آخر 10 مشاركات
جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          294 - لماذا تهربين؟ - كارول مورتيمر (الكاتـب : بلا عنوان - )           »          ثمن الكبرياء (107) للكاتبة: Michelle Reid...... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          1041 - ميراث خطر - ستيفاني هوارد - د.ن (الكاتـب : سنو وايت - )           »          البجعة الورقية (129) للكاتبة: Leylah Attar *كاملة & تم إضافة الرابط* (الكاتـب : Andalus - )           »          زهرة النار -قلوب أحلام زائرة- لدرة القلم: زهرة سوداء (سوسن رضوان) *كاملة* (الكاتـب : زهرة سوداء - )           »          ✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          317 – صدى الذكريات - فانيسا جرانت - روايات أحلامي (الكاتـب : Just Faith - )           »          مذكرات مقاتلة شرسة -[فصحى ] الكاتبة //إيمان حسن-مكتملة* (الكاتـب : Just Faith - )           »          أنين الهوَى - الجزء 1 من سلسلة تايري -شرقية زائرة -للكاتبة:ملك على* مكتملة & الروابط* (الكاتـب : ملاك علي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree260Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-08-20, 07:44 AM   #21

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رغيدا مشاهدة المشاركة
مبروك يا سلافة.. بالتوفيق يا قمر.. نورتي وحي الاعضاء 😘💗💞❤🌹


الله يبارك فيكي يا ريدا
حبيبتي المكان منور بيكم وبوجودكم ❤❤


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 07:45 AM   #22

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رغيدا مشاهدة المشاركة
مبروك يا سلافة.. بالتوفيق يا قمر.. نورتي وحي الاعضاء 😘💗💞❤🌹


حبيبتي تسلمي ❤❤


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 07:45 AM   #23

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام حيان مشاهدة المشاركة
السلام عليكم يعطيكم العافية وشكرا


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تسلمي يا جميل
منوراني ❤❤


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 07:46 AM   #24

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة homsaelsawy مشاهدة المشاركة
مبارك يا سولي من نجاح لنجاح يارب


الله يبارك فيكي يا هموس
تسلمي يا قلبي
انا وانتي يارب ❤❤


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 07:47 AM   #25

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة samar hemdan مشاهدة المشاركة
مبرووووك ياسولي بالتوفيق يا جلب جلبي يااااارب😍😍😍💙💙💙💙


الله يبارك فيكي يا جلب سولي من جوه
منوراني يا سمور يا حياتي
تسلمي لي ❤❤


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 11:31 AM   #26

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

صباح الورد والياسمين


الف مبروك تنزيلك الرواية بوحي الاعضاء حبيبتي
نورتينا بوجودك المميز




كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 06:12 PM   #27

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كاردينيا الغوازي مشاهدة المشاركة
صباح الورد والياسمين


الف مبروك تنزيلك الرواية بوحي الاعضاء حبيبتي
نورتينا بوجودك المميز





احلى صباح واحلى مسا على عيونك يا كاري
الله يبارك فيكي يا حبيبتي
المكان منور بوجودكم يا قلبي
وانا سعيدة لوجودي معاكم


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 06:15 PM   #28

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الخير والنور والدلال ازيكم عاملين ايه
يارب تكونوا بخير وصحة وسلامة
وموعدنا الان مع الفصل الاول
لرواية حبيبتي
اتمنى يحوز على اعجابكم
منتظرة رايكم وتعليقاتكم


