً فعلت وهذه ليست المرة الأولى و لن تكون الأخيرة بيننا، رفع رأسه بكبر ليكمل وهو ينظر إلى عمق عيني عمه – أعلمأني مخطئ .. أعلمأنيآثم .. أعلمأني لم أفي بوعدي لك .. ولم استطع الحفاظ على امانتك ، كل ما ترغب في قوله يا عماه أنا قلته لنفسي ورددته عليها أيضاً ولكن بعد تفكير طويل اكتشفت أنها ليست امانتك .. أنها ليست خاصتك .. أنها ليست ابنتك ،
ابتسم ساخراًوأكمل بصدق : نعم فهي لي مهما كابرت او عاندت يا عمي ، نوران ستكون لي بالأخير ، لذا لن استطع أن اعدك بأن أتوقف عن الاقتراب منها .. ملامستها .. أو حتى .. صمت ليزفر أنفاس صدره كاملة ليكمل بصوت مختنق من مشاعره - بل إني لا أقو على السيطرة على نفسي وهي بجواري كفاكهتي المحرمة ، فتوقف أنت عن تعذيبي بتلك الطريقة المؤلمة يا عمي .
أكمل بصوت حاد تهدج انفعالاً : لقد طلبتها للزواج أكثر من مرة وبكل مرة لا تقبل وها أنا أمامك .. صمت واتبع بغضب انفلت من عقاله - بل أمامكمجميعاًأنتم عائلتها أكرر طلبي ، أناأريد الزواج من نوران يا عماه .
__ وأنا لا أقبل بك زوجًا لابنتي .
ألقاها وائل بصوت هادئ .. جاد .. لا يحمل أي تعاطف ، فارتجفا جفني عاصم وهو يشعر بصفعة باردة حطت فوق كرامته في حين إلتفتأدهمإلىأبيه بصدمة سيطرت عليه ليسأل بذهول : لماذا ؟!
تمتمت فاطمة بنزق رافض : وائل .
رفع عاصم رأسه بعنجهية : لا يهمني قبولك يا عماه فأنا لا أريد الزواج منك ، أناأريد الزواج من نوران .
رد وائل بسخرية : هي لن تقبل بك .
ارتجف فكه ليهتف بغضب : اسألها ، هاك هي ابنتك اسألها.
رفع وائل عينيه لابنته الواقفة من خلف كتف عاصم لتهتف بجدية دون أن يسألها وبعد أن احتضنت كف عاصم بدورها : أنا موافقة على الزواج منه يا بابا .
إلتفت ينظر إليها براحة غمرته لتكمل وهي تضع عيناها في عمق عينيه : أناأحب عاصم و أقبل بالزواج منه .
ومضت عيناه بسعادة وقلبه يتيه فرحًا هم بأن يضمها إلى صدره وخاصة مع ابتسامتها الولهة به وحبها له الوامض بعينيها ولكنه تماسك ليأتي جواب عمه محطمًا آمالهما : وأنا لست موافقاً .
إلتفتتإلىأبيها بصدمة وتساؤل اعتلى ملامحها ليسحب هو نفسًا عميقًا قبل أن يهتف : حسناً يا عماه على راحتك ولكن لا تغضب مما سأفعل .
زمجر وائل بحدة : هل تهددني يا ولد ؟!
أجاب بجدية : ما عاش ولا كان يا عماه ، ليتبع بصرامة - ولكن حينما يصل الأمر لنور سأفعل كل شيء لأفوز بها .
اقترب منه ليقف بوجهه هاتفًا بسخرية : فأنا مثل أبي الروحي ، لا أترك ما امتلك، اتبع بجدية وغرور - وأناامتلك يا عماه .
__ عاصم ، هل جننت ؟! هدر صوت أبيه من خلفهم ليقترب منه بخطوات واسعة غاضبة يكمل صارخًا – كيف تجرؤ وتتحدث مع عمك هكذا ؟!
لم يجفل .. لم يتراجع .. بل لم يرمش وهو يضع عينيه بعيني عمه الوامضة بتحدي غاضب وجبروت أجبر قلبه على الخوف والتراجع ولكنه تمسك بم تبقى من صلابته ليقوى على مواجهة يعلم جيداً انه لو خسرها سيخسر معها كل شيء !!
