آخر 10 مشاركات
سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          294 - لماذا تهربين؟ - كارول مورتيمر (الكاتـب : بلا عنوان - )           »          ثمن الكبرياء (107) للكاتبة: Michelle Reid...... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          1041 - ميراث خطر - ستيفاني هوارد - د.ن (الكاتـب : سنو وايت - )           »          البجعة الورقية (129) للكاتبة: Leylah Attar *كاملة & تم إضافة الرابط* (الكاتـب : Andalus - )           »          زهرة النار -قلوب أحلام زائرة- لدرة القلم: زهرة سوداء (سوسن رضوان) *كاملة* (الكاتـب : زهرة سوداء - )           »          ✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          317 – صدى الذكريات - فانيسا جرانت - روايات أحلامي (الكاتـب : Just Faith - )           »          مذكرات مقاتلة شرسة -[فصحى ] الكاتبة //إيمان حسن-مكتملة* (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree260Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-09-20, 05:59 PM   #311

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي


صدح صوت عمار هاتفًا بمرح بعدما أنهى تناول طعامه : سفرة دائمة يا أميرة .
ليهتف خالد : سلمت يداك يا ابنتي ، الطعام كان رائعًا .
لتهتف منال بفخر : ليس جديد عليها ، دومًا كانت متألقة في اعداد الطعام ،
لتهتف فاطمة بشجن : إنها ورثت نفس جدتها في اعداد الطعام ، رحمة الله عليها .
ردد الجميع سويًا : رحمة الله عليها .
هتف أحمد بجدية وهو يقبض على كفها يرفعه لشفتيه يقبله برقي : أميرة متألقة دومًا وليس بإعداد الطعام فقط ، بل بكل شيء .
ابتسمت برقة خالفت السخرية التي ومضت بعينيها لتهمس : شكراً لك .
صدح صوت أدهم الذي أتى متأخرًا بعد أن بدأوا طعامهم :اخبريني يا أميرة ما سبب جمعتنا عندك اليوم وخاصةً بعد هذه الوليمة الممتلئة على آخرها ، اتبع وهو ينقل عينيه لأحمد - هل تحتفلان بمناسبة ما لا نعرفها ؟!
ابتسمت أميرة وهي تنهض واقفة تلملم الاطباق : لابد أن تتعلم الصبر يا ولد .
فيهتف أدهم بمرح : إذًا هناك مناسبة بالفعل لذا دعوتنا جميعًا اليوم ، لم تجبه وآثرت الصمت وهي تختفي من أمام انظارهم فيتابع أدهم بجدية – حسنًا أخبرنا أنت يا آبيه ، ما هي المناسبة؟!
أسقط في يده فلم يقوى على الرد ليهتف عمار الذي يراقب ما يحدث أمامه بترقب شعره وخصوصا مع نظرات أحمد الغير مستقرة : ألم تخبرك شقيقتك أن تصبر يا ولد ؟!
لوى أدهم شفتيه بإحباط فيهتف مازن بمرح : أدهم لا يستطيع الصبر ، هذه الخاصية لم تضاف لمواصفات المنتج .
ضحك عمار بخفة ليهتف عاصم بجدية : لابد أن يتعلم الصبر إذًا ، العمل يحتاج إلى صبر صياد يا ادهم ، صياد يلقي بشبكته وينتظر إلى يقبض الطُعم على أكبر سمكة يستطيع اصطيادها .
نظر إليه أدهم باهتمام ليسأله : وكيف يعلم أنها الكبرى، وأن ليس هناك ما هو أكبر منها ؟!
اقترب منه عاصم ليهمس بثقة وعيناه تومض بحماس : هذا هو الفارق بين أن تكون موهوبًا و رجل أعمال بفطرتك ، أو تاجر عادي تصيب بعض الأوقات معك وتخطأ في الأخرى ، الموهبة تستطيع أن تنميها فتتضخم وتزدهر لتصبح بعد فترة على المعرفة وعليه تتخذ أشكالاً شتى في اللعب ، وتقوى على الاختيار أيضًا .
ضيق أدهم عينيه ليتابع عاصم بجدية وهو يجلس مرتاحًا يسند ظهره للكرسي بأناقة و يضع ساق فوق أخرى : بعد فترة تقضيها في العمل والسوق ستعلم بحدسك متى تكون مغامرًا فتلقي سنارتك بطُعم بسيط وأنت متأكد من كون صيدها سيكون ثمينًا .. ومتى تكون مقامرًا فتصطاد بكل ما تملك وأنت موقن من أن صيدك سيأتي فخم لا مثيل له .. ومتى تكون راضيًا بقسمتك فتسحب سنارتك بما علقت به أيًا كان وصفه .
ومضت عينا أدهم ببريق وكأن الكلمات نقشت على عقله فيمأ له عاصم برأسه مشجعًا لينتبها سويًا على صوت فاطمة التي وقفت تنظر لعاصم : يا الله ، اتبعت بصوت أبح ودموع حبيسة – كم اصبحت تشبه جدك رحمة الله عليه ، أتذكر أنه كان يتحدث هكذا معك منذ كنت صغير .
زفرت بقوة لتتابع بمرح افتعلته حتى لا تبكي : فقط ينقصك السيجار الكوبي يا عاصم .
ضحك عاصم بخفة ليخفي تأثره : رحمة الله عليه ، ولكن للأسف أنا لا ادخن يا تامي .
__ هذا افضل يا صغيري ، ألقتها بحنان قبل أن تجلس بجوار وائل الذي يتأمل ابن أخيه بفخر ليهمهم أدهم بتعجب فلا يصل صوته للكبار الجالسون بطرف المائدة الآخر: أنت غريب يا عاصم ، لا تدخن .. لا تمتلك علاقات شائنة .. لا ترتكب الحماقات ، كيف امضيت شبابك يا ابن العم ؟!
ابتسم عاصم بسخرية لتجيب جنى بجدية وعيناها تعاتب أدهم : امضاه في العمل هل تتوقع أن تنهض المؤسسة ويزدهر العمل هكذا من تلقاء نفسه .
اجاب أدهم بهدوء : لا أقصد الانتقاد أنا فقط أسأل ، اقترب من عاصم بمشاغبة – أخبرني ما هو السر الذي اخفيته عنا جميعًا يا كبير آل الجمال ؟!
لوى عاصم شفتيه بخيبة أمل : يؤسفني أن اخيب آمالك يا أدهم ولكن السر الذي كنت اخفيه انكشف من زمان .
تألق الإدراك بعيني أدهم ليهمس بعدم تصديق : اووه ، ليتابع بتعجب – ولماذا انتظرت كل هذا الوقت ؟! لو كنت مكانك كنت اختطفتها وهربت وتركت العالم يقع فوق رؤوس الجميع .
هتف عمار بتفكه : نشكر الله أنك لست مكانه .
ضحكوا جميعًا لينهض عاصم واقفا : دائما عامر يا أبو حميد .
أجابه أحمد بلباقة : بوجودكم يا عاصم .
***
تحركت من حول شقيقتها تساعدها في ترتيب أطباق الحلويات وتساعدهما هنا وجنى التي أتت من الخارج تحمل بقية الاطباق الفارغة لتهمس لها نوران بخفوت : هل أنت واثقة مما تفعلينه يا أميرة ؟!
عم الصمت عليهما قليلاً قبل أن ترفع أميرة رأسها بشموخ هاتفة : تمام الثقة .
اضطربت نظرات نوران لوهلة قبل أن تهمس : سيغضب أحمد لأنك لم تخبريه بمفرده .
سحبت نفسًا عميقًا لتحمل طبق الكعكة المزينة الكبيرة بين كفيها قبل أن تهتف بثبات : فليغضب، اتبعت بخفوت شديد حتى لا يستمع إليها أحد – لقد حاولت إخباره ولكنه لم يستمع ، ليستمع الآن رغمًا عن أنفه .
تهادت إلى الخارج تحمل الطبق بثبات وابتسامتها اللبقة تزين ثغرها بخفة فينهضا أدهم ومازن ليساعدها في وضعه بمنتصف الطاولة قبل أن ترص اطباق الحلوى الأخرى على جانبيه ليهتف أدهم بتعجب : إذًا هو احتفال ، هل هو عيد مولد أحدكما أم عيد زواجكما ؟!
اثرت الصمت وهي تبتسم بلباقة قبل أن تنطق بمكر : فلتخمن يا أدهم إذا لم تكن تستطيع الصبر.
رفع أدهم حاجبيه ليجيب مازن : هل حصلت على ترقية يا أحمد ؟!
ضحك عاصم : لم يؤخذ منصبي بعد فأحمد أكبر المدراء التسويقين ونائب رئيس مجلس الإدارة ليس لشيء سوى أن اسهمي أكثر فقط .
هز مازن كتفيه دون معرفة ليهتف أدهم : امم إذًا أميرة انجزت أمراً هامًا في عملها .
تحركت لتجلس بكرسيها بعدما دعت السيدات ليعدن للطاولة من جديد ، لتبتسم بإغاظة لشقيقها وتصدر صوتًا نافيًا .
تبادلوا جميعا النظرات ليعبس وائل بحنق قبل أن يهتف بجدية : أخبرينا يا أميرة ، ما الأمر ؟!
فيجيبه خالد : فلننتظر كما تشاء الأميرة يا وائل فنحن ليس لدينا سوى أميرة واحدة فقط .
ضحكت برقة و وجهها يتورد : اشكرك يا عماه.
عم الصمت عليهم قليلاً قبل أن يسأل أدهم بفطنه : هل الكعكة تتضمن رسائل مخفاة ؟! ضحكت برقة فلكزه عمار بخفوت منبهًا وهو يشعر بتوتر أحمد يزداد لتبرق عيناه قبل أن يهتف بعفوية - هل من المفترض أن تماثيل الأطفال الصغيرة تعبر عن شيء ؟!
اتسعت عينا احمد بإدراك لحظي ليستدير إليها بصدمة ألمت بحواسه فتهتف هي بابتسامة رقيقة وهي تشعر بنظراته مسلطة عليها : لن تصمت إلا حينما اجيب ، أومأ أدهم برأسه في حماس لتتنهد بقوة قبل أن تهمس بصوت حيي – إذًا سأخبرك ، بل سأخبركم جميعا دعوة العشاء والكعك للاحتفال بالفعل فأحببت أن احتفل مع الجميع مع عائلتي بأكملها ، لأني سعيدة للغاية فأحد أحلامي التي تمنيتها كثيرًا بل هو أكبر أحلامي تحقق أخيراً والحمد لله .
رددت الألسنة من خلفها الحمد والشكر لله قبل أن تتابع هي بهدوء شديد : ونعم تماثيل الأطفال الصغيرة يا أدهم تمثل شيء هام جداً ، صمتت لوهله قبل أن تتبع - فهم يشيرون إلى ضيوف جديدة ستنضم للعائلتين .
ران الصمت على الجميع قبل أن تهتف فاطمة ومنال بصرخة فرح حقيقية : أنت حامل ؟!
لتمأ برأسها إيجاباً فتهتف الطاولة جميعها بتهنئتهما يباركون لهما بفرحة حقيقية يضمونها بصدورهم ويقبلون وجنتيها وينهالون على من يجاورها بالمباركات والمصافحات والتهاني في ظل ذهول خيم عليه وصدمة ألمت بحواسه.
ابتسمت برقة حينما انتظر حميها الجميع ليتحرك نحوها أخيراً ينتزعها من حضن وليد الذي يضمها إليه ويقبل رأسها : دع لي أم أحفادي لأبارك لها يا وليد .
استجاب وليد بطواعية ليضمها خالد إلى صدره يقبل وجنتيها و رأسها ليضمها ثانية بحنو ويهمس بأذنها : أنا معك لا تهتزي الآن .
ابتسمت مرغمة وهي تنظر لأبيها الذي ينظر لأحمد بتساؤل عيناه تلمع فرحًا قبل أن يجذبه ليضمه إلى صدره يربت على ظهره بفرحة حقيقية صدحت في صوته : مبارك يا ولد ، مبارك عليك وعلى أميرة ، مبارك يا أحمد .
ضمه وائل الى صدره بقوة ليتشنج جسد أحمد وملامحه تنغلق باختناق شعره ليحتضن وائل وجهه بكفيه ينظر إلى عينيه المصدومة فيربت على وجنتيه بلطف : مبارك يا أحمد ، افرح يا بني الله عوضك خيرا الحمد لله ، الف حمد وشكر لله .
اهتزت حدقتي أحمد ليبتسم بألم ساخر قبل أن يهمس بصوت مختنق : بارك الله فيك يا عماه .
تحرك وائل نحوها ليفتح ذراعيه على مصرعيهما قبل أن يحتضنها إليه يضمها إلى صدره العريض فتتمسك به في قوة ليقبل رأسها ويربت عليها بحنو : مبارك يا أميرة أبيك ، مبارك يا حبيبتي ، سأصبح جداً من تحت رأسك ولكن لتعلم أن فرحتي بك لا مثيل لها .
تمسكت أميرة بحضنه قويًا لتنفجر في بكاء قوي وهي تضم نفسها إلى صدره أكثر وأكثر ليحتضنها وائل بقوة يربت على ظهرها : ماذا حدث يا أميرة ، لماذا تبكين يا حبيبتي ؟! نهنهت في صدره فيضمها إليه اكثر بحنو – بالله عليك توقفي يا أميرة أنت تعلمين أني لا أقوى على بكائك يا أميرة أبيك .
مسحت وجهها بكفيها وهي تستجمع سيطرتها ثانيةً لتهمس بخفوت وهي تخفض رأسها : أنا بخير ولكن انفعالاتي قوية للغاية .
ضحكت منال برقة لتسحبها نحوها تضمها إليها بحبور يمتلكها : انه الحمل يا وائل لا عليك ، ستضحك لأقل سبب وتبكي لأقل سبب ، ضمتها إليها بفرحة حقيقية – مبارك يا حبيبة خالتك ، مبارك علينا جميعا ، هيا اخبرينا بم اخبرك به الطبيب .
هتف خالد بجدية : اتركي كل شيء لوقته يا منال ، اليوم نحتفل فقط بخبر الأحفاد و مراجعة الطبيب وتلك الاشياء لنتركها ليوم آخر .
هتفت فاطمة بحماس وهم يعاودون الجلوس ولكن بعدما اجتذبتا اميرة بالمنتصف بينهما : انتظر فقط يا خالد ، نريد أن نعلم فهي تتحدث عن أكثر من طفل أليس كذلك ؟!
عضت أميرة شفتيها وتوردت فيهتف خالد ثانية : هذه الامور تتناقشن فيها في الغد ، تعالي أنت و أختك وتحدثا معها اليوم سنحتفل فقط بالخبر .
أشارت فاطمة بكفيها موافقة : حسنا ، سندع كل شيء لوقته ،
لتهتف منال : ما رأيك يا اميرتنا ، أن تنيرين بيتي قليلاً ، فأنت تحتاجين من يكون معك وأحمد ليس هنا ، ثم لأتأكد من التزامك الراحة الفترة الاولى فقط .
ابتسمت اميرة بتوتر : أنا بخير يا خالتي والطبيبة طمأنتني واخبرتني أن امارس حياتي بطريقة عادية بل اخبرتني أن هناك دورات للتدريبات الرياضية الخاصة بالحوامل .
هتفت جنى بحماس وفرحتها تحدد ملامحها : أعلم بعضها يا أميرة إذا أردت اشترك لك بها ، المكان مضمون هذه التمارين ستسهل ولادتك بإذن الله .
عبست منال لتهتف بخوف : لا ، هذه التمارين من الممكن أن تضر بها و بالطفل .
هتفت هنا بعبوس : ما هذا الحديث يا ماما ؟! بل هي أكثر من جيدة لصحة أميرة والطفل أيضاً ، اتبعت وهي تبتسم لأميرة برقة – كنت اذهب إليها وافادتني كثيراً .
لتكمل بمشاكسة وهي تنظر لمنال : ولكن كنت اخفي الأمر عن خالتك وعن والدة تيم أيضاً ، وتيم كان يشاركني الاخفاء وكان يصحبني في التمارين الاخيرة أيضاً قبل الولادة .
اتبعت وهي تنظر لأخيها الصامت بملامحه الغامضة : سيكون وقتًا جيدًا لكما يا أحمد ستستمعان كثيرًا سويًا .
ابتسم أحمد ساخرًا لينطق أخيراً بصوت خفيض : نعم ونحن ينقصنا هذا الاستمتاع للغاية ، اتبع وهو يلتفت إليها ينظر إليها بغضب لمع بعينيه – أليس كذلك يا أميرة ؟!
رفعت ذقنها بشموخ : نعم اعتقد أنه ينقصني كثيرًا .
توترت الاجواء من حولهما لينظر وليد إلى خالد الذي التفت إلى أحمد أخيراً هامسًا بصوت ساخر : و اعتقد ينقصك أنت الآخر أن تستمتع بحياتك وتفرح بوجود أولادك .
رجف جفنه بتسارع ليشيح بعينيه بعيدًا فينقل وليد نظره إلى وائل الذي ينظر إليهم بتعجب قبل أن يضيق عينيه وينظر لأحمد ويتحدث بهدوء داعمًا لزوج ابنته على غير العادة : بالتأكيد سيفرح يا خالد فحان وقت الفرح بأمر من الله و إذنه .
التفت خالد لينظر إلى وائل بتعجب قبل أن ينقل عينيه لأحمد ويهز رأسه بتفكير اعتلى ملامحه لتهتف منال بقنوط : إذًا ألن تأتي عندنا يا أميرة ؟! سنهتم بك أنا وعمك خالد كثيرًا .
ليهتف عمر بمرح وسعادة انتابته : و ستعلقنا في السقف بدلاً من المروحة لأجلك أيضاً يا أميرة.
ضج المكان بالضحك ليهتف عبد الرحمن بمشاغبة : أنا لأجل أميرة اتحول لمكيف هواء فهي اميرتنا الغالية .. زوجة البكري .. و أم ولي العهد بإذن الله .
ليتحمس عمر بقوة هاتفًا : اخبرينا أنه ذكر يا أميرة ، إذ لم يكن بابا متحمس لأجل أن يعلم أنا وعبده متحمسان للغاية ،
عبست اميرة بتعجب ليتبع عبد الرحمن بضحكة خافتة : أنا وعمر مستحلفان لابن أحمد حينما يأتي سنذيقه مما كان يفعله فينا البكري .
ارتفعا حاجبيها بصدمة لتتعالى الضحكات من حولها لتهتف هنا من بين ضحكاتها : يا الله لم تحضريهم عند ولادة خالد وحينما بدأ يكبر ، كانا يرميانه لبعضهما بدلاً من الكرة .
اشار عمر بسبابته في وجهها : لا تنكري أنه كان مستمعتًا بهذا الدور .
هتفت أميرة بارتياع : لا تمزح يا عمر ، قهقه عبد الرحمن ضاحكا على غير العادة لتهتف أميرة متابعة – حتى أنت يا عبد الرحمن ؟!
أصدر عمر صوتًا ضاحكًا ليهتف عاصم بخفة : عبد الرحمن يكون أساس الفكرة يا أميرة وعمر من يقع في التنفيذ دومًا .
أومأ عمر برأسه في يأس : لذا ماما كانت تعاقبنا سويًا دون حديث فهي تعلم أني اندفعت نحو شيء كان السبب عبده .
ضحك عبد الرحمن لتهتف نوران بتعجب : لم اتخيل أبداً أنك مشاكس يا عبد الرحمن .
ضحك عاصم وهو يربت على كتف عبد الرحمن : إنه يظهر كعاقل و رزين ولكنه يخفي الكثير.
هتف وائل بتفكه وهو يشاغب خالد : ابن الخواجة على حق .
هتف عمر بجدية : لا يا عماه ، نحن الاثنان نشبه دادي كثيرًا لا أنكر ، ولكن لا أحد يشبهه مثل أحمد أبداً ، اتبع بفخر وهو ينظر لأحمد – بعض الأحيان كنت اصدم حينما يقوم برد فعل مماثل لرد فعل دادي بشكل غير منطقي لدرجة أني كنت انظر جيدًا و استجمع عقلي هل دادي من أجاب أم أحمد ؟!
هتف عبد الرحمن بفخر وفرحة حقيقية : ماذا نقول يا عمور ؟! إنه البكري يا ولد ، اتبع مشاكسًا أبيه يذكره بجملته الاثيرة لهما - أليس كذلك يا دادي ؟!
ابتسم خالد ساخرًا لينظر إلى احمد الصامت قليلاً قبل أن يهمس : نعم إنه البكري ، ابني البكري
رفع أحمد رأسه بسرعة لينظر إلى خالد الذي ومضت عيناه بغضب مكتوم و خذلان آلم قلبه ليخفض رأسه سريعًا مؤثرا صمت خانقًا لحديث كثير متراكم بداخله ، حديث اختزنه على مدار سنوات متتالية كثيرة يقمعه حتى لا يطفو على السطح ولكنه الآن يهدد بثورة عارمة إن لم يحتويه ستنفجر مخلفة وراءها كثير من الدمار سيلحق به .
***
يجلس من خلف مكتبه يبتسم على أحاديث حاتم و آدم المرحة و اللذان يتعمدا مشاكسة بلال بأخوة حتى يجبراه على الضحك فيشاركهما بعض الأحيان أو يتذمر و يزمجر في وجهيهما البعض الآخر ، انتبه على صوت حاتم المرح الذي هتف : هيا يا سيادة المستشار أخبرنا عن الأمر السعيد الذي جمعتنا لأجله.
رفع آدم حاجبيه ليسأل بجدية : ما أدراك أنه سعيد ؟!
اجاب حاتم بفطنه : لأن أمير يبتسم على نكاتي، اتبع بتفكه - و هذا لو تعلمون عظيم.
ضحك أمير بأريحية ليشاركه آدم الضحك ليبتسم بلال قبل أن يهتف ممازحًا : لتعلم فقط أنك غليظ حتى أمير لا يضحك على نكاتك إلا حينما يكون رائق المزاج .
حينها أجاب أمير بعفوية : لا و الله ، حاتم خفيف الظل و دومًا يثير ضحكاتي.
أصدر حاتم صوتًا مغيظًا ليرقص لبلال حاجبيه بمشاكسة ، لينطق بلال بمزاح : هكذا يا أمير،
لينطق آدم بتعجب و هو يضحك : أتريده يكذب لأجلك يا بيلي ؟!
ابتسم بلال ابتسامة مغيظة في وجه آدم ، لينفجرا الاثنان في الضحك ، فيشاركهما بلال الضحك أخيراً فيهتف حاتم بصوت مرح ضاحك : يا للهول، أخيراً ضحكت ، من أين أشرقت الشمس اليوم يا آدم ؟!
أجابه بلال بخفة : من قفاك يا غليظ .
جلجلت ضحكاتهم ليهتف آدم هذه المرة : هيا يا أمير أخبرنا ما الأمر الذي دعوتنا لتخبرنا به؟!
زفر امير أنفاسه بأكملها : اعتقد أن لديكم جميعا خبر عنه.
ابتسم حاتم بفرحة حقيقية : إذًا دعوتنا لأجل خطبة موني.
‏أومأ أمير برأسه : نعم لأجل أن اخبركم بأن خطبة يمنى ستعلن رسميًا في عقد قران أسعد حينما يعود بإذن الله .
‏هتفوا جميعًا بالمباركة و دعواتهم لعودة أسعد سالمًا قبل أن يهتف آدم بجديه : يعد سالمًا ، مبارك يا أمير .
‏ابتسم أمير : بارك الله فيك، العقبى لصغيرتنا.
‏صمت آدم قليلاً لينطق بثبات : اعتقد أنه سيكون قريبًا .
‏اعتدل حاتم بجلسته ، ليتأهب جسد بلال بينما نظر أمير باهتمام : هل هناك عريس تقدم لأسيا يا آدم ؟
‏نفخ آدم أنفاسه ليجيب بهدوء : في الحقيقة نعم، رفع رأسه لينظر لأمير متابعًا - و كلنا نعرفه.
‏زم بلال شفتيه بعدم رضا : أليست صغيرة يا آدم ؟!
‏هتف حاتم رافضًا : لا إنها أتمت الثامنة عشر و تعد بالسنة الثانية في الجامعة، لذا ليست صغيرة و لكن الأهم لدي هويته من هذا الذي دعت له أمه فجرًا ليأخذ الشقراء الغالية ، صغيرتنا كلنا ؟!
‏أجاب آدم : زياد صديق عزالدين و زميله بالعمل ، الولد من عائلة جيدة ، مستواه العلمي و الأخلاقي جيد ثم إن هناك صداقة تجمعه بآسيا حسب ما فهمته منه وأحاديث منذ وقت ليس بكثير ولكنه لم يشأ أن يخفي علي علاقتهما سويًا ، كان أخبر عزالدين من قبل عن محادثتهم عن طريق الانترنت ولكنه بآخر مرة أخبرني ، و شرح لي أنه لا يريد أن يدلف إلى بيتي و يكون معجبًا بابنتي و يصادقها دون معرفتي و أنا قدرت له هذا الأمر كثيرًا.
‏أومأ أمير باستحسان ليهتف حاتم : إنه محترم و خلوق رغم تربيته خارجًا ، وجيد أن الأمر يكون بعلمك ومعرفتك أنت وايناس .
‏نطق بلال أخيراً : خلوق و محترم ، لذا صادق الفتاة ثم أتى ليخبر آدم و كأنه يتفضل عليه بالمعرفة ، و نعم الأخلاق الحقيقية ، تبادل آدم و حاتم النظرات ليهدر بلال متابعاً - و ابنتك الجميلة الشقراء الفاتنة ، كيف تصادق أحدهم دون خوف أو رهبة ؟!
‏رمقه حاتم بتعجب لينطق آدم بانزعاج : و لماذا عليها أن تشعر بالخوف أو الرهبة ؟!
‏اجابه بلال بغضب : لأنها صادقت شاب غريب عنها .
‏اندهش آدم ليجيب بعفوية : أنه صديق أخيها ، فلا يعد غريبًا ، ثم إن آسيا لها العديد من الأصدقاء الذكور هل ستشعر بالخوف كلما اقترب أحداً منها أو كلما تبادلت الحديث مع شاب ما؟!
هدر بلال بضيق : لم أقصد ذلك أنا اتكلم عن هذا النوع من الصداقة الذي أشرت إليه .