الفصل الاول

__صباح الخير
ألقاها بصوت هادئ .. يقترب منهما بخطوات بطيئة رزينة كعادته ، يقف خلفها ليضمها بذراعيه كدائم عهده منذ أن كان صغيراً ، كان دوماً يحب أن يحتضنها من ظهرها يضم جسدها لصدره ويطبع قبلته على مكان ما يصل شفتيه ، إلى أن كبر وفاقها طولاً فأصبح يطبعها على قمة رأسها وهو يضمها إلى صدره العريض ، رفعت كفها لترتب على وجنته اليمنى فيحنو عنقه ليقبل خدها ويهمس بتحية إليها من جديد وهو يسأل عن حالها ، إلتف حول المائدة الصغيرة ليهز رأسه بتحية مماثلة لأبيه الذي ابتسم بهدوء وهو يسأل عن أحوال ولده ، سألته بعبوس طفيف داعب مُحياها حينما تأملت ملابسه : مبكر اليوم في الذهاب إلى عملك يا عاصم ؟! الساعة لم تتعد الثامنة يا حبيبي ؟!
قلب فنجانه الخزفي بهدوء ، ووضع بعض من الشرائح في الطبق أمامه يجاورها بعض من قطع الجبن وحبات الزيتون كما يفضل ، يرص طبقه بشكل جمالي قبل أن يبدأ بتناول الطعام كعادته بشكل أنيق وهو يجيب والدته : لدي اجتماع في التاسعة يا امي ، ولابد أن اذهب مبكراً حتى أعد بعض الأوراق سأحتاجها فيه .
تمتمت بحدة : تعد بعض الأوراق !! وجيش الموظفين من حولك ماذا يفعل لتعد أنت بعض الأوراق ؟!
ابتسم بحنو ورفع رأسه إليها : ما بال الياسمينة غاضبة وتريد افتعال مشاجرة على الصباح ، هل ضايقك وليد بك فتنفثين عن غضبك بي ؟!
كتم وليد ضحكته ليهمس بمشاغبة وهو يضم كفها القريب منه : وهل أستطيع إغضاب الياسمينة ؟!
ابتسمت ياسمين رغم عنها لتهمهم : أباك لا يغضبني ولكن أنت وأخيك تدفعاني إلى الغضب دفعاً .
قفزا حاجبيه بإندهاش ليرتشف بعضاً من فنجان الشاي الأسمر من أمامه ليسألها بمكر : امم أنت إذاً اشتقت إلى عمار .
زفرت بضيق : لا أفهم ما الذي يدفعه للبقاء هناك ألم يُنهي دراسته كما أراد منذ أكثر من عام ؟!
كح عاصم بخفوت قبل أن يهمس : هانت يا ماما ، سيأتي خلال هذا الشهر إن شاء الله .
اشاحت بضيق ليسأله وليد مغيراً مجرى الحديث : متى سينتهي اجتماعك يا عاصم ؟!
عبس مفكرا ليتنهد بقوة : لا أعلم حقاً ، فهذا الإجتماع النهائي ولابد أن نتوصل إلى إتفاق وإلا سألغي الأمر برمته ، لا أحبذ أن أتنازل أو أشعر بأن الطرف الآخر يتلاعب بنا .
ابتسم وليد بفخر : ستتفق معهم، أنا موقن من ذلك ، سحب وليد نفساً عميقاً ليربت على كفه القريب منه - أنا فخور بك يا بُني ، فأنت اكتسبت إسماً ومركزاً مرموقاً وسط اقرانك لا يضاهى بأحد .
ابتسم عاصم برزانة : الفضل بعد الله لك يا أبي ، لقد تعلمت على يديك .
هتف وليد بمرح : ليس التعليم هو من جنيت ثماره فقط بل وراثتك لحس والدتك الفني هو ما أسبغ عليك حساً فنياً لا مثيل له .
ابتسمت ياسمين أخيراً ليضحك عاصم بمرح : هذا الغزل موجه للياسمينة ولا يعد كشهادة لي .
ضحك وليد بمرح ليرفع كفها ويقبلها بمودة : يهمنا إرضاء الياسمينة يا عاصم .
ضحكت ياسمين برقه فيشاكسها أبيه بوجهه فيهتف عاصم بمرح : انتظرا إلى أن امضِ في طريقي ثم تغازلا على راحتكما
هتف وليد بجدية افتعلها : أدر وجهك عننا .
ابتسم عاصم وخفض عينيه بالفعل فيقترب وليد بوجهه من ياسمين ويقبل وجنتها وهو يهمهم بكلمات خافتة كثيرة فيكح عاصم بقوة ليهتف : حسناً لا تحملا هم وجودي بينكما فأنا سأغادر .
هتفت ياسمين بجدية حينما رفع فنجانه ليشرب ما تبقى فيه : انتظر يا عاصم أنا أريدك .
رفع نظره لها باهتمام لتهتف به : لم تخبرني إذا كنت ستحضر حفل الجمعية أم لا ؟!
لوى وليد شفتيه وتبادل النظرات مع ولده الذي جمدت ملامحه ليجيب بهدوء : سأتبرع للجمعية يا أمي ككل سنة ، ما الجديد لأحضر الحفل هذا العام ؟
حملت فنحان قهوتها وارتشفت منه على مهل قبل أن تجيب : الجديد أني أريد منك الحضور ، أريد أن أدخل إلى الحفل وأنا أتأبط ذراعك وأشعر بالفخر أن المهندس عاصم الجمال ذائع الصيت هو ولدي البكري .
كتم وليد ضحكته وهو يراقب تعابير عاصم المدهوشة ليهتف عاصم بعفوية : ولكن الجميع يعلم أني ولدك البكري يا أمي .
هزت كتفها بلامبالاة مفتعلة : نعم ولكن هذا لا دخل له بأني أريد الافتخار بك والاستناد عليك .
رمق أبيه بطرف عينه قبل أن يسبل اهدابه ويهمس : حسناً سأرى جدول مواعيدي يا أمي .
خبطت بكفها على المائدة بحدة : لا يا عاصم ، حينما أطلب منك الحضور تفرغ نفسك لما أريد ولا تتنصل من واجباتك نحوي كأم .
ردد عاصم بصدمة : واجباتي نحوك كأم ، فيم قصرت يا أماه لكل هذا ؟!
قبضت كفيها بقوة : يكفي أنك لم تتزوج إلى الآن وتأت لي بحفيد .
تجمدت ملامحه ليزفر بقوة : ألم ننتهي من هذا الأمر يا أماه ؟! ألم نتحدث واخبرتك أني حينما أجد الفتاة التي تعجبني سآتي إليك لتزوجيني إياها .
ردت بحدة : وكيف ستراها وأنت غارق بالعمل ، ولا تهتم بشيء سوى العمل ، اسمع يا عاصم ستحضر معي الحفل لتنتقي إحدى الفتيات اللائي سأقربك منهن ، ولا نقاش في هذا الأمر ثانية ، يكفيني أخيك الغائب دون سبب والله أعلم ماذا يفعل هناك .
قبض كفيه وبسطهما أكثر من مرة ليخفف حدته وغضبه قبل أن يمأ برأسه ويرسم ابتسامة باهته على شفتيه : حسناً يا أمي كما تريدين .
انسلت ابتسامة راضية من ثغرها لتنظر إليه بفخر مؤثرة الصمت سعيدة بنجاحها في دفعه لحضور الحفل الذي تعد إليه منذ أشهر آمله في حضوره لعله يريح قلبها بأن يختار إحدى الفتيات ويتزوج منها .
__ لم تخبرني يا عاصم ، متى ستكون متفرغاً اليوم ؟!
عبس بعدم فهم : لا أدري يا أبي ولكن لماذا تسأل ؟!
رد وليد بلا مبالاة : سآت إلى المجموعة وأريدك أن تكون متفرغاً .
عبس عاصم بتفكير ليرمق أبيه بطرف عينه يريد الفهم فهو يشعر به يراوغه دون سبب ليهتف بجدية : أنت مُقل في المجيء إلى المجموعة إلا لحضور اجتماعات مجلس الإدارة أو لأمر بالغ الاهمية ، حتى أنك توقفت عن التصميم .
قاطعه وليد : ولماذا أرهق نفسي بالعمل يا ولد وأنت موجود ؟!
ضحك عاصم بخفة : لا أعترض ولكني أتساءل لماذا اليوم خصيصاً ستزور المجموعة ؟!
ابتلع وليد ضحكة لمعت بشقاوة عينيه : لا شيء فقط أريد الحضور وأريدك أن تكون متفرغاً ، ألا يحق لي يا عاصم ؟!
زفر عاصم بقوة : بل يحق لك وأكثر يا أبي ، نهض واقفاً وهو يتبع - أية أوامر ثانية يا والدي العزيزان ؟!
تمتمت ياسمين برقة : صحبتك السلامة يا حبيبي .
ابتسم وهز رأسه بيأس ليسأله أبيه : هل عمك سيكون حاضراً اليوم ؟!
عبس بتفكير : لم يبلغني ولكني أعتقد أنه سيأتي بعد الظهيرة ليطمئن على سير العمل فهذا موعده الاسبوعي ، تابع بتساؤل - أتريد مقابلته لذا ستأتي ؟!
ابتسم وليد بمكر : إذا أردت مقابلة عمك سأذهب إليه ، أو ادعوه فيأتي إلي، لا أقابله بالعمل يا عاصم .
نظر له عاصم بحيرة وارتياب امتزج بحدقتيه ليهز كتفيه : حسناً على راحتك .
هتف وليد وهو يراه يغادر : سآت إليك في الرابعة عصراً فاستعد لملاقاتي.
توقف عن الحركة ليلتفت إلى أبيه برأسه ونصف جسده ينظر إليه ملياً يشعر بشيء ما خاطئ وارتيابه يزداد لتسلية أبيه الفائقة فيتبع وليد وهو يكتم ضحكته بشق الانفس ويشير إليه بكفه : صحبتك السلامة يا حبيبي .
عبس بعدم فهم وهو يشعر بتسلية أبيه تنتقل إليه فيبتسم رغم عنه ويهمهم وهو يغادر البيت فعلياً : ماذا تخبئ يا أبي ؟!
تنهد بقوة ليداعب لوحة رقمية بسيارته بعد أن دلف إليها فينطلق بها بسهولة ويسر قبل أن يبزغ وجه الآخر و آثار النعاس واضحة عليه يهتف بملل : صباح الخير بتوقيتكم يا أخي ، ما الأمر الذي دفعك لتوقظني الآن ؟!
رد بجدية : صباح النور يا عمار ، استيقظ وافق من فضلك .
اعتدل عمار جالساً في فراشه ليهتف باهتمام : ماذا حدث ؟!
زفر عاصم بقوة : لا شيء فقط عُد يا عمار ، أبواي يحتاجان لوجودك هذه الفترة ، وأنا الآخر احتاج وجودك بجواري ، فأنا تعبت من كوني بمفردي اتصدى لخططهما وحدي .
ضحك عمار بمرح : امم إذاً إنها خطة جديدة من ياسمين هانم .
زفر عاصم بقنوط وهو ينظر إلى الطريق أمامه : خطة أمي ليست مقلقة فأنا استطيع المجابهة ،
عبس عمار وهو يتحرك من فراشه ينهض واقفاً بإعتدال يعدل من سروال منامته ويتحرك بهدوء : إذاً ما الجديد الذي جعلك تتصل بي مستنجداً ؟
ضيق عاصم عينيه جيداً في الغرفة التي ظهرت من خلف رأس أخيه ليسأله : هل معك أحداً ؟!
تنهد عمار بقوة : لا يا أخي أنت تعلم أني لم أفعل ولن أفعل هذا أبداً ولكن لكي تطمئن ، خلع عمار سماعة صغيرة من أذنه تنبعث منها أشعة غير مرئية هي ما تكون صورة أخيه أمامه وتحمل صورته لأخيه فيديرها من حوله ليهتف بعاصم وهو يعيدها ثانيةً لأذنه - هل اطمأننت يا عاصم الآن أني بمفردي ؟!
زفر عاصم بقوة : أنا لا أراقبك يا عمار ولكن أنت تعلم أني أرجو صالحك.
ابتسم عمار بهدوء ليتحرك نحو المطبخ الصغير والذي يمثل جزء من غرفته فيضغط زر تشغيل ماكينة القهوة : أعلم يا أخي ، أخبرني الآن ما الأمر الذي دفعك لإيقاظي فجراً ؟!
صمت عاصم قليلاً ليهتف بحيرة : بابا يخطط لأمر لا استطيع إدراكه ، بل أشعر به يتلاعب بي .
قهقه عمار ضاحكاً : أوووه يا مرحى بالوليد ، هل انضم لحزب تزويج عاصم الجمّال ؟!
توقف عاصم بسيارته جانباً ، ليهتف بجدية وهو ينظر إلى عيني أخيه : لا يا عمار ، الأمر ليس كذلك .
عبس عمار باهتمام ليتبع عاصم : إنه يدفعني نحوها من جديد وأنا ..
صمت ليكمل بصوت مختنق : أشعر بأن حصوني بدأت في التصدع وأخاف الإنهيار .
