آخر 10 مشاركات
476 - درب الجمر - تريش موراي ( عدد جديد ) (الكاتـب : marmoria5555 - )           »          على فكرة (مميزة) (الكاتـب : Kingi - )           »          ♥️♥️نبضات فكر ♥️♥️ (الكاتـب : لبنى البلسان - )           »          همس المشاعر بين ضفاف صورة .. وحروف ماثورة... (الكاتـب : المســــافررر - )           »          328 - العروس المتمردة - جوليا جيمس (اعادة تصوير) (الكاتـب : سنو وايت - )           »          اتركي الماضي ميتاً- نوفيلا زائرة -لفاتنة الرومانسية :عبير محمدقائد *مكتملة& الروابط* (الكاتـب : Omima Hisham - )           »          سحر جزيرة القمر(96)لـ:مايا بانكس(الجزء الأول من سلسلة الحمل والشغف)كاملة إضافة الرابط (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          [تحميل] للــعشــق أســرار، للكاتــبة : فـاطيــما (مصرية)(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          56 - الندم - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          رسائل بريديه .. الى شخص ما ...! * مميزة * (الكاتـب : كاسر التيم - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree260Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-09-20, 05:57 PM   #381

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مارلى مشاهدة المشاركة
أنا كنت بتكلم عن أمير ليلى وفرصة أخيرة حلوين جدا جدا و استمتعت جدا بقراءتهم وإن شاء الله أتابع الرواية الجديدة دى
يا هلا يا مارلي
يبقى احساسي صح
يارب تكون حبيبتي
كمان ممتعة زيهم
ومستنياكي في طوق نجاة باذن الله
هتنوري الدنيا كلها ❤❤


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-09-20, 05:58 PM   #382

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ديناعواد مشاهدة المشاركة
ارجوكى خلصى موضوع اسعد وجنى ماطوليهيش وعصومى كمان كيفيه لى هو شافوا من اول الروايةارجوكى
يا هلا يا دينا
منوراني يا جميل
متقلقيش كله هيخلص
احنا بنخلص خلاص
وقربنا على الختام
منتظراك دائما ❤❤


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-09-20, 06:03 PM   #383

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي





مساء الخير والسعادة
على متابعين رواية حبيبتي
السكر الزيادة
اتمنى تكونوا بخير وصحة وسلامة
موعدنا اليوم مع الفصل ال40 من الرواية
والفصل ضخم جدا
وبمقام 3 فصول تقريبا
اقروا بعناية وتركيز
ويارب يعجبكم
ومنتظرة ارائكم ومشاركتكم وتعليقاتكم
كونوا بالقرب دوما

الفصل الأربعون

تنظر إلى نفسها في المرآة تتأمل قصة شعرها القصيرة جدًا والتي حصلت عليها اليوم بعد أن غفت في نوم عميق سقطت فيه صباحًا لتخلد إليه طوال اليوم فتستيقظ مساءً لا تشعر بالرغبة في أي شيء إلى أن نظرت إلى نفسها في المرآة ، فصدمت بانتفاخ عيناها المتورمتان من كثرة البكاء الذي انهكها حتى سقطت في نوم اقرب إلى غيبوبة نهضت منه بروح مغايرة روح قوية تملكتها و إحدى أفكارها المجنونة تسيطر على عقلها وهي تتأمل تفاصيل وجهها المنمقة وخصلاتها الملساء الناعمة التي تزين وجهها فتمنحها طفولية لا تريدها فتومض زرقاويتيها بقرار عملت على تنفيذه على الفور حتى دون أن تأبه لإخبار والدتها ، فبالأخير هذا شكلها .. مظهرها وهذه خصلاتها ، فذهبت إلى صالون الزينة المعتادة على الذهاب اليه لتحصل على تغيير كامل في مظهرها فبعدما قصت شعرها اقترحت عليها مزينتها الخاصة أن تضع قرطًا في انفها ، قرطًا صغير يزين ذاك الأنف الجميل فوافقت على الفور بعدما سألت الأخيرة عن طرق جديدة للتزين غير التي كانت تألفها فقامت المزينة بتزينها لتنظر أخيرًا إلى المرآة فتفاجئ بأخرى غيرها لقد بُدلت .. تغيرت ..و أصبحت ملك أخرى غير تلك الملك .. أصبحت ملك عابد .
دقتين متزنتين طرقا على باب غرفتها فابتسمت برقة وهي تعلم صاحبهما جيدًا فتحركت نحو الباب بخطوات متلهفة لتفتحه وهي تهتف بحبور : تفضل يا بابي.
دلف مالك هاتفًا باهتمام : أين أنت يا ملك ، والدتك أخبرتني أنك لم تخرجي من غرفتك منذ الصباح فمررت عليك حينما عدت لم أجدك لأفاجئ الآن بأنك عدت و أنت الذي لم تخبري أحدًا بخروجك .. صمت وهو يتطلع لهيئتها الجديدة عليه ليرمش بعينيه كثيرًا هاتفًا بصدمة ألمت به - ماذا فعلت يا ملك ؟!
اتسعت ابتسامتها لتهز رأسها فتتحرك خصلاتها القصيرة المموجة حول وجهها هاتفة بتساؤل فرح : ما رأيك ؟!
هم بإجابتها ليقاطعه صوت إيمان التي دلفت من خلفه تتساءل بهلع : ماذا فعلت ، هل هي بخير؟! استدارت نحو ابنتها الواقفة بجوار باب غرفتها لتتسع عيناها بصدمة سيطرت على حواسها لثواني معدودة قبل أن تهمهم بصوت أبح - من أنتِ ؟!!
نظرت إليها ملك بتعجب وهمت بالرد ليقاطعها صرخة والدتها المحشرجة : أنت قصصت شعرك ؟! وماذا فعلت أيضًا ؟! اقتربت منها وجسدها ينتفض تتساءل بصراخ مذهول - ماذا فعلت أيضًا يا ملك ؟! اخبريني ماذا فعلت دون أن تخبرينني .. تسألين عن رأيي وتشعرينني بأني امك التي أنجبتك والتي لها حق عليك.
قبضت على مرفقها لتهزها بعنف وهي تصرخ بقوة : ماذا فعلت انطقي ؟! لتصمت وعيناها تشخص بهلع لتتساءل وهي تجذبها نحوها بخشونة - ما هذا الذي بأنفك ؟! انطقي .
تملصت ملك من قبضتها لتبتعد عنها تتجه نحو جسد أبيها الواقف بعيدًا لتهتف بحدة : ماذا فعلت ؟! ما الأمر أن أكون قصصت شعري أو حصلت على قرط في انفي او حصلت على تبديل لمظهري ، ما الأمر الذي يدفعك للصراخ بهذه الطريقة والندب والولولة وكأني مت فجاة .
هتفت ايمان بقوة : اخرسي .. اخرسي ، هل لك عين تقفين وتتجادلين معي أيضًا وتردين علي الكلمة بكلمة مثلها ،
رفعت ملك رأسها بشموخ : نعم ولماذا تكسر عيني أو اخفض رأسي أنا لم أفعل شيئًا خاطئًا ، أنت من تصرخين دون سبب .
هتف مالك بقوة : ملك اعتدلي يا بنت .
صرخت ملك بقوة : لماذا لم افعل شيئًا ، شعري .. خاصتي قصصته دون أن اخبركما وحصلت على قرط لأنفي هذه الاشياء تخصني فهذا جسدي ملكي خاصتي لم يحدث شيء ولم اكن لانتظر موافقتكما التي لا تحدث أبدًا ، فماما ترفض كل شيء وأنت توافقها في كل شيء دون أن تجرؤ على اغضابها لأجل أي منا.
اكفهر وجه مالك بقوة لتصرخ إيمان بغضب وهي ترفع كفها لتهوى به على وجنتها : اخرسي .
انتبه مالك لما يحدث ليدفع ابنته إلى الخلف ويستقبل كف زوجته في راحة يده وهو يناظرها بغضب استقر بحدقتيه ليهدر بصوت خفيض : ماذا تفعلين يا إيمان ؟! هل تضربين ابنتي وأنا واقف بينكما ؟!
رفت إيمان بعينيها لتهمس بصوت مختنق : ألم تستمع إليها ؟! ألم تدرك ما قصدته ؟!
تمتم بجدية حازمة : الفتاة الصغيرة تخطأ فتعالجين أنت خطأها بخطأ أكبر منه ؟! هل هكذا تحلين الأمور في غيابي ؟! شحب وجه إيمان على الفور لتهز رأسها نافية قبل أن تصيح بعتاب : ابنتك من اخطأت وأنت تقف لتحاسبني يا مالك ؟!
رفع رأسه بشموخ وهو يفلت كفها من يده بضيق ليجيبها بصوت حاد : لأن الكبار من يحاسبون على اخطائهم يا إيمان حتى ان كانت اخطائهم نتاج ردة فعل على تصرفات الصغار ، زم شفتيه ليعقد كفيه خلف ظهره يتمتم بأمر غير قابل النقاش - من فضلك اتركيني أنا وملك بمفردنا.
تراجعت ايمان للوراء في ردة فعل غير مصدقة تشعر بالقهر الذي كسى ملامحها بوضوح لتستدير على عقبيها وتهرع مغادرة الغرفة في انهيار باكي غير مسموع ولكنه يعلمه جيدًا ليغلق الباب بهدوء خلفها قبل أن يلتفت إلى ابنته التي تنظر له بشخص . وجهها فرت منه الدماء وانفاسها متلاحقة لينظر إليها من علٍ هاتفًا بحزم : هيا يا ابنتي العزيزة أخبريني ما سبب الجنون الذي فعلته بنفسك ، اخبري أبيك الذي لا يقوى على تصريف أمور بيته أو أسرته.
رمشت بعينيها كثيرًا لتهمس باختناق : أنا آسفة يا بابا أنا لم أقصد أن ....
قاطعها باشارة من كفه ليسألها بحزم ونبرته الآمرة تحضر بقوة : اخبريني ما السبب وراء ما فعلته و إياك و ترديد هذه السخافات التي اسمعتني إياها من قليل.
رفت عيناها كثيرًا قبل أن تجهش في البكاء فيغمض عينيه بتأثر وهو يدعو الله أن لا يكون حدسه صحيحًا لتنفي كل توسلاته حينما صاحت ببكاء : قلبي يجعني يا بابي .
مط شفتيه بقوة ليجذبها إلى حضنه دون تردد ويضمها إليه بقوة هامسًا وهو يربت على رأسها : اهدأي يا ملك ، اهدأي يا ابنتي وقصي لي الأمر كاملًا .
***
تنظر من حولها للغرفة السفلية التي اعدتها اليها والدتها تطل على الحديقة الخلفية ، الغرفة ذات المدفأة الحجرية العتيقة والتي تعشقها تتحرك ببطء نحو الفراش تتمسك بأسفل بطنها بإحدى كفيها والأخرى تستند بها إلى ساعد شقيقها الذي أصر على حملها من السيارة للداخل ولم يدعها تخطو خطوة واحدة هاتفا بمرح عن كونه بديلًا عن أحمد في غيابه ، فتبتسم باختناق وهي تعلم انشغال زوجها مع أخيه المحتجز بنفس المشفى التي أصر ابوها على أن يخرجها منها ، اشرقت عيناها وهي تنظر نحو والدها الذي دلف بعبوس يسيطر على محياه هاتفًا بضيق : أنت يا ولد لماذا انزلتها ؟! ألم تكن تحملها واخبرتني أنك ستضعها بالفراش ؟!
أجاب أدهم بمرح وهو يساعدها على الجلوس : هي من اصرت على النزول والوقوف بجوار المدفأة قليلًا يا بابي ؟! وهاك اوصلتها للفراش ، اتبع أدهم بجدية وهو يعدل الوسادات من خلفها - استريحي يا ميرا .
ربتت على وجنته برقة وهمست بخفوت : شكرًا يا دومي ، اتعبتك معي . عبس أدهم بضيق لتتابع سائله بوهن وهي تتمسك بطرف الغطاء الثقيل الذي يدثرها به أدهم - لماذا صممت على أن أخرج من المشفى يا بابي ؟!
ابتسم وائل وهو يقترب منها يجلس بجوارها على الفراش يرفع ذراعه ليضمها إلى صدره هامسًا : سنعتني بك هنا أفضل يا ميرا وخاصةً أن طبيبتك أخبرتنا أن الخطر زال وتستطيعين ممارسة حياتك بطبيعية والحمد لله .
قرن قوله بقبلة أهداها لجبينها لتبتسم قبل أن ترفع عيناها وتسأل بوضوح : هل أحمد لازال بجوار عبد الرحمن يا بابا ؟!
اجاب وائل سريعًا : بل الجميع انصرف من هناك وهو مع أبيه سيوصله لبيت هنا ويعود إلى هنا كما اخبرني .
أومأت برأسها متفهمة لتتمتم : نعم اونكل خالد أخبرني أنه سيوصله للبيت حينما صعد للاطمئنان علي .
آثر وائل الصمت ليهتف أدهم الذي جلس على الكرسي المنفرد : ماما ونوران قادمتان ولكنهما يطمئنان على مس لميا و داداة حور .
__ اووف هتف وائل بضيق ليتابع بجدية وهو ينهض واقفًا - نسيت أتحدث مع عمك ، يا الله .
هتف بجدية وهو يغادر : اهتم بشقيقتك إلى أن نأتي يا ولد .
هز أدهم رأسه ليخطو وائل بهيبته ثم يتوقف فجأة يقابل من يقف بباب الغرفة ويهم بدخولها فيهتف أدهم بمرح : ها قد أتى الزوج العزيز ، تعال يا ابيه واهتم بزوجتك حتى يطلق سيادة الوزير سراحي .
تبادل أحمد و وائل النظرات ليهمس أحمد بخفوت وهو يمر بجواره بعدما صافحه : كل شيء على ما يرام لا تقلق ، الحراسة تحاوط القصر والفرقة التي أرسلها سيادة المستشار تقبع عند الباب الخلفي للقصر .
ربت وائل على كتفه ليهمس اليه : حمد لله على سلامتك ، أشار برأسه تجاه ابنته - اهتم بها فهي متعبة وتحتاج لوجودك ، لقد سألتني صراحة عليك .
ابتسم احمد وعيناه تتعلق بها : اتيت ولن أغادر ثانيةً يا عماه .
ضحك وائل بخفة ليجيبه بمشاكسة خافته : اشتقت إلى ركلك خارجًا يا ولد .
ضحك أحمد مرغمًا ليشير برأسه إلى أدهم الذي أومأ إليه بالتحية لينصرف خلف أبيه فيغلق أحمد خلفهما الباب قبل أن يستدير يخطو نحوها وهو يتنفس بعمق وعيناه متعلقة بنظراتها الحانية ، ابتسمت برقة ابتسامة تلاشت ببطء من فوق ثغرها حينما حمل كرسي قربه من حافة فراشها ليجلس مقابلًا لها بعدما اخرج شيئًا من خلف ظهره لم تتبينه لتتسع عيناها بفزع وهي توقن من كونه مسدس ذو حجم متوسط فتهمس بصوت خائف : ما هذا يا أحمد؟!
قلب فرد السلاح بين كفيه والموضوع بغلاف جلدي انيق ليتمتم بهدوء : هذا سلاحي الخاص ، رفع عيناه إليها بعدما وضعه على طرف طاولة جانبيه تجاور فراشها - لم اخبرك عنه من قبل ، أليس كذلك ؟!
هزت رأسها نافية ليكمل بثرثرة عفوية : لاني لم أكن احتاجه كما احتاج إليه الآن .
تمتمت بتعلثم : ولماذا تحتاج إليه الآن ؟!
صمت قليلا وعيناه تتعلق بكفها القريب منه والملقى باهمال إلى جوارها ليبتسم بالم تغلغل بقلبه فيرفع عيناه إليها ليسألها بهدوء : هل حدثتك عن بابا من قبل يا أميرة ؟! اهتزت حدقتيها وهمت بالحديث ليشير برأسه نافيا قبل ان يتابع - لا ، لا اتحدث عن اونكل خالد،
رفت عيناها بعدم فهم ليكمل ببسمة ساخرة : اتحدث عن أبي الحقيقي من احمل اسمه خلف اسمي في كل وثائقي الرسيمة و من اورثني نصف جيناتي ، اونكل باسم الذي لا تعرفي عنه شيئًا ولا تُذكرْ سيرته على الاطلاق في بيتنا ، ألم تشعري بالفضول يومًا لتسألي عنه أو لتسألي لماذا خُفيت سيرته بهذه الطريقة الغريبة ، فنحن لا نملك ذكريات معه ماما لا تتحدث عنه ، حتى أخيه .. تؤامه لا يأتي بسيرته أبدًا.
تمتمت بصوت مختنق وهي تشعر بأمر ما لا تدركه ماهيته : لأنه مات و أنتما صغار ، صمتت لتتبع بحشرجة سيطرت على نبراتها - أقصد أنت وهنا و من رباكما العم خالد ، أنا اذكر أن ماما اخبرتني أن اونكل خالد تزوج من خالتي و أنتما لم تتما العام ونصف وأنه من كنت تناديه دوما ب..
أكمل معها : دادي ، نعم هو من ناديته بها وبالفعل أنا لا اذكر أبي نهائيًا ، ولتعلمي كم تمنيت أن أكون ابنه قولًا وفعلًا وليس مجرد أب رباني وكبرني وساهم في نشأتي. كم تمنيت أن ارث جيناته و أكن من صلبه واحمل دمه واتنعم باسمه ، نعم أنا احمل دماء عائلته وهو أبو اخوتي ولكنه يظل ليس أبي ، بل هو عمي وتؤام أبي الذي لا يشبهه شكلًا أو موضوعًا فحينما كان العم خالد يصارع لأجل وطنه الذي تغرب عنه كان أبي يبيعه بثمن بخس وهو يظن أنه على جهة الصواب والخير .
ارتعد جسدها بنفضة برد وعقلها يدرك ما يتفوه به زوجها الذي أكمل بهدوء و جدية مؤكدًا لها نافيًا هواجسها : نعم يا حفيدة الوزير والسفير يا من تتنعمين بأصول طيبة ..عريقة .. وأناس يشهد لها التاريخ أنت تزوجت برجل أبوه كان جاسوسًا .
هزت رأسها نافية وهتفت باختناق : أحمد ما الذي تقوله بحق الله ؟!
اغمض عينيه حتى لا تلمح دموعه بداخلها ليهمس باختناق : أخبرك بالحقيقة ، الحقيقة التي منعت نفسي عن الحديث بها طوال سنواتي الماضية ، بل منعت نفسي عن التفكير بها . أخبرك بم كنت تريدين معرفته .. أخبرك بم سألتني عنه مرارًا وتكرارًا ، بسبب رفضي لأطفال من صلبي تهفو روحي إليهم ، فأنا لم اشأ تدنيسك بهم ، بنطفة مني .. بابناء يحملون اسمي واسم أبي من بعدي ..لم اشأ أن الوث تاريخ عائلتك المجيد بطرف أبي الحقير الذي لا اعلم هل ستنتقل حقارته عبر جيناتي أم ستتوقف وتندثر وتموت معي .
هتفت بجدية وهي ترفع كفها تضعه فوق فمه لتهمس أمرة : اصمت يا أحمد من فضلك ، أنت لست حقيرًا ولست مدنسًا ، ما هذا الذي تقوله ؟!
هدر بزئير جريح وهو يبعد رأسه عن مرمى كفها : أخبرك الحقيقية يا أميرة ، أخبرك عن اسبابي وعلتي .. أخبرك وامنحك حرية الاختيار كاملة فأنت الآن لديك مطلق الحرية في اتخاذ القرار وأنا لا استطع أن اتمسك بك أو اجبرك على الاستمرار معي !!
انهمرت دموعها مدرارًا من بين اجفانها لتهمس بصوت ابح يفيض بألمها عليه : ألهذا السبب منعتنا طوال سنوات عدة عن الانجاب ؟! ألهذا السبب كنت غامضًا ولا تتحدث معي ؟! كيف جرؤت على أن تخفي علي ؟! كيف جرؤت أن تخبئ وجعك عني ؟! وكيف جرؤت أن تظن في مثل هذا الظن بأني إذا علمت سأتركك أو ابتعد عنك.
تمتم بجدية واقتناع : لأنه حقك يا أميرة ، حقك أن تبتعدي عني .. حقك أن تتخلصي من بذرتي المدنسة .. حقك أن تنهي حياتك معي فأنا المخطأ من خبأت عنك وارتضيت أن أحيا معك بكذبة كبيرة أعلم أنها سيأتي يومًا وتنكشف .
تمتمت بعدم فهم وهي تمسح دموعها : كذبة ؟! هل حبك لي كذبة يا أحمد ؟!
تمتم بسرعة : أبدًا لقد عشقتك منذ صغرك ولازلت وسألفظ أنفاسي الأخيرة وأنا اعشقك يا أميرة ولكن لا أريدك أن تختارينني في فورة شفقة أو رثاء ، قرري الصالح لك يا أميرة دون أن تفكري بي ، ارتفعا حاجبيها بصدمة ليتابع بعد وهلة بصوت بارد وجاد - وخاصة إذا علمت أن وجودك معي به خطر عليك وعلى أطفالك ، فأنا مهدد بالقتل أنا وسلالتي من بعدي ، فأبي العزيز لم يكتفي بأن يصمني بالعار طوال حياتي ليأتي لي بأخ غير شقيق ينتمي للاتجاه الآخر ، ينتمي إلى دولة تعادي وطننا و يسعى خلفي وخلف كل عائلتي .
شحبت ملامحها لتردد على الفور : عبد الرحمن .
أومأ بعينيه وهو يخفض رأسه بخزي : نعم لقد تأذى بسببي ، أنا خائف عليك يا أميرة ، ولا أنكر خائف على اولادي ، خائف عليكم جميعًا و وجودي بجواركم ما هو إلا قنبلة موقوته ستنفجر بكم إذا ظللتم محتفظين بها.
تراجع بظهره ليبتعد عنها قبل أن يهتف بثبات ألمها : لذا أنا تحت أمرك يا ابنة خالتي الصغيرة، ما ستطلبينه سأنفذه على الفور دون أن اراجعك به.
عم الصمت عليهما قليلًا تنهنه هي في بكاء لا تستطع السيطرة عليه وهو صامت كالقبور لا ينطق ولا يرفع رأسه لها لتهمس أخيرًا بعدما مسحت وجهها بكفيها : أحمد .
رفع رأسه إليها على الفور منتظر رصاصة الرحمة التي ستطلقها عليه فأيا كان طلبها سينفذه وينطلق لغايته الأسمى ، سينتقم ممن سرق فرحته بأولاده وعمره بأكمله كان سيفرح فيه بجوار زوجته ، سينتقم ممن تجرأ و اقترب من أخيه وحاول اغتياله ،سينتقم ممن شككه بأبيه وهز ثباته ، رمقها بثبات لتسأله بجدية : أيًا ما سأطلبه ستنفذه يا أحمد ؟!
تمتم سريعًا : بالطبع سأفعل . تحركت بجسدها للامام لتتأوه برقة فينتفض واقفًا مقتربًا منها هامسًا بتساؤل مهتم - أنت بخير .
تمتمت بتعب : اشعر بوخز اسفل بطني .
اهتزت حدقتيه بعدم فهم ليدفع كتفها بلطف للخلف وهو يعدل الوسادات ثانيةً : حسنًا استريحي، تمتم متبعًا وهو يضع ركبته بجوارها فوق الفراش - أنا الغبي من اختار توقيتًا خاطئًا للحديث.
صمت حينما شعر بكفيها تتشبثان بقميصه من داخل سترته ليحنى رأسه ناظرًا إليها بعدم فهم فتمط رأسها للاعلى قليلًا تقبل طرف ذقنه وتهمس بخفوت شديد وهي تلف ذراعها حول رقبته تتعلق به وتضم نفسها إليه : هل أخبرتك من قبل أني أحب طابع الحسن بذقنك ؟!
اختنق حلقه وجسده يتصلب بردة فعل تلقائيه ليهمس بخفوت وهو يحاول أن يتخلص من تمسكها به : أميرة من فضلك لا تفعلي .
رفت بيعينها في براءة لتهمس بتساؤل : ماذا افعل ؟! نظر إلى عينيها معاتبًا لتتبع بهمس تدرك جيدًا تأثيره عليه وعيناها تمنحاه نظرة كاد أن ينساها - أنتَ من قال سينفذ لي طلبي أيا كان.
ابتسم مرغما مؤثرًا الصمت فتجذبه من كف يده ليستلقي بجوارها وهي تتمسك بوجودها داخل ذراعيه : لا اعتقد أنك ستراجع عن وعدك لي ، فأنا تزوجت من رجل يفي بوعوده دائمًا .
اتسعت ابتسامته وهو يضمها إلى صدره بقوة فتقبل جانب عنقه بقبلات صغيرة متتالية ليكح بحرج وهو يحاول أن يبتعد عنها مهمهمًا : أميرة توقفي من فضلك ، أميرة أنت متعبة ، تمتم بصوت تهدج انفعالًا وهو يحاول أن يسيطر على كفيها اللتين تلامسان صدره بحركات كلاهما يعلم مدة تأثيرها عليه - أرجوك يا أميرة لا تفعلي بي هكذا ، تعلمين كم أكون جامحًا معك وأنت متعبة لن تتحملي.
تمتمت وهي تنهض قليلًا بجسدها فتوازيه طولًا ، تقبل جانب وجهه بأكمله لتنظر إلى عمق عينيه وهي تتوقف أمام شفتيه فتهمس قبل أن تعانقها بثغرها : ها أنا اطلب يا أحمد ، وعليك أن تنفذ .
انتفض قلبه بقوة بين اضلعه ليقتنص شفتيها بقبلة طويلة وهو يضمها إليه يعيدها إلى الفراش ويشرف عليها ليتوقف بعد لحظات هامسًا بأنفاس متسارعة : كم اتوق للتنفيذ ولكن أخاف عليك وعلى الاطفال .
برمت شفتيها بطفولية لتمطهما بحنق أثار بسمته قبل أن تهمهم بدلال : أنا غاضبة .
انفلتت ضحكته رغم عنه ليهمس وهو يستلقي إلى جوارها فوق جانبه الأيمن ينظر إليها بشغف : إذ لم تتوقفي عم تفعلينه سأنادي أباك وأخبره أنك تغوينني .
ضحكت برقة وهي تقابله بنومتها : حينها سأخبرك أني ادافع عن زوجي و زواجي ضد إرهاصات فكره الغريبة ،
تنهد بقوة ليهمس : لا تتسرعي باتخاذ قرارك يا أميرة من فضلك ،
احتضنت وجهه بين كفيها لتهمس أمام شفتيه : لن اتركك أبدًا يا أحمد ، وكل ما تفوهت به منذ قليل لم يؤثر بي قيد انملة.
اتبعت وهي تنظر لعمق عينيه : أنا أحبك يا أحمد وأنت زوجي الذي تزوجت به وأنا مدلهة بعشقه ، يا ليتك صارحتني منذ زواجنا و وفرت علينا الكثير مما عانيناه سويًا .
زفر بقوة ليغمغم باختناق : لم اعتاد على البوح يا أميرة ، لدي الكثير احاول صياغته لاخبرك به ولكني لا أقوى عليه ،
ضحكت برقة لتتمتم بنبرة ذات مغزى : اعلم يا ابن الخالة يا من تسمر واقفًا أمام فتاة صغيرة لم تتم الخمسة عشر ربيعًا وهي تخبره بحبها له فيسقط فكه ببلاهة وتتسع عيناه ولا يقوى حتى على الرد.
ضحك بخفة ليهتف متبرمًا: كم مرة ستستخدمين تلك الذكرى ضدي، ألن ننتهي من هذا الأمر؟! لقد أخبرتك مرارًا منذ زواجنا ومن قبله أني رجل لا أجيد القول ، بل أجيد الفعل ولم اكن اقوى يومها على أن اتي بأي ردة فعل سيستخدمها أبوك ضدي ويتهمني بالتحرش بابنته الصغيرة.
لوت شفتيها وهي ترفع حاجبيها باستنكار لتهمهم هازئة : يتهمك بماذا ؟! أنا من تعلقت برقبتك و أخبرتك بأني أحبك .
تمتم بضجر : أبوك لو رآك الآن وأنت تقبلينني لاتهمني باغواءك .
عضت شفتها بدلال لتهمس وهي تقترب منه : وأنت لا تفعل ؟!
تراجع بجذعه للخلف قليلًا لينظر إليها مؤنبا قبل أن يهمهم : الآن لا ولكني سافعل فيما بعد عندما اطمئن عليك ، اشاحت بعينيها بعيدًا ليسألها بعد قليل - ولكن للآن لم تخبرينني ما الذي أبكاك حينها ودفعك لأن تأتي وتعلني عن حبك لي يا أميرتي.
اقتربت منه لتتمسك بصدره ترفع ذراعها فتتمسك بعضده تلامسه بطرف سبابتها بحركات متتالية لتهمس : اتذكر أنه كان حفل أقامته نولا بمناسبة عودتك قبلما تنهي دراستك في امريكا ، كنت اشتاق إليك كثيرًا ولكنك كنت مختلفًا ، لم أدرك ما سبب اختلافك ولكني اتذكر جيدًا قتامة مقلتيك ، كنت اشعر بالغيرة الشديدة لأنك على غير عادتك اهملتني واهتممت بتلك التي كانت متعلقة بك ولا تفارقك أبدًا ، ضيق عينيه يبحث في ذاكرته عمن تتحدث فتتابع بنبرة ذات مغزى - لا توهمني بأنك لا تتذكرها يا أحمد ، فأنا متأكدة من كونك تدرك عمن أتحدث .
ضحك مرغمًا وهم بالحديث لتهمس بحدة وعيناها تومض بغيرة جلية : إياك أن تنطق باسمها يا أحمد ، لا أريد أن اغضب منك .
تعالت ضحكاته ليجذبها إليه يضمها قريبًا من صدره يقبل جبينها هامسًا : حسنًا لن انطق فقط اهدأي واكملي حديثك .
اخفضت بصرها لتهمس بصوت مختنق : كنت انتظر يومها أن تشيد بفستاني المختلف عما كنت ارتدي دومًا ، فهذا كان أول فستان تسمح لي مامي بارتدائه بقصته الانثوية وكان قصيرًا بالكاد يخفي ركبتي و..
قاطعها بصوت أجش وعيناه تومضان ببريق عسلي : وصدره مربع ويكشف عن نحرك بأكمله ، دون أكمام وتنورته غير المنفوشة التي تلتف حول ساقيك تظهر مدى نعومة جسدك واستدارته ليأتي لونه الازرق الخافت فيظهر سمار بشرتك ويجعلك جذابه بتلك التسريحة العصرية التي موجت خصلاتك فجعلتك أميرة من الادغال.
كتمت انفاسها لتضع كفها على فمها تمنع شقتها من الانفلات لتهمس بعدم تصديق : كنت مهتم .. رأيتني حينها .
أجاب بخفوت : منذ الطلة الأولى يا أميرتي ، نظرت إليه بعدم فهم ليكمل - ولكني كنت وعدت نفسي أن ابتعد عن طريقك فلا التقيك أبدًا ،
اتسعت عيناها بادراك فوري : كنت أدركت حقيقة والدك حينها ،
أومأ برأسه إيجابًا ليكمل بصوت محشرج : ويعلم الله أني قسوت على قلبي كثيرًا حتى لا ينجذب لك ،ثم بدأت بمصادقة الفتيات لعلني انسى طيفك وادفن حلمي في الاقتران بك ولكن .. سحب نفسًا عميقًا ليزفره بقوة هامسًا - حينما اقتربت مني هذه الليلة تسألينني بصوت ابح ونبرة بكاءك حاضرة بكلماتك عن سبب ابتعادي عنك تعاتبينني بضراوة عن اهمالي لك ، ثم تهمسين أمره بأنك انتظرت أن اراقصك ،فاستجيب بوله وأنا اتخيل كيف سيكون مذاق وجودك بين ذراعي ، حينها غرقت بك يا أميرة حتى قبل أن تتعلقين في رقبتي وتسكبين دموعك فوق عنقي وتهمسين لي بصوتك الحزين أنك تحبينني ، غرقت منذ أن تطلعت لعينيك وادركت أنك تخصينني وأن مهما حدث ستكونين لي بالأخير ، وهذا بالفعل ما حدث أنت اصبحت زوجتي و أم اطفالي وسكني ومرفأي في ذاك البحر الذي احاربه حتى لا يأخذني بعيدًا عنك أو يرميني في اعماقه فلا أقوى على الطفو من جديد.
احتضنت وجهه بكفيها لتقبل شفتيه بتوق اشعلته في أطرافه قبل أن تهمس بصوت أبح خافت ناسب نظرة عيناها الجريئة : وسأظل لك .. زوجتك .. خاصتك .. و أم اولادك .
تنهد بقوة ليجذبها إلى صدره يضمها اليه هامسًا : أنا أحبك يا أميرتي .
تمسكت باحتضانه لها قبل أن تضع رأسها فوق صدره وتغفى في نوم عميق داعب اجفانها .
***
يجلس أمام مقود سيارته ينظر إلى الظلام خارج سيارته المصفوفة بجوار بيته بعد يوم طويل قضاه بغرفة العمليات ينهك عقله ويبعده عن التفكير في المعضلة التي حشرته بها زوجته والتي لا يجد لها حلًا فهو لا يقوى على انكار شعورها الذي رمته به في وجهه ولا يقوى على تطليقها حاملًا ذنب زجها في حياته مبعثرًا حياتها لأجله ولأجل عائلته وما أزاد من عودته متأخرًا اتصال وليد و الذي طلب منه المرور عليه لأمر هام فاستجاب على الفور وحينها أخبره وليد بكل ما حدث على مدار اليوم الذي كان غائبًا عنه داخل غرفة عملياته متوحدًا مع مرضاه وينقذ حيواتهم ، لقد صُدم حينما أخبره وليد عن عبد الرحمن ليشعر بالغضب حينما أخبره عن أميرة وما حدث معها وحينما زمجر غاضبًا ثرثر إليه وليد مهدئًا : لا تحاسب أحدًا يا أحمد فوائل أمرهم بألا يخبروك والحمد لله أميرة بخير والطبيبة صرحت لها بالخروج أيضًا والآن ستكون استقرت في قصر آل الجمّال هانئة بجوار قلب أخيك .
ابتسم أحمد ليسأل وليد بجدية : هاتفت عروستنا واطمأنيت عليها .
تنهد أحمد بقوة : فعلت مرتين ، مرة أيقظتها من النوم والأخرى على ما اعتقد كانت تتناول الطعام .
ابتسم وليد بمكر ليهمس : أسعد سيقتلنا جميعًا .
رف بعينيه ليسأل بتعجب : هل هاتفتها ؟!
قهقه وليد بخفوت : انا و وائل وابنتك ثرثرت معنا وكأنها هاجرت منذ قرن .
حينها انسحبت الدماء من وجهه ليغمغم باختناق : جنى تثرثر لتزيح عنها التوتر والخوف يا وليد .
رمقه وليد مليًا ليسبل جفنيه قبل أن يجيب بضيق : أعلم أنا و وائل لم نرتاح لصوتها كانت وكأنها باكية .
سأله أحمد : لذا اتيت بي ؟!
نفخ وليد بقوة : نعم كنت أريد أن أنبهك للأمر توقعت أنك لم تحدثها اليوم لكثرة انشغالك ، الأمر الذي اتعجب منه فكيف ذهبت إلى عملك صبيحة زفاف ابنتك يا أحمد ، ألم تستطع أن تؤجل عملك لآخر الأسبوع ؟!
حينها توترت نظراته ليسأل وليد بجدية : ما بالك يا أحمد ؟! هل ما أشعره حقيقيًا أم أنا من يخيل إلي ؟!
تمتم أحمد بجدية : أنا بخير .
حينها رمقته وليد مليًا ليتمتم أخيرًا : حسنًا يا أحمد على راحتك لا تتحدث كعادتك ولكن لا تنس أبدًا أني هنا وقتما أردت ، ابتسم أحمد متحاشيً النظر لوليد ثم نهض واقفًا مقررًا الرحيل ليتبع وليد – فقط حينما تطمئن على جنى أخبرني .
أومأ برأسه متفهمًا ليخطو قبل أن يوقفه وليد بجدية : اهتم بمازن يا أحمد فأنا قابلته اليوم والولد لم يكن بخير ، اعلم منه ما الذي يغضبه ، أو لعله ضائقًا من غياب شقيقته ، تحدث معه و افهم ما يمر به فمازن اليوم لم يكن طبيعيًا ، صمت وليد وهو ينهض ببطء يتبعه ليربت على كتفه متبعًا – أنت وعائلتك لا تبدون لي بخير يا أحمد ولكني سأمنحك كل الوقت الذي تريد لتأتي بنفسك وتتحدث معي إذا أردت .
وها هو جالس ينظر نحو بيته المعتم على غير العادة فيترجل من سيارته يخطو داخل بيته بعد هذا اليوم الشاق فيتطلع من حوله للبيت الذي يعمه الظلام على غير العادة والساكن بريبة أثارت انتباهه ليخطو سريعًا نحو غرفته وهو يشعر بأن هناك أمرًا غير طبيعيًا فهذا الهدوء الذي يلف بيته يبدو سيئًا. قُبضت روحه بضيق تملك منه وهو يكتشف بأن غرفته فارغة وأشيائها التي كانت متناثرة غير موجودة ليخطو سريعًا نحو غرفة مربيتها فيرتعد جسده بغضب وهو يدرك أنها رحلت وصحبت مربيتها معها .
زم شفتيه بضيق وهو يتحرك نحو غرفة ابنه الذي سيحاسبه على عدم إخباره بأمر رحيلها بل كيف تركها تغادر البيت دون إذن منه لتتسع عيناه بصدمة وهو يجد الغرفة فارغة خطى بغضب سرى بأوردته نحو غرفة ملابس ابنه ليشعر ببعض من الراحة تسللت إليه حينما وجد كل اشياء ولده في مكانها كما اعتاد منه .
ومضت عيناه ببريق من الغضب اوشى بمدى ضيقه لرحيلها دون أن تستأذنه فيستل هاتفه ناويًا الاتصال بها ليرن الهاتف في كفه معلنًا عن مكالمة واردة من شقيقه الأكبر.
أجاب الاتصال بعفوية ليرحب بأخيه الذي يحدثه باقتضاب قبل أن يهتف بجدية نوعًا ما : اعتذر يا دكتور لم اهاتفك من الصباح ولكني انشغلت وكنت أعلم كم كنت منشغلًا بدورك في معالجة مرضاك ، وهاك أنا اهاتفك لأخبرك أن السيدة لمياء هانم ومربيتها الكريمة يمكثان عندي حتى لا ترهق نفسك في البحث عنهما ، هذا إذا بحثت من الاساس .
نفرت عروق رقبته ليهتف باستنكار : إذا بحثت وعندك ؟! ماذا تفعلان عندك ؟!
مط وائل شفتيه ليجيب ببرود : تمكثان في بيتهما .
جمدت ملامح أحمد بضيق ليهتف هازئًا : وما عيب البيت هنا ؟!
أجابه وائل بمكر : اعتقد أنهما غادرتا لأنهما تشعران بأنهما غير مرحب بهما عندك .
هدر أحمد غاضبًا : غير مرحب بهما في بيتهما ، هل تمزح معي يا وائل ؟
فيهدر وائل مجيبًا : بل أنت من تمزح وتسخر وتهزأ أيضًا يا أخي ، زوجتك أتت لدي غاضبة فقبل أن تسألني عن شيء لا أدرك اسبابه أسأل نفسك ما الذي فعلته دفعها للرحيل دفعًا ؟!
زم احمد شفتيه بضيق ليكمل وائل بجدية - لقد حذرتك من قبل يا أحمد ونصحتك أن تهادن أمورك وتحاول أن تحتويها ولكن من الواضح أنك تقاعست أو اهملت لا يهمني . الهام الآن النتيجة وإلام أوصلت نفسك وعائلتك ، ورغم كل شيء هاك أنا الآن أخبرك أين زوجتك لتجد حلًا ترضي به امرأتك وتعيدها لبيتك
تنفس أحمد بعمق ليتابع وائل بعد قليل : لعلمك فقط أنك إذا أتيت إلى هنا و رفضت لمياء هانم مقابلتك لن استطع إجبارها .
اتسعت عيناه بصدمة لينهي وائل حديثه هاتفًا : تصبح على خير يا اخي.
أغلق الهاتف ليطبق فكيه بقوة يشعر بغضبه يتضاعف قبل أن يداعب هاتفه متصلًا بولده فيسمع صوت رنين الهاتف الآخر يأتيه من الخارج ، تحرك متتبعا الصوت فيجد مازن بغرفة جنى مستلقي على فراش شقيقته ينظر إلى هاتفه في وجوم يداعب محياه ، هدر أحمد : لماذا لا تجيب هاتفك ؟!
اجفل مازن من وجوده لينهض واقفًا هامسًا باقتضاب بعدما ألقى هاتفه داخل طيات الفراش : كنت سأفعل ولكن حضرتك هنا .
زم أحمد شفتيه ليغمغم : وأنت الآخر هنا ، عبس مازن باستفهام فاكمل أحمد شارحًا - ظننتك ليس بالبيت فأنا لم ابحث عنك بغرفة شقيقتك .
جلس مازن من جديد دون أن يبدي نيته في الترحيب به هامسًا باختناق : شعرت بالحاجة لوجودها فأتيت إلى هنا دون تفكير هاتفتها وتحدثت معها قليلًا واطمأننت عليها لأسكن بمكاني وأشعر بعدم الرغبة في الخروج من فراشها .
تمتم أحمد بجدية : جيد انك فعلت ، اتبع وهو يخطو خارجًا – هل تناولت طعامك ؟!
أجاب مازن بضيق : نعم الحمد لله ، راقب أبيه الذي يغادر الغرفة ليسأله بصوت حانق لم يستطع التحكم بنبراته – ألا تريد السؤال عن أي شيء يا بابا ؟!
توقف أحمد ليرمقه من فوق كتفه : لا ، لا أريد .
انتفض فك مازن بغضب : لماذا ؟! ألا تفتقد وجود زوجتك وتتساءل عن مكانها ؟!
رمش بعينيه ليجيبه باقتضاب : ولماذا أتساءل فأنا أعرف ، اتبع أحمد وهو يدور إليه مواجهًا – عمك اخبرني أنها بالقصر ،
تجسد الغضب بملامح مازن ليكمل أحمد بهدوء وهو يعود مقتربًا منه : رغم دهشتي من ذهاب لمياء إلى القصر إلا أني الآن علمت السبب فمن الواضح أن ذاك الأمر اعتقد أنه عائد إليك وتلك الفكرة تخصك فهي ليست نتاج أفكار لميا أبدًا .
هدر مازن بغضب أطل من عينيه : نعم فكرتي يا بابا هل كنت تريدني اتركها تعود لبيتها بخفي حنين وهي لم تكمل عام بعد زواجها ؟!!
أجاب أحمد بهدوء : بل كنت أريدك أن تهاتفني وتسأل عن رأيي ، كنت أريدك أن تحاول أن تراجعها في قرارها وتبقيها إلى أن أعود بدلًا من مساعدتها على الرحيل .
صاح مازن بحدة : ومن كان سبب الرحيل يا بابا ألست أنت ؟! ألم ترحل ماما بسببك ؟!
ارتعد جسد أحمد ليرفع عيناه لمازن متسعة برفض قبل أن يجيب بصوت مختنق غاضب : أمك لم ترحل بسببي ، أمك رحلت بقضاء من الله رضيت به واستسلمت لقدره ، أمك رحلت بعدما انجبتك ولا امرأة سواها ستكون أمك .
اغتمت عينا مازن بدموع كثيرة ليهمس بصوت محشرج : رحمها الله و ادخلها فسيح جناته ، يا ليتها لم ترحل .. يا ليتها لم تتركني .. ويا ليتها لم تضحي بنفسها لأجلي ، سقطت دمعتين متتاليتين من جانب عينه وهو يكمل بصوت متألم مزق نياط قلب أحمد – أليس هذا السبب الذي فقدت حياتها لأجله ، أن تنجبني .. أن تأت لك بولد يرث اسمك .. أن تنجب أخ لابنتها يكون سندًا وظهرًا .
سقط جالسًا على فراش شقيقته هامسًا بإنهاك : يا ليتها لم تفعل وضلت معكم فظللتم سعداء دوني وظللت أنا بعلم الغيب ولم أعاني فقدها منذ نعومة أظافري .
اغمض أحمد عينيه ليهمس باختناق وهو يبتعد عنه يريد الاختباء بنفسه لملمة ما بعثره مازن من روحه : اصمت يا مازن ولا تتحدث بشيء لا تفهمه .
رفع مازن رأسه ليسأل بجدية : ما الذي لا افهمه يا بابا ؟! ألم تفقد زوجتك و رفيقة دربك و وليفة روحك من تحت رأسي ؟! ألم تفقد جنى والدتها وحصن أمانها و رعايتها من تحت رأسي ؟! اتبع ببسمة ساخرة – ألم أفقد أنا أمي من تحت رأسي ؟!
انتفض واقفًا من جديد ليزأر بصوت جريح : أليس أنا السبب في موت ماما ؟! أخبرني يا دكتور أحمد أليس أنا السبب ؟!
رفع أحمد عينيه لينظر له بعذاب تجسد بملامحه : بل هو قضاء الله وقدره يا مازن ، وحكمته في تعويض غياب والدتك فيك وفي وجودك وفي ملامحك التي تشبهها إلى حد كبير .
اقترب مازن منه :إذا أنت لا تحملني ذنب موت ماما يا بابا ؟!
بهتت ملامح أحمد ليجيب على الفور : بالطبع لا هل جننت يا ولد ؟!
ليرفع مازن رأسه بجبروت هاتفًا : ولكني أحملك السبب و الذنب في غياب الأم التي عوضني الله بها .
استقام أحمد بعنفوان ليصيح فيه بحدة : ليست أمك ولن تصل لمرتبة أمك يومًا .
فيصيح مازن بدوره أمامه : لم أقل ذلك أبدًا ولكن لا تنكر أنها عوض من الله لي ولك ولأسرتنا جميعًا ، عوضًا من الله عن استقرار لم احظ به يومًا .. عن دفء حضن لم اتنعم به أبدًا .. عن دلال يفوق الحدود كنت أسمع عنه دومًا .
اختنق أحمد ليصرخ برفض : لا تتحدث عن الدلال فمن الواضح اني أفسدتك دلالًا وليس بمفردي بل العائلة كلها دللتك ، لم تنشا وحيدًا لتتحدث هكذا ، ألم تقم عائلتك كلها برعايتك يا مازن ؟! هل قصرت معك عمتك أو زوجتي عميك ؟! هل بخل أحدًا منا عليك في شيء ؟!
ابتسم مازن هازئًا : لا يا بابا لم يقصر أحدًا منكم في حقي ولم تبخل إحداهن علي بشيء ، رمقه أحمد بغضب فصاح مازن متبعا بألم - ولكن لم تكن إحداهن أمي ، لم تفضلني إحداهن على ولدها يا بابا ، كنت دومًا اللطيم الذي يشفقن عليه ليس أكثر .
صرخ احمد بجنون : اخرس يا ولد ولا تكن جاحدًا فهن لم يقصرن معك بشيء .
تساقطت دموع مازن ليهمس بجرح عميق : وأنا لا أنكر فضلهن علي ولكن كل هذا الدلال الذي تتحدث عنه يا بابا والفضل والاهتمام كان يأتي في مرتبته الثانية فأنا كنت دومًا خلف أبنائهن ، آت بعدهم ويهتمون بي بعدما ينفذ اهتمامهن بابنائهن ،
نطق أحمد بغضب : عمتك لم تقصر معك يومًا .
ابتسامة ساخرة حطت فوق شفتيه : ولكنها تظل عمتي يا بابا و ولدها عندها أبدى وأحق من الجميع ، ضحكة قصيرة متهكمة صدرت عنه أججت غضب أحمد ليتابع - أنا أحب عمتي كثيرًا يا بابا كثيرًا جدًا ولكنها ستظل عمتي ، ولم اتوقف عن مناداتها بماما بسبب زجرك لي أو ارغامك بل لأني اكتشفت يومًا أنها بالفعل عمتي ولن تكون أمي أبدًا كما أخبرتني أنت .
عبس أحمد بعدم فهم ليهدر : ماذا تقصد ؟!
زفر مازن بقوة ليرفع رأسه بشموخ هاتفًا لأبيه العابس بترقب : اتتذكر يا بابا تلك المرة التي نشأت بيني وبين علي شجار طفولي انتهى به أن لكمني في وجهي ، أومأ أحمد برأسه فأكمل مازن - حينها ثار أدهم ولكم علي في وجهه حينها انتفضت عمتي وهاجت وماجت وصارخت على أدهم وانبته كيف أنه لكم علي بهذه الطريقة حينها تدخلت فاطمة و وقفت كحائط صد بين أدهم وعمتي و دافعت عنه بضراوة فلم تقوى عمتي على الحديث بعدها .
تساقطت دموعه بالتتابع وهو يكمل شاردًا ، يتهدلان كتفيه بألم أثقل روحه : كلاهما وقفتا متواجهتان كلا منهما تحمي ولدها خلف ظهرها وتمنحه رعايتها وحبها ، أما أنا وقفت وحيدًا .. عاريًا .. دون حماية أو درع يحميني ،
صمت لوهلة قبل أن يكمل بصوت خافت حزين : حينها - فقط - اكتشفت كيف تكون بلا أم .. كيف تكون وحيدًا في هذا العالم دون درعك الحامي بواجهته الصلبة و داخله الحنون.
سقطت دموع أحمد دون وعي منه وأغرقت وجهه الشاحب عيناه الشاخصة بألم لأجل ولده الذي أكمل وهو يحاول السيطرة على فيض وجعه : و رغم أن عمتي حينما علمت الأمر كاملًا فقبلت رأسي و دفعت علي أن يعتذر لي إلا أن ذاك العراء الذي استقر في عمق روحي لم ينمحي إلا حينما دافعت عني لميا فيم بعد.
انتبه أحمد فمسح دموعه ليسأله : كيف ؟! لا أفهم .
سحب مازن نفسًا محشرج ليشيح بعينيه بعيدًا ليجيبه بصوت خشن : كما تعلم أنا لست كثير الشجار ولا الجدال ولكن اتتذكر تلك المرة التي استدعوك لأجلي في المدرسة .
مسح أحمد وجهه ليتحرك مقتربًا يدفعه للجلوس ويجلس إلى جواره : نعم أتذكر كنت حينها في الصف الرابع ، ولكمت ابن السفير كسرت له سنه .
تمتم مازن : كان يستحق كسر رقبته ، ابتسم أحمد مرغمًا فأتبع مازن بضيق و أنفاسه مكتومة - لم أذكر لك سبب الشجار حينها ولم يكن هناك سبب فعليًا للشجار سوى أنه كان يتنمر علي دون سبب مفهوم منذ بدء السنة الدراسية يضايقني بتعمد ولا يجرؤ على الاقتراب من أدهم أو علي بطريقة أثارت استيائي وغضبي ، و رغم أن أدهم كان يتشاجر معه كثيرًا لأجلي ، إلا أني كنت اتجنبه معظم الوقت حتى يومها كنت ضائق من شيء لا اذكره و هو ضايقني متعمدًا فاحتككت به وهددته أني سأشكوه ، حينها سخر مني وهزأ بي لأني ليس لي أحد أشكو إليه فأنا لا املك أم مثل الجميع لأشكو لها .
قبض أحمد فكيه ونظر إليه بصدمة سيطرت عليه فأكمل مازن باختناق : حينها لم اشعر بنفسي إلا وأنا الكمه لكمتين متتاليتين قبل أن يدفعني أدهم عنه والدماء تغرق وجهه فنذهب جميعنا للمديرة التي صرخت في وجهي و اتهمتني دون أن تسأل ماذا حدث قبل أن تتصل بذوينا لتأتي بك و بوالدة كرم ، حينها حضرتك تأخرت ولكن السيدة زوجة السفير أتت مهرولة تركض نحو ولدها وكادت أن تندب حظها وحظه لأنها زجت به في هذه المدرسة ذات المستوى الرديء لأنها تقبل بامثالي بل إنها كادت أن تضربني بمكتب المديرة لولا وجود لمياء هناك ،
تصلب جسد أحمد بذهول وعيناه تهتز بعدم تصديق ليهمس مازن ساخرًا : لا أعلم أكانت هناك مصادفة أم أتت لأجلي خصيصًا فهي لم تكن المرة الأولى التي اجدها معي حينما يحدث لي أي شيء حتى لو كان صغيرًا لا يذكر .
تطلع أحمد إلى وجه مازن الذي اشرق فجأة وهو يكمل و دموعه تنهمر ثانيةً : حينها قفزت واقفة تحميني خلفها بقامتها القصيرة وجسدها الضئيل تصيح في وجه السيدة بصوت حاد ارعب الأخرى حينما صرخت في وجهها أنها ليس من حقها أن تقترب مني أو تتحدث معي وهي تدافع عن أخلاقي وتربيتي وتهتف بها أني الآخر من مستوى اجتماعي مرموق فأنا حفيد الوزير الراحل و ابن جراح كبير و عمي سيادة الوزير وأن ولدها أخطأ في حقي وعليها تربيته وتهذيب اخلاقه بدلًا من تحميل أخطاءه للآخرين.
اختنق حلق أحمد بدموع كثيرة لم يقوى على ذرفها وأنفاسه تتحشرج بقصبته الهوائية فلا يستطع ذرفها ليكمل مازن ببساطة: أنا لا أنسى هذه المرة قط يا بابا ، لا أنساها فحينها فقط شعرت أن لي درعًا حاميًا و أم حانية لدرجة أني في نفس ذات الليلة حينما قدمت لتطمئن علي قبيل نومي طلبت منك أن تتزوج وأخبرتك عن مدرستي التي أحبها .
تطلع إليه أحمد بعدم تصديق فهز مازن رأسه مؤكدًا : نعم كانت هي يا بابا هي مس لمياء من دافعت عني .. من كانت ترعاني في صغري.. من كانت تؤازرني دومًا .. تهتم بي وتسأل عني حتى بعدما كبرت كانت دومًا من حولي ولم تنسى عيد مولدي قط بل كانت تهنئني قبل الجميع وتأتي لي بالشكولاتة التي افضلها ،
اختنق حلق أحمد ليملص كفيه من بين يدي ابنه ليهمس إليه بصوت أبح وهو ينهض واقفًا: إذا أردت اذهب لها .
اخفض مازن رأسه ليتنهد بقوة هامسًا : كنت هناك بالفعل ولكنها طردتني وأمرتني بصرامة أن أبقى معك ولا اتركك بمفردك وأنك أولى بي منها ، فأنت أبي أما هي مهما حدث ستظل زوجة أبي ، وحينما عاندت هددت أن ترحل لبيت عمها فاستجبت و رضخت وهاك أنا أمامك اترجاك لأجل أن تعيدها .
تمسك مازن بكفه القريب ليتابع برجاء : أرجوك يا بابا أعدها لي ، أنا لا أقوى على العودة إلى ما كانت حياتنا عليه ، لا أقوى أن أشعر بأني سأعود للبيت فلا أجدها تبتسم لي وتهتم بأمري ، لا أقوى على التخيل أني سأعود لأمكث عند عمتي أو بقصر الجمال أو بأي مكان ، أنا أريد أن استقر ببيتي بجوار أمي التي ترعاني دون كلل أو ملل أو حتى شفقة تشعر بها نحوي ، نهض مازن واقفًا ينظر لعمق عيني أبيه متبعًا – بعدما شعرت بطعم الاستقرار يا بابا لن أقوى على التبعثر من جديد .
سحب أحمد نفسًا عميقًا ليهمس أمرًا وهو يتمسك بصلابته : حسنا تعال لتقود السيارة فأنا لن أقوى على القيادة الآن ، نظر إليه مازن متسائلًا فأكمل أحمد - تعالى سنذهب سويًا للقصر فأنا متعب .
بلل مازن شفتيه ليهمس بتلعثم : ولكن عمو وائل . ..
هدر أحمد بجدية وهو يعاود ارتداء معطفه من جديد : عمك وائل سألكمه في وجهه إذا فكر أن يمنعني من الاقتراب من زوجتي .
رفع مازن حاجبيه ليسأل بجدية : حقًا يا بابا ؟!
زفر أحمد وهو يفتح باب البيت ليجيب بوضوح : بالطبع لا فهو أخي الكبير و آه لو تعلم ماذا كانت تفعل بنا ماما رحمة الله عليها لأجل شقيقنا الكبير .
تمتم مازن وهو يدلف إلى السيارة : نانا ؟!
تنهد أحمد بقوة ليهمس بالإيجاب : نعم نانا رحمة الله عليها و ادخلها فسيح جناته ، هيا تحرك ولنرى ماذا سيفعل عمك ؟!
***
تجلس بجواره في أرجوحة حديقة منزله التي يهزها ببطء بعدما أتت لتطمئن منه على حال عبد الرحمن فعلمت منه عن أميرة فتهاتف نوران وتستفهم منها عن حالة أميرة إلى أن اطمأنت فولت أمر عبد الرحمن اهتمامها وتقصت منه عن أحواله ليطمئنها ويخبرها أن لا تخير والدتها قبيل الغد حتى لا تقلقها فهو سيذهب لعبد الرحمن غدًا وسيصحبهن معه هي و خالته و والدته لزيارة نولا و يتحمدون لها بسلامة عبد الرحمن حينها زفرت بارتياح وأخبرته بمرح أن لديها خبر سيعجبه وها هو يستمع إليها تثرثر عن فرصة عملها الجديد يستمع إليها بإنصات دون أن يتدخل فيم تقصه، عيناه تلمع باهتمام ويهز رأسه باستحسان معها ليهتف أخيرًا : مبارك يا مونتي ، أنا سعيد لأنك توصلت لاتفاق يرضيك معهم .
هزت كتفيها لتجيبه : اقتنعت بقول ماما حينما أخبرتني أن أقبل بعرضهم و اعمل من خلال المنزل حتى أقوى على الاستعداد للعرس واستكمال شراء ما ينقصني من الجهاز .
تنهد بافتعال : حبيبتي خالتي والله .
لكزته في كتفه بخفة لتهتف بندم فاجئه : اوه ، كيف نسيت ؟!
انتفض باهتمام ليهتف بها : ما الذي نسيته ؟!
تمتمت سريعًا وهي تقلب بهاتفها : موعد حلقة سليم الأسبوعية.
جمدت ملامحه ليتمتم بغيرة ومضت بعينيه فيخفيها داخل انتشاء ذكوري مفتعل همس به : طبيعي أن تنسي أمره تمامًا وأنت معي ، اتبع بغرور - ظننته شيئًا هامًا .
مطت شفتيها لتجيبه ببسمة ماكرة : بالطبع شيء هام ، اتبعت بحاجب مرفوع - حلقة ابن خالي الأسبوعية أمر هام ومقدس عندنا بالبيت لا يمكن تفويته .
جذبها من كفها ليقربها منه بمشاكسة : أنتِ ببيتي الآن ، بيت الجمّال .
أجابته ببسمة ماكرة : ما يُقدس ببيت الخيّال سَيُقدسّ في بيت الجمّال أيضًا و خاصةً إن كانت سيدة البيت مهرة آل الخيال يا ابن الجمال.
اسبل جفنيه ليهمس بخفوت وهو يحتضن كفها براحته : سيدة بيتي وملكة قلبي تفعل ما تريد تأمر وتطاع ونلبي صاغرين .
ابتسمت لتهمس إليه برقة : إذا استمعت إلى برنامجه مرة ستدمنه فأنت متذوق ممتاز للموسيقى ، أنا متأكدة .
اتسعت ابتسامته : يكفيني يقينك يا موني وعليه سأستمع إليه منذ الآن دون تفكير
اشرق وجهها بضحكة رائقة وصوت الموسيقى يدوي من حولهما بصوت فيروز الشجي تشدو بأغنية قديمة لم يدركها على الفور ولكنها صفقت إليها بمرح هاتفة : إنها حلقة الشتاء .
عبس بعدم فهم لينتبه إلى فيروز تصدح بصوتها الكرواني
رجعت الشتوية .. رجعت الشتوية
ضل افتكر فيا .. ضل افتكر فيا
رجعت الشتوية
لتشدو معها برقة وهي تتمايل بكتفيها فتتسع ابتسامته وعيناه تشرق بانبهار يلزمه معها منذ الصغر :
يا حبيبي الهوى مشاوير .. قصص الهوى مثل العصافير
لا تحزن يا حبيبي .. إذا طارت العصافير
وغنيّة منسيّة .. ع دراج السهرية
رجعت الشتوية .. رجعت الشتوية
ظل افتكر فيا .. ضل افتكر فيا
رجعت الشتوية
تعالت ضحكاته حينما لكزته بكتفها في كتفه ليندمج معها في الأغنية التي لاقت استحسانه ليؤرجحهما سويًا قبل أن تميل برأسها تسندها إلى كتفه فيكتم تنهيدة حارة كادت أن تفلت من بين شفتيه ليرفع رأسه ناظرًا للسماء بدوره مؤثرًا الصمت متنعمًا بالراحة التي غمرتهما معًا شاكرًا ربه على استجابته إلى دعائه ومنحه الكثير من فضله .
***
يا حبيبي .. الهوى غلاب
عجل و تعى .. السنة ورا الباب
شتوية .. وضجر وليل
وأنا عم بنطر على الباب
ولو فيا يا عيني .. خبيك بعيني
رجعت الشتوية – فيروز
تستلقي فوق فراشها تنظر إلى ملامحه الهادئة إلى حد ما بعدما عاد من عند رقية التي ذهب إليها بناء على رغبة تؤامه الذي أراد الاطمئنان عليها وطمأنتها فتشعر هي بحدسها به أنه اصبح افضل ، وأنه عاد لطبيعته .. هدوء شخصيته .. ومرحه الذي يسكن عيناه دومًا ، بل إنه أصبح أكثر استرخاء عم قبل فلا تقدر على تحديد سبب استرخاءه أهو من الحمام الساخن الذي أخبرها أنه حصل عليه أم بالفعل قلبه استقر وأطمئن على تؤامه ؟!
تمتمت باهتمام حقيقي : هل أنت أفضل يا عمر الآن ؟!
أجابها براحة تخللت نبراته : الحمد لله عبد الرحمن بخير وأنا اصبحت بخير .
تمتمت برقة : يا رب دائمًا .
همت بالحديث لتعبس بتعجب وصوت فيروز يتناهى إليها فتسأله : أنت من تدير فيروز ؟!
ابتسم بمرح : بل تيم ، إنها حلقة سليم ، كيف لا تستمعين له ؟!
تمتمت بحرج : لم أشأ أن اتركك وظننت أنه ليس من اللائق أن أدير الحلقة الآن فقررت أن استمع إليها بالغد .
ابتسم بعشق نبض بزرقاويتيه هاتفًا بصدق صفع هاجسها و ازاله من منبعه : أنا أحبك يا حبيبة .. يا حبيبتي .
توردت وعيناها تدمع بعفوية ليختنق حلقها دون أن تمنحه اجابة شافية فيكمل ببوح : كم كنت احتاج إليك اليوم وكم أزهرت روحي وأنت بقربي معي تدعمينني وتتمسكين بي ، ليتابع بعدم فهم حقيقي - رغم أني للآن لا أعلم كيف أتيت دون أن يخبرك أحدًا منا .
رفع عيناه إليها سائلًا بجدية : حقًا يا حبيبة كيف عرفت وأتيت بمفردك ؟!
اهتزتا حدقتاها ودموعها تتكاثف بمآقيها قبل أن تجهش في بكاء قوي ثرثرت من خلاله عن كل ما حدث صباحًا أمام عيناه المتسعتان بصدمة ألمت به لتتحول مع نهاية حديثها إلى خذلان استقر بعمق حدقتيه فلم يقوى على إجابتها حينما نهنهت من بين بكائها : أرجوك لا تغضب يا عمر فأنا لم ..
تعثرت الكلمات على شفتيها ليهمس بصوت مختنق هازئ : لا عليك يا حبيبة ، فأنا لست غاضبًا ، فقط أنا متعب تصبحين على خير .
همهمت باسمه ليبتسم ابتسامة باردة : أراك غدًا بعد أن اطمئن على عبد الرحمن ، تصبحين على خير.
ألقاها وانهى الاتصال لتجهش هي في البكاء مرة أخرى قبل أن تتقوقع على نفسها بمنتصف فراشها تنعي حماقتها وغبائها وتلوم نفسها بأنها أخبرته !!
***
يجلس بالمقعد الجلدي الكبير والذي يهتز برتابة بعدما ضبطه على وضعية التأرجح والموضوع بجوار الشرفة في صالة بيتهم يشارك والدته الجلسة التي تحافظ عليها منذ أن بدأ ابن خاله إذاعة برنامجه الإذاعي ، ولأن الليلة تعد من ليالي الشتاء القارص فوالدته وعدة القهوة والمدفأة الحجرية شكلًا ولكنها حديثة متطورة موضوعًا تدفئ صالة البيت يفكر في أوامر أبيه الصارمة والذي لأول مرة منذ أن بدأ حياته العملية يلزمه أن يمكث في البيت لقد اعترض .. رفض واحتج ولكن نظرة أبوه المصممة أجبرته أن يحصل على اجازة يومين أجل بها جراحاته وحول مرضاه لطبيب آخر ونفذ الأوامر وهو يشعر بأن الامر له علاقة بمحاولة اغتيال عبد الرحمن ، زفر بقوة والأغنية الجديدة التي أدارها سليم تستولى على ادراكه لوهلة فينصت إليها و ذاك المطرب العملاق بزمانه يشدو بصوته العريض بعد موسيقى قوية أحبها و أثارت حنينه بقوة
لما الشتا يدق البيبان .. لما تناديني الذكريات
لما المطر يغسل شوارعنا القديمة والحارات
الاقيني جايلك فوق شفايفي بسمتي
كل الدروب التايهة بتنده خطوتي
كل الليالي اللي في قمرها قلبي بات
مش جاية الومك على اللي فات .. ولا جاي اصحي الذكريات
لكني بحتاج لك ساعات .. لما الشتا يدق البيبان
اشتدت قبضتيه حول مسندي الكرسي الهزاز الموضوع وهو يجلس يهتز يستمع رغمًا عنه إلى سليم المتألق على ما يبدو في انتقاء أغاني فصل الشتاء فأتت تلك الاغنية التي يعشقها هو رغم قدمها ولكنه يعترف أنه ذوق كلاسيكي في الأغاني ، وهذه الاغنية خاصةً تداعب وتر حساس داخل روحه فتقلب عليه ذكرياته الماضية بأكملها. و خاصةً تلك الذكرى عن ليلة ممطرة تشاركاها سويًا في أول لقاء كان لهما بعدما تبادلا وعود الهوى و اعتراف بمكنونات روحهما فكانت هذه الأغنية حاضرة في خلفيتهما في ذاك المقهى الذي يمتلكه عجوز يتغنى بأغنيات أجداده الماضية وأنه قريب هذا المطرب العملاق الذي يشدو بصوت قوي ونبرات شجية ، ولكنهما لم يهتما بل كانا غارقان سويًا وكلمات الاغنية تصفهما معًا.
كنا طفولة حب لسه في اوله .. بنضم بايدينا الحنين وبنوصله
خريف ندانا والشجر دبلان .. بردانه كنتي وكنت انا بردان
ضمت قلوبنا بشوق ولهفة نبضها .. لما التقينا الخطوة عرفت ارضها
اجمل معاني الحب غنتها النيات
مش جاي الومك على اللي فات .. ولا جاي اصحي الذكريات
لكني بحتاجلك ساعات .. لما الشتا يدق البيبان
اغتمت عيناه وهو يشعر بأن شعوره بالأغنية في مرتها الأولى كان صادقا فرغم اعجابه حينها بجزئها الأول الذي يصف حالتهما إلا إنه استاء من النصف الآخر الذي يصف حالتهما الآن !!
انتفض فكه بقوة وهو يجد نفسه يدندن رغم عنه مع الأغنية ويتذكر أنه كان واهمًا فهي استطاعت أن تفارقه .. أن تتركه .. بل إنها استطاعت أن تتزوج من آخر غيره وهو من كان في قرار نفسه ينتظر تبريرها .. أسبابها .. دوافعها ليكتشف الآن أنها لم تحبه قط ، اغمض عينيه وصوته يعلو بنبرة أبحه لطالما أشادت بها خالته :
مش جاي الومك على اللي فات .. ولا جاي اصحي الذكريات
لكني بشتاق لك ساعات .. لما الشتا يدق البيبان
لما الشتا يدق البيبان – علي الحجار
رف بجفنيه وهو يستمع إلى صوت والدته التي هتفت بحبور : اووه ، ما هذا يا عادل ، تخيل لم أكن اصدق ايني أنك تقوى على الغناء كل هذه الفترة لاكتشف الآن أن صوتك جميل يا ولد.
ابتسم وهو يشعر بالحرج الذي تغلب عليه سريعًا هاتفًا بمرح و زهو : أنا كلي جميل يا أم عادل.
تأففت ليلى بحنق : أم أسعد ليس لأنه تزوج سأجرد من كنيتي .
ضحك عادل مرغمًا لينهض بسرعة يتناول فنجان القهوة من بين كفيها ليرفع يمينها يقبل ظهره هاتفًا : بل أنا من أريد أن التصق بك يا أماه .
ربتت على كفه بحنو لتجذبه منه بلطف تراعي فنجان القهوة الذي يحمله : إذًا تعال والتصق بي فالليلة برد وأنا سأحتضنك وادفئك كما كنت افعل وأنت صغير .
ضحك بمرح ليشاكسها بتعمد : تشتاقين للأسعد يا لولا لذا حنانك يفيض علينا.
ضربته على ساعده القريب منها بحنق لتهمس بخفوت : معك حق أنا اشتاق إليه ولكني سعيدة لأجله ، رغم أن صوته لم يكن بخير اليوم حينما حدثته لأطمئن عليه .
تراجع عادل عن رشف القهوة ليسألها بمكر : تطمئنين علام ؟!
تورد وجهها بعفوية فتحكم عادل بضحكته التي كادت أن تجلجل من حولهما وهي تجيب بتلعثم : اطمئن عليه ، على صحته .. أموره .. أنه سعيد وهكذا.
ابتلع عادل القهوة ليضع الفنجان من يديه على الطاولة الصغيرة القريبة : وبم أجابك الفارس يا ماما .
ثرثرت بعفوية : قال أنه بخير وكل شيء بخير وأن أموره بخير ، لوت شفتيها بحنق أمومي وهي تتبع - رددها بآلية وكأنه يجيب قائد المهام خاصته.
لم يتمالك عادل ان يقهقه بقوة ليشاغبها : وأنتِ كنت تريدينه يتمهل ويقص لك التفاصيل.
أجابت على الفور : بالطبع لا ولكن .. صمتت لترفع عيناها بتلقائية فتنظر للتسلية الوامضة بحدقتي ولدها لتهتف بحنق : لا يا قليل الحياء لم أقصد هكذا أنت وأبيك لا تفهمان ما أتحدث عنه.
ارتفعا حاجبي عادل بدهشة ليسألها : قصصت للأمير أيضًا ؟!!
زفرت بضيق لتدفعه من جانبها : أنا المخطئة أني اتحدث معك.
ضحك ليرفع ذراعه الذي دفعته ويحيط جسدها به ليقربها من حضنه هاتفًا : لم اقصد يا لولا كان مجرد تساؤل هيا أخبريني ما الذي لا افهمه أنا وسيادة المستشار ؟!
تمتمت من بين أسنانها : لقد شاكسني مثلك ثم نبهني أن لا أتدخل في أمور أخيك ولكنه لم يفهم أني لا أريد التدخل بل جُل غايتي الاطمئنان عليه .
احتضنها عادل : هو بخير يا ماما لا تقلقي بل ستجدينه بألف خير فقط ابنك خجول لذا لم يثرثر إليك ،اتبع بشقاوة - أعدك أني حينما اتزوج اثرثر اليك بأريحية شديدة.
ضحكت ليلى لتضربه بقوة هاتفه بامتعاض : ومن سيسمح لك أن تثرثر بالتفاصيل فقط تزوج و ارح قلبي وأنا متنازلة عن الاطمئنان والتفاصيل خاصتك.
قهقه ضاحكًا ليهتف برفض مرح : واتركك أبدًا .
هتفت بفكرة ومضت بعينيها : أقول لك تزوج ولا تتركني ، نظر إليها بصدمة فهتفت متبعة - هاك أسعد تزوج وموني ستتزوج بالصيف والبيت سيفرغ تزوج معنا في البيت ونستطيع اقتطاع جزء من الحديقة لنكبر لك غرفتك إلى جناح تمكث فيه مع عروسك.
ضحك دون صوت قبل أن يكسي الذهول ملامحه ويسألها عدم تصديق : أنتِ لا تمزحين يا ماما.
أجابته بسلاسة : لا طبعًا ها ما رايك ؟!
نظر إليها بتعجب : فيم ؟!
رمقته بضيق لتهمهم : في اقتراحي
رد بتعجب : زوجتني وأنا لم اخطب للآن .
رمقته من بين رموشها لتهمس بنبرة ذات مغزى : حسنًا نخطب لك ، ألديك عروس أم اقترح أنا.
ضيق عينيه بارتياب ليهمس ببطء : لا ليس لدي عروس يا ماما.
هتفت ليلى بضحكة تحكمت فيها بشق الأنفس : إذًا اقترح أنا ، ما رأيك في زميلتك هذه لارا إنها جميلة و رقيقة وابنة ناس ومسكينة وحيدة في الدنيا دون أخ أو أب وأنا خائفة عليها من أعمامها حينما تتزوج منها ستحميها من جشع أقاربها.
اطبق فكيه ليجيب بطبيعية قدر المستطاع : هل أنا جمعية لمساعدة المحتاجين يا ماما ؟! أتزوج منها لأحميها وحتى لا تكون وحيدة في الدنيا.
تمتمت بصوت ذو نغمة مميزة : ولد يا عادل هل تراوغني معتقدًا أني لا أشعر بك ، هذه الفتاة ليست مجرد صديقتك ، وأنا اشعر بك معلقًا بها وهاك أنا أتفادى خطأي مع أسعد فيك وأساعدك على الارتباط بمن تريدها لماذا تراوغ وترفض ؟!
تنفس عادل بقوة ليجيبها دون مراوغة : لأني لن استطيع الارتباط بها يا ماما.
عبست ليلى بعدم فهم لتسأله بتعجب : لماذا ؟!
هم بالحديث ليرتفع رنين جرس الباب ودقات متتالية أفزعتهما فقفز واقفًا وعقله يعمل سريعًا ليركض نحو غرفة والده يلتقط سلاحه المرخص الذي لا يحمله عادة ليضعه بحزام بنطالونه من الخلف ثم يتجه للباب يسأل بجدية عمن بالخارج قبل أن ينظر لعدسة الكاميرا الكاشفة لما بالخارج فيأتيه صوتها الخائف مع حركتها التي تلتفت من حولها بالخارج وكأنها تهرب من أحدهم : أنا يا عادل.
فتح الباب سريعًا ليجذبها للداخل سائلًا بقوة : ما بالك يا لارا ؟! لماذا تبكين ؟!
تمتمت من بين دموعها وهي تتمسك بكفيه في رجاء تشبع به صوتها : أنجدني يا عادل ، أنجدني ليس لي سواك لينجدني.
هم بسؤالها عم ألم بها ليصدح صوت ليلى التي تخطو نحوهما ببطء بسبب تعب ساقيها تهتف بفزع : ما بالك يا ابنتي؟!
تمتمت باعتذار سريع والحرج يلون ملامحها : اعتذر يا خالتي ولكن ..
شهقت ليلى برفض وهي تدفعها للداخل بعدما ضمتها بحضنها تربت عليها بحنان أمومي : تفضلي يا بنيتي البيت بيتك ، أهدأي ولا تعتلي هما نحن عائلتك وتأتين بأي وقت.
اغمض عينيه ليزفر بقوة قبل أن يتبعهما يستمع إلى حديث والدته الودود والتي اختتمه بقولها المرحب : حماتك ستحبك إن شاء الله يا ابنتي فانا كنت سأعد العشاء جيد انك أتيت لتشاركيني أنا وعادل الطعام فيمنى اليوم عند بيت خطيبها وعمك بالعمل كالعادة.
تمتمت لارا : شكرًا يا خالتي لا تتعبي نفسك .
أجلستها ليلى بلطف لتربت على كتفها : لا تقولين هكذا يا ابنتي ، هيا اجلسي ليصب لك عادل القهوة إلى أن نعد أنا و كريمة الطاولة.
أشارت لولدها بعينيها قبل أن تبتعد بخطوات واهنة فيصمت عادل إلى أن اختفت من أمامه فهتف بلارا في اهتمام : ماذا حدث يا لارا ؟!
تمتمت بتلعثم : ابن عمي الكبير عاد ويريد الزواج مني.
اعتمت ملامحه لتكمل وهي تفرك كفيها بتوتر وتكمل خافضة رأسها بخزي : وحينما رفضته حاول أن ....
رفعت وجهها بملامحها البريئة ودموعها تحفر وجنتاها : لقد هربت من البيت يا عادل لم أجد أحدًا غيرك التجئ إليه أنا لا أريد الزواج منه ولكني لا أقوى على التصدي له ولا اعلم ماذا علي أن افعل إنهم يريدون الاستيلاء على ارثي كاملًا والوسيلة الوحيدة أمامهم أن أتزوج من أحد ابنائهم ولكن الجميع رفض ما عدا الأكبر فيم بينهم فهو الوحيد المتزوج أما البقية امهاتهم رفضن فلم تقبل إحداهن أن يتزوج أحد أولادها من واحدة مثلي في الأول والأخير أرملة سبق لها الزواج.
شهقة عالية صدرت عن امفه متزامنة مع وقوع الصينية التي كانت تحملها عليها فنجان نظيف وكوب من الماء فأصدرت جلبة قوية قاطعت حديثها وجعلته يغمض عينيه هامسًا بخفوت شديد ومن بين أسنانه : رحماك يا الله.
***





التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 21-09-20 الساعة 06:54 PM
سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-09-20, 06:06 PM   #384

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي






يجلس أمام لوح الرسم الأبيض الخالي من ريشته في ذاك الركن الخاص به في غرفته والمحرم على عائلته الولوج إليه ما عدا عمار الذي يدلف إليه عنوة واقتدار ، لقد شعر بأنه يريد الاختلاء بنفسه .. البقاء بمفرده .. السيطرة على بحر افكاره المتلاطم لوحده ، يدوي صوت الموسيقى من حوله بأغنية من انتقاء سليم الذي يحتفل بقدوم فصل الشتاء في برنامجه فأدار أغنية مسته بقوة وخاصةً أنها بصوت مغني أبيه المفضل والذي تربى هو على اغانية التي تدار بالبيت لأجل أن يشاكس أبيه أمه أو يدللها أو يخبرها بمدى عشقه لها عن طريق صوت الكينج الشجي . فيدوي صوت منير بأذنيه بشدو رجف قلبه له وهو يقول
بره الشبابيك غيوم .. بره الشبابيك مطر
مالي خايف كدة
خايف وحاسس بالخطر
ده حزن ولا وتر .. ده قلب ولا حجر .. ده دمع ولا مطر
مالي خايف خايف خايف .. وحاسس بالخطر.

و كأنه كان ينقص سليم وأغانيه التي تثير شجنه فتأتي تلك الأغنية تفجر كل ما يعتمل بداخله من قهر فتحركت ريشته بانفعال مكبوت مكتوم بداخله منذ الصباح فيتكتمه هو منتظرًا .. صابرًا .. محتسبًا أن تأتي إليه .. تبوح .. تفضي .. تتحدث عم يؤرقها .. يبعدها .. يوترها ويخيفها ولكنه صمت وهي الأخرى سكتت .. نأت وابتعدت ، وحينما اقتربت احرقت كل تعقله بترددها وخوفها الذي طل من عينيها فيثور عقله وهو يتساءل لماذا اخفت .. لماذا خبئت .. لماذا صمتت ولم تخبره ، لا يشك بها على الاطلاق ولكن عثرتها السابقة تحرق روحه وتشعل أوردته وغيرته عليها تنثر ما تبقى من تعقله فيريد الذهاب إليها وسؤالها ولكن كبرياءه يمنعه . اغمض عينيه وصوت منير يخترق قلبه بسهام كثيرة رُشقت بعمق شعوره بها وهو يشدو واصفًا حالته معها
آخر مرة أما اسبتك .. كتمت الشكوى ليه
مش كان احسن حاسبتك .. وعرفت القصة ايه
لكن محاسبتكيش وقلت لك مافيش
وكأنك يا حبيبتي امرك ميهمنيش .
ردد بآليه وهو يفقد السيطرة على ريشته التي توحدت مع أوجاعه .. آلامه .. قلبه الذي ينزف ببطء شديد
أنا خايف من ده فيا .. من الشكوى المدارية
بالذات في الليلة ديا .. تحت الغيم والمطر
مالي خايف خايف خايف وحاسس بالخطر .

اختنق حلقه وعقله يعيد عليه ما رآه صباحًا فيطبق فكيه بقوة يغمض عينيه لعله يستطيع أن يوقف ذكراها وهي بين ذراعي الآخر فيئن قلبه وهو يذكره أنها كانت رافضة .. غير راضية .. كارهه لآخر ، احبته يومًا فضلته عليه و ركضت إليه .
اهتزت يده فاطبق كفه على ريشته بعنف ابيضت له سلامياته وهو يضرب فوق اللوح الأبيض بقوة ولون اسود ممتزج بلون زيتونيتها والصورة تتضح بعقله فيجسدها بسهولة وموهبة ربانيه وراثية فيختنق حلقه وهو ينظر إلى عيناها التي يجسدها فينتفض قلبه متألمًا حينما أدرك أنه يرسم نظراتها الكارهة والتي كانت توجهها له قبلًا والآن تنظر بها لآخر كان يحتل قلبها يومًا ما .ارتعشت ريشته لتسقط أرضًا ومنير ينهي أغنيته بصوت قوي صدح من حوله
بره الشبابيك غيوم .. بره الشبابيك مطر
مالي خايف كده
خايف وحاسس بالخطر
ده حزن ولا وتر .. ده قلب ولا حجر .. ده دمع و لا مطر
مالي خايف خايف خايف .. وحاسس بالخطر .
بره الشبابيك – محمد منير

***
تنظر إليه من خلف الزجاج تتامله عن كثب وهي تراه لأول مرة يعمل تسمع ما يديره بالداخل في وضوح وتتفاعل معه ، بل تنغمس في تفاصيلة وهو منسجم مع موسيقاه إلى أن أشار إليها بأنه سيدير تلك الأغنية التي طلبت منه أن يديرها لأجلها حينما أخبرها أن حلقته اليوم ستكون عن الأغاني القديمة التي تخص فصل الشتاء فهو رغم تغيبه طوال اليوم عنها مع عائلة خطيب شقيقته وصديقه لأجل حادث أخو الأخير إلا أنه أصر أن يمر عليها ويصحبها معه إلى الاستديو.
ابتسمت برقة وعيناها تومض بعشقها الدفين إليه والموسيقى تصدح من حولها لتستجيب إلى أمره عندما أشار إليها أن تدخل إلى الغرفة ، لم تتردد لحظة واحدة وهي تدلف بهدوء شديد وتغلق الباب خلفها ليداعب بأنامله زرين فيغيم الزجاج بطبقة من لون رمادي فيصبح زجاج عاكس لا يشي بم يحدث بداخل الغرفة.
عضت شفتها السفلية بذهول وهي تشير برأسها في نفي وتهمهم دون صوت : سليم هذا لا يصح .
جذبها من كفها عندما نهض واقفا ليمنحها سماعتين تماثلان خاصته الذي يرتديها ويساعدها على ارتدائهما لتنساب الموسيقى بأذنيها ليديرها بخفة يحتضنها من ظهرها وهي تدندن دون صوت مع كلمات الاغنية التي تعشقها :
وسط الشوارع ناس كتيرة مروحين .. والناس يا قلبي هم هم وهو فين
وانا ماشية بتلفت وبسال كل يوم .. بيعمل ايه دلوقتي وبيحلم بمين ..
استدارت داخل ذراعيه لتحرك شفتيها في غناء صامت :
والناس في عز البرد بيجروا يستخبوا .
لتتابع وهي تضم نفسها لحضنه العريض :
وانا كنت بجري واخبي نفسي قوام في قلبه
و لحد لما الليل يليل ببقى جنبه .. وافضل في عز البرد وياه بالساعات
صمتت وصوت اليسا يصدح من حولهما يخيم عليهما وهي تبتعد عن صدره تنظر إليه بتساؤل مرتبك وتوسل حط بقلبه لينغلق حلقه تمامًا وهو يناظرها وعقله يدرك سبب توسلها وكلمات الاغنية تصفع شعوره بها
على سهوة ليه الدنيا بعد ما عشمتنا .. وعيشتنا شوية رجعت موتتنا
والدنيا من يوميها يا قلبي عودتنا .. لما بتدي حاجات بتاخد حاجات .
اواخر الشتا – اليسا
عم الصمت عليهما قليلًا لينتبه إلى انتهاء الاغنية فيلامس الشاشة المتطورة من أمامه ليصدح صوت فاصل اعلاني قبل أن يعود إليها ينظر إليها بتساؤل صدح بصوته قويًا : أنت ؟!!
بللت شفتيها لتخلع سماعات أذنيها قبل أن تهمس بخفوت شديد : أنت لن تتركني يا سليم ، أليس كذلك ؟! لن تفعل الآن بعدما ..
صمتت وهي تخفض عيناها بحرج ليطبق فكيه بقوة قبل أن يقترب منها بخطوات متمهلة يجذبها من مرفقيها إليه يضمها إلى صدره كفيه يملسان على ظهر فستانها المخملي بلون العنب الاحمر القاني يثير الدفء لجسدها الذي شعر به باردًا ليبعدها قليلا عنه قبل يحرك كفيه بنفس الطريقة على ذراعيها العاريين بعدما خلعت معطفها الصوفي الانيق بلونه الرمادي الفاتح ليهمس بصوت اجش : لا لن أفعل ، لقد أخبرت بابا صباحًا قبيل حادث شقيق خطيب حبيبة و وافق وحدد موعدًا لنزوركم في آخر الأسبوع.
غمرت ملامحها فرحة قوية ليكمل بابتسامة متوترة : فقط لم أقوى على الحديث معك ولا اخبارك .
ابتسمت وهي تقترب منه برقة : لا يهم أنا أقدر ما حدث وأنك انشغلت مع عائلتك .
هزت كتفيها وهي تلجئ لصدره: يكفي أنك صممت على وجودي معك اليوم .
تنعم باحتضانها القوي ليحنى رأسه إليها يقبل وجنتها هامسا بصوت أجش : و سأمضي ليلتي وباكر معك إذا لم يكن لديك مانعًا.
تضرجتا وجنتاها بالاحمر القاني لتغمغم بصوت أبح وهي تدفن رأسها في صدره : إنه بيتك ، لا أحد يستأذن لأن يمكث ببيته .
ومضت عيناه بتوقه لوجوده معها ليهمس بخفوت وهو يقبل وجنتها الأخرى بقبلة متمهلة اشعرتها بأنه يرتشف مسام بشرتها ويهمس بزفرة ساخنة : سأنهي الحلقة وننصرف سريعًا .
تحاشت الوقوع بأسر نظراته ليجبرها حينما احتضن ذقنها بكفها العريض الدافئة ، يرفع وجهها إليه فأغمضت عيناها وهي توقن من أنه سيقبلها كتمت أنفاسها وهي تشعر بانفاسه القريبة للغاية لتتركها دفعة واحدة حينما امتلك شفتيها بقبلة هدجت انفاسهما سويا ليتركها أخيرًا مع نهاية الفاصل الاعلاني فيعود بصوت أبح بثه مرح يليق به وهو يهتف في الميكرفون المخصص له : كنتم مع سليم وساعة طرب اهداء الحلقة للعزيزة الغالية انجي صباحي أراكم الاسبوع القادم وساعة جديدة تحمل اغاني الماضي الجميل في اذاعة صوت مصر .
***
رمق شقيقه الصغير الغاضب بحاجب مرفوع ونظرات ماكرة يعلم جيدًا أنها تثير غيظه فيهتف أحمد من بين أسنانه بضجر : هلا تأكدت من فاطمة أنها أخبرت لميا أني هنا وأريد مقابلتها .
شبه ابتسامة رسمت على ثغره ليجيبه ببرود : لقد فعلت أمامك ولكن لا بأس ، تستطيع أن تهاتف فاطمة و تسألها يا دكتور ، رغم أني لا استسيغ أن يهاتف أحدهم زوجتي قرب منتصف الليل ولكن الليلة أنت استثناء ، فأنا أدرك مدى ارهاقك البادي على وجهك .
اطبق أحمد فكيه ليهمس باقتضاب : سأهاتف مازن لاستفهم منه سبب التأخير .
لوى وائل شفتيه ليهمهم هازئًا : التأخير سببه أن السيدة خلدت إلى النوم يا أحمد ، رمقه أحمد بغضب فاتبع وائل – اسمح لي يا أخي ، لا أحد يقوم بالزيارة في هذا الوقت من الليل .
هدر أحمد وهو ينتفض واقفًا : لا أحد يزور زوجته يا أخي ، بحق الله إنها زوجتي ، اتبع بغضب ومض بعينيه – أتعلم أنا المخطئ لأني تحليت بآداب الزيارة واحترمت كونك كبيرنا وانتظرت كولد صغير إلى أن تأذن له .
خطى بحدة للخارج فهتف وائل بصوت جاد أمر : توقف عندك يا أحمد .
تصلب جسد أحمد مرغمًا ليدور على عقبيه بينما وائل يتبع – لست ولدًا صغير بل أنت رجلًا كبير لذا من فضلك تحلى بأخلاق الكبار وتوقف عن الغضب السريع الذي لم اعهده فيك يومًا .
نهض وائل واقفًا ليمر من جواره : لن احاسبك على ما تفوهت به منذ قليل فأنا أدرك جم غضبك ولكني سأنصحك للمرة الأخيرة أن تتحكم في مشاعرك المتأرجحة ككرة من المطاط تغدو وتجيء وانصت لشكوى زوجتك وحاول أن تحتوي الامر ليس لأجلك ، بل لأجل فتاك الذي مهما حاول اخفاء تأثره و ألمه إلا أنه أكثر من يتألم بم يحدث بينك وبين لمياء هانم .
رف أحمد بعينيه وهو يشعر بغصته تزداد ليهمس باقتضاب : أعلم .
اتبع وائل بجدية : ولتفكر أيضًا في ابنتك التي حتمًا ستعلم بم يحدث بينك وبين زوجتك ، وما مدى تأثير الأمر عليها ، تنفس وائل بعمق ليربت على كتف أحمد بجدية – فكر في عائلتك يا أحمد وكن حكيمًا كما عهدتك دومًا يا رمانة ميزان آل الجمال .
أومأ أحمد بتفهم وعيناه تشرد بعيدًا ليبتسم وائل بود هاتفًا : تفضلي يا هانم ، تمتمت بصوت خافت متوتر أجبره أن يدور لينظر إليها فيتابع وائل بعد أن لكزه بخفة دون أن تنتبه إليهما لمياء – اعذريني مضطر أن اذهب فلدي بعض من الأعمال العالقة .
ابتسمت و ردت بخفر : اعتذر عن ازعاج سيادتك .
ابتسم وائل وهو يخطو إلى ما ورائها فلا تستطع أن تراه يغمز لأخيه بعينه في شقاوة لم تخبو بمر الزمن : لا يوجد ازعاج ولا أي شيء ، ثم سيادتك لم تزعجينني أخي هو المزعج ، لنا الله.
تمتمت بعفوية خافتة : أبدًا أحمد ليس ..
صمتت فكتم وائل ضحكته قبل أن يشير لأخيه برأسه غامزًا ثانية : حسنًا بعد اذنكما ، البيت بيتكما بالطبع يا أحمد .
رمقه أحمد بيأس إلى أن اغلق الباب من خلفه ليعود بنظره إليها يتأمل ملابسها المحتشمة وشاح رأسها وجهها المحتقن خجلا وتوترها البادي بفركها لكفيها ليهمس بجدية : هلا جلسنا أم سنظل واقفين هكذا ؟!
رفت برموشها كثيرًا قبل أن تستجيب دون أن تتحدث فينتظرها بصبر ليخطو إليها ويجلس بجوارها تاركًا مسافة فاصلة بينهما فيكح بحرج هامسًا بجدية : أنا اعتذر يا لميا .
كتمت شهقة بكاء غادرة كادت أن تنفلت من بين شفتيها ليتبع بهدوء – ولا امتلك اعذار وافية ولا كافية أقدمها لك حتى ارضيك أو اصالحك ، أنا اخطأت ومعترف بخطأي و أقر به ولكن ولأول مرة بحياتي كلها لا أعرف سبيل لتصليح الخطأ أو حلًا لتدارك فعلتي .
قبضت كفيها وهي تشعر بروحها تنحر ببطء ليكمل هو بوضوح : أنت لم تخطأي بشيء ، بل كنت صادقة في كل ما فعلته معي تحملتني وكنت نعم الزوجة أما أنا ..
صمت لوهلة قبل أن يتابع باختناق أغلق حلقه – أنا أحيا بصراع قوي يغمرني .. يغرقني .. ويكبل قوتي فأغدو واهنًا .. ضعيفًا .. هشًا فلا أقوى على الطفو أو العوم ،
رفع عيناه لينظر إليها هامسًا باختناق : كل ما أقوى على فعله الآن أن اترك نفسي هائمًا لتيار قوي يجرفني ، إما أن اغرق أو أصل سالمًا .
تساقطت دموعها لتمسحه بكفها في صلابة اثارت اهتمامه لتهمس بضيق : وأين أنا من كل هذا يا أحمد ؟! عبس بعدم فهم لتتابع بجدية – ألم تفكر يومًا أن تطلب مساعدتي فأتشبث بك و احارب معك بدلًا من أن أكون احارب ضدك دون دراية مني .
ومضت عيناه بترقب واعجاب خفي لم يستطع أن يمنع نفسه عن الشعور به لتكمل وهي تحتضن كفه القريب منها : أنا بجوارك يا أحمد .. معك ، واجبي نحوك مساعدتك حتى إن لم تطلبها فقط لا تعتزل عني لا تبتعد ، أخبرني و أنا سأتفهم ولكن قبل كل هذا ..
صمتت لتسحب نفسًا عميقًا قبل أن تهمس محشرج مختنق – فقط أريد أن أعرف هل تريدني معك أم لا ؟! لأني لا أقوى على المحاربة ضدك أو جوارك وأنت لا ترغب في وجودي .
ابتسم مرغمًا ليهمس بجدية : أتعلمين غضبت كثيرًا حينما عدت إلى البيت ولم أجدك ، وتألمت كثيرًا حينما عاتبني مازن لأنني السبب في رحيلك ، وأتيت وأنا حزين وغاضب ولكنك حينما دخلت من هذا الباب ولم ترفضين مقابلتي ولم تتعنتين معي شعرت بأن كل ما أريده أن أبوح إليك بم يثقل كاهلي ، لا أنكر أني اتيت لأعيدك لأجل مازن ولكن حينما رأيتك شعرت بأني الآخر احتاج إلى وجودك يا لميا ،
تمتمت بجدية : سأعود معك لأجلك و لأجل مازن ، لتتبع بهدوء وهي تتحاشى النظر له – ولتعلم أني لا أثقل عليك أبدًا لن تشعر بوجودي أبدًا .
عبس بعدم فهم قليلًا قبل أن يدرك مقصدها فيغمغم باختناق : لم تثقلي علي يومًا ، بل أنا من أثقل عليك كثيرًا يا لمياء .
ابتسمت وعيناها تنبض بألم لتهمس بجدية : لست ضائقة واجبي كزوجتك أن أتحمل .
اطبق فكيه وهو يشعر بأنه لا يقوى على التنفس فهمس وهو ينهض واقفًا : حسنًا سأمر عليك غدًا لنعود إلى البيت .
هتفت بدهشة : لن نعود الليلة ؟!
رف بعينيه ليسألها بتعجب : تريدين العودة الليلة ، ظننتك سترفضين .
هزت كتفيها بعدم معرفة ليتابع – بالطبع إذا أردت سنفعل .
ابتسمت بحرج : حور تبكي وترفض النوم وكلما طلبت منها أن تغفو ولو قليلًا تخبرني أنها تنتظرك فأنت حتمًا ستأتي ، اتبعت بزفرة قوية – لم أكن أعلم من أين أتت بهذا اليقين ولكن من الواضح أنها كانت محقة .
ضحك بخفة ليهمس بصدق : حقًا أنا اشتقت إليها ، حسنًا سأخبر مازن ليستعد ويعيدنا للبيت .
هتفت بجدية سائلة : هل مازن من أتى بكما ؟!
أومأ بالإيجاب لترفض بوضوح – إذًا سننتظر للصباح ، فليس من الجيد أن يقود السيارة ثانيةً في هذا الليل والطريق الطويل ، لابد أن يرتاح .
رمقها مليًا وحديث ولده يُعاد برأسه فيسألها بهدوء : ماذا سيحدث له ؟!
تمتمت سريعًا : بعد الشر عنه لن يحدث له شيء بإذن الله ولكن هذا كثير ، اذهب أنت وعد وسأعود أنا وحور بمفردنا في الغد .
رفع حاجباه بصدمة ليهمس بمرح تملكه فجأة : إذًا أنا أعود بمفردي هذا الطريق الطويل في هذا الليل ولا تخشي علي ولكن تخشين على مازن .
تلعثمت و وجنتاها تتوردان : لم أقصد هذا .
سألها بهدوء : ماذا تقصدين إذًا ؟! عضت شفتها بضيق من نفسها فنظر إليها بتساؤل ليكمل – إذًا ليس مرحب بي أيضًا أن اقضي ليلتي معكم .
شهقت بقوة لتهمهم : بالطبع لا إنه بيتك .. بيت عائلتك ، وهل أملك أن أدعوك لما هو ملك لك في الأساس .
هز رأسه ليشاكسها بتعمد : للأسف تملكين ، نظرت إليه بعدم فهم فيعاتبها بجدية – لأن أخي الكبير يصر أنك تملكين القرار يا لمياء هانم .
تمتمت سريعًا شارحة : لم أكن أريد أن ات إلى هنا ولكن مازن ..
قاطعها وهو يصر على أسنانه : مازن باشا ، ماذا افعل به ؟! هل اتخلص منه وارتاح ؟!
شهقة عالية صدرت منها دون وعي لتهتف حنق : بعد الشر عليه .
لم يتمالك نفسه ليقهقه ضاحكاً وعيناه تدمع بعفوية قبل أن يقترب منها ببطء فيتصلب جسدها بردة فعل تلقائية ازالها حينما قبل قمة رأسها هامسًا : أنا آسف يا لميا ، اعتذر منك على كل شيء .
تمتمت بحياء لون ملامحها وهي تبتعد للخلف قليلًا : لست غاضبة ، يكفي مجيئك إلى هنا وحديثك معي .
ابتسم بامتنان لمع بعينيه ليهمس بجدية أمرًا : سنعود إلى البيت فأنا لن احتمل مشاكسة وائل صباحًا وليس من اللائق أن ألكمه بعد هذا العمر وأنا الذي لم افعلها من قبل ، اتبع وهو يشير إليها أن تتحرك معه للخارج – وتعلمين أنه الآن وزير وسينتقم مني أشد الانتقام .
ضحكت برقة لتتعلق عيناه بملامحها الجميلة وابتسامتها النقية ليبتسم بوجهها : هيا أخبري حور وأنا سأطلب من فاطمة أن يوصلنا أحد السائقين .
وهو يكمل متعمد مشاكستها : فنحن نخشى على مازن باشا حتى – بعد الشر عليه – لا يحدث له شيء .
تمتمت بعفوية – وهي تخطو بعيدًا عنه - علقت بذهنه على الفور : بارك الله في ابني وحفظه .
تابعها بعينيه ليختنق حلقه أكثر عن ذي قبل ليندفع صاعدًا السلم بخطوات متتابعة ارهقته وأثارت تنفسه وهو يخطو نحو جناحه القديم يشعر بأنه يحتاج إلى أن ترشده .. تخبره عن حل لمعضلته .. تسكن روحه المبعثرة بين طيفها الغائب وحاضر يفرض نفسه عليه بكل قوته .
***
يتسحب بخطوات هادئة لا يسمع حسيسها ينظر من حوله حينما وصل إلى باب الغرفة الذي يعلم أنه محجوز بها كما وصلت له المعلومة ليقف موليًا ظهره إلى بابها يتلفت من حوله ثانيةً حتى يتأكد من كون أن لا أحد يدرك وجوده قبل أن يدلف إلى الداخل مشهرًا مسدس صغير مزود بكاتم صوت تلقائي ، ينظر من خلف نظارته ذات العدسات الحسية التي تدرك الحرارة الجسدية البشرية فيقترب من الفراش الجاثم عليه الآخر الذي لا يقوى على الحركة كما يعلم فيرفع مسدسه يوجهه لأول الفراش مصوبا على رأس المستلقي نائما لتنطلق رصاصته موجهه نحو الهدف الذي قفز فجأة ليركل المسدس من كفه فتطيش الرصاصة وتستقر بالحائط المقابل لتعود نفس ساقه وتركل وجه الملثم الذي اقتحم الغرفة فيسقط على وجهه متأوهًا بصوت مكتوم لتكتم أنفاسه ومسدس الهدف يوضع برأسه وصوت خشن يهدر فيه بحزم : ارفع كفيك في مستوى رأسك حتى اراهما ، ها قد وقعت أيها اللعين .
اطاع على الفور ليصفد من يستقر فوقه كفيه قبل أن يخلع لثامه من فوق وجهه ليعبس علاء بضيق ألم به وهو ينظر إلى ملامح آخر ليس هو من ينتظره فيزفر بقوة ويهمهم بخفوت معلنًا بغضب ومض بعينيه : ليس هو ، للأسف ليس هو !!
***
لكمة قوية سددت لفمه ليهمس حسن من بين فكيه : تحدث .
تمتم الآخر بوهن : لقد أخبرتك بكل ما عندي حتى الرسالة التي حملت بها أخبرتك إياها .
مط حسن شفتيه مفكرًا فيردد الآخر بآليه و كأن عقله لا يحتوي على أي شيء آخر سوى هذه الرسالة : الذئب يبلغك تحياته ويخبرك أن ليس كل مرة تسلم الجرة كما تقولون هنا ، هذه المرة كانت لاثارة الفزع المرة القادمة ستكون صادمة .
ابتسامة ساخرة زينت ثغر حسن ليهمهم باستهزاء : وينظم الحديث أيضًا ابن ال ..
صمت منهيًا حديثه ليكمل الآخر بإنهاك : ويحذر أسدكم الغاضب أنه لابد ان يخشى على أشباله فإن انتقامه قريب وشديد.
رمقه حسن مليًا ليلكمه لكمة أخرى قبل أن يشير إلى الرجلين الواقفين من حوله : اعرضوه على الطبيب .
نفذا على الفور ليغادر الغرفة من باب آخر فينظر لأحمد بنفاذ صبر قبل أن يشير باستهجان لعلاء : ما الذي يفعله هنا ؟! رمقه أحمد بغضب ليرمقه علاء بعتاب فيتبع بصلف - لا تنظر لي هكذا ليس من حقه حضور التحقيقات يا علاء بك أم لأنه صهر الوزير وابن أخو صديق سعادة المستشار فيستثنى رغمًا عن انوفنا .
زمجر أحمد بعدم رضا وهم علاء بإجابته ليصدح صوت أمير رخيمًا مخيمًا عليهم : ذكرني المرة القادمة يا علاء بك أن نكسر انفه الافطس حتى يعتدل في حديثه الذي يتطاير كشظايا المدفع سريع الطلقات . وقفا الاثنان باعتدال ليمنحا أمير التحية بينما كتم احمد ابتسامته ليشير إليهما أمير بكفه أن يستريحا وهو يتابع - ما باله ابن أخو صديق سعادة المستشار يا حسن بك ؟! أليس مشارك معك بالقضية أم ماذا ؟!
هتف بجدية وهو يرفع رأسه بشموخ : مدنيًا يا فندم ولا ..
رمقه أمير بطرف عينه فابتلع بقية حديثه ليهمس أمير: نعم معك حق هو مدنيًا وليس مخول له التواجد هنا ولكن أحمد بك استثناء وليس لأنه صهر الوزير أو ابن صديقي بل لأنه عنصر أساسي في إيقاع المجرم الذي ندور من حولنا منذ سنوات للإيقاع به ، فهو حتى إن غادر سيعود لأجل أحمد و لأجل أن ينتقم منه.
انتقض أحمد ليردد بصدمة : غادر ؟! هل غادر بالفعل يا عماه ؟!
ردد حسن باستنكار : عماه ؟!!
لكزه علاء القريب منه ليصمت بينما تضرج وجه أحمد بالأحمر القاني في حرج ألم به ليزفر أمير بقوة قبل أن يجيب : ما ورد إلينا أنه غادر اليوم فجرًا .
تمتم علاء : إنه نفس التوقيت الذي حاول فيه اغتيال عبد الرحمن للمرة الثانية .
أومأ امير برأسه موافقًا ليسأل أحمد باختناق : ولكن كيف تركتموه يغادر يا سعادة المستشار ؟!
أجاب أمير بضيق تحكم فيه : لقد غافل الرقابة كعادته ،
صمت مهيب خيم عليهم ليهتف حسن بتركيز : لا اعتقد أنه غادر يا سيدي ، إنها إحدى العابه ، رفع أمير حاجبه ونظراته الوامضة بالفخر موجه لحسن الذي اتبع - نستطيع أن نتأكد من رجالنا هناك .
ابتسامة ماكرة زينت ثغر أمير ليؤثر الصمت وينهض واقفًا هامسًا بهدوء : ركز في حماية عبد الرحمن يا حسن و خاصةً بعرس أخيه .
سأل أحمد باستهجان : عرس ، هل سيقام العرس يا عمي ؟!
أومأ أمير برأسه : ستسير حياتكم بشكل طبيعي و خاصةً أن عبد الرحمن حمدًا لله بخير ثم إننا لا نريد إثارة شكوك مراقبينه المنثورين حولكم لذا تعاملوا بطبيعية ، اتبع بدعم - وخاصةً أن من يأمنكم حسن بك بنفسه .
القاها وهو يرتب على كتف حسن بفخر ويكمل : ولا ننسى دور علاء بك في إنقاذ عبد الرحمن.
ابتسم علاء في حين ظل وجه حسن على تجهمه فيتمالك أمير ضحكته ليشاكسه متعمدًا : لا بأس أن تبتسم يا حسن .
تمتم حسن بتعجب : لا أرى ما يثير الابتسام .
ضحكات أحمد وعلاء المكتومة أثارت ضيقه فهتف أمير بيأس : معك حق ، استكملا عملكما ،
اتبع وهو يغادر : تعال يا أحمد معي ، فأنت ستعود بأخيك للبيت ، تصرفوا بطبيعية وكأن شيئًا لم يكن .
أومأ أحمد بطاعة وهو يسير برفقة أمير ليغادرا سويا قبل أن يهتف علاء بغيظ : يا الله منك توقف عن غلاظتك قليلًا .
تحرك حسن بخشونة وهو يغادر بدوره : لا شأن لك اطلب منهم أن يأتوا بتلك السيرين فأنا أريدها .
تمتم علاء بغيظ : أمرك يا فندم.
***
تخطو بخطوات متتابعة يسهلها عليها حذائها الارضي والذي ارتدته اليوم يناسب ملابسها غير الرسمية ، تريد أن تلحق به قبل أن يدخل إلى محاضرته الصباحية ، لم تذق طعم للنوم الليلة الماضية لتقرر حينما انبلج الصباح أنها ستأتي إليه ، فهو يستحق أن تصبو لرضاه تعتذر منه عن سوء ظنها به وخذلانها إليه ، ذاك الخذلان الذي استقر بعمق زرقاويتيه فطاردها طوال ليلتها .. عاتبها وألم قلبها ، توقفت أمام مكتبه ذو الباب المفتوح لتنظر إليه خاليًا دون أثر منه، فيكسو الحزن ملامحها ويتهدلان كتفيها بعدم أمل نبض بعينيها الدامعتين لتنتبه إلى أحد العمال يدعوها أن تنتحي عن الباب ليقوى على الدخول لتنظيف المكتب فتسأله بصوت محشرج : ألم يصل دكتور عمر ؟!
تمتم الرجل بجدية : بل وصل ، اختنقت بضيق وهي تعي أنها لم تلحق به ليكمل الرجل وهو يبدأ في عمله – ولكنه بمكتب العميد من أجل التحقيق .
عبست حبيبة بعدم فهم لتسأله باهتمام :تحقيق ، أي تحقيق ؟!
اجابها الرجل بفرحة لم يستطع كتمانها : ألا تعرفي يا بنيتي ؟! الجامعة من البارحة تتحدث عن فصل تلك الفتاة – استغفر الله العظيم يارب ، حفظ الله بناتنا وبارك فيهم نتيجة ما فعله عمر بك،
تحدث الرجل بفخر أبوي : طوال عمري أحبه لله في لله ، إنه رجل من ظهر رجل ، بل إنه ارجل من كثيرين أعرفهم لا يملكون ملامحه الاجنبية .
ضحكت حبيبة مرغمة لتسأله بحماس : لم تخبرني ماذا فعل ؟!
هم الرجل بالحديث ليصمت وصوت عمر يصدح من خلفها : لم يفعل شيئًا .
خيم الذنب فوق رأسها لتدور على عقبيها تنظر إليه برجاء اعتلى ملامحها فتحاشى هو النظر إليها ليهتف بجدية : ألم أخبرك من قبل يا أبا رزق أن تتوقف عن الثرثرة .
هتف أبا رزق : وهل أنا الوحيد من يثرثر يا بك ، أنت من البارحة حديث الجامعة بأكملها ، بارك الله فيك ومنحك ما تريد وترتضي يارب .
تمتم عمر من بين أسنانه وهو أخيرًا ينظر إليها بعتاب قوي اجفلها : ما أريده وارتضيه يشكك بي بعد كل هذا الوقت .
اجابت سريعًا وابتسامتها الطفولية تتناثر فوق ملامحها : أبدًا والله ، بل لم أصدق أبدًا ، نظر إليها مستنكرًا فاتبعت على الفور – والدليل أني تبعتك للمشفى يا حضرة الافوكاتو .
زم شفتيه ليهمس بجدية : أنا غاضب .
هزت كتفها بشقاوة متعمدة وهي تدرك تأثير حركتها عليه لتبتسم بمرح حينما ومضت عيناه ببريق ازرق غني فتهمس : وأنا اتيت لأصالحك .
زفر أنفاسه ببطء ليكز على شفته السفلية بتوق : إذا صالحتني هنا كما أريد وارتضي سأفصل من هيئة التدريس بفضيحة اخلاقية .
شهقت بخجل لتضرب ساعده برقة : عمر تأدب .
سحب نفسًا عميقًا ليهمس بجدية : حسنا سأفعل الاسبوعان مضا منهما يومان وأنا احسبهم بالدقيقة يا حبيبة هانم .
تضرج وجهها بحمرة قانية لتهتف به : هل ستذهب لمحاضرتك انتظرك بالمكتبة ؟!
سألها بترقب : لماذا ستنتظرينني ؟!
اجابت بسرعة : لأذهب معك لعبد الرحمن ، ألن يعود للبيت اليوم ؟!
أومأ برأسه موافقًا لتتابع بطبيعية اجادت افتعالها وهي تهز كتفها دون وعي – وفكرت أن ألبي طلبك المتكرر لي بأن أرى غرفتك بم أني سأكون بمنزلكم .
قبض على مرفقها ليقربها منه هامسًا بتوعد : أتعلمين يا حبيبة سأعض كتفك هذا الى أن اترك لك علامة لن تنمحي .
كتمت ضحكتها لتهمس إليه : أبا رزق يرانا وسيثرثر للجامعة بأكملها عنك ، ابتسم مرغمًا لتتابع برقة وهي تنظر لعينيه باعتذار – هاك أنا اصالحك يا عمر بك .
أومأ برأسه متفهمًا ليدفعها معه وهو يخطو للخارج فتشير إليه : محاضرتك .
تمتم بجدية وهو ينظر إلى هاتفه : اعتذرت عنها لأجل عودة عبد الرحمن ، هيا سنذهب إلى المنزل فأحمد من سيعيده .
***
يرف بعينيه كثيرًا يحاول أن يستفيق من أثر الدواء الذي حقنوه به كمسكن للألم وليجبره على النوم فهو كان يعاني من الأرق مع ألم مبرح بسبب الحادث الذي تعرض إليه ، يتنهد بقوة وهو يشعر بكدة ساقه تؤلمه بقوة حينما شد جسده ليتأوه بخفوت وهو يرخي عضلات جسده من جديد ، رفع ذراعه بتلقائية ليبحث عن جهاز الاستدعاء فينتبه إلى صوتها الابح يصدح من جواره عندما همست : صباح الخير ، هل استيقظت ؟!
أدار رأسه ينظر إليها بصدمة غير مصدقًا وجودها ليرفع ذراعه السليمة يحركها ببطء أمام وجهها : أنت هنا حقًا ؟!
ابتسمت فومضت غمازتها القوية ودمعت عيناها بتلقائية ليهمس بصوت أجش غير مستوعبًا لوجودها : رقية .
اقتربت منه مرغمة لتحتضن كفه المرفوع تؤكد إليه أنها هنا .. معه .. بجواره فيقبض عليه وكأنه غريق وجد أخيرًا ما يتعلق به ليهتف بحبور وهو يجذبها قريبًا منه فتقترب بجسدها وتحرك الكرسي الجالسة عليه قليلًا نحو فراشه : يا الله لم اتمنى شيئًا البارحة إلا أني استيقظ على رؤية وجهك وأن اطمئن عليك .
مالت بوجهها لتلثم باطن كفه بعفوية : كدت أن أموت خوفًا عليك يا عبد الرحمن .
لامس وجنتها برقة ليحتضن وجهها باحتواء : أنا بخير يا روح عبد الرحمن ، طالما أنت بخير.
بكت بصمت لتهمس : أخبرني عم حدث ، اهتزت حدقتيه برفض فتوسلت له وهي تضغط على كفه بجدية – أريد أن اعرف يا عبد الرحمن.
هز رأسه رافضًا : ما يهم اني بخير الان .
نظرت إليه بتوسل فهمهم مختنقًا : إنه حادث سيارة ولو كنت منتبه لهما لكنت فلت كالمرة الماضية ولكني ..
صمت ليكمل ببسمة رائقة – ولكن كما يقول هذا الغليظ المدعو بحسن كنت هائم على وجهي اخطط لعقد القران وطائر بين السحاب .
لم تبتسم لتغمغم باختناق : إذًا أنا السبب .
تمسك بكفها في قوة : إياك يا رقية ، نظرت إليه فأكمل بجدية أمرة – إياك أن تفكري بهذه الطريقة ، ويكفي ما اعانيه من ألم جسماني فلا تؤلمي روحي وتزهقيها بتفكير ليس سليمًا ولا يمت للواقع بصلة .
تمتمت سريعًا : سلامة قلبك يا عبده .
تمتم بمشاكسة : أموت أنا في تلك العبده الصادحة من بين ثغرك الذي أصبح يداعب أروقة منامي دومًا ، اتبع ببهجة تملكت روحه لوجودها – ألا استطيع أن اقبلك باعتبار ما سيكون ثم استغفر الله كثيرًا بعدها .
ضحكت برقة لتهمس بعتاب لم ينطلي عليه : توقف يا عبد الرحمن .
تمتم بخفوت وشقاوة ومضت بعينيه : سيهلك عبد الرحمن شوقًا وسيموت حبًا .
تمتمت بضيق : توقف من فضلك ، لا تأت بهذه السيرة أبدًا .
ابتسم برقة ليسألها بمرح : أنت هنا معي بغرفتي ؟! أين دكتور محمود عنك ؟! وكيف سمحوا لك بالدخول من الأساس .
رمشت كثيرًا والحرج يغمرها لتهمس بخفوت : بابا لا يعرف ، لقد أتيت دون أن أخبره ، زمت شفتيها بضيق لتتبع – لأول مرة بحياتي افعل شيء لا أخبره عنه أو على أقل تقدير أن أخبر ماما ، ولكني لم اقوى على الصبر والانتظار فنهضت باكرًا وخرجت دون أن التقي أحدًا منهما .
ابتسم بعشق تفجر ينابيعه بعينيه لتكمل بمشاغبة : أما من بالخارج اقنعتهم بأني طبيبتك الصباحية وسأظل بجوارك حرصًا على سلامتك .
كتم ضحكته ليهمس بمشاكسة : من الجيد أنه أنت ولا أحد يحاول أن يقتلني من جديد ،
تمتمت سريعًا : بعد الشر عنك ، اتبعت شارحة – لقد توترا إلى أن أشار لهم شاب لم اتبين ملامحه فسمحوا لي بالدخول .
أومأ برأسه متفهمًا ليتمتم : جيد أنهم تركوك تدلفين إلي ، اتبع بصدق – اشتقت إليك .
تورد وجهها قبل أن تكح بحرج ثم تنهض واقفة : إذًا سأنصرف أنا ، فلابد أن أعود وأخبر والدي عم فعلت ،
تمتم سريعًا وهو يحاول أن ينهض ليتمسك ببقائها : لن تأتي ثانيةً .
شاكسته بملامحها وابتسامتها تتسع فتومض غمازتيها : بل سأزورك بالبيت ليلًا إن شاء الله .
تمتم بتنهيدة حارقة : سأنتظرك .
همت بالخروج ليفتح الباب ويطل منه أحمد بجسده الفارع : هيا يا بطل لنعد للمنزل .
اجفلت وتراجعت للخلف لينظر إليها أحمد بمفاجأة ثم ينقل نظره لأخيه الراقد بالفراش فيبتسم بشقاوة ويهتف بمرح : أوه آسف لم أعلم أنك هنا يا رقية .
عاد بخطواته وهو يكمل – حسنا سأخرج و آت بعد قليل .
أشار إليه عبد الرحمن برفض لتهمس هي بتلعثم : لا كنت سأغادر على أي حال ، اتبعت وهي تدير رأسها لعبد الرحمن – أراك قريبًا .
أشار إليها برأسه موافقة متمتمًا بإذن الله .
غادرت بسرعة لينظر أحمد في اثرها قليلًا ثم يغلق الباب ويستدير لأخيه هاتفًا بعدم تصديق : أنت يا ولد مربكًا ومبهرًا حقًا .
ضحك عبد الرحمن فأشرقت ملامحه ليتابع أحمد – هاك ضحكت يا ابن الخواجة ،
اتبع غامزًا وهو يقترب منه : هل اطمئن قلبك ؟!
أومأ عبد الرحمن برأسه هامسًا بصوت تهدج من وطأة مشاعره : الحمد لله .
اتسعت ابتسامة أحمد ليشير إليه وهو يستدعي الممرضات : حسنا هيا بنا لنعود إلى أمك فيطمئن قلبها بوجودك وتسعد برؤية محياك الجميل .
***
يستلقى مضطجعًا بفراشه يسند راسه للخلف ينظر إلى الأمام بشرود يخيم عليه وعقله يلح عليه بالتفكير في أمرهما ، فما يخبره به حدسه لا يروق له ، تنفس بعمق وهو المتجهم من الصباح ضائق من ابتعادها وهي التي نأت عنه بذنب اثقل كاهليها حتى إن لم تخبره فهو يشعر بها أكثر من نفسها ، فهي غاضبة من نفسها أنها لم تمنحه الليلة الماضية ما أراد وسعى إليه فنهضت من نومها لترتدي كنزة صوفية واسعة هاتفه بأنها تشعر بالبرد وتبتعد عنه تعتكف بالمطبخ تعد شيء لا يدرك ماهيته للآن بعدما تناولت القليل من الطعام على طاولة افطار لم يذقه أحدًا منهما تنهد بقوة وهو يتذكر الليلة الماضية .. يتذكر حرصه الشديد معها و مراعاته لخجلها ، شوقه الذي غمرها به وتوقه إليها الذي تمهل فيه على قدر ما استطاع ليصدم أخيرًا بنفس رد الفعل الذي يكاد أن يجن بسببه ، فتصلبها بعد استجابتها يثير ضيقه .. ارتعادها بعد استسلامها يثير غضبه .. و نحيب بكائها بعد زفراتها باسمه يثير تفكيره فيم يحدث معها يجعلها تخافه بهذا الشكل ، يزم شفتيه وهو يفكر هل ألمها .. اخافها .. أثقل عليها بأول ليلة لهما معًا فأخفق بهذا الشكل المسيء لعقله وقلبه وجسده .
يغمض عينيه وهو يتذكر بكائها الليلة الماضية الذي انتهى بصدره أيضًا ككل مرة يقربها فيها لينتبه للمرة الاولى أن الأمر بينهما ليس كما يشعر بل إن هناك ما يمنعه عنها هناك ما يصد اقترابه فيجعلها تتشنج وترفض بدروها وتنتحب حينما يؤلمها !!
ومض الادراك بعينيه لينتبه أخيرًا أنها تكون بخير إلى أن يهم بوصالها فيتشنج جسدها رافضًا ثم تنتحب بألم شعره البارحة بقوة ، فعيناها الباكية كانت تشي بمدى ألمها ، اختنق حلقه بضيق من نفسه أنه لم ينتبه من قبل لم يحدث معها ليترقب باب غرفة الملابس المغلق عليها منذ أن ابلغها بمجيء عاصم لزيارتهما ليلتقط هاتفه من جواره وهو يفكر أنه يريد البحث والتقصي عم يحدث معها لعله يصل لأمر لا يدركه ، فيرن هاتفه بيده معلنًا عن وصول عاصم فينهض واقفًا مناديًا عليها بعد أن دق الباب دقتين : عاصم أتى يا جنى .
هتفت من الداخل : ها قد انتهيت .
اتبعت قولها بأن فتحت غرفة الملابس لتطل عليه من الداخل فبهت فجأة وهي تخرج أمامه بهذا الفستان الذي أدار عيناه عليها بتمهل من أخمص قدميها في حذاء من المخمل الأسود أرضي فلا يزد من طولها ساقيها مخفيتان خلف تنورة الفستان المتسعة من الأسفل قليلا لتضيق التنورة من عند ردفيها لتجسد مفاتنها .. وتضيق فتظهر رشاقة قدها وتفصل جذعها بتلك الكشكشة التي زينت إحدى جانبي فستانها وأظهرت تلك الطباعة على شكل ورقة شجر باللون الأسود الذي تضاد مع اللون الاحمر القاني فأظهره . مغلق عند عظمتي الترقوة ولكنه دون أكمام فيظهر لون بشرتها القشدي الذي عكس لونه الاحمر على ذراعيها فاحمرتا ليشعر بمذاق عصير الفراولة ممزوجًا بالحليب كما كانت تعده والدته متدفقًا في حلقه فيشتهي مذاقها
همس بصوت أبح رافضًا أمراً دون جدال : لن تخرجي هكذا ، لن يراك أحدًا غيري بذاك الفستان أبدًا ، اتبع وهو يحافظ على ثباته مذكرًا نفسه بأنه ينتظر زيارة ابن عمها - ابدلي الفستان حالًا يا جنى .
صدمت وشحبت ملامحها لتنظر إليه باستفهام وتعجب مهمهمه : ولكنه ليس أحد ، اتبعت بعفوية - إنه عاصم .
لوى ثغره بضيق وهو يستمع إليها تكمل حديثها وهي تلملم خصلاتها على أحد كتفيها : أخي .
نطق ببرود وهو يتطلع إليها من خلال المرآة : اها نعم أعلم أخوك الصغير .
جف حلقها لترمش بعينيها قبل أن تغمغم بعتاب : توقف عن غلاظتك .
ارتفعا حاجباه ليسأل بصدمة افتعلها : أنا غليظ .
ابتسمت برقة لتعود إليه هاتفه بدلال لم تتعمده : لا تتعنت معي يا أسعد .
رفع حاجبه ليهمس من بين أسنانه : بل سأفعل ، حينما ترتدين هكذا لأجل زيارة ابن عمك وتجلسين معي بالجينز و تلك الكنزة الضخمة سأفعل .
بللت شفتيها لتهمس بتلعثم : كنت أشعر بالبرد .
ضيق عينيه ليجيبها متهكمًا : لدينا نظام تدفئه مركزي يا دكتورة ، ثم أخبرتك من قبل دعيني ادفئك أنت من رفضت .
ابتسمت و وجنتاها تتوردان : حسنًا لن أرفض ثانيةً .
اسبل جفنيه ليغمغم بهدوء أمر : سأنتظرك بالخارج بعدما تبدلين الفستان للكنزة الواسعة والجينز الذي كنت ترتدينه
شهقت بصدمة قبل أن يتابع هامسًا بنبرة ماكرة وابتسامة شقية لم تعتاد عليها بعد : حينما يرحل عاصم ارتديه ثانيةً ولكن لأجلي .. اقترب منها ثانيةً ليهمس وهو يحتضن وجهها بكفيه ناويًا تقبيلها - لأجلي أنا فقط .
رن جرس الباب بدوي اجفلها فلوى شفتيه بضيق قبل أن يقبلها قبلة خاطفة سريعة هاتفًا بحنق : سامحك الله يا عاصم ، أشار إليها وهو يبتعد – لا تخرجي هكذا .
ابتسمت مرغمة لتنكسر ابتسامتها ويلمع الحزن بعينيها وهي تراقب مغادرته عن الغرفة لتنظر إلى نفسها بالمرآة تسألها عم يحدث معها تلومها بتقصيرها معه ويختنق حلقها بذنبها فتعود إلى الغرفة تطيع أمره وهي تشعر بأن كل ما سيطلبه ستفعله فيكفي أنها لا تلبي له رغبته .
***
تضحك برقة على مشاكسة عاصم له فيتوعده أسعد الجالس بجوارها يحيطها بذراعه المفرود على مسند الأريكة فتشعر بأنه يحاوطها بحمايته ليهتف عاصم بمزاح : تحملني قليلًا يا رجل اليوم فهاك أنا اترك لك البلد وراحل .
تمتمت سريعًا : تعود سالمًا بإذن الله .
ابتسم عاصم بوجهها لينهض واقفا : سلمك الله يا أختاه ، اتبع وهو يمازح أسعد – سأسافر ألا يحق لي أن اضمها قبل أن ارحل .
زمجر أسعد الذي وقف بدوره رافضًا فتتسع ابتسامة عاصم الذي اتبع بشقاوة – حسنًا سأضمك أنت وأنت ضمها بدلًا عني .
ضحكت مرغمة ليدفعه أسعد بخشونة : ارحل يا عاصم سأضمها أنا دون رسالتك .
قهقه عاصم لينظر إليه أسعد متسائلًا فيسبل عاصم عينيه ليهتف أخيرًا : سأنصرف مبارك عليكما واتمنى أن هديتي تعجبكما .
تمتم أسعد بلباقة : لم يكن لها داع فزيارتك كافية .
تمتمت جنى وهي تنهض معهما : بالمناسبة يا عاصم أين نوران ولماذا اتيت بمفردك ؟!
رجف فكه دون وعي منه ليجيب بثبات : ستأتي إليكم مع العائلة بالتأكيد
تبادلت النظرات مع أسعد الذي عبس بعدم فهم لتهتف سريعًا باعتراض : حسنًا ابقى فأنفأ لن ترحل إلا بعدما تتناول الطعام معنا .
ارتفعا حاجباه بتعجب ليتمتم رافضًا : بالطبع لا ، هل هذا وقت امكث معكما واتناول الطعام ، هذا الطعام تناوليه أنت و زوجك بمفردكما أما أنا فلدي خمسون ألف شيء علي فعله قبل السفر .
زمت شفتيها برفض لترفع عيناها لأسعد طالبة عونه فيهتف أسعد بضحكة رائقة : لن ترحل يا ابن الخالة فجنى طلباتها أوامر.
ضحك عاصم بخفة ليسبل جفنيه مؤثرًا الصمت إلى أن تحركت جنى مبتعدة عنهما وهي تهتف بمرح : سأعد الطاولة على الفور .
تعلقت عيناه بها لينتبه إلى مشاكسة عاصم الماكرة وهو يلكزه بخفة : اذهب خلفها وأنا سأرحل.
عبس بضيق ليهتف بجدية : سأفعل واذهب لمساعدتها ولكن أنت لا ترحل ، اتبع أمراً وهو يشير بكفه إليه في حزم - ستتناول الطعام معنا فلا تغضب زوجتي يا باشمهندس.
ضحك عاصم بخفة ليشير إليه بكفيه هاتفًا : حسنًا سأفعل ، فقط اذهب لها الآن .
اختفى أسعد من أمام عينيه ليرن هاتفه الصامت منذ البارحة عن تلك النغمة التي خصصها لها مختلفة عن باقي رنين هاتفه فيجيبها حتى إن كان مشغولًا فيتطلع لصورتها بنظراتها المغوية بفطرتها فيجيب دون أن يملك خيار الرفض ، أتاه صوتها الأبح : مرحبًا يا عاصم ، كيف حالك؟!
كتم أنفاسه المتتابعه ليتحرك بخفة نحو شرفة الغرفة التي استقبله بها أسعد ليجيب بهدوء : بخير والحمد لله .
صمتت فصمت بدوره لتهمس برجاء وصله جيدًا : أنا أريدك يا عاصم ، عدلت قولها سريعًا وهي تحاول السيطرة على بعثرتها - أريد الحديث معك .
زم شفتيه بهدوء ليهمس بصوت أجش وهو يرتكن بجسده على الشرفة : تحدثي أنا كلي آذان مصغية .
تمتمت سريعًا : أريد رؤيتك .
أجاب سريعًا : آت إليك إذًا ؟!
توترت فشعر بها ليتابع بهدوء - أو إذا أردت أن تتحدثي بالهاتف لا يهم ،
كتم زفرة حشرت بمجرى تنفسه - فقط تحدثي .
عم الصمت عليهما قليلًا قبل أن تسأل بعنفوان : هل تثق بي يا عاصم ؟!
لم يفكر بل أجاب على الفور : بالطبع ، لماذا تسألين ؟!
تمتمت وكأنها لم تستمع له : إذًا انت تثق بي بعقلي وبشخصيتي وب .. اغتص حلقها لتتبع - وبحبي لك .
أجاب يبثها أمان شعر بها تحتاجه : نعم اثق يا نوران وإلا ما منحتك اسمي يا زوجتي .
رف بعينيه ليتابع بيقين - فأنت زوجتي .
تنهدت بقوة لتهمس بثقة : فقط هذا ما أريدك أن تتذكره أني زوجتك التي تثق بها وتستأمنها على اسمك مالك وسمعتك .. زوجتك التي تحبك ولم تحب أحدًا غيرك .. زوجتك التي ستشتاق لك في غيبتك ، إذا أردت يا عاصم أن تمنح نفسك الفرصة وتعيد ترتيب أفكارك فها أنا أمنحها لك في غيبتك وستعد وقتما تعد لتجدني بانتظارك.
تنفس بعمق ليهمس : ما سبب كل هذا يا نوران ؟!
أجابته بهدوء ونبرة ثابتة تلاشى منها خوفها : سببه تعلمه جيدًا ، ودون الخوض في تفاصيل لا أريد الحديث فيها الآن ، فأنا انهيت حديثي وبالمناسبة لا انتظر ردًا منك فيكفيني ثقتك التي منحتها لي دون قيد أو شرط.
شعر باختناق يداعبه ليهمس بجدية : إذًا أنت مكتفية بثقتي ولا تريدين مني مساعدة أو مساندة ،
هتفت بوضوح : لا أنا قادرة على تصريف أموري بنفسي .
زمجر بغضب وغيرته تحضر قويا : إنها ليست امورك فإياك والزج بنفسك في شيء لا يخصك .
هدرت بقوة : إذًا يخص من ؟!
هدر مجابهًا وهو يشد جسده باعتدال : يخصني ، وحتى إن كان يخصك فكل ما يخصك يخصني أنت خاصتي بكل ما فيك ملكي .
عبس بضيق وهو يشعر بها تبتسم تلك الابتسامة الماكرة التي تلون ثغرها باغواء لا تدركه أو لعلها تفعل فابتسم متعمده أن تفقده ثباته أمامها لتهمس بخفوت : إذًا ابقى معي وصرف أموري بنفسك .
أجاب باقتضاب : لن أفعل ، لأني لن أقوى على البقاء ، ولكني أكثر من قادر على تصريف أمورنا سويًا حتى وإن كنت غائبًا ، أمري الوحيد لك والذي عليك طاعته أن تبتعدي عن كل ما يغضبني دون الخوض في تفاصيل لا أريد الحديث فيها الآن ، اطيعي ونفذي .
تمتمت على الفور : سأفعل لا تقلق ، ابتسم براحة زينت ملامحه لتتابع بهدوء - سأشتاق إليك ، ألن تمر علي ؟!
تنفس بقوة وهمس : لا لازلت غاضبًا منك ، ابتسمت مرغمة ليكمل - غاضب للغاية يا نوران .
صمتت قليلًا لتهمس بخفوت : حسنا لا داع لملاقاتك الآن سأنتظرك حينما تعود لأجل عرس عمر لتكن تخلصت من غضبك هذا .
تنهد بقوة ليهمس لها أمراً : احسني التصرف بغيابي .
تمتمت برقة : لا تقلق على صغيرتك .
همس بنبرة حملت لها شوقه وغضبه ممتزجان : سأشتاق إليك .
اجابته بزفرة واثقة : أنا أعلم ، اعتني بنفسك يا عاصم .
ألقتها بدلالها الطفولي فابتسم مرغمًا : كوني بخير لأجلي
***
اغلق الباب بعدما ودع ابن خالته الذي حاول أن يستفهم منه عن سبب غضبه المكتوم ولكن عاصم نجح في المراوغة ولم يخبره إلى أن ودعه على الباب بعد أن اوصاه بها و اجبره أن يعده بأن يهتم بها ويرعاها ، تنهد بقوة وهو يعود إليها فيعبس بضيق حقيقي عندما وجدها بالمطبخ تستعد لترتيب الفوضى التي حدثت بسبب الغذاء ، سألها بجدية وهو يقف بباب المطبخ الواسع يستند بكتفه إلى إطاره ويعقد ساعداه أمام صدره : ماذا تفعلين ؟!
أجابت بعفوية : سأوضب المطبخ .
تنهد بقوة وهمس باسمها أمرًا : جنى ، تعالي .
رفت بعينيها لتطيعه وهي تشعر بأن هناك أمر جلل لتقف أمامه فيجذبها من ساعديها هامسًا بجدية : هل رأيت عروس من قبل تقف بالمطبخ ثاني يوم زواجها ؟!
ارتبكت لتهمس : لا أدري ولكن من سيفعل إذ لم اكن أنا .
زفر بقوة وسحبها من خلفه للخارج : غدًا صباحًا ستأتي عاملة تفعل كل ما تريدينه لقد اتفقت مع مكتب للخادمات يخص المدينة ليرسل إلينا إحداهن موثوق بها ومعروفه وبالطبع امينة ستأتي يومًا بعد يوم بإذن الله .
تمتمت : ولكن ألن تتضايق منها ؟!
أشار برأسه نافيًا وهو يجلس فوق كرسي يخص بهو الاستقبال ليجلسها فوق ساقه : لا ستكون مثل خدمة تنظيف الغرف ولن أشعر بوجودها وأنت أيضًا إلا لو أردت أن تقفين فوق رأسها كما كانت تفعل ماما هذا أمر يخصك ولن أناقشك فيه .
ابتسمت برقة لتهمس وهي تتملص من حضنه لتنهض واقفة بحرج : سأفعل حينما لا تكن بالبيت .
أومأ برأسه موافقا ليشير إليها : حسنًا هيا اذهبي وبدلي ملابسك ولا تنسي اتفاقنا وأنا سأنتظرك هناك ، بعدما آت بعدة القهوة فأنا اشتقت لفنجان قهوة من بين كفيك.
هتفت سريعًا : سأتي بكل شيء لا تتعب نفسك .
قبض على ساعدها قبل أن تتحرك ليجذبها نحوه فشهقت بخفة وهي ترتطم بصدره ليهمس بجدية : اذهبي وبدلي ملابسك فلا ضرر أن آت بالأشياء أنا ، هيا اذهبي .
ازدردت لعابها وهي تلتقط شرار ذهبي يومض بمقلتيه فأومأت برأسها إيجابًا قبل أن يفلتها لتهرع بخطواتها للداخل تنفذ ما يريد وهي تتحكم في خوفها الذي بدأ في الزحف ليسيطر على حواسها .
عدلت زينتها واعادت تصفيف خصلاتها لتنظر لانعكاس وجهها في المرآة فتبتسم بثقة حاولت ان تبثها لأوردتها وهي تكرر على عقلها أنه أسعد وأن عليها ألا تخاف أو تتألم وهي معه ، ثم تخطو للخارج فيرفع رأسه سريعًا يلتقط وجودها قبل أن تطل عليه فتومض عيناه برضا وهو ينظر إليها مقبلة عليه بابتسامتها الرقيقة وزينتها الهادئة وفستانها الذي أشعله شوقًا منذ رويته الأولى لها.
أشار إليها بأن تأتي لتجاوره وهو يهتف بمرح : تخيلي أتيت بكل شيء يخص عدة القهوة واكدت على عادل مرارًا ونسيت أن آت بمقبس الشاحن لموقد القهوة .
نظرت إليه باهتمام لتهتف بصدمة وهي تستجب له فتجاوره جلوسًا : أوه ألا يوجد لدينا أي قابس حراري يشعلها .
مط شفتيه برفض وهو يزيح عدة القهوة بعيدًا عنهما : للأسف لا ، غدًا اتصل بعادل وأخبره ليأتي به .
تمتمت بجدية : حسنًا هاتها وانا أعدها لك على الموقد .
رمقها من بين رموشه ليهمس وهو يولي اهتمامه الكامل لها : ليس الآن .
توترت نظراتها رغمًا عنها وهي تشعر بذراعه الذي احتضن خصرها يقربها منه كفه الذي لامس جانبها البعيد وهو يهمس بخفوت مائلًا على وجنتها القريبة منه مقبلًا : أتدرين أني أحب ملمس المخمل ، اشعر بنعومته ترضيني.
توردت لتهمس بصوت أبح : لم اكن أدري .
شهقت بخفة حينما شعرت بكفه تملس على ظهرها برقة لمسات متتالية وهو يهمهم بجانب أذنها يقبلها قبلة طويلة شعرت بأنها تذيبها : أدركت مؤخرًا أنه ليس ناعمًا لهذه الدرجة المبهرة التي كنت اظنها .
رفعت عيناها بعدم فهم فسقطت داخل أسر شغف نظراتها فلم يدرك عقلها أن يده امتدت تفك سحاب فستانها ببطء لتستريح راحته فوق منتصف ظهرها العاري تداعب عمودها الفقري بلمسات متتالية وهو يهمهم أمام شفتيها المتفرجتين بلهاث خافت : اكتشفت أن هناك ما هو أنعم بكثير .
تمتمت باسمه من بين أنفاسه وهي ترفع كفيها بعفوية تتمسك بعرض ساعديه القويين : أسعد ماذا تفعل ؟!
توالت قبلاته فاغرقتها وهو يخلصها من فستانها ليهمس أخيرًا أمام شفتيها التي يستعد لالتهامها : سأفعل كل شيء دون أن اخيفك ، امنحيني الفرصة وأنا سأصل لترضية تشبعنا سويًا .
همهمت باسمه وهي تتشبث به فيحيطها بذراعيه يمنحها أمانًا لقسم على أن يكون موضع حصنها وهو يلجئ لمراوغة يحتاجها حتى لا يفقد اتزان أصبح بعيد المنال في قربها .
بعد كثير من الوقت استلقي إلى جوارها أنفاسه متلاحقة وجسده يرتخي ببعض من الاتخام ينتشر باوردته يتأمل ظهرها الأبيض من بين رموشه ويبتسم براحة بدأت تداعبه ليكتم ابتسامته حينما شعر بها تتمسك بحافة الغطاء الذي فاجئها بوجوده منذ قليل فيقلص خجلها الذي داهمها بعدما منحهما سعادة مراوغة تركتهما راضيان .. سعيدان .. هانئان ببعضهما دون أن يقحم خوفها أو ألمها في وقتهما الذي أراده لا ينتهي ولكنه لم يشأ أن يرهقها أو يفلت زمام أمره فيخيفها .
تتسع عيناها بصدمة لا تدرك سببها سوى ذاك الشعور الغريب الذي لم تجربه قبلًا ولم تدرك ما حدث في حينها ولكن الآن عقلها يحلل كل شيء فتغرق في خجلها والمفاجأة تتملكها فتدير إليه ظهرها لا تجرؤ على النظر نحوه وهي تستعيد أناتها باسمه .. شهقات توسلاتها وتمسكها بعضديه وهي تستمع بسخائه معها فتتمسك بالغطاء الملفوف حولهما وهي تشعر بلسعة برد تداعب حواف رقبتها حينما ابتعدت عنه فتحاول الحركة بخفة وهي تمد كفها تجاه فستانها الملقى بجوارهما ومتشابك مع ملابسه المرماة بعشوائية في تلك الجلسة العربية التي أصر على نومهما بها لتكتم شهقة كادت أن تنفلت من بين شفتيها حينما التف ذراعه حول خصرها العاري يقربها من صدره الدافئ هامسًا بصوت يشي بنعاس قوي يخيم عليه : نامي بقربي وأنت لن تشعري بالبرد .
تورد وجهها بعفوية لتهمس بخفوت : لا أريد النوم .
فيكبلها بأن أدارها له وألصقها بصدره هامسًا بعدما تثاءب : إذًا ظلي جواري إلى أن أغفو قليلًا فأنا لم انم منذ ليلتين كاملتين .
اخفضت رأسها و وجهها يحتقن بقوة فيقبل جبينها هامسا : لا يهمني شيء وأنت بجواري يا جنتي ، اتبع وهو يلصقها أكثر بصدره - بل يكفيني أنك هنا تحتلين أضلعي وتتوسدين صدري وأنت ..
بسمة ماكرة لونت ثغره فيتابع بخفوت شديدة بجوار أذنها بلفظ صريح ارتعدت خجلًا منه لتدفن وجهها في صدره تغمض عيناها وتلجئ إلى النوم بدورها وخاصةً وهي تشعر - ولو قليلًا- بأنها الليلة أسعدته .
***
رنين هاتفها انبهها لاتصال وارد في هذا الوقت المتأخر وهي المستيقظة دون نوم لتطمئن عليه فهو أخبرها أنه سيحدثها قبل أن يصعد على متن طائرته لتستقبل الاتصال بلهفة حينما أدركت أنه منه ليأتيها صوته الأجش هامسًا بخفوت : افتحي باب الشرفة يا نوران .
نظرت إلى الغرفة السفلية التي تقيم بها منذ اعادة تصميم غرفتها كجناح خاص بزواجهما لتهتف بصدمة : أية شرفة ؟!
تمتم بضجر : شرفة الغرفة التي تنامين بها .
انتفضت واقفة لترتدي مئزرها الثقيل فوق منامتها الصوفية العصرية لتهرع إلى باب الشرفة وتفتحه شهقت بصدمة وهي تجده أمامها شهقة قوية ابتلع بقيتها داخل شفتيه وهو يضمها بقوة إلى صدره ليهمس أخيرًا بعدما أنهى قبلته العميقة لها : لم أقوى على السفر دون أن اودعك
ضمت نفسها إلى صدره هامسه بصوت باكي : تعد لي سالمًا يا عاصم .
داعبها بأنفه في طرف انفها مهمهمًا بحميمية : سلمك الله يا برتقالتي .
احتضان قوي قاطعه صوت عمار الذي همس إليه دون أن تراه : هيا يا قلب الياسمينة ، عمك إذا اكتشف وجودنا سيقطعنا أربًا ويرمي بنا لوسيم كطعام غذاء .
حينها استمعت إلى صوت شقيقها يهمس بخفوت : وسيم نباتي .
همس عمار ساخرًا : لا والله .
هم ادهم بالحديث ليزمجر عاصم بحدة خافتة : اصمتا من فضلكما وانتظراني عند السيارة .
أجاب عمار : حسنًا فقط لا تتأخر فتفوتك الطائرة .
ليزمجر أدهم : بل لا يتاخر لأنه ليس لائقًا ، هيا يا كبير سننتظرك بالقرب هنا .
تنهد بقوة حينما ابتعدا فيضمها إليه ثانيةً يقبل شفتيها برقة هامسًا بخفوت : سأشتاق إليك.
احتضنت وجهه وهي تطلع إليه في الظلام بحبور لتهمس بشوق : وأنا الأخرى سأشتاق إليك أرجوك لا تتأخر في عودتك .
طمأنها بعينيه : سأعود لأحضر زفاف عمر قبل أن أعاود ثانيةً ، سأتي بفستان الزفاف المرة القادمة من سفري .
تمسكت باحتضانه لتهمس : تعود سالمًا يا عاصم .
قبل جبنيها ليبتعد عنها مرغمًا : سلمت لعاصم يا قلب عاصم .
ابتعد قليلًا ليعود ويجذبها إليه يرغمها على أن ترفع عيناها إليه قبل أن يهمس بصرامة : لا تنسي يا نوران ، لا تفعلي ما يغضبني أو يرهق عقلي في تفكير لا فائدة منه ، لا أطلب منك الكثير سوى أن لا تفتحي باب أغلق منذ زمن .
تطلعت إليه مليًا لتهمس : لا تخف يا عاصم ، هذا الباب لن يفتح بيننا أبدًا سأحرص على هذا تمام الحرص ، رمقها بتفكير فأكملت بجدية – فقط ثق بي .
تمسك بكفيها في قوة ورجاء بثه إليها بوضوح : لك كامل ثقتي وحبي ، تنهد بقوة ليغمغم – سنتحدث عندما أعود .
تمتمت بصوت مختنق ببكائها : بالتأكيد وسأخبرك بالكثير سيريح قلبك ويطمئنك .
القتها بصدق وهي ترتب فوق قلبه الذي خفق بجنون ليميل إليها يقبلها بتمهل إلى أن تهدجت أنفاسه فيتركها ليقبل جبينها ثم يبتعد مشيرًا إليها بكفه : لا اله الا الله .
تمتمت نوران بدعاء صادق قبل أن تهمس إليه : محمد رسول الله.
***
بعد أسبوعين ..
يركض داخل شوارع هذا المجمع السكني الفخم بعد أن حصل على بيت استأجره من ملاكه غير المتواجدين في روتين يومي لا يقوى على التخلص منه ، يمر من أمام بيوتهم التي أحصاها وحدد أماكنها منذ أن زار المجمع السكني المرة الأولى ، يركض ويركض ومع كل بيت يمر عليه تومض ساعته بتعداد جديد يضم إلى معدل خطواته ليقف أخيرًا يلتقط أنفاسه أمام البيت الذي يقبع به غايته فيبتسم وهو يضيق عينيه ينظر إلى الحديقة المكشوفة إلى حد ما والاستعدادات التي تقام بها منذ البارحة في صخب يشي بالزفاف الذي سيقام الليلة كما تناهى إلى مسامعه من ثرثرة العاملين بفيلا آل سليمان كما نقش على اللوحة المعلقة بجوار بوابة المنزل الحديدية والمختلفة عن بقية المنازل ، ابتسم برقة كست ملامحه وهو يلتقط وجودها هذه الصبية اليافعة التي يقابلها بالصباح دومًا فهي تسير من بيتها إلى بيت قريب من بيت جدها لتصحب ابنة عمتها فتستقلان حافلة المدرسة ، ولكنها اليوم تجلس بحديقة البيت الأمامية فتبتسم بحرج إليه عندما أومأ برأسه في تحية يحرص عليها حينما يقابلها وعيناه تومض وهو يتأمل ابنة أخته البكماء " ابنة هنا " .
سحب نفسًا عميقًا وهو يسبل جفنيه يخفي نظرته التائقة لانتقام سيكون مدويًا ، فيعاود ركضه وهو يشعر بالانتشاء يغمر خلاياه فيدير موسيقى تعود إلى وطنه تحمل إليه رائحة أهله فتنساب إلى خلاياه لتمنحه رضا وهو يعد نفسه أنه سيعود قريبًا جدًا لأرض أجداده وأسلافه .. أرض ميعاده .




التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 21-09-20 الساعة 07:20 PM
سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-09-20, 06:09 PM   #385

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي






تثاءبت بفراشها في دلال وجسد متخم تشعر به مليء بالرضا وسعادة تخيم عليها ، عبست بتعجب للحرية التي تشعر بها فجسدها غير مقيد بذراعيه ولا محبوس بين ساقيه ولا هي واقعة بأسره كعادتهما منذ بدأ الزواج أو بالأحرى منذ تلك الليلة التي كانت تحويل مسار جاد لزواجهما و علاقتهما الحميمية خصيصًا ، تلك الليلة التي لن تنسى أبدًا أنه لأول مرة تراه غاضبًا .. منفعلًا .. فاقدًا لأعصابه و اتزانه وهدوءه.
كانت الليلة السابعة لزواجهما وكما العادة اجتمعت العائلتان لتهنئتهما.. المباركة لهما ، كان يوم جميل فرحا به سويًا فأرادت أن تختمه بختام مسكي و تمنحه ليلة مثالية كما يريد و يرغب ، فهو لم يقربها من ثاني يوم زواجهما إلا بالطريقة الأخيرة التي اقرها بينهما حتى لا يبكيها كما أخبرها حينما سألته عن عدم تكرار محاولته معها ، فشعرت بنفسها مقصرة في حقه لتتشجع حينها وتهتم بنفسها لأجله بعد انصراف الجميع وتنتقي شيئًا مميزًا حتى تدفعه دفعا لإتمام زواجهما.
تحركت من غرفة الملابس وهي تحارب خجلها .. توترها .. خوفها الذي يحول بينهما ، فتقف برهبة تنظر إليه يقف قريبًا من النافذة و كما ظنت يغلقها كي يحافظ على دفء الغرفة لأجلها لتقترب منه بخطوات هادئة تقف خلفه .. تهمس باسمه .. وتبتسم برقة في وجهه عندما استدار لها.
رفت بعينيها وهي تطلع إلى نظراته التي تركزت على وجهها ذو الزينة المتقنة فتشعر بخفقات قلبه المتعالية يبتسم لها بحنو متحاشيً أن يخفض بصره لبقية جسدها ولكنه مرغمًا حاد بصره نحوها فارتعد جسدها وهو يتأملها بتوق متمهل ويرتشف بهائها الذي انعكس بوميض عينيه وتجلى فوق قسماته التي فاضت بعشقه لها ، ازدرد لعابه وجبينه يتفصد بقطرات عرقه الذي نضح ، فاقترب منها يضمها إلى جسده الذي اشتعل حينما نظر إلى جسدها الفاتن المبهر في غلالة نوم بلون العنب القاني طويله انسدلت فوق جسدها فازادته اشتعالًا
عضت شفتها وهي تخفض رأسها فتنسدل خصلاتها الناعمة تخفي نصف وجهها بعدما تطلع إليها كالمسحور أنفاسه تتعالى ويهمس لها أنها زوجته .. خاصته .. حلاله ، احتضن وجهها بين كفيه يرفعه إليه مزيحا خصلاتها التي التصقت بجبينها المتعرق بخجلها الذي ورد وجهها فأصبحت أكثر فتنه في عينيه .. أكثر وطأة على قلبه .. أكثر لذة يتحرق ليتذوقها بجوفه . احنى رأسه إليها ممتلكًا فمها في قبلة سحبت أنفاسها من رئتيها إلى أن أنتّا داخل اضلعها فتأوهت بضعف ليتركها مرغمًا قبل أن ينثر قبلاته عليها بلهفة .. توق .. شغف ، ويدللها هامسًا بأمنياته في نيل كل ما يصبو إليه فتهمس إليه بوضوح أن ينالها فهي ملكه.
جلست باستقامة في الفراش تخفي جذعها العاري ودثرته بغطائها وجسدها يرتعش تحت وطأة الذكرى الماساوية فحتى هذه المرة نهايتها لم تكن جيدة على الإطلاق بل انتهت نهاية اسوء عن كل المرات التي قبلها.
مسحت وجهها بكفيها وهي تقر بداخلها أنها من اخطأت بعدم فهم و دون قصد فتمسكت به حينما حاول أن يبتعد عنها بعدما تشنج جسدها وانهمرت دموعها دون وعي منها لتهمس من بين بكائها : أرجوك أكمل ما تفعل ولا تهتم بي سأعتاد فقط هي رهبة المرة الأولى.
حينها لا تفهم ماذا ألم به ؟!! فأسعد الهادئ الرزين انتفض واقفًا يزأر بغضب وعيناه تجحظ بانفعال وصدمة تملكته وهو يهتف : هل جننت ؟! لماذا ، هل أنا حيوان أمامك لن اهتم بم تعانيه في سبيل إفراغ شهوتي؟!
رفت عيناها وهي تتذكر مغادرته للغرفة غاضبًا دون أن يمنحها فرصة صافعًا الباب خلفه بقوة انتفضت لها قبل أن تجهش في بكاء حاد لم تستطع السيطرة عليه إلى أن انبلج الصباح فسترت جسدها بقميص منامته وخرجت تبحث عنه لتجده مستلقيًا فوق الجلسة العربية مدعيًا نوم هو أبعد ما يكون عنه لتذهب وتندس بين ذراعيه ترغمه على احتضانها ، الأمر الذي لم يرفضه بل تقبله فوضعت رأسها فوق صدره وبكت من جديد.
زفر بقوة هامسًا بصوته الأجش : ما الذي يبكيك يا جنى ؟!
أجابته من بين شهقات بكائها : أنا آسفة لأني اغضبتك ولكني لم أقصد ، فكل ما أريده اسعادك .
تنهد بقوة وصمت كثيرًا ليربت على ظهرها بحنو قبل أن يهمس لها أمرًا : سنذهب في الغد إلى الاستشارية فما تعانين منه أمرًا غير طبيعيًا.
حينها اعترضت بكت وهتفت برفض صريح فأغمض عينيه وانتظر ثورتها إلى أن خبت ليناقشها بتروي كعادته يسألها برزانة عن أسبابها فتهتف بعفوية : الأمر لا يستحق ، ثم أنا لا أقوى على الذهاب لأحد أخبره أنك .. أننا .. أني .
صمتت بتلعثم لتهتف سريعًا : ثم ماذا إن عرفوا ؟! بماذا سنخبرهم ؟!
عبس بغضب ومض بعينيه وهو يسألها : من هم ؟!
تمتمت بتلعثم : والدتك .. بابا .. العائلة .
ليقفز واقفًا بحدة ظهرت في عضلات جسده المتشنج : وما لهم بنا ؟! ما دخلهم من الأساس ؟! توترت وتعرقت وتحاشت النظر إليه فيتابع هادرًا بأمر غير قابل للنقاش - اسمعي يا جنى إذا أردت إسعادي ابحثي عن طبيبة جيدة نذهب إليها في الغد غير هكذا لا كلام لدي في هذا الأمر.
و رغم عنها استجابت ولم يحتاج الأمر لبحث فهناك استشارية مشهورة تعرفها تعمل بالمشفى بدوام جزئي هاتفتها وحصلت على موعد معها وهناك صدمت مما أخبرتها به هذه المرأة ، فهي لم تكن تتخيل أبدًا أنها تعاني مما تفوهت به الطبيبة ، فهذا العرض الذي تعانيه عائد لرفض نفسي لا تدرك سببه .
تنهدت بقوة وعيناها تغيم بحزن استقر داخل روحها ولكن فمها عاندها وهو يرتعش بابتسامة عاشقة حينما ذكرها عقلها بأنه ضمها هذه الليلة أيضًا بصدره وقبل رأسها مهدهدًا من بكائها وحزنها ومبتلعا تساؤلها عن السبب لما تعانيه بقبلات كثيرة ومشاكسات أكثر وهو يخبرها أن أي عرض تعانيه أو أي مرض سيصيبها هو قادر على معالجته ليهديها سعادة .. سند .. دعم وأمان وجدته في حضنه الدافئ على مدار الليالي الماضية بأكملها فهو لم يخلف ليلة دون أن يدللها بها .
ابتسمت وعدلت من خصلاتها وعيناها تبحث عن مئزر استحمامها الذي لا تعلم أين يوجد وسط هذا الفراش المبعثر والذي يشي بليلتهما الصاخبة والتي حملت إليها دلالًا فاق كل ليالي زواجهما وهو يحتفل بمرور أسبوعان على زواجهما وأسبوع على بداية رحلة علاجها الذي يتوق لأن ينهيها معها بنفسه وبلمسته التي سيمتلكها بها.
مدت كفها لتأتي بسترة منامته فترتديها وهي تتورد متذكرة حديثه الشقي معها والذي أصبح معتاد بينهما لتنهض من الفراش وتتجه للخارج تبحث عنه وهو الذي تغيب اليوم عن إيقاظها كعادته منذ بدأ زواجهما .
***
يمارس تمارينه الرياضية التي تساعده على استرداد كامل لياقته وخاصةً أن موعد عودته إلى عمله أصبح قريبًا للغاية ، شعر بالحماس يدب بأوصاله فيعود إلى تمرينه الشاق لينهيه قبل أن ينهض محركًا جسده بحركات هادئة مساعدًا عضلاته على الاسترخاء .
رف بعينيه وعقله يفكر فيها فجأة ويتساءل بوقاحة عن موعد استرخائها الذي تحدثت عنه الطبيبة فيعبس بضيق من تفكيره الذي أصبح صاخبًا بها ويستعيد حديث الاستشارية التي أصر على الذهاب إليها لتخبره بأمر استنتجه قبل الزيارة وأدركه حينما بحث عما تعانيه جنته ، ولكنه أصر على الذهاب لجلسات العلاج كي تقتنع جنى بأن ما تمر به أمر غير طبيعي ، ينساب صوت المرأة الأكبر سنًا في أذنيه حينما اختصته بالحديث بعدما طلبت من جنى فحص ما فذهبت جنى مع الممرضة لتتحدث معه بعملية وتخبره أن ما تعانيه زوجته عرض نفسي ليس أكثر. فما بها ليس مرض عضوي ولا يعد مرض نفسي بل هو عرض نفسي بسيط سيزول أثره مع الوقت ،
لتتابع بهدوء واتزان : أنت من تستطيع علاجها يا سيد أسعد جنى تحيط نفسها بشرنقة تخفي بداخلها أوجاعها .. ألم روحها .. وخوفها المرضي من الزواج ، لن تخرج من الشرنقة إلا حينما تختفي كل هذه الاشياء التي تؤرق روحها وتضج مضجعها ، لابد أن تجبرها أن تبوح بكل ما يجول بعقلها ويؤلم قلبها.
لتنصحه أخيرًا : صبرك عليها واتزانك معها هما الحل وأنت بالفعل كما فهمت منك كنت بدأت الأمر لو واصلت ستصل معها إلى بر آمن وستفوز بها .
ومنها وهو يحاول معها يرمم شروخ روحها يراوغها ليدفعها إلى البوح ويجبرها أن تثرثر إليه وتستكين بصدره وتغرقه في فيض حبها لينال منها كل ما يشتهي دون أن يخيفها أو يؤلمها ، بل يمنحها سعادة تومض بعينيها وتكسي ملامحها.
ابتسم بمكر وهو يشعر بخطواتها قادمة فيلقى بجسده سريعًا ليقم بعمل تمرين الضغط المفضل إليه باذلًا فيه مجهود سريع جعله يلهث وهو يلتقط وجودها القريب للغاية تنظر إليه بانبهار اصبح يلازم نظراتها نحوه
...
تحركت ببطء تبحث عنه لتقف فاغره فاها وهي تنظر إليه بصدمه وهو يمارس بعض من تمرينات الرياضية الخفيفة في تلك الغرفة البعيدة عن بقية منزلهم جسده مختفي خلف بنطال رياضي واسع وتي شيرت متسع دون أكمام لونه مختلف في بعض المناطق بسبب غزارة العرق الناتج عن مجهود مضني بذله في الساعة الماضية
رمشت بعينيها وهي تدلف إلى الغرفة فينتبه لها قبل أن تقترب منه ابتسم باتساع وقفز واقفًا يحمل حاملي الحديد ليضعهما مكانهما ويبتسم بحنان ومض بعينيه قبل أن يمد كفيه لها فيجذبها إليه ببطء وهو يتفحصها بدقة وشوق نضح بعينيه فتتورد بتلقائية و تخفض بصرها وتهمهم : صباح الخير
رد التحية بمثلها وهو يحنو رأسه فيقبل جانب فكها بقبلات رقيقة متتالية متبعًا : اشتقت إليك ولكني لا أستطيع احتضانك الآن فأنا غارق بعرقي
عبست وهمهمت وهي تضم جسدها إلى صدره العريض : لا اهتم
ضحك بخفة وعيناه تومض ببريق مسلي فتشيح بعينيها بعيدًا ليهمس : ولكني اهتم لذا ساتخلص من ملابسي برائحتها السيئة و اصحبك معي لتدللينني أنت هذه المرة ، فأنا أدللك يوميًا واليوم جانبي من الدلال .
ألقى جملته وخلع قميصه القطني بالفعل فانتفض جسدها بخفة ليطوق خصرها بذراعيه أكثر ويهمهم بجانب أذنها : توقفي عن الاجفال .
ابتسمت وهي تفرد كفيها فوق صدره العار : لازلت أخجل من صراحتك المطلقة .
قبل جبينها : لا يهم أي شيء يكفيني أنك هنا معي وبين ذراعي ، تابع وهو يجبرها أن تنظر اليه – ثم أنا راضي بكل ما يحدث بيننا ،
همس بصوت اجش نضح بشعوره بها : اشعر بمتعة كبيرة وانت بين ذراعي ذائبة .
انغلق حلقها و وجهها يحتقن بقوة وهي تتوه في حدقتيه اللامعتين بحبه لها لتهمهم أخيرًا بتلعثم تغير مجرى الحديث الذي لا تقوى على الرد عليه : هل انتهيت أم أنا اعطلك عن ممارسة رياضتك ؟!
تنهد بقوة : لا تعطليني عن شيء ، إنها بعض التمارين أمارسها حتى لا يعتاد جسدي على الدلال ، وخاصةً وأنا منذ أسبوعان لا أمارس أي مجهود يذكر ، تضرج وجهها بحمرة قانية وهي تتملص من ذراعيه بنفضة خجول التقطها بيسر ليتابع - لم اقصد شيء فقط أفضفض لك كما اعتدنا سويًا .
ابتسمت بخفر وهي تخفض عينيها ليضم وجهها بين كفيه يرفعه له : لا تحني رأسك أمامي أبدًا ولا تخجلي .
همهمت : فقط أشعر بأني مقصرة معك .
تمتم بعبث: حقًا ؟!
تمتمت بعفوية : لا أعلم ماذا افعل لأرضيك كما ينبغي حتى بعد كل ما يحدث أشعر أني ..
صمتت فتبتسم قبل أن يرفع وجهها محتضنا طرف ذقنها براحته يقبلها بتمهل ثم يهمس بجدية لم تنعكس بنظراته المشاكسة : تعالى أنا أعلم كيف تراضيني .
عبست بتساؤل فجذبها من يدها ليدفعها نحو مرتبة قطنية خفيفة مفرودة أرضًا ويؤمرها بجدية : استلقي
نظرت له بعدم فهم فيشير لها بعينيه في حماس ، أطاعت على الفور ليقف عند آخر قدميها بجسد معتدل قبل أن يهوي فوقها بخفة ، شهقت بفزع وهي تتوقع وقوعه من فوقها لتكتم نفسها وهي تنظر إلى وجهه الذي يبتعد عنها بمقدار ذراعيه المفرودين ومسنودين إلى قبضتيه المضمومتان جانبي رأسها يبتسم لها بثقة فتتسع ابتسامتها وهو يهمس ويقترب منها برأسه حينما بدأ بعمل تمرين ضغط تقليدي : هيا شجعيني .
نظرت له بتساؤل فبدأ بالعد : واحد
قبل أن يقبلها برقة ثم يبتعد عنها ثم يعاود الاقتراب منها يقبل شفتيها ثانيةً ويهمس : اثنين
ضحكت رغم عنها وهو يتابع تقبيلها والعد بالتوازي لتهمس بمرح : ما عدد مرات هذا التمرين ؟!
اجاب ضاحكًا : إلى ما لا نهاية .
اندفعت ضحكتها مجلجلة فضحك بدوره قبل أن يستلقى فوقها دون أن يحمل جسدها وزن جسده الذي استند لركبتيه اللذان غرزا جانبي جسدها وهو يضمها إلى صدره ثم ينقلب على ظهره حاملًا جسدها فوق جسده وهو يقبل شفتيها بتمهل يتذوق رحيقها بشغف قبل أن يجذبها أكثر فتستكين جانب قلبه الذي هدر خافقا متوازيًا مع همسته الصادقة : احبك .
تمسكت بصدره ودفنت أنفها بتجويف عنقه لتتململ حينما شعرت به يعتدل بها جالسًا فتنظر إليه متسائلة قبل أن تشهق بخفه وهي تتمسك بعنقه حينما شعرت بأنه ينهض واقفًا يحملها قريبًا من صدره فهمست بعدم فهم : أين تذهب ؟!
أجاب ببساطة : لاستحم ، ألم أخبرك ؟!
تمتمت و وجهها يتورد : حسنًا أنزلني .
ارتفعا حاجبيه ليغمغم بمشاكسة : لماذا ألن تحصلي على حمامك أنت الأخرى ؟! رفت بجفنيها وهمهمت باسمه في اعتراض حيي فاتبع بشقاوة – حسنًا على راحتك ولكن أنا أريدك أن تدللينني كما أفعل معك يوميًا وأظن هذا من حقي ، فلا مجال لاعتراضك .
تمتمت باعتراض واهي : ولكن ألن نتأخر هكذا على والدتك وابنة خالك فعرسها اليوم ؟!
أجاب بلا مبالاة : حتى إن فعلنا لا يهم ، ما يهم أن تدللينني ، ماما لم تطالب بوجودي منذ الصباح لأنها تدرك أني عريس استحق الدلال ، ابتسمت و اخفضت رأسها تخفي ضيقها عنه فقبل جبينها هامسًا – اقتنعي أني سعيد يا جنى لنسعد سويًا ،
ابتسمت رغم عنها وعيناها تشرق بحبها له فتريح رأسها على كتفه وهي تتمسك به أكثر ليهمس بصوت أبح : بعدما فعلت الآن ، سأدللك أنا اليوم أيضًا .
انزلها بمنتصف دورة المياه الواسعة أمام حوض الاستحمام العريض ، داعب صنبور المياه الساخنة لتنهمر بغزارة وتملئه تدريجيًا ، همس لها وهو يلصق ظهرها بصدره يضمه بحنان وهو يتبع بعدما وشم طرف عنقها بقبلة عميقة : فدلالي لك يروقني أكثر .
انتفضت بخفة فاستدارات لتحتمي بصدره ليضمها أكثر إليه قبل أن يحملها ويدلفا سويًا إلى الداخل وهو يمنحها أمان وجوده حولها .
***
يتحرك بخفة من حولها يلملم أشياءه ويحمل حقيبة سترته الرسمية على ساعده ليتجه أخيرًا نحو الكومود الموضوع بجوار فراش نومها في الغرفة التي خصصتها لها تامي منذ تعبها الأخير فمكثت لديهم مجبرة حتى بعد أن استقامت أمورهما سويًا لم يوافق على عودتهما للبيت فوجودها هنا بقصر والدها وتحت حمايته أفضل بكثير من وجودها ببيته بمفردها حتى إن كانت تحت حماية خاصة سيمنحها لها ، وعليه وهو يقضي لياليه مجاورًا لها لا يتركها بل يهتم بها على قدر استطاعته ، حتى بعدما قرر البارحة أن يجاور عمر آخر ليلة له بمنزل أسرته عاد لها فجرًا ليستقر بجوارها ويحصل على بعضًا من غفوة أيقظته منها صباحًا وهي تقبله باغواء تمارسه عليه بإتقان في ظل تعنته معها ورفض لاستجابة قد تضرها هي وأطفاله .
ابتسم وعيناه تحيد نحوها فيبتسم بحنان وهو يتذكر تذمرها.. ضيقها .. غضبها .. ثم مخاصمتها له صباحًا لأنه لم يستجب هذه المرة أيضًا ، تعالت أنفاسه وهو يتوله بها ويهمس داخليًا عن كم معاناته التي لا تعلم عنها شيئًا وهو كل مرة يرفض الاستجابة لها .. الغرق فيها .. والانتشاء معها ولكن عقله الذي يعمل كحائط صد لكل مشاعره المهتاجة نحوها فيتحكم بها ويروضها وهو يذكره بحالتها الصحية وأطفاله المشاغبون اللذين يتعبونها فلا يزيد الأمر عليها بتحمله .
تنهد بقوة وعيناه تنزلق نحو بطنها المنتفخ وعقله يردد على مسامعه أنه سيرزق بأطفال منها .. من أميرته .. حبيبته .. أطفال سيكونون عطية الله وفضله عليه .
جلس أخيرًا على حافة الفراش بجوارها ليترك كل ما كان يحمله على الكرسي القريب ليرفع كفه يلامس خصلاتها المنثورة من حولها يزيحها عن جبينها فتتململ من نومها العميق بزفرة غاضبة تذكره بتبرمها منه قبيل نومها فيميل عليها يلثم جبينها قبل أن يستدير نحو بطنها يربت عليه ترتيب هادئ يضع مقدمة جبينه يريحه عليه هامسًا : سأبذل نفسي فداء لكم ، فقط أنتم لا تتعبون ماما ، طبع قبلات ثلاث لينتظر برهه قبل أن يطبع قبلة رابعة هامسًا بشقاوة - هذه الأخيرة إلى فتاتي الغالية ، احبكم جدًا بقدر لا تستطيعون تخيله ، وأعشق والدتكم التي أجبرتني على وجودكم فلولاها لم أكن سأحصل عليكم أبدًا .
مرغ طرف أنفه في بطنها ليهمس بخفوت شديد : هيا سأترككم قليلًا لأذهب لعمكم فزفافه اليوم وهو يطير بين السحاب فعليًا لذا رجاء شخصي مني لا تأتوا اليوم لعالمنا فدعوا عمكم يستمتع بزفافه وليلة عرسه .
ضحكة خافتة انبهته لاستيقاظها فرفع رأسه ينظر إليها فابتسمت برقة في وجهه لتهمس مطمئنة : لن يأتوا اليوم فأطمئن ،
ضحك بخفة ليهمهم إليها وهو يستقيم جالسًا : لأجل عمر فقط لا أعلم ما الذي يمكن ان يحدث له لو أي شيء خرب عليه ليلته فالمسكين ينام يحلم منذ يومان بالزفاف والعرس ، ضحكت ليتابع باستياء - أخبرته أنه يضر بصحته ولكنه لا يستمع .
تعالت ضحكاتها لتضربه بخفة على كفه القريب قبل أن تلوى شفتيها مؤنبة : أخبره أنك بعد سبع سنوات زواج اصبحت تهتم بصحتك كثيرًا .
لمعت الابتسامة فوق شفتيه ليقترب منها برأسه يواجهها بنظراته المشتعلة : مهما فعلت لن استجب يا أميرتي ، لأني في هذا الأمر أخاف على صحتك أنت .
رمقته باعتراض فأكمل وهو يهدي ثغرها الممطوط قبلة خاطفة : ولتعلمي يا ابنة خالتي أنك ستدفعين حساب هذا الحديث كاملًا حينما تنهضين لي سالمة بإذن الله .
ومضت عيناها بمكر أنثوي فتلف ساعديها حول رقبته لتهمس بنعومة أمام شفتيه : أنا مستعدة للدفع مقدمًا .
قهقه ضاحكًا ليضمها إلى صدره مقبلًا جبينها هامسًا بصدق : أنا خائف عليك .
تنهدت لتهمس : وأنا أشعر بالشوق الشديد لك .
عبس بتفكير ليسألها بجدية : هل هذا الشوق له علاقة بالأطفال ؟
لوت شفتيها بنزق لتجيب بصراحة : مع الأسف نعم ، لتتابع بشموخ - وإلا ما كنت صفحت عنك يا أحمد بك ،
ضيق عينيه بريبة فأكملت : لتعلم أنت الآخر يا ابن خالتي أنك مدين لي بالكثير لا أتحدث عنه الآن حتى أكون متسقة مع مبادئي .
تعالت ضحكاته ليمنحها قبلة سريعة وهو يهمهم : أحب مبادئك ، ليتبع غامزًا - حسنًا لنتحدث مع الطبيبة ونستغل مبادئك هذه اسوء استغلال .
ضحكت لتهمس بشقاوة : أنا ارحب بالاستغلال .
قهقه من جديد ليرن هاتفه فيغمز لها بعينه هامسًا : إنه عمر اعتقد أنه لم يذق طعم النوم من البارحة ، تمتم باستياء وهو ينهض واقفًا - الغبي سيضر بنفسه من كثرة لهفته .
دفعته بلطف تنهره بمرح من بين ضحكاتها : توقف يا أحمد .
نهض واقفًا ليشير إليها برأسه : أنا اتحدث بجدية ، هيا سأذهب إليه ، أراك هناك .
أومأت برأسها وهي تعاود للاستلقاء ثانيةً بفراشها بينما هو يجيب عمر بكلمات كثيرة سريعة مفادها أنه قادم قبل أن ينهي مكالمته ليقترب من الكومود يلتقط سلاحه الذي أصبح لا يفارقه فتنظر إليه بخوف كاتمة تساؤلاتها بداخلها فيمنحها ابتسامة مطمئنة قبل أن يهتف مرددًا لنفسه قبلها : سيمر الأمر على خير ، بإذن الله .
أشار إليها بكفه وهو يغادر بالفعل : أراك على خير ، لا إله الا الله .
تنهدت بقوة وهي تتمتم باختناق أحكم حلقها : محمد رسول الله .
***
تجلس على الأريكة بغرفته تنتظره أن يخرج من دورة المياه وهي تبتسم بتوتر يصاحبها من أول البارحة بل إن كل ساعة تمر عليها وتقربها من موعد زفافه تشعر بتوترها يزداد مرت سنوات عليها منذ أن عايشت هذه اللحظة من قبل مع ولديها الكبار بل إنها حين أحمد لم تكن متوترة لأجل أنه يتركها بل لأجل أنها كانت مترقبة لوائل الذي كان يثير جنونهم بم يفعله بأحمد ونزقه الدائم من كل شيء يخص زفاف ابنته ، ابتسمت وهي تقر بأنه محق فإذ كانت هي حزينة كل هذا القدر لأجل فراق ابنها فما كان شعوره هو وهو يمنح ابنته لرجل غريب.
عبست بعدم رضا وهي تفكر بأنها الأخرى تمنح ابنها لفتاة لا تعلم هل ستسعده أم لا هل ستقدره أم لا هل ستحبه وتدلله كما فعلت هي طوال عمرها أم لا ، هي الأخرى أم تتنازل عن ابنها لأجل أخرى غيرها ستمتلكه لبقية عمره .
تغضن جبينها بانزعاج قوي من الفكرة انزعاج اندثر مع خروج عمر الذي يلف خصره بمنشفة عريضة ، صدره العريض عاري أمامها ويحمل منشفة صغيرة بين كفيه يجفف بها خصلاته وهو يديدن بلحن خاص بفيروز ، ابتسمت برقة لتهتف بلوم : لم تنم من البارحة أليس كذلك ؟!
توقف عن الدندنه لينظر إليها من بين المنشفة ليهتف بمرح وابتسامته تزداد : نولا هنا يا مرحبا يا مرحبا ، ابتسامتها اتسعت وهي تتأمله بحنان فاتبع - هل اتيت لتساعديني في ارتداء ملابسي يا مامي ؟!
ضحكت برقة وهتفت : بل كنت أنوي أن احممك ولكن أنت انتهيت بالفعل .
تعالت ضحكاته بقوة لينحنى نحوها يضمها إلى صدره هاتفًا : كبرت يا مامي على هذا الدلال وأتوق لدلال من نوع آخر .
عبست بضيق لتهمس بغيرة ومضت بعينيها : تأدب يا ولد .
قهقه ضاحكًا ثانية ليشاكسها بتعمد : منذ اليوم سأخلع عني رداء الأدب يا ماما اليوم عرسي ومن حقي أن أفعل كل شيء .
ضحكت مرغمة لتجذبه من كفه ليجلس بجوارها تضمه إلى صدرها برقة وتهمس : سأشتاق إليك يا عمر ، حقًا سأفعل .
نهنهت في بكاء خافت ليتنهد بقوة وهو يضمها إلى صدره : ما الذي يبكيك يا نولا الآن ؟!
مسحت وجهها بكفيها : ابكي لأنك ستتركني .
نظر إليها بعتاب ليقول بتفكه : أنا اترك العالم كله ولا اتركك يا ماما ، وهل لي غيرك يا حبيبتي ،
تمتمت بعدم تصديق : حقًا ؟!
أومأ برأسه ليهمس إليها وهو يحتضن وجهها بكفيه : بل سأتي أنا و زوجتي وأطفالي من بعدي ونجلس معك ونعيث في البيت فسادًا كما كنت أفعل أنا وعبده ونحن صغار
رقت عيناها بحنان لتبتسم بسعادة : يا الله يا عمر ، كم حلمت أن تملى أنت و اخوتك البيت علينا بالصغار .
ضحك ليكز على شفته السفلية بتوق : سنفعل فقط ادعي لي .
ضربته بخفة على ساعده لتهمس : بارك الله فيك وحفظك وأتمه عليك بالخير .
تمتم بلهفة : اللهم امين يا ماما ، اتبع متفكهًا - كثفي الدعاء بالله عليك هذه الليلة وغدًا وبعد غدًا .
عبست بتعجب لتردد : غدًا وبعد غدًا ؟!
قهقه بخفوت ليهتف بمرح : نعم يا نولا إنه عرض متكرر حصري لي .
شهقت بخجل و وجهها يحتقن بحمرة قانية : يا وقح يا قليل الأدب .
تعالت ضحكاته : عريس يا ماما عريس .
هزت رأسها بعدم تصديق ليأتيها صوت عبد الرحمن الأجش الواقف بالباب الفاصل بين غرفتيهما : ابنك خلع رداء التحضر والحياء يا نولا فأفقدي فيه الأمل يا حبيبتي
نهض عمر واقفًا متجه نحو المرآه ليصفف خصلاته غامزًا لأخيه : العقبى لك يا عبده
ألقى اسمه بنبرة رقيقة مشاكسة فضحك عبد الرحمن ليهتف بمرح انتقل إليه وهو يرفع كفيه أمام وجهه : اللهم أمين يارب .
شهقت منال بقوة اكبر وهي تنظر إليهما بعدم تصديق لتتعالى ضحكاتهما سويًا فتهتف هي بحزم : سأخبر دادي ليأتي ويرى قلة الادب هذه .
انتبهوا جميعهم على صوت خالد الرخيم والذي دلف إلى الغرفة هاتفًا : وها قد حضر دادي ، ماذا فعلتما يا زوج المشاغبان؟! عبس بضيق وهو ينظر لعمر متبعًا بحزم - اذهب يا ولد وارتدي ملابسك كيف تقف هكذا وأمك في الغرفة .
أومأ عمر برأسه وهو يخطو سريعًا داخل غرفة الملابس يشيعه عبد الرحمن بكلماته المرحة : إنه يتمرن يا دادي على الوقوف عاريًا .
طل عمر برأسه ليهتف : نعم بالفعل أنا أفعل .
اتسعت عينا منال بصدمة ليضحك خالد بخفة هاتفًا بحزم افتعله : تأدبا من فضلكما .
رفع عبد الرحمن حاجباه ليهتف بأبيه في جدية : نتأدب ، إنه يوم عرس عمر يا دادي ، غمزه متبعًا - ألن تنصحه في هذه الليلة المباركة وتمنحه خلاصة خبراتك ؟!
هدرت منال بصرامة : ولد يا عبد الرحمن احترم نفسك .
في حين هتف خالد بضحكة ماكرة : سأفعل بالطبع ولكن حينما تغادر ماما الغرفة .
شهقتها هذه المرة بعدم التصديق الذي ارتسم على وجهها أثار ضحكات الثلاث لتهتف بصدمة : خالد ماذا تقول ؟!
غمزها بطرف عينه ليهتف برزانة بعدما قبل وجنتها : اتركيني معهما قليلًا من فضلك يا نولا
نظرت إليه باستنكار ليومئ إليها بعينيه فتنهض واقفة وتهز رأسها بتفهم قبل أن تغادر فيهتف خالد بحزم : اذهب وبدل ملابسك يا عبد الرحمن ولا تنسى ارتداء القميص الذي منحتك إياه .
مط عبد الرحمن شفتيه ليسأل بعبث : الحديث لن يشملني ؟! هز خالد رأسه نافيًا فاتبع عبد الرحمن - ولكني عريس بدوري عقدت قراني منذ أيام .
ضحك خالد ليدفعه عمر بمرح : ليلة زفافك يكون الحديث خاص بك وحينها سأمنحك أنا الآخر خبرتي ستأخذ خبرة ثلاثية دادي وأحمد وأنا .
قهقه عبد الرحمن بخفوت : حقًا أنا لا أريد أن أحصل على خبرة أحمد أخيك ينجب بالثلاثة .
تعالت ضحكات خالد وعمر ليهتف خالد بجدية وهو يسيطر على ضحكاته : سمي الله على أخيك يا باشمهندس .
تمتم عبده وهو يغادر بالفعل : اللهم بارك فيه ومنحه الصحة والقوة ليستطيع تربيتهم يا دادي .
تمتم خالد وعمر مؤمنان على الدعاء ليزفر خالد بقوة وهو يتطلع الى ولده الواقف قريبًا منه ليهمس باسمه ثم يؤمره بحزم أن يجلس فهو يريد الحديث معه .
استجاب عمر بطواعية ليهمس بجدية : أنا كلي آذان صاغيه يا دادي .
ربت على ركبته بحنان ليسأله باهتمام : أنت سعيد اليوم ؟!
تمتم عمر على الفور : كثيرًا .
رمقه خالد بحنان : وأنا سعيد لأجلك ، ولكن أريدك أن تتذكر سعادتك هذه على مدار عمرك القادم مع من اخترتها لتكون شريكة حياتك وتسعدها مثلما أنت تشعر اليوم لاقترانك بها ، أريدك أن تتذكر يا بني أنها تركت أهلها .. عائلتها .. عالمها كله لتمنحك نفسها .. روحها .. حبها ، فكن أنت دومًا على قدر المنحة التي أعطتها لك .
تذكر أن والدها فضلك عن كثيرين غيرك وأعطاك ابنته استأمنك عليها لتصونها .. ترعاها .. وتقوم على خدمتها وحمايتها ، فلا تفرط في أمانته أبدًا ولا تكن خائنًا لها .
تذكر أن النساء هم في الأصل ورود و بتلات أزهار أصغر فعل يؤثر بهن وأقل كلمة تحزنهم .. وأعلم أن اعتنائك الدائم بزهرتك ستجعلها تزدهر .. تكبر وتمنحك عبيرها دون قيد أو شرط .
تذكر يا عمر أن زوجتك هي نصفك الآخر .. من تكملك وتتمم شخصيتك لذا كبريائها من كبرياءك وكرامتها من كرامتك وعزتها من عزتك ، وأخيرًا تذكر أن ما أكرمهن إلا كريم وما اهانهن إلا لئيم وأنت لم تكن لئيمًا يومًا .
ابتسم عمر وهز رأسه متفهمًا ليجيب بصوت مختنق : لا تخف يا دادي سأكون عند حسن ظنك وسأحمل حبيبة في عيني .
تمتم خالد وهو يربت على رأسه : بوركت يا ولدي وبوركت ذريتك .
احنى عمر رأسه بطاعة ليقبل كف خالد الذي ربت على وجنته ليهمس بمرح : إذًا بمناسبة الذرية ، أكمل بإنجليزية مرحة - أي نصائح يا خواجة .
ضحك خالد ليلكزه في كتفه بقوة هاتفًا : وهل تحتاج نصائح يا ابن الخواجة ؟!
ومضت عينا عمر بزرقة قانية ليهتف بتوق : صراحة لا فقط كل ما احتاجه فرصة اخرج فيها جميع مواهبي المدفونة.
قهقه خالد ضاحكًا ليلكزه ثانيةً : الزفاف أخرج ما كنت تخبئه يا ولد .
تمتم عمر ضاحكًا وهو يرقص حاجبيه بمشاغبة : اه لو تعلم يا خواجة أنا أخبئ الكثير .
نهره خالد ضاحكًا : تأدب يا ولد و راعي وجود حماك اليوم في حفل الزفاف ، فلا تثير ضيقه .. غضبه .. أو غيرته .
أجابه عمر بهدوء : سأحاول يا دادي ألا اثير غضبه أو ضيقه ولكن غيرته هذه لا أعدك بها فحماي العزيز كتلة من الغيرة متحركة .
كتم خالد ضحكته ليتبع عمر غامزًا وهو يدور في الغرفة يجمع أشياءه المتبقية قبل أن يغادر لمكان الزفاف : حسنًا يا خواجة ألن تنصحني ؟!
نهض خالد واقفًا وهز رأسه نافيًا وهم بالحديث قبل أن يصدح صوت أحمد الجهوري المرح الذي قاطعه بدخوله الصاخب : ها قد أتيت يا أخي العزيز ما نوع النصائح التي تريدها وأنا أسديها لك .
أشار خالد برأسه : ها قد أتى الوقح شبيه حماه الذي سيخبرك بكل شيء .
قهقه عمر ضاحكًا ليهتف بمرح : اها ما عدا جزء انجاب التؤام يا أحمد من فضلك
شمخ احمد برأسه ليهتف بتهكم : انجاب التؤام هذا يأتي به الجبابرة يا ولد وليس الصغار مثلك أنت وتؤامك .
أشار براسه لخالد وهو يقترب منهما : اسأل أباك وهو يخبرك .
تعالت ضحكاتهم قبل أن يضم خالد أحمد إلى صدره هاتفًا بسخرية : أنت تخطيت مرحلة الجبابرة يا ولد .
ضحك أحمد ليحتضن خالد بشوق : انها نعمة الله وفضله يا دادي .
ابتسم خالد ليربت على وجهه بود : اعتني بأخويك ولا تنسى أن تؤمن نفسك جيدًا .
أومأ أحمد برأسه : سأفعل يا دادي لا تقلق .
تنهد خالد ليتمسك به جيدًا قبل أن يبتعد ليهمس بجدية وهو ينظر إلى عينيه متسائلًا فهمس أحمد مطمئنًا : لا تقلق سيكون كل شيء بخير .
تمتم خالد برجاء : بإذن الله .
***
يهرع بخطواته لا يقوى على الحفاظ على اتزانه كما اعتاد بل يشعر بأن شوقه إليها محركه الأساسي بعد غياب أقل من أسبوعين ، ولكنهما مرا عليه كعامين رغم حديثهما الشبه يومي إلا أنه يشتاق إليها .. إلى وجودها .. إلى احتضانها .. و إلى تذوق رحيق برتقال شفتيها ، فيسحب نفسًا عميقًا ويخطو نحو مكتبه من خلال الممر الخاص الذي يصل مصعده الخاص به لمكتب المدير التنفيذي بالمؤسسة ينوي مفاجأتها من خلال الباب الذي يصل مكتبيهما سويًا . فيضع حقيبته واشياءه وهو الذي أتى من المطار رأسًا إليها حتى يلحق بها قبل أن تغادر للحاق بعرس عمر وهي التي تبرمت لأنها لم تقو على أخذ اليوم اجازه بسبب غيابه وغياب أحمد ليكن برفقة أخيه فتورطت في الذهاب للعمل بدلًا عنهما .
سحب نفسًا عميقًا يهدأ من خفقاته الهادرة .. لهفته الغامرة .. ولوعة روحه في فراقها قبل أن يتجه نحو الباب ويفتحه على مصرعه في حركة مفاجاة وابتسامته تتجلى فوق شفتيه وعيناه تشي بمدى سعادته للقياها أخيرًا .
تجمدت ملامحه وجحظت عيناه بصدمة استولت على ادراكه وبصره يقع على آخر وجه يتمنى رؤيته يجلس باريحية استفزته فوق المقعد الجانبي لمكتبها يضع ساقًا فوق أخرى مبتسمًا بمكر أثار غضبه وخاصةً حينما تلاقت نظراتهما ليهتف الآخر متشفي : اووه عاصم بك هنا لم أكن أتخيل أبدًا أن اقابلك اليوم ، اتبع وهو ينهض واقفًا ينظر إلى نوران التي شحبت ملامحها وجف حلقها ترتعد خوفًا - ظننت أن المقابلة تخصنا سويًا يا نور.
لم يحد ببصره نحوها لينطق بجدية وهو يخطو داخل المكتب بجبروت وُلِد عليه: ماذا تفعل هنا ؟! ألم تتلقى رسالتي القريبة يا سيد أسامة ؟!
زفر أسامه بافتعال ليجيبه بهدوء مغيظ : بلى فعلت ولكن ماذا أفعل بقلبي حينما دعتني نور لم أقوى على رد الدعوة أبدًا ، اتبع وهو ينظر إلى نوران التي يكاد أن تقع مغمى عليها من فرط الرعب - فأخلاقي كرجل نبيل لا تسمح لي أن أرد دعوة أي سيدة وخاصةً إن كانت ابنة الوزير مدللة آل الجمال.
هدر عاصم بغضب تأجج بعينيه : تحدث إلي وأنت تنظر نحوي لا تحد ببصرك بعيدًا عني أبدًا، وحينما تتحدث عن زوجتي تنطق اسمها كاملًا فلا تنس أبدًا يا سيد أسامة أنها نوران هانم الجمال ابنة وائل باشا و زوجتي .
رفع أسامه حاجباه بدهشة مفتعلة ليسأله : أووه هل تزوجتها ؟! اتبع هازئًا - حقًا لم أكن أعلم.
تمتم بثغر ملتوي باستهزاء جلي وهو يخفض بصره أرضًا ملتزمًا بطاعة غير حقيقية : وهي .. أقصد نوران هانم لم تخبرني ، ضحك بخفة و وضع كفيه في جيبي بنطلونه ليكمل - أو أنا أحمق لم أدرك خاتم الزواج ببنصرها .
اطبق عاصم فكيه مسيطرًا على غضبه ليخطو إليه في كبرياء ورثه و رأس مرفوع بشموخ لم يهتز فيرفعه قليلًا ليجابه قامة أسامه الطويلة عنه قليلًا قبل أن يهمس أمرًا : إلى الخارج، لا أريد أن أراك هنا ثانيةً إلا بأمري ، فوجودك بالمؤسسة أمر غير مرغوب به نهائيًا يا حضرة الضابط سابقًا .
طرف عاصم بعينيه بعيدًا لوهله قبل أن يعود إليه ينظر نحوه بتهديد صريح : ذكرني فأنا حقًا لا أتذكر ماذا تعمل الآن بعدما فُصِلت من عملك ، وكيف استطعت العودة إلى أرض الوطن ؟! ومضت عيناه بوعيد - على ما أذكر أنت غير مرحب بك هنا.
انتفض فك أسامه بغضب واضح لم يحاول كتمانه ليجيب ساخرًا : هذا كان زمان يا عاصم بك، الآن أنا وريث غالي ، ألم تسمع عنهم ؟!
ابتسامة هازئة والمكر يتجسد في عيني عاصم الذي همس بفحيح : بلى أعرف والسيد غالي صديق شخصي لعمي وشريف بك خطيب ابنته يعد من عملائنا الكرام وهذا يجعلني أفكر هل خالك العزيز يعلم بوجودك هنا ، وبهذه الصفقة الوهمية التي أتيت بها لمؤسستنا ، أم أنت تتلاعب من خلفه ؟!
شد أسامه جسده بعنفوان : لا أحد يتلاعب بما هو ملك له .
ابتسامة غاضبة شكلت ملامح عاصم الذي هتف بتهديد صريح : إذًا حافظ على ممتلكاتك يا سيد أسامه وممتلكات خالك الذي على ما اعتقد لن يسر أبدًا إذا علم بأني غير راضيًا .
اكفهر وجه أسامه غضبًا ليهمس بجدية : ولكن هناك شرطًا جزائيًا عليكم لي يا عاصم بك
ألقاها هازئًا فأجابه عاصم وهو يصرفه بكفه في إشارة متعالية : حينما أعد من سفري سأدعوك لتسوية هذا الأمر ومن الآن لحين عودتي إياك أن تخطو برجليك إلى داخل المؤسسة يا سيد أسامه وإلا أنت تعلم حينما اغضب ماذا يحدث ،
تابع عاصم وعيناه تلمع بتهديد صريح : لا تنس أبدًا أني أقوى على إذابة الارض من تحتك ، لا ترمي بنفسك إلى التهلكة وأنت تظن انك تنتقم يا أسامه ، فمهما حدث ومهما مرت السنوات أنت لا تقوى على مجابهة كبير آل الجمال ،
أكمل بجدية هادئة وصوت خافت موقن من وصوله لتلك الجامدة كجثة هامدة تنتظر حكم اعدامها : أنت حتى لا ترقى أن تكون ندًا لي وأنت مدرك لهذا كله ، بل امبراطورية غالي التي تتغنى بها لا تأتي ضلعًا واحدًا فيما أملك يا أسامه بك.
ضيق أسامه عينيه ليهمس بتحدي قوي : من الواضح أن معلوماتك عني قديمة قليلًا يا عاصم بك ، فأنا الآن ليس وريث غالي فقط ولكن لا يهم سأنتظر دعوتك وصدقني حينها سألبيها وأنا نفسي راضية .
اتبع بصوت طبيعي وهو يشعر بمراجل غضب عاصم المتقدة تحرق أوردته : أراك على خير،
رفع رأسه ينظر من فوق رأس عاصم نحوها فزمجر عاصم غاضبًا ليبتسم باستفزاز تعمده : كنت سألقي التحية فقط ، أراك على خير يا نور.. صمت لوهلة ليكمل حديثه - يا نوران هانم.
ألقاها بضحكة مكتومة ليتحرك خارجًا فيرفع عاصم ساقه يرفس الباب من خلفه فيغلقه بقوة اجفلتها وارتعد جسدها بخوف لتنهمر دموعها على الفور وهي تهمس باستجداء حينما استدار إليها فتنهض واقفة تقترب منه بتوسل : أرجوك يا عاصم اسمعني أولًا ، هاك أنا اتوسل إليك أن تستمع فقط .
نظر إليها مطولًا وغضبه يتقد بعينيه ليهمس من بين أسنانه : استمع إليك ، تعالى صوته وهو يردد باستنكار - استمع إليك
ليهدر بقوة وغضبه ينفلت من عقاله : طلبت منك شيئًا واحدًا فقط ، شيئًا واحدًا و أخبرتك ألا تفعليه وأنت ماذا فعلت ؟! أخبريني لماذا علي أن استمع إليك وأنت عاندت بتعمد وبقصد ، ما الذي علي أن استمع إليه ؟! وكيف علي أن استمع وأنا لا أطيق النظر إليك الآن أو الاستماع إلى صوتك.
همت بالحديث ليشير إليها بكفه مقاطعًا : فقط اصمتي ، فأنت لا تفهمين شيئًا ،اتبع صائحًا بجبروت - لقد منحتك ثقتي .. اسمي .. وتوجتك مليكة قلبي وأنت ماذا فعلت
صرخ بقوة : خدعتني .. دورت من حولي وطعنتني ، المرة الماضية كذبت والمرة هذه أيضًا خبأت أمرك عني ، لم تأبهِ بي وبغضبي .. لم تهتمي بألم روحي .. ولم تعيري لكونك اصبحت زوجتي اهتمامًا .
ومضت عيناه بشرار غضب امتزج بازدراء أجبرها على التراجع بعيدًا عنه : لطالما كنت لا تهتمين سوى بك .. برغباتك وبم تريدينه دون أن تهتمين بأي شيء آخر سواك ، لطالما تطلعت لنفسك وتمسكت بغرورك وتدللت لنيل أحلامك دون النظر لأي شيء آخر سواك، لطالما كنت أنانية .. حمقاء .. مدللة وغبية لم تري أبعد من أنفك ولم يدرك بصرك سواك ، قضيت عمري بأكمله أدور من حولك اتمنى لك الرضا لترضي .. تبصري .. تنظري وتطلعي نحوي وأنت .. أنت عمياء .
اختنق صوته الذي بُح صراخًا - عمياء القلب والنظر وعديمة الإدراك والبصيرة والآن تريدين مني الاستماع
لقد سأمت منك ومن دلالك ومن غرورك يا نوران هانم ، سأمت ولم اعد قادرًا على التحمل ، منذ الآن لن انظر نحوك .. لن اتطلع إلى رضاك ولن أخطو إليك ، و سأكسر أنفك هذا الذي ترفعينه غرورًا وكبرًا لتعلمي أن العالم لا يدور من حولك ولتدركين أن هناك طوفان قادم سيقتلعك من جذورك ويلقي بك في صحراء قاحلة لن تجدي فيها بردًا ولا ماء.
لهثت أنفاسه المتتالية ليقترب منها فتتراجع بخوف ولكنه أوقفها وهو يقبض عليها يقربها منه رغمًا عنها ، ينظر إلى عمق عينيها ليهمس بوعيد أنار عسليتيه : إياك والتفكير في أني سأطلق سراحك ، لا لن أفعل ، فهذا ليس أنا ، فعاصم الجمال حينما يمتلك لا يترك ما امتلكه وأنت ملكي .. رغم أنف الجميع حتى أنفك الجميل هذا أنت ملكي ولكن الآن وبعدما فعلت اهلًا بك في عصر جديد ستكونين فيه جارية للسلطان وليست مليكته ، فمن نصبك على عرش قلبه .. و وضعك تاج فوق رأسه ، سيخلعك عن حكمك .. ويزيحك من موضعك .. لينفيك ويذيقك جحيمًا لم تدركيه قبلًا ، ارتعد جسدها فيقبض على مرفقها أقوى ويقربها إليه أكثر ينظر إليها بكره اختضت له روحها - عليك الآن أن تتعلمي كيف سترضين مليكك .. وتسعدينه ، وإياك أن تقحمي أحدًا في الأمر و إلا قسمًا بالله لن اهتم بأي شيء آخر بل سأهدم العائلة فوق رؤوس الجميع لأحظى بانتقامي منك يا حبيبتي .
***




التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 21-09-20 الساعة 07:02 PM
سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-09-20, 06:14 PM   #386