أجاب بصوت أجش مختنق : أنا اُسمع عمي ما يريد سماعه يا بابا .
اتسعت حدقتي وليد بصدمة ليبتسم وائل ساخراً : لا ليس هذا ما أريد سماعه ، بل هو الأبعد عم أريد سماعه يا ابن أخي ، فأنا لم أتخيل يوماً بعدما كبرتك و وراعيتك و وضعتك كبيراً فوق الجميع أن تقابل ما فعلته معك بكل هذا الاجحاف .
هدر عاصم بانفلات أعصاب : أنا لا أريدأنأكونكبيراً ، فلتأخذ هذه الصفة التي منحتموها لي لتكون سيفاًعلى رقبتي لا أستطيعأنأفلت منه ، وكلما تحركت وخزني أسال دمائي ، لا أريد هذه المكانة العالية التي أجبرتني على التراجع .. التقهقر .. الخوف من ابداء مشاعري بل و أظل متكتمًا حتى لا ينتبه إلي أحداً ، اقترب من عمه ليهمس بصوت محشرج – لا أريد هذه المنحة يا عماه ، أريدأنأحيا ببساطة واعيش كالبقية لا أراعي كل خطوة أخطوها ولا كل نفس اتنفسه ولا كل نظره أتطلع بها ، لا أريد أنأكونكبيراً يا عماه ، فلتغدق على آخر غيري بعطائك وهبتك وتتركني أنعم بما فاتني سنوات عمري الماضية .
رجف وائل بجفنيه ليغمغم بصوت مختنق : اتركونا بمفردنا .
رجفت نوران لتهز رأسها برفض ليهدر بقوة : فاطمة خذي ولديك واذهبي .
أومأت فاطمة برأسها لتتحرك نحو نوران فتهمهم إليها : لا أريد أن اتركه أنا خائفة على عاصم يا مامي .
هدر وائل بجدية : أدهم اصحب والدتك وشقيقتك للشاليه ، رفع نظره لابنته بتوعد سرى في عمق حدقتيه – لا تغادري الشاليه اليوم .
توسلته نوران بنظراتها فهدر باسم ولده من جديد ليمأ بطاعة وهو يتحرك نحو والدته التي سحبت ابنتها بجوارها مجبرة ليتبعهما ادهم بعد ان نظر لأبيه وشعر بالخوف على ابن عمه الغير طبيعي بطريقة أثارت تفكيره !!
رمق عمه بثبات فهتف وائل بجدية : من فضلك يا وليد اتركنا أنتالآخر .
نظر اليه وليد بتساؤل فأغمض عينيه بتجاهل ليهدر وليد بجدية : لا لن أفعلإلا حينما يعتذر منك ويقبل كفيك ، و رأسك وتمنحه رضاك .
زمجر وائل بحدة : بل انصرف من فضلك ولا شأن لك بنا ، أنا وهو سنتفاهم بمفردنا ، عبس وليد لينظر إليه بعدم رضا فأومأ إليهبرأسه - لا تقلق سأستخلص حقي منه كاملاً .
تحرك وليد مبتعدا ليخطو داخل الشاليه خلف من اختفوا منذ قليل ليبتسم عاصم ساخراً ، يرفع راسه بشموخ : هل تريد لطمي يا عماه لذا حرصت أن نكون بمفردنا ؟!
ابتسم وائل ساخراً : من الجيد أنك لازلت تستطيع قراءتي يا ابن أخي.
نفرت عروق رقبة عاصم ليتمتم بحدة : هاك أناأمامك يا عماه فلتفعل ما تريد و أعدكأني لن أتحرك خطوة واحدة من موضعي .
