آخر 10 مشاركات
عشق السلاطين(1) *متميزة ومكتملة *.. سلسلة سلاطين الهوى (الكاتـب : serendipity green - )           »          فجر يلوح بمشكاة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          311 - لن ينتهي الرحيل - الكسندرا سكوت (الكاتـب : سيرينا - )           »          غريب الروح * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Heba aly g - )           »          ودواهم العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : emy33 - )           »          423 - امرأة من دخان - سارة مورغن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          إمرأة الذئب (23) للكاتبة Karen Whiddon .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ضلع قاصر *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : أنشودة الندى - )           »          وحدها تراني (19) من سلسلة لا تعشقي أسمراً للكاتبة المبدعة: Hebat Allah (كاملة&مميزة) (الكاتـب : Hebat Allah - )           »          نقطة، و سطر قديم!! (1) *مميزه و مكتملة*.. سلسلة حكايات في سطور (الكاتـب : eman nassar - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree260Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-09-20, 06:03 PM   #451

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناز قلب مشاهدة المشاركة
🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋 🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋 🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋 🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋 🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋 🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋




❤❤❤
نورتيني بمرورك


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-09-20, 06:04 PM   #452

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موضى و راكان مشاهدة المشاركة
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 12 ( الأعضاء 8 والزوار 4)


‏موضى و راكان, ‏sara osama, ‏رىرى45, ‏المياس, ‏سلمى عامر, ‏لبنى أحمد, ‏shammaf, ‏شموخ القوافي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تسجيل حضور مبكر فى إنتظار حبيبتى سولى💝🌹


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
احلى حضور يا موضى
وباذن الله الفصل ينزل حالا
منوراني دائما ❤❤


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-09-20, 06:10 PM   #453

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء النور والسرور على متابعين رواية حبيبتي الحلوين
وها قد قاربت رحلتنا على الانتهاء
وباذن الله الختام يكون في الغد
اتمنى تكونوا استمتعتوا بيها
وهنتظر وجودكم في طوق نجاة
الجزء الرابع من سلسلة حكايا القلوب
واللي هيبدا باذن الله
اول احد في اكتوبر
والان اترككم مع الفصل ال44
من حبيبتي
الفصل كبير وضخم واحداثه متلاحقة
ركزوا واقروا بعناية
عشان ابطال الجزء الجديد
اللي هيفضلوا مكملين معانا رحلتنا
مستنية ارائكم مشاركتكم وتعليقاتكم
كونوا بالقرب دوما


الفصل الاربعة واربعين
تحركت بخطوات بطيئة بعدما استيقظت من النوم على ألم يضرب أسفل بطنها حاولت أن تتجاهله .. تتهرب منه .. أو تتحكم فيه ولكنها لم تقوى فنهضت مرغمة من الفراش وهي تقرر أنها لن توقظه بدورها ولن ترعبه كما المرات العديدة الماضية التي ايقظته بها وهي تهلع بسبب ألم مشابه لذاك الألم الذي لا ينتهي ، فهي منذ ما يقارب الساعة ونصف وهي تحاول أن تتجاوز الألم الذي يشتد عليها كلما مر الوقت وهي تصبر نفسها أنه سيمر .. سيتوقف .. سينتهي ، ولكنه يزداد عليها بل أنها تشعر بكون ساقيها لم تعد تتحملان وزنها .. فهما أصبحتا واهنتان .. ضعيفتان والألم يتمكن من أطرافها ونغزه قوية تصيب أسفل بطنها فتكتم انينها وهي تضغط شفتيها ببعضهما لتتنفس بلهاث وهي تحاول أن تحتوي المها لتتسع عيناها برعب حقيقي وهي تنظر لساقيها اللذان ابتلتا فجأة وجريان الماء الدافئ فوقهما لتهتف برعب تمكن منها : أنا ألد .. أنا ألد .
تماسكت وهي تتحرك بوهن .. ببطء .. بثقل وهي تشعر بضغط هائل فوق ساقيها لتجلس بجواره على الفراش تربت على كتفه بهدوء وتهمس باسمه في تكرار تعلم أنه يوقظه فيعبس بضيق قبل أن يرف بعينيه ليفتحهما اخيرا وابتسامته تزين شفتيه حينما همست إليه بتحية الصباح فيجيبها بوله : صباح الخير يا أميرتي
ابتسمت بتشنج ليرتعد جسدها أمامه عيناه وهي تشعر بالنغز يزداد لينتفض هو جالسًا وهو يسألها بهلع بعدما أدرك شحوب وجهها والألم الذي يعتلي جبينها : ما بالك يا أميرة ؟!
تمتمت بهدوء : my water just broke .
جحظت عيناه ليهمهم بجدية : حقا ؟! أنت تلدين حقا هذه المرة ؟!
أومأت برأسها وشفتاها ترتعشان جراء ألمها لتهمس بهدوء وهي تشعر برعبه ينضح بعينيه : لا ترتعب ، لقد اعتدنا الأمر ، ستنهض الآن وترتدي ملابسك وتحمل الحقيبة وتسندني إلى السيارة لنذهب إلى المشفى بعد أن تحادث ماما وخالتو والطبيبة .
شحوب ملامحه وعيناه الشاخصتان بهلع أجبراها أن تهتف بحدة وهي تنهض واقفة – هيا يا أحمد لا وقت لخوفك الآن ، أنا أتألم .
قفز واقفا ليهتف بسرعة : نعم ، حالا ، تريدين تبديل ملابسك .
أومأت برأسها ليقترب منها : حسنا سأساعدك أولا ً .
تنفست بعمق وهي تتحرك معه بالفعل لتهتف بوهن ودموعها تنهمر رغما عنها : أريد ماما يا أحمد ، هاتفها من فضلك .
اجلسها بهدوء فوق كرسي جانبي وضع بجانب الغرفة ليأتي لها بإحدى فساتينها القطنية وهو يتحدث بتوتر : حالا سأهاتفها .
ساعدها في تبديل ملابسها ليستل هاتفه ويضغط الرقم بعفوية غير مدركا أنه اتصل بوالدها وليس خالته ليأتيه صوت وائل الضجر : نعم يا عملي الرديء في دنياي ، هل هدم قصر جدك فوق رأسك لتهاتفني فجرًا ؟!
أبعد الهاتف عن أذنه ليستوعب أنه هاتف وائل بدلا من فاطمة ليتحكم في ضحكة كادت أن تنفلت من بين شفتيه وهو يستمع إلى تأفف وائل الواضح ليهتف بجدية قدر ما استطاع : لا يا عمي ، أميرة تلد هلا أتيت أنت وفاطمة ؟
شعر بوائل ينتفض بسرعة ليهتف به : حالا ، هل نأتي للبيت ؟
همهم بجدية وهو يومأ لأميرة : بلى عند المشفى يا عمي ، سنوافيكما هناك .
استمع إلى همهمة وائل المتفهمة ليغلق الهاتف قبل أن يجلس أمامها على ركبتيه يحتضن كفاها بدعم شعر بها تحتاجه ليهمس وهو يقبل جبينها سأرتدي ملابسي ونذهب على الفور ولكن لابد أن أخبر بابا وعمو أمير أيضا ، فأنا لن أدع شيئًا للظروف .
أومأت برأسها في حركة متألمة ليهتف بها : انهضي وتمددي قليلا يا أميرة .
هزت رأسها نافية : لا أستطيع ، فقط تعجل قليلا .
أومأ برأسه وهو يداعب هاتفه يتصل بأبيه وهو يبدل ملابسه بسرعة ويخبره أن أميرة تلد وأنه سيذهب بها إلى المشفى حالا .
***
طرق الباب ليهتف بخشونة سامحا لمن بالخارج بالدخول لينفتح الباب قبل أن يدلف علاء بخطوات هادئة هاتفا بمرح : لقد عدت يا غليظ .
انفرجت ملامح حسن ليقفز واقفا بترحاب ضاحكا : حمد لله على سلامتك يا علاء ، أنرت المكتب من جديد ، اقترب منه ليحتضنه بأخوة متبعا – ظننت أنك لن تعود يا رجل ، اشتقت إليك.
هتف علاء وهو يحتضن حسن بدوره : وأتركك بمفردك ، أبدًا ، ضحك حسن ليتبع علاء – أنا الآخر اشتقت إليك وإلى العمل
أشار حسن إليه بجدية : والعمل أيضا ينتظرك .
شد علاء جسده ليهتف به : أخبرني ما أخر التطورات هل هناك أي خيط يوصلنا إليه .. مكان وجوده .. أين يختبئ .. من يساعده ؟
زم حسن شفتيه بضيق ليجيب بإحباط : أبدا ، ذاك الحقير وكأنه فص ملح وذاب بنهر النيل ، كلما توصلت لطرف خيط يؤدي بي لسراب ، أنا والضباط سنجن وسعادة المستشار يتحكم في نفسه بأعجوبة حتى لا يبطش بنا جميعا لأجل ما يحدث .
تمتم علاء بجدية : من المؤكد أنه متفهم للأمر يا حسن .
تمتم حسن بسرعة : بالطبع من الناحية الإنسانية متفهم ولكن عمليا نحن مقصرين منذ أن هرب للان ، أنها فترة طويلة وخاصة أن جميع التقارير تؤكد أنه لم يغادر البلاد .
عبس علاء قبل أن يزفر بقوة ويهم بالحديث ليتعالى رنين هاتف المكتب فيجيب حسن بتلقائية لينتفض واقفًا بجدية وهو يتمتم : علم وينفذ يا فندم ، حالا سأرسل دورية حراسة ..
صمت وهو يستمع إلى كلمات أمير الحازمة ليومأ برأسه ويتمتم بطاعة : حسنا سأذهب بنفسي يا سيدي ، أغلق الهاتف ليعبس علاء متسائلا ليطبق حسن فكيه متمتما بحنق – زوجة أحمد باشا تلد وعلينا تأمينها وتأمينه وتأمين العائلة جميعا وخاصة الصغار وأمير باشا ..
صمت وهو يصر على أسنانه فيكمل علاء بخفة : أمر كان تذهب بنفسك فهمت ذاك الجزء من الحديث ، أشاح حسن وجهه بضيق فأكمل علاء – سأذهب أنا وأبقى أنت .
عبس حسن ليهز رأسه نافيا : لا طبعا وتكون الناهية التي تقضي على مستقبلي وأني لم التزم بالأوامر ، بل سأذهب وأنت معي ، فالأمر يحتاجنا سويا وخاصة مع قدوم الأطفال فهم أكثر المعرضين للخطر .
ابتسم علاء وربت على كتفه : حسنا هيا بنا .
التقط حسن أشياءه وهو يهتف برجاله في جهاز الاتصال غير المرئي : هيا يا شباب استعدوا لدينا حالة ولادة علينا تأمينها .
انفجر علاء ضاحكا رغما عنه ليهتف بحسن وهو ينتظره ليحتضنه من كتفيه : كم اشتقت للعمل معك يا غليظ .
ضحك حسن ليهتف بمودة : وأنا الآخر اشتقت إليك يا مرح .
***
يخطو بحذر نحو المكان المخصص لجلوسها ، يعلم جيدا أنه سيجدها به ، ورغم أنه لا يعلم ما الذي أتى به إلى هنا وما الذي دفعه لأن يقرر في غفلة من عقله أن يذهب للحديث معها يصارحها هذه المرة بمشاعره ويتقبل قرارها أيًا كان جوابها الذي يدركه بقرار نفسه ولكنه يريد أن يسمعه بأذنيه .. ينظر لعمق عينيها وهي تجيبه .. تخبره .. وتحيه أو تصدمه ، فعقله يدرك أنها لا تحبه .. ليست مشغولة ولا متعلقة به ، بل كان مجرد صديق .. أخ .. وابن صديق والدها، ومن المحتمل كونه كان شريك لها في مشروعها كانت تقدره لأجل هذه الصفة في حياتها ولكنه أبدا لم يكن أكثر من هذا ومن المحتمل أن يكون أقل في ظل أنها كانت له كل شيء، ولكن قلبه لا يقبل بهذا التفسير .. لا يدركه فهو لازال يخفق لأجلها ويتألم شوقا لها وتموت روحه لهفة وتوقا ، فتحجج بامر الشراكة والصداقة وأتى لها يخطو بسرعة نحو مبنى الجامعة الخاص بدراستها ولديه بعض النقاط لمشروعهما سويًا يتحجج بهم ليتحدث معها ويكن مدخل جيدا لحديثه الأخر الذي كان يدخره إلى ما بعد تخرجهما ولكن من الواضح أنه لابد أن يكون صريحا مع نفسه ومعها يا تقبل يا ترفض وعليه سيسلك طريقه يا إما معها يا بعيدًا عنها !!
تباطأت خطواته مرغما وارتعشا فكاه بضيق انتابه وغيرة جنونية تندلع بعينيه وهو يبصرها تقف مع الآخر الذي يدرك تماما أنه يحوم حولها ، بل هو يدرك جيدا أن ابن خالها ذاك مغرم ويريد الاقتران بها ، يريد الاستيلاء عليها ويريد أن يختطفها منه ، زأر عقله بسؤال اعتصر روحه " أو كانت لك ؟!! "
فاهتزا جفناه وقلبه يصرخ برفض أنها لا تحبه .. لا تريده .. بل أنها تضيق به وبمحاصرته لها لينتفض عقله وهو يزأر به أن ما يراه منها الآن مع الآخر لا يشي بذلك ، بل إن ابتسامتها الرقيقة وتوردها الحيي ولمعة عيناها التي يراها من مكانه البعيد تشي بأنها غارقه في بحر الآخر المتوله بدوره فيها.
اقترب دون أن يحاول تنبيهها لوجوده يريد أن يستمع إلى فحوى الحديث المتبادل بينها ليطرق سمعه حديث محمود بصوته الرخيم ونبرته الفخورة : سأصحبك معي يا خديجة فليس من المنطقي أن اتركك تعودين للبيت بمفردك وأنا هنا ، أتبع ببسمة زينت ثغره – لقد أتيت رأسا إليك لأراك وأعود بك .
تمتمت برقة وهي تتحاشى النظر إليه : لا أستطيع يا محمود ، وأنت تعلم هذا جيدا ، بابا لا يقبل بشيء كهذا وإذا علم سيغضب وأنا لا أريده أن يغضب .
ابتسامة ماكرة شكلت ثغر الآخر ليجيبها بجدية : لابد أن نجعله يقبل يا ديجا ، لذا أريد أن نرتبط رسميا في أجازه الصيف فقط كل ما أريده منك أن لا ترفضي فخالي لن يرفض ارتباطنا إذا أخبرته أنك موافقة ، رفعت نظرها إليه متسائلة فاتبع بوعد - أعدك أن أنفذ إليك كل أحلامك يا خديجة لن أمنعك عن أي شيء قط ولكن وأنت معي زوجتي .. خاصتي .. ملكي ، تدركين كم أحبك وأنا أدرك كم أنت غارقة في حبي فتوقفي عن الإنكار من فضلك ، يكفي ما عانتيه معك وأنت تتمنعين علي وتبتعدين عني وأنا الذي لم أتوقع منك أن تفعلين بي ما فعلتي.
رفعت رأسها بشموخ لتهمس بجدية : لتعلم يا محمود أن الأمر لدي مختلف نعم أنا لا أنكر أني كبرت على حبك .. وجودك .. اعتنائك بي وفكرة أني زوجتك المستقبلية لكن حينما تتجاوز أنت الحدود وتشعرني بأني ملكك أو أني خاضعة لك حينها سأزيل كل الأفكار واقتلع قلبي لو أردت وأرميه في قارعة الطريق ولا أني أمنحك فوز على حسابي وحساب كينونتي.
ابتسم محمود بلطف : لن أتجاوز ثانية تعلمت الدرس جيدا يا ديجا ، لذا دعينا من الماضي ولنفكر فيما هو قادم ، هل أتحدث مع بابا لنتقدم إلى خطبتك بعدما تنتهين من اختباراتك هذه السنة فأنا لا أطيق صبرا .
رمقته مليا لتنطق أخيرا بهدوء : لا فأنا الأخرى أميل لرأي بابا في أمر الارتباط يا محمود ، أنا أريد أن انهي دراستي أولا ولا أنشغل عنها لابد أن أضع أساس قوي لمستقبلي ، عبس بضيق فاتبعت بجدية شارحة – لابد أن أضمن نجاح متفوق وعالي لأضمن وجودي بأعضاء هيئة التدريس كما حلمت .
ابتسم بدعم ومض بعينيه : موفقة بإذن الله يا حبيبتي ، وأنا معك وإلى أن تحققي كل ما تتمنيه .
ابتسمت فأتبع بمشاكسة – هيا بنا سأدعوك على الغذاء وأعيدك للبيت ، همت بالرفض فاتبع بخفة – لا ترفضي يا ديجا من فضلك .
نظرت إلى ساعتها لتمأ برأسها موافقه لتستدير على عقبيها فتنتبه إلى وجوده قريبا منهما فتهمس إليه بتعجب : مازن أنت هنا ؟!
ابتسم ابتسامه متسعة لم تصدح من روحه وعيناه تغيم بسحابة قاتمة اخفت كل ما يجيش بداخله : اها كنت بالمكتبة ورأيتك وأنا أَمُر عائد لمكان سيارتي ، رفع رأسه ليحي محمود برأسه : مرحبا يا سيادة القبطان .
ابتسم محمود له بلباقة ورفض سكن عينيه لوجوده فتمتم مازن سريعًا : لن اعطلك كنت سألقي التحية فقط حينما رأيتك .
نظرت إليه بتعجب وهي تشعر بعدم فهم لتبتسم بلباقة وتسأله دون اهتمام فعلي : كيف حالك وحال دراستك ؟
أجاب سريعا : بخير والحمد لله ، أرسلي سلامي لأونكل محمود ورقية وانطي ديدي ،
أومأت برأسها في توتر شعره جيدا لتجيبه : حسنا أنا الأخرى كنت مغادرة ، أتبعت وكأنها تعمدت أن تصل إليه رسالة محددة - سأذهب مع محمود بدلًا من عودتي مفردي ، إلى اللقاء .
ودعته بهدوء وهو يجاهد لتظل ابتسامته فوق وجهه لينهار قناع تماسكه بعدما انصرفت بجوار الآخر فتهتز وقفته .. يترنح جسده وهو يشعر بألم شديدة بقلبه .. وصقيع ينتشر بأوردته متجها نحو قلبه الذي يئن من وجع يفوق طاقته .. يسحب ساقيه بثقل معلق بهما فلا يقوى على المشي بل حركته أقرب إلى الزحف ليتحامل على نفسه وهو يستل هاتفه عائدا إلى سيارته ببذل جهد فظيع وهو يتصل بابن عمه يهمس له بصوت محشرج وأنفاس ذاهبه : أنجدني يا أدهم فأنا أشعر بأني لست بخير .
هدر أدهم باهتمام في أذنه سائلا عن مكانه ولكنه لم يقوى على إجابته وهو يهوى ساقطا مغشيا عليه بجوار سيارته التي لم يستطع الدخول إليها أو الركوب فيها .
***
تقف تنظر إلى نفسها في المرآة ، ملامح وجهها الذي تعافى وجسدها المختفي خلف ملابسها الأنيقة ولكنها تعلم أن رضوضها شبه اختفت تبتسم بثقة استمدتها الأيام الماضية من قدرتها على الابتعاد عنه وإجبارها إليه أن لا يقرب منها ، اختنق حلقها وانكسارها يذكرها أن ليست هي من أجبرته لتنتفض روحها بثورة وتهمس لها بتشجيع أن من أجبره يدعمها ويهدده وأنها الآن معها قوة منحها ذاك الرجل المهيب .. قوة غير مشروطة .. ودعم غير محدود .. ومساندة كان من المفترض أن يقدمها إليها والدها ولكنه لم يفعل إلا حينما أجبره الآخر أيضا على أن يساندها ويترك ابن أخيه العزيز .
شدت جسدها بصلابة وهي تتذكر أن على مدار الأيام الماضية بعدما أنقذتها والدتها من موت محقق وأنها استفاقت لتجد دعم غير مشروط من والدتها التي كانت تضمها ليلًا حينما تنتفض مفزوعة من نومها أو تبكي بأحلامها أو حتى بيقظتها ونوبات الصراخ التي كانت تلم بها من وقت لآخر وسيطرة الطبيب وفريق مخصص داوم على الوجود بجوارها لاحتواء رغباتها في إيذاء نفسها لتستقر حالتها أخيرًا بعد وقت وهي تتمسك بما تبقى من نفسها وتجاهد لأجلها ولأجل طفلها .
رقت ملامحها وهي تنظر لبطنها المنتفخ والواضح من فستانها الربيعي بلونه الوردي الباهت وأزهاره البيضاء الصغيرة فتحتضن بطنها بكفيها وهي تستدير بفرحة غمرت ملامحها وهي تنظر لنفسها من الجنب وتتأمل انتفاخ بطنها الظاهر تضحك بإشراق وهي تربت على رحمها تهمس لطفلها بقاعدة قوتها ووجودها .. بسببها الذي أخفته عن الجميع حتى أمها .. بسبب طلبها لمقابلته فتقيس تأثير تغيرها .. تبدلها .. وشخصيتها التي اكتسبتها رغم عنها .. تسر إليه بخطة انتقامها والتي موقنة من نجاحها : سآخذ بحقي وأنت من ستساعدني ، أعلم أنك صبي .. أشعر بك وأنك ستأتي تحمل ملامحه ، ستأتي نسخته المصغرة وسترث كل شيء ، وأنت معي لن يقوى على إرهابي من جديد .. وأنت معي سيحقق لي كل مطالبي .. فأنت لن تكون المقصلة التي سيضع رقبتي أسفلها بل ستكون أنت المقص الذي سأهذب به ريشه فلا يقوى على الطيران أو حتى الرفرفة ،سأقلم له أظافره حتى لا يقوى على خدشي ثانية ..وسأفقع له عيناه حتى لا يقوى أن يرفعها وينظر لي بها ثانية .. وسأكسر له ذراعه أن فكر فقط بأذيتي ثانية ، لا يا بني لن أتركه لن أترك حقي ولن أترك ارثي وأرث عائلتي ولن أفرط فيما هو لك ، بل سأستولى على كل شيء سآخذ كل شيء سأجرده من ملكه وهو يشاهدني .. وسأهدم عرشه وهو جالس من فوقه .. وسأزلزل الأرض من بين قدميه وهو يظن أنه يملك السحاب .. سأتخلص منه ببطء .. وسأعذبه بتروي .. وبالأخير سأقتله ببساطة وأنا أنظر داخل عينيه ، فقط الأيام بيننا وبالأخير الغلبة ستكون لي .
دق الباب قبل أن تدلف والدتها فتنظر إليها بتوتر هاتفه : لقد حضر .
ابتسمت برقة لتمأ برأسها : سآتي حالًا.
توقفت والدتها قبل أن تغادر : لا تقابليه ولا تعودي إليه يا أسيل ، دعينا نحيا هنا يا ابنتي ، في حماية هادي لن يجرؤ زيد على الاقتراب منك .
ابتسمت برقة واقتربت من والدتها تسألها بهدوء : وحينما يرفع هادي بك عنا حمايته ماذا سنفعل يا ماما ؟! اضطربت ملامح درية برهبة فأتبعت أسيل باسمة - أرأيت ؟!
زفرت درية بخوف : أنا خائفة عليك .
اتسعت ابتسامة أسيل لتهمس : لا تخافي يا حبيبتي ، سأكون بخير ، أتبعت وهي تغادر غرفتها - فزيد لن يكون مؤذيًا بعد اليوم ،
كررت وعيناها تومض بيقين : زيد لن يقدر على أذيتي ثانية .
كتمت والدتها شهقتها بكف يدها وهي تستعيد حديث الطبيب الذي اخبرها أن حالة ابنتها تتدهور بناء على أفعالها فهي تنكر اشياء حقيقية وتتجاهل الايذاء الجسدي الذي تسبب فيه زوجها بل إنها تضع ثقتها في الأخير الذي هو سبب معاناتها تساقطت دموع درية لتتحكم في أعصابها وهي تخطو بسرعة تتبعها لتكون إلى جوارها وهي تقابل ذاك الوحش الذي يخيفها
***
استدار بسرعة حينما سمع حثيث خطواتها ليشعر بقلبه يتوقف عن الخفقان وهي تظهر أمامه ببهاء لم يقوى على استيعابه ، أنفاسه تتعالى وهو ينظر إليها بحذائها الأرضي الأبيض ساقيها المكشوفتان إلى ما قبل ركبتيها فستانها القماشي الخفيف المتهدل فوق جسدها باتساع يسمح لانتفاخ بطنها بالظهور وصدر مغلق لأسفل عنقها وبكمين قصيرين يحددان ما فوق مرفقيها ، بسيط وراق وأنيق كعادتها ملامحها رائقة دون زينة وابتسامتها رقيقة كعادتها وعيناها تشعان بوميض كان يظن أنه انطفأ ، بل كان انطفأ بالفعل وهي بجواره ، لهث وقلبه يخفق باضطراب وتأثير جمالها .. رقتها .. وإطلالتها المختلفة والتي لا يدرك الآن سر اختلافها يأسروه ، همس باسمها في انفعال لم يتحكم فيه ولهفته تحركه نحوها ليتذكر تهديد الآخر ورجاله الرابضين في الخارج فيتوقف مرغما لينظر إلى ابتسامتها التي اتسعت بترحاب وهمستها الناعمة : اشتقت إليك يا زيد.
ارتدت رأسه للخلف بصدمة فينظر إليها بترقب وحيرة مزجا داخل مقلتيه لتخيم الصدمة عليه حينما اقتربت بطواعية وابتسامتها تملأ وجهها لتفرد كفيها على عضديه وترفع جسدها بخفة على مقدمة حذائها لتقبل وجنته برقة وهي تهمس : للأسف لم استطع مقابلتك قبيل اليوم ، فأنا كنت مريضة .
همت بالابتعاد عنه ليلتف ذراعه بتلقائيه حول خصرها ليبقيها داخل صدره هامسا باسمها في تيه ألّم به كادت أن ترتجف وهي تشعر بأنه يأسرها إليه ولكن روحها المناضلة زأرت بها لتتماسك فتبتسم بوجهه وتنظر لعمق عينيه : الآن أصبحت بخير يا زيد لا تقلق ، اتسعت عيناه باندهاش غمره وحدقتيه تهتزان بعدم تصديق فتدفعه برقة ليبتعد وهي تتبع - ماما خلفي والرجال بالخارج وأنا طلبتك لنتحدث يا زيد
صمتت وهي تراقب عبوسه بملامح ثابته لتتبع : ثم أنا أريد منك بعض الأشياء عليك أن تلبيها لي قبيل عودتي إليك .
همهم بعقل غائب : أنا كلي لك يا حبيبتي .
ابتسمت لتربت على وجنته برقة : كنت متأكدة ..
ضيق عيناه ليسأل بخشونة وهو يتمسك بها أكثر : مما ؟!
تماسكت وتحكمت في جسدها حتى لا يتشنج بأعجوبة : من كوني حبيبتك !!
انفرجت ملامحه بذهول تحول لاستنكار وهو يجيب سريعا : بالطبع أنت حبيبتي هل تشكين في ذلك ؟!
رمقته بعتاب لتدفعه بعيدا هذه المرة وهي تنسل من قربه بخفة هامسة بعتاب صدح بنبراتها : هلا جلست يا زيد لنتحدث ؟
عبس بضيق وهو يشعر بابتعادها ليزمجر غير راضيًا حينما دلفت والدتها إلى الغرفة والتي نظرت اليه بكره فتبتسم هي له وتهمس برقة وهي تستعيد انتباهه لها : ماذا تشرب يا زيد ؟
تمتم وهو يشيح بعيدا عن والدتها : لا شيء .
التفتت لوالدتها : ماما هلا طلبت منهم إعداد القهوة لزيد والعصير لي ، عبست والدتها برفض فابتسمت - من فضلك يا ماما .
انصرفت والدتها بعدما رمت زيد بنظرة محتقرة وتهمهم بعدم رضا عن وجوده فيزداد عبوسه لتبتسم اسيل وتهمس بخفوت : لا تشغل رأسك بماما يا زيد أنها غاضبة لأجلي ، ليس من السهل عليها أن تدلف إلى غرفة ابنتها في العيد لتجدها واقعة في دمائها .
أتبعت بلوم واضح وهي تجلس بشموخ أمامه – كانت ستفقدني يا زيد .
راقبت اهتزاز حدقتيه ليقترب منها بسرعة هاتفا : بعد الشر عنك ، لا تنطقيها ثانية أبدا ، كيف قدرت أن تفعليها يا أسيل .
تمتمت بهدوء : أنت السبب .
هتف سريعا : لا ، لم أكن أقصد ، رمقته مليًا فاتبع – لن أكرر خطاي ثانية فقط عودي معي .
مطت شفتيها بتفكير لتهمهم : ولكني أشعر بعدم الأمان بجوارك يا زيد ، معك أنا مهددة كل يوم ، فأنت حينما تغضب لا تدرك ماذا تفعل هذه المرة كنت سأموت المرة القادمة لا أدري ماذا ستفعل بي أو بإسماعيل .
هتف سريعا : لن اؤذي إسماعيل أبدا يا أسيل ، رفعت حاجبها باتهام ومض بعينيها فأكمل بسرعة – ولا أنت بالطبع ، فقط أريد أن أشعر بأنك لن تركيني أبدا .
رفعت عيناها عنه قليلا وكسى التفكير ملامحها لتهمس : حسنا دعنا نتفق ، فكما أعتقد أنت لديك شيء تريده مني وأنا الأخرى لدي شيء أريده منك .
رمقها باهتمام فأكملت – أنا لا أشعر بالأمان معك لأنك تؤذينني في غضبك ، وأنت لا تشعر بالأمان معي لأنك تخاف أن أتركك أليس كذلك ؟
هز رأسه بحركة مموهة وهو يراقبها عن كثب فابتسمت بوجهه وهمست برقة : وإذا أخبرتك أني لا أستطيع أن أتركك يا زيد ، فهاك أنا من دعاك للحديث واللقاء هاك أنا أحاول أن أتوصل معك لنقطة التقاء ، هاك أنا أريد أن حياتنا تستمر سويا حتى ينشأ إسماعيل قويا مهيبا طبيعيا ويصبح من أفضل الأطفال بل ومتفوق عن أقرانه واجملهم .
لانت ملامحه وترقبه يتبخر ليبتسم وعيناه تومض وخياله يتعلق بولده الذي سيأتي كاملا ويكبر كاملا كبيرا فهو يقوى على منحه الكثير من الأشياء لتكمل بفحيح خافت وهي تقترب منه بعفوية أقرتها في حركتها – أنا أريد أن أكمل حياتي معك يا زيد ولكن ..
صمتت وهي تلتقط الخوف بعمق عينيه والذي لم يستطع التحكم به فأكملت برقة وهي تمط شفتيها بإغواء : أريد فقط بعض الضمانات يا زيد حتى لا أحيا بجوارك خائفة ،
اختنق حلقه ووجهه يربد بغضب : ضمانات ؟!! هل تقايضيني يا أسيل ؟!
ارتد وجهها للخلف لتهمس بصوت باكي : هل تظن هذا حقا يا زيد ؟! نهضت واقفة بغضب مفتعل – بعد كل حديثي الذي أخبرتك إياه الآن تظن بي هكذا ؟
ارتبك وهو ينظر إليها بمفاجأة ألمت به وهو يشعر بأنها مختلفة عما كانت عليه ، ولكن هذا الدلال الذي تتحدث به يعيده لأيام كانا بها متحابان .. عاشقان فهمس سريعا وهو ينهض يقترب منها يقبض على مرفقيها من الخلف ليتحكم بها ويجذبها إلى صدره يضمها إليه بلطف : لا لم أقصد فقط لم أفهم حديثك .
ابتسمت من بين دموع انهمرت مغرقة خديها لتهمس بخفوت وهي تلتفت إليه بنصف التفاته فيصبح وجهها أقرب إليه تنظر لعمق عيناه اللذان تولها بها فيسقط وعيه غيبا بها وهي تتحدث بفحيح ماكر لم يدركه : أخبرتك أني أريد الاستمرار معك يا زيد ، ولكن بعض الأشياء تضمن لي أمان افتقدته معك الفترة الماضية .
تمتم دون وعي وهو يتوق لالتهام شفتيها : أي شيء سأمنحك كل ما تريدين فقط لتكوني معي .
ابتسمت برقة ورفعت كفها لتلامس وجنته : حسنا اجلس لأخبرك حتى لا تتذمر فيما بعد .
أجاب بنفاذ صبر وهو يحنى عنقه ليلتقط شفتيها : لن اتذمر سأمنحك كل ما تريدين يا حبيبتي فقط أريدك الآن .
هم بتقبيلها فأغمضت عيناها وهي تشحذ كل طاقتها لتصمد أمامه لينتفضا سويا حينما فُتح باب الغرفة لتدلف الخادمة فتبتعد عنه سريعا ليعبس بغضب ويهم بالصراخ في الفتاة التي دلفت تحمل صينية المشروبات فتنظر له أسيل بترقب فيضغط فكيه ويشيح بعيدا لتبتسم هي برقة وتهادنه بصوتها : اجلس يا زيد واحتسي قهوتك ولنتفق أيضا .
جلس بغضب شمل جسده كله لتكمل بفحيح أنثوي وهي تناوله قهوته : إذا ما توصلنا لاتفاق سأعود معك الليلة ، الأمر كله بيدك يا زيد .
ومضت عيناه بشوق غمره ليهتف على الفور : أنا موافق قبل أن أستمع .
اسبلت جفنيها والتقطت كوب العصير لترتشف منه على مهل وهي تتمتم إذًا سأهاتف المحامي ليأتي ونوثق الاتفاق عبس بعدم فهم فأكملت برقة – احتسي القهوة سيصل الآن وحينها ستعلم.
***
تستلقي على جنبها تطلع إليه ببريق قططي يومض بعينيها ممتزج برضا يستقر بقلبها وتورد خفيف يتمازج مع بشرتها البرونزية فيمنحها ألقاً لم تحظى به من قبل ، فما مرت به الليلة الماضية كثيرا على استيعابها .. إدراكها .. تفهمها ، لقد كانت خائفة كأي فتاة بتول مقبلة على خوض ليلة عمرها وما أزاد خوفها نبرته الماكرة وتوعده إليها في زفافهما ولكن كل خوفها ذهب أدراج الرياح حينما انتزع منها قبولها .. وربت على خلجاتها فانتفضت باستجابة مذهلة .. ليستولي على وعيها فتنصهر تحت وطأة مشاعرها ليست مرة واحدة بل العديد من المرات لم تدرك عددها فهو كان يغرقها في طوفانه .. يؤرجحها بين مده وجذره .. ويشبعها من ماءه الذي فاض بعد طول حرمان كانا يعانيا منه .
احتقن وجهها بقوة وهي تتذكر أن الصباح انبلج عليهما دون أن يدركا انقضاء الليل لتسقط في النوم مرغمة وآخر ما تتذكره هو زمجرته غير الراضية عن نعاسها ، ولكن من الواضح أنه الآخر استجاب لوسن النوم الذي غافلة فأسقطه داخل عالمه .
ابتسمت وهي تحرك وجنتها فوق صدره العار الذي تتوسده فتكتم ضحكتها فوقه وهي تدرك أنه يحتلها بجسده الملتف حول جسدها وذراعيه اللذين يشتدا من حولها ويضمها بتملك إلى حضنه ، رفعت عيناها تتأمل ملامح وجهه القريبة قبل أن ترفع كفها لتمرر سبابتها على جانب وجهه البعيد لتطبع قبلة على طرف فكه بعفوية وهي تشعر بحبها إليه يتحرر من اصفاده البالية .
رف بعينيه ليفتحهما بنعاس يسكن حدقتيه لتكتم شهقة انطلقت من حنايا روحها وهي تسقط أسيرة عينيه العسليتين بصفاء ذهبي احكم قيده على خفقاتها ، ابتسم لتكتم تنفسها وتجبر نفسها أن لا تتفوه بكلمات غزل أرادت أن تسمعه إياها ولكن بعض من خجلها تحكم بها لتنتبه من افكارها التي تدور جميعها حوله على صوته الذي خرج أبح وضمته التي اشتدت لجسدها : صباح الخير يا نور عيوني .
همهمت وهي تخفض نظرها مجبرة : صباح النور يا عاصم
ألقتها بدلالها الطفولي غير متعمدة لتتعالى انفاسه ويقتطف ثغرها بقبلة سريعة خاطفة قبل أن يهمس بخفة : الكزيني حتى أصدق أنك هنا معي وأنها ليست احدى خيالاتي.
ضحكت برقة لتجيب بمرح : ما رأيك ان أعضك ستكون أوقع لوضعنا هذا .
ضحك بخفة ليتحرك منقلبًا على جانبه دون أن يحررها من أسره ليسألها باهتمام وهو يلامس جانب خصلاتها : لم اؤذيك الليلة الماضية أليس كذلك ؟
أخفضت رأسها وهزتها بنفي ليرمقها من بين رموشه قبل أن يهتف باسمها يجبرها أن ترفع عيناها إليه فيهمس لها : المعذرة كنت متطلبا بشدة ونسيت أن اكون مراعيا لك .
رفت بعينيها ووجهها يتورد تلقائيا لتهمس بخفوت : بل كنت رائعا .
جلجلت ضحكته بقوة من حولها ليضمها أكثر إليه هاتفا بمرح : يا اللهي حصلت على رضاك منذ الليلة الأولى .
ضحكت برقة لترفع عيناها إليه تتأمله قبل أن تهمس بتصريح : بل حصلت على قلبي من قبل الليلة الأولى.
وامتلكت روحي كاملة الليلة الماضية ، أنا أحبك يا عاصم ، أحبك جدا .
تعالت أنفاسه بقوة ليهم بأن ينال ثغرها فتبعد رأسها عنه بنفي حازم فيقابله بعبوس طفيف وتساؤل أغشى عينيه لتهمس متابعة - أريد أن أسألك عن شيء ما لا أعلم هل ستتذكره أم لا ؟
تساءل بسرعة : ما هو ؟
رفعت عيناها لتحصل على اتصال بضربهما قبل أن تسأله بهدوء : هل تذكر ذاك السر الذي كنت ستخبرني به وأنا صغيرة ولم تفعل ؟
ارتفعا حاجبيه بتعجب ليهمس بصدمة : لازلت تذكرين ؟!
ازدردت لعابها لتفرد كفها على موضع قلبه مباشرة : لم انس قط من يومها وأنا أفكر في هذا السر الذي أجبرك أن تخفض صوتك وتهمهم بنبرة مخالفة لصوتك فتحدثني بها .
رمقها بصدمة من تذكرها لتفاصيل مر عليها زمن بعيد فابتسمت وسألته بوضوح : هلا أخبرتني ما هو أم أنه لا وجود له وأنت كنت تلهيني لأكف عن البكاء ؟
ابتسم وهو يسبل اهدابه يشعر بالخجل يعتريه ليكح بخفوت يحاول أن يجلي حلقه قبل أن يغمغم بصوت أجش : أتعلمين سبب تسميتك بنوران .
عبست بعدم معرفة لتهز رأسها نافية فيتابع بابتسامة حانية وعيناه تفيض بعشقه ليسرد لها بصوت أبح : حينما وُلدِت كنت مغمضة العينين .. تشبهين القطط الصغيرة .. وتبتسمين دوما وانت نائمة .. كنت طفلة رقيقة تشبهين العرائس الجميلة ، كانت تامي تشكو دوما من أنك لا تفتحين عينيك ، إلا حينما تبكين وكنت لا تبكين سوى في الليل فتجبريها على الاستيقاظ للصباح وهي تهدئك وعمي يدللك ، كنت مفتونا بالطفلة التي أتت جميلة .. هادئة .. بلون برونزي لامع وشفتين كحبة الكرز ممطوطتان للأمام مغريتان للقبل ، وشامة سوداء تزين أول رقبتك تظهر بوضوح حينما تتثائبين وأنت نائمة ، لم أكن أتحرك بعيدا عنك كلما زرنا عمي ،كنت أرابض بجوار فراشك الصغير أحب أن اتأملك إلى ذات نهار فتحت عينيك بعد أن تثائبت ليشعا بنور وضاء أصاب قلبي همهمت دون فهم نور ، استمعت إلى تامي لتسألني عما أعني فأشرت إليك وهتفت بصوت أعلى نور
ابتسم بتفكه : كنت حينها مغرم بدرس المثنى في اللغة العربية فأتبعت بطفولية عينان يشعان نوران .
هتفت بثقة : أنها نوران
تعالت ضحكات تامي وهي تضمني إلى صدرها لتهمس بحبور ونظرات عيناها مشرقة سأسميها كما أردت يا عاصم نوران
ومن حينها وأنت نوران لم تخطفي قلبي فقط بل أضأت عالمي بنورك الوضاء من حدقتيك اللامعتين بنظرة كنت تختصينني بها دون عن الجميع ، كنت نوري الخاص ودونك حييت في ظلام دامس بددته أنت بضيائك من جديد عندما عدت إلي .
انفرجت شفتاها عن نفس طويل كتمته منذ أن بدء الحديث لتتحرك جالسه لا تعبئ بالغطاء الذي انحسر ولا بجسدها الذي ظهر بعد أن كانت تخفيه تحتضن وجهه بكفيها لتغمغم بصوت مشبع بعشقها له : أنا أحبك .. أحبك يا عاصم .. كنت دوما ولازلت أحبك .. وسأظل أحبك .. اعشقك .. اتوله بك .
اقتربت منه تقبله بكل حب زرع بقلبها له ليضمها إليه يلصقها بصدره ويحتويها بجسده لينقلبا سويا فتصبح أسفله وهو يقبلها قبلات متتالية ليرفع رأسه مبتعدا قليلا عنها يسألها بصوت محشرج قبل أن ينجرف معها : أنت بخير أليس كذلك ؟
ابتسمت وعيناها تومضان بإغواء فطري : حتى وإن لم أكن ،طالما معك سأكون بألف خير .
تعالت أنفاسه وقلبها يهدر بصخب ليغمغم من بين شفتيها : سأكون حذرًا إلا اؤلمك .
عنهما وهي تحيط عنقه بذراعيها : أنا أحبك يا عاصم
***
يخطو خارج غرفة عملياته بعدما أنهى إحدى العمليات المهمة التي كللت بالنجاح فيحمد الله كثيرا وهو يسير بخطوات واثقة وصدره ينتفخ فخرا ، أنه لأجمل شعور في العالم ، الثقة .. النجاح .. الفخر الذي يسرى بدمائه يجعله فرحا .. سعيدا .. منتشيًا بابتسامة رائقة وعينان وامضة بألق نجاحه ، جسده متخما برضاه عن نفسه وتوفيق ربه له ، رنين هاتفه الذي أعاد تشغيله بعدما خرج من غرفة عملياته برسائل متتالية أثارت انتباهه فأخرجه من جيب معطفه الأبيض لينظر إليه وابتسامته تتسع تدريجيا وهو ينظر إلى صورتها الصغيرة التي تزين رسائلها على شاشة هاتفه والتي توالت " صباح الخير "
" أعلم أني مبكرة ولكني أعتقد أنك الآخر تستيقظ مبكرا "
" فأحببت أن أمنحك تحية الصباح "
لتختتم حديثها برسالة قصيرة مرحة مصحوبة بوجه انيمي يغمز بغيظ
" كيف حالك اليوم يا صديق ؟"
هم بأن يضغط على شاشة هاتفه ليجيبها ولكنه توقف وهو يتذكر زعقة والده إليه في الصباح والتي دوت في أذنيه من جديد وهو الذي تحاشى الاحتكاك بأبيه منذ العيد رغم أنه كان يعلم بأن الأمير هو من يمنحه الفرصة كاملة كي يذهب إليه ولكن حينما ماطل استدعاه ابوه بجدية إلى مكتبه بعدما هدر فيه يستوقفه وهو الذي كان هم بمغادرة البيت : عادل ، توقف ليتبع أبوه بجدية أجبرته على كتمان أنفاسه - تعال أنا أريد الحديث معك .
رف جفنه مرغما ليستدير على عقبيه يزفر أنفاس صدره كامله وهو يتبع أباه إلى داخل غرفة المكتب فيؤمره أمير الجالس خلف مكتبه الفخم بجدية : أغلق الباب من خلفك .
أطاع على الفور ليتبع أمير بهدوء : اجلس .
ابتسم بتوتر وهو يخطو إلى الكرسي المقابل لكرسي المكتب ليجلس مواجها أباه في شموخ يضاهي شموخ أمير الذي رمقه مليا قبل أن يتحدث بهدوء : أنا أسمعك .
نظر إلى أبيه بثبات ليهمس بعدم فهم أتقنه : أنت من طلبتني يا بابا ، ضيق أمير عينيه مؤثرًا الصمت فابتسم عادل ليتابع بمكر - هل تنتظر مني تصريح معين يا بابا ؟ أم هل علي الإجابة على أسئلة لا أعرفها ؟!
عاد أمير ليستند بظهره إلى ظهر الكرسي العريض ليدق بسبابته فوق ذراع الكرسي الخشب بدقة رتيبة فوجد عقله يعدها بتلقائية دقات أمير المنتظمة برتابة والتي أعادته لما كان عليه صغيرا وعقله يخبره أن أباه يمنحه فرصة الإعتراف قبل أن يعاقبه على خطأ فعله فينطق مرغما عند السادسة منها : لم أفعل شيئا خاطئا يا بابا وأنت تدرك ذلك جيدا لذا لا أفهم سبب غضب حضرتك مني .
رمقه أمير مليا لينظر إليه بصمت وقعه كان عليه أشد من التعنيف فتحاشى عادل النظر ثم همس : أعلم أني خالفت أمرك ولكن أعتقد أنه ليس من اللائق أن أتوقف عن الحديث معها دون سبب فعلي .
رفع أمير حاجبه الأيمن باعتراض غير منطوق فيختنق صوت عادل الذي هتف بضيق وأذنيه تحتقنان بقوة : بابا لم أعد صغيرا لتحاسبني بهذه الطريقة ولا أفهم إلى الآن ما الخطأ الذي فعلته لتكون غاضبا مني هكذا .
رمقه أمير من بين رموشه ليجيبه بصوت هادئ : حقا لا تعلم الأخطاء التي ارتكبتها يا عادل ؟!
سحب عادل نفسًا عميقًا ليدير رأسه إلى أبيه ينظر إليه في مواجهة شعر بأنها أفضل من الهرب : بلى أعلم ما الأفعال التي أقدمت عليها وأثارت استياء سيادتك ولكن من وجهة نظري هي لا تعد أخطاء .
التوى ثغر أمير بتهكم ليكمل وعيناه تومض بمكر وهو يثرثر بطبيعية : حديثي مع ملك ليس خطأ .. مزاحي معها ليس خطأ .. رقصي معها في زفاف سليم صمت لوهلة وأكمل وهو يفكر – وعاصم أيضا ليس خطأ ، أما رعايتي لها بالتأكيد ليست خطأ يا بابا.
نطق أمير بسخرية تجلت فوق قسماته : لا والله .
تمالك ابتسامته ليجيب بجدية : نعم ، كنت أبعدها عن الشباب يا بابا وهذا تصرف طبيعي كنت سأفعله مع آسيا أو يمنى أو حتى جنى .
مط أمير شفتيه لينطق بهدوء : واصطحابك إليها خارج قاعة الزفاف في زفاف سليم ليس خطا ووقوفك معها متخفيان البارحة ليس خطأ أيضا ؟!!
شحب وجهه تدريجيا ليزدرد لعابه ببطء قبل أن يجيب : في زفاف سليم كنت أريد أن أخبرها ألا تنضم للراقصين ثانية ، أما البارحة لم نقف متخفين ولم اصحبها معي كانت تمر وأنا واقف ووقفت وألقت التحية وتبادلنا الحديث فقط ليس أكثر ، كأي صديقين .
هدر أمير بغضب ومض فجأة بعينيه : وما شأنك أنت ، ترقص أو لا ؟! فالزفاف وما فيه لا يخصونك بشيء .
أجاب بجدية : ولا يخصونها أيضا ، فسليم لا يقرب لها لترقص بزفافه .
اقترب أمير بجسده من حافة المكتب ليسأل بفحيح غاضب : وهذا أيضا ليس من شأنك ، الفتاة لها عائلة كانت حاضرة من كبيرها لصغيرها فتتخطاهم أنت وتغار على محارمهم بل وترقص معها وتصحبها للخارج ثم تتنحى بها جانبا البارحة في زفاف ابن خالتك وكأنها خطيبتك ، ألم تعي عواقب فعلة كهذه إذ رآك والدها .. أخاها .. أو الاسوء خالها سيادة الوزير الذي يغار على طرف أنفه .
آثر الصمت وهو يحنى رأسه دون حديث فيكمل أمير وهو يتفحصه : أخبرني يا عادل ما الذي تريده من الفتاة ؟ هل تريد الارتباط بها ؟
تنفس بعمق ليجيب بهدوء : أنها صغيرة يا بابا .
هدر أمير : هذه ليست إجابة يا ابن الخيال ، اعتدل وأحب .
أخفض عادل بصره ليهمس بجدية : للأسف أنا مرتبط .
اتسعت عينا أمير بصدمة سرعان ما انقلبت لغضب : لا تخبرني أنها تلك السيدة تصر على الارتباط بها .
رفع عادل عيناه : لقد منحتها كلمتي يا بابا ، أخبرتها أني سأرتبط بها.
رمقه أمير قليلا ليهمس بجدية : لازلت على البر يا بني .
ابتسم عادل ورفع عيناه القاتمة بغموض أثار ترقب أمير : لست أنا من يتراجع عن كلمته يا بابا ، نحن رجال نُربط من لساننا ، أليس هذه تعاليمك لنا .
تلاقت نظراتهم قليلا قبل أن ينهض أمير واقفًا ليهتف بجدية : حسنا ولأنك رجل كما ينبغي أن تكون ولأنك ملتزم بتعاليمي لك ، كن رجلا كما ربيتك واخلص لمن وعدتها بالارتباط وإياك والاقتراب من ابنة مالك عابد ثانية وهذا تحذيري الأخير يا عادل وإلا المرة القادمة التي سأراك بجوارها سأتقدم إلى أبيها رسيما وأخطبها لك .
اتسعت عينا عادل بصدمة ليومئ أمير برأسه مؤكدا : نعم دون الرجوع إليك ، بل سأحرص حينها أن يقبل الجميع بالخطبة التي سأحولها لزفاف في لمح البصر وأنت تعلم أني أقدر على ذلك يا طبيب العقول فلا تثير حنقي عليك أكثر من ذلك ، نظر أمير إلى داخل عينيه وأتبع - فأنا بالفعل غاضبا يا بني هذه المرة فاعتدل وابتعد عن الصغيرة التي لا تقوى على مجابهتك واحترم صلة القرابة والنسب والصداقة فيما بيننا وبينهم .
عم الصمت لوهلة قبل أن ينطق بجدية : أنا احترم كل شيء بيننا وبين آل الجمال يا بابا وبيننا وبين ومالك عابد أيضا ، رعايتي لملك لصالحها ، أنها تحتاج لأحدهم يقف بجوارها ويساندها وأنا افعل ، أربدت ملامح أمير بغضب فأكمل عادل بجدية – ولا تخف يا بابا ، أنا لا أتجاوز حدود الصداقة .
زم أمير شفتيه ليساله بهدوء : وهل أخبرتها من باب الصداقة عن خطبتك القريبة ؟
حينها أطبق فكيه ليرمقه أبيه بتساؤل فيجيب بهدوء : لا ولكني سأفعل .
التوى ثغر أمير بغضب مكتوم ليهمهم بحدة : حسنا حينما تفعل لا تنسى أن تخبرني هل أمر الصداقة لازال موجودا أم لا .
أومأ عادل برأسه هاتفًا : أمرك يا بابا ، رمقه أمير بعدم رضا فأتبع مترجيًا – لا تغضب يا بابا
أجابه امير بجدية : اذهب إلى عملك ،أشار إليه بالانصراف ليكمل: اعتني بنفسك هذه الأيام والتزم بالأوامر ولا تتخذ قرارات عنترية كعادتك . التزم بالخطة الموضوعة وأتم أنت وعبد الرحمن عملك في صمت إلى أن تمر الأزمة على خير .
ثرثر بهدوء : هذه الأيام سأرتب أمور عملي في المشفى قبل أن أسافر بإذن الله ، أومأ امير متفهما فأكمل متمتما : أراك على خير .
فيتنفس أمير بعمق : تعود سالماً يا بني .
رف بعينيه وهو يعود إلى هاتفه الذي اهتز برنين جديد ورسالة جديدة منها " أين أنت بمشفاك الكبيرة هذه ؟ فمن الواضح أن الصدف تجمعنا فأنا بمشفاك العزيز !! "
انفرجت ملامحه بذهول انقلب إلى تسلية كبيرة لمعت بعينيه ليراسلها بخفة " وأنا اتساءل عن سبب الضوء العارم الذي أشعر به من حولي "
راسلته بخفة وهي تسير بأروقة المشفى تبحث عن مكان المقصف " اووه ، قديم يا ابيه ، هذه مزحة قديمة للغاية "
سيطر على ضحكاته حتى لا تنطلق من بين شفتيه لينظر من حوله وهو يخطو سريعا " هناك مثل يقولونه في هذه الحالة "
__ " وما هو ؟! "
اجاب سريعا : " الدهن في العتاقي "
فتأتيه اجابتها بوجه عابس بعدم فهم تتبعه رسالتها " وما معناه ؟!"
فيرد : " أخبريني أين أنتوسأشرحه لك حينما أراك "
تنهدت وهي تنظر من حولها لتراسله بإحباط : " أبحث عن المقصف وأنا بالدور الثالث "
__ " حسنا سأتي لك وافيني لدى المصعد "
" ولكن ماذا تفعلين هنا في هذا التوقيت ، هل أنت بخير ؟ "
ابتسمت وهي تشعر باهتمامه فأجابته بمرح وهي تخطو نحو المصعد " بل أميرة تلد "
لم يجب لتقترب من المصعد فتتسع ابتسامتها حينما وجدته يخطو خارجه هاتفا بمرح : مبارك ، العقبى لك .
ضحكت بخفة لتهتف : ولك أيضا .
أشار إليها بعدما أوقف المصعد عن الحركة :تعالي سأصحبك إلى المقصف .
أومأت برأسها وهي تدلف معه إلى الداخل فتقف بأخر المصعد ليتمسك هو بمكانه في أوله قريب من الباب هاتفا بجدية : صدفة سارة يا أرنبة .
ضحكت ساخرة :شكرا يا ابية .
كتم ضحكته لينفتح المصعد من جديد فيشير إليها بخفة أن تتبعه ليصف لها بعملية ووجه جادي استنتجت أنه بسبب العاملين من حولهم : هاك هو ، تفضلي .
ابتسمت واتبعته وهي تدرك أنه يتعمد أن يسبقها بخطواته في حركة مهذبة أثارت تقديرها له لتتطلع إلى من حولها فتلتقط الحديث الهامس بين الممرضات فتسأله بخفة وهي تقترب منه بخطواتها : هل يتهامسون عنك يا ابيه ؟
ابتسم ليحرك رأسه بعدم معرفة : لا أعلم ولكن جائز .
همست بخفة : هل أنت رب عمل قاسي ؟
رمقها بطرف عينه ليهمس بخفوت : بل مخيف .
هزت كتفها وهي تدلف من أمامه داخل المقصف : ليس معي ، لقد اكتسبت مناعة ضدك .
اسبل جفنيه ليجيبها بخفة ماكرة : لا تراهني ، لازالت جعبة الأسد ممتلئة يا صغيرة .
أجابته وهي تجلس مكان ما أشار لها : ولكننا أصبحنا اصدقاء ، الأسود لا تخيف بعضها يا دكتور .
غمزة بسيطة من عينه انفلتت بعفوية ليجيبها : أصبت .
وميض سرى بعينيها سرعان ما اختفى فيكح بخفة متبعا – ماذا تشربين؟
همهمت بعفوية : عصير فراولة .
ارتفاع طفيف في حاجبيه ليكتم ابتسامة مستمتعة زينت ملامحه ليمأ براسه وهو يتحرك مبتعدا فتراقبه بعينيها وهي تفكر " ما الذي تفعله هنا الآن ؟!! "
عبست وهي تسمع سؤالها خارج من بين شفتيه وهو يناولها كوب العصير ويحتسي القهوة على ما يبدو لتهمس بحيرة : عفوا ؟
ابتسم بخفة ليهتف : أخبرك ما الذي تفعلينه هنا ؟
أجابت بمنطقية : أتيت مع والدتي لأكون بجوار أميرة وتامي ولكننا هنا منذ الصباح وهي لم تلد للان وهناك أمر ما في ولادتها لا أفهمه ، شعرت بأن أعصابي أوشكت على الاحتراق وتوترت بالفعل ففكرت أن اتحرك قليلا وأبحث عن المقصف لأحتسي شيء ما يساعدني على الهدوء .
ابتسم بتفهم لتكمل بعفوية – ولكني الآن سأعود حتى لا أتأخر عليهم فيتوترون لغيابي وهم من الأصل متوترون بسبب أميرة .
اشار إليها لينهضا سويا : حسنا تعالي سأعيدك واطمئن على أميرة بنفسي .
التفتت إليه لتسأله : يهمك أمر أميرة ؟
ابتسم بلباقة : أحمد أخو عبد الرحمن الذي يعد صديقي وزميل عملي ، وأميرة هانم ابنة عم ابن خالتي الذي أعده شقيق لي ، ناهيك أن أخي متزوج من ابنة عمها وأن بيننا نحن كآل الخيال نسب وصداقة وبين آل الجمال ، كل هذا يدعوني أن اطمئن على الحالة بنفسي وأوصي الطبيب بها أيضا .
ابتسمت برقة لتهتف بمشاكسة : نعم اتفهم كل هذا ولكن صمتت وهي تمص العصير عن طريق الماصة المتصلة بالكوب قبل ان تتبع – لا أقصد أن اكون وقحة ولكن توصيتك لا تهم فأميرة ابنة شقيق مالك المشفى الأصلي .
ابتسم بخفة ليجيبها : بالطبع أنا أدرك هذا وكل التقدير لدكتور أحمد فهو أستاذي ومعلمي وسبب رئيسي في أني اخترت جراحة المخ والأعصاب بالمناسبة ولكن كل هذا لا يمنع أن توصية عادل الخيال غير .
نظرت إليه باستنكار ساخر لترد بمرح خافت : لا والله .
حرك رأسه بثقة سكنت حدقيته : غدا تعلمين يا موكا .
ضحكت بخفة وهتفت : لا شكرا لك ، لا أريد أن أعلم فأنا أخاف المرض والأطباء والمستشفيات وكل هذه الأشياء يصيبونني بالرعب لذا أنا قررت ألا أنجب أبدا .
عبس بتعجب وهو يرمقها مليًا وهي ترتشف العصير بطفولية ليؤثر الصمت فلا يجبها وهما يقفان أمام المصعد لتهتف به في ثرثرة عفوية : بالمناسبة بم أنك صديقي أردت أن أخبرك عن أمر ما يخصني وأريد استشارتك فيه .
أشار إليها باهتمام : بالطبع تفضلي .
همت بالحديث ليتوقف المصعد ويفتح بابه أمامها لتهم بالدخول ولكنها انتظرت لتفسح المكان للأخرى التي ستخرج منه ولكنها توقفت وعيناها تتسمر على عادل الذي التقط وجودها بدوره فنظر إليها مليا قبل ان يهتف بترحاب أنيق : مرحبا يا لارا ، أرى أنك هنا ؟
رفعت لارا نظرها ترمقه بعدما رمقت ملك سريعا ، ملك التي نقلت نظرها بينهما وهي تشعر بأنك هناك شيء ما يجمعهما فصمتت بصبر وهي تنظر لارا التي ابتسمت برقة : اها أتيت لأراك، فمضى وقت علينا دون أن نتقابل .
ارتفاع طفيف بحاجب ملك سيطرت عليه سريعا وعادل يهتف : انرت المشفى بوجودك ، فقط مندهش لأنك لم تخبريني .
حركت كتفيها بحركة ناعمة : أثرت أن افاجئك ، أتبعت وهي تنظر لملك – من الواضح أني أتيت بوقت غير مناسب فأنت مشغول .
رمتها ملك بنظرة غير راضية واستنكار اعتلى ملامحها فابتسم عادل بخفة : لا أبدا لدي عمل بالطبع ولكن تستطيعين الانتظار إلى أن ننتهي فقط سأذهب مع ..
صمت ليكح بخفة ويهتف بجدية : المعذرة نسيت أن أعرفكما ، أشار إلى لارا – هذه الآنسة ملك عابد ابنة عمة جنى زوجة أسعد .
ابتسمت لارا وهمست : تشرفنا أعتقد أني قابلتها بالزفاف .
أتبع وهو يشير لملك : السيدة لارا ، شعرت ملك بالترقب لتنتظر كلمته التي أتت قاطعة - خطيبتي .
ابتسامة واسعة شملت ملامح ملك لتهتف بمفاجأة : اوه ، كيف لم تخبرني ؟
أتبعت بصدق : سعيدة بالتعرف عليك يا سيدتي لتكمل بخفة - مبارك يا ابية .
رمقها من خلف رموشه ليضحك بخفة وهو يتأمل ردة فعلها التي أتت طبيعية للغاية فيجيبها : بارك الله فيك العقبى لك بإذن الله .
ابتسمت ملك لتهتف : حسنا لن اعطلك عن خطيبتك سأذهب بمفردي .
أشار إليها بحزم : لا انتظري سأتي معك لأطمئن على أميرة هانم ، أتبع وهو يلتفت نحو لارا – فالهانم يمكنها الانتظار بمكتبي وأنا سأوفيها فيما بعد .
عضت ملك شفتها بخفة لتهمس إليه بصوت تعمدت أن يصل للأخرى الواقفة بجواره وهي تلامس ساعده بعفوية تقترب منه تحت نظر أعين الثانية المراقبة : عادل لا أريد أن اتسبب بمشكلة بينكما من فضلك ابقى معها .
رمقها عادل وابتسامته تتراقص بعينيه : لن يحدث شيئا لا تقلقي .
رفعت نظراتها الماكرة لتهتف بمسكنة : على راحتك .
أشارت بكفها للأخرى وهي تبتعد عنهما قليلا : فرصة سعيدة يا سيدتي .
كتم ضحكته ليلتفت إلى لارا مبتسما : المعذرة لابد أن اذهب لأطمئن على ابنة عم جنى فهي تلد وسآتي على الفور .
ابتسمت لارا بتوتر وهي تراقب الصغيرة التي عادت لشرب عصيرها بطفولية واضحة : لا عليك سأنتظر .
أومأ برأسه ليستدعي المصعد فيدلف إليه خلف ملك التي أشارت إليها تودعها بحماس قبل أن ينغلق باب المصعد فتعود للخلف تكتف ساعديها أمام صدرها وتهتف بخفة ماكرة : أنت الآخر اصبحت مدان لي بتفسير يا ابيه .
ابتسم بمكر وأخفض رأسه قليلا ليجيبها بخفة : معك حق ، من المؤكد أننا سنتحدث سويا في وقت ما .
همست بلا مبالاة وهي تنتهي من عصيرها : أكيد هذا ما يفعله الأصدقاء عادة ، لذا أنا سأنتظر.
***
صفت سيارتها في المكان المخصص بأماكن صف السيارات في المرأب المفتوح الضخم الموجود أمام المشفى الكبير الذي تعلم أنه يتواجد به الآن ، فهذا موعد مناوبته الصباحية ، تحركت بجدية للداخل وهي تدرك أن عليها الحديث معه فما حدث البارحة بالزفاف وانفجاره الذي تشعره بات وشيكا يستحق أن تتحدث معه وتخبره عم يؤرقها .. يضج مضجعها .. وينهك روحها ، فهي إلى الآن تشعر ببعض الاضطراب حينما يقترب منها .. يغازلها .. أو يمنحها الكثير من مشاعره فتتزايد رهبتها ألا تغرق في دوامته لتتراجع كرد فعل تلقائي لا تقوى على التخلص منه ، وخاصة بعد هذه المرة التي استجابت له حينما قبلها في غرفته .
احتقن وجهها بقوة وهي تخطو إلى الداخل تتجه نحو القسم النفسي وضميرها يؤنبها على ما فعلته البارحة معه في عرس شقيقه ، فبعدما استجابت إليه اخيرا لتراقصه بعد رفض تكرر من أول الزفاف إلى أن بدأ نادر في الغناء فأطاعته لترافقه قليلا ثم ابتعدت عنه ثانية في عدم رضا كسى ملامحه ولكنها تجاهلت الأمر فلم تقبل بأن ترافقه في الرقصة الهادئة ليجاورا عاصم ونوران بل وقفت بعيدا بجوار الفتيات لتبتسم رغم عنها وهي تستمع إلى الحوار الخافت بين ملك وآسيا اللتان وقفتا تتنهدان وتطلقان التعليقات الهائمة على هيام عاصم الواضح لتصفر آسيا فجأة وملك تهتف ضاحكة وعاصم يحتضن نوران ويدور بها : Awesome
فتضحك بخفة وتهتف بهما : كُفّا عن التغزل بالرجل ، أنه يتزوج ، فلا داع للغزل الآن ، لو كانت خطبة كان تغزلكما به مناسبا ولكن ما نفع تغزلكما به الآن فهو ذهب وأصبح ملك المدللة، أشارت إليهما بعصا الباتون ساليه الذي تتناوله وهي تتبع بتهديد ضاحك - ثم هاك أنا احذركما أن نوران استمعت إليكما ولولا أن عاصم يراقصها لكانت أتت وقطعتكما إربًا ولكنه منعها عنكما، ولكن هذا لا يمنع أنها ستقتص منكما بعد انتهاء شهر العسل
ضحكت الاثنتان لتهتف ملك بخفة : إذا انتهى شهر العسل لا أعتقد أن عاصم سيتركها تخطو بعيدا عنه ثانية
حينها شهقت بمفاجأة وهي تنظر لتلتفت لملك بعينين متسعتين هاتفه بصدمة وهي تكتف إحدى ذراعيها أمام صدرها وتسند مرفق الآخر فوقه لتقضم قطعة من عصا الباتون ساليه وتتمتم بتعجب : أصبحت وقحة يا فتاة.
همت الأخرى بالرد عليها قبل أن يشهقن ثلاثتهن على صوته الذي صدح من خلفها ورأسه التي أطلت من جنب رأسها لا يفرقه عنها إلا مسافة ضئيلة ليهمس بمرح : من التي أصبحت وقحة؟!
لم تدري بنفسها إلا وهي تدور بسرعة في رد فعل سريع منها كعادتها بجسدها القريب من جسده للغاية وترفع كفها لتهوى به على وجنته فيلتقطه بسرعة بداخل إحدى راحتيه وهو ينظر إليها بصدمة طلت من عمق حدقتيه وقبل أن تتحرك لتبتعد عنه كان يقبض على يدها الممسكة بعصا الباتون ساليه بكفه في قوة تعمدها ليقضمه ببرود وهو مستولي بنظراته عليها ، اكفهر وجهها وهي تشعر بالإحراج يغزوها ثانية وهي تتذكر أنها دفعته إليه في فمه بعصبية قابلها ببسمة هازئة وهو يتمسك به بين شفتيه ، تنظر لعمق عينيها فترى غضبه المكبوت بداخله وعتابه الصريح فتشمخ بكبرياء تملكها لوهلة فتدفعه بحدة بعد وهلة بعيدا عنها وهي تهمس بغضب : ابتعد عني .
رفع حاجبه برفض أن يتركها وهو ينظر إليها من خلف رموشه المسبلة وهو يؤثر صمت أغاظها فأتبعت هادرة بعصبية وهي تحاول أن تتملص منه :اتركني يا عمار ، لم يجب وهو يرمقها ببرود أثار دمائها وهو الذي لا يمنحها حرية الافلات بل جذبها إليه أكثر وهو يحبط حرية جسدها بعدما قبض على مرفقها الحر فهتفت بغضب حقيقي : هل أنت مجنون ؟! هل هناك أحدا يفعل ما تفعله وسط الناس ؟! ماذا أردت لتقترب مني هكذا ؟! اتركني .
__ لا ، إجابة بسيطة قاطعة فلتت من بين شفتيه فأثارت جنونها ليتبع ببرود – أنا من حقي أن احتضن امرأتي ، وأنت امرأتي يا بنت الأمير .
تمتمت بحنق واندفاع وجنونها يومض بعينيها : لا أنا لست امرأتك .
تجهمت ملامحه وهو يضيق عينيه قليلا قبل أن يفلتها بسهولة متمتما : على راحتك .
ومن حينها تجنبها تماما حتى حينما انتهى الزفاف لم يأبه أن تجاوره بل صحب شباب عائلته في سيارته وهو يزف شقيقه بينما هي ذهبت مع عاصم دون أن تحاول الاقتراب منه ، ورغم ادعائها عدم الاهتمام إلا أنها حينما أغلقت عليها باب غرفتها وبعدما بدلت ملابسها انتظرته أن يهاتفها .. يراسلها .. أو يطمئن عليها كعادته حتى وهما غاضبان سويا يهتم بالسؤال عنها ولكن هذه المرة شعرت بها مختلفة .. حدسها أخبرها أنها مختلفة .. وقلبها أيضا أخبرها أنها مختلفة ، بللت شفتيها برقة لتقترب من الفتاة التي تقف ترتب مواعيد الجلسات فتسألها بهدوء عنه فتخبرها الفتاة أنه موجود وليس لديه مواعيد الآن ، فتبتسم بخفة وتهمس إليها وهي تدفع ثمن الجلسة : أريد الدخول من فضلك .
أومأت الفتاة بلطف وهي تهم بتسجيل بيانتها فتهمس إليها بخفة : لا داعي ، أنا مريضة قديمة لدى الدكتور .
عبست الفتاة بعدم فهم لتنظر إليها قليلا فتمليها الرقم المتسلسل الخاص بها لتومئ الفتاة بتفهم قبل أن تشير إليها ان تدلف : حسنا تفضلي .
طرقت الباب بهدوء لتطل من الباب وتهتف بهدوء : صباح الخير .
رفع رأسه ينظر إليها بدهشة ليعبس بغضب لم يخفيه وهو ينهض واقفا : ماذا تفعلين هنا ؟
هزت كتفها وهي تجيب بهدوء : أتيت لرؤية الطبيب .
رمقها من بين رموشه ليقترب منها هاتفا : أنت لا تحتاجين لرؤية الطبيب ، لقد انتهينا من هذه المرحلة يا يمنى فلا تلتفين حولي حتى لا تعترفين أنك مخطئة .
رفعت رأسها بشموخ لتجيب بجدية : بل أنا مخطئة لا أنكر ولكني أتيت للطبيب لأسأله عن شعوري المبعثر واستفهم منه كيف علي أن اتحكم في صراعي الذي لا أقوى على اخماده .
هدر بغضب : صراعك ؟!! هل لازال هناك صراع بداخلك بعد كل هذا ؟!
مطت شفتيها لتهمس بحزم : اهدأ يا عمار حتى نستطيع التفاهم ،
رمقها بجدية : حسنا سأفعل ولكن من فضلك استعيدي ثمن الكشف وعودي للبيت وبعدما انتهى من عملي سأمر عليك ونتفاهم في البيت .
عبست باعتراض ففتح باب الغرفة ليهدر باسم الفتاة التي أتت سريعا فهتف بها في خشونة أن تعيد لها نقودها قبل أن يهدر بحزم : الآنسة ليست مريضة .
نقلت الفتاة نظرها بينهما دون فهم لترمقه يمنى بضيق قبل أن تهتف بهدوء : حسنا على راحتك ، همت بالانصراف فاستوقفها سائلا بخشونة – انتظري يا يمنى كيف أتيت ؟
توقفت لتجيب بهدوء : بسيارتي ، فأتبعت – أتيت لأتحدث معك يا عمار ولكنك ..
قاطعها بعدما أشار للفتاة بالانصراف وأغلق الباب خلفه : أنا زوجك يا يمنى حينما تريدين الحديث معي لي بيت تستطيعين زيارته أو تراسليني وتخبريني أن امر عليك ، لا أن تأتي لي كطبيب نفسي فأنت وأنا ندرك جيدا أنك الآن بألف خير والحمد لله .
أشاحت بعينيها بعيدا فاكمل : هل تشككين بقدراتي كطبيب نفسي أيضا يا يمنى ؟ ألا يكفيك تشكيكك بي كزوج لا تقوين على منحه الأمان فتشككين بقدراتي العلمية وأني لن أقوى على فهم دوافعك ؟
رفت بعينيها لتجيبه : لا بل أتيت لك لأشرح لك دوافعي فتساعدني يا عمار .
رفع حاجباه استهجانا ليغمغم بضيق : أساعدك فيم ، ألا زلت لا تثقين بي يا يمنى ؟!
هتفت بضيق تملك منها : بل أثق بك ، المشكلة أني لا أثق بنفسي وأنا معك .
اتسعت عيناه بصدمة قبل أن تتحول إدراك تام ليهمس بعدم تصديق : لازلت تحاسبين نفسك على ما حدث قديما .
استلقت جالسه فوق الاريكة من خلفها وهي تهتف انهيار وشيك : أنت لا تعلم كيف شعرت بأني سيئة لأني استجبت لك يا عمار ، وشعوري هذا تجدد حينما ..
قاطعها بفهم : حينما قبلتك بغرفتي واستجبت لي ، أعلم ، رفعت نظرها إليه بعدم فهم فاكمل – أدركت هذا حينما بدأت بوضع الحدود بيننا يا يمنى .
أخفضت عيناها ثانية ليبتسم رغما عنه وهو يتأمل ضيقها قبل أن يغمغم بحنق : لم تكن شبه قبلة هذه التي ستدمر حياتنا .
مسحت وجهها بكفيها وهي تعيد خصلاتها للخلف لتتمتم : فقط كل ما أريده منك أن تحترم الحدود بيننا يا عمار إلى أن يتم الزفاف .
زفر بضيق : أنه لوقت طويل يا موني ، وأنت حدودك كثيرة وأنا لا أقوى أن أظل اخطو معك وكأني اخطو فوق خيط حرير أخاف أن تفلت قدمي فتتراجعين كما تفعلين الآن .
أكمل وهو يقترب منها – أريدك أن تثقي بنفسك وبي وأن تقتنعي الآن أنك لم تكوني سيئة لا فيما قبل ولا الآن ، بل أنا من أغويتك في المرتين للحقيقة .
ابتسمت رغما عنها لتهمس إليه بمشاكسة : إذًا أنت السيء فيم بيننا .
أومأ برأسه وهو يقترب منها اكثر : اقر بذلك ومعترف ، أنا السيء .. الشرير .. العابث .. والفاسد يا يمنى .
رمقته بمكر وهي تسند ذقنه لراحة يدها بعدما غرست مرفقها في ركبتها تهمهم من خلف كفها بصوت ليس واضحا : أعتقد أن علي إبلاغ أبي بكل صفاتك السيئة هذه حتى يلغي الزيجة .
ضحك بخفة : لا تستطيعين يا ابنة الأمير .
رفعت حاجبيها ورمقته باستهانة فأكمل – أنت تحبين صفاتي كلها سيئة أو جيدة ، أنا نصفك الآخر يا يمنى فتوقفي بالله عليك عن كل ما تفعليه بنا .
رمشت بعينيها وتنهدت بقوة فاحتضن كفها من أمام فمها ليجذبها إليه يقربها منه أكثر هامسا بجدية ووعد تألق بعينيه : لن اهرب وأتركك ثانية .. ولن أظن بك السوء فأنا لن أفعل يوما ، أنت زوجتي منذ أن خلقت يا يمنى .. أنت قدري الذي آمنت به وعافرت كثيرا لأعود إليه فتوقفي عن الخوف واعلمي أن الله خلقنا لبعض ولن يفرقنا شيء سواه .
رقت ملامحها وشعر بتوترها يهدأ ونظراتها تلين بعشقها له فهمس بخفة ومرح : هل مسموح لي بتقبيلك بعد كل هذا الحديث .
ضحكت وهزت رأسها نافية فأومأ مستجيبا : حسنا وأنا راض سأنتظر للزفاف ولن يضرني بضعة أشهر ثانية .
ضحكت ونهضت واقفة لتهم بالحديث عن كونها ستغادر ليرتفع رنين هاتفه فجأة فيعبس بتعجب وهو ينظر لوجه ابن عمه فيجيب بعدما أشار إليها أن تنتظر قليلا ليأتيه صوت أدهم الذي هتف بخوف حاول السيطرة عليه : عمار أنا بالطوارئ في الأسفل ، مازن وقع مغشيا عليه بالجامعة.
***