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي




تخطو برزانة نحو غرفة نومها وهي تتحدث بالهاتف مع يمنى التي تخبرها عن بعض الأشياء تريدها حبيبة والأهم وجودها هي معها فابتسمت برقة وإجابتها أنها ستأتي فقط تنتظر إيناس التي تأخرت كعادتها وستأتي برفقتها هي وليلى التي تنتظرهم بعدما أعدت الطعام لحبيبة برًا بقسمها من بعد زفاف أسعد أنها هي من ستعد الطعام لجميع الأعراس القادمة ، اغلقت الهاتف وهي تستمع إلى تعجل ابنتها لحضورها فتطمئنها أنها لن تتأخر عليها فهي ارتدت ملابسها ومستعدة ، تنفست بعمق وهي تفكر في زوجها المنطوي على نفسه منذ يومان يراقب كل ما يحدث من حوله وكأنه يعايش حلم يرفض تصديقه لتمر من أمام غرفة ابنتها فتعبس بتعجب وهي تنظر للباب الموارب فتطل داخل الغرفة ليرتفعا حاجبيها بتعجب من وجوده بداخلها ، يقف بمنتصفها وشارد بكل تفاصيلها ، ابتسمت برقة لتهمس باسمه في هدوء فيلتفت إليها لتتبع بتساؤل : أنت هنا ؟!
ابتسم بتوتر وأشار برأسه إيجابًا فتنظر إليه بحنان وتهمس بحنو جاش بصوتها : ماذا تفعل ؟!
هز كتفيه بعدم معرفة ليهمس باختناق : لا أعلم ولكن شعرت بأني اشتاق لحبيبة فأتيت.
دمعت عيناها بعفوية لتقترب منه بمواساة : لم تغادر بعد لتشتاق إليها يا بلال .
تمتم بطفولية وصوت أجش متخم بعاطفته : لا أريدها أن تغادر .. لا أقوى على التخيل أنه سيأتي يوم لن استيقظ على ابتسامتها .. سأجلس على طاولة الفطور دونها ، دون ابتسامتها الصافية قبلتها الرقيقة وبونجور بّابّا التي تضبط يومي كاملًا من بعدها ،
صمت و أنفاسه تختنق ليكمل بعد وهلة : لطالما استقبلتني استقبال ملكي حينما أعود من الخارج .. هي من كانت تركض لي .. تحتضنني .. وتلجئ لي .. وتهون علي ، هي الوحيدة من كانت تتمسك بي ببقائي في حياتها و وجودي .. هي الوحيدة من أشعرتني بأني متفرد .. مختلف .. لا مثيل لي .
انهمرت دموع سوزان بعفوية لتحتضن وجهه بكفيها تنظر نحوه باعتذار صادق قبل أن تضمه إلى صدرها بقوة هامسة من بين بكائها : أنت متفرد يا بيلي ، فقط أنت من لا يدرك قيمته لدينا .
تحكم في دموعه بصلابة ليسحب نفسًا عميقًا يجلي مجرى تنفسه ليتحدث بشكوى واضحة : أنا اشتاق لها دون أن تغادر ماذا سأفعل حينما ترحل بالفعل .
ابتسمت برقه لتجيبه بعدما ابتعدت عنه قليلًا : لا شيء حينها ستتصل بها وتخبرها أن تأتي لك فستفعل هي على الفور .
صمت لتهتز نظراته بتوتر قبل أن يسأل : وهل سيتركها زوجها تأتي لي كلما أردت ؟!
ضحكت سوزان من بين دموعها لتجيبه بثقة : نعم سيفعل ، عمر ابن حلال و ذو تربية جيدة.
تنهد بقوة ليهمس باقرار : نعم أعلم وهذا ما أجبرني على الموافقة يكفي أنه تربية خالد ، بل ما شجعني بالأساس لأقبل به هو خالد فخالد رجل كحد السيف لا يرضى بالخطا ولا يقبل به ، أنا مطمئن عليها معه ولكن .. تنهد بقوة ليتبع - ماذا أفعل بقلبي ؟!
ربتت على قلبه لتهمس إليه بدعم : تهدأه وتخبره أن يتوقف عن الخوف غير المبرر وتطمئنه أن ابنتك لن تبتعد عنك بل ستظل دومًا من حولك وليست بمفردها بل هي و زوجها و أطفالها الذين سيأتون ويملئون علينا البيت بصراخهم وضجيجهم .
لانت عيناه بفرحة حقيقية ليتمتم بصدق : يا ليت أنا أريد الكثير من الأطفال الكثير والكثير ليكمل بحماس - سيأتي بهم سليم بإذن الله .
عبست سوزان باستنكار لتهتف به : ممن ؟!! من جيجي هانم ؟! رمقها بلال بدهشة فاتبعت بغيظ هازئة - اها إن شاء الله إذا تزوج منها حينها يأتي لك بالأحفاد الذين تترجاهم من رب العالمين .
لوى شفتيه بضيق : يا الله يا سوزان ، لا أفهم للآن ما اعتراضك على الفتاه ؟! إنها جيدة وتحب ولدك وهو يريدها .
ابتعدت عنه برفض تشنج له جسدها لتنظر إليه باستنكار قبل أن تهتف به : بل أنا من لا يفهمك يا بلال ، منذ متى تساند سليم في قرارته .. منذ متى وأنت راضيًا عنه .. منذ متى تدفعه لشيء أنا ارفضه ، والأهم كيف لا ترى أن علاقة ابنك بتلك الجيجي ليست جيده وليست بصالحه .
زفر بقوة ليناقشها بتروي : لماذا ليست في صالحه يا سوزان ؟!
هدرت بنقمه : إنه لا يحبها .
أجاب ببساطة : ومنذ متى الحب أساس كل شيء ، أخبريني ؟! اتسعت عيناها بصدمة ليتتبع بجدية - كم من علاقة كانت أساسها الحب ولم تستمر بل انتهت بفشل ذريع .. ومن استمر على أساس الحب فقط استمر مشوهًا .. ناقصًا .. غير سليمًا .
صمت قليلا ليكمل برزانة : لا انكر أن الحب أساسًا قويًا ثابتًا تقام فوقه العلاقات ولكن دون أن يكون منفردًا لابد من الكثير يحيط به ليقويه ويدعمه ويسانده .
ابتسمت بألم لتجيبه : نعم معك حق وأنا أكثر من يعلم أن الأمور لا تستقيم بالحب .
زم شفتيه لينطق من بينهما بضيق : لا تشخصني الأمر يا سوزان واصغي لما أقوله لك .
هدرت بجنون : وما الذي تقوله يا بلال ؟! أنك راض عن اقتران ولدك الوحيد بانجي هانم وأنت تدرك تمامًا أنه لا يحبها ،
زفر بقوة ليمأ برأسه موافقًا : نعم يا سوزان أنا راضي لنفترض أنه سيتزوج زواج مرتب هل سنشترط الحب عليه أم سنكتفي بالقبول والرضا بين الطرفين وهاك هو يرتبط بفتاة القبول والرضا متواجد بينهما فما وجه اعتراضك بالله عليك
أجابته بسرعة : أني اشعر بأن الأمر ليس مستقيمًا بينهما ، بل ما أشعره أن ولدك متورط مع هذه الفتاة بشيء يخفيه عني ولذا يسارع بزواجه منها لهذا الشكل غير المنطقي لدي !!
نظر إليها باستنكار ليعاتبها بالقول : أنت من تتهمين سليم يا سوزان ؟! هل أنت لا تعرفين ولدك جيدًا ؟!
نطقت بصرامة : بل أعرفه جيدًا لذا أخبرك أن هناك أمرًا ما تخفونه عني أنت و ولدك ، فمنذ أن تصالحتما سويًا وأنا لا أفهم ما يدور بينكما بل أنتما تتجاهلاني بشكل مستفز وتضعان رأسيكما ببعضكما ولا تهتما بي وما حدث مؤخرًا عند الآنسة انجي هانم و أنتما تفاجأني بخطبة مرتبة و ولدك الذي يحمل الخواتم بجيب سترته خير دليل على ذلك.
كتم ضحكته حتى لا يثير جنونها أكثر ليشاكسها متعمدًا : هل تغارين يا سوزان ؟!
اكفهر وجهها لتهدر بضيق : لا تتفه الأمر يا بلال فأنت تدرك جيدًا أني محقة فيم أقول .
سحب نفسًا عميقًا ليقترب منها يجذبها من ساعديها نحوه يقربها إلى صدره ليضمها إليه هامسًا لها : حسنًا لا تغضبي ، أنت محقة ولكن يا سوزان هل غضبك .. ضيقك .. مخاصمتك لسليم سيحل الأمر ؟!
زمت شفتيها لتجيب بنزق : لا ولكن هل موافقتي على زواجه بالعيد أي بعد أكثر من شهر بأيام معدودة هو الحل ؟!
أومأ برأسه موافقًا : إذا كان هذا سيرضيه نعم هو الحل .
نظرت إليه بحيرة لتهمس بجدية : أنا لست راضية عن هذه الزيجة يا بلال .
أجاب بهدوء : أعلم ولكن ولدك يريد الفتاه وهي تحبه وتطلع إليه وكانه حلم عمرها بأكمله .
رمقته بحنق لتسأله بجدية : وهذا لا يثير تساؤلاتك .. حيرتك .. وخوفك .
ابتسم ليجيب بضحكة ساخرة : أخاف على من ؟! اتبع هازئًا - على سليم ؟!!
أومأت برأسها فضحك مرغمًا ليجيبها بيقين : ابنك لا يخاف عليه ، بل يخاف منه يا سوزي، ما عرفته عن ولدك العزيز الفترة الماضية لم أكن أتخيله يومًا ، سليم كمغارة علي بابا الداخل بها مفقود .
أجابته باختناق : إذًا نخاف على الفتاة الوحيدة التي سيتزوجها ولدك الذي لا يحبها .
مط شفتيه بتفكير ليجيب بعفوية : ابنك لن يضيمها ، سليم رجل ولن يجرحها يومًا .
تمتمت باختناق : عدم حبه لها سيحرجها يومًا ما يا بلال .
هز كتفيه ليجيبها : إذًا ادعي له أن يحبها مع العشرة يا سوزان فهي تستحق .
تنهدت بيأس لتهمهم : حسنًا يا بلال على راحتك أنت و ولدك .
همت بالابتعاد عنه ليتمسك بها فتعبس بتساؤل فيغمغم إليها بشقاوة : ألا استحق مواساتك اليوم ، فابنتي تتركني وتذهب لآخر غيري .
ضحكت برقه لتهمس : إنها ابنتي أنا الأخرى .
أجاب بعفوية : إذًا اواسيك بدوري .
ضحكت برقة لتهز رأسها بيأس : حسنًا الليلة نفكر بأمر المواساة هذا ، دعني حتى لا أتأخر على حبيبة.
عبس بضيق انتابه ليسألها بجدية : هل ستخرجين هكذا ؟!
نظرت إلى نفسها بعدم فهم : ما بالي لا أفهم ؟!
تذمر باعتراض جاد : الفستان ضيق يا سوزان ، اتبع وهو يجذبها من كفها ليوقفها أمام المرآه يشير إليها بجدية : انظري الى نفسك كيف ضيقًا ؟!
ارتفعا حاجبيها بصدمة لتهمس : بلال ، اليوم زفاف ابنتي و أنت لازلت تتحدث عن الفستان أنه ضيق أم واسع ؟!
تذمر بجدية : ما علاقة هذا بتلك ؟! اتبع وهو يمرر كفه فوق جسدها - انظري كيف الفستان ملتصقًا بك .
انتفضت مبتعدة عنه تنظر إليه باستنكار لتتنهد بقوة هاتفة : بلال ابحث عن شيء آخر نتشاجر به غير أمر الفستان هذا .
زم شفتيه بضيق ليسأل بغيرة خرجت عفوية : هل الفستان الذي ستحضرين به الزفاف ضيق مثل هذا ؟!
رفعت حاجبها باستنكار لتجيبه بمشاكسة : بل أكثر ضيقًا .. وقصير ومفتوح أيضًا .
زمجر باعتراض ليهتف بمرح : سأقتلك اليوم يا سوزان .
تعالت ضحكاتها وهو يقبض على ساعديها يجذبها إليه لتفرد كفيها فوق صدره حينما ضمها إليه هامسًا : أنا أحبك يا ابنة عمتي وحبيبتي و أم أولادي .
نظرت إليه بلهفة لتسأله بصوت مختنق : حقًا يا بلال ؟!
تنهد بقوة ليعاتبها برقي : لازلت تسألين يا سوزي ، اتبع بعدما قبل جبينها - أنا أحبك واعتذر منك على كل ما عانيته معي ، أحبك ولا أقوى على تخيل حياتي دونك ، أحبك وسأظل أحبك إلى آخر يوم بعمري يا سوزانتي .
تنهدت بقوة لتضمه إلى صدرها فيحنى عنقه ناويًا تقبيلها ليتوقف وصوت سليم يصدح بقوة وهو يقتحم الغرفة : المعذرة يا بّابّا تأخرت عليك .
توقف وهو ينظر إلى والديه ليسأل بعدم فهم : ماذا تفعلان هنا ؟!
كتمت سوزان شهقتها في صدر بلال الذي أجاب بمرح : عاود للخارج ثانية فأنا بعد إذن سيادتك أريد تقبيل زوجتي .
تجلت الصدمة على ملامح سليم ليسأل بعفوية : تقبلها في غرفة حبيبة ، لماذا ؟!
كتم بلال ضحكته ليهتف بصوت مختنق ضحكًا : وما شأنك أنت ؟! هيا إلى الخارج .
مط سليم شفتيه ليغمغم : حسنًا ولكن لا تتمادى فأنا بالخارج .
هم بالخروج ليعاود برأسه سائلًا بتفكه : حقًا أنت ستفعل يا بّابّا ؟!
أجابه بلال بعفوية : أفعل ماذا ؟!
أشار إليه سليم : ما تحدثت عنه الآن ؟! اتبع بتعجب - إنه أمر غريب بالنسبة لي حقيقة .
شهقت سوزان بقوة ليجيبه بلال : إلى الخارج يا سليم الآن ولا شأن لك بم أفعل ولا أفعل .
أشار سليم بكفيه معتذرًا : حسنا سأنتظرك بالسيارة ولكن لا تتأخر فتذكر أني بالخارج و انتظرك .
تمتم بلال بسبة خافته ليضحك سليم بخفة وهو يغادر الغرفة بل المنزل بأكمله وعقله يأخذه مرغما للأخرى التي مر عليها صباحًا فهو لم يقوى للذهاب إليها الليلة الماضية بسبب مكوثه مع أسرته ليجد نفسه مسيرًا في الصباح إليها مدفوعًا بقوة شوقه وتوقه لوجوده معها .. بين ذراعيها .. منغمسًا بها ، زفر بقوة وهو لا يقوى على فهم ما يحدث معه .. لأول مرة لا يقوى على تحليل تصرفاته وفهمها بل معها هو غائبًا عن الإدراك .. الوعي .. والفهم .
رن هاتفه ليتطلع إليه فيبتسم وهو بجيبها هامسًا بصوت أبح : اشتقت إليك ، وكنت تحتلين افكاري الآن كعادتك .
آتاه صوتها المتخم بسعادة : حقًا ؟! لقد شعرت بك فأنا الآخرى اشتقت إليك .
تمتم بخفوت وعيناه تومض بتوقه الذي لا ينضب : سأمضي الليلة معك ، بل سأمر عليك قبيل الزفاف لاصحبك ونذهب سويًا
تمتمت برفض واهي : لا تتعب نفسك يا سليم أعلم انك منشغل اليوم سأتي بنفسي .
هدر بحزم : لا ، بل سأمر عليك لنذهب سويًا ، فقط لدي بعض الاشياء سأتي بها لحبيبة و أقل بابا لمكان الزفاف ثم أمر عليك .
تمتمت برقة : حسنًا على راحتك ، سأنتظرك .
ابتسم ليهمس بمكر : هل لديك مخطط لسهرة اليوم أم ابتكر أنا ؟!
ضحكت برقة لتهمهم بخفوت : بل سأدعك تبتكر .
همس بشقاوة : سأبهرك .
تعالت ضحكاتها لتجيبه بعفوية : أكثر من هذا أنا مبهورة بالفعل يا حبيبي .
توترت ابتسامته ليغمغم سريعًا : حسنا سأغلق الخط فبابا قادم .
منحته التحية ليغلق هاتفه فيرمقه أبيه سائلًا : جيجي ؟!
أومأ برأسه وهما يستقلان السيارة ليسأل بلال بجدية : كيف حالك معها ؟! سعيد ؟!!
أجاب سليم بعفوية : بل مجنون .
التفت إليه بلال بعدم فهم فأكمل سليم ببوح - أنا أشعر بأني غير منضبط كليًا يا بّابّا .. أشعر بأني أغرق ولا اجاهد حتى لا اطفو بل اترك نفسي لتيارها والذي يجذبني لعمق قاعه والذي كلما أيقنت أني وصلت لقراره اكتشف أن هناك المزيد .
مط بلال شفتيه : مشاعرك .. قلبك ؟!
هز سليم رأسه نافيًا : قلبي ساكنًا يا بابا ولكن بقية مشاعري متفجرة .
زمجر بلال بخشونة : اعتدل يا ولد .
أجابه سليم بعفوية : انت من تسأل .
زفر بلال بقوة ليهتف به : حسنًا يا مجنون سأزوجك كما اتفقنا لأني خائف من جنونك هذا .
ابتسم سليم مؤثرًا الصمت ليسأله ببديهية : وماما ؟!
أجاب بلال بعفوية : تحدثت معها واقتنعت بالموعد .
هتف سليم بمرح : يا بيلي يا جامد ، ضحك بلال مرغمًا ليتبع سليم مازحًا - قصير ولكنك جبار.
هدر بلال بقوة : احترم نفسك يا قليل الأدب يا عديم التربية .
قهقه سليم بقوة ليميل نحو بلال يقبل طرف كتفه : نعتذر يا بّابّا لا تغضب كنت أمدحك والله .
دفعه بلال بضجر : حسنا انظر أمامك لنصل سالمان فلا ينقلب زفاف شقيقتك لعزاء لا قدر الله
اعتدل سليم ليتنهد بقوة هامسًا : سأشتاق إليها .
تمتم بلال بدوره : وأنا الآخر لدرجة أني افكر بأن افتعل مشاجرة مع عمر و ألغي على اثرها الزفاف
ضحك سليم بقوة ليهتف : لا يا بابا ارجوك فعمر قارب على فقدان عقله زوجه اليوم ونذهب لنأتي بحبيبة غدًا بإذن الله.
أومأ بلال باستحسان : فكرة مقبولة .
تعالت ضحكات سليم ليسأل بمرح : هل تظن أنه سيستقبلنا غدًا ؟!
تمتم بلال برفض : بالطبع لا
أومأ سليم برأسه موافقًا : أنا لو مكانه اهرب بزوجتي واقاطع الجميع .
تمتم بلال بقرف : ندل .
أجابه سليم مازحًا : في هذا الأمر جميعنا اندال يا أبو سليم .
رمقه بلال بطرف عينه قبل أن ينفجرا بالضحك سويًا
***
__ ماما .. يا لوما .. أين أنت ؟!
تحركت خارجه من المطبخ بينما رفع أحمد رأسه ينظر لولده ، الذي يهتف بصوت جهوري مناديًا على زوجته - بعبوس غاضب فأتت مهرولة سائلة بفزع : ماذا حدث ، ما بالك يا مازن ، هل أنت بخير؟!
ضحك ولده بمرح طفولي ليهتف : أنا بألف خير اطمئني ، فقط لا أجد قميصي الأزرق .
عبست لميا وخوفها عليه يكبل استيعابها فتهتف بعدم فهم : أي قميص ؟! لا أفهم !!
تمتم مازن وهو يحيط كتفيها بذراعه : لا أجده يا ماما ، ألا تعلمين أين هو فأنا أريد ارتداءه الليلة ؟!
نظرت له باستنكار وهي تبتعد عنه قليلا : الليلة ؟! لتتبع بمنطقية - ألم تصحبني معك البارحة لأجل أن نشتري قميصًا جديدًا لتحضر به الزفاف يا مازن ؟!
ابتسم بتوتر ليحك رأسه من الخلف : اها نعم ولكني اكتشفت أنه لن يكون رائعًا علي ؟!
رفعت حاجبها باعتراض لتسأله بجدية : لماذا ألن ترتدي سترتك السوداء ؟! أومأ برأسه إيجابًا فاتبعت بمنطقيه - إذًا أي قميص أيا كان لونه يليق عليها .
ابتسم مازن في وجهها بتوتر ليجادلها : اها نعم ولكني اتحدث عني أنا ليس السترة .
تكتفت لميا لتزفر بقوة قبل أن تمط شفتيها دون رضا هاتفه بجدية وصرامة لونت ملامحها : ولد يا مازن كنت سعيد بالقميص حتى بعدما استيقظت اليوم ما الذي حدث ؟! تحاشى النظر إليها بتوتر فتساءلت دون رضا - أم أن هناك من اخبرتك بأن القميص الآخر افضل عليك ؟!
قهقه مازن ضاحكًا ليهتف بها بمرح : لماذا دومًا تدركين أسبابي وتواجهينني بها ؟!
لم تضحك بل لم تهتز ملامحها عن صرامة خنقت الضحكات في حلقه لتهتف بجدية : اسمع يا بني كلماتي جيدًا وضعها برأسك دائمًا لا تندفع لتغير نفسك لأجل أي شيء أو شخص فمن يحب مازن سيحبه بكل أحواله و أيا كان مظهره ، لتربت على صدره بقوة قليلة - عامةً القميص متسخ وإذا أردت أن ترتديه أرسل به إلى المغسلة لعلهم يستطيعون إرساله إليك اليوم قبل الزفاف الذي سيقام بعد ساعتين .
عبس مازن وهو يراقبها تبتعد لينتبه على ضحكات والده المكتومة والذي ترك جهازه اللوحي من بين كفيه ليهتف بمرح خافت : لاعيبة لميا والله ، ركلتك على قفاك بالأدب ،
رمقه مازن بطرف عينه وعبوسه يزداد ليهمهم بعناد : إنها تغار وأنا اتفهم غيرتها علي .
تعالت ضحكات أحمد أكثر ليهتف به : واثق كثيرًا من نفسك يا ولد .
لوى مازن شفتيه وهو يتجه ليجلس مجاورًا لأبيه : أنا لا أفهم حقًا ما الذي يضايقها من علاقتي بخديجة رغم أنها تعلم بصداقتي لها من الصغر ، ومشاعري نحوها ، رمقه أحمد بصبر فاتبع مازن – السبب الوحيد الذي املكه أنها تغار علي كما تفعل عمتي مع علي .
ومضت عينا أحمد ببريق دمعي سيطر على حلقه ليسأل ابنه بمشاكسة : وانت تجنح لهذا المبرر وتنتشي به .
أجاب مازن بعفوية : بالطبع ، ألم تكن تغار عليك نانا ؟!
ضحك أحمد ليهز رأسه نافيًا قبل أن يتمتم : لا اعتقد فلطالما تركتني أنا وأمك على راحتنا ولم تتدخل أبدًا ، كانت تساند ياسمين دومًا أمام عمك وليد لأنها كانت أكثر صرامة منه فيم يخص الولدين ، صمت قليلًا لتبرق عيناه بوميض مشاغب وهو يفرقع باصبعيه – تخيل ، كانت تغار على وائل ، أو هكذا اظن فهي كانت تتبرم دومًا من دلال فاطمة عليه وعلى جدك رحمة الله عليه ، رغم أنها أبدًا لم تتدخل بينهما إلا أني كنت الحظ أنها تستاء كثيرًا حينما يدلل فاطمة جدك وينصرها على وائل رغم أن عمك يستحق ما هو أكثر من ذلك .
ضحك مازن ليسأل بجدية : ولكن أليس غريب ألا تتدخل بينك وبين ماما رحمة الله عليها و أنتما كنتما تسكنان معها في فترة ما كما اخبرتني من قبل .
هز أحمد رأسه نافيًا ليتمتم : كانت تحب ولاء كثيرًا رحمهما الله ، فوالدتك كانت الفتاة التي أتت بعد كثير من الذكور فكانت لها مكانة خاصة جدًا حتى في قلب جدك رحمهم الله واسكنهم فسيح جناته .
تمتم مازن مؤمنًا على دعائه ليزفر أحمد بقوة وهو يعتدل جالسًا ليحدث ولده بجديه : بالطبع لا أحد ينكر أن الأم تغار على ابنائها ولكن ما تشعره من لميا ليس غيرة عليك من أنثى أخرى يا مازن ، بل هي غيرة لأجلك أنت ، لمياء خائفة عليك يا بني ، عبس مازن بعدم فهم فاتبع أحمد بنصح – عليك أن تحافظ على اتزانك يا مازن فما تفعله ليس جيدًا .
رتب على ركبة ابنه القريبة وهو يكمل : خديجة ابنة صديقي المقرب تربت وكبرت أمام عيناي وأنا احبها كثيرًا فهي فتاة رائعة ولكن اندفاعك نحوها وأنت مدرك جيدًا أن مشاعرها ليست مؤكده نحوك سيؤلمك إذ لم تستطع اجتذابها إليك .
تمتم مازن بلهفة : كيف استطيع اجتذابها لي يا بابا ؟! أليس هناك طريقة حتى أقوى على امتلاك مشاعرها .. قلبها .. وتفكيرها ؟! نظر إليه أحمد مصدوم من مدى لهفته فتضرج وجهه بحرج غزاه ليتمتم متبعًا باختناق – أنا فقط لا أعلم ما الذي يقيدها .. يمنعها .. يبقيها بعيدًا عني .
ابتسم أحمد بألم غزى عينيه ليجيبه بهدوء : أمور القلب خارجة عن سيطرتنا يا مازن .. فهي لا تخضع لسلطان .. لا منطق يحللها .. ولا فكر يهذبها ، فمشاعرنا بدائية .. غير مروضة .. وجامحة في كثير من الاحيان ، فهي لا تقبل حكم ولا قيد .
تهدلا كتفي مازن بضيق فأكمل أحمد وهو يربت على كتفه بمساندة : لذا عليك أن تكون حكيمًا ولا تغرق في بئر تعلم جيدًا أنه دون قرار .
ابتسم مازن ساخرًا و أومأ برأسه متفهمًا لينهض واقفًا هاتفًا بجدية : حسنًا سأذهب لاستعد و ارتدي القميص الجديد حتى لاتغضب لوما فأنا ارهقتها كثيرًا البارحة حتى ابتعته .
ابتسم أحمد و أومأ برأسه متفهمًا ليتابع ولده الذي اختفى من أمامه ليعود بجسده للخلف وعيناه تشرد في الفراغ من أمامه يفكر في حديثه مع ابنه ، حديثه الذي يحمل الكثير من الصحة فهو الآخر لا يقوى على السيطرة على قلبه .. لا يقوى اخماد صراعه .. لا يقوى على أن يحب من يثق هو بحبها له ، لا ينكر أنه مرتاح معها .. حياته مستقرة في وجودها .. وبيته أصبح واحة مريحة تضمه مع ولده ومربيتها وابنته التي أتت لزيارتهما هي و زوجها منذ يومان وعيناها تنضح بسعادة و راحة تخيم عليها ، راحة اراحت قلبه فهو كان خائفًا عليها .. متوترًا بسببها و خاصةً بعدما زارها في اليوم السابع لزواجها فشعر بتوترها متزايد و رغم سؤاله لها إلحاحه عليها إلا أنها لم تمنحه جواب شافيًا يطمئن قلبه ، ولكنه بعد زيارتها خفت توتره و زال ضيقه واندثر خوفه عليها ، ابتسم مرغمًا وهو يتذكر مشاكسات أسعد المبتسم على غير عادته معها وحديثه الهادئ مع مازن عن أمر ما يخص الخيول على طاولة العشاء التي اصرت لمياء على اعدادها ليجلسون عليها جميعا ، فأمست ليلتهم سعيدة .. هانئة .. جميلة لدرجة أن مازن مازحهما هاتفًا بأن يقضيا الليلة معهما مشاكسًا أسعد بأنه مستعد لاستقباله بغرفته فغرفة جنى ضيقة وفراشها لن يسعهما سويًا فيجيبه أسعد بهدوء جاد أن عليه أن يقضي ليلته بغرفة جنى ويمنحهما غرفته بأريحية ليقضيا فيها ليلتهما فيعبس مازن باستنكار ويسحب عرضه على الفور تحت نظرات لميا العاتبة وتمتمات جنى المعترضة وضحكاته هو وأسعد المكتومة .
تنفس بعمق ليزفر أنفاسه كاملة وهو يحدث نفسه أن رغم عدم استقرار امورهما سويًا بل إنه لازال متباعدًا عنها وهي لم تقترب بدورها ، بل لازالت محافظة على حدود اقرتها بينهما منذ عودتها البيت هذه الليلة فأخبرته بهدوء و رزانة أنها ستبيت بجوار حور فرفض وهو يخبرها أن لا تغادر غرفتها وهو الآخر لن يفعل حتى لا ينتبه ابنه لما يدور بينهما وعليه ابتاع أريكة جديدة مريحة يتخذها فراشًا له بينما هي تنام بفراشها وحيدة .
نهض واقفًا ينوي هو الآخر الاستعداد لحفل الزفاف العصري والذي سيقام بوضح النهار ليدلف إلى غرفتهما فيبتسم بامتنان وهو يجد ملابسه معدة وموضوعه على طرف الفراش كما تفعل هي دومًا فهي لم تخل أبدًا بواجباتها نحوه كزوجته وربة منزله ، ليعبس بعدم فهو وهو يبحث عنها ليتجه نحو دورة المياه المفتوح بابها فيرتفعا حاجباه بدهشة وهو ينظر إليها بعدم فهم فيسأل بعفوية : ماذا تفعلين يا لميا ؟!
توترت حركتها لتبتسم إليه مجيبة : اغسل القميص لمازن ، سأجففه في المجفف و اضعه في المكواة الالكترونية ليقوى على ارتداءه كما يريد .
اتسعت عيناه بصدمة ليسألها ساخرًا رغم عنه : ألم تخبريه أن عليه ارساله للتنظيف إذا كان يريد و اسمعته محاضرة أن لا يهتم بآراء الآخرين و اشياء من هذا القبيل .
تورد وجهها بعفوية وهي تعصر القميص بقوة لتستدير إليه هاتفة بجدية : نعم فعلت ، فأنا لا يروقني ارضاءه المستمر للآنسة خديجة ، كتم ضحكته وهو يلتقط غيرتها الواضحة على ابنه لتتبع بحنان أمومي بدل ملامحها – ولكن هذا لا يمنع أن أرضيه و أفعل له ما يحب .
ابتسم مرغمًا وهو ينظر إليها من بين رموشه ليتمتم دون رضا : هذا دلال لا آخر له يا لمياء هانم ، أنت تفسدينه دلالًا وأنا صامت لا أريد أن اتدخل بينكما حتى لا اغضبك ولكن يجب علي أن اخبرك بأن دلالك له يفسده .
ابتسمت وهي تخفض بصرها لتهمس برقة : دعه يتدلل كما لم يتدلل قبل يا أحمد ، إن لم أدلله أنا من سيدلله ، ديجا هانم التي لا تعيره اهتمامًا والذي إذا حدث وتزوجها سيدللها ويرعاها ويتخمها بحنانه الفطري .
تمتم أحمد بعفوية : ومن الممكن أن يتزوج بإمرأة تشبهك فتفسده دلالًا كما تفعلين أنت .
تنفست بعمق لتهمس بصدق : يا ليت يا أحمد ، يا ليته يتزوج ممن يهواها قلبه وتفسده دلالًا كما اتمنى ، لتتبع بقنوط وعيناها تغيم بحزن دفين – ولكن للأسف أنا لا أشعر بأن الفتاة تميل إليه كما يفعل هو .
رقت نظراته لها ليبتسم وهو يقترب منها يحتضن كتفيها براحتيه هاتفًا : لا تبتأسي لأجله ، فهو قادر على حل معضلته بنفسه يا لميا . ارتجفت رغمًا عنها و رفضها للمسته يتجلى على ملامحها وابتعدت بجسدها عفويًا للخلف فتنغلق ملامحه بضيق ألم به ليتبع بصوت مختنق – اعتذر لم اقصد أن اضايقك .
تمتمت سريعًا : لم اقصد هذا فقط أنا .. صمتت قليلًا لتتبع هامسة – لا أريدك أن تعود لتلك الدوامة التي كادت أن تبتلعك المرة الماضية .
رف بعينيه ليبتسم ممتنًا قبل أن يتحرك من مدخل دورة المياه الذي يسده هاتفًا بجدية : لا عليك ، أنا مقدر ما تفعلينه معي ،
تحركت نحو باب آخر يخرجها للحديقة فاستنتج هو أنها ستذهب لغرفة الغسيل من الاتجاه الآخر حتى لا ينتبه مازن لها فتتمتم برقة وهي تغادر بالفعل : مهما فعلت أنا لا اوفيك حقك معي يا أحمد.
عبس بعدم فهم ليتبعها تلقائيًا وهو يفكر في معنى حديثها ليدلف خلفها غرفة الغسيل هاتفًا بتساؤل جاد : ماذا تعنين يا لميا ؟!
تصلب جسدها وهي تشغل المجفف لتضع به القميص قبل أن تجيبه بجدية وهي تنظر إليه : لا شيء أكثر مما تعرف ، أنا مَدِينّة لك بحلم البيت والزوج والابن الذي منحته لي .
رمقها مليًا ليهز رأسه نافيًا : لا ليس هذا ما قصدته .
ابتسمت بتوتر لتهمهم بخفوت : بلى هو .
اقترب منها للغاية ليهمس بصوت أجش : حقًا ؟! كُتِمت أنفاسها فأكمل وهو ينظر لعمق عينيها – حقًا أنت تتحدثين عن البيت والزوج والابن فقط يا لميا ؟!
أومأت برأسها إيجابًا فأكمل بتفكير : أنت محقة في أمر البيت و الابن ، فالبيت لك والابن وضعك بمقام أمه رحمة الله عليها ولكن الزوج .. اغتص حلقه ليهمهم باختناق – الزوج هو من يدين لك يا لميا ، فأنا لا امنحك حقك ولا أقوى على ايفاء وعدي لك ، أنا مقصر في حقك يا لميا اشد التقصير ولكن
هز كتفيه بيأس تملكه فاقتربت منه أكثر لتحتضن وجهه بكفيها : وأنا راضية .. قانعة .. ومتفهمة ، لا تحمل همي أبدًا فأنا مدركة لما تعانيه يا أحمد .
احتضن كفيها داخل كفيه ليقربها منه يقبل جبينها بامتنان سكن بعينيه : شكرًا لك .
ابتسمت لتهمهم بتبرم : عدنا لقصيدة الشكر التي لا أساس لها .
ابتسم مرغمًا ليلثم باطن كفها بود هامسًا : بل لها .
اضطربت نظراتها لتحاول الابتعاد عنه ولكنه كان الاسرع حينما ضمها من خصرها إليه يبقيها داخل صدره فهمست بجدية : أحمد أرجوك .
تعالت أنفاسه المختنقة داخل صدره ليهمس بصوت أجش : دعيني امنحك بعض من حقك .
هزت رأسها نافيه : لا ، لا تفعل ، أنا لا أريد .
همس بخفوت شديد وهو يحنى عنقه إليها : ولكني أريد .
لم يمنحها حرية الاعتراض وهو يمتلك شفتيها في قبلة عاصفة .. طويلة .. كررها كثيرًا وهو يضمها أكثر إلى صدره يلصقها بجسده ليتوقف أخيرًا حينما صدح صوت مازن من الخارج والذي من الواضح ينادي على لميا لشيء آخر غير مفهوم لهما فتهمس لميا بوجه محتقن وهي تدفعه بعيدًا عنها : يا للمصيبة .
لم يستطع أن يمنع ضحكاته التي تعالت فجذبت ولده الذي كان يمر أمام باب الغرفة الآخر ذاهبًا للمطبخ على ما يبدو : بابا أنت هنا ؟! ألا تعلم أين لوما ؟!
توقف مازن عن الحديث وهو يلمح لمياء الواقفة بين ذراعي ابيه الذي لا يستجب لدفعاتها الخجول فلم يبتعد عنها قبل أن يهتف بابنه : ماذا تريد من لوما يا مازن ؟!
كح مازن بخفة وهو يتراجع للخارج من جديد هاتفًا بمرح : لا شيء ، بعد إذنكما .
دفعته بجدية : اتركني يا أحمد ماذا سيقول الولد الآن ؟!
ضمها إلى صدره أكثر هاتفًا : لن يقول شيء ، وحتى إن قال ، لا اهتم به وبقوله .
نظرت إليه بعتاب لتهمس بجدية : اتركني لأضع قميصه بجهاز الكي .
هز رأسه نافيًا ليحتضن كتفيها بذراعه ويدفعها أن تغادر معه : لا لن تفعلي ، عليه أن ينفذ نصيحتك ، ثم حان الوقت أن تستعدي بدورك للزفاف ، هيا بنا ، أنا الآخر ساستعد ، ابتسمت ونظرت إليه مليًا متسائلة فابتسم بوجهها ليمأ برأسه متبعًا – أنا بخير لا تقلقي .
***
توقفت بجوار سيارة خالها التي اقلتها من باحة قصر جدها الذي تقيم فيه منذ مشاجرتها الأخيرة مع والدتها وبعد حديث طويل مع أبيها الذي ترجته أن يتركها تقيم هنا وهو الذي كان رافضًا ولكنها توسلت إليه وهي تهتف به أنها تريد الابتعاد عن والدتها حتى لا يتشاجرا من جديد ، فاستجاب دون رضا حقيقي لتأتي هي و تجاور نوران التي رحبت بها في غرفتها وهي ترمقها بنظرات مستفهمة عن سبب تغييرها الذي لاقى استحسانًا عند الجميع ما عدا أمها.
اغتص حلقها وهي تفكر في والدتها التي تخاصمها فتشمخ برأسها في عناد تمسكت به وهي تفكر بأنها لم تخطئ في شيء و أن والدتها من تتعنت معها دون وجه حق فتلجئ هي إلى من يجرؤ على الوقوف بوجه والدتها والذي شعر بأنها تلجئ له رغم أنها لم تخبره ولكن نظرة واحدة منه سبرت أغوارها فدعاها بلباقة أن تجاوره السيارة وخاصةً أنه وحيد ففاطمة تجاور شقيقتها منذ الصباح ونوران أصرت أن تذهب مع أميرة و أدهم الذي صحبهما في سيارته ، نوران التي عادت من المؤسسة على غير طبيعتها ولكنها تظهر عكس ما تبطن على ما يبدو فلم تحاول هي التطفل على ابنة خالها ، ابتسمت برقة وهي تنتظر خالها الذي ترجل بعد قليل حينما أخبروه الحراسة أن يفعل ليقترب منها ببطء يمد لها مرفقه فتتعلق به لتهتف بمرح : اووه سأجاورك دخولًا أيضًا ، يا لحظي اليوم ؟!
أجابها بشقاوة : بل أنا المحظوظ بمجاورتك لي يا جميلة ، فالجميع سيحسدني عليك وفي الغد ستكتب الصحف عن الجميلة التي جاورت سيادة الوزير وبعد أسبوع سيطلقون إشاعة عن زيجته الجديدة وحينها ستقتلني فاطمة بقلب مرتاح .
تعالت ضحكاتها مغردة من حولهما فابتسم وائل بحنو أبوي ليهمس إليها : بالمناسبة اعجبني النيو لوك الجديد ،
التمعت عيناها بفرحة حقيقية لتسأله بجدية : حقًا ؟!
أومأ برأسه ليدفعها بلطف وهو يحتضن خصرها بذراعه هامسًا : إنه يظهر جموحك يا ابنة إيمان ، وأنا اعشق الجموح .
عضت شفتها بمكر لتسأله وعيناها تنير بزرقه رائقة : لذا تعشق تامي .
تنهد بقوة : ما يجمعني بفاطمة أكثر من العشق ، توردت ليتبع بجدية وهو يضغط خصرها بكفه ويقربها منه هامسًا - ولكن وجب علي تحذيرك فكل شيء بثمنه يا ملك ، الجموح له ثمن .. والطاعة لها ثمن .. والانتقام أيضًا ثمنه مهول ، فإياك أن تحسبي أن ما تقدمي عليه سيمر هكذا دون عائد أو مردود ،
اهتزت حدقتيها بتفكير فأكمل : عليك فقط أن تفكري جيدًا في الثمن الذي ستنفقينه لتحصلي على ما تريدينه ، رغم أنه يروقني مظهرك .. زينتك .. حتى فستانك رغم أنه لا يشبهك وفي ظروف أخرى كنت اعترضت عليه إلا أني لن افعل اليوم .
رفعت نظراتها إليه باهتمام فاتبع شارحًا - ليس لشيء سوى أني اشعر بأنك تحتاجين هذا التغيير ، وعليه سأصمت واغض الطرف عن كل ما لا يعجبني ولكني أحذرك فما أنت مقبلة عليه يا ابنة مالك ليس بجيد.
ازدردت لعابها ببطء وشحبت ملامحها ليبتسم إليها مطمئنًا .. داعمًا : اليوم أنتِ في حمايتي، افعلي ما تشائين ولا تأبهين بشيء ولا بشخص ، لأن عندما ينتهي الزفاف واليوم سنغادر سويًا ثم تعودين لقواعدك سالمة ،
لانت نظراته بحنان يختصها به : ستعودين ملك الصغيرة ابنة شقيقتي الوحيدة ، ابتسمت برقة فأكمل بتفهم – بالطبع لن أخبرك أن تعودي لمظهرك القديم ولكن ارغب منك أن تتمسكي بروحك النقية التي اعشقها فيك .
ابتسمت بألم ومض بعينيها اللتين اخفضتهما لتهمس بخفوت : لا شيء يبقى كما هو يا خالو ولكن أنا اقبل ، و اعدك سأحاول .
ابتسم بتفهم ليهمس إليها أمرًا : حسنا اتفقنا هيا اريني شموخ الجمّال الذي يسري بأوردتك وجاذبية أبيك الطاغية ونحن نقترب من الجميع وليعينني الله على أمك.
ضحكت برقة وهي تلتجئ لصدره ثانيه فيضمها إليه وهو يهتف بتحية جهورية حينما اقترب من عائلته ليجيبها القليل قبل أن تتعالى صيحات الاندهاش والاستحسان لمظهرها الجديد في حين ظل مالك صامتًا وإيمان وجهها مكفهر بغضب عارم ليهتف أدهم أخيرًا بعدم تصديق : ملك ، هذه أنت ؟! متى أصبحت صاروخ ؟!
ارتدت رأس علي المذهول لابن خاله مزمجرًا باسمه فرفع أدهم كفيه هاتفًا : لا أقصد والله ولكن .
صمتت دون أن ينطق ليكتم مازن ضحكته قبل أن يهتف مصرحًا وهو يقترب منها يصافحها يضم كفها بين راحتيه ضاغطًا عليه بدعم : إنها قمر منذ صغرها .
رمقها عمار بنظرات ثاقبة ليبتسم دون رد في حين هتف وليد : احببت التغيير يا لوكا ، هكذا أفضل
ابتسمت برقة ليهتف علي باستنكار : أفضل ؟! ليتابع وهو ينظر إليها - ما هذا الذي ترتدينه يا ملك ؟!
هتف وائل بجدية : لا شأن لك يا ولد ، لا شان لأي منكم بها ، فهي اليوم تحت حمايتي ، رفع عينيه لمالك الذي ينظر إليها بيأس تملكه - بعد إذنك يا مالك .
تمتم مالك بصوت مختنق : وهل نقوى على رد طلبك يا معالي الوزير ؟!
أشار وائل برأسه مستحسنًا ليغمز لها بعينه فتهتف برقة : سأذهب لأسيا.
تحركت بخطواتها الراقية وكعبي حذائها يدويان فوق الأرض الرخامية ليتابعها أدهم بنظراته قبل أن يهتف بعبوس طفيف خافت وهو يجاور والده : بابا ادعوها لتعود وتجلس بجوارك ، ليس من الجيد أن تغدو وتجيء بهذا الفستان .
رفع وائل حاجباه ليضحك وليد بخفة هامسًا بتوبيخ : لا شأن لك يا ابن أبيك ، يا من تغار على الحائط إذا لم تجد من تغار عليها ، اجلس واصمت لا نريد لعمتك أن تنفجر بنا فيكفي ضغط اباك عليها بتحذيره الصارم.
تمتم أدهم بخفوت : انظر إليها يا عماه ، إنها رائعة لا يصح أن ينظر إليها كل الحضور وهي هكذا.
كتم وليد ضحكته التي كادت أن تجلجل وهو يتبادل النظرات مع أخيه الذي نطق من بين أسنانه : اصمت يا أدهم ولا شأن لك بها ،
هم أدهم بالحديث وعيناه معلقة بابنة عمته ليصمت مرغمًا حينما بزغت الأخرى أمامه فيتأملها بشوق من اخمص قدميها .. ساقيها العاريه إلى ما فوق ركبتيها بلونهما الأبيض المرمري ، إلى حافة فستانها بلونه الاخضر الغني وقماشه المخملي اللامع يلتف من حول جسدها ضيق فيظهر فتنتها بوضوح ، يرفع عيناه فيتأمل صدر الفستان المربع فيظهر بياض نحرها المزين بقلاده ماسية بدلاية كبيرة إلى حد ما ترتاح اسفل عظمتي ترقوتها بلون أحمر ناري يماثل لون حذائها وحقيبتها الصغيرة التي تضوي بكفها ، ذراعيها مخفيتان خلف كمين من التل يماثلان لون الفستان الذي استنتج هو أن ظهره مربع من الخلف أكثر فيفكر عقله بشكل عنقها المرمري وخاصةً مع تلك التسريحة التي لملمت خصلاتها الشقراء فيها فاظهرت زينتها الكثيفة والتي ازادتها فتنة طاغية .
غامت عيناه فلعق شفتيه دون وعي إلى عمه الذي يراقبه عن كثب ليهمهم بخفوت بالقرب من أذنه : ها هي وقفت بجوار الصاروخ الآخر فلا هناك أحد افضل من أحد .
رمش أدهم بعينيه ليغمغم : عمي من فضلك لا تلقب آسيا بهكذا لقب .
اعتدل أبوه بجلسته ليشير وليد بعينه إلى وائل الذي أومأ له بأنه منتبه لحديثهما فيسأله وليد بمكر : لماذا أليست صاروخ ؟!
عض أدهم شفته السفلية من الداخل ليهمس بصوت أبح : لا ، رفع وليد حاجبه باعتراض فأكمل أدهم بعاطفة قوية خنقت صوته - آسيا أكثر بكثير من وصف فارغ تافه لا يعبر عنها ، آسيا .. آسيا حياة صاخبة .. متجددة .. وغير فانية .
شحب وجه وائل لتتسع عينا وليد بصدمة فيسأله سريعًا : ولد يا أدهم أنت ..؟!
اشار له وائل بالصمت فقضم وليد حديثه ليسأل وائل بجدية وهو يربت على كتف ابنه فانتبه أدهم إليه : بم أنك تقدرها هكذا ، وأنا أشعر بانك معجب بها ولأني – أيضًا - لا أريد خسارة الأمير وعائلته من تحت رأسك ، هل أتحدث مع والدتك لتتحدث مع إيناس ونخطبها لك ؟!
عبس أدهم وصمت قليلًا ليجيب بجدية : من قال أني معجب بها ؟!
نظر إليه وائل مليًا بينما عبس وليد باستنكار مهمهمًا بانزعاج : قصيدة الغزل يا ابن فاطمة التي أسمعتها لنا الآن .
لانت ملامح أدهم ليهمس بضحكة : اها ، لا هذا ليس غزلًا ، تمتم وليد بسبة خافتة ليكتم أدهم ضحكته هاتفًا باعتراض : بابا أسمعت عمو وهو يسبني .
أجاب وائل من بين أسنانه : والله عمك مؤدب ، أنا كنت سأفعل ما هو أفظع ولكن للأسف نحن في وسط الناس.
قهقه أدهم ضاحكًا ليهتف شارحًا : أنتما لم تمنحاني الفرصة لأشرح لكما ،
تمتم وليد بنزق : اشرح يا ابن الوزير .
عبس أدهم ليسأل بمرح : لماذا اشعر بأنها سبة ؟!
ربت وائل على كتفه بغيظ : لانها بالفعل كذلك ، هيا انطق فأنا صبري قارب على النفاذ .
كح أدهم بخفة ليهمس بجدية : هل إذا تحدثت عن مواصفات نوران الجيدة ، يكون حديثي وصلة غزل ؟!
رمقه وائل مليًا ليجاريه وليد : بالطبع لا .
هز كتفيه ببساطة : هذا ما حدث حديثي عن آسيا ليس إلا ذكر الصفات الجيدة لصديقتي المقربة ، تبادل الأخوين النظرات ليهتف هو سريعًا وهو يقفز واقفًا مستجيبًا لنداء أحمد - سأذهب لأرى ماذا يريد ابيه أحمد ، بعد اذنكم .
أطبق وائل فكيه ليتمتم وليد بيقين : ابنك يهرب من مشاعره يا وائل .
أومأ وائل برأسه متفهمًا ليهمس بصوت مختنق : آسيا لا تبادله مشاعره لذا هو يلجئ للإنكار .
تساءل وليد بجدية : وأنت ماذا ستفعل حيال هذا الأمر ؟!
مط وائل شفتيه ليهمس بتفكير عميق احتل عينيه : لا أعلم ، حقًا لا أعلم .
رفع وليد حاجبه باعتراض ليدير رأسه نحو آسيا التي وقفت تتحدث مع ملك قبل أن ينضم إليهما أمير الصغير ثم ابن يحيى الصغير المدعو بزين والذي اندمج معهما سريعًا لتتعالى ضحكات الفتاتان بشكل ملفت جذب نادر القريب منهما لينضم لهم ثم تبتعد آسيا حينما دعتها يمنى لشيء ما فيتبعها أمير ونادر سريعًا لتظل ملك بجوار زين الذي انغمس معها في حديث ضاحك أثار عبوس علي الدين الذي هم بأن يذهب لشقيقته فيهتف وائل الذي انتبه إليه بجدية : لا تغضب شقيقتك يا علي ، ثم لا تقلق إنه ابن عمك لا ضير من تبادل الحديث والضحك وخاصةً أن أختك قريبة منا للغاية .
مط علي شفتيه بضيق لينظر لأبيه الذي أشار إليه بالجلوس وعيناه لا تفارقان ابنته الواقفة قريبًا منهما بالفعل .
***
__ أنا لا أفهم كيف ستغادر دون حضور الزفاف لآخره يا عاصم ؟!
ابتسم عاصم باتزان قدر المستطاع : المعذرة يا عمر ولكن تعلم العمل و مواعيده وللأسف طرأ تغيير بالموعد لابد أن أكون بدبي مساء اليوم اتيت لأبارك لك وسأمر بأبي وأمي اسلم عليهم وأغادر . عبس عمر بضيق فهتف عاصم بمفرح مفتعل - أنا أحمد الله أن فرحك نهاري وإلا ما كنت سأقوى على الحضور من الأساس .
ازداد عبوس عمر وهدر بجدية : حسنًا انتظر إلى أن تنتهي الزفة على الأقل فأنت هكذا ستغادر قبل أن يبدأ الزفاف من الأصل .
أجاب عاصم وهو يلكزه بخفة : لا تهتم بي وبوجودي ، اهتم بعروسك وكفى فهاك أنت تتزوج أخيرًا بعدما صرعتنا برغبتك في الزواج ، ضحك عمر بخفة ليتابع عاصم غامزًا بخفوت - لا تنسى الذوبان يا عمور سيأتي بثماره جيدًا.
تعالت ضحكات عمر ليضمه عاصم بقوة هاتفًا : مبارك يا ابن الخواجة ، أتمه الله لك على خير .
أبعده عمر عن صدره قليلًا لينظر إليه بتساؤل فاسبل عاصم جفنيه فيتمسك به عمر مستفهمًا فيربت عاصم على ساعده : سأتي لك حينما أعود بإذن الله .
تمتم عمر بجدية : تعود سالمًا بإذن الله .
تمتم عاصم سريعًا وهو يهم بالخروج من الغرفة التي يستعد بها عمر فيقابل عبد الرحمن الذي دهش من وجوده قبل أن يندفع نحوه يضمه عاصم بأخوة ويبارك له زواج عمر عبس عبد الرحمن بعدم فهم ليسأله بجدية : ما بالك يا عاصم ؟!
اشار عاصم برأسه : أنا بخير فقط أريد أن أمر بالعائلة لاسلم عليهم قبل أن أغادر .
نظر إليه عبد الرحمن باستنكار ليردد : تغادر ، ألن تحضر الزفاف ؟!
زفر عاصم بقوة : لن استطيع يا عبد الرحمن اعذرني ، لقد اتيت لأبارك لكما وحينما أعود سأزور عمر إن شاء الله .
اهتزت حدقتي عبد الرحمن بعدم فهم فاشاح عاصم بعيدًا ليهمس بصوت مختنق : هكذا أفضل صدقني .
تنفس عبد الرحمن بقوة ليربت على كتف عاصم بدعم : حسنًا على راحتك فقط لتعلم أن حضورك و وجودك هام لنا يا عاصم .
ابتسم عاصم بود ليضم عبد الرحمن ثانية هاتفًا بصداقة : حمد لله على سلامتك يا باشمهندس ومبارك عقد قرانك العقبى للزفاف .
تمسك به عبد الرحمن قويًا ليجيبه : بارك الله فيك ، لابد أن تكون حاضرًا هذه المرة.
اتسعت ابتسامة عاصم ليجيب : بالتاكيد يا عبد الرحمن ، حفظك الله لنا .
تمتم عبد الرحمن بابتسامة واسعة : اللهم آمين و إياك ، اهتم بنفسك يا عاصم .
أومأ عاصم برأسه ليجيبه : لا تقلق علي .
انتبها سويًا على صوت أحمد الذي هتف بمرح : اووه ها قد عاد كبير آل الجمال القادم ، اتبع وهو يصافح عاصم بود ويضمه إلى صدره بترحاب – حمد لله على سلامتك يا رجل ، متى عدت ؟!
تمتم عبد الرحمن بضيق حقيقي : قل متى سيغادر ؟!
عبس أحمد لينظر لعاصم بتساؤل : يغادر ؟!
تنفس عاصم بقوة ليهتف عبد الرحمن : اعذراني سأذهب لعمر حتى لا يظل بمفرده وخاصةً أن تيم تأخر بالوصول .
أومأ عاصم برأسه متفهمًا لينتظر أحمد بصبر إلى أن اختفى أخيه من أمام عينيه ليسأل بجدية : ما بالك يا عاصم ؟!
رف عاصم بعينيه ليرفعهما لأحمد مجيبًا بثبات : لا شيء أنا بخير .
رمقه أحمد بعدم فهم : إذًا لماذا تغادر الزفاف وأنت من أخبرتني أنك ستظل للغد وستغادر مع نبيل مثلما اتيتما سويًا ، وخاصةً أنكما القائمان على فاعليات ملتقى المعمارين كالعادة .
هدر عاصم باختناق : لابد أن يتواجد أحدنا الليلة لأشياء تخص الترتيبات وأنا من سيسافر فنبيل يريد الاطمئنان على أبيه ، نظر إليه أحمد باعتراض فأكمل عاصم بضجر – هل تحقق معي يا أحمد ؟!
ابتسم أحمد ساخرًا ليهمهم : وهل اجرؤ يا باشمهندس ؟!
تأفف عاصم بضيق : يا الله يا أحمد ، توقف عن غلاظتك وأخبرني عنك وعن أميرتك ، كيف حالها اليوم ؟!
تمتم أحمد : نحن بخير والحمد لله ، اتبع بابتسامة ماكرة – وشقيقة أميرتي بخير أيضًا ،
ارتدت رأس عاصم له بعنفوان فاكمل أحمد ببطء وهو يراقب وميض الغضب بعيني عاصم : حينما قابلتها صباحًا قبل أن أغادر القصر ، كانت بخير تتذمر من تركي لها بمفردها ولكنها كانت بخير والحمد لله .
التوى ثغر عاصم بابتسامة متهكمة : نعم أعلم أنها بخير لقد اطمأننت عليها بنفسي ، عبس أحمد بعدم فهم فاتبع عاصم بجدية – حسنًا سأذهب لأمر على عائلتي قبل أن اغادر .
صافحه أحمد : تعد سالمًا يا عاصم .
أومأ عاصم برأسه : بإذن الله .
غادر المبنى للقصر الصغير الذي يقام به عرس عمر في الحديقة الملحقة بالقصر في وضح النهار تنفس بعمق وهو يتذكر أنه غادر المؤسسة ليرتب بعض الأشياء قبل أن يأتي إلى هنا فيبارك إلى عمر زفافه وهو ناويًا الرحيل لأنه لن يقوى على البقاء معها وخاصةً اليوم ، متخوفًا من ابداء أي فعل يثير حفيظة عمه أو شكوك أبيه أو تساؤلات أي من أفراد العائلة .
اقبل عليهم ليتهلل وجه أبيه الذي هم بالنهوض واقفًا ولكن عاصم تمسك ببقائه جالسًا يربت عاصم على كتفه يمنعه من الوقوف وهو ينحني نحوه يقبل كتفه ويضمه بقوة حانيه فيهتف وليد بعتاب : لم تخبرني أنك عدت ،
أجاب بابتسامة ثابتة : اتيت سريعًا لأبارك لعمر وسأغادر الآن لألحق بالطائرة ، اتسعت عينا وليد بذهول وتساؤل غاضب فأكمل عاصم برزانة - لدي عمل هذه الليلة يا بابا ، سأطمئنك علي حينما أصل .
تمتم وليد : ولكن ياسمين .
فقاطعه عاصم : ذهبت إليها وأخبرتها يا بابا وباركت لخالتي ولأنطي سوزان وسلمت على فاطمة وباركت لمنال هانم أيضًا ،
تحرك ليصافح الجميع ونظرات وليد معلقه به إلى أن وقف أمام عمه الذي رفع رأسه ينظر إليه بحدقتين معتمتين قبل أن يسأل بجدية : هل تعلم نوران بعودتك السريعة ؟!
أجاب بحدقتين ثابتتين وابتسامة ماكرة أتقنها : بالتأكيد يا عماه ، إنها أول من رأيتها حين عودتي .
ضيق وائل عينيه ليهتف بهدوء : إذًا انتظر لتودعها قبل أن تغادر .
تمتم عاصم بسرعة : سأفعل قبيل مغادرتي ولكن الآن لابد أن ابارك لبلال بك وعمو خالد وابحث عن نبيل لأتحدث معه قليلًا في بعض الأشياء التي تخص المؤتمر قبل أن أغادر .
رمقه وائل من بين رموشه ليتشكل ثغره بابتسامة باهته ليهتف بجدية : هاك ابنة عمك أتت .
تصلب جسده لوهله قبل أن تتسع ابتسامته مخالفة للنيران التي تأكل روحه ليدور على عقبيه فتتلاقى نظراتهما ، حدقتاه الجامدتان ونظراتها المتوسلة والتي اهتزت بارتباك مفضوح حينما هتف بابتسامته الواسعة المفتعلة : جيد أنك أتيت لأودعك قبل رحيلي .اتبع بضحكة قصيرة مرحة وهو يقبض على مرفقها ويجبرها على السير معه - اسمح لي يا عماه .
جذبها نحوه ليضمها إلى صدره بنفور اخنقها ليبتعدا قليلًا عن الجميع فيقف في ركن ليس مختفيًا ولكنه بعيدًا عن أماكن جلوس عائلته ليلثم جبينها بكره حينما التقط نظرات أبيه وعمه المراقبان لهما فارتعد جسدها برفض ، همس إليها بجوار اذنها : هذه المرة تحذيري ساريًا على رقبتك ، إذا أردت هدم العائلة فكري مجرد تفكير في عصياني.
ارتعد جسدها مقشعرًا بخوف أرضاه ليحتضن وجهها بين كفيه هامسًا وهو ينظر إلى عينيها فترتعد فرائصها من لجة عينيه القاتمة : فتاة جيدة .
تمتمت بخفوت : لا ترحل يا عاصم وانتظر سأخبرك .
مط شفتيه هامسًا لها : اشش لا أريد أن اسمعك ، صوتك يخنق ما تبقى من روحي .. وجودك هكذا قريبًا مني يشعرني بمدى غبائي وضعفي ، أنا لا أريدك يا نوران ، لا أريدك ، ولكني لن أحررك فلتتذوقي قليلًا ما فعلته بي على مدار عمرًا باكمله .
همست مصرحة لعلها تنقذ ما يمكن انقاذه : أنا أحبك يا عاصم ، وأنت تعلم .
ابتسامة ساخرة شكلت ثغره ليقترب منها يضع وجنته على وجنتها هامسًا قريب من أذنها : هكذا يكون انتقامي ذو مذاق شهي يا ابنة عمي .
تراجعت للخلف بعيدًا عنه خطوتين لتنظر إليه مليًا ترفع رأسها بشموخ يضاهي شموخه : حسنًا يا عاصم ، كما تريد .
ابتسمت هي الأخرى مثله لتهتف بصوت يكاد أن يكون مسموع : سأشتاق إليك يا ابن عمي .
كز على أسنانه وعروق جبينه تنفر بغضب ليمأ برأسه في تحية ليهم بالحركة فتتمسك بكفه تستوقفه ، تقترب منه تعدل من وضع رابطة عنقه وهي تهمس : تذكر فقط وأنت بعيد كم مرة رجوتك أن تستمع وأنت لم تفعل .. كم مرة رددت إليك أني أحبك وأنت لم تصدق .. وكم مرة تمسكت بك وأنت لوحت بماضي أنت من تنازلت عن معرفته بملىء إرادتك يا باشمهندس .
ومضت عيناها بلون زيتوني قاني وهي تتبع بعدما ضمت نفسها إليه فردت كفاها فوق صدره لتشعر بخفقاته المدوية فتظهر كفتاة تتدلل على حبيبها لتمط جسدها تقترب منه لتواجهه : عامةً أنا راضية يا عاصم إذ يرضيك العقاب أنا راضية وإذ يرضيك البعد أنا راضية .. وإذ يرضيك الانتقام فأنا مستعدة ولتعلم أنك لست الوحيد من يحق له الانتقام .. فأنت لم تكن يومًا ضحية ، بل دومًا كنت جلادًا .
اقتربت منه أكثر لتقبل طرف ثغره هامسه : سأنتظر ما تريد يا عاصم وعليه ستجدني بانتظارك المرة القادمة .
ارتعش قلبه.. بل هدرت روحه .. اهتز ثباته .. وانكمش غضبه وهو ينظر إليها بتفكير فابتسمت هازئة : فات أوان التساؤل أو التفكير يا كبير آل الجمال ، نحن الآن في وقت حصد النتائج ، وعليه سأكون كما ترغب في أن أكون .. مليكة السلطان أو جاريته لا يهم ، فالهام في الأمر هل سيتحمل السلطان نتيجة انتقامه ؟!
مطت شفتيها بتفكير وإغواء متعمد لتلامس منديله الصغير بجيب سترته قبل أن تهمس بهدوء : اعذرني سأذهب لأرى خالتي لعلها تحتاجني ، اتبعت بخفوت - أراك على خير فلتعد لي سالمًا يا قلب البرتقالة .
ومضت عيناه بوعيد فابتسمت برقة لتتحرك مبتعدة عنه فيتمتم بقهر خرج من عمق روحه وعيناه تتعلق بها مرغمًا : تبًا لك ولقلبي الخاضع لك .. الراهب في محرابك .. والعاشق لأسرك دون عن غيرك .
***




التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 21-09-20 الساعة 07:02 PM
سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-09-20, 06:16 PM   #387