اقترب وائل منه قليلاً ليسأله بجدية : أتذكر تلك المرة التي لطمتك بها يا عاصم رغماً عني؟! أومأ عاصم برأسهإيجاباً، فيكمل وائل – أتذكر لماذا فعلت هذا ؟!
اختنق حلق عاصم واحتقن وجهه بقوة ليجيب بغمغمة خافتة : كنت في الرابعة عشر و أخذت سيارتك الجديدة دون علمك لم أكن حينها سائقًا بارعًا بل كنت بالكاد تعلمت أصول القيادة فتسببت بحادث كنت سألقي حتفي فيه ولكن ربنا ستر وخرجت منها بكل خير .
اقترب وائل خطوة اخرى ليسأله بصوت مختنق : أتذكرأنك طلبت منهم في المشفى أن يهاتفونني أنا وليس أبيك؟!
امتلأت حدقتي عاصم بدموعه الأبية ليهتف : نعم أتذكر يا عماه ، وأتذكرأنك حينما رأيت السيارة و أخبركمسعف الطوارئ أن خروجي حيًا من بين طياتها يُعد من المعجزات كدت أن تنفجر بوجهي ولكنك تماسكت حتى أصبحنا بمفردنا في غرفة مكتبك بالقصر .
رفع رأسه ينظر لعمق عيني وائل ويكمل بجدية : حينها إلتفتإلي بغضب عارم لتلطم آخر وجنتي لطمة لم تؤلمني بقدر ما اشعرتني بغضبك الدفين نحو ما فعلت ثم جذبتني إليك وضممتني إلى صدرك .
هدر وائل من بين فكيه بغضب : واليوم أنتأكبر من لطم خدك أو احتضانك يا عاصم ، اليوم بعدما أصبحتبالثلاثون كبرت على كل شيء يا ابن أخي ، حتى احترام عمك كبرت عليه .
انتفض عاصم بقهر : أبداً لم أكبر عليك ، مشكلتي بالأساس أني لا أقو على مصارحتك بم يدور بداخلي لأني احترمك .. أقدسك ، ولكنك لم ترفق بي .. لم ترفق بي .
ألقاها بصوت متهدج ليكمل بأنفاس متلاحقة : أخبرني ماذا تريد أن تعرف يا عماه .. ماذا تريد أن تسمع .. ماذا تريد أن تدرك ؟! هل تريد أن تسمع مني أني حييت عمري بأكمله اخفي مشاعري اتجاه ابنتك لأني استمعت إلىأمرأبي ووضعته كطوق حول رقبتي .. أمأنني حينما كبرت قليلاً وحاولت أن اصرح إليكرأيتكبأم عيني و أنت تبعد عائلتك بأكملها عن بيت الخالة منال بسبب مشاعر أحمد نحو أميرة .. أمأنني حينما أتيتبعدما تخرجت من جامعتي لأصارحك .. أخبرك .. أفضي إليك بم يجيش بداخلي ....
صمت ليسحب نفسًا عميقًا شرخ حلقه : اكتشفت أن ابنتك تحب آخراً غيري ، أكمل بصوت مختنق قهرًا – آخرلم تجد ضررًا من التصريح بحبها إليهأمامي .
نظر إلى عمق عيني عمه : هل كنت تريدني أنآتإليك لأخبرك أن ابنتك هشمت قلبي حينما لم تشعر بأنه يخفق لأجلها .. بأنها لم تشعر بروحي التي تهفو إليها .. بأنها لم تدرك مشاعري نحوها ؟! أمآتِإليك و أخبركأنيأحبها فتجبرها على الزواج مني و أناأعلم يقينًا أنها تحب آخر ؟!
صاح بقهر : هل كنت تريدني أن انكسر أمام نفسي و أمامها هكذا يا عمي ؟! لهث بانفعال ليكمل بجنون - أمكنت تريدني أن اصعد خلفها فأجدها معه ؟!
