شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء) (https://www.rewity.com/forum/f394/)
-   -   رواية حبيبتي (3) .. سلسلة حكايا القلوب * مكتملة ومميزة * (https://www.rewity.com/forum/t472524.html)

سلافه الشرقاوي 12-08-20 06:02 PM

رواية حبيبتي (3) .. سلسلة حكايا القلوب * مكتملة ومميزة *
 



https://upload.rewity.com/uploads/154089255098181.gif



مساء الخير والسعادة
على الناس السكر الزيادة
يارب يكون الجميع بخير وصحة وسلامة
موعدنا الان
مع رواية حبيبتي

الجزء الثالث من سلسلة حكايا القلوب



وباذن الله سوف يتم تنزيل الفصول تباعًا
يوميا في تمام الخامسة مساء بتوقيت القاهرة

الى الانتهاء من فصول الرواية
اتمنى تعجبكم
ومنتظرة رايكم وتعليقاتكم
واول ما هنبدأ
مع مشاهد الوصل والمقدمة
ودي مشاهد بترتبط الجزئين السابقين
بالجزئين القادمين
وبتصل بين الابناء وابائهم



رابط الجزء الاول امير ليلى
https://www.rewity.com/forum/t354777.html

رابط الجزء الثاني فرصة أخيرة
https://www.rewity.com/forum/t356681.html



https://upload.rewity.com/do.php?img=163157



https://upload.rewity.com/do.php?img=162606

https://upload.rewity.com/do.php?img=162607

https://upload.rewity.com/do.php?img=162608



https://upload.rewity.com/do.php?img=162609

https://upload.rewity.com/do.php?img=162610

https://upload.rewity.com/do.php?img=162611

https://upload.rewity.com/do.php?img=162612

https://upload.rewity.com/do.php?img=162613


https://upload.rewity.com/do.php?img=162614

https://upload.rewity.com/do.php?img=162615


https://upload.rewity.com/do.php?img=162616


https://upload.rewity.com/do.php?img=162617


https://upload.rewity.com/do.php?img=162618


https://upload.rewity.com/do.php?img=162619


https://upload.rewity.com/do.php?img=162620



روابط الفصول

مشاهد الوصل.... المشاركة التالية
المقدمة بالأسفل

الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر والثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر والسادس عشر نفس الصفحة
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر والتاسع عشر نفس الصفحة
الفصل العشرون
الفصل الحادي والعشرون
الفصل الثاني والعشرون
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
الفصول 25، 26، 27، 28 نفس الصفحة
الفصل التاسع والعشرون
الفصل الثلاثون
الفصل الحادي والثلاثون
الفصل الثاني والثلاثون
الفصل الثالث والثلاثون والرابع والثلاثون
الفصل الخامس والثلاثون والسادس والثلاثون
الفصل السابع والثلاثون والثامن والثلاثون
الفصل التاسع والثلاثون
الفصل الأربعون
الفصل الحادي والأربعون
الفصل الثاني والأربعون
الفصل الثالث والأربعون
الفصل الرابع والأربعون
الفصل الخامس والأربعون الأخير