***
ترفع رأسها إلى الخلف وهي تزيد من حركة ساقيها فتندفع بدراجتها في سرعة ، يضرب الهواء وجنتيها بقوة فتشعر بالحياة تسير في أوردتها ، تدور بدراجتها في شوارع المدينة كعادتها اليومية صباحاً ، فالشوارع تكون فارغة سوى من زقزقة العصافير وبعض الاشخاص الذين يذهبون إلى عملهم مبكراً ، تتفادى هذا الشارع القاطن به بيته وتجوب في الانحاء إلى أن تشعر بالتعب فتعود إلى البيت لتتناول الافطار مع أبويها وتستعد للذهاب إلى عملها كالعادة ، تفكر في أي من أخويها موجود اليوم ، لتهز كتفيها بعدم معرفة وترجئ التفكير في هذا الأمر إلى أن تعود ، لترفع رأسها مرة اخرى وتزيد من سرعتها وهي تقرر العودة إلى البيت وأنها اكتفت من جولة اليوم لتهدئ من سرعتها وهي ترى سيارة ابن خالتها تمر بتهادي أمامها بسقفها المكشوف وتصميمها الرياضي الانيق ، ابتسمت برقة وهي تحضر نفسها لوقوف الآخر ونزوله ليلقي التحية كعادته ولكنها فوجئت بأنه مر مرور الكرام ولم يلق لها بالاً وكأنه مشغول الذهن فلم يراها ، لتتجمد وتقف من فوق دراجتها فتميلها لترتكن لإحدى ساقيها وهي تنظر إلى وجه الآخر الذي طل من شاشة هاتف عاصم الرقمية ، فتختلج أنفاسها ويرتجف جسدها فتهبط أرضاً وتقف على ساقيها وهي تركز بصرها على ملامحه البعيدة والتي غابت عن نظرها ثانيةً ، قبضت بكفيها على مقود الدراجة لتدفعها إلى السير ببطء وهي تجاورها إلى أن عادت إلى بيتها مُشتتة الذهن ، لحظات بسيطة رأته فيها اعادتها لذكريات بعيدة كانت تُقنع نفسها بأنها تخلصت منها للأبد ، فقط رؤيته بعثرت كل قوتها و اعادتها إلى ما كانت عليه من قبل ، زفرت بقوة وهي تدلف بسرعة إلى غرفتها تغلق بابها عليها ، تلملم اشلاء روحها التي بُعثرت برؤيته وتحاول التغلب على قلبها الذي ارتجف في لحظة هفا إليه ، تؤنب نفسها .. وتجلد روحها .. وتنهال بالتقريع على قلبها وتتحكم بدموعها التي تجمعت بعينيها لترفع رأسها بشموخ وهي تنهض واقفة تقرر أنها ستمارس مهام يومها وتُسقط من ذاكرتها رؤيته اليوم مع بقية ذكرياتهما سويا وكأنها لم تكن !!
***
تَقلب في فراشه يبحث عنها ليعبس وعيناه مغلقتان قبل أن ينهض بحدة ، غاضباً لعدم وجودها وهو الذي نبهها أكثر من ألف مرة ألا تفعل هذا ، حتى إن استيقظت قبله ، فلتظل جواره أو توقظه معها .
تحرك بخفة يرتدي خفه البيتي وهو يتجه بخطوات متمهلة ينزل درجات سلم فيلا جده والذي أصر على السكن بها رغم ابتعادها عن قلب العاصمة الجديدة ، تحرك نحو المطبخ في خطوات جادة واثقة بأنها ستكون هناك ليبتسم رغم عنه وهو يراها تعمل بجد ، خصلات شعرها الطويل معقوص أعلى رأسها وبلوزتها القطنية البيتية بلونها السماوي بحملات رفيعة فوق شورت قطني قصير للغاية يحدد آخر فخذيها بلونه الأبيض الناصع يناقض سمرة بشرتها فيتنهد بقوة وهو يقترب منها يلتصق بها قبل أن يضمها إلى صدره بلهفه يقبل عنقها من الخلف ويهمس بتحية الصباح في صوت أجش ثم يتبع بصوت خشن : ألم أطلب منك أن لا تغادري الفراش دون أن توقظيني ؟!
تمسكت بذراعيه لتهمهم : كنت أعد لك الفطور .
تنهد بقوة وهو يشدد من ضمته لها : لا تعدي لي شيء يكفيني أن أستيقظ على مُحياك الجميل يكفي الأيام الماضية وأنا محروم منك وأنت بعيدة عني.
ضحكت برقة لينثر قبلاته فوق جيدها وهو يلصقها أكثر بصدره كتمت تأوهها وحاولت أن تتملص من ضمته لها حينما تمادت قبلاته أكثر لتهمس برقة : أليس لديك عمل اليوم ؟!
زفر بضيق : بلى واجتماع هام للغاية ، ألا يكفي أني عدت من السفر البارحة فقط لأذهب إلى العمل اليوم ولكن لا يهم سأذهب ، فقط أريد تناول فطوري .
ضحكت برقه : فقط خمس دقائق وسيكون الفطور جاهزاً ، استدارت إليه لتدفع صدره العار برقه – اذهب وارتدي ملابسك إلى أن اعد المائدة في الشرفة كما تفضل.
لم يستجب لدفعتها الواهنة ليضمها من خصرها إليه أكثر قبل أن يحملها لاصقاً جسدها به وهو يهمهم : فطوري بين ذراعي ولن أفرط به أبداً .
تحاشت قبلاته الشغوفة التي تحط على كل خليه بوجهها لتهتف به : أحمد نحن بالمطبخ .
ليتمتم بين شفتيها : تبدين مغرية أكثر وأنت وسط عالمك يا أميرتي ، فقط دعيني أغرق بك قبل أن انسلخ وابتعد مرغماً عنك .
همهمت بإسمه في رفض واهن قبل أن تستجيب إليه فتتعلق برقبته ليحملها من أسفل ساقيها ويتجه بها إلى غرفة المكتب القريبة من المطبخ فتشير وهي تتفادى قبلاته نحو السلم ليهمهم بنبرة ذائبة فيها : أريدك أن تنشري عبقك داخل غرفة مكتبي يا حبيبتي .
***
ابتسمت برقة وهي تنظر إلى والدها الجالس بشرفة البيت يقرأ الجريدة كعادته صباحاً لتتحرك نحوه تتعلق برقبته من الخلف وتقبل وجنته : صباح الخير يا بابا.
ابتسم بسعادة وهو يخلع نظارته الطبية من فوق عينيه لينظر إليها عن كثب قبل أن يجذبها فيجلسها فوق ساقيه ويقبل رأسها كما كان يفعل منذ أن كانت صغيرة : صباح النور يا عيون بابا .
ضحكت بمرح لتنسل من بين ذراعيه : لقد كبرت يا أبي وأصبحت ثقيلة أن اجلس فوق ساقيك .
مط أحمد شفتيه وهو ينظر إلى جسدها الصغير وقامتها القصيرة : أنت خف الريشة يا جانو ، كيف أصبحت اليوم يا حبيبتي ؟!
تنهدت بقوة : أنا بخير والحمد لله ، لم أذق طعم النوم بعد يومين كاملين مستيقظة في إشراف الطوارئ بالمشفى .
ابتسم بحنو : الله معك يا حبيبتي ، ابتسمت برقة لتنظر من حولها – أين مازن ألم يستيقظ بعد ؟!
تنهد احمد بقوة : إنه ليس هنا ، لقد ذهب البارحة ليبيت عند عمتك ، ما فهمته أنه وعلي و أدهم متفقين على المبيت هناك .
عبست جنى بضيق لتتوقف عن تناول الطعام وتزفر بضيق : تعلم يا أبي أني لا أحبذ مبيته خارج البيت ، ثم إن مبيته عند عمتي خاصةً لا يصح الآن ، فملك ليست تكبره بالكثير ، وعمتي متحفظة بهذا الشأن وأنت تعلم ذلك جيداً .
ازاح احمد الجريدة من أمام وجهه لينظر إليها ملياً : هل أخبرتك عمتك أنها تتضايق من وجود مازن عندها ؟!
توترت ملامحها : لا يا بابا ، ولكن أنا لا احب هذا ، مازن مكانه هنا لا أحب أن اشعر بأنه مشتت بين بيوت العائلة .
تنهد أحمد بقوة : أخيك ليس مشتتاً يا ابنتي ، إنه فقط يبحث عن الرفقة ، ثم لا تنسي عمتك شاركت بتربيته هي وزوجتي عمك ، لم يقصرا معه أبداً حينما كنت أنا انشغل عنه أو عنك .
رفعت رأسها بغضب: لم يربيني أحداً يا بابا ، رحمة الله على أمي لقد كبرتني وربتني ، وأنت لم تقصر مع أحدنا بشيء، كنت دوماً معنا .
ابتسم بحنو : لقد تحملت المسئولية منذ صغرك يا جانو ولكن سيأتي يوم لتتركينا بكامل إرادتك يا حبيبتي ، دمعت عيناها برقة – لن اترككما أبداً يا حبيبي ، أنت ومازن كل عالمي .
اسبل أحمد اهدابه ليبتسم ويهمس بمرح افتعله : حينما يأتي الفارس ستغيرين رأيك .
تورد وجهها لتتمتم : الفارس .
ضحك أحمد بعفوية : نعم من سيختطفك على حصانه الأبيض .
ضحكت بتوتر : لا تخف لن أذهب واترككما ، اتبعت بغصة تكومت بحلقها – فهذا الفارس لن يأتي أبداً .
شاكسها : من الأفضل له حتى لا أدق عنقه كما كاد أن يفعل عمك وائل بأحمد .
تعالت ضحكاتها بعفوية : مسكين أحمد يا بابا عمي وائل يعذبه حتى بعد أن زوجه لأميرة .
هز احمد رأسه بيأس : عمك غيور بطبعه ولا دواء له .
غمز لها بعينه : ولكني لست مثله لا تقلقي سأدعو أن يأت من يخلصني منك ومن تحكمك .
اتسعت عيناها بصدمة مفتعلة : هكذا يا دكتور .
أومأ برأسه إيجاباً ليصدح صوتاً شبابي من خلفهما يهتف بمرح : وأنا سأؤمن على دعائك يا بابا ، فالأنسة الطبيبة تعمل ضابط أمن حراسات خاصة بعد الظهيرة وتعد علينا أنفاسنا ، غمز بعينه لأبيه وهو يكمل – نريد الخلاص منها لنعيش حياتنا أنا وأنت .
تعالت ضحكاتهما الرجولية لتقفز هي واقفة وتضع كفيها في خصرها : يا سلام يا مازن .
تعالت ضحكات مازن المرحة فتجبرها على الابتسام والسعادة تتغلغل إلى أوردتها بقوة وهي تنظر إليه بفخر يقترب منها ليشرف عليها من علو قبل أن ينحني فيحتضنها بإخوة ويحملها ويدور بها فتتعالى ضحكاتها تدفعه برقة أن ينزلها ليستجيب أخيراً بعد أن دارت رأسها ليقبل قمة رأسها ويهتف : اشتقت إليك يا أختاه.
رتبت على وجنتيه بحنو خالص : وأنا أيضاً يا حبيب أختك ، عبست لتنهره بحزم – ولكن هذا لا يمنع أني غاضبة منك ، أخبرتك أن تتوقف عن المبيت خارجا وخاصةً حينما أكون غير متواجدة يا مازن .
قبل كفها ليحنو عنقه : اعتذر لن اكرر الأمر ثانيةً المرة القادمة حينما لا تكونين متواجدة سأدعوهما عندي ، هل يناسبك هذا ؟!
أومأت برأسها موافقة لتدفعه بأمومة : هيا اجلس وتناول فطورك .
يراقبهما بحنو ودموعه تتجمع بحلقه يشعر بالاشتياق يلوع روحه في بعدها عنهم ، يتخيل الصورة كاملة لو كانت معهم الآن ، لم تكن لتفعل أقل مما تفعله جنى لأجلهما ولكن غيابها فارق معه ومع طفليهما ، كم يعاتب روحها سراً لأنها تركته وذهبت ، ضحت بحياتها لأجل أن تمنحه طفلاً آخر يحمل إسمه ولو سألته لكان أخبرها أن وجودها معه أحب إلى نفسه من أي طفل ، ولكن عزائه في بُعدها أن الطفل الذى اسمته قبل رحيلها ورث ملامحها و غدا رجلاً دون وجودها ولكن يحمل روحها بين طيات رجولته .
تنهد بقوة ليرفع رأسه عالياً ينظر إلى السماء الصافية فوقه ليهمهم داخلياً : اشتقت إليك يا لؤلؤتي .
***
همست له وهي تغلق من خلفه الباب الخلفي لفيلا عائلتها : لا تصدر صوتاً فبّابّا لم يغادر بعد .
زفر بقوة و أومأ برأسه متفهماً لتبتسم له بحنو : الإرهاق واضح عليك ، اذهب إلى غرفتك واستحم إلى أن آت لك ببعض من الطعام لتتناوله قبل أن تخلد إلى النوم .
ابتسم بحنو : لست جائعاً يا بيبة ، فقط أريد النوم .
ردت بجدية : لا لن تنم قبل أن تتناول الطعام ، أنت منذ يومين خارج البيت يا سولي ، لم تنل قسطاً من الراحة وفير ولم تتناول الطعام أيضاً ، أنا متأكدة من ذلك .
قبل رأسها : لا حرمني الله منك ، ابتسمت بمشاكسة - ولا منك يا أخي الحبيب ، ولكن لتعرف أنا لا أفعل ذلك حباً فيك ، فقط أقدم لك رشوة كي تقص لي ماذا فعلت في اليومين الماضيين ؟!!
كادت ضحكته أن تنفلت لتشير إليه بعينيها وسبابتها تعانق شفتيها : اخفض صوتك فأبي يعلم أنك نائماً بغرفتك بعد أن أتيت البارحة متأخراً كالعادة .
تنهد بإرهاق وهو يتحرك بجوارها يتلمسان خطواتهما بخفة قبل أن يلوي شفتيه بسخرية حينما أغلق باب غرفته عليهما : وأبيك ما الذي يؤخره إلى الآن لم يذهب إلى العمل بالمجموعة العظيمة التي لا نملك منها إلا أقل من الربع .
نظرت إليه قليلاً لتجيبه ببساطة : سيذهب بعد قليل إن شاء الله .
جعد ملامحه برفض قبل أن يشيح بعينيه بعيداً وهو يستلقي فوق فراشه بعد أن خلع سترته و ألقاها بإهمال فوق الأريكة المريحة بغرفته لتسأله : هل أنت غاضب من مشاركة بّابّا ل آل الجمال يا سولي، لذا رفضت العمل معه بالمجموعة .
عبس بتفكير قبل أن ينهض جالساً ليجيبها بجدية : لا ، ليس هذا سبب رفضي للعمل معه ، نظرت له بتساؤل فيبتسم بمرح - ألم نتحدث من قبل في هذا الامر ؟!