انتفض وائل وعيناه تشتد بقسوة ليكمل عاصم بسخرية مريرة : أنت تخبرني أني جبان و أناأؤكد لك أني جبان ، لقد جبُنت يا عمي فلم اقوى على الصعود خلفها .. قلبي لم يكن ليحتمل .. وعقلي لم يكن ليستوعب .. وروحي كانت ستُزهق إذا رأيت شيء لا أقوى على تخيله لهذه اللحظة .
تهدلا كتفيه بانهزام ليهتف إليه بجدية وصدق لمع بعينيه : ولكن أتعلم سأكون صادقًا معك ومع نفسي يا عماه وأخبرك لماذا لم اصعد خلف ابنتك وانتظرتك أن تأتي و أناأحترق في الأسفل فلا أجد من يطفأ ناري ؟!
صمت ليتهدج تنفسه متمتمًا : كنت اعلم أنها لن تصبح لآخر غيري ، في عمق قلبي الذي داعبته بؤرة أملشعرت بأنها ستكون لي بآخرالأمر فتمسكت بتلك البذرة داخلي ، فلم أصعد خلفها حتى لا أرى ما لن انساه قط ، منعت نفسي عن اتباعها حتى لا تظل صورتها بعقلي كما رأيتها في الأعلى ، اجبرت نفسي على الصمود حتى أقوى على النظر إليها فيم بعد دون أن تتجسد صورتها مع آخرأمام عيني كلما تطلعت نحوها ، أجبرتنفسي وعقلي وقلبي أن يحتفظوا بصورة نوران الصغيرة التي لطالما حملتها على كتفي وركضت بها ، وحاولت اقسم بالله حاولت أن امحي هذا الجزء من ذاكرتي .
ابتلع وائل لعابه ليسأله بجدية : وهل استطعت ؟ هل نسيت ؟!
__لا ، صاح بها قاطعة لتتسع عينا وائل برعب فيتبع بصدق – ولكني أحاول النسيان ، أخلق ذكريات كثيرة تمحيها .. تعيدها لجانب عقلي المظلم فلا تخرج على سطح عقلي ، اتنعم بقربها وقلبي يخفق بوجودها واطرد كل الوحشة التي ملأتني في بعادها .
بح صوته بتماوج مشاعره : أنا لم أكن حيا من قبل يا عماه والآن اشعر فقط بأن قلبي يخفق وروحي تنبض وعقلي ينتعش ، إذاأردت لطمي على وقاحتي وقلة أدبيأفعلأنا سأتقبل وإذاأردت أن تعاقبني فلتفعل ولكن لا تحرمني منها ، فهذا لن يكون عقاب يا عماه ، بل سيكون اغتيال .
سقطت دموعه رغم عنه فجرت على وجنتيه ليقترب وائل منه يرفع كفه أمام وجهه ليغمض عاصم عينيه منتظرًا بصبر غير آبهًا بدموعه المنهمرة ليشعر بكف عمه التي وضعت على رقبته ويجذبه إليه فيحتضنه بحنو أبويليجهش في البكاء وهو يخفي وجهه بصدر عمه يكتم صوته فيه ويتمسك به كطوق نجاه سينتشله من غرقه .
ربت وائل على ظهره وهو يمنحه بعضًا من الوقت قبل أن يقبض على كتفيه فيبعده عن صدره يزجره بحدة : توقف عن البكاء يا ولد ، البكاء ليس من شيم الرجال .
رفع عاصم رأسه بكبر ليمسح وجهه بكفيه متمتمًا بصوت مختنق : المعذرة أناآسف لن أكررها .
رقت نظرات وائل إليه ليجذبه إليه ثانية يضمه إلى صدره قبل أن يضربه على ظهره بلطف : أنت مخادع يا ولد ، تثير غضبي إلى اقصى حد ثم تستميل قلبي إليك فلا اقوى على معاقبتك .
غمغم عاصم وهو يتمالك مشاعره التي ثارت وماجت ، فيتحكم بها بصلابة من جديد : عاقبني كما تريد يا عماه ولكن لا تحرمني من الحياة .