رابط الكتاب الالكتروني

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي


سلافه الشرقاوي 12-08-20 06:08 PM

مشاهد الوصل

وقف يتطلع إليه من خلف زجاج غرفة المواليد الجدد ، ينظر بانبهار ويلهث بالشكر إلى الله الذي منّ عليه أخيرا بذكر من صلبه يحمل اسمه وأسم أبيه من بعده
ذكر أتى يشبهه إلى حد ما بخصلات شعره الناعمة بلونها الأسود الفاحم والذي يزين جبينه باسترسال غريب لم يره في أختيه من قبل !!
ابتسم بتعجب وهو يتأمله بتفحص بجسده المكتنز ورأسه الكبير إلى حد ما ، هذا الرأس الصلد الذي أجبر الطبيب على توليد أمراته ولادة قيصرية ، بعد ولادتها لابنتيهما طبيعيا المرتين السابقتين ، فيشق بطنها ليأتي به إلى هذا العالم ويفرح قلبه بوجوده ، وكأن لابد أن تضحي هي لأجل أن تسعده كما تفعل دوما .
تنفس بعمق وهو يُذَكر عقله بأن ليس وزن ابنه الزائد ورأسه الكبير السبب في إصرار الطبيب على توليد زوجته قيصريا ، بل تأخر ولادة الطفل هو السبب ، فهو لم يأت بموعده تماما كابنته الكبرى ، ولم يأت متعجلا قبل موعده كابنته الوسطى ، بل تأخر عن الموعد الذي حدده الطبيب أسبوعين كاملين ، فهذا الفتى الطامع في البقاء بجوار قلب والدته أتم اشهره التسعة كاملة واتبعهم بأسبوعين لم يكن ينوي المجيء بعدهما لولا الطبيب الذي صمم واجبره على المجيء لعالمهم .
زفر بقوة وهو يشد جسده عائدا إلى غرفة زوجته يتمنى أن يجدها استيقظت من أثار العملية الجراحية دلف إلى الجناح الخاص المحجوز لها ، فيبتسم بوجه هنا التي ترافقها على الدوام هذه الفترة ، تطلعت إليه بحبور لتغمز له بشقاوة وتهمهم بخفوت حتى لا تقلق خالتها : عيناك تشع سعادة يا ويلي . أخيرا جاء ولي العهد الذي كنت تتمناه
اتسعت ابتسامته ليتنهد بقوة ويتمتم : الحمد لله على كل شيء
ضحكت بخفه : حفظه الله وبارك فيه .
__ اللهم أمين ، تمتم ليتابع متسائلا بلهفه حقيقية - ألم تستيقظ للآن ؟!
هزت رأسها نافية لينظر إلى زوجته النائمة ملامحها شاحبة يظهر عليها التعب وجسدها عاد إلى هشاشته ، ومضت عيناه بشوق فتحرك بعفوية ليجلس بالكرسي المجاور لها ويتأمل ملامحها عن قرب قبل أن يرفع يده يلامس جبينها ، يلاعب خصلاتها يبعدها للخلف ويهمس باسمها في خفوت جنب اذنها ثم يطبع قبلة عميقة على وجنتها ويهمهم : اشتقت إليك .
رمشت عينيها وهي تبتسم برقة تهمس باسمه في صوت ابح أجبره أن يقترب أكثر منها ، يجلس بجوارها على الفراش ويكتنف كفيها براحتيه ليقبلهما بشوق : كيف حالك يا حبيبتي ؟!
تمتمت بوهن : بخير والحمد لله ،
قاطعتهما هنا حينما كحت بحرج لتهتف : حمد لله على سلامتك يا خالتي ، سأذهب للكافيتريا يا ويلي أتريد شيئا ؟!
__ شكرا يا هنا ، اندفعت الفتاة للخارج حينما هتفت فاطمة بتعب - احرجتها كعادتك ،
ضحك بخفة : لا أفهم الإحراج الذي بدأ ينتابها مؤخرا .
تمتمت فاطمة : لقد كبرت وبدأت تدرك الأشياء لذا هي تحرج من علاقتنا الآن .
هز كتفيه بعدم فهم لتسأل وهي تحاول الاعتدال في جلستها فيعاونها بسرعة : كيف حال طفلي ؟!
ضحك بسعادة تشبعت بها نبراته : بخير لا تقلقي ، اقترب برأسه منها ليهمس بشقاوة - سيكون عنيدا كابيه .
تمتمت بسخرية : لا يهم فقط لا يكون وقحا مثله .
مرر جسر انفه فوق صدغها قبل أن يطبع قبلة شغوفه على وجنتها : سيشبهني في كل شيء .
قبل جبينها بامتنان ليهمس امام عينيها : شكرا لك على منحي أكثر مما تمنيت .
ابتسمت : أنها منحة الله وعطائه .
لامس وجنتها بظهر سبابته : لو لم تحبينني لما وافقت على الإستمرار معي ، لما تحملت غروري وكبريائي وصممت على تغييري ودفعي نحو الأفضل ، أنت من بدلت عالمي إلى جنة لم أحلم بها يوما ، احبك يا فاطمة وسأظل احبك لآخر أنفاسي .
ابتسمت بحب تألق بمقلتيها وهي تحتضن وجهه بكفيها لتقبل شفتيه في رقة : وأنا أحبك يا وائلي ، يا ملاذي ودنيتي ، انت مرفآي ومن يرتكز عليه عالمي .
تنهد بقوة ليقبل شفتيها بشغف قبل أن تدفعه برقه وتسأله : هل قررت ماذا ستسميه؟!
شرد بعينيه قليلا ليتذكر خصلات وليده الفاحمة فيهمس : أدهم ، سأسميه أدهم .
ابتسمت برقة : اسم جميل ، سيكون له شأن بإذن الله
__ إن شاء الله .
سالت بلهفه : متى سيأتون به اشتقت إليه ؟!
عبس باستنكار ليهمهم بغيرة : لا تحبيه أكثر مني .
ضحكت بشقاوة : بل سأعشقه وأنت لن تمانع بالعكس ستعشقه مثلي .
ابتسم وهو يسبل اهدابه : معك حق .
همت بالرد قبل أن يرن هاتفه فينظر إلى الهاتف بتعجب فتساله بعينيها ليهمهم : إنه رقم خاص .
رفعت حاجبيها بعدم فهم ليجيب الهاتف بطبيعية تحولت إلى تصلب ثم إجلال ظهر في انتصاب جسده ثم نهوضه واقفا يجيب برسمية شديدة إلى ان أغلق الخط وهو ينظر اليها بدهشة حفرت بملامحه ، سألته بترقب : ماذا حدث ؟!
نظر إليها قليلا قبل أن يجيب : تم اختياري لأكون وزيرا ضمن الوزراء الجدد .
اتسعت عيناها بعدم تصديق ليكمل وهو ينتشي فخرا : لأكون أصغر وزيرا مصريا تم اختياره .
******
التفوا حول المائدة التي تُعد لطعام الغذاء كما المعتاد فهو يوم تجمع العائلة في البيت الكبير، على الرغم من تشابه الثلاث بيوت إلا أن هذا البيت اوسعهم مساحة ، ومكانته كبرى لدى أفراد العائلة كلها ، فهو ملاذ الجميع ، حين الحزن .. الفرح .. الضيق .. والغضب ، فصاحبي البيت يرحبان بهم أيما وقت وايما فرصة ، البيت مفتوح للصغار والكبار ، لأحدهم يشكو من زوجته أو لاحداهن أتت غاضبة من زوجها ، ولأي طفل ليس لديه مأوى للعلب يأتي هنا ليلعب مع التؤامين أو الصغيرة الشقية المسترجلة ، فهي تماثل اخويها خشونة وشدة ومرح وتلاعب فتيان العائلة وكأنها واحدا منهم تماثلهن قوة وعزيمة وبأس .
__ ألم ينتهين للآن ؟!
سأل بلال بنزق ليبتسم أمير بخفة : ليلى أعدت كل شيء منذ الصباح ولكنهن يثرثرن كالعادة ، امنحهن بعض الوقت حتى ينتهين من الحديث الذي لا يجب أن نستمع إليه .
ضحك آدم بشقاوة وهو يهدهد ابنته حتى تغفو قليلا : دوما تعلم يا أمير ودوما تعطيهن أكثر مما يردن .
ابتسم أمير ببساطة : أنهن لا يتجمعن كل يوم ، فم الضير من تركهن على راحتهن يوما واحدا ، يفضفضن عن همومهن ويشكون لبعضهن .
لوى حاتم شفتيه بنزق : أنت تجلس مرتاح لأنك تعلم أن ليلى لن تشكو منك أبدا ، أما ثلاثتنا فنجلس على صفيح ساخن نحترق من التفكير عم اغضبهن - منا - هذه المرة؟!
ضحك أمير ليهتف آدم بجدية : أنا اضمن أن ايني لا تشكوني ،
التفتا بلال و حاتم ينظران إليه بحدة ليتابع بهدوء : إنها تشكو حظها العاثر و ذاك اليوم الذي وافقت فيه على الزواج مني .
قهقها بلال و حاتم ليهتف بلال : صدقت لازال صوتها يرن باذني يوم ولادة آسيا وهي تدعو عليك وعلي لأني دفعتها للزواج منك ، وتهتف سامحك الله يا أمير .
ضج الضحك بينهم وخاصة حينما هتف حاتم : نعم أذكر هذا اليوم وهي تسب كل من تراه في وجهها .
تمتم أمير بعدما هدئوا : إنه أمر طبيعي ، رفع نظره لآدم واكمل بجدية - ولكنك محق في ان ايني لا تشكو منك إطلاقا ، فإيناس ليست المرأة التي تشكو آلامها .
اختلجت ملامح آدم ليتوقف عن هز ابنته : ماذا تقصد ؟!
ابتسم أمير بمكر : أقصد أن تنتبه ، فعدم شكوى إيناس أمر غير مريح فهي تختزن ما يؤلمها بداخلها وهذا غير صحي، لابد من البوح كل حين .
رمش ادم ليتمتم بهدوء: ولكني لا اغضبها .
أسبل أمير اهدابه : لا يوجد أحدا كاملا يا دكتور ، ومهما حدث النساء يتحسسن لأي فعل حتى ان كان بسيط أو من وجهة نظرنا لا أثر له ، ولكنهن لا يظهرن ، وايناس سيدة الإخفاء ، فلا تعول على صمتها، فالصمت معناه بركان خامل ، سيأتي يوما ويثور فانتبه .
عم الصمت على جلستهم وخاصة مع شحوب ملامح آدم ، ونظرة بلال النارية التي رمى زوج أخته بها ، ولكنه التزم الصمت هو وحاتم الذي اشاح بوجهه بعيدا يراقب الأطفال الذين يلعبون في الحديقة خلفهم ، ليسأل بهدوء : من الخامس الذي يلعب الكرة هذا ، إنه صغير بعمر نادر وحبيبة.
التفت ثلاثتهم فيبتسم أمير ويؤثر الصمت بينما هتف بلال : أنها يمنى يا حاتم
اتسعت عينا حاتم دون تصديق ليهتف بجدية غاضبة : متى قصصتم شعرها ؟!
زفر أمير بقوة : البارحة بعد أن بكت طوال النهار لأنها تريد شعرا قصيرا مثل اخويها .
لوى بلال شفتيه : انا لا أوافق على ما تفعلاه يا أمير ولا أرضى عن إستجابة ليلى لطلباتها ، أنها فتاة لابد ان تكبر وهي تشعر بأنوثتها لا تتشبه بأخويها
هم أمير بالحديث قبل ان يقاطعه صوت ايني الحاد : لا ، لا أوافقك يا ليلى ، لم يكن عليك الإستماع لها ، وتركتها تبكي البكاء لا يضرها ولكن تشبهها بالصبيان سيضرها يوما ما ، وهذا لن تعيه الآن .
تنهدت ليلى بقوة وهي تضع ما تحمله بمنتصف الطاولة لتلتفت إلى أختها : أعلم يا ايني ، أعلم ولكن انت لا ترين مدى صلابة رأسها ، أمير نفسه البارحة بعد ما تحدث معها ، طلب مني أن أذهب بها الى مصففة الشعر ، واقص لها شعرها ، لقد نجحت بالكاد أن تقتنع بقصة شعر انثوية ولكنها أصرت على أن يكون قصير جدا .
كتفت ايني ذراعيها برفض قبل أن تهتف سوزان من خلفها : أنا لا أرى أن هناك مشكلة يا ايني ، يمنى لازالت صغيرة ، حينما ستكبر سيتغير الأمر .