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي





تحدث في هاتفه وهو ينظر من حوله ممشطًا حديقة القصر : أين أنت يا رقية ؟! أنا لا أراك .
أتاه صوتها بضحكة رقيقة : ولكني رأيتك وقادمة نحوك .
ومضت عيناه بزرقة تشي بمشاعره المتدفقة نحوها حينما ظهرت أمامه بفستانها ذو اللون الوردي الهادئ محتشم .. طويل ..بكمين كاملين .. وفتحة رقبة برقم سبعة صغيرة و منحرفة عن المنتصف بقليل يناسب قصة صدر الفستان التي لمعت بلالىء فضية قليلة تناثرت على شكل فروع شكلت حينما التحمت وردة رقيقة بجانب خصرها الأيسر ، اتسعت ابتسامته وهو ينظر بخصلاتها السوداء اللامعة بوهج بني في ضوء الشمس الساطع مسدلة بتموجاتها التي يعشقها وتهفهف من حول وجهها ذو الزينة الخفيفة ، أقبلت عليه فمد لها كفين لتتمسك بهما فيضمها إليه قبل أن يدلف بها من جديد داخل القصر فيدفعها بلطف لزاوية غير مرئية في المكان وسط اعتراضها الحيي الذي التقطه بخفة داخل شفتيه في قبلة مشتاقة غمسها بهمسته الصادقة : اشتقت إليك يا حبيبتي .
تورد وجهها لتخفضه بحياء هامسة : لم نتفق على هذا ولكنك أوقعت بي ، ضحك بخفة لتتابع بعتاب – أخبرتني أنك ستأخذني لحبيبة .
اجابها بصوت أجش وهو يحتضن وجنتها براحته يتأملها بتوق : وأنا سأفعل ولكني لم أقوى على منع نفسي من تقبيلك ، وأنا الذي لم أراك منذ عقد قراننا .
احتقن وجهها بحمرة قانية وهي تتذكر اندفاعه نحوها بعد عقد قرانهما والذي شهدته غرفة الصالون ببيت أسرتها لتهمس بخفوت لائمة : ولكنك لم تنبهني .
ضحك بسعادة ليهمس بمكر : لا تنكري أن المفاجأة لها مذاق خاص يا روكا .
ضحكت و اشاحت بعينيها بعيدًا لتسأله برزانة حاولت أن تتمسك بها : حسنًا ألن تأخذني لحبيبة ؟!
اسبل جفنيه متنهدًا : بلى سأفعل ، هيا بنا سأهاتف أميرة لتأخذك للداخل .
تحركت أمامه لتشهق بخفوت على كفه الذي التف حول خصرها ليقربها منه يقبل جانب رأسها هامسًا : سأشتاق إليك .
ابتسمت و وجنتاها تزدان بشرارات خجل وردية لتهمس : لازلت معك .
رمقها بنظرات وماضة بزرقة غنية : أنا مشتاق وأنت بجواري .
ضحكت مرغمة لتؤثر الصمت قبل أن تهمس باهتمام : أنت بخير أليس كذلك ؟! أومأ برأسه فاتبعت سائلة – الأمور على ما يرام ؟!
خطى و دفعها لتسير بجواره : كل شيء بخير لا تقلقي ، المكان مؤمن جيدًا ونحن لسنا تحت وضع التهديد الآن ولكننا نتخذ حذرنا أيضًا .
توقفت فتوقف بدوره تمسكت بكفه لتجبره أن يواجهها ففعل باهتمام ابتسمت بتوتر قبل أن تلامس عرض كتفيه بكفين مرتعشين ثم تمط جسدها بقدر ضئيل وهي تلف ذراعيها حول عنقه لتضمه إليها في خوف شعره جيدًا لتهمس بصوت أبح : حفظك الله وحماك لي يا عبده .
اختضت روحه و انفاسه تكتم برئتيه ليزفرها بقوة وهو يتلقى عناقها الدافئ .. المحب .. المهتم ليضمها بقوة إلى صدره يحتفظ بها ملاصقة لقلبه قبل أن يفلتها أخيرًا حينما رن هاتفه ليقبل جبينها مهمهمًا : ولا حرمني منك يا روح عبده .
تعالى رنين هاتفه ثانية فزفر بضيق ليجيب الاتصال بعفوية فيأتيه صوت حسن الخشن هاتفًا بجدية : كيف حالك يا باشمهندس ؟!
تمتم عبد الرحمن وهو يسير معها ليدلها إلى غرفة حبيبة البعيدة نسبيًا : بخير والحمد لله .
تمتم حسن ببرود : مبارك زواج أخيك . أجاب عبد الرحمن بلباقة ليكمل حسن ساخرًا – أنت بالطبع تتذكر أنك مراقب .
جمدت ملامح عبد الرحمن ليهتف بجدية : هلا انتظرت قليلًا ؟!
توقف أمام غرفة حبيبة ليطرق الباب ويشير لرقية على الغرفة وهو يتراجع للخلف فتخرج آسيا إليهما لترحب برقية وتصحبها معه تسألها عن خديجة بعدما أشارت إليه فيبتعد وهو يولي اهتمامه لهاتفه وهو يخرج إلى الحديقة هاتفًا بجدية : اؤمر يا حسن بك ، ماذا كنت تقول لأني لم افهمك جيدًا ؟!
كحة خافتة بداخل اذنه انبأته أن الهاتف انتقل الى علاء الذي تبادل معه بعضًا من الحديث دون التطرق لأمر مراقبته قبل أن يغلق الهاتف ينظر لحسن بلوم فيهتف حسن بضجر : ماذا يا علاء ؟! الق ما بجعبتك !!
هدر علاء بحزم : توقف عن مضايقته هو و أخوه يا حسن ، الشابان ممتازان و لا يخالفان الأوامر .
هدر حسن : إذًا كان طبيعيًا أن أراه يحتضن خطيبته .
صحح علاء بجدية : إنها زوجته يا حسن ولم يحدث شيئًا إنه حضن بريء .
رمقه حسن باستنكار : بريء ؟! وجهه صار أحمرًا كالطماطم الناضجة وتخبرني أنه بريء .
تمتم علاء بجدية : حتى لو لم يكن بريء ، ليس عليك أن تحرجه هكذا .
تمتم حسن بكبر : كنت انبهه حتى لا يتمادى .
زفر علاء وهو يعلم أن الجدال دون جدوى ليجيب بجدية : لم يكن ليفعل يا حسن وأنت تعلم ولكنك آثرت أن تثير ضيقه .
زم حسن شفتيه بحنق ليكمل علاء – لذا أنا احذرك إذا اشتكى أحدهما لأمير بك سيغضب وأنت تعلم هذا جيدًا وخاصةً أنهما لا يحتكان بك على الاطلاق ولكنك أنت من تتعمد مضايقتهما .
هدر حسن بغضب : لابد أن يدركا ما نمر به يا علاء ، نحن لا نقضي وقتًا لطيفًا أو نمرح هنا ، بل نراقبهما حتى نحافظ على حياتهما ولكنهما الاثنان يشعراني بأنها حفل كحفل الزفاف هذا يمرحان فيه ، هو مدله بحب الفتاة التي اقترن بها وأصر على عقد قرانه عليها في ظل الظروف الراهنة والآخر مستفز وبارد ومسنود على منصب حميه الوزير وصداقة والده لأمير باشا .
نهض علاء واقفًا ليجيبه بعنفوان : ومع كل هذا الذي لا اتفق معك فيه ، إلا أنهما لم يخالفان أمرًا قط .. بل ينفذا الأوامر وكأنهما ضابطين مدركان خطورة الأمر .
اطبق حسن فكيه ليجيب بحدة : ولكنهما ليسا كذلك ولن يكونا لذا لا تخلط الأمور ببعضهما ، لابد أن يدركا أن هذه المهمة لها قائد هو المنوط بها وعليه لابد أن يلتزم الجميع بالأوامر ، أليس كذلك يا علاء بك ؟
سحب علاء نفسًا عميقًا ليهتف به : نعم يا حسن بك ، أكمل بلوم – هل تريدني أن امنحك التعظيم أيضًا لتدرك أننا جميعًا نعمل تحت امرتك يا حضرة القائد .
نفخ حسن بقوة ليهتف بضيق : يا الله يا علاء ..
قطع حديثه وهو ينظر إلى إحدى الشاشات فأثار انتباه علاء الذي اقترب منه هامسًا بتساؤل – هل لدينا اختراق ؟!
داعب علاء بعض الاشياء الموضوعة أمامه ليقرب الرؤية من السيارة التي وقفت أمام القصر من الخارج فسأله علاء : هل هو ؟!
ابتسم حسن ليهمس بجدية : ابلغ الجميع أن يستعد رغم أني لا اعتقد أنه سيقترب أكثر من ذلك .
أصدر علاء أوامره على الفور ليتبع حسن – أخبر أحمد أن يلازم ابنة شقيقته الليلة .
تمتم علاء بهدوء : عائلة شقيقته لم تصل بعد .
نظرا سويًا لبعضهما قبل أن ينتفض حسن بسرعة هاتفًا : راقبه جيدًا وابلغ القوات أن تغلق الطرق جميعها وأنا سأنتظر بالقرب من البوابة .
هدر علاء بجدية وحزم بأوامره ليهتف لأحمد عن طريق اتصال لاسلكيًا بينهما : أحمد بك ترقب وصول الصغيرة من فضلك .
اتاه صوت أحمد الهادئ ولكن رغم عنه يرتعش بنبرة خوف مهزوزة : علم وينفذ .
تحرك أحمد نحو البوابة ليلتقط وجود حسن الواقف بترقب في الاتجاه الآخر ليستل هاتفه يهاتف شقيقته يسألها عن سبب تأخرها فتهتف به في مرح أنهم وصلوا بالفعل ولكن تيم يصف السيارة ، هدر فيها بحزم : لا تجعليه يصف السيارة خارجًا يا هنا ، اخبريه أن يأتي من البوابة الخلفية وليصف سيارته بالداخل ، هيا سأنتظركم هناك .
تحرك بخطوات متلاحقة ليهتف لحسن : سيدلفون إلى الداخل من البوابة الأخرى ، لا تقلق .
ظل حسن مترقبًا في مكانه عيناه لا تفارق سيارة الآخر المصفوفة بطريقة مثيرة للريبة ليهدر بحزم : لا تدع الصغيرة اليوم إطلاقاً يا أحمد ، حفظها الله لكم .
ازدرد أحمد لعابه ليتمتم بجدية وهو يشير لفردي الأمن الواقفان عند البوابة الأخرى أن يفتحا البوابة الإلكترونية المصفحة : لن افعل بإذن الله .
توقف أحمد بترقب وهو ينظر إلى سيارة زوج شقيقته الكبيرة التي دلفت للتو ليصفها تيم جانبًا قبل أن يترجل منها أسرته كلها فيتنهد براحة وهو يرمق سهيلة ومريم اللتان نزلتا من السيارة تقتربان منه فيفتح ذراعيه على وسعهما لابنة شقيقته التي أسرعت نحوه فيضمها إلى صدره مغمض عينيه براحة تملكته وهو يهمس بدعاء خافت مدركًا أنها لن تسمعه مهما حدث .
***
يقف مجاورًا لتوأمه و زوجته التي تتحدث معه عن المشفى تستفسر منه عن سير العمل فيجيبها متهكمًا : لا تشغلي رأسك بالعمل ، اتبع غامزًا بمرح - حتى لا تسمعك لولا فتندب حظ ولدها الذي تزوج من امرأة يشغل رأسها عملها وهو مجاور لها .
احتقن وجهها حرجًا فعبس أسعد بحنق ليجيب بهدوء ونظراته تزجره : بل لهو أجمل حظ أن اقترن بالجنة يا شقيق .
تعالت ضحكات عادل ليهتف بمرح وغمزة شقية : يا سيدي ، حسنًا انسحب أنا بدلًا من أن تغازلها أمامي وانا شاب أعزب لا حول لي ولا قوة .
ضحكت جنى مرغمه ليهتف أسعد بجدية وهو يستوقفه : بل انتظر وأخبرني عما ثرثرت به ماما عن لارا .
جمدت ملامحه لتسكن نظراته بضيق التقطته جنى فهمست بخفوت : حسنًا سأترككما واذهب لأجاور بابا قليلًا فأنا اشتقت إليه ، أومأ لها أسعد بتفهم لتتبع بمشاكسة لعادل لعلها تستطيع إضحاكه - واسأله عن سير العمل .
ضحك عادل ليجيبها بمرح خافت : فقط حذار من لولا .
ضحكت لترمق أسعد الذي ابتسم لها بدعم وعيناه تتعلق بها حينما ابتعدت ليتنهد عادل بافتعال هامسًا : ارزقنا يا الله .
رمقه أسعد بحنق ليلكزه بلطف في صدره : اعتدل يا دكتور وتوقف عن المراوغة وأخبرني عن أمر لارا لم أقوى على الفهم من ماما حينما حدثتني في الهاتف .
اتقدت عينا عادل بتسلية وهمس بصوت أبح ضاحك : لماذا ؟!
عبس أسعد بعدم فهم متمتمًا : لا أفهم .
كتم عادل ضحكته بصعوبة ليغمغم من بينها : لماذا لم تكن منتبهًا بل منذ متى لا تكن منتبهًا يا سيادة النقيب ؟!
لمع الإدراك بعيني أسعد ليلكزه هذه المرة بقوة هاتفًا : تأدب يا عادل واحترم نفسك ، تأوه عادل بخفوت ليضحك بخفة فيكمل أسعد - ماما أيقظتني من النوم اليوم وكانت تبكي في الهاتف وأنا حاولت تهدئتها على قدر ما استطعت ولولا أن الوقت كان فجرًا لكنت أتيت لكم لأفهم ما الذي حدث لكي تبكي ماما بهذه الطريقة ، وبالفعل كنت سأفعل صباحًا ولكنها هاتفتني ثانيةً وأقسمت علي ألا أفعل لذا لم أشأ أن اغضبها وهاك أنا أسألك ما الذي يحدث يا عادل ؟!! وهل بالفعل سترتبط بلارا حتى تنقذها أم أنك تشاكس ماما وهي من لم تفهمك جيدًا .
رمقه عادل مطولًا لينطق أخيرًا بصوت خفيض : بل سأفعل لأني أريد هذا يا أسعد .
عبس أسعد باستنكار ليهدر بجدية : أنتَ لا تحبها .. لا تريدها .. ولم تنسى قط ما فعلته بك ولن تفعل ، إذًا ما سبب ارتباطك بها ؟!
أجاب ببساطة : أني أريد ذلك .
مط أسعد شفتيه : لإنقاذها .
هز عادل رأسه رافضًا : لا هي لم تعد مهددة .
تراجع أسعد برأسه للخلف قليلًا يتأمل ملامح أخيه الجامدة ليسأله بحدة ظهرت بصوته : هل حدث بينكما ؟!
قاطعه عادل باستنكار : بالطبع لا يا أسعد .
صاح أسعد بانفعال غاضب : إذًا لماذا ؟!
زم عادل شفتيه قليلًا قبل أن يردد : لأني أريد ذلك .
رمقه أسعد بعدم تصديق ليجاريه : حسنًا أنت تريد ما السبب ؟!
حرك عادل رأسه بلا مبالاة : لا سبب سوى أني أريد ذلك ، هي تعجبني وأنا أريدها .
اطبق أسعد فكيه ليهمس بضيق : لولا أننا وسط الناس لكنت صفعتك على قفاك بسبب هذا الغباء الذي يخيم على رأسك
لمعت عينا عادل بتسليه وهو يشيح بعيدًا ليهمهم ساخرًا : مستغلًا أن كونك الكبير وهذه الأشياء التي ترددها ماما .
هدر أسعد بغضب : بل مستغلًا أنك اخي وأريد صالحك ، أنا لأول مرة بحياتنا سويًا لا افهمك يا عادل .
رمقه عادل بطرف عينه ليهمس بهدوء : بل تفهم ولكنك لا تستطيع التصديق أني أريدها .
قبض أسعد كفه فوق مرفق أخيه ليجذبه نحوه بخشونة : إذًا ستتزوج منها لأجل هذا السبب وبعدها ستطلقها ؟!
حرك عادل حاجبيه دون إجابة شافيه ليهمس بمراوغة : ممكن.
اتسعت عينا أسعد لتجمد ملامحه فجأة قبل أن يتحدث بنفور : أنت تنتقم منها يا عادل على ما فعلته قديمًا ؟!
ضيق عادل عينيه ليهمس وهو يسبل جفنيه : وما تفعله حديثًا .
اتسعت عينا أسعد بصدمة ليسأل سريعًا : وما الذي تفعله حديثًا ؟!
تمتم عادل بهدوء : هذا ما سأكتشفه بنفسي
تمتم أسعد بعفوية : أنت مجنون أليس كذلك ؟!
قهقه عادل مرغمًا ليجيبه بمرح : العلماء معظمهم مجانين يا أخي ، اتبع وهو يربت على كتف أسعد - لا تشغل رأسك اهتم بجنتك و وطنك و أت لنا بجنات و أوطان صغار نلاعبهم .
رف أسعد بعينيه ليضيق عادل عينيه قليلًا يرمق أخيه متأملًا ويثرثر بجدية : بالمناسبة لم اطمئن عليك ، حينما أتيت لأبارك لك راوغتني والآن تهتم بسؤال عن أحوالي ألا يحق لي أنا الآخر السؤال عن أحوالك .
سحب أسعد نفسًا عميقًا ليجيب بهدوء : أنا بخير .
ضحكة خافتة ساخرة صدرت منه ليهمهم : أنا أرى أنك بخير ، أنا أريد أن أعرف أحوالك التي لا أراها هل هي بخير ؟!
عبس أسعد ليتمتم بصرامة : لا شأن لك بأحوالي .
كتم عادل ضحكته ليهمس : حسنًا أخبرني هل الزواج جميل ؟!
تمتم أسعد وملامحه تلين بابتسامة ماكرة : بل رائع .
هتف عادل بمرح : يا ولد ، اتبع ضاحكًا - ارزقنا يا الله .
—اللهم أمين يا رب ، صوت سليم الذي صدح من خلفهم قبل أن يقف بالمنتصف يفرد ذراعيه من حولهما يضمهما إليه هاتفًا بمرح - كيف حالكما يا ولدي الأمير ؟!
تمتم عادل بمرح مشابه لمرح سليم : أنا بخير وأسعد رائع .
صفارة قوية انطلقت من فم سليم الذي دفعه أسعد بلطف ليبتعد عنه فيهمس بمكر : بالطبع يا دكتور وهل كنت تشك أنه ليس رائعًا ، انظر إليه وجهه اعتاد على الابتسام وهذا شيء ليس في صالحه فيما بعد
سأل عادل باهتمام : لماذا ؟!
أجاب سليم بجدية : لن يقوى على العبوس من جديد .
تعالت ضحكاتهما سويًا ليهز أسعد رأسه بيأس هاتفًا : سأذهب لخالو بدلًا من الوقوف معكما أنتما أصبحتما حالة ميؤوس منها .
تمتم سليم بمشاكسة : خالو أم اشتقت للعروس ؟!
توقف أسعد قبل أن يبتعد ليجيبه : بالطبع اشتقت لعروسي هل لديك مانع يا سيد سليم ؟!
أشار سليم بكفيه : وهل أقوى يا باشا ؟! اشتاق على راحتك ، العقبى لنا .
أجابه أسعد وهو يشير إلى خاتمه الذي يزين بنصره الأيمن : قريبًا بإذن الله .
تمتم سليم سريعًا : ان شاء الله .
تحرك أسعد مبتعدًا ليتأوه سليم على لكزة عادل القوية والذي هتف بضجر : يا غليظ ، ستتركني بمفردي وتتزوج .
دلك سليم جانب خصره ليهتف بعادل : أنت الآخر ستفعل على ما أظن إذا وافقت عمتي .
لوى عادل شفتيه : عمتك تبكي ليل نهار لأنها انجبت الغبي الذي يريد الارتباط بفتاة سبق لها الزواج.
رمقه سليم بطرف عينه ليهمس : صراحة معها حق يا عادل ، رغم أني اشك بأنك ستفعلها ولكن .. صمت قليلًا ليتبع سليم بجدية - هل فعلًا ستتزوج منها ؟!
رمقه عادل بحاجب مرفوع : ولماذا لا أفعل ؟!
هز سليم كتفيه ليتمتم بصوت مختنق : أنا لا أعلم ولكن صدقًا أنا لا أتحمل أن اوضع بمقارنة مع أي آخر غيري حتى لو كان ميتًا .
رمقه عادل مطولًا ليجيب ببرود : ولماذا افكر بأني سأوضع في وضع مقارنة ؟!
اجاب سليم : اعتقد أنه أمر طبيعي فهي سبق لها الزواج كانت تعيش مع آخر تحيا معه و.. اختنق حلقه فكح بحرج ليتمتم برفض صريح - أنا لا أتحمل شيء كهذا .
ابتسم عادل ساخرًا ليهمس : أنا لا افكر به من الاساس لأني أعلم جيدًا أنني حينما أكون موجودًا لا أحد آخر يقوى على المنافسة . التفت إليه سليم بدهشة ليكمل عادل بجدية - حينما يكون الأمر منوط بعادل الخيال سيظل لعادل الخيال اليد العليا لذا لا يشغلني أمر المقارنة هذا ، فأنا قادر على محو أي طيف سبقني في حياتها.
رمقه سليم بتفكير ليسأل بهدوء : أنت لا تحبها يا عادل و رغم ذلك ترتبط بها .
لوى عادل شفتيه متهكمًا : أنت الآخر لا تحب انجي هانم ولكنك ترتبط بها أو ارتبطت بها .
تمتم سليم بجدية : أنا لا ابحث عن الحب يا عادل .
اسبل عادل جفنيه : وأنا الآخر لا أفعل .
تمتم سليم باختناق : الحب قيد .. الحب بحر غادر يبتلع أمهر سباحيه .. الحب إعصار حينما يضربك لا يدعك إلا حينما يزهق روحك .. الحب دوامة من غيرة وحيرة وشك ونار على رأي ثومة، وأنا لن احرق روحي هكذا .
عبس عادل بتعجب ليسأله بتفكه : ما هذه السوداوية يا صديق ؟!
التفت سليم إليه ليسأله : هل تراه بطريقة أخرى ؟!
أومأ عادل برأسه : بالطبع اراه بطرق كثيرة مختلفة فأرى تأثيره جميل ليس سوداوي كما وصفته أنت ، أرى الحب في وفاء أبي لأمي .. أرى الحب في اهتمام أمي بنا .. أرى الحب في مشاكسات موني لنا .. أرى الحب في حنان أسعد المتدفق علينا .. أرى الحب في صبر والدتك على خالي العزيز واحترامها لغيرته الجنونية .. أرى الحب في ارضاء آدم لإيناس .. أرى الحب في احترام عمر لحبيبة .. و أرى الحب في نظرات إيناس الشقية .. أرى الحب في كثير من الأشياء حولي انظر إليها واقتنع بها وعقلي يقبلها ويحللها ويفسرها .
تمتم سليم بتعجب : إذًا لماذا لا تبحث عنه ؟!
رفع عادل أنفه بشموخ : لأن من هو مثلي لا يليق به الحب ، أنا رجل علم والعلماء لا يحبون يا سليم ، العلماء يتحدثون عن التفاعلات الكيمائية التي تصيب الجسد حينما يعجب أحدهم بإحداهن فيدق قلبه بوتيرة مختلفة ويصبح الكون من حوله ورديًا ، أنا أدرك اصل الحب ومنشأه لذا ادرك جيدًا أني لن أحب قط فتفاعلاتي الكيمائية مختلفة .
نظر إليه سليم باستهجان : كيف مختلفة ألن تتزوج بالطريقة الطبيعية ؟! هز عادل رأسه نافيًا فتمتم سليم متهكمًا - كيف ستكون طريقتك إذًا ؟!
أجاب عادل بمرح : أربعة .. اثنين .. أربعة .
قهقه سليم ضاحكًا ليشاركه عادل الضحك ليتمتم سليم بخفة : وكنت تدعونني بالقفل ؟!
أجابه عادل بمشاكسة : هل تنكر أنك قفل ؟!
رفع سليم كفيه وكأنه يمنع عنه الاتهام : لا والله بل أنا معترف .
هز عادل كتفيه : حسنًا ها قد اعترفت بنفسك .
ابتسم سليم وهم بالحديث لتصدح صوت ضحكات أنثوية غير معروفه فيلتفتان سويًا لمصدر الصوت فيعبس عادل على الفور قبل ان يسأل سليم بجدية : من هذه ؟!
رفع عادل حاجبه دون تصديق ليدور برأسه لابن خاله سائلًا : حقًا لم تدركها ؟!
تمتم سليم وهو يركز بصره على الفتاة مهمهمًا : لا لم ..صمت وعيناه تتسع تدريجيًا و وجهه يكسوه الذهول ليتمتم - هل هذه ملك ؟!
ابتسم عادل ساخرًا ليتجهم سليم ثانية قبل أن يهمس : ما هذا الذي فعلته بنفسها ؟!
تنفس عادل بعمق ليجيبه بجدية : إنها تتعافى ،
رمقه سليم باستنكار لينظر إليه عادل يرمقه بنظرة من يعلم بواطن الأمور فيزفر سليم بقوة هامسًا : لم أقوى على منحها أمل أعلم أنه غير صادق .
تمتم عادل بجدية : خير ما فعلت ، سيأتي عليها يوم وتدرك أهمية ما فعلته معها .
تنهد سليم بقوة ليهمس : اتمنى أن تدرك يومًا ما أنها لم تحبني قط ، وأنني فقط كنت المتاح أمامها في طور مراهقتها فعيناها لم تدرك آخر غيري .
رجفة بسيطة أصابت فك عادل : أنا الآخر اتمنى .
ضحكة اخرى عالية انطلقت من فمها ليتحرك سليم بحمية فيقبض على ساعده عادل بقوة هاتفًا بتحذير : أنت أخذت قرار الابتعاد يا سليم فلا تتراجع ، اتركها تتعافى كليًا فتدخلك – الآن - سيضرها أكثر مما سيفيد .
زفر سليم بقوة ليهمس باختناق : لطالما عاملتها كآسيا وما أراه الآن لا يعجبني حقا ، ولو أيا من اخواتي فيه سأنتفض بحمية هكذا يا عادل .
تمتم عادل بجدية وهو يسبل جفنيه : أعلم ، ولكنها لم تدرك الفارق بينها وبين الأخريات لذا ستظن أنك تكن إليها مشاعر أنت غير معترف بها وحينها ستتعلق بالوهم حتى تسكن اوجاعها ، تنفس سليم بعمق ليكمل عادل بجدية – من رأيي اذهب واهتم بزفاف شقيقتك وخطيبتك وأسرتك ولا تعرها اهتمامًا ، فكل ما تفعله هي لجذب الاهتمام .
أومأ سليم بتفهم ليبتعد بالفعل فيستدير عادل ينظر إليها من بين رموشه يراقب الاحباط الذي سكن عيناها رغم تحكمها في ملامحها فتبتسم بضيق شكل ثغرها قبل أن تستأذن من رفيقها الذي علم من نادر أنه ابن عمه الصغير لتتحرك في اتجاه القصر فيتبعها بتعمد في خطوات رزينة هادئة .
**
تمهل بخطواته و وقف جانبًا حينما أدرك أنها تذهب لدورة المياه فانتظرها بصبر وهو يفكر بأنها فاجأته اليوم بهذا التغيير الكبير الذي ألمّ بها ، تغيير أدرك مقصده منذ الوهلة الاولى وخاصة مع تصرفاتها غير المنطقية وغير المعتادة منها ، لقد تحولت الرقيقة إلى أخرى صاخبة .. متمردة .. وتعافر لكي تكون جامحة ولكنه لا يظن أنها ستقوى يومًا على الجموح في حضرة والدتها التي يعلم جيدًا أنها تضيق عليها الخناق دون تفاهم أو اقناع .
ومض التفكير بعينيه وهو يتساءل عن ردة فعل والدتها على مظهرها اليوم بهذا الفستان المخملي بخيوطه الحمراء القانية والمجدول بها خيوط لامعة من الذهب والفضة فيتوهج كلما تحركت أي حركة بسيطة ، ضيق فيرسم جسدها الهش ويبرز خصرها الرفيع .. بصدر عالي اخفى نحرها ولكنه كشف عن كتفيها ببشرتها البيضاء الندية فاطار الصدر متصل بحافة الكتفين الساقطين عن كتفيها والملفوف بحزام فرو عريض من اللون الأحمر الناري فينعكس وهجه على بشرتها التي لا ينقصها احمرار .. عنقها الطويل يحفه قرط من الفضة بسلسال طويل في نهايته كرة حمراء كبيرة قليلًا تكاد تلمس كتفها كلما تحركت والأذن الأخرى بها نفس الكرة ولكنها تلتصق بشحمة أذنها .. شعرها القصير الذي لا يخفي مؤخرة عنقها بخصلاته المموجة في شكل غجري صاخب وزينتها المختلفة وقرط أنفها اللامع بانعكاس أحمر ، كل تفصيله فيها جعلتها كرة متوهجة مرسلة من بركان مشتعل الحمم و أتت هي كمندوب عنه ، وخاصةً بذاك الحذاء العالي جدًا بكعبه الرفيع و لونه الأحمر القاني فيظهر بشرة ساقيها المرمريتين بلونها الأبيض العاجي والظاهران بسبب قصر فستانها الذي بالكاد اخفى ردفيها ، كح بخفة وهو ينفض رأسه يسب ذاكرته الفوتوغرافيه التي جسدتها بعقله من جديد ليتمتم باستغفار سريع ليخفض بصره الذي تعلق بها ثانية حينما خرجت أمامه لتتوقف بدهشة وهي تنظر له بتساؤل فيبتسم بمكر هامسًا : مرحبًا يا انسة ملك كيف حالك؟!
رفعت حاجبها باستنكار لتجيب بكبرياء : بخير والحمد لله يا دكتور ، ابتسم بمكر فسألت بجدية وهي تكتف ساعديها متبعة – هل كنت تنتظرني ؟!
عبس بتعجب ليسألها بمراوغة : لماذا ظننت هذا ؟!
ابتسمت ساخرة لتسأله بدهشة افتعلتها : هل تقف هنا كنت ستدخل إلى دورة المياه النسائية إذًا ؟!
ضحك بخفة ليهز رأسه بحركة غير مفهومة : كل شيء جائز ،
تمتمت ببرود : حسنًا على راحتك بعد اذنك .
كح بخفة يدعوها بصوته الرخيم أمرًا فتوقفت رغمًا عنها لتستدير إليه تنظر إليه بصبر فهمهم : اعتقد أن هناك حديث مؤجل بيننا .
مطت شفتيها وملامحها تشي بتفكيرها لتجيب أخيرًا : لا ، أنا لا اعتقد .
هم بالحديث لتقاطعه بإشارة من كفها الصغير – أنت أخبرتني حينها أن المرة القادمة الذي سأظهر أمامك سأكون مَدِينة لك بتفسير .
شدت جسدها باعتداد : وأنا لم أظهر أمامك بل أنت الآن من تقاطع طريقي .
ابتسامته اتسعت فاقترب منها بتؤدة ليهتف بخفة : اووه ، هذا لا يعد تغيير طفيف يا صغيرة .
زمجرت بعدم رضا لتجيبه باعتداد : أنا لست صغيرة ، اتبعت هازئة – ولم أعد أرنب بالمناسبة .
ادار عيناه عليها سريعًا ليجيب بإعجاب صادق : أنا أرى هذا ، رمقته بعينيها الوامضة بزرقة قاتمة فاتبع - فالأرانب لا يتوهجن هكذا بلون أحمر ناري يخطف الابصار ويسلب العقول .
تمتمت بصوت مختنق : لست الوحيدة الذي ارتدي الأحمر .
تمتم بتسلية : ولكنك الوحيدة المتوهجة يا صغيرتي .
شمخت بأنفها لتهدر بجدية : لست صغيرة .
اسبل جفنيه متنهدًا ليمأ برأسه متفهمًا : حسنًا لست صغيرة ولست متوهجة ولست متألمة أيضًا ، اتبع بتساؤل صريح – أليس كذلك ؟!
راقب حركة حلقها الذي تحرك بألم خنق صدره ليقترب منها بتؤدة هامسًا مكملًا بنصيحة أخوية : اخرجي هذا الألم ولكن ليس بهذه الطريقة ، طريقتك ليست صائبة يا ملك .
تمتمت وعيناها تحتقن بدموع عصية لن تنهمر : أنت لا شأن لك ، فلماذا تهتم بما أفعل ؟!
ابتسم هازئًا ليجيب ببساطة : لأني أشعر بألمك ، أو جربته من قبل ؟!
شحب وجهها وارتدت للوراء قليلًا لتهمس بعدم فهم : جربته ؟!
ضحك بخفة و أجاب بثرثرة عادية : بالطبع ألم أكن صبي ثم غدوت شاب وها أنا رجل كبير قاربت على اتمام الثلاثون ، اتبع متفكهًا وهو يشير إلى نفسه – أم أنا ولدت هكذا ؟!
ضحكت و وجهها يتورد لتشيح بعيدًا قليلًا لتهمس أخيرًا : حسنًا شكرًا لك .
أشار برأسه بلا مبالاة : العفو لا شكر على واجب .
ابتسمت وهمت بالابتعاد فتمتم بعفوية : بالمناسبة اعجبني مظهرك الجديد ، توقفت لتدير رأسها تنظر إليه بدهشة فيكمل بضيق – ولكن ليس الفستان .
ابتسمت مرغمة لتحني رأسها بحرج مغمغمة : كانت تجربة واعتقد أني لن اعيدها .
تمتم وهو يقترب منها يشير لها بالسير إلى جواره : جيد ، بل أكثر من جيد ، اتبع بهدوء شديد ونبرته الرخيمة تحضر بصوته – فأنت لا تليقين بدور الأسد ،
وقف لينظر إليها من علٍ رغم طولها الذي منحه لها حذائها ليهمس بتصريح : النصف أرنب نصف أسد سيليق أكثر ، حرك رأسه بطريقة مائلة قليلًا ليكمل – جربي لن تخسري شيئًا .
تطلعت إليه بذهول خيم عليها وعيناه السوداوان تتألق بوميض قوي لتهمس بخفوت : أنت لا تغازلني .
ضحك طبيعية قصيرة صدرت منه ليسألها بمواربة : حقًا لا أفعل ؟!
هزت رأسها نافية لتجيب : لا أريد أن أتخيل أنك تفعل هذا .
أومأ بعينيه الذين انخفضتا فلم تعد تقوى على النظر إلى انعكاس صورتها بهما : هذا أيضًا جيد .
توترت وقفتها لتهمهم بصوت أبح وهي تشير بكفها : حسنًا سأعود لعائلتي .
همس بجدية ونبرة سلطوية تظهر بصوته : هذا أكثر من جيد أيضًا ، فأنا أرجو ألا تعودي إلى رفقة هذا الزين من جديد فهو يزيد من توهجك ونحن نريد النصف أرنب يكون متوازنًا مع النصف أسد .
توقفت قبل أن تخطو مبتعدة لترفع رأسها بشموخ : بل اليوم سأكون أسدًا خالصًا يا دكتور ، إلى أن انظر في أمر نصيحتك .
زمجر بصوت مرح ليهمس إليها بتهديد صريح : حسنًا حذار أن تُحبسي في قفص الاسود فيكتشفون ذات لحظة أنك لست سوى أرنب صغير مذعور يجاهد آلامه لكي ينضج ويتحول .
تراجعت خطواتها مرغمة لتسأل برهبة تملكتها : أنت تهددني .
ابتسامة متلاعبة زينت صغره ليجيبها ببرود : سأترك هذا الأمر لتقديرك ، اتبع وهو يخطو بساقيه الطويلتين مبتعدًا – سعدت بالحديث معك يا صغيرة .
تخشب جسدها فلم تقوى على الحركة وهي تتابع ابتعاده عنها بعينين متسعتين لتهمس بخفوت غير مصدقة : لم يخبرني أحدًا أنه مجنون ، تمتمت بتأكيد لنفسها وهي تحث ساقيها على الحركة – بالطبع مجنون .
كادت أن تصرخ باعتراض ولكنها تمالكت نفسها وهي تتمتم بحنق عائدة لطاولة عائلتها دون أن تنتبه أنها استمعت إليه ولم تعد لتقف بجوار زين : يا الله يا رحيم ، هل أنا موعودة بالمجانين بحياتي .
***
تقف تنتظر بالغرفة المعدة لتصوير العروسان والملحقة بهذا القصر المخصص لإقامة حفلات الزفاف تشعر بالرهبة تكتنفها وهي تفكر في ردة فعله على مظهرها فهو للآن لم يراها بل لم يراها أحدًا بعدما انهت زينتها و ارتدت فستانها سوى يمنى التي تلازمها من الصباح فالمزينة عندما انهت عملها أخبرتها أن المصور ينتظرها بالغرفة المجاورة فساعدتها يمنى التي تقف أمامها تبتسم لها مشجعة والمصور يلتقط إليها بعض الصور المنفردة قبل قدوم عريسها ليلتقط لهما الصور سويًا.
وعلى ذكره أتى بصخبه .. مرحه .. سعادته الجمة والتي ملأت المكان من حولها فبددت رهبتها وخاصةً حينما وقف يتطلع إليها بانبهار ومض بزرقاويتيه ليهتف بجدية وصوت أجش فضح تأثره بها : هلا تركتمونا بمفردنا قليلًا ؟!
كتمت يمنى ضحكتها ليبتسم المصور باتساع : حسنًا لديك خمس دقائق كاملة قبل أن ندلف من جديد حتى لا نتأخر على موعد بدأ الزفاف .
أومأ عمر برأسه متفهمًا لتفرغ الغرفة إلا منهما لتتورد وتتوتر وقفتها بينما جمد هو مكانه ينظر إليها بتوق شديد يتماوج بعينيه من أخمص قدميها اللذين لا يظهران من حافة الفستان المنفوش من حولها واسع يخفيها داخله وقماشه المفرغ بورود كثيرة مكثفة حول ذيله الطويل خلفها بخصر دقيق وصدر ضيق يخفي جسدها خلف قماشه الثقيل ما عدا ما فوق نهديها .. نحرها .. كتفيها اللذين حددا بكمين ساقطين !!
ورغم أن الفستان كان مفتوحًا كما لم يتوقع أبدًا إلا أن مظهرها الرقيق بتاج الورود والمماثل للورود التي ازانت جزع فستانها وكتفيها بكثافة راقت له فابتسم وهو يقترب منها ليهمس بصوت خافت أجش : لا تحركي كتفيك اليوم قط يا حبيبة . رفعت وجهها اليه بعدم فهم ليكمل بصوت ابح - لا أعلم ماذا سأفعل إذا حركتهما ولكن بالتأكيد سألتهمك حتى قبل أن نذهب إلى بيتنا .
احتقن وجهها وابتسامتها ترتسم بعينيها لتخفض رأسها من جديد فيتنهد بقوة ويجذبها إليه يضمها إلى صدره يقبل جبينها هامسًا : أريد أن أفعل الكثير ولكني سألتزم بضبط النفس إلى أن نغادر ، اتبع وهو يرفع رأسها إليه يقبل جانب ثغرها برقة - مبارك يا حبيبتي .. مبارك يا بطتي .. مبارك يا حلم كان بعيدًا للغاية وأخيرًا بات ملكي وخاصتي .
ابتسمت برقة لتهمهم بخفوت شديد وخجلها يخيم عليهما : بارك الله فيك يا عمر .
تنفس بعمق ليبتعد برزانة عنها قبل أن يقف مستعدًا بجوارها فيطرق الباب ليطل عليهما المصور فيهتف عمر : نحن مستعدان .
***
بعد منتصف الزفاف ...

تقف بجواره تستعد لرمي باقة الورود فاصطفت الفتيات غير المرتبطات خلفها وصوت مشغل الموسيقى يعلو بعد تنازلي وسط صيحات ضاحكة من الفتيات إلى أن رمت الباقة فتلقاها زين الواقف في الخلف فتتعالى الضحكات ليشير هو بالباقة في انتصار قبل أن يخطو نحو حبيبة هاتفًا بمشاكسة : هل علي أن أبارك إليك و اقبلك كما كانت أي من الفتيات ستفعل ؟!
توترت حبيبة رغم عنها ليرمقه عمر من بين رموشه ليتمتم بنبرة تهديد صريحة : إذا استطعت افعل .
تعالت ضحكات زين ليشير بكفيه : لا أقوى بالطبع ، ولكني أقوى على احتضانك والمباركة إليك أنت .
ضحك عمر ليستقبل تهنئته قبل أن يكمل زين بشقاوة – أنا فقط امزح مع حبيبة ، التي ضاقت من مزاحي .
ابتسمت حبيبة وهزت رأسها نافية : لست ضائقة .
صافحها زين بلباقة بعدما منحها باقتها من جديد : مبارك إليكما .
ابتعد لترفع هي رأسها نحو عمر الذي ابتسم فهمست بحرج : إنه يمزح ، هو طريقته هكذا .
أومأ برأسه وهمهم وهو يقترب منها : أعلم .
تمتمت وهي تقترب منه تسأله برقة : هل أنت غاضب ؟!
أشار برأسه نافيًا ليجيب وهو يحتضن خصرها بكفيه يقربها منه : أبدًا ، اليوم أنا سعيد لدرجة لا أقوى على وصفها .
ابتسمت وهمست برقة : أنا الأخرى سعيدة ،
قربها منه اكثر ليديرها يلصق ظهرها بصدره ليهمس حينما صدح صوت الموسيقى من حولهما : لقد أعددت لك ثلاث مفاجآت هذه أولهم ، عبست بترقب لتنظر إليه بتساؤل فأكمل – الاثنين الأخرين سأخبرك بهما ولكن ليس هنا ،
دفن أنفه بعنقها ليكمل مهمهمًا وهو يضمها أكثر إليه : عندما نصبح ببيتنا سأخبرك .
انكمشت بين ذراعيه ليصدح صوت حاتم الشجي فتهمس بتساؤل : عمو حاتم .
أومأ براسه ليهمهم بجانب اذنها وهو يدفعها أن تتمايل معه : أعلم بأنك مولعة به منذ الصغر لذا اتفقت معه على احياء الزفاف .
ضحكت غير مصدقة لتهمهم : ولكنه توقف عن ..
قاطعها وهمس : أعلم فهو أخبرني وأخبرني أنه سيشدو مجاملًا لك فأنت تعدين ابنته التي لم يرزق بها ولكني صممت على أن يشدو إليك خصيصًا وهو استجاب بالفعل بعد الحاحي والحاح سليم الذي استحلفته أن يقنعه .
ضحكت بسعادة زينت ملامحها ليهمس إليها متبعًا – وهذه الاغنية أنا انتقيتها خصيصًا لنا لأرقص معك عليها ، فأنا شعرت بأنها تصفنا سويًا .
اقترب حاتم منهما ليشير إليهما أن يقتربا من حلقة الرقص فدفعها بلطف أن تجاوره وصوت حاتم يصدح عاليًا فيتمتم هو بجوار أذنها معه وهو يتمايل بها
عشنا وشفنا اليوم اللي اشتقنا له .. احضني قصاد الناس يا حبيبي وماله
ما بقينا لبعض خلاص
زادوا العشاق اثنين اكتب اسمينا .. كان حلم سنين وسنين نبقى لبعضينا
الله على ده احساس
ليلة وانت جنبي .. ليلة تسوى عمري ..
ليلة بالف ليلة معاك
حلم سنين – تامر حسني
صوت حاتم الذي صدح يشير للبقية فيأتوا ليشاركونهم الرقص فلم يهتم عمر وهو يراقصها بأريحية على نغمات الاغنية ذات الرتم المتوسط فيديرها ليدفعها ويجذبها إلى حضنه إلى أن ضمها من خصرها ليحملها ويدور بها فتشهق بخوف قبل أن تتعلق بعنقه في ضحكات مرحة صاحبتها إلى أنزلها من جديد فحركت كتفيها برقة متمايلة أمامه ليجذبها إليه هامسًا بخفوت جوار أذنها :باق القليل يا بطتي وحينها سأعضك كما حلمت دومًا .
انطلقت ضحكتها بقوة ليضمها إلى صدره مخفيًا ضحكتها في طيات صدره العريض وهو يشعر بأن قلبه يثب بجنون لم يجربه من قبل ، جنون يفتك بعقله وتعقله ولكنه يتمسك برزانته وهو يذكر نفسه بنصائح والده فيزفر أنفاسه المحتشدة داخل رئتيه مهدئًا نفسه و مصبرًا توقه بجملته الذي يكررها بداخله منذ بدأ الزفاف " هانت يا عمر .. هانت "
***
قرب انتهاء الزفاف ...

صخب وضحكات متناثرة .. تصفيق ورقص اشعل الحلقة التي ملأت بأكلهما لهذه الاغنية التي اهداها حاتم لحميه على مرأى ومسمع من الجميع وهو يشير إليه بأنه اختارها قديمًا حينما ذكرته بأخو زوجته الغيور .
ضج الضحك حينها ليكمل حاتم بجدية وهو يشير بكفه – بالمناسبة إنها تليق بالجميع ، فهي لدي اغنية آل سليم المفضلة اتبع سائلًا بمرح – أليس كذلك يا آدم ؟!
قهقهات آدم المتتالية أوشت بإجابته ليشير حاتم ثانية : هيا نرقص جميعا على اغنية ال سليم ، ليتبع وهو ينظر لعمر – وأنت عليك أن تنتبه يا عمر بك فحبيبة فهي هذا الأمر تتبع عائلتها .
عبس عمر بعدم فهم لتنطلق ضحكة حبيبة حينما صدحت الموسيقى وهي تدرك الاغنية التي ذكرها زوج عمتها فينظر إليها عمر بتساؤل مهتم لتشاكسه بملامح دون أن تنطق قبل أن تتمايل أمامه في رقص شاركها فيه حاتم الذي أشار لآدم أن يشاركهما فيخطو آدم للمرة الأولى حلقة الرقص ليجذبا حبيبه بعيدًا عنه ليرقصان معها سويًا بعدما بارك لها آدم برزانة اندثرت وهو يشاكس بلال بحركاته هو وحاتم الذي انضم إليهما سليم الذي شاركهم الرقص فيشير آدم الى إيناس وسوزان فيقتربان منهما قبل أن يدلف نادر بمرح وهو يدفع والدته ليراقص حبيبة التي ضمها إلى حضنه وهو يشدو مع والده :
يا انا يا مافيش .. اصلي معنديش .. في الحب هزار
يا انا يا بلاش .. ومتحسبهاش .. مفيهاش اعذار
انا اللي اقول فين .. وامتى .. وانا اللي اختار
ليدفع حبيبة أن تشاركه فتشير إلى عمر بتوعد مرح فتثير ضحكاته فيرفع كفيه بمرح وهو يشير برأسه في طاعة افتعلها ليجذبها إليه يستردها من بين حضن نادر الذي دفعها إليه في لطف فترقص داخل محيط صدره فيشاركها بأريحية خيمت عليهما :
لو حد ناداك .. اعمل مش سامع برضاك
انا قلت كلامي وده نظامي ومش باقي كلام
انا مش مضمون .. انا ممكن اقلب مجنون
لو شفتك مع غيري يا ويلك مش هبقى تمام
يانا يا مافيش – تامر حسني
***
هدأ الجميع أخيرًا بعدما أنهى حاتم أغانيه الصاخبة ليهتف بمباركة أخيره لهما قبل أن يصرح أنها الاغنية الأخيرة التي سيختتم بها غناءه وهو يشير لهما بأنها ذات رقصة هادئة فيخلي ساحة الرقص إلا منهما ، صدح صوت حاتم بغناء صادح فيضمها إلى صدره يقبل جبينها برقة وهو ينسلخ بها مع صوت حاتم الرائع والاغنية التي لاقت على استحسانه وخاصةً أنه يعرفها
وأحلم ليه وأنا وياك .. ده أنا لامس بايدي ملاك
واتمنى ايه يا حبيبي وانت قدام عنيا
ولا حسيت غرام قبليك .. ولا عرفته الا جوه عينك
حبيبي خلاص بقيت انا ليك وانت بقيت ليا
ميهمنيش اللي فات من عمري ايه .. واللي فاضل ليا فيه انا عايشه ليك
وانا بين ايديك أي شيء ميهمنيش .. اصلي كنت هموت واعيش عمري لعينيك
انا من زمان
قلبي نفسه يعيش معاها .. وكان حلم افضل معاها .. عشت عمري ده كله ليها
كل اللي كان
من حياتي لاقيته فيها ..نفسي اكمل عمري بيها .. وابقى جنبها بين ايديها .
أدارها دورة كامله وهو ينغمس معها في رقصة قادها فيها بخطوات متمرسة وهو يهمس بجوار أذنها في غناء خافت حاول على قدر الإمكان أن يخرج بصوت حسن
تفرق كتير ان حلم حلمت بيه .. تصحي يوم فجاة تلاقيه قدام عينيك
انت الوحيد اللي لما بكون معاه .. بلاقى روحي مصدقاه ودايبه فيه
رفع وجهها إليه لينظر إلى عمق عينيها وهو يشدو إليها بخفوت شديد يردد كلمات الاغنية بأذنيها .. بل يسكبها في هجوم مكثف لم يقصده أو لعله فعل وهو يشعر بمشاعره المتخمة بداخله تكاد أن تندفع لتعلن عن مكنونات صدره المختنق بعشقه لها ليضمها إلى صدره حينما شعر بجسدها يقشعر و أنفاسها تتعالى فيمنحها أمان شعر بأنها تحتاجه ليدور بها ثانية في دورة كاملة وهو يضمها بقوة بعدما حملها بشكل استعراضي تزامن مع انهاء حاتم الاغنية فتعالت صافرات الشباب والصيحات القوية لينزلها أخيرًا ويحتفظ بها في صدره مقدرًا حيائها قبل أن يدفعها لمكان جلوسهما عائدًا بها
فتهمس باسمه قبل أن تجلس لينظر إليها من علٍ فتتبع هامسة بعفوية وصوت ابح و وجهها كثمرة الطماطم الناضجة رغم زينتها المتقنة والتي كان يظن أنها تفقده صوابه لكنه تأكد الآن أن خجلها البادي عليها بسبب هذا الاعتراف الذي يسطع بعينيها – اكثر وطأة من أي مرة مضت - والذي تفوهت به برقة رجف لها قلبه : عمر أنا أحبك
انتفض جسده و أنفاسه تعلو بشكل مفاجئ وهو ينظر إليها بعدم تصديق اعتلى ملامحه ليزدرد لعابه بصعوبة قبل أن يزعق بصوت خشن : عبد الرحمن .
انتفضت بعدم فهم والحرج يمتزج بخجلها فيزيد احمرار وجهها وخاصةً حينما اقترب أخيه منه ليتابع هو بنفاذ صبر : أريد أن نغادر فانهي هذا الزفاف حالًا .
اتسعت عينا تؤامه بعدم تصديق ليهمهم بحرج وهو يجذبه من جانبها قليلًا : ماذا حدث يا عمر ؟!
تمسك بوجوده جانبها وهو يلاحظ حركة جسدها المتوترة ليهتف بأخيه في ضيق : أريد الذهاب لبيتي ، هيا يا عبد الرحمن من فضلك دون أسئلة كثيرة .
أومأ عبد الرحمن بعد أن تبادل نظرة خاصة معه جعلت البسمة تنسل من شفتيه فاسبل اهدابه وهو يجيب بجدية : حالًا يا اخي ، استعد أنت وعروسك .
ابتعد عنهما عبد الرحمن لتهمهم حبيبة باسمه في خفوت ليجيب بصوت محشرج وهو يجذبها قريبًا منه يضمها إلى صدره أكثر : أرجوك يا حبيبة لا تتحدثي إلى أن نذهب الى البيت فأنا لا أريد أن افقد نغمة صوتك في أذني.
لوت رقبتها في خجل وحركة كتفها المميزة تأثر فيه بشدة وفركت كفيها لتومض عيناه ببريق أزرق غني فيهمهم بصوت أجش وهو يقربها منه أكثر : ارجوك يا حبيبة توقفي عن فعل أي شيء وخاصةً لو عفويًا لأن كل حركة تصدر منك تترك في عظيم الأثر ، اتبع بشقاوة يحاول أن يخفف من حدة توترها ويشتت عقله عن التفكير فيما يحثه قلبه على فعله - إلا لو تدفعيني بافتعال فضيحة وسط زفافنا .
ارتجفت بين كفيه المحاوطان لخصرها ليهمهم وهو يحنو عنقه لها يهمهم بصوت أجش : حبيبة توقفي بالله عليك .
حاولت الابتعاد عن أسر حضنه المحيط بها فتشبث بها ورغبته في تقبيلها تلح عليه لينتفضا سويًا على صوت عبد الرحمن الذي لم يستطع أن يسيطر على ضحكته كما ينبغي ليرمق أخيه بعتب وهو يهتف بمرح : السيارة تنتظركما ، اتبع وهو يغمز بعينه إلى أخيه بعد أن دفنت هي وجهها بصدره - هيا يا تؤامي
كح مجليًا حلقه ليضمها من خصرها إليه ليدفعها للسير بجواره قبل أن يهتف بأخيه : ضللهم لا أريد لأحد أن يتبعني أو يصحبني للبيت ، راوغهم انت وعاصم وأخبر أسعد أن يفي بجميله لي
ضحك عبد الرحمن بخفة و أومأ برأسه موافقًا ليهمهم إليه : أحمد يشغل ماما معه واسعد مستعد لأن يضلل حميك الذي كاد أن يقفز ليدق عنقك على احتضانك لابنته .
ابتسم عمر رغم عنه ليهمس : لقد جاملتكم جميعًا الآن حان وقت ردكم للجمائل يا أخي .
لكزه عبد الرحمن في كتفه : عرفنا يا أخي ، هيا تعالى سأوصلك أنا حتى اطمئن أنك وصلت في أمان .
***
سحب نفسًا عميقًا وهو يفتح باب بيته الجديد ليتمتم بدعاء خافت قبل أن يلتفت إليها يتطلع إليها بتوق تملكه فيقترب منها ولكنها ابتعدت عنه تلقائيًا ليتمسك بكفها ويجذبها نحوه همت بالاعتراض ولكنه قاطع اعتراضها وهو ينحني فجأة حاملًا لها بخفة ، شهقت وتمست بعنقه عندما توقف على عتب باب البيت ليهمس إليها بخفوت : بقدمي اليمنى وانا احملك لنبدأ حياتنا سويًا .
تمسكت أكثر بعنقه رغم عنها ليتابع هامسًا وهو يمر عبر الباب : اعدك أن امضي حياتي معك احميك .. اسعدك .. احقق لك آمالك وأحلامك .. وأن لا اغضبك يومًا أو اجرحك بقصد مني ..
رفرف قلبها لكلماته الصادقة وسقطت بأسر نظراته الوامضة بزرقة رائقة ، فلم تعي أنه يحملها إلى داخل غرفة نومهما إلا عندما وضعها فوق طرف الفراش ليهمس برجاء خاص مس قلبها وهو يجلس فوق ركبتيه : هلا أعدت ما قلته بالزفاف يا حبيبة ؟!
تخضبت وجنتاها وهي تخفض وجهها أرضًا ليحتضن ذقنها براحته يرفعها قليلًا يجبرها أن تنظر إليه : بل اعيديه وأنت تنظرين إلي .
رمشت بعينيها مرات متتالية لتعض طرف شفتها برقة قبل أن تهمس بخفوت شديد : أنا أحبك يا عمر .
انتفض جسده رغم عنه ليجف حلقه وهو يتأملها بنظرات غائمة بمشاعره نحوها فتتابع وهي تتمسك بشجاعة انتابتها ولكنها تهوي تحت وطأة نظراته التائقة : أحبك منذ كنت تظهر أمامي بالجامعة كنجم لامع يخطف بصري رغم عني ، لم استطع أن امنع ميل روحي إليك ولكني تحكمت في قلبي وخفقاته التي تنبض نحوك ، تمنعت .. وكابرت .. رفضتك وعاندت ، كنت ارتجف خوفًا أن أقبل بم تقدمه لي فأهوى في بئر حبك فلا أقو على الطفو أو الغرق ، كنت أخاف أن اضل طريقي معك فأخسرك بعد أن أصبح اسيرتك .. كنت أخاف أن أحبك حقًا فأسيء إليك وكنت أكثر خوفًا أن تحبني أنت فتكسرني بعد أن منحتني كل قوتك .
تدفق الأزرق الغني من عينيه لتتبع وهي تتمسك بقماش فستانها الحريري : ولكن رغم عن كل شيء لقد وقعت في حبك وانتهى كل شيء ، أنت الآن اسيري وأنا سجينتك فلا مفر أخر أمامنا .
لهث رغم عنه وعيناه تغيمان بعمق عاطفته ليهمس وهو يلتصق بصدره في ركبتيها يحيط خصرها بذراعيه فيقربها منه كما اتاحت له جلستهما : وأنا أرحب بسجنك .. اسرك .. اعتقالك لي يا حبيبة القلب والعقل والعمر كله ، أنا كلي لك ملكك يا حبيبتي .
أنهى حديثه بقبلة عميقة اعتصرت شفتيها وكأنه يمتص اعترافها بظمأ عانى منه كثيرًا وآن وقت أن يروي عطشه ويتخلص من جفاف روحه التي توحدت معها فأصبحا دائرة اكتملت حينما تلاقا نصفي الكون بهما .
***





التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 21-09-20 الساعة 07:01 PM
سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-09-20, 06:18 PM   #388