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-09-20, 06:21 PM   #454

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

تحركت بأعياء يداهمها منذ الصباح .. غثيان مستمر صاحبه قيء حاولت أن تتجنبه ولكنها لم تصمد كثيرا فتقيأت مرتان رغم عدم تناولها لأي طعام عبست بضيق وهي تعود للمنزل بعدما فشلت في الحصول على اجازة قبل أخر الأسبوع وهذا هو اليوم الثالث في إجازته ولم تكن تريد أن تذهب لعملها وتتركه من وراءها في البيت إلا أنها لم تستطع إلا الذهاب ورغم أنه من ايقظها صباحا ودفعها للمغادرة بل ابتاع لها القهوة بالطريق وأجبرها على تناول قطعة من الكرواسون لم تستطع بلعها فهي تشعر بالغثيان منذ الصباح ولكنها لم تشأ أن تثير قلقه أو تركن لشعورها بالمرض ولكن مع استمرار شعورها بالإعياء اضطرت لترك عملها باكرًا وعادت في سيارة أجرة فهي لم تحدثه أو تخبره بعودتها حتى لا تقلقه ، هرعت إلى دورة المياه أول ما دلفت إلى البيت ونوبة غثيانها تضرب معدتها بقوة لتتقيء من جديد !!
تحركت بتعب ألّم بأطرافها بعدما انتهت لتستند إلى حافة المغسلة تفتح الماء الذي انساب فتغسل وجهها مرات متتالية قبل أن ترفعه تنظر الى انعكاس ملامحها الشاحبة في المرآة الكبيرة أمامها لتتنفس مرات عديدة حتى تحصل على هدوء أسكن معدتها قليلا . فتحركت ببطء لتاتي بفرشاة أسنانها وتنوي غسلها لعلها تتخلص من أثار القيء وطعمه المرير لتجفل وهي تطلع إلى علبة فوطها الصحية التي لم تستعملها هذا الشهر ، ارتعد جسدها وتراجعت للخلف وفرشاتها تسقط من يدها وهي تحسب في عقلها موعد دورتها التي لم تزورها من أخر مرة الشهر الماضي فتنهمر دموعها وتشتت مجال رؤيتها ورعبها ينتشر بأوردتها ليتصلب جسدها الذي انتفض لا إراديا وكفاها يقبضان على بطنها المسطحة دون تصديق وهي تهمس مكررة : لا لا يمكن أن يحدث .. لا لا يمكن أن يحدث .
لم تستطع إدراك وجوده ولا عبوس ملامحه ولا سؤاله المتكرر عم ألّم بها لتصرخ منتفضة حينما قبض على مرفقيها ليهزها برفق ينبهها لوجوده فتهلع بخوف سكن نظراتها وهي تهمس إليه بعدم اتزان قبل أن تهوى بين ذراعيه : أنجدني يا أسعد ، لا أريد الموت.
رفت بعينيها تستيقظ على رائحة قوية تداعب أنفها لا تدرك كم من الوقت ظلت مغشي عليها لتشعر باحتضانه لها وهمسته الدافئة باسمها تحتضنها فتتمسك بصدره وتبكي رغما عنها ليهمهم إليها وهو يقبل جبينها : اهدأي يا حبيبتي ، اهدأي لن يصيبك مكروه بإذن الله .
تمتمت بعفوية : أنا آسفة يا أسعد ، آسفه لم أقصد ولكن ..
تنهد بقوة وأجابها : أعلم تصرفت بعفوية عائدة لخوفك ، اهدأي يا جنى سنذهب للطبيبة فأنا هاتفتها قبل أن اوقظك بعدما اطمأننت على ضغط دمك وتنفسك ودقات قلبك وأنك بخير ، وتحدثت معها قليلا وشرحت لي الأمر كاملا ، ولكن لابد أن تعودين لزيارتها ثانية .
رفت بعينيها لتهمس باختناق : ظننت أني أصبحت بخير .
تمتم سريعا وهو يجبرها أن ترفع وجهها وتنظر إليه : أنت بألف خير ، فقط علينا أن نفعل أمران أولا ً نتأكد من أمر الحمل هذا ، ثانيا تعودين للطبيبة وتحصلين على جلساتك معها إذا قررت هي أنك تحتاجين للجلسات .
رفت بعينيها لتهمس : لأجلك سأفعل أي شيء .
ابتسم بلطف ليضمها إلى صدره : بل لأجلك أنا أفعل أي شيء وكل شيء حتى تكونين بخير يا جنتي .
ابتسمت وهي تكفكف دموعها لتحتضنه بقوة تتمسك به برجاء اثار حنانه فيضمها أكثر إليه يمنحها دعمه الكامل وأمان وجوده ليهتف بجدية : هيا انهضي واستعدي لنذهب لإجراء اختبار الحمل وأيضا للذهاب لطبيبتك قبل أن نخرج سويا لنتعشى عند العم حسني ، لقد اشتقت لطعامه.
ابتسمت وأومأت برأسها فيرن هاتفه لتساله بعفوية : والدتك ؟
ليتمتم بعبوس طفيف داعب جبينه : بل والدك .
اعتدلت بجلستها وهتفت بترقب : بابا ؟
أومأ برأسه قبل أن يستقبل اتصال حماه ليتحكم في ملامحه بسيطرة تامة وهو يستمع إلى صوت أحمد الجزع يخبره عن وجود ولده بالمشفى ويطلب منه أن يأتي بجنى دون أن تجزع لأجل أخيها فيجيبه بهدوء : اها يا عماه جنى معي ، سنأتي لكم بإذن الله ، إلى اللقاء .
نظرت إليه بتساؤل فابتسم بوجهها : والدك يريدنا أن نمر عليهم الليلة ، أتبع بسرعة دون أن يمنحها فرصة الحديث – هيا استعدي لنذهب .
أومأت برقة وهي تتحرك بالفعل ليراسل هو عادل بسرعة يسأله عن أمر مازن فيجيبه عادل بعدم معرفته عن الأمر ليخبره سريعا أن كل ما يعرفه أن أميرة تلد .
ذهول طفيف شاب وجه أسعد ليتمتم بعدم تصديق : مرحى ، الليلة ستكون مميزة فآل الجمال مجتمعين على كل شيء حتى المصائب والحمد لله .
هتفت وهي تطل من غرفة الملابس : ما بالهم آل الجمال يا أسعد ؟!
رفع رأسه لها ليتمتم ضاحكا وهو يتذكر سليم : أجدع ناس يا حبيبتي ، رمقته بتعجب فأتبع متعجلا – هيا يا جنى حتى لا نتأخر يا حبيبتي .
***
يدور من حول نفسه يشعر بالإعياء يمتلكه والخوف يعبث بتلافيف عقله فيأتيه صوت خالد الهادئ الذي نهض ليقف مجاورا إليه : اجلس يا أحمد قليلا واهدأ يا بني .
همهم أحمد بانفعال توقف عن كبته بداخله : لا أستطيع يا دادي ، لقد تأخروا كثيرا بالداخل وأنا خائف بالفعل على أميرة .
ربت خالد على كتفه : ادعو لها وتوقف عن الخوف والقلق ستكون هي والأطفال بخير بإذن الله
تمتم سريعا : يارب يا دادي يا رب .
انتبه خالد لوصول وائل من جديد يحفه رجال حرسه الذين اوقفهم بعيدا عن العائلة المنتظرة بغرفة الانتظار القريبة من غرف عمليات الولادة ، بعدما كان غادر لأمر هام يخص عمله ليهتف بقلق وضح بصوته : لم تلد للان .
صمت أحمد غير قادرا على الحديث فأجابه خالد سريعا : بل دلفت إلى غرفة العمليات ولكنها لم تخرج للان .
سأل وائل وملامحه تشحب : منذ متى ؟
رف احمد بعينيه ليصمت خالد قليلا قبل أن يجيب بهدوء : اهدأ يا معالي الوزير ، لقد جربت هذا القلق من قبل ثلاث مرات اليوم خاص بأحمد وهو قلق بما فيه الكفاية .
تنفس وائل ببطء ليؤثر الصمت فيتبع خالد بجدية وهو يربت على كفته : ادعو لها وأنت جالس بجوار فاطمة التي تحتاجك كثيرا ، رغم وجود ياسمين وإيمان معها إلا أنها كانت تسأل عنك كل دقيقتان .
ابتسم وائل ليتابع خالد بخفوت : وأترك لي أحمد سأعتني به .
أومأ وائل برأسه لينظر إلى وليد الذي نهض لمصافحته ويتحدث معه بجدية يطمئنه ويؤازره قبل أن يتركه وائل ويجاور فاطمة التي تمسكت بحضنه عندما جلس وهي تهمس بصوت باكي : أنا خائفة يا وائل .
تمتم بجدية : اهدأي جميع النساء تنجب أنت نفسك أنجبت من قبل ثلاث أطفال ، ستخرج سالمة بإذن الله .
تمتمت بالكثير من الأدعية ليسألها باهتمام : هل اخبرتم نوران ؟!
هزت رأسها : لا لم أشأ أن أقلقها .
ضيق عينيه ورمقها قليلا قبل أن يلتفت لاخيه : ألم تخبر الكبير أن ابنة عمه وشقيقة زوجته تلد منذ الصباح .
ابتسم وليد بخفة ليسبل جفنيه بمكر : تحدثت إليه صباحا واطمأننت عليه ، أطبق وائل فكيه ليكتم وليد ضحكته وياسمين تنظر إليه بعتاب جاد فيكمل بجدية - ولكني لم أشأ أن اقلقه فأثرت أن انتظر إلى أن نطمئن على أميرة بالفعل ثم أخبره .
تمتم وائل بسماجة : أصبحنا العصر يا أبا العريس أعتقد أن هذا يكفي لتقلق منام ولدك .
تحكم خالد في ضحكته بينما ابتسم أحمد مرغما لينفجر وليد ضاحكا ويجيبه بمشاكسة تعمدها : لن أقلق العريس يا أبو العروس الآن ، حينما تلد شقيقة العروس سأخبرها .
طحن وائل ضروسه لتهمهم ياسمين بضيق : يا الله ، لا أفهم حقا مما أنتما مصنوعان ، العالم بوادي وأنتما الاثنان بوادي أخر فريد من نوعه .
أشاح وائل برأسه بعيدا بينما ضحك وليد من جديد فهتف به متبعة – أرجوك توقف يا وليد ألا ترى أحمد كيف قلق ، الولد سينهار قلقا .
أشار وليد بكفيه معتذرا ليهتف أحمد بزفرة قوية : اتركيهما على راحتيهما يا جاسي فأنا اعتدت عليهما سويا منذ أيام العمل .
هزت ياسمين رأسها بيأس لتنهض منال واقفة تحاوط أحمد من الاتجاه الأخر لتربت على كتفه هاتفة : اطمئن يا حبيبي ستخرج سالمة بإذن الله ،
ابتسم ليجيبها : بإذن الله يا ماما .
تمتمت بجدية : دعني أخبر إخوتك يا أحمد ، حتى لا يغضبا يا بني .
تنهد بقوة وهتف : يا ماما ألا تكفي انك اخبرت هنا التي أتت وظلت معنا فترة الصباح بأكملها قبل ان تنصرف وستعود ثانية ، عمر زوجته متعبة وعبد الرحمن لديه عمل ولن يستطيع المجيئ سنقلقه فقط دون داع ، عندما تضع أميرة مولودها سنخبرهم .
تنهدت بقوة وأومأت برأسها في تفهم وهمت بالحديث لتتوقف على صوت عمار الذي صدح بعدم فهم وهو الذي مر من أمام الغرفة سريعا لينتبه لوجودهم فيعود ثانية وهو يدلف للداخل : لماذا أنتم هنا جميعا ؟! أتبع بعفوية – فغرفة مازن بالأسفل .
صمت خيم على الجميع لينتفض وائل واقفا وإيمان تسأل بهلع : مازن ؟!! ما باله مازن يا عمار ؟!
رمش عمار بعينيه كثيرا ليهمهم : لا تدركون أمر مازن إذًا ماذا تفعلون هنا ؟!
هتف وليد سريعا : أميرة تلد ليتبع وائل بنفاذ صبر – ما به ابن عمك ؟
أجاب عمار بسرعة وكأنه يتخلص من الكلمات : وقع مغشيا عليه وأدهم نقله إلى الطوارئ بالأسفل .
شهقات النساء ارتفعت لتصرخ إيمان بفزع قبل أن يهتف وائل بسرعة : هل عمك عرف ؟
أومأ عمار برأسه : نعم ومعه بالأسفل .
تمتم وليد سريعا : خذنا إليه الآن .
***
تحركت بخطوات هادئة بعد أن حصلت على حمام سريع وارتدت طاقم انتقته بعناية لصباح أول يوم زواجهما ، ورغم أنها لم تنم جيدا فهو أصر على إيقاظها بعدما اكتشف وجود طعام مرصوص بطريقة أنيقة في غرفة معيشتهم ليسألها عنه فتهمهم بنعاس وهي توليه ظهرها أن والدتها أوصت كبيرة الخدم أن تمدهم بالطعام في أوقاته دون ازعاج فلعلها هي من وضعته لهما وكادت أن تغرق بغفوتها إلا أن قبلاته المتتالية فوق كتفها وهمسته الدافئ برجائه الفخم أن تستيقظ ليؤكلا سويا فتستجيب ببسمة ناعمة التهمها بشفتيه وهو يصيح بحماس بعدما قفز من الفراش أنه سينتظرها خارجا فهو سبقها وحصل على حمامه
وهل هي تخطو نحوه وهو الواقف بجوار الطاولة الرخامية في مطبخهما الصغير والغير مجهز لأعداد إلا بسيط الأشياء يحتسي قدح كبير من القهوة الأمريكية والتي من الواضح أنه من أعدها بنفسه !!
رمقته بنظرة متفحصة من أخمص قدميه المخفيتين في خف منزلي أنيق بنطلون منامته القطني بلونه الكحلي وصدره الأبيض العريض العاري ومضت عيناها وهي تتفحصه لتلتمع ابتسامتها فوق ثغرها انتهبت على صوته يهمهم لنفسه على ما يبدو فهو لم يدرك وجودها بعد وخاصة وهو منشغل في التطلع لمحتويات الثلاجة الكبيرة المفتوحة على مصرعيها : أين عصير البرتقال لا أفهم ؟!
أجابت بخفة وهي تقف على مسافة بعيدة نسيبا منه تضع كفاها متشابكان خلف ظهرها وتبتسم بمرح : أنا طلبت منهم ألا يفعلوا ؟
التفت سريعا نحوها فكتم أنفاسه وهو يتطلع إليها بانبهار ومض بعسليتيه بقدميها الحافية كما يحب وساقيها العارية لآخر فخذيها الذي التف حولهما رداء حريري بلون البرتقال الغني قصير للغاية شفاف فيظهر جسدها بسخاء ما عدا تلك الأجزاء المخفية خلف ملابسها الداخلية بلون أغمق من لون الرداء على الاقل درجتين فتظهر بوضوح من فوق جسدها صدره بجزئية المتباعدين مفتوح إلى ما بعد صدرها متهدل على جسدها لولا هذا الرباط الرفيع الذي يضم القماش على خصرها فيحدده ، ورباط مماثل ينبثق من كتفي جزئي الصدر ليمر على عنقها من الخلف على ما يبدو ، ابتسمت بمكر لتهمس وهي تقترب قليلا : ظننتك ستكتفي بي .
اسبل جفناه لينطق بضحكة خافتة وصوت أجش : بالطبع سأفعل ، أتبع سائلًا وعيناه تدور عليها من جديد - ما شكله من الخلف ؟!
هزت كتفيها لتهمس : هل استدر فتراه بنفسك ؟
هز رأسه نافيا وهو يغلق الثلاجة : لا ، أريد أن أتخيله فيبقى غامضا لوقت أكبر قبل أن انتزعه عنك .
ضمت شفتيها لتهمهم وهي تقترب أكثر بخطوات تخطوها على أطراف أصابعها تحافظ على ذراعيها خلف ظهرها : أووه ، هل ستفعل ؟
هز رأسه بحركة غامضه وعيناه تومض بمكر : أعتقد بعد الطعام كلانا سيفعل .
ابتسمت وأثرت الصمت لتقف خارج حدود طاولة المطبخ المفتوح على بقية جناحهما فتختفي عن نظراته التي تتأمل ساقيها فتحافظ على مسافة كافية بينهما لتسأله بخفة : هل لي ببعض من القهوة ؟
تحرك بأناقة ليأتي بقدح يماثل قدحه ولكن بلون فاتح درجتين عن خاصته البني الغامق : بالطبع يا سيدتي .
ألقاها بخفة ماكرة تعمدها فتوردت مرغمه وخاصة مع نظراته العابثة وهو يناولها القدح فتلتقطه بخفة لتحتسي بعضًا منه بينما يعود هو ليستند بجسده على حافة المغسلة من خلفه لتهتف بخفة : أووه أحدهم كان يمارس تمارينه الرياضية .
ابتسم بمكر و وضع قدحه الفارغ في المغسلة ليستدير إليها ثم يسند راحتيها للخلف ليجيبها مثرثرًا بطبيعة : داومت عليها من بعد الحادث استقطعت ساعة في الصباح من وقتي وكنت أجر عمار معي في الصباح الباكر ليشجعني على المداومة ، أردت أن أمنحك شيئا تنبهرين به كلما نظرت إلي .
ابتسمت وتحركت بخفة وهي تحتسي بقية قهوتها فتقترب منه كثيرا وهي تهمس بخفوت : أدركت فقدانك للوزن الذي وضح في ملابسك الرسيمة والتي أظهرت عرض كتفيك ولكن ..
حملت القدح بإحدى كفيها حينما وقفت أمامه مباشرة لتحرك طرف سبابتها من أخر كتفه البعيد تمرره ببطء على بشرته وانفاسها تختلج داخل صدرها فيكتم أنفاسه وهي تمررها فوق عضلاته المقسمة لتهمس بمكر وافتعال واضح : لم تبهرني لهذه الدرجة .
كتم ضحكته ليحتقن وجهها بقوة وتهمهم متبعة بحرج وهي تبتعد عنه قليلا تشيح رأسها بعيدا - أنت وقح.
انطلقت ضحكته بقوة ليهز كتفيه وهو يهمهم : لم افعل شيئًا .
رمقته بطرف عينها لتسأل بغيرة حارقة : لا والله ، .
زفر أنفاسه كامله ليتحرك مقتربا منها يقف بجوارها دون أن يلامسها فعليا هامسا : ما افعله معك يخصك انتِ وانتِ فقط يا نوران .
ومضت عيناها ببريق زيتوني سعيد لتعض شفتها السفلية بخفة وهي تسبل اهدابها قاطعة وصال نظراتهما لتسأله بعد برهة : أنت لم تخبرني أين سنذهب ؟
رد بعفوية : إلى الفراش بالطبع .
تعالت ضحكاتها بنعومة فشاركها ضاحكا لتلكزه بمرفقها في بطنه وهي تمر من جواره نحو مكان غرفة المعيشة فيتطلع إلى ظهرها العاري الا من ذلك الرباط الذي يمسك صدر الفستان من الأمام وهي تهتف : بل قصدت شهر العسل فأنت لم تخبرني أين وجهتنا؟!
لم يجبها لتلتفت إليه قبل أن تجلس أمام الطاولة المستطيلة هاتفه باسمه حينما شعرت به لم يتبعها : عاصم .
رفع عيناه إليها لتسأله : ما بالك ؟!
ومضت عيناه ببريق لم تستطع فهمه ليهمهم بخفوت : أحاول أن اسيطر على شوقي لك ولكن .. تنفس ليبتسم بخفة - أنت لا تساعدين .
نظرت إليه ببراءة : لم يعجبك الفستان ؟!
اسره الإغواء الفطري في عينيها ليجيب ببساطة ماكرا : سيء للغاية ، من رأيي تخلصي منه .
تعالت ضحكتها من جديد قبل أن تجلس وهي تهتف : تعال وتناول الطعام فأنت أيقظتني لأنك جائعا .
ابتسم واستجاب بالفعل ليجلس بجوارها : نعم أنا بالفعل جائع ، التف ذراعه حول خصرها ليجذبها نحوه متبعا بهمس أجش - جائعا لك .
هم بتقبيلها لتضع كفها فوق شفتيه فيعبس بعدم رضا فتحدثه بجدية : ستتناول الطعام وتخبرني عن شهر العسل وبعدها تشرب البرتقال .
لعق شفتيه بعفوية أنارت عيناها وهو يجيب : سألتهمك قطعة قطعة يا برتقالتي .
تطلعت إليه بانبهار لم يفته فسألها بعدم فهم : ما بالك يا نور ؟
رفت بعينيها لتهمس بتعجب : أنها هذه الحركة التي ..
صمتت ليكمل ضاحكا وهو يبدأ في فتح أغطية الأطباق : التي يفعلها عمي أليس كذلك ؟
أومأت برأسها لتثرثر إليه بدهشة : بل الجميع ، كل ذكور آل الجمال على ما أعتقد لقد ظننتك لم ترثها ، ظننتك ..
ابتسم ليهمس إليها : بل أنا لا أميل لاستخدامها ، تخرج عفوية حينما أفقد سيطرتي ، عبست بغرابة فاكمل شارحا – أنا لا افضلها أشعر بأنها غير أنيقة ومن صغري كانت ماما تعنف عمار عليها فتحكمت أنا بها ونادرا بالفعل حينما تظهر .
تمتمت وهي تلامس وجنته تجبره أن ينظر إليها : الآن فقدت سيطرتك .
ضحك بخفة وأجابها : لقد ودعتها على باب الجناح البارحة ، احتضن كفها المحتضن وجنته ليقبل باطنه وهو يهمس أمام عيناها - أنا معك عاصم مختلف ، عاصم خاص بك أنت يا نور.
اختنق حلقها لتتحرك تجلس فوق ركبتيها لتحتضن وجهه بين كفيها وهي تواجهه لتقبله بلهفه وحب انتفض قلبه لهما لتتوقف فجأة وتتمسك بكفيه تسيطر عليهما حتى لا يلامسها فيزمجر دون رضا حينما ابتعدت عنه لتلهث أمام وجهه وهي تركن راسها برأسه : أنا جائعة حقا يا عاصم .
أومأ بعينيه فهمت بالابتعاد ولكنه رفض بهمسة حانية وهو يحملها ليجلسها فوق ساقيه : لا تبتعدي عني .
ابتسمت وهمست بدلال : ستطعمني .
ليجيبها بوقاحة تعمدها : بكل الأشكال التي تريدها .
ضحكت وهي تستريح بجلستها فوق ساقيه ليبدأ بتناول الطعام الذي تشاركا في تناوله بسعادة خيمت عليهما ، ليهتف بعد قليل حينما قارب على انتهاء الطعام وهو يحركها ليجلسها جيدا ويلصق ظهرها بصدره : أخبريني ماذا تفضلين أن نفعل بشهر العسل؟
عبست لتسأله بتعجب : ألم تستعد لأي شيء ؟!
احتضن أعلى ذراعيها : بل لدي كثير من الاختيارات .
تحركت قليلا لتزحف بعيدا عنه تجلس بجواره : كيف ؟!
رمقها قليلا : بم أني لم احصل على إجازة منذ أجازه الساحل فقررت أن أحصل على شهر عسلي كاملا .
ضحكت لتسأله بحماس : حقا الثلاثون يوما ؟
أخفض عيناه : بل ستة وثلاثون يوما ، تمتم بخفة متبعا - فنحن سنسافر بعد أربعة ايام تقريبا وأنا لم أذهب للعمل منذ يومان وشهر العسل سيبدأ منذ ركوبنا الطائرة .
التمعت عيناها بوميض حماسي : كيف أقنعت بابي وكيف رتبت امور العمل؟
هز كتفيه ليثرثر بلا مبالاة وهو يجذب براد الشاي الحراري والقدح الخزفي النظيف ليصب فيه مشروبه المفضل قبل أن يبدا بوضع مكعبي السكر ويقلبه برزانة : بابا أقنع عمي أو أجبره لا أعلم ، ولكنهما سويا الأمر مع إعطاء بعض الصلاحيات لأدهم وبالطبع وجود أحمد سيمرر الأمور ، وأيضا سأتابع الأمور بشكل متقطع وانا بالخارج .
جلست باهتمام وهي تثني ساقيها أسفلها تنظر إليه بحماس طفولي صدح بصوتها : إذًا أين سنذهب ؟
حمل قدحه واتكأ بظهره للخلف ليضع ساقا فوق أخرى بأناقة : لقد استأجرت إحدى الجزر لمدة أسبوع قابل للتجديد إذا ما أعجبتك .
اتسعت عيناها بصدمة : إحدى الجزر ؟!
أومأ برأسه وهو يرمقها باهتمام : نعم إحدى جزر الكاريبي اسمها ليتل هارفيست كاي .
جمدت ملامحها فلم يستطع أن يدرك معنى صمتها ليكمل : أنه أسبوع إذ لم يعجبك لدي برنامج كامل للتجول في أوروبا نستطيع أن نذهب لفرنسا فتتسوقين ونحضر عروض الأوبرا في روما والتجول بشوارع إنجلترا وزيارة المعالم في اسبانيا ، أو إذ كان لديك أي امنية أخبريني وسأحققها لك .
مطت شفتيها بتفكير لتسأله : ماذا سنفعل في الجزيرة ؟
أجاب ببساطة : نستجم .
رفعت حاجبها لتسأل بعفوية أتقنتها : إذًا رمال وبحر وسماء وشمس والكثير والكثير من ..
صمتت وضيقت عيناها في نظرة ماكرة ، فابتسم وأومأ برأسه لتكمل بإنجليزية : in the Caribbean؟!
أومأ برأسه ليشرح بعدما ترك فنجانه : إذ لا تعجبك لا بأس لنقضي الأسبوع ونذهب لأي مكان أخر .
رمقته قليلا قبل أن تنفجر ضاحكة لتهتف بحماس وإنجليزية تناثرت من فمها : ياااي ، أنا متحمسة للغاية ، جزيرة بمفردي سأسبح كما أريد وأحصل على سمرتي لجسدي كاملا دون التقيد بملابس السباحة .
سيطرت الدهشة على ملامحه قليلا قبل أن ينفجر ضاحكا وهو يجيبها : إذا وصلت الشمس إليك بالطبع سيحدث ، رمقته بعدم فهم فأتبع بمكر - إذ لم أحجبها عنك بالطبع ستحصلين على سمرتك .
تعالت ضحكاتها لتقفز جالسه فوق ركبتيها وتتعلق برقبته لتهتف : سعيدة للغاية باختيارك .
رمقها من بين رموشه : إذًا موافقة على الرمال والبحر و الشمس والسماء والكثير الكثير من ..
أجابته بخفة : هل تمزح معي ؟! هل في أفضل من هكذا استجمام ؟!
تصاعدت أنفاسه ليلتقط شفتيها في قبلة طويلة وهو يميل بها للخلف بعدما حملها من خصرها ليقربها منه هامسا بأنفاسه المتلاحقة وقبلاته تتناثر فوق ملامحها كفه يداعب الرباط الخلفي ليفك أسر فستانها : البارحة كانت لهفتي تتحكم بي فالتهمتك دون تمهل ، الآن سأتحكم في لهفتي لارتشفك قطرة قطرة بصبر وطولة بال يا برتقالتي .
تراخت بين ذراعيه وهي تهمهم باسمه في مناجاة غرامية فيلتقط شفتيها بقبلة متمهلة أفقدتها صوابها فينغمسا سويا لينتفض سويا حينما تعالى رنين هاتفه برنة صاخبة ضايقته.
تنفس بعمق وهو ينظر لهاتفه المستلقي بجواره على طاولة الطعام فيتذكر أنه وضعه هنا حينما اكتشف وجودها بعدما تحدث مع والده حينما استيقظ ليتأفف بضيق وهو ينظر لوجه عمار بابتسامته المتلاعبة فيغلق الاتصال وهو يسبه سرًا ليعاود ويقبل شفتيها بقبلة ثانية أسرت حواسها قبل أن يتأفف بضجر حينما دوى صوت الرنين من جديد فيسب شقيقه الذي يهاتفه الآن في وقت ليس عليه أن يهاتفه به ليغلق الخط في وجهه ظنًا منه أن عمار يشاكسه كعادته ليعود إليها يقبلها ثانية بتروي أثار ضحكتها من بين شفتيه ليعاود الرنين ثالثة.
فيغمض عيناه بغضب قبل أن يهمهم وهو يبتعد عنها مرغما : أنا المخطئ لأني لم أغلق الهاتف، ابتسمت وهي تستلقي بأريحية في الأريكة الناعمة المريحة فيهمهم بحنق - انتظريني ولا تنامي أعلم أنك لم تنالي قسطًا وافيًا من النوم ولكن أنا الآخر لم أنم جيدا .
ضحكت بخفة وهتفت وهي تلامس شاشة رقمية بذراع الأريكة فتدير التلفاز لتنشغل به وهي تقاوم استرخاء جسدها ونعاسها الذي بدأ في مداهمتها يداعب جفونها بعد مجهود الزفاف والليلة الماضية التي لم تنم بها على الإطلاق لتعبس وعقلها يستيقظ حينما هتف بجدية وهو يتحرك فعليًا يبتعد عنها وهو يصيح بغضب : كيف لم تهاتفني من قبل ؟! هل جننت يا عمار ؟!
استدارت لتجلس بترقب وعمار يجيب دون أن تدرك فحوى حديثه ولكن ملامح عاصم التي تشنجت أخبرتها أن الأمر جلل فنهضت وهي تعدل من وضع فستانها فوق جسدها تشير إليه باستفهام ليخبرها أن تنتظر بنظراته قبل أن ينهي حديثه مع أخيه هاتفًا : سأتي على الفور .
هتفت بوجل : ما الأمر يا عاصم ؟!
رفع نظره إليها ليغمغم بضيق : الغبي لم يهاتفني إلا الآن ،
تمتمت سريعًا : ماذا حدث ؟
أجاب سريعا : أميرة ومازن بالمشفى .
انتفضت بخفة لتهمس بتساؤل : أميرة تلد ؟
أومأ براسه ليهمهم باختناق : وحالتها غير مستقرة .
تحركت سريعا وهي تهتف : سنذهب إليها ، توقفت لوهلة قبل ان تسأله - ما باله مازن ؟
زم عاصم شفتيه ليهمهم : لا أعلم ولكن عمار مضطرب وهذا ليس بجيد لم أفهم شيء سوى أنه عانى من هبوط حاد في الدورة الدموية فسقط مغشي عليه.
اتسعت عيناها بجزع لتسأل بلهفة أخوية : ماذا حدث له ؟ هل هو بخير ؟
هز رأسه دون معرفة : لا أعلم فقط ارتدي ملابسك سريعا حتى نذهب إذا كنت ستأتين .
تمتمت وهي تتحرك بسرعة : بالطبع سأذهب معك ، لن أتأخر سأرتدي ملابسي سريعا .
أومأ براسه متفهما قبل أن ينظر لهاتفه مليًا ليتصل بالآخر الذي يعلم أنه سيخبره فيأتيه صوته مرحا بطريقة مفتعلة وهو يجيبه : ما هذا النور الكبير، يهاتفني يوم صباحيته ، ما الذي دفعك للاتصال يا كبير ، هل كنت نائم تحلم بي أم ماذا ؟ صمت ليتبع بلهجة خفيضة هازئة بمرح - أم لعلك تحتاج لبعض المقويات فتريد مني أن آت لك لها
لانت ملامح عاصم بابتسامة لتندثر سريعا مغمغما بحنق : اخرس أيها الوقح أنا صحتي حديد .
قهقه أدهم ضاحكا ليتابع عاصم بجدية : ولا لم أنم أحلم بك يا خفيف فأنا لم أنم أصلا من البارحة .
هتف أدهم بمرح شبابي حقيقي : اللهم صلي على النبي.
قهقه عاصم رغمًا عنه ليتبع أدهم - دوما رافع رأس العائلة يا كبير .
تمتم عاصم بخفة : العقبى لك.
تمتم أدهم سريعا : أنا لا أريد الزواج الآن .
همس عاصم بمشاكسة : بل أتحدث عن رأس العائلة .
ليثرثر أدهم بعفوية : وكيف سأرفعها عاليا دون زواج ، أتزوج وأعدك أني سأرفعها كثيرا مرارًا وتكرارًا.
هز عاصم رأسه بيأس : حسنا اصمت قليلا لأستطيع أن أسألك عم أريد ؟
سأله أدهم بهدوء : وماذا تريد ؟
سحب عاصم نفسًا عميقًا ليسأل بجدية : ما باله مازن يا أدهم ؟
هم أدهم بالحديث ليتبع عاصم سريعا - ولا تراوغ، فعمار أخبرني وأخبرني عن اميرة أيضا وأنا قادم بعد قليل ولكن أردت أن افهم منك الأمر قبل أن اصل .
صمت أدهم قليلا ليغمغم اخيرا بصوت مختنق ازهق كل مرحه المفتعل : سأخبرك..
***
يقف خارج غرفة المواليد الجدد ينظر من خلال الزجاج الى الثلاث اسرة الموضوعة بصدر الغرفة وقلبه يخفق بعنف لأجل أطفاله الصغار لا يقوى على استيعاب سعادته .. ولا فرحته .. ولا يدرك إلا أن قلبه انتفخ فرحة وتضخم بسعادة غير مسبوقة له ، أنه في حالة من النشوى لم يشعر بها من قبل ، حتى يوم زواجه من أميرته لم يكن سعيدا كما هو الآن وهو يتطلع لملامح الصغار النائمين في اسرتهم ، ابتسم بخفة وهو يتذكر تعليق وائل الذي زفر براحة وشاكس خالد متعمدا : الحمد لله ليسوا ملونين ، فيرمقه خالد ليجيبه ببساطة – المهم الطباع يا سيادة الوزير .
تأمل أطفاله المتشابهون ليتعجب من كون الفتاة تشبه اخويها أيضا فيتذكر والدته التي همست إليه : سيتغير شكلها بالطبع لكما كبرت وستكون فريدة من نوعها يكفي أنها ابنتك وابنة أميرة.
يضحك ملء شدقيه وهو يتذكر مشاكسته لنوران التي بكت وهي تحتضن تارا ومشاغبة عاصم له أن يبعد اولاده عن ابنته إذا أتت نوران بفتاة ، سعادة عمر وهتاف أدهم الذي حاول أن يمرح رغم ضيقه لأجل مازن ، ليحمد الله أن أميرة وضعت الاطفال في هذا التوقيت حتى يخف حزن العائلة على صغيرها .
تعجب وهو يكتشف اليوم حينما ترك اميرته بعدما اطمئن عليها وذهب للاطمئنان على مازن ، أن مازن هو آخر نسل آل الجمال من الذكور والإناث ، فهو لم يصدق حينما أخبره عمر بذلك وأكد له أن علي أكبر منه بأشهر قليلة فيستوعب جيدا حالة العائلة والغُمة التي أصابتهم لأجل الصغير الذي ولد لطيما فترك مكانة أكبر بقلوبهم فاليوم هو شهد على انهيار الجميع لأجله ، فالحزن لم يكن يلم أحمد الجمال فقط بل إن الأخوين الكبار كانا حزينين وكأنه أحد أولادهما ، عمته بكت وكأنها تبكي وحيدها وزوجات أعمامه كانتا وجلتين لأجله ، بل ان اكثر ما اثار دهشته هو انهيار زوجة أبيه والتي بكته كأنها أمه التي انجبته وهشاشة جنى التي جلست دون حراك ودون حديث والصدمة تلمها فلم تستطع الدخول إليه إلا حينما شجعها أسعد وآزرها ودلف معها لأخيها لتطمئن عليه ، فينتظرهم بصبر إلى أن خرجا ليدلف هو بنفسه ويطمئن على الشاب الصغير بملامحه الشاحبة والمرح الذي اختفى من عينيه وحزنه المحفور بتفاصيل وجهه ليتحمد له سلامته ويخبره بأن يتشجع وينهض معافيا حتى يحتفل معهم بقدوم أطفاله فيبتسم مازن بفرحة حقيقية وهو يبارك له ما أتاه ، فيشد من أزر الصغير قبل أن ينصرف ويعود لأطفاله يتأملهم كثيرا وهو يشعر بفرحته تخبو وخوفه يتزايد وهو ينظر لهم فلا يقوى على تركهم والعودة لزوجته .
انتفض جسده بفخة على كف ثقيل ربت على كتفه فيلتفت على الفور وجسده يتأهب ليقابله وجه علاء المبتسم فتنفرج ملامحه بدهشة انقلبت إلى فرحة حقيقية وهو يهتف : علاء بك حمد لله على سلامتك لم يخبرني أحد أنك عدت .
ضحك علاء ليستقبل احتضان أحمد المحتفى وهو يهتف : سلمك الله يا أحمد بك ، لقد عدت اليوم مبارك ما أتاك .
ابتسم أحمد وهتف : بارك الله فيك العقبى لك .
ضحك علاء بخفة : لا الحمد لله لدي ثلاث فتيات حفظهم الله .
تمتم أحمد : اللهم أمين وبارك لك فيهن .
هتف علاء بهدوء وهو يشد جسده بجدية : اذهب واطمئن على زوجتك وأبقى إلى جوارها ولا تقلق على الأطفال ، أنا واثنان آخران مرابضين بجوارهم إلى أن تعودوا جميعا للبيت سالمين بإذن الله ، اهتزتا حدقتي أحمد بقلق حقيقي فأتبع علاء بثقة – لا تقلق يا أحمد بك ، أولادك أمانه برقبتي .
ابتسم أحمد وهتف : شكرا لك يا علاء بك .
هتف علاء على الفور : لا شكرا على واجب أنه عملي فقط اذهب ولا تعتل هما .
أومأ أحمد بامتنان ليتحرك عائدا بالفعل ليزفر علاء بقوة قبل أن يهمهم إلى رجاله بجدية : انتبهوا جيدا وتيقظوا من فضلكم ، اتبع وهو يتحدث إلى حسن بمفرده – حسن باشا .
ليجيبه حسن الجالس بغرفة الكاميرات التي تكشف المشفى من الداخل والخارج : لا تقلق يا علاء بك الوضع تحت السيطرة .
***
يجلس بجوار فراش ابن عمه الصغير بعدما فرغت الغرفة من الجمع الذي ذهب للمباركة إلى أميرة فأصر هو على البقاء قليلا معه ينظر لملامحه الغارقة في نوم عميق بفعل ذلك المهدأ الذي حقنه به الطبيب بعدما أخبرهم أن ضغط دمه غير مستقر دون سبب جسدي واضح لديهم فيجبره على النوم ليغيبه عن واقعه الذي يؤلم روحه فتتعذب وتهتاج وتؤثر على جسده غير الضعيف ولكن آلامه انهكته فأصبح لا يتحمل اضطراب انفعالاته
ينظر إليه بحزن وقلبه يوجعه عليه يلوم نفسه ويجلد ذاته وهو يتذكر الآن أنه لم يشأ الضغط عليه يشأ التطفل أو أن يفرض نفسه ويتدخل في حياته منذ تلك الليلة التي أراد بها الحديث معه ولكنه آثر الصمت ولم يتدخل بل أنه انتظر ليأتي إليه ولكن مازن لم يفعل وها هي النتيجة مازن الصغير الذي ولد على يدي الجميع فالتقطوه بمحبة وأخوة وود راعوه ودعموه نظرا لظروفه ووحدته وفقدانه لوالدته ، وقع .. تعب .. مرض نتيجة إهماله وغباءه وسكوته .
أطبق فكيه وموجة لومه لنفسه تزداد جموحًا فيصر على أسنانه وهو يهمهم : غبي .. أنت غبي ، صمتك وهروبك يفقداك أحبائك وأنت أحمق لا تتعلم.
انتفض من بحر أفكاره على كف يربت على كتفه برزانه ليلتفت إلى شقيقه الذي رمقه بحنان هامسا وكانه قرأ أفكاره : ليس ذنبك بمفردك ، لم تخطأ بمفردك ، ولست المقصر في حقه بمفردك ، جميعا مخطئين يا عمار ،
هز عمار رأسه نافيا : شعرت به يعاني يا عاصم ولكني ..
زفر عاصم بقوة : أعلم كان لابد أن يأتي لك يا عمار ، كان لابد أن يتخذ خطوته بنفسه ، كان لابد أن يحدد مصيره بنفسه ويعبد طريقه بنفسه .
لمعت الدموع في عينيه فيكمل عاصم بثبات : كان لابد أن يقع ليستطيع أن ينهض بنفسه .. بمفرده .. بقوته ، وسينهض يا عمار لا تقلق ، سينهض من جديد بشموخ جيناته وكبرياء أصله ، سيسطر على قلبه وفكره وسيطوع حواسه لمصلحته فلا تقلق ، وإن لم يفعل سنحرص جميعا على أن يفعل .
أومأ عمار برأسه ليهمس إلى عاصم وهو ينهض يدفع عاصم للخارج ليتوقفا أمام باب الغرفة : خذ عروسك وغادر يا عاصم جميعنا هنا ، ولا تشغل رأسك أنا أو أدهم سنبقى بجوار مازن .
تنفس عاصم بقوة ليهمهم إليه : هل أقنعتم لمياء هانم بالعودة إلى بيتها ؟
التوى ثغر عمار بضيق ليتابع عاصم – حسنا هل عمك أو ابنة عمك اقتنعا أن يتركاه ويعودا للبيت هي مع أسعد أو عمك ليستريح فهو قارب على الانهيار .
تنفس عمار بقوة : لا تقلق أنت ولا تشغل رأسك بنا ، عد إلى بيتك وإلى عروسك وأنسيا كل ما حدث يا عاصم ، رمقه عاصم قليلا فأتبع عمار – جنى أسعد سيقنعها بالعودة معه وأنت تعلم هذا جيدا أما عمك وزوجته فسيادة الوزير كفيل بهما .
تمتم عاصم بجدية : لا عمك ولا زوجته سيتركانه .
ليجبب عمار وهو ينهض واقفا : حينها سنترك لهما الغرفة واذهب أنا وأدهم وعلي لنبيت بمكتبي حتى نكن قريبين منهما .
هز عاصم رأسه بتفهم فأكمل عمار بمرح افتعله – فقط عد أنت يا كبير لعروسك أم أنك تتهرب منها ؟
تأفف عاصم بضجر ليلكز عمار في كتفه بخشونة : تأدب يا ولد .
ضحك عمار قبل ليسأله باهتمام حقيقي وهو يدفعه بعيدا عن مازن قليلا : أخبرني عنك يا عاصم ، هل أنت بخير ؟ هل نلت سعادتك أخيرا ؟ هل توقف قلبك عن الخفقان الرتيب وأصبح يدق بصخب مرتفع ويعلن عن سعادته ؟
ابتسم عاصم مرغما ليمأ بعينيه : نعم أنا بخير والحمد لله ، نعم أنا سعيد ،نعم أنا أشعر بكوني ولدت من جديد يا عمار .
تنهد عمار بقوة ليضم شقيقه إليه : أنا سعيد لأجلك يا عاصم ،
رتب عاصم على كفته : العقبى لك .
تمتم عمار بمرح : أنتم السابقون يا أخي ، هيا غادر ولا تقلق أنسى كل شيء وفكر في سعادتك يا عاصم .
تنهد عاصم بقوة وهتف : حسنا سأمر على أحمد وأميرة واغادر بإذن الله ، سلام .
ودعه عمار ليلتقط عودة عمه أحمد والسيدة لمياء من جديد فيبتسم وهو يدرك أن عاصم كان محقا فهما لن يغادرا ويتركان مازن فاستعد أن يقضي ليلته بغرفة مكتبه ليراسل أدهم ويخبره عم قرره ليراسله أدهم أنه سيبقى معه هو وعلي كما اتفقوا سويا .
***
أنهت صلاتها بعدما سجدت خاشعة بين يدي الله تدعو لولدها الراقد فوق فراش المشفى لتكفكف دموعها وتنهض واقفة تقترب من هذا الجالس بجوار فراش ولده لا يفارقه منذ أن قررا أن يمكثا بجواره فهي رفضت العودة للبيت وهو الآخر لم يستجب لإلحاح أخويه أو أولادهما في العودة للبيت وعليه قررا المكوث مع مازن على أن يرسل وائل أحدهم للاعتناء بحور إلى الغد .
تنهدت بقوة وهي تنظر لوجه مازن الذي بدأ في استعادة بعضا من الدماء بدلًا من شحوبه وبعضا من اللين الذي بدأ في السيطرة عليه لتربت على كتف أحمد وتهمس بخفوت حتى لا توقظ النائم : انهض يا أحمد واستلقى على الفراش الأخر فهذه الجلسة ستتعبك .
هز رأسه نافيا : لا أريد .
تنهدت بقوة لتربت على كتفه ثانية وتهمس : سيكون بخير لا تقلق فقط انهض وسنكون بقربه تعال واستلقى على الأريكة المجاورة للباب فقط لا تجلس هكذا .
استجاب مرغما وهو يشعر بعظامه تيبست في جلسته فتهمهم إليه وهي تجاوره جلوسا : لا تقلق يا أحمد سينهض معافيا بإذن الله .
تمتم بعفوية : بل أنا مرتعب يا لميا ، أنا لا أستطيع أن أفقده ، لا أقوى على ذلك ، لا أقوى إنه أمانتها التي لم أعتني بها جيدا .
تجمعت دموعها بحلقها لتجيبه : بل اعتنيت به يا أحمد ، ربيته وكبرته وانشأته رجلًا كبيراً يعتمد عليه فقط هو ..
تمتم بحزن : اهملته وتركته يعاني بمفرده .
تمتمت سريعا : كنت تريده أن يقهر حاجته يا أحمد كنت تريده أن يتغلب على تعلق لن يجدي نفعا ،
هتف بقهر يقاطعها : يا ليتني صارحته .. صدمته كما كنت تخبرينني دوما ولكني لم أفعل ، فرطت في أمانتها التي أوصتني بها قبيل موتها ، و لم أحافظ عليها جيدا تراخيت معه كما فعلت معها وهاك أنا اقتله كما فعلت بها .
انتفض جسدها بصدمة فتمتمت بصوت محشرج وهي تشعر بأن عليها ان تسانده : لا أفهم ، أتبعت سريعا هلا اخبرتني كيف ماتت والدته يا أحمد ؟
رف بعينيه كثيرا ليهمس بصوت مختنق هادرا دون وعي : أنا قتلتها ، اتسعت عيناها بصدمة ليتابع بأسى - قتلتها حينما لم امنعها مما أرادته .. قتلتها حينما لم انتبه لحملها منذ بدايته .. قتلتها حينما زينت لي الأحلام فاقتنعت أنها ستكون بخير وستأتي لي بالولد الذي أردناه سويًا فوافقت وصمت وتركتها تكمل مدة حملها مثلما فعلت معه انتظرته أن يتغلب على مشاعره وانتظرته أن يصل لأخر طريقه بنفسه ولم امنعه .
دموعه تغرق وجهه وهو يكمل فيختلط عليه الأمر نتيجة لصدمته الجلية وخوفه العارم على ولده : كتمت اعتراضي .. رفضي .. خوفي بداخلي وصمت ووافقت وتركتها تحقق حلم كان يداعبنا كثيرا منذ اعترافنا لحبنا .
أتبع بابتسامة مرتعشة بألم وعقله يستعيد ذكرياته فيبوح بها دون وعي حقيقي : كنت نسيت أمر الطفل نهائيا ، ولكنها لم تنسى قط ، لم تنسى ذاك النهار الذي أخبرتها فيه برغبتي في ولد يحمل اسمي ويأتي طبيبا من بعدي ليرث المشفى التي سأملكها ويضوي اسمه أمام اسمي ، بأني أريده يشبهها يملك عيناها وجمالها وشعرها البني الذي أعشقه ، حينها اسمته بعفوية فأعجبت بالاسم ووعدتها أني سأسميه كما أرادت .
جمدت ملامحه وهو يكمل : صدمنا أول زواجنا حينما حملت بجنى أنها تعاني بمشاكل خاصة جدا وأن الحمل المتكرر سيكون إجهاد عليها وتعب من الممكن أن يسلبها حياتها .
أتبع بصوت أجش خشن : فقضيت فترة حملها بجنى لا اغفو إلا قليلا خوفا عليها إلى أن أتت جنى بالسلامة فلم أفرح بها ولم أهتم ، فغايتي حينها كانت أن تنهض لي سالمه وتكون بخير لأجلي ولأجل طفلتي التي رفضتها من قبل رؤيتها، ظلت ولاء متعبة لوقت لم نستطع حينها إقامة أي حفل لقدوم المولود الجديد وظللت أنا مجاورا لها إلى أن تعافت وطلبت رؤية ابنتنا ، حينها هرعت لأت بها من عند والدتي رحمة الله عليها لأندم كثيرا أني لم أهتم بها منذ ولادتها ونهضت ولاء ، نهضت حبيبتي واعادت الروح المختنقة بداخلي مررنا بالكثير وخاصة حينما بدأ أبي يلح علي في إنجاب صبي ، حينها غضبت وضقت وتمنعت عليه وأنا أخبره أن زوجتي لن تتحمل مشقة حمل أو ولادة جديدة وأن له ولدين آخرين عليه أن يقنعهما بالزواج لينجبا له ما يشاء من ذكور تحمل اسم آل الجمال.
زفر بقوة ليهمهم مختنقا : ونسيت كل شيء بخصوص حلمي الذي أخبرتها به في ساعة صفا ولكنها لم تفعل ظلت متمسكة بالأمر وتنتظر أن تحققه بفروغ صبر ، أقنعتني ذات مرة ووافقتها ولكنها لم تكمل حملها أجهضت في الأول وحينها أخبرتها أننا لن نعيد الكرة فهي تكفيني .. جنى تكفيني .. وجودها بجواري ومعي يكفيني .
تساقطت دموعه واكمل باختناق : ولكنها لم تنصت بل راوغت وتعمدت الحمل دون معرفتي كانت تتهرب مني .. تبتعد .. وتنأى عني إلى أن مر موعد إجهاضها لتتوسل لي حينما أدركت حملها أن أتركه ، زينت لي حلمي وقصت لي أمنيتي وأخبرتني أن أترك لها مازن وأتوكل على الله فهو حسبنا وكلما كان عمر الحمل يتقدم بها ويمر شهر وراء أخر دون اضطرابات فعلية سوى الأمور الطبيعية كانت تنظر لي وتبتسم وتخبرني " أرأيت ، سآتي بمازن وأكون بخير ، سأكون معك ، سنقيم له حفل كبير فابن الطبيب آتي بإذن الله سيحمل اسمك ويرث المشفى كما أردت "
تهدج صوته في بكاء وهو يكمل بانهيار ألّم به - سيكون طبيبا رائعا وسأظل معه الى أن ازوجه ست البنات ، سيكون سندا لك و لي ولشقيقته ،
نهنه في بكاء حاد وهو يتبع على لسانها : افرح يا أحمد سآتي لك بمازن ، مازن أحمد عاصم الجمال ، سآتي لك بالولد ،
شهقات بكاءه تتعالى وهي تنظر إليه لا تقوى على الاقتراب تبكيه وتبكي تلك المرأة التي منحت ابنها روحها لتتساءل بعفوية : ماتت وهي تلد ؟
توقفت دموعه فجأة عن الانهمار ليهمس بخفوت : بل بعدما رأته وأسمته وضمته إلى حضنها ناولتني مازن وهي تبتسم أجمل ابتسامة رأتها في حياتي كلها وتهمس لي موصية " مازن أمانة بعنقك يا أحمد استوصى به خيرا وأحبه مثلما احببتني ، لا تقسو عليه أبدا .. لا تغضب منه أبدا .. لا تتركه يبتعد عنك أبدا . "
تمتمت حينها باندهاش وأنا لا أعي أنها تودعني " سنربيه سويًا .. سننشأه معا .. سيكبر بيننا يا ولاء أنت وعدتني . "
لتتمسك بكفي وتنظر لعيني : وعدتك بالولد وأردت أن أبقى معكما ولكنه ليس بيدي ، أشعر بأن حانت نهايتي .
حينها زمجرت غاضبا .. رفضت واعترضت لتبتسم فتذهب ابتسامتها كل ضيقي لتهمس لي بحنان : حسنا لا تغضب ، اذهب وآتي بجنى فأنا أريد أن أراها .
صمت وعيناه تشخصان بصدمة فتنظر له منتظرة بصبر إلى أن همس بصوت أتى من أعماقه : وللأسف ذهبت ، وضعت مازن بجوارها كما أرادت فضمته لحضنها وذهبت ، بل ركضت وأنا لا أفهم لماذا اركض ، لماذا أجري ، لماذا أشعر بالهلع يكتنفني والخوف يسيطر على أوردتي ، لأصل إلى قصر والدي فأجد ابنتي ترزخ تحت أنقاض انهيار عصبي دفعها لفقدان النطق فهي من استيقظت من نومها لتتلقى مكالمة المشفى التي أخبرتها بأن والدتها قابلت وجه كريم .
صمت ووجهه يعكس وطأة الذكرى عليه ليهمس بصوت محشرج : حينها فقط سقطت .
اتسعت عيناها بصدمة وألم شعرته يسري من روحه لروحها وهو يتبع باختناق : هل رأيت بيت من قبل يُهدم ؟!
أومأت برأسها على الفور فهي لا تقوى الحديث فاكمل بصوت لا حياة فيه : ذاك ما حدث لي فتأثير خبر وفاتها كان كتأثير تلك الكرة الحديدية التي تهدم المبنى من منتصفه فتترك به ثقب كبير بعدما تضربه ، هكذا كان خبر وفاتها ضربة قوية أتت وخلعت قلبي من موضعه ليتداعى جسدي كاملا وأنا أشعر بخواء لم يخبو مع مرور الزمن ولكنه تراجع وأنا أتحول لشخص جديد لم أكن عليه يوما.
تحكم في دموعه ليهمس باقتضاب ألم قلبها : وهاك أنا فرطت في امانتها .. وصيتها .. وما تبقى منها .
همهمت من بين بكائها وهي لا تقوى إلا على أن تضمه بين ذراعيها وكأنه طفلها : لم تفعل ، مازن سيكون بخير .. مازن سينهض سليما معافيا .. ستفرح به وستزوجه ست البنات .. وسيكون طبيبا رائعا ، نعم ليس طبيبا بشريا ولكنه سيكون من أنجح الناس ، سيكون بارًا بك وبوالدته المتوفاة وبي فمازن عوضي الذي أكرمني الله به ولن يضيمني به أبدا .
تمسك بضمتها له ليهمهم بانهيار : أنا متعب يا لميا .. أشعر بقلبي يئن ألمًا .. أشعر بأني اهدم ثانية .. أشعر با بأني سأقع .
همت بالحديث لتتسع عيناها بصدمة حقيقة حينما شعرت بأنفاسه تثقل وجسده يرتخي بين ذراعيها لتشهق بصدمة : أحمد .
***
رنين هاتفه المتواصل ايقظه من نومه ليعبس بتعجب وهو ينظر إلى ساعته فهو عاد منذ قليل بعدما اطمئن على وصول ابنة الوزير آمنة لقصر والدها هي وأطفالها ، بل أنه اطمئن على استقرار آل الخواجة جميعهم ليقرر اليوم أن يعود إلى بيته الفارغ ليحصل على حمام دافئ وقسط من النوم ولكن هاك هو الهاتف يوقظه من غفوته فيجيب سريعا : حسن الوكيل معك .
أتاه صوت أحد الضباط اللذين يخدمون معه يهتف بعملية : اتتنا إخبارية يا سيدي عن وجود جثة مصابة ملقاة عند أطراف إحدى المدن الجديد يشتبه ان تكون جثة الهارب الذي نبحث عنه .
انتفض واقفا من فراشه ليهتف بجدية : حسنا أنا قادم على الفور أرسل لي احداثيات المكان .
أغلق الهاتف ليعاود ارتداء ملابسه ويغادر سريعا حتى يحقق في صحة الإخبارية من عدمها .
***
يقف بباحة هذا المكان الجديد الذي نقل الآخر اليه ينظر من حوله ويتحدث مع أحد رجاله عن تأمين المكان الجديد ليشعر بالآخر الذي أتى متنقلا على كرسيه المدولب الالكتروني يتحرك بسرعة فيشير لرجله بالانصراف قبل أن يستدير ليواجهه فيسأله الآخر : هل فعلت كما اتفقنا ؟
أومأ برأسه إيجابا : أعتقد أنهم الآن يفحصون الجثة ويشرحونها .
زم الآخر شفتيه مفكرا : هل تعتقد أنهم سيقبلون بها ؟
أجاب بعدم معرفة : لا اعرف أنها مجرد محاولة لعلهم يلتقطونها لأستطيع اعادتك إلى قومك .
هتف بحقد : لا أريد العودة إلا حينما أحقق انتقامي كاملا .
لوى شفتيه مفكرا قبل أن يجيب وهو يتقدم منه هامسا : سيد موشيه أنا أقدر جدا أمر الانتقام والكره وكل هذا ولكن إذا لا تعي وضعك دعني أخبرك عنه ، أنت الآن لا تستطيع الحركة وقومك يريدونك أن تعد إليهم ويكفي ما حدث ، فكن منطقيا لأجلي واجلهم وفكر بعقلانية ودع أمر الانتقام جانبا من فضلك .
هدر موشيه بكبر : أنت معي لتنفيذ أوامري .
فهدر أمامه : أبدا ، أنا معك لأعادتك فقط ، وإذا أردت أن تفعل أي شيء سوى أن تعود لبلدك ، اعتبرني منسحبا من الآن .
تجهم وجه موشيه لينظر إليه بتحدي فيهدر موشيه بنزق : حسنا سأعود ولكن بشرط عليك أن تخبرهم به ، زم شفتيه بصبر لينظر إليه بتساؤل فاكمل موشيه – يرسلون قبيل عودتي من يقتل المخترع أريد أن أتأكد من أن المهمة ستنفذ .
أومأ برأسه ليهتف : سأفعل ، هلا تريد شيئا أخر ؟
هز رأسه نافيا فأومأ الأخير برأسه متفهما قبل أن يغادر بسرعة غافلا عن عيني موشيه التي ومضت ببريق كراهية مشتعل وهو يهمهم بينما يتحرك على كرسيه المدولب : سأخذ بثأري كاملا حتى وأنا لا أقوى على الحركة ، سامحي أثرهم جميعا من على وجه الأرض ثم أعود ملكا متبخترا في علياءه فلست أنا من يعود مهزوما ، بل سأذيقه هو وابناءه الجحيم على الأرض قبل أن أودعهم وهم ذاهبون لجحيم السماء .