زفر وائل بقوة : سأعاقبك ولكن بعدما ازوجك .
ومضت عينا عاصم بأمل : حقاً ستفعل ؟!
لوى وائل شفتيه ساخرا : وهل هناك حل آخر بعدما حدث اليوم ؟! أخافأنأرفض هذه المرة فيتطور الأمربطريقة لا أحب التفكير فيها .
عبس عاصم ليغمغم بغضب : لن يحدث أبداً يا عماه ، نوران بحكم خطيبتي وأناأتصرف في هذه الحدود وأنتتعلم هذا جيدا ، بل أنت متيقن منه .
رفع عاصم رأسه ليهمس بصدق : لم اخن امانتك يا عمي تصرفت بحكم خطبتي لنوران .
نفخ وائل بقوة : لا يهم يا عاصم الآن انت أخطأت وهي شجعتك .
هز عاصم رأسه نافيًا لينتفض بحمية : بل نوران ليست مخطئة في شيء ، صمت قليلا ليكمل وهو يحنو رأسهبحرج – أنا .. أنا دفعتها لمجاراتي .
رفع عينيه لعمه : أنا المخطئ يا عمي وهي .. زفر بقوة – هي لم تفعل شيئاً .
نظر إليه وائل بتعجب ليغمغم بصدمة : دفعتها لمجاراتك ؟! ضرب كفيه ببعضهما – وأنا الذي كنت أشكك بك .
ابتسم عاصم رغم عنه وهو يشيح بعينيه بعيدًا ليغمغم بنزق : أنت من اردتني أكون صريحًا معك يا عماه .
أشارإليه وائل بكفيه : فلتصمت وتخبرني يا ابن وليد ، ماذا تريد الآن ؟!
شد عاصم جسده : أريد الزواج بكريمتكم ، فهلا تقبلت طلبي ؟!
زفر وائل بقوة : حسناً موافق ، وسأفعل .
سأل عاصم سريعًا : اليوم ؟!
إلتفتإليه وائل بصدمة : تتزوجان اليوم ؟!
أومأ عاصم برأسه بلهفة اعتلت محياه : يا ليت يا عماه .
هدر وائل بغضب : هل جننت يا عاصم ؟! هل سأزوجك ابنتي هكذا دون زفاف وحفل ندعو إليه المعارف والأقارب ؟!
أجاب عاصم سريعًا : لا يا عمي ، بل سنقيم حفل زفاف أسطوري يليق بالمدللة ، نظر إليه وائل بتساؤل فاتبع عاصم بجدية – أناأتحدث عن عقد القران .
زم وائل شفتيه قليلاً قبل أن ينطق بحزم : ولا عقد قران ، عقد القران بالزفاف فأنت لا يؤمَن جانبك .
تململ عاصم بوقفته : بل سأمنحك وعدي وكلمتي يا عماه ولكن وافق أرجوك ، اعقد قراننا من فضلك ، اتبع بصوت خافت مهادن يعلم تأثيره على عمه – أريدأنأشعربأنهاأصبحت لي .. خاصتي .
تطلع إليه وائل قليلاً : أيها الماكر أنت تستغل مكانتك لدي .
ابتسم عاصم بمكر ليخفض رأسهمتمتمًا : أريدأنأكون صادقًا معك يا عماه ، فلن أخفي مشاعري عنك ثانية .
تنفس وائل بعمق ليهتف باسمه في جدية فيرفع عاصم رأسه متأهبًا ليسأله وائل بهدوء : تعدني أنك لن تؤذيها ولن تجرحها يا عاصم .
مد عاصم كفه الأيمن لعمه فيضع عمه يده بكفه فيضغط عاصم على راحة عمه بصلابة وكأنه يعده بمصافحته : أعدك يا عماه لن أفعل .
همس وائل وعيناه تومض بفرحة لم يستطع أن يخفيها : اقرأ الفاتحة يا ولد .