__ أنا الأخرى أرى هذا ، هتفت سارة لتتبع - أنها تتصرف هكذا لأن عالمها كله يدور حول اخويها وأبيها ، فهي متأثرة بأمير للغاية ، ثم إن جميع من يدور حولها صبيان فقط فتاة واحدة إلى جانب العديد من الأولاد ، حماهم الله وحفظهم فعالم يمنى لا يقتصر على اسعد وعادل فقط بل هناك سليم وولدي الحبيبان وايضا ولدي وليد كلهم يأثرون بيمنى ، ثم لا يوجد من الفتيات سوى حبيبة الهادئة التي لا تستجيب للعب موني الصاخب ، وبنتي فاطمة من تقاربها سنا فيهما لا تتفق معها ، لذا هي تميل إلى اللعب مع الذكور ، ولكن حينما تذهب إلى المدرسة وتصادق فتيات أخريات ستعود إلى طبيعتها وستماثل والدتها رقة .
ابتسمت ليلى بتعب فتربت سوزي برقة على ذراعها ثم تلتفت بحدة إلى ايني تحثها بعينيها على تصليح الوضع قبل أن يعلو صوت أمير الرخيم من خلفهم : اتركوا أمر يمنى جانبا وتعالوا لنتناول الطعام .
استجابوا جميعا له قبل أن يقترب منها يربت على ظهرها و يهمس باسمها فتهمهم : سآتي بالسلاطة .
تحركت للداخل مرة أخرى ليتبعها أمير على الفور ، فهمت ايني بأن تتبعهما ليهتف آدم : انتظري إيناس فما فعلته كافيا .
التفتت إليه لتصبح بحدة : وما الذي فعلته ؟!
رمقها بطرف عينه ليبتع بجمود وهو يناولها ابنتهما : أعتقد أن ابنتك تحتاج لاهتمامك قليلا .
اغتص حلقها لتحمل ابنتها من بين يديه ثم تجلس بعيدا عنه ترفع رأسها بشمم تمنع دموعها من الانزلاق بقوة .
...
وقف خلفها ليضمها بذراعيه يقربها من صدره يحتويها بحضنه ، اختض جسدها فيهمهم : إياك ، لا شيء يستحق بكاءك
التفتت ترمي نفسها بصدره تهمس بتشنج : أنا خائفة ، خائفة عليها ، خائفة أن أخفق معها ، خائفة ألا انجح في تربيتها .
زفر بقوة ليرفع وجهها إليه : تخافين وأنا معك .
ابتسمت بثقة : بل ما يطمئنني قليلا ويمنعني من الهلع هو وجودك و علمي بأنك تنجح في التأثير بها أكثر مني بكثير وبقدر ما أطمئن لوجودك بجانبها اخاف يا أمير ، أخاف أن تحتاجك يوما فلا تجد غيري فلا استطيع إثناءها عن رأيها أو التأثير به .
تنهد بقوة : بل ستستطيعين وحينما تكبر لن تذهب إلا لك ، لن تهتم برأي أي منا وستهتم بك ، ستصبح صديقتك وتنفر مني ومن اخويها ، ستنتمي لك ، ولك فقط يا ليلى ، ستمتلكين مفاتيحها وستنجحين معها ، نعم ستظل اقرب لي فالفتاه تميل لأبيها دوما ، ولكن أنت ستكونين دنياها .. جنتها .. وواحة استراحتها ، فقط لا تدعي اليأس يتملكك واعلمي أن روحها تشبهك ولكنها أكثر جموحا وقوة منك .
ابتسمت برقة : لقد ورثت صلابتك .
ابتسم بمكر : ماذا أفعل أنها ابنتي ، وابنة الأمير سلطانة على القلوب وملكة على العقول ، أنا لست خائفا عليها ، بل أنا اراقبها بإعجاب من قوة شخصيتها التي تزداد مع الوقت فتصقلها الأيام حتى لا تنحني قط .
تنهد بقوة لتهمس : من يشهد للعروس .
ابتسم باتساع وعيناه تومض بإعجاب وحنان يفيض لابنه : أبوها.
***
__اريد امي .
نهنهت ببكاء يمزق نياط القلب ليفز مقتربا منها ، يريد أن يُبعد امه عنها ليضمها إليه ويخفف عنها حزنها لفراق أمها الليلة الماضية .
اقترب من الفراش الراقدة فوقه تحتضنها والدته الجالسة بجوارها وتحتل جانبها الآخر شقيقتها الكبرى التي تحاول أن تواسيها فراق والديهما ليلة كاملة ، جلس في آخره كيفما اتسع له المكان المتبق من الفراش ليهمهم بصوت حزين : توقفي عن البكاء ، من المؤكد أن عمي سيأتي بعد قليل أو سيأخذك بابا إليهما، فقط توقفي .
رفت برموشها المبللة ونظرت إليه فانجذب إلى حدقتيها المظلمتين بحزن انتقل إليه على الفور ليتابع بمرح افتعله : ثم هل من المعقول أن تبكي الآن ، الست متحمسة لقدوم الطفل الجديد ؟!
وكأنه جذب فتيل دموعها من جديد فانهمرت بغزارة وهي تشهق ببكاء حاد أصابه بالذعر لترمقه والدته بعتب لم يفهم سببه ، فيأتيه صوت أخيه من الخلف ساخرا : ألم تفهم للان يا شقيق ، نوران تبكي قدوم الطفل الجديد ، فلقد أتى من سيأخذ مكانها ومكانتها ، لن تظل آخر العنقود ولن تظل مدللة عمي للأبد ، سيذهب اللقب لطفل اخر يأُمر فيطاع بدلا منها .
اقترب عمار بخطوات بطيئة لينظر إليها هازئا وهو يقول ببرود : أبكي يا نور فعمي منذ الآن لن يستمع اليك ولن يلبي طلباتك اللا نهائية .
انتفخ وجهها بغضب وهي ترمقه بنظرات كارهه حينما صاحت ياسمين باسمه تنهره بحدة ثم تأمره بالخروج من الغرفة ، شد جسده بعجرفة ليشير باستياء إليها : أنها غرفتي وهذه المدللة تحتلها وتستولى عليها كما تفعل دوما في كل أشيائي ، وأنتم تشجعونها وتزيدونها دلال
انتفض واقفا ليستدير إليه : توقف عن الغلاظة يا عمار ، لمرة واحدة يا اخي توقف عن مضايقتها .
رمقه عمار من بين رموشه وتمتم بصوت خفيض : اتمنى أن تتوقف أنت مرة واحدة عن الدفاع عنها .
زفر عاصم بقوة : لماذا أتوقف عن الدفاع عنها وأنت تضايقها باستمرار و دون سبب ؟! بل إنك تتفنن في السخرية منها حتى تنهار باكية .
جعد عمار ملامحه : لأنها مدللة بشكل يثير أعصابي يا اخي .
نفخ عاصم هذه المرة بضيق : حسنا ابتعد عن طريقها واتركها في حزنها هذه المرة لأجلي ، رق صوت عاصم رغم عنه وهو يتابع - ألا ترى مدى حزنها لفراق والديها؟!
رفع عمار حاجبيه ليقترب بوجهه من أخيه : هل أنت ابله يا عاصم ؟! ألم تسمع كلمة واحدة مما قلته منذ قليل ؟!
اطبق عاصم فكيه بقوة واخفض عينيه ليدفعه بلطف يجبره على الخروج من الغرفة وهو يتمتم من بين اسنانه : حسنا ، لقد سمعتك فلا تكرر حديثك ثانية أمامها من فضلك ، واحترم حزنها لفراق والديها .
وقف عمار أمامه ليهمس بجدية : مازالت مصرا أنها تبكي لهذا السبب ؟! أنها ليست المرة الأولى التي تفارق والديها يا عاصم ، فوالديها كثيران السفر ، انسيت أن عمك يصحب تامي معه في أية سفرة له خارج الوطن ؟! بعض الأحيان يصحبان الفتاتان ولكن في المجمل يتركانهما برفقة المربية وفي عهدة والدينا أو عند عمي أو عمتي ، ولم تبكي نوران قط في أي مرة من تلك المرات .
اشاح عاصم وجهه بعيدا قبل أن ينطق بهدوء : اعلم وأدرك ما تقوله ولكن هذا لا ينفي أنها حزينة .
ابتسم عمار بمكر : ومدللة .
مط عاصم شفتيه : نعم هي مدللة ويحق لها الدلال يا عمار فتوقف عن الغيرة منها لأن أبيك يدللها أكثر من كلينا
رفع عمار رأسه بعنجهية : أنا لا أغار منها .
ومضت حدقتي عاصم ليبتسم بمكر : بل تتمزق من الغيرة يا أخي وخاصة أنها تحتل غرفتك الحبيبة .
صاح عمار بنزق : أنا لا افهم إلى الآن ،لماذا لا تترك لها غرفتك طالما انك تغدق عليها حنانك بهذه الطريقة المثيرة للغثيان
نظر إليه عاصم بذهول : أنا مثير للغثيان يا عمار !!
انتفض عمار بانتباه لضيق اخيه فيهتف باعتذار صادق : لم أقصد يا اخي ، المعذرة، أردف بضيق - أرأيت حينما تدخل نوران في الأمر ، تغضب مني .
نظر إليه عاصم : أنا أغضب منك لأنك أخطأت في حقي ، وليس لأجل نوران يا اخي .
احنى عمار رأسه قليلا ليقبل طرف كتف أخيه : المعذرة مرة أخرى ، لا تغضب مني ، انت تعلم أنا لا أحب اغضابك .
ابتسم عاصم بود ليربت على كتفه بأخوة : لن أغضب منك أبدا يا اخي ، إلا لو استمررت في الطول هكذا ، لا أفهم كيف تكون الصغير وأنت تفوقني طولا .
ضحك عمار بمرح : إنها مشيئة الله ،
ضغط عاصم على كتفه بأنامله : نحن الإثنين كما يقول بابا لا يفرقنا أحد ، ولن يدخل بيننا أحد .
اكمل عمار ببقية الجملة التي حفظاها عن ظهر قلب من كثرة ما رددها عليهما والدهما : أخوه واشقاء للأبد .
انتبها إلى وصول اباهما فهرع عمار إليه قافزا وتبعه عاصم بخطوات واثقة فوجد أخيه يتعلق برقبة أبيه كالمعتاد يسأله بحماس عن نوع الطفل الجديد ، ابتسم عاصم بعد أن رحب بابيه على هتافه المرح مجيبا لأخيه : ولد جديد ينضم إلى العائلة يا اولاد .
انتشى فخرا وهو يتبع : أدهم وائل عاصم الجمال ، امتداد جديد باسم جدكما رحمة الله عليه .
ردد عاصم بشجن : رحمة الله عليه
في حين قفز عمار صائحا بمرح ليركض من حول أبيه وهو يطلق صوتا من فمه ويده تربت على شفتيه متشبها بالهنود الحمر ، ضحك عاصم بمرح وخاصة حينما قلد أبيه حركة عمار فجلبت أصواتهم والدته التي أتت مسرعة وبنتي عمه اللتين اتتا خلف امه ، أميرة تخطو خطوات سريعة و نوران تجر خطواتها الثقيلة تمسح دموعها بظهر كفها الأيمن وتحتضن لعبتها الأثيرة وتنظر إليهم بعدم فهم .
__ وليد ، صاحت والدته بتعجب فيبتسم أبيه باتساع ويحتضن امه بقوة : تعالي واحتفلي معنا بقدوم ولي عهد وائل .
ضحكت امه برقة قبل ان تتملص من ذراعي والده وتنظر له بعتب ، اقتربت أميرة منهما فيرحب أبيه بها يضمها إليه بحنان ويقبل رأسها ،فسألته عن حال والدتها ليجيب : أنها بخير سنذهب إليها ليلا ،
همست أميرة برقة : والطفل يا عمي .
أجاب أبيه بابتسامة واسعة : أدهم ، رزقتما باخ شقيق يا أميرتنا الغالية .
تهللت ملامح أميرة بفرحة غمرتها ليقاطع فرحتهم صوت بكاء الأخرى الذي صدح حادا قويا وهي تركض عائدة للغرفة من جديد وتغلق الباب خلفها بقوة .
لم يستطع منع نفسه فتبعها دون وعي كامل منه ليطرق الباب بطرقات متتالية وهو يهتف باسمها منادي قبل أن يفتح الباب ويدلف إلى الغرفة وهو يكتم أنفاسه التي تبعثرت بسبب دموعها المنهمرة بغزارة تحتضن دميتها بقوة وتدفن أنفها في جانب عنقها تجلس على حافة الفراش وكتفيها يتهدلان بحزن عصف بقلبه فاقترب مسرعا منها يجلس القرفصاء أمامها وهو يهتف باسمها في همس خرج من قلبه ، مد كفيه ليمسح دموعها المنهمرة و يهدهدها بكلمات رقيقة حانية أن تتوقف عن البكاء .
بكت ففز قلبه بألم شق صدره ليهمس لها : توقفي يا نوران أرجوك ، لماذا تبكين أخبريني ؟!
نهنهت ثانية ليشعر بألم قلبه يزداد فيحثها على الحديث ، همست بصوت ابح : سيتوقف الجميع عن حبي ، وبابا لن يتذكرني ، سيحب الطفل الجديد ولن يلتفت لي مرة أخرى ، لقد أتى طفل ذكر كما كان يريد.