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-09-20, 06:24 PM   #455

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

بعد مضي ثلاثة أشهر
تحرك من جوارها بهدوء يخطو بحذر نحو غرفة أطفاله الواسعة والمجهزة للثلاث بتصميم رائع يقسم الغرفة إلى ثلاث أجزاء جزئين اليمين واليسار بلونهما الأزرق الفاتح والجزء الأوسط باللون الوردي المبهج وكأن الغرفة وتصميمها يعلن عن تميزها وتتوجها ملكة على قلوب الجميع ، تنفس بعمق وهو يقترب من فراشها بستائره الوردية وقلبه يتضخم بعشقه لها لا يصدق للآن أنه مر ثلاثة أشهر كامله على وصولهم .. وجودهم .. ودفئها الذي ملئ قلبه وحياته ، بل إن ذاك الخبر الذي أثلج صدره حينما وصله عن قضاء الحقير حتفه ضاعف من فرحته بهم ليعود إلى منزل جده ويعده لاستقبالهم هم وأميرته في تلك الفترة التي قضتها أميرة عند تامي بالفيلا القريبة من منزل عائلته مفضلين أن يمنحوا عاصم ونوران وقتهما بالقصر كما كان مقررًا .
تلفت من حوله يتأكد من نوم أميره ليعض شفته بخفة وهو يرفع الستارة الوردية ليهمهم بخفوت شديد حينما وجدها مستيقظة : حبيبة بابا ونبض قلبه المتجسد متى استيقظت ؟ أنا غاضب منك لأنك لم توقظيني معك وأنا من ظننتك نائمة ؟
ابتسامة طفلته أبهرته فتلمع عيناه بخفة وهو يمد كفيه ليحملها بلطف هامسا بعدما قبل وجنتها .. رقبتها .. وجبينها : ألم نتفق أن توقظيني حينما تستيقظين لأقضي معك الوقت قبل أن يستيقظا زوج المشاغبين .
ابتسامة ابنته تتسع وتبدأ في المناغاة بأصوات طفولية غير مفهومة ليشير إليها بصوت خفيض : اش .. اش أخفضى صوتك حتى لا يستيقظا وهيا بنا نبدل ملابسنا ونأكل ونلعب سويًا.
استدار ليغادر فيتوقف على أميرة الواقفة بباب الغرفة تهمس بلطف : أتت من أخذت مكاني يا أحمد بك .
ضحك بخفة ليجيبها وهو يقترب منها يقبل جبينها : أبدا ، ولكني لم أشأ أن اوقظك مبكرا فأنا أعلم معاناتك معهما طوال اليوم .
تنهدت بقوة وسألته بعتاب : وهل نظرت إلى الولدين لعلهما يكونا استيقظا ؟
احتقن وجهه حرجا ليهمهم بسرعة : نائمان فتارا دوما تستيقظ أبكر منهما ، رمقته بطرف عينها لائمة ليتبع وهو يغادر بعدما قبل وجنتها - استريحي قليلا إلى أن يستيقظا وأنا سأهتم بها
هزت رأسها بيأس لتخطو إلى داخل الغرفة تطمئن على ولديها النائمين بالفعل قبل أن تعود إلى فراشها فتبتسم مرغمه وهي تستمع إلى دندنته الرائقة لابنته ودلاله المتزايد لها فتكتم ضحكتها وهي تتذكر مشاكسات عاصم له وشجاره الدائم مع أدهم حتى لا يحملها والضيق الذي يتلبسه حينما يزورهم أبوها أو حماها فالاثنان يهتمان بالفتاة ويدللانها عن الولدين اللذين يغرقا في دلال الجدات لهما وكيف لا والاثنان آتيا خليطًا بين أحمد ووالدها فورثا بشرة أحمد الحنطية وعيناه العسلية لتتشكل ملامحهما تدريجيا ويصبحان أكثر شبهًا به ولكن مع علامة وائل الجمال المميزة كما يقول خالد دوما ألا وهي أنفه الشامخة وخصلات شعره السوداء الفاحمة الحريرية كخصلات أخيها المميزة
تنهدت بقوة وهي تعود بجسدها للخلف وتبتسم برقة وهي تحمد الله على نعمته التي أنعمها عليها بعدما كادت أن تيأس وهي في تلك الغرفة الباردة وعلى فراش المشفى القاسي متعبة .. منهكة .. ومتألمة من مخاضها الذي استمر ساعات طويلة أتوا أخيرا لتنسى كل تعبها ويتبخر المها في الهواء ويستقر قلبها برؤيتهم وهم يوضعون بحضنها ، ابتسمت برضا وحمدت الله والنعاس يداعب أجفانها فتستجيب رغمًا عنها ليتعالى صراخ قوي جهوري ايقظ عقلها على الفور فتغمض عينيها وهي تدرك بان من يصيح هذا وكان العالم ملك يمينه هو فارس طفلها الذي يتميز ببنية أكبر من تؤامه وابنتها ذو الصوت الأعلى والنزق المستمر والبكاء العالي.
فسليمان حينما يبكي لا يصرخ بقوة هكذا بل هو أقل أطفالها بكاء .. هو الاهدئ .. والأصغر فبنيته صغيرة نسبيا عن أخوته .. والأرق في كل شيء ليس متطلبا كفارس ولا مدللا كتارا .
انتهبت على صوت أحمد الضجر : ها قد استيقظ ولدك القبضاي كما يلقبه تيم ، لا أفهم هل يبكي لأجل ان يعلن عن استيقاظه أم يتشاجر معنا فجرا .
ضحكت رغمًا عنها لتهتف به وهي تنظر له يحمل ابنته : ليس ولدي بمفردي ، كما دللت ابنتك وبدلت لها ملابسها ومنحتها رضعتها ، اهتم بولدك مثلها .
عبس بضيق وهو يتحرك نحوها ليناولها تارا التي رفرفت بذراعيها وناغت والدتها بحبور : سأفعل ولكن إذا استغثت بك أنقذيني .
ضحكت برقة وهتفت به : لا تقلق ستجدني في ظهرك ولكن اهتم به سريعًا قبل أن يوقظ سولي
تمتم وهو يتجه بالفعل لغرفة الأطفال : سولي هذا ونعم الولد لا يبكي ولا يصرخ ولا يتدلل بل هو مسكين في نفسه هكذا ، سيكبر ويكون رزين كعبد الرحمن فهو يذكرني به في طفولته .
تمتمت بخفوت وهي تلاعب ابنتها بملامحها : بل أنا أشعر بأنه يشبه أونكل خالد وخاصة بتلك الابتسامة الماكرة ونظراته الغامضة .
قهقه ضاحكا ليهتف بمرح : سأخبر دادي أنك وصفتيه بكونه ماكر وغامض أيضاً .
هتفت سريعا : كنت أتحدث عن سيلمان ليس عن أونكل خالد ، طل عليها ثانية وهو يحمل ولده بيده يربت على ظهره كي يكف عن البكاء : يا أميرة .
ضحكت برقة ليعبس باختناق داهمه قبل أن يهتف بها : انهضي واهتمي بولدك هذا فأنا لا أقوى على تحمل رائحته وامنحيني ابنتي الرائعة .
عبست بضيق وهتفت : يا سلام ابنتك رائعة وولدي رائحته مقرفة ؟!! أومأ برأسه لتهتف به - هي الأخرى تكون رائحتها مقرفة .
عبس باستنكار وهو يحمل ابنته وابتسامته تتسع : بل رائحتها مسكية .. حبيبة أبوها.
داعب رقبة ابنته بطرف أنفه في سعادة وابتسامات تارا ومناغاتها ترتفع ليصدح صوت أميرة من الداخل حينما بدأ بكاء سليمان يصدح من حولها : أحمد اترك تارا في مقعدها واذهب لسولي فهو يبكي .
زم شفتيه وهو يشاكس تارا بملامحه : أخواك هذان مفسدان للبهجة يا حبيبتي ، أجلسها بمقعدها المرتفع ليدير إليها لعبتها المفضلة والمدلاة فوقها ليتبع هامسا - انتظريني و سآتي لك ثانية قبل أن أذهب للعمل يا قلب بابا.
صدح صوت أميرة ثانية : أحمد .
ليهتف بضجر : يا الله ، هاك أنا ذاهب .
***
تخطو بخطوات سريعة وهي تنظر كل ثانيتين نحو ساعة معصمها العادية .. تزدرد لعابها أن تتأخر عن موعد دوامها .. وتلهث بعنف وهي تتذكر مديرها العجوز والذي يتفنن في مضايقتها، رغم قلبه الطيب وملامحه الحانية وتقديره الأبوي للجميع إلا أنه غير متساهلًا ولا يغفر عدم الانضباط ولا التباطىء بالعمل ، وهي تمتلك سيرة حسنة محمودة بين زملائها ومنذ عملها في قسم الأرشيف المركزي للمؤسسة وتدرجها الوظيفي الذي ارتقته سريعًا لحسن تصرفها وذكاءها المشهود لها إلا أن مديرها المباشر لا يمنح لكل هذا تقديرا اية استثناءات إذا أخطأت أو تأخرت كاليوم .
دلفت المصعد بسرعة قبل أن يغلق على من فيه لتقف ملتصقة بالباب الأمامي وهي تتأكد من وضع قميصها الأبيض الرسمي وتنورتها الواسعة الطويلة بألوانها الصيفية الزاهية لتعدل من خصلاتها السوداء الفاحمة الطويلة التي تبعثرت من ركضها ثم تحمل حقيبتها الجلدية بوضع معتدل بلونها البني والتي تماثل حذاءها البناتي الأرضي الذي لا يمنحها طولا فوق طول جسدها الأهيف.
تنفست بعمق وهي تهدأ من خوفها وتنظر بترقب منتظرة رقم الطابق الذي تعمل به وهي تتماسك بثبات لتزفر بقوة وهي تندفع للخارج من جديد حينما وقف المصعد بالطابق المخصص لقسمها فتسرع بخطواتها دون ركض هذه المرة لتتوقف بصدمة تملكتها وهي تستمع إلى هذا الصوت الذي لا يمكن أن تغفله واقف بمنتصف الغرفة الكبيرة التي تضمها هي وزملائها في سابقة لم تحدث من قبل ويقف بجواره مديرها متعرق من خوفه وخاصة مع ملامح الآخر الغاضبة وضيقه الواضح في جسده المشدود .
اتسعت عيناها وهي تركض فوق تفاصيله التي تبدلت ..يرتجف فمها بابتسامة رُسِمت بحنين تدفق إلى أوردتها فاغتال تماسكها وعيناها تدمع وروحها ترجف وهي تشعر بالشوق يغمر حواسها فكادت أن تخطو نحوه .. تقترب منه .. وتنظر إلى ملامحه التي ازدادت نضجًا .. وسامة .. و رجولة عن قرب لينتفض قلبها وجلا وتنتفض روحها فزعا وهي تتذكر تحذيره لها فتتراجع خطواتها بتلقائية وتعود بجسدها للخلف وقلبها الذي كان يقفز طربًا لرؤيته توقف عن الخفق وهي تعي مقدار الخسارة التي ستمنى بها عائلتها إذا قابلته .. خسارتها لعملها .. لمصدر رزقها .. وكيانها الذي أصبح أهم عندها من قلبها فتعود من حيث أتت وخاصة حينما تحرك هو ومديرها بعده يثرثران بحديث كثير لم تقوى على فهم ماهيته لتختفي بالحائط القريب تمنعه عن رؤيتها ولكنها ظلت تراقبه بعينيها المتعلقتين به إلى أن اختفى من أمامها كحلم مر سريعًا في غفوة ألمت بعقلها والذي استيقظ حالًا على زعقة مديرها الذي كان يصيح بها سائلًا عن سبب وقوفها هكذا قبل أن يتبع أمرًا أن تتبعه حتى ينجزا العمل الذي طلبه المدير التسويقي الجديد للفرع المالي لمؤسسة الجمال.
***
عبس بضيق وهو ينظر إلى فنجان الشاي الموضوع أمامه بجانب الفطور الصحي المعد فوق الطاولة ليسأل بجدية وهو يشعر بها تتحرك من خلفه تضع بقية الاطباق على الطاولة : ما هذا يا لمياء ؟!
ابتسمت ورتبت على كتفه بود : شاي الكاموميل ، فأنت رفضت أن أعد إليك الشاي باللبن .
مط شفتيه بضيق ليهتف بهدوء : نعم رفضته وطلبت منك إعداد القهوة .
ابتسمت برقة ورمقته بنظرتها العملية الحازمة : تعلم أن القهوة ممنوعة يا أحمد ، بناء على أوامر الطبيب وليست أوامرى ، وعليه تناول فطورك واحتسي الشاي حتى تتناول ادويتك قبل أن تغادر ، أم لن تذهب للمشفى اليوم ؟
ازداد عبوسه فذكرها بولده حينما يغضب بشكل طفولي متمردا رافضا الطاعة فيأتي قوله مؤكدا حدسها حينما زمجر بعصبية : أوامر الطبيب وأنا ماذا أعمل ميكانيكي سيارات ؟!! أنا الآخر طبيب وأخبرتك أني أريد القهوة .
رمقته مليا لتهمس : بل أنت أفضل الأطباء كلهم ولكنك جراح مخ وأعصاب يا أحمد لا تفقه في أمور القلب أم أنك جراح مخ وقلب معًا .
ابتسامة مشاكسة زينت ملامحه وهو يجيبها : جراح مخ وقلب وجراح عام إذا أردت يا مس لوما .
ضحكت بخفة و وجنتاها تتوردان وقلبها يلهث شكرا لله أن الأزمة الصحية التي مر بها انتهت سالمة فهي لا تقوى على تصديق أنه عاد إليها ثانية بعدما كادت أن تفقده فحينما فقد وعيه في حضنها تلك الليلة صرخت إلى أن أيقظت مازن وأتت بطاقم الأطباء الذي هرع لنجدته وهم يهمهمون أن قلبه توقف ، وكأن ذكرى وفاة زوجته كانت أشد وطأة عليه من الحدث نفسه .. وكأن قلبه الذي ذهب معها المرة الماضية ابى أن يخفق ثانية بعدما تذكر فقدانها .. وكأن قلبه الذي انفطر على ولده حزنًا واختض لومًا وتباطء ألما قرر أن يتوقف معلنا انتهاء رحلته .
حينها فزعت وعقلها لا يدرك ماذا يحدث .. روحها تتألم وقلبها يخفق بجنون رافضا رحيله .. دموعها تنهمر وبكاءها يزداد وجسدها يختض حتى كادت أن تقع أرضًا ولكنه لم يتركها تفعل " ولدها " عوض الله لها رغم مرضه .. وهن جسده .. وروحه المهتاجة ألمًا حماها بكفيه اللذين قبضتا على ذراعيها ليجذبها إلى صدره وهو يهمس بأنفاس متلاحقة : اهدأي سيكون بخير ، سيعود لأجلي ، لن يحدث له شيئا.
رفت بعينيها كثيرا وهي تتذكر وقوفهما سويا من خلف الزجاج الذي التصقت به وكأنها تريد الدخول للبقاء بجواره وجسد مازن الواقف خلفها كداعم لوهنها يضمها باحتياج شعرته وهما يراقبان جسد أحمد الذي يهتز تحت صعقات كهربائية يتخذها الطبيب لإنقاذه ولإجبار قلبه على معاودة الخفقان.
صدمة .. اثنان .. ثلاثة ، جسده ينتفض أمامهما والطبيب يعاود تدليك قلبه ، دموعها تشوش رويتها وتشعر بخافق من يقف خلفها يتباطأ قلقا على أبيه ، أنفاسه مكتومة فلم تعد تشعر بها وكفاه يتراخيان وكأنه سيفقد الحياة إذا فقدها أبوه ليزفران بقوة حينما صدح الجهاز القلبي بصوت أعلن عن نبضات خافتة عادت لجسد أحمد الملقى أمامهم على الطاولة نبض خافت ولكنه موجود .. نبض عاد وجسد بُعِثت فيه الحياة من جديد وكأنها معجزة إلهية ليس لها تفسير كما أخبرها الطبيب فإلى الآن لا أحد يدرك لماذا توقف قلبه عن الخفقان ولا لماذا عاد ولكن ما يهم في الأخير أنه عاد ولكن كلاهما لم يعود ، فهي أصبحت متوترة دوما .. خائفة وقلقه عليه بطريقة نزقة .
ومازن ..مازن أيضا عاد كما لم يكن قبلًا فالولد المنطوي .. المهذب ..المرح أصبح اخر غير الذي كان موجود.
وعلى ذكره انتبهت إلى صوته الذي صدح من خلفها هازئا : هل أعاود أدراجي واترككما على راحتكما ، أم أستطيع تناول الفطور معكما ؟!
ابتسمت برقة ليهتف أحمد بجدية : بل تعالى فأنا أريد الحديث معك .
كحت بخفة وهمت بالنهوض ليتمسك أحمد ببقائها ويشير إليها بعينيه فتهمس بخفوت : حتى تتحدثا على راحتكما .
اسبل أحمد جفنيه رافضا ليضغط على رسغها ثانية فيجبرها على الجلوس ومازن يتطلع إليهما بنظرات مبهمة عاكسة لا تشي بم يعتمل بداخله ، ابتسم أحمد وهو ينظر الى ولده الذي رمقه باستفهام فيسأله بهدوء : هل حقا تطوعت للعمل في أشهر الصيف في تلك المنظمة التي تحمي الحيوانات من الانقراض ؟
اهتزت حدقتي لمياء بعدم فهم ليبتسم مازن ساخرا : هل هناك ما يعيب في العمل التطوعي يا بابا ؟
رد أحمد ببطء : لا بالطبع لا ولكن أنت تدرك أن هذا العمل سيلتهم اجازة الصيف كلها فتلك المنظمة تسافر خارجا لمناطق غير آمنة ويقضون أيامهم في الغابات .
هتف مازن بمرح مفتعل : نعم أنه تخييم من نوع أخر .
رمقه أحمد مليا لتنطق هي بصوت مبعثر : مهلا هل ما أفهمه صحيحا ؟ أتبعت و هي تنظر لمازن الذي أخفض بصره متحاشيًا نظراتها - أنت تريد السفر والابتعاد ، تريد أن تذهب لأماكن مجهولة لإنقاذ الحيوانات والاعتناء بهم ؟
أومأ برأسه إيجاباً وهو لا يضع عيناه بعينيها فأكملت بسؤال متلهف مبعثر : لماذا ؟
ابتسم مازن ساخرا لينهض يدير جهاز القهوة السريعة التي ترفض هي تحضيرها ليقف بجواره قبل أن يجيب : نعم أريد وسأفعل ولماذا لأني أحتاج أن أعرف أكثر ، فرصة السفر مع هذه المنظمة لا تتكرر كثيرا من الجيد أنهم قبلوا بي فهم لا يقبلون بأي شخص ، فقط تبقت المقابلة الشخصية ولكن موعدها اليوم سأذهب إليها قبيل الاحتفال بعمار وإذا قبلوا بي سأسافر في خلال أسبوعين .
اعتلت الصدمة ملامحها لتهدر بعدم فهم : تسافر إلى أين ؟!
مط شفتيه وهو يلتقط قدح كبير خاص به بدأ يستعمله مؤخرا ليصب القهوة فيه على مهل يتناولها دون سكر ثم يجيبها : أعتقد المحطة الأولى جنوب أفريقيا ومنها سننطلق إلى عمق الغابات ، ليست معي تفاصيل إلى الآن .
اتسعت عيناها بصدمة ليهتف أحمد : هكذا قررت السفر والذهاب وكل شيء دون أن تخبرنا .
ارتفع رأس مازن بشموخ صدح بنبراته : ولماذا أخبركم هل أنا صغير لأفعل ؟
هدر أحمد بحزم : أنت لم تتم السن القانوني يا مازن تعلم ..
قاطع أبيه بجدية : أنك تستطيع منعي ، حسنا إذا أردت فافعل يا بابا لن أستطيع أن أمنعك وخاصة إذا كنت ترى أني صغير لتلك الدرجة .
سحب أحمد نفسًا عميقًا ليهتف به : لا ، لا أرى أنك صغير ولا أريد أن أمنعك ولكن أريد سببا منطقيا لما تفعله وتريد أن تفعله.
رفع عيناه لينظر لأبيه مليا قبل أن ينطق بجدية : أريد أن أغادر يا بابا ، أريد أن أرى عالما آخرا وناس آخرون وأتعرف على الكثير لن أراه وأنا بجانبك ، لن أراه وأنا في حضن لميا التي تعتني بي كثيرا وكأني طفل صغير ، أريد أن أرى الأشياء من منظوري الخاص دون نصائح أدهم أو دعم علي ، أريد أن ابتعد وأبحث عن نفسي بعيدا عن أي عوامل تخص العائلة وما يخصها ، أريد أن أكون مازن فقط ليس مازن ابن أحمد الجمال اللطيم الذي يشفق عليه الجميع
شحب وجه أحمد تدريجيا ليصدح صوتها وهي تجد نفسها تنطق دون وعي : وأنا ؟! أنا لم تفكر بي ؟!! لم تفكر بما سيحدث لي وأنت لست هنا ؟! كيف سأنام وأنا قلقة وقلبي مفطور عليك ، لا أعلم إذ كنت جائع .. عطشان .. مريض .. أم من حولك خطر لا تستطيع صده ؟! أنا محتني من حساباتك يا مازن ؟!!
أخفض بصره ليتنهد بقوة هاتفًا بعد وهلة دون أن يرفع نظره لها : لا تقلقي يا لوما ، سأكون بخير ، فأنا لم أعد طفلا صغيرا ، أصبحت رجلا كبيرا أستطيع الاعتماد على نفسي ومواجهة الصعاب أيضاً ، فقط أنت لا تقلقي .
اهتزت حدقتيها بعدم تصديق ووجهها يشحب بخوف دموعها تجمعت بعينيها فيخفض رأسه متحاشيا النظر نحوها قبل أن يكمل بجدية وصلابة آلمت قلبها : حسنا بعد إذنكما لدي موعد علي اللحاق به .
ألقاها بسرعة وغادر المطبخ يخلفهما من وراءه دون أن ينظر نحوهما لتستدير نحو أحمد تنظر إليه باستفهام هامسة دون تصديق : سيتركنا حقا ؟!
ابتسم أحمد دون رد ليجيبها بعد وهلة بصوت مختنق : يريد الوصول لبر آمن يا لمياء ومن رأيي أن نتركه فرفضنا سيزيد من عناده وتصميمه .
تمتمت وهي تضع كفها فوق قلبها : أعلم ولكن لا أستطيع لا أستطيع التقبل بما يريده ، اختنق حلقها وأكملت بحزن ألم بها - ولا أستطيع أيضا أن امنعه ، فبالأخير أنا ..
صمتت وصوتها يختنق لتنهمر الدموع من عينيها وهي تقر أخيرًا : أنا لست بأمه وهو لا يدين لي بشيء وليس لي حق عليه .
ألقتها بألم اعتصر قلبه ولكنه صمت لا يعلم بما يجيبها لترتجف شفتاها بحزن فتكتم شهقة بكائها بصلابة وهي تنهض لتغادر المطبخ تتركه وحيدا عيناه شاردة ويفكر في أمر ولده الذي أصبح مستعصيًا عليه في الآونة الأخيرة ، يعلم جيدا ما يفعله ويدرك مقصده ، مُمزع هو بين قلبه الخائف على وحيده وعقله الداعم لتحرر الصغير وتركه يطير ليصبح قويا يفرد جناحاه ويحلق بعيدا ويعتني بنفسه بمفرده ، يفهم كل هذا ويستوعبه ولكنه لا يقوى على إقناع لمياء به ولا يقوى على منعه لأجلها ، تنهد بقوة وهو ينهض واقفًا يقرر الذهاب خلفها ليراضيها على حسب ما يستطيع ويخفف عنها شعورها .
***
انهى ارتداء ملابسه ليتفقد رسائله وبريده الإلكتروني وهو ينتظر خروجها من دورة المياه بعدما نهضت بعبوس يزين ملامحها لم يراه من أول زواجهما ، ولكنها اليوم مختلفة .. متوترة .. ضائقة دون أن يفهم سبب لضيقها ، وها هي مختفية منذ النصف ساعة داخل دورة المياه وهو يجلس ينتظرها حتى يستفهم عما يحدث معها ، عبس وهو ينظر إلى ساعته مرة أخرى قبل ان ينهض متجها لدورة المياه يطرق بابها برزانة كعادته ثم يهتف بقلق بدا ينتابه : نوران افتحي الباب بدأت أقلق عليك ، ثم منذ متى تغلقين باب دورة المياه عليك وأنت بالداخل ؟!
نظر إلى ساعة معصمه الفخمة ليعدل من سترته الرسمية قبل أن يدق الباب من جديد هاتفًا بعبث : نور ، أخرجي أو أخبريني ماذا تفعلين كل هذا الوقت بالداخل ؟! أتبع بعبث سيطر على ملامحه - هل تستحمين ؟ حسنًا افتحي أستطيع أن أتأخر قليلا حتى اشاركك حمامك .
ركن ظهره إلى باب دورة المياه ليهتف بصوت أعلى : هيا افتحي يا نور .. افتحي يا حبيبتي سأتأخر لأجلك كما طلبت مني حينما ايقظتك أن لا أذهب للعمل وأظل معك إلى أن أذهب مع عمار إلى منزله .
استمع إلى مزلاج الباب يفتح ليبتعد وهو يبتسم بتسلية فيبدأ بالتخلص من حذاءه ويتبعه بخلع سترته وساعته ليستدير هاتفًا بمرح : جيد أنك فتحت قبل أن ... صمت وهو يتطلع إليها بصدمة قبل أن يهتف بهلع - ما بالك ؟! لماذا تبكين ؟!
أدار عيناه عليها ينظر إلى قميص نومها الحريري ومئزرها عليه الذي لم تبدله ليعبس بتعجب ويسأل باهتمام وهو يقترب منها يجذبها من مرفقها بلطف وهو ينظر لآثار دموعها : لماذا تبكين ؟! أنت بخير ، هل حدث شيء ؟!!
غمغمت باختناق : بل لم يحدث شيء .
عبس بتعجب وهو ينظر إليها بريبة ليجذبها معه ويتجه نحو الكرسي الهزاز العصري الكبير الموضوع بجانب شرفتهما ، ليجلس ثم يحملها ويجلسها فوق ساقيه يضمها إلى صدره يقبل جبينها وهو يعيد خصلاتها للخلف فتجهش في بكاء عالي صدمه لينتفض قلقا هاتفًا : الآن ستخبرينني سبب بكاءك يا بنت الوزير ، فأنا لا أقوى على تحمل بكاءك بهذه الطريقة أبدًا.
تمسكت بصدره لتمرغ أنفها في حافة قميصه الخفيف قبل أن تهمس بنهنهة طفولية : النتيجة سلبية .
ضيق عينيه بعدم فهم ليردد باستفهام : النتيجة سلبية ، نتيجة ماذا ؟
نهنهت أكثر وهي تحاول أن تتوقف عن البكاء : my pregnancy test was negative .
ارتفعا حاجبيه بدهشة ليهمس بعدم فهم : هل كان هناك اختبار حمل من الأصل ؟
زمت شفتيها لتنطق بقهر : أنه الثالث على التوالي ، أتبعت سائلة وهي تبتعد عنه تجلس بظهر مستقيم - لماذا لا أحمل ونحن متزوجان منذ ثلاثة أشهر ؟
رمقها مليا ليهمهم بمزاح : لماذا اشعر بكونه اتهام مبطن يا ابنة عمي ، هل تتهمينني بالتقصير مثلا؟
توقفت عن البكاء لتنظر له بانزعاج وتهتف زاعقة : بالطبع لا يا عاصم أنا فقط حزينة لأني أريد أن أنجب طفلا .
نظر إليها ببراءة متسائلا بصوت أبح : طفلا واحدا فقط ؟
تنهدت بقوة لتثرثر بصوتها الذي يحمل بقية بكائها : بل الكثير والكثير من الأطفال ، يملئون القصر صخبا ونعيد لهم بناء البيت الخشبي القديم ، أتبعت وهي تلتفت إليه تواجه - هل تتذكره يا عاصم ؟ ذاك البيت الذي كنا نختبئ فيه من الجميع .
ضحك بخفة ليجذبها اليها يضمها إلى صدره : كنت أنت من تختبئين فيه وتتركي الجميع يبحث عنك .
همست بخفوت وهي تتطلع إليه : وكنت دوما تجدني وتصعد من خلفي لتحملني وتنزل بي .
همس مكملًا حديثها وهو يضمها اكثر اليه : إلا تلك المرة حينما كان عمرك عشر سنوات كنت غاضبة بسبب أدهم واختبئت هناك وحينما طلبت منك النزول عاندتني وأغضبتني فصعدت لك وحملتك جبرا فوق كتفي لأنزل بك وأنت تركلين وتصرخين ليختل توازنًا ونسقط سويا.
ظلل عيناها ندم صادق لتهمس بنبرة اعتذار : حينها كُسرت ذراعك وكانت فترة اختباراتك الدراسية المؤهلة للجامعة ، لقد بكيت حينها كما لم أفعل قط لأهدم البيت بعدها حتى لا أصعد إليه ثانية ولا اؤذيك معي ثانية .
اسبل جفنيه ليشحب وجهها تدريجيا وهمت بالحديث ليقاطعها صوته الأبح هامسا : أنها المرة الأولى التي أعلم بها أنك من هدمت البيت الخشبي .
ابتسمت رغمًا عنها لتهمهم : ليس بمفردي بالطبع ولكني حينما أخبرت عمو وليد أني أريد أن اهدمه استجاب لي وأرشدني وساعدني فهدمناه سويا .
ضحك بخفة : دوما أبي خلف كل شيء يخصك .
اتسعت ابتسامتها لتهمهم بعفوية : دوما كان ملاذي لأني أعلم أنه لن يرفض لي طلبا ، دموعي ترهق قلبه .
قهقه ضاحكا ليهتف : بابا أبو قلب رقيق اه لو استمعت إليك الياسمينة ستغضب منه لسنوات قادمة.
عبست بتذمر : انطي ياسمين تغار يا عاصم عليك وعلى عمي مني ، لا أفهم لماذا لا تغار من يمنى هكذا .
همهم من بين ضحكاته : يا نوران حقا لا تعلمين ؟ أشاحت بوجهها بعيدا فأكمل - ببساطة يمنى لا تتدلل إلا نادرا ، أما أنت تصيبينها بصداع مزمن بسبب دلالك غير النهائي وخاصة مع بابا.
هزت كتفيها بدلال لترفع رأسها بشموخ : عمي ولي الحق في أن اتدلل عليه كما أريد .
تعالت ضحكاته لتضحك معه مرغمه قبل أن يتنهد بقوة : حسنا ما رأيك أن ابني لك بيت خشبي جديد وأوصله بشرفة غرفتنا ، حتى تستطيعي اللجوء إليه متى ما أردت ولكن دون أن تختبئي مني .
همست بنعومة وهي تلامس ياقة قميصه : إذا اختبأت منك ابحث عني .
ضحك بخفة وهو ينظر إلى سبابتها التي تحركت لتلامس طرف فكه ليهمس بصوت أجش : بقى شيء أخير .
رفعت نظرها إليه ليتبع وهو ينهض واقفًا بعدما حملها بين ذراعيه : كرامتي تؤلمني بسبب اتهامك المبطن لي بالتقصير يا نور وعليه سأنفي عن نفسي الاتهام في الحال .
ضحكت بخفة لتهمس إليه وهي تحتضن عنقه بذراعيها : ولكن ألن تتأخر عن العمل ؟
همس إليها وهو يضعها على فراشهما: لن أذهب سأرسل لكنزي وأخبرها أني لن أذهب، فبالأخير أنه يوم عمار المميز لذا علي أن أبقى معه وبالفعل سأذهب إليه بعد الغذاء مباشرة .
تمتمت وهي تراقبه يخلع ملابسه : اصحبني معك لبيت الخيال إذًا .
استلقى بجوارها يقبلها بقبلات متتالية متلهفة : من عيناي يا نور عيناي .
ضحكت بخفة لتهمهم باسمه وهو ينضم إليها فتنصهر تحت لمساته .. قبلاته .. وهمساته التي غزت مسامعها فغرقت معه في لجة عشقه لها .
***
توقفت السيارة أمام موقع البناء الذي يجري العمل فيه على قدم وساق لتترجل من السيارة بعدما فتح لها باب سيارتها سعيد الذي أصبح سائقها ورجل حراستها الأمين عليها ، لتخطو بهدوء نحو موقع البناء بخطوات ثقيلة قليلة وهي تنظر إلى القصر الذي بُنيَ حديثا بعدما هدمت قصر العائلة القديم وقررت أن تنشأ قصر جديد يكون ملكا لها ولطفلها.
ابتسامتها التي تراقصت على شفتيها وهي تتذكر صدمته حينما أخبرته بالضمانات التي تحتاجها منه فلم يعترض على الأموال التي وضعها بحساب بنكي خاص بها على الفور ولا بقطعة الأرض التي اختارتها لتكون ملكها ولا على فكرة تأسيس شركة معمار تخصها وتعمل بها بل أنه سارع بتنفيذ كل شيء طلبته وهو يخبرها بكونها مطالب سهلة سيحققها لها ، إلى أن ذكرت القصر فرفض بأول الأمر ليحاول مهادنتها في المنتصف وعرض عليها مكان أخر يمنحه لها إلا انها أصرت وصممت ليرضخ في الأخير على أمل أن تعود معه فراوغته قليلا إلى أن بدأت في اجراءات هدم القصر فحط الخبر فوق رأسه كصدمة جباره زعزعت ثباته لتجده صبيح اليوم التالي بعد علمه بقرارها وبعدما فوجئ بوجود شركة البناء الحديثة التي رشحها لها هادي الغمرى والتي تعاقدت معها في صحن قصره صباحا لتهدم القصر فيجن وتثور ثورته وهو يقتحم عليها البيت الذي تمكث به ، جنون خبى تحت قدميها حينما واجهته واتهمته بخداعها فها هو لم يتغير ، بل أنه أتى ثائرا وسيلحق بها الأذى كما اعتادت منه عندما تفعل أي شيء يغضبه ، حينها حاول مراضاتها فتمنعت وتدللت ثم منحت واعطت لتجذب الحبل ثانية وهي تهمس إليه حينما أعلن اعتراضه على هدم قصر عائلته أنها ستبني قصر جديد يخصهم بمفردهم ، يكون عالم خاص بهم ، شعرت بحيرته فابتسمت وهمست بفحيح أنثوي : لا أقدر أن أعود إلى هناك يا زيد ، فأنا لا أستطيع النسيان ، لتدور من حوله وهي تلامس عرض كتفيه من الخلف قبل أن تهمس له - أريد أن أحيا معك بطبيعية أم أنك لا تريديني .
لن تنسى أبداً حركة تفاحة آدم خاصته وهو يسيطر على توقه الشديد لها ليجذبها إليه فيقبلها ويمتلك شفتيها وهم يهمهم : بل مت شوقًا لك .
تحملت قبلته بثبات وأجبرت نفسها على الابتسام حينما تركها لتهمس : حسنا وافق على الهدم ودع الشركة تقوم بعملها أنا اتفقت معهم على كل شيء فقط أريد منك مبلغ مالي لأعمال الهدم والبناء ، رمقها بعدم تصديق فاتبعت وهي تمط شفتيها بإغواء - اعتبرهم ارضاء لي واحتفالًا بعودتنا سويا.
أومأ برأسه موافقا ليسأل بخشونة : وأنت ستظلين هنا إلى أن يبنى القصر .
فضحكت بخفة لتجيبه بطبيعية : بل قررت السفر للساحل ، أريد أن استجم قليلا ، ثم رأيت إعلان لبيع شاليه هناك بمبلغ ضئيل فقررت أن أنظر في أمره
عبس بتعجب ليهتف على الفور : لدي شاليه هناك .
هزت كتفها : أنه يخصك يا زيد وأنا ..
أطبق فكيه ليتمتم بغضب بدأ يتسرب إليه : ماذا تريدين يا أسيل؟
بللت شفتيها لتهمس إليه : لا أريد أن أثقل عليك يا زيد .
حينها رمقها مليا قبل أن يهتف بتسلط : بل اثقلي كما تريدين فقط أريد أن أفهم ماذا تريدين بالضبط حتى تعودين إلي كزوجين ..
تمتمت بجدية : شاليه في الساحل يكون ملكي سأعود اليك فيه كزوجتك إلى أن يتم بناء القصر.
هدر بجدية : أوافق ، وسيارة خاصة أيضاً من عندي حتى تستطيعين الذهاب في أي مكان وأنت آمنة يا حبيبتي .
ابتسمت برقة وسعادتها تنضج بعينيها لتقترب منه تحتضنه وتقبل وجنته : حبيبي يا زيد .
أخرج إحدى بطاقات الائتمان بلونها المميز ليهتف : وهاك بطاقة مالية ، تسوقي كما تريدين فآخر هذا الأسبوع ستكونين معي .
رفعت رأسها بابتسامة لبقة : كما تريد يا حبيبي .
وبالفعل لقد عادت إليه وتحملته كزوج وكشريك حياة وهي تهمس لنفسها بأنها تفعل ذلك لأجل خلاصها منه ذات نهار تحلم بمشرقه كل يوم في منامها .
اقتربت من المهندس المسئول عن البناء لتتحدث معه في ثبات وابتسامة لبقة لتشكره على إنجازه للعمل في وقت قياسي قبل أن تسأله عن الديكورات الداخلية فيخبرها أن هناك شركة أخرى تخص أحد مهندسين المعمار سيهتمون بالديكور ، وأن لو انتظرت قليلا ستقابل مالك الشركة والمهندس المسئول عما تبقى من المنزل .
أومأت بتفهم وقررت أن تنتظر لتحاول أن تخطو إلى داخل البيت لتعبس بتعجب وهي تشعر بأمر ما يخص طفلها فرتبت على بطنها بخفة وهي تعبس بعدم فهم لتهتف سريعا وهي تشعر بحدسها يزداد فتتجه نحو السيارة من جديد : يا سعيد هيا بنا ، أريد الذهاب للمشفى حالًا .
***
يدور من حول نفسه ينظر للموقع المحدد أمامه على جهازه اللوحي ليرفع رأسه ثانية ينظر جيدا للغرفتين أمامه فيقف محتارًا بينهما أيًا من هما تكون المكتب الذي يقصده ليتقدم بأوراقه للالتحاق بالمنظمة التي يريد الانضمام إليها ، زم شفتيه بتفكير ليهم بالطرق على احدهما قبل أن ينتبه على صوت جاد من خلفه يهتف به في رزانة أنثوية : هل أستطيع خدمتك يا حضرة ؟
استدار على عقبيه لينظر للأسفل والدهشة تكسو ملامحه وهو يتطلع لهذه الفتاة السمراء أمامه بملامحها الجميلة الهادئة وخصلات شعرها الفحمي الغجري الذي يتكاثف حول وجهها المورد .. جسدها صغير القامة .. ضئيل قليلا ولكنها تعلن بانحناءتها الملفتة إلى انتمائها المصري العربي وبسمارها المتوهج إلى الأفرقة .
رفعت حاجبها بتعجب حينما أطال النظر لها ليكح بحرج قبل أن يهمس : المعذرة أتيت لإجراء مقابلة للالتحاق بالمنظمة.
ابتسمت بترحاب وسألته : مهتم أم أكاديمي ؟
ابتسم بخفة ليهتف بجدية وهو يمد كفه إليها مصافحا : مازن الجمال ، طبيب بيطري باعتبار ما سيكون .
أجابته و صافحته بعملية : تشرفت بمعرفتك ، نظر إليها متأملا بقية التعارف فضحكت برقة - ناجية زين العابدين .
ارتفاع طفيف في حاجبيه ليهمس بعفوية : عفوا .
ضحكت بخفة لتجيبه : نعم اسمي ناجية .
تمتم بابتسامة لطيفة : هل أخبرك أحدهم أنه اسم جميل ومعناه رائع ؟
ضحكت برقة : بل تنمروا علي كثيرا لأجله ، ولأجل اشياء كثيرة أيضاً ولكن لا أهتم ، اتسعت ابتسامته وهو يراقبها بعينيه فأكملت بجدية حينما اكتشفت أنها ثرثرت كثيرا - إجراء المقابلات ليس هنا ، أنه بالمبنى الأخر ،
عبس بتعجب فأكملت وهي تشير لأحد العاملين : من فضلك يا جمال ارشده لمكتب الدكتور راجي ستجده في استقبالك .
تمتم مازن بلباقة : أشكرك .
هزت كتفيها : لا شكرا على واجب ، سعدت بالتعرف عليك يا دكتور مازن .
اوما لها برأسه ليجيبها : أنا الأسعد يا ناجية هانم .
ابتسامة متعجبة ارتسمت على شفتيها وهي تراقب ابتعاده عنها لتهمهم بدهشة : هانم ، هذا اللفظ انتهى منذ زمن ، ضحكت بخفة لتكمل - من الواضح أنه هارب من الزمن الجميل بأناقته هذه وملامحه التي لا تليق بطبيب بيطري أو عضو فعال في المنظمة .
هزت كتفيها لتثرثر إلى نفسها وهي تتحرك في الاتجاه الأخر : ما لي به الآن راجي سيركله خارجا بمظهره هذا ، إنسان غريب أتى ينضم لمنظمة تعمل على حماية الحيوان في غابات أفريقيا وهو يرتدي ملابس ذات علامات تجارية عالمية .
***
تجلسان متجاورتان على أرائك بيضاء يتلقيان عناية كاملة في إحدى مراكز التجميل الفخمة يحتسيان العصير ويتحدثان وهما مستسلمتان لأيدي الفتيات الخبيرة من حولهما هتفت ملك : سعيدة أن موعد الزفاف أتى بعد أن أنهينا اختباراتنا لم أكن لاستمتع هكذا وأنا منشغلة بأمور الدراسة .
تمتمت آسيا التي تشعر بالارتخاء : نعم هذه السنة كانت عصيبة علينا جميعًا جيد أنها انتهت على خير .
ابتسمت ملك والتفت إليها سائلة بمكر : وما أخبارك يا عروس ؟! هل سنرى العريس في الزفاف بعد غد ؟!!
عبست آسيا باستنكار لتهتف بها : لست عروس لم أصبح بعد ، ونعم سترينه فقد وصل اليوم حتى يحضر الزفاف مع عائلته .
اعتدلت ملك تنظر إليها : كيف لست عروس ؟ ألم تتفقا بعدما اقتنعت ايني أخيرًا أن تتم خطبتكما هذه الصيفية على أن لا عرس سيتم إلا بعد تخرجك .
أومأت آسيا وهي تكمل : ولا عقد قران أيضاً ، ماما وافقت على خطبة مبدئية بعد إلحاح زياد .
عبست ملك مفكرة : إذًا لماذا تشعرين بأنك لست عروس ؟!
أجابت آسيا بعفوية : لأنها لازالت شيء مبدئي ليس أكثر من ذلك
مطت ملك شفتيها بتفكير لتسألها بوضوح : ألازلت لا تشعرين نحوه بأي مشاعر خاصة يا آسيا؟
تنفست آسيا بعمق لتجيبها بجدية : بل هناك شعور خاص به ، أنا سعيدة معه .. اهتمامه بي .. رعايته .. تفضيله لي وتخصيصه وقتًا لي بمفردي ، هو يشعر بي وبتبديل أحوالي وكل هذا جيد بل في الحقيقة رائع.
عبست لها ملك : إذًا ما المشكلة ؟
زمت آسيا شفتيها لتجيب بقنوط : كلما اهتم بي دللني أو اعتني بي أشعر بأني مقصرة في حقه يا ملك فأنا لا امنحه مثلما هو يعطيني ، بعض الأحيان اكره نفسي لأني لم أشعر بغضبه .. ألمه .. أو حزنه بينما هو يشعر بتبدلي حتى دون أن نتحدث .
تمتمت ملك بخفة : أنه يعشقك يا آسيا.
تنهدت آسيا بإحباط : أعلم وهذا يزيد المشكلة لا ينقصها ، يا ملك ،أنا ارتبط به لأنه مثاليا في كل شيء ، حتى في عشقي مثاليًا ، لذا تكمن المشكلة بي فأنا لست مثالية.
ابتسمت ملك لتدعمها بصدق : العشق لا يحتاج أن نكون مثاليين ، والحب لا يحتاج أن نكون كاملين ، المشاعر لا تقاس بالمسطرة ولا توزن بالكيلوجرام ولا تملك وحدة قياس من الأصل ، فهي جامحة .. قوية .. رائعة حينما تكون صادقة ، ومخيفة حينما تكون خادعة ، المشاعر نعمة .. والحب هبه .. والعشق فضيلة .. والهيام غاية لا يصل إليها الكثير ، لذا حينما تأتيك الفرصة لا تضيعينها في حسابات مشاعرك لن تأبه بها ، ولا تحبسين نفسك في قمقم من ذكريات ستفسد عليك حياتك انطلقي وعيشي يا اسيا واستمتعتي بحياتك مع من يعشقك فليس كل الناس ينعم الله عليهم بفضل أن يعشقهم أحدهم .
همهمت اسيا بانبهار : واو يا ملك ، هذا كان عميقا أكثر مما ينبغي ، ضحكت ملك بخفة فاتبعت آسيا بمشاغبة - من الواضح أن تأثير ابن خالتي العبقري عليك كبيرًا.
همهمت ملك بضجر : توقفي يا آسيا أنت تعلمين جيدا أنني وعادل مجرد أصدقاء ، بل بالحقيقية هو يتعامل معي مثلك ومثل يمنى ليس أكثر .
اتسعت ابتسامة اسيا لتهتف : بالطبع أعلم ولكن لأكون صريحة أنا أتمنى أن تتحول الصداقة بينكما لشيء أخر فأنتما متناغمان بشكل يثير غيرة المدعوة خطيبته.
التفتت ملك بذهول لتضحك بخفة غير مصدقة : حقا ؟! لارا تشعر بالغيرة مني
تمتمت آسيا بضيق : بغض النظر أني لا أقبلها وانها ليست خطيبته للان رسميا وأنها تشعر بالغيرة من الجميع حتى خالتي ليلى إلا أني شعرت بها غير مرحبة بأمر صداقتك منه.
نظرت إليها ملك باستهجان لتسأل بجدية : وما رأي عادل ؟!
اتسعت ابتسامة آسيا لتلمع عيناها بمكر أنثوي قبل أن تقترب من ملك بخفة وتهمس : أنا أشعر بأن عادل لا يأبه لأمرها على الإطلاق فهو يفعل ما يحلو له دون التفكير بها .
ابتسمت ملك وأخفضت نظرها لتؤثر الصمت والتفكير يكسو ملامحها لتنتبه على سؤال آسيا المهتم : بالمناسبة يا ملك هل دعا علي مي للزفاف ؟
لوت ملك شفتيها لتجيبها : أينعم فعل بدعوة مؤطرة تخصه رغم أني وأدهم أخبرناه أن لا يفعل فوالدها سيدعوه عمو أحمد للزفاف إلا أنه تعمد أن يدعوها ويضع ماما أمام الأمر الواقع كما يبدو .
شهقت آسيا بصدمة لتهتف سريعا : وماذا فعلت والدتك ؟!
زمت ملك شفتيها لتنطق بحنق : منذ أسبوع ونحن نحيا في الجحيم حرفيًا بسبب حرب ماما وعلي الباردة ، تنهدت بقوة لتثرثر - هو يتمرد بشكل واضح حتى بابا لا يستطع التفاهم معه وهي تتجاهله بشكل مريب مع توتر يسود الأجواء وأنا كنت هاربة في قصر الجمال بسبب اختباراتي ومرتاحة من صراعهما غير المُجدي ولكن حان وقت الرجوع للأسف .
لوت آسيا شفتيها بضيق لتهمهم بعد وهلة بمرح : وكيف أحوال the love birds in the palace؟!
توردت ملك رغمًا عنها لتهمهم بضحكة خافتة : رائعين أخر مرة أمسكت بهما في المطبخ الخارجي ، ولكني غضبت من نفسي لأني أحرجت عاصم أما نوران لا تهتم فهي تزعق بي وتخبرني أن اختفي ليكملا ما بدآه ،
تعالت ضحكاتهما سويا لتهتف آسيا برقة : أنت naughtyيا فتاة ؟!
أومأت برأسها وهتفت ببساطة : أنا أعرف .
ضحكت آسيا ليرن هاتفها فتنظر إليه قليلا قبل أن تهمس بابتسامة حاولت أن تكون مرحة : أنه زياد أعتقد أنه وصل ، أتبعت وهي تنهض لتبتعد عن ملك - سأجيبه بعد إذنك
أومأت ملك بتفهم قبل أن تستل هاتفها بدورها لتراسله بهدوء ومرح تحاول أن تضفيه عليه هذه الأيام فهو حزين لأجل زواج شقيقته رغم أنه لا يصرح بذلك فطبعت إليه : كيف حالك اليوم يا أبية ؟! أتمنى أن تكون بخير.
***
يدور من حول نفسه بجواره سليم المدعو للغذاء عند والده اليوم ويساعده في ترتيب الحديقة لحنة شقيقته ، بل ليس سليم بمفرده من يساعد ، فالجميع هنا لأجل زواج ابنة الأمير ، الجميع فرح وزغاريد كريمة لا تتوقف منذ الصبح ، منذ استيقاظ العروس التي ستترك البيت وترحل عنه ، الأميرة التي ستذهب لبيت جديد وتنشأ عائلة جديدة وتأسس عالم يخصها بمفردها بعيدا عنهم. اختنق حلقه بضيق ازداد وهو ينظر إلى الزينة من حوله هو من كان يظن أن غياب أسعد يؤثر به لم يكن يدرك أن غيابها هي سيؤلمه بهذه الطريقة ، وأن فراق شقيقته أصعب كثير من غياب تؤامه عنه .
تنفس بعمق ليرن هاتفه برساله قادمه فيخرجه من جيب بنطلونه ليبتسم بخفة وهو ينظر إلى رسالتها يتعجب من إدراكها لضيقه رغم أنه لم يصرح به ولكنها تعلم وتحاول أن تهون عليه وتشاكسه لتفرح قلبه الموجوع لزواج أخته.
أجابها بكلمات منمقة لبقة ليسألها بخفة : هل انتهيت من الدلال والاستجمام يا أرنبة ؟
ضحك بخفة وهو يقرا ردها الذي أتى سريعًا : بالطبع لا ، لازال اليوم في أوله يا أبية ولازلت احتسي العصير ، حينما انتهى سآتي على الفور
عبس بعدم فهم ليردد : تأتي على الفور ، إلى أين ؟!
أجابته بتعجب برسالة صوتيه تميل اليها حينما تريد الثرثرة : عندكم أنها ليلة الحناء وجميعنا سنحضر عندكم ، الخالة ليلى أصرت أن الحناء تخص العائلتين وعليه الخالة ياسمين لم تحضر ليلة حناء لعمار ولكن علمت أنكم تحضرون ليلة خاصة لعمار بك سيكون الشباب مجتمعين بها.
ضحك بخفة ليجيبها صوتيًا بدوره : حقا لا أعلم يا ملك فأنا لست مشاركًا في الأمور الخاصة بعمار ، فأنا أتحاشى مقابلته هذه الأيام حتى لا الكمه في وجهه .
كانت إجابتها انيمي ساقطًا أرضا من الضحك قبل أن ترسل إليه رسالة صوتيه قصيرة : أعتذر يا عادل سأذهب الآن ، أراك ليلا .
أرسل إليها ابهام كبير يشير لموافقته قبل أن يعاود العمل بالحديقة لينتبه على صوت سليم الذي سأله بجدية : هل هذا صوت ملك ؟
استدار إليه سريعا لينظر إليه مليا قبل أن يجيبه بجدية : عفوا يا سليم لم استمع إلى سؤالك
رمقه سليم مليا قبل أن ك يبتسم ابتسامة قصيرة مهمهما : لا شيء لا تشغل رأسك يا رفيق .
أومأ عادل براسه متفهما قبل أن يسأله : أخبرني عن أحوالك ، لم نلتقي منذ فترة .
تنهد سليم : أنا بخير ، الأعمال بخير والحياة جيدة ، وأنا مرتاح والحمد لله
تمتم عادل : الحمد لله ، سعيد لأجلك يا سليم ،
زفر سليم بقوة : وأنت ؟
ثرثر عادل بطبيعة : بخير والحمد لله ، فقط أحاول أن أقنع عمتك ان تتقبل لارا وأحاول أن انتهى من رسالتي وخاصة أن مشروعي القائم قارب على الانتهاء
زفر سليم بقوة ليهمهم : وفقك الله يا عادل ، ولكن الرفض يبدو كتقليد في العائلة ، فزوجة خالك وحبيبة لا تقبلان جيجي والأخيرة لا تقبل بعدم قبولهما لها وأنا أدور في حلقة مفرغة من محاولة إرضاء الجميع.
ضحك عادل بخفة ليهتف به : أترك الأمور بينهما ولا تتدخل نهائيا ، وانظر للأمور جيدا من الطرفين يا سليم ، إذ كانت خالتي سوزي ليست راضية عنها لأسباب كثيرة تخصها فحبيبة ليست الفتاة التي تسعى لإثارة ضيق أحدهم وأنت الأدري بشقيقتك.
عبس سليم مفكرا ليهمهم بتبرير شعر أنه أحمق حينما أدلى به : ولكنها حامل وأنت تدرك جنون الهرمونات و .. التفت عادل إليه يرمقه بعبوس طفيف فاكمل سليم - حقا أنا لا أرى سببا لما يجري بينها وبين حبيبة ولا أفهم سبب جنون الذي ينتابها حينما ترى جيجي فينقلب وجهها تلقائيا.
ارتفعا حاجبي عادل بتعجب ليهتف برزانة : من المؤكد أن هناك سببا يا سليم ، أسأل حبيبة .
لوى سليم شفتيه وهم بالحديث قبل أن يصدح صوت عمر بالتحية فيشيرا إليه بترحاب ليستقبلاه في حديث ودود أنهاه عمر حينما هتف بجدية : أتيت لأخبر سليم أن الغذاء معد ونحن ننتظره .
هتف سليم : لقد انتهيت بالفعل ، أتبع سليم بترحيب - شاركنا يا عادل .
ضحك عادل ليهتف بخفة : لا كنت سأتركك لأذهب لآتي بيمنى من مركز التجميل .
تمتم عمر : مبارك الزفاف والعقبى لك .
تمتم عادل وهو يشير اليهما بالوداع : شكرا لك يا عمر .
راقبهما ينصرفان ليتابعهما بعينيه وهو يفكر في الآخرى التي لا تتقبلها والدته ولا شقيقته بدورها ليتساءل هل سيأتي عليه اليوم يسوق إليها المبررات - كما فعل سليم الآن - أمام عائلته، عبس بنفور والفكرة تضايقه ليشعر بالضيق يضغط أكثر على مشاعره .. روحه .. وعقله الذي يرفض كل شيء يحدث من حوله .
***
وقفت تنظر إلى الطواجن الموضوعة فوق طاولة المطبخ تمط شفتيها بعدم رضا واضح قبل أن تهتف وهي تنظر بضيق للطعام الذي أعدته حماتها : أين الكفتة النباتية التي أرسلت وصفتها لسليم يا انطي ، ألم تعديها ؟ رفعت سوزان وجهها بدهشة لتتابع أنجي بابتسامة فاترة - لقد أخبرت سليم عنها وأرسلت له وصفتها كي يرسلها لك حتى تعدينها مع بقية الأصناف فأنا لن أستطيع أن أكل اي شيء من هذه الأشياء .
اكفهر وجه سوزان لتهمس من بين أسنانها : لماذا يا حبيبتي ؟
ابتسمت جيجي برقة لتهمس : لأني لن أكل اللحوم أو الدجاج أو حتى طواجن الخضار المطهوة بهذه الطريقة الثقيلة على معدتي .
رفعت سوزان حاجبيها لتهمس ساخرة : هل أصبحت نباتيه ؟
ألقت الوصف بلغة فرنسية أنيقة لتبتسم بلا مبالاة : بل إنه نظام غذائي لمدة معينة أتخلص فيه من التراكمات التي تحدث نتيجة أكل اللحوم ومشتقاتها.
هزت سوزان رأسها بتفهم لتجيبها بابتسامة لبقة : للأسف سليم لم يرسل لي الوصفة ولكن لدي خضراوات طازجة مزروعة بطريقة عضوية أيضاً ، تقدرين أن تعدي لك ما تشائين وتأكلينه بالهناء والشفاء
أطبقت أنجي شفتيها لتهمس وهي ترفع رأسها بعنفوان : أنا لا اطبخ ، التفت سوزان تنظر لها بطرف عينها بينما أكملت ببساطة - لا أستطيع إعداد الطعام .
ابتسمت سوزان واستدارت إليها تواجهها بقامتها القصيرة وجسدها الضئيل والذي لازال محتفظا برونقه كما هو لتجيبها ببساطة : أعلم أنك لا تستطيعن إعداد الطعام لذا أنا اطهو أسبوعيا وأدعو ولدي ليأكل كل ما تطيب له نفسه ويحبه كل ما تهفو إليه روحه والذي لا يجده ببيته.
تصلبت ملامح انجي والغضب يطل من عينيها لتجيب بابتسامة مصطنعة : من أخبرك أنه لا يجده ببيته ، لدينا طباخ يصنع لسليم كل ما يرغب فيه ونفسه تهفه إليه .
رفعت سوزان نظرها إليها وابتسامة أنثوية ماكرة تظلل عيناها لتهمس بلهجة رائقة : صدقيني يا ابنتي ، مهما أعد إليه الطباخ ومهما تناول الطعام في الخارج ومهما كان شهيا الرجل يريد من امرأته أن تعد له الطعام .. أن تقف بالمطبخ وترهق نفسها لأجل أن تطبخ له وجبه ساخنة مهما كانت بساطتها لتسعده بها وعندما يأكلها لا تستقر بمعدته بل بقلبه فيشعر بالتخمة والسكينة معًا ، لذا يظل الرجل يحب والدته على مر الزمان مهما كانت صفاتها لأنها من كانت تطعمه وتتخم معدته وقلبه معًا .
اختنق حلقها بكره وهي تشعر بالغضب يزداد بأوردتها فتسيطر عليه مرغمة وسوزان تكمل : ولذا أيضاً يظل الولد يحب أمه وطعامها وتظل أمه هي حبيبته الأولى مهما أحب زوجته ومهما أخلص لها لكنه لا يضعها أبدًا بمرتبة الأم . فالأم يا بنتي لها مكانة خاصة جدا في قلوب ابنائها، اتبعت وهي تلتفت إليها من فوق كتفها - حينما تجربين ستدركين ما أتحدث عنه .
انتفض جسد جيجي بانفعال واضح لتكمل سوزان بهدوء وهي تستدير إليها : واليوم بم أنك لا تستطيعين إعداد الطعام وأنا أنهيت الطعام بأكمله وموعد الغذاء حان لأن حبيبة ستصل الان ، لقد أعددت السلطة الخضراء أعتقد أنها تماثل نظامك الصحي.
رفت أنجي بعينيها وصوتها يختنق لتتهلل عينا سوزان بفرحة حقيقية غمرتها عندما التقطت وجود حبيبة الواقفة بالخارج بملامح مبهوتة من الصدمة وكأنها استمعت إلى الحوار بأكمله فتهتف سوزان بترحاب لم تشعرها به يوما : حبيبة أمها تعالي يا ابنتي اجلسي ما بالك شاحبة هكذا ؟!!
أجبرت حبيبة نفسها على الابتسام لتهمس باختناق : أشعر بأني متعبة قليلا ،
اجلستها سوزان باهتمام فتبرز بطنها المنتفخ أمامها وهي تومئ برأسها لأنجي في تحية مقتضبة لتجيب سوزان التي تسألها عن حالها باهتمام : أنا بخير ولكن أشعر بثقل في بطني وقدمي تؤلماني اليوم .
رمقتها أنجي مليا لتسألها برقة شعرت حبيبة بكونها متعمدة : أين عمر عنك ؟ لا أصدق أنه تركك بمفردك وأنت متعبة .
أطبقت حبيبة فكيها لتجيبها ببرود : بل ذهب ليأتي بسليم حينما رآه من حديقة عمتو ليلى وخاصة أن ماما راسلتني وأخبرتني أنكم تنتظرونني .
ابتسمت جيجي باستخفاف : اها هكذا ، فعمر لا يتركك أبدا ، خائف على ولي عهده دوما .
ألقتها وعيناها تنحدر رغمًا عنها لبطن حبيبة المنتفخ فتمتمت حبيبة بوجل وهي تفرد كفاها فوق بطنها بشعور غريزي : العقبي لك .
ابتسمت أنجي ابتسامة باهته قبل أن تهتف بمرح مفتعل : حسنا سأذهب للشباب لنتناقش بالأعمال ، إلى أن يوضع الغذاء .
اكفهر وجه حبيبة وغضبها يزأر فهمت بأن تجيبها لتصمت حينما ضغطت سوزان على مرفقها وتشير إليها بعينيها رافضة لتهمس إليها : اتركيها تذهب ولا تفتعلي معها مشاجرة اليوم ، فهذا ما تريده حتى تجبر سليم على الانصراف باكرا وتمنعه من حضور حنة يمنى .
تمتمت حبيبة بانفعال : سليم لن يفعل يا مّامّا اتركيني أخبره بكل ما تفعله هي وصدقيني سليم لن يخذلنا أبدا بل سيجبرها أن تلتزم بحدودها .
ابتسمت سوزان بقلة حيلة : لقد خذلنا حينما تزوجها يا حبيبة ، أخوك لن يهدم بيته لأجل اشياء فارغة ابني أنا أدرى به ، ولكنه سيلجئ للحل الأمثل ، أن لا يأتي بها.
تمتمت حبيبة برفض : يكون أفضل هي لا تحبذ زيارتنا ونحن لا نحبذ وجودها .
ابتسمت سوزان ورتبت على كتفها : الآن سيمر الأمر هكذا وسيأتي بمفرده ويمكث معنا كما يحلو له ولكن أخبريني عندما يرزقه الله بأطفال ماذا سيكون الحل ؟! اهتزت حدقتي حبيبة بحيرة فاتبعت سوزان بلهجة قاطعة - أنا لن أحرم نفسي من رؤية أحفادي يا حبيبة ، أولاد ابني الوحيد الذي لم يرزقني الله بغيره ، لذا سأتحمل والدتهم بكل عيوبها لأجل ابني وأبناءه من بعده
***