رمقه آدم من بين رموشه ليهمس بجدية : ولماذا تخاف أن تصادق شاب وتميل إليه بمشاعرها يا بلال ، ولماذا أنكر عليها حق أنا نفسي و والدتها تمتعنا به ؟! هل نعود بالزمن لتلك الأوقات التي كان يرفض الأهل فيها زواج ابنتهما بمن تحبه ويعاقبوها على مشاعرها التي اتجهت نحو شخص جيد فآتى وطلبها للزواج ، الحب ليس شعور يُعاقب عليه البشر يا بلال ، ثم أنا متعجب من رفضك يا أخي ، أنا اتذكر أنك احببت سوزان من صغركما بمباركة عائلتكما أيضاً ، ما الذي تغير لتصبح على هذا النحو الرافض لكل هذه المشاعر .
أجابه بلال بحنق : لست رافضًا ، أنا فقط اتحدث أنها لابد أن تخشاك قليلاً يا آدم .
‏سحب آدم نفسًا عميقًا و هتف بثبات : لا يا بلال أنا لم أربي ابنتي على أن تخافني أو تخشاني، بل ربيتها أن تكون قوية .. واثقة .. لا تخشى شيئًا ، أنا أثق في تربيتي لابنتي وفيها أثق في حكمها على الآخرين ، و أثق في تصرفاتها و أفعالها.
رجف جفن بلال بتسارع فتنغلق ملامحه ويؤثر الصمت ليكمل آدم بهدوء : ثم إن آسيا لم تخفي علي بل اخبرتني حينما صارحها زياد بمشاعره بل منذ أن بدأ زياد يتحدث إليها أخبرته أنها لن تستمر في حديثهما سويًا إلا حينما تخبرني لذا هو تقدم إليها بطريقة شبه رسمية في آخر زيارة له هنا ، بل إنه عرض أن يأتي بعائلته لخطبتها رسميًا إذا لاقى طلبه قبولاً لدي
كح حاتم بخفة ليسأل : وما رأي آسيا في أمر الخطبة يا آدم ؟!
اجابه آدم : لقد تحدثت معها ، فأخبرتني أنها تجده شخصًا جيدًا و زوجًا مناسبًا و أنها تشعر بميل نحوه ، وشبه موافقة على خطبة مبدئية ليتعارفا أكثر.
‏ران الصمت عليهم لينطق أمير أخيراً : و دراستها يا آدم؟!
‏زفر آدم بقوة : إنها مجرد خطبه يا أمير أو لنكن محددين سيكون حديث رسمي فالولد بالفعل ليس متواجدًا من حولها لأخشى أن يعطلها عن دراستها أو يشغلها معه ، ولكني حينما تحدثت مع إيناس رغم أنها لم تبد رأي محدداً إلا أنها رفضت رفض تام زيارة عائلته إلا بعد أن تنهي آسيا السنة القادمة و أخبرتني أن نكتفي بجلسة تعارف فقط لنقترب من عائلته وحتى تتأكد آسيا أيضاً من شعورها نحوه .
رمقه أمير ملياً ليسأله بجدية : ما الذي يوترك إذًا ؟!أشعر أنك غير متقبلاً للأمر .
لوى آدم شفتيه بحنق : لأني بالفعل لست متقبلاً له ، و ليس لأني أشعر بالغيرة على ابنتي أو أشعر بأنه يختطفها مني كما يتبادر للذهن ، ابتسم ليثرثر بعفوية - و لا أنكر أني شعرت ببعض الغيرة و الخوف ، فهي صغيرتي التي لا يسهل علي فراقها.
صمت قليلاً ليستطرد بصراحة : ولكن لأني كنت أتمنى أن ازوجها لشخص آخر و لكن للأسف لم يستجب الله لدعائي.
ابتسم حاتم و اسبل جفنيه ليسأل بلال بجدية : من هذا ؟!
ضحك أمير و آثر الصمت ، ليجيب آدم بجدية : سليم .
اتسعت عينا بلال بذهول ليسأل بارتياع : هل عرضت على سليم الزواج من آسيا و رفض؟!
أجاب أمير ببسمه مازحة : بالطبع لا يا بلال .
هدر بلال سائلاً بعصبية : إذًا ماذا حدث؟!
تنهد آدم بقوة : أخبرته بأمر زياد فرحب بالزيجة و أخبرني أنه شاب ممتاز سيصون آسيا و يرعاها ، و سألت آسيا أيضاً فأخبرتني عن كونه أخيها الكبير مثل أسعد و عادل ، ولا تستطيع أن تفكر بهم إلا كذلك ، اتبع متفكهًا وهو يوجه حديثه لحاتم : بالمناسبة ، أخبرتها عن حسام و نادر ايضاً ، فأبدت انزعاج أكثر من سيرة سليم.
ضحك حاتم بمرح ليهتف بأريحية : نعم أعلم لقد تحدثت معها من قبل ولكنها رفضت بطريقة صريحة كعادتها ، لا أنكر أني كنت اتمناها لأحد الولدين أو لنقل تحديداً لنادر فهو قريب منها للغاية وبالطبع لن ابليها بحسام فأنا نفسي لا اتحمله فكيف ابلي الصغيرة الشقية به .
ضجت الضحكات بينهما ما عدا بلال الذي هز رأسه باضطراب ليهتف بجدية : انتظر يا آدم ، أنت تتحدث بجدية ولا تمزح ، أنت بالفعل كنت تتمنى سليم زوج لابنتك ؟!
عبس آدم بعدم فهم : آه والله ، اتبع باستفاضة وهو ينظر لبلال بتعجب - و هل هناك من يماثل سليم يا بلال ، إنه حنون مراعي عاقل و جذاب ، ثم إنه أكثر من يعرف آسيا ، و لكن كما قالت ابنتي أنه أخيها المقرب ، لذا من سوء حظنا أنه الآخر يراها صغيرته .
احنى بلال رأسه بقنوط ليتحدث أمير بجدية : اذاً آسيا لا تحب زياد يا آدم ؟!
لوى آدم شفتيه بإحباط : لا ، و قالتها لي صراحة دون مواربة ، و لكن هناك مشاعر وليدة نحوه ، لا ترتقي للحب و لكنها أكثر من الإعجاب قليلاً.
ثرثر حاتم : لكن هذا غريب يا آدم ، كيف سترتبط به و هي لا تحبه ؟!
زم آدم شفتيه ليجيب بجدية : لأنها ترى أنه زوج جيد و هذا يكفيها ، لذا أنا و إيناس قررنا تأجيل الارتباط الرسمي حتى تتأكد من شعورها نحوه.
هز أمير رأسه بتفهم ليجيب : و أنا معك في قرار التأجيل ، ليتابع أمير بهدوء - وفقها الله ، فقط أخبرها أن لا تهمل في دراستها.
ضحك آدم ساخراً : من أكثر الأسباب التي تدفعها للموافقة هي أنها ستسافر للخارج لتستكمل دراستها يا أمير.
ضحك حاتم : إنها فتاه كالجنيه الذهب يا آدم ، لا تخف عليها .
ابتسم آدم وهز رأسه إيجاباً ، ليرن جرس الهاتف الخاص لأمير فيجيب أمير بتلقائية قبل أن يهتف بجديه : حسناً ، أنا قادم بعد نصف ساعة على الأكثر.
تبادلوا النظرات ليهتف بلال بعد أن نهض ثلاثتهم : سنغادر نحن يا أمير
نهض أمير واقفاً: المعذرة منكم .
أشار آدم بكفيه : لا عليك يا أمير ، و ليهتف حاتم - كان الله في عونك.
جاورهم للخارج ليصافحه بلال بجدية : فقط أخبر ليلى أن لا تثقل عليك بأمور عقد القران و الخطبة و إذا احتاجت شيئاً أنا موجود .
ربت أمير على كتفه بلطف : سلمت يا أخي .
صافحه بلال بمودة : سلمك الله لنا يا أمير، ودعهم جميعاً ليهاتف قائد الحرس - استعد سنغادر بعد قليل.
***
__ ادخلي ، دفعها العسكري بخشونة إلى داخل الغرفة لتلوي شفتيها بحنق قبل أن تحرك ذراعها بحركة دائرية حتى تخفف ألم دفعته لتتمتم ببعض الكلمات بلغتها الاصلية قبل أن تجلس متكئه لظهر الكرسي وترفع ساقيها على الطاولة لتمط شفتيها بملل تتبرم بصوت خافت : إنه دومًا يأتي متأخرًا .
__ من الممكن أنه لن يأتي اليوم . صوت صدح من خلفها فانتفضت رغمًا عنها حينما أخذها على حين غرة الصوت الذكوري الذي لم تتعرف عليه بنبرته الرخيمة الهادئة ، لتلتفت من حولها تبحث عن مصدر الصوت لتجفل وهي تنتبه إلى من تحرك من بقعة الظلمة التي تحيط بجانب الغرفة إلى النور الذي سقط على وجهه فلم تره جيدًا إلا أن اصبح على مقربة منها فتتماسك أمام نظرات عيناه الحادتين والبرودة التي تشع منهما لتزدرد لعابها ثم تدعي عدم اهتمام وهي تعاود رفع ساقيها على الطاولة ثانية لتهتف ساخرة : أين زميلك الآخر ؟! أم أنت بمفردك اليوم ؟!
اقترب من الطاولة ببطء شديد ليقف خلف الكرسي الآخر يقبض على ظهره بكفيه هامسًا بسخرية : بمفردي إذا اردتنا صحبة سآتي ببقية زملائي ليشاهدوا العرض حصريًا أو يشتركون فيه كما تحبين.
اهتزت حدقتيها لوهلة لتسأل بريبة وهي تخفض ساقيها بعفوية : أي عرض ؟!
مرر طرف لسانه على شفته السفلية قبل أن يجذب الكرسي بحركة هادئة فيبعده قليلاً فيمنحها شعورًا بأنه سيجلس ببطء شديد فتستنفر أعصابها قبل أن يجيب ببساطة : العرض الذي تقدميه لزميلي كل مرة ، أليس متاحًا للجميع ؟!
ابتسمت ساخرة لترفع ساقيها من جديد تضعهما على طرف الطاولة قريبًا منها للغاية وليس بالطريقة المتبجحة التي كانت تجلس بها المرات الماضية ، لتشتد عيناه بقساوة قبل أن يتحرك بسرعة فيصبح بجانبها ثم يقبض على فخذيها بكفيه فيجذبها بحدة نحوه لتصرخ بفزع حينما شعرت بأن جسدها يتحرك دون أي إرادة منها ليحملها ويضعها فوق طرف الطاولة بخشونة ارتعد جسدها بألم لحظي انتاب ظهرها من قوة الجلسة ليشد الكرسي الذي كانت تجلس فوقه ليجلس عليه قريبًا منها يحتفظ بكفيه فوق ساقيها يثبتها فيجبرها أن تحاوط جزعه بفخذيها لينظر إليها ببرود : ألن تخلعي بلوزتك ، أم العرض حصري لزميلي الآخر ؟!
ارتجف جسدها رغم عنها قبل أن تهمس بصوت فضح ارتعاشاتها : ماذا تريد ؟!
رفع حاجبيه بدهشة : أخبرتك ، اتيت لأجل عرضك الكريم على زميلي الآخر ، ألن تعرضيه علي ؟!
صمتت ومقلتيها تدوران فوق ملامحه بسرعة تحاول أن تستشف ما يريده منها ليمط شفته بملل : حسنًا دعيني اخلصك من بلوزتك بنفسي.
انتفضت تحاول أن تتملص من كفيه لتهتف بحدة : لا تمد يدك نحوي .
رفع حاجبيه بتعجب ليتركها بتعمد ويعود بظهره للوراء سائلاً بهدوء : لماذا ؟!
قفزت واقفة فوق الطاولة قبل أن تقفز ثانيةً للأرض تبتعد عنه و تهتف تحذير : إياك أن تقترب مني ، أسمعت إذا تجرأت و اقتربت مني سأبلغ سفارتي بأنك اعتديت علي.
وميض ابتسامة ماكرة لمع بعينيه : سفارتك ، ألست مصرية ؟!
رجفا جفناها لتزم شفتيها ملتزمة الصمت فينهض واقفًا مقتربًا نحوها فتتراجع للخلف هاتفه : أخبرتك أن لا تقترب ، أريد محامي من سفارتي والاتصال بالسفارة ، اتبعت بصوت مضطرب - التحقيق معي غير قانوني سأقاضيكم حينما أخرج من هنا على عدم التزام المهنية معي.
ضحكة قصيرة متهكمة صدرت عنه ليهمهم بدهشة : حينما تخرجين ، من أخبرك أنك ستفعلي ؟! اقترب بخطوات هادئة - هل تنتظرين أحداً ليقوم بإنقاذك يا سيرين؟
اجفلت لتهمس بصوت مبعثر : من أين اتيت بهذا الاسم ؟!
لوى شفتيه بضحكة ماكرة ليتشدق ساخرًا : ألا يعجبك الاسم الذي اخترته لك فأنت لم تبلغينا باسمك إلى الآن ؟! نظرت إليه باضطراب جلي ليكمل بهدوء – عامةً من تنتظرينه عاد لبلدكم ، ويبلغك تحيات الماما .
اتسعت عيناها بارتياع ليخطو نحوها وهو يضع كفيه خلف ظهره : اسمعي دعينا نعقد اتفاق إذا وافقت عليه اضمن لك خروج شبه آمن ، وخاصةً أن باهر معترف بكل شيء وسيتحمل نتيجة اخطاؤه كاملة ، غير ذلك ، صمت قليلاً وعيناه تشتد بقسوة ليحنو رأسه أمام وجهها يهمس بفحيح – سأضمن لك أنك لن تري الشمس ثانيةً .
ليداعب طرف شفته السفلى بطرف لسانه ليتابع بخشونة امتلأت بها عيناه : هذا إلى جانب ما سأفعله بك والذي لا يحتاج إلى كثير من الشرح ، صدقيني عقلك لن يقوى على تخيل الحد الأدنى مما سيحدث هنا .
ارتعد جسدها لتهمس بصوت ابح خافت : أريد السفير .
مط شفتيه ليلويها بإحباط افتعله : من الواضح أنك ترفضين الاتفاق ، اتبع بصوت متحسر – يا خسارة يا سيرين أنا اشفق عليك حقاً .
ألقاها واستدار على عقبيه لتهتف بخوف امتلك حواسها : انتظر ، بسمة ماكرة وانتصار ومض بعينيه ليستدير إليها ناظرًا بلا مبالاة فتتبع – ما هو الاتفاق ؟!
هز رأسه بحركة واثقة : هذا هو الكلام ، هيا اجلسي بإعتدال لنتحدث سويًا .
***
دلف من باب الغرفة يتبعه نائبه لينهض ناصر وعلاء على الفور يؤديان التحية العسكرية بإجلال فيجيبهما بالمثل قبل أن يسأل بهدوء : ما آخر التطورات يا ناصر ؟!
خفض ناصر عينيه قبل أن يهتف بثبات : حسن توصل معها إلى اتفاق يا سيدي وهي تدلي ببعض المعلومات التي تأكدنا من صحتها حينما تواصلنا مع الجناح اليمين وأكد الكثير مما تقوله ،
أومأ امير برأسه وهو يبتسم بثقة ليتابع ناصر بجدية - وأنا اعتذر منك يا سيدي فأنا كنت حانقًا من قرار سيادتك ولكن بعدما رأيت ما احرزه معها حسن شعرت بالخجل من نفسي لأجل شعوري هذا .
ابتسم أمير ليهتف بجدية : لا عليك يا بني أنت وزميلك ضابطان لا غبار عليكما ولولا الله وجهدكما في العمل لم نكن قبضنا عليها و نحقق معها الآن ولا توصلنا لمكان الآخر الذي فر هاربًا .
هتف ناصر بحنق : وما الفائدة يا سيدي لقد هرب ولم نستطع القبض عليه أو معرفة ما كان آتياً لأجله ؟!
أجاب أمير بثقة :سيعود لا تقلق لذا أريدكما متأهبان لعودته ، ولا تقلق سنعرف سبب الزيارة قريبًا .
سأل علاء باندفاع : كيف إنه لم يترك اثر له ؟!
أشار أمير برأسه نحوها ليصدح صوت حسن صارخًا : تحدثي ما السبب الذي أتى إليه موشيه ؟! فمن مثله لا يتحرك دون سبب .
بللت شفتيها لتهمس باضطراب : لا أستطيع أن أخبرك ، موشيه سيقتلني .
ضحك حسن ضحكة عالية ساخرة ليجيبها ساخرا : وانا ماذا سأفعل اسمي عليك الرحمن وأتمنى لك نومًا هادئًا .
اهتزت حينما اتبع بفحيح غاضب : أقسم بالله العلي العظيم إن لم تعتدلي وتجيبِ على اسئلتي كاملة سأجعلك تتمني الموت ولا تطولينه مما سأفعله بك ، فأنا للآن صابر عليك ولكن حبل صبري قارب على النفاذ فانطقي من الأفضل لك .
تلكأت فضرب براحة يده على الطاولة بغضب وهو يصرخ فيها : تحدثي .
هتفت على الفور : أتى لأجل تتبع جهاز يُصنع عندكم هنا بعد أن فشلت أنا في تتبعه والحصول عليه ولكن هذا لم يكن أساس حضوره فهو قَبِلَ المهمة حتى يحقق حلمه في اغتيال شخصية هامة موضوعه في أعلى القائمة السوداء لدينا ، ليست ذات منصب ولكن هام للغاية أن نتخلص منه
هم بالسؤال لتهتف على الفور - لا أعرف هوية الشخص فموشيه لم يتحدث عنه أبداً معي ، ولكنه كان يدرك هويته جيداً بل إن هذا الشخص دفعه لأن يتعرف على آخر كان يبحث عنه كما اعتقد .
ضيق حسن عينيه : لماذا كان يبحث عنه ؟!
هزت كتفيها دون معرفة : لا اعلم ولكن أتوقع أن هناك ثأر بينه وبين هذان الشخصان .
صمت مهيب طغى عليه والتفكير يعتلي هامته ليحدثها بثبات : اكملي .
تابعت مرغمة : حينما تأكد من هوية الآخر استنتج قرابته من قائد عسكري اسمه هو ومجموعته على قائمة الاغتيالات فأبلغهم به وبهويته واعتقد أنهم يتتبعونه ويتحضرون لعمليه كبرى على الحدود سيتخلصون فيها من المجموعة بأكملها.
انتفض أمير لوهلة ليسألها حسن بجدية : هل تعلمين هوية الضابط أو المجموعة ؟!
هزت رأسها نافية :لا فهويته مطموسة لدينا الوحيد من توصل إليه هو موشيه ولكنهم يلقبونه هناك بالثعلب الصغير .
انتفض حسن واقفاً ليغادر الغرفة سريعًا فيقابل أمير الذي خرج بدوره يسير بخطى واسعة يتبعه نائبه فيسأله حسن : هل استمعت إلى أقوالها يا سيدي ؟!
أومأ أمير برأسه وهو يتماسك بصلابة ليهتف نائبه : لابد أن نتأكد أنها تقصد أسعد يا سيدي .
هتف أمير بجدية : بالطبع سنفعل ولكن لابد من تحذير القوات هناك والقيادة أيضًا .
اتبع بجدية - أبلغ قوات الدعم بحالة الاستنفار يا مهيب وأبلغ القيادة بالاجتماع العاجل .
***
تحركت برقي بعد أن ودعت والديها وشقيقها – فهم آخر من غادروا - والذي شعرت به أكثر مرحًا عن ذي قبل وهناك تناغم وليد بينه وبين أبيها فابتسمت له بدعم وقبلة وجنته متمنية إليه التوفيق في عمله بعد أن رفضت عرض والدتها في أن ترافقهم وتصمم على المكوث في البيت وهي تخبرها بأن لا تخشى عليها شيئًا .
تنفست بعمق وهي تدلف إلى غرفتهما لتتوقف مجفلة وهي تنظر إليه يجلس على طرف الفراش يسند مرفقيه لأول ركبتيه ويحنى رأسه للأسفل ، موقنة هي من جم غضبه وتقوى على تخيل جمود ملامحه ونظراته الحمراء الدامية ، مطت شفتيها ببرود لتتحرك بخفة بعد أن خلعت حذائها الأرضي بأول الغرفة كعادتها لتخطو نحو منضدة الزينة لتخلع حليها بهدوء وصمت خيم من حولها ، تشعر بنظراته التي ارتفعت فحطت على ظهرها لتتلاقى اعينهم من خلال المرآة حينما نهض واقفا ليقترب منها مبتسمًا بسخرية مريرة لمعت بعينيه ليتوقف خلفها مباشرة هاتفاً بفحيح ساخر : مبارك يا زوجتي الغالية ، اكتشفت أني الوحيد الذي لم يقدم إليك التهنئة ، وكيف سأفعل وأنا علمت مثلي مثل الجميع ، وكأني فرداً عاديًا ساويته أنت بالجميع .
مطت شفتيها واكملت خلع حليها لتسأله بهدوء : هل تعاتبني لأني لم أخبرك أولاً وساويتك بالجميع على رأيك ؟! استدارت إليه لتهمس وعيناها تجابهه بتحدي – في رأيي أنت أقل من الجميع يا أحمد .
اجفل وعيناه تتسع بصدمة ليهدر بغضب : ماذا قلت ؟!
أومأت برأسها : نعم يا أحمد ما سمعت ، أنا قلت ما سمعته أنت ، الآن وأنت واقف أمامي هكذا اصبحت أقل من الجميع ، وأنا انظر إلى ملامحك المكفهرة غضبًا .. عيناك القاسية .. روحك المختنقة بداخلك ، أراك أقل من الجميع ، أتعلم لماذا ؟! همستها بغضب كتم بداخلها آن له أن ينفجر لتتبع دون أن تنتظر اجابته – لأنك لست غاضبًا لأني اخفيت أمر حملي عنك .. لست غاضبًا لأني ساويتك بالآخرين .. لست غاضبًا لأنني فاجأتك معهم ، بل لأنك غاضبًا لكوني احمل طفلك .. لأني نجحت في تحقيق حلمي الذي ترفضه أنت .. لأني استطعت أن احقق هدفي الذي راوغتني مرارًا وتكرارًا حتى لا أفعله .. لأني استطعت كشف كذبتك وخداعك لي على مدار السنوات الماضية .
صمتت لتلتقط انفاسها لتتابع بمرارة : يا ليتك كنت غاضبًا لأني لم أخبرك بمفردك .. يا ليتك غاضبًا لأني لم أعد الاحتفال بطريقة اكثر خصوصية لنا ، و يا ليتك غاضبا لأنك لم تفرح معي بتلقي الخبر الذي اتلهف عليه منذ سنوات ، اتبعت باختناق - أنت غاضب لأنك لم ترد أن تنجب اطفالًا مني وليس لكل الأسباب التي تشدقت بها من قبل ، بل لأنك أناني .. متملك لا ترى سوى ما تريده أنت .
هدر بغضب : اخرسي يا أميرة ولا تتحدثي عن شيء لا تفهمينه .
اطبقت فكيها بقوة لتهتف بجدية : حسناً اخبرني أنت عم لا افهمه ، حدثني عنه .. قل لي اسبابك الحقيقية واعدك أني سأتفهمها .
هتف باختناق وهو يبتعد عنها : توقفي عن الهذي يا أميرة ، لقد اخبرتك من قبل .
ضحكت ساخرة : اخبرتني من قبل ، علام ؟! على كوني صغيرة فلا بأس أن ننتظر قليلاً حتى أقوى على تحمل الحمل والولادة ، أم كوني فاشلة لن أقوى على موازنة أمور حياتي وتربية أطفالي كما تفعل بقية الأمهات ، صاحت بزعقة حملت قهرها – بماذا اخبرتني يا أحمد ، أخبرني ؟!
صرخ بغضب عاتي : اصمت يا أميرة وإياك أن ترفعين صوتك ثانيةً وأنت تتحدثين معي .
ارتعد جسدها رغمًا عنها لتتراجع للخلف : أنا لا أريد الحديث معك من الأصل ، صمتت قليلاً لتهتف بهدوء – أنت لا تريد الانجاب وأنا حامل ، لذا اعتقد أن الأمر منته .
ارتدت رأسه إليها ينظر لها باستفهام فأكملت ببطء : أنا لا أقوى أن اجبرك على تقبل شيء لا تريده يا أحمد ، لا أقوى أن اتحمل غضبك .. كرهك .. ونفورك من كوني احمل طفل منك ، ولا أقوى على تصديق حبك لي في ظل هذه الكراهية التي تفوح منك نحو حملي لأطفالك والتي لا أفهم سببها ، صمتت لتسحب نفسًا عميقًا قبل أن تزفره ببطء – أنا لن اتخلى عن أطفالي منك لأنهم بالنسبة لي ثمرة عشقي لك ، أما أنت فلا تريد لشجرة ارتباطك بي أن تزدهر لذا اعتقد أن الانفصال حل سليم يرضي الطرفين .
شحبت ملامحه واتسعت عيناه بذهول ليسألها بصوت مختنق متردد : ماذا تقولين ؟!
رفعت رأسها بشموخ لتنطق بثبات : طلقني يا أحمد .
***
يتحرك هو وفرقته بخفة وسلاسة ، بعد أن انزلتهم الطائرة في مكان قريب لتنفيذ المهمة المكلفين بها ، وهي تدمير موقع حدودي ليس بكبير ولكن موقعه الاستراتيجي يعتبر هام للعدو و اجبارهم على التقهقر للخلف ، إنها عملية ليست قوية ولكن تأثيرها قوي ، فبث الرعب في قلوبهمواثبات قدرتهم على الثأر منهم أقوى تأثيرًا من ألف عملية أخرى ، أشار بيده دون صوت لبعضهم فتحركوا بخفة نحو اليمين ليشير للجانب الآخر فيتحرك ليخطو هو في المنتصف بدقة وحذر ، قبل أن يمروا بسلاسة من نقاط محددة للداخل
نظر من خلف سلاحه الالكتروني المجهز بمجس حراري يحدد وجود الأشخاص ليتحرك بخفة متخفيًا ويتبعه البقية خلفه يتحركون بحيطة وحذر إلى أن وصلوا للمبنى الرئيسي فيشير لأحدهم فيبدأ بإلصاق دوائر المتفجرات ، التقط اشارة جناحي العملية بعد فترة قصيرة بالانتهاء ، ليزفر بقوة محاولاً أن ينحي هذا الشعور الغريب الذي يختلج بصدره أن هناك شيئًا يغفل عنه ، فالموقع يعمه سكون وكأنه فارغ !!
مط شفتيه ليدور بسلاحه ثانيةً نحو هناجر الجنود والضباط ليتحرك بخفة مشيرًا للبقية أن لا تتبعه يحاول أن يعثر على أي اشارة تدل على وجود آدمين غيرهم ، لتتسع عيناه بادراك لحظي فيشير لفرقته بكفيه أن يتبعوه وهو يتراجع للخلف بحذر ، هامسًا بصوت خافت في جهاز الاتصال مع قائدان الجناحان : تراجعوا بشكل منظم دون إثارة البلبلة .
تحرك الجميع منفذًا الأوامر وحينما تجمعوا للمغادرة سطعت اضواء قوية من حولهم ليصدح صوت اطلاق الرصاص مدوي ماحيًا الصمت الذي كان يغلفهم .
***
انتهى الفصل ال31
يليه الفصل ال32