ارتفع حاجبيه بذهول ليسأل بحنو : لا تستمعي إلى كلمات عمار ، أنه ابله ، ألم نتفق من قبل على ذلك ؟!
هزت رأسها بحزن طفولي : أنها ليست كلمات عمار ، بّابّي من قال هذا .
__عمي ؟! اتبع بسرعة بديهة - عمي أخبرك أنه سيحب الطفل أكثر منك .
تشنج جسدها في نفضة بكاء لتهمهم بطفولية من بين دموعها : لا ولكنه طوال الفترة الماضية كان يتحدث عن الولد القادم ، اشترى له الكثير من الأشياء ، دمى .. سيارات لعبة .. ملابس جديدة ، لقد أتى له بدمية كبيرة زين بها الغرفة الجديدة ولم يأت لي بواحدة مثلها ، بل إنه نسى أن يأتي لي بالعروس التي طلبتها منه ، وحينما سألته عنها أخبرني أنه لم يجدها ، وأنا اعلم أنه نسى الأمر حينما فكر في البيبي الجديد ، كما لم ينتبه لطلب أميرة في إعادة طلاء غرفتها وطلى غرفة الطفل فقط .
رق قلبه إلى أن ذاب ليتمتم بقهر من بين اسنانه : اه يا عمي .
انهمرت دموعها من جديد فربت على رأسها بحنو واقترب منها كيفما استطاع ليمسح دموعها من جديد : هلا توقفت واستمعت لي ؟!
تحكمت في دموعها قليلا فتابع بهمس : ما سأخبرك به سيظل سرا بيننا ، اتفقنا ؟!
أومأت برأسها وعيناها تستعيد لمعانها فهمهم متابعا : عمي لم ينس عروسك يا مدللة بل لم يجدها بالفعل وقد طلب المجموعة بأكملها من المتجر ليأتوا بها لأجلك ، أما غرفة أميرة لقد كان يتحدث مع أبي الأسبوع الماضي ويتفق معه أن تقوم شركته بتغيير أثاث وطلاء وديكورات غرفتيكما فتصبحان جديدتان ، أجدد من غرفة الطفل القادم .
انقشع الحزن من ملامحها فتابع بثقة وهو يرى ابتسامتها تتكون فوق ثغرها من جديد : عمي يحبك وسيظل يدللك حتى لو رزق بعشرة أطفال يا نوران ، كلنا نحبك ولن يأت أحدا يأخذ مكانتك أبدا .
رفت بعينيها لتساله بهمس : حتى أنت ، اعلم أنك متحمس للطفل وخاصة أنه أتى صبي ،
هم بالنفي لتشير بأصبعها في وجهه : سمعتك أنت وعمار وانتما تمزحان بشأنه وأنه سيكون أخا جديدا لكما في أسرة مليئة بالفتيات .
ضحك وعيناه تلمعان بسعادة : لا أنكر اني متحمس لكونه صبي ، ولكن هذا لا يعني ان يأخذ قدرك عندي .
أزاح خصلاتها للخلف لينظر إلى عينيها : ألا تعلمين مكانتك عندي يا نوران ، ألا تدركين مدى قدرك لدي يا مدللة ؟!
هزت رأسها بطفولية لتهتف بدلال وهي تشبك أصابعها بكفيه : لا ، هيا أخبرني .
انطلقت ضحكته بنغمة رجولية شقت صوته : يا لك من مدللة.
هزت كتفها بدلال طفولي : يحق لي .
ومضت عيناه ليتمتم بصوت ابح : وأكثر .
تابع وهو يجلس أرضا أمامها : أتعلمين سأخبرك شيئا لا يعرفه أحد ، واعتقد أنك لن تتذكريه حينما تكبرين ، ولكنه شيئا مخبئا في قلبي لك .
ثنت ساقيها تحتها وهتفت بحماس : أخبرني .
هم بالحديث ولكنه توقف على صوت أبيه القوي الذي دلف إلى الغرفة يرمقه بعينين متسعتين قبل أن يلتفت إليها ويهتف بمرح افتعله : ما بال مدللة العائلة غاضبة تبكي ولم ترحب بوصولي ؟!
قفزت واقفة فوق الفراش لتتعلق برقبة وليد الذي ضمها إليه بقوة وقبل رأسها ثم سألها : لماذا أنت غاضبة يا نوراني ؟!
ابتسمت بسعادة : لم أعد غاضبة ولا حزينة ،
التفت إلى ولده الذي نهض واقفا فقال وهو يرمقه بعتب قوي اجفل عاصم بسببه : طبعا والبركة في عاصم .
هتفت بطفولية وهي تقفز واقفة على الأرض : أنه دوما عاصم ، قفزت وتعلقت برقبة عاصم الذي تشنج جسده ونظر إلى أبيه الذي انقلبت ملامحه غضبا وهي تهتف بسعادة طفولية : أنا أحبك عاصم .
احتقن وجه عاصم بقوة وهو يجابه نظرات والده الغاضبة في حين انطلقت للخارج وهي تهتف : سأذهب لأرى أميرة .
ظل وليد يرمقه قليلا قبل أن يهتف بجدية : ما حدث اليوم لا أريد تكراره
اختلجت عضلة صدغه ليهمهم بحرج : ماذا حدث يا أبي ؟! لم يحدث شيئا .
هدر وليد بخفوت : بل حدث ، وانت تعلم فلا تتذاكى يا ولد ، ما سمعتك تتحدث به إلى نوران وطريقتك الحانية معها دلالك المبالغ فيه وهتافها بحبك ، كل هذا لا يحدث مجددا .
ابتسم وهو يفتعل عدم الفهم : أنا ادللهن جميعا يا أبي واحنو عليهن ، انهن اخواتي اللائي لم تنجبهن امي ، أليس هذا حديثك يا أبي ؟!
رمقه أبيه قليلا ليساله بجدية : وهل نوران مثل البقية يا عاصم ؟!
ازداد لعابه وهم بالإجابة ليشير إليه أبيه بيده يستوقفه : ما سمعته اليوم منك لم أسمعك تتحدث به مع اي من بنات عمك من قبل ، حتى الصغيرة ملك لم تتحدث إليها بتلك الطريقة التي رايتها بعيني ،
أخفض عاصم عينيه فزفر وليد بقوة : إذا سأخبرك أمرا اتمنى أن تحفظه كما حفظت كل حديثي سابقا ، أنت الوريث المنتظر ، خليفة العائلة حامل اسم جدك ، من سيرعى شئون آل الجمّال فيما بعد ، ذراع عمه الأيمن وعصاي الذي اتكأ عليه ، مكانتك تختلف عن أخيك وحتى عن ابن عمك الذي نحتفل بقدومه ، عمك احمد يحبك كولده ويوصيك بابنته الوحيدة لتكن لها أخا ، عمك الأقرب لك مني يستأمنك على بنتيه ، وحتى زوج عمتك دائما يخبرك بأنك الأخ الأكبر لطفلته ، هل إذا أستمع أحدهم لحديثك اليوم سيظل يثق بك ، هل سيأتي أحدهم ببناته إلى البيت ويتركهن فيه يا عاصم ؟!
احتقن وجه عاصم بحرج فاتبع وليد : بنات عمومتك أمانة برقبتك وأنا لا اعتقد أبدا أنك خائن للأمانة ، وما رأيته اليوم لا يضاهي الصورة التي ظننتك عليها .
احنى عاصم رأسه بحرج ، ليسحب وليد نفسا عميقا وضغط على كتفه بحنو :لذا سأتناسى ما رأيته وسأعتبره لم يحدث قط على أنك تعدني أن لا تكرر ما سمعته منك ، وأن لا تفعله ثانية ، نوران اختك الصغيرة المدللة التي ستقوم برعايتها وحمايتها ، وفقط يا عاصم .
شعر بحلقه يجف وروحه تختنق فيهتف وليد باسمه ثانية فيردد بصوت مخنوق : أعدك يا أبي .
ضمه وليد إلى صدره : هذا هو بكري ، وبكر آل الجمال كلهم .
رسم ابتسامة باهته فوق شفتيه و أومأ برأسه في تفهم واقرارا بمسئوليته اتجاه عائلته
***
وقفت امام المرآة تتأكد من زينتها الكثيفة تبرز ملامحها وتزيد من جاذبيتها والاهم تخفي خلفها الكثير يعتمل في صدرها ، يجول داخل أروقة قلبها ولا تستطيع الفكاك منه ، ومضت عيناها بلهيب حارق وهي تتذكر الليلة الأخيرة قبيل سفره ، ليلة التجمع العائلي حينما عادا إلى بيتهما ، شجارهما الذي نشب من عدم ، واختلافهما الذي تحول فجأة الى معركة كلامية انتهت ببكاء الصغيرة واعتزالها إلى غرفتها وتركه من خلفها لا يفهم ما يحدث من حوله !!
نعم فهي شعرت بحيرته .. تشتته .. خوفه .. وغضبه ، ولكنها لم تمنحه راحة لا تعلم لها سبيل ، راحة لا تشعر بها .. ولا تحاوطها ، راحة غادرتها حينما تسلل شك غادر الى قلبها ، أكده هو بتوتره وترقبه لها ، وكأنه يعلم بأن سيأتي اليوم الذي تعلم ما يخبئه عنها .
ابتسمت ساخرة وهي تواجه نفسها ، تنبه قلبها ، وتحنو رأسها بإجلال الى عقلها الذي حدثها من قبل أن هذه السعادة التي حيت بها لن تكون دائمة .. أن بحثه عنها .. ركضه من حولها .. مطاردته لها ، لم تكن صادقه ، بل أن ما ردده على مسامعها من وعود الهوى .. مشاعره الجارفة ، وشوقه المحموم لها كان كذبا ، نهرها قلبها وهو يئن صامتا ، يدافع عن مشاعرها التي تتحكم بها بيد من حديد ، فتكبت حبها .. شوقها .. والمها لبعده عنها ، حتى تلك الليلة بعد أن تركته وجاورت ابنتها فراشها ، وحاول هو راب الصدع بينهما تمنعت عليه ببرود آلمه وكسر قلبها ولكنها لا تستطيع ، لا تقوى أن تترك لنفسها العنان معه وهناك شك يُضمر بقلبها .
لم تنم ليلتها ، بل لم يغفل جفناها ولو دقيقة واحدة تقلبت على فراش من الجمر إلى موعد رحيله صباحا نهضت لتنظر إليه قبل أن يغادر ، فتوقف وحدق بها ، تأملته وتحدثت بصوت ابح : ستسافر اليس كذلك ؟!
زفر بقوة و نظر إلى عمق عينيها قبل ان يسالها بهدوء : هل ما يثير ضيقك هو سفري ؟!
اشاحت برأسها بعيدا قبل أن تجيب ببرود افتعلته : ألا تسافر من أجل العمل ؟!
__بلى أسافر من أجل العمل ، ولكن اذا كان عملي يثير ضيقك .. يحزنك ، سأعتذر عنه .
ابتسمت ساخرة : حقا ؟!
رفع حاجبيه ذهولا قبل أن يقترب منها يحاوط ساعديها بكفيه فيجذبها اليه بحنو ، اخفض راسه ينظر إلى عينيها ويهمس متسائلا بحيرة : فيم اخطأت لتعاقبيني يا إيناس ؟! هل اذيتك دون قصد ؟! هل جرحتك دون أن أدري ؟! اخبريني .
نظرت إليه مطولا : هل فعلت يا ادم ؟!
هز رأسه نافيا فابتسمت : حسنا لا داع لخوفك .
رمقها بشك ليزفر بقوة : حسنا يا حبيبتي ، أراك على خير
حينها ضمها إلى صدره باحتواء لطالما كان قادر على بثه إلى أطرافها وحنان لطالما احتاجت له ، أحيى كل مشاعرها ناحيته لدرجة أنها اسكتت عقلها و اطفأت شكوكها إلى أن اتت لها هذه الرسالة مجددا ، رسالة نسفت منبع إيمانها به ومعها بعثرت ما كنته له منذ سنوات وسنوات ، ما خبئت له في أعماق روحها ، وما كبره هو فنمى ليحتل قلبها ويستولي عليه ولكن هي ليست كالبقية هي ايناس سليم لا تتواهن أبدا في حقها .
انتبهت من افكارها على صوت المعد يخبرها بأنه دورها لاعتلاء المسرح فابتسمت بثقة وخطت بشموخ لتجاور مطرب آخر اجنبي أومأ لها بتقدير فلمعت عيناها بثقة مكللة بنجاحها قبل أن تشدو إلى جواره اغنية ثنائية مدمجة بين اغنية عالمية خاصة به واغنية خاصة بها ، ترح ما تحس به وما يتغلغل داخل روحها
انسى الموضوع ياعني سيبك .. انا حبي خلاص مش نصيبك
بتقول في كلام بس عيبك .. انك كداب
متكلمنيش عن هوانا .. مش عايزة دموع للامانة
الضعف ده نوع من الاهانة .. مش ناقصة عذاب .