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-09-20, 06:29 PM   #456

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

جلست مجاورة لزوجها الذي يتبادل الحديث مع عمر تنصت إليهما باهتمام تبتسم بلباقة وهي تلاحظ عمر الذي يتبادل معها الحديث في أضيق الحدود بل إنه يتحاشى النظر إليها في تجاهل لا تعلم سببه ورغم أنه منذ معرفتها له وهو مهذب للغاية إلا أنها تلاحظ منذ فترة قريبة توقفه عن المزاح معها أو الحديث الأريحي كعادته ، فعمر شخص بسيط مهذب ولبق ولكنها تشعر بتبدله دون سبب معروف لها سوى .. ابتسمت وعقلها يدرك فجأة أنه يتجنبها إرضاء لتلك الصغيرة التي لا تطيقها ، فهي تدرك جيدا أن شقيقة زوجها ترفضها ولا تتقبل زواجها من سليم ، ولكنها لا تهتم لا بها ولا بسوزان التي لا تقبلها بدورها ولكن حماتها العزيزة لديها الكثير من الحكمة حتى لا تعلنها صراحة .. ولديها الكثير من الصبر تتمسك به لأجل ألا تخسر سليم ، فإذا كانت شقيقته غيورة كارهه لها وتراهن على مكانتها لديه ، فوالدته لا تفعل حتى لا تنقلب حياة ابنها، فهي كأي أم تفضل راحة ولدها على راحتها الشخصية وتتقبل معاملتها المتعالية والتي تتعمدها معها بهدوء وأناقة لأجل ولدها
ابتسامة ساخرة وعيناها تومض بمكر وهي تفكر أن حماتها العزيزة لا تدرك مكانتها الحقيقة لدى ابنها لذا هي تستغل كل الظروف وتأقلمها معها حتى تستفيد أقصى استفادة من جهل الأم بعشق ولدها لأسرته وتفضيله لها هي وشقيقته عن حياته كلها ، ورغم أنها لم تكن تريد أن تتعامل معهما هكذا ولا تتصرف بتلك الطريقة البغيضة إلا أن عدم تقبلهما لها أثار جنونها وحقدها عليهما وخاصة تلك الصغيرة التي تتدلل دلال صارخ لأجل حملها ، غصة قوية احتكمت حول حلقها وهي تتذكر دلال حميها لابنته وتعلق سليم بالصغير الذي لم يأتي بعد ، اهتمام سوزان بها وملاصقة زوجها لها ، كل هذا أمام عيناها التي تنظر لها بكره ورفض لهذه الحالة التي لن تنالها .
انتبهت من أفكارها على صوت سليم الذي يحدث عمر بجدية : بالمناسبة يا عمر إذ كنت متفرغا الأسبوع القادم أخبرني فأنا أريدك معي وأنا أوقع العقود الجديدة الخاصة بالقناة ، كنت سأطلب من حبيبة ولكن حبيبة متعبة .
أومأ عمر سريعا وهتف بحمية : سأنظر لمواعيدي وأبلغك ولكن هل هناك شيء بالعقد محدد تريدني أن انظر اليه أم أنه إجراء روتيني تريدني معك فيه .
هم بإجابته ولكنها قاطعته بابتسامة متعجبة وهي تسأله : لماذا تحتاج إلى عمر يا سليم ؟! المستشار الخاص بشركتي سيكون متواجدا .
اكفهر وجه عمر ليرمقها سليم بنظرة غاضبة قبل أن يجيبها ببرود : نعم أعلم أنه سيكون حاضرا ولكنه ممثل عنك .
ارتجفا ابتسامتها لتهمس بعدم فهم : وما أنا وما أنت ؟!
ابتسامة مهذبة رُسِمت على وجه سليم قبل أن يجيبها : بالطبع لا فارق يا حبيبتي ولكن هذا في البيت ، أما العمل فهذا شيء آخر .
زمت شفتيها بعدم رضا استقر بعينيها ليهتف عمر بخفة : بعد إذنكم سأذهب لأطمئن على حبيبة.
أجابه سليم وهو ينظر إليها بجدية : تفضل يا عمر ، سأتبعك بعد قليل .
هدرت بخفوت عندما غادر عمر : كيف تحرجني هكذا أمام زوج أختك ؟
رمقها من بين رموشه وهتف بحزم : أنت من فعلت ولست أنا ، تعلمين جيدا أني سأصحبه معي لقد أخبرتك وتحدثنا من قبل عن كون مستشارك القانوني يخصك ولا شأن لي به ، وأن العمل شيء لا يتدخل به زواجنا ولكنك تتعمدين إحراجنا سويا يا أنجي .
هتفت بغضب وهي تنتفض واقفة : لأني لا أفهم إلى الآن لماذا تضع هذه الحدود بيننا ، لماذا لا تتصرف وكأننا شخص واحد ؟
استرخى بجلسته ليضع ساقا فوق أخرى : لأني لا اخلط حياتي الشخصية بعملي وأنت تدركين هذا جيدا ، بل حقا أنا متعجب لأنك تريدين أن تخلطي الأوراق ببعضها فأنا ظننتك أكثر مهنية من ذلك .
اربد وجهها بغضب : أنت تتهمني يا سليم بعدم المهنية ، مط شفتيه باستياء فأتبعت بجنون - لأني أريد أن أمنحك كل ما أستطيع تتهمني بعدم المهنية ؟!!
وقف بحركة سريعة اجفلتها ليشرف عليها بطوله الفارع : أنا لا أريدك أن تمنحيني أي شيء على المستوى المهني يا أنجي ، لأني أكثر من قادر على فعل الكثير بنفسي لنفسي ، ولكن شكرا لك على أي حال أرجوك التزمي بالمهنية فيما بيننا .
شحب وجهها وهي تنظر إليه بصدمة ألمت بها وخيم الصمت عليهما إلى أن قاطعه صوت بلال الذي وقف بباب الغرفة ينظر إليهما مليا قبل أن يهتف بتعجب : ما بالكما يا أولاد ؟! هل تتشاجران ؟!
التفتا سويا نحو والده فتسيطر على ضيقها .. صدمتها .. غضبها وترسم ابتسامة واسعة فوق وجهها وهي تقابل حماها الذي ابتسم بدوره مرحبا بوجهها فأقبلت عليه لتضمه وتقبل وجنتيه كعادتها : لا أبدا أنه مجرد نقاش عادي ، ضمها بلال إلى صدره فاتبعت - كيف حالك يا عماه ؟ اشتقت إليك .
ابتسامة هازئة ناوشت ثغر سليم وهو يستمع إلى حديث أبيه المرحب والمحتفى بها والذي أنهاه كالمعتاد : هل ضايقك هذا الولد ؟ فقط أخبريني وأنا سأتصرف معه حتى لا يظن أن ليس لك أحدًا يحميك منه .
ابتسمت برقة وهي تنظر لسليم هامسه بعاطفة : أبدا يا عماه حتى لو فعل أنا لا أستطيع أن أغضب أو أتضايق من سليم ، فلا أحد يغضب من نفسه .
اتسعت ابتسامة بلال وغمز لولده بعينه البعيدة عنها بشقاوة أثارت ضحكة سليم الذي هتف بمرح : لا تتحجج بجيجي لترميني خارجًا يا بّابّاه تستطيع فعلها دونها .
ضحك بلال الذي اقترب من ولده الذي انحنى ليضمه أبيه وهي تهتف برقة : بل لن يفعل أبدًا على الاقل لأجلي .
رمقها سليم من بين رموشه ليهتف بلال بمرح : بالطبع يا بنتي لأجل ارضاءك نرضى عن هذا الولد المشاغب.
اتسعت ابتسامتها ليهتف بلال : حسنا هيا بنا الطعام فاعتقد أن سوزان انهت كل شيء ، وعلينا إعداد المائدة .
استجاب سليم بسرعة ليغادر بعد والده بينما هي تلكأت هاتفه : سأرد على بعض المراسلات وأوافيكم حالًا .
***
يجلس خلف مكتب أبيه يعبس بضيق وخاصة بعدما علم بغياب عاصم اليوم فيبرم شفتيه بعدم فهم وهو ينظر للجهاز اللوحي من أمامه يحاول أن يلم بكل المعلومات التي لم يكن يدركها من قبل معتمدا على عاصم في إدارة الاجتماع الذي سيدخله بعد عشر دقائق كاملة ، يحاول أن يهدأ من قلقه وعقله يذكره بوجود أحمد معه وأنه من سيترأس الاجتماع بدلًا من عاصم ولكن نفس ذاك العقل يؤمره بجبروت أن لابد عليه أن يكون ملما بكل شيء حتى يكون معاونا لأحمد وليس عالة عليه بالداخل.
أغمض عيناه ليرن هاتفه برسائل متتالية فيبتسم بعفوية وهو يتعرف على نغمة الرسائل المختلفة الذي خصصها لها كي يتعرف على الفور كونها من تراسله فيلتقط الهاتف ليجيبها دون تأخير كما اتفقا حتى لا تغضب كعادتها ، أخبرها على عجالة أنه لديه أمر هام في العمل فسيحدثها بعدما ينتهي لتأتي رسالتها في نفس اللحظة تخبره فرحة بنتيجة اختباراتها.
لوهلة تفاجئ ليهم بتهنئتها ولكن جملتها التي أتت مقتضبة وضائقة أوقفته عن كل شيء حينما كتبت له " حسنا اهتم بما هو أهم لديك مني ، سلام "
عبس بضيق ليمط شفتيه مفكرا ماذا عليه أن يفعل هم بتسجيل رسالته الصوتية لها ولكن صوت أحمد الضاحك بخفة أخرجه من تفكيره وهو يهتف به : أمسكت بك يا ابن الوزير ، مع من تتحدث ؟
امتقع وجهه ليتطلع إلى أحمد برعب لحظي قبل أن يتمالك أنفاسه وعقله يؤكد له أن أحمد لا يدرك ماهية من تحدثه فيبتسم بتوتر لم يقوى على التخلص منه سريعا وهو يهمهم : لا شيء أنا بخير .
عبس أحمد بتعجب وهو يرمقه بتفكير سكن حدقتيه : ما بالك يا أدهم ؟! هل أفزعتك ؟!
كح بخفة ليجلي حلقه : لا أبدًا فقط كنت مشغول بأمر الاجتماع وعاصم الذي لم يأتي واعتذر لمديرة مكتبه بدلًا من أن يفهمنا ما الأمر ، وضائق لأني لا أعلم عن الصفقة شيء و..
أتبع أحمد وهو يقترب منه بهدوء يحدثه بنضج وكأنه يدرك جيدا ما به : وحدثتك صديقتك وأغضبتك.
رف بعينيه ليهم بالحديث فيبتسم أحمد ويرمقه بطرف عينه في نظره يحثه بها ألا يكذب عليه وهو يستلقي على الكرسي أمامه فيهمهم بخفوت معترفا : بل هي من غضبت ؟
قهقه أحمد ضاحكا بخفة ليسأله باهتمام : وأنت ماذا ستفعل ؟!
زفر أدهم بقوة لينهض واقفا هاتفًا بجدية : ليس لدي وقت الآن لأقعل أي شيء ، حينما أتفرغ سأرى ماذا يمكنني أن أفعله لأراضيها كالعادة !!
ارتفعا حاجبي أحمد ارتفاع طفيف ليعتدل بجلسته هاتفا بجدية : تعالى يا أدهم أجلس أنا أريد أن أتحدث معك .
تحرك أدهم بعدما رمق أحمد بريبة فابتسم له أحمد بدعم وحثه بجدية أن يطيعه فاقترب ليجلس أمامه . تنفس أحمد بعمق ليسال بوضوح : هل هذه الفتاة ، عابرة كغيرها أم صديقتك بالفعل ؟
ران الصمت عليهما قبل أن يرفع أدهم عيناه وينظر لأحمد بثبات : بل أنا أعدها لتكون زوجتي .
كسى الذهول ملامح أحمد ليردد بعدم فهم : تعدها لتكون زوجتك ، كيف ؟!
لوى أدهم شفتيه بابتسامة ماكرة ليجيبه بمرح : أنت من تسأل يا أبيه ، توقعتك تدرك معنى ما أقصده.
عبس أحمد ليسأل بهدوء : تقصد أميرة ؟! أومأ أدهم موافقًا فأتبع أحمد ضاحكا وهو يثرثر بعفوية : أنا لم أعد أميرة قط لتكون زوجتي .
رمقه أدهم باستفهام فأكمل أحمد ببوح : أميرة خُلقت لتكون نصفي الآخر .. أماني ومرفأي ووطني وجنتي ، لذا وهبني الله إياها لتمنحني اكثر ما يسعدني ، أطفالًا كانت هي مصدرهم ورحمهم اللذين تكونوا بداخله ونمو فيه وستكون دوما ملاذهم الآمن ، تنهد ليتبع - بل حقيقتا هي ملاذي قبلهم .
صمت قليلا ليكمل بهدوء : أنا لم اختار أميرة يا أدهم ، لم انتقيها .. لم اختارها كما يتبادر ذهن أي شخص لأنها ابنة فاطمة أو لأنها الطفلة الجديدة التي أتت للعائلة بعد الكثير من الذكور ، لا ليس هذا ما حدث ، بل ما حدث لا أفهمه للان ، لماذا كنت متعلقا بها وهي الصغيرة التي كنت أحملها على ذراعي .. لماذا كنت اشتاق إليها وهي طفلة وأنا كبير أرى الكثير من الفتيات اليافعات امامي .. لماذا كنت اهفو لها دوما واشاكس والدك لأجلها .. لماذا حاولت الهرب منها ثم عدت إليها لأصمم على امتلاكها ، كل هذه الأشياء لم تحدث بإرادتي الكثير منها أو معظمها لم يحدث بإرادتي ، لم أكن مخيرًا بها .. بل كنت مسيرا في طريق مرسوم لي لأحظى بقدري الذي أراده الله لي ،
رمقه أدهم بانبهار فاكمل ببسمة هانئة : أن تكون أميرة فيه امرأتي .. زوجتي .. وام أطفالي ، واللذين بالمناسبة لم أكن أريدهم بل حاربت كثيرا حتى لا أرزق بهم والآن أنا نادما كثيرا لأجل غبائي وتخوفي من وجودهم .
تطلع إليه أدهم قليلا ليسأل بجدية وهو يعتدل بجلسته : لماذا لا كنت تريد أطفالًا ؟
رف أحمد بعينيه ليجيب باقتضاب : هذا أمر طويل يصعب علي شرحه ، ولكن إجابته المختصرة أني كنت خائفا ، الخوف يؤثر سلبا على قرارتنا وأفكارنا وشخصياتنا .
تمتم أدهم بجدية : أنا لست خائفا ، أنا فقط ..
صمت وأحمد يراقبه باهتمام فاكمل أدهم وهو ينظر إلى أحمد باستفهام – هل حاولت فيما مضى أن تبتعد عن اميرة ؟
تنهد أحمد بقوة : نعم فعلت .
ارتفعا حاجبي أدهم بتعجب ليسأله سريعا : وكيف عدتما سويا ؟! كيف التقيتما ؟!
ابتسم أحمد ليهمس بيقين : هذا ما أخبرك عنه يا أحمق ، أنه القدر ، وقدري أن تكون أميرة زوجتي ، أتبع بنصيحة سكنت قلب أدهم – مهما هربت من قدرك يا أدهم ستلاقيه في أخر المطاف ، لذا ليس عليك أن تشغل رأسك بمن تعدها لتكون امرأتك ، إذا كتبها الله لك أن تكون زوجتك ستكون مهما اختلفت دروبكما ، ستلتقيان في أخر المطاف .
اتسعت عينا أدهم وأنفاسه تتلاحق وحدقتيه تومض بأمل سرعان ما خبى حينما همس أحمد بجدية : من تريدها ليست من تتحدث عن كونها امرأتك أليس كذلك ؟
اسبل أدهم جفناه ليخيم الصمت عليهما قليلا قبل أن يهتف بجدية : هل أستطيع أن أسألك عن امر ما يخص الصفقة ؟
ابتسم أحمد وأخفض عيناه ليجيبه بهدوء : لا .
رفع أدهم عيناه سريعا له ليكمل أحمد شارحا – لقد أجلت الاجتماع ، فلابد من حضور عاصم وعليه أتيت أخبرك أني سأغادر بدوري سأعود لبيتي واهنأ بالأطفال بينما تستعد أميرة لحضور ليلة الحناء .
زفر أدهم بقوة ليهتف بصدمة : اوه لقد نسيت أننا سنذهب للاحتفال بعمار، حسنا سننصرف سويا ، ولكن انتظر إلى أن اراسل عاصم فأنا ضائق منه للغاية .
قهقه أحمد ضاحكا بينما استل أدهم هاتفه ليراسل عاصم يعاتبه على تغيبه الذي أتى مفاجئا .
***
دلفت بخطوات سريعة وهي تدرك أنها تأخرت على موعد الغذاء لتهتف بسرعة وهي تخطو نحو دورة المياه القريبة من باب البيت : أعلم أني متأخرة واعتذر عن التأخير يا خالتي ، أتبعت وهي تعود إليهم على المائدة المجتمعين عليها - وأعلم أني كان يجب علي التواجد من الصباح ولكن حالة الطوارئ التي كنت مسئولة عنها لم تنتهي قبيل الآن .
لانت ملامح ليلى العابسة حينما قبلت جنى وجنتها وهي تهتف : لا تغضبي يا لولا .
ابتسمت ليلى لتربت على كتفها بأمومة في حين هتف أمير بضحكة حانية : لا عليك يا ابنتي ، فالعروس وصلت للتو وتبدل ملابسها وعادل لا أفهم ماذا يفعل بالحديقة زوجك الوحيد المتواجد على الطاولة .
ابتسمت حينما شاكسها أسعد بعينيه لتهتف بخفة : لا حرمنا الله من وجوده يا عماه .
أمنت ليلى سريعا على دعائها ليهمس أسعد بخفة : اجلسي يا جنى من المؤكد أنك جائعة .
هتفت بخفة : اتضور جوعًا ولكن سأتي بعادل أولا ً ، لوت شفتيها بخفة - من الواضح أن الطبيب يعاني .
ضحك أسعد وأومأ براسه يوافقها : لقد دعوته ولكنه لم يستجب .
تنهدت بقوة لتهتف : سأذهب إليه .
استدارت لتشهق بخفة وهي تقفز للخلف حينما هدر عادل على غفلة : لقد أتيت .
عبس أسعد بضيق وهو ينهض ليقترب من جنى يضمها إلى صدره لتسمي ليلى بحنو : بسم الله عليك يا ابنتي .
تمتم أمير بجدية : كيف لم تصدر صوتا وأنت قادم ؟!
نظر إليهم بعدم فهم : هي تعلم بوجودي وكانت آتية من الأصل لم أشأ بالتأكيد إفزاعها .
رتبت على قلبها وخفقات روحها المتتالية لتهتف بعدما استعادت انفاسها : لا عليك يا عادل أنا فقط .. عقلي لم يدرك وجودك .
هز عادل رأسه بيأس : أنا آسف يا جانو لم أقصد والله .
أقبلت عليهم يمنى لتهتف بتعجب : ما الأمر ؟!
ابتسمت جنى بوجهها لتذهب إليها تضمها بأخوة : لا شيء يا حبيبتي ، أنت أخبريني كيف حالك اليوم ؟
أومأت برأسها : بخير ، أنهيت معظم الأشياء وستأتي خبيرة الحناء ليلا .
صدح صوت ليلى : اجلسا وتحدثا على الغذاء .
اطاعتها على الفور لتهتف ليلى بجدية : تناولي الطعام يا يمنى ، فأنت لم تأكلين شيئا منذ الصباح .
تمتمت جنى الجالسة بالمنتصف بينها وبين أسعد : كلي جيدا فأنت لا تعلمين متى ستستطيعين أن تأكلي وجبتك القادمة .
همهم عادل بضجر : لماذا ؟! هل ذاهبة للحرب ؟!
صمت خيم عليهم جميعًا لتجيب جنى وهي تجاهد توردها الذي انتثر فوق وجهها : لا ولكن غدا سيكون يوم حافل من الممكن أن تنسى تأكل وفي الزفاف غالبا لن تأكل وبعدها ..
صمتت وهي تشعر بأنها توغلت بمنطقة خطر الحديث بها لتهتف بجدية متحاشية الحديث وهي تشعر بضحكة أسعد المكتومة فيزداد خجلها لتتغلب عليه وهي تعاود الحديث مع يمنى : في الغد سأجاورك من الصباح ، حصلت على أجازه لمدة يومين أخيرًا .
ابتسمت يمنى وهتفت : حبيبة أيضًا أخبرتني بذلك ، وكانت ستأتي معي اليوم ولكن رفضت ، فهي متعبة بسبب حملها ويكفي عليها مجهود غدا.
تمتمت جنى بصدق : أتمه الله عليها على الخير .
تصلب جسدها بترقب حينما هتفت ليلى : العقبى لك يا حبيبتي .
رمشت بعينيها كثيرا وهي تتذكر أن الطبيبة المعالجة خاصتها أخبرتها أن عليها التأجيل قليلا بعد المرة الماضية التي اكتشفت بها أنها لم تكن حاملا بل ما كانت تعاني منه ما هو إلا اشتباه بنزلة معوية فتستكمل جلساتها مع الطبيبة بعدما قرر أسعد أنهما سيؤجلان الإنجاب إلى أن تسمح لهما الطبيبة بذلك تنفست بعمق لتجيب بهمس خافت : إن شاء الله يا خالتي .
ابتسم أسعد برزانة وهو يضغط على كفها القريب منه أسفل الطاولة قبل أن يصرح بجدية : نحن لا نفكر الآن بأمر الأطفال هذا ، وخاصة بعد انتقالي إلى الموقع الجديد وجنى منشغلة في أمر مناقشة الرسالة أعدك بعدما تستقر أمورنا سنبدأ بالتفكير.
همت بالحديث ليصدح صوت أمير الذي استوقفها بنظراته الحازمة : يسر الله لكما أموركما ، ما يهمنا أن تكونا سعداء .
تمتم أسعد بجدية : نحن بخير والحمد لله .
تمتم أمير : الحمد لله .
انشغل الجميع بتناول الطعام ليبدأ هو بتقطيع الدجاج لها كما المعتاد بينهما ، ليسألها بهمس لم يخرج فيما بينهما : هل سترسمين الحناء اليوم ؟
عبست بعدم فهم لتهمهم : الحناء للعروس .
ليهمس بخفوت وهو يميل بجسده نحوها بمشاكسة : وأقارب العروس ؟
أجابت بعفوية : أنا أعد من أقارب العريس ، رفع حاجبه برفض فابتسمت بشقاوة قبل أن يلمع الإدراك بعينيها فنظرت إليه لوهلة ثم همهمت بتساؤل : تريدني أن ارسم الحناء .
أومأ بعينيه وهو يأسر نظراتها فاحتقن وجهها خجلا عندما همس بخفوت شديد : هل لي أن اختار الأماكن والرسومات ؟
هزت رأسها بحركة تُفضي بعدم معرفتها لينتفض هو بغضب وتأوه كتمه حينما شعر بقدم أخيه تلكزه بقوة في ساقه لينظر إليه بحنق ، أشار إليه عادل بعينيه إلى والدته التي تطلع نحوه بجدية فيكح بحرج وهو يعاود تناول الطعام ليهتف عادل بصوت عال قليلا : أخبريني يا جنى ما حالك الطوارئ التي كنت مسئولة عنها اليوم ؟
زفرت أنفاسها ببطء قبل أن تجيبه وهي تحاول أن تسيطر على حرجها لتهتف بعد قليل بحماس : الطوارئ اليوم كان ينقصك ، كنت ستبدع في إدارته فنحن كنا بمنتصف الفوضى اليوم .
هتف بتساؤل : لماذا ؟
أشارت إليه في حديث من الواضح أنه معتاد بينهما : عليك التخمين ، إذًا جاوبت صح سأعد لك القهوة بعد الغذاء.
عبس بتفكير : حادث سير .
هتفت وهي تتناول الطعام بصخب أثاره حديثها مع عادل : لا وتبقى لك محاولتان .
مط عادل شفتيه بتفكير ليهتف : انهيار عمارة سكنية ، هزت رأسها نافية فهتف بضجر - امنحيني دلائل .
هتفت : نشر الخبر اليوم .
اتسعت عيناه بصدمة : لا تخبريني حالات الانفجار كانت عندنا ، أتبع بحنق - كيف لم تستدعونني؟
ضحكت بخفة : لأن أغلبية الحالات علاجها عند جراحين التجميل وقسم الجراحة العامة ، ولكننا كنا نحتاجك في الإدارة بالفعل ، لذا دكتور محمود هو من تولى إدارة الطوارئ اليوم على غير العادة رافضًا استدعاؤك.
رمقها بضيق : لن أنسي لك أنك لم تخبرينني عن الأمر ، رسالة صغيرة كنت سأتي دون استدعاء ، ليتبع بعفوية - كنت احتاج بشدة أن انشغل اليوم في العمل .
ابتسمت بخفة وهي تلتقط تصريحه الذي ما يخرج منه نادرا لتهتف به : لا تبتأس يا صديق فالكوارث القادمة كثيرة .
قهقه عادل ليهتف من بين ضحكاته : معك حق وخاصة زفاف ابن عمك أنه الكارثة الاسوء في تاريخ البشرية .
أصدرت يمنى صوتا معترضا بينما شهقت ليلى باستنكار لينفجر أمير وأسعد بالضحك فتشاركهما جنى الضحك بعد صدمتها الأولية ، لتهتف ليلى بحنق : لا حول ولا قوة إلا بالله ، زفاف شقيقتك تصفه بأنه كارثة ، أكملت بصوت حان وفرحتها تلمع بعينيها - أنه الحدث الأجمل في عمرنا بأكمله .
لوى شفتيه باعتراض فأتبعت ليلى بضيق : أصمت بالله عليك وتناول الطعام وأنت ساكت
نفخ بقوة لينهض واقفًا وهو الذي لم يمس طعامه : شبعت والحمد لله ، أتبع بخفة وهم يغادر المكان للحديقة - سأنتظر القهوة يا جانو .
هتفت بخفة : سأنتهي من الطعام وأعدها على الفور.
***
— ما بالك يا ابنتي لا تتناولين الطعام ؟! أنت تقريبا لا تأكلين سوى السلاطة .
همت بالحديث ولكن صوت سليم صدح بجدية يقاطعها : أنها تلتزم بنظام غذائي خاص بها يا باباه .
عبس بلال بعدم فهم ليسأل سليم : ولماذا لم تخبرنا يا بني كانت والدتك أعدت لها طعام خاصا بها .
عبست سوزان بضيق لتزفر حبيبة بضجر بينما رمقه سليم بطرف عينه لتنطق هي بدلال : أخبرته يا عماه ولكنه لم يخبر انطي .
اعتلى الضيق ملامح بلال ليلتفت إليها سليم يرمقها من بين رموشه قبل أن يهمهم بجدية : نسيت بالفعل أن أخبر ماما ولكن لا أعتقد أن الأمر فارق كثيرا يا جيجي ، فكالعادة أنت تتناولين السلطة لأجل رشاقتك.
ابتسامة رقيقة رُسِمت على ثغرها لتهمس إليه : لابد أن أحافظ على رشاقتي ومظهري يا سليم، أليس كذلك ؟
ابتسامة ساخرة زينت ثغره وآثر الصمت ليهتف بلال بود : بالطبع يا ابنتي ولكن لا ضير أن تتخلي عن أنظمتك الغذائية مرة وتتذوقين كل ما تطيب إليه نفسك .
ابتسامتها اتسعت لتهمس برقة : لأجلك يا عماه أخرب كل انظمتي .
ارتفع رأس حبيبة تنظر إليها بصدمة بينما عبست سوزان بضيق لتنهض واقفة تهتف بازدراء : لقد شبعت ،
كتم عمر ضحكته وخاصة مع نظرة سليم المستنكرة والممتزجة بسخريته قبل أن يعاود الأكل و والده يهتف : عيون عماه أنت ، هيا تناولي الطعام واعتني بنفسك لأجل أن تكوني قوية وتتحملين الحمل والإنجاب ، هاك أنت ترين حبيبة كيف متعبة بسبب قلة أكلها
تصلب عمر وهو يشعر بجسد حبيبة المتشنج بجواره والتي نهضت بثقل تهتف بضيق جلي : أنا الأخرى شبعت .
عبس بلال واهتمامه يتحول لحبيبة فينظر لها بانزعاج هاتفًا : ما بالك يا حبيبتي ؟! هل لازلت متعبة ؟!
تمتمت حبيبة بضيق وعبوسها يزداد :لا يا بّابّا ولكن معدتي منقلبة وأشعر بالغثيان.
انتفض بلال واقفا ليحتضن ابنته بحنان جارف يقبل رأسها ويهمس إليها : حبيبتي ألف سلامة عليك ، أين أدويتك وأنا آتي لك بها ، بم أن السيد عمر يتناول طعامه دون اهتمام .
أغمض عمر عيناه وهو يتحكم في ضحكته بضراوة ليهتف بمرح : أنا التزم يا عماه بالقواعد فأنا حينما ادللها أمامك تغضب مني وحينما أبتعد تغضب مني ، ما الحل اخبرني ؟!
أشار إليه بلال برأسه : أكمل طعامك في صمت من فضلك يا حضرة الافوكاتو ، ضحك عمر ليرفع كفاه باستسلام فيتبع بلال بضحكة حانية وهو يقبل حبيبة برأسها ثانية - وأترك حبيبة أبوها لي ادللها قبلما تعود معك وتتركني .
استكانت حبيبة بصدر بلال وهمست بدلال طفولي عفوي : اشتقت إليك يا بّابّاه ،
ضمها بلال بصدره وهو يهمس إليها بحديث خافت لم يستمع إليه أحدًا تحت مراقبة عمر الحثيثة لهما إلى أن اختفيا من أمامه فعاود تناول طعامه لتلتقي عيناه بعيني أنجي الشاردة فيمن اختفيا بدورها ، أجفل وملامحه تنقلب بمفاجأة سرعان ما تخلص منها وهو يشعر بقلبه ينقبض من تلك النظرة الباردة التي سكنت حدقتي أنجي التي من الواضح أنها استعادت توازنها فابتسمت برقة وهمست وهي تنهض بدورها : أنا الأخرى شبعت .
نهضت بخيلاء لتبتعد عن الطاولة بينما هتف سليم غير المنتبه : لم يتبقى سوانا يا عمور ، هيا تناول الطعام وأترك كل ما يحدث من حولك جانبا .
رفع عمر عيناه لينظر إلى سليم الذي انتبه إلى نظراته فتساءل عمر بوضوح ونبرة خافتة : ما الذي يثير ريبتك في العقود يا سليم ؟
ابتسامة ماكرة ناوشت ثغر سليم ليهمس إليه بنفس خفوت نبراته : مر علي بالشركة وسنتحدث حينها .
أومأ عمر برأسه : يوم الأحد سأكون عندك بإذن الله .
ابتسم سليم قبل أن يشير إليه بتناول الطعام فيعاودا الأكل ثانية وهما يتحدثان بمرح عن أشياء كثيرة لم يتضمنها العمل .
***
يجلس بجوارها على طاولة الطعام بالقصر يتناول الغذاء مع عمه وفاطمة فهما يتوجدان اليوم معهما على غير العادة فهو منذ زواجه وبعدما قضى شهر عسله بالخارج عاد ليجد القصر فارغ لأجله ، كان يظن الأمر لأنه بأول زواجهما ولكن ما فهمه من تامي فيما بعد أنهما قررا أن يمكثا معهما فقط بأخر الأسبوع حتى تستقر أمورهما سويا فيتركان لهما المجال فارغا ليعتادا نمط حياتهما الجديد ورغم رفضه واصراره أن القصر يظل كما هو فهو قصر الجميع ولا يخصه بمفرده إلا أن عمه وزوجته ينتقلان ذهابا وإياباً من بيتهما الجديد الذي بدأت فاطمة في إعداده وتجديده والقصر ، في حين استقل أدهم بنفسه في البيت الجديد ولا يأتي إلا نادرًا إلا للاجتماع على الطعام فقط ويرفض رفضا تاما المبيت ، ابتسم مرغما وهو يتذكر رسالة أدهم الصوتية الضجرة التي وصلته منذ قليل يشكو فيها من غيابه وغياب زوجته ويصفهما بعدم المهنية بينما يستمع إلى قهقهات أحمد في خلفيتها لتومض عيناه بسعادة سرت سريعا وهو يتذكر فترة الصباح التي قضاها بأكملها معها .. إلى جوارها .. بجانبها مؤكدا لها أنها ستأتي بولي عهده قريبا جدا ، كح بخفة وهو يتذكر وعده الصباحي لها فيتحدث بهدوء وهو ينظر إلى وائل : عمي ، انتبه الجميع إليه بينما رمقه وائل باستفهام - أريد بناء بيت خشبي فوق الشجرة الكبيرة في الحديقة .
توقف وائل عن مضغ الطعام ليعبس بتعجب اندثر لوهلة وهو يرمق عاصم بنظرة غاضبة فيرجف فكه و يتوقف عن المضغ ليغمغم بجدية : لماذا ؟
احتقن وجه نوران وكتمت ضحكتها وهي تخفض رأسها تعبث بطبقها تشعر بالحرج وهي تتذكر حديثه الوقح إليها صباحا بينما أجاب عاصم ببرود : ليلعبوا فيه الأولاد .
رجف جفن وائل ليهمس بصوت محشرج : أية أولاد ؟
عضت فاطمة شفتها حتى لا تقهقه ضاحكة لينظر عاصم إلى عمه مليا ثم يجيب أخيرًا ببساطة : أولادي أنا ونور .
__ ناااااعم ، ألقاها وائل بحدة ليرتفع حاجبي عاصم بدهشة ليكمل وائل بعصبية - أية أولاد يا ولد ؟!
اختفت الدماء من وجه نوران التي ارتجفت بخوف لتنفلت ضحكات تامي رغم عنها قبل أن تربت على كتف زوجها بحنو : أهدئ يا وائل .
لوى عاصم شفتيه بحنق ليهتف بعدم فهم حقيقي : لا أفهم ما وجه الاعتراض ألم تكن تريد وليا لعهد العائلة ؟ أكمل ببساطة - أنا أعمل على تنفيذ رغبتك لذا أريد بناء البيت الخشبي .
اتسعت عينا وائل ووجهه يكفهر لتضحك تامي وتهتف بمرح : ستبني البيت لأجل ولي العهد الذي سيأتي أم لتستطيع أن تأت بولي العهد
_مامي هتفت بها نوران بصدمة حينما انتفض جسد أبوها بغضب فيبتسم عاصم رغم عنه
ليزمجر وائل بغضب : بحق الله يا فاطمة توقفي .
تمتم عاصم برزانة : لا أفهم المشكلة يا عمي ، هل معترض على بناء البيت هل الفكرة لا تروق لك ؟!
تمتمت فاطمة بتفكه : بل معترض على فكرة الأولاد
اعتلت الصدمة ملامح عاصم لينظر إلى عمه الحانق بتعجب والذي هتف من بين أسنانه : ألم أطلب منك الصمت يا فاطمة ؟
صمت عاصم قليلا ليهتف سائلا بمهادنة ظنا منه أنها ناجحة : هل توقعت أني سأؤجل الإنجاب يا عماه ؟
تمتم وائل بحنق : يا الله يا رحيم
هتف عاصم بضجر : لا أفهم ما سبب اعتراضك يا عمي ؟! ألم تزوجنا ، كيف لا تتوقع أننا سننجب ؟!
هتف وائل بعصبية : ما لك بتوقعاتي ؟! لم أخبرك توقعاتي ولا أريدك أن تخبرني عن توقعات حضرتك العظيمة !
أشاح عاصم برأسه ليهمهم بعناد : حسنا على راحتك ولكن فعليا تفكيرك غريب يا عمي ألم تفكر بهذه الطريقة وأنا أتزوج من نوران ؟
هتف وائل بغضب : أصمت يا ابن وليد من الأفضل لك .
نهض عاصم متأففا لينتزع نوران معه: حسنا أعتذر أنا مخطئ لأني أحببت أن اشاركك في الفكرة سأبني البيت دون الرجوع إليك ، توقف قبل أن يغادر لينظر إلى عمه مليا وهو يتبع - لعلمك فقط حتى لا تهلع فيما بعد ، سأبني البيت لأجلي أنا ونوران فلا تنزعج حينما تجدنا نبيت فيه .
انتفض وائل واقفا وهو يصيح : اذهب من هنا يا ابن ال ..
صمت فيتحرك عاصم بخفة مبتعدا وهو يجذب نوران معه : أنا ذاهب من الأصل وسأخذ نوران لحضور حفل الحناء مع أخي .
راقبه وائل بغضب ليتمتم من بين أسنانه بتوعد : حسنا أنا سأريك يا ابن وليد سأريك أنت و وليد نفسه.
انفجرت فاطمة ضاحكة ليتأفف وهو يرمقها شذرا فهمست بخفة : لا تغضب يا بابا جدو ، شبيهك يريد أن يأتي بولي عهد للعائلة ، أليس هذا ما كنت تريده وتدفعه للزواج لأجله .
جلس ثانية ليزفر بقوة : نعم أريد ولي عهد للعائلة ولكن لم يصل الأمر لبناء بيت شجرة لأجله .
ضحكت بخفة لتغمزه بشقاوة : الولد مبتكر ويفكر خارج الصندوق .
اربد وجهه بغضب ليصيح : سأكسر الصندوق فوق رأسه بإذن الله .
انطلقت ضحكاتها من حوله بشقاوة فلانت ملامحه مرغما حينما شاكسته بوجهها هامسة : أتركه ينطلق يا وائل ، هو ونوران يستحقان السعادة يا حبيبي .
مط شفتيه ليغمغم بضيق : حينما أرى وليد سأريه بسبب قلة أدب ابنه .
لوت فاطمة شفتيها لتغمغم بعبث : في هذا هو اشبه بك عن أبيه .
اعتلت الصدمة ملامح ليسألها بحنق : تقصدين أني قليل الأدب يا فاطمة .
أجابته ببراءة مفتعلة : أنا ؟! أبدًا ، أتبعت بضحكة مغوية – أنت وقح فقط يا حبيبي .
اقترب منها بجسده هامسا : ألم تشتاقي لوقاحتي ؟
لامست طرف أنفه لتهمس بخفوت : اشتقت إليك وإليها كثيرا يا وائل .
مد كفه إليها لتستجيب بطواعية وهي تنهض ليجذبها إليه يجلسها فوق ساقيه ليضمها إلى صدره هامسا : وأنا اشتقت إليك كثيرا يا حوريتي .
***