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي





يجلس بضيق متململًا بجوار أبيه الذي تمسك ببقائه وهو الذي قرر بالفعل البقاء بعد حديثها إليه ولكنه لم يشأ أن يظهر اهتمامه لها فأتى تمسك أبوه به طوق نجاة انتشله من مكوثه دون سبب بعدما كان يريد الرحيل ، ويا ليته رحل ولم يبقى لينظر إليها تتهادى بهذا الفستان المخملي اللامع دون تطريز ، ضيق رغم احتشامه .. مغوي رغم انغلاقه .. ومثير رغم طوله الذي يمتد من خلفها قليلًا كذيل طاووس متباه ، فأصبح يليق بها وخاصة مع لونه المحير بين الرمادي والأزرق والأخضر فكلما تحركت ومع اختلاف الإضاءة أنارت هي بلون مختلف جذب بصره إليها من جديد .
انتبه على صوت شقيقه الذي جلس مجاورًا له من الاتجاه الآخر : لم تغادر؟!
نظر عاصم من حوله ليجيب بضيق : ألا تراني هنا إذًا أنا لم أغادر .
تحكم عمار في ابتسامته ليهمس بمشاكسة : مزاجك مغلق بطريقة يصعب علي وصفها ولكن لدي تبريرًا لها
زفر عاصم ليجيبه متهكمًا : وماهو يا عبقري زمانك ؟!
أجاب عمار ببساطة وهو ينظر إليه بطرف عينه : أنك تشاجرت مع نوران ، هم بالحديث ليعتدل عمار ويواجه متبعا - وإياك والإنكار فغضبك واضح كالشمس وعزوفها عنك ظاهر للأعمى والجميع منتبه فلا تدفن رأسك بالرمل يا كبير وأعلم أني أنبهك لأن " الأخوين ويلي " كما يدعوهما عبد الرحمن منتبهان ومترقبان وأشعر أنهما ينتظران ليضعوك بالمنتصف ويفتكان بك .
تمتم عاصم بضيق : ولماذا يفتكون بي إن شاء الله ؟!
ابتسم عمار ساخرًا ليجيب ببساطة : لأن حتى لو نوران من أخطأت أنت من يتحمل النتيجة دائمًا يا عاصم فتحكم في غضبك وأنهي الأمر مع نوران بطريقة ترضيك وتهدأ من غضبك وتجبرهم على الصمت وعدم التدخل ، اتبع عمار مؤكدًا - وحذار من أبيك قبل عمك فعمك من الممكن ان يتفهمك أما أبيك الحبيب لن يفعل وسيبطش بك إذا تناهى إليه أنك أذيتها .
غامت عيناه باختناق فهمس عمار متسائلًا : هل فعلت يا عاصم ؟!
رف عاصم بعينيه ليغمغم باختناق : فعلت ماذا ؟!
تمتم عمار بجدية : أذيت نوران ؟!
أجاب بخفوت : نعم فعلت ، ليتبع بقهر - فعلت لأنها ذبحتني يا عمار .
اتسعت عينا عمار بصدمة ليسأل بجدية : ماذا حدث ؟! هز عاصم رأسه رافضًا البوح فأكمل عمار - ما السبب إذًا ؟! هل أخبرتك عن سبب ما فعلته وذبحك هكذا ؟
اغمض عاصم عينيه ليبوح بصوت مختنق : أنا لا أقوى على الاستماع الآن ، لا أستطيع السيطرة على غضبي الذي بالفعل انفلت من عقاله فأريد الابتعاد كي أسيطر على نفسي وأقوى على المجابهة .
رمقه عمار مطولًا لينصحه بجدية : الابتعاد بعض الأحيان لا يفيد يا عاصم ، من رأيي اضغط على نفسك قليلًا واستمع إليها ولا تدع الأمور للوقت فالوقت كثير من الأحيان تأثيره يكون سيئًا .
هم بالحديث ليصدح صوت هرج فيهتف عمار بدهشة : عمر سينصرف .
قفز عاصم واقفًا ليهمهم باختناق : خير ما فعل ، فأنا أريد الرحيل .
تمتم عمار : إذًا هيا بنا لنزفه بالسيارات ، تحرك عمار نحو عبد الرحمن الذي تمتم إليه بحديث سريع أومأ له عمار الضاحك بخفة قبل أن يعود هاتفًا لأخيه - ابق مع العائلة وأنا سأنضم لمناورات عمر .
عبس عاصم بعدم فهم ليهتف عمار ضاحكًا : سأقص لك فيما بعد ،
أومأ عاصم متفهمًا وهم بالحركة لينتبه إليها تقف أمامه تبتسم برقة لا تظهر بعينيها وتسأله : ستغادر ؟! أومأ برأسه إيجابًا فأكملت - للمطار ؟!
تنهد بقوة : أجلت طائرتي للفجر بناء على رغبة بابا .
أومأت برأسها متفهمة لتهمهم اليه بطبيعية : تعد سالمًا بإذن الله .
رمقها مطولًا فتحدته بنظراتها ليهتف بصوت هادئ وهو يولي اهتمامه لعمه : بعد إذنك يا عماه سأصحب نوران معي ، فأقلها للقصر .
رمقه عمه قليلًا قبل أن يرفع رأسه لابنته مستفهمًا فتشير بالقبول بعينيها الضاحكتين بمكر التقطه وائل بسهولة فيوميء وائل برأسه متفهمًا : حسنًا لا مانع لدي .
ابتسم عاصم ليصافح الجميع يضمهم مودعًا قبل أن يعود مشيرًا إليها بأن تتقدمه فتفعل بثبات أثار خافقه المتعلق بها وهو يتبعها مقررًا بأن يسكن لنصيحة أخيه لعل حديثها يبرد حريق جوفه ويطفئ النيران التي تندلع داخل روحه.
***
تحرك نحو السيارات صاحبًا يمنى و آسيا و رقية معه هاتفًا بجدية : هيا يا فتيات لننضم للزفة الوهمية .
كتمت موني ضحكتها ليقهقه بدوره ضاحكًا هامسًا إليها وهي القريبه منه : لا أصدق أن عمر من يتصرف هكذا .
ضحكت برقة لتشير بكتفيها بمعنى لا أعلم لتعبس قليلًا قبل أن تسأله : أنا فقط لا أفهم جملته الغريبة لك بأن ترد له الجميل ،
وجم قليلًا ليجيبها بهدوء : لقد قالها إلى أسعد أيضًا .
كتفت ذراعيها قبل أن تدلف إلى السيارة تنظر له بتفحص : نعم ولكني أعلم مجاملته لأسعد .
رفع حاجبيه بتعجب ليسألها بترقب : حقًا ؟! ماذا فعل لأسعد ؟!
تضرجتا وجنتاها بالوردي لتهمهم : شيء لا يخصني فلا أقوى على الحديث فيه .
أجابها بلامبالاة افتعلها : يا سلام ، إذًا لماذا تسألين عن مجاملته لي ؟!
رفعت حاجبها وشفتيها تلتوي بمكر انثوي أثار نظراته لتقبض على ياقة سترته بلطف هامسة بثغر ممطوط بتعمد : لأن أنت وكل ما تفعل يخصني يا دكتور .
لعق شفتيه السفلية بوقاحة تعمدها ليهمس : أموت أنا في الملكية الحصري يا مونتي ، لم تهتز ملامحها ليكمل وهو يحتضن خصرها بكفيه يقربها منه كثيرًا – وخاصةً أن مجاملته لي كانت تخصك .
ابتسمت بتفكير ومض بعينيها المتوله بهما لتسأله بجدية : ليست مرة المجمع التجاري ، ضحك وعيناه تشير بالايجاب ليلمع الإدراك بعينيها – إذًا مرة خطبة عمك ،
همهم بصوت أجش يفضح تأثره الجم بها وهو يضمها بالفعل لصدره : كم مرة أخبرتك اني اعشق ذكاءك .. عقلك .. ومنطقية تفكيرك .
تمتمت بدلال وهي تدفعه بعيدًا : ولا مرة .
عبس بضيق افتعله : لأني غبي ، هلا سمحت لي أن اعتذر لك ؟!!
دفعته بجدية في صدره هامسة بدلال : لا شكرًا لا أريد اعتذارك .
قربها منه ثانية وعيناه تومض بشقاوة مهمهمًا بصوت أبح ضاحك : ولكني أريد .
تعالت ضحكتها لتضع كفها فوق شفتيها تكتم ضحكتها ليجذب كفها للأسفل هامسًا بمرح : لا تكتمين ضحكتك أبدًا يا موني ، وأنت معي أحب أن أشعر بكونك سعيدة .
عضت شفتها بتأنيب شعره موجهًا لنفسها أكثر من حديثها إليه : ولكن ضحكتي عالية ومائعة ولا يصح أن تنطلق هكذا في الاجواء .
اخفض بصره ليهمهم بجدية : لن نتخلص من عقد عادل الذي ستظل وراءنا الى ما شاء الله ، ضحكت مرغمة ليتبع وهو يضغط على يدها بلطف – أنا لا أرى ضحكتك سيئة بل أراها جميلة جدًا وأحب للغاية أن استمع إليها عالية كانت أو خافتة فلا تتحكمين بها أبدًا ،
رفع كفها ليلثم باطنه بشفتيه : أنا أحب انطلاقك ولا أريد أن اقيده أبدًا .
ومضت عيناها بمشاعرها التي تكبتها بداخلها فلا تصرح بها ليبتسم ويخفض بصره عنها قبل أن يبتعد بتروي عنها هاتفًا بتعجب : أين آسيا و رقية ؟!
نظرت من حولها : لا أعلم آسيا كانت آتية خلفي ولكن لا أدري أين ذهبت و رقية كانت تطمئن على خديجة التي قررت الذهاب مع ملك .
أشار إليها برأسه : حسنًا ادلفي إلى السيارة وأنا سأنظر أين ذهبن .
هزت رأسها نافيًا : بل سأتي معك .
تحركت خلفه ليتوقف وهو يعبس بجدية ينظر إلى ابني عمه الواقفان أمام هذا الشاب قريب رقية و كأنهما يتشاجران .
همس بجدية : انتظري هنا يا يمنى من فضلك .
عبست وهي تنظر إلى ما لفت نظره ولكنها لم تطيعه بل اتبعته حينما التقطت وجود ابنة خالتها و رقية و خديجة الواقفات قرب الشباب الواقفون بتحدي سرى فيم بينهم
***
__ هل لازلت تخاصمينني ؟!
توقفت عن الحركة وهي تستدير فوق كعبي حذائها العالي لتنظر إليه ترفع رأسها التي أصبحت مقابلة لكتفه فتبتسم ببرود : من قال أني اخاصمك ؟! هز رأسه بحركة طفيفة لتكمل بلا مبالاة - على حسب علمي أنت من انصرف غاضبًا .
ابتسم مجيبًا : أبدًا أنا لا أقوى على أن أغضب منك يا آسي وأنت تعلمين ، رمقته من بين رموشها ليقترب منها ببطء متبعًا – كيف حالك ؟! اشتقت إليك .
ابتسمت برقة لتهمهم : أنت كيف حالك ، العمل و دراستك وحبيباتك ؟!
ضحك بخفة ليجيب بشقاوة ومضت بعينيه : أنا بخير والدراسة والعمل كل شيء بخير ، ليكمل بتروي – ولكن لا يوجد حبيبات .
ارتفعا حاجبيها لتغمغم دون تصديق : اوه حقًا ، العابث توقف عن العبث .
ابتسم ليخفض عينيه هامسًا : المشكلة الرئيسية يا آسيا أنك لا تقتنعي إلا بم يجول في رأسك أنت .
هزت كتفاها بلا مبالاة لتجيبه بجدية : اعتقد أنك لا يجب أن تهتم باقناعي بهذا الشكل ، فيكفي أنك مقتنعًا بم تردده على نفسك وعقلك وتؤمن بم تفعله يا أدهم سواء يعجبني أو لا .
اطبق فكيه وهو ينظر إليها بضيق فأكملت بثرثرة طبيعية : إذًا بم أنك توقفت عن صداقة الكثيرات ، هل هناك احداهن استولت على عقلك .. او قلبك .. أو الاثنان معًا .
هم بالرد ليعلو صوت ابن عمه الواقف قريبًا من الطاولات بعد ما فرغ معظمها بجواره خديجة التي جذبها مازن خلفه ليقف في وجه ابن عمتها كما يتذكر أدهم الذي انتفض بحمية لابن عمه الذي جذبه الآخر من تلابيبه صارخًا في وجهه : ابتعد عنها ولا شأن لك بها .
دفعه مازن بقوة ليصيح بدوره : من أنت لتجذبها هكذا وتصرخ في وجهها .
تراجع محمود إلى الخلف نتيجة دفعة مازن القوية ليعود وعيناه تومض بجنون ملامحه تتشكل بغضب ينوي الاشتباك مع مازن الذي تأهب بجسده وغضبه يفور بعروقه ليقفز أدهم في المنتصف هاتفًا بجدية إلى محمود الذي ينفث بغضب وهو يدفع مازن بعيدًا : ما بالك يا هذا ؟! اهدأ قليلًا .
التفت إلى ابن عمه ينظر إليه بتساؤل : ماذا حدث يا مازن ؟!
هدر محمود بغضب : تعالي هنا يا خديجة .
رفعت خديجة رأسها بعنفوان لتهتف به وهي تقف في المنتصف بين آسيا وملك ويمنى الواقفة بتحفز اعتلى ملامحها : أنت لا شأن لك بي يا محمود فلا تملي علي أفعالي .
__ ماذا يحدث هنا ؟! انطلق السؤال من فم عمار متزامنًا مع نفس هتاف رقية الخائف و التي التفتت إلى ابن عمتها تنظر إليه بذهول – ماذا تفعل يا محمود ؟! هل تتشاجر في زفاف مدعون إليه ؟!
هدر محمود بغضب : لم أكن أتشاجر لو لم يتدخل هذا الذي لا أعلم ما شأنه حقًا بابنة عمتي ، والذي انتفض ليتدخل فيما بيننا .
صاح مازن بغضب : كنت تريد أن أتركك تجذبها من ذراعها تجبرها على السير معك رغمًا عنها و أقف صامتًا لا أتدخل .
صاح محمود بجنون : نعم فأنت لا شأن لك .
تحرك عمار ليقف أمام محمود بهدوء كسى ملامحه بعدما دفع مازن قليلًا للخلف فيتحكم في حركته أدهم وعلي الدين والذي أتى برفقته زين ولكنه توقف بعيدًا قليلًا متأهبًا يراقب في صمت وعدم تدخل التزم به في ظل الوضع المحتدم بالفعل ، لينطق عمار أخيرًا : هلا هدأت قليلًا ؟!
حدثه محمود بعجرفة : من أنت لتتحدث معي من الأصل ؟!
ابتسم عمار ببرود ليكفهر وجه رقية التي هتفت بانزعاج : محمود ، من فضلك توقف عن هذا الأسلوب .
هدر زاعقًا في وجهها : لا لن أفعل ، وخاصةً أن شقيقتك المصون تلتجئ للغرب وتجعلهم يتدخلون فيما بيننا .
اتسعت عينا رقية بصدمة سرعان ما تحولت لغضب قبل أن تسأل بصوت هادئ أشعر عمار بالخطر فالتفت ينظر إلى صلابة ملامحها وهي تنطق بوجه ابن خالها : هل تزعق في وجهي يا محمود ؟!
كتم عمار ضحكته وهو يلتفت بسرعة ليراقب ملامح الآخر الذي تراجع على ما يبدو وهو يسيطر على أعصابه بقسوة فيجيبها بجدية : لا أقصد يا رقية .
هدرت بحزم كسى ملامحها : إذًا ماذا قصدت يا ابن خالي ؟! ماذا قصدت وأنت تقف أمام الجميع تزعق لي ولشقيقتي التي تجرأت وجذبتها من مرفقها ؟!
انتفض الغضب بعينيه ليردد باستهجان : تجرأت ؟!
هدرت رقية وصوتها لا يعلو وتيرته بل حافظت على مستواه المنخفض في صلابة اراقت عمار الناظر إلى ما يحدث بتسلية : نعم تجرأت فمن سمح لك أن تجذبها من ذراعها .. لتتحكم بها وتملي عليها افعالها .
نظر إليها بصدمة ليهدر بغضب : كيف هي جرؤت أن تقف مع هذا الغريب لتتحدث معه و تتضاحك و لا تهتم لأي شيء و كأنها وحيدة لا حاكم لها ولا رابط .
صرخت خديجة بغضب عارم : وأنت ما شأنك ؟!
هدر أمامها : اخفضي صوتك من الأفضل لك .
انتفض مازن بغضب ليجذبه أدهم نحوه و ينظر إليه عمار العابس بغضب محذرًا أن يتدخل ليهتف بهدوء وهو يقف أمام محمود بتحدي ناطقًا بالانجليزية وكأنه تعمد اغضابه أكثر : هاي يا صاح ، اهدأ وتحدث بطريقة لائقة من فضلك .
ومضت عينا محمود بالازدراء ليردد متهكمًا : صاح ، أشار إلى عمار بتعالي - أنتم جميعًا تشبهون بعض ولكن نحن مختلفون عنكم .
هدرت رقية بعنفوان : ماذا تقول يا محمود ؟! ما هذا الذي تتفوه به ؟! كيف تتحدث هكذا من الأساس ؟!
ليصيح في وجهها بغضب انفلت من عقاله : لم اسمع اعتراضك يا رقية على ما تفعله ديجا هانم .
القاها باستهجان فزمجر مازن بغضب ليتمسك به علي الدين مهمهمًا : اهدأ يا مازن من فضلك فتدخلك الآن سيزيد الأمر سوءًا .
أجابت رقية بصرامة : لأنها لم تفعل شيئًا خاطئًا يا محمود ، خديجة لم تتصرف بأي طريقة خاطئة و إلا لكان بابا اعترض ، فأنت تعلم خالك جيدًا أنه لا يقبل بتجاوز الحدود ، اتبعت بهدوء وهي تراقب وجهه المنتفخ بغضب – الحدود التي دهستها أنت بغضبك وتدخلك فيم لا يعنيك ، ومنحت نفسك حق ليس لك وخاصةً وأن أبي موجود بل وأبيك أيضًا ولكنهما لم يعترضا ولكنك لم تهتم بل نصبت نفسك قاضيًا و تجرأت لتحاسب شقيقتي في وجود أبيها .
اطبق فكيه بغضب ليهتف باستنكار : إذًا أنت الأخرى ترين أن لا شأن لي بم تفعله شقيقتك .
ران الصمت للحظات معدودة لتجيب رقية بصرامة غير مهتمة بغضبه الفائر : نعم أنت لا شأن لك يا محمود بك ، شقيقتي لها أب مسئول عنها وعن أفعالها يحاسبها أو لا يرى ما تفعله خاطئًا أو لا هذا شأنه الخاص ، أعلم أنك ابن عمتي و ابن خالي الكبير ولكن في وجود بابا أنت لست بذي صفة . اتسعت عيناه بصدمة لتكمل وهي تضع عيناها في عينيه بتحدي – ومن بعد بابا وجود محمد يَجُبّ وجودك ، فأبي وشقيقي حفظهما الله لنا موجودان وأنت لست كبير العائلة لتتدخل في شئوننا ، فخالي الكبير موجود بارك الله فيه ، لذا لا تعطي لنفسك أحقية لن تكن لك أبدًا يا سيادة القبطان .
انغلقت ملامحه لتومض عيناه العسلية ببريق غاضب ليخفض جفنيه قبل أن يرفع رأسه بشموخ ينظر إليها بحنق تملكه قبل أن يحدثها ساخرًا : معك حق يا رقية هانم ، يا زوجة الخواجة ،
اكفهر وجه رقية غضبًا فاكمل هو دون اهتمام – كانت غلطة عارمة أنهم وافقوا على تلك الزيجة التي ارغمتنا على القرب من هؤلاء الذين لا ننتمي إليهم ، فاصبحنا جميعنا خواجات ، وعليه لابد أن اتقبل ما يحدث و احنى رقبتي بتفهم وإلا أكن رجعي .. متخلف .. وفلاح .
رمقها ساخرًا ليكمل : أليس كذلك ؟! أم سنستعر من اصولنا فيما بعد ونتباهى بعرق الخواجة الذي سيفسد اصولنا .
اطبقت فكيها بغضب ومض بعينيها لترمقه مطولًا قبل أن تنطق بصرامة : لا تتحدث معي ثانيةً يا محمود بأي شيء لا يخصك ، ومنذ الآن لا تقترب من أي منا إلا بعدما تتحدث مع خالك الذي لن يرضى عن أي شيء مما فعلته اليوم وما تفوهت به الآن .
ابتسم ساخرًا : تهدديني يا رقية ؟!
أجابت دون تأخير : نعم أفعل و سأخبر بابا وخالي أيضًا ، و لتواجه نتيجة أفعالك يا ذو الأصول النقية كما يخيل لك ولكني أراها في قمة الافساد .
انتفض بغضب اهوج ليقف عمار في المنتصف حينما شعر بجسد الآخر يتصلب بعنف ليهتف في وجه بصوت حاد تعمدته : هاي أنت يا من تتعالى على الجميع ، التفت إليه محمود بغضب فأكمل عمار بجدية – رغم أني لا أقرب للعروس بشكل مباشر ولا للعريس أيضًا ولكن عائلتنا مرتبطة بشكل أنت لن تفهمه أبدًا .
سحب عمار نفسًا عميقًا ليتبع بصرامة شكلت ملامحه : وعليه أنا ابلغ سيادتك أن وجودك أصبح غير مرحب به .
وجمت ملامحه وكأنه تلقى صفعة حادة على وجهه ليبتسم من بين ضروسه المطبقة على بعضها ليومأ برأسه متفهمًا يستدير على عقبيه عائدًا لسيارته التي تركها دائرة في وقت مضى حينما عصف الغضب بعقله وهو يراها تتضاحك مع هذا المازن بعدما غادر خاله وعمته و والديه وصحبوا أمينة التي اعترضت على الخروج برفقة بنتي عمتها اللتان حصلا على موافقة خاله – كالمعتاد على أن يرافقن شقيق العريس و اصدقائهم الذي لا يدركهم فيخرجون كمجموعة كبيرة ، فانضمت الفتاتان لآخرين لا يعرفهم ليعود بهم ذاك الخواجة زوج رقية الذي سينضم إليهم بعدما يوصل أخيه العريس الذي غادر فجأة دون سبب محدد .
أطبق فكيه وهو يلكم مقود سيارته بغضب وعيناه تتقد بشرار امتزج بضوي انتقام لمع بعينيه ليشتدا فكيه ببسمة تقدح بشياطينه التي انفلتت من سلاسلها ليتمتم بوعيد : حسنا سنرى يا خديجة، سنرى هل سيصبح أمرك هو شأني الكامل أم لا ؟!
***
تنفس عمار بضيق ليلتفت إلى رقية هاتفًا بلباقة : أنا اعتذر يا رقية ولكنه ..
تمتمت رقية بحرج وملامحها تشي بمدى ضيقها : بل أنا من عليه أن يعتذر عن جنون محمود وقلة ذوقه معكم .
ابتسم عمار بود : أبدًا لا تقولين مثل هذا ، أنت تعلمين غلاتك عندي ثم إن عبد الرحمن تركك في عهدتي ، هيا بنا كما كان مخططًا .
التفتت تنظر إلى شقيقتها الواقفة بحضن آسيا التي تضمها بحنو لتتمتم يمنى أخيرًا بثبات : هيا يا فتيات فالسيارة تسع لنا كلنا .
هتفت رقية بجدية : هيا يا خديجة ، من فضلك يا عمار اوصلنا إلى البيت فأنا لا احبذ أن نستكمل ما كنا نخطط له .
هتفت خديجة بحدة : بل سنفعل ولن نمتثل لهذا الغبي بعقله المتحجر .
هدرت رقية بغضب : خديجة تحدثي عن ابن عمتك باعتدال من فضلك .
كحت يمنى بخفة وهي تربت على كتف رقية : فقط أهدأي يا روكا ، خديجة معها حق ، إذا عدتما الآن ما فائدة كل ما حدث ، ثم أنسيت عبدالرحمن لقد قال أنه سينتظرنا مع أسعد بعدما يوصلا عمر والعائلة .
رفت رقية بعينيها لتزم شفتيها قبل أن تزفر بقوة : حسنًا سنذهب ولكن عليك يا خديجة أن تأتي معي من فضلك .
اتبعت وهي تسأل عمار بجدية : هل السيارة تتسع لنا ؟!
أومأ عمار برأسه لتجيبها يمنى : ومن الممكن أن نطرد عمار أيضًا ونذهب جمعينا في سيارته الكبيرة ولينحشر هو بين ابناء عمومته ، أكملت بمشاكسة – اعتقد سيرحبون بك .
تعالت الضحكات ليوميء برأسه موافقًا : أمرك يا موني ، السيارة وصاحبها تحت أمرك .
همهم ادهم بخفوت لعلي الواقف بجواره : انظر إلى الدون جوان وتعلم يا لولو .
كتم علي ضحكته ليهمس : بل أنا انظر ليمنى التي أراها تتورد لأول مرة في حياتي رغم صلابة ملامحها .
تعالت الضحكات من حولهما لتهتف آسيا وهي تجذب ملك وخديجة معها : عاش يا موني ، أكملت وهي تشير لعمار - سنستولى على سيارتك يا ميرو .
ابتسم عمار ليشير بذراعيه مرحبًا : على الرحب والسعة يا آسيا ، هيا لنتحرك حتى نلحق بالشباب يكفي أن الزفة فاتتنا .
تحرك لينظر إلى مازن الذي وقف يراقب ابتعاد خديجة بين الفتيات ليدفعه بلطف يشير إليه بعينيه رافضًا قبل أن يهمهم إليه بجدية : هيا يا فتى لدينا حديث طويل في الطريق.
هتف علي الدين : حسنًا سأذهب أنا و زين ، فنبيل والفتيات انصرفن بالفعل .
هتف أدهم بجدية : نحن سنأتي بسيارتي التي سينيرها الدون جوان وابن عمي الحبيب
ألقاها وهو يلف ذراعه حول عنق مازن بمشاغبة فيبتسم عمار ويهتف : سأطمئن عليهن و أت .
تمتم متبعًا لأدهم – قرب السيارة هنا يا دومي .
جذب أدهم مازن معه : سأفعل لا تقلق .
اتجه عمار للفتيات اللائي استقرن داخل السيارة الثلاث صغيرات بالخلف ويمنى استقرت أمام المقود و بجوارها رقية ليحني عنقه وهو يسند ذراعيه على نافذة يمنى المفتوحة هاتفًا بتساؤل ضاحك : مستقرات والحمد لله ، تعالت الإجابات من الجميع لينظر إليها هامسًا وعيناه تحتضانها – وأنت ؟!
تمتمت : أنا بخير .
أومأ برأسه ليهمس : حسنًا لا تسرعي ، نحن خلفك الوقت ليس متأخر أنا أعلم ولكن أنتن بمفردكن وأنا خائف عليكن .
سألته بمشاغبة : لست خائفًا على السيارة .
هز رأسه نافيًا : إطلاقًا ، أنت أغلى من أغلى سيارة يا حبيبتي .
كحت بحرج لتهتف آسيا من الخلف : نحن هنا يا حضرة .
ضحك بخفة ليبتعد مرغمًا وهو يهتف : حسنًا يا موني ، هيا تحركي أمامنا فأدهم وصل بسيارته أيضًا .
أومأت براسها و ادارت السيارة بسلاسة ليتحرك هو ويركب بجوار أدهم في المقعد الأمامي ليهتف إليه : سيارة جديدة يا أدهم .
هتف أدهم بتباهي : إنها من مالي الخاص .
هتف مازن بضحكة مكتومة : لقد انفق أرباحه الذي جناها من المؤسسة الأشهر الماضية على السيارة يا عمار .
نظر عمار للسيارة من حوله : أنت إذًا تعمل بكد يا ولد .
أجاب أدهم وهو ينطلق بسيارته متبعًا سيارة عمار التي تقودها يمنى : اينعم ، ولا تتخيل سعادتي وأنا ابتاع السيارة من مالي الخاص إنها سعادة عارمة .
ابتسم عمار بدعم : أعلم أنه أمر رائع ، من الواضح أن عاصم وجد معاونًا جيدًا يا ولد .
ابتسم أدهم بغرور ولكنه آثر الصمت ليلتفت عمار إلى مازن المستلقي في الخلف يحاول أن لا يظهر ضيقه ليهتف به : أما أنت من الواضح أن علينا الحديث سويًا ولكن ليس الآن ، فأنا سأتركك إلى أن تأتي بنفسك يا مازن .
تمتم مازن وهو يبتسم : أنا بخير .
أجاب عمار وهو يلتفت إلى الأمام من جديد : أنا أرى هذا .
أشاح مازن برأسه لينظر من النافذة مطبقًا فكيه بضيق تملك منه وهو يشعر بأن محمود هذا تهديدًا حقيقيًا لوجوده بقرب من تملك قلبه وتتملكه .
***
استلقى بقوة على الفراش يجاورها ليجذبها إلى صدره بقوة يمنعها من مغادرة الفراش كعادته بل يظل محتفظًا بها حتى إذا أراد معاودة الكرة معها ، فيفعل دون أن يهتم بما تريده هي ، يعاملها كدمية جميلة يمتلكها ، لا تنكر أنه توقف عن خشونته معها .. إجباره لها .. وتجبره عليها ، بل إنه بات الآن اكثر لطفًا .. ودًا .. وتفهمًا ، يرضيها كما يرضي أي ذكر أنثاه ولكنه لا يقوى على ارضاء قلبها الذي تيبس بقربه .. روحها التي جفت في قحله .. ونفسها التي ذبلت معه ، فرغم أنه يحاول إرضاءها .. تدليلها .. والاعتناء بها ، إلا أن تظل ذكرى إجباره لها حيه في مخيلتها فتمنعها عن التعاطي معه ولكنها أيضًا لا تقوى على رفضه فحينما حاولت أن تفعل انقلب إلى وحشها الكاسر الذي هشمها من قبل فرضت وأذعنت .. خافت وقبلت .. رضيت وكُسِرت نفسها فغدت دمية كما أرداها دومًا.
انتبهت على صوته الأجش يسأل بترقب : شردت عني ؟!
تمتمت وهي تنتبه لأنامله التي تداعب خصلاتها : بل أنا معك .
تمتم بجدية وهو ينظر لعمق عينيها بسوداويتيه المعتمتين دومًا : لا أشعر بك .
ابتسمت بتوتر لتهمهم : اعتقد أني غفوت لا أعلم .
ابتسامة متشككة لمعت على ثغره لتهمس برقة وهي تعتدل بنومتها فلم يسمح لها بل جذبها ثانيةً لتتوسد صدره : غدًا موعد الملتقى اتمنى أن لا تكون نسيت ، عبس ناظرًا إليها بتفكير فأكملت بخفوت - ملتقى المعمارين أنت وعدتني بأن تتركني اذهب يا زيد.
زم شفتيه بقوة ليهمس بصوت مختنق : نعم أعلم ولكن للأسف لدي موعدًا بالغد لم أقوى على تأجيله لذا لا أعلم إذ كان بمقدورك الذهاب بمفردك ، شحب وجهها ليغمغم بضيق - من رأيي ألا تفعلي فأنت غريبة على البلد وأخاف أن تضلي طريقك أو يزعجك أحدهم .
تمتمت باختناق هامس : ولكنك وعدتني يا زيد .
زفر بملل : أعلم ولكن لا حل لدي .
تمتمت سريعًا : أرسلني مع السائق .
عبس بضيق ليغمغم باعتراض : بمفردك لا طبعًا.
أجابته : لماذا ؟!
أجاب بهدوء : أخاف عليك .
تشنج جسدها لتتملص هذه المرة وتنهض بجذعها تشرف عليه : أرسل معي أحد رجالك الموثوق بهم ولكن لا تحرمني من الحضور يا زيد .
تأفف بضجر ليغمغم : لا أثق بأحدهم إلى جوارك يا أسيل ، أنا أخاف عليك من الجميع ، تطلعت إليه بقهر لتنتفض واقفة بتلقائية تغادر الفراش وهي ترتدي مئزرها الثقيل فيتابع بضيق - لا تغادري الفراش يا أسيل تعلمين جيدًا أني أضيق من ذلك التصرف وخاصةً أني لم اخلد للنوم بعد
تمتمت بصوت مختنق بكاء : لا أريد يا زيد
عبس بغضب لينتفض بجذعه سائلًا بفحيح : ماذا تقصدين أنك لا تريدين ؟!
استدارت إليه لتهتف ببكاء انهمر من بين دموعها : أنا غاضبة منك .. غاضبة للغاية ،
انتفض واقفًا ليقترب منها هادرًا : اخفضي صوتك .
أشاحت بذراعها في موجة غضب ألمت بها : لماذا اخفض صوتي حتى لا يستمع إلي رجالك المرابضين في الخارج ، أنت تهتم بكل شيء سواي يا زيد ، فأنا لا شأن لي عندك .
اهتزت عيناه بجنون ليهدر برفض : بالطبع لا ، بل أنت أهم شيء عندي وأنا اهتم بك وللمرة التي لا اعلمها أخبرك أنك أهم شيء بحياتي فأنا دونك أموت يا أسيل .
تمتمت باختناق وهي تنظر إليه من خلف سحابة دموعها الكثيفة : وأنا أموت يوميًا بجانبك يا زيد ولكنك لا تهتم .
نفخ بقوة ليهدر بضيق : كل هذا لأجل الملتقى !!
هدرت بنشيج بكاء : بل لأجل أنك وعدتني وهاك تبدل حديثك ولا تهتم بأني سأغضب .
مط شفتيه ليهتف بنزق : لا أفهم ما سبب تمسكك بالحضور ، أشاحت برأسها دون رد فأكمل - حسنًا لا تغضبي أنا يهمني أنك تكوني راضية يا لولي .
نظرت إليه بتساؤل فابتسم بضيق وهمس بعدم رضا حقيقي : سأرسل معك أحدهم ولكن عليك أن تعديني ألا تحتكي بأحد ولا تتحدثي مع أحد .
أومأت برأسها موافقة ليكمل برجاء : هيا ابتسمي حتى أوقن أنك لست غاضبة .
تمتمت بخفوت وهي تتشنج فلا تقوى على الابتسام : لست غاضبة .
جذبها إليه هامسًا بهوس : ابتسمي برضا يا أسيل واهمسي لي أنك سعيدة معي وتحبييني ، ابتسمت بتوتر فاتبع أمراً وهو يحملها من خصرها ويلصقها به - هيا يا أسيل ، تحدثي و أرضيني بحديثك وأنت معي .
وضعها ثانيةً بالفراش وجردها من مئزرها وهو يشم كل خلية في جسدها بقبلاته .. لمساته .. و أنفاسه المهتاجة تحرق جلدها كلما همم بهوس سيطر عليه : هيا يا لولي فقط اهمسي بم أريد .
لينتفض جسدها تحت وطأة هجومه الحثيث فتهمس بصوت مختنق لا يخرج من عمق روحها : أنا أحبك يا زيد .. و راضية .. و سعيدة معك.
***
توقف بسيارته في الباحة الخلفية لقصر عائلتهم بعدما دلف من البوابة الأخرى وسط دهشة فرقة الحرس التي لم تعتاد على دخوله من البوابة الخلفية ولكنهم لم يقوا على الاعتراض فتركوه يمر دون سؤال ليقترب من الملحق الخاص ، يصف سيارته بجواره بشكل لا يظهر للعين الناظرة بعدما قضى الطريق إلى جوارها في صمت يحفهما منذ أن وافقته على العودة معه .
ترجل من السيارة وهو يهمهم إليها أن تتبعه فتستجيب بهدوء لتدرك بسلاسة أنه سيدلف إلى الملحق . تنفست بعمق وهي تقف تنظر إلى الملحق مليًا قبل أن تزفر أنفاسها وهي تخطو خلفه بالفعل وتغلق الباب أيضًا من خلفها ، ثم تستدير إليه تواجهه بثبات وتحدي ومض بزيتونتيها فأثر على تفكيره المدجج بغضبه الذي لم يهدأ بعد .
زم شفتيه ليقف بعيدًا عنها متمسكًا بمسافة طويلة فاصلة ليسألها بجدية : حسنًا يا نوران هانم ، هيا أخبريني عما رجوتني الصبح حتى اسمعه .
ابتسامة ساخرة رسمت ثغرها لتجيبه بجدية وهي تزيح الشال الفرو من فوق كتفيها تلقيه باهمال على الأريكة القريبة لتهمس ببرود : ولكنك رفضت – صباحًا - يا عاصم بك ، لماذا تريد الاستماع الآن ؟!
أطبق فكيه ليجيب بخشونة : حتى لا أصدر حكمًا خاطئًا بشأنك .
ضحكة قصيرة متهكمة صدرت منها لتجيبه بلا مبالاة : لطالما أصدرت الأحكام الخاطئة بشأني ، ما الجديد ؟! انتفض عصب صدغه فأكملت ساخرة - لطالما حكمت علي وعاقبتني دون أن تدرك أو تفهم فما الجديد ؟! لطالما نصبت نفسك قاضيًا والجميع دونك مذنبين فما الجديد ؟!
رفعت رأسها بشموخ وتحديها يعتلي هامتها : والآن تريد ألا تصدر حكمًا خاطئًا بشأني ، فلتفعل ما تريد يا عاصم فأنا لن أتحدث عن أي شيء إلا حينما تخبرني ما الجديد الذي دفعك للاستماع لي ؟!
تحرك نحوها خطوتين ليهدر بألم ومض بعينيه : في السابق كنت ابنة عمي الحبيب .. مدللة العائلة .. الصغيرة نوران ، حتى إن حاكمت أو عاقبت فأمرك في الأخير لا يخصني أما الآن كل أمرك وشأنك وأنت بنفسك تخصينني ، التمعت عيناه بغضب – أما الآن أنت زوجتي وحقي عليك أن أسأل فتجاوبين .. استفسر فتشرحين .. وحينما اغضب منك لا تتحدين .
مطت شفتيها باستنكار كسى ملامحها لتهمس ساخرة : حقًا يا عاصم ، هل أنت بهذه العقلية المتحجرة ؟!
هدر بثورة وعيناه تومض بغيرة جنونية : بل متحجر أكثر مما تتخيلين حينما يصل الأمر لما يخصني .. لامرأتي .. لزوجتي .
وجمت ملامحها لتهمس بهدوء وصوت مختنق : ما الذي تسأل عنه يا عاصم ؟!
نفسًا عميقًا زفره ببطء ليسيطر على أعصابه يتحكم بها في صلابة تمسك بها قبل أن يسأل بصوت خشن وشى بمدى ألمه : لماذا عصيت أمري وتعمدت ألا تطيعني ؟!
أخفضت نظراتها بندم صادق قبل أن تمط شفتيها لتجيبه بمراوغة تعمدتها : سأجيبك ولكني سأسألك اولًا يا عاصم ، أعلم أنك رجل أعمال محنك .. ذكي وبارع ومعماري له مدرسته الخاصة ، ولكن بعض الأحيان حينما تغضب لا يزن عقلك الأمور بشكل جيد ، لذا سأسألك ألم تفكر لماذا يتصادف وجودك الآونة الأخيرة في نفس توقيت وجودي مع اسام..
هدر مقاطعها : لا تنطقي اسمه .
صمتت لتومأ برأسها : حسنًا ولكن سؤالي كما هو ألم تفكر قليلًا هذه المرة وعقلك يدرك أن حدوث الأمر مرة واحدة يكون مصادفة و لو تكرر يكون هناك مؤامرة ، ومضت عيناه بتفكير لتكمل بمنطقية - حسنًا دعنا من أمر المؤامرة ولنترك أمر المصادفة ايضا ، لأني سأسألك عن أمر آخر يخص كيفية اتمام الصفقات ونظام المؤسسة في التعامل مع الجديد منها ، ما تعلمته الأشهر الماضية أن الصفقات توزع على مديرين التسويق وما ندرسه جيدًا ونجده مقبولًا يتم عرضه على رئيس مجلس الإدارة والذي بالمناسبة يكون أنت ثم إذا أقررته سيادتك يتم طرحه للتصويت في اجتماع مجلس الإدارة .
زفرت نفسًا عميقًا كان يعيق مجرى تنفسها لتكمل بهدوء : ألم تنتبه أن ملف الصفقة التي أتى بها من لا اسم له تخطى كل مدراء التسويق إليك مباشرة وكأنه زج بتعمد في أوراقك لعمل حالة من العشوائية والفجوة والتضارب بيني وبينك وخاصةً أن المشروع كان معي من البداية وتخوفت من نوايا الصفقة وتحدثت مع أدهم في الأمر لأنك في ذاك الوقت كنت منشغلًا بحادث أسعد .
بهتت ملامحه وعيناه تنبض بتفكير سريع لتتابع : هل هذه مصادفة أيضًا ؟! أم نحن لدينا مؤامرة المقصود منها أنت وليس أنا ؟! فمن يريد الانتقام لن يفعل كل هذا حتى يستهدفني ، ولكنه يفعل كل ذلك وأكثر ليستهدف الكبير يا كبير آل الجمال القادم .
اهتزت وقفته وعيناه تلمع بادراك لتبتسم هازئة وهي تكمل : وهنا تأتي إجابة سؤالك والإجابة هي أني لم أعصيك يا عاصم و لم أتعمد عدم الطاعة ، ولكن كل ما فكرت به أني أريد حمايتك ، والمحافظة عليك وعلى ما كان بيننا ، فقط لم أفكر أبدًا أن من الممكن يتم الإيقاع بي بهذه الطريقة.
ردد بعدم فهم : حمايتي ؟!
أومأت برأسها إيجابًا لتهمهم : نعم ، حمايتك من التعرض لأي شيء وأن اجنبك فتح جرح قديم أعلم أنك عانيت منه . تغضنت ملامحه بألم فاكملت باعتذار غير صريح - اعترف أن طريقتي كانت خاطئة ولكن هذا ما أردته فأنا شعرت بالخوف عليك بالفعل يا عاصم ولكن ..
قاطعها وهو يقترب منها ببطء : لماذا لم تخبريني ؟!
رمقته بطرف عينها لتهمس بصوت مختنق : وهل كنت ستستمع ؟! لقد سافرت وأنت غاضب لأني أخفيت عنك أمر المقابلة الأولية فما بالك أن أخبرك باني سأدعوه لمكتبي ؟! صمتت وعيناها تدمع لتتبع - كنت أظنك تثق بي ولكنك ..
شعر بألم حاد يشق جانب صدره ليسألها بصوت مختنق : ماذا كنت تريدين منه ؟!
تنهدت بقوة لتهتف بانهيار وشيك : كنت أريد أن امنعه عنك .. كنت أريد أن استدرجه ليخبرني عمن يعاونه أو يؤكد لي حدسي .. كنت سأفعل أي شيء حتى لا يؤذيك يا عاصم ، حتى إن وصل الأمر لتهديده كنت سأفعلها وكنت سأخبر أبي أيضًا ولكن وجودك في هذا التوقيت ..
صمتت لوهلة قبل ان تغمغم باختناق وهي تهز رأسها بيأس : كل هذا – الآن - لا يهم ، هاك أنا أخبرتك وعليك أن تبحث عن الخائن في مؤسستك .
همس باسمها في صوت خافت فنظرت إليه ليتبادلا النظرات قليلًا فيهم بالاقتراب لتشير إليه بكفها رافضة : أرجوك يا عاصم لا تقترب ، فأنا لا أتقبل أي شيء منك الآن .
همس بصدق : أنا ا..
فصاحت تقاطعه بثورة ألمت بها : لا يا عاصم لا ، الأمر لن ينتهي هكذا ، فهو أكبر كثيرًا من اعتذار أو أسف أو حتى ندم يُرسم بعينيك ، وحقًا أنا لا أريد كل هذا ، فأنا لست غاضبة لتعتذر .. ولست حانقة لتتأسف .. ولا اعاتبك فتندم ، أنا مجروحة يا عاصم .. قلبي ينزف بألم كبير و وجع حاد واعتذارك .. اسفك وحتى ندمك لن يفيد ،
بللت شفتيها لتتابع باختناق وكتفيها يتهدلان بانهزام : وأعلم أنك الآخر موجوع .. مقهور .. مهزوم ، فملاقاتك لصفحة ظننا سويًا أنها طويت أكبر من حكمتك وأقوى من رزانتك ، فأنا مدركة لكل ما يجيش بصدرك ويعلم الله كم أريد أن أخفف عنك وجعك .. انتزع ألمك .. وأطيب جرحك ولكن الآن وبعدما فعلته معي .. بعد تشكيك في .. وجرحك لي لا أستطيع لذا نحن الاثنان يلزمنا وقت يطيب جراحنا ويمنحنا هدنة من صراعاتنا .
ران الصمت عليهما قليلًا قبل أن تهفت بجدية وشموخها يزين هامتها : لذا امنحنا الوقت الذي نحتاج يا عاصم ، فنحن الاثنان في أشد حاجتنا للنسيان .
رمقها مطولًا عيناه تشي بعذابه .. ملامحه ترسم ندمه .. وشفتيه ترتعشان بأسف يكتمه بداخله ليمأ في الأخير بتفهم هامسًا : حسنًا ، لك كل الوقت يا نوران ، تحرك بالفعل فأفسحت له المكان ليقترب من باب الملحق ينوي الرحيل ولكنه توقف ونظر إليها فتحاشت النظر إليه متجاهلة نظراته المعتذرة وأنفاسه النادمة ليهمس بصوت أجش بعدما أخفض بصره - أراك على خير .
تمتمت وهي ترفع رأسها أخيرًا تنظر إليه بحزن : تعد سالمًا .
قبضته المتمسكة بمقبض الباب تطبق عليه بقوة تشي بصراعه العنيف الذي يموج بداخله ، ليفلتها أخيرًا وهو يقطع المسافة بينهما في خطوتين واسعتين قبل أن يجذبها إلى حضنه في حركة خاطفة شهقت على اثرها لتفاجئ بحضنه الاعصاري الذي غلفها فلم تقوى على رده عنها لتتراجع شدته رويدًا أمام حنانه الذي تدفق غامرًا كلاهما فتسقط دموعها أخيرا تنهمر فوق صدره فيضمها أكثر إليه في صمت لفهما سويًا إلى أن هدأت فقبل جبينها باعتذار غير منطوق هامسًا : إلى اللقاء يا نوران .
ابتسمت من بين دموعها لتمأ بعينيها : إلى اللقاء يا عاصم .
***
يرمقها بتعجب وهي تدور من حول نفسها منذ أن عادا من الخارج بعد قضائهما السهرة التي كانت ممتعة للغاية فتناثرت بها الضحكات وتبادل الأحاديث والمشاكسات بين الجميع ، رغم وجود مازن غير المألوف و أدب أدهم غير المعتاد إلا أنه سعد كثيرًا وهو يراقب التناغم بين يمنى وعمار فيشعر بالراحة أخيرًا وهو يرى أن شقيقته وصلت لبرها الآمن مع من اختاره قلبها ، انتبه على حركتها من جديد وهي تعود إلى غرفة الملابس ثم إلى دورة المياة ثم تخرج الى طاولة الزينة تبحث عن شيء لا يدرك ماهيته ، قبل أن تتجه لغرفة الملابس من جديد وهو يشعر بجسدها ذو الظهر المحني قليلًا يهتز اهتزاز طفيف تقاومه هي بصلابة .
تنفس بعمق وهو ينتظرها بصبر أن تأتي ليخلدا إلى النوم سويًا فهي اليوم قررت إلغاء استحمامها المسائي وهي تبرر بحرج أنها تشعر ببعض من البرد فغمزها حينها بشقاوة وهمس إليها أنه ينتظرها بفراشهما ليدفئها فلا تخشى البرد وهو إلى جوارها .
أطالت داخل غرفة الملابس هذه المرة لينهض مستسلمًا إلى فضوله الذي حثه أن يرى ما بها فيعبس بعدم فهم وهو يقف أمامها ينظر اليها تبتلع قرصي دواء دون ماء و تبكي دون صوت .
هتف باهتمام وهو يقترب منها بسرعة : ما بالك يا جنى ؟! ما الذي يبكيك ؟! وما الذي تناولته هذا؟! هل أنت متعبة ؟!!
ارتعد جسدها لتمسح وجهها بكفيها تهمس بحرج وهي تخفي عيناها عنه : أنا بخير لا تقلق اعتقد أني ساصاب بالبرد فرأسي تؤلمني لذا أخذت دواء مسكن للألم حتى أقوى على النوم .
رمقها بتفكير ليمأ برأسه متفهمًا قبل أن يبتسم بتفكه هامسا وهو يدير عينيه على منامتها الصوفية المحتشمة : والمنامة السوداء هذه بمناسبة أنك تشعرين أن لا قدر الله ستصابين بالبرد .
تمتمت بخفر : ألا يعجبك لونها ؟!
هز رأسه قليلًا ليهمس : لا ليس الأمر كذلك ولكن أشعر بانك تشككين في قدراتي على تدفئتك
ابتسمت برقة واخفضت عيناها : لا أبدًا والله ولكن فقط أردت أن اتدفئ جيدًا .
تمتم بجدية : حسنًا على راحتك ، تحرك مبتعدًا ليهمس لها حينما لم تتبعه - ألن تأتي ؟!
رمشت بعينيها كثيرًا لتهمس : سأفعل ولكن سأعد مشروبًا دافئًا احتسيه قبل النوم .
رمقها بطرف عينه ليجيبها بجدية : حسنا سأرتدي أنا الآخر منامتي و آت لنسهر سويًا فأنت من الواضح لا ترغبين في النوم الآن .
توترت ليهمس لها وهو يداعب شاشة صوان ملابسه ليبحث عن احدى منامته : اذهبي إلى المطبخ أم ستنتظرينني ؟!
تحركت بسرعة قليلة وهي تهمس : بلى سأذهب .
تحركت للخارج ليخرج هو منامته فيرتديها على عجالى قبل أن يتوقف مفكرًا قليلًا فيخطو إلى دورة المياة ينظر إلى محتوياتها عن كثب ليضحك بخفة وهو ينظر إلى عبوة الانابيب البلاستكية الذي يدركها جيدًا الموضوعة بطريقة مخفاة خلف بعض الاشياء التي تخصها في الصوان الصغير المعلق بجوار حوض الاستحمام ، تنفس بعمق وضحكته تنحسر ليزم شفتيه بضيق تملكه فيهمهم بعتاب ضوى بعينيه : آه منك يا جنى .
تحرك ليتبعها إلى المطبخ فيقف يسند كتفه إلى إطار الباب ويرمقها كعادته فتبتسم له هامسة عندما أدركت وجوده : هل أعد لك القهوة .
مط شفتيه ليهتف بجدية : ما رأيك لنتعشى فأنا ارغب في تناول الطعام ؟!
رفعت حاجبيها بدهشة : الآن ؟!
هز كتفيه ليهمس مراوغًا وهو يتجه نحو المبرد الكبير : من الممكن أن أمارس بعض من التمارين قبل النوم ، اتبع بتفكه - فمن الواضح أن اليوم لا يوجد دلال ولا احتواء .
احنت رأسها بحرج لتغمغم مجيبه وهو يخرج بعض الاشياء من المبرد : حسنًا سأعد لك الطعام فقط أخبرني ما الذي تشتهيه نفسك ؟!
اقتربت منه ليجذبها إليه يلصقها بصدره و ذراعيه تلتفان حول خصرها قبل أن يبدأ بملامسة أسفل بطنها بحركات لطيفة ويمسدها بترتيب حاني راق لها : ما الذي اشتهيه بين ذراعي ولكنه لازال يضع كثير من المعوقات أمامي فلا أقوى على تناوله .
توتر جسدها لتهمس بخفوت : ماذا تقصد ؟!
تنفس بعمق ليديرها ينظر إليها بعتاب : ألم نتفق ألا تخفي عني شيئًا ؟! لماذا تخبئين عني حالك الآن ؟!
رفت بعينيها لتهمس : أنا فقط خجلت أن أخبرك يا أسعد ، اتبعت بصوت مختنق - بالله عليك كيف سأفعل ؟!
تنهد ليحتضن وجهها بين كفيه يجبرها أن ترفع عيناها له : إذ لم تستطيعي التصريح ألمحي لي يا جنى ولكن الصمت والابتعاد لا يجدي نفعًا وأنت تعلمين هذا جيدًا .
احنت رأسها لتتمتم بطفولية : آسفة .
ابتسامة ماكرة شقت حلقه ليحنى رأسه يقبلها برقة : أحب ذاك التعبير الذي لم يتغير على مدار سنواتنا معًا ، حركة رأسك الملتوية وشفتيك المبرومتين بطفولية وصوتك الرقيق بكلمة الأسف التي تجعلني اصفح دون تفكير أو غضب ، ابتسمت برقة فسألها بجدية - هل تتذكرين تلك المرة التي تشاجرت مع عمار لأنك اعتذرت له وهو تمادى في غضبه ؟!
ضحكت بخفة لتمأ برأسها إيجابًا : نعم اذكر أنك غضبت منه وعاتبته وابتعدت عنه يومان فأتى لمصالحتي حتى تصالحه أنت ، هزت رأسها بتفكير - رغم أني لا أذكر ما الذي أغضبه مني حينها ولكني أتذكر ردة فعلك جيدًا ؟!
ابتسم بحنان ليدفعها للخارج فيجلس فوق الأريكة الكبيرة المريحة والتي تخص صالة بيتهما ويجذبها ليجلسها بحضنه : كسرت قيثارته دون قصد .
شهقت بخفة : نعم تذكرت ، لم انتبه لوجودها و رميت بجسدي جالسة فوقها فانكسرت .
عدل من وضعها فوق ساقيه ليضمها إلى صدره هاتفًا : حينها هاج وماج كثور أحمق فاعتذرت له ولكنه لم يستمع ، رفت بعينيها وعقلها يعيد الذكرى فيكمل بضيق - أذكر أنه ضايقك كثيرًا يومها وأنت حاولت احتواء غضبه مكررة اعتذارك إلى أن ثورت أنا في وجهه
ابتسمت وهمست بخفوت : ولكزته في كتفه بقوة وسببت له كدمة ظل وقتًا يعالجها .
همس بحنق : كنت مغتاظ منه فهو لم يرى كيف كنت صادقة في اعتذارك ، وكنت مدهوشًا أنه لم يلين حينما همست معتذرة بطريقتك العادية التي تلين الحديد .
اخفضت رأسها بخجل لتهمس بخفوت : كنت تحبني حينها ؟!
همس لها مجيبًا : لا أقوى على الجزم بذلك ولكني كنت منجذبًا بقوة إليك .. الى رعايتك .. حمايتك .. احتوائك ودعمك ، تنفس بعمق ليتبع - وسأظل دومًا يا جنى لذا ليس عليك أن تخفي .. تخجلي .. تخبئي أي شيء يخصك عني.
توترت نظراتها لتهمس بتساؤل خرج عفويًا تحت نظراته المترقبة : حقًا يا أسعد لم تتغير نظرتك لي كل هذه المدة ؟! أومأ برأسه إيجابًا فأكملت بصوت أبح وهي تتحاشى النظر إليه - ولن تتغير فيما بعد ؟!
احتضن ذقنها براحته ليجبرها أن تنظر إليه هامسًا : بلى ستتغير ،
توترت نظراتها فشعر بأن هناك جذور لحديثها فأكمل بتروي : ستتعمق بك وفيك و سأرتبط بك أكثر ، لانت ملامحها بدهشة وعدم تصديق لمع بعينيها فاكمل بثرثرة شارحًا - قديمًا كنت صديقتي .. ولكنك الآن حبيبتي و زوجتي فأصبحت تحملين كل الصفات التي من الممكن تجمعني بك ، بينما فيما بعد ستصبحين جنتي ملكة بيتي و أم أولادي إلى جانب الصفات الماضية ،
رمقها بابتسامة حانية ليعدها مؤكدًا : كلما مرت علينا السنوات و قضينا العمر سويًا ستحتلينني أكثر وأكثر وأنا سأمنحك نفسي كلها راضيًا .
تمتم ببساطة وصدقه يومض بعينيه : بل أنا منذ الآن أفعل بالفعل .
نظرت إليه بعدم تصديق وقلبها يخفق بجنون فتدمع عيناها وتسأله بعفوية : إذًا لن تنفر مني .. تمل .. تبتعد .. تتركني وخاصةً حينما نكبر بالسن ويظهر العجز علي ؟!
سكنت الصدمة عينيه ليهمس بصوت أجش وعتاب لون نبراته : هل تظنين بي كل هذه الظنون ؟!
هزت رأسها نافية وهتفت سريعًا : لا والله لا أظن بك أنا فقط .. صمتت لتحنى رأسها متبعة - أنا خائفة .
ضمها إلى صدره على الفور ليمنحها أمان كاملًا في ظل احتضانه لها : أبدًا لا تفعلي وأنا معك وبجوارك ، لا تخاف فأنا أبدًا أبدًا لن افعل كل ما تظنين ، ألا تشعرين بي يا جنتي ؟!
سيطرت على دموعها فلم تبكي لتهمس بخفوت : بلى أشعر ، و أشعر أيضًا بتقصيري معك .
ربت على رأسها : لست مقصرة وإياك و أن تفكرين هكذا فتفكيرك هذا يؤخر من تقدمنا سويًا
احتضن وجهها بكفيه : أنا سعيد وهذا يكفيني وأنت سعيدة وهذا أيضًا يكفيني .
تمتمت بجدية : بل أنا لم اكن سعيدة يومًا من قبل كما أنا الآن .
قبل جبينها ليهمس بجدية : حسنًا هيا بنا لنخلد إلى النوم ، أم لازلت تريدين ذاك المشروب الذي سيدفئك ؟!
ابتسمت برقة لتجيبه بعفوية : بلى أصبحت بخير جسدي أصبح دافئ حينما اجلستني بحضنك
أومأ برأسه ليجيب بثقة : أرأيت فقط ثقي بي وسيصبح كل شيء بخير .
تمتمت بيقين : أنا أثق بك .
هم بالنهوض وهو يحملها : حسنًا هيا بنا .
تمسكت به وحاولت أن تنهض من فوق ساقيه : انتظر سأعد لك العشاء .
عبس برفض : لا سأتناول عشائي الذي اشتهي .
غمغمت بحرج : كيف هذا ؟!
أجابها بتسلية وهو ينهض واقفًا بها : سنجرب فقط لو لست متعبة .
رفت بعينيها لتسأله باهتمام : ما الذي سنجربه ؟!
شاكسها بملامحه مغمغمًا : سترين إذ لم تكوني متعبة .
تمتمت سريعًا وعيناها تومض بتوق أسعده : لست متعبة .
قهقه ضاحكًا وهو يخطو بها داخل غرفتهما ليغلق الباب من خلفه بساقه ثم يضعها على فراشهما هامسًا : إذًا اخلعي هذه المنامة السوداء ولا ترتدينها أبدًا ، فأنا أكره اللون الأسود بالمناسبة
أومأت برأسها في طاعة وهي تستجب لأمره غير واعية ليخلع بدوره منامته ثم يمنحها سترتها كما يفعل بعدما انضم إليها في الفراش ليجذبها إلى صدره هامسًا من بين قبلاته التي استولت على إدراكها وهو يحتضن جسدها العاري اليه : أنا أحبك يا جنتي .
***
يجلس بمقعده المريح في درجة رجال الأعمال في هذه الطائرة الفخمة التي تأخذه بعيدًا عن وطنه .. ينظر إلى الظلام الذي يطل من نافذته فيضيق فجاة ويشعر بقلبه ينقبض لأنه يبتعد عنها .. لأنه تركها وهي حزينة ، فلم يبدد عنها حزنها ولم يظل بجوارها ليرمم كسرة نفسها .. يداوي جرح قلبها .. ويعيد إلى وجهها ابتسامتها التي فقدتها بسببه .
أنْتّ روحه بألم وعقله يتساءل عن من سيداوي جرحه هو .. يعيد كبرياءه المهدور .. ويرمم كسرته .. ويزيل قهرة روحه التي ألمتّ به بسببها .. وكرامته التي بُعثرت على يديها حينما لم تطيعه ودعت الآخر الذي وقف متباهيًا أمامه يخبره أنه أتى بناء على رغبتها هي.
أطبق فكيه بغضب لتنتفض روحه مدافعه عنها وأذنيه تعيد عليه حديثها من جديد فتلمع عيناه بتفكير فيم قالته ليقر بأنها محقة في الأمر شيء غامض لابد عليه ان يكتشفه بنفسه ، اسند رأسه للخلف وهو يغمض عينيه لعل حواسه ترتكن الى راحة يفتقدها .. يتذكر أنه لم يراسلها كما فعل المرة الماضية ليخبرها أن طائرته ستقلع وبالتأكيد لن يفعل حينما يصل ، فهي طلبت راحة .. هدنة .. بُعد وافق عليه بكبرياء تملكه فليس من حقه أن يتذمر الآن ويشكو لنفسه شوقه الذي يضج مضجعه بل عليه أن يكون رجلًا كما كان طوال عمره وليتحمل نتيجة موافقته على قرارها وألا يتراجع عن موقفه أبدًا وخاصةً أنها لم تخبره عن سرها الذي ومض بعينيها ولكنها خبئته بداخلها ولم تمنحه راحة كانت تمتلكها ولكنها بخلت بها عليه .
زفر بقوة ليزم شفتيه بضيق وهو يلوم نفسه على كلماته التي اطلقها كوابل رصاص فوق رأسها و يعاتبها بقوة على جرحه لها ليضرب رأسه بضيق في مسند الكرسي الطري من خلفه ليتمتم بضيق : فات أوان العتاب يا عاصم ، وفات أوان الاعتذار أيضًا ، عليك الآن أن تفكر جيدًا لعلك تتوصل إلى من تعاون مع ذاك الحقير الذي قلب عالمك بوجوده .
تنفس بعمق ليعلو صوت المضيفة تثرثر عن وصولهم فيشد جسده بعنفوان وهو يجلس بجدية يغلق حزام الأمان عليه وهو ينحي كل أفكاره جانبًا مستعيدًا رزانته وهدوءه لإنهاء العمل الذي أتى لأجله .
***
تحركت بهدوء في المطبخ تعد الإفطار لهما رغم كونه لازال نائمًا فلم يستيقظ بعد وكيف يستيقظ وهو الذي قضى الليلة الماضية كلها مستيقظًا .
عضت شفتها برقة و وجهها يحتقن بحمرة قانية وهي تتذكر أنها الأخرى لم تنم بطريقة جيدة بسببه فهو كلما غفت في النوم اوقظها من نومها على قبلاته .. لمساته .. وفيضانه الذي أغرقها فيه بدلًا من المرة ثلاث مرات كاملة كان يتركها بعدها تحت وطأة ذهولها الذي لم ينمحي إلى الآن !!
فعمر الذي عرفته على مدار العام الماضي بأكمله لم يكن نفسه عمر الذي عرفته الليلة الماضية فاختفت رزانته .. هدوءه .. تعقله ، بل حتى حديثه اللبق ذهب ادراج الرياح وهو يلجأ لغزل صريح صدمها .. وحركات عبثية أذهلتها .. ولكن ما انتبهت له في ظل دوامته المتكررة التي أخذها بها أنه يلجئ إلى تعبيرات انجليزية خاصة به حينما ينغمس معها ويتوحد بها ، فكان الفعل الأكثر رقيًا الذي شعرته معه البارحة وكأنه لا يقوى على التخلي عن أناقته حتى في أهم لحظاتهما الحميمية .
تنهدت بقوة وهي تتذكر أنها استيقظت بنفسها حينما شعرت ببعض من الحر وجسدها مكتف غير قادر على الحركة فتكتشف حينما وعت من نومها انه يقيدها بجسده الكبير والذي يضمها بقوة إليه فانسلت بعد عناء مستغلة نومه العميق لتنهض من الفراش قبل أن يستيقظ فلا تقوى على رده عنها كما كان يفعل في كل مرة يحاصرها بها.
تحركت تعد أكواب الشاي لتشهق بخفة عندما شعرت بذراعيه تلتفان حول خصرها ليحملها بخفة وهو يلصقها بصدره يدفن انفه في تجويف عنقها وكتفها ليقبله قبلة قوية أشعرتها بالدغدغة وهو يهمس بصوت أجش : صباحية مباركة يا بطتي .
تمتمت بخجل ببعض كلمات متناثرة لتهتف بخفوت حينما شعرت به يخرج بها من المطبخ : الفطور أنا أعددت الفطور .
همس بجدية : أنا بالفعل جائع ، حسنًا لنأكل أولًا .
رددت بعدم فهم حينما انزلها لتستدير إليه : أولًا ؟!
انحنى نحوها ليضمها إليه ثانيةً يشاغبها بمرح لمع بزرقاويتيه : اها ألم أخبرك أن لدي مفاجأتين أم لا تريدِ أن تعرفيهما .
تمتمت ووجهها يحتقن بقوة : بلى أريد .
غمز بشقاوة وهو يساعدها في حمل الأطباق للخارج : حسنًا سأخبرك بهما بعد الفطور .
ابتسمت وهي تنظر إليه بحب سرى بعروقها وهي تراقب أناقته الصباحية في طاقم رياضي ليست معتادة على رؤيته به خصلاته المصفوفة بعناية فوق ملامحه السعيدة وذقنه الناعمة التي اصبحت تروقها كثيرًا فهي أحبت دغدغته لها بها .
شهقت بخجل وهي تنهر نفسها بقوة : تأدبي يا حبيبة ماذا أصابك اليوم ؟!
نفضت رأسها وهي تسير خلفه تحمل بعض الأطباق لتعود وتأتي ببعض الأشياء متحاشية ارتطامه بها المتعمد وهو يشاكسها بحركات شقية من كفيه أو ملامحه أو همساته الذي ينثرها على مسامعها متعمدًا اخبارها عن شعوره بها الليلة الماضية .
فتخفض رأسها خجلًا وتؤثر صمتًا كونها لا تقوى على رد حديثه الصريح أو التعاطي معه.
جلست أخيرًا بعدما صبت فنجاني الشاي متحاشية نظراته المتسائلة والتي دارت فوقها بدهشة يتأمل ملابسها المحتشمة والتي تخالف خياله عن ملابس يوم صباحية زواجه منها ليسألها بهدوء وهو يرمق تلك السترة الصغيرة بلونها الأبيض التي ترتديها فوق فستانها الوردي القصير إلى ما بعد ركبتيها والذي من الواضح أنه عار الاكمام مكشوف الصدر فأخفت انكشاف نحرها بوشاح متداخل الألوان صيفي مبهر بنقاء ألوانه : هل سيأتي أحد لزيارتنا اليوم ؟!
رمشت بعينيها في تعجب لتهمس بخفوت : لا ، ماما أخبرتني أنهما سيأتيان بعد غد وهي تخبرني أن السائق سيأتي بعد قليل يحمل الطعام معه .
عبس بتعجب وعيناه تدور عليها ثانية : حتى والدي لن يأتوا اليوم اعتقد أنهم سيأتون جميعًا بعد غد .
أومأت برأسها وهي تتحرك لتناوله قدح الشاي بلبن خاصته وهي تبتسم بتوتر التقطه وسألها بمشاغبة : إذًا هل سنخرج سويًا ؟!
امتقع وجهها لتسأله بصدمة : نخرج ، اليوم ؟! لا طبعًا لا خروج اليوم ، احتقن وجهها وهمهمت بصوت خفيض - ليس من عادتنا أن العروسان يخرجان يوم ..
زمت شفتيها تمنع نفسها عن الحديث فيسألها وابتسامة ماكرة تومض بزرقاويتيه : إذًا بم أنك تدركين أنه يوم صباحيتنا وأنه ممنوع علينا الخروج من البيت لماذا ترتدين ملابس تصلح لخارج البيت ؟!
نظرت لنفسها بحدقتين مهتزتين لتهمهم بتوتر اجتاحها : هذا الفستان لا يصلح للخروج إنه مكشوف أكثر من اللازم .
رفع حاجبيه بتعجب ليسألها بتفكه ساخر : لا ارى انكشافه ، كل ما أراه وشاحك الذي يغطي رقبتك كلها وسترتك التي تخفي ذراعيك عني .
رفت بعينيها كثيرًا ليكمل ببساطة وهو يضع قدحه الفارغ على الطاولة - من رأيي أن بارتدائك لهذه الأشياء من فوقه أصبح صالحًا للخروج عن الجلوس معي يوم صباحيتنا يا حبيبة
توترت جلستها أمام عينيه فيرمقها دون تصديق ليهتف وهو ينهض واقفًا : ماذا يحدث معك يا حبيبة ؟! هل عدت لهذه الشرنقة من جديد ؟!
اقترب منها ليبتسم بلطف ويغمز لها بشقاوة وهو يعدل من كرسيها فيجبرها أن تواجهه - توقعت أننا تخطينا الأمر بعدما حصل البارحة.
احتقن وجهها بقوة لتهمهم بتلعثم وهي تخفض بصرها عنه : لا الأمر ليس كذلك .
نظر إليها بتساؤل وهو يجلس على ركبتيه أمامها يجذبها إليه كما فعل البارحة و يده تتمسك بوشاحها يفكه بلطف عن رقبتها : إذًا ما الأمر ؟!
تمسكت بوشاحها اكثر لتهمس برجاء : أرجوك يا عمر توقف لا أعتقد أنك تحبذ أن ترى هذا التشويه برقبتي ، دمعت عيناها وهي تكمل بتشوش - لا أفهم ما حدث لتنتشر تلك البقع هكذا فوق نحري .
عبس بتفكير ليسألها بلطف وعيناه تتقد بتسلية : هلا سمحت لي لأنظر عم تتحدثين ؟!
توترت وهي تشيح بعينيها بعيدًا لتثقل انفاسه حينما تركت وشاحها الذي أبعده بعيدا عنها فيفتنه نحرها ببياضه الشاهق ما عدا تلك المناطق الحمراء المنثورة فوقه فيكز على شفته السفلية بتوق غمر عينيه ليهمس وهو يلامس طرف عنقها والتقاءه باول صدرها بأنامله لينزلها برفق يمررها على عرض نحرها بأكمله هامسًا بصوت أجش متهدج : هل تقصدين تلك العلامات ؟!
أومأت برأسها وهي تحنى عنقها على اثر ملامسته الناعمة لتشهق بضعف وهو يضمها من خصرها يقربها إليه بعدما خلصها من سترتها فيشد جسده ويقترب منها أكثر هامسًا وأنفاسه تداعب رقبتها فيهمس قريبًا من جلدها : ألا تعلمين ما هذه العلامات ؟!
أنتّ برفض وهي تشعر بوعيها يتدحرج بين الإدراك والغياب فيكمل وشفتيه تتذوقانها من جديد : إنها علامات حبي لك ، لا تخفينها عني أبدًا ثانيةً ، إنها رائعة .
تمتمت دون وعي حقيقي فلم تشعر بكفيه اللذان يتمسكان بجسدها بعدما سقط عنها ثوبها: رائعة ؟!
همهم وشفتيه تقبلانها وتترك أثاره عليها من جديد : نعم بل اكثر من رائعة
حملها بخفة لتتعلق بكتفيه ليستلقي بها على الأريكة القريبة منهما متبعًا - ولا تخافين منها فأنا سأهديك الكثير والكثير من علامات عشقي لك يا حبيبتي.
***
يتمطأ بكسل يرمش بعينيه يتطلع من حوله بعبوس طفيف داعب محياه لتتسع عيناه بادراك تدريجي أصاب عقله وهو يتذكر أنه قضى ليلته هنا وهو الذي لم يكن يريد هذا حتى لا تنتبه والدته إلى غيابه في ظل غياب حبيبة الليلة الماضية !!
ازدرد لعابه ببطء وعقله يعاود العمل بعدما نفض أثار النوم عنه ليتذكر أنه سقط في نوم عميق قرب الفجر بعدما كان قرر أن يرحل ولكن من الواضح أنه لم يفعل فهو نائم كما ينبغي على الرجل أن ينام بجوار زوجته الشهية التي تحتل صدره وتتوسد ذراعه الذي تتمسك به بقوة كما كل مرة يبات إلى جوارها. تمسكًا يداعب غروره فينتشي بقربها .. و رجاء يلاطف مشاعره .. وشغفها به يثير توقه المتقد من الأصل لها . ابتسم بسعادة داعبت حواسه ليقترب منها ينظر إلى ملامحها الجميلة .. الرقيقة .. المنقمة .. النائمة فيشعر بدمه يُضخ بقوة في أوردته وشوقه إليها يتجدد في لحظات أجبرته على أن يلثمها بشفتيه ناثرًا قبلاته فوق ملامحها الفاتنة والتي ازادتها فتنة حينما ابتسمت من بين نومها لتهمس بصوتها الأبح : حبيبي ، صباح الخير .
التهم شفتيها في قبلة تائقة وهو يداعب بطنها المسطحة بأنامله ويجذبها إليه بكفه الاخر فيلتصق بها أكثر هامسًا من بين قبلاته المتتالية : صباح العسل والسكر ، اتبع بضحكة شقية ازانت ملامحه - أريد بعضًا من الطاقة فهلا مددتني بها .
ضحكة منغمة صدرت منها لتنظر إليه بشغف أنار بنيتيها : أنا كلي لك يا سليم .
لهث بعنف وهو يدير نظراته من فوقها بعدما أزاح الغطاء عنها فيتأملها برغبة جلية قبل أن ينحني دافنًا وجهه في نحرها وكفيه تلامسانها بحركات مدروسة يعلم تأثيرها عليه ليسألها بصوت أجش وهو يلثم كل خلية فيها : أخبريني هل علي أن ابهرك أم اكتفيت من إبهار البارحة.
ضحكة أخرى مائعة صدرت منها أنهتها بتأوه منغم باسمه فرفع رأسه ثانيةً وهو يقبلها قبلة عميقة ارتشف منها كل تأوهاتها التي تترجاه قربه .. توقه .. وصاله لينظر إلى عينيها هامسًا بنبرته الاجشة الخافتة : انظري لي يا جيجي .
رفت بعينيها لتفتحهما فتقع بأسر نظراته تتلقى طلبه دون أن يهمس به فتجيبه برضا : أنا أحبك يا سليم أحبك جدًا جدًا جدًا ، اتبعت برجاء سكن عيناها وهي تلف ذراعيها حول عنقه تتمسك به - لا تتركني أبدًا
تأوه صاخب صدر منه وهو يلتحم بها ليهتف بتتابع رتيب مع حركة وصاله لها : لن أفعل - لن أفعل أبدًا !!
***





التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 21-09-20 الساعة 06:57 PM
سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-09-20, 06:21 PM   #389