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-09-20, 06:01 PM   #312

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثاني والثلاثون

يجلس بسيارته بعد أن وصل أمام بيته بعد أن غاب عنه يومين كاملين ، بل أكثر من يومين إنهغائب منذ ذاك اليوم الذي استمع إلى ولده يناديها بمسمى ليس لها وهو يبتعد .. يعتزل .. ينأ بنفسه من دوامه تكاد تعتصره بين صراع مشاعره وعقله ، فيتحرر في بُعدها من عقدة ذنب يشعر بحبكتها جليًا في حلقه كلما فكر بأنه زج بها في دوامته التي لا ذنب لها بها فقلبه مشغول بحبيبته الراحلة ولن يكون لها مكان فيه أبدًا .
انتفضت روحه بلوم ازعجه وهي تذكره بأنه افتقدها هذه الأيام التي ابتعد بها وأن نفسه افتقدت الراحة التي يشعرها بجوارها وعقله يذكره بعدد المرات التي فكر فيها وهي بعيدة عنه وفي كل مرة كانت تتراءى بأفكاره كانت تتواصل معه باتصالها وكأنها تشعر به فتهاتفه ليتبادل معها كلمات قليلة بينما هي تثرثر إليه بكل أحداث يومها ويوميات مازن وجنى .
سحب نفس عميق وهو يفكر في نظرات جنى المتعجبة من غيابه عن البيت وأسئلتها التي تتجلى بوضوح في عينيها دون أن تنطق بها فهي تلتزم الصمت وتقف في منطقة حياديه تنتظر الفهم أما ما أتى به حقًا هو حال ولده المنقلب فمازن هاتفه الظهيرة متعجبا من غيابه ويسأله بحنق ظهر بوضوح في صوته عن السبب القوي الذي يدفعه للمبيت في المشفى بدلًا من البيت ليخبره بهدوء أنه سيعود الليلة ولذا هو الآنأمام الباب يهدأ من خلجات شعوره ليدلف إلىالبيت وهو راسمًا راحة لا يمتلكها ولكنه ينشدها.
تحرك نحو منزله بعدما أغلق سيارته ليفتح الباب بمفتاحه كالعادة ويدلف إلى الداخل ، يسحب نفسًاعميقًا فتلفح رئتيه رائحة وجودها الذي لف المكان من حوله ازدرد لعابه باختناق تحكم في حلقه وهو يتحرك للداخل بخطوات بطيئة للغاية فيقابله صوت حور الجالسة بردهة البيت الواسعة : هل أتيت أخيرًا يا بني ؟! حمد لله على سلامتك .
ابتسم بمودة وهو يتجه نحو حور ينحني عليها يحتضنها ويقبل قمة رأسها فتربت على وجنتيه بأمومة تنظر إليه بعينين لامعتين وكأنها تدرك عمق صراعه الروحي فتربت على وجنتيه ثانية فيشعر بأنها تربت على روحه المهتاجة فتسكن للحظات قليلة اندثرت حينما صدح صوتها الرقيق تهتف ببساطة : هل مازن عاد يا داداه ؟!
رفع رأسهمرغمًا ليشعر بروحه تزدهر حينما وقعت عيناه عليها فيتبعثر القلق الذي كان يسكنه ويتبدد الضيق الذي يمرح بين جوانبه ، اتصلت نظراتهما والصمت يلفهما سويًا لتهتز حدقتيه وهو يتشرب بنظراته وجودها فتدور عيناه عليها من اخمص قدميها إلى وجهها الذي حمل بسمة رقيقة رغم عتاب نظراتها الذي لم تخفيه ، سحب نفسًاعميقًاآخر قبل أن ينطق بهدوء وصوت أبح : بل أنا من أتيت .
ابتسمت لتهمهم : حمد لله على سلامتك .
تحرك بخطوات بطيئة نحوها لتخطو نحوه مرغمه كما شعر لينحني نحوها بعفوية يقبل وجنتيها فتلجأ إلى صدره بشوق لمسه جليًا في حركتها العفوية فيضمها بحضنه ملبيًا حاجتها التي لم تنطق بها ، همهمت برقه وتلقائيه سرقت أنفاسه : اشتقت إليك .
ارتعد قلبه يئن بذنب يحمله ويثقل أواصره ليربت على ظهرها ويقبل رأسها قبل أن يهمهم باعتذار صادق : المعذرة منك ، العمل أخذني منكم .
ابتسمت برقة كعادتها لتلامس طرف جفنها تمسح دمعه كادت أن تنزلق على وجنتها : لا يهم الهام أنك بخير وصحة وسلامة .
زفر بقوة : أنا بخير والحمد لله .
رتبت دون دراية كامله منها فوق قلبه هامسه بجدية : حقًاأنت بخير يا أحمد ؟!
شعر بقلبه ينتفض ثانية تحت راحتها وخفقاته تعلن اضطرابها بوضوح بين ذنبه لإهمالها وذنبه أنه ورطها معه ليهمس باختناق : الحمد لله .
ابتسمت وعيناها تنطق بعدم اقتناعها ليكح بخفة ويتحرك مبتعدًا عنها يسأل بهدوء : أين مازن وجنى ؟!
إجابته وهي تتبعه تجاه غرفتهما : مازن ذهب مع أدهم فهما يحتفلان الليلة لأن أدهم تسلم عمله في مؤسسة العائلة وجنى بعدما أوصلتني للبيت ذهبت لزيارة ليلى فهي أخبرتني أنها قلقت عليها حينما حدثتها بالهاتف عصرًا فذهبت لتؤنس وحدتها في غياب أسعد .
أومأ رأسه بتفهم لتكمل : بدل ملابسك إلىأن احضر لك الطعام .
أجاب بجدية : لست جائعًا ، أنا فقط أريد النوم .
توترت وقفتها لتجيبه أخيرًا : حسناً بدل ملابسك وسأعد لك شيئًا خفيفًا لتؤكله قبل نومك .
أجاب بهدوء وهو يخلع قميصه بالفعل : لا تتعبين نفسك يا لميا .
بللت شفتيها وهي تتحرك من حوله تخرج إليه منامته وتضعها بجواره على الفراش : حسنًا على راحتك .
تمسك بكفها القريب حينما حاولت الابتعاد ليحتضنه بين راحتيه يربت عليه بلطف : لا تغضبي أنا فقط أحتاجإلى النوم .
إجابته بهدوء : لست غاضبة أناأقدر تعبك ومتطلبات عملك كثيرًا يا أحمد وأدعو لك بالتوفيق دائمًا .
ابتسم مرغمًا ليرفع كفها يلثم ظاهره بامتنان صدح من عمق روحه لتنتفض هي مرغمه وقلبها يختلج بصدمة ألمت به فدمعت عيناها على الفور ليهمس بجدية غير مدركًا لما يحدث معها : شكرًا لك .
نطقت بصوت أبح وهي تخفي جرح روحها : علام ؟!
رفع عينيه لينظر لها : على اعتنائك بالبيت .. على اهتمامك بالطفلين .. وعلى وجودك.
ابتسمت رغمًا عنها لتهمس بجدية : أليس هذا دوري الذي أردته من البداية يا أحمد ؟! ضيق عينيه بتركيز فاتبعت وهي تسحب كفها بهدوء من كفه - أنت أخبرتني بصراحة ودون مواربة على أسبابك لوجودي وأنا وافقت ، لذا لا أرى سببًا للشكر ، فلا شكر على واجب يا دكتور أحمد
رجف جفنه وهو يتطلع لها فهاله جمود ملامحها وابتعادها الجلي عنه ليس بجسدها فحسب ولكن بروحها التي حاوطتها حينما احتضنت جسدها بذراعيها ليهمهم : لم أقصد ما فهمته يا لميا .
ابتسمت برقه في وجهه ابتسامة لم تظهر في اخضرار عينيها الذي اختفى تمامًا خلف ومضات العسلي الرائق : إنه ليس وقت الحديث يا أحمد ، اخلد إلى النوم فأنت تبدو متعبًا .
تحركت للخارج فهم بأن يستوقفها ولكن رنين هاتفه صدح بقوة ليعبس بجدية وهو ينظر إلىالرقم الخاص الذي يتصل به ليجيب سريعًا تحت عينيها المراقبتين لتبدل ملامحه قبل أن تشعر بتشنج جسده وهو ينتفض واقفًا يستمع بإنصات قبل أن يهتف على الفور : على الفور يا سيدي، حالًا سيكون كل شيء معدًا لأجلهم .
نظرت إليه برهبة انتقلت اليها من خلال فزعه الذي شعرته لتسأل باهتمام : ماذا حدث يا أحمد؟!
أجاب وهو يبدل قميصه باخر نظيف : هناك حالة طوارئ آتية للمشفى ، لابد أن أعود إلى هناك على الفور .
ساعدته بتلقائية في تبديل ملابسه لتهمس بعفوية وهي تربت على كتفيه بعد أن ساعدته بارتداء سترته : كان الله في عونك .
التفت ينظر إليها يرجو صفح عن شيء لا تعلمه فرتبت على صدره بحنو : اذهب إلى عملك يا أحمد وفقك الله .
لم يستطع أن يمنع نفسه فجذبها نحو حضنه ليضمها بقوة قبل أن يقبل جبينها هامسًا : ادراك على خير
تنهدت بقوة لتتمتم وهي ترغم نفسها على أن تبتعد عن صدره : بإذن الله .
تنهد بقوة وهو يهرع إلى الخارج بخطوات متلاحقة لتزفر بقوة وهي تتابعه بنظراتها التي كساها الحزن الذي حط بقلبها وحدسها به لم يظل حدس بل اصبح يقينًا واضحًا لا يقبل الجدل.
***
ابتسمت برقة وهي تفتح إليها الباب : مرحبا بك ، تعالي .
دلفت جنى من الباب برقة لتحتضنها يمنى بمودة قبل أن تهمهم اليها جنى : كيف حال خالتي ؟! أهي بخير؟! صوتها لم يعجبني حينما حدثتها عصرًا ولولا دعوة أميرة كنت أتيت لها بعد العمل مباشرةً .
ابتسمت يمنى بمكر لتهمهم بمشاكسة : خالتك بخير يا حبيبة ابن خالتك ، ولكنها نزقة قليلًالأنخطيبك العزيز لم يجيب هاتفه طوال اليوم .
زفرت جنى بقنوط لتهمهم بصوت أبح : نعم أعلمفأسعد بالفعل لم يجيب على رسائلي ولا اتصالاتي طوال اليوم ، زفرت بقوة لتكمل وهي تهدأ من قلبها الذي يخفق بجنون – ولكن هذا عادي بعض الأيام يتغيب فيها ثم يعود للرد علينا .
أومأت يمنى برأسها موافقة لتلوى شفتيها : ولكن ماما في كل مرة تشعر بالقلق عليه ، أكملت بهدوء – لا أنكرأن قلقها هذه المرة غير طبيعي ولكن ماذا نفعل ما باليد حيلة لو بابا هنا كان احتوى نوبة القلق التي تنتابها من وقت لآخر ولكنه في العمل ومن الواضح أنه لن يعود مبكرًا
تنهدت جنى بقوة : بإذن الله خير سيجيب أسعد بعد قليل ويطمئنا جميعًا .
ابتسمت يمنى برقة : إن شاء الله ، هيا ادخلي إليها فهي ستفرح وتلتهي بوجودك قليلًا .
تحركت جنى بالفعل لتتبعها يمنى فتسألها جنى : هل هي بالمطبخ كعادتها ؟!
ضحكت يمنى برقة وأومأت براسها : تحفظينها جيدًا .
اسبلت جنى عينيها لتجيب برقة : عمري كله قضيته بين رحاب بيتكم يا موني ، أقل واجب أناحفظ ردود أفعال من احتضنتني طوال حياتي وكانت لي أم بديلة .
ابتسمت يمنى لتحتضنها ثانيةً وتهمس : هي الأخرى تعدك ابنة لها ، تعالي .
جذبتها يمنى من كفها لتهتف بمرح وهما تدلفان إلى المطبخ : انظري يا ماما من هنا .
رفعت ليلى عينيها لتشرق بفرحة كانت غائبة عنهما لتهمس بوهن : يا ألفأهلاوسهلاً ، تعالي يا جنى أنرت البيت يا حبيبتي .
ضحكت جنى لتقترب من ليلى تحتضنها من كتفيها وتقبل وجنتها القريبة فتهتف ليلى باعتذار صادق : المعذرة يا حبيبتي ولكن يداي متسختان من العجين فلا استطيع أن احتضنك بطريقة لائقة .
ضحكت جنى برقة : لا عليك يا خالتي ، كيف حالك اليوم ؟!
تنهدت ليلى وهمهمت باختناق : بخير والحمد لله .
أجابت يمنى بمشاكسة : إنها ليست بخير والسبب خطيبك العزيز إنه لا يجيب هاتفه لذا هي قلقة عليه .
زمت ليلى شفتيها دون رضا لتربت جنى على كتفها : لا تقلقي يا خالتي إنه بخير فقط تعلمين متطلبات وظيفته ، كلها ساعات قليلة ويجيب عليك ككل مرة .
ابتسمت ليلى بارتعاش وهمست برجاء نبع من قلبها الخائف على الغائب : بإذن الله ، سيعود سالمًا ويجيبني .
عبست جنى بتفكير لتنظر إلى يمنى بتساؤل فأشارت إليها يمنى بعينيها أن هذه حالة القلق التي تحدثت معها عنها لتكح جنى بخفة وتهتف بمرح : ماذا تعدي يا خالتي ؟ اخبريني وأناأساعدك.
أشارت إليها ليلى برفض : لا يا حبيبتي ، حتى لا تتسخ ثيابك .
هتفت يمنى بجدية افتعلتها : ارتدي مريول المطبخ الآخر يا دكتورة وساعدينا في صنع الكعك الذي أتى لماما هاتفًا في هذا الليل أن تعده لأجل الغائب الذي لا نعلم موعد عودته .
زمت ليلى شفتيها لتهتف بحنق : سيعود بإذن الله ، سيعود سالمًا ويأكل منه ، لتتبع بغضب ناهرة ابنتها – ثم أخبرتكأن لا تساعدينني إذا كنت متضايقة من صنع الكعك .
ضحكت يمنى بينما تحركت جنى لترتدي المريول بالفعل بعد أن لملمت خصلاتها ووضعت حقيبتها خارجًا لتهتف يمنى بمرح مشاغب : إذا لم أشاكسك أنا من يشاكسك يا أم عادل ؟!
هدرت ليلى بغضب : يمنى ، كم مرة أخبرتك ؟!
فتضاحكها يمنى بمشاغبة : نعم .. نعم أعلم المعذرة منك يا أمأسعد ، عبست جنى بعدم فهم وهي تنقل نظراتها بينهما فتابعت يمنى شارحة وهي تضع صينية الكعك بالفرن الكهربائي – ماما مقتنعة تمام الاقتناع بأن اسعد البكري لذا على الجميع مناداتها بأم أسعد .
تحدثت جنى بعفوية : أليس هو وعادل تؤام ؟!
زمجرت ليلى بعدم رضا لتجيب بجدية : أسعد من أتى أولًا ، لذا هو البكري .
رفعت جنى حاجبيها بتعجب لتكتم يمنى ضحكتها وتهمهم لجنى التي جاورتها يصنعان رقائق الكعك : إياك والاعتراض ستضعك بالقائمة السوداء على الفور ، ثم أنا لو منك افتخر بكوني زوجة البكري فمكانتك حينها ستكون من مكانة أسعد .
اتبعت يمنى بصوت مرتفع : على رأي بابا لك الله يا عادل يا بني .
تأففت ليلى بضيق و آثرت الصمت حتى لا تجيب ابنتها فتهتف جنى برقة : خالتي ليلى تمتلك أطيب قلب في الدنيا أنا متأكدة أنها لا تُفَرقّ بينهما في المعاملة بهذه الطريقة التي تلمحين إليها يا موني .
ضيقت يمنى عينيها لتهتف بمرح : يا سلام يا آنسة جنى ، أرىأنك تتخذين موقف دفاعي عن حماتك العزيزة يا زوجة البكري ، اتبعت بمرح – ليكن بعلمك ماما نفسها لا تستطيع أن تنفي بأنمعاملتها لأسعد تختلف عن معاملتها معي أنا وعادل .
زفرت ليلى بضيق والوهن يشتد عليها وكأن سقم روحها انتقل لجسدها فجعله ضعيفًا لتهمس بحنق وهي تغطي العجين وتتركه ليهدأ ويتخمر : ستعلمين جيدًا يا يمنى حينما تتزوجين وتنجبين أن الأطفال جميعها ذات غلاة واحدة ولكن يتبق قلب الأم معلق بالغائب دومًا عنها .
ابتسمت جنى لتجيبها برقة : إنها تمزح معك يا خالتي .
تنهدت ليلى بتعب وهي تغسل كفيها لتنشفها بمنشفة صغيرة معلقة خصيصًا لأجلها لتربت على كتف جنى بأمومة : اعلم يا ابنتي ، سأذهب لأصلي العشاء وادعو لكم جميعًا بالصلاح والهداية.
ردا سويًا : تقبل الله منك .
تنهدت جنى بقوة وهمهمت : أشعر بها متعبة .
أومأت يمنى وعيناها تشرد لوهلة : نعم هي بالفعل متعبة ولكنها تكابر حتى لا تعترف أناختفاء أسعد السبب .
اهتزت حدقتي جنى بخوف امتلكها لحظيا قبل أن تنحي شعورها جانبًا : سيكون بخير إن شاء الله .
تمتمت يمنى : بإذن الله ، اتبعت بخفة – هيا اخبريني كيف حال أميرة ؟!
أشرقت ملامح جنى بفرحة عارمة وهتفت بسعادة : أميرة حامل .
اتسعت عينا يمنى بحبور لتهتف بعدم تصديق : حقًا ؟! يا الله الحمد لله على نعم الله الواسعة ، افرحتني جدًا يا جنى سأذهب إليها و ابارك لها بنفسي اتمه الله عليها بالخير يا رب .
تمتمت جنى بفرحة : اللهم آمين العقبى لك يا موني .
رقصت موني حاجبيها : أنتم السابقون يا جنة فأسعد لن يصبر كثيرًا .
احتقنت جنى وشعرت بالاختناق لوهلة وذاك الخاطر المزعج يمر في رأسها لتهمهم بحنق : ولماذا لا تكوني أنت اعتقد أن ابن عمي العزيز يتحين الفرصة لاقتناصك ؟!
رفعت يمنى رأسها بشموخ : أنت لن تقوي على رفض طلب الفارس الهمام وستستجيبين لعدم صبره على إتمام الزفاف أماأنا فعمار لا يملك سوى الصبر والاحتساب لله .
قهقهت جنى ضاحكة لتهتف بإغاظة : لك الله يا عمار واعانك على المهرة كما يقول ويلي ، عبست يمنى بتساؤل فضحكت جنى واتبعت – أقصد عمو وائل فسيادة الوزير كان يسأله اليوم عنك ومتى ستتم خطبتكما ؟!
اسبلت يمنى جفنيها لتهمهم بجدية : اليوم سألني بابا و أجبتهبأني موافقة ، سأمنح نفسي وعمار فرصة ثانية .
اتسعت ابتسامة جنى لتربت على كفها بجدية : خير ما فعلت ، أنا سعيدة لأجلكم ، تمتمت وهي تحاول أن تهدأ قلقها الذي يزداد – فقط يعود أسعد وستكتمل فرحتي بوجوده .
هتفت يمنى بمرح : يا سيدي .
تخضب وجه جنى بالأحمر القاني لتسبل جفنيها قبل أن تهتف بها سائلة : أين بقية العجين لأعده ؟!
زمت يمنى شفتيها بعدم معرفة : لا أعلم ولكن سأسأل ماما .
تحركت يمنى للخارج لتغسل جنى كفيها وتتناول هاتفها لتعيد الاتصال به فتعبس بانزعاج قوي وصوت السيدة المملة تخبرها بأن الهاتف مغلق لتزفر بقوة وتهمهم لنفسها بأنه من الواضح ان الهاتف انتهى شحنه وصاحبه غائبًا !!
تنهدت بقوة وهمت بالجلوس ثانية لتنتفض بفزع حينما وصلها صوت يمنى التي تصرخ بقوة : انجديني يا جنى ، ماما وقعت مغشي عليها .
***
رفعت رأسها بشموخ لتنطق بثبات : طلقني يا أحمد .
ضيق عينيه ليهمس بفحيح غاضب : هل جننت يا أميرة ، ما هذا الهراء الذي تتفوهين به ؟!
رفعت رأسها بشموخ : ما سمعته أنت ، أم لم تسمعني جيدًا ، استطيع أنأعيد طلبي إليك مجددًا
اقترب منها بهدوء لينطق بثبات : لا أشكرك ، لقد سمعت ما تفوهت به منذ قليل ، ولكني لم أتخيل أبدًا أن تجرؤِ وتفعلينها يومًا.
رفعت حاجبها باستنكار لتهمس ساخرة : أجرؤ ؟!
أومأ برأسهإيجابًا وعيناه تزداد قساوة : نعم يا ابنة خالتي ، يا من ربيتها على يدي صغيرة ، يا من ترعرعت على حبي لها وعشقها لي ، اليوم تقفين أمامي تتحديني وتطلبين الطلاق .
سحبت نفسًاعميقًا لتهمس بثبات : نعم أنا ابنة خالتك الصغيرة التي ربيتها على يديك لتضمن أنها حينما تكبر ستقف أمامأبيها وتتحداه لتتزوج منك ، أنا ابنة خالتك الصغيرة التي كبرتها على حبك لتضمن أنها لن تجرؤ يوما على معارضتك ، أنا ابنة خالتك الصغيرة التي تزوجت منها وتعايشت على حبها وعطاءها ناكرًا عليها ابسط حقوقها في أن تكون أمًا تحمل أطفالك وتعتني بهم ، اتبعت بغضب فاح من نبراتها – حقًا في بعض الأحيان أتساءل هل احببتني حقًايا أحمد ، أمأنا ابنة خالتك الصغيرة التي تزوجت منها لأسباب كثيرة الحب ليس من ضمنها ؟!
اختنق حلقه ليبتسم ساخرًا وهو ينظر إليها بعينين مليئتين بالعتاب : تشككين في حبي لك ؟! ليتبع وبسمة ساخرة تشكل ثغره – إنها ليست المرة الأولى التي تفعلينها لذا أنا لست متعجبًا ، وإذا كنت تشكين في حبي لك بعد هذا العمر ونحن سويًا فمن أنا لأحاول أن اثبت لك مقدار عشقي لك وأخبرك لماذا اقترنت بك يا أميرة ؟!
صاحت بحدة : بل أناأريدكأن تخبرني .
صاح أمامها بغضب : عن ماذا ؟!
اقتربت منه تواجه تنظر لعمق عينيه وتسأل : تخبرني عن أسبابك في الاقتران بي ، تخبرني عن كيفية تصديق هذا العشق الذي تتشدق عنه وأنت ترفض أن انجب منك طفلًا يحمل اسمك ، أنتخبرني عم تخفيه عني ، بل اخبرني عن آخر سفرة لك والتي أتيت منها متبدلًا، صمت وهي تلهث بانفعال لتتابع بجبروت - اخبرني عن كل شيء تخبئه عني يا أحمد .
رجف فكه ليهمس بصوت أبح وهو يلملم روحه التي بعثرتها دون قصد منها : وهل هذا سيعيدنا لما كنا عليه يا أميرة ؟!
أجابت بيقين : بل سنكون أفضل .
ضحكة قصيرة ساخرة صدرت عنه ليجيبها هازئًا : حقًا ؟! إذًا ستنسين كل شيء وسنبدأ من جديد إذ أخبرتك عن كل إجاباتك السابقة ، همت بالرد ليقاطعها بجدية – وإذا فعلت أنت ، هل سأنسى أناأنك اجبرتني على ما لا أريد ؟!
رجفا جفنها ليشحب وجهها فيكمل بجدية : ماذا يا أميرة ؟! هل ذكرتك بم غاب عنك في اندفاعك الجلي للبحث عن أسباب ليست متواجدة ؟!
ابتسم باستهزاء جلي ومض بعينيه : هل توقعت يا أميرةأني سأغفر كل ما فعلته بي الليلة ، هل توقعت أني سأغفر لك قرار الحمل الذي اتخذته بمفردك فخططت للأمر واستغفلتني الفترة الماضية بأكملها وأنت تسعين جاهدة لإتمام الأمر ؟! هل سأسامحك على ما فعلته الليلة وأنكتتعمدين لي ذراعي ووضعي أمامالأمر الواقع وتخبريني أمام العائلتين عن أمر حملك الذي لاأعرفه ؟! هل سأنسى جلوسي بالأسفل لا افرق عن الكرسي شيئًا فلا أقوى على إجابة أسئلة أخيكأوأبيك ، هل سأقوى على تخطى شعوري بأنك خدعتني .. راوغتني .. كذبت علي ؟!
استجمعت كبريائها فهدرت بقوة وتحدي كلل هامتها : أنا لم اكذب عليك ولم اخدعك ، بل أحببت أنأخبرك .. أن افرحك ولكن ماذا فعلت أنت ؟!! ومضت عيناها بغضب قبل أن تتبع – قهرتني يا أحمد .
اجفل وتراجع مرغمًا للخلف لتتابع بصوت بح من صراخها في وجهه والحزن يكتنف روحها : تلك الليلة التي أخبرتني بها أني لا أصلح لشيء ، كنت أريدأن أخبرك بأني احمل منك طفلًا ، ولكنك لم تستمع ولازلت لا تستمع إلا صوتك .. عقلك .. نفسك .
تحشرج صوتها رغمًا عنها لتتابع باختناق : لم أفكرأبدًاأنهسيأتي يوم أطلب الانفصال عنك ولكن الآنوأنا اقف أمامك اشعر أنه الحل الأمثل لنا ، فأنا لن اتخلى عن أطفالي أبدًاوأنت لا تريدهم ، اغمضت عيناها لتتابع بصوت ابح - لن نقوى على الاستمرار هكذا يا أحمد فمن فضلك ..
اغتص حلقها بقوة واحنت عنقها حتى لا يلتقط دموعها التي بدأت في التوافد على عينيها ليقشعر بدنه ويرجف قلبه .. تختض روحه وهو يشعر بدنو نهاية لا يريدها ليتمالك ويشد جسده بصلابة قبل أن يهمس بثبات ادعاه بعدما استدعى كبرياءه : سأغادر يا أميرة ، دون أن تطلبي كنت سأفعلها، فأناالآخر لن أقوى على الاستمرار هكذا .
اشاحت بوجهها بعيدًا لتبتلع كومة الدموع التي تجمعت بحلقها وخاصةً حينما شعرت بأنهيتحرك ليغادر دون أن يرف بجفنيه ، استدارت تنظر إلى الباب الذي خرج منه لتشعر بالفراغ الذي خلفه بمغادرته تنظر إلى الظلام الاتي من الخارج والذي ابتلعه فلم تعد قادرة على رؤيته لتشعر باختناق قوي ودموع كثيرة تحرق ماقيها لتسحب نفسًاعميقًا ثابتًا وتهمس لنفسها : لن تبكي ، ستحافظين على ثباتك لأجلهم .
حاوطت بطنها بكفيها لتهمس بثبات وهدوء : سأفعل أي شيء لأجلكم .
***
يجلس على الأرجوحة دون اهتزاز يقبض بكفيه على حافتها بجانبيه ويزرع قدميه في حشائش الحديقة ، اختفت الطاولة الكبيرة وانطفأت الأضواء وكل شيء من حوله ساكن .. هادئ .. معتم حتى القمر ضن عليه ببعض من الضوء لعله يرشده في حل معضلته معها ، إنه غاضب بشدة .. متألم بشدة .. ومجروح منها بشدة ، وكل هذه المشاعر مجمعة أضاعت عليه فرحته بأن أميرته تحمل طفلًا من صلبه ، فرغم كل شيء هناك نبضات بخافقه أعلنت فرحتها دون اهتمام بحساباته الأخرى المعقدة ، بل هللت وبشدة على وجود طفل أخيرًا يربط بينهما .
نبهه عقله عن كونها همست بأنهأكثر من طفل فيزداد وجيب قلبه بخفقات هللت تضامنا مع الأخريات اللائي لم تتوقف عن التهليل قط .
ليزجره عقله وهو يفكر بم سيفعله فهو لا يقوى على البوح لها .. لا يقوى على إخبارها .. ولا يقوى على النظر لعينيها إذا تحامل على نفسه وقص لها كل شيء .
زفرة قوية خرجت محملة بالأسى الذي يعشش بداخله لينتفض بقوة حينما شعر بيد قوية حطت على كتفه ليستدير مجفلا فيقع أسير مقلتيه الزرقاء الوامضة بعدم الرضا ، همس بعفوية : دادي .
فيتشكل ثغر خالد ببسمة هازئة ليجيبه بهدوء : جيد أنك لازلت تتذكر أني دادي .
رجف جفنه ووجهه يشحب بقوة ليتحرك خالد بهدوء يجاوره جالسًا وهو يتابع : لا اعتقد أنكتتذكر ولكني أذكر جيدًا .
التفت إليهسائلًا برهبة : تذكر ماذا ؟!
أجابه خالد دون النظر إليه : أنيأول من دعوته دادي .
شعر بجفاف شديد في حلقه فيكمل خالد بهدوء وهو ينظر أمامه فلا يحيد ببصره إليه : باسم مات وأنت صغير لا اعتقد أنك تمتلك أي ذكرى معه ، وكنت أنا من اراعكم حينها ، كنت صامتًا معظم الوقت فحديثك منذ صغرك كان متعسرًا الطبيب أخبرناأنك لا تميل للبوح وتشعر بالكسل لذا لا تتحدث ، ورغم أنك تخطيت سنتك الأولى كنت تنطق ببعض الكلمات التي لم تكن مفهومة لدينا إلا هذه الكلمة " دادي" كنت تدعونني بها كلما رأيتني ، حتى قبل أن اتزوج بمنال .
صمت مهيب خيم عليهما قبل أن يتابع خالد بجدية : وحينما تزوجت من منال توطدت علاقتناأكثر من ذي قبل ، لم اشعر يومًا أنك لست بولدي وأنت لم تشعرني يومًا أني لست أبيك الذي انجبك ، حتى حينما أخبرتكأني لست بوالدك حينما هممت بالدخول إلى المدرسة ، كنت خائفًاحينها أن تُصدم أو تتراجع في علاقتك بي ولكنك لم تفعل ، لن انسى قط أنك نظرت إلي مليًا قبل أن تتحدث بهدوء أنيأبيك الذي تعلم وهذا يكفيك ، حتى حينما رزقت بأخويك لم يتغير شيئًافكنت أنت الأقرب لي دومًا ، كانت تجمعنا علاقة أكثر من كوني أبيك وأنت ابني ، ولكن هناك شيئًا ما تغير وأنت لم تلجأ لي كعادتك ، هناك ما تبدل بك يا أحمد ورغم أني ادركت تبدلك إلاأني منحتك الفرصة الكاملة والوقت الكاف لتخبرني ولكن بعدما حدث اليوم يكفي ما منحتك إياهبالفعل فلم يعد لديك لا الوقت ولا الفرصة ، صمت خالد قليلًا قبل ان يتابع أمرًا - أنت اليوم ستخبرني عم حدث معك وابدلك هكذا .
زفر أحمد بقوة : هذا سؤال متأخر جدًا يا دادي ، سؤال كان من المفترض أنتسأله لي منذ عدت بعد أن أنهيت دراستي بلندن ، رفع عينيه لينظر إلى خالد ببرود – أو ليس هذا الوقت الذي شعرت فيه بتبدلي ؟!
عبس خالد ليهمس باستنكار : هل تلومني لأني لم أسألك ، لأني لم أشأ أن أتدخل بحياتك و تعاملت معك كرجل ناضج يقوى على حل مشاكله والاحتفاظ بأموره لنفسه .
هدر أحمد بحنق متراكم بداخله : إلا هذا الأمر ، لم أقوى على حله أو التعايش معه ، ولم أقوىعلى البوح به أيضًا يا خواجة .
زم خالد شفتيه ليهمس بتساؤل غاضب : لماذا ؟! ماذا حدث ؟!
ضحك أحمدساخرًا ليهمس بتساؤل غير مصدق : ألا تعلم حقًا ؟!
هدر خالد بغضب : اعتدل يا ولد و أجب بوضوح ، لو أعلم لن أسألك ، لذا حينما أسألك تجيب صاغرًا .
أومأ أحمدبرأسه في طاعة ليهمهم ببسمة متألمة : أمرك يا دادي .
زجره خالد بنظراته ليتابع أحمد بثبات حاول ادعاءه ولكن ارتجاف شفتيه فضحه حينما همس باختناق : من أينأبدأ يا أبي الحبيب ، يا من ربيتني وكبرتني على يديك ؟!
نهض واقفًا و كأن جلوسه ما عاد يفيد ليترنح أمام خالد وكأنه لا يقوى على الاتزان لأنه يبوح بم يؤرق روحه ويتعب قلبه : هل أبدأ منذ هذه اللحظة التي اكتشفت فيها أني امتلك أخ يكبرني .. أخ في رتبة عدو يحمل جنسية مختلفة ويعتنق دين مختلف ويبغى أن ينتقم منك ويقتلك لأنك سرقت كل ما كان لأبيه قبل أن تقتله ؟!
اتسعت عينا خالد بصدمة ألمت به ليهدر بقوة : ما هذا الجنون الذي تتفوه به يا أحمد ؟!
أشار إليهأحمد فوق فمه ليهمس إليه بجنون لحظي انتابه : اخفض صوتك و اهدأ يا خواجة ، فنحن نريد ألا يفتضح أمرنا ، أمرأخيك الخائن و أمركأنتالآخر .
انتفض خالد واقفًا ليقترب منه بجمود هاتفًا بغضب اعتم زرقاويتيه : أقسم بالله إن لم تعتدل وتتحدث بجدية سترى مني ما لم تره قط .
ضحك أحمد باستهزاء جلي ليسأله بصوت مختنق ببكائه : لا تصدق ، أليس كذلك ؟! انسابت دمعة خائنة من طرف عينه ليتابع بمرارة غلفت نبراته – أناالآخر بأول الأمر لم اصدق ، ولكني حينما رأيته لم يدع مجالًا للشك بداخلي ، إنهيشبهه للغاية ، قطعه منه ما عدا مقلتيه اللتان ورثهما منك يا دادي .
اقترب من خالد لينحني نحوه ينظر إلى عينيه ويهمس بفحيح متألم : إنهما يشبهان مقلتيك كثيرًا بتلك الزرقة المضيئة وحينما يغضب يشتد سوادهما مثل حدقتيك الآن شديدتا السواد .
همس خالد دون وعي : عمن تتحدث يا أحمد ؟!
ليصلب أحمد طوله مجيبًا بتلقائيه : عن ابن أخيك البكري ، عن موشيه .
اهتزت حدقتي خالد برفض وهو يهمهم بعدم تصديق صريح : هل جننت يا أحمد ؟!
تعالت ضحكات أحمدرغمًا عنه ليتحكم بها في صلابه فيخنق صوتها ولكن جسده اهتز بضحكاته الحزينة ليهمس بوجع : بل أنا عاقل ، ولكن الصدمة قوية يا خواجة ، قوية للغاية ، أناحقًا مشفق عليك .
تحرك خالد نحوه ليقبض على مرفقه بقوة هادرًا بغضب : من أخبرك هذا الهراء ؟! كيف استطاعوا أن يغسلوا مخك بهذه الطريقة الرديئة ، لطالما كنت ذكيًا بل منذ صغرك وأنت متقد الذكاء ، كيف استطاعوا خداعك وأُهموك أن هذا الكذب حقيقة لتصدقه ؟!
تجمد أحمد للحظات قبل أن ينطق بثبات وهو ينتزع مرفقه من يد خالد : لأنه ليس كذبًا ، إنهاحقيقة واقعة ، هذا الموشيه موجود للأسف مهما انكرنا وجوده ، هذا الموشيه يسعى خلفك ليقتلك ، هذا الموشيه ورطني معه في خدعة قذره عليها كنت سأزج في السجن أو ارضخ لمطلبه.
اهتزت حدقتي خالد بعدم تصديق : وما كان مطلبه ؟!
احنى أحمدرأسه ليهمس ببرود وهو ينظر إلى خالد : أن أقتلك ، اتسعت عينا خالد بصدمة فاتبع أحمد بهدوء – فمن وجهة نظره أنت قاتل أبينا ومن استوليت على كل ما كان يملكه حتى زوجته طمعت فيها فتزوجتها .
هدر خالد وكفه يرتفع بعفوية فكاد أن يلطم وجنة أحمد ولكنه توقف بشق الأنفس : اخرس .
لهث خالد بعنف ووقف أحمدمتصلبًا مغمض العينين ينتظر لطمة خالد بثبات ليفتح عينيه بعدما شعر بأنأبيه لم يلطمه ليحني عنقه هامسًا باختناق : أناآسف يا دادي لم أشأ أن أخبرك من قبل حتى لا تغضب هكذا ، اتبع أحمد بصوت مضطرب – بل أخفيت عنك كل هذه السنوات لأني كنت اشفق عليك من هول الحقيقية