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-09-20, 06:30 PM   #457

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,239
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 37 ( الأعضاء 11 والزوار 26)

‏موضى و راكان, ‏rontii, ‏asaraaa, ‏سلافه الشرقاوي, ‏سلمى عامر, ‏shery2, ‏Lazy4x, ‏yasser20, ‏هبه احمد مودي, ‏ياسمينا$, ‏لبنى أحمد


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-09-20, 06:46 PM   #458

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

يجلس بغرفة المعيشة يحتسي القهوة التي أعدها له سليم فحماته مختفية من بعد الغذاء وحبيبة ضائقة دون أن يفهم السبب وهاك هي مقبلة عليه تمتص الليمون كعادتها مؤخرا ، رمقها بعتاب وهي تلوك النصف ليمونه بفمها لتبعد نظرها عنه دون اهتمام فيبتسم سليم ويهمس بخفوت : ما بالها بيبة ؟!
أخفض عمر عينيه ليهمس من بين أسنانه : تتوحم على الليمون ورغم أن شهور وحامها انتهت إلا أنها مستمرة في أكل الليمون بطريقة غريبة وكأنها تقصد اغاظتي.
رفع سليم حاجباه ليسأله : لماذا تتعمد اغاظتك ؟!
أطبق عمر فكيه ونطق بضجر : أنا لا أحب الليمون ولا أطيق رائحته والبيت وهي وكل ما يحيطها أصبح فجأة برائحة الليمون .
كتم سليم ضحكته بصعوبة وهو ينظر لوجع عمر المكفهر بضيق فيجيبه برزانة : تعلم أنه رغم عنها .
تنفس عمر بقوة وهمس بعفوية وهو يعود بجسده للخلف يتكأ على الأريكة : أعلم ولكن نولا وسوزي أخبراني أن الوحام ينتهى بعد الشهر الثالث ونحن الآن بأول الخامس والعادة تصاحبها وأنا لا أفهم هذه العادة الغريبة .
ربت سليم على ركبته القريبة بدعم ليهتف به وعيناه تتعلق بجسد شقيقته الصغير الذي أصبح ممتلئ قليلا وبطنها المنتفخ والظاهر من فستانها الصيفي الخفيف : سلمها الله وبإذن الله تقم لنا بألف سلامة ويرزقك الله بمولود جميل يقر عينك به
تمتم عمر وعيناه تغيم بعاطفة قوية حينما تعلقتا بحبيبة التي عادت إلى جلستهما : اللهم أمين يارب ، أتبع وهو يلتفت لسليم - العقبى لك بإذن الله .
هتف سليم بمرح وهو يستقبل أنجي التي دلفت للغرفة للتو فيشير إليها لتجلس بجواره فاستجابت على الفور بحركة خفيفة سريعة وهي بجوار حبيبة التي تتحرك ببطء عن المعتاد لتعبس حبيبة بضيق وهي تنظر نحوها وصوت شقيقها يغرد بسعادة : بإذن الله ، وخاصة بعدما انتهت الثلاث أشهر فأنا وأنجي كنا قررنا أن نؤجل الإنجاب قليلا ولكن أنا الآن لا أرى سببًا للتأجيل .
جلست حبيبة بعيدا عن عمر في تصرف دائم منها تتبعه في بيت أسرتها حتى لا تثير حفيظة أبيها لتسأل بعبوس : تأجيل الإنجاب لم تخبرنا من قبل يا سليم .
التفت إليها عمر يرمقها بتحذير فأشاحت بعينيها تنظر باهتمام إلى شقيقها الذي هتف بلا مبالاة : لم تأتي فرصة فقط ليس أكثر .
مطت حبيبة شفتيها دون رضا لتبتسم أنجي بخفة وهي تقترب بجسدها من الطاولة الخشبية الموضوعة بمنتصف الغرفة فتلتقط طبق خزفي تضع به عنقود من العنب وتلتقط تفاحة حمراء لتبدأ يتناول العنب برقة قبل أن تجيب بهدوء : أحببنا أن نستمتع بحياتنا أكثر في أول الزواج بدلًا من تعب الحمل والوحام وكل الأشياء المقززة التي تعيق الأزواج عن الاستمتاع بحياتهم.
شحب وجه حبيبة تدريجيا لتتسع عينا عمر بصدمة بينما جمدت ملامح سليم الذي التفت إليها ببطء ليبتسم من بين أسنانه وهو يتحدث بجدية : أعتقد أنه انتهى وقت الاستمتاع يا حبيبتي، وعلينا الآن نستعد لفقرة لوقت التقزز بحياتنا.
ابتسمت أنجي باضطراب لتهمهم بضحكة خافتة : كما تريد يا حبيبي ، أنت بالآخر من ستعاني معي .
انتفضت حبيبة واقفة لتهمس بجدية والغضب يعلو ملامحها : بعد إذنكم ،
رمقها عمر ليسأل باهتمام : إلى أين ؟!
تمتمت حبيبة من بين أسنانها : سأذهب لغرفتي فهناك رائحة عطرية أنثوية من النوع المسكر تثير غثياني والليمون لم يعد بفائدته المرجوة ، أكملت وهي تنظر لها من بين رموشها - أخاف أن استفرغ أمامكم وأثير قرفكم ..
تصلبت ملامح أنجي لترمق حبيبة بضيق واضح فترفع حبيبة رأسها بتحدي واضح قبل أن تتحدث بهدوء : أعتقد أن عليك تغيير عطرك يا أنجي حين تجمعنا فأنا بحالتي الخاصة ومعاناتي لا نتحمله .
التفت إليها سليم معاتبا لترفع حاجبها بغضب يعلم أنه نادرا الظهور بينما هتف عمر بهدوء : حبيبة .
فتجيب ببساطة : ماذا ؟! أنا أشركها في معاناتي البسيطة التي وفرتها على نفسها حينما أجلت الإنجاب ، أكملت بهدوء - نصيحة مني يا شقيق إذ لم تكونا مؤهلان للمعاناة لا تأتيا بها .
ألقتها لتخطو إلى الخارج بخطوات بطيئة إلى حد ما ولكنها غاضبة بينما نظر عمر بأثرها في صدمة تبخرت حينما استمع إلى نحيب صامت فالتفت سريعا نحو أنجي التي بدأت في بكاء انهمر من عينيها فتهتز حدقتي سليم الذي أولاها اهتمامه كاملا وهي تهمهم بصوت منخفض : أنها تكرهني يا سليم أريد الرحيل من فضلك
اضطربت ملامح عمر وهو لا يعلم ما الذي عليه فعله وخاصة حينما ضمها سليم إلى صدره وبدأ بمراضاتها ناسيًا كل شيء سوى بكائها فنهض عمر واقفا ليغادر الغرفة خلف زوجته دون أن يتحدث فيغلق الباب خلفه يمنحهما خصوصية يحتاجانها على ما يبدو وهو يتبع زوجته إلى غرفتها والذي دلفها على الفور ليتنفس بعمق عندما وجدها تقطع الغرفة في خطوات غاضبة ، وهي تزفر بغضب تضع كفها في خصرها من الخلف وتنفخ بقوة فيغلق الباب خلفه هامسا بجدية : حبيبة .
صاحت بضيق وكأنه جذب فتيل اشتعالها : لا تلومني يا عمر هي من بدأت .
أغمض عينيه وزفر بقوة ليهمهم : وأنت كأنك كنت منتظرة أن تضايقك لتنفجري بها .
هدرت بجنون : أنها تتعمد مضايقتي يا عمر وتتعمد التحدث عن أمر الحمل بقرف وتقزز ، ألم تلاحظ ذلك ؟!
أتبعت بغضب وصوتها يعلو رغمًا عنها : أتعلم أن ماما طلبت منها أكثر من ثلاث مرات أن تكف عن وضع هذا العطر لأنه يثير غثياني ورغم ذلك اليوم بعد الغذاء تعمدت أن تقف بصالة البيت وترشه ، لقد كدت أن استفرغ الغذاء كاملا لولا أن ماما منحتني الليمون والذي أعلم جيدا أنه يضايقك ولكني لم أكن سأغامر بان استفرغ غذائي الذي للتو أنهيته وأنت تعلم أني لا آكل كثيرًا.
عبس بضيق ليهمس : حسنا اهدأي لأجلي .
طفرت عيناها بالدموع لتهمس ببكاء بدأ ينساب من جانبي عينيها : وبالأخير تتحدث عني أني مقززة ، أنها هي المقززة .
لانت ملامحه بحنان يفيض لأجلها ليتحرك نحوها يجذبها من ساعديها إليه ليضمها إلى صدره هامسا بخفوت : بل مائة مقززة ولا تغضبي أنت يا بطتي يا حياتي و سكرتي التي تحلي أيامي فلا تشغلي رأسك بها ..
تمسكت باحتضانه لها في قوة تدفن وجهها في عرض صدره وتبكي بخفوت ليهمس مراضيًا : توقفي يا حبيبتي لا تبكي أرجوك ، نهنهت فأكمل بمشاكسة - حبيبة لن استطع تقبيلك أرجوك توقفي عن البكاء
عبست ودموعها تتراجع لتبتعد عنه قليلا تنظر إليه بضيق فهمس بسرعة ضاحكا : لا أقصد فقط تعلمين الليمون فأنا لست على وفاق معه.
احتقن وجهها بحمرة قانية والدموع تتجمع بعينيها لتهمس بصوت مختنق : أريد أن أعود للبيت .
ضمها إلى صدره ثانية ليربت على صدرها : تعلمين أننا لن نستطيع فاليوم ليلة الحناء الخاصة بابنة عمتك لا أعتقد أنك ستتركين يمنى أو تغضبين عمتك أو أبيك لأجل شجار تافه مع زوجة شقيقك ، ثم إذا غادرت الآن سيكون انسحاب يا بيبة ، أنه بيت والدك وهذا الجالس بالخارج أخيك لن تقاطيعهما لأجل خلاف بينك وبينها .
شمخت بأنفها : سليم لم يدافع عني يا عمر .
رمقها بعتاب : بل فعل ورغم أنه فعل أنت أخذت حقك أيضًا ولم تهتمي بمشاعره أو موقفه
تمتمت بضجر : لأنها تتعمد استفزازي .
همس بجدية : سليم لا يعلم يا حبيبة ، لمعت عيناها بغضب فأكمل - وإياك وأن تخبريه ، كل ما عليك أن تتوقفي عن الاحتكاك بها ، وأن لا تتجاوزي معها أمام سليم ، سليم يقدرك يا حبيبة ولا يقوى على الاستغناء عنك فلا تدفعيه أنت بعيدا أو تسمحي لها بأن تبعدك عنه
أشاحت بوجهها بعيدًا وهمت بالحديث لتصمت على أثر دقات الباب التي تصاعدت بمرح تشي بوجود شقيقها أمام باب غرفتها فتبتسم رغمًا عنها ليشير إليها عمر برأسه بمعنى أرأيت قبل أن يتحرك ليفتح الباب فيطل سليم بمرح هاتفًا : هل أمسكت بك يا ابن الخواجة ؟
ضحك عمر وهم بإجابته لينطق سليم سريعا وهو يتحرك نحو حبيبة : أنت تبكين يا حبيبة ، أنا آسف يا حبيبتي ، لا تبكين أرجوك فها قد أتيت لاعتذر منك .
***
تقف خارج الغرفة لا تعلم لماذا اتبعته وهي تدرك في قرار نفسها أنه سيذهب لمراضاة شقيقته بعدما هدأها وقبل رأسها وسيطر على دموعها التي كانت حقيقية وليس لأنها غاضبة لأجل حديث حبيبة الفارغ بل لأنها تبغض نقص شعورها بكل ما تحدثت عنه حبيبه ، حبيبة التي تجلس بحضن شقيقها فيدللها وكأنها طفلته ويشاكسها وهو يتحدث معها عن طفلها فتجد نفسها تنظر لبطن الآخرى المنتفخ وتتمنى أن تحصل على انتفاخ مثله .. انتفاخ لن تحظى به أبدًا !!
انتفضت من نظراتها على حبيبة التي على ما يبدو شعرت بها فرفعت نظرها نحوها فتتواجها ليشحب وجه حبيبة على الفور وتفرد كفاها برد فعل غريزي على بطنها وكأنها تحميه من نظراتها !!
أسبلت جفناها لترفعهما من جديد بنظرة مغايرة وترسم ابتسامة زائفة فوق شفتاها وهي تقترب من الباب تدقه برقة مفتعلة وهي تهتف بمرح : هل أستطيع الدخول ؟! أتيت لأنهي الخلاف يا حبيبة فأنا مقدرة ظروفك الآن وأعلم أن وضعك العاطفي غير مستقر فأتيت لنتصافى.
اكفهر وجه حبيبة وهي تشعر بإهانتها المقصودة لها ليرمقها عمر بنظراته يحذرها ألا تندفع بغضب فتبتسم حبيبة رغما عنها وتهمس بخفوت : لا عليك يا أنجي ، أنا لست غاضبة ، أكملت بهمهمة جادة – يكفيني أن سليم أتى بنفسه ليراضيني .
رمقتها أنجي من بين رموشها لتهمس بخفوت وهي تبتسم برقة زائفة : بالطبع ، سعيدة أنك لست غاضبة ، حسنا سأذهب أنا لارتاح قليلا قبيل أن نذهب لليلة الحناء .
القت حديثها وهي تتجه للباب ثانية فعم الصمت عليهم جميعا لتتوقف هي متبعة – لن تأتي يا سليم .
تشنج جسد حبيبة بداخل صدره انبأه أن الأمر أكبر مما يظن ، فربت على ظهر شقيقته بحنان أراح قلب حبيبة فابتسمت وهي تتمسك به أكثر فيهتف بعفوية : سأتي ولكني سأجلس مع بيبا قليلا .
ابتسمت أنجي وغادرت وهي تصر على أسنانها بقوة تشعر بالنفور يزداد داخل أوردتها وخاصة حينما التقطت احتضانه الحاني لشقيقته التي تمسكت به وكأنه أخر ما تبقى لها في عالمها فتشعر بالنقص يحتل روحها أكثر فأكثر فتقرر أنها لن تكن أبدا خاسرة !!
***
يجلس على طاولة بجانب مقهي فخم معتاد على الجلوس به مع أبيه الذي أصر على مقابلته خارجا بعيدا عن اجواء البيت متعللا بأنهما لم يتحدثان منذ عودته نهائيا من الخارج ، تنهد بقوة وهو يقر بأنه فرح أخيرًا لعودته إلى وطنه بعد سنوات من الدراسة خارجا ولكنه بفضل الله انهاها ، بل إنه أنهى كل شيء يخصه بالخارج ، وخاصة بعد هذه المقابلة التي اعادته لقواعده سالمًا دون خسائر كانت ستكون جسيمة لولا اتزانه المشهود له منذ صغره . رف بعينيه وهو يتذكر ذاك اليوم الذي كان بعمله فعبس بتعجب وهو يستمع إلى اسمه ينادى بجهاز الاستدعاء بعدما أنهى وقت مناوبته ليذهب إلى استقبال الطابق يسأل عن سبب استدعاءه فتجيبه المساعدة بأن هناك سيدة تريد رؤيته ، التفت نحو من أشارت بتعجب لتنفرج ملامحه بذهول وهو ينظر إلى من وقفت أمامه بطولها الفارع وخصلاتها الحمراء وابتسامتها اللبقة تقترب منه برقي وتهتف له بتحية رسمية أثارت ريبته ليرحب بها برزانه وعيناه تومض بتساؤل عن سبب قدومها إليه فأجابته برقة : هلا سمحت لي أن أدعوك على قدح من القهوة ؟
ضيق عيناه قليلا ليهتف بلباقة : أنه شرف لي يا سيدتي ، ولكن سأدعوك أنا من فضلك .
اتسعت ابتسامتها لتهمهم بفخر : أنت تشبه أبيك بالفعل
اهتزت حدقتيه بتوتر قبل أن يهتف وهو يشير إليها أن تسير معه : من الواضح أن حضرتك تعرفين بابا جيدا .
أسبلت فحينها لتجيب بخفوت : بل أكثر من جيدا
كسى الذهول وجهه ليقودها إلى طاولة بعيدة نسبيا في مقهى المشفى الذي يعمل به قبل أن يذهب ليأتي بقدحين من القهوة يمنحها أحدهم : تفضلي يا دكتور .
هتفت بعربية شعر بأنها مقصودة في حديثها حتى لا يعلم المتواجدين حولهما فحوى الحديث : سلمت يداك .

جلس أمامها مواجها إليها لترتشف القهوة ببطء قبل أن تسأله بهدوء : كيف حالك مع كارما ؟ شحبت ملامحه تدريجيا ليعود بجسده للخلف مؤثرًا الصمت فاتبعت هي بهدوء متعمد - ابنتي تخبرني بكل شيء يا محمد .
شعر بحلقه يختنق ليجيب سريعا : وما هو كل شيء ، ما بيني وبين كارما بضع أحاديث يدركها زياد جيدا ، أحاديث عادية وطبيعية بين أي صديقين وأنا لم ولن أتجاوز قط بالحديث مع كارما .
هتفت بسرعة : بالطبع يا بني أنت موثوق بك وأخلاقك لا غبار عليها وأنت نعم الصديق لابنتي والأخ أيضاً ، ولكني فقط فكرت أن .. صمتت قليلا فضيق عينيه بترقب لتكمل - فكرت أن أخبرك بعض الأشياء قبل أن تتطور هذه الصداقة لشيء أكبر لا نستطيع احتواءه وخاصة مع ميلك الذي شعرته نحوها وميل ابنتي لك .
سحبت نفسا عميقا واتبعت : أنا بالأول والأخير أم أدرك جيدا ابنتي ومشاعرها وحينما تميل لشخص ما أستطيع الشعور بها وكارما تميل إليك يا دكتور محمد .
حينها رف بعينيه كثيرا ليشد جسده ويهتف باتزان : على ما اعتقد أن حضرتك لا ترضين عن ذاك الميل ولا الصداقة .
ابتسمت برقة وهتفت : أنت فخر لأي عائلة .. سواء صداقتك لولدها او مصاهرتك لهم ولكن .. صمتت فانتظر بصبر إلى أن أكملت - لا أعتقد أن عائلتك ستوافق على أن تقترب .. تتعلق أو تتزوج من ابنة طليقة أبوك .
حينها صدم .. ذهل .. وتيبس عقله وهي تشرح له الصلة الغريبة التي كانت تجمعها بابيه وتلك الفترة التي لا يعلم عنها شيئا من علاقة والديه ولا يحق له أن يعلمها ، لا ينكر أنه كان منجذبًا للفتاة وبشدة ولكنه انجذاب ، حلله عقله على أنه انجذاب إلى كل ما هو جديد في عالمه المختلف عما المعتاد ، فحينما كان يشعر بأنه يتخطى شعور الإعجاب أو الانجذاب كان عقله يعيده للمنطقة الآمنة ثانية وهو يذكره أن من مثل كارما لا تناسبه ، ليس بأسلوب حياتها فقط ، بل في كل شيء إن اختلاف الثقافات بينهما جليًا واضحًا ، ليأتي تصريح والدتها بأن حتى لو قبلت عائلته هي لن تقبل أن تؤذي زوجها وحبيبها هكذا بذكرى من ماضي انتهى بالنسبة لها فيعيده وجوده أمامه من جديد ليحترم رغبتها ويبتعد نهائيًا وخاصة بعد تلك الليلة التي شاهد كارما وهي ترقص مباشرة في إحدى العروض التي تعمل بها بعدما دعته إليها
كان يعلم أنها راقصة شهيرة بإحدى فرق الرقص الأمريكية التي يسمع عنهم من حوله ويتحدث الناس عنهم بالفعل بل يتحدثون عن شهرتها هي خاصة يتحدثون عن الفتاة العربية الأمريكية المميزة لأن روحها تسبقها رغم جمالها الأوروبي ، كان يستمع وهو يتوقع انها بالرينا .. راقصة بالية كما خيل إليه عقله ، لتجدد صدمته وهو يكتشف أنها ترقص بشكل ما ينتمي لرقص شرقي وغربي مجتمعان ، نوع جديد لا يفهمه من الرقص ليتبقى أمام عقله أخيرًا أنها راقصة ليست بالرينا بل راقصة تعبيريه ، يومها لم يتحمل أن ينتهي العرض فذهب إليها بفترة الاستراحة واعتذر منها لينصرف وهو يحمد الله أنه سيعود قريبا ويغلق هذه الصفحة نهائيا ، صفحة تواجده في هذه الأرض الغريبة .. إعجابه بفتاة لا تشبهه .. وتوصله لماضي لا يخصه ، فيومض أمامه إلحاح والدته الفترة الماضية بأكملها أن يرتبط بفتاة تشبهم .. تنتمي اليهم .. وتحبه كما لن تفعل إحداهن ، فيبتسم وهو يعلم انتقاء والدته بل تلميحاتها المتكررة مفضوحة إليه ليتخذ قراره بهدوء وتروي وبعد تفكير طويل ليحسم قراره أخيرًا ويجري اتصاله بوالدته قبيل عودته ليخبرها أنه يريد الارتباط بأمينة !!
ورغم احتفاء والدته بل أنها كادت أن تزغرد له في الهاتف وهي تخبره بأنها سترتب كل شيء مع خاله إلا أن اتصال أبوه به في نفس اليوم ولكن بوقت يعد متأخرا وهو الذي لم يفعلها من قبل ليبلغه بكلمات مقتضبة أن يدع أمر الخطبة هذا إلى أن يعدسالمًا وحينها سيتحدثان سويا انبأه برفض والده للزيجة وعليه هو يستنتج جيدا حديث والده اليوم ، فمحمود المنصوري غير راضيا عن ارتباطه بابنة خاله ، لا يعلم سبب رفض أبوه لهذا الارتباط ولكن موقن هو من أسباب أبيه ويثق برأيه بل وسيخضع لرغبته مهما كانت ، فهو ليس بالولد الذي يرفض رغبة أبوه أو يعيق تنفيذ حلم والدته ، ولكن اليوم وهو جالس ينتظر وصول والده يفكر رغما عنه في كيف سيخضع لهما سويا في حين أنهما الاثنان غير متفقان هذه المرة .
***
يجلس بحديقة المنزل قبيل بداية حفل الحناء الذي قرر ألا يحضره وتحجج بعمل خاص في المشفى ينتظره فرمقته أمه بعدم رضا وتطلعت إليه يمنى بمشاعر مضطربة غير مفهومة فابتسم يطمانها قبل أن يحتضنها بخفة ويقبل رأسها متحاشيا الحديث مع أبيه أو أسعد والأهم منهما جنى التي تستطيع بشكل ما إجباره على الثرثرة التي لا يريدها ، الآن خاصة لا يريدها ، فاختلى بنفسه هنا يريد تصفية ذهنه والجلوس صامتا إلا أن رنين هاتفه المتواصل الذي أفسد عليه لحظة الاستجمام الذي أرادها بعيدا عن الجميع بعدما أعدت له جنى قهوته فأدار الهضبة يستمع إلى إحدى أغانيه القديمة ذات المقام الشرقي فيدوي صوت عمرو دياب بجوار أذنيه وهو يشدو
جرح الهوى لو من الحبايب .. ملوش دوا ولا قلب دايب
أنسى اللي كان .. انا قدرت أنسى
كل اللي بينا .. هنعيشه ذكرى
روح .. روح ابعد عني
روح .. روح يا اللي تاعبني
ده انا قلبي سامحك .. وجرحي سامحك
الله يسامحك.
روح – عمرو دياب
فيأبى هاتفه أن ينتزعه من مزاجه الذي بدأ يروق وهو ينغمس مع الاغنية التي أدارها متعمدا فيمط شفتيه بضيق ثم يجيب بهدوء وصوت رخيم : مرحبا .
أتاه صوتها الناعم تسأل برقة متعمدة : لازلت غاضبا ؟
عبس قليلا ليسأل : متى كنت غاضبا ؟ أنا لا أذكر أني كنت غاضبا .
خيم الصمت عليها قليلا فهتفت بتعجب : حقا ؟! آثر الصمت فأكملت - توقعت أنك غضبت لاتصال زميلي بي وأنا معك .
عبس قليلا ليهمس سائلًا : لماذا أليس هذا زميل عملك ؟
ردت سريعا : نعم بالتأكيد .
رفع حاجبه ليسأل بوضوح : وكان يهاتفك في العاشرة مساء لأجل أمر هام بالعمل كما أخبرتني
تمتمت سريعا : بالطبع .
أجاب بلا مبالاة : إذًا لماذا سأغضب ؟
تمتمت بخفوت : ظننتك غضبت لأجل التوقيت فقط.
زفر بقوة : لا لم أفعل لأني ببساطة أثق بك ، صمت لوهلة ليسأل بهدوء - أم علي أن لا أفعل ؟!
امتقع وجهها لتهدر باختناق : ما الذي تقوله يا عادل ؟!
أجاب بلامبالاة : أنا فقط أسأل .
زفرت بقوة لتؤثر الصمت قليلا قبل أن تسأله : الليلة الحناء ، أليس كذلك ؟
أغمض عيناه وعبوسه يزداد : نعم .
تمتمت : مبارك عليكم .
تمتم من بين أسنانه : بارك الله فيك العقبى لك .
عبست بعدم فهم : العقبى لي ؟!! آثر الصمت لتهتف بنزق - إذًا متى سأراك ؟ أعلم أنك ستسافر قريبا ثانية أريد أن أراك قبيل سفرك .
تنهد بقوة ليهتف : انتهي فقط من زفاف موني وارتب مواعيدي وأخبرك .
تمتمت بضيق : حسنا إلى اللقاء .
أنهى الاتصال ليلقي هاتفه أرضا بنزق وهو يشعر بالضيق يتملكه وخاصة مع تبديل الأغنية التلقائي فانتهت الأغنية التي كان يريد الاستماع إليها ويبرد فنجان قهوته الذي لم يشربه ليتمتم بمسبات كثيرة متتالية خافتة أوقفه عنها ضحكة أنثوية قصيرة فلتت من صاحبتها التي تقف متخفية بجدار البيت ومن الواضح أنها كانت تراقبه.
اسبل جفنيه وابتسامته تحتل ملامحه ليهمهم بخفوت : هل ستأتين يا أرنبة أم أضع لك الجزر لعله يغريك فيجبرك على القدوم ؟
أظهرت نفسها بشموخ فتجيبه بخفة : توقفت عن تناوله يا أبية ، ولم أكن متخفية عنك ، فقط لم أشأ أن اتطفل عليك وازعجك وأنت تتحدث بالهاتف .
تنهد بقوة : وجودك لا يزعجني البتة يا ملك .
ابتسمت برقة لتشير برأسها إلى موضع الجهاز الصغير الذي يصدح منه صوت عمرو دياب الذي يشدو بصوت فرح
عيونك الغالين .. بينوروا الدنيا
والضحكة ع الخدين .. تتحبي وفي ثانية
ملامحك جميلة .. وكلك جميلة
جميلة جميلة .. يا بخت اللي ابقي معاه
جميلة جميلة .. جميلة ما شاء الله.
جميلة – عمرو دياب
فسألته برقة : هل كنت تغازل خطيبتك بالأغاني يا أبيه ؟! كما يفعل حبيبة زمان ؟
ارتفعا حاجبيه ليسأل بجديه وهو يرفع رأسه ينظر اليها : وكيف عرفت أنتِ عن حبيّبة زمان ؟
التفتت من حولها قبل أن تحمل مقعد قطني صغير فتلقيه بجواره ولكن بعيدا عنه قليلا ثم تجلس وتهمس وكأنها تدلي له بسر خاص : ديدو كان ولازال يدير الأغاني لجاسي ، تطلع إليها باهتمام وهي التي اسبلت جفنيها تثرثر بعفوية وكأنها شردت في ذكرى محببة لها - دوما ينتقي الأغاني التي تفرحها .. يشاكسها بها وبعض الأحيان يصالحها أيضًا.
ابتسم بخفة : تحبين أخوالك كثيرا يا ملك أليس كذلك ؟
ضحكت بخفة : وأعمامي أيضا ولكن أخوالي لهم مكانة خاصة .
تمتم سائلًا باهتمام : من أكثرهم قربًا لك .
أجابت دون تفكير : ويلي .
ردد بدهشة : سيادة الوزير ، ظننتك ستختارين ديدو .
أشارت براسها نافية وهتفت موضحة : لا أنكر انهما ذو مكانه متقاربة للغاية ولكن كلا منهما لديه أسلوبه الخاص ومكانته المميزة ، تمتمت متبعة - وأنسى أمر سيادة الوزير هذا نهائيًا ، فسيادته معنا شيء آخر ، ولكن هذا لا يمنع أني أعشق خالو وليد فهو المرح المشاكس العابث الذي أستطيع أن أرمي كل متاعبي بحضنه ، بينما خالو وائل هذا من أركض إليه وأنا أعلم أنه سيربت على مخاوفي دون أن أنطق بها ويشد من ازري دون أن اطلب منه .
رمقها قليلا ليسأل بجدية وترقب : ووالدك ؟
ضحكت برقة : لوكا هذا قلبي .. روحي .. صديقي وحبيبي ، معه أنا آمنة وبحضنه أنا سعيدة وهانئة .
التمعت عيناه لتهتف به : لم تسألني عن خالو أحمد ؟!
ضحك بخفة : لأني أعلم علاقتك بدكتور أحمد جيدا ، فهو يعدك ابنته كجنى.
ضحكت برقة : الأمر لا يتوقف على هذا فقط خالو أحمد السور الذي اختفي خلفه من الطوفان المتمثل في ماما الجميلة ، التمعت عيناه بترقب وهو يراقبها فأتبعت وعيناها تنطفأ تدريجيا - فهو الوحيد الذي يستطيع التحكم بها وحسر سيطرتها التي تفرضها على الجميع ، خالو أحمد الوحيد الذي يقوى على الوقوف في وجه ماما ، فبابا يراضيها دائما والاخوين ويلي يدللاها وكأنها ابنتهما إلا هو ، هو من يستطيع أن يقسو عليها ويقومها أيضا.
رمقها في صمت لتسأله بعد وهلة : وأنتَ ؟
ضحك بخفة : أنا لا أملك الكثير ، عائلتي صغيرة ، نعم عمو وليد يعد عم لي والخواجة أيضا في مقام عمي ، ولكن رسميا أنا امتلك خال واحد ، وأنا أعشقه رغم أنه مربك قليلا وبالطبع ايني حبيبتي وروح قلبي لا أعدها خالتي بل هي صديقتي المقربة ، تنهد بقوة ليكمل - أما لو تسألي عن ماما فهي لديها صمام أمان واحد فقط وهو " الأمير ".
ومضت عيناها بزرقة غنية ليكمل : بابا يقوم بكل الأدوار الحقيقة ، يدلل ويراضي ويقَوم ويصد ويفعل الكثير ، ولكن ماما ذات قلب طيب تحبنا كثيرا وحينما تقسو علينا يكون لأجلنا .
تأففت بضجر وهتفت : أرجوك يا عادل لا تردد هذا الحديث غير المفهوم – بالنسبة لي - عن كون الأم تقسو لأجل مصلحة ابنائها ، فما الفائدة التي ستعود على الأبناء من القسوة ، وألا تستطيع الأم أن توجهم دون قسوة .. دون غضب .. دون صراخ وعويل.
اسبل جفنيه ليسألها بجدية : أخبريني يا ملك لو أمامك طفل صغير يلعب ، وأتى بمسمار حديدي وسيضعه بمفتاح الكهرباء ماذا ستفعلين به ؟
تمتمت سريعا : سأمنعه بالطبع ،
رفع عيناه ليسألها بجدية . وإذا كرر الأمر ؟
تمتمت : سأكرر منعه .
ابتسامة ماكرة رسمت على ملامحه ليسالها : وإذا غافلك وأتى من خلفك ليعيد الكرة وفوجئت به يكاد أن يضع المسمار بالكهرباء
أجابت دون تفكير : سأضربه على كفه لأمنعه .
هتف بجدية : بل لتنقذيه من موت محقق يا ملك ، هذه هي قسوة الأمهات على أطفالهن ، تقسو عليك لتمنع عنك خطر أكبر وجميعهن تحركهن لهفتهن وخوفهن على أبنائهن ، تطلعت إليه بصدمة فأكمل بجدية - قبل أن تغضبي من والدتك فكري قليلا فيما تفعلينه يجعلها تهلع عليك .
رفت بعينيها قليلا لتسأله بنبرة محشرجة وهي تمنع عقلها عن التفكير : هل انطي ليلى تهلع عليكم هكذا ؟
ضحك بخفة : انطك ليلى لا تفعل شيئا سوى الهلع علينا .
تعالت ضحكتها مرغمة ليشاركها الضحك قبل أن يصدح صوت جنى المتعجب والتي دلفت للتو إلى الحديقة وكأنها تبحث عنه : أنت هنا يا ملك؟!
ابتسمت ملك بينما نقلت جنى عيناها بينهما باستفهام لتجيب ملك بخفة بعدما قفزت واقفة : كنت أتحدث مع الدكتور بعدما خرجت إلى الحديقة مختنقة من رائحة الحناء .
اسبل عادل عيناه متحاشيا النظر إلى جنى ذات الملامح المندهشة والتي صمتت بتعجب ليأتي صوت عاصم الذي صدح من خلفهم بعدما دلف إلى الحديقة من بابها الخارجي هاتفًا بمرح : كيف حالكم يا آل الخيّال ؟
هتفت ملك بخفة وهي تقفز إليه بطفولية : عاصم .
ضحك عاصم بخفة ليستقبل احتفائها به بقبلة رأس أخوية قبل أن يهتف بها بعدما صافح عادل ورحبت به جنى وهي تهتف بأنها ستدعو أسعد إليه : أنا غاضب منك يا ملك ، كيف تغادرين دون أن تخبريني ؟!
تمتمت سريعا : ظننتك تعلم أني سأغادر قبيل اختباري الأخير ، تكلمت بصوت خافت وهي تغمز له بعينها - ثم فكرت أن أترك لك الساحة يا باشمهندس .
طرق عاصم رأسها من الخلف : توقفي عن الوقاحة بالحديث يا فتاة وإياك أن تكوني بالقصر مرة أخرى وتغادري دون أن تخبريني .
أومأت برأسها موافقة : أمرك يا كبير ، أتبعت سائلة - أين نوران ؟!
أشار اليها برأسه : بالداخل فهي دلفت إلى البيت من بابه الأمامي وأنا أتيت من هنا بعدما وجدت عادل في الحديقة .
هتفت وهي تتحرك بسرعة : سأذهب إليهن ، أشارت بكفها مودعة وهي تهتف بخفة - سلام يا أبيه .
ابتسم عادل مؤثرًا الصمت بينما عبس عاصم مرددًا بتعجب : أبيه ؟!!
تقابلت مع أسعد الذي أومأ إليها برأسه محييا ليقبل عليهما يصافح عاصم ويرحب به ليسأله بجدية بعدما نظر لأخيه الذي تركهما ليذهب ويأتي بالمشروبات وعاصم يهتف به ألا يفعل فهو سيغادر سريعا ليذهب مع عمار الذي يريده في أمر ما يخص تجهيزات البيت : هل أتت ملك معك يا عاصم ؟
هز عاصم رأسه نافيا : لا لقد أتيت وجدتها بالحديقة مع جنى وعادل ، عبس أسعد وفكه ينتفض بضيق فيسأل عاصم باهتمام - هل هناك شيئا ما لا أعرفه يا اسعد ؟!
هز أسعد رأسه نافيا : لا أبدًا فقط لأني رأيتها بالحديقة فاختلط علي الأمر ، أومأ عاصم بتفهم بينما أسعد يطبق فكيه مغمغما بخفوت شديد - يا الله يا عادل.
***
عبس بتعجب وهو يخطو نحو اتجاه غرفة النوم الرئيسية في منزل أخيه ، بعدما أنهى إليه بعض الاشياء التي كانت تنقصه وطلبها منه عمار أن يفعلها له ، عمار الذي اختفى فجأة دون سابق إنذار فأخذ يبحث عنه في البيت الذي انتهوا من إعداده اخيرًا ليستقبل عروس أخيه بعد غد ، ناداه بهدوء وطرق الباب المفتوح قبل أن يدلف إلى الغرفة فيرفع حاجبيه بتعجب وهو ينظر إلى عمار الذي ينتهى من تركيب شيء ما يشبه الأرجوحة !!
اعتلت الصدمة وجهه والتي سرعان ما اندثرت ليحتل الإدراك ملامحه وهو ينظر للفراش المتخفي بأرجوحة أو أرجوحة بشكل فراش فيتطلع إليها وعقله يبحث عن مقصد وجود هذا الشيء في جانب غرفة نوم أخيه الرئيسية ، فهمس بتساؤل : ماذا تفعل يا عمار ؟!
انتبه عمار لأخيه فهدر بضيق : بل ماذا تفعل أنت هنا داخل غرفة نومي أنا وزوجتي ؟! ألم أتركك بغرفة التلفاز تضبط صوت المسرح المنزلي الذي لم أستطيع ضبطه .
ارتفعا حاجبي عاصم بدهشة لينظر من حوله هامسا بتفكه ساخر : أين زوجتك هذه ؟! على حسب علمي أن الشقة فارغة ما عدانا ، ثم أنا انتهيت من ضبط المسرح المنزلي وانتهيت ايضا من ضبط الكهرباء فهي كانت ليست منضبطة كما يجب .
هتف عمار وهو ينظر لما انتهى من تركيبه : حسنا شكرا لك ، هلا انتظرتني خارجا ؟
كتم عاصم ضحكته وهو يرمق الأرجوحة بطرف عينه من خلف ظهر أخيه ليبتسم بمكر ويهمس : هل تدرك إذ علم آل الخيال بأمر الأرجوحة ماذا سيفعلون بك ؟ه
جمدت ملامح عمار الذي استدار إليه لينطق بجبروت : وما شأن آل الخيال بأرجوحتي الموضوع بغرفة نومي ؟! ما الذي سيأتي بهم أصلا ً إلى هنا ؟!
ضحك عاصم بخفة : لنفرض أن حماك وولديه لن يدلفا لغرفة النوم وهذا مؤكد بالطبع ، فعمو أمير وأسعد لن يفعلاها ، لا أثق بعادل ولكن حسنا لن يأتي أحدهم إلى هنا ، أخبرني بالله عليك بماذا ستخبر ماما وخالتك عن الأرجوحة ووجودها في غرفة نومك ؟!
عبس عمار لينطق بجدية : هذا الأمر ليس شأن أحدًا سواي أنا وزوجتي وهيا من فضلك أخرج من هنا ولا تدلف ثانية إلى غرفة نومي .
ضحك عاصم بخفة ليتحرك بالفعل إلى الخارج فيتبعه عمار ليهمهم عاصم بخفة : أعجبت بالفكرة يا شقيق ، أتبع بتلميح صريح - مبارك عليك ارجوحتك .
زمجر عمار باسمه في ضيق فآثر عاصم الصمت قبل أن يتوقف على نداء أخيه الخافت إليه يستوقفه قبل أن يغادرا ليستدير إليه بتساؤل فتتسع ابتسامته وعمار يهمس بطريقة أعادته لصغرهما حينما كان يريد مؤازرته في أي من مصائبه التي يفعلها أو التي يخطط إليها : هلا ساعدتني في شيء يا عاصم ؟
كتم عاصم ضحكته ليجيب بمرح : أخبرني إلام تخطط يا طبيب المجانين وتريد أن تورطني معك فيه ؟
ضحك عمار بخفة ليهمس : أريد أن ائتمنك على سر خاص بي ، انتبه عاصم وجسده يتصلب باستنفار نحو أخيه الذي تابع بهدوء - أنا لن أسافر ليلة الزفاف كما أخبرتهم !!
لمع التساؤل بعيني عاصم ولكنه آثر الصمت فأكمل عمار بجدية : بل إن سفري بعد أسبوعين كاملين سأقضيهم هنا في البيت.
نظر عاصم إليه بتعجب ليسأله بعدم فهم : إذًا لماذا تخفي الأمر عن الجميع ؟!
بلل عمار شفتيه ليجيب باقتناع : لا أريد لأحد أن يقتحم أول حياتي مع موني يا عاصم ، وهذا أمر سهل للغاية وخاصة مع قرب المنزل من منزلي عائلتينا والذي أتى ضد رغبتي في الأساس ولكن أبوك أجبرني على الرضوخ لرغبة ماما ودموع خالتي ليلى فاضطررت أن اسكن في بيت مجاور حتى لا نبتعد عنهما وخاصة مع سكن سيادتك في القصر بعيدًا .
غمغم عاصم بدفاع منطقي : ماما لا تقوى على فراقك ثانية يا عمار وخالتي ليلى من حقها أن تكون ابنتها الوحيدة بجوارها ، عبس عمار بضيق فأكمل عاصم بعدم اقتناع - ثم قرب البيت ليس سببًا كافيا لإخفائك عنهم تواجدك .
أجاب عمار بمنطقية : بل سبب أكثر من كافي يا عاصم فإذا علمت أمك وخالتك بتواجدنا ستقومان بزيارتنا يوم بعد يوم وهذا أمر لا أحبذه في أول زواجي بموني .
ضيق عاصم عينيه مستنكرا ليزفر عمار بحنق : لا ليس لهذا الأمر .
رمقه عاصم بطرف عينه ليغمغم بنبرة مميزة : عمار .
ابتسم عمار واسبل جفنيه : ليس هو الأمر الوحيد ، لا أنكر أنه أحد الأمور ولكن ليس هو السبب الرئيسي ، لوى عاصم شفتيه بعدم اقتناع فاكمل عمار شارحا - أريد أن اختلى بيمنى يا عاصم دون غارات خارجية تشتت قواعد التعامل التي أقرها بيننا .. أريدها أن تشعر أنها أصبحت تنتمي لي دونا عن الآخرين .. دون وجود أباها.. أمها .. اخواها ، أريدها أن تدرك أنها أصبحت لي وأنا أصبحت لها ، أريدها أن تستوعب جيدا أنها أصبحت خاصتي .. زوجتي .. ملكي وأنه لن يحول بيننا أحدًا حتى عائلتها ، لأني سأصبح أنا عائلتها الوحيدة .
ابتسم عاصم بتفهم ليهمس بجدية : حسنا ولكن اعتني بها .
تمتم عمار وهو يزفر براحة لحصوله على دعم شقيقه : لا تقلق سأسكنها عيناي.
ابتسم عاصم لينظر إليه مليا قبل أن يزمجر في وجهه بخفوت : هيا أكمل وآت بم عندك ، فليس من المنطقي أن تخبرني بكل هذا دون سبب يا أخي .
قهقه عمار ضاحكا فاتبع عاصم بغلظة : انجز يا عمار لا نريد أن نتأخر عن السهرة المميزة التي أعدها ابن عمك ، فابن عمك لن يستريح إلا حينما يهدم الكون فوق رؤوسنا .
جلجلت ضحكات عمار ليهمهم بخفوت بعدما سيطر عليها بصعوبة : حسنا سأخبرك ، تنفس بعمق ليهمس ببطء وهو يراقب عاصم بتروي - أريدك أن تساعدني وتمدني بالطعام يوميا، ارتفعا حاجبي عاصم بدهشة فأكمل عمار - فسفرنا يعني أن خالتي وماما لن تهتما بهذا الأمر وبالطبع لن ادفع يمنى للطهو في أول الزواج لذا أريدك أنت أن تهتم به .
لوى عاصم شفتيه ليغمغم بضجر : على آخر الزمن سأعمل متعهد حفلات لأجل سيادتك ، ضحك عمار ليتبع عاصم بحنق - ألا تستطيع أن تطلب الطعام كما المتعارف عليه يا سي عمار ؟
هز عمار رأسه نافيا : لا فمن المحتمل أن ينتبه أحدهم لعامل التوصيل أما أنت ستتخذ حذرك وتأتي بطريقة لن يلحظها الآخرون .
نظر إليه عاصم بصدمة ليهمهم : هل جننت يا عمار ؟! تريدني أن أتسلل لآتي لك بالطعام ،
ضحك عمار بخفة ليهتف بمرح : أنت أهل لها يا كبير ،
ضرب عاصم كفيه ببعضهما ليغمغم بنزق : أين هذا الكبير أنا لا أراه وخاصة وسيادتك تطلب مني أن أهرب إليك الطعام لمدة أسبوعين على التوالي لأنك تخفي عن عائلتك عدم سفرك بعد زواجك ، قهقه عمار من جديد فاتبع عاصم بهذر مصدوم - أنت ليس طبيعيا علاقتك بالمرضى أثرت على مخك .
تمتم عمار بطريقة طفولية يعلم جيدا أثرها على أخيه : ستتخلى عني يا عاصم .
تمتم عاصم بنزق : ربنا يرحم عاصم منك ومن أفعالك وجنونك ، تهدلا كتفي عمار بخذلان ليتنفس عاصم بعمق قبل أن يهتف بنفاذ صبر - بالطبع لن افعل ، بل سأرضخ لما تريد كالعادة .
ابتسم عمار ليهتف بجدية : وأنا سأراسلك بأنواع الطعام يوم بعد يوم .
دفعه عاصم بغلظة ليقهقه عمار ضاحكا قبل أن يحتضنه بالإجبار مستغلا طول قامته عن عاصم الذي ضحك أخيرًا ليحتضن أخيه بدوره : مبارك زواجك يا طبيب المجانين ، اعتني بنفسك وبها يا عمار .
ابتسم عمار وهمس بأمل : لا تقلق يا شقيق.
***
مستلقي على فراشه بعدما عادا من ليلة الحناء الخاصة بشقيقته ورغم أنه فر من حضورها بعد وقت قصير إلى بيت خاله بعدما اقترح سليم أن يتركون الفتيات على راحتهن فيجتمع الشباب بم فيهم العريس بحديقة بيت بلال ما عدا عادل الذي لم يحضر وكأنه يرفض المشاركة في أي فرحة تخص زواج شقيقتهما ، هز رأسه بيأس وهو يعاود النظر إلى أخر الأخبار في جهازه اللوحي وعيناه تتعلق بها رغما عنه فيراقبها من فوق حافته دون أن يشعرها أنه ينظر إليها ، يشعر بتوترها منذ أن عادا بعد قضائهما السهرة في بيت عائلته ، رغم أنها لم تخبره ولكن حركة جسدها المشدود .. ذهابها وإيابها في الغرفة .. ترتيبها لكل الأشياء التي تقع عيناها عليها يخبره بأنها ليست بخير ، هناك أمر ما يشغل تفكيرها ، تريد أن تخبره به ولكنها مترددة. ابتسم بخفة ووضع الجهاز جانبا حينما دلفت إلى غرفة ملابسهما فيسبل جفنيه وهو يفكر فيم ستفعله هذه المرة ، فهي تبتكر لأجله .. تهتم بإرضائه .. وحينما تريد أن تطلب منه شيء تعمد إلى أكثر الطرق ابهارًا متحدية خجلها الذي لازال يقيدها قليلا بعيدا عنه ، كتم تنفسه وهو يراها تخرج بعد قليل ترتدي غلالة حريرية نبيذية اللون لم يراها من قبل قصيرة للغاية وتحدد مفاتنها بطريقة ستفقده صوابه ، مكشوفة فيستطيع رؤية نقش الحناء الذي يزين اعلى صدرها ، تحكم في ابتسامته وعيناه تلمع انبهارًا وعقله ينبهه أنها لجأت اليوم إلى طريقة قصيرة مثالية ومضمونة في نتائجها حتى تحصل على موافقته علام تريد بعقل غائب بها ، وهو يرحب أن يغيب بها ولكنه أرزن من الموافقة على شيء لا يمتلك تفاصيله .
تطلع إليها بابتسامة متزنة لتدلف الى الفراش بجواره تتلكأ في الاقتراب منه ووجهها يتورد بخجل يحضر معها بقوة حينما تقدم على الاقتراب منه ، تنهد بقوة لينهي ترددها حينما جذبها إليه فيضمها إلى صدره ويهمس بخفوت بعد أن قبل رأسها : ماذا تريدين يا جنتي ؟
ارتجفا جفناها لتهمهم وهي تفرد كفها على عضلة صدره البارزة : كيف تعلم أني أريد أن أخبرك بشيء ؟!
ضحك بخفة ليهمهم : بحكم الخبرة والعشرة ، هيا تحدثي ولا تخجلي ، شعر بتوترها فابتسم بمكر ليهمهم بجانب أذنها متبعا - هل هناك شيء مثير تريدين تجربته الليلة وخجلة أن تخبريني به ؟
شهقت بخجل لتناظره بعتب وتهمهم اسمه برفض فيتبع : لتعلمين فقط أنه من حقك المطالبة بكل ما تريدين وأنا سأنفذ على الفور دون مناقشة .
احتقن وجهها بقوة لتهمهم : توقف يا أسعد وانتظر لأخبرك بما أريد فلا تتبخر الكلمات من رأسي بسبب فحوى كلماتك
لامس وجنتها بشفتيه ليهمس : يسعدني أن كلماتي لها تأثير عليك .
ابتسمت بخجل لتهمس ببوح : بل لها عظيم الأثر وأنتَ تعلم ، شدد من ضمته لها فاتبعت بخفوت - أسعد أنا أريد أن أنجب طفلا .
تصلب جسده لينظر إليها بطرف عينه ويهمس بهدوء : أنا الآخر أريد أن أنجب منك طفلة تشبهك ، تكون بيضاء جميلة مثلك وقصيرة أيضا .
ضحكت برقة لتلامس وجنته بكفها : إذًا متفقين .
__ لا ، ألقاها قاطعة ليهمس بمهادنة - لابد أن اطمئن عليك يا جنى ، لابد أن تنهي رسالة الدكتوراه خاصتك ، لابد أن تتخلصي من الهلع الذي ينتابك ، ظلل الحزن عيناها فنظر إلى عمقهما مصرحا - لم أنسى المرة الماضية حينما شككت أنك حامل ، والفزع الذي تملكك لقد سقطت مغشي عليك .
ازدردت لعابها ببطء لتغمغم بخفوت : لابد أن أتخلص من خوفي يا أسعد ، لابد أن افرح قلبك كما ينبغي علي أن أفعل ، فأنت لا تتوانى بتاتاً عن إسعادي .
تنهد بقوة ليضمها إلى صدره يبث لها الامان : سعادتي معك ، أرجوك لا تحرميني منها لأجل حديث عابر ألقته ماما اليوم ، فهي كأي أم تريد الفرح بأحفادها ، ولكن أنت أكثر من يهمني في الدنيا يا جنى وأنت تدركين هذا جيدا .
اتسعت عيناها بحبور لتقبل طرف ثغره : أرجوك يا أسعد ؟
تنفس بعمق وهز رأسه نافيا : لا يا جنى ليس قبل أن تصرح إلينا الطبيبة أم لعلك نسيت ، رمقها وأتبع بعتب - توقعت أن لا يؤثر بك حديث ماما لهذه الدرجة .
لوت شفتيها بدلال غير متعمد لتهمس : صراحة لم يؤثر بي بتلك القوة التي تدفعني لأن اطلب منك الإنجاب ، ولكن ما شجعني حقا هو نتيجة الكشف الذي خضعت إليه وأنت غائب المرة الماضية .
تصلبت ملامحه لتتابع بسرعة : أرجوك لا تغضب مني ، لم أخفي الأمر عنك ولكني كنت أريد الاطمئنان فقط ، تابعت وهي تجلس أمامه ترغمه على النظر إليها بعدما احتضنت وجهه بكفيها - الطبيبة النسائية أخبرتني أني بخير ولا مانع ابدًا عندي من إنجاب طفل وأن صحتي جيدة جدا لأجل هذا الأمر ، والجلسة القادمة سأحصل على موافقة معالجتي النفسية فأنا أشعر باني أصبحت بخير والحمد لله .
أشاح بعينيه بعيدا وملامحه تتصلب برفض فأكملت بتوسل طفولي تعلم أنه يؤثر به : أرجوك يا أسعد ، أنا أريد هذا الطفل لأجل أن اهزم ما تبقى من الخوف بداخلي ، لأجل أن أُسعد قلب والدتك لأجل أن اهبك هدية أعلم جيدا أنها ستسعدك . اقتربت منه لتجلس فوق ساقيه تواجهه وتتابع بحنو - لأجلي أنا ، لأجل أن أحصل على طفل منك يحمل دمك .. شكلك .. جيناتك .. يحبني مثلك .
زفر بحرقة ليحاوط خصرها بذراعيه يجذبها إليه فتلتصق بصدره ليهمهم أمام وجهها : لن يحبك أحدًا مثلي .
استجابت لقبلته الشغوف لتهمهم حينما أهداها أنفاسها من جديد : إذًا أنت موافق .
__ لا ، تراجعت بصدمة فأتبع متنهدا بقوة - ومناقشة الدكتوراه ؟
تمتمت برقة لتغمغم ببساطة : أنها الشهر القادم لا أعتقد اني سأحمل أول ما نقرر أننا سنفعل .
رفع حاجبه باستنكار ليهتف بافتعال : هل تشككين بقدراتي يا هانم .
ضحكت برقة لتسأله بشقاوة : اممم وماذا ستفعل حتى أن شككت في قدراتك ؟
اتسعت عيناه بدهشة والمرح يتراقص على شفتيه ليهمس : هذا الحديث يطير فيه الرقاب .
ضحكت بصخب وهو ينقلب بها فتصبح أسفله لتهمهم برقة : الرقاب فقط ؟!
ليقهقه ضاحكا ويهمهم وهو يدفن أنفه برقبتها : والملابس أيضاً .
تأوهت باسمه في رقة لتتبع وهي تتعلق بكتفيه حينما تلاعب بحمالتي القميص وهو يهمس متسائلا : هل هناك نقوش حناء مختفية على اكتشافها ؟!
رفت بعينيها لتهمس برقة : لا أعلم اعتقد عليك البحث بنفسك .
تأوه بعبث ليشاكسها بطرف أنفه وهو يهمهم بعدما طبق فبلة عميقة بتجويف عنقها : سأفعل يا جنتي .
***
تجلس بالحديقة تطلع إلى ما حولها بعينين حزينتين .. تراقب بقايا الاحتفال .. الزينة المعلقة .. والأوراق الملونة اللامعة المنثورة بين العشب الاخضر .. تتذكر الليلة المميزة وتنظر إلى كفيها المزينة برسومات راقية من الحناء ، كاحلها الأيمن المنقوش بفرع شجر زين استدارته كما طلب بشكل خلخال يقابل خلخالها الذهبي الذي لا تخلعه عن كاحلها الأيسر ، فتتذكر همسته إليها بأنها ستفعل لتلبس الخلخال الذي ابتاعه لها وحلم كثيرا بأنه يزين ساقها به ، فتبتسم مرغمة وهي تتذكر صوته الأجش وهو يتحدث عن رنينه الصاخب بساقها والذي سيخبره بكل تحركاتها ، حينها هتفت بضجر تؤمره بالصمت وهي تهتف به أنها ليست سجينته ، فيهمهم يغيظها بأنها ستكون مليكته السجينة كقصص الأميرات التي كانت تحبها في صغرها .
تنهدت بقوة وهي تعيد النظر فيما حولها فتراقب مكان ارجوحتها الخاصة التي انتقلت إلى حديقة منزلها أو ما سيصبح منزلها بعد ليلتين ، ليلتين تفصلها عن زفافها الذي سيغير من حياتها كليا ، فستترك بيت عائلتها لتذهب وتشارك أخر غريب عنها حياتها .
عبست وقلبها ينهرها عن نعته بالغريب فهو عمار حبيب عمرها بأكمله .. حلمها منذ الصغر وابن خالتها المتربي معها كأخويها ، ولكنه يتبقى غريبا ، غريبا ستسمح له بالكثير لا تريد أن تفكر به الآن حتى لا تنفر أكثر من فكرة الزفاف وتوابعه .
اكفهر وجهها وخيالها يعمل سريعا فتهز رأسها بعنف ورفض خيم على عقلها فتنتبه من موجة افكارها العاتية إلى صوت ليلى الذي صدح بحنو وهي تقترب منها ببطء : ما زلت مستيقظة يا موني ؟!
رفت بعينيها لتهمس بصوت أبح : لم أقوى على النوم يا ماما .
ابتسمت ليلى لتقترب منها تجلس بجوارها على الأريكة الخرزان لتربت على كفها الملقى بإهمال فوق رجلها : ما الذي يشغل عقلك يا ابنتي ؟!
تنهدت يمنى بقوة ودمعت عيونها بعفوية فابتسمت ليلى بحنان لتجذبها بلطف فتنحني يمنى تستجيب لاحتضان ليلى التي ضمتها إلى صدرها فتربت على رأسها بأمومة ، تمسد خصلاتها بحنو وتهمس بآيات الله الحفيظ فوق رأسها وهي ترقيها كعادتها منذ الصغر لتنساب دموعها رغما عنها وهي تتمسك باحتضان ليلى لها وتدفن رأسها في صدرها الحاني فتضمها ليلى أكثر اليها لتهمس بصوت باكي : لا أريد الذهاب يا ماما ، لا أريد أن أترككم ، لا أريد أن أتزوج .
ابتسمت ليلى من بين دموعها لتربت على رأسها بلطف قبل أن تدفعها ثانية لتجلس باعتدال وتنظر إليها بجدية : حقا لا تريدين ؟! فإذا استمع إليك عادل أو أمير أو حتى أسعد سيلغون الزفاف دون الرجوع لعمار ، أتبعت ليلى بمكر مشاكس – تريدينهم أن يلغوا الزفاف يا ابنتي ؟!
عضت يمنى شفتها السفلية لتهمس دون ترتيب : لا أقصد .. ولكن .. لتبوح بسرعة خوفًا أن تتراجع عن حديثها – أنا خائفة .
تطلعت إليها ليلى بصدمة تحولت إلى إدراك سريع لتهمس بصوت أبح ووجنتاها تتوردان بعفوية : حقا يا يمنى ؟ أنت خائفة حقا ؟
أومأت برأسها وهي تتحاشى النظر إلى والدتها فتجيب بسرعة : أنا خائفة وأشعر بخجل فظيع وابن أختك لا يساعد ، كتمت ليلى ضحكتها بأعجوبة فأكملت يمنى بنزق وغضبها يكسو ملامحها – أنه وقح وقليل الأدب ويتحدث عن أشياء غريبة لا أريد أن اتخيلها .
لم تستطع ليلى منع ضحكتها التي انطلقت رغما عنها فسرت بصوت عال وخاصة مع سكون الليل لتكتم ضحكتها بكفها وهي تهمهم من بينها بخفوت : أتمنى أن لا يستمع إليها أمير فيأتي ليحاسبني على ضحكتي التي صدحت مدوية هكذا .
تأففت يمنى بضجر : يا ماما أنا أتحدث معك بشيء وأنت تفكرين ببابا وماذا سيفعله لأنك ضحكت.
هزت ليلى رأسها بتفهم لتهمهم بطيبة : معك حق ، لنترك أمير جانبا الآن ، فأنا لا أريده أن يحضر هذا الحديث الذي .. صمتت لتتنفس بعمق قبل أن تتبع وهي تحتضن كف يمنى القريب بين كفيها لتهمس إليها – أنت خائفة من عمار أم مما يريد أن يفعله عمار ؟
عبست يمنى بتفكير لتسألها : هل هناك فارق ؟!
ضحكت ليلى لتجيبها باتزان : بالطبع ، فما يفعله عمار يفعله جميع الرجال .
امتقع وجه يمنى لتغمغم بخفوت : ماما من فضلك .
ضغطت ليلى على كفها بجدية : اسمعي يا ابنتي ، ما يتحدث به عمار معك والذي بالمناسبة زوجك ليس بشخص غريب حقه أن يتحدث ويتحدث وخاصة إذا شعر بك متوترة هكذا ، فأنا أعتقد أنه آثر أن يبادر ويخبرك عما سيحدث بشكل غير مباشر حتى يمهد إليك الأمر ، والذي أعتقد أنه أخبرك عن جزء مما سيحدث ، وعليك أن لا تكوني متوترة ولا خائفة والأهم أن لا تكوني نافرة ، فهذه سنة الله في الأرض ، الذي خلق آدم لأجلها أن يتزاوج ويتكاثر ويعمر الأرض ، وتحدث بين الأزواج جميعا ، لذا سألتك أنت خائفة مما يحدث بين الجميع ، أم أنك خائفة من عمار ؟
أعادت يمنى خصلاتها للخلف قبل أن ترفعهم بشكل عشوائي في طوق مطاطي عقصت به شعرها لتهمس بعد تفكير عميق اعتلى جبينها : الاثنين .
ابتسمت ليلى لتهمس بخفوت : إذًا الأمر في عمار يا موني ، ألا زلت لا تثقين به ؟
هزت رأسها نافية سريعا : لا يا ماما ، بل أنا .. تمتمت بعد قليل – أنا فقط متوترة وأشعر باضطراب جلي وأنا مقبلة على أمر لا أدرك أبعاده جيدا .
رمقتها ليلى بترقب لتسألها بجدية :هل تفضلين أن أخبرك بم سيحدث لتدركين أبعاد الأمر جيدا؟!
شحب وجه يمنى تدريجيا لتهز رأسها نافية : لا يا ماما شكرا ، لا أريد أن أعرف .
ضحكت ليلى بخفة لتهمس إليها : إذ كنت خائفة من عمار يا موني ، فلا تخافي يا ابنتي ، عمار سيهتم بك جيدا ، فقط أنت لا تدفعينه بعيدا عنك ، أتركي قلبك يحركك يا يمنى ، توقفي عن الخوف .. الذعر .. والتفكير في غياهب المستقبل الكثيرة ، استمتعي بم منحه الله لك يا ابنتي ، واشكريه على أفضاله الكثيرة عليك ، فبعد كثير من السنوات أدركت أننا من نؤذي أنفسنا حينما نفكر فيما فاتنا ولا نحصي النعم التي عوضنا الله بها ، ونصيحتي لا تجعلي الجانب السيء من محنتك يؤثر عليك ، فكري فقط في جانبها الجيد وهو أنك وعمار الآن تتزوجان كما حلمتما طوال عمركما .
ابتسمت يمنى بتوتر فجذبتها ليلى إلى حضنها ثانية لتهمس وهي تمسد رأسها ثانية : اسعدي يا ابنتي ، اسعدي واهنأي واعلمي أن ليس الجميع يحظون بم تحظين أنت به ، فليس الجميع يقترن بحب عمره ولا يستطيع أن يحقق حلم حياته في اختيار شريكه ، أتبعت وهي تمسد شعرها الطويل بترتيبات حانية – افرحي واحمدي الله كثيراً على نعمته وفضله الذي اسبغهما عليك وارضى قلبك بهما .
تمتمت يمنى : الحمد لله رب العالمين لتتبع وعيناها تنعسان – أشعر بالنعاس يا ماما .
دفعتها ليلى بلطف أن تنهض معها لتهمس إليها : تعالي سأنام بجوارك الليلة ، سأضمك إلى صدري كما كنت أفعل معك وأنت صغيرة ولننام بفراشك الضيق سويا .
ابتسمت يمنى وهزت رأسها بطفولية وهي تسير بجوار ليلى التي ضمتها من خصرها فاحتضنتها يمنى بجسدها الفارع وهي تبتسم رقة وتشعر بالسكينة تسيطر على حواسها وخاصة وهي تتخيل غفوتها التي ستنعم بها في حضن أمها الدافئ .
***
يقفان متجاوران ينظران إلى النتائج الاخيرة التي ينتظرونها فيعبس عبد الرحمن بضيق ليضحك عادل بخفة قبل أن يهتف به : اذهب وتحدث مع رقية قليلا يا باشمهندس بدلا من تأففك هكذا كل دقيقتين .
لوى عبد الرحمن شفتيه بضيق قبل أن يهتف بنزق بعدما نظر إلى ساعته : رقية نامت ، وحتى إن كانت مستيقظة لا تتحدث الآن أبدًا ،
تنهد عادل بقوة : هون عليك إذًا ، وادعو الله أن يوفقنا في مساعينا هذه المرة .
فرك عبد الرحمن وجهه بكفيه ليهمس بضيق : أنا فقط لا أستطيع أن أتوصل للسبب فيما يحدث ، هل هناك إحدى المعادلات خطأ أم تركيبة معينة هي الخاطئة ؟!
ضيق عادل عينيه ليهتف بجدية : لقد راجعت التركيبات كلها يا عبد الرحمن الليلة ولكن لا بأس سأنظر في أمرها صباحا .
التفت إليه عبد الرحمن بعبوس جاد ليساله : ألن تغادر للبيت في الصباح يا عادل ؟!
هز عادل رأسه نافيا : لا ، فليلة الحناء كانت اليوم وغدا يوم فاصل لراحة العروس قبل ليلة الزفاف ، لذا هم لا يحتاجونني .
رمقه عبد الرحمن مليا قبل أن يهتف به : شقيقتك تحتاجك بجوارها يا عادل ، فلا تتصرف هكذا، أبقى إلى جوارها هذه الأيام ولا تترك ضيقك يحركك .
زفر عادل بقوة ليسأل بعد قليل : أخبرني لماذا أنت ضائقا ؟
ران الصمت عليهما قليلا قبل أن يصرح عبد الرحمن بجدية : لا أريد تأجيل الزفاف ثانية ولا أستطيع الزواج وأنا على رأس هذا العمل ولا أعلم ما الذي علي فعله ؟!
زم عادل شفتيه ليهتف : اعتذر عن المشروع يا عبد الرحمن
استدار عبد الرحمن إليه باستنكار ليهدر بحنق : هل جننت يا عادل ؟! بالطبع لن أفعل ، لن أتخلى عنك ولا عن مشروع قومي كهذا لأجل أن أتزوج ، أتبع بخفة – بالطبع أنا أتوق لأتزوج ولكن ليس لهذه الدرجة .
قهقه عادل بانطلاق ليشاركه عبد الرحمن الضحك وعادل يهتف : اه يا ابن الخواجة .
ضحك عبد الرحمن بفخة ليهتف بجدية : لا حقا ودون مزاح لن اتخلى عنك وعن هذا المشروع وإذا كان على الزواج ، سأحاول أن اتممه في موعده ولكن بعد أن أخبر دكتور محمود ورقية عن الوضع الحالي .
ربت عادل على كتف عبد الرحمن بدعم : وفقك الله يا صديق .
تحرك لينظر إلى جهازه اللوحي قليلا ليضيق عيناه بتفكير قبل أن تتسع بذهول ليهتف بجدية : عبد الرحمن .
انتفض عبد الرحمن بتأهب ليهتف عادل متبعا وهو يداعب شاشة جهازه اللوحي بسرعة فائقة وعقله يعمل بسرعة جنونية ليهتف بعدم تصديق : وجدت الخطأ .
اقترب عبد الرحمن منه لينظر إلى ما يفعله لينظرا إلى بعضهما قبل أن يتحركا بسرعة يضعان المعطيات الجديدة ويمدان الجهاز بها لعلهما يصلان هذه المرة إلى النتيجة المنشودة .
***
يخطو بثبات بعدما سيطر على عرجه الخفيف الذي لا يظهر إلا حينما يخطو بسرعة يشد من طرفي سترته ويرفع رأسه بشموخ وهو ينظر الى نفسه بالمرآة ، تومض عيناه بزرقة قانية وهو يخطو الى الخارج بعد كثير كان يعيش متخفيا ولكن اليوم لقد عاد من جديد ،عاد واقفًا .. مهيبًا .. مخيفًا كعادته ، عاد لينتقم .. ليأخذ بثأره .. وليعيث في الأرض فسادًا كما يريد ، عاد ولم يستجب لأوامر قومه بالرجوع إلا حينما يحقق هدفه الذي أتى له في الأساس ، فليس هو من يترك عمله غير منتهيًا ، بل سينهيه على أكمل وجه وكما ينبغي.
لذا لقد دبر فريق عمل خاص به بعدما رفع الآخر دعمه عنه وأخبره أنه لن يأبه لأمره فمهمة تأمينه اتمها على أكمل وجه ، فلا يهتم بحماية هذا الحقير الخائن لقومه ، وتدبر هو أمره واليوم ينتقل لمكان جديد يدرك جيدا أنهم لن يبحثون عنه فيه ، فهم التقطوا الطعم الماضي وامنوا بموته ، لذا هذه المرة سيفاجئهم من حيث لا يحتسبوا .