جلست تواجهه :نعم تحدثنا وتفهمت وجهة نظرك واستوعبت أحلامك وأدركتها ، بل أنا ادعمك دون أن تطلب مني .
احتضن كفيها براحتيه : وأنا اقدر دعمك لي يا حبيبة الجميلة .
اتسعت ابتسامتها قبل أن تسأله بهدوء : ولكن أشعر أن هناك ما تخفيه يا سليم ولا تخبرني به ، أنا شقيقتك الغالية تخبئ عني في طيات روحك ما يؤذيك فلا تبوح به .
ربت على وجنتها بحنو ليجيب بصوت أبح : حينما أقو على البوح سأفعل ولكن لتعلمي أن سبب رفضي الوحيد للعمل مع أبيك هو أن هذا العمل لا يناسبني على الإطلاق .
أومأت برأسها في تفهم ليطرق طرف ذقنها بخفة : ثم توقفي عن أساليب المحامين هذه معي ، هل تحققين معي يا فتاة ؟!
ضحكت بمرح : والله أبداً ، فقط لا أحب أن أشعر أن هناك ما يضايقك فلا تخبرني عنه .
أحاط وجهها براحتيه ليقبل جبينها : أنا بخير يا حبيبة أخيك لا تقلقي . هزت رأسها بتفهم ليتابع هو بمكر – أنا لا أخفي عنك شيئاً بينما أنت تخفين الكثير وأنا لن أسأل وحينما تريدين الحديث معي ستجدينني حاضراً .
توردت لتسأله بهمهمة بحة : أنا لا أخفي عنك شيء .
رفع حاجبه وعيناه تنطق بعدم تصديقها فتلعثمت : لماذا تنظر إلي هكذا؟!
حرك كتفيه بمعنى لا أعلم قبل أن يسألها بجدية : سأسأل نفس سؤالك يا حبيبة ، وخاصةً أن أسباب رفضك للعمل مع أبي بالمؤسسة غير مُعلنة ، هل هناك سبباً لرفضك ؟!
أجابت على الفور : لا سوى أن المؤسسة لا تحتاجني في وجود السيد عمر في حين أن شركة الانتاج والتوزيع كانت تحتاج إلى مستشار قانوني لذا ذهبت إلى المكان الذي يحتاج تخصصي .
برقت عيناه بوميض ماكر قبل أن يخفض عينيه مؤثراً الصمت فتنهض واقفة وهي تتابع بحشرجة : هيا بدل ملابسك حتى آت لك بالطعام .
أومأ براسه موافقاً ليتابعها بعينيه قبل أن يبتسم ساخراً وهو يتمتم بخفوت : من الواضح أن أسبابنا واحدة يا شقيقتي الغالية .
***
يخطو بخيلاء كما اعتاد طوال عمره ، ولكن خطوته اصبحت بطيئة لسنه المتقدم والذي لا يَعترف به ، ولكن له احكامه كما يقولون .
ابتسم بمكر وعيناه تقع عليها تجلس بشرفة القصر أمام مائدة الافطار كعادتهما منذ سنوات وبعد أن استلمت إدارة القصر وشئون العائلة كزوجة له ، فتقم بمهمتها على أكمل وجه وبسلاسة ادهشته و جعلته فخوراً بها ، ابتسمت باتساع حينما اقترب منها ليجلس بجوارها ثم يميل عليها يقبل طرف وجنتها : صباح الخير يا هانم .
لفت رأسها بخفة لتقبل طرف ثغره بشقاوة وهي تشاكسه بملامحها : صباح الخير على عيون سعادتك .
سحب نفساً عميقاً ومشاكستها تنتقل إليه فيغمغم بوقاحة تقصدها : مزاجك رائق صباحاً، هل هذا الفضل يعود لليلتنا الماضية ، أم هناك شيء آخر ؟!
تعالت ضحكاتها قبل أن تجيبه : ألا يوجد حداً لوقاحة سعادتك ؟!
ابتسم بخفة وآثر الصمت قليلاً قبل أن يحدثها بجدية : لم تجيبِ سؤالي ؟!
عضت شفتها بمشاكسة : ولن أجيب ، ارتشف بعض من قهوته – لا يهم فأنا أعلم الإجابة جيداً .
اقتربت منه برأسها وتنظر إليه بحب : يا لها من ثقة .
احتضن كفها براحته قبل أن يرفعه إلى شفتيه مقبلاً : تزداد وأنت بجواري ومعي يا حوريتي .
تنهدت بقوة لتهمهم بصوت أبح : هيا تناول فطورك .
ابتسم وهي تقرب منه طعامه الذي يفضل قبل أن يسألها بحاجبين معقودين حينما نظر الى ساعة معصمه : أين ولدك ؟! ألن يذهب إلى مدرسته اليوم أيضاً ؟!
ابتسمت بتوتر قبل أن تنظر إلى ساعتها : لا سيذهب لقد ايقظته ومن المؤكد سيأت الآن ليتناول الفطور معنا .
رمقها بطرف عينه قبل أن ينادي العاملة الواقفة قريباً من طاولتهم ليؤمرها بجدية : اذهبي إلى أدهم بك واخبريه أني انتظره .
أنفاسها باتت ثقيلة من وطأة توترها لتزفر براحة التقطها بسهولة وهو يبتسم ساخراً حينما صدح صوت ولده عالياً يصيح بمرح : لقد أتى أدهم بك يا سيادة الوزير قبل أن تطلبه ، ابتسمت فاطمة بحنو وهو ينحني عليها يقبل وجنتها قبل أن ينهض واقفاً ويهتف لأبيه : أرأيت كيف أشعر بم تريد وانفذه يا أبي دون أن تطلب ؟!
رمقه وائل من بين رموشه ليبتسم ساخراً، حينما أكمل أدهم بمشاغبة : أحلام سيادتك وأمانيك أوامر .
انفلتت ابتسامته رغم عنه خاصةً حينما اقترب أدهم منه منحنياً ليقبل كتفه القريب فيربت على رأسه بحنان قبل أن يهتف : هل انهيت وصلة النفاق ؟!
ضحك أدهم بمرح : نبغى ارضائك يا سيدي .
أشار له برأسه : اجلس وتناول فطورك قبل أن نذهب .
أطاعه أدهم على الفور وهو يهتف : انا جائع بالفعل
__ حسناً هيا حتى نذهب ولا نتأخر ، توقف أدهم عن مضغ الطعام ليسأله بعدم فهم - نذهب إلى أين ؟!
زفر وائل بقوة : سأوصلك إلى المدرسة بطريقي ، فسيارة العائلة ذهب بها السائق إلى الصيانة .
هم بالرد لتشير إليه فاطمة بعينيها فيؤثر الصمت ويتناول فطوره بسرعة فتهتف فاطمة : توقف عن إلقاء الطعام بفمك وكأنك تلقيه بسلة المهملات تناول طعامك بطريقة أفضل من هذه الطريقة المقرفة حتى لا تغص به.
ابتسم ساخراً ليفرد منديل المائدة ويمسح بها فمه في حركات بطيئة راقية ليسألها ساخراً : هل هذه الطريقة الأفضل يا طمطم ؟!
همت بنهره ليصدح صوت أبيه عاليا : تأدب يا ولد ولا تناديها هكذا ثانية .
ابتسمت رغم عنها حينما لوى أدهم شفتيه بنزق وهم بالحديث لكنه توقف والدهشة تعتلي ملامحه حينما طلت من الداخل وهي تلقي بتحية الصباح عليهم فيهتف : أووه نوران هانم مستيقظة في الصباح وترتدين ملابسك أيضاً ، لماذا هل أبلغوك ان القصر سيهدم فقررت تتأنقين من أجل هذه المناسبة ؟!
__ أدهم ، صاحت بها فاطمة في حين عبس وائل وهو يرمق ابنته بطرف عينه لينظر بدهشة الى تأنقها هو الآخر قبل أن يشيح بعينيه بعيداً فتعبس هي بضيق فتبتسم لها فاطمة وتهمس : اجلسي حبيبتي تناولي معنا الفطور .
جلست بالكرسي المجاور لكرسي أبيها وهي تهمس له بتحية الصباح فيجيب بإيماءة من رأسه قبل ان تجيب والدتها برقة : سأكتفي بالقهوة .
ناظرتها فاطمة بعتب لتؤثر الصمت فهي لا تريد أي انفجار يحدث من قِبِل وائل على طاولة الفطور التي اجتمعوا عليها بالصدفة دون تخطيط منها كالعادة لتكح نوران بخفة قبل أن تتحدث بهدوء : سأذهب لعمو وليد اليوم ، أتريدين شيئاً من الخالة ياسمين يا مامي ؟!
همت بالرد ليعلو صوت وائل سائلاً باهتمام : لماذا ستذهبين إلى عمك ؟!
ازدردت لعابها ببطء قبل أن تجيبه بهدوء : هو من طلب مني أن أذهب إليه ، ما فهمته أنه يريد كتابة بعض الاشياء و ترتيب أشياء أخرى بمكتبه وطلبني لأساعده ، تابعت بمرح عفوي – وديدو حينما يطلب لا أقو على التأخر .
ابتسم رغم عنه لتضوي عينيها برجاء خاص فيزفر بقوة قبل أن يهمس : سلمي عليه وعلى زوجة عمك .
أومأت برأسها إيجاباً قبل أن تتناول قطعة من الكرواسون تضعها بطبقها وتبدأ بتقطيعها قطع صغيرة لتؤكلها مع كوب قهوتها ، فيتبع أدهم سائلاً بسخرية لمعت بعينيه : لم ترسل السلام لإبن العم العزيز يا بابي ، هل نسيته لا قدر الله ؟!
عبست نوران بضيق لترمقه فاطمة بعتب ليجيب وائل بهدوء غير مهتماً بسخرية ولده : لأني سأراه اليوم بإذن الله ، فموعد مروري على المؤسسة اليوم .
ابتسم أدهم ساخراً ليكمل وائل بجدية آمرا : هيا انهي هذه السنة الدراسية التي تفصلك عن دخول الجامعة لتباشر عملك بالمؤسسة ، أريدك أن تُلم بتفاصيل الاعمال كلها وأنت بالجامعة لتتولى جزء من إدارة المؤسسة حينما تتخرج بإذن الله.
بهتت ملامح أدهم ليهمهم بصوت اجش : ولكني لا أريد دخول الهندسة حتى استطيع أن أتولى جزء من الأعمال .
رفع وائل نظره إليه قليلا قبل أن يهمهم : اختر ما تريد من الدراسة يا أدهم، و ثِق جيداً انك ستجد لك مكاناً في المؤسسة مهما كان اختيارك .
عم الصمت عليهم قبل أن ينهض وائل واقفاً : هيا بنا حتى لا نتأخر اكثر من ذلك .
نهض ادهم بدوره لتتبعهما فاطمة فيضمها وائل إلى صدره مقبلا رأسها ليهمهم بجانب أذنها وهي تسير برفقته إلى مكان سيارته الخاصة : سأمر عليك بعد الظهيرة لنزور أميرة .
نظرت إليه ملياً لتهمهم بدورها : اترك زيارتها للغد يا وائل ، فهي عادت البارحة فقط إلى بيتها بعد أن عاد زوجها من سفره .
عبس بضيق :لست متفرغاً في الغد ، أكمل آمراً قبل أن يدلف إلى سيارته – سنزورها اليوم .
نفخت بقوة لتهز رأسها بياس قبل أن تعدل من هندام ولدها وتقبل وجنته ، تهمهم إليه : احترس أبيك لم يدرك مبيتك خارج المنزل البارحة فأرجو أن لا تزل بلسانك أمامه لا نريد افتعال مشاجرة دون فائدة .
نظر إليها أدهم بغضب ليسألها : ألن تخبره عمتي يا ماما ؟!
هزت رأسها نافية : لا لن تفعل سأؤكد عليها .
هم بالصياح لتتسع عيناها إليه بتحذير صارم فيبتلع ثورته بداخله ويدلف إلى السيارة صافعاً الباب من خلفه فتتحرك السيارة مغادرة ، لتعود هي إلى ابنتها الجالسة تتناول قهوتها في صمت فتنظر إليها من بين رموشها و تسألها بجدية : ماذا يريد عمك يا نوران ، فأمر ترتيب الأشياء هذا غير منطقي ؟!
عضت نوران طرف شفتها قبل أن تعتدل جالسة وتهمس بعينين متقدتين حماساً : سأخبرك .
***
البنت الشلبية .. عيونها لعبية
حبك من قلبي يا قلبي .. انتي عينياااااه
حبك من قلبي يا قلبي .. انتي عينيااااااه
تحت القناطر .. محبوبي ناطر
كسر الخواطر يا ليلتي .. ما هان عليااااااه
اتسعت ابتسامتها وهي تسمع صوت فيروز يصدح في بهو بيتها فتهز رأسها برقة وهي تعلم جيداً ما يحدث خارجاً فعلى نغمات صوت فيروز النقي يَعد عمر الفطور يقلي بيضاً ويصنع قهوة ويجفف شرائح الخبز بالفرن الكهربائي فتفوح رائحتها ويكتمل مزاجه العالي بدندنته الصاخبة وغناؤه مع فيروزه التي يعشقها دون سبب مفهوم سوى زوج أخته الشامي الذي رسخ صوتها بداخله فأصبح يعشقها لأن تيم يعشق فيروز ويدير أغانيها دوما ، ابتسمت باتساع وهي تجد ما تخيلته صحيحا فها هو يقف بمنتصف المطبخ يغني بصخب مع الأغنية ويقلب عجة البيض التي يفضلها بينما هو يغني ينظر إليه تؤامه متأففا مزمجرا من صوت أخيه العال ، فتكتم هي ضحكتها وهي ترى التباين جلياً بينهما فعبد الرحمن هادئ الطباع .. غامض .. مستفز .. ماكر يشبه خالد كثيرا فلا يكشف عن دواخله أبداً ، بينما عمر مرح .. شقي .. مشاكس ومشاغب وحينما تنظر إلى عينيه تستطيع أن ترى مشاعره بوضوح ، مشاعره التي تنعكس على كل من حوله فحتى عبد الرحمن يستجيب لصخب أخيه بعض الأحيان. فعمر يفرض شخصيته بطريقة محببة و سلاسة تُدَرس، أما عبد الرحمن فيفرض سطوته بحضوره المهيب ونظراته الزجاجية العاكسة فغموضه يضفي عليه هالة تجبر من يراه على احترامه وتبجيله