***
حفل السبوع
يراقبها بعينين مترقبة لأدنى فعل تقوم به ، قلبه يرتجف لأجلها وهو يرى نظراتها الضائعة تبحث عنه تريد البكاء ولكنها تتماسك لأجل ألا تظهر باكية في صور الإحتفال بأخيها الصغير ، يشعر بضياعها وهو بعيد عنها ولكنه لا يجرؤ على مخالفة أمر والده
عض على شفته بقوة وهو يتابعها بحدقتيه تنأى بنفسها بعيدا عن التجمهر الملتف حول مهد الصغير الذي يتوج ملكا الليلة ، صخب كثير من حوله وأناس كثر متواجدين اليوم لتهنئة عمه بقدوم ولي عهده وبكرسي الوزارة الذي سيجلس عليه ، يباركون له ويهمسون بأن الطفل الجديد أتى محملا بخير ورزق ووجه حسن على والده الذي تم اختياره ليكون خليفا لأبيه المتوفى .
زفر بقوة وهو يتبعها حينما خرجت من باب قصر جده والذي يسكنه عمه وكأنه يخلف جده في ارثه كاملا وكأنه ولد وحيد لا يشاركه أخوين في إرث والدهم ، ولكن عمه مكانته مختلفة عن أبيه وعمه الآخر ، فهو الكبير رغم انه الولد الأوسط لعاصم الجمال ، لا يعلم هل تنازل والده عن مكانته وتركها لعمه ام جده من وضع عمه فوق كتفي الاخرين ، كل هذا لا يهمه الآن ما يهمه هذه الصغيرة التي تنتحب بصمت تحت جذع الشجرة العتيقة في الحديقة
وقف أمامها يتأملها لتشعر به وترفع رأسها إليه تهمهم باسمه في استجداء آلم قلبه فسقط جالسا على ركبتيه أمامها ، رمت نفسها بين ذراعيه وتعلقت برقبته ونحيبها أزداد ، تحتضنه بذراعيها الصغيرين وتتشبث فيه بكل قوتها الضئيلة ، تنهد بحرقة قبل أن يطاوع قلبه فيضمها إلى صدره بحنو ويربت على رأسها برقة : لا تبكي
نهنهت ليغمض عينيه بتأثر فيؤمرها بصرامة : توقفي يا نوران .
انتفضت بجزع من لهجته وحاولت الإبتعاد عن حضنه ليبقيها بصدره ويربت بحنو على ظهرها وهو يهمهم بصوت حان : ألم أخبرك من قبل انني لا اتحمل دموعك ، فتوقفي لأجلي .
سحبت نفسا عميقا وهي تحاول أن تمتثل لأمره فيبعدها قليلا عن صدره وينظر إلى ملامحها الطفولية المتألمة : أخبريني ما سبب بكائك الآن ؟! الست فرحة بالحفل ؟!
ردت بصوت ابح : بلى أنه جميل ولكن .
صمتت ليحثها بعينيه فتكمل : لا أحد يهتم بي ،كلهم مشغولون بادهم ولم يلتفت لي احد ، نهنهت بالبكاء من جديد وهي تكمل - بحثت عنك فلم أجدك فشعرت بأني ضائقة ، لذا أتيت لهنا فأنا عندما أشعر بالضيق اتي إلى هنا .
ابتسم بحنان تدفق من عينيه : انا هنا الآن .
نظرت له قليلا قبل أن تسأله : هل انت غاضب مني ؟!
هز رأسه نافيا فتكمل : إذا لماذا توقفت عن الاهتمام بي ، لماذا توقفت عن اللعب معي وشراء الحلوى لي ، بل انت توقفت عن الحديث معي ، إذا كنت اغضبتك اخبرني
ابتسم وربت على أعلى رأسها ويده الأخرى تلاعب خصلاتها : لم أغضب منك يا صغيرتي ، فقط تشغلني دراستي عنك .
__ اكره الدراسة ، لقد درست كلمات عربية جديدة لا أستطيع كتابتها وانتظرتك الأسبوع الماضي حتى تدرسني كما تفعل دوما فلم تأت
رمش بعينيه وهو يتذكر رفض أبيه أن يذهب كما أعتاد لزيارة عمه فيخبره أنهم سيذهبون جميعهم للحفل فلا داع لذهابه بمفرده
همس: المعذرة يا نور لم أستطع القدوم ولن استطع المجيء الفترة المقبلة ، فدراستي تأخذ وقتي كاملا سأخبر أميرة أن تساعدك
شحب وجهها لتنظر إليه بعدم فهم قبل أن تنتفض واقفة في حدة : لا أريد مساعدة من أحد ، لا منك ولا من أميرة .
همت بالابتعاد لتقف وتنظر إليه قليلا بعينيها كثير من تساؤلات ليس لديه إجابة عليها ، اشاح بعينيه بعيدا وهو يهتف بها : سيكون هذا افضل لك فالدلال الزائد غير مفيد يا نوران ، اعتقد أنه حان الوقت لتعتمدي على نفسك اعتمادا كاملا .
تجمعت الدموع بعينيها ولكنها أبت أن تبكي لتضرب الأرض بقدمها في طفولية وهي تصرخ : كنت اعلم أنك كاذب .. مخادع ، وعدتني أن تهتم بي ولا تتبدل كالجميع بعد قدوم الطفل الجديد ، ولكنك لم تفعل .
تنهد بقوة وقبل أن يهمس مبررا ، ينهض ليحتويها يمسح دموعها يهمس لها بمكانتها المختلفة لديه ،توقف وهو يتذكر تحذير أبيه فيخنق خفقاته المطالبة و يهمس بصرامة : توقفي عن الدلال يا نوران فأنت أصبحت صبية الآن لست تلك الطفلة المدللة التي تصرخ مطالبه بحلوى شقيقتها ، اكبري يا نور فهناك طفل صغير هو أحق بهذا الدلال منك
انتفضت أمام عينيه لتتهدل كتفيها بخذلان شطر قلبه إلى نصفين قبل أن تهرول بركض مختفية من أمامه فيقبض بكفيه على العشب الأخضر من حوله يخلعه من جذوره مع كل خفقة تنهره على قسوته معها ، مع كل صيحة ألم لقلبه ، مع كل همسة استجداء من روحه تحثه على الركض خلفها ومراضتها كتم تأوه كاد أن يشق حلقه إلى نصفين إذا وصل إلى حنجرته لتتجمد دموع عينيه فتغلف حدقتيه برقراق شفاف يشوش رؤيته قبل أن يندثر متراجعا وهو يرفع رأسه عاليا بشموخ أصبح جزء من روحه
********
سارا متجاورين يضع كفيه في جيبي بنطلونه أما هي فكانت تعقد ساعديها أمام صدرها لتساله : هل تحتاج مساعدة في دراسة الفيزياء كاخيك ؟! أستطيع مساعدتك.
رمقها بطرف عينه ليهز رأسه نافيا : بل إذا احتجت مساعدة تعالي لأدرسها لك ، فأنا موهوب في دراسة المواد العلمية
ابتسمت بمرح : نعم بروفسيور ناصر كان يتحدث عن نبوغك أول البارحة في حصة الكيمياء ، ولذا أنا متعجبة من اصرارك على دخول الكلية الحربية بعد انتهاء الدراسة الأساسية
زفر بقوة : لم أرى نفسي أبدا عالما ، بالعكس حينما كان عادل يتظاهر بأنه سيكون عالما ، كنت أنا منبهر بزي والدي المختفي بين طيات صوان ملابسه ، كثيرا ما ضبطتني ماما وأنا أضع قبعة أبي فوق رأسي وارتدي سترته
ضحكت بمرح : نعم مثلما كنت أنا أرتدي بالطوا أبي الأبيض والعب بسماعته الطبية وأدواته .
ابتسم وهو ينظر إليها : ستصبحين طبيبة ناجحة ،أنا متأكد
اتسعت ابتسامتها قبل أن تتجمد ملامحها وعيناها تلتقطان جلوس عاصم أرضا فتتسع بفزع وتركض نحوه بخوف حقيقي تهتف باسمه في هلع قبل أن تجلس أمامه على ركبتيها وتهزه برفق حينما اكتشفت أنه يعي ما حوله : أنت بخير ؟!
رفع نظره إليها وملامحه جامدة : بخير يا جانو ، سالته بعدم فهم – لماذا تجلس هكذا إذا كنت بخير ؟!
انتفض واقفا وهو ينفض أثار العشب عن ملابسه : استأت من الصخب فأتيت لأجلس هنا .
رفعت حاجباها وعيناها ترمقانه بتشكيك امتزج مع عدم تصديقها اشاح بعينيه بعيدا فيدرك وجود اسعد الواقف يزين هامته عبوسا لا يفهم له سببا .
اشار له براسه فاقترب أسعد منهما بخطوات متثاقلة وكانه لا يريد الإقتراب ، ينقل نظره بينهما في تساؤل لمع بمقلتيه ولكنه أخفاه داخل تلافيف عقله وهو يبتسم بلباقة : أنت بخير يا عاصم ، لقد افزعت جنى عليك .
ابتسم عاصم بمرح مفتعل قبل أن يضع ذراعه فوق كتفي جنى ويهتف : إنها قلقة علي دوما ، ما الجديد يا أسعد ، لابد أن تكون اعتدت .
انغلقت ملامح اسعد وهو ينظر إليها منتظرا ردة فعل لم تقم بها فيبتسم من بين أسنانه ويهمس : معك حق ، اكمل بصوت جاد – أعتقد اني سأعتاد ذات يوم .
نفضت ذراع ابن عمها من فوق كتفيها : بل أنا من ستتوقف على الخوف عليك أيها المتباهي ، لا أفهم لماذا يعاملونك على أنك غير البشر جميعا ؟!
شاكسها بملامحه : اولست كذلك ؟!
اصدرت صوتا ساخرا : كفاك غرورا يا عاصم ، أنت طبيعي أكثر من اللازم .
التمع الخبث بعينيه ليفرقع أصابعه قريبا منها وهو يهتف بمكر : حقا ؟!
انتفضت بخفة وهي تصرخ بتحذير : توقف يا عاصم ،
ضحك عاصم بتسلية : لن أفعل فرؤيتك وانت تقفزين مسلية يا ابنة عمي العزيزة .
مد أصابعه ليدغدغها كالمعتاد ، لتقفز مرة أخرى وتتمسك بظهر أسعد الذي دفعته لتحشره بينها وبين عاصم وهي تصرخ باستنجاد : أوقفه يا أسعد فهو يعلم بأني أغار.
التفت أسعد ينظر إليها بحدقتين مشتعلتين ارهباها فانتفضت وجلا ، وخاصة حينما قبض على ذراع عاصم ودفعه بعيدا في جدية لاحت فوق ملامحه دون أن يلتفت إليه ، ليستدير أخيرا ويرمق عاصم بنظرة جامدة : توقف يا عاصم ألا ترى أنها استنجدت بي منك ؟!
رمقه عاصم بنظرة مطولة قبل أن يتحرك مقتربا : نعم أرى وهذا يجعل حسابها معي مضاعفا ، فليس من المفترض أن تستنجد بك من اخيها .
لانت ملامح أسعد فيبتسم عاصم بمكر لمع بمقلتيه لينظر إلى ابنة عمه ويهتف بمشاكسة : هل تلوذين بالأمير مني يا جانو ؟!
تنحنحت بحرج وهي تترك سترة اسعد لتهمس باعتذار رقيق عفوي قبل أن ترد بتحدي وهي تقف أمام عاصم : نعم أسعد صديقي .
ضحك عاصم وهو يلف ذراعه حول كتفيها بعفوية : وصديقي أنا الآخر ، تعالوا لنعود إلى الإحتفال .
*********
__انظر إليه يا أحمد إنه رائع ، التفت إلى تؤامه ينظر إلى الطفل الذي تحمله وهي منبهره بابن خالته الوليد – إنه يشبه ابيه للغاية
هتفت هنا بمرح : لذا هو رائع يا اخي .
لوى شفتيه بتبرم ليتمتم من بين أسنانه : نعم أعلم رأيك في ابيه جيدا
أخرجت لسانها له في مشاغبة لتجيبه وهي تناوله الطفل : حسنا أحمله قليلا إلى أن أعود ، سأذهب لأرى اين ذهبت تامي .
حمل أدهم مضطرا ليتأمله قليلا وهو يهمهم : هل ستحمل أيا من ملامح تامي يوما ؟! ام ستكبر وتغدو نسخة من أبيك ؟!
تنهد بقوة ورفع رأسه لينظر إليها بتعجب تقف أمامه وكأنها تنتظره أن يلتفت لها ، اتسعت ابتسامته بحفوة : يا مرحبا بالأميرة ، لماذا تقفين هكذا ؟! اقتربي أتريدين شيئا ؟!
عضت شفتها بتوتر واقتربت منه في خجل فينحني جالسا على ركبتيه أمامها فيصبح في مستوى طولها لتهمهم بخفوت : أريد أن احمل أدهم ولكني خائفة .
ومضت عيناه ببريق حان ليهمس مشابها لطريقتها : ولماذا تخافين ، اهناك أميرة تخاف ؟!
هزت كتفيها بعدم معرفة ليتابع ضاحكا : حسنا سأساعدك .
نظرت إليه بلهفة وتساؤل فاكمل : فقط اقتربي ، نفذت ما طلبه على الفور فيضع اخيها الصغير بين ساعديها ويرشدها بكلمات حانية لطريقة حمله وحينما ضمته إلى صدرها احاطها بساعديه القويتين وهو يهمس بجوار أذنها : هكذا ، اطمئني لن توقعيه أبدا فأنا احاوطكما .
ابتسمت بحبور ملاها وهي تضم اخيها إلى صدرها بحنان زائد فيبتسم هو الآخر ويثرثر بأذنها : أنت حانية بفطرتك يا ميرا
تمتمت بطفولية : أنا سعيدة جدا بقدومه ، إنه جميل ورائع .
هم بالحديث ليصدح صوت شقيقته : ارايت انه ليس رأيي لوحدي ؟!
ضحك بخفة لتتابع هنا : هيا انظرا إلى الكاميرا لالتقط لكما صورة ستخلد للذكرى .
همس باذن أميرة وهو يقربها من صدره أكثر: ابتسمي يا أميرتي .
رفع رأسه لينظر إلى الكاميرا وهو يبتسم بسعادة حقيقية شعت من حدقتيه قبل أن تشير إليه هنا بأنها التقطت الصورة وتقترب منهما لتحمل أدهم من بين ساعدي اميرة وتهتف : سأذهب به إلى تامي .
انتفض واقفا بعد أن ابتعدت هنا لتساله أميرة : هل ستغادر ؟!
التفت إليها بتعجب : لا لماذا توقعت أني سأنصرف ؟!
تمتمت : مامي تتحدث دوما عن انشغالك في دراستك والجامعة .
ابتسم بحنو: نعم أنا ابذل جهدا في دراستي حتى استطيع أن احصل على منحة فأسافر إلى الخارج .
ردت بتلقائية : خالتو منال لا تريدك أن تسافر ، سمعتها تخبر مامي بهذا .
اثر عدم الرد فتتابع سائلة بتردد : هل فتيات الجامعة جميلات ؟!
ضحك بمكر : بل أجمل من الجميلات .
فركت كفيها بخجل انتابها قبل أن تساله بهمهمة خافتة : هل لديك صديقة ؟!
رد بتلقائية : بل لدي الكثير من الصديقات .
فغرت فاهها بذهول تمكن منها لينتبه هو إلى صمتها فينظر إليها قليلا قبل أن يعاود الجلوس على ركبتيه أمامها ويسالها بجدية وهو يبعد خصلات غرتها عن عينيها : هناك شيئا محددا تريدين معرفته يا أميرة ؟!
عضت شفتها السفلى مرة أخرى لتهمس : لماذا ستسافر إذا ؟! هل ستترك صديقاتك وتسافر ؟!
عبس بغرابة : ما دخل صديقاتي بسفري ؟!
شحب وجهها فردد اسمها محثا إياها على الحديث فقالت : سمعت مامي تقول لخالتي انك لن تسافر إذا كان لديك صديقة .
ضحك بخفة : آها ، أنت تقصدين أن يكون لدي حبيبة .
رمشت بعينيها كثيرا لتنظر إليه بعينيها الواسعة : هل لديك حبيبة ؟!