هدر خالد بغضب : أية حقيقة أيها الأحمق ، حقيقة أن لديك أخ لا نعلم من أين القي علينا به أمحقيقة أني قتلت أخي واستوليت على كل ما كان له .
اهتزت حدقتي أحمد ليشيح بعينيه بعيدًا وهم بالرد ليتبع خالد بصدمة ألمت به – هل صدقته يا أحمد ؟!
هز احمد رأسه بنفي ليبتسم خالد ساخرا مغمغمًابأسى : بل من الواضح أنك فعلت يا ربيبي العزيز .
هدر أحمدسريعًا : لا لم أفعل.
تراجع خالد للخلف بصدمة : بل فعلت يا أحمد ، انتابك الشك وساورتك ظنونك بأني فعلتها ، أليس كذلك ؟! أليس هذا السبب في أنك أخفيت عني كل هذا ولم تتحدث فيه معي من قبل ؟!
هز أحمدرأسهنافيًا : لا لم اخفي لأجل هذا ، لم اخفي عليك لأني ظننت بك السوء ، فجاك اخبرني في حينها أنك لم تفعل ، بأنك لم تقتل أخيك بل انك لم تكن تدري من الأساسأنأخيك ..
اختنق حلقه ليتابع بخزي – أنأخيك خائنًا لوطنه ولدينه .
أشاح خالد برأسه بعيدًا ليتابع أحمد بهدوء ودموعه تتساقط رويدًا : لقد أخفيت عنك الأمر لأني شعرت بالخزي من نفسي حينما تورطت معهم دون وعي مني ، شعرت بأني احتقر نفسي كلما نظرت لوجهي بالمرآة .. شعرت بأني ابن أبي وسره كما أخبرني هذا القذر وهو يقص علي خدعته التي وقعت بها بغباء لم اعهده يومًا في ، أخفيت عنك لأني لم أقوىأنأرى نظرة خذلان واحدة تلمع في عينيك نحوي .
اهتز خالد مرغمًا ليهتف بخوف حقيقي : أخبرني يا أحمد ، كيف ورطوك معهم ؟! أخبرني يا بني ؟!
رمش أحمد بعينيه ليهمهم باختناق : سأخبرك يا دادي فوقت الإنكار انتهى .
***
يدور أمامه من حول نفسه بنزق شعره فيضيق عينيه بتعجب من حالة عادل الغير معتادة منه ، يتذكر أنه شعر بضيقه حينما حدثه بعدما عاد إلى البيت مع أخيه ووالديه من الاحتفال بخبر مولود أخيه القادم فيبتسم بعفوية وهو يشعر بالسعادة لأجل أخيه الكبير ، تنهد وهو يعود بتركيزه إلى عادل الذي ينظر إلى النتائج في حاسوبه بعبوس شديد فيفكر بأنه كان محق حينما أصر على المجيء ليقضي ليلته معه ، شرد ذهنه للحظة وهو يفكر في أبيه الذي طلب منه أنيوصله لأخيه ثانيةً وحينما هم بسؤاله عن السبب زم أبيه شفتيه بطريقة أجبرته على التراجع عن السؤال والصمت إلىأن وصل فسألأبيه بتلقائية : كيف ستعود إلى البيت يا دادي فأناسأقضي ليلتي بالمشفى؟!
حينها رفع خالد عينيه إليه و أجاب بصوت هادئ : سأعود مع أحمد ، عبس عبد الرحمن قليلا فاتبع خالد أمرًا – اذهب إلى عملك ولا تهتم ، توكل على الله .
أطاع أبيه وانصرف بالفعل وهو يفكر في كل شيء حدث هذه الليلة بحالة أبيه الغريبة وحالة أحمد العجيبة ، فأحمد لم يكن سعيد كما هو متوقع ، بل إنه الوحيد الذي لم يسعد بخبر أطفاله ولولا أنه يدرك مدى عشق أحمد لأميرة كان اجزم بأنه لا يريد الإنجاب منها .
عبس بضيق والخاطر يطل في رأسه من جديد ليهز رأسه نافضًا أفكاره الخاصة بعائلته ليتحرك نحو عادل الذي يكاد يهشم الحاسوب بين كفيه ليربت على كتفه بهدوء هامسًا بجدية : ما بالك يا عادل ؟!
رفع عادل عينيه ينظر إلى عيني عبد الرحمن المهتمة ليزفر بقوة هامسًا باختناق : اشعر باختناق لا أعلم مصدره .
زم عبد الرحمن شفتيه ليسأله : هل لازالت البيانات لا تخرج سليمة ؟!
رمش عادل بعينيه ليجيب : لا استطيع التركيز جيدًا ، عقلي مشتت للغاية الليلة ، ضيق عبد الرحمن عينيه بعدم فهم ليتابع عادل بعفوية سائلًاأخبرني يا عبدالرحمن ، هل تشعر بعمر حينما يكون ضائقًا ؟!
ابتسم عبد الرحمن بأريحية ليجيب بمشاكسة : بل أشعر به في كل حالاته الانفعالية ، سواء ضائقًا أوسعيدًا ، بل إني اشعر به حينما يتدفق حنانًا كعادته ، عبس عبد الرحمن بتعجب ليكمل – ولكن هذا لأننا تؤام متماثل ، منذ صغرنا بيننا رابطة روحية فيشعر كل منا بالآخر ، هل تملك أنتوأسعد بنفس الرابطة ، ما اعرفه أنكما تؤام منفصل ، بمعنى كل منكما طفل بمفرده فقط تملكان نفس تاريخ ووقت الميلاد .
هز عادل رأسه بالإيجاب : نعم نحن فعلًا كذلك ، وليس دومًاأشعر بأسعد إلا حينما يكون أماميبمعنى أني استطيع تحليل تصرفاته وفهمها لكن تلك الرابطة القدرية لا تجمعنا للأسف .
مط عبد الرحمن شفتيه بحيرة ليسأله : إذًا ؟!
زفر عادل بقوة ليهمس بانفعال مكتوم ظهر في صوته رغم تحكمه فيه : ولكن اليوم اشعر بأنأسعد ليس بخير ، اتبع وهو يضع يديه على قلبه – قلبي ينغزني عليه بقوة وعقلي مشتتًا بسبب تفكيري فيه ، لدرجة أني هاتفته على غير العادة ، فأنا لا اتصل به وهو بعمله أبدًا ، بل هو دومًا من يهاتفني ليسألني عن شيء أو يخبرني عن شيء والاتصال لا يأخذ الكثير من الوقت فأنا اقدر متطلبات عمله واتفهمها ، ولكن اليوم من كثرة انشغالي به هاتفته .
صمت ليحثه عبد الرحمن وهو يشعر بقلق عادل ينتقل إليه : ثم ماذا حدث ؟!
تنفس عادل بعمق وكأنه يهدأ انفعاله الذي طل من حدقتيه المعتمتين : لم يجب هاتفه مغلق وهذا اقلقني أكثر
هز عبد الرحمن كتفيه يحاول أن يهدأ من قلق عادل : ولكن ألا يحدث هذا بعض الأوقات ؟!
أجاب عادل على الفور : بلى يحدث معظم الأوقات ،
__ إذًا لا داع للقلق ، ربت عبد الرحمن على كتفه وهو يحاول أن يخفف عنه ليكمل عادل بجدية وكأنه لم يستمع إليه – معنى أنه لا يجيب هاتفه أنه بإحدى العمليات العسكرية خارج المقر .
اهتزت حدقتي عادل بقلق حقيقي : لقد شعرت بالخوف أكثر بعدما هاتفته .
تصلب جسد عبد الرحمن بقلق داهمه ليهمس بصوت تحكم في نبراته حتى يظهر هادئًا : اذكر الله يا عادل ولا تدع الشيطان يوسوس إليك فيخفيك على أخيك ، بإذن الله سيعود أسعد ويجيب هاتفك .
تنهد عادل بقوة وهمهم مستغفرًا قبل أن يتبع : بإذن الله .
هز عبد الرحمن رأسه ودفعه بلطف : أنا من رأييأن تعود إلى البيت ، اترك العمل والجهاز والمشفى وعد إلىأسرتك ، لعل خوفك وقلقك على أخيكيهدأقليلًا .
نهض عادل واقفًا ليزفر بقوة : معك حق أنا لا استطيع التركيز بالفعل ، اتبع وهو يتحرك مبتعدًا– اعتذر أني أتيت بك .
عبس عبد الرحمن ليهمس بجدية : لم تأتي بي أنا من أتيت ، ثم أنا لدي بعض العمل سأتممه وانصرف .
أومأ عادل برأسه ليهتف : بالتوفيق .
هم بمغادرة المعمل ليرن جهاز استدعاءه رنين متقطع فيقشعر بدنه مرغمًا ويتصلب جسد عبد الرحمن وهو ينظر إلى شحوب عادل الذي ظهر مليًا على ملامحه فيسأله وهو يقترب منه بدعم : ماذا هناك ؟!
رمش عادل كثيرًا ليحرك عنقه رافضا الاختناق الذي يلم به : إنها حالة تأهب قصوى للأطباء والجراحين .
اتسعت عينا عبد الرحمن بعدم تصديق لذاك الخاطر الذي لاح بعيني عادل الذي تحرك بهمة رغم ثقل خطواته : لله الأمر من قبل ومن بعد .. لله الأمر من قبل ومن بعد .
اتبعه عبد الرحمن ليدعمه لينظر إلى الهلع الذي قابلهم حينما اقتربا من قسم الطوارئ الذي اغلق في دقائق قليلة كالمرة الماضية فيشعر بأن حدس عادل كان للأسف صائبًا .
عادل الذي توقف أمامه احمد الجمال ينظر إليه بتساؤل فلم يغفل الآخر عن شحوب ملامحه فيحنى عنقه حتى لا يجيب عن التساؤل الذي لمع بعينيه ليغمغم بهدوء : إحدى الفرق على الحدود تعرضت للهجوم ، ليس لدينا معلومات أكيدة ولكننا ننتظر الطائرات التي ستأتيبالمصابين .
رجف صدغه بخوف حقيقي ليربت عبد الرحمن على كتفه بدعم هامسًا : سيكون كل شيء بخير
التزم عادل الصمت وهو يقف مجاورًا لأحمد الجمال الذي هتف : من فضلك يا عبد الرحمن اطمئن أن التجهيزات كلها تعمل بكفاءة عالية حتى لا نضطر لتحويل إحدى الحالات على المستشفيات الأخرى ، فمعظم الحالات الآتية حرجة للغاية .
انتفض جسد عادل مرغمًا ليرتب عبد الرحمن على كتفه داعمًا قبل أن يهتف بثبات : أمرك يا دكتور ، التفت إلى عادل الذي أشاحإليه بعينيه أن يذهب فيتابع عبد الرحمن بجدية – سأعود إليك من جديد .
أومأ عادل برأسه متفهمًا فيسرع بعد الرحمن بخطواته ليتنفس عادل بعمق وقلبه يلهث بالدعاء راجيًا أن يكون أخيه سليمًا كالمرة الماضية .
***
يجلس من خلف مكتبه يسند مرفقيه على سطحه يغطي رأسه بكفيه وقلبه يدق ببطء فيشعر بأنه ليس على ما يرام ، بأنأنفاسه ليست منتظمة وهناك خدر يسري بجزئه الأيسر بأكمله ، أجبر نفسه على التنفس بعمق وهو يستعيد أفكاره المنظمة التي تبعثرت بسبب طول الانتظار فمنذ أن انهى الاجتماع وابلغوا القيادة العامة في مدن القناة وهو يجلس على صفيح ساخن يلهبه الانتظار ولا يقوى على فعل شيء آخر ، فيصبر إلىأن يصله أي خبر يؤكد أو ينفي حدوث الهجوم على الفرقة التي أكدت المعلومات أنها الفرقة ألف بقيادة ولده .
نغزه قوية ضربت أوتار قلبه وأنفاسه تثقل بنشيج صدر عاليًا فازعجه ليفتح فمه مرغمًا يحاول أن ينظم أنفاسه وهو يدلك قلبه براحة يده ، ليقشعر جسده ويتصلب حينما طُرق باب مكتبه ليدلف على الفور نائبه دون أن يمهله فرصة الاستئذان رفع أمير عينيه إليه مستفهمًا فأحنى مهيب عنقه بخذلان اعتلى هامته قبل أن يهمس بجدية : المعذرة يا سيدي ولكني احمل أخبارليست جيدة .
قاطعه أمير على الفور وهو يشير إليه بالاقتراب : لا عليك يا مهيب ، أخبرنيآخر التطورات .
بلل مهيب شفتيه ليهمس بثبات : تعرضت الفرقة لقصف مروحي شديد يا سيدي ، ولكنهم نجحوا بالتراجع فاستطاعت طائرتنا التقاطهم .
رفع أميررأسه بصلابة : جيد ، ما الحالة بالضبط أخبرني يا مهيب ؟!
أجاب مهيب بجدية وهو يتحاشى النظر لأمير : الحالة حرجة للغاية ، الإصابات شديدة ويتم نقلها إلى المشفى تباعًا ، حشرج صوت مهيب وهو يكمل - فقدنا ضابط من الضباط ولكن لم نتأكد من هويته للآن ،
انتفض قلب أمير ينبض بفزع فخيم الصمت عليهما لوهلة قبل أن يتبع مهيب بجدية و أسىنبض بصوته : من رأييأن تذهب للمشفى يا سيدي ، فالفرقة لم يعد منها ضابطًا واحداً دون إصابة ، وأناأرىأن من حق سيادتك أن تطمئن على ولدك .
ارتعشا كفي أمير فقبضهما على الفور مسيطرًا على قلبه الذي ينتفض خوفًا فيلجمه بصلابة وسطوة شخصيته التي يتمسك بها بقوة ليتابع مهيب : استأذن حضرتك أن احل محلك إلىأنيطمئن قلبك على أسعد .
أومأ أميربرأسهموافقًا غير قادرًا على الرفض ليتابع مهيب : لقد أمرت الحرس أن يستعدوا .
تحرك أمير بصلابة تمسك بها ليهمس ممتنًا : أشكرك يا مهيب .
ابتسم مهيب بمحبة صادقة : حضرتك قائدي ومعلمي وأستاذي يا سعادة المستشار ، أدعو الله أنيحفظ إليك ولدك ولا يريك فيه بأسًا أبدًا .
أومأ أميررأسه متمسكًا بأمل يوقن من عدم حدوثه : بإذن الله خير .
تحرك مغادرًا بالفعل فيرن هاتفه ليخرجه من جيبه و ينظر إليه قبل أن يختض قلبه بالفزع حينما اضاء باسم ابنته فيجيبها بهدوء مفتعل : مساء الخير يا موني ،
اتاه صوتها الهلع ليذيب تماسكه ببطء : مساء الخير يا بابا ،
هتف بسرعة وخطواته تشتد رغم صلابته التي تنهار داخليًا : ما بالك يا حبيبتي ؟!
استمع إلى شهقة بكاء احتفظت بها في قوة : ماما أتتها نوبة سكر عالية وأنا انقلها إلى المشفى ، اتبعت ببحة بكاء نادرة الظهور في صوتها – من حسن الحظ جنى كانت معنا فأسعفتها سريعًا ولكن حالتها تحتاج المشفى فغادرنا منذ قليل في الإسعاف التي طلبتها جنى من المشفى فأتوا خصيصًا لأجلها ، أناأخبرك حتى لا تعود إلى البيت فلا تجدنا .
تمتم بجدية هو يصعد إلى السيارة يشعر بأن يقارب على فقدان أعصابه وصلابته : جيد أنكفعلت ، سآتي إليكم على الفور ، اتبع سائلًا باهتمام – فقط أخبريني ماذا حدث ؟!
هزت رأسها دون دراية لتهتف بحيرة : لا أعلمإنها مضطربة من أول الليل وأنا وجنى حاولنا التسرية عنها ولكننا فشلنا تركتنا وذهبت لتصلي فاتبعتها بعد قليل لأجدها مغشي عليها .
انتفض قلبه وهو يتأكد من حالة ولده الذي لا يعلم عنها شيئًا ولكن وقوع زوجته أخبره بم لا يريد أن يصدقه ليهمهم بهدوء افتعله : اهدئي يا ابنتي ، سيكون كل شيء على ما يرام ، أنا قادم .
اغلق الهاتف مع ابنته ليغمض عينيه يحاول التماسك وقلبه ينعي حبيبته التي شعرت بولدهما كعادتها منذ مولده فوقعت حتى دون أن تعلم شيئًا فقط يكفيها قلبها الذي يشعر به لتوقن من حالته الغير معروفة ليهمهم داخليًا " آه يا ليلتي .. شعرت به رغم كل شيء .. والآنأنا تائه بينكما قلبي يخفق بوجل من فقدانه وخوفًا عليك "
هتف بصلابة لقائد سيارته باسم المشفى ليحثه بجدية : فقط لو استطعت الإسراعقليلًا .
أجاب الرجل على الفور : أمرك يا سيدي .
***
تمتمت بتعجب وهي تنظر من حولها إلى صالة الطوارئ التي تزدحم بالمسعفين والأطباء وكأنهم يتأهبون لشيء قادم .. شيء غير مفهوم لها : ماذا يحدث هنا ؟!
عبست بتعجب وهي تتابع نقل خالتها من سيارة الإسعاف إلى داخل المشفى لتسألأحدالمسعفين : ماذا يحدث ؟! هل أبلغتم بحادث حالاته قادمة في الطريق ؟!
هم المسعف بالحديث ليقاطعه صوت أحد الأطباء يهتف بالمسعف الذي ينقل ليلى : اذهب بها إلى الطابق العلوي فالطوارئ اليوم مغلقة .
عبست بضيق لتقترب من الطبيب : لماذا يا دكتور الطوارئ مغلقة ؟! الحالة تابعة لي .
أجاب الطبيب بابتسامة لبقة : أعلم يا دكتورة ولذا استقبلناها اليوم ولكن الطوارئ اليوم مغلقة والمشفى تحت حالة الطوارئ من الدرجة الأولى .
اتسعت عينا جنى وملامحها تشحب وهي تتذكر المرة الماضية التي تم إغلاق الطوارئ بهذه الطريقة تقريبًا لتزدرد لعابها وتسأل بهدوء : هل هناك أطباء غادرت لأجل إنقاذ المصابين ؟!
هز الطبيب رأسهنافيًا قبل أن يجيب : بل يتم نقلهم إلى هنا على الفور تحت إشراف الصليب الأحمر المصري .
رعدة خفيفة سرت بجسدها لتهمهم : حسنًا ولكني أريد الاهتمام بالحالة يا دكتور .
ابتسم بود : لا تقلقي هناك طبيبة بالفعل تنتظرها بالغرفة فوق .
أومأت برأسها والتفتت تنظر إلى ليلى لتطمئنها هي ويمنى : الطبيبة تنتظرنا يا خالتي
همهمت ليلى بوهن : أسعد .
ابتسمت جنى لتجيب وهي تسير بجوار فراش ليلى الذي يدفعوه نحو المصعد : لا تقلقي يا خالتي لن اقلقه عليك حينما يهاتفني وسأطمئنك عليه بإذن الله.
رمشت ليلى بعينيها نافية لتهمهم باسمه من جديد فترفع هي نظراتها ليمنى التي انشغلت بأحدهم أتى من خلفها يهتف بقلق وهو ينظر إلى عمته : ماذا حدث ؟! ما بالها عمتي ؟!
تمتمت يمنى بجدية وهي تقترب منه : لا تقلق يا سليم فقط غيبوبة سكر ألمت بها .
هم بالحديث لتطمئنه جنى : أنا أسعفتها يا سليم والطبيبة تنتظرنا الآن .
سألت يمنى بجدية : كيف عرفت أنا لم أخبرأحد سوى بابا ، حتى عادل لم أخبرهأننا بالمشفى؟!
اجاب وهو يقترب من عمته ينظر إلى ملامحها الشاحبة بقلق : رأيت سيارة الإسعاف وهي مغادرة من أمام البيت كنت للتو وصلت فأتيت خلفكم .
أومأت يمنى برأسها متفهمة ليعلو صوت جاد من الأمن خلفهم : من فضلكم تحركوا من هنا اذهبوا للمصعد الآخر فنحن نحتاج هذا المصعد لنقل الحالات القادمة بواسطة الطائرات .
التفت سليم بغضب ليهم بالصراخ في وجه الرجل لتتوقف الكلمات في حلقه وحالة من الهرج تحدث من خلفه حينما فُتح باب المصعد المجاور وصوت إحدى المسعفات تهتف بصياح حاد وهي تدفع مع مسعفان آخران فراش آخر بسرعة : حالة طوارئ من الدرجة الأولى ، اخلوا المكان .
ارتعد جسده تلقائيًا وهو ينظر إلى الجسد المستلقي على الفراش الذي مر من أمامه والمسعفين يركضون به ليدخلوا به إلىأول غرفة من غرف الطوارئ فلا يهتمون بغلق ستائرها ليتحرك دون وعي منه نحو الغرفة ليرتعد جسده ثانيةً وهو يتعرف على هوية من بالداخل ليهمهم بصوت مأخوذ الأنفاس : أسعد .
وكان همسته انتقلت للأخرى التي تحركت بجواره حينما شعرت بشيء ما يجذب روحها للجسد المستلقي فوق الفراش انتقلت إليها ليرتعش جسدها وعقلها يدرك بالفعل أن من ينظران إليه هو شقيقها فتتراجع للخلف وهي تهز رأسها بنفي مهمهمه بنفي صريح صدح من عمق صوتها بل نبه الأخرى التي كانت تحدث المسعف عن حالة ليلى فتحركت بتلقائية كطبيبة نحو الغرفة التي يحتجز بداخلها لتقف على بابها دون أن تقوى على الدخول وهي تنظر إلى جسده الغارق في دماءه ، ملابسه المهلهلة والتي يقتطع بقيتها ليقوم الأطباء بإنقاذه ، هتف طبيب الطوارئ وهو يركب إليه جهاز التنفس : استدعي لي جراح عظام وجراح مخ و أحد من قسم الجراحة العامة .
حاولت أن تهتف بأنها هنا كجراحة باطنية ماهرة ولكن صوتها اختنق بداخلها وهي تنظر إلىملامحه الغائبة خلف موجة دماء اخفت نصفها لتهتف الطبيبة الأخرى التي تساعد الطبيب : نحن نفقد الحالة يا دكتور ، قلبه يتوقف .
رفعت عيناها بشَخصّ إلى جهاز القلب الذي أصدر صفير دائم وتغير معدل الضربات إلي خط مستقيم فتنتفض على هتاف الطبيب الذي صرخ بصوت عالي : إخلاء .
ليرتعد جسدها مع شحنة الكهرباء التي سرت بجسده فانتفض أمامها لتنهمر دموعها فتغشي إدراكها وبصرها والطبيب يدلك قلبه من جديد قبل أن يصرخ من جديد وهو يزيد شحنة الكهرباء : إخلاء .
فيرتعد جسدها من جديد مع نفضة جسده والدماء تهرب من أوردتها لتشعر بارتخاء جلي ألم بها حينما عاد جهاز القلب للصفير المتقطع من جديد فتشهق بقوة وتشنج ببكاء لينتفض جسدها بقوة على كفي داعمتين احتضنتا كتفيها من الخلف ويسحبانها للخارج بينما تسقط نظراتها المشوشة داخل عينه التي رجفت أمامها فيخيل إليهاأنه نظر إلى عمق روحها مع كفه التي ارتفعت بمقدار بسيط يكاد أن لا يلاحظ قبل أن تسقط من جديد ويذهب هو في غياهب مظلمة ألمت بعقله .
أغلقت الغرفة من أمامها لتنتبه على أبيها الذي احتضنها بصدره و صوت عادل الذي بزغ من الفراغ : ماذا تفعلين هنا ؟! من أخبرك ؟!
همهمت وهي تحاول أن تستجمع نبرات صوتها : هل هو أسعد بالفعل أم أنا من جننت ؟!
رمش عادل لينطق بصلابة : بل هو .
انهمرت دموعها وجسدها يختض بين ذراعي والدها لتهمهم : ماذا حدث ؟!
ضمها أحمدإلى صدره : لا نعرف فقط اهدئي سيكون بخير إن شاء الله ، أخبريني هل استدعوك للمشفى ؟!
رجفت ثانية قبل أن تنطق بعدم وعي : ماذا حدث يا بابا ؟! أخبرني ما هي حالته ؟!
ضمها أحمد بصدره أكثر ليزم شفتيه بصلابة هامسًا : فقط اهدئي .
هم عادل بالحديث لينتبه إلى وجود يمنى الملتصقة بالحائط من خلفها تضع كفيها فوق فمها لتجبر نفسها على الصمت وملامحها شاحبة بفزع فيتحرك نحوها سريعًا : ماذا حدث ؟! لماذا أنتما هنا ؟! هل أحدهمأخبركم ؟!
ارتفعتا عيناها إلى عادل بنظرة متسائلة لتنهمر دموعها بقوة فيغمض عينيه مستدعيًا ثباته قبل أن يجذبها لصدره مربتًا على رأسها : لا تقلقي سيكون بخير .
ارتجفت بين ذراعيه ولكنها لم تصدر صوتًا ينم عن بكائها الذي ازداد انهمارًا ليتبع هو بجدية وهو يصيح بسليم الصامت بفزع هو الآخر والذي انتبه لوجوده الآن : انطق يا سليم ماذا أتىبكم ؟!
رجف سليم قبل أن يستعيد صلابته فيجيبه وهو يقترب منه : أتينا مع عمتي ليلى .
اتسعت عينا عادل برعب ليهتف بجدية : لماذا ؟! ماذا ألم بها ؟!
أجاب سليم سريعًا : لا تقلق إنها غيبوبة سكر ، جنى أسعفتها في البيت ولكن حالتها استدعت وجودها هنا .
اغمض عادل عينيه ليزفر بقوة هامسًا : لا حول ولا قوة إلا بالله ، اتبع وهو ينظر لسليم – هل علمت ؟!
أومأ سليم برأسهنافيًا ليشير إلى مكان فراشها : كنا نقف عند المصعد ، صمت وهو ينظر إلىالمكان الفارغ ليكمل بخوف طل من عينيه – كان الفراش هنا .
أجاب أحمد الجمال الذي اجلس ابنته التي سكنت بطريقة أثارت ريبته ويمنى الباكية بصمت : نعم المسعفين نقلوها للغرفة بالدور العلوي وهي بخير فقط أنا أوصيت الطبيبة أن تجبرها على النوم حتى تستقر حالتها ونطمئن على أسعد فلا نفزعها بحالته .
أومأ سليم بتفهم قبل أن يهتف بجدية : سأخبر ايني وماما يا عادل بحالة عمتي ، لابد أنيجاورها احدهن .
أومأ عادل بتفهم لينطق بصرامة : فقط لا تخبرهن عن حالة أسعد فلابد أن نلتزم بالسرية الآن .
هز سليم رأسه بالإيجاب وهو يتحرك بعيدًا ليحدث والدته وعمته لينظر عادل نحو الجالستان بصمت مريب ليزدرد لعابه قبل أن يرن هاتفه فيغمض عينيه وهو ينظر لشاشة هاتفه فيجيب بهدوء : مرحبًا يا بابا .
هتف أمير بصوت خافت : أينأنت يا عادل ؟!
سحب عادل نفسًاعميقًا ليهمس بجدية : في الطوارئ يا بابا ، كنت سأتصل بك على كل حال .
صمت عادل وأبيه يلوح أمامه من بعيد يسير ومن خلفه اثنان من الحرس يعرفهما جيدًا عادل ليتحرك نحو أبيه بسرعة فيتمتم أمير حينما وقف عادل مواجهًا له لينظر إليهأمير بتساؤل لاح بعمق عينيه : أخاك ؟!
اخفض عادل عينيه قبل أن يهمس بصوت أبح : أدعي له يا بابا .
رعدة قوية أصابت قلب أمير فكتمت أنفاسه قبل أن يفك رابطة عنقه قليلاً ويهمهم بأنفاس ثقيلة : لله الأمر من قبل ومن بعد لله الأمر من قبل ومن بعد .
***
الثانية بعد منتصف الليل
تمتمت إيناس بعدم فهم : أين يمنى يا سليم أنا لا أفهم كيف تترك ليلى بمفردها ؟!
تمتم سليم باختناق : كانت هنا وذهبت إلى المقصف تأتي بالقهوة يا ايني ، فقط ابقي مع عمتي ليلى إلىأن تعود .
نظرت إليهإيناسقليلًا قبل أن تهمس بصوت جاد ونبرة آمرة وهي تغلق على أختها الباب : أنتيا ولد حالًا تخبرني كيف لا يتواجد أبناء عمتك بجوارها ، بل كيف لا يكون أمير هنا وليلى على فراش المرض .
اخفض سليم رأسه ليهمس : عمي أمير كان هنا وغادر ثانيةًلأجل متطلبات العمل .
اطبقت إيناس فكيها لتهتف بحدة وصوت خفيض : أنت كاذب يا سليم ، أميرأبدًا لن يترك ليلى بهذه الحالة ويغادر المشفى دون سببًا قويًا ، بل إن عادل ويمنى على الدوام يكونا مرابطان بجانبها إذا ما اشتكت من وجع عظامها فكيف يتركانها وهي بهذه الحالة ؟
اشاح برأسه بعيدًا لتقترب منه تمسك ذقنه لتجبره أن ينظر إلى عمق عينيها : ماذا يحدث يا سليم وتخفيه عني ؟!
رمش بعينيه حتى لا يذرف دموع تجمعت لوهلة بهما فلمعتا بحزن لتهمهم إيناس بفزع ملأقلبها : ماذا حدث يا سليم ؟!
همهم سليم بصوت مختنق : أسعد ، شهقت إيناس بقوة وجسدها يتراجع تلقائيًا للخلف ليتابع سليم بخفوت – لا نعلم حالته للآن ، الأطباء يسعفونه بكل طاقتهم ولكن ..
حشرجت نبراته : فقط ادعي له يا إيناس ولا تخبري عمتي أبدًا حتى إنسألتك ،
وضعت إيناس كفها على فمها تمنع شهقة بكاءها الغادرة من الانفلات تهمهم بعدم تماسك : أريدأنأراه .
هز سليم رأسهنافيًا : ليس الآن ، فحالته غير مستقرة .
تمتمت بأنفاس متلاحقة : لذا ليلى وقعت مريضة ، قلبها شعر به ، يا الله ، اتبعت بتوسل وهي تقترب من سليم – أخبرنيأنه سيكون بخير يا سليم .
تمتم برجاء : بإذن الله يا ايني ، فقط اعتني بها ولا تخبريها من فضلك ، ولا تخبرين أحدًا .
تمتمت سريعًا : أعلم ولكن إياكأن تنسى أن تطمئنني .
ضمها إلى صدره ليقبل جبينها : بإذن الله ، سأذهب إليهم .
أومأت برأسها متفهمة لتعود إلى غرفة أختها النائمة دون حول ولا قوة لتجلس على الكرسي بجوار فراشها تذرف دموع بكائها ببطء وتمنع شهقاتها من الخروج حتى لا تقلق منام أختهاالتي رأف الله بحالها فأودعها سكون حتى لا تعايش الخوف على ولدها المصاب .
***
تستمع إلىأبيها بإنصات تستجمع كل المعلومات التي درستها في رأسها لتدرك حالة أسعدالذي يتحدث عنها والدها بعملية جراح عتيد ليهتف بجدية إلى عادل الذي يسند والده الذي بالكاد يصلب وقفته : الحمد لله حالته استقرت الآن ، انقذناه من النزيف وتم نقل الدم إليه وحالة جسده مستقرة فقط نحتاج أن نأتي إليه بجراح متمرس يا عادل .
هتفت حينها على الفور باستنكار : ولماذا نأتي إليه بجراح وأنا هنا ؟!
التفتوا ثلاثتهم إليها ليجيبها أبيها بجدية شديدة : لأنك لن تستطيعي إجراء الجراحة له يا جنى ، وأنا لن احملك ما لا طاقة لك به .
رفعت رأسها بعزيمة لتهتف بثبات : بل أنا سأجري له الجراحة ، أنت تعلم جيدًا أنيأقوى على فعلها وأي طبيب آخر - هنا - لن يكون بنصف مهارتي .
رمش أحمد بعينيه ليهتف بصرامة : تعلمين جيدًاأن القواعد تمنع معالجتك له يا جنى .
عبست بغضب : لماذا ؟!
زفر أحمد الجمال بضيق : لأنه خطيبك .
تحكمت بدموعها حتى لا تنهمر وهي تلامس خاتمه الذي يزين بنصرها الأيمن قبل أن تخلعه بكفها الآخر تناوله لعادل بجدية وتهتف بأبيها في صرامة وهي ترفع كفيها الخاليتان من أيأثرله : أنا مستعدة لإجراء الجراحة يا دكتور .
هدر عادل بغضب : جنى ، هل جننت ؟!
استدارت إليه على الفور لتهتف بجدية : هل لديك اقتراح آخر ؟! التفتت لأبيها لتهدر بثبات - وأنت يا بابا هل لديك حل آخر ؟!
تحركت لتقف أمامهما سويًا فتدنو من باب غرفة العمليات الذي يخفيه عن الجميع : أنتما الاثنان تعلمان جيدًاأني الوحيدة القادرة على إنقاذه ولكنكما ترفضان لأنكما تخشيان علي من رهبة الموقف .
اقتربت منهم لتهتف وهي تقاوم دموعها : ولكن خوفكما علي لا يكن مثقال ذره من خوفي أنأفقده .
هتف عادل بجدية : لهذا السبب فقط نرفض يا جنى .
أجبته بصدق وهي تشير إلى الباب من خلفها : حينما أعبر هذا الباب لن أكون جنى خطيبة القائد وزوجته المستقبلية بل سأكون جنى الجمّال الجراحة الماهرة .
تحركت نحوهم تمسح وجهها بكفيها : فقط أريد ثقتكم ، تحركت نحو أمير تنظر لعينيه تسألهبجدية - أنت تثق بي يا عماه أليس كذلك ؟!
ابتسم أمير رغم ألمه .. خوفه .. رعبه من فقدانه لولده ليربت على رأسها بحنان دون أن يجيب ولكن عيناه أجابتها ، فتقترب منه تحتضن كفه بين راحتيها : ادعي له يا عماه.
هتف عادل محاولًاأن يثنيها عن قرارها : أسعد لن يرضيه أنك خلعت خاتمه يا جنى .
ابتسمت بثقة : نعم لن يرضى بأني خلعت الخاتم ولكنه سيتفهم موقفي وحينها سأجبره أنيلبسني إياه ثانيةً ، اتبعت قبل أن تستدير على عقبيها متجه نحو باب غرفة العمليات - احتفظ به لأجلي إلىأن ينهض تؤامك معافي بإذن الله .
قبض عادل على الخاتم براحته ليهمس مرغمًا : بإذن الله . استدار لأبيه متابعًا بخفوت - أرجوكيا بابا استرح إلىأن تطمئنا جنى .
نظر إليهأميرمتسائلًا : إلىأين ستذهب ؟؟!
سحب عادل نفسًاعميقًا ليجيب بهدوء : سأراقب الجراحة من غرفة العرض .
غمغم أحمد : عادل أنت تعلم .
فقاطعه عادل بجدية : أعلم يا دكتور أحمد ولكن أرجوك اسمح لي لن أقوى على الانتظار في الخارج لابد أنأراقب كل ما يحدث .
أومأ أحمدبرأسه متفهمًا ليهتف عادل بأبيه : تعال يا بابا لتنضم إلى البقية وتطمئن يمنى قليلًا ، سأوصلك لهم قبل أنأعود ثانيةً ، رفع أمير نظره إليه فابتسم عادل بمرح مفتعل - لا تخف سينهض سليمًا معافي بإذن الله ، فقط ادعي له يا أبي .
شد أمير جسده بصلابة تمسك بها ليهتف به آمرًا : سأعود بمفردي ، تمسك عادل بكفه رافضًاليسحب أمير كفه منه هاتفا بثبات - لا تقلق علي ، فقط طمئني على أخيك حينما تطمئن .
راقب أبيه يبتعد ليمر من الباب المؤدي للآخرين قبل أن يلتفت لينظر إلى الباب الآخر الراقد من خلفه أخيه فيشد جسده بصلابه فشابه صلابة أبيه لينتبه على صوت أحمد الجمال يهتف به : سأكون إلى جوارك يا عادل .
ابتسم عادل بامتنان ليجيبه : شكرًا لك يا دكتور .
سارا سويًا ليدلفا من الباب الآخر يتحركا بثبات نحو مقاعد المشاهدين ينظران من فوق نحو طاولة العمليات الراقد عليها جسد أسعد الغائب عن دنياهم ولا يعلمان هل سيعود أم لا ؟!!
***