كاد أن يقفز فرحًا ولكنه تمسك بجديته ليتمتم بآيات الله الحفيظ شاعراًبأنه محلقًا في عنان السماء وخاصةًحينما ضمه عمه إلى صدره مهنئًا مغمغمًا بجانب أذنه : مبارك يا ولد .
***
دفعتها بخشونة إلى داخل غرفتها قبل أن تغلق الباب من خلفهما ، لتصيح بغضب نادراً ما يظهر عليها تقبص على ذراعها بعنف وتهزها بخشونة : ألمأحذرك ؟! ألم انصحك ؟! ألم امنعك من التمادي يا نوران ؟!
انتفضت نوران بخوف ودموعها تتجمع بعينيها : أنا مخطئة ،أعترف يا مامي ولكن عاصم .. أنا خائفة على عاصم .
زمجرت فاطمة بغضب : يستحق ما سيفعله به أبيك ، انتفضت نوران بخوف – مامي أرجوك.
صاحت فاطمة بغضب اهوج وهي تضع كفها على فم ابنتها : اخرسي لا أريدأن استمع إليك.
دفعتها لتسقط نوران على الفراش خلفها لتقترب منها فاطمة تنظر إليها بحدقتين معتمتين بجنون : أنت غبية .. حمقاء وطائشة لم تتعلمي شيئاً مما حدث من قبل .
هبت نوران صائحة بعنفوان : لا تقارني ما حدث من قبل بالآن ، كل شيء مختلف ، أشارت بيدها للخارج – إنهعاصم يا أماه ، من أحبه ومن سيصبح زوجي .
هتفت فاطمة دون وعي : لا يهم ، لا يهم من هو ، الهام لدي هو أنت ، لماذا ترخصين نفسك هكذا ؟! لماذا تشعريه أنك سهلة المنال هكذا ؟! لماذا تفرطين بكرامتك هكذا ؟! لماذا ؟! أنت تربيت هنا .. ترعرعت هنا .. نشأت على تقاليد وعادات هنا ، لقد حرصت أن ابلغك بها أنت وشقيقتك ، اختنقت فاطمة بدموع مريرة حُشرت بحلقها – لماذا كسرتني وكسرت أباك هكذا؟!
شحبت ملامح نوران بذهول لتهمهم ودموعها تسقط على وجنتيها : أنت لا تتحدثين عن عاصم .
نظرت إليها فاطمة بخذلان لتتمتم من بين فكيها بحسرة : أنا فشلت في تربيتك يا نوران .
هدرت نوران : لا ، لا يا ماما أنا لم ..
صمتت وحلقها يختنق تمامًا لتجهش في بكاء مرير ، تنهدت فاطمة بقوة قبل أن تجذبها فاطمة إلى حضنها فتنتفض نوران و تتمسك بها تبكي بقوة لتجاورها فاطمة جلوسها فتلف نوران ذراعيها حول رقبة والدتها لتهمهم من بين شهقات بكائها : لم أفعل يا ماما ، لم افعل، لم أذهب ، لم اكسرك ولم أنكس رأسأبي ، تصرفت بطيش ولكني لم أرخص نفسي .
انتفضت فاطمة بقوة لتدفعها بعيداً تنظر لعمق عينيها لتهز نوران رأسها برفض ودموعها تغرق وجنتيها : لم أفعليا مامي اقسم بالله لم أفعل .
جذبتها فاطمة لصدرها تحتضنها بقوة تتساقط دموعها بتتابع وهي تربت على رأس نوران مهمهمه : حسنا اهدئي ، توقفي عن البكاء واهدئي .
رفعت رأسها تنظر إلى باب الغرفة الذي فُتح ليطل زوجها من خلفه تتسع عيناه بصدمة وهو يرى دموع زوجته المغرقة خديها ليخطو بجدية إلى الداخل ، يقف قليلاً ناظرا إلى ابن اخيه الذي يتبعه هامسًا بجدية : انتظرني قليلا يا عاصم ، تلكأ عاصم ليهمهم - عماه
ابتسم وائل مطمئنًا : لا تقلق . تململ عاصم فأتبع وائل بنزق - إنها ابنتي يا أحمق ، هيا اذهب إلى والدك وأدهمإنهما بغرفة المعيشة .