اسبل اهدابه : في الجامعة ؟! ترقبت اجابته فأكمل بمكر – لا .
همست بحزن اعتلى ملامحها : إذا ستسافر لأن ليس لديك حبيبة هنا .
ابتسم ورتب على رأسها : بل سأسافر لأن لدي حبيبة هنا .
نظرت إليه ببراءة وهتفت : لا افهم .
ضحك بخفة : تذكري كلماتي جيدا لأنك حينما تكبرين ستفهمينها جيدا .
رفعت بعينيها وهي تحاول أن تدرك فحوى حديثه وهمت بالحديث قبل أن يصدح صوت عاصم : ميرا أين أنت أنا ابحث عنك .
ابتسمت برقة والتفتت إلى ابن عمها الذي اقترب منهما ليقف بينهما قاصدا : ماذا تفعلين هنا وتركت الحفل ، عمي يبحث عنك .
__كنت اتحدث إلى أحمد .
رفع نظره الى أحمد الذي ابتسم باستخفاف : مرحبا يا ابن الجمال .
ابتسم عاصم من بين أسنانه : مرحبا يا أحمد بك ، كيف حالك ؟!
تحكم أحمد في ضحكته : أنا بخير ، لعلك تكون أنت الآخر بخير .
سحب عاصم نفسا عميقا : بل بألف خير والحمد لله ، التفت إلى أميرة - اذهبي يا ميرا إلى عمي فهو يريدك لتنضمي إلى صورة العائلة .
أومأت برأسها إيجابا وابتعدت فعليا ليرمق عاصم أحمد بعدم رضا فابتسم أحمد بمكر وقال هازئا : تعجبني روحك الثائرة يا فتى ، فأنت لا تهاب شيء رغم صغر سنك ، تضع رأسك برأسي وكأننا اصدقاء وتتناسى أني اكبرك بثمان سنوات كاملة .
رفع عاصم رأسه باعتداد : الأمر ليس بالسن يا ابن الخواجة ، بل بالمكانة وأنت تعلم مكانتي جيدا .
لمع الإعجاب بعيني أحمد : لا أنكر مكانتك يا وريث آل الجمال ولكن تذكر انت جيدا أنني أيضا لدي مكانتي الخاصة في قلوب بيت عمك .
اكفهر عاصم غضبا فتابع أحمد بمكر : زوجة عمك التي تغدق عليك دلالها أنا بكريها الذي لن يأت له مثيل ، أنا من رأته أولا وربته أولا ، فلا تخلق عداوة بيننا لا سبب لها ، لا تتبع أبيك الروحي في كل شيء ، واستعمل عقلك هذا ، وأنا أعتقد أنك مع مرور السنوات ستتغير
اتبع وهو ينصحه بصدق : أنت ذكي وأنا أثق بعقلك ، ثم فرقتنا لن نجني من ورائها شيء ، سيأتي يوما وسنكون معا ، من الأفضل ان نكونا صديقين وخاصة أن لا يوجد اختلاف جوهري بيننا .
اهتزت حدقتي عاصم بتفكير فتكلم أحمد : ما تظنه أنت ليس صحيحا ، ومن تخاف عليها وتحميها مني ، حملتها أنا بين ذراعي حينما كنت أنت تتعلم نطق الأشياء .
رمش عاصم بعينيه فاكمل أحمد بهدوء : سيظل لفارق السن عامل كبير يا عاصم ولكن مع هذا حينما تكبر سأرحب بصداقتك فأنت ستكون شابا مميزا
شرد عاصم قليلا ليساله بجدية : هل حقا ستسافر ؟!
ضحك أحمد بخفة واقترب منه : هل ستحزن لسفري ؟!
عبس عاصم بضيق : لا طبعا ،
ضحك أحمد باستمتاع : تعجبني صراحتك ، صمت ليتابع بجدية - إذا هلا استأمنتك على شيء ستحافظ عليه لأجلي ؟!
رد عاصم بحمية : بالطبع .
ابتسم أحمد بإعجاب : حسنا تعال لنتحدث .
***
تمتم بجانبه : آلام تحدق هكذا ؟!
همهم بنبرة خافته : إليها ،
التفت إلى حيث ينظر أخيه فتعتلى الدهشة ملامحه قبل أن يعبس : لماذا تنظر إليها هكذا ؟!
ركز بصره عليها أكثر قبل أن يهمس : احب لون شعرها الفاحم .. ذقنها المشطور .. وشموخ أنفها .
تمتم عمر بضيق : إنها مغرورة .
صحح بجدية : بل فخورة بنفسها .
اكمل وهو يخفض بصره قليلا : أحب اعتددها بماهيتها .. هدوئها .. وابتعادها عن الجميع ، انظر إليها كيف تتململ واقفة فلا تلعب مع البقية لإيمانها بكونها الأكبر ، ورغم ضيقها من وقوفها إلا أنها لا تتنصل من مسئوليتها تجاه اخيها فتراقبه عن كثب وتنتظر أي لحظة أن يحتاج إليها فتكن بعونه
تجلت الدهشة على ملامح عمر قبل أن يهمهم : لا تروق لي .
ابتسم عبد الرحمن اخيرا ليهم بالتحرك : هذا افضل .
تمسك اخيه بساعده : إلى أين ؟!
رمقه بطرف عينه : ماذا تريد ؟!
هز عمر رأسه : لا شيء فقط لا افهم لماذا تلاحقها ؟!
نظر إلى تؤامه بغرابه : نحن أصدقاء كالبقية وأنا لا الاحقها أنا ذاهب لألق التحية عليها وأسأل عن أحوالها
هز عمر كتفيه قبل أن يتحرك في اتجاه مغاير: على راحتك سأذهب لأرحب بسليم لقد وصل للتو
اقترب منها يبتسم بلطف يضع كفيه في جانبي سترته ويهتف بمرح : مرحبا .
عبست وهي تلتفت له بتعجب تدير عيناها عليه ثم تجيب التحية باقتضاب اجفله ولكنه لم ييأس بل هتف بمرح ثانية : كيف حالك لماذا تقفين بمفردك ، مد كفه ليجذبها من ساعدها بلطف - تعال وامرحي معنا .
انتفضت وجذبت يدها بعنف منه قبل أن تصيح بحدة ونبرة رفيعة اثارت ضيقه :لا تضع يدك علي ، ثم هل أنا طفلة لأمرح معك ، ابتعد أيها الأجنبي ودعني وشأني
عبس بغضب وردد بجدية : أجنبي - ضحك بخفة : إنه أنا يا روكا عبد الرحمن ، لما تنعتينني بالأجنبي ؟!
رمته بنظرة من طرف عينها : لأنك أشقر يا ابن الخواجة ، ألم تنظر لنفسك بالمرآه من قبل ؟!!
رفع حاجبية بتعجب : بل نظرت ، واعلم أني أشقر وعيناي زرقاء ، ولكني لست اجنبي ، أنا مصري وأبي مصري .
تمتمت بسخرية : بل اجنبي وأبيك الخواجة كما يلقبونه ، تابعت بتسأل عفوي - إذا كان مصريا ، لماذا يدعوننه هكذا ؟!
شحب وجهه تدريجيا ليتمتم : لا أعلم أنه لقبه .
استدارت إليه بكامل جسدها لتكتف ذراعيها وتساله باهتمام : لقبه ، اهو لقب عائلتك؟!
نظر لها بعدم فهم فبسطت ذراعيها واستطردت شارحة : أنا مثلا من آل المنصوري، هذا لقب عائلتنا ، جميعنا أولاد المنصوري ، هل أنت من آل الخواجة .
تمتم بتركيز : لا نحن آل سليمان ، جدي سليمان كان صعيديا .
عبست قليلا : صعيدي ، إذا تزوج من أجنبية لتاتون جميعكم شقر واعينكم ملونة لا تشبهوننا في شيء
القتها بتعالي اغضبه فزمجر : ما لها الأعين الملونة ، شقيقك اعينه فاتحه .
هتفت بحبور : نعم ولكننا مصريين أب عن جد .
هتف بضيق تملكه : وأنا الآخر مصري أب عن جد ،
هزت رأسها بسخرية : ولكن جدتك الأجنبية اورثتك صفاتها ،
احتقن وجهه بقوة : هل هذا ما يجعلك تبتعدين ،ظننت أننا أصدقاء .
عبست بتعجب : لا ، لسنا بأصدقاء ولكن ليس هذا سبب التعادل ، فانا ابتعد عن الجميع ، لقد كبرت على اللعب مع الصبيان
هتف بنزق : صبيان ، رمقها بحدة - لماذا ألا تشبهين جنى ، أنها صديقة للجميع .
رفعت انفها بشموخ : أنا لا أشبه أحد .
رفع حاجبه وعيناه تضوى بزرقة قاتمة ليتمتم من بين أسنانه : معك حق يا ابنة المنصوري ، فلا أحد هنا مثلك عائلته تسكن قرية بعيدة تسافرون لها حينما تحبون زيارتها
اربد وجهها بغضب اهوج : ماذا تقصد ؟!
رد ببرود وهو يشد جسده بأناقة فطرية : لم أقصد شيء ألم تتباهي الآن أمامي أن عائلتك من الفلاحين ، لذا اؤكد على فخرك بعائلتك و أن لا أحد مثلك هنا
اتبع بسماجة وهو يشير إليها برأسه : سلام يا ابنة المنصوري
اطبقت فكيها بحدة قبل أن تهمهم بغضب : أيها الأجنبي اللعين .
***
تقدمت منه وهي تحمل ابن خالتها الوليد بين ذراعيها بحنو طغى على حواسها فومضت عيناه بحنو وهو يبتسم لها بعشق سكن عينيه همست وهي تقف بجواره : انظر كم هو جميل ، أدار عيناه عليهما سويا ليهمس بصوته الاجش – الأجمل هو انت تحتضنيه بحنو فأتمنى أن أراك تحملين اطفالي بنفس الحنان المتدفق منك .
توردت وجنتاها لتهمهم بخجل : تيم توقف ارجوك .
تنهد بقوة ليهمس لها وهو يقترب منها قليلا : لماذا ؟! و لمتى علي أن انتظر لأتحدث مع ابيك في أمر خطبتنا ؟!
عضت شفتها السفلية بطرف أسنانها لتتعثر كلماتها وهي تجيبه بتوتر تملك منها : أنا فقط خائفة .
عبس بعدم فهم وهو يلتقط توترها ليسالها بجدية : مما ؟!
اشاحت بعينيها بعيدا ليتابع بجدية : هل سيرفضني عمي خالد إذا تقدمت لخطبتك ؟!
شخصت عيناها بفزع وهي تضم الطفل الوليد لحضنها ليبتسم بمكر والهدوء يحتل ملامحه فيهمس لها بحنان : لا تخافي يا صغيرتي ، ستكونين لي حتى أن رفض ابيك .
نظرت له بعدم فهم لتتمتم بعفوية : المشكلة ليست بدادي ، إذا استطعت إقناعه لن تستطيع اقناع ويلي أبدا .
قهقه ضاحكا ليجيب ببساطة : أنا وزوج خالتك اصدقاء ، فهو معجب بي كمهندس مبتدأ ويمتدح عملي دائما .
ابتسمت رغما عنها لتشاكسه : وسيظل يحبك طالما ابتعدت عني ، أنت لا تدرك ما يفعلونه حينما يتجرأ احد ويتقدم لخطبتي .
تعالت ضحكاته من جديد لتشير إليه : اخفض صوتك حتى لا ينتبه إلينا أحدا ، فهم لم يدركوا وجودك ، وانا اتيت لأراك دون أن أخبر احد .
ابتسم بحنو : لذا أريد أن اعلن خطبتنا رسميا يا حبيبتي ، حتى نتقابل دون أن نخشى أحدا .
توردت من جديد ليتابع سائلا : أنت تحبينني اليس كذلك ؟!
احتقنت وجنتيها بقوة قبل أن تهتف بحياء تملك منها وهي تضم أدهم لصدرها أكثر وكأنها تستنجد به من حيائها : توقف يا تيم .
ابتسم بمكر ليناديها بجدية فترفع عينيها اليه فيتبع : لابد أن اسمعها حتى احارب بضراوة اذا احتاج الأمر ، رغم أني اشعر بأن الأمر لن يصل لهذه الدرجة ، فأبيك إذا شعر بك كما اشعر أنا سيوافق دون أدنى اعتراض .
اتسعت ابتسامتها لتثرثر سريعا وهي تستعد للابتعاد عنه : لقد اخبرت مامي عنك ، وهي مرحبة جدا بك .
ومضت زرقاويتيه ببريق وابتسامته تتسع فتظهر غمازتيه تحت ذقنه الشقراء وهو يراقبها خطواتها السريعة الخجولة ليسحب نفسا عميقا وهو يتقدم للداخل ناويا أن يتقدم لوالديها فتكون من نصيبة للابد .
***
__ أين شقيقتك ؟!
التفت إلى ابيه بعدما انهى حديثه مع عاصم ليمط شفتيه بعدم معرفة : لا أعلم كانت هنا تحمل ادهم واخبرتني ان تامي تريده فأخذته لها .
التفت خالد إلى فاطمة التي تتوسط منال وايناس دون وجود لابنته : إنها لم تأت لتامي ولا أثر للطفل أيضا .
تهكم احمد : هل خطف ابن الوزير في أول يوم لتولي ابيه الوزارة ؟!
ابتسم خالد وهو يخفض عينيه : توقف يا ولد ، لن استطيع انقاذك المرة القادمة من وائل إن بطش بك ، فانت تستفزه بقوة .
رفع أحمد حاجبه وهو يماثل وقفة ابيه : إنه يستحق .
رفع خالد عينيه لينظر إليه مليا : أنت تخطط لشيء ولا تخبرني عنه ، أنا ادرك ما تريد ولكن لو استمريت على ما تفعله معه ، استطيع أن اؤكد لك من الآن أنه لن يعطيك ما تريد ابدا .
اشاح أحمد براسه بعيدا ليهمس بجدية : لن يستطيع منعي سآخذ ما أريد رغم عنه .
تنفس خالد بعمق : ليس رغما عنه تعلم أن تلاعبه فلا تخسر أمامه وتقتنص ما تريده من بين براثه برضاه على الاقل ظاهريا .
عبس أحمد بتفكير ليساله خالد في مراوغة : أنت تريدها حقا ؟! إنها طفلة لا استطيع أن استوعب الأمر جيدا .
اطبق أحمد فكيه : هي طفلة ولكنها ستغدو امرأة يوما ما ، ستكون امرأتي أنا .
رمقه خالد مليا ليتمتم : لا افهمك ولكني سأنصحك توقف عن محاربة زوج خالتك فمهما فعلت سيظل ابيها وهي اميرته .
راقب خطوات ابيه المبتعدة للترحيب بتيم الذي وصل للتو ليهمهم بتحدي : ستصبح أميرتي أنا .
***
تمتمت بضيق طفولي : أوف توقف عن الغناء بجواري يا حسام ، لقد اقلقت رأسي بصوتك .
عبس بضيق : ألا تحبين صوتي يا موني ؟!
تدللت : بل أحبه ولكن ليس كثيرا ، تابعت وعيناها تتعلق بآخر بعيد - صوت عمار أحلى .
عبس بغضب : ما لي وعمار الآن ، ثم لا عمار صوته ليس أحلى ، أبي يخبرني أنه يجيد الأداء وليس الغناء .
هزت رأسها وهي تنظر إليه بعدم فهم فيتأفف : لن تفهمين لأنك صغيرة.
ضيقا عيناها بغضب : لماذا هل ينقصني عقل حتى لا افهمك ، أنا فقط لست مقتنعة برأيك ، وأحب صوت عمار ، فهو ابن خالتي
ألقتها بفخر أحرقه فزمجر معترضًا : وانا ابن خالتك أيضا واخي اخيك كما تخبرني والدتك دوما .
أشارت له بطرف سبابتها : لا أنت لست أخي ، نادر فقط هو من أخي أنت لا تقربني ، وتوقف عن مضايقتي .
هتفت بها في صوت عال ليات الآخر مسرعا يقف بينهما وهو يقبض على تلابيب حسام يهزه بعنف ويهدر : كم مرة أخبرتك أن تبتعد عنها ، كم مرة حذرتك ألا تضايقها ، كم مرة أخبرتك أن لا تقترب منها ؟!
صرخ حسام وهو يحاول أن يفك قبضته عنه : وما شأنك أنت ، أتركني
هم بالصراخ قبل أن يدفعه سليم بقوة ويخلص حسام منه وهو يصيح: ابتعد عنه لماذا تمسكه هكذا ؟!