والاثنان سويا يملئان عليها حياتها بعد زواج تؤاميها الكبار فهنا أصبحت لديها أسرتها الصغيرة التي تشغل كل وقتها واحمد لديه بيته وعمله المنهمك به ، يزورانها باستمرار لكن التؤامين الصغار لا يشعرانها بفراغ لا تعلم ماذا ستفعل حينما يتزوجان، ابتسمت بمكر وهي تتذكر تبرم خالد من عدم مطالبتها لهما بالزواج فيسخر منها بمكر وهو يتهمها بأنها تحبسهما بجوارها حتى يظلا يدللاها كما يفعلا فتجيبه هي بمشاكسة أن من يرفض الدلال لا يستحق العيش .
أعلنت أخيراً عن وجودها فيقفزا الاثنين يحاوطنها .. يضمها عبد الرحمن بحنو يسأل عنها بإهتمام يطمئن على صحتها ويقبل رأسها بينما عمر ينتظر إلى أن ينتهي أخيه فيضمها من خصرها ويحملها رغم عنها ليدور بها دورة كاملة وهو يهتف بصخب : كيف حالك يا نولا اشتقتك يا حبيبتي ثم ينهال على وجنتيها تقبيلا إلى أن يزجره إحدى الاثنين الآخرين فهو لا يتوقف إلا حينما يدفعه عبد الرحمن بعيدا عنها أو يزجره خالد بخشونة
ضحكت برقة حينما سحبه عبد الرحمن من قفا قميصه القطني بعيداً عنها وهو يزمجر بغضب : توقف يا أخي ، في إحدى المرات ستؤذيها
رقص عمر حاجبيه وهو يضمها إليه مرة أخرى قبل أن يجلسها بكرسيها ويقبل رأسها : أنت تغار يا أخي لذا تبعدني عنها .
قلب عبد الرحمن عينيه بملل ليهمهم بمزاح : تافه.
فيجيب عمر بمزاح مماثل : بارد .
يهتف عبد الرحمن قاصداً اغاظته : لا افهم كيف تُدَرِس بالجامعة وأنت بشخصيتك المائعة هذه .
فيبتسم عمر بثقة : تركنا لك الثقل يا أبو دم ثقيل .
تحكمت في ضحكتها لتهتف بصراحة مفتعلة : توقفا من فضلكما وانضجا قليلاً.
صاحا سويا : هو من بدأ
ضجت ضحكتها وهي تنظر إليهما بعشق امومي ولوم : مهما كبرتما ستظلان صغيري .
ابتسما وخفضا نظريهما ليصدح صوته من خلفها : كل منهما بعرض وطول الباب وتلقبينهما بالصغيرين ألا يوجد حد لهذا الدلال الزائد ؟!
انتفضا الولدان واقفان ليمنحا أبيهما تحية الصباح قبل أن يتجه نحوها يكتنف كتفيها بكفيه يقبل قمة رأسها وينحني مقبلاً وجنتها ثم يخطف قبلة سريعة من خلف اذنها مستغلاً انشغال الولدين وهو يهمس لها : صباح الخير
اشاح عبد الرحمن بعينيه في حين ابتسم عمر بمكر وهو يخفض نظره بعيداً ليشير إليهما خالد أخيراً بالجلوس بعدما جلس هو بالكرسي المقابل لكرسيها في الطاولة الدائرية فتهمهم برضا : صباح النور .
ابتسم بعشق لها وهي تصب له الشاي في فنجانه الخزفي وتتبعه بقليل من اللبن قبل أن تقلبه برقة فتناوله اياه : عادتك الانجليزية المفضلة يا خواجة.
لمعت عيناه بوميض ماكر ليجيب ساخراً : نعم هي عادة انجليزية المصريين يفعلونها أكثر من الانجليز نفسهم .
تمتم عبد الرحمن وهو يمضغ طعامه : لا يهم يا أبي من اخترعها ما يهم أننا سواء كنا مصريين أم أجانب فهي تلازمنا بكل جوانبها البغيضة .
عم الصمت وعينا منال تتسع بصدمة ، توقف عمر عن المضغ وهو يقبض كفيه مراقباً لملامح أبيه الجامدة وميض عيناه الذي اختفى ، نظرته الدافئة التي استحالت إلى جليدية وفمه الذي تشدد وهو يرمق ولده بثبات فيتبع عبد الرحمن بهدوء وهو يماثل أبيه برودا : فالشاي بلبن من اسوأ العادات التي قد تفعلها في حياتك فهو ليس مفيداً ، اللبن يَفسّد بمزجه مع الشاي والشاي يفقد مذاقه بوضع اللبن عليه والاثنان سوياً عادة صحية سيئة ، أكمل وهو يكمل تناول طعامه بهدوء – من رأيي أن هذا مثال حي ينبهنا لمساوئ اجتماع النقضين ، كالأبيض والأسود .. الشرق والغرب .. المصري والانجليزي .
ابتسم خالد ببرود وهو يرتشف بعض من فنجانه ليهتف بهدوء : بعض العادات السيئة تلازمنا طوال حياتنا لا نفكر بمساوئها على قدر ما نسعد بوجودها جوارنا ، الفكرة في الرضا يا بني ، اجتماع النقيضين ليس سيئاً بل اكثر من رائع، أنت فقط من لا تفهم .
ابتسم عبد الرحمن بسخرية فاصبح الأكثر الشبه به ليرفع عينيه لأبيه : لا أريد الفهم ، فأنا مدرك الأمر دون فهمه ، ومن رأيي أراه سيئا ، هز رأسه بعدم معرفة – عامة اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية يا أبي.
تابع خالد احتساء الشاي ليكح عمر بهدوء : هل ستحضر اجتماع اليوم يا أبي ؟!
أومأ خالد رأسه : نعم زوج خالتك أكد علي الحضور دون أن افهم السبب .
مط عمر شفتيه ليجيب بفطنة : اعتقد أنه خائف أن يلغي عاصم الامر برمته ، فعاصم أصبح على المحك وخاصةً وهو يشعر بأنهم يراوغونه ويريدون استغلاله .
ابتسم بمرح : وأنت أدرى بعاصم حينما يشعر بأن احدهم يريد استغلاله أو أخذ اكثر من حقه .
هز خالد رأسه بتفهم ليتمتم : معه حق ، إنه رجل أعمال بارع بجانب أنه مهندس شاطر .
مضغ عمر الطعام وعيناه تومض بتفكير ليهمهم : لكن احمد سيكون متواجداً يا دادي لماذا أنت ذاهب إذاً ؟! اتبع بتفكير – فأحمد يعمل كصمام أمان ممتاز أمام غضب عاصم حينما يغضب .
عبس خالد لتسأل منال بحنق: هل سيذهب أحمد اليوم وهو من عاد البارحة فجراً ؟!
رمقه خالد بجانب عينه وخاصةً حينما نهضت والدته تبحث عن هاتفها وهي تبرطم بكلمات عديدة لم يفقهوا معناها ليتمتم عبد الرحمن من بين أسنانه : اصلح ما أفسدته يا تؤامي المرح .
كتم خالد ضحكته وهو يراقب تعابير عمر الذي نهض يتبع أمه يحيطها بذراعيه قبل أن يسحب هاتفها فتنظر إليه بحدة ليبتسم باتساع : ماذا تفعلين يا منالي ؟!
زمت شفتيها بحنق : هات الهاتف لأتصل بأخيك أخبره ألا يذهب للعمل ويكفي أن أبيك ذاهباً بدلاً منه ؟!
باعد الهاتف عن مرمى يديها ليهتف بمرح : ستوقظينه يا نولا ، اتركيه نائماً قليلاً ، ليتبع وهو يغمر لها بعينه : أو يتلقى الدلال على يدين ابنة الوزير.
احنى رأسه لها وهمهم : أيا كان ما يفعله الآن فاتصالك غير جيد لصالحه .
اعتلى التفكير ملامحها : لا أريده أن يذهب للعمل ولتهدم المؤسسة فوق رؤوسكم جميعا بم فيكم سيادة الوزير .
التفت إليها خالد بصدمة ليبتلع عبد الرحمن ضحكته وهو ينظر إلى أبيه الذي هز رأسه بضيق قبل أن يهتف : كل هذا لأجل ولدك .
التفتت إليه بحنق : نعم ، سأدافع عنه منذ اليوم يا خالد ، إذا كنت لا تريد الوقوف في وجه وائل وتعنته معه سأقف أنا وليحدث ما يحدث .
رفع خالد عينيه بنظرة عتاب قوية لعمر الذي ابتلع ضحكته وهتف بجدية : ما دخل زوج خالتي بالأمر الآن يا ماما ، أحمد سيأتي إلى الإجتماع لأنه مدير الصفقة ليس إلا ، تابع حينما رمقته بغضب – ومن الممكن ألا يحضر ، فقط اتركيه الآن نائماً وأنا سأهاتفه واخبره أن لا يأت – إذا أراد- لأن أبي سيكون حاضراً .
كتفت ساعديها امام صدرها قبل أن تهز رأسها بالإيجاب فيدفعها عمر بخفة وهو يسير بجوارها : هيا يا حبيبتي تناولي فطورك الذي اعددته بنفسي لأجلك .
قبل وجنتها ليجاورها جالساً بعد أن قرب كرسيه منها ليباشر اطعامها بيديه وهو يضع رأسه فوق كتفها فيصدر عبد الرحمن صوتاً ويشير برأسه على عبوس أبيهما وغيرته الواضحة فيحرك عمر رأسه بيأس قبل ان ينتفض واقفا : الحمد لله ، لقد شبعت سأذهب أنا ، أشار لأخيه – هل سترافقني ام لا ؟!!
نهض عبد الرحمن بدوره : بل سآت معك ، توجد بعض المعاملات الخاصة بطلبية الاجهزة الطبية الجديدة لا أفهمها ، أريد مباحثتها مع العم بلال .
التفت إلى والديه : اراكما مساءً بإذن الله .
قبل عمر رأس والدته ليمأ برأسه إلى أبيه : أراك بالمؤسسة يا دادي .
هتفت منال حينما هما بالانصراف : سأذهب لأخيكما اليوم من يريد أن يتناول طعام الغذاء معنا فليأتي إلينا هناك .
عبس عبد الرحمن بعدم رضا ليهمهم عمر بتسلية : لقد عاد اليوم يا ماما ، لتذهبي إليه غداً ، واتركيه بمفرده مع الأميرة اليوم فقط .
كتم عبد الرحمن ضحكته حينما ابتسم خالد رغم عنه لتهتف منال بحنق : ماذا تقصد يا ولد ؟!
ضحك عمر بخفه وهو يرفع كفيه : لا أقصد شيئاً ، سأتناول الغذاء في العمل ، اراكما على خير .
ادارت رأسها لخالد فيزداد عبوسها بينما رأت ابتسامته : لماذا تبتسم هكذا ؟!
قهقه ضاحكاً ليسألها بمكر : هل حقا تسألين عن مقصد عمر يا منال ، ألا تعرفين ماذا يقصد ؟!
احتقن وجهها لترفع رأسها بشموخ : لا ، لأني لا أرى في زيارتي لابني اليوم أية مشكلة ؟!
تنهد خالد بقوة : أنت مستاءة من غيرة وائل على ابنته وتعنته مع ابنك ، وأنت تماثلين وائل غيره على أحمد .
ردت بسرعة : لكني لا اتعنت مع أميرة .
رمقها من بين رموشه باستفزاز لتتابع – حقا يا خالد أنا لم اضايق أميرة بكلمة منذ زواجهما ، حتى أمر الانجاب لم اسألهما يوماً عنه .
رد بجدية : لا تفعلين خوفاً من رد فعل ولدك يا منال ليس إلا ، أما عن مضايقتك لأميرة فالمضايقة ليست بالكلام فقط ، هناك أفعال تثير الضيق أكثر من الكلمات بكثير .
همت بالرد فقاطعها بإشارة من يده : فكري جيداً وإذا صممت على زيارة ولدك اليوم أخبريني سأمر عليك ونذهب سوياً .
نهض واقفا لينحني مقبلاً رأسها فتشيح بوجهها بعيداً ليبتسم بحنو ويربت على كتفها بتفهم قبل أن يتحرك للأعلى من جديد ليبدل ملابسه ويلحق بولديه .
اطبقت فكيها بحنق تملكها قبل أن ترفع رأسها بإصرار والكبر يعتلي هامتها لتبتسم بعصبية تتناول هاتفها الذي وضعه عمر بجانبها وتداعبه لتهتف بلباقة : صباح الخير يا أميرة ، كيف أصبحت يا حبيبتي ؟!
استمعت لترحيب ابنة شقيقتها لتتبادل معها بعض اطراف الحديث قبل ان تهتف بها : حمد لله على سلامة رجوع أحمد يا حبيبتي ، اتسعت ابتسامتها وهي تستمع إلى رد زوجة ابنها اللبق لتخبرها بإقرار واقع : سناتي أنا وعمك خالد لتناول الغذاء معكما اليوم بإذن الله ، أتمنى أن لا نزعجكما بوجودنا .
ابتسمت براحة تخللت حواسها وهي تسمع رد أميرة المرحب بهما واحتفائها بوجودهما ومدى سعادتهما بزيارتها هي وحميها .
اغلقت الهاتف بعد قليل لتتمتم بحنق : الفتاة مرحبة، خالد من يريد لومي فقط . تأففت بضيق قبل أن تنهض تنادي العاملة لتعد لها بعض القهوة .
***







التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 13-08-20 الساعة 09:25 PM
سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 06:18 PM   #29

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي



تحرك بخطوات مسايرة لخطوات عمه الذي يلقي بتعليماته إليه ، يناقشه بهدوء ويحاوره بتروي ثم يبتسم بإعجاب لإحدى ردوده ويهز رأسه بالموافقة وهو يهتف له بأنه أحسن التفكير وأجاد التصرف فيبتسم هو بلباقة ويهمهم : لقد تربيت على أحد أعظم مهندسين المحروسة يا عمي .
ضحك وائل باعتداد : إنك مخادع يا ولد ، فأنت تفوقت على الجميع .
تنهد بقوة ليتابع : أنا أعشق النقاش معك ، أشعر بالصخب في عقلي كلما حاورتك ،ابتسم بزهو ليتقرب من عمه بحنو - بارك الله لنا في صحتك .
نظر له وائل قليلاً ليهم بسؤاله عن شيء وهما يتوقفان أمام المصعد ولكنه سكت حينما التقط قدوم الآخران من الجانب الآخر للمبنى ، يخطو الآخر بجوار عمه وأبيه الروحي فيشكلان ثنائي مميزا حتى في تشابهما الشكلي من يراهما لا يصدق أبداً أن من يجاور خالد ليس بولده ، سحب نفساً عميقاً وهو يرمق عاصم بطرف عينه ويهمس لنفسه أن من يرى عاصم أيضاً لا يصدق أنه ليس بولده ، رغم أنه لا يشبهه شكلياً مثلما أحمد يشبه خالد ولكن روح عاصم الأبية و العنجهية الفطرية كما تقول فاطمة ، تقاربه عن أخيه ، انتبه لتحية خالد الرخيمة فصافحه و رحب به بلباقة ليرمق أحمد قليلاً قبل أن يسأله بجدية وهو ينظر إلى ساعة معصمه الفضية : هل ستغادر الآن ؟!
هم أحمد بالإيجاب ليصدح صوت خالد بهدوئه المعتاد ونبرته الماكرة : لا ، أنا من سيغادر ، لم اعد أقوى على البقاء كثيراً كما تعرف.
ضحك وائل بمودة : أصبحت عجوزاً يا خواجة .
ابتسم خالد بمكر : ليس مثلك يا باشمهندس .
اسبل وائل جفنيه وملامحه تتشكل بصبيانية بعيدة تماما عن سنوات عمره الكثيرة فيهمس قاصداً مشاغبة خالد : الشباب شباب القلب وأنا قلبي عامراً بحب الحورية .
أطبق خالد فكيه ليهمهم بالقرب منه قاصداً ألا يستمع إليهما الآخران : لولا وجودهما لأجبتك بم يليق .
جلجلت ضحكة وائل بقوة فيتبادل الآخران النظرات وهما يكتمان ضحكاتهما بشق الانفس ليدفعه خالد بلطف : هيا بنا ، هل ستأت يا عاصم ؟!
أجاب وائل وهو يدلف الى المصعد : لا عاصم سيبق فهو من يدير الأمور الآن وأنت تعلم .
هتف خالد بزهو : هو وأحمد يشكلان ثنائي مميزاً .
التفت لهما قبل أن يدلف إلى المصعد : نراكما على خير .
اشارا الاثنين لهما بالتحية لينظرا الى بعضهما قبل أن يسأل أحمد بهدوء : عندي أم عندك ؟!
كح عاصم بخفوت : بل عندك .
تلاعبت ابتسامة احمد بشفتيه قبل أن يسأله بمكر : أنت تهرب منها اليس كذلك ، تقي نفسك من فتنة مساعدتك الحسناء ؟!
اجابه عاصم ببرود : إذاً أنت تراها حسناء ، لا ضير أن أخبر ميرا برأيك فيها .
زفر احمد بقوة : متى ستتزوج لترحمني من ثقل ظلك هذا ، وتتوقف عن حشر أميرة في منتصف حديثنا .
لوى عاصم شفتيه بضيق : ما دخل زواجي بك وبأميرتك ؟!
التفت عاصم إليه بإدراك قبل أن يستقر على إحدى الكرسيين المواجهين لمكتب أحمد : هل هي من طلبت منك أن تتحدث معي في أمر زواجي هذه المرة ؟!
ابتسم احمد برزانة : لا وأنت تعلم أنها لا تتحدث معك ولا تطلب من أحدا أن يحدثك ، فهي تعلم كل ما تخبئه أنت جيداً عن أعين الجميع .
اختلج صدغ عاصم ليظهر عدم اهتمام ليتابع احمد بمكر : أنت مكشوف بشكل مخزي يا ابن الجمال فلا تكابر .
اكتست ملامحه بجدية أجبر عليها : لا أرى ضرر في تأخر زواجي إلى الآن ، أنت نفسك تزوجت بعد الثلاثون ولم يحدث لك شيء .
ابتسم أحمد بخفة : لا تقارن بيننا يا عاصم ، فأنا انتظرت للثلاثون لأني كنت مجبراً على انتظار أميرة ، لم يكن عمك ليسمح لي بان أتزوج منها وهي لم تتم العشرون ، وأنت الأدري بعمك جيدا ، تابع وهو ينظر إلى عمق عيني عاصم - أما أنت فتضيع عمرك هباءَ .
اقترب من مكتبه بجسده ليهمس له : من الغباء أن تقضي أيامك تعيساً والسعادة أمامك فتترفع أنت عن الفوز بها .
ازدرد عاصم لعابه ببطء : لست مترفعاً ، بل أنا زاهداً يا أحمد .
رمقه أحمد بنظره خاصة ليهتف بمكر : أنت كاذب يا ابن الجمال ، فأنت تتوق بكل جوارحك لما تظن نفسك زاهداً فيه .
زم عاصم شفتيه بضيق سرعان ما انقلب إلى غضب حينما دق الباب ودلفت هي إليهما دون أن يسمح لها أي منهما بالدخول ، تتهادى بخطوات استعراضية وابتسامه مغوية : عاصم بك ، كنت أبحث عنك .
تمتم عاصم بالاستغفار لتتسع ابتسامة أحمد وهو ينظر له بطرف عينه : يا مرحباً بالحسناء حسناء ، أية رياح طيبة القت بك علينا .
رفت برموشها في نظرة تذيب الحجر : أتيت أبحث عن الباشمهندس عاصم.
تمتم أحمد بمرح : هنيئاً للباشمهندس حينما تبحث عنه الحسناء .
ضحكت برقة لينتفض عاصم بحدة : ماذا تريدين يا حسناء ، أعتقد أنه أمر هام ما دفعك للبحث عني وهذا الأمر الهام لا ينتظر إلى أن تنتهي من المرح مع أحمد بك .
توترت وقفتها لتتلعثم وهي تخفض رأسها حرجاً : المعذرة يا باشمهندس ، ولكن هناك أمرا يريدك به عمر بك وينتظرك في مكتبك لأجله .
عبس بعدم فهم : ولماذا لم يأت عمر بدلاً منك ليناقشني في الأمر الهام الذي يريدني به .
كحت بحرج لتجيب : أنا أخبرته أن ينتظر إلى أن أبحث عنك.
__ حسناً اذهبي وسآت على الفور .
همت بالاعتراض ليهتف بحدة تملكت منه : اذهبي يا آنسة واخبري عمر أني سأمر عليه بمكتبه .
تمتمت بإذعان وهي تغادر المكتب بخطوات مهرولة .. مضطربة .. محرجة ، ليصدح صوت احمد بمزاح ساخر : تؤ .. تؤ ، ما بالك يا رجل ، احرجتها دون وجه حق ، أنت قاسي القلب يا عاصم ، لا تقدر وجود الحسناوات من حولك .
التفت إليه عاصم يرمقه بحدة ليبتسم عن تكشيرة زينت ملامحه : تركت لك التقدير يا رقيق القلب ، وصدقني هذه المرة سأخبر أميرة .
انتفض أحمد واقفاً ليهتف بجدية : لا مزاح في هذا الأمر يا عاصم .
رفع عاصم حاجبيه بدهشة مفتعلة : من قال أني أمزح ، سأخبرها جدياً هذه المرة .
__ عاصم ، هتفها أحمد بنزق ليشير إليه عاصم بيده في لا مبالاة : أراك قريباً يا رقيق القلب ، أبلغ سلامي لميرا .
ابتسم أحمد وهو يعاود الجلوس من جديد يسترخي بجسده في كرسيه الوثير ، ينظر إلى صورتها ذات الإطار الخشبي الفخم والتي تزين طرف مكتبه ، تطل برقتها وابتسامتها الهادئة المعهودة التي تنير بها دربه ليبتسم بشغف ثم يهمهم بشوق : أميرتي
ضغط سماعة دقيقة وضعها بأذنه فيأتيه صوتها مجيب ومرحباً كعادتها فيهمس بصدق : اشتقت اليك .
***
ابتسمت وموسيقى الأغنية تنساب لأذنيها فتذكرها بأيام جميلة مضت حينما كان يغازلها بتلك الأغنية تحديداً ، تنهدت بقوة حينما أتاها صوته : تحبين هذا البرنامج الإذاعي
ابتسمت برقة : أنه يبث أغاني قديمة تعيديني لأيامنا سوياً.
عبس بتعجب وهمهم وهو يقترب منها : ما بالك تقولينها و كأن أيامنا انتهت؟!
همت بالرد قبل أن تشهق بمفاجأة حينما حاوط خصرها براحتيه ليجذب ظهرها إليه فيلصقه بصدره يضمها بحنو ويركن ذقنه فوق كتفها متمتماً بلهجته الشامية وهو يقبل عنقها بقبلات رقيقة متتالية : واسمحوا .. إذا بتسمحوا
واستحوا ما بقى تجرحوا .. لو زعل أنا بصالحه بالقلب ساير مطرحه
ضحكت برقة حينما أدراها لتواجهه ، تهمهم وهي تتفادى قبلاته التي تستهدف شفتيها : توقف حتى لا يدخل إبنك أو ابنتك ويقبضوا علينا متلبسين بالجرم المشهود .
جلجلت ضحكته قبل أن يهتف بمرح : بم أنها وصلت للجرم المشهود سأقبلك عنوةً وليفعلا ما يريدا ، يصطفلوا .
تعالت ضحكاتها التي بترت على قبلته التي اعتقلت شفتيها لثواني قبل أن يتركها برقة يحتضن وجهها براحتيه ، يلامس وجنتيها بإبهاميه وهو يدير عينيه عليها : العمر يمض معك لا أشعر به .
توردت وهي تتعلق برقبته تضم جسدها إليه وتهمهم : من يصدق أن سهيلة ستتم الخمسة عشر عاماً ، رفعت نظرها إليه – كلما نظرت إليك تذكرت ذاك الشاب الشامي الذي يصبح بي بغضب لأني صرخت على شقيقي الصغير .
ضحك : لقد ارتعبت حينها وأنت تصحين بعمر يا هنا ويا ليتك سكت حينما صحت بك أن تتوقفي عن الصراخ بل صحت بوجهي ثم اغرقتني بالماء انتقاماً .
عبست بغضب مفتعل : لقد أخذت جانب عمر يا تيم .
اجاب سريعاً : لأنك كنت حمقاء كلياً الولد كان يلعب ولا يوجد خوف عليه ولكنك ارتعبت أن يقع بحوض السباحة وازدت الامر حماقة حينما دفعتيه عنوة لأنه لا يستمع إليك.
اتسعت عيناها ورددت بصدمة : أنا حمقاء .
أجفل قليلاً قبل أن يجيب بسرعة بديهة : حينها يا حبيبتي ، ظننت ذلك حينها ، ضيقت عينيها فاتبع بحنو- قبل أن اكتشف أي قلب رقيق تملكين وأي حنان أمومي يعتمر بداخل روحك الشقية .
ابتسمت لتهمس : وأنا الأخرى اكتشفت كم أنت شاب مشاكس .. جريء .. صاخب ، ومجامل حينما شربت القهوة دون سكر لأجل ألا تكسر بخاطري .
انفجر ضاحكاً فتأملته بحب سكن حدقتيها ليغمز لها بعينه : بل كانت قهوة بالملح يا حبيبتي ، لوت شفتيها فأكمل – لم أرد أن اكسر بخاطرك وخاصةً حينما اخبرتني موني أن هذه أول مرة تصنعين بها القهوة .
جذبها إليه ليلصقها أكثر بجسده : تخيلت يومها أني اتقدم لطلب يدك وأنت تختبرينني على الطريقة التركية ، فلم امانع من شرب الفنجان كاملاً .
تنهدت برقة : لتخبرني وأنت تنصرف أن القهوة بالملح من يدي أجمل من أجمل قهوة بالسكر شربتها بحياتك كلها .
همهم بأنفاس ساخنه وهو يلامس ثغرها بطرف ابهامه : وإلى الآن إنها لأجمل ما تذوقت بحياتي .
عضت شفتها برقة فيميل ليقبل موضع عضتها لشفتها قبل أن تنتفض بمفاجأة وهي تنظر لولدها الذي وقف ينظر لهما باستياء قبل أن يهتف بضجر : ألن تتوقفا ، أصبحت طولك يا ماما وأنتما تتغازلان بالمطبخ دون اعتبار لوجودي .
كتمت ضحكتها في صدره ليصيح هو بخشونة مفتعله : أخرج يا ولد ولا تعد .
لوى إبنه شفتيه وهو يهتف ساخراً : سأفعل بابا ، اتبع وهو يتحرك بالفعل – لذا كانت سهيلة تعدو في البيت بوجه محمر خجلاً .
توقف ليتابع : لا ريب أنها رأتكما ، رقص حاجبيه بتسلية – أرني كيف ستصرخ عليها يا أبي ، كما تفعل معي .
التف تيم إليه بنصف جسده : لن أفعل بل سأذهب اليها واراضيها ، أما أنت إذا أمسكت بك سأعلقك من قفاك بالشجرة التي في منتصف حديقة المنزل .
ضربته هنا على صدره بخفة لتنظر إليه بعتب قبل أن تهتف : اذهب يا خالد وأبدل ملابسك ريثما أضع الطعام على الطاولة يا حبيبي .
رفع تيم حاجبه باعتراض لتكمل بصوت منخفض بعد أن ابتعد ابنها وتملصت هي من احتضانه لها : سمي جده لن يجرؤ أحدهم على ملامسته حتى أنت ، دفعته بدلال في صدره – هيا اذهب واطمئن على مدللتك وخفف أثر صدمتها قليلاً .
ابتسم بزهو : مدللة أبيها وجدها لن تكون مصدومة بل هي رقيقة المشاعر ومرهفة الحس تركت أبيها يفعل ما يحلو له ، ليس مثل ابنك الجلف لديه هواية مقاطعتي حتى وأنا بدورة المياه .
قهقهت ضاحكة ليبتسم بعفوية على ضحكتها قبل أن يندفع نحوها يضمها الى صدره يقبل شفتيها برقة ثم جبينها بامتنان ليزفر بقوة : سأذهب لأرى سو .
أومأت بتفهم : أخبر خالد أن يأت ويساعدني .
__ سمعاً وطاعة يا حبيبتي .
تنهدت بقوة قبل أن تتسع ابتسامتها الناقصة والتي لم تصل لعينيها وهي تفكر بحال ابنتها الوحيدة .
***
عبس بتعجب وهو يرمقها بطرف عينه ، تكاد أن تتشاجر مع أواني الطعام التي تضعها فوق المائدة ليبتسم بمكر وهو ينظر إلى الساعة المعلقة بالحائط امامه ذات الطراز القديم التي اصرت ليلته على وضعها في بهو البيت حتى ترى الوقت من خلالها رغم أنها تختلف عن الطراز الحديث المصمم عليه البيت بأكمله ولكنها أصرت ولم يقو على رفض إصرارها كعادته .
ألقت هاتفها بضجر وهي تجلس بعنف فوق كرسيها ليبتسم بحنو ويسألها هامساً : ما بال ليلتي ؟!
وكأنها كانت تنتظر سؤاله لتنفجر بحنق أمومي يعرفه جيداً : أولادك يثيرون جنوني.
رفع حاجبيه بمفاجأة وهو يسيطر على ضحكته التي كادت أن تنفلت منه ليسألها بجدية أجاد افتعالها : ماذا حدث ؟!
ضمت قبضتيها : البك الضابط بعمله ولم يأت رغم أنه أخبرني أن موعد عودته اليوم ، أشارت بيدها في حدة – حتى أني طهوت له شرائح اللحم المشوية كما يفضلها .
نظر إليها باهتمام لتتابع بضيق : والبك الآخر بعد أن هاتفني يخبرني بأنه آت على الغذاء وأنه جائع كعادته وأجبرني أن أسرع في إعداد الطعام لأجله اتصلت به حينما شعرت بتأخره فاعتذر لي بسرعة ومزحة سمجة بأنه قابل أحد اصدقائه وسيتناول طعام سريع معه لأنه سيضطر العودة إلى المشفى فآثر أن لا يأت ويعود كل هذه المسافة .
زم شفتيه بضيق من إبنه الغبي لتطبق فكيها وتهتف به في حدة : وابنتك الجميلة ، صغيرتك المدللة – أشارت له بسبابتها في تحذير- ولا تدافع عنها يا أمير ها أنا أخبرك ، لأنها اغضبتني جدا بردها المستفز أنها لن تعود على الغذاء ولا تعلم متى موعد عودتها فلديها عمل هام في الجريدة أي عمل هذا وهي لازالت تحت طور التدريب.
صاحت بحنق وعيناها تدمع : هل رزقت بهم لأتناول الطعام أنا وأنت بمفردنا لماذا انجبناهم إذاً ، أخبرني يا أمير ، لم أعد أراهم ولا أتحدث معهم ، ماذا فعلت خاطئاً معهم ليعاملوني هكذا ؟!
تساقطت دموعها ليزفر بحرقة وهو يقترب منها بكرسيه يربت على كتفها القريب قبل أن يجذبها من ذراعها القريب فيضمها إليه كيفما استطاع وهي تجلس بكرسيها لا تريد أن تغادره ، بل متشبثة به في عناد طفولي .