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي






تجلس بغرفتها فاليوم لم تذهب للمؤسسة بل هي أرسلت بريدًا إلكترونيًا رسميًا بطلب اجازة قدمته لمدير الشئون الوظيفية حتى لا تتحدث معه ، ورغم قلقها .. خوفها .. وتوقها للاطمئنان عليه إلا أنها تماسكت بصلابة نابعة من جينات كبرها العتيد وعنادها الذي أورثته لها والدتها كما يخبرها أبيها دائمًا ولم تهاتفه ولكنها استغلت عمار الذي تحدثت معه فأخبرها بأريحية دون أن تسأله عن وصوله سالمًا فارتاحت قليلًا لتمكث بفراشها دون أن تحاول الخروج منه مستمتعة بالأغاني التي تديرها ملك التي تعمل على شيء ما بحاسوبها منذ الصباح فلا ترفع عيناها عن شاشته إلا نادرًا.
تأملت ابنة عمتها الصغيرة بمظهرها الجديد الذي يروقها كثيرًا ولكنه يثير تفكيرها في سبب تمرد ملاكهم الصغير بهذا الشكل القوي الغريب لينتفض حدسها وعقلها يستنتج أن الأمر يخص أحدهم آلم الصغيرة فتومض عيناها بعنفوان قوي وخاصةً حينما دندنت ملك مع الاغنية الصادحة من حولهما بصوت قديم رقيق ومؤثر
وقالوا عنيدة وقوية .. مبياثرش شيء فيها
محدش في الحياة يقدر .. يمشي كلمته عليها
هتحلم ليه وتتمنى .. مافيش ولا حاجة ناقصاها
ومن جوايا انا عكس اللي شايفينها .. وع الجرح اللي فيها ربنا يعينها
ساعات الضحكة بتداري في جرح كبير .. ساعات في حاجات مبنحبش نبينها
كتير انا ببقى من جوايا بتألم .. ومليون حاجة كتماها بتوجعني
بيبقى نفسي احكي لحد وأتكلم .. وعزة نفسي هي اللي بتمنعني.
عكس اللي شايفنها – اليسا
عبست بغضب لتنتفض واقفة ترتدي مئزرها الثقيل فوق منامتها القصيرة رغم ثقل قماشها لتقترب من ابنة عمتها تقف فوق رأسها تسأل بصرامة : ماذا تفعلين يا لوكا ؟!
اهتزت حدقتي ملك اهتزاز طفيف وكأنها فوجئت بوجود نوران معها لتجيب بهدوء : لا شيء فقط بعض الصور التقطتها البارحة اعدلهم لأرسلهم لآسيا .
أومأت برأسها متفهمة لتدور وتجاور ملك جالسة تنظر إلى ما تفعل وهي تثرثر بعفوية : هل مسموح لي بالنظر ؟!
أجابت ملك بهدوء : اها بالطبع .
بدأت ملك بتقليب الصور أمام عيناها لتضيق حدقتي نوران بتفكير وهي تراقب الصور الطبيعية أمامها لحفل الزفاف البارحة والتي التقطتها ملك بعدستها الفنية وتمارس عليها سحرها كما يبدو لتومض الصور بألق مميز فتغرق نوران بتفاصيل الصور إلى أن أتت أمامها صورة خاصة التقطت خفية -كما يبدو - إلى سليم ، اتسعت حدقتي نوران بصدمة لترمق ابنة عمتها التي ارتعد جسدها بنفضه خفيفة لتمرر الصورة بصلابة وهي تتحكم في ملامحها فغدت جامدة لا حياة بها لترق نظرات نوران رغمًا عنها فترفع كفيها بعفوية تحتضن كتفي ملك المتصلبين لتضمها في حضنها دون حديث وتهمس أمرة بحنان : ابكي يا ملك ، ابكي لتخرجي كل ما بداخلك .. ابكي وتخلصي من ذاك الألم الذي ينخر داخلك.
وكأنها جذبت فتيل دموع ملك التي انهمرت لتضمها نوران أكثر تربت على ظهرها ليختنق حلقها ببكاء قوي فتنتفض بعنفوان لتدفع ابنة عمتها بعيدًا قليلًا تحتضن وجهها بين كفيها وتنظر إلى زرقاويتيها الحزينتين لتهمس بصلابة بعنفوان تملكها : لا أحد يستحق دموعك يا ملك .. لا أحد يستحق أن تبكيه هكذا إن لم يقدر قيمتك .. لا أحد يستحق أن تحزني لأجله .. لا أحد ، فأنت غالية .. نجمة في سماء عالية .. تتدللين كما تريدين .. وتختالين على القلوب كما تشأئين ، من تنظرين له يكن يوم حظه .. ومن تتمنعين عليه يكون يا بؤسه ، تدركي مقدار نفسك وغلاوتها ولا تبكين أبدًا لأجل رجل لم يقوى على فهم مشاعرك.
مسحت وجنتي ملك بكفيها لتجذبها بجدية : انهضي .. تعالي معي .
استجابت ملك لتدفعها نوران لداخل غرفة الملابس توقفها أمام مرآة كبيرة بعدما أشعلت ضوء الغرفة بأكمله لتقف من خلفها تهمس الى جانب أذنها : انظري إلى نفسك يا ملك ، توترت ملك لتهمس نوران أمرة - هيا افعلي .
رفعت ملك وجهها للمرآة فتسألها نوران : من يمتلك مثل هذا الوجه الصبوح .. زرقة العينين الصافية .. ملامحك الجميلة و رقتك ، لا تبكي لأجل رجل ، بل تبكي الرجال لأجلها ، إياك وأن تشعري بالضعف .. أو الانكسار .. أو قلة الحيلة ، فالنساء واسعة حيلتهن وإدراكهن يا لوكا .
تلاقت نظراتهما عبر المرآة لتومض عينا نوران بمكر قبل أن تتابع - عقلك يفوق عقله مكرًا وخديعتك تتفوق على رزانته .. دهاءك يفوق حلمه .. وكيدك عليه عظيم ، لذا لا تنكسرين أبدًا واعلمي أن بكل الأحوال أنت الفائزة وخاصةً إن كان ما تشعرين به ما هو إلا مشاعر مراهقة خالصة ستزول مع الوقت .
تمتمت ملك وعقلها يستعيد ادراكه : مراهقة ؟!
أومأت نوران برأسها : أنت صغيرة وىقلبك تعلق بمن هو أمامك دون النظر بحرية للجميع ،
اهتزت حدقتي ملك بتفكير لتمتم : لا أفهم .
رتبت نوران على كتفها وهي تجذبها للخارج ثانيةً تجلسها على الأريكة لتجلس بجوارها : اسمعي يا ملك ، أنت صغيرة العائلة في الجانبين ، عند آل الجمال وعند عائلة أبيك أيضًا ، فجميع أولاد عميك يكبرونك وهنا الجميع أيضًا يكبرك ، لذا حظيت بدلال الجميع و لأنك الصغيرة لم تتطلعي لأحد فتيان العائلة فجميعهم يعدون اخوانك الكبار ، إلا هو ليس بقريبك .. وليس بأخيك .. فعقلك وقف أمامه مشتتًا ، هذا بالطبع لا ينفي وسامته .. جاذبيته .. وحضوره الطاغي والأهم من كل هذا شبهه الكبير لاونكل مالك ولا اتحدث عن الشكل بل عن شخصيته وعمله.
تنفست نوران بعمق وملك تطلع إليها باهتمام لتربت نوران على كتفها بهدوء : سليم تجسد أمامك كبوابة عبور إلى أحلامك يا ملك ، كل الفتيات يملن لأشباه آبائهم وسليم يمتلك أيضًا أنه سيساعدك على تحقيق أحلامك التي تعارضها عمتي لذا تشبثت به بمشاعرك وعقلك أيضًا ، ولكن إذا فكرت قليلًا ستجدينها مشاعر مراهقة وتعلق زائل سيذهب مع الوقت ، وخاصة إذا توحدت مع أحلامك وقررت بجدية أن تحققيها حتى إن كان رغمًا عن عمتي .
ابتسمت ملك هازئة : وهل أقوى أن أفعل شيء ضد رغبة عمتك ؟
رفعت نوران حاجبها باستنكار لتسألها هازئة : إذًا عمتي موافقة على مظهرك الجديد .. وفستانك البارحة .. وقوفك مع زين و ضحكك وتمايلك أيضًا معه .
رفت ملك بعينيها لتبتسم نوران بمكر أنثوي : بنت يا ملك لا تراوغينني ، أنت تقوي على اجبار والدتك على أي شيء فلا تستسلمي ثم عندك الكثير ممن تستطيعين الالتجاء لهم كما فعلت البارحة ، فقط ثابري لأجل حلمك وتحقيقه .
نهضت نوران واقفة لتتابع بجدية : و انفضي عنك وهم سليم بك و أي بك تتعثرين به في طريقك فالجميع لا يستحق .
رفعت ملك رأسها لتنظر إلى ظهر نوران وتسألها بخبث : حتى عاصم .
ابتسمت نوران لتدور إليها نصف التفاته : أولهم عاصم .
اتسعت حدقتي ملك بصدمة لتهتف دون رضا : لا تهذي يا نوران .
اغلقت نوران مئزرها عليها لتتمتم : لا اهذي .
سألت ملك بضيق : هل تشاجرتما ؟!
ومضت عينا نوران بعنفوان لتهمس : ابن خالك العزيز لم يقدر النعمة التي بين يديه وعليه سيعض أنامله ندمًا قبل أن اغفر له.
تطلعت إليها ملك بانبهار لحظي سرعان ما انقلب لخوف وهي تتساءل بخشية : ماذا حدث ؟!
أجابتها نوران بهدوء : لا شيء ، لا تشغلي رأسك أنا أقوى على الإتيان بحقي كاملًا .
التفتت إليها تسألها بجدية : ما رأيك لنخرج ونتناول الفطور خارجًا ونصحب أميرة معنا و لنتسوق اليوم ، المظهر الجديد يا لوكا يلزمه ملابس جديدة تليق به .
ضحكت ملك لتهتف بحماس : موافقه ولنصحب آسيا ويمنى أيضًا .
فرقعت نوران بإصبعيها : موافقة .
توقفت ملك لتسأل : هل نستطيع الاتصال بجنى وسؤالها الذهاب معنا ؟
غمزت لها نوران بعينها : لنفعل ونرى ما رأي سيادة القائد .
جذبت ملك من كفها ليجلسا فوق الفراش ونوران تداعب هاتفها لتتصل بجنى اتصالًا مرئيًا فتهتف ملك : لا ليكن اتصالًا عاديًا .
ابتسمت نوران بشقاوة : بل أنا متعمدة لو اغلقت ابنة عمي الاتصال المرئي ، إذًا يكون الوقت غير مناسب سنطمئن عليها فقط أما إذا قبلته سنسألها الانضمام إلينا .
التفتت إليها ملك بعدم تصديق لتسألها بجدية : ذكريني لماذا لم نكن مقربات من قبل .
تمتمت نوران بغل مفتعل : لانك مائعة ومدللة وتملكين أعين زرقاء غير شائعة في العائلة ، ناهيك أنك أتيت لتستولين على مكاني يا ابنة العمة .
ضحكت ملك بخفة : كنت تغارين مني .
تمتمت نوران بهمس خافت : كنت أغار على من لا يستحق غيرتي .
تبرمت ملك بدفاع : تحدثي عن عاصم جيدًا يا نوران إنه الكبير و أنا لا أرضى عليه .
تنهدت نوران بقوة لتتمتم : أنا الأخرى لا أرضى عليه فهو سيظل الكبير .
انفتح الإتصال أخيرًا ليظهر وجه جنى المورد فتهتف نوران بشقاوة : ظننتك لن تجيبي ، هل قاطعنا شيئًا ما يا جانو ؟!
احتقن وجه جنى لتنظر من فوق الهاتف قبل أن تجيب متلعثمة : لا أبدًا كنت بدورة المياه ، المعذرة لتأخري في الإجابة عليك .
تمتمت ملك سريعًا : لا عليك يا جانو ، كيف حالك وحال سيادة القائد ؟!
تمتمت جنى برقة : نحن بخير والحمد لله ،
تمتمت نوران : يارب دائمًا ، كنا سنخرج في يوم خاص للفتيات و ظننا أنك تستطيعين الخروج معنا .
رمشت جنى بعينيها كثيرًا لتهمس : لا اعرف ولكن لا يصح أن اترك أسعد بمفرده .
همسته باسمها جعلتها تنتبه له وهو مستلقي فوق الفراش بين الأغطية المتناثرة ليهمس إليها : إذا أردت الذهاب فاذهبي واستمتعي معهن .
اهتزت حدقتيها برفض لتتمتم : وأنت ؟!
تبادلتا ملك ونوران النظرات فتكتمان ضحكاتهما قبل أن تهتف نوران : حسنًا يا جنى سنتركك الآن ولتقرري وتراسلينا ، إلى أن نتفق مع البقية .
تمتمت جنى سريعًا : حسنًا سأراسلكن ، سلام .
اغلق الهاتف سريعًا لتنفجرا سويًا في الضحك قبل أن تهتف نوران : أراهنك أن تأتي .
هزت ملك كتفها بدلال : أنا لو مكانها لن أفعل يا نوران ، فمن هذه التي تترك سيادة القائد لتخرج معنا .
تعالت ضحكات نوران لتضربها على كتفها بخفة : أنت شقية يا فتاة .
ضحكت ملك لترقص لها نوران حاجبيها : هيا بنا لنهجم على ميرا .
ضحكت ملك و أومأت بالموافقة فتقفزا واقفتان لتغادرا الغرفة نحو غرفة أميرة .
***
اغلقت الهاتف ليسألها بجدية : لماذا رفضت الذهاب معهن ؟!
نظرت إليه بعتاب قبل أن تهمس بصوت مختنق : هل مللت مني بهذه السرعة ؟!
ارتفعا حاجبيه لينظر إليها بلوم : بالطبع لم أفعل ، ولكن لا أريد أن أشعر بأني امنعك عن بنات عمومتك أو الأشياء التي تحبينها .
تمتمت وهي تجلس بجواره على الفراش : أنا أعلم ولكني متعبة لذا لا أريد الخروج اليوم .
ابتسم بتسلية لينظر إلى مئزرها الشتوي بلونه الوردي الجميل قصير يظهر ساقيها لما بعد ركبتيها وملفوف حول جسدها بنعومة فيسألها بهدوء : هل تشعرين بالتعب كالليلة الماضية ؟!
تمتمت وهي تغلق عيناها بنعاس يداعب أجفانها : قليلًا .
اقترب منها بخفة ليجذبها بوسط الفراش فتضحك برقة حينما أشرف عليها بعدما اجفلها : هل تريدين إعادة الكرة ؟! لا تنكري أنها خففت آلامك .
احتقن وجهها بخجل لتهمس بخفوت وهي تخفض نظراتها عنه : لم أنكر ، رفعت ذراعيها لتلامس عرض كتفيه العارية بأناملها وهي تتابع بخفوت شديد - بل انتقيت المئزر خصيصًا لأني أعلم أنك تحبه .
انحنى نحوها يداعب طرف أنفها بأنفه ويسألها بشقاوة ومضت بعينيه : ولماذا أنا أحبه ؟! غدى وجهها بلون احمر قانيًا ليتابع أمرًا بخفوت - انظري لي يا جنى و أجيبِ.
فتحت عيناها مرغمة لتتعلق نظراتها بنظراته الغائمة بتوق فتهمس دون وعي : لأنه يسهل الخلاص منه .
همس باشتعال وهو ينثر قبلاته على جانب وجهها كله قبل أن يدفن انفه بتجويف عنقها فيطبع قبلة قوية بداخله : هل ترتدين قميص نومك أسفله ؟!
لهثت أنفاسها لتجيبه وهي غارقه فيه : عليك أن تكتشف بنفسك .
قهقه رجولية خافتة انسلت من بين شفتيه ليرفع رأسه ينظر إليها مناغشًا : أحب شقاوتك يا حضرة الطبيبة ، اتبع وكفيه تلامسان عقدة المئزر فيفكها دون جهد - وأحب الاكتشاف أيضًا .
كتمت أنفاسها وكفيه تلامسان جسدها بشغف ومض بعينيه لتهمس برجاء مس قلبه : كن سعيدًا معي .
ليقبل شفتيها بلهفة مجيبًا : بل أنا أسعد الناس باقتراني بك يا جنتي .
***
تسير بخطوات متوترة نحو القاعة التي يقام بها ملتقى لمحترفي المعمار في دبي ، و رغم حماسها الشديد لحضور هذا الملتقى للاستفادة منه والتعرف على الرموز العالمية في مجال المعمار إلا أنها تشعر بالرهبة تسيطر عليها فهي لاقت الأمرين على مدى الشهر الماضي بأكمله حتى تقو على إقناعه أن يتركها تأتي لهنا وتحضر الملتقى وعانت الليلة الماضية كثيرًا وهي تتحمل وصاله المستمر لها حتى لا يمنعها من الحضور اليوم ، كم تمقت تحكمه الشديد بها .. جنونه وتوقه المتزايد لها ولكن لا سبيل أمامها إلا التحمل والصبر فأبيها يغض الطرف عن أفعال ابن أخيه و والدتها لا تملك من أمرها شيئًا !!
تقدمت لتدلف من باب القاعة الخشبي الكبير لتنظر بفاه مفغور إلى القاعة الواسعة أمامها تتأمل فخامة حوائطها وزينتها الإسلامية المعبرة .. تشعر بقلبها يرتجف ولهًا بالثُريات المدلاه من السقف البعيد بلالائها المضيئة والتي تمنحك شعور بأنها مضاءة بالشموع وليس بلمبات حديثة كما توحي لها الإضاءة القوية .
كتمت تنفسها وهي تنظر لرسومات الحوائط المنفذة على طريقة قديمة من صدف لامع وألوان مبهجة لتهمس بخفوت وهي تخطو للداخل دون وعي حقيقي : يا الله .
انتفضت بخفة وهي تشعر بأنها ترتطم بظهر أحدهم فتتراجع للخلف بطريقة عشوائية كادت أن توقعها أرضًا ولكنها لم تفعل حينما امتدت كف هذا الشخص الذي التفت سريعًا لينقذها من وقوع مدوي وهو يهتف برزانة : حذاري يا آنسة .
رمشت كثيرًا بجفنيها وهي تتلاشى كفيه اللذين يحاولا مساعدتها .
جسدها ينتفض متباعدًا عن ملامسة غير مرغوبة ليتصلب جسدها وتتلاشى حالة الرفض لتتحول إلى رعب حينما شعرت بحارسها الخاص يقف خلفها هاتفًا بصوت آلي : أسيل هانم هل هناك شيء ؟!
هزت رأسها برفض لتهمس بخفوت مبررة : كدت أن أقع والبك أنقذني .
تحرك الحارس ليقف بينهما ينظر إلى الآخر من علو طفيف : شكرًا لك يا سيدي ، الهانم أصبحت في أمان .
عبس الشاب أمامها بتعجب ليهتف بجدية : هل أنت من ضمن مدعوين الملتقى ؟!
عبس الحارس بغضب لتهمهم هي سريعًا : إنه حارسي الشخصي وأنا معي دعوة لحضور الملتقى .
ابتسم الشاب في وجهها برزانة ليهتف : أنرت الملتقى يا آنسة ولكن غير مسموح بدخول الحرس الشخصي وإلا امتلأت القاعة بالحرس ولن يتمكن المعمارين من الحضور والاستفادة .
اتبع وهو ينظر للضخم أمامه : حرس حضرتك يستطيع الانتظار مع بقية الحرس اللذين ينتظرون شخصياتنا العامة المتواجدة معنا .
ارتجفت وهي تنظر لتبرم حارسه الذي التفت إليها ناظرًا بتساؤل فهمهمت بخفوت قاصدة ألا يستمع إليها الآخر محافظة على ما تبقى من مظهرها وكرامتها التي يمتهنها ما يسمى بزوجها : لو سمحت يا سعيد انتظر في الخارج .
تمتم سعيد برفض : أوامر الباشا أن لا أتركك يا هانم .
لمعت الدموع الحبيسة بعينيها لتهمس باختناق : أنا لن اذهب لأي مكان سأحضر الملتقى في هذه القاعة ونعود سويًا .
ظهر الرفض في عينيه لتشعر بأنها على وشك البكاء لتهمس : أعدك أني لن أخبره أنك ابتعدت عني وأنت لا تخبره أنك انتظرتني خارجًا .
زم شفتيه ليهمس بصوت مكتوم : أنا لا أكذب على الباشا ولا اخدعه .
تمتمت بسرعة : حسنًا ما رأيك أعود معك للبيت غاضبة لأني لم أحضر الملتقى الذي أريد لأنك لا تريد أن تنتظر خارجًا ، اتبعت وهي تتماسك بصعوبة وقلبها ينتفض خوفًا أن تضيع فرصتها من بين كفيها بعدما شعرت بأنها امتلكتها لثواني معدودة - هل سيرضى عنك زيد حينما أعود غاضبة وحزينة ؟!
ارتجفا مقلتي سعيد ليشير برأسه نافيًا لتهمس : حسنًا كن متعاون يا سعيد اذهب للخارج وأنا أعدك أني لن أتحرك خارج القاعة ولن أخبر زيد أنك ابتعدت عني .
أومأ برأسه متفهمًا ليخطو للخارج بالفعل لتتنفس الصعداء غافلة عمن يراقب ما يحدث أمامه بتعجب قبل أن يهتف بجدية : هل تخلصت منه أخيرًا ؟! اعتقد أن والدك يخاف عليك كثيرًا لذا يرسل معك هذا المخيف .
رفت بجفنيها لتهمس بخفوت : إنه ليس والد..
صمتت وهي تبتلع بقية جملتها لتمأ برأسها إيجابًا فيتابع بابتسامة ودودة - اعتقد معه حق أن يخاف عليك أنت ..
صمت دون أن يكمل جملته لتتورد بعفوية وهي تشعر بأنه كان على وشك النطق بحديث كثير كتمه ولكن لمع بعينيه الرمادية لتتسع ابتسامته بترحيب ويهتف : تخيلي لم نتعارف للآن ، اتبع وهو يمد يده لها مصافحًا - أنا نبيل الألفي منظم المؤتمر ومصمم القاعة أيضًا .
اتسعت عيناها بانبهار لتهتف : حقًا ؟! أومأ برأسه فهتفت - إنها رائعة .
ضحك بخفة : سعيد أنها أعجبتك ،
صمتت فابتسم لها متسائلًا عن هويتها لتتورد بحرج وتهم بأن تخبره ليناديه أحدهم فيغمغم معتذرًا : المعذرة لابد أن أرى ما الأمر الدعوة التي تمتلكينها بها رقم مقعدك استريحي به وأنا سأطمئن عليك بعد قليل فيكفي أني منعت عنك حارسك الخاص لا نريد لوالدك أن يغضب منه.
ابتسمت بتوتر وهي تمأ بالإيجاب ليدعو إحدى الفتيات والتي استنتجت هي أنها من ضمن فريق التنظيم فهي ترتدي زي مشابه لشباب كثير يدورون في القاعة كخلية نحل تعمل بأوج طاقتها ليهتف بجدية : ارشدي الآنسة لمكانها واطمئني أنها استقرت بنفسك .
ابتسم : فرصة سعيدة .
تمتمت وهي تبتسم بنعومة : أنا أسعد يا باشمهندس .
اختفى من أمام عينيها في ثواني معدودة لتقف تنظر في اثره قليلًا قبل أن تنتبه للفتاة التي هتفت بها أن تتبعها وتريها دعوتها لترشدها لمكان جلوسها فتتبعها وهي تشعر بأنها تريد أن تنظر في أثره ثانيةً ولكنها تماسكت حتى لا تفعل حينما وقع بصرها على خاتم زواجها الذي لا تقو على خلعه منذ أن ألبسها إياه زيد وكأنه قيد وضعه حول عنقها يجذبها إلى القاع غرقًا كلما حاولت أن تنتفض ..تتمرد .. تسبح للأعلى لتنقذ نفسها فيغرقها من جديد .
***
يجلس على كرسي مزدوج موضوع جانب الشرفة المطلة على الحديقة الصغيرة المحيطة بالمسبح الصغير الخاص بفيلا زوجته بعدما أنهى حديثه الهاتفي مع والده الذي عاتبه على غيابه الليلة الماضية ولكنه طمأنه على أن والدته لم تنتبه لأمره فأبيه سحبها منذ الصباح ليخرجا سويًا في بادرة للتخفيف عنهما غياب شقيقته الصغيرة ، ابتسم بمكر وهو يفكر في الاتصال بشقيقته ولكنه عدل عن الفكرة حينما انشغل عقله بذاك الطيف الذي شعر بأنه رآه مجددًا في زفاف شقيقته .. طيف مر عابرًا لنفس الفتاة التي جذبت نظره من قبل ولم يدرك هويتها وحينما بحث عنها هذه المرة لم يستطع الوصول أيضًا وكأنها أميرة سحرية أتت من عالم الخيال .
ابتسامة ساخرة رسمت على شفتيه وعقله يزجره أن لا يفكر كثيرًا في شيء لن يفده فهو الآن مرتبط بأخرى يقضي معها كل أوقاته ، وكأنها تجسدت من أفكاره فأتت تتهادى بمشيتها الراقية بملابسها المختلفة فهي ترتدي شيئًا حقا لا يفهمه أهو فستان أم تنورة و بلوزة أم هو رداء ملفوف حول جسدها فيظهر بعضًا منه بفتنه تطغي على فهمه .
أشارت له بملامحها وهي تناوله قدح قهوته : ما بالك تنظر لي هكذا ؟!
ابتسم وأشار برأسه بمعنى لا شيء وهو يضع القدح بعيدًا عن كفيه ليسألها بتعجب وهو ينظر إلى طاقم ملابسه غير الرسمي: لا أعلم كيف تعلمين مقاس ملابسي كل مرة ؟!
ضحكت برقة و أجابته : طبيعي أن أعلمه ، اتبعت بمكر وهي تبتعد عنه للكرسي الآخر – ألا تعلم أنت مقاسي الان ؟!
تشكل ثغرة بسمة عبثيه ليجيبها بمرح : اعتقد أني احتاج معاينة أخيرة .
صدحت ضحكتها عاليًا وهمت أن تجلس على الكرسي الآخر ليعبس بضيق ويشير إليها بان تجلس بجواره وهو يفتح ذراعيه فتتسع ابتسامتها لتقترب منه ولكنه لم يمنحها الفرصة وهو يجذبها إليه يضمها بتوق هاتفًا : وحتى إن علمت فلا أعلم هل سأقوى على شراء ملابس انيقة كهذة التي ترتدينها ، اتبع وهو يمرر شفتيه فوق جانب وجهها – فأنا اعشق تلك الأزياء التي ترتدينها رغم أني معظم الأحيان لا أفهم تصنيفها .
ضحكت برقة لتثرثر إليه وهي ترتشف قهوتها : إنه خط أزياء خاص بي .
رمقها بتعجب ليسأل : حقًا ؟! لديك خط خاص بك في الأسواق .
هزت رأسها نافية لتهمهم : لا بل أزياء خاصة بي أنا شخصيًا .
مط شفتيه باستحسان ليهمس وهو يمرر كفيه من أول كتفيها مرورًا بجذعها إلى أن استقرا فوق ردفيها فيمررهما صعودًا وهبوطًا عليها : أخبريني ما الذي ارتديته الآن ، ضحكت فأكمل متفحصًا وحديثه يرافق حركة كفه عليها فيجذب طرف رداءها : هذا من المفترض أنه شورت قصير للغاية اتبع وهو يعلو بكفه ملتصق بهذه البلوزة الملفوفة حول جسدك بطريقة غريبة فمنها لا تظهر مفاتنك ولكنها تدعك جذابة للغاية .
ابتسمت برقة وهي تتأمل جدية ملامحه ليهمس متبعًا وهو يجذب كتف رداءها : ما يروقني أكثر أن جميعها سهل خلعه .
ضحكت برقة وهي تتمسك بطرف رداءها حتى لا يخلعه مهمهمة : سليم توقف .
دفن أنفه في تجويف عنقها : أحاول .
اعتدلت لتواجهه وهي تجلس بين ساقيه فتسند ظهرها لساقه الذي رفعها لتتخذها مسندا وهي تضم ساقيها العاريتان لصدرها تسند ذقنها لركبتيها ثم تحيطهما بذراعيها قبل أن تسأله : هل اطمأننت على والديك وشقيقتك ؟!
أجابها بهدوء وهو يحتسي قهوته : تحدثت مع بّابّا ، أخبرني أنهما يتناولان الغذاء في الخارج بعدما أقنع سوزي هانم أن ترافقه اليوم بأكمله خارجًا حتى يلهيها عن فراق حبيبة ويلتهي هو بدوره .
أومأت برأسها متفهمة ليسألها بجدية وهو يتذكر حديث أبيه الحانق : بالمناسبة يا جيجي هل نستطيع اليوم الذهاب إلى الطبيبة فما حدث صباحًا من الممكن أن يتكرر وأنا لا أحبذ المفاجآت وخاصة أن الزفاف قريب للغاية ولكن ..
رفت بعينيها لتجيبه سريعًا : لقد ذهبت بالفعل .
رمقها بتعجب ليسأل بجدية : بمفردك ؟! لماذا لم تخبريني ؟!
اعتدلت وهي تربع ساقيها : هل كنت ستأتي ؟!
أجاب سريعًا : بالطبع أنت زوجتي وكل ما يخصك يخصني .
ابتسمت بتوتر لتنهض واقفة تضع قدح قهوتها بعيدًا : لم أفكر هكذا فكرت في أنك لن تفضل الذهاب للطبيبة النسائية معي وخاصةً حتى لا ترصدنا الصحافة أو أي شيء من هذا القبيل.
تمتم بهدوء : بل كنت سأذهب معك غير مهتمًا بأي شيء آخر سواك .
ابتسمت برقة وهي تحمل قدحه لتضعه بعيدًا هامسة حينما عادت إليه وهي تنحنى عليه تقبل شفتيه برقة : حسنًا لا تغضب أني ذهبت بمفردي .
لانت ملامحه وذراعيه ترتفعان لتحيطان بها فيجذبها إلى صدره من جديد : لست غاضبًا .
استلقت بحضنه لتهمس : أنت قلق لأنك صباحًا لم تتخذ حذرك أليس كذلك ؟! تنفس بعمق وهمهم إيجابًا فأكملت وهي تتمتع باحتضانه القوي لها : لا تقلق فالطبيبة منحتني جرعة لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد ولكن اعتقد أنها مدة كافية لإقامة الزفاف .
أومأ برأسه إيجابًا فأكملت بهدوء : رغم أني أفضل تجديدها لمدة عام على الأقل حتى يتسنى لي الاعتناء بك وتدليلك كما أريد
ابتسم ليجيب بلا مبالاة : أنا لا مانع لدي ولكن حماك العزيز يحيا على حلم الأطفال الكثر الذين سأنجبهم لآل سليم وخاصةً أني طفله الوحيد لذا هو من قرر إقامة الزفاف في أقرب فرصه وهو من يريدنا ننجب سريعًا
ارتعشت ابتسامتها لتسأله وهي تستدير لتنظر إليه : وأنت ما رأيك
أجاب بعفوية : أنا لا أهتم بهذا القدر لانجاب الأطفال ولكن رغم أني أريد إرضاؤه لا مانع من التأجيل قليلًا لتلقي الدلال الموعود .
ضحكت برقة وعيناها تشرق بسعادة لتلامس جانب فكه هامسة : أنت لا تشبه أباك يا سليم .
ابتسامة ساخرة شكلت ثغره ليهمس : يخيل إليك .
نظرت له بدهشة لتهمهم : ولكنك لا تغار مثله ، ليس مثلما يقولون عنه .
ابتسم بطبيعية ليجيبها : لا ، بأمر الغيرة لا أشبهه ، اتبع بضحكة مرحة - وأحمد الله على ذلك .
ضحكت برقة لتهمس : بل أنا من تحمد الله فوالدك صعب للغاية .
ضحك بخفة ليهتف بمرح : حسنًا بم أننا في الأمان لنسافر اليوم بدلًا من الغد.
نظرت إليه بدهشة : نسافر ؟!
أومأ برأسه وهو يدير عينيه عليها بلهفة تجددت : نعم لقد حجزت لنا شالية خاص بمرسى علم لنقضي به الأيام القادمة قبل بداية رمضان ، اتبع وصوته يختلج بموجات توقه : فأنا أتوق للسباحة معك في بركة خاصة وأنت ترتدين ذلك الزي الذي رأيته عليك من قبل .
عبست بتعجب لتسأله بهمس مغري : زي السباحة الأسود ، أومأ برأسه إيجابًا فأكمل وهي تنقلب على بطنها فتصبح نائمة فوق جسده - الذي طلبت مني أن لا ارتديه ثانيةً .
أومأ برأسه دون رد وهو يقع أسير نظراتها الماكرة لتكمل باغواء أنثوي تعمدته : متأكد .
همس بصوت أبح وكفيه تمسدان ظهرها : نعم .
لتسأله وهي تحافظ على اتصال بصريهما : ولكنك لم ترى الاحمر ذو القطعتين .
انتفض جسده باستجابة ليهمس بخفوت وهو ينغمس بها : بكيني ؟!
مطت شفتيها لتومأ برأسها إيجابًا فيكمل وهو يضمها أكثر إليه - هذا لا نحتاج أن نسافر لأراه ، لأنك ستنهضين
وترتديه لأراه عليك .
لامست حدود فكيه بظهر سبابتها في حركة بطيئة : حقًا تريدني أن انهض ؟!
هز رأسه نافيًا : نعم ولكن ليس الآن .
اعتدل بجلسته ليجلسها من فوقه وهو يعالج طرفي ردائها فيجذبهما للأسفل - فالآن سأتلقى الدلال منك كما لم تفعلي من قبل .
حركت جسدها وهي تتمسك بكتفيه لتخلع عنها بقية رداءها هامسه بطاعة أشعلت ما تبقى من عقله : سأدللك كما لم تتخيل قط يا سليم .
جذبها إليه ليلتهم شفتيها في قبلات عديدة متكررة همست إليه من خلالها وهي تتوحد معه : أنا أحبك يا سليم أحبك.
***
يجلس كالمارد يستمع بدقة لما يقوله الآخر فيومئ بعينيه إلى أحد رجاله الذي داعب جهاز لوحي أمامه ثم يهز رأسه إيجابًا فينطق زيد بجدية : نصف الأموال أصبح في حسابك والنصف الآخر سيحول حينما نستلم الشحنة .
رمقه الآخر قليلًا ليتحدث بجدية وبلكنة انجليزية شرقية : الاتفاق كان على تسليم الشحنة بعرض المحيط يا مستر زيد .
أومأ زيد بعينيه ليجيب : نعم أعلم ، فرجالي يستطيعون تمريرها للداخل ، لا تشغل رأسك أنت فقط أريدها كاملة لا تنقص بارودة واحدة .
ابتسم الآخر بملامحه الأجنبية : لا تقلق ، إنه ليس تعاملنا الأول معك .
ابتسم بثقة لينهض فيصافح الآخر الذي تحرك منصرفًا يتبعه رجاله ليلتفت زيد إلى الآخر الجالس أمامه : اتصل بها فأنا أريد الحديث معها .
وقف ينظر من فوق الارتفاع الشاهق لهذا البرج المميز من خلال شرفة شقته الخاصة في تلك البلد المميزة ليأخذه عقله لها فيشعر بشوقه يضمر داخل أوردته .. وتوقه إليها يفقده صبره .. ولهفته لوجودها -وهي الغائبة عنه -تثير ضيقه ، زم شفتيه وهو يتطلع في ساعة معصمه الحديثة قليلًا قبل أن يداعبها ببعض لمسات فيبتسم باتساع وهو ينظر من خلال شاشته المستطيلة إلى وجهها الجميل .. ملامحها المنقمة .. وابتسامتها الرقيقة .. ونظراتها المنبهرة ، فيعبس بضيق وهو يفكر في من تطلع بهذا الانبهار ، أتراه هو ؟!!
فهو يدرك جيدًا وجود الآخر وأنه أحد القائمين على انطلاق فاعليات هذا الملتقى التي بذلت كل ما بوسعها لحضوره ، اهتزت حدقتاه بجنون وهو يفكر هل فعلت كل هذا لتلتقي الآخر رغم عنه ، تشنج فمه بغضب سرى بأوردته ليهتف بخشونة : هاتف لي سعيد الآن .
عبس الآخر بتعجب ولكنه أطاعه ليأتيه صوت سعيد متوترًا أو هكذا تخيل ليسأله بصرامة : أين الهانم ؟!
تحدث سعيد بسرعة : تجلس في مقعدها يا باشا تشاهد عرض ما عن الأخشاب أو المباني أنا لا أعرف حقًا .
تمتم زيد بضيق : مرر لها الهاتف .
صمت سعيد قليلًا ليجيبه : لا أستطيع فهي تجلس بالمقاعد الأولى وأنا أقف بآخر القاعة .
هدر بغضب : ألم أخبرك ألا تتركها وحيدة ؟!
تلعثم سعيد ليبرر : لم أفعل فقط ما حدث ..
قاطع صوت سعيد صوتها الهادئ وهي تتحدث بهدوء : ما الأمر يا زيد ؟! لماذا أنت غاضب ؟!
صمت ليهتف بضيق : ماذا كنت تفعلين ؟!
أجابته بهدوء وهي تشير للرجل بأن يهدأ تتحكم في خوفها بصلابة وتتماسك لأجل هذا المسكين الذي راسلها سريعًا حينما رن هاتفه باسم سيده يخبرها أنه سيلقى حتفه اليوم بسبب ابتعاده عنها : كنت أجلس لأشاهد شيئًا ما يعرض وحينما انتهى قررت أن أتحرك و أت بجوار سعيد حتى لا تغضب فهو لم يقوى على المكوث معي فمقعدي على طاولة جميعها من الفتيات وأنا شعرت بالحرج أن أزجه وسطنا فأخبرته أن يعود للخلف قليلًا وخاصةً أن جسده الكبير نسبيًا سيعوق من خلفنا عن الرؤية .
تمتم بضيق : ولكني أخبرتك أن لا تبتعدي عنه ،
تمتمت بحزن : كنت سأفعل و أعود للوراء بجانبه ولكني لم استطع رؤية ما يعرض جيدًا من الخلف
زم شفتيه قليلًا ليسأل بغيرة وجنونه يضيء عيناه السوداويتان : ما الذي ترينه من الأصل ؟!
همست بحماس : اشياء كثيرة رائعة لقد تعلمت اليوم و رأيت أكثر مما فعلت في الجامعة ، وكم أتوق أن اسجل اسمي بالدورة التدريبية التي تتبع الملتقى ، إنها رائعة يا زيد .
صمت مبهم خيم عليهما لتهمس بجدية : زيد ، هل لازلت معي ؟!
تمتم بجمود : نعم ،
سألته ببطء : هل سمعت ما أخبرتك عنه ؟!
أجاب من بين فكيه : نعم .
تمتمت : إذًا هل أسجل اسمي ، أم ما رأيك ؟!
أجابها باقتضاب : حينما تعودين سنتحدث في هذا الأمر .
رفت بعينيها وهي تشعر بروحها تختنق ببطء : حسنًا .
سأل بجدية : هل ستظلين عندك للمساء؟!
تنفست لعلها تطرد الخنقة التي أُحكمت حول حلقها : لا سينتهي الملتقى بعد قليل فهو مستمر للغد و تستطيع غدًا أن تأتي معي أليس كذلك ؟!
أجاب باقتضاب : سنرى حينما تعودين .
صمتت قليلًا قبل أن تسأله : هل تريد التحدث مع سعيد ؟!
همهم برفض ليهتف بجبروت : أخبريه أن يعود بك الآن .
شحب وجهها بذهول لتهمس : ولكن ..
قاطعها بجدية : الآن يا أسيل فأنا صبري على ابتعادك نفذ .
أحنت رأسها بخضوع : حسنًا ، سآتي الآن .
انهت الحديث لتنظر إلى الضخم ذو الوجه الممتقع لتبتسم له مطمئنة : لا تخف لقد انطلى عليه الأمر ، أنا آسفة إن كنت ورطتك معي.ابتسم سعيد بتوتر : لم أقصد يا هانم والله ولكن أنت الأدرى بزيد باشا و ..
صمت سعيد بحرج فابتسمت بتوتر لتهمهم وهي تناولت هاتفه : نعم أنا الأدرى .
اتبعت وهي تخطو أمامه : هيا فنحن سنغادر .
سأل سعيد بدهشة : وبقية الملتقى .
ابتسمت بألم ومض بعينيها لتجيب وهي تحافظ على المتبقي من كرامتها : لا يهم يا سعيد ، هيا بنا.
نظر إليها سعيد بحزن ليبتسم بتوتر قبل أن يهمس لها بهدوء حينما استقلت السيارة : لا تحزني يا هانم ، الباشا يحبك كثيرًا ويخاف عليك أكثر ، لذا هو يحافظ عليك بطريقته .
ابتسمت ساخرة لتهمس بوجع : أعلم يا سعيد ، أعلم .
ألقتها وهي تسند رأسها للزجاج السيارة العاكس فلا يظهر من يستقل السيارة ولكنه يمنح الراكبين حرية النظر للخارج ، فتطلع إلى معالم المدينة التي لأول مرة تراها رغم أنها تسكن بأحد أبراجها الشهيرة منذ العشرة أيام ولكنها لم ترى أي شبر في هذه المدينة التي كانت تتوق للمجيئ لها ، فزيد يعتقلها في بيته .. غرفته .. وفراشه ولا يسمح لها بالخروج أبدًا سوى معه هذا إن عتقها لوجه الله وقرر الخروج ، وأحيانًا لا يسمح لها بالخروج معه متعللًا بالعمل ومقابلات العمل كما فعل من قبل وهما بباريس ولندن والبندقية فالثلاث مدن اللائي زاراها في رحلة شهر العسل المزعومة لم تخرج بها إلا مرات معدودة لترى اشياء بسيطة قبل أن يعاود زيد حبسها إلى جواره من جديد ، تنهدت بحرقة وهي تنظر للشوارع الجميلة وعقلها يتساءل هل ستقوى على رؤيتها من جديد أم أنها المرة الأخيرة التي ستنظر إلى الخارج فيها !!
***
تخطو بدلال كعادتها نحو مكتبه الذي تعلم مكانه جيدًا ، تبتسم بأنوثه مغوية وهي ترمق بطرف عينها نظرات الرجال بعضهم مبهور والبعض الآخر يسيل لعابه عليها ، فتحتفظ بثقتها الكبيرة في ابتسامة مغرية وهي تتذكر التعليمات الجديدة ، رغم أنها حاولت أن تقنع الآخر بأن ما يطلبه يعد مستحيلًا إلا أنه زمجر غاضبًا وأجبرها على المحاولة وها هي تزور الشبل الصغير لعلها تقوى على تحقيق رغبات المجنون الذي زجها في خندق لا علاقة لها به .
ابتسمت لسكرتيرته وسألتها بلا مبالاة وهي تخطو نحو باب المكتب : أدهم بك بالداخل .
انتفضت الفتاة وهي تصيح بها : انتظري من فضلك ، لا تدخلي إليه .
ولكنها لم تهتم وهي تدير مقبض الباب لتهتف بلغة انجليزية ذات نبرة مرحة : مفاجأة .
وجمت ملامحها وهي تقع في فخ النظرات المتأملة لها ، تضيق في تفكير وهي تتأملها فتشعر بالخوف وهي تلتقط شرارة الغضب التي لمعت في بنيتين المهاب الذي يجلس فوق كرسيه بشموخ وكبرياء يعتلي هامته قبل أن يرمق ولده باستهجان ، ولده الذي استدار إليها بوجه ممتقع وتساؤل مرتبك : بسمة هانم ، أهلا وسهلا بك ، تفضلي .
رف بعينيه قبل أن يدير نظره للسكرتيرة وهو يتبع - لا أذكر أن هناك موعد بيننا .
تمتمت بسمة سريعًا : نعم بالفعل ولكني توقعت .. صمتت وعينا أدهم تشتعل بغضب فغدى يشبه أباه أكثر فتتابع هي بارتباك - المعذرة يا باشا لم أكن أعلم بوجود سيادتك ، وأردت أن أفاجأ أدهم قليلًا ولم امنح السيدة أي فرصة للشرح .
عبوس طفيف داعب حاجبي وائل الذي اعتدل بجلسته قبل أن يسأل بملل : وأنت .. من ؟!
ارتبكت ليجيب أدهم بسرعة بعدما نظر إليه أبيه بحدة : السيدة بسمة يا بابا مدير تسويقي لإحدى الشركات العالمية التي تعمل مع المؤسسة .
رفع وائل حاجبه ليهتف بجدية : إذًا السيدة قادمة لأجل العمل .
ابتسمت بسمة لتهتف بسرعة : بالطبع يا باشا .
ليكمل وائل بتعجب افتعله وكأنه لم يستمع إليها : دون موعد .
أجاب أدهم بسرعة : لا يا سيادة الوزير لقد منحتها موعدًا ولكني نسيت إبلاغ رحمة به ، استدار أدهم لرحمة ليكمل - تفضلي يا رحمة أنت .
تحركت رحمة بثقل وبطنها المنتفخ قليلًا تعوق حركتها الطبيعية لتغمغم بكلمات غير معروفة المعنى لتهتف بسمة بدورها : حسنًا سأنصرف أنا و أعود لاحقًا فلا يصح أن أقاطع موعدك مع الباشا .
صافحها ادهم برسمية ليهتف بلباقة : اعتذر منك يا هانم ولنحدد موعدًا آخر .
ابتسمت برقة لتومئ براسها إلى وائل : فرصة سعيدة يا باشا .
أجاب وائل برأسه في إشارة تنم عن تحية لم ينطق بها ليتابع ولده الذي تحرك خارجًا ليوصل الأخرى التي اثارت تفكيره قبل أن يعود سريعًا فيبتسم بتوتر في وجهه ويهتف بجدية حاول أن يتمسك بها : المعذرة يا بابا لما حدث .
اضطجع وائل في جلسته ليتأمل أدهم مليًا قبل أن يهتف بجدية : اسمع يا أدهم ، نصيحتي هذه ضعها أمام عيناك في طريقك القادم كله ، إذا أردت أن تنجح في حياتك .. عملك .. مستقبلك المهني .. وتصل لمبتغاك ، لا تخلط أبدًا العمل بمتعتك الشخصية ، فهكذا الأمر لا يستقيم .
نهض وائل واقفًا فنهض أدهم بدوره ليدور وائل حول المكتب ليجلس في الكرسي المواجه لمجلسه قبل أن يشير إليه بالجلوس هاتفًا برزانة : أعلم أنك شاب .. تعشق النساء وطائش كعادة المراهقين ، لا أنكر أنك ذكي ونابغة في الأعمال ، بل إنك مفاوض بالفطرة و تمتلك كل مقومات السياسي التي إذا طورتها سيعلو نجمك وتصل لما تحلم ، ولكن عشقك لكل ما هو مؤنث سيرمي بك إلى التهلكة وسيهدم كل شيء فوق رأسك.
النساء يا بني عالم واسع .. وبحر عريض .. أسود حالك لا يشي بم في باطنه إلا حينما يغرقك فيه ، مالح كثيرًا فمهما شربت لن تشعر بالارتواء بل سيزيد من عطشك أكثر وأكثر .. دواماته صعبة .. وأمواجه هادره وحتى إن كنت راكب أمواج شاطر لن تقوى على ركوب الأمواج إلى الأبد ، سيأتي عليك يومًا تشعر بالإنهاك وحينها ستغرق إن لم تستطع السباحة أو الأسوأ أن تترك نفسك للتيار فيسحبك لتغدو إلى تابع بعدما كنت سيد قرارك.
رف أدهم بعينيه كثيرًا وآثر الصمت ليسأله وائل : هل فهمت ؟!
أومأ أدهم برأسه إيجابًا ليتبع وائل ببطء - أعلم انك لن تقوى الآن على الالتزام .. أو الثبات .. أو حتى الإقلاع عن عادتك السيئة العائدة لهرمونات ذكورتك التي في أوجها ولكني سأنصحك ببعض الأشياء ، أولًا لا تخلط عملك أبدًا بمتعتك ، وإلا ستفقد رأس مالك مقابل متعة زائلة تختفي مع الوقت ، وإن ذاع صيتك بأنك تمتلك هذه الصفة السيئة سيعرف الجميع نقطة ضعفك وحينها ستكون هدف سهل أمام الجميع.
ثانيًا لا تضيع زهرة عمرك مع كثيرات خاصةً إن كان قلبك مملوك لإحداهن غامر و حاول اقتناص قلبها أو انتزع حبها من قلبك و حب أخرى غيرها لكن لا تركض وراء الكثيرات لتنسى واحدة لأنك لن تنساها أبدًا .
ثالثًا لا تغرغر بفتاة مهما كان غرضك وأعلم أن قول لا ينهي الأمر قبل بدايته فلا تحارب معركة خاسرة
رابعًا وهذه أهمهم لا تلمس امرأة في حرام قط لا تفعل الكبائر ، لا مانع أن تتزوج أيا كان نوع الزواج يا أدهم ولكن لا تقربها في الحرام.
احنى أدهم رأسه بحرج فجائي داهمه ليهتف وائل بجدية : تلك السيدة التي كانت هنا .
صمت وائل بطريقة مدروسة فسأل أدهم سريعًا : ما بها ؟!
زفر وائل وهو يرمقه بعينيه قليلًا : خذ حذرك منها يا بني ، فأنا لم أشعر بالراحة ناحيتها .
ابتسم أدهم ليغمغم بمكر : شعورنا واحد يا بابي ، ابتسم وائل منتبهًا لنظرات ولده الذي نهض متبعًا - أنا فقط اسايرها لأعلم ماذا تريد فهي تريد شيئًا وتظن أني سأنفذه لها .
ومض الفخر بنظرات وائل ليكمل أدهم وهو يتجه نحو المكتب : تشرب قهوة ونعود لعملنا .
ضحك وائل بخفة : أنت مثير للاهتمام يا ولد .
أجابه أدهم بمرح : أنا تحت النظر يا معالي الباشا .
تعالت ضحكات وائل ليشير إليه : اطلب القهوة وتعال لتقص لي حكايتك معها .
داعب جهاز صغير بجوار المكتب وهو يهتف بطاعة : أمرك يا بابي
***
تملصت من احتضانه القوي لتنهض بجذعها هاتفه بطفولية : عمر أنا جائعة .
زم شفتيه ليجذبها من جديد إلى صدره هاتفًا بتبرم وقح : أنا من أبذل المجهود وأنت من تتضورين جوعًا .
شهقت و وجهها يحتقن بالأحمر القاني لتدفعه بعيدًا هاتفة : عمر توقف عن الوقاحة .
ضحك بخفة ليغمز إليها بشقاوة : بالله عليك هل ستقدرين على الاستغناء عن وقاحتي إذا توقفت ؟!
تحكمت في ابتسامتها التي زانت عيناها لتتحاشى النظر إليه فيلكزها بكتفه في كتفها ليكمل مهمهمًا و ذراعه تلتف حول خصرها ليحتضنها بقوة هامسًا بعتاب مفتعل - ثم تنكرين أني اطعمتك كثيرًا وكثيرًا .
عضت شفتها بخجل لتهمس باسمه في دلال حيي : عمر .
تمتم وهو يقبل أذنها بخفة : عيون عمر وقلبه وبطته التي يتوق إلى التهامها .
تمتمت وهي تدفعه برقة : أنا بالفعل جائعة فمنذ الصباح لم أتناول سوى قدح الشاي باللبن والذي لم أكمله .
تنهد بقوة ليهمس بضيق : حسنًا سأت لك بالطعام يا حبيبة .
شهقت بصدمة : هنا بالفراش .
انتفض واقفًا ليجيبها بجدية : نعم فأنت ممنوع عنك النهوض من الفراش هذا إلا بعد غد لمقابلة المهنئين .
عبست بعدم رضا لتكتف ذراعيها في ضيق اعتلى ملامحها فأكمل بعدما ارتدى بعضًا من ملابسه : حسنًا لا تحنقين ، سنذهب لغرفة المعيشة .
هتف وهو يتحرك نحو دورة المياة ليتوقف ويسألها : لن تأتي ؟!
لم تستطع أن تكتم ضحكتها لتشير برأسها نافية : سأستخدم دورة المياة الأخرى .
لوى شفتيه بضيق : حسنًا على راحتك ولكن لا تتأخري ثم إني أريد طعام كالطعام الذي كان يرسل لأسعد ، هذا الطعام الذي تعده لولا خصيصًا .
هزت رأسها بيأس لتهتف به : أخرج أسعد من رأسك يا عمر ، ولا تقلق فلولا من أعدت الطعام .
أطل عليها ليسألها بدهشة : حقًا ؟!
أومأت برأسها : لقد أقسمت أن تفعل احتفاء بي .
صفق بيديه ليهتف بمرح : حسنا اعديه سريعًا فأنا بالفعل بدأت أشعر بالجوع .
ضحكت برقة لتتحرك بهدوء تجذب ملابسها من غرفة الملابس وهي تتجه نحو دورة المياة الخارجية لتحصل على حمام سريع حتى تقوى على تحضير الطعام .
خرجت بعد قليل لتنتبه إليه يقف بالمطبخ بالفعل ليرص الطعام بأطباق التقديم فتسأله بدهشة : أنت من فعلت كل هذا .
رفع عيناه إليها فتتعلق نظراته بها ليهمس بعشق ومض بزرقاويتيه : اللهم صل وسلم وبارك عليك يا نبي .
توردت رغمًا عنها لتهمهم بخجل : توقف يا عمر .
تنهد بقوة ليقترب منها بخفة يضمها إلى صدره ليطبع قبلة قوية فوق وجنتها : أريد ولكني لا أستطيع يا حبيبة ، أنت جميلة للغاية وأنت هكذا ببشرتك الصافية وشعرك المموج وتورد وجنتيك اثر استحمام دافئ حصلت عليه بعد موجة وصال أسعدتنا سويًا .
ضمها إلى صدره ليقبل رأسها : الحمد لله على نعمة وجودك معي .
ضمت نفسها إلى صدره لتهم بالحديث فيقاطعها بجدية - اذا كنت سترددينها على مسامعي ثانيةً فلا تفعلي اعتقد أنك اصبحت تدركين تأثيرها علي جيدًا .
ضحكت بخفة ليكمل وهو يبعدها عنه قليلًا - اجليها قليلًا حتى نتناول طعامنا فأنا أريد شحن طاقتي .
أغمضت عيناها بيأس ليكمل بجدية : و أريد أن أتحدث معك أيضًا وأخبرك عن مفاجأتي الثانية .
سألته بفضول وهي تحمل الأطباق للخارج : وما هي ؟!
تمتم بجدية وهو يتبعها حاملًا للأطباق بدوره : بعد الطعام سأخبرك .
جلسا سويًا ليتناولا الطعام في ظل مشاكساته التي لا تنتهي فيثير ضحكاتها رغمًا عنها ليبتعد عن الطعام وهو يهتف بثقل : الحمد لله لقد شبعت ، الآن أدركت حديث عمار عن المحشي والحمام .
اتبع بانبهار - لم اذق مثلهم في حياتي ، رغم أن ماما تعد الطعام بطريقة رائعة ولكنها لم تعد الحمام أبدًا ولا محشي بمثل هذا المذاق .
تمتمت حبيبة بمشاكسة : هذا محشو اصلي يا سيادة الافوكاتو ، ليس مثل محشو السفراء الذي تعده والدتك .
عبس قليلًا ليسألها بصدمة : أنت تتحدثين عن طعام والدتي بأنه ليس أصلي .
تضرجتا وجنتاها بحرج لتهمس : لم أقصد هذا بل ما قصدته إنه ليس جيدًا مثل محشو عمتو .
هتف بمرح فاجئها : بالطبع ليس كالذي تعده عمتك ، لولا موسوعة يا بنتي ، ماما نفسها تتحدث عن طعامها ، اتبع بتحذير - ولكن إياك أن تخبريها أني قلت هذا ، أمام نولا نحن نتحدث بكل فخر عن طعامها الذي لا مثيل له حتى وإن كان لا طعم له .
انفجرت ضاحكة ليضحك بدوره قبل أن يسألها : وأنت مثل ابنة السفير أم ورثت نفس عمتك .
رفعت حاجبها هاتفه : هل تعترض يا بك ؟!
ابتسم بشقاوة ليهمس وهو يقترب منها بتؤدة : وهل أقوى يا بطة البك .
حركت كتفها بعفوية لتهتف : نعم هكذا أفضل .
شهقت بخفة حينما غرس أسنانه بلطف في كتفها فتهتف وهي تدفعه بلطف : عمر هل جننت ؟!
نظر إليها ببراءة : كنت احلي بعد الطعام .
رمقته بعتاب لتهمس بضجر : ألا يكفيك التشوية الذي فعلته بي ؟!
لوى شفتيه ليهمس بحنق : تشويه ؟! رمقته بضيق ليتابع - إنها المخطوطة الأعظم في الفن التجريدي ،
ضحكت مرغمة لتهمس بعدم أمل : فقط لا أفهم كيف سأقابل الجميع غدًا هكذا .
رمقها من بين رموشه قبل أن يجيبها هازئا : حينها ضعي الوشاح ، أو لنقل فكرة أخرى تحجبي سيكون الوضع هكذا أفضل .
رمقته بصدمة لتتعالى ضحكاته أكثر فتضحك مرغمة ليجذبها إلى صدره ليقبل جبينها قبل أن يهمس بخفوت : فقط عليك أن تعتادي يا حبيبة وترتدين الاشياء المغلقة قليلًا و أنت بالأساس ملابسك ليست مكشوفه .
أومأت برأسها إيجابًا وهمت بأن تنهض ليبقيها في صدره يتمسك بها قليلًا ليهمس إليها : ألا تريدين سؤالي عن أي شيء يشغل عقلك ؟!
عبست بتفكير : مثل ماذا ؟!
تنهد بقوة ليهمهم : عن مفاجأتك مثلًا .
ابتسمت وهزت كتفيها كعادتها لتهمس : بل انتظرك أن تخبرني عنها .
خفض بصره قليلًا ليهمس بجدية : ولا تريدين سؤالي عن أمر جومانة .
توترت نظراتها لتشير برأسها نافية : بل لا أريد الحديث أبدًا عنه يا عمر لأني أدركت الأمر حينما سمعت عم فعلته معها .
تمتم : ولكني مدين لك بالاعتذار يا حبيبة كان المفترض علي اخبارك .
هزت رأسها لتجيب باقتناع : ليس عليك أي شيء يا عمر .
ابتسم بفخر ومض بعينيه ليهمس إليها : أنا أحبك يا حبيبة أحبك و أعدك أني لن اؤذيك أبدًا أو اجرحك .
ابتسمت وعيناها تبادله اعترافه باعتراف مدوي خرج من عمق روحها ليشير إليها بجهازه اللوحي : انتظري شيء أخير وبعدها سأطلبها منك إن لم تنطقي بها بمفردك .
ضحكت لتنتبه إلى ما يشير إليه : انظري هنا هذه مفاجأتي الثانية
عبست بتعجب وعيناها تركض فوق الأحرف بعدم تصديق لترفع عيناها إليه بتساؤل صاحت به في انفعال : حقًا يا عمر ؟!
أومأ برأسه ليثرثر بسرعة : لقد رأيت الإعلان في الجامعة واستفسرت فعلمت أنهم يطلبون مدرسين دون تعيين يدرسون لطلاب الانتساب فقدمت أوراقك في البرنامج ولانك حصلت على الماجستير وتعدين رسالة الدكتوراه وافقوا عليك بسهولة .
اهتزت حدقتيها بشك فهز رأسه نافيًا : لم أوصي بك إلا عندما سألني رئيس القسم عنك بشكل مباشر ، اتبع ببسمة فخورة - حينها منحته توصيتي الكاملة .
صرخت بسعادة وضحكاتهم تتعالى متزامنة مع دموعها التي انهمرت من عينيها لتقفز فتحتضنه بأريحية وهي تهتف بنبرة عاشقة : أنا أحبك يا عمر .. أحبك .. أحبك .
ضمها إلى صدره وهو يقهقه بقوة ليهتف بدوره : وأنا أحبك يا حبيبتي .. يا بطتي .. يا حلمي الذي أصبح مجسدًا بين يدي .
لمعت عيناها بسعادتها رغم دموعها لينظر إليها بعتاب وهو يمسح وجهها بكفيه : لا تبكي .
تمتمت بعدم تصديق : أنت حقيقي أم أنا أحلم ؟!
ضحك بخفة ليميل برأسه فيعض كتفها فتتأوه من بين ضحكاتها لتدفعه برقة : خلاص ، صدقت أنك لست حلمًا .
غامت عيناه بعاطفته ليجذبها معه يدفعها بلطف نحو غرفتهما القريبة هامسًا : سأثبت لك الآن أني حقيقيًا وللغاية أيضًا .
تناثرت ضحكاتها فيلملمها بقبلاته التي التهم بها شفتيها وهو يهمس من بين قبلة وأخرى : أنا أحبك يا بطتي .
***
يجلس بسيارته يدق فوق المقود بطرف سبابته في رتابه وهو ينظر إلى الساعة الرقمية الوامضه بتابلوه سيارته المتطور ينتظر أن يمر الموعد فلا تأتي أو تتأخر ليعود بسلام إلى منزله فاليوم إجازته من عمله الذي يتوق فيه إلى النوم ولولا إلحاحها عليه بالمقابلة لم يكن ليخرج به بل كان سيبقى بجوار لولا يتنعم بدفئها وطعامها الذي لا مثيل له .
زفر بقوة وعقله يحصي الثواني وابتسامة ماكرة تتشكل على ثغره منتظرًا أن تمر الدقيقة الأخيرة فيعود من حيث أتى دون أن تظهر هي ، جمدت عيناه حينما التقط بنظراته وصول سيارتها الصغيرة التي تشبهها .. تليق بها .. وتتماثل مع لون عيناها الرائق ، اطبق فكيه وهو يراقبها تترجل من سيارتها فيتفحصها بنظراته كعادة لديه لا يقوى على التخلص منها إلا وهي تفحص كل ما يمر أمام عينيه وتصوير عقله بأدق التفاصيل التي تمر به فيجد نفسه يلتقط حذاءها العالى بلونه الابيض ورقبته العالية التي تصل إلى ركبتيها فتخفيهما لتترك ساقيها اللتان يظهران بقدر ضئيل تخفيه تنورتها الصوفية الضيقة بلونها الوردي الباهت والمتلائم كثيرًا مع بلوزتها الصوفية ذات الرقبة العالية بلونها الأبيض والتي ترتديها أسفل السترة الجلدية الكحلية والتي انعكست بألق خاص فوق وجهها المزين بدقة وخصلات شعرها المصفق بعنايه رغم انسياب خصلاتها من حول ملامحها بشكل بري ناسب مظهرها ، تمتم بضيق ليخفض عينيه وهو يستعد للترجل بدوره بعدما التقط وقوفها تنظر من حولها تبحث عنه وهي تداعب هاتفها : تبًا للذاكرة الفوتغرافية والرؤية الحادة أيضًا ، سامحك الله يا بابا .
ابتسمت بترحاب حينما طل عليها بطوله الفارع فتدير بصرها عليه باستكشاف بينما هو وقف بأريحية بعدما منحها التحية دون أن يخرج كفيه في جيبي بنطلونه ذو اللون العاجي والملائم لسترته الثقيلة بلون متدرج بين البني والعسلي والمغلقة ما عدا أول ذرين منها فيظهر وشاح رقبته الصوفي بلونه المتداخل بمربعات صغيرة وكبيرة ما بين درجات البني والعاجي والأبيض ، اخفضت بصرها لتنظر إلى حذاءه الرجالي الأنيق رغم كونه غير رسمي فتهمس برقة : رائع .
عبوس طفيف ونظرة عيناه المتسائلة دون حرف فأكملت برقه وهي تمد كفها له - أعجبت بحذاءك .
ألقى نظرة غير مهتمة على حذاءه ليهمس بمزاح ساخر : تفضليه .
ضحكت برقة : شكرًا ، مقاسه لا يناسبني .
تنفس بعمق واثر الصمت لتسأله : لن ندلف ،
تمتم بهدوء : بلى سنفعل فقط منحتك الفرصة كاملة أن تتأمليني كما تفعلين دومًا .
تضرجتا وجنتاها بالأحمر القاني لتبتسم بحرج فيشير إليها أن تتقدمه : تفضلي .
تقدمته بالفعل ليتأخر عنها قليلًا يخفض بصره حتى لا ينظر إليها وهي ترتقي درجات السلم القليلة لمطعمه المفضل توقفت عند الباب ليبتسم بتهذيب وهو يفتحه لها فتمر من أمامه لتندهش حينما أتاها ترحيب مدير المطعم به : دكتور عادل ، أنرت المكان بوجودك ، اتبع وهو يومًا لها مرحبًا - شرفتنا بالحضور يا هانم .
أومأت برأسها للرجل الذي صافحه عادل متبادلًا معه بعض من الحديث اللبق قبل أن يشير إليه بترحاب : طاولة سيادتك مجهزة يا بك ، تفضل .
أشار إليها عادل أن تتقدمه ليتحرك من خلفهما الرجل ليسحب إليها الكرسي في حركة مهذبة أنيقة ليمأ له عادل الذي انتظر جلوسها قبل أن يجلس بدوره : شكرًا يا سيد محمد ، هلا امهلتنا قليلًا فقط لتقرر السيدة ماذا ستطلب ، أما أنا فكما المعتاد .
اجاب الرجل بتفهم : حالًا القهوة ستكون هنا إلى أن يعد الشيف أطباقك المفضلة.
هم بالابتعاد لتهمس لارا بخفوت دون أن تنظر إلى قائمة الطعام : أنا لن اختار ، سأدعك تنتقي لي على ذوقك كما كنت تفعل قديمًا.
ومضت عيناه بسمة أخفاها خلف جفنيه ليرفع رأسه مناديًا على محمد من جديد بابتسامة غير محددة التفاصيل : يا سيد محمد ضاعف الأطباق من فضلك ، اتبع وهو ينظر إليها - فالهانم تثق بذوقي.
تمتمت وهي ترمقه بعينيها : لطالما وثقت بك يا عادل .
ابتسم ابتسامة جانبية ماكرة لتلتقط أذنيه الاغنية الدائرة من حولهما بصوت الهضبة كالعادة فيدندن بعفوية معها فتعبس بتساؤل : إنه الهضبة .
أومأت برأسها متمتمة : أعلم أنك تعشقه .
ابتسم لها وعيناه تومض بجاذبية خاصة به : نعم يغني "و اهي ذكريات "
تصلبت ملامحها و أجفلت حينما دندن مع الاغنية نهايتها :
عماله بتيجي في بالي
وبفتكر اللي فات
والعمر يعدي قصادي
ويتعاد فحكايات
واهي ذكريات
ازدردت لعابها بتوتر لتسأله بحنق وضح : ماذا تقصد يا عادل ؟!
ابتسم بدهشة تحكم بها في مهارة : لا شيء ، أنا أدندن مع الأغنية كعادتي ، أم لعلك نسيت .
تحكمت في ملامحها لتبتسم بتوتر هامسة : أنا لا انس أي شيء يخصك يا عادل .
تطلع إليها بتعجب ليسأل بعدم تصديق : حقًا ؟!
زفرت بقوة لتهمس : أعلم أنك عاتب .. ضائق .. أو لعلك غاضبًا لاختفائي الماضي ولكن .
قاطعها بهدوء مدعيًا عدم الفهم : اختفاءك الماضي ؟! ضيقت عيناها ليتابع بلا مبالاة حقيقية - تقصدين عندما تركتني في الماضي حين أزمة ساقي .
همت بالحديث ولكنه قاطعها باشارة من كفه هاتفًا دون اهتمام : الأمر مر عليه وقت طويل يا لارا ، هل تتوقعين أني لازلت أتذكر أو أني سأضمر السوء فنفسي اتجاهك لأجل تصرف فعلته ونحن مراهقان .
نظرت إليه بتفحص فاكمل بجدية : اعتقد أني أكبر من ذلك ، شعر بتوترها فابتسم هامسًا متبعًا - لا تقلقي لقد تخطيت الأمر منذ زمن ، فلست أنا الرجل الذي سينتظر فتاة تركته في أزمته كل هذه السنوات لينتقم منها حينما تظهر أمامه من جديد مصادفةً .
همت بالحديث ولكنها توقفت والنادل يقترب منهما ليضع أمامه قدح قهوته ليسألها باهتمام : ماذا تشربين ؟! نسيت أسألك المعذرة .
ابتسمت بتوتر لتهمهم : أي شيء .
فيشير للنادل : إذًا ليكن لاتيه بلبن خالي الدسم يا أحمد من فضلك .
ابتسمت برقة ليتابع بدماثة أخلاق - اعتقد أنك لازلت محتفظة بعاداتك القديمة يا لارا .
أومأت برأسها إيجابًا : نعم لازلت لا أطيق طعم اللبن فالجئ لخالي الدسم فهو دون طعم .
احتسى قهوته بهدوء لتسأله باهتمام : اتعرفهم جميعًا ؟!
عبس بعدم فهم ليدرك مقصدها فيضحك بخفة : نعم حتى مالك المطعم صديقي ، فأنا أجريت لابنه الوحيد عمليه صعبة معقدة أنقذته بها من موت محقق ، لذا الرجل يعشقني كما يقولون ويهتم بي اهتمام خاص حينما احضر ، اتبع وهو يشير إلى الأعلى كناية عن صوت عمرو دياب الصادح من حولهم - حتى إدارته لأغاني الهضبة يكون لأجلي حينما أحضر فهو يعلم عن عشقي له .
ابتسمت وعيناها تومض بإعجاب لتسأل برقة : والصغير .
ضحك بخفة ليهتف بفخر : أصبح صانع ألعاب منتخب كرة اليد للناشئين ، حفظه الله.
تمتمت سريعًا : اللهم آمين يارب ، اتبعت بابتسامة وشت بإعجابها - أنت رائع يا عادل يا حظ أسرتك بك .
همهم بالشكر ليسألها بجدية : بالمناسبة لماذا لم تحضري الزفاف ؟! اعتقد أن حبيبة دعتك .
توردت لتهمهم بحرج تحت نظراته المسلطة : لم أشأ أن اثير ضيق والدتك فهي ..
صمتت ليبتسم بخفة : ماما طيبة جدًا يا لارا ما تفوهت به يومها كان بسبب الصدمة التي ألمت بها .
احنت رأسها بحرج لتتمتم : أعلم ، شعرت بصدمتها الجلية فمن الواضح أنك لم تخبرها من قبل أني ..
اختنق صوتها لتصمت عندما اقترب النادل ليضع قدح اللاتية أمامها لتتحاشى ذكر الأمر من جديد
فيتولى هو دفة الحوار فيسأل باهتمام بعدما ابتعد الرجل عنهما : ما أخبار أولاد عمومتك ؟!

تمتمت برقة وهي تحمل القدح بين كفيها : أتيت بك لأجل هذا ، فأنا اشعر بالترقب لهم ، وخاصةً اختفائهم المريب دون سابق إنذار ، تمتمت باختناق - لقد كانوا يمرون علي يوميًا .. يفتشون غرف البيت هم أو زوجات أعمامي ، مع حديث كثير مفداه أنهم لن يسمحوا لي بالعيش بمفردي أو أن يتركونني حتى آت لهم بالعار .
دمعت عيناها وهو يرمقها بتفحص : فأنا اصبحت وحيدة والمرأة الوحيدة تفعل أي شيء فهي اصبحت لا رابط لها .
زفرت بقوة لتهمهم باختناق : أعلم أنه حديث غبي و من يفكر هكذا لهو أحمق كبير ولكن ماذا تفعل في تلك العقول الغبية المسلطة على حياتك ، هزت رأسها بيأس لتتبع - من ينظر لهم ، لمستواهم الاجتماعي الراقي ومراكزهم المرموقة لا يصدق أن هذا حديثهم ولكن للأسف هم يهتمون كثيرًا بحديث الناس وسمعة العائلة التي ستهدر على يدي.
رمقها مليًا ليسألها بجدية : وأنت لا تهتمين بحديث الناس ؟
تنفست بقوة وهي تترك القدح من بين كفيها : الأمر ليس هكذا يا عادل ، أنا فقط لا أريدهم يقيدون حريتي ، فأنا لدي عملي و حياتي وتدخلهم المستمر يفسدها ، بالمناسبة ماذا فعلت ليتوقفوا عن المجيئ أو مضايقتي ؟
ابتسامة ماكرة شكلت ثغره ليهز كتفيه قبل أن يهمهم بلا مبالاة : لا شيء.
رمقته بعدم تصديق لتهتف : بالطبع لا اصدقك .
اخفض جفنيه لتتبع بدلال - حقًا أخبرني .
مط شفتيه ليسألها بجدية : هل تعلمين ابن من أنا ؟!
رفت بعينيها لتجيب بتفكير : اعتقد أن أباك كان ضابطًا مهمًا في الجهاز الأمني .
نظر إلى عمق عينيها ليجيب بصوت هادئ رخيم : أمير باشا الخيّال أصبح مستشار سيادة الرئيس الأمني والعسكري يا لارا .
اهتزت حدقتيها الواقعتين في أسر مقلتيه البنتين بلون القهوة السوداء فاتبع بتهديد كسى نظراته - أنا يَصعُب على أحدهم الإيقاع أو إلحاق الأذى بي .
شد جسده ليظهر طول جذعه أمامها : فانا عادل الخيال يا عزيزتي.
اختلجت انفاسها ليكمل بمكر وعيناه تومض بعنفوان خاص به : حتى ابن عمك الذي وقف يتباهى أمامي كطاووس بريش منفوخ دون فائدة ، يهددني أن لا اقترب منك ، عاد إلى بيته راكضًا حينما استدعاه صديق قديم لي يعمل بالأمن الوطني وأخبره أن ممتلكات عادل الخيال خط أحمر لا يجب المساس به .
عادت بجسدها للخلف والرهبة تعتلي ملامحها عيناها الخضراء تنظر إليه بفزع لتردد بصوت اوشى بخوفها : ممتلكات عادل الخيال .
أومأ برأسه إيجابًا لتسأل بخوف وهي تشير لنفسها - هل أنا من قصده بهذه الممتلكات ؟!
ابتسامة ماكرة بوميض مخيف تألق بعينيه فأضاء عينيه ليجيب ببساطة : بالطبع ،
اقترب من حافة الطاولة بجذعه ليسألها بفحيح خشن - ألم تكن هذه رغبتك يا لارا ؟!
صمت لوهلة قبل أن يكمل ساخرًا : أن انقذك !!
أومأت برأسها لتهمس باعتراض : ولكن ليس بهذه الطريقة .
أومأ برأسه في استهانة ليجيبها بلا مبالاة : بالطبع لن تكون بهذه الطريقة ، ليكمل متبعًا ببرود - فنحن سنتزوج .
اتسعت عيناها بصدمة حقيقية ليخيم الصمت عليهما حينما اقترب مدير المطعم وخلفه احد النُدل يحمل صينية كبيرة توضع عليها أطباق كثيرة فيقومون برصها أمامهما ليشير إليها حينما انتهيا أمرًا برأسه ونبرة خشنة لم تسمعها من قبل في صوته : تناولي طعامك يا عزيزتي قبل أن يبرد.
التقط شوكته وسكينته ليبدأ بتناول طعامه قبل أن يرفع عيناه ينظر إليها باهتمام حينما لم تستجيب له فيسألها بجديه دون أن يتوقف عن تناول الطعام : لماذا لا تأكلين ؟!
رفت بعينيها كثيرًا والصدمة لازالت تؤثر عليها ليبتسم بلطف مرددًا بهدوء : هيا يا لارا ، هذه الأطباق لا تؤكل باردة فاستمعي إلى نصيحتي واطيعيها ، أشار بسكينته في حركة متباهية وكأنها مشرطه الحبيب - هيا تناولي طعامك .
***




التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 21-09-20 الساعة 06:56 PM
سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-09-20, 06:29 PM   #390