هدرت انفاس عمار بغضب ليصيح بعنف : كان يضايقها .
رمق سليم حسام بضيق قبل أن يستدير لعمار : وما دخلك بهما ؟!
شد عمار جسده باعتداد : أنها ابنة خالتي .
سخر سليم : وابنة خالته هو الآخر
ضيق عمار عينيه : ليست قريبته ، هو لا يقرب ليمنى أي شيء .
تقدم سليم خطوة ليهمس باستهزاء : ولكني اقربها وعنك أيضا فتوقف عن دور حام الحمى يا ابن الجمال .
اقترب من يمنى غير المهتمة بهم بل عادت لقراءة المجلة التي تحملها : فيمنى لا تحتاج لحماية أيا منا.
صاح بمرح : أليس كذلك يا مونى؟!
لوت شفتيها بنزق : أوف منكم ، ألا أستطيع أن أجلس بهدوء لأستطيع القراءة قليلا؟!
نهضت واقفة : سأذهب وابحث عن أميرة .
عمت الدهشة ملامحهم قبل أن ينتبه ثلاثتهم على صوت ضحكات أنثوية خلابة صدحت من حولهما ليهتف سليم وحسام في نفس اللحظة : عمتي / خالتي .
تعالت ضحكاتها مرة أخرى وهي تستقبل ترحيبهما الحفي بها قبل أن ترفع رأسها إلى من وقف هناك يحدق بها .. يتأملها .. مشدودا لها كما يبدو هتفت بمرح حينما اقترب منها وهي تشعث خصلات شعره البنية : هل أنت معجب يا فتى ؟!
حدق بها ليغمغم : بالطبع فانت مبهره .
انخرست ضحكتها وهي تطلع إليه في صدمه لتضحك بخفة : مجامل يا فتى
اقترب منها بتؤدة ليسأل بجدية : هل هناك من ينظر إليك ولا يعجب بك ؟!
تحشرج صوتها لتلتفت بتوتر إلى والدته وتنادي عليها بجدية : ياسمين إبنك يغازلني
ضحكت ياسمين وهي تدعوها للجلوس معهم في جلسة خاصة بالمقربين لعائلة الجمال وهي تهتف : عمار يعشقك يا ايني .
توردت وجنتي إيناس وهي تجلس بالفعل ليهمهم وهو يقترب من امه : ألا يحق لي ؟!
رفعت إيناس حاجبيها بدهشة لتغمغم : أخبريني أن ولدك يمزح .
ضحكت فاطمة : لا إنه يحبك انتظري وسيفاجئك
تمتمت إيناس : لقد فاجئني بالفعل .
همست فاطمة لها : لم ترى شيء بعد .
توقف عمار بجانب أبيه فيربت على كتفه لينبهه لوجوده ويشير بعينيه عليها فيضحك وليد بخفة قبل أن يهتف : سيقتلني الأمير من تحت رأسك يا عمار ولكن بم أنني وعدتك سأخبرها ،
التفت إلى إيناس وسألها بجدية : هذا الفتى يريد أن يتزوج منك حينما يكبر ، ما رأيك يا إيناس ؟!
ران الصمت على الجميع قبل أن تنفلت ضحكات بعضهم والآخرون يهمهمون فتهتف بمرح : كنت سأنتظرك يا عمار ولكني يا حبيبي متزوجة .
ضحكت ياسمين : لقد أخبرته ووليد أكد الأمر ولكن لديه وجهة نظر مغايرة ، هتف وليد - لقد اقنعني بها .
نظرت إليهما لتساله : وما هي ؟!
هز كتفيه بلا مبالاة : الأمور تتبدل ، إذا حدث وتركت العم آدم ، انتظريني سأكبر سريعا.
شهقت ليلى بحدة ومنال تنظر له بصدمة لتتعالى ضحكات ياسمين وفاطمة وهي تنظر له بذهول انقذها منه ضحكات وليد الذي دفع ولده : إذهب إلى أخيك قبل أن يفتك بك احدهم .
سالت بذهول : إنه جاد
تعالت ضحكات وليد ليهتف أحمد الذي اقترب من جلستهم للتو : هل عمار طلب يدك؟! إنه مصر أن يتزوج منك ، لقد حاولت إقناعه انك متزوجة ويصبر ويتزوج من ابنتك ، لكنه لا يحب آسيا .
رفعت حاجبيها بذهول فيتبع وائل بجدية : نعم إنه لا يحب الأعين الملونة .
تعالت ضحكات فاطمة : نعم نوران سببت له عقدة من الاحداق الملونة ، حينما هتف أحمد بأن آسيا تناسبه أكثر ويكفي أن عيناها رمادية صاح بضيق وقال أنا أحب الأعين القاتمة .
هزت إيناس رأسها بلا تعبير قبل ان تغمغم : انه مريب يا ياسمين سأتعامل معه بحذر .
قهقه أحمد : فقط لا تخبري آدم حتى لا يعلقه من أذنية.
ابتسمت بتوتر وتحاشت النظر لأعين أمير الذي هتف به خالد : لم تندهش لأمر عمار
ابتسم أمير بمكر : لقد أخبرني من قبل ، ثم لماذا أندهش ابن الوز يا صديقي عوام ، أليس ابن وليد ماذا ننتظر منه ؟!
ضحك خالد : في هذه معك حق .
همهم وليد : نعم أنه يشبهني عن عاصم ، فعاصم وريث جده اسما وفعلا .
هتفت فاطمة بفخر وعاصم يقترب منهم بعد أن أشارت له بيدها أن يأت : إنه يشبه جده وعمه ، وحينما أنظر إليه أتذكر عمي رحمة الله عليه وأشعر بروحه تحاوطني.
هتف بجدية : تريدين شيئا يا تامي ؟!
أشارت لمكان بجوارها : تعال واجلس بجانبي قليلا .
تحرك بالفعل لتفسح له مكانا صغيرا بجوارها فيكح بحرج وهو يجلس فوق مسند الكرسي يقبل رأسها ويحتضن كتفيها بمودة : لم أعد صغيرا لأجلس بجوارك أو فوق فخذيك .
ابتسمت باتساع لتهمهم : بل أثرت أن لا تغضب عمك .
غمز بعينه : لا ضير من مراعاة شعور الآخرين .
تعالت ضحكاتها لتربت على وجنته القريبة منها : أنا أفتخر بك يا عاصم ، يا حظها من ستختارها رفيقة لك .
اسبل جفنيه : بل يا حظي بها يا خالتي .
قبلت وجنته قبل أن يهتف وائل بملل : هلا انتهيتا من وصلة الغزل المكررة ، والتي لا تنتهي
كتم عاصم ضحكته لتجعد هي أنفها : ولن تنتهي .
تنحنح وهو ينهض واقفا : تريدين شيئا آخرا يا تامي .
تمسكت بكفه : نعم انتظر ، أريدك ان تحمل أدهم لأصوركما سويا .
أومأ إيجابا لتتمسك بكفه في جدية وهي تسير بجواره: عدني إن تهتم بهم يا عاصم ، انا استئمنك عليهم ثلاثتهم ، كما اوصاك جدك أنا الأخرى اوصيك ، أنت الكبير .. الوريث .. فخر العائلة ، ستعتني بهم أليس كذلك ؟!
عبس : بالطبع يا تامي ، سأعتني بالجميع انتم عائلتي .. ارثي وفخري لا تعتلي هم جميعكم في عيناي .
ضمته إلى صدرها لتهتف به في مرح : عمك محق في غيرته لقد قاربتني طولا .
ضحك بخفة وهتف : إذا لا تقتربِ من عمار فهو يفوقني طولا
ابتسمت بفخر وهو يجاورها يحمل أدهم من مهده ويقف به ينظر إلى كاميرا مصور العائلة الخاص ، يشد جسده باعتداد ويحمل أرثه بفخر ، يرفع كتفيه رغم حملهما الكبير بجانب سنوات عمره الصغيرة ، ولكنه راض .. قانع .. محب لمسئوليته التي تثقل كاهله .
***
تقف بمفردها تراقب اجواء الإحتفال الكبير المقام لولي عهد ابن خالتها وشقيق زوجها ، تراقب سعادته العارمة بوصول طفل ذكر .. يشبه .. يحمل اسمه .. ويجعله ممتدا عبر الزمن ، ابتسمت بإرهاق يكتنفها وهي تربت على بطنها المنتفخ قليلا فترتدي ملابس واسعة تخفي أي اثر له حتى لا ينتبه لها احدا وخاصة هو ، رغم أنه انتبه لكبر بطنها .. زيادة وزنها .. حساسيتها المفرطة ، تنهدت بقوة و دعت بقلب خاشع أن يكون مولودها ذكرا فيحمل اسم زوجها ويخلد ذكراه ابدا تعلم أنها تغامر بحياتها فالطبيب حذرها ولكنها ابت أن تستمع بل تعمدت أن تحمل طفلهما دون ان تخبره ، ولكنها ستفعل الليلة فقد وصل عمر حملها إلى وقت يكون اجهاضهما للطفل خطر على حياتها فليتقبل ويرضى وتحقق هي حلمها بان تأتي له بولد من صلبه يكون عضدا له وسندنا لها ولأخته .
اجفلت وهي تشعر بكفيه يحاوطان خصرها ويقربها منه ليضمها إلى صدره ويقبل جانب رأسها : لماذا ابتعدت عن الجمع يا لؤلؤة ؟! هل حدث أمر ما لم انتبه له ؟!
ابتسمت برقة وهي تستدير لتتعلق بعنقه تضم نفسها إلى صدره تضع اذنها على خفقات قلبه الهادرة : لا شيء فقط أردت الاستمتاع بنسيم الليل .
ابتسم وهو يربت على ظهرها قبل أن يبعدها قليلا ويهتف بمناغشة : هكذا إذا ، دوني ؟!
شاكسته بدورها : كنت اعلم أنك ستتبعني .
ضحك وهو يضمها ثانية قبل ان يتنهد ويهمس : أريد أن احدثك بأمر ما وارجو أن تتفهمي كلماتي .
عبست قبل أن تبتعد وتنظر اليه بتساؤل : أريد أن اخذك للمشفى لأجري لك بعض الفحوصات ، فانتفاخ بطنك يثير قلقي ، اخاف أن يكون هناك شيء لا ندركه .
امتقع وجهها لتبتسم بتوتر وتهمس بعصبية : لا شيء هام ، أنا فقط ازداد وزني قليلا، ألا تستطيع أن تتحملني وأنا سمينة ؟!
قفزا حاجبيه بدهشة ليرد سريعا : بالطبع لا ، ما هذا الهراء يا ولاء ؟!
زفر بقوة : أولا انت لست سمينة وحتى إن كنت أنت في عيناي اجمل امرأة في الكون مهما تغير شكلك او وزنك ، و لكني اخاف عليك ، فقط إنه الخوف .
ابتسمت برقة وربتت على وجنته بلطف : لا تخف .
لامس أعلى ذراعيها ليكتنف مرفقيها بحنو ويضمها إليه يضع رأسه برأسها ويهمس : لا استطيع أن افقدك يا ولاء .
ابتسمت بحنو لتضم وجهه براحتيها : سأظل معك يا حبيب العمر إن شاء الله .
***
زفرت بضيق وهي تستيقظ من نومها جبرا على صوت جرس الباب الذي لم يتوقف عن الرنين
رمشت بعينيها وهي تنهض من الفراش تضع مئزرها عليها تنظر في ساعة الحائط الموضوعة أمامها فتعبس بضيق وهي تفكر في من سياتي الآن ، تلعن عنادها الذى ازرها في رفض دعوة أمير وليلى في مبيتها هي وطفلتها ببيتهم ، وخاصة بعد انتهاء الإحتفال بطفل فاطمة الذي امتد لما بعد منتصف الليل ، تحركت لترى من بالخارج فتهمس بتساؤلها وهي تنصت إلى الإجابة التي أتت واضحة .. صريحة .. عالية فتصفع قلبها وهو يهتف بجدية : افتحي يا إيناس
زمت شفتيها بضيق قبل أن تدير مزلاج الباب ثم تفتحه بهدوء وهي تعود إلى غرفتها ثانية
رمقها بضيق ليصفع الباب الذي دخل منه و يتبعها بخطوات غاضبة إلى غرفتهما فيقف بمنتصفها ينظر إلى من عادت إلى الفراش ثانية دون أن تأبه به ، تتدثر بغطاء يخفي جسدها من تحته ، أضاء النور متعمدا إثارة غضبها فتوليه ظهرها وهي تضع الغطاء على رأسها دون أن تعيره اهتمامها !!
بعد أن استحم أزال عنه آثار السفر والبُعد ، استلقى بجوارها فتتحرك لتوليه ظهرها مرة أخرى ، حدق بظهرها قليلا قبل أن يبتلع جفاف حلقه ويقترب منها ثانية ، يلتصق بظهرها ، يحاوطها بذراعه فيقربها منه أكثر ، يدفن انفه في تجويف رقبتها فيتنفس رائحتها قبل أن يطبع قبلة عميقة خلف عنقها انتفضت على إثرها واقفة في منتصف الغرفة .
اعتدل جالسا في الفراش ليسالها بهدوء : لماذا نهضت ؟! إلى أين تذهبين ؟!
لهثت بغضب تمكن منها لتصيح به : لن اذهب إلى أي مكان ، فأنا لن أترك غرفتي وأخرج ، وعليك أنت أن تفعل ، هذا البيت ليس فندقا لتات حينما تريد و تغادر حينما ترتضي .
رفع حاجبيه بدهشة : أغادر وقتما أريد واعود حينما ارتضي ، كنت مسافرا لأجل عملي كما تعلمين
صرخت بغضب : كاذب .
انتفض واقفا ليصيح بها من بين أسنانه : لا تصرخي فتوقظي آسيا مرتعبة بسبب جنونك الذي لا سبب له .
اتسعت عيناها بصدمة لتهذي : أنا مجنونة .
وقف أمامها ليطل عليها من علو : نعم وحمقاء أيضا.
تحشرج صوتها لتهتف به : لذا تغافلني وتخدعني فلا تهتم بالحمقاء التي تزوجت منها بعد أن صدقت ادعاءك حبها .
جمدت ملامحه وهو يردد بذهول : ادعائي حبها ، اقترب منها خطوة أخرى - بعد كل ما فعلته ، ركضي من حولك ، تمسكي بك ، موافقتي لكل شروطك ،
اتبع بنبرات غاضبة وهو يعدد على أصابعه : آدم لن اترك فني .. موافق
آدم لن تعترض ولن تتدخل في أعمالي .. موافق
آدم لا زواج قبل ثلاث سنوات .. موافق
ولا أطفال قبل ثلاثة مثلهم .. موافق
سآتي بمربية لآسيا .. موافق
سأسافر هناك وسأذهب هنا .. موافق
وفي الأخير تتدللين علي فيما يقارب الثلاثة أشهر ، تتمنعين .. ترفضين قربي .. تباتين بجوار طفلتنا حينما اتواجد .. ولا تهتمي بغيابي
صاح بغضب عارم : لقد توقفت عن الرد على رسائلي بحق الله ، وأنا استجلب صبر لا حدود له لأجل ألا اغضبك ، احايلك .. واستميلك بكل السبل واحشد كل طاقتي لأجل ان افهم ما يدور معك دون فائدة ، والآن تخبرينني أنني ادعيت حبك ، لماذا .. ماذا فعلت فتعاقبينني عليه بهذه الطريقة ؟!
نظرت إلى عمق عينيه : ألا تعلم حقا ؟!
زفر أنفاسه بقوة : لا ولا أريد أن أعرف ، لقد حاولت أن أستمع إليك بدل المرة عشرات المرات وأنت ترفضين البوح بم يجول بصدرك ، وأنا سئمت من محاولة استمالتك لتفضي بم تخبئِه ، لذا قررت ان اتجاهل ضيقك واتصرف بطبيعتي، وعليه أنا زوج عاد من سفره يشتاق لزوجته .
تلعثمت لتهمهم وهي تشعر بجسدها يرتجف رغم عنها بسبب حدقتيه اللتين ومضتا بتصميم : ماذا تعني ؟!
اقترب خطوة أخرى وقبل أن تصدر اي رد فعل كان يحتجزها بين ذراعيه يضمها إلى صدره يهمس لها قريبا من انفاسها : اشتقت اليك يا صغيرتي.
***