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-09-20, 06:52 PM   #459

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

بعد ما يقارب العشرة أيام

يتنفس بعمق بعدما استيقظ من النوم ، يفرك وجهه بكفه والآخر يبحث عن هاتفه لينظر إلى الوقت وهو يسترخي بفراشه فاليوم حصل على أجازه بعد أيام عمل متوالية والذي بدأ بمباشرته في شركة والده منذ بداية إجازة الصيف .. مباشرة رسمية وحماس أثار فخر والده به واستياء والدته غير الراضية عن تصرفاته الآونة الأخيرة ولكنه ضاق من تحكمات لا يفهم أهميتها ، كما لم يعد يتقبل إصرارها على انتقاده في كل شيء يخصه ، يعلم سبب ضيقها ولكنه حاول أن يتحدث معها .. يقنعها .. يخبرها عن حلمه في استكمال مسيرة والده أو يثرثر لها عن فوضى مشاعره اتجاه الفتاة التي ترفضها منذ رؤيتها الأولى لها ولكنها لم تستمع إليه بل لم تمنحه الفرصة كي يتحدث لقد ثارت عليه في زفاف عمار دون أن تهتم بوجودهم في الزفاف أو قرب مي منهم فأخبرته بعدم رضاها عنه ولا عن تصرفاته ولا عن اختياره السيء كما وصفته، بل إن الأمر تطور إلى أنها وصفته في غمرة ثورتها بأنه غر ساذج يسيل لعابه فتاة منحلة تمنحه الكثير دون أن يطلب .
أطبق فكيه وهو يستعيد الموقف المحرج الذي وقع به وخاصة حينما تدخل والده ليسكت والدته بصرامة ، يأمره بالابتعاد فيستدير بالفعل ليجد مي تواجهه بعينين مليئتين بالدموع ووجه مكفهر وحزن يعتلي ملامحها ، حزن لم تكتمه بداخلها بل واجهته بضيقها واتهمته بأنه لا يقوى على الدفاع عنها لتنصرف باكية بعدما أخبرت والدها برغبتها في الانصراف والذي استجاب إليها على الفور دون أن يسألها عن أي شيء ورغم أنه اندفع خلفها وحاول التبرير لها مصالحتها وارضائها أمام أبيها الذي وقف يراقب الأمر بنظرات هادئة فيغمغم إليه معتذرا بحرج فيبتسم إليه أبيها ابتسامة متكلفة قبل أن يغادر بابنته التي ظلت على غضبها منه يومان كاملان كاد أن يفقد عقله بهما !!
زفر بقوة وهو يحاول أن يصفي ذهنه من ذاك الصراع الذي يفتك به بين ارضاء والدته وعلاقته بمي التي أصبحت على صفيح ساخن بسبب غضب الأخيرة الذي لم يخبو للان ، فرغم أنها عادت للحديث معه إلا أنه يشعر بأن علاقتهما لم تعد كما كانت بل إن هناك شيء بهما كُسِر لم يستطع هو ترميمه من جديد ، وخاصة مع غيرته –عليها – التي لا تهدأ وغضبه من انفتاحها الذي يثير غضبه ولكنه يحاول الى حد ما أن يسيطر على نفسه ويتمسك باتزانه حتى يمر الأمر بسلام .
داعب شاشة هاتفه حتى يتصفح الموقع الرسمي لصور المشاهير ببطء وملل وهو يقرر أن يتكاسل بالفراش فيمر مرور الكرام فوق الكثير من الصور بعضها لوالده .. عمه .. وابن عمه الفنان الذي يلاقي رواجًا هائلًا ومريدين كثر في الموقع لينتفض عصب الغضب بوجهه وتحتقن أذنيه بحمرة قانية وهو يشعر بعقله يغلي وعيناه تقع على صورتها التي نشرتها منذ الثلاث دقائق !!
قفز واقفا وهو يضغط على هاتفه يأتي برقم هاتفها ليتصل بها سريعا فتجيبه من الرنة الثانية هامسة بصوتها الأبح : صباح الخير يا لولو .
هدر بغضب اعمى : خير من أين سيأتي الخير وأنت تتصرفين كما يحلو لك دون مراعاة أي شيء آخر سواك ؟!
رفت بعينيها لتهمس بعدم فهم : ماذا حدث يا علي ؟!
صاح بحدة وانفعال تملك منه : وتسألني أيضاً ماذا حدث ؟!! ألم تكتفي بنشر صورك بذاك الفستان الذي حضرت به حفل زفاف عمار رغم معرفتك برفضي له ، لأصبح اليوم على صورتك وأنت خارجة من دورة المياه وتلفين شعرك بالمنشفة .
انفرجت ملامحها بذهول فخيم عليهما الصمت لولا أنفاسه الثائرة المتلاحقة بعدما هدر : أخبريني أية فتاة من عائلة محترمة تفعل مثلما تفعلين أنت ؟!!
زمت شفتيها قليلا لتجيب بعد دقائق معدودة : هل نظرت إلى الصورة جيدا يا علي ؟ صمت ولم يجيب لتتابع بعد وهلة - الصورة من ضمن حملتي الدعائية لعلامة النظارات الشهيرة التي أمثلها كوجهها الدعائي .. الصورة التي تتهمني بأني نشرتها بعد خروجي من دورة المياه أضع بها زينة كامله وأنا بالطبع لا استحم بزينتي الكاملة .. أما تلك المنشفة الملتفة حول رأسي ما هي إلا وشاح أبيض ارتديه على قميص طويل كما هو ظاهر بها قميص عادي كبقية قمصاني التي أخرج بها ، بل وتقابلنا به مرة من قبل .
اختنق حلقه بضيق جثم على صدره لتكمل بنبرة مهتزة أدرك من خلالها أنها تقاوم بكائها : أما أمر العائلة فأنت تدرك جيدا أنا انتمي لأي عائلة .. وتدرك جيدا مركز والدي الاجتماعي المرموق .. ووضع والدتي الاجتماعي العالي .. أنا لست فتاة آتية من الطريق يا علي .. ولست فتاة منحلة كما وصفتني والدتك ولكنك للأسف لا ترى سوى ما يرى الجميع .
زفر بقوة وهم بالحديث فقاطعته باختناق تشبع به صوتها : لا يا علي الدين ، لا أريد سماع تبريراتك هذه المرة ، فأنا سئمت من الوضع ككل ، ظننتك مختلفا ولكن ..
تركت جملتها معلقة لتكمل بعد وهلة - أعدك أني لن اثقل عليك ثانية ، سلام .
حاول أن يستوقفها بهتافه باسمها ولكنها أغلقت الاتصال بالفعل ليعاود مهاتفتها ولكن صوت الصافرة المتقطعة أخبره انها ولأول مرة ترفض التواصل معه بعدما كانت تركض من حوله لترضيه !!
جلس على فراشه بضيق خيم عليه وهو يشعر بقلبه يئن وجعًا ، ليقبض على هاتفه بقوة قبل أن يلقيه بغضب إلى جواره ثم يستلقي عرضيًا بفراشه وهو يشعر بالخواء يكتنفه.
***
يقف بشرفة القصر المبني حديثًا على ذوق زوجته بعدما هدمت قصر عائلته المنيف لتبني قصرا خاصا بهم كما أخبرته ، به وبعائلته فقط حتى والداها لن يعودا ليسكنها معهم ، لا ينكر أن القصر بتصميمه الحديث راق إليه كثيرا ولا ينكر أنه أعجب بفكرتها وتصميمها على خلق عالم خاص بهم ثلاثتهم هو .. وهي .. وولدهم الذي أتى إلى عالمهم متعجلا لدرجة أنه وضع بالحضانة ولم يخرج بعد .
اختنق حلقه وهو يتذكر حزنها .. بكائها .. وآلمها بسبب إنجاب طفلهما مبكرًا .. صدمتها حينما أخبرتهم الطبيبة عن ضرورة وجوده بالحضانة .. ومكوثها بالمشفى حتى بعدما صرح إليها بالخروج ولكنها أبت أن تترك ولدها بمفرده فاستنجدت به ليستأجر إليها جناح فاخر لتبقى مع ابنهم الذي أتى ببنية ضعيفة وصحة غير جيدة ، ولكنه فرح به .. رغم كل الظروف التي مر بها .. وما عاناه في بعدها عنه .. وتوجسه من أفعالها غير المعتادة منها ، إلا أن وجود إسماعيل أخيرًا وبكائها على صدره كل ليلة وتمسكها به دون عن غيره يثلج صدره ويمنحه أملا ً أنها ستخرج من المشفى حينما يتعافى ولدهما وهي حبيبته القديمة التي تعشقه وتفضله عن العالم كله.
تنهد بقوة وهو يراقب العمال التي تهتم بالحديقة الخلفية التي يعدها لولده بعدما تحدث مع المهندس المسئول عن تنسيق القصر وتجهيزه فأخبره عن بعض التعديلات التي تخص طفل صغير فوافق المهندس وأخبره أنه عليه فقط انتظاره حتى يشرح له ما يريده . وها هو ينتظره ليخبره عن التنسيق الجديد الذي سيتم عليه تعديل غرفة النوم الرئيسة وغرفة الأطفال التي سينشئها لولده .
ضيق عيناه وهو يراقب السيارة الحديثة الأنيقة التي دلفت من البوابة الإلكترونية الحديثة لتقف بمكان صف السيارات البعيد فيترجل منها شاب في أواخر العشرينات كما استنتج يستطيع أن يرى وسامته من موضعه ويشعر بهالته القوية وجاذبيته الطاغية عن بعد .
تصلب جسده برفض وغيرته تسيطر على عقله الذي تساءل عن مدى معرفة زوجته بهذا الشاب الذي أوكلت إليه مهمة تنسيق القصر، بل وكم مرة قابلته ليتحدثا سويا أو يثرثران معا ، وهل أعجبت به برجولته الطاغية .. وسامته الفائقة .. لتتسع عيناه برفض جلي وجنونه يسكن عيناه وهو يراقب ملامح الآخر التي وضحت أمامه وعيناه بلونهما الرمادي الرائق والذي وقف أمامه يهتف بصوت أبح هادئ : صباح الخير يا بك ، أنا نبيل الألفي المهندس المسئول عن تنسيق البيت .
تطلع إليه بصمت خيم عليهما لينظر إلى كف نبيل الممدود برقي قليلا قبل أن يستجيب أخيرًا ويصافحه بقوة هاتفًا : زيد الحريري .
انفرجت ملامح نبيل عن صدمة سكنت حدقتيه وهو يتذكر ذاك الاسم صاحب الفضيحة التي تداولتها الصحف منذ مدة قريبة عن الشاب المدلل ابن الأصول الذي ضرب زوجته ضربا مبرحا أفضى لنقلها بين الحياة والموت للمشفى فشعر بانزعاج صاح به عقله لتلك الزوجة التي عادت لمن أهانها ليستنكر شعوره الأمر ليفكر بأنها من الممكن زوجة أخرى فيسيطر الرفض عليه ولكنه يتحكم في مشاعره بثبات حتى لا تظهر في حديثه مع هذا الحقير ضارب النساء ليهمس بجدية : تشرفت بمعرفتك ، هلا أخبرتني عن التعديلات التي تريدها للغرف ، فللأسف نحن متأخران لأننا لم نستطع التواصل مع زوجة سيادتك منذ أكثر من أسبوع والعمل متوقف لأجل هذا السبب .
تمتم بضيق : المعذرة لقد أنجبت زوجتي وولدي بالحضانة لذا لا تستطيع المجيء بنفسها ولكن هاك أنا هنا بدلا عنها أم لابد أن تتحدث معها شخصيا .
عبس نبيل بضيق وعقله يوكد له أنها نفس الزوجة فهو يتذكر الخبر الذي جاء عاطفيا واصفا قسوة الزوج الذي ضرب زوجته ولم يشفع لها حملها عنده ليجيبه بصوت جاد : لا أي منكما يفي بالغرض ، مبارك على الولد وطمئنك الله عليه .
ابتسمت زيد بمجاملة : شكرا لك .
أشار إليه نبيل وهو ينحي كل شيء جانبًا : حسنا هلا أخبرتني عم تريدونه بالضبط لأستأنف العمل .
أومأ زيد وهو يشير إليه بالسير معه : اها بالطبع تفضل .
***
رفت بعينيها كثيرا تستيقظ من نومها العميق بعد الأيام الماضية التي كانت تعاني بها أرقًا بسبب تبديل فراشها .. نمط حياتها .. وبيت عائلتها الذي تركته ورحلت إلى بيتها ، فتحت عيناها باندهاش يلازمها منذ بداية زواجها فهي للان لم تعتاد على كل هذا التجديد الذي ألّم بها ، بل تشعر باندهاش كلما استيقظت على ألوان الغرفة المبهجة .. الفراش الناعم .. والسخونة التي تحاوطها وتوقظها بسبب احتضانه القوي لها ، ابتسمت مرغمة وهي تتذكر أن أول ليلتان كانتا الاسوء على الإطلاق فهي لم تستطع أن تغفو ولو دقائق قليلة بسبب احتضانه لها وهو الذي لم يقبل أبدًا أن تبتعد عنه بعدما امتلكها امتلاك تام لا تستوعب للان كيف سمحت له به بل وتجاوبت معه رغم إدراكها لقوة تأثيره على مشاعرها التي لازالت متأرجحة بين الخجل والانصهار الذي يغمر حواسها كلما اقترب منها زوجها . ابتسمت بسعادة ومضت بعينيها وهي تتذوق الكلمة بكل ما فيها من معاني فتشعر بقلبها يخفق بقوة وعقلها يردد بأنها نالت ما كانت تحلم به طوال عمرها ، فصديق طفولتها وحبيب عمرها أصبح زوجها كما تمنت وكما يردد على مسامعها في كل لحظة منذ ليلة زفافهم فيذكرها بكل أفعاله أنها أصبحت زوجته .. حبيبته .. ومليكته .
تنفست بعمق وهي تحاول أن تتمطأ فلا تستطع بسبب احتضانه القوي لها ، لترتسم على ثغرها ابتسامة ناعمة وهي تشعر بالسكينة بين ذراعيه .. صدره القوي الذي يهشم رقتها ليلملمها ثانية بعنفوان مشاعره .. افتتانه الصريح بها والذي يعزز من ثقتها بنفسها ... وتوقه الشديد والمتتابع لها والذي يبهرها رغم انه يرهقها كثيرا إلا أن هناك خفقة مخالفة بخفقاتها تشعرها بالانتصار حينما يعلن عن لهفته المتجددة دوما ، منذ ليلة زفافهما التي أبدى فيها تفهمًا لم تكن تتوقعه بسبب تواقحه معها قبيل زفافهما .. حديثه الهادئ معها .. وطمأنته اليها التي أتت عملية فلم تعد تعي بعد وقت قصير إلا باستجابتها إليه بطريقة أشعرتها بالحرج فيما بعد ولكنه لم يمنحها الفرصة أن تنطوي على نفسها بل إن لهفته إليها المتتالية واستطاعته أن ينتزع منها استجابتها مرة بعد مرة والتي أذهلتهما سويا فيهمس إليها بجانب أذنها كلما شعر بحرجها : أنا أعشقك يا يمنى .. احبك .. أنتِ نصفي الآخر الذي لا أستطيع الاستغناء عنه أبدًا.
تعرقت بخجل أحمر له وجهها وهي تشعر بالشوق إليه يندفع بأوردتها فتحاول الحركة ولكنها لم تستطع إلا أن تستدير لتقابله فتغرق بنظرها في ملامحه الوسيمة .. ذقنه المشقوق بعلامته التي تعلن عن جاذبيته .. فكيه العريضين وخصلات ذقنه المشعرة بطريقة لا تنكر أنها تثيرها حينما يلامسها بها.. أنفه ذات العكفه البسيطة والتي تنثر أنفاسه الساخنة فوق بشرتها.. وعيناه مصدر سحره وجاذبيته .. بحدقتيه اللتين تأسراها فلا تقوى على الفرار منهما ، بل تغرق في لجتهما المتباينة بين غاباته الخضراء أو عسليتاه اللامعة ، اختنق حلقها خجلاً وهي تقر بأنه يستطيع إغوائها بل ويتفنن في ذلك أيضًا وهي أمامه لا تملك قوة سوى الاستسلام والغرق في بحور عشقه العميقة فلا تستطيع الإبحار إلا بواسطته فهو كما يغرقها يستطيع أن ينجيها وينتشلها من ضياعها به ليصل بها إلى أمان شاطئه.
تنفست بعمق مرات متتالية لتتملص ببطء من ذراعيه المغلقتين حول خصرها بأحكام ، تبحث عن مئزرها الحريري أو قميص نومها دون أن توقظه فتتخلص من أسره المستمر منذ ليلة زواجهما ، كتمت تنفسها وهي تعتدل في الفراش تحمل ذراعه بخفة فتململ من نومه ، ربتت عليها برفق قبل أن تفلت من تحتها وتضع تحتها الوسادة فتنسل خارج الفراش وهي ترتدي مئزرها على عجاله و تتسحب بخفة حتى لا يستيقظ على صوت خطواتها.
كتمت شهقتها ولكنها أجفلت عندما دوى صوته هاتفا بترم ونزق : إلى أين تذهبين ؟!
تنهدت بقوة لتستدير إليه تنظر له من بين رموشها، تكتف ذراعيها وتهتف بنزق يشبه نزقه : ذاهبه إلى دورة المياه ،
اضجع جالسا فظهر صدره الأبيض العريض أمامها ليهمهم بخفوت : كاذبة ، أنت تهربين مني ولا أعلم لماذا ؟
مطت شفتيها بضيق قبل تخطو نحو دورة المياه بالفعل تتركه من خلفها وهي تجيبه بضيق : أهرب منك إلى أين يا عمار ؟!! هاك أنا هنا معك ولا مجال للهرب بعدما أصبحت زوجتك
قفز واقفا من الفراش ليهتف بنزق وهو يقف بجوار دورة المياه : إذًا تريدين الهرب وما يمنعك أنك اصبحت زوجتي ؟!
خرجت بعد قليل بعدما غسلت وجهها وقامت بروتينها الصباحي لتهتف بصدمة : هل جننت يا عمار ؟!
عبس بضيق ليجيبها بتبرم طفولي قبيل أن يدلف بدوره إلى دورة المياه : لا ولكن أشعر بك مستاءة من البارحة دون سبب .
زفرت بقوة وهي تتجه إلى غرفة الملابس تثرثر ببوح مختنق : لأني ضقت من وجودي في غرفة النوم بل في هذا الفراش ، أنت تحتجزني هنا منذ ليلة الزفاف يا عمار
اتبعها ليقف خلفها يحتضن كتفيها براحتيه يلصقها بجسده هامسا بخفوت وهو ينظر إليها من خلال المرآة التي تقف أمامها : ولن أفك اسرك إلا حينما يتما الأسبوعان لاختطفك وأسافر بعيدا.
تدللت لتهمس بعدما استدارت تواجهه : لا أعترض على اسرك لي ، فقط عمم الاحتجاز في بقية الشقة ، أريد أن أرتدى ملابسي الجديدة ، وأرى التلفاز ، وأقف بالمطبخ ونجلس بالحديقة أحيا عروس إلى جوارك .
عض شفته بعبث : ألا تشعرين إلى الآن أنك عروس يا مونتي ؟
توردت لتهمهم بخجل : تأدب يا عمار.
قربها إليه ليضمها إلى صدره : وهل أقو على الأدب في حضورك ، أنت تجردينني من كل شعور آخر سوى أن أشعر بك .. بقربك .. اهفو إلى وصالك .. والتقي بك .. اتوحد معك ، أنت تستولين علي كاملا يا يمنى .
احتضن وجهها بكفيه لينظر إلى عمق عينيها قبل أن تتهادى أنامله فتلامسها برقة ليهمس متبعا - ما أشعره نحوك يفوق العشق .. يفوق الرغبة .. إنه وصال روحي لم أنعم به من قبل ، وحينما تنعمت فيه لا أقوى على فراقه
جف حلقها وهي تسقط في أمواجه الرائقة كوصاله الهادئ يجذبها إليه بتمهل قبل أن يغرقها في بحر العميق فلا تقو على السباحة ولا تستطيع الغرق فتترك روحها تطفو إليه وتعلو معه ، تسمو بجوار روحه فيتلاقيا بهيام يخيم عليهما .
تنهدت بقوة حينما حملها وهو يلصقها بصدره فتتعلق برقبته وساقيها تلتفان من حوله ليعود بها إلى الفراش من جديد ، تأوهت باسمه وهو يلامسها .. ينغمس بها .. ويصلها بشوق محموم وهو يهمس لها بعشقه الهادر لها واشتياقه الأسر لها فتسلم له وتسقط معه في لجة بحره الهائم بها.
***
يجلس أمامها يحتضن قيثارته ليعزف اللحن بتروي أنامله تداعب الأوتار ببطء شديد وهو يتأكد بين الفنية والأخرى أنها تنظر لحركة اصابعه البطيئة قبل أن يشد جسده ويرفع كفاه فيشير إليها باللحن عن طريق نغمات يجسدها بحركات يديه وشفتيه في بطء ليضمن أنها التقطتها.
رمقته باهتمام وهي تستجيب إليه ببطء ، يراقبها بعينيه وهي تحرك أناملها بهدوء تحاول أن تقلد عزفه فتعبس بضيق وهي تنظر إليه بعد نغمتين وتشير إليه عن كونها أصابت أم تخطأ فيبتسم برقة ويمنحها دعما بعينيه ليشير إليها بعلامة تشجيعية أثارت ضيقها لتتوقف قبل أن تشير بكفيها في حركات سريعة غاضبة تخبره من خلالها أنها لا تريد أن تستمر في التعلم وأنها ضاقت ذرعا بالأمر كله !
تنفس بعمق وهو يرمقها مليا بنظراته في صمت يتحمل ثورتها المعتادة بصبر ، ينتظرها أن تنتهي وهو يدرك أنها تقاوم .. تعاند .. وترفض ، يشعر بها بأنها تتوقف قبل الانجذاب .. التوحد .. والغرق في موسيقاه الذي تبهرها ولكنها لا تريد أن تنبهر .. لا تريد أن تخرج من شرنقتها .. ولا تريد أن تتعلم رغم كون الأمر يروقها ، ابتسم وهو يركز بصره عليها فتوردت بخجل وأخفضت عيناها بحرج لثواني معدودة قبل أن ترفع عيناها إليه فتتسع ابتسامته وقبل أن تتحاشى النظر إليه هذه المرة كان يشير بكفيه مرة اخرى يردد النغمات وكأنها لم تثور من قليل ولم ترفض ولم تتمرد عليه ، ثم يعاود العزف ببطء وهو ينظر إليها دون أن يحيد ببصره عنها.
رفت بعينيها ووجهها يحتقن باحمرار قاني ليشير إليها بعدما انتهى من العزف بكفيه وهو يرمقها بنظراته المثبتة عليها قائلا : الموسيقى لا تحتاج إلى انصات يا سهيلة ، أنها تحتاج إلى إحساس .. توحد وانسجام ، لا تهتمي بكونك أخطأت أو أصبت ، لا تهتمي بكونك تسمعي النغمات أو لا ، فقط اهتمي بأن تشعري بها .. فقط قلبك ومشاعرك هي من ستخبرك .
اختنق حلقها وهي تتطلع إليه لتشعر بالحرج يغمرها وهي تعلم جيدا كيف هو صابر على نزقها .. ضيقها .. ورفضها للأمر الذي تخاف أن تنغمس به فتعود منه خاسرة ، ألا يكفيها الخسارة التي تحيا بها ؟!!
انتبهت إليه يشير إليها ليردد عزفه فتتأمله مليًا وهي تشعر بكون روحها حفظت النغمات التي يشير إليها بها لتنحني على قيثارتها التي تحتضنها بدورها لتنظر إليه وهو يكرر عزفه لتبدأ بالعزف حينما أشار اليها فكررت العزف بالفعل ودندنت بنغمات اللحن داخل روحها دون أن تدرك أن صوتها خرج بهمس ليس خافتا بل كان مسموعا إليه فتتسع عيناه بصدمة وهو لأول مرة يسمع صوتها !!
رفعت رأسها بابتسامة رقيقة ناعمة تنظر إليه تسأله بعينيها إن كانت أخطأت فتقابل عيناه المنبهرة لتجفل بعدم فهم سكن عيناها لتشير اليه سريعا تسأله عما أخطأت به فيبتسم وقلبه يخفق بعنف .. روحه تتعلق كما لم يحدث من قبل ليشير إليها وعيناه تلمع ببريق مضوي أنار حدقتيه وسرى لينير جزء من عتمة روحها الدائمة فابتسمت دون فهم على ابتسامته لتطمئن روحها وهو يشير بعفوية مجيبا : لا شيء .. فقط اللحن خرج رائعا كعازفته .
توردت واخفضت رأسها بخجل وعيناه متعلقة تترقب ادق تفاصيلها فلم يعيا الاثنان لمن توقفت بعيدا تراقبهما من جانب الجدار الذي يفصل الجلسة الجانبية الظاهرة عن صالة بيتها الواسعة والتي تجلس بها دوما خلال تلقي ابنتها لدروس الموسيقى خاصتها والتي قفزت واقفة حينما استمعت إلى صوت ابنتها الذي لم يمر من حنجرتها منذ عمر الثامنة ، صوت ابنتها الذي لم تستمع إليه منذ ذاك اليوم الذي انهارت به سهيلة وسقطت صارخة بعدما ضايقتها الفتيات في صفها وأثرن غضبها ، لتلتزم سهيلة الصمت بعدها وتأخرت حالتها وبعدما كانت تتقد مع طبيب الصوتيات شخصها الطبيب بالخرس النفسي ، فهي ليست خرساء هي تستطيع الحديث ولكنها التزمت الخرس لتماثل نظرة المجتمع الذي صنفها خرساء بكماء لا أمل لها في حياة سوية في وسطهم.
انتفضت هنا وهي تشعر بكفين يحتضنان كتفيها فتدرك في لحظت استعادة وعيها إلى دموعها المنهمرة التي أغرقت خديها .. ورقبتها لتستدير تواجه تيم الذي سألها بعينيه دون صوت فتختفي داخل صدره وتحاول أن تتماسك حتى لا تجهش في البكاء فيضمها تيم إلى صدره ويجذبها بعيدًا ليسأل باهتمام عن سبب بكاءها فتهمس بصوت أبح سعيد رغم بكاؤه : سهيلة دندنت يا تيم ، أخرجت صوت من حنجرتها .
كسى الذهول ملامح تيم ليختنق حلقه بموجة دموع عاتية ليهمهم بفرحة عارمة : يا الله ، يا الله ، الحمد لله الف حمد وشكر يا الله .
هم بالحركة عائدا لابنته فاستوقفته هنا برفض لتهمس إليه بجدية : لا تذهب الآن ، لا تفعل ، لا نريدها أن تلحظ أنها فعلت إلى أن نستشير الطبيبة النفسية يا تيم ، لمع التفهم بعينيه فأكملت - سنكتم فرحتنا داخلنا وننتظر .
أومأ بتفهم وأجابها : معك حق ، سننتظر . ابتسمت برقة فأتبع بجدية - ولكني سأذهب لأرحب بنادر .
ابتسمت وسارت خلفه لينهض نادر واقفا حينما أقبلا عليه ليهتف بجدية وهو يشير بكفيه ليشرك ابنتهما في الحديث كما يراعي دائما : سهيلة تحرز تقدم ملحوظ يا باشمهندس ، في غضون أشهر ستنافسني في العزف.
ابتسمت ووجهها يتورد ليقترب تيم منها بحمائية تحكم بها فيحتضنها من كتفيها يضمها إلى صدره وكأنه يحميها من عينيه بطريقة ملحوظة فرفع نادر عيناه إليه بجدية وتيم يجيبه : البركة في الأستاذ .
أجاب نادر بثبات وهو يشير بكفيه ولكن بنظرة محايدة : سو ستكون التلميذ الذي تفوق على الأستاذ.
ابتسم تيم بلباقة ليشير إليه أن يستريح فيتحدث نادر بصوت واضح ولكن بعدما أخفض عنقه متخذا وضعية الجلوس وفي حركة يدرك جيدا أن سهيلة لن تستطيع من خلالها التقاط حركة شفتيه : أريد الحديث معك يا باشمهندس ومع انا دون وجود سو .
ومضت حدقتي تيم بتقدير ليتبادل النظرات مع هنا التي اشارت إلى ابنتها بحركة سريعة تخبرها أن مريم هاتفها أكثر من مرة فتستأذن سهيلة برقة قبل أن تغادر بعدما أشار نادر بكفيه يخبرها أن درسهما اليوم انتهى .
خطت مبتعدة بخطوات هادئة لتقف بمنتصف الطريق ثم تلتفت إلى ثلاثتهم فيبتسم نادر بإعجاب واضح وهو يدرك شعورها .. حدسها الذي يخبرها أن هناك أمر ما فابتسم وأشار إليها ثانية يحدثها عن قيثارتها التي تركتها فعادت برقة تشير إليه باعتذار فيحادثها بطلاقة سرت بينهما أن لا تهمل قيثارتها حتى لا تغضب الأخيرة منها.
ضحكت برقة وابتسامتها تتسع لتصدر همهمة من حنجرتها ثانية دون أن تدرك فيجاريها نادر بالضحك وهو يعي ترقب والديها وسعادتهما الواضحة ليهتف بعدما ابتعدت بمسافة كافية : هذا ما كنت أريد أن أتحدث عنه . هل سهيلة تستطيع الحديث ؟! والأهم هل تدرك أنها تفعل أم ..؟؟
تنهدت هنا بعفوية لتثرثر إليه ببوح : نعم هي تفعل ، أو كانت تفعل ، وهي صغيرة كنا نحاول معالجة حالتها حينما كان قرارنا أن تجري الجراحة فأرسلناها لطبيب متخصص يعلمها النطق والحديث ويقارب عقلها للأمر ، بعض الأحيان وهي صغيرة كانت تبكي تصرخ أو تضحك بصخب حينما تسعد ولكن بعد فترة معينة توقفت التزمت الصمت ونحن قررنا أن نتقبل حالتها هكذا دون تغيير .
اسبل جفنيه بتفكير ليهمهم : إذًا هي لا تدرك الأمر ، تمتم ببوح وعيناه تشرد بعيدا - دندنت بعفوية وضحكت بعفوية أيضًا .
كح تيم بخفة وكأنه ينبهه لوجوده فيرفع عيناه إليه مكملا : هل تحدثان طبيب نفسي في الأمر أم ؟؟
ابتسمت هنا وأجابت بعفوية : نعم نفعل .
ابتسم نادر باطمئنان ليهتف تيم بجدية : أنت مهتم بأمر سهيلة للغاية ، هل تدرس حالتها ؟
شعر بالحرج يغزوه ليجيب بثبات : لا أبدًا ، أنا فقط أحاول أن أدرك كل شيء يؤثر على تعليمي لها.
رمقه تيم مليا من بين رموشه فأكمل ببسمة رزينة : سهيلة ليس فتاة عادية أنا اعلمها الموسيقى وأنا حقا لا أفعل كثيرا ، ضيق تيم عيناه فأكمل نادر بتروي - سهيلة تعد إحدى معارفي وأنا أعدها قريبتي .
رفع تيم حاجبه مرددا بعدم فهم اتقنه : قريبتك ؟!!
اختنق حلقه وأسقط في يده فلم يجد ردًا مناسبا ، ولكن صوت هنا الذي هتف بمرح : هذا شرف لنا يا فنان ، وبالطبع نحن أقارب ومعارف ، ألست تقرب لعمو أمير وأنا أعد الأمير كعمي بالضبط .
ضحك بخفة ليهتف بصدق : الأمير عم الجميع .
ضحكت هنا ليبتسم تيم قبل أن ينهض هو واقفا هاتفا بجدية وهو يحمل قيثارته التي وضعها بحافظتها الجلدية الفخمة : حسنا استأذن منكما ، فلدي مواعيد عمل سأتي الأسبوع القادم بإذن الله كما المعتاد .
صافحه تيم بجدية ليهتف : أنا أشكرك على ما تفعله مع سهيلة يا نادر .
أجاب نادر بلباقة : لا داع للشكر يا عماه ، أنا تحت أمركم .
ابتسم تيم مغالبا عبوسه الذي اعتلى ملامحه وعقله يردد " عماه " .
ليصافح هنا فتهتف إليه : الأسبوع القادم ستتناول الغذاء معنا أنت وعدتني .
ضحك نادر بخفة ليشاكسها بمرح : تستطيعين الطهو إذًا أم آت بطعامي معي ؟
أجابته هنا برقة : تعال وأنت تعلم .
ابتسم وأومأ برأسه : سأفعل بإذن الله .
تحركا معه ليوصلاه فيغادر مودعا إياهما ليعبس تيم بتفكير فتسأله هنا باهتمام : ما الأمر يا تيم؟!
رمقها قليلا بحديث اختزنه بصدره فأسبلت جفنيها وابتسمت بمشاكسة لتهتف إليه بمرح : لقد اعددت اليوم المحشو كما طلبت مني وبطريقة دلال أيضًا ، ودعوتها هي ووالدتك ومريم على الغذاء وسيصلون بعد قليل .
ابتسم تيم واسبل جفنيه ليهمهم بهدوء : سأبدل ملابسي ، أين خالد ؟
هتفت بجدية : عند جده ، أومأ بتفهم وهو يبتعد لتدعوه باسمه في رقة فتوقف ليضحك بخفة حينما أسرعت نحوه تتعلق برقبته لتقبل جانب ثغره وتهمس : لا تقلق ، ثق بي كما تفعل دوما . تنهد بقوة وهو يضمها إليه ليقبل جبينها هامسا : أنا أفعل ولكن القلق لا أستطيع السيطرة عليه للأسف .
تمتمت وهي تضمه أكثر : ستكون بخير بل بألف خير .
تمتم بصدق : يا رب .
***
تنظر إلى جهازها اللوحي تراجع بعض البيانات أمامها تحاول أن تنغمس بالعمل كما نصحها عاصم الذي دفعها أن تعود إلى العمل بشكل كامل حتى تجاهد مللها ونزقها المتزايد في الآونة الأخيرة ، عبست بضيق وهي تترك جهازها من كفها وهي التي لا تشعر بطاقة لديها للعمل وخاصة مع الحزن الذي يخيم عليها فيحاول عاصم أن يجتذبها من هوته فيدللها ويراضيها ويجتهد ليمنحها الولد الذي تريده.
ابتسمت باتساع وهي تتذكر اهتمامه الفائق بها .. عودته المبكرة لأجلها ومكوثه بجوارها كل ليلة ما عدا هذا الوقت الذي يذهب به إلى عمار ليمده بالطعام .
ضحكت بخفة وهي تستعيد تبرم عاصم من شقيقه وهو يخبرها بأمر الطعام الذي ورطه به عمار وحتى تشرف بنفسها على إعداد أنواع الطعام الذي يطلبه عمار مختلفا كل يوم .
تنهدت بقوة وهي تتذكر تحذير عاصم المستمر لها بألا تخبر أحدًا عن أمر عمار الذي يتكتمه هو بدوره فتمتثل هي ولا تأتي بسيرته مع يمنى التي تحدثت إليها لتطمئن عليها أكثر من مرة ، انتبهت من أفكارها على طرقة هادئة اتبعها دخول كنزي التي ابتسمت برقة وهتفت : سعيدة أنك متواجدة اليوم ، هذا البريد الالكتروني وصل اليوم وفكرت أن أخبرك بدلاً من الذهاب للباشمهندس ، فهذه الشركة التي فسخت معها التعاقد من قبل .
نظرت إليها نوران بتعجب لتسأل : اية شركة ؟!
اقتربت كنزي لتشير إليها على الجهاز اللوحي فتتسع عيناها بصدمة لتهتف بجدية وهي تعتدل بجلستها : هل هذا تواصلكم الأول معهم ؟!
نظرت إليها كنزي بعدم فهم : لا أعتقد ولكن أنه البريد الالكتروني الأول الذي يصل من عندهم ، ففيما قبل كان العمل يتم عن طريق الاجتماعات ومقابلات العمل كما أعتقد .
ركضت نظراتها على البريد ثانية لتتأكد من توقيع المرسل الالكتروني قبل أن تنتفض واقفة وتهتف بجدية : اذهبي الآن يا كنزي ولا تسمحي لأحد بالدخول على الباشمهندس من فضلك .
توترت كنزي لتنظر إلى نوران بصدمة فاتبعت نوران بعصبية - هيا تفضلي على مكتبك ولا تدعي أحد يدخل الينا .
ألقتها آمرة وهي تخطو إلى مكتب عاصم من بين الباب الفاصل بين مكتبيهما بعدما طرقت على الباب طرقة واحدة ولم تنتظره حتى أن يأذن لها بالدخول لتسأله بصوت جاد ودون مقدمات أو إلقاء التحية : هل تتعاون مع أسامة يا عاصم ؟!
رفع وجهه من فوق لوحة الرسم الذي يعمل عليها ليتطلع اليها بصدمة قبل أن ينهض واقفًا هاتفًا بجدية : كيف علمت ؟!
اتسعت عيناها بصدمة لتهتف : إذًا الأمر صحيح ؟! ألم تخبره أمامي أن كلمتي لا ترد وأن رغباتي أوامر أم كنت تخدعني فقط يا عاصم ؟!
زم شفتيه ليخطو نحوها برزانة : أهدأي يا نوران وأجلسي من فضلك لنتحدث .
هدرت وهي تبتعد عنه للخلف : لا ، لن أفعل ولا أريد أن أتحدث معك .
تحرك بخطوات سريعة يمنعها من الابتعاد عنه يقبض على مرفقها ليجذبها إليه : أهدأي واسمعي وكفي عن تهورك ، أنا لم أخدعك قط بل كنت محددًا في حديثي أن أوامرك سارية على المؤسسة التي لن تتعاون معه وهذا بالفعل ما حدث ، اهتزت حدقتيها دون فهم فأكمل - التعاون بيني وبين أسامه يخص عملي أنا لا علاقة للمؤسسة به .
أجابت باختناق : ولكن لماذا ؟! لماذا تتعاون معه أنه حقير أراد الانتقام منك والتفريق بيننا .
أجابها بجدية وصلابة : لهذا السبب تحديدًا أنا أتعاون معه .. امنحه عملا لأطوق به رقبته .. لأكون المتحكم والآمر الناهي فلا يقوى على الالتفاف من حولي ثانية .. أضمن ولاءه فلا يقدر على الغدر يا نوران .. فأنا أعمل بمقولة إذا كان صديقك قريب أجعل عدوك أقرب من الصديق .
تمتمت بضيق : لم تخبرني .
تنفس بعمق : لم أشأ أن نتحدث في أمر انتهى يا نوران وخاصة وأنا أعلم أن ذكره يوترك .
أشاحت برأسها بعيدا وحلقها يختنق بضيق يلازمها هذه الأيام : أخبرتني أنك ستأتي بحقي يا عاصم ولكن ما وجدته أنك تتحالف مع أسامة ولا تخبرني .
نظر إلى عمق عينيها وهمس : بلى فعلت يا نوران ، آمنت شر أسامه واستقطبته بدلًا من أن يذهب ويتعاون مع أحد منافسينا فيعود يومًا ما بعدما يكون قادرًا على التحدي ومجابهتي ، ونفيت حسناء نفيًا تامًا فلن تقوى على العودة.
اعتدلت باهتمام لتساله بترقب : كيف فعلت ؟
لوى شفتيه بضيق بعدما زفر بقوة ليثرثر إليها شارحا: كانت ضمن شروط الصفقة بيني وبين أسامه ، أن يأتينني بها ليس بالمعنى الحرفي ولكنه حينما رفع غطاء مساعدته عنها بعد إشاعة بسيطة سُرِبت في السوق إنها خائنة وسرقتني وعممت أنا الأمر على أنحاء القطر بأكمله أتت بنفسها دون أن أحاول – حتى - البحث عنها .
نفرت عروقها لتزمجر بعدم رضا : أتت إلى هنا دون أن تخبرني ، قابلتها دون أن تقص لي .
رمقها بضيق ليجيب بنفاذ صبر : كنا للتو عدنا من شهر العسل يا نوران ولم أشأ أن أفسد أيامنا ، لقد أتت وتوسلت وتذللت لي لأصفح عنها ولكني رفضت وأخبرتها أنها لن تجد ملاذا لها في الوطن فاضطرت للسفر ولا أعتقد أنها ستعود ثانية .
كتفت ذراعيها وهي تشيح برأسها بعيدا ليقترب منها بتؤدة محاولا مراضاتها : لا تغضبي يا نوران ، أعلم أنه كان علي اخبارك ولكن لم أشأ أن أثير الأمر من جديد .
رمقته بطرف عينها قليلا فيبتسم إليها مهادنا وعيناه تعتذر لها فاقتربت منه قليلا لتهمس بصوت مختنق : أنت غريب يا عاصم ، عبس عاصم بعدم فهم فأكملت – رغم كل شيء ورغم أنك محنك بعالم التجارة وتفكيرك اقتصادي إلا أنك واضح وصريح وطريقك واحد لا اعوجاج به.
رمقها عاصم مليا فأكملت وهي تلامس وجنته : حتى انتقامك أنيق مثلك .
رفع كفه واحتضن كفها الملامس لوجنته ليهمس إليها باهتمام : أخبريني يا نور ، المرة الماضية ذكرت أمر عن أنه لم يكن بيته وأنا ..
صمت حينما تشكلت ملامحها بانزعاج ليكمل بعد وهلة – لم أكن أريد الحديث أنا آسف .
ابتسمت لتقترب منه هاتفه : لا كنت انتظر أن تسأل وتعجبت أنك لم تفعل ، لترمقه بلوم وهي تتبع - ولكن جيد أنك ثرثرت عما تخبئه بداخلك مرة على الأقل .
ابتسم واسبل جفنيه لتهمس بجدية : أنت لم تدرك أبدًا عنوان البيت الذي كان يسكنه ، أليس كذلك؟! عبس بعدم فهم لتكمل – لا أقصد أنك لا تعرف مكان سكنه بل العنوان التفصيلي .
رف بعينيه وهو يحاول أن يتذكر فاتبعت ببوح : يومها أنا ذهبت بالفعل للكوم بوند الذي كان يسكنه ولكني لم أدلف للعمارة التي يقطن بها صعدت للعمارة التي تسبقها ، وهذا أمر آخر اغضبني – حينها - للغاية منك ، وتساءلت مرارا عم منعك من الصعود خلفي من باب الفضول على الأقل ولكن من الواضح أن غضبك وغيرتك أعمتك .
اتسعت عيناه بذهول ليهمهم بجدية : يا الله ولكن عمي كان معي و ..، صمت وعيناه تهتز بتفكير و رف بعينيه كثيرا ليكمل بصدمة مستنتجًا – هل عمي توصل للأمر من قبل يا نوران ؟!
أخفضت رأسها لتهمس باختناق : نعم وأتى لي بعدها واعتذر لي لأنه شكك بي وضربني .
انتفض واقفا يدور من حوله بغضب تملك منه ليهتف بعدم فهم : لماذا لم يخبرني ؟! كيف لم يفعل ؟!
نظرت إليه بعدم معرفة لتهمس بحيرة : لا أعلم ، ولكن من الواضح أنه لم يشأ إثارة الأمر ثانية.