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-09-20, 06:02 PM   #313

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

ارتجف كفاه ليقبضهما بثبات وهو ينظر إلى جنى التي دلفت غرفة العمليات فاقتربت من الطاولة بعدما استعدت كما هو واضح عليها لتقف بثبات و رأس مرفوعة أمام جسد أسعد قبل أن تتحرك بثبات نحو رأسه تهمس لممرضة بجوارها عن شيء فتلامس الأخرى هاتف جنى لتضعه بجانب رأسأسعد عبس بتعجب وخاصةً حينما انحنت جنى تهمس بشيء لم يتبينه ليزداد عبوسه بعدم فهم ألم بعقله
سحبت جنى نفسًاعميقًا وهي تنحني بجوار أذنه فتهمس بصوت أبح بعد أن سيطرت على رجفتها التي ألمت بها حينما رأتهأمامها هكذا لتحدثه بثبات وأمل دفعته إلى دماءها فتحول إلىيقين استقر بقلبها : ستنهض من أجلي .. من أجل عائلتك .. من أجل والديك .. شقيقتك .. وتؤامك ، لن تخذلني اليوم كما لم تخذلني يومًا من قبل ، وحينما ستنهض ستغفر لي أني خلعت خاتمك ، لتعلم أنه لم يكن بالأمر الهين -أبدًا - علي ، بل كان أهون علي أن انزع قلبي وارميه أرضاً عن خلعي لخاتمك ولكن حتى تنهض أنت سليم معافي أتنازلأنا عن أي شيء حتى أنت . صمتت قليلًا لتسحب نفسًاعميقًا قبل أن تتابع - ولكني أعلمأنك ستنهض .. ستستيقظ .. ستقوم معافي وتلبسني إياه ثانيةً ونتزوج لتحيا بجنتك كما أخبرتني دومًا .
صمت آخرألم بها فتسيطر فيه على اختلاج أنفاسها قبل أن تهمس بصوت أبح وتشعر بدموعها تلسع جفنيها قبل أن تبوح أخيرًا : أناأحبك يا أسعد واشتقت إليك فلا تتأخر علي وعد لي سريعًا
أشارت للممرضة فتلامس الهاتف وتبعده قبل أن تقف بثبات تشد جسدها بصلابة وتتنفس بعمق تنظر لطبيب التخدير القابع بجوار رأس أسعد فيشير إليها برأسه أنه مستعد لأي شيء قبل أنتهتف بجدية و انجليزية يستخدمونها عادة فيم بينهم وهي تمد كفها لمن يجاورها ليساعدها : مشرط .
ناولها من يجاورها ما أرادته لتسحب نفسًا اعمق قبل أن تزفره ببطء هامسة بخفوت : بسم الله. ألقتها لتأخذ وضعها الصحيح قبل أن تشق بطنه بثبات وعملية تمسكت بهما لتستطيع إنقاذه .
***
نهنهت في البكاء ليتنهد سليم الجالس مجاورًا لها بعد أن رفض عادل أن يدلفا خلفه نحو غرفة العمليات التي صحبوا أسعدإليها فيهمس بصوت مختنق مكبوت بانفعالاته التي يخفيها بداخله : هامسًا باسمها في صوت مختنق قبل أن يتبع : اهدئي يا موني ، اهدئي سيكون بخير بإذن الله ، فقط كوني قوية لأجل عمي أميرولأجل عمتي حينما تفيق فهي ستحتاج إليكبجوارها تدعمينها إلىأن نطمئن على أسعد .
أجهشت في بكاء لم تستطع السيطرة عليه ليهتف بجدية محاولًاأن يمنحها بعضًا من الصلابة : توقفي يا يمنى أرجوك لم اعهدك هكذا من قبل لطالما كنت متماسكة قوية سد منيع عند المحن ماذا حدث لك ؟!
رفت بعينيها كثيرًا والتفتت لتتحدث إليه لتلتقط عيناها وجوده لقد وصل للتو فهو كان يهرع نحوهم لا تعلم كيف عرف ولكنه هنا معها .. موجود بجوارها .. أتى لأجلها ، ولكن خطواته تباطأت وعيناه تسقط عليها وعلى جلوس سليم قريبًا منها ليتوقف عن الاقتراب ينظر إليهمامليًا فتنتفض واقفة وتهرع نحوه وكأنها وجدت طوق نجاتها من دوامة يأس كادت أن تبتلعها!!
زفرة راحة شقت صدره حينما أسرعت نحوه فيتحرك بدوره نحوها ليتلقف ساعديها بكفيه فتبوح له من بين دموعها : أسعد يا عمار ، أسعد .
أومأ لها بتفهم ليلف ذراعه بعفوية حول كتفيها يدفعها بلطف لتسير معه هامسًا : أعلم ، أهدأي يا حبيبتي ، سيكون بخير .
نهنهت في البكاء وهو يجلسها بجواره على إحدى الأرائك المعدنية المنتشرة من حولهم والمقابلة لجلوس سليم وكأنه يبعدها عن الأخير دون وعي حقيقي منه ، ليمسح بكفه دموعها المنهمرة على وجنتيها يرفع رأسها ليلملم خصلاتها المنثورة حول وجهها للخلف ليربت على وجنتيها أمرًا بلطف : توقفي يا مونتي توقفي عن البكاء يا حبيبتي ، اتبع وهو ينظر لعمق عينيها - أسعد سيكون بخير لا تقلقي .
انتفضت برجفة بكاء غمرتها فترق نظراته لها وخاصةً حينما همهمت : كلام الأطباء لا يطمئن إصابته بالغة لقد رأيته قبل أن يخفوه بداخل هذا الباب ، رعدة أخرى انتابتها لتهمس بطفولية والخوف يحتل نظراتها ويبح صوتها : كان مغطى بالضمادات لا يظهر منه شيء سوى كتفه الأيسر وأول رقبته فاقد الوعي وشاحب كالأموات .
انتفضت ثانيةً فجذبها مرغمًا لصدره متماسكًا لا يقوى على ذرف دموعه الآن هامسًا بلوع انتابه : توقفي يا يمنى أرجوك .
تمتمت ببكاء ودلال طفولي لم تتعمده : هل سيعود يا عمار ؟!
رفع رأسهعاليًا ليجبر نفسه على الصمود أمام موجة ضعفها الذي لم يتوقع أن تنتابها ليهمس بثبات افتعله : إن شاء الله سيعود معافى وبخير سيقر أعيننا بوجوده فقط اهدئي .
ربت على رأسها ودارت عيناه يبحث عن عادل لتقع نظراته بنظرات الآخر المسلطة عليه ينظر بعدم رضا لاحتضانه لرأسها المدفونة بصدره ليرفع أنفه بأنفة تعمدها قبل أن يربت على وجنتها بلطف ويهمس وهو يبعدها قليلًا عن صدره : هيا توقفي عن البكاء حتى لا يكون فأل سيء عليه كما تقول خالتي ليلى دومًا.
نهنهت وهي تحاول أن تتحكم في دموعها التي تنهمر بقوة على وجنتيها ليرفع رأسها وهو يتراجع للخلف حتى يستطيع أن يلتقط نظراتها المشوشة فيمسح دموعها بكفيه يبتسم مطمئنًا لها قبل أن يتابع : لا تخافِ يا حبيبتي سينهض أسعد معافى بإذن الله ، فقط ادعي له .
سحبت نفسًاعميقًا وأومأت برأسهاإيجابًا ليبتسم يحثها على التماسك وهو ينهض واقفًا حينما اقترب الآخر منه ينظر إليه بتحدي سري فيم بينهما ، فيزفر عمار أنفاسه بقوة يحاول أنينحي ضيقه منه جانبًا في هذا المصاب وكأن سليم شعر به فنحى هو الآخر الخلاف القائم بينهما من صغرهما فيمد يده له مصافحًا ، نظر عمار لوهلة لكف سليم الممدودة قبل أن يبتسم بلباقة ويصافحه بجدية سلام لم يأخذ الكثير من الوقت ولكنه أعلن عن هدنة رمت أسسها بينهما لينطق سليم أخيرًا وهو يقف مواجهًا له : كيف عرفت ؟!
عبس عمار متمسكًا بهدوئه ليجيب بجدية : من عمو أحمد ، عبس سليم بتساؤل وحنق ومض بعينيه فاتبع عمار شارحًا – حينما أخبرتني ماما بأمر خالتي ليلى ، هاتفت عادل لأسأله عن حالتها واطمئن عليها ولكني استنتجت أنالأمرأكبر من غيبوبة سكر ألمت بخالتي فصوت عادل لم يكن طبيعيًا .
ارتفعا حاجبي سليم بدهشة وسخرية نبضت بعينيه فيهمس هازئًا : علمت أنالأمر كبير من صوت عادل .
ابتسم عمار من بين أسنانه ليهمس ساخرًا : تخيل ؟!! اتبع ببرود وعنجهيته تحضر بقوة – ألاتعلم أنا طبيب نفسي بالأخير ؟!
أطبق سليم فكيه بعدم رضا ليزفر عمار بقوة قبل أن يستكمل حديثه منحيًا الضيق الذي سكن بروحه : حينها شعرت بالقلق فاتصلت بعمي أحمدوسألته مباشرة عن أسعد ، اتبع بعفوية لم يقصدها – لا اعلم لماذا شعرت بأنالأمر الجلل يخصه ولكن صوت عادل ذكرني بحلم يمنى الذي أخبرتني عنه فشعرت بأنالأمر يخصه .
همهم سليم بتساؤل تجلى بعينيه : حلم يمنى ؟!
رف عمار بعينيه ليهمس بجدية وهو يتجاهل تساؤل سليم : حينها أجابني عمو أحمد عن إصابة اسعد فأتيت على الفور وأنا اعلم أني سأقوى على الدخول إلى المشفى فأناأحد أطبائها .
أومأ سليم برأسه متفهمًا ليسأله بجدية : هل أخبرت أحد ؟!
هز عمار برأسهنافيًا : لا ، أنا اعلم الإجراءات الأمنية المتبعة في هذه الحالات .
أومأ سليم برأسه متفهمًا لينطق أخيرًا بصعوبة وكأنه يجبر نفسه على الحديث : جيد أنك أتيت من أجلها ، نظر عمار إليه بعدم فهم فاتبع سليم بجدية وهو يشير برأسه على يمنى التي توقفت عن البكاء وهدأت قليلًا – كانت شبه منهارة وأنا لم أقوى على احتواء انهيارها .
ليغمغم بصوت مختنق : فشلت في ما نجحت أنت فيه فشكرًا على مجيئك .
ومضت عينا عمار بثقة ليهمس ببوح شعر بانه حان وقته : بل شكرًا لك أنت ، رف سليم بعينيه لينظر إليه بدهشة متسائلًا فاتبع عمار مرغمًا – كنت متواجدًا بجوارها طوال غيبتي ، دورك كاخ وصديق ساعدها كثيرًا على تجاوز محنة سفري .
اطبق سليم فكيه بقوة لينطق بتهديد صريح : فقط لا تعيدها ثانيةً ، حينها لا يعلم أيا منا ماذا سيحدث ؟!!
ابتسم عمار لينطق بوعد : لن أفعل صدقني .
أومأ سليم برأسه متفهمًا وهم بالعودة ليجلس ثانية مكانه ليلتقط عمار عودة أمير من الداخل يتحرك بخطوات بطيئة كتفيه متهدلان وظهره محني كما لم يراه من قبل ، ارتعد قلبه بخوف ليسرع نحوه حينما شعر به يترنح فيسانده هو وسليم الذي على ما يبدو التقط ترنح زوج عمته ليضع عمار كفه على رقبته قبل أن يصيح بسليم : استدعي فريق التمريض يا سليم فنبضات عمو أمير ليست طبيعية .
اتسعت عينا سليم بفزع قبل أن يركض مبتعدًا طالبًا المساعدة انتفضت يمنى تهرع نحو أبيهاالذي أسنده عمار وهي ترتجف من الخوف فيصيح بها : اسنديه معي لنجلسه
دفعا سويًا جسد أمير الثقيل ليجلساه على أول أريكة قابلتهما فيدفع عمار بظهره للوراء ليفتح أزرار قميصه الأولية ويسأله بهدوء رغم ارتجاف نبراته : بماذا تشعر يا عماه ؟!
همست يمنى بجزع : بابا .
دارت مقلتي أمير دون رد قبل أن يغمض عينيه ، أنفاسأمير الثقيلة أنبأته بأمر جلل يحدث له فهتف وهو يحاول أن يدلك له صدره : تحدث معي يا عماه لا تتركنا الآن
أشار ليمنى برأسه فتحركت لتتمسك بكف أبيها البعيد عنه هاتفه بلوعة ودموعها تنهمر من جديد : بابا أرجوك انهض لأجلي .. بابا لا تتركني .. بابا .
لينتفض واقفًا حينما هرع ممرضان من خلفهما طبيب يركض بجوار سليم الذي توقف بملامح شاحبة وعيناه تجحظان برعب فيبتعد للحائط المقابل وهو ينظر لأمير المغشي عليه قبل أنيحملاه المسعفان ليهرولا به لإحدى غرف الطوارئ فيركضون ثلاثتهم معهم لتوقفهم إحداهن هاتفه بصلابة : انتظروا هنا .
توقفوا مرغمين لتهتف بصوت مبحوح من البكاء : عمار بابا ماذا سيفعلون به ؟!
انهمرت دموعه رغم عنه وهو يقابل عيناها الجازعتان .. أنفاسها الخائفة .. وقلبها الراجف بوجل ليؤثر الصمت فهو لم يجد ما يقوله لتهمس باسمه في صوت باكي ليجذبها نحوه يحتضنها بكامل قوته وإرادته ووعيه ليبكيا سويًا على من اختفى من أمام أعينهما في لحظه .
لينتفض سليم مهرولًابعيدًا عنهما .. يندفع للخارج يركض بكل طاقته دون أن ينظر أمامه فهو لا يستطيع الرؤية .. لا يقوى على الإبصار .. أنفاسه تتلاحق ويشعر بقلبه يئن وكأنه سيلاقي حتفه يركض ويركض ودموعه التي تنهمر بغزارة تغرق وجهه .. رقبته .. تبلل صدره فلا يهتم فكل ما كان يكبته بداخله منذ أن رأى جسد أسعد المثقل بجراح والمغرق بدمائه انفجر وثار وهاج وماج ليفور ويغرق كل ما حوله .
توقف أمام سيارته ليجهش في بكاء عنيف وهو يسند براحتيه فوق مقدمتها يحاول أن يتماسك ولكن رؤية أمير المغشي عليه تزلزل كيانه فيبكي بنواح على الكبير الذي سقط .. السند الذي وقع .. عامود العائلة وربها الذي مرض ليضرب بقبضتيه فوق سطح سيارته ويصرخ بعنف يتأوه بهدير عالي إلىأن سقط أرضًا ينهنه في بكاء لم ينتهي ولكنه توقف حينما شعر بكفين قويين يمسكان كتفيه ليدفعاه ويساعداه على النهوض فيلتفت لينظر من خلف غيمة دموعه الكثيفة عن هوية الممسك به لتقع عيناه الجازعة في عيني أبيه المرتعبة قبل أن يأتيه صوت أبيه الأبح يهتف به : انهض يا سليم ، انهض يا بني وأخبرني ماذا حدث لتبكي هكذا ؟!
***
يجلس أمام أبيه على احدى الطاولات الموجودة في مقصف كبير يقع بجانب استقبال الطوارئ في المشفى بعد أن سحبه أبيهإليه فأجلسه به وأتى له بقهوة بعد أن اطمئنا على حالة أمير الذي أصيب بأزمة قلبيه اسعفها الطبيب فلم تؤثر- قويًا- بزوج عمته ، لهث بقوة وهو يتحاشى النظر إلىأبيه الذي اصر أن يأتيا إلى هنا حتى يهدأ بعد أن كان شبه منهار بسبب كثرة الضغط الذي تعرض إليه من أول الليلة .
مط بلال شفتيه بتفكير ، ينظر إلى ابنه الذي يتحاشى النظر إليه منذ أن جلسا سويًا ، ليبتسم ساخرًا وعقله يذكره بأن ابنه يتحاشاه فعليًا منذ أن بلغ صباه دون سبب مفهوم له ، فشعر - حينها - بأن ابنه الوحيد يبتعد عنه .. يتركه في منتصف طريق لا يعلم آخره ، وازداد شعوره بابتعاد يزداد حينما قرر سليم بعد أن تخرج من الجامعة أن يسلك طريقًا آخر غير الطريق الذي أراده إليه منذ أن بُشر بخبر مجيئه !!
سحب نفسًاعميقًا يهدأ الغضب الرابض داخل روحه وهو يتذكر أنه عاد أخيرًا لطريقه .. لمسلكه .. لخلافة أراد أن يتوجه ملكًا عليها ورغم رفض ابنه بأول الأمر إلاأنهالآن بدأ يستجيب .. يخضع .. يمتثل ، حتى إن لم يعرب عن خضوعه ولم يصرح به ولكن هو يشعر به يشعر بلينه .. باستجابته وسيكون غبيًا واحمقًا إذا أضاع فرصة كهذه من بين يديه فها هو القدر أهداه فرصة جديدة لأن يقترب من ولده ويقربه منه كما اخبره أمير من قبل .
شعر بألم يكتنف روحه وهو يفكر في أمير الذي وقف من خلف زجاج الغرفة ينظر إليه في فراش المرض ، يتذكر وجه الشاحب المختفي من خلف قناع التنفس والوهن الذي أصابه وقلبه الذي لم يحتمل مصابه في ولده ، ليشعر بالاختناق يتحكم في حلقه وغصة قوية تلح عليه وهو يفكر في حال أسعد غير المعلوم إليهم للآن ليرفع نظره ثانية لابنه فيشعر بأنه يريد أن يضمه في صدره ويصلي شكر لله أنه بخير موجود أمام عينيه ليهمهم دون وعي بدعاء خرج مشبع بعمق روحه لأسعد أن ينهض سالمًا معافي ويطمئن قلوبهم عليه .
__ آمين .
نطقها سليم بجدية فارتعش ثغر بلال ليكمل بهدوء : وحفظك الله لي وبارك لي فيك ،رف سليم بعينيه دون فهم ليكمل بلال يحثه بجدية – امن على الدعاء يا ولد .
همهم سليم مؤمنًا على دعاء أبيه وهو ينظر إليه بعدم فهم فيبتسم بلال ويخفض بصره عنه ليهمس بجدية : أتعلم يا سليم لم أخبرك من قبل عن مدى فرحتي حينما علمت بخبر حمل والدتك لك ، ولم أخبرك عن مدى فرحتي حينما رزقني الله بك .. ولن تذكر فرحتي يوم عيد مولدك الأولفحينها كنت صغيرًا فلا اعتقد أنك ستتذكر هذا الحدث ، ولكن اعتقد أنك تتذكر يوم أن أنهيت دراستك الأساسية وحصلت على مركز الثالث على مدرستك كم كنت فخورًا بك وسعيدا في وقتها ؟! بل إني أعددت لك حفلاًكبيرًا أقمته لأجلك ودعوت إليه الناس كلها احتفالًا بك ، هل تذكر هذا الحفل يا سليم !!
رمقه سليم مليًا قبل أن ينطق بهدوء : نعم أتذكر وهل هذا الحفل ينسى يا بابا ؟!! ابتسم سليم بألم وهمس ساخرًا – وأتذكرأيضًا المشاجرة القوية التي نشأت بينك وبين ماما ليلتها بعد انتهاء الحفل .
طل الذهول من عيني بلال ليقترب سليم من الطاولة يضع ساعديه فوقها متعامدان ليهمس بصوت أبح ساخر : هل تتذكر أنت المشاجرة يا بابا ؟! اهتزت حدقتي بلال برهبة فاتبع سليم باستهزاء – إن كنت لا تذكر يا بابا أذكرك أنا فمع الأسف أنا أتذكر جيدًا تلك المشاجرة ، أتذكرأنياستيقظت من نومي الذي كان يحمل حلمًا جميلاً لأفيق من غفوتي على كابوس رهيب لا استطيع أن أتخلص منه للآن .
اختنق حلق بلال اكثر ليهمس سليم متبعا : منذ صغري وأناأشعر بتوترك الرهيب حينما يقترب منا أحدًا غريبًا .. أشعر بنزقك وضيقك إذا تحدثت ماما مع احدهم حتى وإن كان حديثاً عاديًا ، لم افهم أمر الغيرة هذا جيدًا منذ كنت طفلًا ولكن كلما كنت أكبر كلما كنت اتقبله ، لم أتفهمه يومًا ولكني تعايشت معه وخاصةً حينما كانت ماما تبرر أمر مشاجرتكما الكثيرة بأنك تحبها كثيرًا تعشقها بجنون لذا لا تحبها أن تحتك بأي شخص غريب عنا ، إلىأنأتت تلك الليلة التي فهمت فيها بأنالأمر ليس غيرة يا بابا إنه شك .. وسواس قهري يسيطر على عقلك فتقهر على اثره أميالتي تحبك بل تعشقك فتحاول على حسب مقدرتها في بعض الأحيان احتواء ثورتك .. غضبك .. وطباعك النزقة دومًا ، إلىأن اكتفت وخاصةً مع اتهامك لها تلك الليلة ، رفع سليم عينيه لينظر لعمق عيني أبيه يتبع بتساؤل حاد – هل تذكر يا بابا تلك الليلة ؟! لأنإذ لم تتذكر أنا أتذكر جيدًافبعد هذه الليلة كل شيء تبدل معي وأمام عيني .
همهم بلال سائلًا بصوت أبح : ما الذي تبدل معك ؟!
ابتسم سليم ساخرًا : كل شيء ، نظرتي نحوك .. نحو أمي .. نحو الأُناس الذين يحاوطونا ، عقلي بدأ يحلل الأشياء ويدركها ويستنتج ويفهم ما كان غير قادر على فهمه من قبل ، اخفض سليم رأسه ينظر إلى كوب القهوة الموضوع أمامه فلم يمسه ليراقب الدخان المتصاعد منه قبل أنيهمس – ظللت أيام كثيرة ابتعد عن كليكما ، انظر إليكما واحلل تصرفاتكما .
اختنق حلقه ليتبع بهمس خافت محشرج : راقبت أمي وتصرفاتها .. سلوكها وعقلي يفكر وشيطاني يوسوس لي بأن من الممكن أن تكون أنها تخطأ بشيء ما لذا أنت تشك بها ، من الممكن أن هناك ما يريب في أفعالها لذا أنت تفعل ما تفعله معها لاكتشف بعد وقت قصير أنأمي هادئة .. رقيقة .. طبيعية فاستكنت لأمي بعد أيام كثيرة كنت عازفًا عنها لأشعر بالشفقة نحوها مع كل مرة تتصرف فيها بطبيعية فتقيم أنت من اللاشيء شجار رهيب ينتهي بها باكية ، ليدرك عقلي رغم صغر سني أن الأمر عندك لا يقع ضمن حيز الغيرة بل هو أكبر من ذلك .
زفر بقوة ليرفع عينيه إلى وجه أبيه المتجهم والمختنق ذهولًا ليكمل : لا انكر أنك تحبها لدرجة الهيام وتعشقها لدرجة الجنون ولكن اكتشفت أن هذا ليس أساس المشكلة ، ومع مرور السنوات نضجت وبدأت افكر بتروي وهدوء وحرص فمنحني عقلي سببًا حينما حلل تصرفك إحدى المرات التي قابلت أحدهم لا داع لذكر اسمه الآن ، فاهتززت أمام نظراتي وركضت عيناك تنظر بهلع مرضي نحو أمي التي كانت غير مهتمة بهذا الشخص الذي توقفت مضطرًاأن تصافحه وتتحدث معه مجبرًا .
انتفض بلال أمام عيني سليم الذي اتبع بمرارة : يومها استعاد عقلي تلك المشاجرة التي نشأت يوم الحفل وتذكرتها بأكملها لافهم كل كلمة تناثرت من فمك ليلتها بغضب أهوج فجرحت بها أميلأجل أن تهدأ مراجل غضبك الذي لم ولن يهدأ أبدًا يا بابا .
تمتم بلال باختناق : أنت لا تفهم ، لا تعلم وأنا لا استطيع أنأخبركبأي شيء لعلك تدرك أنالأمرأكبر مما تتحدث عنه الآن .
تنهد سليم بقوة ليهمهم بصدق : حقًا يا بابا أنا لا أريدأن افهم ولا أريدأن اعرف، فعقلي على مدار السنوات الماضية تعب من كثرة التفكير والتحليل والفهم .
تنفس بلال بعمق ليهمس : لا تكن ظالمًا يا سليم .
ارتفعا حاجبي سليم بدهشة ليهمهم هازئًا : لا أكن ظالمًا ، أنا لم أكن ولن أكنأبداً ظالمًا يا بابا، الظلم هو ما فعلته أنت بماما وبي وبحبيبة أيضًا .
عبس بلال بعدم رضا ليهتف بحنق : ما بالها حبيبة ؟! ماذا فعلت بها ؟!
اتسعت عينا سليم بصدمة ليهتف بحنق سائلًا : حقًا يا بابا تتساءل عم فعلته بحبيبة ؟! انظر إلى حبيبة جيدًا وحينها ستعرف ماذا فعلت بحبيبة ؟!
اهتزت حدقتي بلال وجهه يشحب بقوة ليهمهم سليم وهو يهدأ من غضبه : هذا الكلام ليس وقته ولا مكانه ، فما يحدث حولنا أهموأكبر من تلك الخلافات الصغيرة .
تنهد بلال بقوة ليهمس باختناق وهو يشعر بأن فرصته مع ابنه تتسرب من بين كفيه : فقط أردتأن أخبرك بأنك ولدي الوحيد والذي أريدهأفضل من العالم اجمع ، أنت مهم جدًا لي يا سليم
ضحك سليم ساخرًا ليهتف بعدم تصديق : حقًا يا بابا ؟! إذًا لماذا لم اشعر يومًا بمدى أهميتي التي تتحدث عنها الآن ، لماذا شعرت دومًا بأنك تستنكر تصرفاتي .. تقلل من شأني .. وتهملني لأني لم ارقى يومًا وأحقق لك هذا الحلم الذي حلمته من أجلي ورسمت وخططته لي ؟!
اتبع سليم بمرارة أغلقت حلقه : اخبرني يا بابا أين أهميتي التي تتحدث عنها حينما لم تشجعني حينما اتخذت قراري بطريق مخالف لك ، أين أهميتي حينما أخبرتني أني فاشل لا اسوى شيئًا لأني سلكت طريقي الخاص بي ، أين أهميتي وأنت تستنكر نجاحي وتقلل منه ، أين أهميتي يا بابا أم ظهرت الآن حينما قبلت بالوظيفة التي أردتها لي دومًا منذ الصغر فاكتشفت أن لك ولد ستفتخر به بعد أن كنت تستعر منه ومن كونه نجمًا ناجحًا في وسط أنت غير معترف به .
رجع سليم للخلف ليهمهم بألم اعتصر قلبه : للأسف يا بابا لم تنجح يومًا في أن تشعرني بمدى أهميتي لديك ، لذا لا تلومني لأني الآن لا اصدق أني ذي أهمية فلطالما شعرت بأني غير قيمة لديك .
ارتعد قلب بلال الذي خفق برفض ليهمهم بصوت أبح : بل أنت هام جدًا لدي يا سليم وكل ما كنت أفعله ما هو إلا حرص عليك وعلى مستقبلك يا بني ، حينما تؤسس أسرة وتأتي بالأطفال ستعلم عم أتحدث يا سليم ، فالمرء يا بني لا يحب أحدًاأكثر من نفسه سوى أولاده ، وأنت وشقيقتك تمثلان لي العالم وما فيه .
ابتسم سليم ساخرًا ليهمس : اصدق أن حبيبة تمثل إليك العالم وما فيه ولكن أنا ..
صمت وهز كتفيه دون حديث لينظر إليه بلال برجاء ويهمس بخفوت : حسنًا امنحني فرصة ثانية وأنا سأحاول بكل طاقتي أن أشعرك بمقدارك وقيمتك عندي يا سليم .
اشاح سليم برأسه لينهض واقفًا : الأمر ليس كذلك يا بابا ، ولتعلم أنك مهما فعلت ستظل أبيالذي لا أقوى على الاستغناء عنه ولا التنكر له حتى إن فعل هو .
نهض بلال يقف مواجهًا لولده يرفع رأسه ينظر إليه هامسًا بصدق : أنا لا أريد فقدانك يا سليم، فأنت ولدي الوحيد .
ارتعش قلب سليم تأثرًا وصوت أبيه يحشرج باختناق ليهمس على الفور : وسأظل ولدك الوحيد يا بابا سندك ومعك وإذ احتجتني ستجدني إلى جوارك .