أومأ عاصم برأسه في طاعة ليدلف وائل إلى الداخل ويغلق الباب من خلفه هاتفًا بجدية : ما سبب بكائكما أنتما الاثنتين ؟!
ابتعدت فاطمة عن نوران قليلاً لتهمس وهي تتطلع إليه بينما يقترب منهما : لا شيء لقد صرخت فيها وعنفتها على ما حدث بالخارج .
سأل بجدية وهو يتطلع إليهما من بين رموشه : عنفت نوران فبكت ، اتبع وهو يمد كفه لها فتتمسك به ليجذبها يجبرها أن تقف أمامه ليضمها إلى صدره مقبلاًرأسهاأنت ما سبب بكائك ؟!
انهمرت دموعها من جديد وهي تتمسك به فيضمها إلى صدره بقوة مهمهمًا بحنان : توقفي يا فاطمة . نهنهت رغم عنها لينظر إلى ابنته التي تخفض رأسها بحرج ، هتف باسمها فترفع رأسها تنتفض أمامه بخوف تتوسل إليه بنظراتها أن يسامح .. يصفح .. يعفو عنها فيشير إليهابرأسهأن تقترب ليضمها إلى صدره بذراعه الآخر ، يقبل رأسها هاتفًا : لا تبكي يا نور ، لا تبكي .
تمتمت بصوت مختنق : أناآسفة ، اعتذر منك ، أرجوك سامحني .
ضمها إلى صدره بقوة : سامحت يا مدللة ، ووافقت على زواجك من الغبي الآخر .
انتفضت بفرحة شعرها جيداً لتسأله فاطمة التي رفعت رأسها تنظر إليه : حقاً ؟!
أومأ برأسه ليغمغم بتفكه ساخر : استطاع إقناعي ابن وليد .
ضحكت فاطمة برقة لتصيح نوران بفرحة : شكراً يا بابي ، أناأحبككثيراً .
رمقها وائل بطرف عينه : تحبينني أنا ؟!
توردت نوران لتخفض رأسها بخجل : أناأعتذر منك يا بابي .
زفر بقوة ليمأإليهابرأسه : اذهبي إلى عمك - ستجدينه في غرفة المعيشة – فهو خائف عليك مني ويريد الاطمئنان .
خطت مبتعدة لتعود إليه تضم نفسها إلى صدره تقبل وجنته بامتنان : أشكرك يا بابي ،أنتالأروع على الإطلاق.
ضمها إليه وهو يضحك ليتابع مغادرتها المسرعة للخارج ليلتفت إلى فاطمة التي لامست صدره تسأله بعينيها : أنت بخير ؟!
زفر بقوة مغمغمًا : لقد قرأت الفاتحة مع عاصم ، سأعلن خطبتهما اليوم ليلاً .
نظرت إليهملياًلتسأل بجدية : أنت بخير يا وائل ؟!
مط شفتيه ليزفر هواء صدره بأكمله قبل أن يغمغم : لست مرتاحًا .
لفت ذراعيها حول خصره لتضمه إليها كيفما استطاعت ، لتشب على أطرافأصابعها تقبل جانب فكه هامسة إليه : لا تقلق ستكون الأمور بخير .
هز رأسهموافقاً قبل أن يرن هاتفه ليجيب الاتصال : نعم يا أحمد ، صمت قليلا ليتابع – حسنا سنأتيالآن .
اغلق الاتصال ليهتف إليها : اغسلي وجهك وهيا لنذهب فالطعام وصل .
تحرك للخارج فاتبعته قبل أن تهتف إليه : سأتبعك ، نفخ بقوة – سأنتظرك مع البقية لنذهب جميعًا .