قبل رأسها الذي أجبره أن يستكين في صدره ليهمهم لها وهو يربت على ظهرها : توقفي عن البكاء يا ليلى لو سمحت ، الأمر لا يستحق دموعك حبيبتي .
نهنهت في بكائها ليزفر بقوة قبل أن يؤمرها بجدية : توقفي عن البكاء يا ليلى لا تجبريني حينما يعودان زوج الخيل ابنيك أن اعيد تربيتهما من جديد لأجل عينيك .
رفعت رأسها بغيرة ساطعة كالشمس : وابنتك .
رقت ملامحه ليسأل بحنو : ما بها ؟!
زمجرت بغضب : هي الأخرى اغضبتني مثلهما .
ناقشها بهدوء : لقد أخبرتني صباحاً أنها لن تعود على الغذاء وستتأخر لأن لديها عمل بالجريدة ، أنا المخطئ لأني لم أخبرك .
ضيقت عينيها ليتابع : ثم يمنى تتناول الطعام معنا دوماً لا تتغيب إلا نادراً ، أما زوج الخيل هما من يؤثران بك بغيابهما .
تورد وجهها بحرج : لا لقد غضبت من الجميع .
ابتسم بمكر : فصببت لعناتك فوق ابنتي الطيبة .
__طيبة ، ألقتها بطريقة مصرية اجبرته على الضحك لتتابع بحنق – ابنتك هذه طيبة ، إنها جبارة مثل أبيها .
رفع رأسه بزهو وعيناه تنضح فخراً : حبيبة أبيها وصغيرته ، شاكسها بوقار- هل لديك اعتراض على أبيها ؟!
شهقت بعتب : لا طبعاً وهل هناك من يماثل أبيها .
ابتسم بمكر ليهتف بغرور مفتعل : بالطبع لا .
ابتسمت أخيراً ليكمل : سأرى أمر الولدين وخاصةً عادل ، فأسعد لا أستطيع أن اعاتبه إلا حينما نفهم هل احتجز بعمله أم حدث شيء أخره في العودة ؟!
أومأت برأسها في تفهم لتهتف بقلق : هاتفه لأطمئن عليه فأنا لم اتصل به لأني غاضبة منه .
ضحك رغماً عنه و أومأ برأسه إيجاباً ليهتف بها : سأفعل ، رغم أني مستاء منك .
شحب وجهها لتهتف ببراءة : أنا ، لماذا يا امير ؟!
لوى شفتيه ساخراً : تبكين لغياب ابناءك بدلاً من أن تفرحي لأننا بمفردنا أخيراً .
حرك ملامحه بإيماءة خاصة : واعددت احتفالاً على شرفي واستقبلتني كما كنت تفعلين وهم صغار ، احنى جسده إليها - أم أنا كبرت على احتفالاتك يا ليلتي ؟!
احتقن وجهها بخجل لتعاتبه : كلانا كبر يا أمير لكزت كفه التي تلامس كتفها – توقف يا رجل لقد قاربت أن تكون جد .
رفع كفيه بشقاوة : لم يحدث ، إلى أن اصبح جد رسمي فأنا بعز شبابي .
تعالت ضحكاتها لينهض واقفاً يجذبها من كفها ليوقفها بدورها فتهمس بخجل طغى عليها : أمير ماذا تفعل ؟!
حاولت أن تتملص من دفعه لها لغرفتهما : توقف يا أمير.
حاوطها بذراعيه ليحتجزها بينهما وهو يدفعها بجدية ليهمهم بجانب أذنها : لن أفعل ، فهذه الامور لا تتكرر بكثرة هذه الأيام ، لنستغل أن البيت فارغ من سوانا .
نظرت إليه بعشق لتستجيب إلى عناقه وقبل ان يغمرها كليا هتفت بجدية وهي تبتعد عنه : فقط أغلق الباب بالمفتاح حتى لا يداهمنا أحدهم .
قهقه ضاحكاً وهو يستجيب لرغبتها بالفعل ليجذبها إليه ثانيةً : تأثيري عليك سيئاً يا ليلتي أصبحت تتحدثين بلغة رجال الأمن .
لامست طرف ذقنه : بل تأثيرك علي رائعاً ، أحبك يا اميري .
ومضت عيناه بلون عسلي رائق ليجذبها في عناق غمرهما سوياً .
***
وقف مستنداً بمرفقه على الحائط بجانبه ، يبتسم بمكر ظلل بنيتيه ولمع ثغره بابتسامته المتهكمة والتي دائما عنوان له ، ينظر إليها من بين رموشه منتظرا أن تلتفت إليه ، فيشعر بروحه تتحرر جليا في سمائها
كم اشتاق لها .. وكم يخذل قلبه حينما يتركها مشتتة تتيه في بحور تساؤلاتها ، وكم يؤلمه أن تنظر اليه بحدقتيها الواسعتين تساله ببراءة فيتحاشى النظر إليها ويظل صامتا غير مجيب لسؤالها !!
تنفس بقوة لتلتفت كما توقع وتحتل ابتسامتها ملامحها ، تملئ ثغرها بفرح ،تغمر عينيها باشتياقها الحاني إليه . تقدمت منه ببطء ليتحرك باتجاهها فتتوقف قبل أن يتلامسان ليتنهد بقوة قبل أن يجذبها إليه و يغمرها بعناق دافئ تلقته بترحاب والشرارات الوردية تحتل وجنتيها بخجلها الحاضر دوما بينهما!!
ابتسم بحب ليهمس : مرحباً
همست بخفوت : مرحباً بك
تحركت خطوتين للخلف وقالت : تفضل .
ضحك بخفة ليهمس بمكر : إذاً قررت الإهتمام بي ووضعي بجانب شتلاتك الغالية
ضحكت بخجل لتهمس : بل أغلى شتلاتي كلها .
تحرك خلفها ليحيط خصرها ويجذبها قريباً منه يقبل طرف رقبتها فتميل عنقها بخجل ، همس بأذنها وهو يقضم بحنو شحمة أذنها : اشتقت إليك ، أتيت خصيصاً لأخبرك بشوقي ولهفتي لك
همهمت بإسمه وهي تذوب خجلاً من مغازلته الجريئة لها فيهمهم بأنفاس ساخنة وكفيه تلامسان جسدها بشغف بعد أن أدارها لتواجهه ، يلامس ملامحها بشفتيه ويتابع بصوت محموم: لم أستطع السيطرة على قلبي حتى بعد مكالمتنا الطويلة ، وجدتني لا أستطيع التركيز فأتيت على الفور .
شهقت بخجل ويده تمتد لسحاب فستانها فتتمتم بأنفاس لاهثه : أحمد والديك على وصول
غمغم وهو يقبلها قبلات ملتهبة متتالية : لا يهم ، أنت زوجتي .
دفعته في صدره ببطء فلم تستطع ابعاده عنها فتهمهم من بين شفتيه بصوت خافت : و والدي أيضاً.
ابتسم بمكر وهو يدفعها لتسير معه إلى تلك الأريكة التي وضعها لها في بيت الورود خاصتها حتى تجلس عليها تقرأ وتستمع إلى الموسيقى كما تفضل فيميلها ويستلقي بجانبها : انسي كل شيء وكوني لي .. معي .. خاصتي .. أميرتي
بعد وقت يناما متواجهين .. متلاحمين .. يزرعها بصدره العريض ويحيطها بذراعيه فيخفيها عن الكون .. ساقيهما متشابكتين وكفيها مفرودين على صدره العار ، لامس كتفها العاري بأنامله يكتب إسمه فوق بشرتها الندية كما يحب .. نظراتهما متصلة و أنفاسهما متلاحقة . نقل أصابعه ليلامس خصلاتها المفرودة يعيدها للخلف قبل أن يقبل جبينها ويهمس بعشق صاف : أحبك يا أميرتي
تنهدت بهيام وهي تدير نظراتها على ملامحه فيبتسم بمكر ويسأل مناغشاً وهو يطرق جبهته في رأسها بلطف : تحبينني ؟!
لامست شعيرات ذقنه بأصابعها : ألا تشعر بي ؟!
تنفس بقوة : أريد سماعها .
تمتمت بخفوت : أحبك
تأوه برغبة استبدت بأوصاله فهم بوصالها من جديد لتدفعه بجدية هذه المرة : توقف يا أحمد ، فأنا تأخرت كثيراً ويجب أن أكون في استقبالهم .
عانق رقبتها بشفتيه في قبلات متلهفة ليزمجر دون رضا حينما تملصت من أسر ذراعيه : لم يخمد شوقي بعد .
ضحكت برقة : دع شيئاً للمساء .
هم باقتناصها من جديد فتدفعه برجاء : هيا غادر قبل أن يأتوا ويجدونك هنا ، أراهن أنك أتيت من الباب الخلفي حتى لا يراك أبي ويعلم أنك غادرت الشركة .
لوى شفتيه وهو يحررها أخيراً فتبدأ بارتداء ملابسها وهي تخفي نفسها عنه خلف ساتر خشبي تضع من خلفه شتلاتها الصغيرة حتى لا يمسها سوء ، هتف وهو يباشر بإرتداء ملابسه : لقد أتيت بسيارتي من باب الفيلا الآخر ، حتى لا اصطدم به إذا كان موجوداً ، اتبع بضيق - أباك لا يُطاق يا أميرتي .
طلت بوجهها من خلف الساتر لتنظر إليه بعتب وتهتف بإسمه في عدم رضا فيبتسم برجاء : لا تغضبي ، ولكن كوني عادلة ، أيحق له ما يفعله معي ، أنه يحاصرك كلما تواجدنا سوياً حتى لا يدعني ألامسك ولو بالخطأ.
خرجت لترتدي حذائها وهي تهتف بنزق : لأنك تتعمد اغاظته .
هتف بحدة : اغاظته !! أنت زوجتي ، حقي .
رمقته بعتب فيتابع وهو يقترب منها بعد أن أكمل ارتداء ملابسه، يقبل وجنتها ويهمس بحرارة: من أجلك سأهادنه .
ابتسمت بعشق غمر نظراتها فتتعلق برقبته وتهم بالرد عليه ليقاطعهما صياح أبيها منادياً بإسمها في دلال قبل أن يكتشف وجوده فيصرخ بمفاجأة : أنت ماذا تفعل هنا؟! ألم أتركك في الشركة؟!
كتم ضحكته على وجه حماه المكفهر ليتمتم بصوت أبح : انهيت عملي فعدت لمنزلي ، صاح حماه - الآن ، ما هذا العمل الذي ينتهي الرابعة عصراً ؟! ثم ما الذي أتى بك الى هنا وكيف أتيت ولم تمر علينا بالخارج فأنا لم أرك إلا الآن ؟!
التفت أحمد من حوله : لا أفهم ما الذي يغضب سعادتك أكثر عودتي باكراً أم وجودي هنا في البيت الزجاجي ؟!
صاح وائل بنفاذ صبر : الأثنين .
لمعت ضحكة ماكرة على شفتي احمد قبل أن يهمس : حسناً لا تغضب يا عماه ، سآتي معك لأسلم على والدي وخالتي ثم أعود ثانيةً إلى عملي ، التفت ينظر إليها ويغمز بعينه في شقاوة ويهمهم بخفوت - فما أتيت لأجله حصلت عليه .
عبس بغضب وهو يراقب وجنتي ابنته الساكنة أمامه بخجل أشعل تلافيف عقله ليصيح : ماذا تقول لها ؟!
نظر له أحمد بذهول ليتمتم بصعوبة نظراً لتحكمه في زمام ضحكته : لا شيء يا عماه .
رفع وائل حاجبه بإعتداد : حسناً هيا أمامي لتعود إلي عملك .
أومأ احمد بالإيجاب ليتوقف قبل أن يغادر : أميرتي ، هيا يا حبيبتي
دفعه وائل بخشونة وهو يهتف بتذمر : لا تتحدث معها هكذا أمامي مرة أخرى ، ثم لا تجبرها أن تفعل شيء لا تريده ، إلتفت إلى أميرة التي تحكمت في ضحكتها وهي تنظر إلى أحمد الذي يبتسم بمكر ويحدثها بعينيه - ابق يا أميرة أبيك كما تريدين ، من الافضل ألا تأت الآن .
حكت أميرة طرف أنفها وهي تتحكم في ابتسامتها في حين انفجر أحمد ضاحكاً رغم عنه ليصيح وائل بعنف : ما المضحك فيم قلته يا ولد ؟!
سيطر على ضحكته ليهمس بمكر : لا شيء يا عماه المعذرة ، أشار بيده - سأغادر أنا .
تمتم وائل بتهكم : مع ألف سلامة .
حياها برأسه فخفضت رأسها بخجل و بتحية خاصة بينهما يدركها جيداً قبل أن تنهض واقفة فيسألها وائل بمودة : أين تذهبين يا أميرتي ، أريني ماذا كنت تفعلين هنا ؟!
رجف جفنيها واحتقنت وجنتيها خجلا لتتمتم بخفوت : كنت أنقل الشتلات في أواني أكبر يا بابا ، المعذرة تأخرت عليكم ولم أكن في شرف استقبالكم
ربت على كتفها بحنو وهو يستبقيها ليقبل رأسها : لسنا بأغراب يا حبيبتي ، ثم أنه بيت جدك المعتادين عليه .
ابتسمت برقة وصمتت قليلا لتجيب بهدوء : إنه بيتي يا أبي ، وأنا سيدته ، لا يصح أن أتأخر على ضيوفي أكثر من ذلك .
تمتم بتبرم : انهما خالتك وزوجها .
اتسعت ابتسامتها وهي تنظر إلى عمق عيني : إنهما والدا زوجي ، لا يصح أن تنتقدني حماتي يا أبي وتثرثر أني اهملتها وهي هنا .
تمتم من بين أسنانه : ولدها معها ، تحركت لتغادر البيت الزجاجي فيتبعها مجبراً - أحمد سيعود إلى عمله .
زم شفتيه بضيق انقلب إلى غضب لمع بمقلتيه وهو يلتقط جلوس أحمد فوق ذراع مقعد فاطمة ، يحيطها بذراعه من كتفيها ويسند ذقنه إلى رأسها وهي تربت على وجنته بأمومة فيقبل رأسها ويهتف بمرح: لا حرمني الله منك يا خالتي .
ضربته برفق فوق ركبته المجاورة لها : توقف عن مناداتي هكذا .
نظر إليها بخبث : ألست والدة زوجتي ،و شقيقة والدتي ، إذاً أنت خالتي من الجهتين
تأفف وائل بحنق وهو ينضم إلى الجلسة : اجلس كالبشر بدلاً من جلسة القرود هذه .
نظرت له فاطمة بعتب ليبتسم خالد بمكر وهو يتبادل النظر مع أحمد الذي ضحك بمرح في حين تجاهلت منال حديث وائل الحاد لترحب بأميرة التي أتت تتهادى برقة : تعالي يا حبيبتي اجلسي بجانبي.
ابتسمت أميرة برقة وهي تقترب من خالتها بالفعل قبل أن يتحرك احمد بسرعة فيجلس على الكرسي ويجذبها إليه فيجلسها فوق ساقيه .
انتفض وائل بغضب في حين شهقت أميرة باعتراض وهي تحاول أن تتملص من ذراعيه المطبقين عليها ليصرخ وائل : أجننت يا ولد ؟!
لمعت عينا خالد بإعجاب لتضحك فاطمة برقة في حين تمتمت منال : أحمد هذا غير لائق .
نظر إلى والدته ليرفع عينيه إلى حميه : ألم تطلب مني أن أجلس كالبشر ؟!
صاح وائل : هكذا ، أهذه طريقة مناسبة للجلوس أمامنا؟!
ابتسم احمد بمكر وهو يخفض اهدابه : ظننت أن لا شيء بها فلا يصح أن أترك أميرة واقفة وسيادتك طلبت مني أن أجلس مثلكم ، فكان هذا الحل الأمثل .
اتبع وهو يرفع عينيه لوائل ينظر إليه ملياً : وخاصةً أني رأيتك كثيراً تجلسها أنت و خالتي يا زوج خالتي .
اكفهر وجه وائل لتتملص أميرة من بين ذراعيه وهي تتمتم بجدية : أتركني يا أحمد من فضلك .
تلاقت أعينهما هي ترمقه بعتب غاضب وهو يرجوها ألا تبتعد عنه .. ألا تتخذ جانب أبيها هذه المرة أيضاً ، لتهمس ثانيةً : أتركني .
زفر بقوة ليفك ذراعيه من حولها يدفعها لأن تنهض ويقف بدوره ، ابتسم وائل بظفر وهو يراقب غضب ابنته الطفيف وانقلاب ملامح أحمد الذي هتف بجدية : بعد اذنكم سأبدل ملابسي وأعود إلى عملي .
تمتم خالد وابتسامته الماكرة تلمع بعينيه : وما عيب ملابسك ؟!
اختنقت أميرة بخجل داهمها فخفضت رأسها وخاصةً حينما همس أحمد بمكر : اتسخت بإحدى شتلات الأميرة وأنا معها في بيتها الزجاجي .
رفعت منال نظرها إلى خالد بعتاب قوي في حين تأففت فاطمة بملل وهي تراقب نظرات وائل الغاضبة فتهتف بجدية : اذهب يا أحمد حتى لا تتأخر على علمك .
أومأ أحمد برأسه وتحرك بالفعل يغادرهم لترمق ابنتها بتساؤل : ماذا تفعلين هنا ؟!
نظرت لها أميرة بعدم فهم فتابعت بصرامة : اذهبي إلى زوجك من المحتمل أن يريد شيئا ، زمجر وائل برفض فتتبع بشدة – هل حدث مرة ولم ارافق أبيك إلى باب البيت وهو خارج ؟!
اشارت برأسها نافيةً فتتبع فاطمة آمرة بصرامة وعيناها تتقدان بغضب ترمق به زوجها : إذاً اذهبي لزوجك إلى أن ينصرف ، ولا تشغلي رأسك بنا فنحن سننصرف
تمتمت اميرة بالرفض : ولكنكم وصلتم للتو يا مامي .
تنهدت فاطمة وهي ترمق عبوس منال الغير محبب : حتى خالتك ستنصرف معي فأنا أريدها أن ترافقني في الذهاب إلى الجمعية .