جذبه بلال إليه ليجبره أن ينحني فيضمه إلى صدره يربت على ظهره بدعم : وأناالآخرإذاحتجتني ستجدني أؤازرك يا بني .
ارتعشت روح سليم بعوض لم يفكر فيه يومًا ليبتسم من بين دموعه التي ملأت جفنيه ليهمهم بخفوت وهو يكح مجليًا حلقه : شكرًا يا بابا .
ربت بلال على وجنته ليهمهم إليه بتساؤل : أنت تحب زوج عمتك كثيرًا .
ابتسم سليم وهو يشد جسده فينظر لأبيه من علو قبل أن يهمس : عمو أمير مكانته ليس زوج عمتي فقط يا بابا وأنت تعلم .
أومأ بلال برأسه : نعم معك حق ، انه كبير عائلتنا شفاه الله وعافاه وطمئنا عليه وعلى أسعد .
تمتم سليم برجاء : اللهم آمين .
سأله بلال : ما أخبار عمتك ؟! لقد أتيت لأجلها ولم أكنأدرى بأمر أسعد .
زفر سليم بقوة : إنها بخير نائمة فلم تعرف بأمر أسعدإيناس معها بالأعلى ، تعال لأدلك على غرفتها .
جاور ابنه بخطوات بطيئة قليلا وهو يدعو الله أن يفك كرب عائلة أخته ويطمئن قلبه عليهم جميعًا .
***
صباح اليوم التالي- السابعة صباحًا
تحرك عادل بنفاذ صبر بعد أنأصبح وحيدًا فأحمد الجمال ذهب ليتابع بقية وصول الحالات المصابة والتي أتت بالتوالي بعد مجيئ أسعد ، بل انهم استدعوه لإجراء جراحة لأحد الضباط لديه إصابة بالغة ومع حالة عادل المستعصية ذهب هو للقيام بالجراحة بدلًا منه ، زفر عادل بقوة ونظر إلى الساعة الرقمية التي تومض بعداد للدقائق والساعات بجانب غرفة العمليات و التي تشير أن الوقت قارب على إتمام خمس ساعات كاملة تبلي فيهم جنى بلاء حسن بل إنها أثبتت له كيف كانت محقة حينما عاندته هو وأبيهاوأصرت على إجراء الجراحة بنفسها وها هي تقترب كما يظن من إنهاء الأمر الذي سيكلل بنجاحها وستعيد أخيه له من جديد ، انتبه على صوت أحمد الذي عاد للتو فيربت على كتفه هامسًا : لقد قاربت على الانتهاء الحمد لله الذي مَن علينا بفضله .
همس عادل بأنفاس ذاهبة مرددًا : ألف حمد وشكر لله ، الحمد لله على نعمته وفضله .
ابتسم أحمد بأمل فبادله عادل الابتسامة براحة قبل أن يدوي صوت صافرة جهاز القلب وصوت الممرضة التي هتفت : معدل ضغطه ينخفض يا دكتورة ،
ليهتف الطبيب الآخر : إذا توقف قلبه سنفقده يا دكتورة .
اتسعت عينا عادل برعب قبل أن يركض من فوره ينزلق على السلالم نحو المدخل الآخر لغرفة العمليات يعقم نفسه سريعًا قبل أن يقتحم الغرفة فيسمع صرخة جنى التي أتت قوية وهي تهتف بحدة : clear
فيرفع الجميع كفوفهم عنه لتصقعه بشحنة كهربائية معتادة قبل أن تعود وتضغط بكلتا راحتيها فوق قلب أخيه بثبات وهي تهتف بجدية : انهض يا أسعد .. لن أفقدك هنا .. انهض .
تنظر إلى الجهاز الذي لا يعطي أي إشارة قبل أن تعاود شحن الصاعق الكهربائي وتصرخ ثانيةً: إخلاء .
فيبتعد الجميع لتصعقه من جديد ثم تعاود تدليك قلب أسعد وهي تهتف بثبات وكأنها تردد لنفسها قبل أي شخص آخر : لن أفقدك .. أسمعت .. لن أفقدك .
عاودت الأمر للمرة الثالثة وهو يقف من بعيد يراقب دون أن يجرؤ على الاقتراب يبتهل قلبه قبل لسانه بدعاء كثير لله أن ينقذ أخيه من موت محقق إذ لم يستجب هذه المرة للشحنة التي صعقته بها جنى قبل أن تهتف بصراخ صم أذنيه : انهض يا أسعد .
و كأن قلبه يأتمر بأمرها فقد عاد ثانيةً للخفقان بنبض بطيء ولكنه استجاب ، ارتجف جسده رغم عنه وسقطت دموعه المخزنة بعينيه فتنهمر مغرقة الكمامة التي يضعها أمام أنفاسه ثم وجنتيه حينما عاد جهاز القلب لمنحهم صوت النبضات من جديد فتلهث جنى وتتوقف عن الضغط فوق قلبه لثواني قبل أن تتماسك مرغمة تعاود إنهاء ما بدأته بثبات أثار شفقته نحوها ليهتف بصرامة بالطبيب المساعد : انهي التقطيب من فضلك .
رفعت عينيها إليه ليمأ إليها بعينيه أن تترك الآخر لينهي ما بدأته وأنجزته هي فترفع كفيها تترك كل شيء وتبتعد للخلف ولكنها أبت أن تغادر بل ظلت واقفة إلىأن انهى الطبيب الآخر كل شيء ليهتف بعدما انتهى : عملية ناجحة يا دكتورة مبارك إليك .
انهمرت دموعها فأغرقت كمامتها التي لاتزال محتفظة بها لتهرول للخارج فيتبعها عادل بعد أنأخبرهمبأن ينقلوه للعناية المشددة كما هي الإجراءات المتبعة .
دلف إلى غرفة التعقيم من خلفها ليجدها أرضًا بأحد أركانها تبكي بانهيار ألم بها ترفع كفيها -المختفيان خلف قفاز الجراحة الذي يحمل دماء أخيه – أمام وجهها وتنظر إليهما بهلع ، تنتحب بشهقات متتالية أوجعت قلبه ليقترب منها هاتفًا باسمها قبل أن يقبض على مرفقيها ينتزعها من مرقدها ويجبرها على الوقوف ليخلصها من قفازها يرميه بسلة المهملات قبل أن يدفعها بلطف نحو مرش المياه فيغسل لها كفيها هامسًا بخفوت بجوار أذنها : اهدئي يا جنى .. اهدئي أسعد بخير والحمد لله اهدئي أنت أنقذته فاهدئي.
نظرت إليه بعدم تصديق ليمأ لها برأسهإيجابًا هامسًا : أسعد بخير والحمد لله ، زفرت بقوة وهي تحاول أن تتمالك دموعها لتنهنه بطفولية أثارت بسمته فاتبع بتفكه تعمده - توقفي حتى لا أضمكإلى صدري بدلًا من أسعد فهو لو كان متواجدًا لفعلها.
ارتجف جسدها وابتعدت عنه بحرج ليضحك بخفة هاتفًا بها : لن افعلها لا تخافِ .
حينها نطقت مشاكسة وهي تغسل كفيها وتعقمهما ثانيةً : اعلم طبعًا أنك لن تجرؤ على فعلها وليس لأجلي بل لأجل أنك تخاف من أسعد.
ضحك بخفة ليجيب بهمس : ومن الذي لا يخاف أسعد .
ابتسمت بألم داهم قلبها قبل أن تنهمر دموعها من جديد فيزفر بقوة هاتفًا بجدية : توقفي يا جنى واحمدي الله أنه بخير وادعو له لينهض سالمًا ، نهنهت من جديد فاتبع بصلابة - لابد أنتتماسكي قبل أن نخرج للعائلة فجميعهم ينتظرونا لنبلغهم بحالة أسعد .
واصلت غسل كفيها قبل أن تهمس بخفوت وهي تغادر الغرفة بصلابة : سأمر عليه قبل أنأخرجإليهم.
أومأ برأسه متفهمًا قبل أن يتبعها فهو الآخر يريد الاطمئنان على أخيه ليقوى على أن يطمئن أسرته ويشعر بأن عالمه يعود إلى الاستقرار من جديد .
***
تقف لتنظر من خلف الزجاج إلى جسد أبيها الراقد بالداخل لا تتبين ملامحه بسبب قناع الاكسجين الموضوع له ، تراقب جهاز القلب الذي يومض بتتابع فيخبرها عن استقرار حالته ، جفت مآقي عيناها من كثرة البكاء .. وتوقفت أحاسيسها عن الشعور ، فحجم المصاب أكبر من قلب يخفق بألم أو روح تتنازع تحت وطأة الفقد ، فالصدمات التي ألمت بها على التوالي منذ الليلة الماضية أفقدتها رفاهية الشعور وخاصية الألم ، إنها تشعر بالجمود يحيطها ، تتذكر ملامح وجه أمها الشاحبة .. ندائها الخافت باسم أخيهاوكأنها كانت تريد أن تخبرها بحجم المصاب الذي يلم بهم ، ترتجف حدقتيها مرغمة وهي تستعيد مرأى جسد أسعد الملفوف بالضمادات فتتلاعب خيالتها بها وتحول الضمادات الكثيرة لكفن ابيض يحيطه فيعتصر قلبها بوخزة ألم قوية لم تبوح بها ليستقر بؤبؤ عينيها وهي تنظر لأبيها الذي لم يتحمل أن يفقد ولده البكري ، دموع كثيرة تجمعت بحلقها فشعرت بغصة قوية تخنقها وهي تردد على عقلها " نعم إننا نفقد البكري .. الكبير من بعدك يا أبي .. ظهرنا .. دعمنا .. وسندنا ، أخي الحنون والابن المراعي والفارس المثالي "
لسعت الدموع ماقي عينيها من جديد لتنفض رأسها ترفعها بشموخ رافضة البكاء لتشعر بإنهاك غريب يداعب أوردتها حينما احتضن كتفيها براحتيه ليضغط عليهما بلطف هامسا : تعالي واجلسي يا يمنى ، أنت واقفة هكذا منذ أكثر من ساعتين ، بل منذ أن أخرجتك الممرضة خارج الغرفة .
همهمت بصوت أبح منهك : لا أريد الجلوس ، أنا بخير .
سحب نفسًا عميقًا ليجاورها وقوفا : لا لست بخير ، أنا اشعر بك .
اهتزتا حدقتيها برجفة ألم لتهمس ببوح أرادته : هل تتذكر ذاك الحلم الذي أخبرتك عنه ؟!
تصلب جسده و آثر الصمت قليلًا قبل أن يجيب : لم تخبريني عن تفاصيله يا يمنى ،
أومأت برأسها موافقة : نعم لم أشأ أن اخبر الطبيب عن تفاصيل الحلم حتى لا ازج به في خصوصيات أسرتي ، لكن الآنأنا أتحدث معك أنت يا عمار .
التفت إليها نصف التفاته ليهمس باهتمام وترقب : وأنا كلي معك ولك يا مونتي .
عم الصمت عليهما قليلًا قبل أن تهمس بصوت أبح : إنه يتحقق كاملًا ولو أني أخاف أن أقصه فتغدو الأمور اسوء مما هي عليه لقصصته عليك ، اختنق صوتها ليتهدج بخفوت – فقط كلما تذكرت أسعد المغطى بالضمادات البيضاء أتذكرأنيرأيته بحلمي مكفنًا بالأبيض وشاحب كالأموات فيرتعد قلبي وتتمزق روحي حينما يخيل إليأني سأفقده .
ارتعدت أمام عينيه ليجذبها نحوه يضمها إلى صدره وقلبه يقفز بهلع ليهمهم بأنفاس متلاحقة : بعد الشر عنه ، بعد الشر عنه و عنك ، بإذن الله لن يحدث له شيئًا .
دفعته بعيدًا عنها بهدوء فمنحها مساحتها وهو يبتعد للخلف قليلًا لترفع عيناها إليه : أنت لا تكرهه أليس كذلك يا عمار ؟!
شحبت ملامحه ليهمس باستنكار: أكرهه ؟!! هل جننت يا يمني ؟! أناأكرهأسعد ، إنهأخيوصديقي .
اخفضت عيناها لتهمهم : فقط أتساءل لأجل الموقف القديم .
ابتسم ساخرًا : كان من الأحرى أن يكرهني هو ولكنه لم يفعل ، بالله عليك كيف اكرهه على خطأ أنا من ارتكبته في حقه .
سحبت نفسًاعميقًا لتهمهم : لم ترتكب الخطأ وحدك ، بل أنا شاركتك فيه .
اغمض عينيه ليزفر بقوة قبل أن يهمس بثبات : لا يهم الآن يا يمنى من ارتكب الخطأ ومن شارك فيه ، ما حدث قد حدث ونحن ببداية جديدة لا علاقة لها بالماضي ، بداية أعدك أنها ستكون جيدة ولن ارتكب ما أخطأت فيه ثانيةًأو حتى ما شاركت فيه خطئًا .
تنهدت بقوة ليهمس باسمها في خفوت فتلتفت تنظر إليه فيهمس متبعًا : سيكون كل شيء بخير، فقط أنت لا تبتأسي لأجل الجميع ، اتذكرين حين مررنا بحادث عاصم ، أنت من كنت تمدينني بالقوة والثبات ، اسمحي لي أن ادعمك في مصابك ولا تبعديني عنك .
تنهدت بقوة : أنا لا أقوى على ابعادك يا عمار ، بل أنا اتشبث بك حرفيًا اليوم ، وكأني غريق وأنت طوق نجاته .
ابتسم مرغمًاوالأمل ينبض بعينيه : إنه لأجمل اعتراف بالحب سمعته يومًا يا مونتي .
انشق ثغرها عن بسمة قصيرة الأمد لتهمهم بذكاء وكأن عقلها استعاد بعضًا من قوته فعاد للعمل ثانيةً : أنا بحالة عصبية خاصة يا دكتور ، لذا لا يؤخذ على أقوالي اليوم .
هز رأسه بيأس ليهمهم بلا مبالاة افتعلها : من الواضح أنني الآخر اتعلق بأي قشة تمدينها لي يا ابنة الخيال .
رجف جفنها وملامحها يكسوها الحزن ثانيةً فتضطرب ملامحه قبل أن يهمس بجدية : سيكون بخير لا تقلقي .
تمتمت بمناجاة : يا رب يا عمار ، لينهض معافي لنا بإذن الله .
هم بمواساتها قبل أن ينتفض باهتمام : هاك عادل وجنى قادمان .
تحركت باتجاه أخيها في خطوات سريعة ليخطو عادل نحوهما بخطوات متلاحقة تحدث عادل هاتفًا بجدية أمام زوجي العيون المترقبة : أسعد بخير والحمد لله ، جنى أجرت له الجراحة والحمد لله نجحت في مداواته ، فقط سيمكث في العناية المشددة و الأربعة وعشرون ساعة القادمة ستحدد حالته بالضبط ولكن مبدئيًا هو بخير .
زفرة ارتياح انطلقت من عمق روحه بينما تنفست يمنى بقوة لتنهمر دموعها في بكاء افاض من عينيها ثانيةً ليضمها عادل إلى صدره هامسًا : اهدئي يا موني سيكون بخير بإذن الله ،
تمتمت برقة : بإذن الله
اقترب عمار من جنى هاتفًا باهتمام : أنت بخير
أومأت جنى برأسها قبل أنيسأل عادل باهتمام وعيناه تدور في المكان من حولهم : أين بابا وسليم ؟!
ارتجفت يمنى بقوة أمام عينيه لتتبادل النظرات مع عمار الذي أجاب بثبات تمسك به : سليم ذهب مع بلال بك منذ قليل ، اعتقد أنهما في مكان قريب هنا .
ضيق عادل عينيه ليسأل بريبة سكنت صدره : أين بابا يا عمار ؟!
نطقت جنى بصوت مختنق : ماذا حدث يا عمار ؟!
تمتم عمار بجدية : فقط أهدئا وتعالا معي ، ارتجف عادل بفزع فاتبع عمار – عمي أصبح بخير والحمد لله فقط تماسكا .
ارتعدت جنى بخوف ألم بملامحها ليتمتم عادل باختناق : فقط خذني إليه .
***
اليوم التالي للحادث - الواحدة ظهرًا
يجلس بجوار أبيه بعد أن خلع معطفه الأبيض متخليًا عن دور الطبيب لأول مرة منذ أن بدأ مشواره المهني ، فالأحوال التي تمر بها عائلته الآن لا تحتاج للجراح أو الطبيب فيه بل تحتاج لعادل الابن .. عادل الأخ .. عادل تؤام الفارس وظله ، ازدرد لعابه وهو يراقب ملامح أبيه المتعبة فيحتضن كف أبيه القريب بين راحتيه لينحني مقبلًا ظهره هامسًا بصوت بُح من كثرة البكاء الذي انهمر من عينيه حينما رأى أبيه هكذا ، لقد تماسك كثيرًا وتحامل على نفسه ألا يبكي وشقيقته هنا ليمنح نفسه فرصة الانهيار حينما أمرها بالمغادرة مع عمار ، أوصاها أن تأخذ قسطًا من الراحة وتأتي بملابس للجميع ، وأكد على عمار الاعتناء بها وأن يبقيها قليلًا عند والدته حتى تهدأ روحها الملتاعة بسبب الصدمات الكثيرة التي ألمت بها .
ليبقى هو بجوار أبيهو خاصةً بعدما غادر خاله وسليم الذي هتف به أنهسيأتيثانيةً بعد أنيمهد لوالدته وحبيبة أمرأسعد فيؤكد هو على الجميع أن يخفوا الخبر عن والدته التي لم تعلم شيئًا إلىالآن ، بل إنها حينما استيقظت أخبرتها خالته بأن يمنى ذهبت لتأتي ببعض الأشياء من البيت وأنأمير غادر منذ قليل وأنه مشغول بعمله كما اتفق مع إيني وردد على مسامعها الحديث أكثر من مرة ، لقد تحاشى أن يدلف إلى والدته فلا تفطن لما يحدث خارج غرفتها ، ولا تلتقط جفينه المتورمين من البكاء ولا شحوب وجهه وقلق روحه وأنفاسه المتنازعة بين أبيه الراقدوأخيه الغائب عن الوعي رغم مؤشرات جسده الطبيعية .
انتبه من أفكاره على جفني أبيه اللذين يرفان ببطء ليشعر بفرحة قوية غمرته فيضغط جرس الاستدعاء قبل أن يضغط على كف أبيه بلطف وينحني يقبلها بلهفة هامسًا بصوت ابح : بابا ، هل أنت بخير ؟!
كح أمير بوهن ليفتح نصف عين ينظر إليه بتعب ليهمهم بخفوت من خلف القناع : أريد ماء .
تمتم عادل بجدية : حالًا يا بابا فقط الطبيب يراك أولًا .
رفع أمير كفه الآخر ليزيح قناع التنفس ليهمس عادل بجدية : لا يا بابا انتظر فقط حتى يطمئنني الطبيب .
عبس أمير بعدم رضا قبل أن يهمس بصوت متهدج : أخيك .
تنهد عادل بقوة ليجيبه : بخير ، العملية نجحت والحمد لله ، اغمض أمير عينيه لتلهث أنفاسهوكأنه يحمد الله ويشكره بقلبه قبل أن يتابع عادل موفرًا عليه السؤال حتى لا يرهقه في الحديث – وماما أيضًا بخير فاقت منذ الصباح ولكني تعمدت أن اخفي كل شيء عنها إلىأن اطمئن عليك وعلى أسعد .
أومأ أميربرأسهموافقًا وهو يضغط على كف عادل الممسك بكفه مستحسنًا لينهض عادل واقفًاوالطبيب يدلف إلى الغرفة يبتسم بلطف وينظر إليه بجدية ، فيمأ عادل برأسهموافقًا وهو يغادر لينتظر خارجًا كما هو متبع مع أهل المرضى .
***
يسير بجوار خاله الذي هدأت ملامحه المضطربة حينما اطمئن على أبيه بل إنه دلف إليه وتحدث معه بقليل الكلمات فتلين نظراته المتوترة ويشد جسده بصلابة وكأنه استمد ثباته من إفاقة والدهالمتجهم لأن الطبيب منعه من الحركة وعليه لن يستطيع أن يذهبإلى امه فيطمئن عليها ، لقد حاول أن يوضح لأبيه أن زيارته لها الآن غير نافعة فأمه لا تعلم بحالة أسعد ولا حالته الصحية ولكن أبيه رفض أن يستمع بل أمره بغلظة أن يأتي بكرسي مدولب ويدفعه لغرفة أمه ليطمئن عليها ويطمئنها عليه فهو موقن بالقلق الذي تعيش فيه ، ليستقر أخيرًابأنه سيخبرها عن وعكة أبيه الصحية حتى لا تتفاجأ حينما يدلف إليهاأبيه على الكرسي وبملابس المشفى !!
زفر بقوة وهو يشعر باضطراب جلي فهتف به خاله : دع أمك لي أنا سأتحدث معها ، اضطربت ملامحه أكثر لينظر إلى خاله بشك فأومأ إليه بلال بهدوء - فقط دعها لي أنا سأتصرف .
أومأ عادل بالإيجاب ليطرق بلال الباب قبل أن يدلف على استحياء إلى الغرفة الخارجية فتدعوه زوجته أن يأتي وتصافحه سارة اللتان أتتا منذ الصباح ليرافقن والدته المريضة ويحاولن الهائها عن السؤال عن أسعد ولكن صوت أمه الواهن والذي صدح برجاء أوهن عزيمته : أرجوك يا إيني هاتفيه ، أريدأن اطمئن عليه .
تنهدت إيناس برقة : إنه بخير يا ليلى ، ألمأخبرك بذلك ؟!
نهنهت أمه بصوت مزق أواصر قلبه : أنت تكذبين ، جميعكن تكذبن ، أسعد ليس بخير حتى أميرليس بخير ، رجف جفني إيناس فتابعت أمه – حسنًا اتصلي بعادل أخبريهأن يترك عمله ويأتي لي ، أناأمهأناأولىأن يتفرغ لي ولمرضي .
تمتمت إيناس بصوت أبح : حاضر يا ليلى سأهاتفه واطلب منه المجيء .
أشار إليه خاله أن يتوقف ليطرق الباب طرقة واحدة قبل أن يدلف إلى داخل الغرفة هاتفًا بهدوء كسى نبراته : مرحبا يا أختاه ، كيف حالك اليوم ؟!
اهتزت حدقتي ليلى أمامه لتتوقف عن البكاء لوهلة قبل أن تدرك وجود أخاها فتشنج في البكاء من جديد وهي تهتف بحرقة تمد له كفها : بلال ، تعال يا أخي ، تعال أنت من ستفعل لي ما أريده،
تحرك بلال نحوها بخطوات متلاحقة ليجلس مجاورًا لها وهو يضم كفها بين راحتيه لتهمس بصوت قطع نياط قلبه : أسعد يا بلال ، أرجوك اتصل به لأجلي ، طمئني عليه الآنأمامي ، فأنالا اشعر بالراحة ، قلبي يؤلمني عليه ، أرجوك طمئن قلب أختك .
أومأ برأسهإيجابًا وهو يغصب على نفسه الابتسام : فقط اهدئي وسأتصل به لأجلك .
اخرج هاتفه ليستجيب إليها يفتح مكبر الصوت ليصدح صوت السيدة تخبرهم أن الهاتف مغلق لتجهش ليلى في البكاء من جديد ليهتف بلال : أرجوك يا ليلى لماذا تبكين ؟! أسعد يتغيب كثيرًا وهاتفه يغلق أكثر ، اهدئي وسيكون بخير فقط اهدئي .
نهنهت ببكاء خافت قبل أن تهتف : حسنًا اتصل بأمير ، أريدأن أتحدث معه ، لا اصدق أنهتركني هكذا وأنا مريضة وذهب إلى عمله .
ربت على كفها : اهدئي يا ليلى وكوني منطقية كما عهدتك ، ألا تدركين متطلبات عمل أمير ؟! ألاتعلمين أن عمله يطلب وجوده في أي وقت و أنهم لا يقون على الاستغناء عنه ؟!
نظرت إليه من خلف دموعها لتهمس بخفوت : انظر إلي يا بلال وأخبرنيأنأسعد بخير وأنأمير في عمله كما تقولون جميعًا .
تنهد بقوة ليهمس دون أن ينظر إلى عينيها فعليًا : أسعد بخير وأمير بخير أيضًا .
دفعت كفيه بعيدًا عنها لتهتف بعتاب غلف صوتها : تخدعني ؟! أنا يا بلال تكذب علي وفي هذا السن ؟! لم تفعلها أبدًا ونحن صغار ، الآن تكذب وتظن أني سأصدقك ؟! سأصدق أن ابني لم يفتح هاتفه منذ البارحة وهو بخير ، سأصدق أن أمير تركني وحدي وأنا مريضة ، وسأصدق أنعادل لم يأتي إلي ليطمئن علي للآن !! اتبعت هامسة بوجع – سأصدق أنهم جميعًا تركوني وحيدة دونهم يا بلال ؟!
هتف بلال بمرح مفتعل ودموعه تتجمع بعينيه : هكذا إذًا يا ليلى أنت وحيدة ونحن ماذا نفعل هنا أعقاب شجر ، أليس بجوارك إيناس وسوزان وسارة وأنا ، أنا لا احتسب نسيت بلال يا ليلى أنا هنا أنا بجوارك ؟!
بكت بألم : لم أنساك قط ولكنك تكذب علي ، استحلفك بالله العلي العظيم أن تصدقني القول يا بلال ، أخبرنيأينأمير ؟! أخبرنيأينأسعد ؟! أخبرنيأين عادل ؟!
تماسك بصلابة ليهمهم باختناق : عديني أن تتماسكي وسأخبرك .
اتسعت عيناها بارتياع لتهمهم بيقين : كنت أعلم ، كنت أعلمبأن هناك شيء اخبرني يا بلال أرجوك ، بالله عليك يا أخي اخبرني .
ارتجف أمام عينيها قبل أن يهمهم : أسعد أصيب في هجوم حدث على الحدود .
انتفض جسدها أمام عينيه ليجذبها سريعًا إلى حضنه يقبل رأسها : اسم الله عليك يا أختاه ، اسم الله عليك .
تمتمت وجسدها يرتعش : أخبرني كيف حاله ؟!
سحب أنفاسه ليسيطر على دموعه : بخير إنه بخير الحمد لله ، تغضنت ملامحها بألم وهي تنظر لعمق عينيه تبحث عن كونه صادقًا أم لا فتابع بجدية - أقسم بالله العلي العظيم لا اكذب أسعد بخير لقد أجرواإليه عملية ونجحت الحمد لله إنه في غرفة الإفاقة .
توقفت دموعها عن الانهمار لتلهث أنفاسها بشكر وحمد كثير وقلبها ينتفض لتحاول أن تتحرك تنوي النهوض : حسنًا خذني إليه ، تمسك ببقائها فتهتف به – أمير هناك أليس كذلك ؟! لذا هو لا يجاورني .
اهتزت حدقتيه بتوتر ليهم بترديد أنأمير ذهب لعمله لتهتف به في حدة : إياكأن تكذب ، هل أمير بخير ؟!
ليجيب بهدوء : إنه بخير ، أصبح بخير ، سيأتيإليك بعد قليل .
انهمرت دموعها من جديد لتهمس : طمئني يا بلال أرجوك ، أناأموت من الخوف .
وكأنها جذبت فتيل دموعه التي انهمرت مرة واحدة ليجذبها من كفيها إلى صدره وهو يعتدل بحركة سريعة ليضمها إليه بقوة هاتفًا باعتداد رجولي : أبدًا لا تفعلي أبدًا يا ليلى ، أنا هنا .. أنا معك .. أنا بجوارك ، أفديك بنفسي وعمري ومالي أيضًا يا حبيبتي ،
يضمها أكثرإليه يقبل رأسها : إياك أن تشعرين بالخوف وأنا معك ، إياك أن تشعري بالوحدة وأنا معك ، أنا ظهرك وسندك وعضدك وقتما تحتاجين يا أختاه فقط تماسكي أرجوك يا ليلى تماسكي ، كلنا نحتاج إليك ، أسعد يحتاج إليكأمير يحتاج إليك عادل يحتاج إليك
اتبع وهو ينظر إليها بصدق : وأنا احتاج إليك دونك أناأشعر باليتم يا أختاه
ضمها إلى صدره ثانيةً : دونك أناشريدًا .. ضائعًا .. ووحيدًا ، انهضي لأجلي لأجل أخيك الصغير الذي يحتاجك.
انتفضت في صدره التي تمسكت به بقوة فيضمها إليهأكثر ينشج ببكاء وهو يهدهدها في حضنه لتربت على صدره بحنو : اهدأ يا حبيبي ، أنا معكم ، أنا بخير ، وأنا معكم سأظل بخير