اتجهت نحو الدور العلوي ليتجه هو إلى غرفة المعيشة ، يبتسم رغم عنه حينما وجد وليد يحتضن نوران يربت على رأسها يمازحها بشقاوة كعادته ، وعاصم يتميز غيظًا بجانبه قبل أن يهتف بضجر : أرجوك يا بابا اتركها لي قليلاً لم اتحدث معها منذ أنأتت .
رفع وليد رأسه من فوق رأس نوران ينظر إلى ابنه بغضب : انهض واذهب لوالدتك ، فهي تريدك .
نظر إليه عاصم برجاء : بابا من فضلك .
زجره وليد بحدة : اذهب يا باشمهندس ، لن تتحدث معها قبل أن اتحدث أنا مع عمك .
هم عاصم بالحديث ليهتف وائل وهو يخطو للغرفة : ها هو عمه .
ربت وليد على ظهر نوران التي تتوسد صدره كقطيطة تبحث عن الدفء ليهمس إليها بخفة: اذهبي اغسلي وجهك وجددي زينتك ولا تخرجي من غرفتك إلا حينما اهاتفك ، نظرت إليه بتساؤل فأتبع بجدية – لن اذهب للغذاء إلاو أنت بصحبتي ، هيا اذهبي .
تحركت للخارج ليهم عاصم باتباعها قبل أن يهدر وليد باسمه فيستوقفه ، يتبع بجدية آمرة الى وائل : اغلق الباب خلف ابنتك يا وائل .
استجاب وائل لأمر أخيهليسأل بهدوء: أينأدهم ؟!
__ تحدثت معه قليلاً هدأت من غضبه وشرحت له الأمر فاستأذنني مغادرًا حينما وصل عاصم ، اجاب وليد ليتبع سائلاً بجدية وهو يرمق ولده بنظرات غاضبة - هل اعتذر منك عاصم ؟!
شد عاصم جسده بصلابة ليهتف وائل : لقد تصافيت أنا وعاصم يا وليد .
هدر وليد بجدية : هل اعتذر منك ؟! هدر وائل بجدية تشابه جدية أخيه - انتهينا يا وليد .
رمق وليد ابنه بغضب فهمهم عاصم بجدية : أناآسف يا عماه ، أعتذر منك .
ألقاها بحزم ليتحرك نحو وائل بطاعة يقبل كتفه ثم انحني نحو كف عمه فيبعده وائل بحنو ليجذبه نحو صدره يربت على ظهره بأبوة : لا تنحني ثانيةً يا بني ، قامتنا جميعاً عالية لأجل هامتك المرتفعة يا كبير آل الجمال .
ابتسم عاصم بامتنان ليقبل كتف عمه ثانيةً : لا حرمني الله منك يا عماه .
نظر إليه بفخر : ولا حرمنا منك يا باشمهندس ، كح وائل ليجلي حلقه قبل أن يهمهم - اذهب واستعد سنعلن خطوبتكما ليلاً .
اتسعت ابتسامة عاصم لتشمل ملامحه كلها ليمأبرأسه ويهم بالحركة قبل أن يعود لأبيه يقف امامه كطفل مذنب فيبتسم وليد رغم عنه ، يشير إليه بالتقدم فيضمه عاصم بقوة ليربت وليد على ظهره بحنو أبوي : مبروك يا كبير آل الجمال .
غمغم وهو يقبل وجنة أبيه : بارك الله فيك يا بابا ، هتف وهو يغادر مسرعاً – سأذهب لأبلغ أمي وعمار ، بل سأخبر الجميع .
كاد أن يركض ولكنه تمسك برزانته التي ذهبت أدراج الرياح وهو يشعر بروحه تحررت .. سمت .. وصلت لعنان السماء ، أخرج هاتفه يداعبه بكلمات قليلة يرسلها إليها وهو يشعر بقلبه يكاد أن يهرول عائداً لها ولكنه يربت عليه بتربيتات خفيفة من اصابعه هامسًا لنفسه " اهدأ ، فقط الليلة وستكون ملك لك "
***


بقية الفصل على هذا الرابط



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 05-09-20 الساعة 06:34 PM
سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:37 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.