__ حسناً بعد اذنكم ، تحركت أميرة خلف أحمد بينما كتم خالد ضحكته لتلمع عيناه بتسلية ، تنهدت فاطمة بقوة لتعقد ذراعيها أمام صدرها وتنظر إليهم بعتاب قوي لتهتف بحدة : ألن تتوقف تلك الحرب التي لا أفهم سببها للآن ؟!
ابتسم خالد بغموض ماكر ليشيح وائل برأسه بعيداً فتتابع بحدة : هل تشعران بالراحة حينما يتشاجران ؟!
__ بالطبع لا ، رد خالد منزعجا ليطبق وائل شفتيه بحنق فتهمس بإسمه لينظر إليها لتسأله : هل ستتحمل حزن أميرة يا وائل؟!.
__ ما الذي سيحزنها ؟! نظرت إليه - قلبها المعلق بأحمد .
انتفض بحدة لتهتف منال بعقلانية : فاطمة .
صاحت فاطمة : لا تهتفي بي ، لقد تزوجت منذ ست سنوات وهو إلى الآن ليس مقتنع بكون أحمد زوجها ، وإلى أن يقتنع سأخبره ، أميرة قلبك هائمة بابن خالتها ، تحبه كما أحببتك ، لا تريد أي شيء سواه ، ألم تخبرك من قبل يا وائل عن حبها لأحمد ، ألم تستمع إليها تبكي حينما رفضته أنت عندنا تقدم إليك طالباً يدها ، ألم تبعدها عنه كثيراً وفرقت بينهما أكثر ، لم تخالفك أميرة أبداً بل اطاعتك فيما مضى وستطيعك الآن أيضاً ، تبديك على حياتها وتبدي سعادتك على سعادتها ، تغضب زوجها لأجلك وتغضب منه لأجلك ، ما الذي تريده أكثر من ذلك ، ما تفعله يحزنها حتى وإن لم تظهر لك ذلك .
تمتم وائل مبرراً : لا أريد أن احزنها ، فقط لا أقبل تصرفات أحمد المبالغ فيها .
نظرت له من بين رموشها لتهز رأسها بيأس فتهتف منال ضاحكة : حقاً تراها مبالغ فيها ؟! يا ليت الزمان يعود يوماً لأعرفك على التصرفات المبالغ فيها ، وهذه الحديقة والبيت الزجاجي يشهدان عليك أنت وفاطمة .
اكفهر وجهه من ذكرها البيت الزجاجي فيزمجر بغضب : ابنك قليل الحياء يا منال .
ردت منال بمشاكسة : من شابه حماه يا باشمهندس .
ضحكت فاطمة رغم عنها قبل أن تنهض واقفة : هيا بنا من فضلكم
اتبعتها منال وخالد ليهتف وائل بضيق – ألن نودع أميرة ؟!
ابتسم خالد ليجاور زوجته التي هزت رأسها بيأس فتضحك فاطمة وتنظر إليه بحنو تقترب منه لتربت على وجنته قبل أن تقبلها : سأهاتفها لتأت إلينا في الغد ، هل أنت سعيد هكذا ؟!
اشاح بعينيه بعيداً عنها لتقبل طرف فمه وتحتضن كفه : هيا لنعود إلى بيتنا .
زفر بضيق وهو يتوقف أمام سيارته : سأوصلك و أعود إلى عملي .
ضمته بحنو لتقبل وجنته : سأذهب مع منال واذهب أنت إلى عملك صحبتك السلامة.
قبل رأسها وهو يضمها إليه : سلمك الله
***
يغادر دورة المياه يلف جسده بمنشفة تخفي جزئه السفلي ، يجفف شعره بمنشفة صغيرة فتهمس بإسمه تنبهه لوجودها فيتصلب جسده بغضب طفيف اعتلى محياه قبل أن يجيبها بسخريه وهو يتوقف أمام المرآة العريضة أمام فراشهم فيمشط شعره بسرعة : هل أفرج عنك والدك وسمح لك بأن تهتمين بشؤون زوجك أخيراً ؟!
تنهدت بقوة وهي تقترب منه تلتصق بظهره العار : لا تغضب يا أحمد ، لقد تحدثنا مئات المرات وبكل مرة لا نصل لنتيجة فمن الأفضل أن نتوقف عن الحديث بهذا الأمر وإجابة عن سؤالك لقد زجرتني أمي بسببك و أخبرتني أنهم سينصرفون فلا داع لوجودي فأتيت لأساعدك بارتداء ملابسك .
عبس بضيق ليبتسم ساخراً : هكذا إذاً ،لا نتحدث وأتيت فقط لأن تامي اجبرتك على ذلك وإلا لما كنت ألقيت بالاً لي ، اتبع بغلظة وهو يبتعد عنها – شكراً جزيلاً لمساعدتك فأنا أستطيع ارتداء ملابسي بنفسي .
رمقته بنظرة تعلم تأثيرها عليه جيداً لتهمهم بمكر : حقاً ؟! اقتربت منه ثانية لتتابع بتساؤل مشاكس – إذاً تقبل مساعدتي في حالة نزعها عن جسدك وليس العكس ؟!
ابتسم رغم عنه وعيناه تومض بتسلية ليجيب بجدية مفتعلة : نعم لدي مشكلة ما في فك الازرار .
صاحت بجدية : أوه ، لا استندت بمرفقها على كتفه القريب منها لتنظر إلى عمق عينيه – كيف سنحل هذه المشكلة برأيك وأنت لا ترتدي شيء من الاصل ؟!
انفرج ثغره عن ابتسامة ماكرة : ما رأيك أنت ؟!
تعلقت برقبته وهي تقف على أطراف أصابعها فتوازيه طولاً : أرى أن انزع ملابسي أنا الأخرى لنصبح متعادلين ثم نقيم مسابقة عمن يرتدي ملابسه أولاً ليصبح هو الفائز .
عض شفته بتسلية وعيناه تومض بتوق ليهمهم بوقاحة : أو لا نرتدي ملابسنا ونظل فقط متعادلين .
ضحكت برقه لتقترب منه أكثر : لن تعود للعمل إذاً ؟!
هز رأسه نافياً : وأترك المسابقة معك ، لا يمكن .
ألقاها بمزاح أثار ضحكاتها التي تعالت أكثر حينما بدأ يحاصرها بكفيه يلامسها بشغف قبل أن يضمها إليه يلتهم ضحكاتها التي تحولت لهمس بإسمه وهي تبادله شغفاً .. عشقاً .. توقاً .
***
طُرق الباب طرقتين قبل أن يفتح فيطل عليه والده يهتف بمرح وتسلية تنضح بعينيه : هل أنت متفرغ بني ؟!
ابتسم بإتساع ونهض واقفاً ويليه عمر الجالس أمامه واقفاً بدوره وهو يرحب بوالد صديقه وصديق أبيه ليتوقف عاصم فجأة عن الحركة وهو يراها تقف خلف أبيه وكأنها تستتر في جسده
اتسعت ابتسامة عمر وهو يكتشف وجودها مع عمه وليد ليرحب بها بحفاوة وهو يدعوهما للدخول ، رمق وليد إبنه بطرف عينه فيهتف عاصم بجدية وهو ينظر إليه بتساؤل : مرحباً يا أبي تفضل ، اتبع بجدية – مرحباً يا نوران .
تحرك وليد الى الداخل فتتبعه وهي تزم شفتيها وتبتسم بتوتر ليهتف عمر بمرح وهو يتقرب منها يضم كفها بين راحتيه ويصافحها بحرارة : أية رياح طيبة ألقتك علينا يا ابنة الخالة ؟!
ابتسمت بعفوية لتجيبه برقة : اشتقت إليك يا إبن الخالة فأتيت لأسلم عليك .
ضحك عمر بمرح ليضع كفه فوق قلبه بافتعال : قلبي الصغير لا يحتمل يا ذات العيون الزيتونية .
ضحكت برقة لتشير بكفها في ثقة : بل كراميل يا عمر ، أبي دوماً يخبرني أن لونها لون الكراميل .
رقص حاجبيه بمشاكسة : سيادة الوزير يشبهك بتامي ليجد سبباً لدلاله الزائد لك .
حركت كتفها بغرور مفتعل : ولماذا يجد سببا لتدليلي ، إنه يدللني وكفى .
__اووووه ، هتف بها عمر بشقاوة ليتبع – يحق لك الدلال يا نور .
ابتسم وليد بإتساع وهو يراقب ما يحدث أمامه ليرمق إبنه بطرف عينه فيهاله ملامح عاصم الجامدة ، وجسده المتشنج ليهز رأسه في يأس حينما أطبق عاصم فكيه ليرسم إبتسامة متشنجة فوق ثغره قبل أن يهتف بجدية : عمر ، انتبها كليهما إليه ليتابع بهدوء وهو يعاود الجلوس على كرسيه من جديد – أريد الشكل النهائي للعقود الجديدة من فضلك .
ابتسم عمر بمهنية : سأرتب الامر معهم وابعثهم لك بريدياً كالمعتاد .
أومأ عاصم رأسه إيجاباً ليتابع عمر سائلاً : أتريد شيئاً اخر ؟!
أشار عاصم برأسه نافياً ليرمقها عمر بحنو – مري على مكتبي قبل أن تنصرفين يا نوران ، لنتحدث قليلاً و أخبرك عن آخر مغامراتي .
ابتسمت بشقاوة وعيناها تضوي بمكر : أهي مغامرة نسائية ؟!
قهقه عمر ضاحكاً : على الإطلاق ، بل مغامرة بيئية .
جعدت أنفها بنزق : لا ، شكراً لك لا أريد أن أعرف آخر حيوان أليف تريد تربيته ، فهذا لا يقع ضمن نطاق اهتماماتي .
تمتم عمر بمشاكسة : قاسية .
ضحكت بمرح : أقسى مما تتصور .
تحرك نحو وليد ليصافحه : تؤمر بشيء يا عمي .
ابتسم وليد بمكر : سأحتاجك اليوم ولكن بعد أن أنهي حديثي مع عاصم .
أومأ عمر بالإيجاب : تحت أمرك يا عماه ، اشاح بكفه وهو يغادر- أراكم لاحقاً .
رفع عاصم نظره لها لترتجف رغم عنها أمام نظراته القاسية قبل أن ترفع رأسها بعنجهية وتتحداه بنظرات عيناها الواسعة فيهمس من بين أسنانه : اجلسي يا ابنة العم، فالمكتب مكتبك .
تحركت بخيلاء نحو الأريكة قبل أن تجلس عليها برقي ، ترفع رأسها بأرستقراطية وتضع ساق فوق أخرى فتتزحزح تنورتها القصيرة إلى الأعلى كاشفة عن أول فخذيها ، أغمض عينيه وهو يشيح برأسه بعيداً ليثبت نظره على وجه والده المبتسم بهدوء فيعاتبه بنظراته ليبتسم وليد بحنو قبل أن يحدثه بهدوء وجدية : ابنة عمك تريد أن تعمل وأنا فكرت بأن استعين بها لتنوب عني في موقعي بالمجموعة .
شحبت ملامح عاصم ونظراته تتسع بصدمه ليسأل والده بعينيه أيتحدث بجدية أم يمزح معه ، ليسبل وليد عينيه ويبتسم وهو يهز رأسه بثبات قبل أن يضع عينيه بعيني ولده ثانيةً وهو يتبع : ستكون عون جيد لك.
قبض كفيه وبسطهما عدة مرات ليتحدث بصوت خشن : عون ؟! فيم يا أبي ؟! على ما أتذكر أن نوران خريجة كلية إدارة الأعمال ، وموقعك بالمجموعة لا علاقة له بالإدارة .
عبس وليد باستنكار باسم : كيف يا ولد ألم اكن مسئولاً عن المشروعات الحديثة ، بل كنت ولازلت مدير المشروعات ؟!
سحب عاصم نفساً عميقاً ليلتقط قلمه المميز من فوق سطح مكتبه ويتلاعب به يجبر نفسه على الهدوء ويخضع عقله للتفكير حتى يستطيع الرفض دون إثارة مزيد من المشاكل ستنشأ إذا رفض عملها بمجموعة عائلتهم ، أينعم المجموعة لا تخص آل الجمال بمفردها ، بل النصف فقط ما يخص عائلتهم والنصف الآخر موزع بين آل سليم وآل سليمان وبعض الأسهم الأخرى تخص أشخاص متفرقين ، ليبق نصيب الأسد ملك لآل الجمال ، بل نصيبه في المجموعة يفوق الجميع لذا أبيه هنا يجلس أمامه ويريد موافقته .
رفع عينيه ليتحدث بجدية : كنت ولازلت يا أبي لا أنكر ، ولكن مسئوليتك عن هذا المنصب تحديدا كانت لأجل عملك ودرايتك لشئون مشاريع البناء والوحدات السكينة ، اتبع بسخرية صدحت جلية في صوته – ولكن نوران لا تفقه أي من هذه الامور .
اربد وجهها بغضب وهمت بالقفز واقفة ليشير إليها عمها بعينيه زاجراً قبل أن يرفع رأسه لولده : سأعلمها كل شيء يخص الشئون الإدارية ولنترك الامور الفنية لك .
عض عاصم نواجذه ليهمس بتساؤل : هل عمي يدري عن هذا الأمر ؟!
عبس وليد ليهتف بحدة افتعلها : وهل سيرفض عمك أمر أريده أنا ؟!
زفر عاصم بقوة : لا أقصد يا أبي ولكنها تظل ابنته لابد من موافقته على توظيفها .
نهض وليد واقفاً فاتبعته بسرعة : اعتبر الأمر محسوم يا عاصم ، فما أريده أنا لن يرفضه عمك ، اتبع وليد بهدوء – ولن ترفضه أنت ، لقد قررت وانتهى الأمر سأبلغ عمر ليعد العقود لنوران بمرتب شهري مجزي .
ضغط براحته فوق قلمه ليهتف بجدية : آسف يا ابي ،
توقف وليد عن الحركة لتنظر إليه بحدة فيتبع وهو ينهض واقفاً : أي موظف جديد يدلف إلى الشركة لدينا سياسة مالية بشأنه ، ثم إن الأشهر الثلاث الأولى تكون تحت التدريب ، فلا يستحق المرتب المجزي الا حينما يُظهر كفاءته ، تحرك نحوهما – أنا نفسي مررت بكل هذا إذ تذكر ،
وقف أمامها ليواجهها بتحدي ظهر جلياً في حركة جسده : لابد أن تعلم ابنة عمي العزيزة أن في مجموعة الجمال لا يوجد دلال أو وساطة ، بل عملها الجاد هو السبيل الوحيد للبقاء داخل أروقة هذا الكيان الضخم الذي تعب أناس ً كثر لتشييده والبقاء عليه صرحاً شامخاً ، فلتعمل بجد وتفوز بمقعدها أو تعود إلى البيت و تهنأ بدلال أبيها .
قبضت كفيها لتبتسم بغيظ قبل أن تقترب خطوة واحدة منه : بل سأبقى يا عاصم وسترى .
ناظرها قليلاً قبل أن يهتف بجدية : عاصم بك ، او الباشمهندس عاصم أيهما تفضلي استخدميه فنحن لسنا بقصر العائلة .
اطبقت فكيها بقوة وهمت بالرد ليقاطعها وليد وهو يحتضن خصرها بذراعه يضمها إليه بحنو : هيا يا مدللة عمك لنلحق بعمر قبل أن اصحبك للغذاء خارجاً .
ابتسم لولده بتسلية : عمت مساء يا عاصم .
راقبهما عاصم يغادران يرمق كف أبيه المحتضنة خصرها الهش بحنو فتتعالى أنفاسه ليغمض عينيه وهو يعض نواجذه بقهر ليتمتم : آه منك يا أبي
***
دلف من باب البيت يشعر بالإرهاق يدب بأوصاله يريد أن يغرق في سبات عميق، ولكن صوت الهرج الذي أتى من حديقة البيت أنبأه بأن النوم حلم لن يناله اليوم
زفر بقوة وهو يتبين صوت الموسيقى فعلم أن خالته هنا ليميز صوت شقيقته التي توقفت عن الغناء في أي نشاط اجتماعي ولكنها لم تنسى أبداً هوايتها في الدندنة وخاصة حينما تتواجد خالته التي تشجعها على الغناء معها مستغلة دلال أبويه سواء لها أو لشقيقته التي تستجيب لها
اقترب من مدخل الحديقة فيكتشف صوتاً ثالثاً يشدو معهما يداعب أروقة قلبه قبل أذنيه ، ليرهف سمعه فيظهر صوتها واضحاً وهي تشدو بإحساس عميق خرج محملا بروحها رغم هشاشة صوتها إلى جانب صوتي خالته وشقيقته ولكن شعورها بكلمات الأغنية والتي تمس مشاعرها كما وضح جلياً من نبراتها الشجية وهي تقول
يا نا يانا يا تعبني .. يانا يانا يا سايبني
للعذاب يسهر عليا .. والسهر يتسلى بيا
لو صحيح مش داري بيا .. ليه بتتلفت عليا
واما بتقابلك عنيا .. ليه بتهرب من عنيا

انتفضت عضلة صدغه وغناءها يضرب أوتار قلبه بقوة ليجف حلقه تماما حينما اتبعت بشقاوة تجسدت في ملامحها وقطعت نطقها للكلمة بدلال ترك أثره عليه قوياً
و اموت انا بلهيبي .. يا عذابي وحبيبي
وحبيبي ما داري بي .. وعلشانه اموت انا
ليتوقف الغناء تماماً حينما اقتحم الجلسة دون سابق إنذار فيصمت الجميع إلا آسيا التي لم تكن تشارك بالغناء ولكنها هتفت بمرح وهي تتعلق برقبته : أسعد ، اشتقنا إليك .







انتهى الفصل الاول
اتمنى يجوز على إعجابكم
منتظرة تعليقاتكم وارائكم [/right]
كونوا بالقرب دومًا 😉



التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 13-08-20 الساعة 09:37 PM
سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-20, 06:35 PM   #30

هبه احمد مودي

? العضوٌ??? » 387744
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 202
?  نُقآطِيْ » هبه احمد مودي is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور
احلى حبيبتي و لا ايه


هبه احمد مودي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:16 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.