ليندفع عادل مغادرًا الغرفة غير مدركًا لنادر وسليم اللذان حضرا للتو فيتبعه نادر على الفور بينما سليم وقف مبهورًا متسعا العينين فاغرًا فاه دون تصديق بأنأبيه ذو الغضب المرعب يجهش في البكاء لأجل خوف عمته ، بل إنه تماسك بقوة حتى لا يبكي حينما علم بأمر أمير ، لقد رأى حينها الدموع بعيني والده ولكن أبيه لم يذرف دمعه واحدة بل ظل صلدًا .. صلبًا .. جامدًا ، رغم رعبه .. خوفه .. قلقه على أمير وانحناءة ظهره التي أخبرت سليم بمكانة زوج عمته لدى أبيه بل إنه صدق بالفعل أنأبيه يكن لأمير مكانة الأخ وكبير العائلة كما اخبرهم من قبل، ليشعر بالدهشة تغمره وهو يفكر أن من يراه وهو يمشي ملكًا يشد جسده بصمود لا يصدق أبدًاأنه من الممكن أن يجهش في البكاء لأجل أخته الكبرى ويترجاها أن تتماسك لأجله !!
انتبه على حركة والدته التي اقتربت من أبيه تربت على كتفه برقة : توقف يا بلال فأنت تزيد الأمر عليها .
مسح وجهه بإحدى كفيه ليهتف سريعًا : لا والله لم اقصد أنا فقط أريدها أن تتماسك لأجلنا جميعًا ، ربت على ظهر ليلى ليهتف بأمل وهو ينظر لعمق عيني ليلى : ليلى قوية ستنهض لأجل أن تعتني بأسعد ، أليس كذلك يا ليلى ؟!
مسحت ليلى دموعها لتهمهم بثبات تمسكت بآخره : سأفعل بإذن الله فقط أريدأن أراه .
ابتسم بأمل : بإذن الله يا حبيبتي سترينه قريبًاجدًا.
تمتمت بخفوت وهي تتماسك فلا تبكي من جديد : ليفعل الله ما يريد .
***
عبس بتعجب وهو ينظر إليها تهرول اتجاههم ليقترب منها مسرعًا : أنت بخير ما الذي أتى بك؟! هل حور بخير ؟! ماذا حدث يا لميا ؟!
لهثت برقة لتهتف بجدية : أين جنى يا أحمد ؟! أين هي ؟!
عبس بتعجب سرعان ما تحول لإدراك ليقبض فكيه هاتفًا بعصبية : مازن أخبرك ؟!
هدرت بحدة :هل كنت تتخيل أني لن اعرف بينما أنا اهاتف جنى من البارحة وهاتفها مغلق وأنت لا تجيب هاتفك ، بالطبع أخبرني حينما استحلفته بالله أن يخبرني عم يحدث في المشفى وأجبرتهأن يأت بي أيضًا ، زمت شفتيها ودموعها تتجمع بعينيها لتتابع بصوت متهدج - كنت تريديني أن لا أعلم ، طلبت منه يخفي علي الأمر ، لماذا هل أنا غريبة عنكم لتفعل هذا ؟! أم ليس من حقي أن أتواجد بجانب ابنتي ..
صمتت لتبتلع غصتها قبل أن تصحح : ابنتك في مصابها ؟!
عبس بضيق ليهمهم بحنق : لم أقصد ما فهمته يا لميا ، كل ما قصدته
قاطعته وهي ترمقه بطرف عينها لتهمس بمرارة خنقت حلقها : قصدت أو لا يا أحمد ، لا يهم الآن، فقط اخبرني أين جنى لأكون معها ، بجوارها ، ابنتك تحتاجني وهذا من ضمن أسباب زواجك مني ، أو ليس كذلك ؟!
اغمض عينيه ليتنفس بعمق قبل أن يغمغم وهو يقبض على كفها بلطف : تعالي سأوصلك ، إنهابجوار أسعد.
سحبت كفها من يده لتهتف بجدية : لا أريدأن اعطلك عن مشاغلك يا دكتور ، أخبرني أين تقع الغرفة وأنا سأذهب بمفردي
اربد وجهه بغضب لينظر من حوله فيتأكد من كون المكان خاليًا ليقبض على كفها بعنف وقسمات وجهه متصلبة ليهمس من بين أسنانه : لا تنزعي يدك مني هكذا ثانيةًوإياكأن اقترب منك فتنأِ عني بهذه الطريقة وكأني مصاب بمرض معدي.
رفعت وجهها لتنظر إليه بصرامة وهي تنتزع منه كفها ثانيةً : ليس أنا من ابتعدت عنك أولًا يا أحمدأنت من فعلت أنت من نئيت عني دون أن تخبرني ما الذي أخطأت فيه لتعاقبني عليه بابتعادك عني وعليه أنا الأخرى لن اقترب منك إلا حينما أفهم ماذا حدث وما الذي اقترفته في حقك فتنحيت بعيدًا اعتزلتني وهجرتني ، انفرجت ملامحه بذهول وهم بالحديث مبررًا لتشير بكفها مقاطعه حديث لم يفصح عنه لتتابع بجدية - ليس وقته ولا أوانه يا دكتور اليوم أنا هنا لأجل جنى فهي تحتاجني أنا متأكدة ، فوجودي إلى جوارها جزء من واجبي كزوجة لك ، ارتضت بأسبابك التي أخبرتها بها ، لذا بعد إذنك ودعني اهتم بواجباتي كزوجتك .
ابتلع غصة قوية تحكمت بحلقه ليهمس باختناق : فقط سأدلك إلى الغرفة وبعدها افعلي ما تريدين .
أومأت برأسها موافقة ليشير إليهاأن تتقدمه فيدلها على مكان ابنته التي حينما التقطت وجودها أسرعت نحوها ارتمت بحضنها تبكي مصابها تبوح بآلامها وتشكو أوجاعها فتربت عليها لمياء بحنان وعاطفة أمومية خالصة وهي تهمس لها : اهدئي يا بنتي سيكون بخير وسينهض معافي بإذن الله.
***
اليوم التالي للحادث– السابعة مساءً
يقف أمام غرفة العناية المشددة ينظر لجسد أسعد المستلقي بفراش المرض متأثرًا بإصابته في الحادث الغاشم الذي تصدى له هو والبواسل من فرقته والذي اغلبهم راقدون في الأسرة بعضهم نقلوا لغرف عادية أو متواجدون بالعناية المشددة إلىأن يستفيقوا من اصابتهم ، ابتسم ساخرًا ليتمتم بالحمد أن حالة أسعد استقرت بعد أنأثار فزع الجميع عليه ، رغم أنه لم يفق للآن من غيبوبته ولكنه يحمد لله كثيرًا انهم أخيرًا اطمئنوا عليه ، غامت عيناه بعواطف كثيرة وملامحه تنغلق لينتبه على مجاورتها إليه وهمستها الخافتة باسمه ، التفت إليها ينظر إليها بعينين غامضتين تختفي زرقتهما خلف سحابة سوداء شديدة القتامة ، ابتسمت بتساؤل لمع بسواد عينيها فيشيح بوجهه بعيدًا لتهمهم وهي تقف بجانبه : لا زلت قلق على أسعد ، لقد اطمأننت عليه من أبي ومن عمي أحمد ، ومن جنى أيضًا ، والجميع اتفقوا أنه بخير وسينهض معافى بإذن الله.
تنهد بقوة : إن شاء الله .
ابتسمت برقة لتهمس مشاكسة إياه بتعمد : لم أتوقعأبدًاأنك رقيق القلب يا باشمهندس ، ألهذا القدر متأثر بإصابة أسعد وخائف عليه ؟!
انغلقت ملامحه فعبست بتفكير اعتلى ملامحهما حينما همس بصوت أبح : إنه محظوظ .
نظرت له بذهول لتهمهم بعدم فهم : محظوظ ، اتبعت باستنكار - لقد نجى من الموت بأعجوبة .
غمغم بصوت محشرج : لو مات لكان شهيدًا وحينما عاش سيتوج بطلًا .
اتسعت عيناها بصدمة لتسأله بتوتر : أنت تحسده على إصابته يا عبد الرحمن ؟!
عبس بعدم رضا ليجيبها بهدوء : لا طبعًا ، لا احسده أنا فقط افكر في كونه أصبح ما تمنيته يوم ولم أصل له ،
نظرت له بحيرة : عبد الرحمن أنا لا أفهمك .
تمتم بخفوت : لا تشغلي رأسك .
هم بالابتعاد لتقف أمامه تعترض طريقه لتهتف بإصرار : لا لن تغادر إلا حينما أفهم مقصدك ، التفتت تنظر إلىأسعد – ما الذي وصل له أسعد وكنت تتمناه ؟!
تمتم بسخرية وهو يشيح برأسه بعيدًا : أنأكون مصريًا .
ارتدت رأسهاإليه بمفاجأة لتسأله وملامحها تشحب بذهول : وأنت لست مصريًا ؟!
تشكلت ملامحه بسخرية آلمت قلبها ليهتف هازئًا : أنا خواجة يا روكا ، ألم تخبريني بذلك من قبل ؟!
شهقت بمفاجأة لتتلعثم : لازلت تتذكر ، نظر لها من بين رموشه فتابعت بتعثر – كنت صغيرة ولم أكنأعلم ملامحك الأجنبية ضللتني .
هتف ساخرًا : ملامحي الأجنبية دليل صريح على كوني ليس مصريًا خالصًا يا رقية .
زمت شفتيها بضيق لتهتف به بحدة : توقف عن قول أنك لست مصريًا ، أنت مصري أب عن جد ، بل إن طباعك .. أخلاقك .. غيرتك كل هذا يدل عن عمق مصريتك ، وكون أن جدتك انجليزية وهو شيء طبيعي يحدث للكثير ليس سببًا لتتفوه بأنك لست مصريًا ، ابتسم ساخرًا لتقف أمامهتشمخ برأسها وتشير بسبابتها – إنها ميزة يا بني آدم ، انظر حولك وأخبرني كم واحد حولك يمتلك شقرتك أو عيناك الزرقاوين أو برودة أعصابك .
ابتسم رغم عنه ليهتف بمشاكسة تملكته : لولا آخر جملة نطقت بها لظننت أنك تغازلينني .
جمدت ملامحها لتهمهم بعتاب : عبد الرحمن ، أنا لا امزح أنا أتحدث بجدية هنا .
رفع عينيه إليها يتأملها مليًا قبل أن ينطق : اخبريني يا رقية ، أليست ملامحي التي تتحدثين الآن عنها بطبيعية وتخبريني أن علي الفخر بها هي السبب الرئيسي في ابتعادك عني منذ صغرنا ؟!
رفت بعينيها لتهمس بخفوت : لن أنكرأنك محقًا ولكني كنت مخطئة ، كنت صغيرة ولا افقه الكثير ملامحك ضللتني فقط لا اكثر .
ابتسم ساخرًا : وحينما كبرت ظللت تتجنبينني لنفس الأسبابأليس كذلك ؟!
سحبت نفسًاعميقًا لتهمس ببوح : لا ليس لهذه الأسباب فقط ، رفع حاجبيه بتساؤل فاتبعت بجدية وهي تنظر إليه بشموخ – بل لأني كنت أحافظ على نفسي .. مشاعري .. قلبي .
ضيق عينيه بعدم فهم لتشيح بعينيها بعيدًا لوهلة قبل أن تتابع بشرح : حينما كبرت اختلافك هو ما جذبني إليك ، توردت لتتبع بصوت أبح – لتعلم أنك كنت تنير كالضوء حينما تدلف إلىأي مكان ، ضوء يجذبني كالفراشة فأطير مبتعدة عنه بكل طاقتي خوفًا أن يكون ضوئك نارًا تحرق أجنحتي فلا أقوى على الطيران من جديد .
أخفضت رأسها بحرج فلم تلمح عيناه اللتان أضاءتا بلون زرق يشابه لون السماء لتكمل : وخاصةًأنك لم تكن هذا الشاب المستقيم بل كنت تصادق الفتيات بأريحية فظننتك بالفعل أجنبيًا كما تشي ملامحك ، ازدردت لعابها ببطء لتهمس – كم كنت ابتعد محلقة أكثرفأكثر مع كل فتاة تصادقها و خاصةًأولئك الفتيات ذوات الملامح المصرية الجذابة بلون بشرتهم السمراء و أعينهمالغامقة فانظر لنفسي بالمرآة و أخبرهابأنه لا يراك ، بالتأكيد لن ينظر نحوك فأنت لا تحملين أيًا من المواصفات التي يتمناها .
أجابسريعًا بصوت أجش رخيم : بل أنت كل المواصفات التي تمنتها يومًا ، أنت فتاة أحلاميالمجسدة فقط كنت لا أجرؤأن اقترب منك حتى لا تتكبرين علي كما فعلت ونحن صغار .
شحبت ملامحها التي لانت باعتذار صادق ومض بعمق عينيها : حقًا يا عبد الرحمن ؟! هل أثرحديثي بك لهذه الدرجة ؟!
تنهد بقوة ليبتسم هازئًا : لا ليس لهذه الدرجة ولكنه نبهني لشيء كان غائبًا عني ولكني تأكدت منه أكثر حينما كبرت .
تمتمت سريعًا : ما هو ؟!
هز كتفيه بقلة حيلة : بأني لست مصريًا .
تبرمت بغضب : توقف يا عبد الرحمن أرجوك .
ضحك بخفة رغم مرارة الألم الذي ومض بعينيه فاعتمت زرقاويتيه من جديد : أناأتحدث بجدية ولا أشير لحديثك السابق بل أخبرك عم حدث معي .
ومضت عيناها بالاهتمام فاكمل : حينما كبرت كنت أريدأن انضم للكلية العسكرية كأسعد .
ألقاهاوأشار لأسعد برأسه فاستدارت تلقائيًا لتنظر إلى جسد أسعد المستلقي لا يدري ما يحدث من حوله ليتبع هو بصوت أبح محشرج بذكرى ذات وطأة ثقيلة على روحه – ولكني لم استطع
عبست بتعجب لتدير رأسهاإليه من جديد وهي تجاوره وقوفًا : لماذا ؟!
أشار بكفيه : لأجل ما ذكرته أنت من قبل ، فأنا جدتي انجليزية وهذا غير مطابقًا للشروط .
اتسعت عيناها بذهول فأكمل باختناق قبض على حلقه – على الطالب المنضم للكلية أن يكون أبواه وجداه مصريين ، وأناأملكأب نصفه غير مصري ويحمل الجنسية الانجليزية أيضًا .
لانت عيناها بحنو احتضن ملامحه الحزينة والغضب المر بصوته لتهمس بفطنة : لذا لجأت إلى العمل مع هذا الجهاز السيادي ؟!
همس ببوح : لم أخطط أبدًا للعمل معهم ولكن حينما بدأت في اختراع الأجهزة استدعوني وطلبوا مني المساعدة فلم أقوى على الرفض ، بعد أول عمل طُلب مني فأنجزته شعرت بفرحة غامرة طردت مرارة غربتي .. شعرت بترتيبه حانية رتبت على روحي الثائرة .. وشعرت بأن الهوية لا تحتاج لضوابط معينة تثبتها بل إن الوطن متغلغل بعروقنا فقط جميعنا ننتظر الفرصة التي تسنح لنا لنفديه بأرواحنا .
ابتسمت بفخر لمع بعينيها لتهمس : أرأيت ؟! أنت مصري رغم أنف ملامحك الأجنبية .
ضحك بخفة ليهمس بمكر : الآن لست ضائقًا من كوني مختلف كما شعرت دومًا ، فهذا الاختلاف من سرق نظر فراشتي التي وقعت أخيرًا في أسر الضوء الذي لن يتركها تحلق بعيدًا ثانيةً .
احتقن وجهها بقوة لتشيح بعينيها بعيدًا : عبد الرحمن .
ابتسم بمشاغبة : ليست هذه ناديني بالأخرى .
تمتمت ببسمة حيية : عبده .
اتسعت ابتسامته : عيون عبده .
أشاحت برأسهابعيدًا عنه ليهمس بجدية : لعلمك لم أكن أصادق الفتيات كما هيأ إليك .
عبست بتعجب لتستدير تنظر إليه باستفهام – كانت صداقات عادية لم امنح مشاعري لاحداهن قط ، كنت ابحث عنك في أوجه الجميع ولكني لم استطع أنأجد من تشابهك ولو من بعيد يا رقية ، أنت تحتلين وميض عيناي من صغري ولازلت .
كتمت أنفاسها لتهمهم بصوت أبح خفيض : عبد الرحمن .
لم يستمع إلى الرجاء في صوتها ليبوح ثانيةً : أناأحبك يا رقية ومن حديثك اليوم علمت أنكتحبينني أنتالأخرى .
رمشت بعينيها بخجل تضاعف في احمرار وجنتيها لتهمس بخفوت : نحن ببهو المشفى يا عبد الرحمن .
ابتسم وعيناه تلفاها بتوق : حسنًا سأزوركم الليلة لأستطيع التعبير بغرفة الصالون يا خطيبتي العزيزة ، ابتسمت بخجل وأومأت برأسهاإيجابًا ليتبع – وسأطلب من عمي أن يحدد عقد القران قريبًا بعد أن نطمئن على أسعد فماما لن تقبل بموعد قريب دون أن يفق أسعد وينهض سالمًا .
تمتمت أخيرًا بثبات : وأناالأخرى لن أقوىأن اعقد قراني وجنى لا تحضره .
اتسعت ابتسامته ليهمس بمشاكسة : أرىأنك وافقت يا رقية .
تخضبت ملامحها لتعبس بضيق : أتعلمأنا المخطئة التي وقفت لأخفف عنك مصابك في صديقك ؟!
استدارت على عقبيها لتغادر فيتحرك سريعًا ويقبض على مرفقها مانعًا إياها من الابتعاد هاتفا : انتظري يا رقية ، نظرت إليه بعتاب فتابع – لم اقصد أن احرجك فقط أنا سعيد لموافقتك .
ابتسمت برقة وأزاحت مرفقها من قبضته بخفة فاستجاب إليها بطواعية لتهمس بخفوت : سأنتظرك مساءً بعد أن تعود عائلتي من زيارة خالتي ليلى وسأعد إليك كعك القرفة والعسل فأناأخذت الوصفة من نولا .
اتسعت ابتسامته ليمأبرأسهموافقًا : سآتي في تمام التاسعة بإذن الله .
راقبها تغادر وهو يشعر بقلبه يقفز مهللًا فتتسع ابتسامته وروحه تسكن باطمئنان تراجع رويدًا حينما تحركت نظراته لتقع على أسعد الراقد من جديد ليتمتم بصدق مبتهلًا إلى الله أن يعود إليهم البطل سالمًا .
***
تنهد بقوة وهو يقترب منها : اهدئي يا حبيبة ، وتوقفي عن البكاء .
نهنهت رغم عنها لتهمس بصوت باكي : هل رأيته يا عمر ؟! هل هو بخير ؟!
تنهد بقوة ليمأ برأسهإيجابًا : نعم جاورت عبد الرحمن أنا وعاصم إلىأن مررنا من أمام العناية المشددة ، نحمد الله أنه يظهر من الداخل حينما ترفع ستائر العناية ، إنه بخير مؤشراته الحيوية طبيعية كما أخبركم الطبيب ، فقط هي السرية التي تحاوطه السبب وستزول حينما يفوق من أثرالعملية وينقل لغرفة عادية .
انهمرت دموعها من جديد لتهمهم : أريدأنأراه ، لا أشعر بالاطمئنان وأنا لا اعرف عنه شيئًا هكذا .
تنهد بقوة ليهمهم : حسنًا اهدئي وأنا سأتحدث مع عادل أو عبد الرحمن لترينه حتى لو من بعيد ، فقط اهدئي حتى لا تستمع إليك خالتي ليلى نحمد الله أنها توقفت عن البكاء ، اتبع بعد أن زفر بقوة – تأثير عمو أمير عليها أكثر من جيد .
نطقت حبيبة بعفوية : بل هو رائع كعادته ، عمو أمير رائع في كل شيء حتى وهو مريض رائع يضفي أمان حتى إن لم تطلبه .
رفع حاجبيه بدهشة ليهمس بمرح : لا والله ، عمو أمير رائع ، وتبكين أسعد ، وترتمين في حضن نادر لتبكي ، وتتعلقين في رقبة سليم ، وأنا ما شاء الله علي حائط بازلتي بجوارك لم تهمسين لي بأنك تحتاجين إلي حتى .
عبست لتتمتم بحرج : هل هذا وقت للغيرة يا عمر ؟!
ضحك عمر بخفة : وهل الغيرة لها وقت يا حبيبة عمر ؟!
تنهدت بقوة : حسنًا افعل ما تشاء ولكن بعد أن اطمأن على أسعد وعمتي ، فقط الآن لا أقوىعلى مجادلتك أبدًا .
ابتسم بحنو ليجذبها نحوه يضمها من كتفيها إليه يقبل أعلىرأسها : لا أريدك أن تجادلينني أنا امزح معك لعلك تبتسمين بهذه الغمازة التي أحبها كثيرًا .
ابتسمت بتشنج فيلوي شفتيه بضيق : لا لم أقصد هذا التشنج الذي أصاب ملامحك بل قصدت الابتسامة الواسعة التي تنير فمك وتظهر صفي أسنانك الوامضة كاللؤلؤ.
توردت واتسعت ابتسامتها رغمًا عنها ليهتف بمرح : اينعم ، هذه هي .
أشارتإليه بالصمت : اخفض صوتك حتى لا يكتشفون وجودنا بالشرفة .
اتسعت عيناه بذهول ليهمهم : يكتشفون وجودنا بالشرفة ، لماذا هل نسرق ؟! أنت زوجتي يا حبيبة ، كم مرة تريدين مني أنأرددها لتقتنعي بها ؟!
همهمت بحرج : فقط لا أريدأن اغضب بّابّا ، إذ وجدني معك بمفردنا .
تنهد بقوة ليهتف بجدية : نحن بشرفة غرفة عمتك يا حبيبة ، وخرجنا إلى هنا لأن الغرفة ممتلئة عن بكرة أبيها في الداخل ، لقد خرجت لتبكين وأنا اتبعتك لأخفف عنك ، لا أفهم ما الخطأ من وجهة نظرك لتتوقعي أن حماي العزيز سيغضب لأننا ارتكبناه .
تمتمت بعفوية : أننا بمفردنا .
ومضت عيناه ليتحرك نحوها فتتراجع للخلف ليهمس بمكر وشقاوة تلمع بعينيه وهي تتراجع أكثر كلما اقترب فينظر للحائط من خلفها إلىأن توقف على مقربة منها فاستندت للحائط غير مدركة : وماذا سيحدث إن كنا بمفردنا ؟! هل سأغرر بك في شرفة غرفة عمتك الراقدة متعبة في المشفى وفي ظل هذه الظروف التي تحيط بأسرتكم ؟
تمتمت بصوت أبح وهي تتحاشى النظر إليه : لا أعلم .
ثقلت أنفاسه وهو يدير عينيه عليها ليهمهم : لا أنكرأنيأشتاقإليك كثيرا ، وأنيأتوقلأنأقبلك كثيرًا ، وأنيأريدأن امحي حزن عينيك كثيرًا ولكني لست ارعن لأفعل كل ما يدور برأسيهنا في الشرفة ، اتبع بمرح افتعله – فنحن لنا سيارة نفعل بها ما نريد .
ضحكت رغم عنها لتدفعه برقة في صدره : فقط ابتعد للخلف قليلًا .
تحرك بعدم اتزان تعمده لتشهق مجفلة وهي تظن أن جسده سيرتطم بجسدها ليتوقف حينما فرد كفيه من حولها ليهمس بخفوت : لن ابتعد أنا حر أنت زوجتي وحقي أن التصق بك .
همهمت بخجل اعتراها : عمر من فضلك .
لمعت عيناه بوميض أزرق خاطف ليعتدل بوقفته يشد جسده بصلابة : حسنًا ولكن بشرط ، لا تبكي بحضن أحدهم ثانيةً ، ابتسمت وأخفضت عيناها بحياء ليكمل بمكر – كما شفتي أولىبابتسامتك التي تضنين علي بها ، فصدري أولى ببكائك يا حبيبة .
شهقت بعتاب لتهمهم بحرج وهي تتحرك عائدة للغرفة : أنا مخطئة لأني بقيت معك .
ابتسم بخفة وهو يتابع اختفائها في الداخل ، ليزفر بقوة وهو يشعر بألم قوي يتغلغل بأوردته وعقله يستعيد مظهر أسعد ليزفر ثانيةً يريد طرد الاختناق الذي داهمه فجأة لينتبه على دخول عاصم إلى الشرفة بوجه مكفهر وعبوس يعتلي ملامحه ، رفع عمر عينيه إليه متسائلًا فأخفض عاصم عينيه قبل أن يهمس باختناق : خالتي عاودت البكاء ثانيةً ، زم عمر شفتيه بتفكير فتابع عاصم بقنوط – لا أفهم لماذا لا يأخذونها لتراه ، حتى عمو أمير رفض ؟!!
هدر عمر بتعجب : هل جننت يا عاصم ؟! هل تتوقع ماذا سيحدث لها إذارأتأسعد في الحالة التي رأيناه عليها ؟! أشاح عاصم برأسهبعيدًا ليتابع عمر – خالتي ليلى منهارة حرفيًا وهي لم ترى أسعد بحالته فكيف إذارأته .
تمتم عاصم باختناق وهو يقف يستند على إطار الشرفة بكفيه : قلبي يجعني عليها يا عمر، بل عليهم جميعًا حتى عمو أمير يظهر بصلابة يفتعلها حتى يبث لها أمان هي تحتاجه .
جاوره عمر وقوفًا : وأناالآخر ولكن ما باليد حيلة ، الأمل الوحيد أن يفوق أسعد ويتم نقله لغرفة عاديه حينها سيأخذونها إليه كما أخبرنا عادل .
زفر عاصم بقوة : عادل ، هذا هو أكثرمن اخشى عليه فيهم ، أشعربأنه قفز عدة أعوام في غضون الليل .
ربت عمر على كتفه ليهتف : سيكون كل شيء بخير ، وبإذن الله سينهض أسعد سالمًا ومعافي
تمتم عاصم راجيًا : اللهم آمين يا رب .
***
قرب منتصف الليل
تهتز حدقتيه خلف جفنيه المغلقين وعقله يدعي ثبات خارجيًا بينما لا وعيه ينتفض مستعيد آخر ذكرياته وهو واعيًا ، يستعيد التفاصيل الكاملة منذ أنأدركبأن الموقع ما هو إلا عبارة عن كمين لتصفيتهم و أمر قائدي جناح فرقته بالتراجع في هدوء حتى لا يثيرا الرعب في نفوس البقية .. بؤبؤي عيناه يؤلمانه وهما يستعيدا الضوء الذي سطع فجأة وسلط عليهم لإرباكهم فأحال الليل إلى نهار مضيء بلون أحمر ناري .. أذنيه تطنان بصوت الطائرات الذي صدح يشق الصمت الذي يغلفهم قبل أنتبدأأصوات الرصاص الذي انهال على رؤوسهم كجمر مشتعل يصيب أجسادهم ، تفرقوا رغمًا عنهم ليستطيعوا الاحتماء من وابل الرصاص الذي ينزل رخًا فوق رؤوسهم ، ليبدؤوا في صد هذا العدوان غير المتوقع عليهم ، وينجح أكثرهم في الوصول إلىنقطه الالتقاط رغم إصابتهم ، ما عداه لقد راقبه بعينين صقريتين وهو يجاهد ليعود معهم وحينما سقط واقعًا .. مستسلمًا .. متأثرًا بجراحه ، ركض إليه عائدًا ليحمله فوق كتفيه فهو لن يتركه من خلفه ، انتفض جسده من جديد وألم إصابته يئن من جديد ، يشعر باختراق الرصاص لجسده فيئن قلبه منتفضا بألم سرى في أوردته فخدرها ، ولكنه صمم أن يستمر في طريقه وهو يحمل جسده المثقل بجراحه وجسد صديقه فوق كتفيه ، لينتفض جسده برصاصة غادرة أسقطته أرضًا فلم يقو على النهوض مجددًا .
...
صوت صافرة إنذار قوية صدحت من العناية المشددة لتهرع إلى الداخل ، تنظر بصدمة وهلع إلىجسده الذي ينتفض أمامها دون سبب مفهوم لها ، ليرتعد جسدها بصدمة وجهاز القلب يعطي إنذارًا من جديد بانخفاض ضغط دماءه ليهتف أحد الأطباء بحديث ما لم تدركه ، فوعيها توقف .. أذنيها اصمت .. و إدراكها اضمحل لتفيق على دفعة الممرضة لها تخرجها من الغرفة بينما يقوم الطبيب الآخر بإسعافه لتهدأ الصافرة بعد وقت لم تدرك ماهيته حينما خرج الطبيب لها يحني عنقه بأسى ليخبرها بخزي أن رغم إنقاذه لخطيبها من موت محقق إلاأنه لا يقوى على الجزم بأنه سينهض من الغيبوبة التي سقط بها !!