اكفهر وجه عاصم ليهمهم بضيق : أو لم يشأ أن يبرر أفعال ابنته أمامي ، تركني على ظني حتى لا يخبرني صراحة أنك فعلت ما فعلته لأنك تريدين إثارة غيرتي ، لم يقوى على إخباري أن ابنته .. مدللته تحبني ، أتبع بألم تملك منه – لقد نصر كرامتك على معرفتي يا نوران ، لم يشأ أن يخبرني حتى لا يدفعني دفعا نحوك غير مدركا أني كنت أموت حرفيا حينها وأنا أفكر في كونك فضلت أخر علي.
انتفضت واقفة واندفعت نحوه لتحتضنه برقة هاتفة : أبدًا لم يحدث أنت كنت الأول والأخير يا عاصم .
ارتعش ثغره بابتسامة التقطتها بشفتيها في قبلة حاولت أن تبثه بها كل حبها العميق له ليضمها إلى صدره ماحيا مسافة ضئيلة كانت بينهما ليحملها من الخلف كما يفضل ليتجه بها نحو مكتبه يجلسها من فوقه وهو يقبلها مرارا وتكرارا يهمس إليها بأشواقه .. حبه .. ولهفته إليها ليتوقف فجأة صدح صوت كنزي من جهاز الاتصال الحديث و التي تهتف بجدية : عاصم بك عم سيادتك يريدك بمكتبه .
أغمض عينيه بضيق تملكه مهمهما باختناق : لا أستطيع الاختلاء بك لا في القصر ولا في المؤسسة ولا في أي مكان ،
ضحكت رغما عنها فأكمل بغضب وهو ينسحب للخلف يعدل من وضع ملابسه – تضحكين ؟! حسنا على راحتك يا ابنة الوزير لا تشكي بعد ذلك من الولد الذي تريدينه فبهذه الطريقة التي يتبعها عمي لن تري لا ولد ولا بنت .
تعالت ضحكاتها فزفر بضيق ليمسح وجهه بكفيه بينما تمتمت هي من بين ضحكاتها : وماذا ستفعل في هذا الأمر .
لوى شفتيه ليغمغم بمكر : من الواضح أن علي اختطافك يا برتقالتي .
هزت كتفيها بدلال وهي تقفز واقفة تعدل من ملابسها التي افسدها : وأنا جاهزة لكل ما تريد يا حبيب قلب البرتقالة .
ابتسم فاقتربت منه بتؤدة لتقبل جانب ثغره فلتفت إليها بتوق لتضع كفها فوق شفتيه وهي تمسح آثارها من جانب شفتيه وهي تهمهم بمكر : اذهب إلى عمك وأنا سأنصرف ، أتبعت وعيناها تومض بإغواء صريح - سأنتظرك بالبيت لا تتأخر .
تنفس بعمق ليهمس بخفوت وهو يضمها إلى صدره : سأنتهي من الأعمال هنا وسأمر على عمار وآتي إليك بإذن الله .
ابتسمت لتضمه قبل أن تبتعد نحو مكتبها : تأتي سالما ، أراك ليلا يا عاصم .
القتها بدلالها الطفولي فيبتسم بتولة وهو يراقب خطواتها المتسارعة فيزفر بقوة ليهمهم بحنق : سأهرب بها بسببك يا عماه ، كنت أظن أني مختلف عن أحمد ولكن أنت بغيرتك لا تفرق بين ابنك الروحي وابن الخواجة .
صدح صوت كنزي مرة أخرى تردد نفس رسالتها السابقة ليغمض عينيه وهو يخطو نحو الباب متجها لعمه كما يريد الأخير .
***
يجاور أخيه جالسا على طاولة الطعام المدعو عليها عند يحيى ليهتف حاتم بجدية : سلمت يداك يا باشمهندسة ، الطعام شكله يشهي .
تمتمت دعاء التي ترص بقية الأطباق هي وبناتها وسارة التي تساعدهن : سلمت يداك ، تفضل بالجلوس إلى أن يصل الشباب ، فهم على وصول كما أعتقد .
ابتسم حاتم ليجلس مجاورا لأخيه الذي هتف : نبيل قادم وزين مع نادر بالحديقة سيأتيان الآن .
تنهد حاتم بضيق : أن ينقصنا الأخ العابس ، وسيصل كما أعتقد فأنا حينما هاتفته أخبرني أنه بالطريق .
تمتم يحيى بجدية : يصل سالما بإذن الله ، ليتبع بلوم - توقف عن نعته بالعابس .
ضحك حاتم بخفة ليهمس بمرح : وهل أنا أكذب يا يحيى ، أنه عابس على الدوام ولا أفهم سببًا لعبوسه . رمقه يحيى بعتاب ليجيبه : لا شأن لك به اتركه على راحته ولا تضايقه .
أومأ حاتم برأسه متفهما ليقترب من يحيى ينظر إليه قليلا قبل أن يسأل بهدوء : أرى حديث متخفيا برماديتك يا أخي ، وأشعر أنك تريد أن تخبرني به .
ابتسم يحيى ليخفض نظره قليلا قبل أن يتنهد بقوة : أعتقد أنك تعلم ولكنك تحب المراوغة يا حاتم .
نظر إليه حاتم ببراءة مفتعلة : أنا ، أبدًا لا أعلم شيئاً سوى أن ايني تحدثت معي عن رغبة عز في التقرب من تالية .
ضحك يحيى بخفة ليهمهم دون تصديق : كل هذا ولا تعلم ؟!! إذًا ماذا تعلم يا حاتم بك ؟! مط حاتم شفتيه لينظر لأخيه قليلا هامسا : أعلم أنك متردد وهذا أمر ليس من شيمك.
تراجع يحيى إلى الخلف قليلا يرمقه بثبات قبل أن يسأل بهدوء : نعم متردد من القبول أو الرفض لأن .. صمت قليلا فابتسم حاتم ليسأله بجدية وهو ينظر إلى عمق عينيه : ما رأي توتا يا يحيى ؟! لآن هذا ما يهمني فأنا لم أتحدث مع حسام للان ؟!!
ابتسم يحيى بحرج ليهمس بجدية : أعلم أني لا يفترض أن أفعل ما أفعله الآن ولكن أنا أحب حسام واقدره يا حاتم وأتمنى كثيرا أن يكون زوج ابنتي ولكن لا استطيع أن أفرض عليه أي شيء .
ضحك حاتم بخفة ليهتف : ما بالك يا يحيى ؟! هل تمزح ؟! أنت تشعر بالحرج لأنك تخبرني أنك تقدر ولدي ، أنت تقدره وتحبه وتتمنى وأنا أدعو يوميا أن أجد من تقبل به هي وعائلتها.
ضحك يحيى مرغما فأتبع حاتم بهدوء -ثم أنت ليس عليك أن تشعر بالحرج ، أنت فقط عليك أن تأمرنى بم تريد وأنا وولداي ننفذ ونطيع .
عبس يحيى بعدم رضا : لا يا حاتم ، هذه الأمور لا تتم هكذا وأنت تعلم ، أريد أن أعرف رأي حسام بطريقة جادة وحازمة .
هتف حاتم بصلابة : رأي حسام لا يهم يا يحيى ما يهمني رأي الفتاة حتى إن كنت أنت ترى أن حسام عريسا جيدا أنا يهمني أن أعلم أن ابنتك تتقبل هذا الابتلاء الذي تريد أن تبليها به .
ابتسم يحيى بخفة ليهمس بضيق : تالية تميل لعز رغم أني كنت أظن ..
صمت قليلا فاكمل حاتم : كنت تظن أن هناك ما يدور بينها وبين حسام أليس كذلك ؟
رفع يحيى نظره إليه يرمقه باستفهام ليكمل حاتم موضحا - لأني ظننت هذا قبلك وخاصة حينما التقطت اتصالاتهما المتكررة فسألته بشكل جادي وتوقعت أن يجيب بما تمنيته ولكنه أخبرني أن الأمر عادي وأنهما يتواصلان بشكل طبيعي وأن تالية ابنة عمه وأخته ولا شيء أكثر من ذلك.
عبس يحيى بضيق فابتسم حاتم وسأله بخفوت : نفس إجابة توتا أليس كذلك ؟
زفر يحيى بقوة : نعم ولكني لم أتحدث أنا معها بل طلبت من نبيل أن يفهم ما الأمر حتى تكون أكثر صراحة معه ولكنها أجابته بنفس إجابة ولدك ، أما هذه المرة تركت دعاء تتحدث معها كما طلبت إيناس فأخبرتني أنها تميل قليلا لمعرفة عز.
اتسعت ابتسامة حاتم ليهتف بمرح : والله أنها ذكية وروحها مميزة وتجيد الانتقاء ، فالولد ابن آدم ينير بالظلام على عكس عاقد الحاجبين الذي تريد أن تبتليها به.
ضحك يحيى مرغما ليتف به : أنت لن تتغير أبدًا ، توقف عن التقليل من ولدك يا حاتم .
أجابه حاتم بسرعة : أنا أبدًا خ أقلل منه هو يفتخر بكونه عابس وجاد وهذه الأشياء التي لا أعرف من أين أتى بها ولكن ماذا أفعل الظاهر من كثرة سخريتي من بلال ابتلاني الله بولد يشبهه .
انطلقت ضحكة يحيى قوية ليهتف بمزاح : الخال والد يا توما وأنت تستحق ما يفعله بك بلال.
همهم حاتم بمسكنة : نعم أستحق لا أنكر ولكن ليس لدرجة أن يأتي ولدي البكري يشبه خاله أخو والدته بالرضاع ، هذا كثير .
انطلقت ضحكة يحيى مجلجلة هذه المرة ليشاركه حاتم الضحك قبل أن يسأل باهتمام : ولكن أخبرني لماذا أشعر بأنك متخوف من أمر عز الدين ؟!!
تنهد يحيى بقوة ليثرثر ببوح : لا أعرف ولكن خائف ، وخاصة أنه غير مستقر هنا ، سيصحب ابنتي البكرية لأمريكا كما فهمت من حديث دعاء الذي أخبرتها به إيناس ، هو نفسه نظام حياته غير مستقر يعمل ما بين أمريكا وانجلترا ووالدته تعيش بتركيا ووالده بمصر ، أشعر بفوضى في حياته لا أريدها لابنتي .
ابتسم حاتم برزانة قلما تظهر عليه ليهتف بجدية : اسمع يا يحيى إذا تريد رأيي بالفتى فهو شاب جيد ذو خلق وتربيته أكثر من جيدة ، مركزه العلمي والعملي جيد أيضا وبالطبع آدم محترم وأنت تعرفه لذا كل ما هو عليك أن تتحدث مع الشاب وتستفهم منه عن نمط معيشته بعد الارتباط بتالية ، وتستطيع أن تخبره أنك تريد لهما الاستقرار ، لن نفرض عليه أن يستقر بمصر ولكن تستطيع أن تنبهه أن عليه الاستقرار بأحد البلاد كي تنشأ أسرته مستقرة وهذا أمر سيفعله تلقائيا كما أعتقد ، وجم يحيى بتفكير فأكمل حاتم بجدية - ولكن خوفك على توتا طبيعي وصحي أيضا ، فأن تمنحها لرجل غريب لا تعرفه ليأخذها ويذهب لبلد بعيدة شيء مقلق بالفعل ولكن نستطيع إيجاد حل لهذا الأمر .
رمقه يحيى بتساؤل فأكمل حاتم ببساطة : أعرفه لا تمنحه إياها إلا حينما تتأكد منه ومن مقصده ومعدنه ، وهي الأخرى تتأكد من قرارها لا تكتفي بأنها تميل إليه بل تكن مقتنعة به تماما ، مقتنعة أن تذهب معه لأخر العالم وهي آمنة على نفسها بجواره ومعه ، لابد أن يكون الأمر أكثر من مجرد ميل ولابد أن تتعرف عليه جيدا يا يحيى لذا لا ضير من فترة خطوبة طويلة كما ستفعل إيناس مع آسيا ، التي ستخطب لصديق عز بالمناسبة .
أومأ يحيى بتفهم : نعم علمت لقد أخبرتني دعاء أن زياد كان بعائلته هنا لأجل أن تتعارفا العائلتان .
أومأ حاتم بجدية : بالضبط ومع إصرار إيناس أن لا يتم شيء رسمي اتفقا أن يعودا بإجازة الربيع ليتمما خطبة رسمي على أن لا يتم الزفاف قبل أن تنتهي آسيا من دراستها الجامعية ، أعتقد أنك تستطيع أن تطلب من عز أن يأتي بوالدته ويزوركما وتتعرفا وتذهبون أنتم أيضا إلى هناك في زيارة لتتعرف عليهم أكثر ، أمنح لنفسك ولابنتك الوقت الكافي يا يحيى حتى يطمئن قلبك .
أومأ يحيى بتفهم ليكمل حاتم بعدما كح بخفة فرمقه يحيى باستفهام فهمس حاتم بخفوت : أما بمناسبة حديثك عن حسام ، أنا أريد أن أخبرك أننا لن نختلف في أمر أن يصبح زوج لابنتك .
عبس يحيى بتعجب ليغمز حاتم بشقاوة : من الواضح أن عاقد الحاجبين لديه خطط أخرى لم تخطر على بال أحدنا .
رمقه يحيى مليا ليلتمع الإدراك بعينيه فيبتسم حاتم بمكر ويسبل جفنيه قبل أن يهمهم بمرح : في هذا الأمر شعرت أنه ولدي جدًا وفخرت به ، ضج الضحك بينهما وخاصة حينما أكمل حاتم بمشاكسة - والله احترمت انتقائه للغاية ، وشعرت كم هو ذكي بهذا الانتقاء الصاروخي .
صفق يحيى كفيه ببعضهما بيـأس هاتفا من بين ضحكاته : تأدب يا ولد .
تعالت ضحكات حاتم ليهتف بعدما هدأ بجدية : لا أقصد أن أقلل من قيمة تالية أبدًا ، بل أنها رائعة وأنا أحبها ولكن الغالية مختلفة تماما يا يحيى وأنت تدرك ذلك .
تنهد يحيى بقوة ليهمس : نعم أعلم وللأسف هي تدرك مدى اختلافها لذا هي تتعامل باختلاف وتصطدم معه .
ابتسم حاتم بمكر ليقترب منه هامسا : أنهما يصطدمان سويا لأنهما ينجذبان دون فهم يا يحيى ، ويقاومان الانجذاب ، لذا سيلتقيان حينما يستوعبان ما يحدث بينهما ، اسبل يحيى جفنيه مفكرا ليكمل حاتم بجدية - أنا لا أخبرك لتفكر يا يحيى أنا اخبرك لأني أريدها زوجة لولدي فأعلمك بأن ابنتك الوسطى محجوزة لابن عمها منذ الآن .
ضحك يحيى وهو ينظر إليه بيأس فيكمل حاتم بمسكنة : فقط يعينني الله على العابس حتى يدرك ما يحدث في فوضى مشاعره ويتقبل انجذابه للصغيرة التي تثير غضبه وغيرته كما لم تفعل إحداهن أبدًا .
ابتسم يحيى دون رد ليرتفع صوت زين وحاتم اللذان دلفا من الباب يتبعهما حسام الذي يتحدث ضاحكا من ابن عمه الصغير ليصدح صوته بالتحية قبل أن يقبل على عمه الذي رحب به وأخبره : هيا سريعا أغسل يديك لنتناول الطعام ، أومأ برأسه بعدما سلم على أبيه ليهتف يحيى متبعا - هاتف نبيل يا زين وأخبره أن يسرع قليلا .
هم زين بالحديث ليصدح صوت نبيل الذي دلف للتو هاتفا بجدية : ها قد أتيت يا أهل البيت ، مساكم سعيد جميعا .
***
عبست بتعجب وهي تبحث عنه بأرجاء البيت بأكمله ، بعدما ارتدت إحدى فساتينها التي تعشقهم ولكنها لم تكن ترتديهم حرجا من وجودها في بيت والدها ، ابتسمت وهي تتذكر مشاكسة إيناس إليها كلما ابتاعت إحدى هذه الفساتين فتغمز لها وتهمس " فساتين الزواج يا ابنة الأمير "، فتتورد وتؤثر الصمت وتخفض رأسها دون رد ولكن قلبها كان يجيب بدلا عنها " أنها فساتينها التي سترتديها لأجله ، كمليكة متوجة فوق عرش قلبه كما كان يخبرها "
تنهدت بقوة وهي تتوقف لتنظر إلى نفسها بمرآة طولية عريضة تحتل حائط الممر الواصل بين الغرف وصالة البيت الواسعة وكانه وضعها هنا ليتأكدا من مظهرهما قبيل الخروج من البيت .. فتدور حول نفسها تنظر إلى فستانها بلونه العاجي ذو التنورة المنفوشة على طراز قديم ، يصل لمنتصف كاحليها وخصر دقيق يظهر مدى رشاقته وصدر يحدد مفاتنها التي اتت واضحة بتفصيلته الاسبانية والتي أظهرت نحرها كاملا إلى أول نهديها وحمالتيه تحتضنان أول كتفيها ، دورة أخرى وهي تلملم خصلاتها الطويلة الثائرة على الدوام على إحدى كتفيها وتنظر إلى ظهرها الظاهر إلى ما بعد عظمتي كتفيها فتبتسم برقة وهي تتأكد من وشم الفراشة ذو الجناحين المفرودين بلونها الأسود ذو الإطار البرونزي اللامع و الذي طبعته بين كتفيها ظاهرا.
زفرت انفاسها كاملة لتقترب من المرآة تتأكد من زينتها الكثيفة التي وضعتها بتأني فأكثرت من كحل عينيها فأظهرت بنيتيها بوميض رائق .. حمرة خدودها الناعمة .. وشفتيها بلونهما العنابي القاني الذي أظهر اكتنازهما دون جهد .
ابتسمت بثقة فلمعت شامتها فوق ثغرها لتتحرك فوق كعبي حذاءها العنابي اللامع وخلخالها الذهبي يومض بكاحلها مصدرا رنته الطفيفة والتي يلتقطها رغم خفوتها كلما تحركت ، تقدمت نحو الصالة التي أخبرها أنه سيدعوها فيها إلى العشاء بعدما أعربت صباحا عن رغبتها في مغادرة الفراش .تلك الرغبة التي أجلها ثم راوغها في تحقيقها وهو يحتجزها بين ذراعيه طول النهار تقريبا ، شعرت ببعض الحرارة تلهب وجنتاها وهي تتذكر حديثه الهامس الذي نثره فوق مسامعها بعدما شعر بحرجها من استجابتها الفطرية إليه طوال الأيام الماضية ورغم أنها حاولت مراراً أن تراوغه ولا تخبره عم يعتريها كلما انتهى وصاله إليها إلا أنه اليوم أصر على استعمال ارجوحتهما السرية كما يسميها ليضمها إلى صدره ويؤرجحها بلطف وهو يتحدث معها بمهادنة شعرتها تفيض منه .. تفهم غمرها به .. واحتواء كانت تحتاجه كفاصل بين أمواج وصاله الهادرة التي يغرقها فيها منذ ليلة زفافهما.
ورغم أن الحديث انتهى بموجة اخرى من الوصال ولكنها كانت مختلفة تماما عن المرات الماضية .. مختلفة باختلاف شعورها به ومعه .. وباختلاف اتحادهما الذي أتى هادئا .. رائقا .. محتويا ، فهو لم يكن متلهفا رغم توقه لها .. ولم يكن متسرعا رغم شوقه لها .. ولم يكن صاخبا كعادته معها ، بل كان واعيا لها ولاستجابتها المتناغمة معه .. خفقاتها التي تماوجت مع خفقاته فأصبحا قلبان ينبضان بنبض واحد .. وجسدان ملتحمان كجسد واحد .. وروحان تمازجا .. اختلطا .. انصهرا .. وذابا ليتشكلا من جديد وكلا منهما يشعر بأنه سيظل يحمل أثر الآخر في أعماق روحه.
ارتعش ثغرها ببسمة خجول فتضم جسدها بذراعيها وهي تشعر بالخجل يغمرها ثانية لتنتبه فجأة إلى باب الشرفة الموارب والستائر التي تتحرك بسبب نسمات الليل الاتية بسبب الباب المفتوح ، عبست بتعجب وهي تتذكر تحذيره لها من أن تكشف وجودهما هذه الأيام ورغم اعتراضها على خطته في الاخفاء عن عائلتيها وجودهما .. شوقها الشديد لعائلتها .. ورغبتها الملحة في زيارة والديها قبيل سفرها ورؤيتها لشقيقيها ، إلا أنها استجابت إلى خطته مرغمة ونفذت كل أوامره حتى ذاك الأمر بمنعه للمكالمات المرئية بينها وبينهم ، اقتربت من الشرفة لترمق الخارج بترقب فيزداد عبوسها وهي تنظر إليه خارجا وكأنه يتحدث مع أحدهم لتضيق عيناها وهي تلتقط السيارة الرابضة بجوار سور حديقتهم القصير فترهف سمعها لتلتقط صوت الآخر الذي يحدثه عمار والمخفي خلف جسد عمار الفارع.
تمتمت بصدمة وهي تخرج بعفوية دون أن تنتبه لنفسها : عاصم ؟!
تصلب جسد عاصم ليطبق فكيه هادرا بخفوت حانق : سأقتلك يا عمار هاك موني عرفت بوجودي .
همس عمار بضحكة خافتة : لا تبتأس يا شقيق ، استدار على عقبيه ليندثر المرح من فوق وجهه ليهتف بحدة - ماذا تفعلين بالخارج هكذا ؟! ادلفي حالا للداخل .
عبس عاصم بعدم فهم لينظر رغما عنه من خلف جسد عمار وفضوله يحركه ليرى ما الذي أثار غضب أخيه فيكح بحرج وهو يوليها ظهره هاتفا بسرعة وصوت خفيض : الطعام معك يا عمار ، أراك على خير ، سلام .
ألقاها وهو يسرع بخطواته دون أن ينظر ثانية نحو عمار الذي خطى نحوها وعقله يشتعل من غيرته فيدفعها من مرفقها للداخل وهو يهدر بقوة بعدما أغلق باب الشرفة بغضب : هل جننت؟! منذ متى تخرجين هكذا ؟!
ترنح جسدها ولكنها تماسكت بصلابة فلم تتراجع للخلف بل وقفت بشموخ أمامه تنظر إليه بعنفوان اعتلى هامتها لتنطق بجدية ورأسها مساوية برأسه : إياك أن تفعلها ثانية يا عمار .
زم شفتيه بغضب ليهدر أمامها : وأنت إياك أن تمنحي متعة النظر إلى ما يخصني لأي كائن حي أخر يا موني ، أنت بأكملك تخصيني .
رفعت حاجبها باعتراض لتغمغم بضجر وهي تكتف ذراعيها بضيق : لم انتبه ، تصرفت بعفوية ونسيت الفستان .
رف جفنه الأيسر برفات متتالية ليهمهم باختناق وعيناه رغما عنه تنسل لأسفل فيلتهمها بنظراته : الفستان ؟! رفعت ذقنها بكبر فاتبع بصوت أبح - هل ارتديته لأجلي ؟
تحركت بنزق بعيدا عنه وبدلال تعمدته على ما يبدو وهي تجيب ساخرة : بالطبع لا ، بل كنت سأخرج به بمفردي ، فأنا مدعوة على العشاء .
رمقها من بين رموشه وابتسامته الماكرة تشكل ثغره ليراقبها بتروي وهي تجلس على الاريكة تضع ساق فوق أخرى في رقي لترفع رأسها بتحدي انثوي ومض بعينيها وتجسد بثغرها الذي مدته بطريقة مقصودة وهي تعدل من خصلاتها بطريقة تعلم تأثيرها الجلي عليه ، ليغمغم بصوت أجش : إذًا دعينا لا نتأخر ، سأعد الطاولة وأكمل ارتداء ملابسي .
تمتمت وهي تسبل جفنيها : لن أذهب معك لأي مكان .
ابتسم بخفة ليهمهم وهو يضع أكياس الطعام من يديه فوق الطاولة : أريني كيف ستقاومين جاذبيتي يا مونتي .
شكلت ملامحها ببسمة هازئة فيضحك بخفة ويهم بالابتعاد ولكنه توقف ليعود إليها يقترب منها كثيرا فينحني بجذعه فجأة أمامها ، ابتعدت بجسدها إلى الخلف بعفوية ليهمهم بخفوت وهو يحتضن ذقنها بين ابهامه وسبابته : لا تغضبي فقط شعرت بعقلي ينصهر تحت وطأة الغيرة أن يكن رآك عاصم أو أي أحد آخر وأنت هكذا.
ابتسامة ناعمة لمعت على ثغرها لتسأله بهمس أبح : هكذا كيف ؟!
سحب نفسا عميقا حبسه في صدره ليزفره ببطء وبأنفاس ساخنة الهبت وجنتاها مهمهما : هكذا كالقمر .. هكذا وأنت مليكة قلبي المتوجة .. هكذا وأنتي خاصتي ..ابتسمت لتغمض عيناها وهو يقبل شفتيها بتمهل متبعا - مونتي.. فرستي.
عبست على الفور لتدفعه بعيدا عنها في ضيق عابس فيضحك بخفة هامسا : حسنا لا تغضبي ، مهرتي تليق ؟
مطت شفتيها لتجيب بنزق : اذهب وارتدي ملابسك أو بدلها أو افعل ما ستفعل لأني جائعة .
أومأ برأسه بعدما طبع قبلة سريعة فوق شفتيها : على الفور ، خطى بعيدا وهو يكمل هاتفا - بالمناسبة انظري إلى المسرح المنزلي هكذا ، وابحثي عن ملف العرس فملك أخبرتني أنها أرسلته اليوم.
تحركت لتلامس الشاشة وتبحث بجدية عن الملف ، تبتسم برقة وهي تجده فتدير تصوير ليلة زفافهما سويا ، ابتسمت برقة وهي تنجذب للأحداث وتشاهدها وكأنها لم تكن هناك ليلتها استرخت بجلستها فتخلع حذائها ورفعت ساقيها بجوارها وهي تلملم ذيل الفستان المنفوش وخصلاتها بجانب واحد وتستلقي بشبه جلسة فتضطجع على جانبها وتنحني فوق وسادة كبيرة بصدرها تنظر بانبهار من خلالها إلى شاشة المسرح الكبيرة أمامها .
صافرة قوية انطلقت من حلقه حينما عاد لينظر إليها بافتتان عندما رفعت نظرها إليه ترمقه بعدم فهم واستفسار عن سبب صفارته فيغمز إليها هاتفا بشقاوة : هل تجلسين هكذا لأجل الطعام يا يمنى ؟!
عبست بعدم فهم لتعتدل برقة على جانبها : أنا انتظرك لنأكل سويا .
اقترب منها بعدما التقط أكياس الطعام ليهمهم بمشاكسة : أنا بالفعل جائع ولكن بعدما رأيتك هكذا أصبحت جائعا اكثر من ذي قبل .
ضحكت بخفة وانزلت ساقيها فتجلس باعتدال ليتبع بجدية وهو يستلقي جوارها بعدما وضع أكياس الطعام على الطاولة القريبة منهما ، جذبها إليه فتستلقي ثانية بنفس الطريقة السابقة ولكن داخل صدره : أبقي كما كنت وأنا سأطعمك إلى أن تشبعي .
ضحكت بخفه لتدفعه بعيدا هاتفة : حسنا كل حتى تشبع .
لعق شفتيه بحسية وهو يلتهمها بعينيه فيجذبها نحوه ليقبل تجويف عنقها بشقاوة : أنا لا اشبع منك .
ضحكت بخفة وهي تدفعه بلطف مهمهة : قصدت الطعام .
همهم بشقاوة ليحتفظ بها قريبة منه : حسنا لنتناول الطعام أولًا ثم احلي بك فيما بعد .
ضحكتها انطلقت قوية لتتملص من بين ذراعيه بدلال تتفادى قبلاته التي انتثرت فوق نحرها العاري فيهتف بجدية عندما ابتعدت عنه : أين تذهبين ؟
تمتمت بجدية : سأتي بالأطباق والأكواب وأدوات المائدة .
هتف بضجر : لا تعالي أنا اوصيت عاصم ان يأتي بكل شيء مع الطعام فاليوم ابتاعه من المطعم ولم يأتي به من القصر ، حتى لا تتعبين فيما بعد في لملمة الأطباق والتنظيف .
ابتسمت برقة لتعود إليه وهو يخرج الأطباق ويرصصها فوق الطاولة ، هتفت بذهول وهي تنظر إلى الأطباق الكثيرة : ما كل هذا يا عمار ؟!
فرك كفيه ببعضهما في طريقة مشاكسة : أنه يوم السي فود يا مونتي ، أنا عريس جديد ولابد علي أن اتغذى جيدا .
شحبت ملامحها لتجلس ببطء وهي تنظر إلى الأطباق من امامها لتساله بصوت مختنق حرجا : عمار هل طلبت أنت الطعام من عاصم أم طلبته من المطعم وهو فقط أتى به ؟!!
عبس بعدم فهم ليجيب ببساطة وهو منشغل برص الأطباق : بل طلبته من عاصم أرسلته له ككل يوم من البارحة ، توترت نظراتها فأتبع بعدم فهم وهو يلتقط توترها – ما الأمر يا موني ؟ لماذا تسألين عن هذا الطعام خصيصا فعاصم أتى به كبقية الطعام ؟
همهمت وهي تلملم خصلاتها فتعقصها في بعضها بطريقة يعلم جيدا أنها تفعلها حينما تكون حانقة وتأكد حينما صدح صوتها متمتمة بنزق : لا يا عمار ليس كبقية الطعام فمن المؤكد أن عاصم انتبه لامر العريس هذا .
رفع حاجباه بدهشة ليسأل بجدية : وما الأمر لا أفهم أليس أنا عريس ؟!!
رفت بعينيها كثيراً لتهمس باختناق : نعم ولكن أنا لا أحبذ أن تتحدث مع أخيك في هذه الأمور وتكن محل مزاح بينكما ، رمقها بتعجب فأكملت بنزق – أنا لا أحب الوقاحة في الحديث وأنت تعلم .
تحكم في ابتسامته التي ومضت بعينيه ليقفز يجلس قريبا للغاية منها : كاذبة .
عبست بضيق ودفعته بعيدا : أنا لا أمزح يا عمار .
ضحك بخفة ليهتف بمرح : وأنا الآخر لا أفعل ، أشاحت بعيدا عنه بدلال فأتبع بجدية – ثم ليس عليك الخجل يا موني ، أنت الآن زوجتي والجميع يعلم بهذا الأمر فتوقفي عن الشعور بالحرج .
رفت بعينيها ليهتف بها وهو يجذبها من كفها بمراضاة : هيا لنأكل ونشاهد زفافنا فالجزء الذي أحبه اقترب للغاية .
اتسعت ابتسامتها وعيناها ترتفع تلقائيا للشاشة العريضة لتومئ برأسها في طاعة وتستجيب إليه تجلس بجواره فيبدا بإطعامها كعادته منذ زواجهما ، يدللها بطريقته فيقشر إليها القشريات بأنواعها ويطعمها في فمها وسط ضحكاتهم وحديثهم على الزفاف إلى أن انقلبت ملامحها وهي تنظر إلى الفتاة التي ظهرت على الشاشة فتبتعد بعفوية عنه دون أن ينتبه ، عبس بتعجب حينما لم تجب حديثه ليلتفت اليها فيجدها عابسة تعقد ساعديها أمام صدرها وهي تتأمل ما يعرض أمامها فيلتفت بسرعة نحو الشاشة فيتمتم بسباب متتابع وخاصة حينما نهضت واقفة لتبتعد عنه فيسألها بجدية : أين تذهبين يا يمنى ؟!
تمتمت بهدوء : شبعت ، سأذهب لدورة المياه .
عبس بضيق وهو يسب أدهم بكل المسبات التي يعرفها في العالم فهو السبب الرئيسي خلف حضور السيدة بسمة التي بسببها كاد أن ينقلب حفل زفافه إلى ليلة سوداء فيمنى انقلب وجهها وكادت أن تحيل ليلته إلى جحيم حي حينما اقتربت بسمة تبارك لهما في نهاية الزفاف ، ورغم أنه أقسم إليها يومها أنه لم يدعوها ولا يدرك سبب قدومها إلا أن غيرتها أصمت أذنيها وخاصة مع طريقة بسمة المائعة والتي كاد أن يقتلها لأجلها .
لازال يذكر التوتر الذي اصابه بسبب صمت يمنى الغريب إلى نهاية الزفاف وامتد طوال طريقهما إلى المنزل والذي صحبه إليه عاصم دون زفة سيارات كالمعتاد ظنا من الجميع أنهما ذاهبان للمطار كما أوهم هو عائلتيهما ، هدوءها المريب والذي أثار ترقبه فكاد أن يفقد صبره وهو يودع عاصم الذي سأله عن جمود يمنى الواضح فلم يجد ما يخبره به سوى ما حدث بالفعل فاخبره عاصم حينها أن عليه مهادنتها .
حينها هز رأسه بتفهم وودع شقيقه ليسحب نفس عميقا وهو يتحرك بخطوات هادئة يتبعها إلى غرفة نومهما يربت على قلبه بأطراف أصابعه ويتحكم في روحه التي تصرخ صخبا لوجودها أخيرًا هنا ببيته .. بغرفة نومه .. بمملكته ، زفر ببطء وعيناه تقع عليها تدير ظهرها إليه بفستانها الأبيض الملكي وفخامة حضورها تروي ظمأ قلبه الملتاع سنين طويلة يبحث عن وجودها بجواره كح بخفة ليجلي حنجرته وهو يقترب منها فلم تستدير إليه ،رسم ابتسامة مرحة قبل أن يكتنف كتفيها بكفيه ويهمس بجانب رأسها : مبارك علي وجودك هنا .
تشنج جسدها برفض شعره جيدا فجف حلقه ليتابع وهو يتحكم في فورة مشاعره ويحكم عقله بينهما فلا يشير إلى ما حدث مدعيا عدم الفهم : ألن تبدلين ملابسك ؟! إذا أردت سأترك لك الغرفة كما تحبين .
لفت رأسها لتناظره بجانب عينها فيرفع رأسه بكبر طغى بنظراته لها فتوازيه كبرًا وهي تبتعد عنه قليلا لتقابله بوقفة شامخه والتحدي يدور بينهما ، شعر بخسارة وشيكة ستمنيه بها فتراجع بحركة جسده المتخشبة قبل أن يهتف : هلا تحدثنا قليلا قبل أن تبدلين ملابسك ، أشعر بأن هناك بعضا من النقاط لابد أن توضع فوق أحرف حياتنا ؟
لمعت عيناها بنظرات ساخرة أثارت ابتسامته المتلاعبة ليتابع بخفة : أصبحت أنظم الحديث مثلك من عاشر القوم ، أليس كذلك ؟
مطت شفتيها باستخفاف فشعر بحلقه يصبح صلدا .. جافا .. وعيناه تتعلقان بثغرها يريد الارتواء منها حد الشبع نفض رأسه بحركة خفيفة التقطتها بسهولة فلمعت ابتسامة منتصرة فوق شفتيها لتهمس أخيرًا : لا بأس فلنتحدث .
تنهيده خافتة عبرت شفتيه قبل أن يسألها بهدوء : هل أخلصك من طرحة الزفاف حتى تستطيعين الجلوس على راحتك .
أومأت براسها في هزة خفيفة ليقترب بترحيب يطل فوق رأسها بعد أن خلعت حذائها ذو الكعب العالي والذي كان يجعلها توازيه طولا فأصبح يشرف عليها ليفك دبوس طرحتها بسهولة فتنخلع عن خصلاتها التي انهمرت كشلال فوق كتفيها ، أغمض عينيه وكتم تنفسه حتى لا يغرق بعبير خصلاتها ، ابتعد إلى الخلف قليلا وناولها طرحتها بهدوء ليفضحه صوته الأجش وهو يهمس لها : تفضلي
ردت بثقة : أشكرك ، أشار لها بأن تتقدمه إلى الأريكة الجانبية لتتوقف وهي تشير بيدها - فقط أمر آخر .
نظر لها بتساؤل فأكملت : هلا ساعدتني في فك السحاب الخاص بتنورة الفستان ؟
جمدت ملامحه بذهول خيم عليه للحظات قبل أن يجيب بحشرجة : بالطبع .
أحنى عنقه قليلا قبل أن يجلس على ركبتيه خلفها ينظر إلى السحاب الخاص بتنورتها والمنفصل عن سحاب الفستان وهذا الدبوس الذي يشبكه بالجزء العلوي من فستانها ليشعر بالتعجب قبل أن يلامسه بأنامله فيفتح الدبوس ويليه بالسحاب فيتهدل الجزء المنقوش والمطرز بعيدا عن خصرها تاركا من خلفه تنوره أخرى من الستان الأبيض ترسم جسدها تفصيلا تحرك للخلف بسرعة قبل أن يسمح ليديه بملامستها وهو ينظر إلى جسدها الممشوق الملتف كأصبع الحلوى بورقته البيضاء اللامعة فيهوى قلبه وهو يسأل نفسه كيف سيصبر إلى أن ينتهيا من حديثهما سويا .
تحركت بخفة وهي تلملم أجزاء تنورتها المنفصلة تضعها جانبا لتتحرك ثانية وتجلس فوق الأريكة وهي تضع ساق فوق أخرى تنظر بتعجب إليه في جلسته الأرضية والتي لم ينهض منها قبل أن يسحب نفسا عميقا ثم يزفره ببطء لينهض واقفا يتخلص من رابطة عنقه وسترته يظل بسترته الثانية والتي تضم جسده بقوة فتظهر عضلاته بسخاء ، شمر كمي قميصه للخلف ليسألها بجدية : هل تشعرين بالعطش أو الجوع ؟
بللت شفتيها وهي ترمقه من بين رموشها وتهمس : لا شكرا لك .
صاح فجأة : أنا أشعر.
كتمت ضحكتها وظلت بملامح ساكنه رغم التماعها فوق شفتيها ليهمس بجدية وهو يستدير إليها يواجها ويقترب منها بهدوء : تشعرين بالتسلية على حسابي أليس كذلك ؟!
هزت كتفها العار بدلال قصدته : لا ولماذا أفعل ؟
زفر بقوة : أنت تعلمين لماذا ؟
رفعت نظرها إليه : أنا لم أفعل شيئا يا عمار ، أنا أريد تفسير وأنت تدرك جيدا أن هذا من حقي.
ومضت عيناه بلهيب حارق : أخبرتك بالتفسير الذي أملكه يا يمنى واقسمت إليك أني لم ادعوها وأن صداقتي بها انتهت وأن أدهم من أتى بها ولكنك لم تصدقينني .
جلس أمامها فوق ركبتيه ليهمس بصوت أبح متبعا وهو يحتضن كفيها براحتيه – منذ اقتران روحي بك وأنا لم أنظر لأخرى غيرك ، وأنت تدركين هذا جيدا ، وليس من المعقول أن تفسدي ليلة زفافنا لأجل شيء عابر لا دخل لي فيه .
حينها أجابته بضيق وعيناها تومض بغيرة حارقة : أنا أغار عليك وأنت تدرك هذا جيدا .
ابتسم بسعادة ليهمس إليها بلطف : أعلم وأنا الآخر احترق من الغيرة عليك ولكن أثق بك ، ألا تفعلي أنت ؟
تمتمت برقة : بالطبع أفعل يا عمار .
فيبتسم بوجهها هامسا بصوت اجش تائق : حسنا امنحيني فرصة الاقتراب.
رفعت أنفها بأنفة : لم ادفعك بعيدا .
تمتم وهو يكتنف كفيها يضغط عليهما بأصابعه بقوة : بل فعلت كثيرا وإلى الآن تفعلين ، صمتك وغضبك معناه أنك تدفعينني بعيدا .
نظرت إليه بجدية : كنت آخذ حقي منك لا أكثر حق قلبي الذي انتفض بغيرة عليك وتلك الشقراء تتمايع عليك.
أجابها بجدية : أنا أعتذر منك ولكن أنا لم أفعل شيئا يا موني ، ليتبع بنفاذ صبر – ثم ألم تكتفي يا يمنى ؟
ومضت عيناها قبل أن تسبل اهدابها وترد بمراوغة : الآن أنا ببيتك معك زوجتك ، ما معنى أن أكون اكتفيت أم لا ؟!
جذبها من كفيها إليه ليهمس أمام وجهها : يعني لي الكثير، احتضن وجهها براحتيه ليهمهم بأنفاس ساخنة : فأنا لن أقو على دفعك لي مرة أخرى وأنت زوجتي .
اعتقل نظراتها ليتبع بخفوت : أنت هنا بمملكتي .. ملكي .. خاصتي لا تملكين دفعي بعيدا وأن فعلت لن استجيب يا مليكتي .
ابتسمت بمكر لتهمس مثله : وأنا لن أفعل .
ومضت عيناه برغبة أحرقت ما تبقى من تعقله ليهتف بها وهو ينهض واقفا يجذبها إلى رحاب صدره : أخبريني بها ثانية .. ردديها على مسامعي .. أغدقيها فوق أذني حتى اكتفي .. اسمعيني إياها مرارا وتكرارا دون ملل .
فردت كفيها فوق صدره لتدفعه قليلا عنها وتهمس : ما هي ؟!
أحاط خصرها بذراعه ليضمها إليه أكثر يحيط وجنتها بكفه يرفع رأسها إليه ويهمس أمام شفتيها : أنك تحبينني .
ومضت عيناها بسحر خاص قيده لأسرها اكثر قبل أن تهمهم : وهل فعلت شيء لتستحق أن أغمرك بها .
جمدت ملامحه بضيق قبل أن يلتقط تلاعبها معه فيهتف بعصبية افتعلها: حسنا لا تفعلي واتركيني اشعر بها بنفسي .
همت بالرفض ولكنه لم يمهلها الفرصة فأحنى عنقه وباغتها بشفتيه التي امتلكت ثغرها في قبلة أودع بها كل جنونه .. عشقه .. شغفه .. وغرامه بها وهو يجذبها إليه يدفعها أن تسير معه وهو يغيب وعيها في قبلاته الكثيرة التي امهرها لثغرها الفاتن .
تململت وحاولت دفعه بعيدا ليطبق ذراعيه من حولها وكفيه يلامساها بشغف أفقدها قدراتها على رفضه أو دفعه ليوهن مقاومتها وهو يجبرها على الاستلقاء بفراشه وقبل أن تبتعد عن محيط وجوده كان يجذبها إليه ثانية يغرقها في لجة مشاعره التي ابتلعتها كاملة فاستكانت رغم عنها وهي تدعه يقودها في بحر لم يسبق لها خوضه أو السباحة به .. بحر فيه هو سلطانه .. ملكه .. سيده ، شعر بها تنصهر معه حينما تمسكت به فهدأها بكلمات خافته يهمس لها جوار أذنها ويرتب على جسدها الذي يشعله ببطء فتتأوه برقة ليزيدها وهو يحدثها عن شغفه بها .. يهمس لها بعشقه لها .. ويغازلها بجرأة لم تعترض عليها تأوهت مرة أخرى ناطقة باسمه وهو يصلها فيردد بنبرة مشتعلة ذائبة فيها : قولي اسمي يا حبيبتي فهو يكفيني اليوم .
همست برقة : عمار .
فيجيبها بخفوت شديد :اؤمري يا مليكتي .
رفت بعينيها ودون أن تنطقها ومضت بعينيها ليهمس بها وهو يلتحم معها يصيح باسمها ويعلن عن عشقه لها ، عشقه الذي دمغها به وهو يهتف بها بأنه يحبها.
انتفض واقفا وعقله ينصهر تحت وقع الذكرى فيتبعها على الفور ليقف على باب دورة المياه الخارجية المفتوح لتنظر إليه بتعجب وتسأله : تريد استعمال دورة المياه؟!
رمقها بعتاب : لا أتيت فقط لأطمئن عليك .
ابتسمت برقة : أنا بخير .
لوى شفتيه برفض وهو يعاتبها بعينيه فاتبعت بعدما زفرت بقوة وخرجت من دورة المياه – أنا لست غاضبة أنا فقط ، لا أطيق رؤيتها .
ضحك بخفة ليهتف وهو يجذبها إليه : أقسم لك بالله أن لم يجمعني بها شيئا لا بالماضي ولا بالحاضر .
مطت شفتيها لتغمغم بضيق : أعلم ولكنها شقراء يا عمار .
تعالت ضحكته ليهمهم بخفوت : لذا أنت مختلفة عن الجميع يا مونتي .
ابتسمت برقة لترفع ذراعيها تلفهما حول عنقه لتهمهم بخفوت : هلا راقصتني كيوم الزفاف ؟
ومضت عيناه بوميض أخضر زرعي ليهمهم بخفوت وهو يضمها إلى صدره : وهل أقوى على الرفض ؟
اقتربت منه اكثر لتهمس برقة : على نفس الأغنية ؟
أجاب بإنجليزية منغمة : على الدوام نفس الأغنية ، إنها أغنيتنا الخاصة يا موني .
***