هبه احمد مودي 12-08-20 06:11 PM

اول تسجيل حضور⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩

شيماء 1990 12-08-20 06:15 PM

مبرووووك 🎉 ي سولي نزول حبيبتي 💖
وبانتظار متابعه الفصول جدا 💙💙💙💙

fatma ahmad 12-08-20 06:27 PM

الف مبروك يا سلافه بداية حبيبتي علي منتدي روايتي وان شاء الله نرجع نتذكر الاحداث والابطال تاني

سلافه الشرقاوي 12-08-20 06:35 PM

المقدمة

يلهث بقوة وهو يقف يلتقط أنفاسه .. يحنى جسده ليتسند براحتيه على ركبتيه ، يتنفس بقوة وهو يشعر بعضلات جسده تئن .. تزار .. تصرخ فيه أن يتوقف عن ايلام جسده بهذا الشكل ولكن عقله يعيد عليه ذكرى سابقة .. قديمة ولكنها لازال جرحها نازفا .. حارا .. موجعا ، اغمض عينيه فيتردد صوتها مخترقا سمعه من جديد " أنت لا تعرف .. لازلت صغيرا لتدرك هذه الأمور"
عبس بغضب كما فعل قديما وهو يبحث بعينيه عن الخطأ الذي حدث جعلها تتبدل هكذا لتتبع بغرور لا تملكه ولكنها لجأت إلى جيناتها كما يبدو فترفع رأسها بعنجهية وتختتم حديثها معه ببرود : لا تشغل رأسك بهذه الأمور فقط عد إلى عملك وسط الصحراء فيبدو أنك اصبحت تفهم لغة الخيول والجمال أكثر من البشر .
***
يقلب جواز سفره بين كفيه ينظر إلى موعد تذكرة طائرته القريب ، يزدرد لعابه ببطء وهو يفكر فيم سيواجه حينما يعود إلى الوطن فيرتجف صدغه رغم عنه وعيناه ترف بألم يدلك جانب فكه وهو يشعر بقبضة الآخر التي ضربته من قبل وهي تحط من جديد على جانب وجهه فيتراجع للخلف خطوتين وصوت الآخر يهتف بفحيح جاد ونظرات تومض بالخطر : ابتعد .. اسمعت ؟! لا أريد ا أن أراك قريبا منها ثانية ، بل لا أريد أن أراك ثانية ، أنت ليس بمؤتمن ولا مرحب بك في بيتنا أبدا .
احقتن وجهه بقوة وهو يستلقى على الأريكة من خلفه فيغمض عينيه وهو يستعيد طيفها .. عبيرها .. همسها .. ضحكها .. حتى صمتها ليتأوه بوجع وهو يدلك قلبه بلمسات خفيفة من كفه وهو يهمس له بأنهما عائدان لها !!
***
يعمل بجد على إحدى القطع الميكانيكية بين يديه ، يفكر وينفذ ويلهث بتعب وهو مستلقي تحت الآلة الضخمة ، يصلحها بيديه ، رغم وجود الكثيرين من العمال حوله ولكنه لا يريد ، بل يريد إرهاق ذهنه .. عقله .. جسده بهذه النومة الغير مريحة ، هذه الحالة اصبحت تنتابه كثيرا وخاصة مع تقاطع طريقيهما سويا ، فهو يراها كثيرا وكلما رآها تذكر أنها كانت محقة ، بأنه لا ينتمى إلى هذه الأرض يتنفس بعنف تحت الآلة ويقبض كفيه بقوة على المعدات التي يستعملها وهو يتذكر كلمات أخرى أتت جادة ومن اقرب الناس إليه وهو يحدثه بهدوء قاصدا التخفيف عنه ولكنه نحره ببطء : لن يقبلوك فانت لست مصريا خالصا ، جدتك ليست مصرية.
زأر عقله فيضرب مؤخرة رأسه بالأرض من تحته وهو يستعيد نظراتها الرافضة وهي تخبره منذ أن كان صغيرا بأنه ليس مصريا ولكنه كابر وعاند وتمسك بحلم استيقظ على كونه كابوسا يصاحب الباقي من حياته !!
***
يركن رأسه إلى الخلف يغمض عينيه ويدور بكرسيه الوثير ، يجلس خلف مكتبه يتحكم في إمبراطورية عائلته ، يكفيه أن يشير بسبابته أمرا فيطاع على الفور ولكنه غير راضيا .. غير هانئا .. ليس سعيدا.
روحه تئن بوجع وقلبه يخفق بألم كلما التجئ إلى نفسه تذكر صراخها في وجهه ، قبضتيها اللتين ضربته بهما وهي تصرخ بكراهيتها له ، ينتفض جسده وصوتها يعاد حادا قويا في ذاكرته : أنا اكرهك ، انت تفسد حياتي كلها كلما اقتربت مني ، ابتعد لا أريدك أن تقترب مني ، أنا اكرهك .. أكرهك .
اطبق فكيه بعنف لينتفض واقفا يدور من حول نفسه كليث حُبس في غابة واسعة خضراء يانعة ولكنه يظل محبوسا .. سجينا .. مقيدا لها !!
***
يبتسم ويما برأسه لكل من يقابله يتحاشى نظرات الفتيات واعجابهن البالغ به ، يزفر ببطء وهو يحاول التأقلم على اعجابهن به ، نظرات التملق والافتتان ، ابتسامتهن المشجعة والبريئة ، ولكنه لا يستطع أن ينغمس فيهن ولا يستطيع أن يمنع نفسه من البحث عنها في كل الوجوه ، ابتسامتها المرحة وتورد خديها ، هي الوحيدة من نظرت له بطبيعية دون أن تكن أي تكلف أو وله ، بينما كان هو مدله بها .. يحفظ تفاصيلها .. يعشق وجودها ، لتصدمه حينما صارحها بحبه لها أنها لا تريد حبا ولا عشقا ، بل إنها ابعدته وهربت منه حتى لا يجرفها في تيار حبه لها ، لقد حافظ على مكانتها في قلبه منذ كان صغيرا لينتظر وقتا مناسبا فيصارحها بمكنونات صدره و يا ليته ما فعل !!
***
ينغمس بموسيقاه المنبعثة من جهاز يشبه الجرامفون ولكنه حديث رقمي يعمل بإبرة من أشعة غير مرئيه تقرا ما ضغط في ثناياه البلاستيكية ، يهز رأسه بحركة رتيبة ويدع عقله يغوص في احلام بعيده ، تداعب نفسه بشوق وتتمناها روحه في لهفة ، فيرى بعد أعوام قليلة وهو يحصد جوائز كثيرة يجنيها بسبب كده وتعبه وإخلاصه لحلمه وامانيه ، ليفيق من حلم كاد أن يتحول إلى حقيقة على صيحة ابيه الغاضبة تقتحم أحلامه النابضة فيزفر بتعب وهو يتحاشى مقابلة والده التي طالما تتحول إلى مشادة كلامية غير ناضجة !!
***
يضيق عينيه وهو يركز بصره على ما يفعله بذهن متقد ونظرة ثاقبة وكفين ماهرين ينهي اجراء إحدى العمليات الجراحية المميز فيها ، بل هو ذائع الصيت رغم صغر سنه في تقنيات جراحية استحدثها هو بسبب نبوغه وحبه لعمله ، يبسم بمهنية وهو ينهي العملية بنجاح ليرفع رأسه وعينيه الغامضتين بلونهما البني الغامق تنضح بذكاء ومكر يمتزجان وهو يبتسم لزميلته الجديدة من طلبت نقلها خصيصا لمكان عمله حتى تصبح شريكته تتعلم منه وتضيف للفريق الطبي هنا ، ولكن حينما رآها للمرة الأولى علم سبب وجودها من حوله فيراقبها بتسليه وينتظر بصبر نتيجة المباراة القائمة !!
***

يتقلب بفراشه فيحرك ذراعيه بعشوائية يبحث عنها بجواره ليعبس بضيق وهو يكتشف خلو الفراش من حوله ، لتنفرج اساريره عن ابتسامة عذبه وهو يشتم عبيرها يهفو من حوله حينما دلفت إلى غرفتهما ، تتحرك برقة وهي تسير على رؤوس اصابعها حتى لا تقلق نومه ، تكتم انفاسها وهي تقترب منه فيغمض عينيه باستكانة افتعلها لتجلس بجواره في أريحية قبل أن تقترب فتطبع قبلة عميقة على وجنته لتوقظه ، تتسع ابتسامته وهو يشعر بقربها فيحاوطها بذراعيه يضمها إليه في تملك وهو يدعو الله سرا أن تظل بجواره .. معه ..مليكته ويعد نفسه دوما أن يكون ملكها الذي يستحقها !!

انتظرونا في الغد
مع اول فصول من حبيبتي
كونوا بالقرب دوما

samam1 12-08-20 06:48 PM

مبروك الرواية الجديدة سلافة. متابعة معك بإذن الله تعالى

Mayaseen 12-08-20 06:48 PM

ألف مبروك يا سولي
بس أنا مش هعرف أعلق ولا اتعلق هون :)

قصص من وحي الاعضاء 12-08-20 07:47 PM

اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...

للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html



واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا73, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء


رغيدا 12-08-20 08:03 PM

مبروك يا سلافة.. بالتوفيق يا قمر.. نورتي وحي الاعضاء 😘💗💞❤️🌹


الساعة الآن 10:01 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.