انتهى الفصل ال32
قراءة ممتعة


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-09-20, 01:10 AM   #314

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,239
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Chirolp Krackr

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 51 ( الأعضاء 26 والزوار 25)

‏موضى و راكان, ‏shery2, ‏الياسمين, ‏Asmaa mossad, ‏ارض اللبان, ‏Ghadoosha, ‏رمد الرمد, ‏rere87, ‏‏اشراقه حسين, ‏مسو عوض, ‏asaraaa, ‏شموسه3, ‏Lazy4x ‏رورو 11, ‏shery2, ‏رانيا بدر, ‏Mayaseen, ‏كيلوبتراء, ‏rontii, ‏lucyman, ‏ميساء عنتر, ‏وجدان1417, ‏ديناعواد, ‏Hiba mohamed, ‏هاجر شلبية, ‏‏Soy yo



أبدعتى يا سولى


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-09-20, 01:33 AM   #315

Mayaseen

? العضوٌ??? » 392811
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 128
?  نُقآطِيْ » Mayaseen is on a distinguished road
افتراضي

يا عيني على الاختين لما يبدلو الشخصيات بين بعض

تحركت من حول شقيقتها تساعدها في ترتيب أطباق الحلويات وتساعدهما هنا وجنى التي أتت من الخارج تحمل بقية الاطباق الفارغة لتهمس لها نوران بخفوت : هل أنت واثقة مما تفعلينه يا أميرة ؟!
عم الصمت عليهما قليلاً قبل أن ترفع أميرة رأسها بشموخ هاتفة : تمام الثقة .
اضطربت نظرات نوران لوهلة قبل أن تهمس : سيغضب أحمد لأنك لم تخبريه بمفرده .
سحبت نفسًا عميقًا لتحمل طبق الكعكة المزينة الكبيرة بين كفيها قبل أن تهتف بثبات : فليغضب، اتبعت بخفوت شديد حتى لا يستمع إليها أحد – لقد حاولت إخباره ولكنه لم يستمع ، ليستمع الآن رغمًا عن أنفه .


Mayaseen غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-09-20, 05:21 AM   #316

ديناعواد

? العضوٌ??? » 412620
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,187
?  نُقآطِيْ » ديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond repute
افتراضي

هو لازم أسعد يحصلوا دة كلة ارجوكى خفيفى عنة و لاز

ديناعواد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-09-20, 05:23 AM   #317

ديناعواد

? العضوٌ??? » 412620
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,187
?  نُقآطِيْ » ديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond repute
افتراضي

لازم يفوق فى الفصل التالي والفصل كان قصير ارجوكى خفيفى عنة

ديناعواد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-09-20, 08:53 AM   #318

Soy yo
عضو جديد

? العضوٌ??? » 390429
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 483
?  نُقآطِيْ » Soy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond repute
افتراضي

قفلة صعبة جدا.....اسعد قطع قلبي ليه دخلتيه في غيبوبة ...وصفك رائع للمشاعر الالم لحس بيها كل واحد في المستشفى بكيت معاهم والله ....عمر اخيرا داق العسل...وحبيبة بدأت تفك...و اما مفاجئة الفصل هي حمل اميرة بتلات اطفال ...و اضن احمد غيحاول يصلح لان لم تتكلم عن طفل لس مش موجود وترفض شيئ و لما يكون له وجود و ان كان لس في بطن امه شي تاني خيحس بضنى طبعا.....و ان كان الماضي بيطرد او هكدا حاولو الصهاينة معاه و يقنعوه لكن احساس الابوة غير ولما ؤكون تلاثة هههه لازم نسميها اميرة الارنبة هههه...طبعا اسعد حبيبي متخليهشي كتير ف غيبوبة لانهم سكر الرواية وحلاوتها هو وجنة ...المهم سرد رائع بتخليك تعيش في رواية ...ووصف اروع خاصة لمحة كدا عن المستقبل متل كارت اليكتروني و كذا ...اعذرني على الاخطاء لاني بكتب من تليفوني و مرات بيكتب الي هو عاوزو هههه🤭❤❤❤

Soy yo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-09-20, 05:43 PM   #319

yasser20
alkap ~
 
الصورة الرمزية yasser20

? العضوٌ??? » 192610
?  التسِجيلٌ » Aug 2011
? مشَارَ?اتْي » 1,404
?  نُقآطِيْ » yasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصول نارية ومشوقة وفي إنتظار أبداعك اليوم .

yasser20 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-09-20, 06:09 PM   #320

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موضى و راكان مشاهدة المشاركة
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 51 ( الأعضاء 26 والزوار 25)

‏موضى و راكان, ‏shery2, ‏الياسمين, ‏asmaa mossad, ‏ارض اللبان, ‏ghadoosha, ‏رمد الرمد, ‏rere87, ‏‏اشراقه حسين, ‏مسو عوض, ‏asaraaa, ‏شموسه3, ‏lazy4x ‏رورو 11, ‏shery2, ‏رانيا بدر, ‏mayaseen, ‏كيلوبتراء, ‏rontii, ‏lucyman, ‏ميساء عنتر, ‏وجدان1417, ‏ديناعواد, ‏hiba mohamed, ‏هاجر شلبية, ‏‏soy yo



أبدعتى يا سولى :ts_012:
يا هلا يا جميل
يا هلا باغلى حضور
تسلمي لي يا قمر
مبسوطة ان الفصول عجبتك
ومنوراني دائما يارب ❤❤


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:23 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.