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-09-20, 06:57 PM   #460

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

ينظر إلى هاتفه بضيق وهو يرمق الاتصال الذي يجريه للمرة الثالثة على التوالي فلا تجب شقيقته التي لا يقوى على الاطمئنان عليها من البارحة ،
يزفر بضيق ليداعب هاتفه بنزق قبل أن يهتف بضجر وضح بصوته وهو يسجل إليها رسالة صوتيه : موني مساء الخير يا حبيبتي ، أتمنى أن تهاتفينني حينما تتفرغين أريد أن اطمئن عليك فأنت من البارحة لا تجيبين اتصالاتي ،
أرسل رسالته ليتبع من بين أسنانه وهو يسجل إليها رسالة جديدة - اتصال مرئي يا موني أريد أن أراك وأطمئن عليك .
ألقى الهاتف من كله ليستلقي فوق فراشه بضيق ينظر إلى سقف غرفته وهو يشعر بالوحدة تطبق فوق أنفاسه ليلتقط هاتفه من جديد ويتصل بأخيه الذي أجابه على الفور هاتفًا بجدية : مرحبا يا عادل ، هل ماما بخير ؟
عبس عادل بضيق ليجيب بنزق : ما هذا الاستقبال يا أسعد ، هل هذا يعني أني لا اهاتفك إلا بخصوص ماما ؟!
تجهم أعتلى وجه أسعد ليجيبه بهدوء : لا أقصد بالطبع ولكن ماما انهت الحديث معي حالًا واتصالك القريب جعلني أتوقع حدوث شيء ما يخصها .
زفر عادل بضيق وهو ينهض واقفا : لا لم يحدث شيء فقط أردت أن أطمئن على موني هل هاتفتها اليوم ؟
عبس أسعد بتعجب : لا أخر مرة تحدثت معها أول البارحة ، لماذا هل حدث شيء ؟!
برم عادل شفتيه ليغمغم بضيق : أنا أتصل بها من البارحة لا تجب .
ذهول طفيف داعب ملامح أسعد الذي أجاب بعد برهة : هل تتصل بها يوميا ؟! صمت عادل لوهلة قبل أن يجيب : بل أكثر من مرة في اليوم .
أغمض أسعد عينيه بضيق ليهتف بحدة ؛ هل جننت يا عادل ؟ تهاتف شقيقتك العروس أكثر من مرة في اليوم ، هم بالحديث ليقاطعه أسعد بجدية - احترم نفسك يا عادل ولا تتصل بموني ثانية ، واحترم علاقة شقيقتك بزوجها ولا تتطفل عليهما هكذا.
غمغم عادل بضيق : فقط لا تهتف بكلمة زوجها وتثير ضيقي أكثر ثم إنه عمار يا أسعد ليس بغريب عنا .
هدر أسعد بضيق : وهل لأنه ليس بغريب عنا هذا يمنحك الحق أن تهاتف شقيقتك كثيرا هكذا ؟!
زم عادل شفتيه ليتابع أسعد بخفوت - لا تدفعني لحديث لا أريد أن أخوض به يا عادل ،
اكفهر وجه عادل بضيق ليغمغم بنزق : حسنا أنا ضائق لغيابها وأشعر بأنه اختطفها مني ماذا علي أن أفعل ؟
هز أسعد رأسه بيأس : تزوج وأرحنا يا أخي .
مط عادل شفتيه ليهمهم : ماما غير موافقة على عروسي ماذا افعل أنا ؟!
تمتم أسعد بصراحة : جميعنا غير موافقين ، زفر عادل بقوة فاتبع أسعد بمكر - أنت نفسك غير موافق يا عادل .
تمتم عادل بضجر : لا تبدأ يا أسعد .
تنفس اسعد بقوة وأثر الصمت فاكمل عادل باهتمام - ماذا كانت تريد ماما ؟
ابتسم أسعد ليهمهم بمرح : من الواضح أنها شعرت بضيقك فتعد الطعام لأجل أن ترفه عنك ودعتني للعشاء ولكني لم أمنحها جوابا شافيا فأنا لا أعلم ماذا ستفعل جنى ، منذ البارحة وهي ضائقة لأجل سفر مازن ولم تخبرني هل ستذهب إلى بيت والدها أم لا ؟
صمت عادل فسأله أسعد بمكر : هل تهاتفني تسألني المجيء لم تريد الاستفراد بلولا وطعامها بمفردك ؟
أغمض عادل عينيه ليهمس بمكر مرح : أخاف أن أكون متطفلا عليك أنت الآخر .
تبرم أسعد ليهمهم بضيق : غليظ ، سأرى جنى وإذ لم آت لكم الآن سأتي في الغد يا شقيق وسأوقظك من نومك .
ضحك عادل ليهتف بمرح : حسنا سأنتظرك سواء الليلة أو في الغد ، ستنير بيت الأمير يا حضرة القائد.
أغلق الهاتف مع أخيه ليقفز واقفا يخطو خارج غرفته يبحث عن والدته التي وجدها بالمطبخ تعد الطعام فيهتف بمرح مشاكس : هل لدينا وليمة اليوم يا أم أسعد ؟!
ابتسمت ليلى برقة لتعبس بضيق لوهلة قبل أن تجيب : أسعد من الواضح أنه لن يأتي ولكن لا يهم ، أنا أعد الطعام لأجلك ، تعال وتذوق طاجن اللحم وأخبرني هل ينقصه شيء .
دلف إلى المطبخ ليلتقط مريول المطبخ ليرتديه بأريحية هاتفًا : ما رأيك أن أساعدك اليوم يا لولا .
ضحكت ليلى لتجذبه إليها تضمه إلى صدرها فيضمها إليه باشتياق ولهفة هامسا : اشتقت إليك يا ماما .
رتبت على صدره لتهمس باختناق ودموعها تتجمع بعينيها : لا تغضب مني يا عادل ، أنا آسفة يا حبيبي ، وإذ كان أمر هذه الفتاة ..
زفرت بقوة لتصحح بهدوء مرغمة - السيدة سيبعدك عني أنا اعتذر لك وأخبرك أني موافقة أن ترتبط بها كما تريد ، فأنا كل ما يهمني سعادتك وراحة بالك يا بني.
ابتسم عادل بحنان ليضمها إلى صدره هامسا : انا لست غاضب ولا ضائق يا ماما ، أنا بخير لا تقلقي علي .
ابتسمت ليلى لتربت على وجنته هاتفة : حسنا حدد موعدا لنذهب و تخطبها رسميا .
ابتسم بخفة واسبل جفنيه : حاضر يا ماما فقط لدي بعض الأمور العالقة سأنتهي منها وسأرتب موعدا بإذن الله ، صمت لوهلة قبل أن يتبع بغموض كسى ملامحه - أو لعل يحدث في الأمور أمور والغي الامر برمته .
ومضت عينا ليلى باهتمام فيشيح هو بعيدا قبل أن يهتف : أخبريني ماذا تعدين الليلة أيضاً ؟
ابتسمت ليلى وأثرت عدم السؤال لتمنحه وقته كاملًا ليبوح من نفسه كما أخبرها أمير مرارًا فهتفت بمرح : ستساعدني حقا ؟!!
غمز بعينه ليجيبها : أينعم هيا فقط أخبريني ماذا ستعدين أيضًا؟
ضحكت ليلى وربتت على كتفه : تستطيع تقطيع السلاطة وتذوق طاجن اللحم فأنا انتهيت بالفعل، وسأعد القهوة هل تحتسيها معي ؟
حمل وعاء الخضراوات البلاستيكي ليتبعها لصالة البيت وهو يهتف بها بعدما خلع مريول المطبخ : حسنا سأقطع السلاطة بجوارك وأنت تعدين القهوة يا لولا .
هتفت ليلى بجدية : حسنا ولكن احترس لمفرش الطاولة وأدر الراديو على المحطة التي تذيع الأغاني القديمة لنستمع الى بعض الأغاني .
هتف بمرح : مزاجك رائق الليلة يا لولا .
ابتسمت ليلى التي جلست ووضعت عدة القهوة أمامها لتتنهد بقوة هامسة بخفة : لأن مزاجك رائق يا حبيبي ، ابتسمت لتضمه إلى صدرها بعدما جلس بجوارها - ولد يا عادل تزوج معي أنا لا أقوى خ على فراقك .
ضحك بخفة ليهتف بمرح وهو يغمرها باحتضانه القوي بعدما كانت تحتضنه : ومن قال أني سأتركك يا لولا يا جميلة ، أنا سأظل ملتصقا بك يا ماما إلى الأبد .
ضحكت ليلى لتدفعه بنزق مرح : كاذب حينما تتزوج ستلتصق بزوجتك كما فعل أخوك .
جلجلت ضحكة عادل ليهتف بها : تغارين يا لولا .
ابتسمت ليلى لتهمس بصدق : يكفيني أن تكونوا سعداء يا بني
تنهد بقوة وهمس بعدما قبل رأسها : نحن سعداء بسبب دعاءك لنا يا ماما .
تمتمت ليلى : حفظكم الله وبارك لي فيكم يا حبيبي
***
تحرك نحو غرفة نومه يبحث عنها بعد اختفاءها الغريب والذي أثار قلقه عليها ان تكون باكية أو حزينة لأجل سفر شقيقها ليعبس بعدم فهم وهو ينظر إليها داخل غرفة الملابس ترتدي ملابسها فيسأل باهتمام : ترتدين ملابسك ؟
ابتسمت برقة : الن نذهب لوالدتك ؟ توقعت أننا سنذهب إليها من حديثك معها في الهاتف .
ابتسم بلطف ليسألها : إذًا لن تذهبين لمازن ؟
هزت رأسها نافية : لا ، اليوم يقضي ليلته مع أدهم وعلي سأمر عليهم في الغد واقضي معهم اليوم بأكمله إذ لم يكن لديك مانع .
هز رأسه نافيا : ليس لدي أي مانع سأوصلك بنفسي لهم إن شاء الله .
ابتسمت برقة فأدار عيناه عليها بتمهل ينظر إلى طاقمها الرسمي الذي ترتديه ليرف جفنه سريعا وهو ينظر إلى قدميها البضتين بلونها الأبيض الشاحب مزينتين في حذاء كعبه عريض عال بلون ذهبي لامع يلجم كاحليها بسوار ذهبي ملفوف من حولهما فيجعلهما بهجة للنظر همس بصوت أبح وهو يهمهم قريبا منها يحتل خصرها بكفيه يقربها منه فتصبح رأسها موازية لكتفه فيقدم جملته على قبلته التي مست شحمة أذنها : هل ستخرجين بهذا الحذاء ؟!
عبست بتعجب وهي تلتفت إليه بتساؤل قبل أن ترفع إحدى قدميها تنظر الى حذائها : ما باله حذائي ؟
مط شفتيه ليهمهم بجدية ارتسمت بملامحه رغم تراقص عينيه بتسلية : أرى أنه يناسب قميص نومك البني الذي كنت سترتدينه البارحة ثم عدلت من رأيك ، أكثر من طاقمك الرسمي الذي ترتدينه الآن يا جنتي .
رجف جسدها لتهمهم بصوت أبح والتعجب يزين هامتها : كيف عرفت ؟!
افتر ثغره عن تلاعب شقي : رأيتك البارحة وكدت أن اقتحم غرفة الملابس عليك ولكني أثرت الانتظار فعدلت عن خطة الاقتحام وجلست بالفراش لانتظر قدومك إلي ، أتبع بتمهل وهو يعاتبها بنظراته - لتتفاجئيني بالخروج وأنت ترتدين تلك المنامة الستانية بلونها الأزرق الغامق .
احتقن وجهها لتخفض نظراتها بحرج لتهمس بخفوت : القميص كان عاريا للغاية شعرت بالحرج أن أخرج به هكذا .
همس بتفكه وهو يحك ذقنه النابتة بشعيرات قصيرة يتركها ولا يقوم بحلاقتها طوال فترة إجازته بعدما أخبرته ذات مرة أنها أحبت ملامحه أكثر حينما حددتها ذقنه وهو بغيبوبته : أرتدي عليه المرة القادمة إسدال الصلاة وأنا سأخصلك منه بنفسي .
ابتسمت رغم عنها بخجل لتهمهم وهي تفرد كفيها على صدره تهمس بدلال طفولي : توقف يا أسعد .
تنهد بقوة وهو يضمها إليه يقبل جبينها بحنان : ارتدي حذاء أخر يا جنى واتركي هذا الحذاء لي بمفردي .
عبست بعدم فهم لتنظر إلى قدميها ثانية قبل أن ترفع نظرها إليه فيحتقن وجهها بقوة وهي تلتقط نظراته التائقة فتبتسم بارتعاش ألّم بحواسها وقلبها يرجف بخفقات هائمة فيه لتهمس بخفوت : أعتقد أننا نستطيع أن نعتذر عن الحضور أليس كذلك ؟
رفع حاجباه بدهشة ليهمهم بجدية : نعم نقوى على ذلك بالطبع ، فأنا لم اؤكد على ماما الذهاب من الأساس .
ابتسمت برقه لتشد جسدها للأعلى قليلا لتقبل وجنته بخفه : هذا أكثر من جيد .
عبس بتساؤل لتهمس متبعة- انتظرني قليلا
لتكمل وهي تتحرك مبتعدة عنه بخطوات مدللة وجسد يتمايل بحركات شعر بأنها مقصودة : أعتقد أنك لا تحتاج لخطة اقتحام ولا أنا احتاج لإسدال الصلاة .
اتبعت وهي تختفي خلف باب غرفة الملابس : فقط هدا الإضاءة قليلا .
اتسعت عيناه بادراك لحظي ليبتسم بمكر شع من حدقتيه اللتين ومضتا بتوق وشغف احتل أضلعه ليتنفس بلهاث قوي وهو يحاول أن يتخيل مظهرها بعين خياله ليعود للخلف يجلس على حافة الفراش يطبع بطريقة سريعة اعتذر بكلمات قليلة لأخيه يخبره أنهما لن يحضرا عشاء اليوم ، قبل أن يغلق هاتفه ويميل بجسده للخلف ليضعه بإهمال فوق طرف الكومود القريب من مكان نومه
سقط الهاتف من يده حينما التقطتا عيناه خروجها تخطو على استحياء نحوه فيتحشرج حلقه وهو ينسى أمر هاتفه ليعتدل جسده ببطء وعيناه لا تقوى عن الابتعاد عنها لتقترب كثيرا منه قبل أن تتوقف فتمنحه حرية النظر لها من قدميها المزينتين بالحذاء .. ساقيها البيضاء العارية لمنتصف فخذيها الذي يحدهما القماش الستاني بلونه البني اللامع فيضفي بريقا محببا فوق بشرتها الشاحبة .. ضيق فيحدد جسدها ويظهر مفاتنها من بين فتحته الواسعة التي أظهرت جسدها بسخاء وخاصة مع حمالتيه الرفيعتين ليهمس بصوت أجش آمر : استديري يا جنى
كتم تنفسه وهو يتطلع إلى ظهر القميص الخالي من القماش فاظهر ظهرها بأكمله ما عدا الحمالتين اللتين تعمدتا من خلف لتنتهيا مشبوكة في الجزء السفلي من القماش والذي رسم تفاصيلها وبالكاد أخفاها بقماشه اللامع الضيق .
انتفض واقفا ليصل اليها بخطوتين قبل أن ينحني فيحملها بين ذراعيه فتشهق بخفة قبل أن تتعلق برقبته هامسه بعتاب : أسعد اخفتني .
همهم بكلمات سريعة : لا تخاف ابدًا وأنت معي .
ابتسمت واخفضت عيناها وهي تشعر بهدير قلبه الصاخب وأنفاسه اللاهثة لتهمس بتعجب وهو يتحرك مغادرا غرفتهما : إلى أين ستذهب بي ؟!
همس وهو يبتسم بمكر أضاء عينيه : أحتاج لمزاولة الكثير من التمارين الرياضية اليوم واحتاج لتشاركيني بها .
ضحكت برقة رغما عنها لتهمس بخفوت : فقط لا تنس أننا في طور المحاولة .
ابتسم إليها ليمنحها الأمان بنظراته التي تعلقت بملامحها : لن لن أنسى أبدًا سأظل احاول وأحاول بإصرار إلى أن تظهر الرؤية واضحة يا حبيبتي .
تعلقت برقبته اكثر لتقبل جانب فكه هامسة بصوت أبح : لا أنكر أني أحب إصرارك بل وأعشقه ايضًا .
تنفس بعمق وهو يضعها فوق أريكة عريضة ضمها إلى غرفته لتمنحها مجلسا حينما تريد أن تراقبه في أوقات تمارينه التي يداوم عليها في وقت وجوده بالمنزل .. أريكة جمعته بها كثيرا حينما ينشغل عن اداء التمارين بها فيوفر مجهوده العضلي كله لأجلها ويقضي وقته كاملا معها ليهمس بخفوت : كم مرة أخبرتك اليوم أني أحبك يا جنتي ؟
عبست بعدم رضا : ليس كثيرا
شد جسده من فوقها ليهمس باستياء مفتعل : من الواضح أني مقصر للغاية ، سأعاقب نفسي بأداء مائة ضغط اعوضك بها .
كتمت ضحكتها لتهمس بجدية افتعلتها وهي تنظر إليه يخلع قميصه الأبيض يشرف عليها بجسده ركبتيه تحاوطان خصرها وهي نائمة أسفله بدلال وتنظر إليه بعشق يحتل حواسها : أي نوع من الضغط يا ترى ؟!
ضحك بخفة ليجيبها وهو يركن قبضتيه بجانب كتفيها يفرد جسده من فوقها ليهمهم بجدية : ما ستختارينه أنت سأنفذه أنا هيا ابدأي بالعد .
ضحكت بخفة لتهمس واحد فيقترب منها مقتنصًا شفتيها بقبلة سريعة ليهمهم : أحبك .
توردتا وجنتاها لتهمس ثانية حينما ابتعد : اثنين .
ليعاود الاقتراب .. التقبيل .. الهمس قبل أن يبتعد لتتابع العد لتهمس في العدة العاشرة وعيناها تغيم بعاطفة قوية التقطها بسرعة : اشتقت إليك يا أسعد .
فيقفز جالسا يحمل وزن جسده لركبتيه ليهمهم وهو يبدا باكتشاف مواطن أنوثتها : وأسعد يذوب شوقا يا جنة أسعد ووطنه.
***
تحركت بإنهاك إلى غرفة نومها بعدما حصلت على حمام سريع تزيل به إرهاق اليوم بأكمله ، مستغلة نوم أطفالها أخيرًا بعد ساعات طويلة من الصراخ والبكاء ورغم وجود مربية معها إلا أن الثلاث سويا متطلباتهم أكبر من مجهودهما سويا ، خطت إلى الفراش وهي شبه مخدرة عقلها غائب في نوم تحتاجه وتستحقه لتهمهم حينما وجدته جالسا فوق الفراش يتطلع إلى شيء ما على جهازه اللوحي : لازلت مستيقظا يا أحمد ظننتك نمت..
ابتسم بلطف وهو يراقبها بتروي من أخمص قدميها المخفيتان في خف منزلي رقيق أرضي .. ساقيها عاريتان إلى ما قبل ركبتيها المخفيتان خلف قميص نوم قطني واسع .. يشفع له أنه ذو صدر مدور مفتوح وبدون أكمام .. مط شفتيه بإحباط وهو ينظر إلى ملامح وجهها المرهقة والخالية من أي زينة ليعبس برفض واضح وهو ينظر إلى خصلاتها المعقوصة فوق رأسها بطريقة لم يراها من قبل.
فغمغم بهدوء وهو يتأمل جلوسها في الفراش : فكرت أن انتظرك قليلا .
حركت رقبتها بإنهاك لتهمس بخفوت وهي تفك عقدة شعرها فيتنفس بحبور وهو يراقب خصلاتها بلون الشيكولاته الغامقة الناعمة تنساب على ظهرها : أنا متعبة وأريد أن أنام .
تحرك بخفة ليجلس فوق ركبتيه قريبا منها يلامس كتفيها المتشنجين : ما رأيك أن امسد إليك كتفاك .
قارن قوله بفعله وانامله تمسد أخر عنقها من الخلف بعدما أبعد خصلاتها على كتف واحد فتتأوه برقة وهي تحرك كتفيها باستمتاع واسترخاء بدأ يداعب اطرافها ولكنه سرعان ما اختفى وعقلها يستيقظ على شفتيه اللتين بدأتا في نثر قبلاته الملهوفة فوق مؤخرة عنقها كتفها الذي أصبح عاريا بعدما باعد حمالة قميصها العريضة فتهمس بعدم فهم : ماذا تفعل يا أحمد ؟!
شهقت بخفة وذراعه تلتف حول خصرها ليجذبها إلى صدره يلفها قليلا فتواجهه بنصف استدارة ليهمس وهو مستمر في تقبيلها : أزيل عنك تعب النهار بأكمله ، فقط امنحيني فرصة فأنا اشتقت إليك كثيرا يا أميرتي .
رفت بعينيها تقاوم النعاس الذي يخيم على رأسها : وأنا الأخرى ولكن .
مال بها وهو يطبع قبلاته العميقة فوق جسدها ليقاطعها هامسا : لا ، الليلة ليس هناك لكن ، فأنا اشتقتك للغاية .
ابتسمت برقة لتهمس بصدق أمام عيناه : أنا نائمة بالفعل .
ابتسم بمكر ليغمز لها بطرف عينه : سأوقظك لا تقلقي .
ضحكت بخفة وهزت كتفيها باستسلام فيستلقي بجوارها يضمها إلى صدره وينغمس بها .. يخبرها بشوقه الذي عبأ أنفاسه .. ويشعرها بتوقه الذي سيطر على لمساته فتستجب إليه بعد قليل وهي تشعر بشوقها إليه يسيطر على حواسه طاردًا أي شعور أخر سواه ، هام بها وحينما هم بوصالها ارتفع صوت ولده المزعج ببكاء قوي ايقظ ابنته التي بكت بانزعاج واضح لتهتف هي وكل حواسها تستنفر لأجل أطفالها : فارس استيقظ وأيقظ تارا معه .
أغمض عينيه وحاول أن يتجاهل البكاء المدوي وهو يدفن أنفه بعنقها من جديد : سيصمتا الآن
دفعته بكتفه ليبتعد عنها وهي تنظر إليه بعتاب جلي فيزفر بقوة ينظر إلى عيناها بضيق قبل أن يستلقي على الفراش بغضب تشنج إليه جسده وهو يهمهم بسبه ما اختص بها ولده بينما قفزت واقفة لتهرع بخطواتها إلى الغرفة وهي تهتف به : هلا أتيت وساعدتني واسكت تارا .
مط شفتيه برفض طفولي سرعان ما تخلص منه وهو يستمع إلى صوت فتاته التي بدأت في بكاء حاد مطالبة بالدلال والاعتناء فيقفز من الفراش بدوره ويهرع إلى ابنته التي صمتت حينما حملها بين ذراعيه ليهتف بضيق وهو يحمل معه بعض من اشياء الفتاة : سأصحب ابنتي وننام بالغرفة الثانية ، اعتني بولدك على راحتك .
استدارت إليه بتعجب وهي تحاول إسكات فارس الذي لازال يبكي فتحاول إمداده بزجاجة الحليب لعله يرضع ويصمت : أصبح الآن ولدي وابنتك .
تمتم بضيق : نعم لأنك تفضليه علي يا أميرة ، منذ أن انجبته ، هذا الولد بالذات دون عن سليمان وتارا .
أطبقت فكيها بضيق لتهتف بغل : نعم لا أنكر أنه يستنزفني كليًا أتعلم لماذا ؟!
استدار إليها بعدما هم بمغادرة الغرفة : لأنه يشبهك للغاية يا أحمد ، متطلبا ولا يقبل بقول لا أبدًا .
هدر بخفوت وضيقه يتحكم به : أخبرتك أن آت لهم بمربية مقيمة تقضي معهم الليل بل اثنان ، لأجلهما ولننقل الغرفة بعيدا عن غرفتنا ليكون للمربية مكان للمبيت ولكنك رفضت .
وضعت ابنها الذي سكن ونام في حضنها دون أن يرضع حتى لتجيبه بحدة : لأنك أردت نقل الولدين فقط يا أحمد على أن تفرغ الغرفة لتارا وتأتي لها بمربية خاصة بها وولداي يذهبان بعيدا في الغرفة البعيدة وأترك شئونهما للمربية وأنا لن أفعل ذلك ، أنا أريد الاعتناء بهم جميعا .. تربيتهم جميعًا .. والسهر بجوارهم جميعًا .
أتبعت بغصة قوية : لا أفرق بينهم ، أحب ولداي كابنتي الحبيبة .
هدر بضيق : أنا لا أفرق بينهم ،
رفعت حاجبها باعتراض لتهمس : حسنا أترك تارا في فراشها فلقد غفت من جديد واذهب للغرفة الثانية لتخلد إلى النوم دون ازعاج .
اتسعت عيناه بغضب : أنت تطردينني يا أميرة .
ضحكت هازئة لتقترب منه بخفة تواجهه بجدية : توقف عن هذا الأسلوب يا أحمد ، أنت من أعربت عن رغبتك في الابتعاد وعدم تقديم المساعدة وأن ولداي يزعجانك .
تمتم بضيق : لا تنكري أنهما مزعجين يا أميرة ، أنا أساعدك منذ أن انجبتهم ولكن .. صمت وزفر بقوة ليتبع - أنت تهملينني كثيرا وأنا صبري قارب على النفاذ .
رمشت بعينيها لتهمس باختناق : رغمًا عني وأنت تعلم .
هدر بضيق وهو يخطو خارج غرفة الأطفال : أعلم وأدرك ولكن طاقتي في الصبر أصبحت شبه معدومة ، أنا لم التقي بك منذ ثلاثة أشهر كاملة ، بل أكثر من ذلك ، أنا مدرك لكل شيء ولكن هل من حل آخر سوى المربية لأيام محددة وليس يوميا ، مثلما استعنت بها يوم زفاف عمار .
أخفضت رأسها وهي تقف بمنتصف غرفتهما ليكمل وهو يقترب منها : أتذكرين ليلتها لقد وعدتني وحينما عدنا ابنك ال..
صمت حتى لا يسبه قبل أن يكمل بضجر - بكى وبدلًا من أن تتركي أمره للمربية التي كانت سترضعه وتنيمه كما فعلت حضرتك الآن ، ظللت معه إلى أن خلدت أنا للنوم .
لوت شفتيها بضيق وهي تشعر بالندم يحتلها تتذكر كيف غازلها تلك الليلة وأخبرها بصراحة عن مدى شوقه لها .. كيف كانت تسيطر على كفه القريبة منها وهما عائدان طوال الطريق وكيف هي الأخرى شعرت بانها اشتاقت إليه وكيف رغبته فوعدته بدلال أنها ستعوضه عن ليالي كثيرة عانا فيها حرمان لتنشغل بفارس حينما وصلا ووجدته يبكي فظلت معه إلى أن عادت إلى غرفتهما فوجدته نائما بإحباط مرسوم على وجهه.
تنهدت بقوة واقتربت منه بتؤدة لتستطيل فوق أصابعها تقبل وجنته برقة : آسفة يا أحمد لا تغضب .
تنهد بقوة ليحتضنها بشوق لم يستطع التحكم به أو ردعه ليقبل جبينها : أنا الآخر اعتذر منك لأني صحت بوجهك . ابتسمت برقة : لا عليك يا حبيبي .
تنفس بعمق قبل أن يلتهم شفتيها في قبلة تائقة ليهمهم من بين ثغرها المنفرج بلهاث قليلا : هل أكمل ما بدأت أم ستركضين لأجل أحدهم من جديد .
تمتمت بخفة : هذا ليس بيدي وأنت تعلم .
تسارعت أنفاسه ليدفعها معه نحو الفراش : حسنا حتى لا أعاني إحباط مزمن إذا بكى أحدهم ، لنسلك طريقا مختصر فأنا مت شوقا يا أميرة .
ضحكت رغمًا عنها وهو يلقيها بلطف فوق الفراش لينضم إليها سريعا فتهمس له قبل أن يتوحد معها : أنا الأخرى اشتقت إليك يا أحمد .
***
ضم أدهم شفتيه لينظر إلى وجهيهما ليهمهم بضيق وهو يربت على رأس وسيم الرابض تحت ساقيه : وحدوووه.
هتفا بعفوية معًا : لا إله الا الله .
ليكمل هو بضيق : محمد رسول الله ، اسمعا أنتما الاثنان أتيت بكما لنمضي الليلة سويا في غياب تامي وبابي ، ولكن اذا ستبقيان بوجهيكما الفقري هذا ، انصرفا أفضل .
عبس علي بضيق بينما ابتسم مازن ساخرا قبل أن يهمهم : أين هما بالمناسب ؟ ولماذا تركاك من الأصل ؟
لوى أدهم شفتيه بضيق : يقضيان ليلتهما في القصر ، ولا أدري السبب .
أجاب علي وهو ينظر بعيدا : لا تدري السبب ، أنه واضح جدا خالو قرر أن يكدر ليالي عاصم ويطبق فوق أنفاسه ، استدار مازن إليه يرمقه بتعجب رسم على وجه أدهم وازداد حينما هتف علي متبعا - أنهم عائلة لا تترك أحد مرتاح وبحاله ، لابد أن يكدرون سماء صفوه و يجثمون فوق أنفاسه .
بالكاد استطاع أدهم كتمان ضحكته ليهتف مازن بجدية : ما الأمر يا علي ؟ هل عمتو ضايقتك من جديد ؟
أشاح علي برأسه بعيدا مهمهما : وهل استطعت الخلاص من تأثيرها القديم ؟
زفر مازن بقوة ليهمهم : هون على نفسك يا علي واصبر قليلا عمتو لن يهون عليها غضبك وفي الأخير ستمتثل لرغبتك .
غمغم بصوت مختنق : لا فائدة فالأمر انتهى لعلها تستكين الآن وتهدأ .
عبس مازن بعدم فهم ليهتف ادهم باهتمام : ماذا تقصد بأن الأمر انتهى يا علي ؟!
اكفهر وجه علي ليجيب باختناق : مي انفصلت عني ، هم مازن بسؤاله ليتبع مقاطعا - وأرجوكم لا أريد الحديث الآن .
تبادلا النظرات ليما ادهم بتفهم فيغمغم مازن : حسنا على راحتك المهم أن تهون على نفسك
أومأ علي برأسه قبل أن يهتف بمازن : أخبرني متى ستسافر ؟
رف بعينيه : في غضون أيام ،
ابتسم أدهم : خطوة جيدة يا دكتور أنا معجب بها رغم أننا سنشتاق إليك يا مزون ، ولكن لا يهم سنتماسك ، لأن الهام في الأمر أن تكن بخير لذا اعتني بنفسك .
أومأ مازن بابتسامة ساخرة فهتف علي : هل صالحت جنى ؟
تنهد مازن بقوة : نعم ذهبت إليها البارحة وتحدثت معها كثيرا وتفهمت الأمر رغم محاولتها لإقناعي بالعدول عن الفكرة ولكن في الأخير امتثلت لرغبتي وودعتني ببكاء حاولت السيطرة عليه ولكنها فشلت .
رمقه علي مليًا ليساله باهتمام : ومس لمياء يا مازن ؟!!
غامت عيناه بدموع كثيفة فلم يجب لثواني كثيرة كسر صمتها في الأخير حينما همس : تعد لي حقائبي رغم حزنها الذي يغرقها .
همس علي باختناق ناصحًا : لا تغادر دون أن تصالحها .
تنفس مازن بعمق ليغمغم بصوت أبح : أريد أن افعل ولكني .. صمت ليتبع بعد وهلة ببوح صدمهم - أنا خائف.
همس أدهم سريعا : مما ؟!
تنهد بقوة ليجيب ودمعه خائنة تنساب من جانب عينه : خائف من التعلق !!
ردد أدهم وهو يضيق عينيه بتفكير : التعلق ؟!! أومأ مازن برأسه فاتبع أدهم – أي تعلق يا مازن ، أنها زوجة أبيك في مقام والدتك الأمر مختلف .
اسبل مازن جفناه : نعم أعلم .. لقد رددت على عقلي هذا الحديث كثيرا يا أدهم ، ولكن هناك شيء يكبلني ، أنا اعتدت على فقد .. بل أنا نشأت في الفقد ، غام صوته ليتبع ببوح - فقدت أمي دون أن أراها .
اختنق حلقه ودموعه تنساب ببطء على وجنتيه فتصلب جسد أدهم وتحرك علي مقتربا فأشار إليه أدهم إلا يقترب منه فيمنحاه وقته كاملا ليبوح بما يؤرق روحه وخاصة وهو ملتزم الصمت منذ وقوعه فاكمل بعد لحظات : لم اتنعم بحضنها .. ولم أسمع صوتها .. ولم أشعر بحنانها ، ورغم اعتناء عمتو بي بل الجميع اعتنى بي ، وجنى التي أغرقتني من فيض حنانها ، إلا أن كبرت ناقصا وفاقدا لشعور هام عقلي بنفسه لم يستطع تخيله ، حتى تلك اللحظات التي كانت تمنحها لي لمياء منذ صغري كانت تؤثر بي ورغم قصرها تعلقت بها ، تعلقت بمدرستي التي احتضنتني ووضعتها في أحلامي وجسدت صورة أمي من خلالها .
ارتعش فكه ببكاء يكتمه بعمق روحه : كنت اخلط أحلامي بواقعي حكايات جنى وبابا عن ماما وافعال لميا وامزجهما سويا لأحصل على تجسيد كامل لهذا اللفظ الذي حرمت منه طوال عمري، ولكن كان هناك جزء مني بداخلي يعلم ان كل هذا ليس حقيقيا ، وأني سأظل أعاني الحرمان إلى أن تحقق جزء من أحلامي وفي تدبير غريب من القدر تزوج بابا من الوحيدة التي كانت تمثل معنى الأمومة في خيالي ، زفر بحرقة متبعا – ومن الواضح أن في حين غفلة اقنعت عقلي أن كل أمنياتي ستتحقق فتركت لنفسي العنان وغرقت بأحلامي التي اعصبت عيناي وأوهمتني أني سأرتبط بالفتاة الوحيدة التي تعلقت بها منذ الصغر ، ألم يرزقني الله بمن تمنيت أن تكون مكان أمي ، لماذا لن يمنحني من امتلكت خفقاتي ،
صمت كثيرا حتى توقعا أنه لن يكمل بوحه ليكمل بصوت حمل مدى ألمه وهو يكمل – رغم تيقني أنها لا تبادلني مشاعري .. رغم معرفتي بأنها لا تحبني .. ورغم رفضها المستمر لي ، كنت مغيبا .. تائها .. وغارقا في مشاعري التي تخصني بمفردي.. انسابت دموعه أكثر ليضحك من بينها ساخرا وهو يتبع – كنت واثقا من جيناتي التي من الواضح لا أملك أياً منها ، فآل الجمال يحصلون على ما يريدونه دوما وأنا لم أفعل .
أتبع وهو ينظر إليهما هامسا باستهزاء جلي بعدما مسح وجنتيه بكفيه في قسوة ومضت بعينيه : على ما يبدو أنا لست جماليا .
أشاح علي بعينيه بعيدا يخفي عنه دموعه التي انسابت رغما عنه وهو يستمع إليه ليكح أدهم مجليا حلقه يتمسك بتصلب ملامحه الجامدة ليهتف بصوت قوي وهو ينتقل ليجلس بجوار مازن ينظر لعمق عينيه : بل أنت جمالي اصيل ولكن تحتاج أن تنفض الأوهام عن اجنحتك يا مازن ، أكمل وهو يضغط على كف مازن بدعم – وهاك أنت بدأت يا مازن ولكن لا تخلط الأمور ببعضها، لا تدع فقدك لحلم ارتباطك بخديجة يؤثر على علاقتك بمسز لميا التي تعدك كولدها ، السيدة كانت حزينة عليك كأنك بالفعل ابنها يا مازن .
انتفضت ملامح مازن برفض عندما ذكر أدهم اسمها ولكن أدهم لم يتراجع بل أكمل حديثه بجدية وهو يرمقه بنصح ودعم فيهمس مازن باختناق : أعلم يا أدهم أعلم وأدرك وأشعر ولكن اخاف أن اتعلق أكثر فافقدها بعدما اتعلق أكثر ، وأنا لا أحتمل فقدا آخرا يا أدهم .
زمجر أدهم بعدم رضا وهو يقفز واقفا : ما حدث مع خديجة ليس فقدا يا مازن ، فخديجة من الأصل لم تكن لك .
هدر علي وهو يراقب انتفاضة مازن فينتقل قريبا منه : اهدأ يا أدهم ، لم نأتي لنتحدث فيما مضى ، مازن يدر ذلك جيدا ، أليس كذلك يا مازن ؟
رف مازن بعينيه فأكمل علي : مسز لمياء لا تستحق أن تحزنها يا مازن تحدث معها وهي ستتفهم أنا متأكد .
تمتم مازن بحزن : هي متفهمة يا علي ولكنها ..
ابتسم علي ساخرا : ولكنها أم ، تريد صالحك ولكنها تخاف عليك وتريد أن تسعدك بكل ما أوتيت من قوة فتحيا في صراعها الخاص بين عقلها وقلبها وروحها وينعكس كل هذا في غضبها الصامت كماما .. أو حزنها الصامت كمسز لمياء .
رف مازن بعينيه ليومئ برأسه موافقا ليسال علي باهتمام : بالمناسبة يا أدهم ، لم تخبرنا عن تامي كيف ينعكس صراعها الخاص عليك ؟!!
مط أدهم شفتيه مفكرا : لا أعلم للان ولكن أستطيع التخيل إذ كان غضبها ركيك وليس عميق ستزأر في وجهي تعلن عن انفعالها بقوة وحدة وشموخ وهذا ليس مقلقا .
انتبها الاثنان ليكمل ادهم بهدوء : أما إذا كان الصمت إحدى صفات الانعكاس علي القلق وبقوة أيضاً فماما حينما تصمت عليك أن تتوقع الاسوء ، أتبع بضحكة ماكرة – فسيادة الوزير بنفسه ينتابه القلق حينما تصمت الحورية وعندما تتجنبه يبدأ في الدوران حول نفسه ويقبل على مصالحتها على الفور حينما تتجاهله بشكل واضح فيعلن استسلامه دون عناد لأنه حينما يعاند يخسر كثيرا .
ضحكا الاثنان رغما عنهما ليكمل هو ببساطة : وأنا تعلمت منه أن لا أتركها لتصل إلى المرحلة الأخيرة واقتنص فرصتي معها من المرحلة الثانية فتكن هدأت ثورتها ولم تبدأ في وضع خطتها بعد .
هز مازن رأسه بيأس ليضحك علي بخفة هاتفا بعفوية : أتعلم أنا أعشق والدتك يا أدهم .
عبس أدهم بغيرة ليكتم مازن ضحكته ويلكز علي الذي أتبع شارحا – لا أقصد المعنى الحرفي يا أدهم ولكن دوما كانت تروقني بأسلوب تعاملها مع الجميع فرغم أنها مرحة وشقية ولا تبدو أبدًا في هيئة الأم التي اعتدنا عليها إلا أنها صلبة حين الأمور الجادة ، ابتسم ليكمل بضحكة خافتة كتمها بداخله – أما تعاملها مع خالو رهيب ، دوما كنت أشعر بأنها تمسك خيوطه كاملة حتى وإن كانت تدعي العكس ، والدتك الايدول النسائي بالنسبة لي .
رمقه أدهم مليا دون صوت ليهمهم بجدية : أتعلم يا علي حديثك هذا أجابني عن سؤال كان يضج مضجع عقلي دوما ؟! نظر إليه علي بتساؤل فأكمل أدهم بهدوء – ما سر اختيارك لمي أو انجذابك إليها ؟! بعد حديثك عن أمي تفهمت .
عبس علي ليهتف بسرعة : لا بالطبع لا مي لاتشبه تامي .
ابتسم أدهم ساخرا : إذًا أنت لا تعرف تامي .
ضيق علي عينيه ليؤثر الصمت قليلا قبل أن يهمس بصوت أجش : لا فائدة من الحديث الآن فالأمر انتهى .
ساله مازن : تحدث إليها يا علي إذ كنت تريدها ولا تكابر .
أخفض علي رأسه ليجيبه : حاولت ولكنها رافضة .
اتسعت عينا مازن بصدمة ليهتف أدهم بجدية : لا أفهم يا علي هل معنى حديثك أن مي تركتك؟ اوما علي رأسه بالإيجاب ليسأله أدهم سريعا – كيف ؟ ولماذا ؟
ابتسم علي ساخرا : كما تركتك مريم ؟ رمقه أدهم بمفاجأة ليكمل علي – أولم تفعل مريم يا أدهم بسبب رقصك مع تلك السيدة في زفاف عمار ؟
زم أدهم شفتيه وهو يتذكر انغماسه في الرقص مع بسمة في تصرف لم يكن محسوبا على غير عادته ولكنه كان يهرب من الاختناق الذي احتكم حلقه وهو يراها مع خطيبها بصفة رسمية رغم عدم ارتدائهما للخواتم ولكن وجود عائلة الآخر في زفاف ابن عمه انبهه كيف أن الأمر أصبح رسميا .. جادًا .. ولا تراجع فيه ، فاندفع للأخرى التي حضرت رغم توقعه أنها لن تفعل فهو أصبح متحفظا معها كثيرا .. بل إنه يدفعها بعيدا عنه لتيقنه أنها تريد شيئا خاص بالمؤسسة هو لا يستطيع تقديمه لها ولكن ليلة الزفاف كانت استثنائية لدرجة أنه شعر بأنه سينغمس معها دون رجعة فسيطر على نفسه بما تبقى إليه من تماسك ولكن ما اندفع لفعله لم يمر مرور الكرام لدى مريم التي من الواضح وصلت إلى حدودها القصوى فكادت أن تتشاجر معه بالزفاف لولا وجود الجميع لتنهار في موجة دراما صراخ وعويل لم يستطع تحمله فينفجر هو الآخر بمشاجرة كبيرة انتهت بانفصالها عنه انفصال تام كما وصفته هي وكما استقبله هو دون أن يرف بجفنيه ، انتبه من دوامة أفكاره على صوت علي الذي هتف سائلا : هل أحببت مريم يوما يا أدهم ؟
رف بعينيه ليجيب ببوح : مريم كانت نعم الفتاة التي سأمنحها اسمي يا علي ، أنها الفتاة المثالية ولكن أنا لم أكن مثاليا .
تمتم مازن بذهول : ما معنى هذا يا أدهم ؟! أنت لا تحبها .
تنفس أدهم بعمق : لا أنكر أني انجذبت إليها بقوة .. أنها تروقني كثيرا .. وبها كل المواصفات التي أريدها في زوجتي ، لكن الحب .. صمت ليهتف بجدية – أنا لا أحب ولا أعتقد أني سأقترن عن طريق الحب .
وجما الاثنان ليخيم الصمت عليهم قبل أن تتعالى ضحكة مازن التي أتت قوية فينظرا إليه الاثنين بعدم فهم ليتمتم من بين ضحكاته : يا فرحة آل الجمال بنا ، أين عماي العزيزان ينظران إلى الجيل الصاعد من العائلة والذي سياتي لهما بالعار كما يقولون دوما .
قهقه أدهم ضاحكا ليهتف : عمو وليد ومقولته الشهيرة " يا عيني على الرجال "
لتتعالى ضحكة علي الذي شاركهم ضحكهم وهو يهتف : وخالو وائل وهو يشير إليكما أنتما الاثنان " بالمتعوس وخائب الرجاء "
ضجوا بالضحكات ليهتف مازن : الهام في الأمر أننا جميعا بؤساء ، أتبع وهو يشير إلى أدهم وعلي بالتتابع – العابث .. والرزين
ليكمل وهو يشير إلى نفسه : ومرهف الحس ، جمعينا متاعيس .
تعالت ضحكاتهم ثانية ليهتف أدهم وهو يقفز واقفا : هيا إلى الداخل لنطلب الطعام ونلعب بالألعاب الالكترونية ولتحيا العزوبية .
وقفا بدوريهما ليهتف علي : توقعتك ستأتي لنا بالفتيات .
توقف مازن عن الحركة ليلتفت إليه أدهم ينظر إليه مليا قبل أن يهتف ببساطة : على عيني يا علي ولكنه بيت العائلة ، استطيع أن أرتب الامر قبيل سفر مازن في شاليه السخنة أو اليخت ، لكن أنا رغم كل شيء لدي قواعدي ، بيت العائلة لديه حرمته .
صفق مازن بكفيه ليهتف بسخرية : الله على الأخلاق ، تناثرت الضحكات من بينهم ليتابع مازن بعد وهلة – فكرة جيدة يا أدهم ، أنا معك .
عبس أدهم بعدم فهم : فيم ؟!
غمز إليه مازن بخفة : في أمر الفتيات حقي أن احتفل قبيل سفري إلى مجاهل أفريقيا .
تبادلا أدهم وعلي النظرات ليهتف علي بجدية : كنت أمزح يا مازن .
ابتسم مازن بخفة وهو يستلقي ليدير اللعبة ليهتف بجدية : وأنا لا أفعل ، أتبع بهدوء وأدهم يرمقه من بين رموشه – لندعو زين أيضاً ، سيفرح كثيرا بالأمر .
استلقى أدهم إلى جواره ليهمس إليه بخفوت : وأنت ستفرح بالأمر ؟!
مط شفتيه بتفكير ليهمهم : لأجرب ، لن أخسر شيئا .
ابتسم أدهم ساخرا ليشير إلى علي المنزعج بعينيه فيجلس علي بترقب قبل أن يهتف ادهم الذي أدار نظارة اللعب : يهيأ إليك يا ابن العم ، ستخسر كثيرا .
رمقه مازن مليا ليؤثر الصمت فلا يجيب ليجلس علي إلى جواره وقبل أن يبدأ اللعب همس إليه : لا تفقد نفسك في غمار الأحداث يا مازن ،
تنفس مازن بعمق ليجيبه بعد قليل : لا أفقد نفسي يا علي ، أنا أبحث عنها .
***
عائد بعدما رتب أمور العمل الأيام القادمة لينفذ الفكرة التي أتت على رأسه بعدما أنهى عمله اليوم فيتأخر قليلا عليها وخاصة بعدما مر على شقيقه كالأيام الماضية ، شقيقه الذي أخبره الليلة أن يتدبر أمور الطعام الأيام الثلاثة القادمة لأنه لن يكن متفرغا فتقبل عمار الأمر دون إثارة جلبة وخاصة حينما أخبره بأنه سيسافر هو ونوران للساحل هربا من الروتين اليومي ، فنوران تحتاج إلى التجديد ، ويطلب منه أن يتبعه فهتف إليه عمار بأنه سيفكر في الأمر بجدية
وها هو عائد إليها ليفاجئها بما رتبه ، داعب هاتف سيارته ليتصل بها وخاصة بعدما فقد التواصل معها طوال اليوم أجابته بنزق صدح بصوتها : أين أنت يا عاصم ؟!
__ قادم . ألقاها بصوت أبح ليتبع - هلا وضبت حقيبتنا سنسافر لمدة يومين ؟
عبست وهي تنصت إلى نبرة صوته الأبح فتسأل بهمس ولا تعلم لم تشعر بالفضول وكأنه يخفي عنها شيء : إلى أين ؟!
زفر أنفاسه العالية : فيلا الساحل ، أتبع أمرًا - واستعدي أريد أن نصل فجرا .
هتفت بتعجب : ستسافر الليلة .
ابتسم بشغف : الآن يا نور
لوت شفتيها بعدم فهم، ليكمل بصوت اجش وصلها جيدا : فقط لا تنسي رداء السباحة خاصتك، همهمت بالإيجاب فيكمل بتسلية لمعت بعينيه - ذو القطعتين .
ارتفعا حاجباها بدهشة لتبتسم أخيرًا وهي تجيبه ببطء : لن أنسى .
...
وضع الحقيبة أرضا ليخلع قميصه القطني فتهمهم إليه : ستخلد إلى النوم .
اقترب منها ببطء كسول ليجذبها من ساعديها إليه يقبل شفتيها برقه بعدما احتضن وجهها ويهمس وهو يدير نظراته عليها : سنذهب إلى السباحة .
اعتلت الدهشة ملامحها لتهمهم : الآن ، الشروق لم يحن بعد .
لمع العبث بحدقتيه : هذا أفضل ، فرغم أن المكان مخفي ومؤمن إلا أني لا أريد أن يرانا أحد .
تمتمت بتساؤل وعيناها تصدح بتفكيرها : يرى ماذا ؟!
دفعها من الخلف ليقربها إليه اكثر يقبلها ثانية ويهمهم من بين ثغرها : فقط ارتدي رداء سباحتك ودعي البقية لي .
ابتعد عنها فتركها مشوشة قليلا منتعشة بلهجته الذائبة وقبلاته النهمة لتزفر أنفاسها ببطء وتفعل مثلما يريد ، خطت الى خارج الشاليه بحثت عنه وهي تضع مئزرها الحريري تخفي به جسدها العار إلا من قطعتين رداء سباحتها لتجده أخيرا يقف على الشاطئ أمام البحر ينظر إلى الشمس التي تنشر أشعتها على استيحاء ، تبعته هامسة باسمه فيقابلها بابتسامة رقيقة وعينان جائعتان لها ليقف متسمرا موضعه إلى أن اقتربت هي منه فيجذبها من كفها إليه يوقفها أمامه يضمها من خصرها إلى صدره يسند ذقنه إلى كتفها وكفه الآخر يداعب رباط مئزرها فيخلصها منه ، أبعدها قليلا ليرمي مئزرها بعيدا قبل أن يضمها ثانية ، يلتصق بها ويقبل رقبتها بشغف تملك منه وهو يدفعها لأن تدخل معه إلى الأمواج الهادئة انتفضت حينما لامست قدميها المياه الباردة فانحنى ليحملها بين ذراعيه وهو يشق المياه بخطواته غير أبها ببرودتها ، شهقت بقوة حينما أنزل جسدها فجأة داخل المياه فيعدل وضعها يجبرها أن تقابله بجسدها وهو يهمس إليها : تعلقي برقبتي .
استجابت إليه وهي تشهق .. تنتفض .. وترتعد من برودة المياه حولها لتهمهم وهي تتمسك به تضم جسدها إليه : أشعر بالبرد يا عاصم .
لامس وجنتها بطرف شفتيه ليهمس بجانب أذنها وهو يقبلها بتوق : حالا سأدفئك .
انتفض جسدها ثانية وهي تشعر بلمساته التي أصبحت أكثر جرأة فتهمس إليه وهي تكتم تأثرها به : ماذا تفعل يا عاصم ؟!
اعتقلها بين أسوار حدقتيه الغائمتين برغبته الجلية في وصالها مهمهما وهو يرتشف رحيق ثغرها على مهل : أحقق حلم قديم .
...
يخطو بها يحملها إلى الخارج وهو يقبلها بتوق اشتعل اكثر وكأنه لم يخمد نيران شوقه لها داخل المياه تتمسك برقبته جيدا وتلف ساقيها حول خصره وهي تبادله قبلاته المشتعلة بقبلاتها الذائبة فيه تغمغم باسمه وتحاول أن تسأله من بين أنفاسه عن وجهتهما ليندفع بها داخل فيلا عائلته والتي اختارها منذ وصولهما دون عن البقية ليمكثا بها وهي من كانت تتخيل أنهما سيبيتان في فيلا والدها ولكنها اكتشفت أنه اعد فيلا والده وغرفته خصيصا لمكوثهما .
شهقت بقوة وهي تهتف برفض حينما ألقاها فوق فراشه : الفراش سيبتل .
دفعته وهي تريد النهوض ليرفض وهو يهمهم بأنفاس حارقه : لا يهم .
أتبع وهو يتخلص من كل شيء : فليحترق الفراش ولا أحترق أنا.
انتفضت بقوة على وصاله المحموم ولو لها لتتمسك بكتفيه وهي تهمس باسمه في نبرة مغوية لم تقصدها ولكنها أضاعت المتبقي من تعقله ليهمهم بحشرجة وهو يلتحم معها بقوة : لطالما حلمت بك هنا بين ذراعي تتوحدين معي وتكملين النقص بي ، لطالما تخيلتك وأنت قادمة نحوي بهذا الرداء لتمنحيني كل ما أريد دون عناء ، لطالما تخيلتك وحلمت حتى أصبحت هاجسي الذي أحيا لأحقق كل خيالاتي معه
تعالت أنفاسه بقوة ليهمهم بها فيلفح جلدها بسخونته : اهتفي بها يا نور وأنت هنا بين ذراعي .. ملكي .. خاصتي .. نوري
تأوهت باسمه لتهمس له وهي تجذبها اكثر إليها : احبك يا عاصم .. احبك .. أعشقك .. وأريدك.
***
دفنت أنفها في صدره تتحاشى ضوء الشمس الساقط على صفحة وجهها لتهمهم : أغلق الستائر يا عاصم فالضوء يضايقني .
تأملها مليا وهو يتفحص ملامحها يدير عينيه على كل خلية بوجهها قبل أن يهمس : ولكنه لا يضايقني ، بل يبهجني وأنا أراك هكذا تشعين ضياء تزينين به فراشي .
ابتسمت بإغواء وهي تتحرك فتتوسد صدره بساعديها تضع ذقنها فوق ظهر كفيها وتنظر إليه لتساله بنبرة أبحه مميزة تعلن عن مكنونات روحها العاشقة له : أخبرني عن بقية أحلامك وخيالاتك .
ابتسم بمكر وهو يسبل أهدابه : دعي كل شيء بوقته يا نور .
تعض شفتها السفلية من الداخل لتسأله بنبرة دلال تعلم جيدا تأثيرها عليه : هل لازلت تمتلك أحلام تخص هذا المكان ؟!
تمتم بمكر ثعلب : هناك الكثير ،
اتسعت عيناها بتأثر فيسحبها إليه من ساعديها ينومها فوق صدره يتوغل داخل عينيها وهي ملتصقه به : سأشمك بي في كل مكان يا نور فلا تستطيعي أن تهربي من ذكرياتك معي ، حتى الأحلام التي لم تكن تزورني سأحققها مسبقا فلا تأتيني كحلم بل تأتي كحقيقة واقعة .
همست بحشرجة : الجديد اتركه سنحققه سويا، فأنا أسأل عن أحلامك القديمة فهي التي تخبرني مدى تأثرك بي وبوجودي من حولك .
زفر بقوة وهو يضمها إليه اكثر يكبلها بساعديه القويتين الملفوفتين حول جذعها : لم يمر يوم دون أن أتأثر بك ولكن كانت هناك جولات حاسمة تنتهي بي تحت المياه الباردة لأتخلص منها
تعالت ضحكاتها الرنانة فيلتهم شفتيها في قبلات عديدة لتدفعه برقة ليتوقف فتسترد أنفاسها قبل أن تهمهم إليه : كم عدد جولاتك ؟!
ضيق عينيه ليظهر التفكير على ملامحه قبل أن يهمس : خمس أو ست .
داعبت وجهه بطرف سبابتها لتهمس : حققت منهما اثنين .
فيجيب بمشاغبة : قابلين للإعادة رغم انتصاري الساحق بهما .
رنت ضحكتها المائعة فتزيد من رغبته العارمة في وصالها لتهمهم وهي تحاول السيطرة على كفيه اللذين بدءا في إعادة اكتشاف جسدها : بغض النظر عن الإعادة هل هناك جولة حقيقة أخرى تخص المكان هنا .
غامت عيناه بذكرى خرجت من عمق روحه ليهمس : أتذكرين أخر مرة كنا بها هنا ، ذاك اليوم الذي وقفت فيه تعدين صوص الشكولاتة لأجل الكعكة التي صنعتها ماما ، ضيقت عيناها بتركيز ليلمع الإدراك فيهما وهو يكمل - ترتدين شورتا ابيضًا قصيرا للغاية يحدد أعلى فخذيك وقميص مقلم بخطوط زرقاء عريضة مربوطا حول خصرك ، مفتوح من الأمام فيظهر أول نحرك والذي كان مزينا
قاطعته بجدية وعيناها تلمع بصدمة : بسلسال الفراشة البيضاء خاصتي والتي كانت هديتك لعيد مولدي السادس عشر ، اتسعت عيناها بذهول وهي تتبع - هذا الطاقم لم أجده بعد آخر مرة كنت هنا سويا ، والسلسال أيضا لقد بكيت عليه لمدة يومان كاملان .
انتفضت جالسة فوق جسده النائم : هل سرقت أشيائي يا عاصم ؟!
اسبل أهدابه وهو يرفع ذراعيه يضعهما خلف رأسه ليسندها إليهما فيقابل نظراتها المتسائلة يضحك بخفة ويهمس : وعدت نفسي يومها أن لا ترتدي هذه إلا معي ، وحينما بعثت بها إلى التنظيف وأتت ثانية التقطتها من العاملة دون أن تبالي بها ،
غامت عيناه ليهمهم بأنفاس ثائرة : أما السلسال خلعته عن رقبتك يومها حينما لامستك وأنت لم تشعرين بي ، عض شفته باستمتاع تجلى بحدقتيه فأنارهما وهو يكمل بتشدق - كنت متوله بي على ما يبدو!!
ضربت صدره بكفيها ليضحك وهو يلتقطهما براحتيه فيجذبها إليه من جديد صرخت بإثارة حينما حاوط جسدها بساعديه فيضمها بقوة إليه يقبل أذنها بتوق وهو يهمهم : هذه المرة سأستمتع بمذاق صوص الشكولاتة الخاص جدا في كل ركن في المطبخ وبكل إناء أشعلتني به يوما
***


بعد شهر ونصف ...
رن هاتفه رنات متتالية فابتسم وهو يستقبل اتصالها المرئي ليهتف بحبور : صباح الخير يا حبيبة عبده ، كيف أصبحت اليوم ؟
اتسعت ابتسامتها لتومض غمازتيها فتنير وجنتاها لتجيبه : أنا بخير والحمد لله ، أنت كيف حالك، مستعد ليومك الكبير ؟
تنفس بعمق ليزفر أنفاسه ببطء قبل أن يهمس بتوتر تملكه رغما عنه : أنا بخير ومستعد وبإذن الله سيكتب لنا الله النجاح .
تحدثت بدعم : إن شاء الله يا حبيبي ، أنا فخورة بك كثيرا يا عبد الرحمن وسعيدة أني سأكون حاضرة معك اليوم .
تمتم بحبور : وأنا سعيد للغاية بوجودك معي وبجانبي يا رقية ، دعمك لي الأيام الماضية فرق معي كثيرا .
توردت لتجيبه بصوتها الأبح : هذا دوري في حياتك يا عبده .
ابتسم بتسلية ليهمس إليها بشقاوة : كم أتمنى أن أتمم هذا الدور ونتزوج ولكن هانت اليوم سينتهي الانتظار ونبدأ في العد التنازلي.
احتقن وجهها بالأحمر القاني لتهمهم بخجل سيطر عليها : حسنا سأتركك حتى لا اعطلك ونتقابل عصرا في المؤتمر بإذن الله .
أجابها بلطف مراعيا خجلها الذي يتزايد كلما اقترب موعد زواجهما : حسنا أراك على خير .
تمتمت برقة : على خير لا إله إلا الله يا عبده .
همهم وعيناه تومض بزرقة غنية : محمد رسول الله .
أغلق الهاتف ليرتب اشياءه من جديد ليرتب أفكاره من جديد وهو يستعد لليوم الذي انتظره كثيرا
***
خطى بخطوات سريعة متلاحقة ليدلف الى غرفة داخلية يؤدي التحية العسكرية ليهتف بصوت متزن : المكان مؤمَن بالكامل يا سيدي ، لقد اشرفت على تأمينه بنفسي .
أومأ أمير بتفهم ليهتف بجدية : جيد يا علاء ، فقط لا تغفلوا أبدا عن آل الخواجة اليوم .
هتف حسن بجدية : ودكتور عادل يا باشا .
رف أمير بعينيه ليهتف بجدية : لا تقلق على عادل ، أنا أثق به ، ثم أن الخطر الرئيسي يحف عبد الرحمن ، فهو من استطاع ترجمة أفكار عادل لشيء حقيقي سيفيد الوطن .
تبادلا علاء وحسن النظرات ليهتف علاء بجدية : سنحمي الكل برقابنا يا سيدي .
ابتسم أمير بفخر : أنا أثق بكم يا شباب ، سأترككم لأحضر المؤتمر ، أتبع وهو يرمق حسن من بين رموشه – التزموا بالأوامر ، واتخذوا تدابيركم وحذركم .
شد الجميع جسده في التحية ليسترخوا بوقفتهم بعد مغادرته بالفعل فيهتف حسن : هيا يا شباب، فالمؤتمر ستبدأ فعاليته بالانطلاق .
***
يقف بوسط أخويه بجوار والده وأمام حميه وشقيق زوجته التي تقف في المنتصف بينهما، يستقبل تهانيهم ويتأمل فخرهم به ، بعدما أنهى حديثه الخاص جدًا مع أحد مسئولي الدولة رفيعين المستوى الذي افتخر به وبعادل واخبرهم أن مشروعهما العلمي الذي وضع بأوائل المشروعات العلمية التي ستنفذ في خطة الحكومة ، يستقبل ابتسامتها .. وميض عيناها الفخور به .. وحديث يتلألأ بحدقتيها هو الوحيد الذي يدركه ، فيهتف بجدية بعدما انتهى صخب الحديث المتناثر من الجميع : دكتور محمود ، هل سمحت لي باصطحاب رقية لادعوها على الغذاء كنوع من الاحتفال ؟!
ابتسم محمود ليوما براسه : بالطبع يا بني ، اليوم حقك أن تطلب أي شيء تريده وأنا علي التنفيذ .
اتسعت ابتسامة عبد الرحمن ليسأل بمشاكسة : حقا ؟! أي شيء ؟!
ضحك محمود وهو يلتقط مزحته ليهتف بجدية : إلا هذا طلب زفافكما اقترب فلا ضير من بعض الانتظار يا باشمهندس .
توردت أمام عينيه فهتف بجدية : وهل لي غير الانتظار يا عماه ؟! أتبع بجدية – عامة سأصحب رقية واعيدها مبكرا فلا تقلق ،
أكمل وهو ينتقل ليقف بجوارها : رقية آمنة معي .
ربت محمود على ساعده وهو يصافحه برجولة : أنا أثق بك يا عبد الرحمن وإلا ما كنت منحتها لك بأول الامر .
أومأ عبد الرحمن برأسه ليهتف محمود بعدما تبادل بعض الحديث مع ابنته : حسنا سأغادر أنا مع محمد
ودع حميه وولده ليحتضن كفها براحته ليهتف بابيه واخويه : ابلغا نولا أني سآتي ليلا لاحتفل معها ولكني الآن سأذهب مع رقية .
تبادلا عمر وأحمد النظرات ليهتف خالد بجدية : اذهب يا بني وأسعد برفقة عروسك ولا تشغل رأسك بنولا انا سأتحدث معها .
أومأ برأسه ليجذب رقية نحو سيارته مبتعدا عن الجميع فتمتمت رقية قبل أن تدلف إلى السيارة : هل ستغضب نولا إذ لم تعد لها الآن ؟!
هز رأسه نافيا : لا ولكني لم اخبرها صباحا أني سأتناول الطعام خارجا ، وصدقا لم أكن مخططا للأمر ولكنها فرحة النجاح على ما يبدو .
تمتمت بسعادة : يارب دائما فرح وسعيد يا عبده .
توقف ليجذبها إليه بدلال : أموت انا في عبده .
كتمت ضحكتها بظهر كفها ليدفعها برفق نحو السيارة : هيا ادلفي بدلا من أن ارتكب فضيحة في الطريق العام .
استجابت اليه لتدلف بالفعل إلى المقعد الأمامي المجاور للسائق وتستريح به فيدور حول سيارته يخلع سترته الرسمية ليلقيها بالأريكة الخلفية هي وحقيبته التي تحمل كل شيء ، ليتوقف قبل أن يغادر على عادل الذي أشار إليه ليقترب بخطوات سريعة هاتفا : جيد أني لحقت بك قبل أن تغادر .
عبس باستفهام فهتف عادل : لدينا موعد في رئاسة الوزراء غدا في العاشرة لا تتأخر .
أومأ عبد الرحمن برأسه ليجيبه : حسنا سأفعل ،
رتب عادل على كتفه : حسنا اذهب حتى لا اعطلك ونتقابل غدا بإذن الله .
صافحه عبد الرحمن ليدور عادل على عقبيه ثم يتوقف ثانية بعدما ابتعد قليلا عن عبد الرحمن وعيناه تضيق وهو يتطلع إلى الضوء الفسفوري الذي انعكس على سطح هاتفه لتتسع عيناه بصدمة تملكت منه لثواني وهو ينظر لذاك الشخص البعيد المتخفي على أحد الأسقف البعيدة ليصرخ بقوة باسم عبد الرحمن وهو يركض إليه يشير إليه بان ينخفض ولكن عبد الرحمن تطلع إليه بعدم فهم تحول إلى صدمة حينما قفز عادل نحوه ليحتضنه بجسده الضخم بالنسبة إليه ويسقطا أرضا سويا بعدما جحظت عينا عادل بألم كتمه بداخله في وسط ذهول عبد الرحمن الذي اتسعت عيناه بعدم ادراك وهو يشعر بجسد عادل الثقيل يجثم من فوقه فيهتف بعدم فهم وهو يهز جسد عادل بقوة مناديا باسمه ليكتم أنفاسه وهو يشعر بالدماء التي اغرقت صدره فيلامس عادل ليتأكد من اصابته حينما نظر إلى الدماء التي لطخت كفيه .



انتهى الفصل ال44
قراءة ممتعة


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:55 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.