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي




بعد اربعة ايام - ليلة غرة رمضان
تلملم أشياءها لتغادر معه فهو أخبرها برسائله أنه ينتظرها خارجًا ، فتمتثل بسرعة لأمره وهي التي لا تريد إغضابه ، فيكفيها ما عانته على يديه الأيام الماضية فبعد عودتها من الملتقى ذاك اليوم ، وهي تشع حماس بسبب الفسحة الضيقة التي منحها له فيخيل إليها أنه سيمنحها المزيد فتجرأت وسألته أن يتركها تذهب بقية الأيام بل إنها توسلت إليه أن يتركها تحضر بقية الفاعليات وتسجل اسمها في ورشة العمل التي ستفيدها كثيرًا فيما بعد لينفجر في وجهها برفض تام وهو يصيح عن خداعها له وحينما همهمت بعدم فهم عم يقصد صرخ في وجهها أنه لن يتركها تذهب لتقابل الآخر الذي تطلع إليه بانبهار وخيبة امل أنه لم يكن من نصيبها ، وأنها جنت إذ توقعت أنه سيبارك ذهابها ومقابلاتها له ويدعها تستمر فيها حينها صرخت في وجهه بأنه مجنون فانتفخ غضبًا كمارد اخرجته من قمقمه ولطم وجهها في سابقة لم تحدث من قبل ، ارتعد جسدها بألم لازالت تشعر به وعقلها يذكرها بأنه لم يمنحها فرصة أن تغضب .. تستاء .. حتى تبكي وتبتعد عنه، بل إنه أخذها بالقوة ليس كما فعل أول مرة لهما ولكنه تعمد إخضاعها إليه غير مهتمًا بصراخها .. تواسلاتها .. أو بكاءها الذي انتحبت فيه وهو يردد على مسامعها أنها ملكه فلا تقوى على الحلم بأنها ستحرر أبدًا من قفصه الذي تزينه بوجودها تحت رحمته .
طرفت عيناها بدموع تماسكت حتى لا تذرفها وهي ترفع رأسها عاليًا ، تتذكر أنه صبيحة اليوم التالي بعدما انهكها وانتهكها طوال الليل استيقظ بوجه مغاير ، وكأنه مصاب بانفصام حاد في شخصيته فايقظها على قبلاته الرقيقة وترتيبه الحاني على رأسها الذي قبلها وكأنه يعتذر اعتذار ضمنيًا قبل أن يخبرها بأنه بنفسه سيذهب بها للملتقى وليس اليوم بل على مدار أيامه الباقية وسيتركها تذهب لورشة العمل التي تريدها على شرط أنه سينتظرها ليعود بها يوميًا فلا تتأخر عليه إذا أراد الرحيل إحدى المرات مبكرًا، حينها همت بالرفض ولكن شيئًا ما بنظراته جعلها تتراجع وهي تشعر بأنه يمتحنها فإذا رفضت ستؤكد شكوكه بها وإذا استجابت ستثبت له إنها لا تخونه كما يعتقد !!
أغمضت عيناها على حزنها الساكن فيهما وهي تتذكر إنها وافقت وهو الآخر لم يتراجع عن كلمته، بل إنه وفى بوعده الذي يكلفها الكثير ليلًا لتحتوي ثورته المكبوتة وكأنه يعاقبها على حريتها الضئيلة التي يمنحها لها يوميًا !!
تحركت للخارج وهي تحيي إحدى الفتيات العاملات على تعليمهن في الملتقى برأسها لتتوقف قبل أن ترتطم به فتبتسم بتوتر ليمنحها ابتسامته الرائعة التي شكلت ملامحه الوسيمة هاتفًا : هذه المرة لم نرتطم سويًا ، الحمد لله ، ضحكت ليكمل بلباقة - سعيد أنك استطعت إقناع أبيك بالحضور وأتمنى أن تكوني استفدت من الورشة ؟!
ابتسمت برقة لتجيبه بتوتر تملكها وهي تطرف بعينيها نحو الرواق المؤدي للخارج خائفة أن تتأخر فيأتي زيد في أثرها : الحمد لله، كانت رائعة شكرًا لكم جميعًا .
تمتم بانجليزية ذات لكنه منغمة : على الرحب والسعة يا آنسة ، تشنجت ابتسامتها ليسألها – هل اعطلك عن شيء ما ؟!
أجابته سريعًا : إنهم ينتظرونني خارجًا .
أومأ برأسه ليهمس متفهمًا : اها والدك الذي يخاف عليك ، ابلغيه سلامى و دعيه يأتي بك في الورشة القادمة التي ستقام في مصر بعد العيد إن شاء الله إذا كنت تستطيعين ، أم أنت من سكان دبي ؟!
تمتمت سريعًا : لا أنا مصرية واعيش في مصر وأتيت خصيصا لحضور الملتقى ، تهلل وجهه بالفرح لتكمل بخيبة أمل تجسدت على وجهها – ولكني لا اعتقد أني سأقوى على الحضور .
أومأ برأسه في إحباط سكن رماديتيه : سيسعدنا حضورك يا آنسة أسيل .
ابتسمت برقة ووجنتيها تتوردان رغمًا عنها ليكمل بصوت خافت : رمضان كريم .
اتسعت ابتسامتها لتجيبه : الله اكرم ، لملمت ابتسامتها وهي تسيطر على مشاعرها التي لا تفهم كهنها لتشير بكفها للخارج – سأذهب حتى لا أتأخر .
ليشير إليها مودعًا وهو يهز رأسه بتفهم ليهمس وكأنه يعدها : الى اللقاء يومًا ما .
ابتسمت وعيناها تومض ببسمة سرعان ما اندثرت وعقلها يذكرها فتجيبه بألم : وداعًا .
خطت مبتعدة بخطوات بطيئة .. حزينة .. متألمة ، وهي لا تعلم سبب الألم ولا مكمنه بل تشعر بأن كل خلية فيها تتألم .. صدرها مختنق بأنفاسها التي لا تقوى على ذرفها .. وحلقها مختنق بكومة بكاء تريدها أن تطفر من مآقيها ولكنها لا تستطع .
تحركت نحو السيارة السوداء الفخمة التي تنتظرها وسجانها يقف بجوارها في نزق تملكه ليظهر بوضوح في عبوس ملامحه وكأنه ترجل منها مقررًا أن يرى ما أخرها عليه فيتوقف عندما التقط خروجها ، فتسير نحوه مرغمة .. مجبرة .. خاضعة دون أن تمتلك رفاهية التراجع أو الرفض ، تسير وهي تشعر بالوهن يمتلكها .. دموعها تتجمع في عينيها فتعيق بصرها .. والقهر يتعاظم داخل روحها لترتجف حينما وصلت إليه كورقة شجر يابسة في موسم خريف قاحل انتزعها من مكانها على فرع شجرتها ليتركها ملقاه على جانب الرصيف ، ارتعد جسدها مرة أخرى وهي تشعر بذراعيه اللذين ضماها في امتلاك وقبلته القوية التي حطت على وجنتها ليتشوش عقلها فلا تدرك حديثه وهو يفتح لها باب السيارة دعوة منه للدخول إلى سجنه برغبتها الكاملة ، رفعت عيناها المختنقتان بدموعها تحاول الرفض .. الاعتراض ولكن عقلها يذكرها أن لا أمل لديها في الخلاص ويرغمها أن تطيع .. تستجب .. تخضع برغبتها بدلًا من أن تجبر على خضوع مشوب بمعاناة لن تتخلص منها ، احنت عنقها باذلال انتشر باوردتها .. وقهر يقبض على روحها فيخنقها لتنتفض وهي تشعر بانها لم تعتد تحتمل .. فطاقتها نفذت .. وقلبها الذي هشمه توقف فجأة عن الخفقان وعقلها هوى في سبات لم يختاره بل أجبر عليه عندما سقطت مغشي عليها قبل أن تدلف إلى سجنه باختيارها .
***
يتحدث في الهاتف مع تؤامه ليصيح فيه بضيق تملكه : أنا لا أفهم كيف الجميع يأتي ليزورني ويبارك لي وأنت لا يا عبد الرحمن ، هم عبد الرحمن بالحديث ولكنه لم يمهله الفرصة وهو يصيح به - لا أصدق أني سأسافر وأنا لم أرك منذ ليلة الزفاف.
قهقه خافتة من عبد الرحمن وصلت إليه عبر الأثير ليمازحه محاولًا التخفيف من ضيقه : وفيم أنت تريديني يا عمر ؟! هل ينقص عليك شيء تريد مني أن احضره لك ؟
زفر عمر بغضب ليهتف بضيق : حقًا يا عبد الرحمن ، لا تعلم فيم أريدك ؟! ابتسم عبد الرحمن وهو يتطلع إلى صورة توأمه في الاتصال المرئي ليكمل عمر بصدق - لقد اشتقت إليك يا أخي .
ابتسم عبد الرحمن باتساع وعيناه تتراقص بتسلية : حقًا يا عمر اشتقت إلي أم أن مشاعرك تفيض من كل جانب فيك فتشعر بالشوق للجميع . ابتسامة خافتة رسمت على ثغر عمر ليهتف بضجر : احترم نفسك يا عبده ولا تستغل رابطتنا القدرية في التدخل فيم لا يعينك وأعلم أنه سيأتي علي يومًا ما أشعر بك أيضًا فكن لطيفًا معي هذه الأيام.
قهقه عبد الرحمن ضاحكًا ليهتف بصدق : أنا الآخر اشتقت إليك يا عمر ولكني حقًا مستاء منك فأنت تؤثر على تركيزي بشوقك المتدفق وأنا هنا لأجل أن اعمل بجد لعلني انقذ ما يمكن انقاذه .
حك عمر ذقنه وهو يخفض بصره عن تؤامه الذي ينظر إليه بضيق فيهمهم باعتذار ثم يتبعه بهدوء : اقسم بالله أنا اعزل نفسي عنك كثيرًا من الأوقات ولكن بعض الأحيان .. صمت ليكمل عبد الرحمن ساخرًا : أعلم أن الأمر يفلت منك وأقدر ذلك ولكن سأنصحك بجدية ، تنبه عمر له ليتبع عبده بشقاوة - ارحم صحتك قليلًا .
سبه خافته انسلت من بين شفتي عمر ليقهقه عبد الرحمن ضاحكًا ليسأله عمر متغاضيا النظر عن مشاكسته إليه : متى ستعود يا شقيق ؟!
تنهد عبد الرحمن بقوة : قريبًا باذن الله فقط ادعو أن تمر الليلة على خير .
عبس عمر بعدم فهم لينظر عبد الرحمن إلى ساعته قبل أن يهتف بجدية : سأغلق الآن ، أراك على خير .
تمتم عمر سريعًا : بإذن الله لا اله الا الله يا عبد الرحمن . تمتم عبد الرحمن وهو يستعد لإغلاق المكالمة - محمد رسول الله .
تجهم وجه عمر لثواني قليلة مفكرا قبل أن يتحرك عائدًا لغرفتهما التي توارت فيها بعدما أعلن سليم عن زيارتهما الليلة ، سليم الذي اختفى منذ ليلة زفافهما فلم يزورهم مع العائلة حينما اعلن عن سفرته التي سيأتي منها عليهما رأسًا ليبارك إليهما ويهنئهما بقدوم الشهر الفضيل ، كما صاح بمرح في الهاتف ، مرح شاكسه به و بحبيبة التي كانت سعيدة وتكاد تقفز من الفرحة لزيارة شقيقها القريبة حتى أعلن عن قدومه برفقة خطيبته فشحب وجه حبيبة ولمعت عيناها برفض التقطه سليم الذي مازحها بهدوء عن كونها سترحب بهما أم يأتيا في يوم آخر ، ليجيب هو سريعًا وهو يتولى زمام الحديث بأنه مرحب به دومًا وأبدًا هو و أي من يأتي من طرفه .
و رغم أن سليم لم يظهر تأثره لضيق شقيقته بل انهى الحديث بمرح كعادته إلا أن عمر يدرك أن سليم ليس غبيًا وأنه يدرك جيدًا رفض حبيبة ارتباطه و رافضة للزيارة أيضًا ، نفخ عمر بقوة ليتحرك إلى داخل غرفة الملابس حينما اكتشف خلو الغرفة منها لينظر إلى ملامحها التي تعلو بضجر وعيناها التي تومض بضيق ونزقها الواضح وهي تقلب في ملابسها بتشنج ألم بعضلات جسدها ليقترب منها بهدوء هاتفًا باهتمام : ما بالك يا حبيبة ؟!
هتفت حبيبه بضيق فعلي : ضائقة ، لا أجد شيئًا ارتديه يخفي رقبتي وأول نحري ، وأنا لن أقوى على مقابلة سليم بهذا الشكل . ارتفعا حاجبيه بدهشة لينظر إلى البلوزة التي رمتها أرضًا ليرفعها أمام عيناه فيكتم ضحكته وهو يتطلع إلى انغلاقها ليهتف بجدية دون أن يظهر لها ابتسامته التي تومض بعينيه : حسنًا دعيني أساعدك ، لننتقي فستان مناسب وعليه وشاح كما فعلت يوم زيارة العائلة.
هتفت باعتراض : لا أريد ارتداء وشاح على رقبتي وكأني أخفي ذنب فعلته .
رمقها من بين رموشه مطولًا ليجذب بلوزة رقيقة بلون أزرق باهت : إذًا ارتدي إحدى البلوزات المغلقة لديك .
عبست بضيق لتعترض بصياح حانق : بالطبع لا هذه بلوزة لأجل العمل وليس من اللائق ارتدائها كعروس تستقبل عائلتها بالمنزل .
رفع حاجبه ليهتف إليها بتفكير : إذًا ارتدي تلك العباءة المزركشة بتصميم هندي أنيق والتي أهدتها لك إيناس .
اتسعت عيناها لتهتف باستنكار : عباءة .. ارتدي عباءة لمقابلة جيجي هانم ، ارتديها لتتعالى علي بازياءها التي لا أعلم من أين تبتاعها بتصميمها المختلف .
نظر إليها بصدمة ليهمس دون تفكير : إذا تعجبك أزياءها اساليها من اين تبتاعها ولنذهب لنتسوق من نفس المكان .
زمجرت وعيناها تحتقن غضبًا تهتف به في استنكار : ماذا تقول يا عمر ؟! هل أنت تدرك ما تقوله ، أم تتحدث فقط دون دراية ؟!!
قفزا حاجبيه ليجيب سريعًا متبعًا حدسه : لا أنا لا أدرك ما أقوله ،
نفثت بغضب فاكمل سائلًا - حسنا ماذا ستفعلين الان ؟!
تمتمت بغضب وهي تتابع رمي ملابسها التي لا تروق لها أرضًا : لا أعرف .
فينظر إلى الملابس بإحباط قبل أن يهتف بها : هل اهاتف سليم و أخبره أننا لسنا مستعدان لاستقباله ؟!
تجهمت ملامحها لتسأله بعبوس وتفكيرها يلمع بعينيها : هل نقوى على ذلك ؟!
أومأ برأسه : نعم نستطيع أن نفعل ذلك ،
سألت باهتمام : وما سيكون السبب ؟!
لوى شفتيه ليغمغم بمكر : نفس السبب الذي يجعلك لا تستطيعين انتقاء أي ملابس تناسب استقباله .
اتسعت عيناها بصدمة لتهتف بعدم تصديق : بم ستخبره لا افهم .
ابتسم بخفة : بلى تفهمين .
شهقت بقوة لتهتف بانفعال : لا طبعًا لن تجرؤ على ذلك .
تحرك للخارج ليهتف بمرح مفتعل : جربيني .
ركضت خلفه بالفعل لتتمسك به حتى لا يتصل بأخيها هاتفه برجاء : إياك أن تفعلها يا عمر .
رمقها من علٍ بحاجب مرتفع وعينان وامضتان بتساؤل أفضى به في هدوء : أخبريني يا حبيبة هل تستطيعين حقًا أن تخبري سليم أنك لن تستقبليه في بيتك لأنك غير راضية على خطبته لفتاة لا تتقبليها ، وهل تعتقدين أن سليم سيرضى ويتقبل ويزورك فيما بعد دون خطيبته أو زوجته حينما يتزوجا .
هزت رأسها نافية ليزفر بقوة : إذًا ماذا ستفعلين ؟! ستقاطعين أخيك لأجل اختياره أن ستجبريه أن يبتعد عنك لأجل إرضاءك ؟!
تمتمت سريعًا : لا أقوى على الاثنين .
احتضن وجهها بكفيه ليهمس إليها : إذًا تقبلي اختياره واستقبليه بمنتهى الحب كما اعتدت بل هذه المرة اكرميه واحتفي به هو و زوجته فهذه المرة الأولى التي يزورك بها في بيتك .
ابتسمت لتحتضنه من خصره ليضمها إلى صدره بقوة وهي تهتف بامتنان حقيقي : شكرًا لك يا عمر لا أعلم دونك ماذا أفعل .
أومأ برأسه ليهمس وهو يميل إليها يقبل شفتيها برقة بهمسته المميزة بلكنته الإنجليزية الحاضرة : أنا بخدمتك دائمًا يا حبيبتي .
ضحكت برقة ليجذبها من كفها للداخل هاتفًا : ارتدي فستانك الأخضر يا حبيبة فهو مغلق من الأمام .
عبست بتفكير ليجذبه من علاقة الملابس لتهمهم بعدم فهم وهي تنظر إلى الفستان ذو القماش الرقيق بلونه الأخضر الزرعي ومنقوش بوردة صغيرة للغاية بلون ابيض قصير فبالكاد يغطي الركبتين وكمين يصلان إلى ما بعد مرفقيها ولكن صدره مغلق الى عظمتي الترقوة بحزام ابيض رفيع ينحت خصرها ، وضعته فوق جسدها لتجربته لتهمهم بخفوت: ولكنه لن يخفي رقبتي .
أجابها وهو يقف خلفها يضمها من خصرها إليه : أنثري خصلاتك كما أحبها وهي ستفي بالغرض .
ابتسمت بموافقة ليصدح رنين هاتفه متزامنًا مع جرس الباب ليهتف إليها : سليم وصل لا تتأخري ، سأستقبلهم أنا .
أومأت برأسها بتفهم لتستوقفه عندما هم بالخروج لتهمس إليه من بين أسنانها : إياك و أن تتضاحك معها ، رمقها بتعجب فتتبع بتحذير - أسمعت ؟!
كتم ضحكته التي أنارت عينيه ليجذبها إليه يقبلها بتوق هاتفًا بعدما تركها : تخلصي من شقيقك سريعًا حتى لا يأخذنا الوقت فنحن سنصوم منذ الليلة وليعني الله عليك بقية الشهر .
ضحكت برقة لتشاكسه بدلال : بل سأدعوه ليتسحر معنا .
أجابها ببساطة وهو يغادر الغرفة : حينها سألتهمك دون أن اهتم بوجوده .
كتمت ضحكتها لتباشر في تبديل ملابسها وهي تهمهم : لقد جن عمر .
***
يشاكسها بخفة بعدما فعل القيادة الألية وهما عائدان من عند بيت عائلتها في زيارة سريعة فعلها قبل أن يعود لعمله ليعتذر لحميه بأنه لن يقوى على المرور عليهم غدًا ولن يقوى على تلبية دعوة زوجة أبيها في الفطور معهم ثاني يوم رمضان لأنه سيضطر أن يسافر فجرًا لمقر عمله في سيناء وخاصةً أنه سيذهب غدًا لقضاء أول فطور رمضاني عند عائلته ليعده بالأخير أنه حينما يعود سيأتي لهم ، لقد تقبل حموه و زوجته الاعتذار بل دعت له الجدة حور بدعوات صادقة أن يعيده الله سالمًا ليقبل رأسها بشكر وهو يلتقط نظرات زوجته الفخورة ، رمقها بطرف عينه ليمد كفه ويدغدغها بأنامله لتشهق بخفة تنتفض بدلال وتضحك بأريحية وهي تبتعد عنه هاتفه : توقف يا أسعد .
تبرم بعبوس مفتعل ليسألها بحنق : حقًا ؟! ضحكت برقة لتشير برأسها نافية فيعاود دغدغتها لتدفع كفه برقة هاتفة - انظر أمامك .
تمتم بمشاكسة : السيارة تتحرك أوتوماتيكيًا يا جنى ، غمزها بطرف عينه وهو يتبع بشقاوة - تتذكرين تلك المرة التي وقعت بها فوق .
شهقت بقوة وهي تضع كلتا كفاها فوق فمه هاتفه بجدية و وجهها متضرج بالأحمر القاني : توقف يا أسعد أرجوك .
تراقصت الشقاوة بعينيه ليهمس إليها بعدما قبل باطن كفها فأبعدت كفيها بسرعة : ما رأيك أن تأتي وتجلسي فوق ساقي بتعمد ، لنعيد الكرة ألا تؤلمك بطنك اليوم ؟!
هتفت بصدمة : نعيد الكرة في السيارة ؟! لتتبع بعفوية وهي تتحاشى النظر إليه - ولا لم تعد بطني تؤلمني فاليوم آخر يوم ..
صمتت وهي تدرك ما تتفوه به ليحتقن وجهها بقوة وهي تعود لجلستها البعيدة عنه ليقترب منها ينظر إلى ملامحها سائلًا بلطف : آخر يوم ماذا ؟ّ!
تمتمت سريعًا : لا شيء . رمقها بطرف عينه ليغمغم باسمها في نبرة مميزة فتتابع بخفوت - اعتقد أنك أدركت ما قصدت .
قهقه بقوة ليهتف إليها : هذه بركات الشهر الفضيل ، نظرت إليه بلوم فاتبع مثرثرًا بأريحية - تخيلي كنت ضائقًا أني سأذهب للعمل دون أن أبارك لك قدوم رمضان ولكن بعد هذه المعلومة القيمة سأقوى على قول رمضان كريم على راحتي .
ضحكت مرغمة لتشيح برأسها تنظر من النافذة لتسأل بتلقائية : وهل هذا فارق كثيرًا بالنسبة إليك ؟! لكزها بمرفقه ليجبرها أن تنظر إليه ليسألها - ألم تشعري بالفرق حقًا ؟!
أجابت بعفوية وهي تسقط بأسر نظراته : بلى شعرت . حرك رأسه بحركة مائلة ليهمس إليها أمرًا : ألن تقبليني وتباركي لي قدوم رمضان ؟! تمتمت بعدم تصديق : في السيارة ؟!!
تمتم بخفوت وهو يقترب برأسه منها : السيارة بزجاج مظلل يا جنى ، إنها سيارتي الخاصة ، ألم تدركي هذا ؟!
تمتمت وهي تخفض عيناها بخجل : بلى أعلم ولكن لا .. صمتت وهي تهز رأسها بعدم استيعاب لتكمل - لا أصدق أنك ستقبلني هكذا هنا في وسط الناس .
تنهد بقوة ليجيب : حسنًا على راحتك ، ليتبع ببساطة - سنعود البيت إن آجلًا أو عاجلًا وحينها سأمطرك بالمباركات والتهاني ليس لليوم بل لجميع الأيام القادمة التي لن أكون متواجدًا بها .
التفت تنظر إليه بصدمة ليومأ بعينيه : اينعم ، سنتسحر مبكرًا حتى لا يؤذن الفجر و أنا لم احصل على حقي كاملًا . انفجرت ضاحكة رغمًا عنها فيشاركها الضحك ليقترب منها يقتنص منها قبله سريعة مهمهمًا : تصبيرة بسيطة إلى أن نعود للبيت .
توردت وهي تشيح بعيدًا ليرن هاتفه فيجيبه ببساطة بعدما هتف : إنها موني .
أجاب شقيقته بأريحية ليأتيه صوتها مضطربًا فيبعس بجدية : ما الأمر يا يمنى ؟!!
زفرت يمنى بقوة لتهتف إليه : هل تستطيع المرور علينا يا أسعد أنا أعلم أنك بالخارج .
عبس باهتمام ليسألها بصرامة : بالطبع استطيع ولكن أخبريني ما الأمر ؟!
تمتمت يمنى سريعًا : تعالى فعادل يحتاجك رغم أنه كابر أن يهاتفك و زجرني حينما أخبرته أن يتصل بك .
هدر بصرامة أمرًا : أخبريني ماذا يحدث عندك ؟!
أجابت يمنى سريعًا : ماما تتشاجر معه بقوة هذه المرة و اسمعته الكثير و رغم أنه التزم الصمت كما نصحه بابا إلا أن ماما لا تصمت بل تزيد عليه الأمر وخاصةً حينما علمت بسفره ، صمتت يمنى قليلًا لتتبع بضيق - لقد اتهمته بوضوح أنه على علاقة بلارا لذا يريد أن يسافر ، وأنه اخترع أمر السفر هذا ليكون معها، إن الوضع مزري يا أسعد و عادل قارب على الانفجار و أنا خائفة وخاصةً أن بابا لن يعود اليوم بل لديه عمل لن يعود منه في الغد.
هتف على الفور وهو يدور بسيارته ليتخذ الطريق المؤدي لبيت عائلته : حسنًا أنا قادم .
نظرت إليه جنى بتساؤل فهمهم باقتضاب : ماما وعادل .
تمتمت سريعًا : مر بي على عمو وليد يا أسعد ، سأهنئهم بقدوم الشهر الفضيل و ازورهم فلا اتواجد في أمر خاص كهذا .
عبس مفكرًا ليجيبها : لا يا جنى أنت اصبحت من العائلة و لعلني احتاجك لتهدأة لولا .
تمتمت بجدال : أو يسوء الوضع أكثر لوجودي ،
هز رأسه نافيًا : أبدًا وإذا لم احتاجك لأجل ماما أنا احتاجك لأجل عادل ، فبشكل ما أنت تجبريه على الحديث عكس الجميع يا جنتي .
ضحكت برقة لتشاكسة : هل تغار يا سيادة القائد ؟!
ضحك بخفة : بالطبع أنا أغار عليك من نفسي ولكني في هذه الحالة سأستغل صداقتك لشقيقي و اطلب منك أن تتدخلي لانقاذ ما يمكن انقاذه .
سحبت نفسًا عميقًا لتزفره ببطء قبل أن تبوح إليه : لقد تحدثت معه بالفعل يا أسعد ولكنه لم يفضي لي بأي شيء سوى أنه من حقه أن يحقق رغبته في الارتباط بمن يحبها ، عبس أسعد بضيق ولكنه آثر الصمت لتتابع هي بيقين - رغم أني اعلم جيدًا أنه لا يحبها و أن قلبه ليس طرفًا في المعادله ولكني صمت ولم أشأ أن استفزه بحديثي أكثر فيعاند ، فأكثر ما عرفته عن عادل طوال سنوات دراستنا وعملنا سويًا ، أن العناد سمة رئيسية في شخصيته ، وأنه حينما يقرر شيء لا يتراجع عنه.
التفت إليها يرمقها بفخر ليهمس بمزاح : يا ليت ماما تستمع إليك وتتوقف عن إثارة عناده أكثر .
هزت رأسها نافية وحدثته بمنطقية : لا لن تفعل وأنا لو مكانها لن أفعل يا أسعد ، فوالدتك تفكر بطريقة هي الأصح من وجهة نظرها وإذا وافقت علي رغم عدم رضاها المبدئي لأنها اطاعتك وتفهمت حبك لي لن تستطيع فعل ذلك في حالة عادل لأنها أيضًا تدرك بأنه لا يحب ولا يميل ولكنه يعاند لذا تحاول أن تثنيه عن رغبته .. عناده .. وموقفه .
رمقها مطولًا من بين رموشه ليهمهم بخفوت : ماما راضية عن زيجتنا تمام الرضا .
ابتسمت برقة وهمست بتصديق افتعلته : طبعًا أنا أدرك هذا ، وستكون راضية بشكل كبير حينما تعلم عن ظروفي التي تعاني منها أنت معي .
تمتم بجدية : جنى ، توقفي الآن عن نثر حديث لا اهمية له ، لا أحد يخصه أي شيء يحدث بيننا ، وأنا لا أعاني ولا أشكو ، اتبع بصدق - أنا سعيد معك هل اقولها بلغة أخرى لعلك تدركيها ،
ابتسمت برقة لتقترب منه تقبل وجنته حينما صف سيارته أمام بيت عائلته : بل أنا ادركها ولكني احببت مشاكستك .
نظر إليها بعدم رضا فاتبعت بدلال تعمدته - سأصالحك عندما نعود إلى البيت ثم اهنئك بقدوم الشهر الفضيل .
لانت ملامحه ليجذبها إليه بعدما ابتعدت ليطبع قبلة على وجنتها هامسًا : لا حرمني الله منك يا جنتي .
**
ترجلا بالتتابع ليقترب من باب البيت يدق الجرس دقتين متتالتين قبل أن يفتح الباب بمفتاحه الخاص هاتفًا بصوت جهوري : الفارس اتى يا آل الخيال .
تحرك للداخل وتبعته هي بعدما اغلقت الباب من خلفها لتندفع نحوه يمنى تتعلق برقبته تقبله وتسأل عن أحواله ليتجاذب معها اطراف الحديث قبل أن يسألها : ما الوضع ؟!
تمتمت يمنى بخفوت : ماما بغرفتها أخيرًا وعادل بالحديقة .
أومأ برأسه فتركته لترحب بجنى في ترحاب واخوة جمعتهما على مدار سنوات كثيرة لينتبهوا جميعًا حينما اصبحوا في منتصف صالة البيت و الواسعة لصوت ليلى الباكي والذي أتى من آخر رواق الغرفة و المتعالي كلما اقتربت منهم بخطواتها هاتفه : هل جئت يا أسعد ؟!
تحرك نحوها بخطوات سريعة ليضمها إلى صدره حينما ترنحت بالفعل بسبب خطواتها السريعة فيسندها وهو يضمها أكثر يمنحها أمان وجوده : نعم أتيت يا أم أسعد ؟! ما بالك ما الذي يبكيك ؟!
همهمت يمنى باذن جنى : تعالي معي يا جانو ، فالدراما بدأت الآن .
تمتمت جنى بجدية : انتظري سأسلم عليها .
هزت يمنى رأسها نافية : إنها لا تلتقط أيا منا الآن ، انها بعالم الأسعد يا أختاه ،
ارتفعا حاجبي جنى بصدمة لتومأ يمنى برأسها وهي تشير على شقيقها الذي دفع والدته ليجلسها ويجلس إلى جوارها فتبكي ليلى بصدره وهي تتمسك به أكثر غير واعية لمن حولها فتزفر جنى بقوة قبل أن تشير إليه برأسها أنها ستدلف مع يمنى فيومأ إليها بالايجاب فتسير بجوار يمنى التي همست إليها : لا تقلقي أسعد قادر على حل الأمر .
ربت اسعد على ظهر والدته ليهدأها بحنانه المعهود قبل أن يسألها بجدية : ما الأمر يا لولا ؟! ما الذي يبكيك بهذه الطريقة ؟!
تمتمت ليلى بانهيار : أخوك ، إنه يريد الزواج من هذه التي سقطت علينا من السماء والتي تريد خطفه منا .
تمتم أسعد بمنطقية : يا ماما عادل ليس بصغير ومن تلك التي تستطيع خطف من مثل عادل ، عادل يخطف البلد بأكملها دون أن يرف بجفنيه.
نظرت إليه بصدمة لتجيبه بضجر : بل تقوى على خطفه أنت لا تفهم من مثلها يقوى على سرقة الكحل من العين لن تقوى على سرقة أخيك الذي لا يفهم مثيلاتها .
تنهد بقوة ليهمس بهدوء : أنت تبخسين عادل حقه يا ماما ، عادل عاقل و رزين ولا أحد يستطيع سرقته أو اجباره على شيء لا يريد أن يفعله .
تمتمت سريعًا : حسنًا أخبرني أنت لماذا يريد الزواج منها ؟! هو لا يريدها .. لا يحبها ، ليس مثلك تزوجت ممن تكبرك سنًا لأنك تحبها أما هو ما أسبابه ؟!
أطبق فكيه ليهمس بصبر : ماما لا تخلطي الاوراق ببعضها ، أمر جنى شيء قائم بذاته وأمر السن هذا لا يعيبها .
تمتمت سريعًا : لم أقصد يا حبيبي ، أنا أحب جنى فهي ابنتي مثل يمنى بالضبط .
ابتسم بحنان : أعلم يا حبيبتي ، فقط أخبريني ما الذي يثير ضيقك من أمر ارتباطه بلارا .
اتسعت عيناها بصدمة لتهتف بجدية : ألا تعلم حقًا ؟!
مط أسعد شفتيه ليحدثها بلين : لا تخبريني أن كونها أرملة سبب رفضك الوحيد يا ماما.
تضرجتا وجنتاها حرجا لتهتف سريعًا : لا ليس السبب الوحيد ، نظر إليها بتساؤل فأكملت بضيق - قلبي ليس مرتاح لها .
هم بالحديث ليصمت حينما دلف عادل من الشرفة فيلتقط وجوده لينظر إليه بتعجب وملامحه تلين بترحاب : يا مرحبا وأنا افكر في سبب الاضاءة الزائدة ولكني أدركت الآن أنك السبب ، أنرت البيت يا شقيق .
نهض أسعد يبتسم بود أخوي ليحتضن عادل في صدره هاتفًا بمرح : اشتقت إليك يا عادل .
ربت عادل على ظهره بترحاب هامسًا : وأنا الآخر اشتقت إليك .
تطلع من فوق قامة أخيه الأقصر منه الى والدته الباكية فاشاحت بوجهها في غضب اعتلى ملامحها ليزفر بضيق قبل أن ينظر إلى أسعد سائلًا بوضوح : هل أتوا بك لأجل المجنون .. الغبي .. الذي يحتاج الحجز في مصحة للأمراض العقلية بسبب سوء اختياره .
لانت ملامح أسعد بابتسامة سرعان ما اندثرت وهو يعي حديث أخاه الجاد وليس الهزلي ليجيب سريعًا : بعد الشر عنك ما هذا الحديث يا عادل ؟!
شد عادل قامته بعنفوان ليهتف بجدية : حديث ماما الغالية ، تمتم وهو ينظر إلى ليلى بغضب - ألم تخبريه عم اسمعتني إياه اليوم ؟! أم اتيت به لتشتكي له فقط مني .
هدرت ليلى في غضب : لم آت به هو من أتى بنفسه و جيد أنه فعل ليجد معك حلًا ،
هدر عادل بعصبية تملكته : ماذا سيفعل بي أسعد يا ماما ، هل سيحبسني إلى جوارك أم يقيدني إلى الفراش لأجل أن يمنعني عن عملي ؟
قفزت ليلى واقفة لتهتف في غضب عارم : إياك والكذب ، أنت لست ذاهب للعمل بل ذاهب إليها.
هدر عادل بجنون : يا الله يا أرحم الراحمين ، هل تظنين أني إذا أردت أن اذهب لها لن أفعل ، وهل أنا بطفل صغير سأكذب عليك لأفعل ما أريد ، لا يا ماما أنا رجل كبير سأتم الثلاثون عامًا وعندما أقرر شيء ما لن يثنيني عنه أحد وأنا لن اهتم بموافقة أحد حتى أسعد لا يقوى على منعي ، فهو ليس أخي الكبير ، أسعد تؤامي ونحن هنا متساويان في المكانة و المقدار أنت فقط من تريدين تصديق شيء ما ليس له أساس .
__ عادل ، هدر أسعد بقوة وهو يدفعه للخلف في قوة أجبرته على التراجع بالفعل ليكمل أسعد بغضب تملكه - هل جننت ؟! كيف تتحدث مع ماما هكذا ؟! كيف جرؤت لتصرخ فوق رأسها هكذا؟! أم أنت تستغل غياب الكبير فأنا لست كافيًا لأكون كبيرًا فوق رأسك النابغة يا عبقري أليس كذلك؟!
رف عادل بعينيه كثيرًا ليهدر باختناق : أنت تعلم أن هذا ليس بصحيح يا أسعد ، وأنت كبير علي و على الجميع ولكن هل يرضيك ما تفعله ماما ؟!
هدر أسعد بصرامة : ماما تفعل ما يحلو لها و أنت لا تعترض .. لا ترفض .. حتى لا تتأفف ، أم لعلك نسيت حديث الأمير ؟!
زفر عادل بقوة ليخفض رأسه مهمهمًا : لا لم انسى ، أنا اعتذر منكما.
اقترب من ليلى ليقبل رأسها فدفعته بضيق : لا أريد منك شيئًا .
تمتم أسعد باعتراض : ماما.
هدرت فيهما : لا أريد أن استمع لأي شيء منه سوى أنه لن يتزوج من هذه الأرملة السوداء .
قبض عادل كفيه و أطبق فكيه ليهمس بجدية : الأرملة السوداء التي تؤمرني والدتك الآن بأن أعدها أني لن اقترب منها وأن لا ارتبط بها ، كانت تقنعني لأتزوج بها ثاني يوم زفافك ، بل بزفافك يا سيادة القائد ورطتني أمك في الرقص معها رغمًا عن رغبتي ، وكانت ترحب بها وتخبرها أنها من العائلة إلى أن اكتشفت بأنها أرملة ،
رمقها أسعد بذهول لتهدر بعصبية : وأنت كنت ترفض وتخبرني أنك لا تريد الارتباط بها ثم أنا لم أكن أعرف أنها ..
صمتت ليومأ عادل برأسه : نعم هذا هو يا حضرة الضابط السبب الرئيسي في رفض والدتك أنها اكتشفت كونها أرملة.
تحرك ليخطو إلى الداخل وهو يكمل بجدية : المعذرة يا ماما سبب رفضك الآن ليس كافيًا لي وخاصةً بعدما زينتيها بعيني ، هاك أنا استجيب لرغبتك الاثيرة في تزويجي ، فأنا سأتزوج من لارا وعليك أن تتقبلي الأمر بصدر رحب وبمنتهى الاريحية .
اتسعت عينا ليلى بصدمة لتدير بصرها إلى أسعد تستنجد به فيتنهد بقوة ليقترب منها يضمها إلى صدره فتبكي بنواح داخله
***
تجلس داخل قوقعتها التي شيدها إليها محمد لتجلس فوق سطح البيت فبناها لها بشكل محبب لنفس من خشب يشبه الخوص .. صغيرة .. دافئة ومغلقة عليها ، تقضي دومًا أيام الصيف بها ولا تصعد إليها إلا نادرًا في الشتاء ولكن منذ تلك الليلة والتي حدث فيها تشعر بغضب عارم يكتنفها فابتعدت عن كل شيء حتى أنها اعتكفت في غرفتها رغم محاولات رقية الحثيثة لإخراجها من مزاجها السيء و رغم اعتذار خالها لها .
فرقية لم تصمت بل دعت خالهم وعمتهم ليتناول الفطور معهم واشتكت إليهما ما فعله محمود على مرأى ومسمع من والدتهما التي غضبت بدورها ، من ابن أخيها بل عاتبته عتاب شديد قبل أن يغادر لعمله !!
و رغم أن رقية لم تخبر والدهم إلا أن محمود اختفى تماما من طريقها و رغم الاعتذارات الكثيرة التي أغدقها الجميع على مسامعها إلا أنها لم تقوى على تخطي الأمر ، فمن اساء لم يعتذر .. لم يقر بأسفه .. ولم يعترف بندمه !!
رن هاتفها برسائل متتالية وصلتها منه كالعادة أجبرتها على الابتسام وهي التي اغلقت هاتفها فلم تتواصل معه من صبيحة اليوم التالي حينما هاتفها ليطمئن عليه فتبادلت معه حديث سريع لتخبره أنها ستغلق الهاتف لأنها تريد الاستجمام و رغم اعتراضه و رفضه إلا أنها نفذت ما أرادت لتعاود اليوم فتح هاتفها فيكون هو أول المتواصلين معها كعادته.
وصلها مقطع صوتي منه فأدارته وهي تضع السماعات الرقمية الصغيرة المتطوره والتي لا تظهر أبدًا التي أهداها إليها محمد من عودته السريعة الأخيرة
ليأتي صوته الابح بمرحه المعتاد هاتفًا : أنا غاضبًا يا آنسة خديجة ، ونعم انطق اسمك كاملًا لأني بالفعل غاضبًا منك ، فأنت ابتعدت وتركتني للقلق يلتهمني مرارًا وتكرارًا غير عابئة بخوفي عليك أو قلقي لأجلك .
ضحكت برقة لتجيبه برسالة من كلمة واحدة "آسفة " ، و وجه انيمي مبتسم و وجنتيه محمران بخجل.
ليأتيها مقطعه الصوتي السريع ذو الثواني القليلة هاتفًا : تقبلته .
ضحكت برقة لتنظر إلى الهاتف الذي وصله مقطع جديد وصوته يعلن عن هدوءه واسترخاءه : من الجيد أنك فتحت الهاتف حتى أستطيع أن ابارك لك قدوم الشهر الفضيل أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات " لو لم تفعلي لكنت أتيت إليكم بنفسي .
طبعت إليه ترد له تهنئته قبل ان تجيبه ساخره : بأي صفة تأتي لنا ؟!
أجاب سريعًا بكلمات وصلت إليها : بصفتي ابن صديق والدك وصديقك أنت أيضًا ، صمت قليلًا ليتبع بعدها بثوان : و إذا أردت لنجعلها صفة رسمية فأت ببابا ولميا معي لنقرأ الفاتحة .
نظرت إلى كلماته بدهشة لتجيبه بسرعة : ألا تمل يا مازن ؟! أرجوك توقف عن الحديث بهذا الأمر فأنت تعلم موقفي حياله جيدًا .
أرسل إليها وجه عابس ليتبعه بكلمات مرحة في ظاهرها : سأظل أتحدث وأتحدث إلى أن توافقين يومًا ما .
راسلته ساخرة : يومًا ما.
لترسل إليه وجه مغيظ قبل أن تطبع إليه أنها ستذهب الآن لمساعدة والدتها في تحضيرات رمضان كالعادة .
حملت أشيائها وهي تتحرك بالفعل لتغادر صومعتها كما تدعوها رقية لتخطو نحو باب السطح الذي يؤدي الى الدرج الخاص بشقتهم لتشهق بخوف وصوته الهادئ يصدح من خلفها : مساء الخير يا ديجا .
اطبقت فكيها لتستدير على عقبيها تواجه بشموخ وهي تضم طرفي الشال الصوفي من حول كتفيها تكتف ساعديها أمام صدرها وتنظر نحوه دون أن ترد تحيته فيتحرك مقتربًا منها قليلًا إلى أن سقط الضوء فوق ملامحه الوسيمة والتي تشكلت ببسمة ساخرة وهو يتبع بصدمة مفتعلة : لن تردي تحيتي .
ضيقت عيناها بغضب لتتمتم من بين فكيها : ماذا تريد يا محمود ؟!
عبس بتعجب ليسأل ببرود : هل تحية المساء تضمن أكثر من معنى حتى تسأليني عم أريد يا خديجة ؟
تنفست بعمق لتهتف به : لا ولكن لا اعتقد أن والدك أخبرني أنك لن تحتك بي ثانيةً .
ارتفعا حاجبيه بدهشة : وهل تحيتي لك تعد نوعًا من الاحتكاك يا خديجة .
زفرت بضيق وهي تفك ذراعيها بحنق تملكها لتصيح بعصبية : ماذا تريد يا محمود ؟! رمقها مطولًا في صمت خيم عليهما لينطق بهدوء شديد وهو يراقب أنفاسها المشتعلة غضبًا : أردت أن اعتذر لك عم حدث ، انفرجت ملامحها بتعجب ليكمل بهدوء - أنا آسف يا خديجة .
رمشت بعينيها كثيرًا لتحاول الرد ولكنها لم تستطع وخاصةً حينما أكمل : أعدك اني لن اضايقك ثانيةً ولكن لتعلمي أن ما فعلته كان رغمًا عني .
تطلعت إليه بدهشة فأتبع بتروي - ولكن هذا حديث سابق لأوانه ، وخاصةً أني وعدت بابا بأني لن أحتك بك ثانيةً ، لذا أرجو أن تتقبلي اعتذاري .
القاها وتحرك مبتعدًا نحو الباب الآخر الذي يؤدي إلى بيتهم تحت نظراتها المصدومة لتصرفه غير المتوقع ليهتف قبل أن يختفي من تمام عيناها : رمضان كريم يا ديجا .
تمتمت بعفوية وعقلها يحلل موقف غير المفهوم لها : الله أكرم يا محمود .
***
يقود سيارته عائدًا بها إلى منزلها بعدما هاتفه أبيه يحذره أن يقضي ليلته معها فوالدته أصبحت على المحك ويخبره أنهما سينتظرانه على سحور اليوم فيطمئنه بأنه سيوصلها الى بيتها بعدما باركا لحبيبة ويأتي على الفور ، غمغم بجدية : المعذرة يا جيجي لن أقوى ..
قاطعته برقة وهي تمسد ساعده القريب المفرود أمامها لأنه يقبض بكفه على المقود : لا عليك يا سليم أنا أعلم أنك لابد أن تعود لعائلتك اليوم لتتسحر معهم .
تنهد بقوة ليثرثر إليها بجدية : كنت أود أن استضيفك عندنا لتتناولي السحور معنا ولكن لن أضمن ردة فعلي بعدها .
ضحكت بغنج لتهتف إليه : بت اعرف ردة الفعل تلك يا سليم .
قهقه ضاحكًا ليغمزها بشقاوة : وما رأيك بها ؟!
عضت شفتها وعيناها تلمع بشقاوة لتغمغم برضا : رائعة .
تعالت ضحكاته بقوة لتهتف بمرح : أنت شقي للغاية يا سليم ، واجهتك الرزينة لا تشي بم تقوى على فعله ،
تمتم ضاحكًا بشقاوة : هذه واجهة خاصة بك فقط يا جيجي .
ضحكت برقة لتثرثر بعفوية : نعم أدركت هذا ، زوج شقيقتك يشبهك تخيل ؟!
عبس سليم بعدم فهم ليرمقها بطرف عينه مغمغمًا دون ادراك فعلي : كيف يشبهني ؟! عمر ملون كما يطلق عليه أقاربه الملونين أيضًا ، أما أنا ..
ضحكت لتقاطعه : لا أقصد شكلًا يا سليم ، بل قصدت في أمر الواجهة هذه ، من الواضح أنه شقي أيضًا رغم رزانته البادية عليه .
تصلبت ملامحه ولكنها لم تنتبه ليسألها بجدية : لماذا تقولين هذا الحديث ؟!
أجابته بتلقائية وهي تلتفت إليه : ألم تلحظ العلامة ..
صمتت حينما التقطت عصب فكه الذي ينتفض بغضب استقر بعمق عينيه البنتين فأحالهما للاسود الداكن لتهمس بخفور شديد – اعتذر يا سليم لم أقصد .. أنا لم ..
صمتت وهي لا تجد كلمات تظهر بها أسفها لتخفض رأسها بارتباك ألم بها لتغمغم بعد صمت دام عليها قليلًا : ظننتك لست من هذا النوع الغيور فتحدثت بعفوية ، أنا آسفة .
ادركت مدى غضبه من تصلب جسده واحتقان أذنيه لتتبع : أنت أخبرتني أنك لست والدك وأنك لست غيورًا ..
هدر مقاطعًا : اصمتِ يا انجي ، هلا توقفت عن الحديث قليلًا ؟! فأنت فعليًا لا تدركين عم تتحدثي .
هزت رأسها بعدم فهم لتجيب بتلعثم : نعم فأنا لا أفهم سر غضبك إنه زوج شقيقتك ، زمجر بعدم رضا فاتبعت بجدية - لا تخبرني أنك تغار بهذه الطريقة المرضية على شقيقتك ، فأنت لا تغار علي بهذه الطريقة .
التفت إليها بعينين متسعتين بغضب اهوج ليصرخ بجنون : لا تقارني بينك وبين حبيبة ، لا حبيبة ولا ماما ولا أي من نساء عائلتي ، أسمعت ؟!
اختنق حلقها وهي تتراجع للخلف تستند بظهرها للباب من ورائها لتسأله بعدم فهم : لماذا ؟! ما الفارق بيني وبينهن ؟!
هدر بغضب : لا فارق ، أنت لديك مساحتك الخاصة التي منحتها لك فلا تضعي نفسك معهن من فضلك ، ولا تتحدثي عن أي شيء يخصهن ثانيةً ، واياك و التلميح من جديد لعلاقة حبيبة وعمر فلا تدفعيني أن اقتل الرجل دون سبب وجيه .
ارتفعا حاجبها باستهجان لتردد دون تصديق : تقتله ؟!!
تنفس بعمق و أثر الصمت يحاول أن يسيطر على أعصابه التي أثارتها بحديثها الغبي والذي يدرك صحته ولكنه لا يقوى على تخيل ما ثرثرت عنه بعفوية رغم أنه بنفسه التقط ما تتحدث عنه ولكنه افتعل عدم الرؤية .. غض الطرف .. ومحاها من ذاكرته لتأتي هي وتثرثر باريحية عن زوج شقيقته الشقي ، زمجر بضيق لتهتف به : ألا ترى أن الأمر عاديًا وأنت من تمنحه أكثر من حجمه.
التفت إليها ليصيح : ألم أطلب منك الصمت يا انجي ؟! من فضلك اصمت لدقائق معدودة حتى اوصلك لبيتك ، ولتدعي الله أن انسى حديثك الأحمق لأقوى على مقابلتك في الغد .
نظرت إليه بذهول لتؤثر الصمت إلى أن اوقف السيارة أمام بيتها لتترجل منها قبل أن تهتف إليه بعنفوان : بل من الأفضل ألا تقابلني لا غدًا ولا بعد غدًا يا سليم ، فأنا لا أريد مقابلتك في الوقت الحالي أبدًا ، ولتذهب إلى نساء عائلتك اللائي ليس مسموح لي الحديث معك عن أي شيء يخصهن أو اتعدي على الذات الملكية الخاصة بهن ، تصبح على خير .
صفعت باب السيارة بقوة ليطبق فكيه بقوة وهو يراقب دخولها إلى منزلها لتصفع الباب ايضا خلفها ليصر على أسنانه بقوة قبل أن يحرك سيارته وينطلق بها مبتعدًا عنها غير آبهًا بحديثها ولا غضبها !!
***
تستلقي بجواره على الفراش بعدما حصلت على حمامها وارتدت إحدى منامتها الستانية التي تدرك تفضيله لهم عن بقية منامتها ، تقترب منه تريد أن تخفف عنه ما حدث اليوم في بيت عائلته وبكاء والدته التي ظلت تبكي رافضة لأي شيء فيهدهدها هو بصبر إلى أن اقنعها بتناول الطعام والذي كان مشروطًا بتناولهم للسحور معها وبالفعل استجاب لها أسعد وهو يعتذر إليها بعينيه فتطمئنه بنظراتها أنها ليست ضائقة بل الليلة كان سحورًا مميزًا بين عائلته التي تعشقها ، التفتت إليه تتأمله وهو يراسل أخاه الذي اعتكف بغرفته فلم يستجب لمحاولتها الحثيثة هي ويمنى بل وأسعد نفسه حتى يخرج ليتناول الطعام معهم ولكنه رفض غضب وعناد وها هو أسعد يهادنه كما المتوقع ، سبة خافتة انسلت من بين شفتي زوجها ليلقي هاتفه بضيق فتبتسم برقة وتسأله : لم يتزحزح عن موقفه .
تمتم أسعد بضيق : انه عنيد كالثور ، بابا سيعلقه من قفاه عندما يعود ، فبابا حين يصل الأمر إلى ليلاه لا يتفاهم .
ابتسمت بتفهم : نعم أعلم ، لطالما شهدت على ثورته التي تظهر نادرًا إلا حينما تغضبون لولا .
ضحك بخفة ليقترب منها هامسًا : لذا لم أكن أحب إغضابها .
رفعت كفها لتلامس وجنته وتسأله بحزن سكن عيناها : هل ستغادر غدًا ؟!
ابتسم بحنان لمع بعينيه ليجذبها نحو صدره ينيمها بداخله يقبل باطن كفها ليهمس إليها بخفوت شديد : بعد الإفطار بإذن الله ، سنعود إلى البيت سريعًا لأقوى على الارتواء منك قبل أن أغادر فجرًا ، دمعت عيناها تلقائيًا فأكمل - رتبي اشياءك لأقلك إلى بيت أبيك قبل أن ارحل .
هزت رأسها نافية لتجيبه بصوت باكي : لا أريد ، سأبقى هنا .
تنهد بقوة : لا يا جنى ستذهبين ، أريد أن اطمئن عليك ولا أريد أن اتركك بمفردك في البيت ،
مطت شفتيها وهي تجاهد ألا تبكي لتهمس بصوت مختنق : سأشتاق إليك .
ابتسم وهو يربت على رأسها يضمها إليه أكثر : وأنا الآخر يا حبيبتي .
توترت ملامحها لتعض شفتها بتوتر يعلمه جيدًا فيسألها بهدوء وصبر : ما الأمر يا جنى ؟!
كحت بخفة وهي تعتدل بجلستها تبتعد عنه قليلًا لتتلعثم ناطقة : فقط أفكر أنك سترحل وأنا .. نحن .. أنت ، تمتمت بضيق - وأنت تعلم لم ن ..
كتم ضحكته ليسأل : ن ..؟!
زفرت لتهتف بضيق وهي تبتعد عنه بجسدها : يا الله يا أسعد أرجوك لا تسخر مني .
ضحك بخفة ليقربها من صدره ثانيةً هاتفًا بمرح : بالطبع لا افعل يا حبيبتي ولكن استفسر عم تقصدين .
زفرت أنفاسها كامله لتجلس تنظر إليه بوجه متورد ونظرات مهتزة ولكنها أخيرًا قررت الحديث : أنا افكر أن بم أني .. صمتت لتبحث في مفردات اللغة عن تعبير آخر قبل أن تكمل - أقصد أن الأمر أصبح متاحًا ما رأيك أن نستخدم الدواء و المهدأ .
رمقها من بين رموشه مليًا ليعدل بنبرة صارمة : تقصدين المخدر .
هزت رأسها نافيه لتعيد خصلاتها للخلف هاتفه بإصرار : لا يا أسعد إنه مهدأ ، رفع حاجبه باستنكار فأكملت - لا انكر أنه يحوي مادة مخدرة ولكن سيفيد وخاصةً أني أصبحت أتقبل الأمر - الآن - بشكل أفضل .
هدر برفض صريح لا نقاش به : لا
توترت لتهمس : لماذا ؟! لا تنسى أن الطبيبة من أوصت به .
تمتم بجدية : إذا كنت متعجلًا من أمري وأنا لست متعجلًا.
رمقته قليلًا لتهمس بخفة : إذًا أنا متعجلة .
ضحكة مشاكسة زينت ملامحه : حقًا ؟! أومأت برأسها ليتابع مشاكسًا - بهذه المنامة ، أنت حتى لم ترتدين قميص النوم الذي أذهب تعقلي من قبل ؟!
نظرت إلى نفسها بحرج ليقهقه بخفوت قبل أن يسحبها إليه من جديد هامسًا : اسمعي يا جنى أنا أقدر أنك تريدين اسعادي ولكني لا أريد سعادتي معك بهذه الطريقة وخاصةً أنك تتقدمين بالفعل ، فجلسات الاسترخاء والاستحمام تجدي بفوائد جمة علينا سويًا
سيطرت على حرجها لتكمل له بشقاوة و تتفاعل معه : ولا تنسى جلسات التمارين ، أنا عن نفسي أفضلها جدًا .
ومضت عيناه بتسلية ليهمس بمرح تملكه : حقًا ؟! أومأت برأسها إيجابًا فهمس وكفيه تحتضنان خصرها يقربها منه قبل أن تبدأ أصابعه في التسلل لجسدها أسفل المنامة : إذًا لنذهب ونتمرن إذا كنت سترتدين لي طاقم التمرين الذي ارتديته المرة الماضية.
ضحكت برقة وهي تتملص من مداعبة أصابعه لبطنها لتسأله بخفة : أعجبك ؟!
غمغم بشقاوة : كثيرًا .
تمتمت برقة وهي تذوب داخل صدره : لدي آخرين غيره ، منهم جامب سوت عبارة عن شورت قصير للغاية وحمالتين للصدر
لهث بقوة ليسأل بصوت اجش : ما لونها ؟!
غمغمت وجسدها يسترخي تحت لمساته الدؤوبة : وردية .
دفعها بلطف هامسًا بأمر : هيا اذهبي لترتديها ولا ترتدي شيئًا أسفلها .
شهقت بخجل حينما أدرك عقلها حديثه لتهمس بحياء : لا طبعًا ، لا أقوى على ذلك.
هز رأسه غير راضيًا ليهمس أمرًا : بل ستفعلين ، دفعها ثانيةً - هيا فأنا انتظر .
ضحكت بخفة : لا يا أسعد ،
رمقها بجدية ليحتقن وجهها بالأحمر القاني وتهز رأسها برفض فيتبع بضيق وهو يبتعد عنها : حسنًا على راحتك .
برمت شفتيها بطفولية لتنتظر ثواني قبل أن تهتف سائلة : ستغمض عينيك .
استدار ينظر إليها بمكر ليجيب ببساطة : لا أريد عيناي فأنا سأستخدم كفاي ، شهقة عالية صدرت منها ليقهقه مرغمًا قبل أن يهتف - حسنًا سأغمض عيني.
نهضت بتلكؤ لتختفي قليلًا داخل غرفة الملابس قبل أن تطل برأسها تناديه ليضع كفيه خلف رأسه بجيبها بمرح في جلسته المسترخية : هاك أنا اغمض عيني و أضع كفي خلف رأسي في حركة لم أتوقع أن افعلها أبدًا .
ضحكت لتتقدم بهدوء منه : أنا الشخص الوحيد المسموح له أن يدفعك لفعل أي شيء لأجله .
— هذا صحيح ، أجابها بهدوء ليكمل بخفة - تحدثي وأنت قادمة فأنا أريد الاستماع لك .
خطت اتجاهه لتهمس بتساؤل : ماذا تريد أن تسمع ؟!
تمتم بهدوء : أي شيء ، مثلًا لتخبريني ما الأشياء التي تخيفك ؟! ما الأشياء التي تضج مضجعك ؟! او كيف تشعرين نحوي ؟!
تمتمت ببطء وتوترها يكاد أن يمتلكها : كيف أشعر نحوك ؟! أنت تعلم كيف أشعر نحوك .
رد سريعًا حينما التقط اقترابها من الفراش وهو يطبق إحدى نصائح الطبيبة فيدفعها أن تتحدث : تحركي بالغرفة يا جنى حتى تتخلصي من توترك وتحدثي معي ما الذي يوترك ؟! ما الذي يضج مضجعك ؟! تحدثي ولا تأتي لي حتى تجيبي أسئلتي.
تنهدت بخفة وهي تبدأ في ترتيب وهمي أشغلت به عقلها لتهمس بخفة بعد وهلة : متوترة لأنك سترحل .. ستبتعد عني .. أخاف عليك .. وأخاف أن أفقدك بعد الشر عليك.
لم تنتبه أنه بدأ يتحرك من مكانه بخفة كعادته لتتابع وهي تدير ظهرها لعلها تستطيع الثرثرة له عن مخاوفها فيتماسك بدوره حتى لا يحيد ببصره نحو ظهرها الابيض العاري والظاهر أمامه الا من الحمالتين الورديتين المتقاطعتين عليه فينتبه لها تهمس بخفوت : أنا أخاف أن أفقدك يا أسعد .. فأنت من تبقي لي .. بعد ماما أنت من كنت إلى جواري .. اهتممت لأمري و راعيتني ، أنا لا أقوى على فقدانك يا أسعد ، لا أقوى أن اعايش نفس الشعور ثانيةً ، أنا خائفة حقًا ولا أعلم ماذا أفعل سوى الدعاء والتضرع لله أن يعيدك لي سالمًا ، لذا ارجوك يا أسعد استمع لي ولنأخذ بنصيحة الطبيبة.
شهقت بخفة وهي تشعر بكفيه تضماها من خصرها ليلصقها بصدره العاري وهو يهمس بجوار أذنها : لا تخاف يا حبيبتي ، يا جنتي ، ولتعلمي أني أدعو الله أيضًا لأعود إليك سالمًا ولتعلمي أني لن أتركك برضاي أبدًا .. لن أفعل أبدًا ..لن ابتعد .. لن أتركك .. وبالطبع لن أمل منك ، أو اضيق بك ، فأنا لست مجنونًا لأتركك يا جنتي ، تأكدي من هذا وثقي بي وبالطبع لن تفقديني وأنا الآخر لن أفقدك ، سيحميني الله ويحفظني لك، وسأعود إليك سالمًا يا جنى لذا لن نأخذ بنصيحة الطبيبة ، شهقت بخفة وهو ينحنى ليحملها كما يفعل دومًا - ولن نذهب لغرفة التمارين أيضًا .
تعلقت برقبته لتهمس بعدم فهم : ماذا سنفعل إذًا ؟!
أدار عينيه عليها بتوق ليهمس بشقاوة شكلت ملامحه وهو يجلس بها على طرف الفراش يبا ويضم جسدها بين ذراعيه في تمسك شعرته جيدًا : لنبتكر شيئًا جديدًا يليق بهذا الرداء الذي اشعلني دون جهد يذكر .
سقطت في أسر نظراته التي اشتعلت برغبة باتت تعلمها جيدًا ليهمس وهو يضع رأسه برأسها : دعيني احبك اليوم دون خجل ولا حياء ، دعيني اتوحد معك على مهل ولا تبعديني أو تهمسي أن أتوقف أبدًا أبدًا ، ثقي في و امنحيني فرصتي الكاملة و أنا أعدك أن ما مررت به الأيام الماضية شيء وما سيحدث الآن شيئًا آخرًا له مذاق فريد لم يتذوقه كلانا من قبل .
همهمت باسمه وخجلها يحضر بقوة ليهمس إليها أمرًا وهو يجبرها على الغرق في نظراته : تمسكي بخصلات شعري جيدًا ولا تفلتيها يا جنى وكلما شعرت بأنك تريدين مني التوقف اجذبيها بدلًا من أن تعترضي .
همهمت باسمه ثانيةً ليقبلها بتوق : فقط اطيعي ولا تخاف أبدًا وأنت معي.
***
رنين هاتفها المميز له أثار انتباها فأوقظها من نومها وهو الذي لم يهاتفها منذ أن غادر ملتزمًا بطلبها في هدنة يحتاجان لها .. فيستجيب ويبتعد وهي الأخرى ابتعدت رغم شوقها العارم إليه .. لهفتها الكبيرة إليه .. واحتياجها الشديد لوجوده جوارها .
اعتدلت في فراشها تنفض أثار النوم عن عقلها وهي تنظر لشاشة هاتفها المسطحة تتأمل ملامحه بتوق سرى بأوردتها ولهفتها إليه تتزايد فتجيب اتصاله رغم هتاف عقلها الرافض للحديث معه ولكنها خضعت لميل قلبها الذي قفز مهللًا حينما أتاها صوته الرخيم : صباح الخير يا نوران ، أنا أدرك أن الوقت متأخر وقربنا على الفجر .
تمتمت بجدية : صباح النور يا عاصم ، نعم بالفعل لقد قارب الفجر أن يؤذن .
هتف بتروي : المعذرة إن كنت ايقظتك ، ولكني لم أقوى على ألا اهنئك بقدوم الشهر الفضيل ، رمضان كريم يا ابنة عمي .
ابتسمت ساخرة لتزفر بقوة وتجيبه بهدوء : الله أكرم ، شكرًا لك على التهنئة .
ران الصمت عليهما قليلًا ليهمس بصوت أبح فضح مدى شوقه إليها : كيف حال العمل ؟! المؤسسة ؟! والصفقات ؟!
ابتسامة ماكرة شكلت ثغرها لتجيبه ببطء : ألا تهاتف أحمد يوميًا و أدهم أيضًا لتطمئن عليهما وعلى سير العمل ؟!
صمت قليلًا ليجيب بهدوء : بلى أفعل ولكن بم أنك أحد مديرين التسويق فأنا أسألك أيضًا .
ضحكة قصيرة انفلتت من بين شفتيها لتغمغم وهي تتراجع بجسدها لتستند إلى الخلف : فجرًا ؟!
شعرت به يسب دون صوت فتحكمت في ضحكة عالية كادت أن تنفلت منها رغمًا عنها ليهتف بضيق : ماذا تريدين يا نوران ؟! ماذا تريدين أن تسمعي ؟! أخبريني وأنا سأسمعك ما تريدين الاستماع إليه .
أجابته بلا مبالاة نجحت في تجسيدها وهي تلاعب اطراف خصلاتها : أنا لا أريد أن استمع إلى أي شيء يا عاصم ، أنت من يتصل بي فجرًا ليخبرني أنه يسأل عن حال المؤسسة .
هدر بسرعة : بل لابارك لك قدوم رمضان . أومأت برأسها وكأنه سيراها ليتابع بمكر انغمس به صوته – ونعم اطمئن على حال المؤسسة ، هل هي بخير ؟! هل لازالت غاضبة وعلى عنادها وتحديها لي ؟!
تمتمت بخفوت : المؤسسة لم تتحداك أبدًا يا عاصم .. لم تعاندك .. ولكنها غاضبة منك لانك جرحتها ولم تثق بها بالشكل الكافي ، صمتت قليلًا لتغمغم بثرثرة عفوية – بل أنا اعتقد أن سبب الخلاف بينك وبينها أنها منحت نفسها مكانة ليست لها .
أجابها سريعًا : أبدًا ، هي لها مكانة عالية وغالية بقلبي ، وهي واثقة من ذلك ، و لكن تمردها من أوصلنا لحائط سد فارتطمنا به في قوة مهولة نتج عنها صدع سيزول مع الوقت .
ابتسمت بخفة : لذا هي طلبت الوقت .
أجابها بخفوت : وانا منحته لها ولكن هذا لا يمنع أن تمنحني هي أيضًا بعض من الأحاديث لأحاول التخفيف عنها ومداوة جرحها وترميم الصدع .
ران الصمت عليهما قليلًا لتهمس بخفوت : لقد أجابتك حينما اتصلت وتحدثت إليك عندما حاولت يا عاصم .
زفرة راحة ندت عنه : وهذا اقدره لها كثيرًا ، و اشكرها عليه ، ابلغيها سلامي وشوقي وعندما أعود سيكون لي معها حديث آخر باستفاضة لأعتذر منها و لتخبرني هي بدورها عم سيطمئن قلبي المهتاج في بُعدها .
ابتسامة واسعة زينت ملامحها لتجيب بخفوت شديد : تعد لي سالمًا يا عاصم .
***
تململت من نومها الذي غفت فيه منذ قليلًا على حركته في الغرفة لتهمس بخفوت وهي تضم الغطاء على جسدها العاري : أحمد ماذا تفعل ؟! أين ستذهب الآن ؟!
ابتسم بحنان وهو يقترب منها يجلس على طرف الفراش قريبا منها يقبل رأسها لينحني نحو بطنها فيقبلها كما يفعل كعادته مؤخرًا قبل أن يهمس لها : المعذرة أني اقلقتك ولكني ذاهب لدادي ، هل نسيت ؟!
عبست بعدم فهم ليلمع الإدراك بعينيها : اها تذكرت .
ثرثر إليها بخفوت : لا أريد تركه الليلة بمفرده ، فعبد الرحمن مسافر وعمر لن يغادر البيت ولو على رقبته الليلة .
ضحكت بخفة لتلكزه بلطف : أما أنت فتتركني وتمضي لأبيك .
ارتفعا حاجباه بدهشة : حقًا أنت تتذمرين ، بعد ما حدث منذ ساعات قليلة تتذمرين .
ابتسمت برقة وهمست : لا اتذمر ، والأمر ليس لما حدث منذ ساعات قليلة بل لأني أحبك ألا تخلف عادتك مع أبيك .
ابتسم بفخر ليقبل رأسها : حبيبتي .
تنهدت بميوعة وهي تتعلق برقبته تقبل طرف ذقنه برقة فيكح بخفة ليهتف بمرح – هكذا لن اصوم ولن اصلي وسيضيع رمضان قبل أن يبدأ
تعالت ضحكاتها ليكمل : وسيأتي أبوك الآن على صوت ضحكاتك ليطلق علي الرصاص و يتخلص من عاره و خاصةً بمظهرك هذا و أنت في منتهى الجمال والرقة وملفوفة داخل الغطاء كلوح شوكولاتة ناعمة مغرية للتذوق .
جذبته من ياقة سترته لتهمس باغواء : إذًا تذوق .
ضحك بخفة ليهمس إليها بشقاوة : أنت تعذبينني يا ابنة الوزير لأنك لن تصومي الشهر أليس كذلك ؟!
عبست بضيق : بل سأفعل .
تمتم باستنكار : لا طبعًا لن تفعلي يا أميرة ، الطبيبة أخبرتك ان لا تفعلي ، برمت شفتيها بضيق ليقبل رأسها بلطف – لأجل الاطفال يا أميرتي .
لوت شفتيها وهي تناظره بعتاب سكن حدقتيها ليهتف ضاحكًا وهو يقفز واقفًا : أرجوك أجلي وصلة العتاب إلى أن اعود من عند الخواجة ، حينها شنفي اذاني بكل ما تريدين و أنا سأراضيك واعتذر لك واقبل رأسك فقط لاني لن أقوى على فعل أي شيء آخر وخاصةً وأني سأكون صائمًا .
ضحكت برقة لتهتف إليه : تعد لي سالمًا .
توقف أمامها ليهمس إليها بخفة : ادعي لي كثيرًا يا أميرتي .
اختفت البسمة من فوق وجهها لتدعوه باسمه في تساؤل فعلي وهي تعتدل جالسة : أحمد ؟!
تنهد بقوة وهو يضع مسدسه بجيب حزامه الخلفي : حينما أعود سأقص لك ولكن الآن لا استطيع .
اهتزت عيناها بإدراك لينحنى إليها ثانيًا يقبل شفتيها ثم رأسها فتتمسك به تضم نفسها إليه قبل أن تهمس بخفوت : لا اله الا الله يا أحمد .
ابتسم وهو ينظر إليها مطمئنًا : محمد رسول الله يا حبيبتي .
***
أنهى صلاته كعادته في استقبال الشهر الفضيل في الملحق الخارجي لأنه لم يعد قادرًا على الصلاة في الخارج وخاصةً أن الجو أصبح باردًا ، ليجلس فيقرأ القرآن من المصحف الكبير الذي أهداه إليه امير قديمًا مصحف يجمع بين العربية والإنجليزية حتى يسهل عليه فهم الكلمات التي تقف أمامه فلا يدرك معناها جيدا بالعربية ، ابتسم وهو يتذكر أن عبد الرحمن أهداه –مؤخرًا - قلم صغير مزود بقاموس ناطق حينما يمرره فوق الكلمات فيصدح صوت المقرأ بالكلمة فيحسن هو نطقه بدوره فإلى الآن لازال يلقى صعوبة في نطق بعض من كلمات القرآن الفخمة ذات النطق البليغ ، و رغم أن لسانه لا يسعفه إلا أنه يجاهد بسعادة وخاصةً حينما أخبره تيم بأن جهاده الله يكافئه عليه بأجرين وليس أجر واحد كالبقية اللذين يتلون القرآن بسهولة ويسر.
أنهى قرأته لينهض من جديد يقف ويصلي آخر ركعتين في صلاته لليلة قبل أن يغادر ليصلي الفجر حاضرًا في الجامع القريب و الذي صلى به سابقًا هذه الليلة أول تراويح لرمضان ، فيقف بخشوع بين يدي الله قبل أن يركع ثم يسجد ليطيل السجود في سجدته الثانية وهو يدعو كعادته لأبناءه وأحفاده وذريته من بعده ، أطال الدعاء إلى أن حشرجت أنفاسه لينهض جالسًا وينهي صلاته مسبحًا.
__حرما يا خواجة ، لم تنتظرني على غير العادة .
التفت مبتسمًا لولده بكريه الذي قدم رغم أنه لم يتوقع قدومه فيقترب منه يساعده لينهض واقفًا فيهتف خالد بضجر : ابتعد يا ولد أنا لازلت قادرًا على الوقوف والحمد لله ، ونعم لم انتظرك توقعت أنك لن تترك أميرتك وتأتي وهاك أنت تأخرت بالفعل .
نظر أحمد لساعته ليهتف بهدوء : لا زال الوقت مبكرًا على الصلاة يا دادي فأنت تستعد الآن للذهاب للجامع أليس كذلك ؟!
أومأ خالد بجدية ليسأله بهدوء : ستأتي معي ؟!
أجابه أحمد بهدوء : وهل أخلفت الذهاب معك يومًا يا دادي ؟! اتبع ببساطة – عندما أكون متواجدًا في البلاد لا اخلف التقليد قط .
ربت خالدعلى كتفه بحنان : حفظك الله يا أحمد .
سأله أحمد بهدوء : ألن تصفح عني ؟!
ابتسم خالد بمكر : من أخبرك أني لم اصفح ؟! بل من أخبرك أني كنت غاضبًا منك من الأساس ؟!
عبس أحمد بريبة ليسأله : كنت تخاصمني ولا تطيق رؤيتي يا خواجة .
لكزه خالد في كتفه بخفه : كنت ضائقًا منك ومن غبائك وانتظرتك تأتي لتعتذر أو تفعل أي شيء ولكنك غبي كابرت ، هز خالد رأسه بيأس ليتبع - سبحان الله نفس غباء حميك ، الآن علمت لماذا اصبحتما متقاربان لهذه الدرجة ، فوائل يرى نفسه فيك .
ضحك أحمد بخفة ليومئ برأسه موافقا : نعم هو أخبرني بذلك واعترف أيضًا أنه يدفعني كي لا أكرر أخطائه .
هز خالد رأسه متفهمًا ليسأله أحمد بجدية : إذًا لم تعد غاضبا .
هز خالد رأسه نافيا ليضغط على كتف أحمد بلطف : لا يا أحمد أنت ولدي .. بكري .. ابن قلبي الذي لا أقوى على الغضب منه.
تنهد احمد براحه لينحنى على خالد بانحناءة طفيفة ليضمه خالد براحة يربت على ظهره بلطف هاتفًا : أنت أكبر ابنائي يا أحمد لذا أنت الكبير من بعدي .. اهتم بإخوانك .. راعيهم و ظلهم تحت ذراعيك .. كن لهم الأب والأخ .. و لأولادهم العم الذي يلجئون له وقت الحاجة ، أما شقيقتك فاعتني بها .. ودها واسأل عن أحوالها باستمرار .. أشعرها أنك ظهرها وسندها و ادعمها حتى إن كانت مخطئه .. وأرفق بها ولا تنس أبدًا ابنتها الصغيرة ،
سحب نفسًا عميقًا ليبعد أحمد عنه قليلا ينظر إلى عمق عينيه ليكمل بجدية : سهيلة أمانة في رقبتك يا أحمد .. هي بوضعها المتفرد تحتاج لرعاية خاصة يشهد الله أن شقيقتك و زوجها لا يقصران معها ولكن عليك أيضًا أن تهتم بها .
تمتم أحمد بالإيجاب ليحتضن خالد وجهه بين كفيه وينظر إلى عمق عينيه : زوجتك .. أميرتك .. من تحديت الجميع لأجلها .. من وقفت متحديًا وائل الجمال بكل عنفوانه لتفوز بها .. راعيها .. حبها .. و اعتني بها .. و اهتم بمتطلباتها .. تحرر من قمقمك و لا تخفي عنها مكنونات صدرك مجددًا .. أميرة تحبك ..و تقدرك .. و تريد ارضائك فقط لا تبتعد عنها بأفكارك و اهتم بها وبأبنائك
ابتعد أحمد عنه قليلًا لينظر إليه بتعجب : سأفعل كل هذا يا دادي لا تقلق ولكن ما بالك اليوم ؟!
ابتسم خالد ليهمس : لا شيء ، فقط أنبهك لكل شيء حتى تكون على قدر المسئولية من بعدي .
تهدجت أنفاس أحمد ليتمتم ساخرًا : بارك الله لنا في عمرك يا دادي ، ما هذا الحديث الذي ليس بأوانه ؟!
ضحك خالد بخفة : هذا الأوان لا يعلمه الا الله يا أحمد .
تمتم أحمد وهو ينظر إليه بريبة : حفظك الله لنا ، لتحمل أطفالي وأطفال زوج المشاغبان أيضًا ؟!
ضحك خالد وهمس وهو يسير إلى جواره ليصبحا في حديقة البيت متجهان للخارج كي يلحقا بالصلاة : بالمناسبة هل فكرت باسماء لأطفالك ؟!
ابتسم احمد باتساع ليخرجا من البوابة سويًا : أحدهم سأسميه سليمان لتكون كنيتي أبا سليمان .
ضحك خالد بخفة ليربت على ساعده باستحسان الذي يقبض عليه بكفه الآخر ليسأله : والآخر ؟!
هز أحمد رأسه : لا أعلم سأتركه لأميرة لتسميه ؟!
أومأ خالد برأسه : قسمة العدل ، تحرك أحمد نحو سيارته ليشير خالد برأسه نافيا - لنسير سويًا إلى الجامع إنها ليست بمسافة بعيدة .
أومأ أحمد بالإيجاب ليهتف بمرح تملكه : لم تسأل عن الفتاة ؟!
ضحك خالد وهما يسيرا ببطء : أعلم أن الشجار على اشده بين الجميع على تسميتها .
أومأ أحمد برأسه ليسأله : إذا لديك أي اقتراحات فأنا وأميرة نضع الاقتراحات لنختار منها .
ابتسم خالد ليجيبه : سمها تارا معناه جميل وله أكثر من معنى ، اسم دولي يليق بابنتك متعددة الأصول .
ضحك احمد ليومئ برأسه مجيبًا : سأخبر أميرة وعليه سنقرر فأنا لا استطع أن اقر بمفردي ، فمن الممكن أن تكون ابنتنا الوحيدة .
عبس خالد ليسأله : لماذا ألن تنجب ثانيةً ؟!
ارتفعا حاجبي أحمد بصدمة : تمزح يا دادي ، سأرزق بثلاث أطفال ، من لديه صحة أن يأتي بأطفال ثانية .
رمقه خالد بضيق ليهتف بضجر : لا ترفض نعمة الله يا أحمد بل اشكره واحمده عليها .
تمتم أحمد : الحمد لله على كل نعمه وفضله .
***
يقف بشرفة بيته العلوية يترقب من خلف منظاره الدقيق الملحق بسلاح متطور يمنحه رؤية مجسده قريبه وكأنه يواجه ممن ينظر لهم ، تلمع ابتسامة ظافرة .. منتشية .. متشفية على شفتيه وهو يهمهم لنفسه بأنها اللحظة المنتظرة .. بأنها لحظته الاثيرة التي حيا عمره كله ينتظرها ، نظر جيدًا وهو ينتفخ بانتقامه الوشيك الذي أصبح على مقربه من ضغطة زناد ، فيعالج سلاحه وهو يقرب الرؤية أكثر لينطق بلغته الأم وبنبرة ازدراء واضحة : سلام يا خواجة ، أرسل تحياتي للبابا.
ضغط الزناد بثقة .. بفخر .. بكبر ، وعيناه تلمع بوميض منتصر ورصاصته الموجهه نحو مرماها تنطلق نحو هدفها في صمت يعم الأجواء سوى من زنة خفيفة تحيط رصاصته التي استقرت في جسد من صوبها نحوه كما رغب دومًا.
***




التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 21-09-20 الساعة 06:55 PM
سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:02 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.